الشرق الأوسطتقارير استراتيجيةعاجل

الأسرى الفلسطينيون في سجن جلبوع ينظمون ندوة في الذكرى الـ 54 للنكسة

يحاضر في الندوة قادة الحركة الأسيرة  : ياسر أبو بكر، نادر السامري، عثمان بلال، رائد حريبات

  • المركز الديمقراطي العربي

 

تأتي ذكرى هزيمة 1967 واحتلال باقي أرض فلسطين لتذكرنا بالكارثة أو لنقل بالنكسة – كما أحب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن يسميها – التي حلت على منطقة الشرق الأوسط عموما والعرب والمسلمين خصوصاً، والفلسطينيون على وجه التحديد هم من نالوا القسم الأكبر من المعاناة والألم والعدوان الوحشي المستمر، فالشهداء لا يزالون يرتقون إلى العلا كل يوم، والجرحى يعيشون الألم ولا يخرجون منه والأسرى لا ينالون من حريتهم حتى اليوم سوى الشعارات البراقة.

في هذا الإطار ومن خلال هذه الذكرى عقد الأسرى في سجن جلبوع في أحد سجون الاحتلال المقام على أرض بيسان المحتلة عام 1948 ندوتهم الحوارية السياسية والثقافية الثامنة، ونحاول فيها قراءة مشهد الأمن الفكري، في محاولة لأخذ الدروس والعبر مما مضى، وسعياً لاستقراء المستقبل، ومن أجل أن يكون مستقبلاً حقيقياً ملؤه الحرية، شارك في هذه الندوة عدد من قادة الحركة الأسيرة وهم الأسير ياسر أبو بكر، المعتقل منذ العام 2002 وهو الذي أدار الندوة. والأسير عثمان بلال المعتقل منذ العام 1996، والأسير نادر السامرائي المعتقل منذ العام 2002، والأسير راتب حريبات المعتقل منذ العام 2002.

يقول الأسير القائد الفتحاوي ياسر أبوبكر لقد حاولنا هذه المرة التركيز على جانب مختلف لم يسبق لنا التطرق إليه، وهو موضوع الأمن الفكري، وإلى أي مدى نجحت الصهيونية في التأثير على هذا المشهد واختراقه عربياً وفلسطينياً.

يعتبر الأمن الفكري القلب النابض لمختلف جوانب الأمن الوطني القومي، فهو الذي يؤمن الفكر والمعتقدات ويحمي الثقافة من الاختراق، ويحافظ على العادات والتقاليد والقيم من الانحراف، وذلك عبر توسيع مجالات الفكر وأدوات ومناهج المعرفة والعلم وحمايتها، وذلك من خلال تعزيز الثقافة وفكرة الهوية والانتماء.

تعتبر الحرب النفسية العملية والمنظمة هي المظلة الشاملة لاختراق الأمن، والتي تقوم بها الدول للتأثير في العقول والنفوس بهدف تحطيم الإرادة وتعزيز مفاهيم الخضوع، مما يؤدي إلى سلوكيات تتفق مع أهداف العملاء.

الصهيونية منذ نشأتها عام 1897 عمدت إلى استخدام كل أشكال الدعاية في إطار حربها النفسية للتأثير في اليهود أولا والعالم ثانيا، حيث ربطت نفسها بالحركة القومية التي كانت سائدة في أوروبا في ذلك الوقت، فجاء الاستعمار لإقامة دولة قومية له، بدأت إسرائيل حربا نفسية باستغلال الدين اليهودي، لتأسيس أسطورتها القائمة على أكذوبة الوطن التاريخي انتهاءً بانتزاع وعد بلفور في عام 1917 لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. فيما بدأت الصهيونية بتجهيز جيش من العصابات يعتمد استراتيجية العدوان الشامل على الإنسان فكراً وجسداً عبر القتل المادي والمعنوي.

إن أحد الأهداف الرئيسية لما حصل من تطهير عرقي ومجازر شنيعة بحق الفلسطينيين إبان النكبة عام 1948 هو زرع الخوف وبث الذعر في قلوب الفلسطينيين والعرب لتعميم روح اليأس والإحباط ولنشر ثقافة الهزيمة.

وما حصل في كارثة عام 1948 هو ذاته ما حصل في كارثة عام 1967 يوم النكبة. فقد نجحت إسرائيل بهزيمة الجيوش العربية مرة أخرى، وتلا تلك الهزيمة جهود اختراق الأمن الفكري العربي والفلسطيني عبر نشر مجموعة من الأفكار وترديدها مثل؛ (الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر)، و(أقوى جيوش المنطقة)، و(لا حيلة للعرب)، و(القوة النووية الإسرائيلية الغامضة).

إلا أن الشيء الذي كان أخطر وأشد على الأمن العربي جاء هذه المرة من الأنظمة العربية: بعد نكبة 1948 انبرى الخطاب العربي نحو القومية ونحو خطاب التحدي والمواجهة، إلا أنه بعد نكسة 1967 تحول الخطاب العربي إلى تبني خطاب مخالف مليء بروح الهزيمة والانكسار، ليتعمم ذلك ويصبح ثقافة في الخطاب العربي عموماً، حيث تكلست الأنظمة العربية وتمحور وجودها حول فكرة المحافظة على السلطة، فأصبح همها إخضاع شعوبها فحادت عن الهدف الرئيسي وهو الوحدة العربية وتحرير فلسطين.

ولم يكن انتصار الكرامة عام 1968 ليعيد الأمور إلى نصابها فقد استمر خطاب الهزيمة والإنكسار، في حين كان لانتصار الكرامة أثر كبير في نفوس الفلسطينيين أنفسهم، حيث بدأوا يدركون أن الأنظمة العربية قد بدأت بالتخلي عنهم. فوحدوا أنفسهم في الإطار الذي كان جامعاً وهو منظمة التحرير الفلسطينية، أو قيادة فتح التي قلبت المعادلة إلى أن تحرير فلسطين مرتبط بقرار الوحدة.

لقد شكلت النكسة منعطفاً تاريخيا عميق الأثر على مسار الصراع العربي الإسرائيلي، شهدنا نتائجه على الكثير من الصعد والتي ما زالت حاضرة وبقوة على المشهد العربي عموما وعلى المشهد الفلسطيني بشكل خاص.

ويكفي القول إن بقاء الحال على ما هو عليه لا يشي أبدا بأن الدروس والعبر التي استخلصها الكثير والكثير من الكتاب والسياسيون والباحثون قد تم الأخذ بها على محمل الجد. ففلسطين لا تزال محتلة.

أما القائد الحمساوي عثمان بلال فيقول، نعيش اليوم أجواء رائعة للنصر في غزة وفي فلسطين في معركة سيف القدس الأخيرة التي جاءت رداً ليس على انتهاك القدس فقط، إنما يكمن القول على النجاح الصهيوني في اختراق الأمن الفكري العربي والقومي عموما، الذي جاء على شكل تطبيع مجاني مخفي بين إسرائيل ودولة الإمارات والبحرين والمغرب.

إن المقاومة الفلسطينية هي الرد المناسب على خطاب الهزيمة الذي حاولت إسرائيل وحلفائها العرب من حيث لا يدرون أو من حيث يدرون، وخاصة بعد النكسة في جعله الخطاب السائد في المجتمع العربي والفلسطيني، إذ أن أجواء المعركة الأخيرة انعكست على كل المنطقة، وبالذات على شعوب الأمة العربية والإسلامية، وهي مقدمة لدعمهم ثقافة جديدة مليئة بالعزة والكرامة والنصر في مواجهة ثقافة الهزيمة والانكسار التي سادت لسنوات طويلة.

يعقب أبوبكر: أن محطات الانتصار التي حققها الفلسطينيون كثيرة، فقد كان أول انتصار على الحرب النفسية التي شنتها الصهيونية الحرب النفسية المضادة التي قادتها حركة فتح عبر إعلانها الدعائي المميز وخاصة في مجلة فلسطين الثورة.

وفي صورة الفدائي والكوفية التي أصبحت رمزا لثورة الأحرار في العالم، ورموزا تثير الخوف والرعب في قلوب الإسرائيليين، ومع أن ذلك لم يغير عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي التي تقول الدفاع عن كل شيء من أي شيء، إلا أنه استطاع وفي كل مرة دحض كل لحظة انتصار أن يرفع من معنويات الشعب الفلسطيني والعربي. وتماما كما فعلت معركة سيف القدس، وكما فعلت معارك الثورة الفلسطينية السابقة التي قادتها فتح في معركة الكرامة، وفي بيروت وفي الانتفاضة الأولى عبر القيادة الموحدة في الانتفاضة الثانية عبر كتائب شهداء الأقصى.

حاولت إسرائيل في كل المعارك على اختراق الفكر الفلسطيني المقاوم المتنامي ضد الاحتلال، فاستخدمت كل وسائل الحرب النفسية لزرع بذور الفرقة بين الفلسطينيين وزرع عملائها في كل قرية، ليس لمرافقة النشطاء فقط، وإنما بث أفكار تعتمد على روح الهزيمة وعدم القدرة على المواجهة وعدم جدوى المقاومة، وهو ما نجحت في ترسيخه في عقول كثير من القادة السياسيين والمفكرين عند انتفاضة الأقصى الباسلة ونتائجها السلبية، وهو ما نقول إنه غير صحيح، فلقد كانت هذه الانتفاضة في عنفها المبرر الوسيلة الأنجح للرد على العدوان، ولإدراك إسرائيل بأن احتلالها ليس مجانيا كما هو مخطط له.

أما القائد الجبهاوي نادر السامري فيقول، أعتقد أن معظم ما كتبت في حزيران زاد من حدة النكسة التي تعرض لها العرب والفلسطينيين. وأن الذهنية السائدة في الاجتماعات العربية التي كان يغلفها الثلاثة لآءات هي ذاتها الذهنية التي حرص على تسويقها عدونا المباشر وغير المباشر إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. وإن سياسة أنهينا التي اتبعتها الولايات المتحدة هي التي تفرض نفسها على المشهد، وهي شكل دائما يعقد الأزمة، بل ويفاقمها وبالاتجاه الدعم طرف واحد وهو إسرائيل. على أصحاب الحق الطرف الفلسطيني العربي. يمكن القول هنا أن الصهيونية نجحت في اختراق أمني الفكر العربي وبشكل كبير جدا. ألا يكفي ما نشاهده اليوم الهرولة نحو التطبيع المجاني مع إسرائيل؟ حتى السودان بعد الإمارات، والبحرين، والمغرب، هرولت نحو إسرائيل، وكأنها هي مفتاح الحل في المنطقة. إننا لايمكن أن نفصل ما يحدث اليوم عن مسيرة التراجعات وعدم القدرة على التخطيط الاستراتيجي للمقاومة الفلسطينية بشكل خاص وكل العرب عموما إننا لا يمكن أن نخطئ ما يحدث اليوم عن مسيرة التراجعات وعدم القدرة على التخطيط الاستراتيجي للمقاومة الفلسطينية خاصة، والعرب عموما، التجزئة لم تقتصر فقط على الدول العربية، حتى المشهد الفلسطيني منقسم إلى فترة، ومصر الوحدة العربية ذات المطالب الغريبة وغير القابلة أصلا للتطبيق والتبعية تزداد كل يوم، وما كان تابعا لخدمات أمريكا الرأسمالية وإن لروسيا الاشتراكية، وصار تابعا اليوم لمن دونهما إسرائيل العنصرية .

ومن ينكر ذلك سياسيا لا ينكر اقتصاديا أو أمنيا أو ثقافيا أو شخصيا وأما التخلف فهنا يمكن الإشارة أكثر إلى التخلف الثقافي أو الفكري أكثر مما قد يبدو للبعض. التخلف مواكبة التطور والتقدم التكنولوجي. ثقافة الاستهلاك بكل أبعادها هي السائدة على غيرها، ولا مكان لثقافة الإنتاج وبالذات إنتاج الأفكار الجديدة في ظل هذا الواقع.

وقد أضاف القائد الفتحاوي راتب حريبات ويقول، لقد تم اغتصاب العقل العربي وليس اختراق بتفوق وطغيان الانتماءات الفرعية الطائفية والعشائرية والحزبية على ما يعلوها أو الانتماء الوطني القومي العربي وحضور الميل إلى إعفاء الذات المسؤولية وتحميل المسؤولية للاحتلال الإسرائيلي والأمريكي عن كل تخاذل أدى إلى انحراف سلوك عربي فلسطيني أساسه القطرية والتجزئة كما سعى له الاستعمار والاحتلال منذ زمن. نجحت الثورة في العقول والمسلمات، فمنذ متى كان هناك دول متفرقة لكل منها اسم وعلم وشعب وأرض وحدود؟ ألم يكن العرب وحدة واحدة؟ ألم يكن ذلك أيام غلبهم وانتصاراتهم؟ هذا لب المسألة. يجب أن نبدأ السعي للوحدة. وفي أقل تقدير إلى التعاون الحقيقي على مجموعة من المبادئ. سلاحين ذلك حتى ما يتفق عليه العرب اليوم. كانت الدول العربية ما يلبث أن يتم الإخلال به. وعدم الالتزام به. أما المشهد الفلسطيني فلقد سعت إسرائيل إلى تجزئته وتفكيكه من الداخل عبر سنوات طويلة من حرب الأفكار، فهي لم تزرع عملاءها اعتباطا ولا زالت، وجائها على طبق من فضة ما حدث عام 2007 عندما انقسم التراث الفلسطيني إلى شطرين، وغابت الوحدة الوطنية عن المشهد سنوات طويلة، وهو مشهد النصر الذي تسعى إسرائيل لترسيخه لصرف الأنظار عن استمرار الاحتلال والعدوان.

فقد ساعدها ومع الأسف بذلك حرب الأفكار والاتهامات الدائرة بين الأشقاء في فتح وحماس، والتربية الحزبية التي تعتبر الخصم السياسي عدوا، وهو الأمر الذي يضع دائما العديد من علامات الاستفهام ويحمل الفصائل الفلسطينية الكبرى المسؤولية عن استمرار تدهور الواقع السياسي للمجتمع الفلسطيني وأمنه. ولا ننسى أن الانقسام كان أحد المداخل التي استخدمتها الدول المطبعة مع إسرائيل لتنفيذ اتفاقات التطبيع المخزية تلك.

بلال يقول، يجب أخذ العبر والدروس والمراوحة في ذات المكان أفقد المشهد الفلسطيني خصوصيته، واقترب الأمر من الروتينية في ردود الأفعال حتى الملل، فإننا في كل عام نقوم بذات رد الفعل عند هذه الذكرى، وهذا فشل في البناء على ما قد تم تحقيقه من انتصارات. أنا أرى أن المقاومة الفلسطينية ودعمها يجب أن يكون الأساس الذي نبني عليه كل آمالنا لتحقيق نتائج حقيقية، تخرج الفلسطينيين من أزمتهم. نعم لقد شكلت هزيمة حزيران هزيمة للأنظمة العربية من جهة، وهزيمة للشعوب العربية المحكومة بهذه الأنظمة من جهة أخرى، كما فعلت هذه الأنظمة العربية. شحوب الاستبعاد، أما على كل المستويات، وبالذات المستوى الفكري والثقافي، هو ما جعل من هزيمة حزيران هزيمة مستمرة المستبعد إمكانية الرد عليه. الاحتلال لا يقابل إلا بالمقاومة، لا للاعتراف المعلن أو السري. لقد كان من المفترض أن تستمع الآن لديه الإرادة العربية الجماعية لاستعادة الكرامة المهدورة، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، فقد إنهيار المشروع القومي العربي وترك الفلسطيني لوحده لمواجهة مصيره، فالعرب أو بالأحرى الأنظمة العربية وحتى يومنا هذا لم يكن واردا في حسبانهم أخذ الدروس والعبر من التاريخ، وبعبارة أخرى عبر التاريخ لصالح مستقبل أنظمة حتى ثورات الربيع العربي والصحوة للشعوب العربية في عدد من الدول العربية تم سلبها مرة أخرى لصالح الأنظمة الاستبدادية، تماما كما حدث مع مصر ومع سورية. لقد كانت انتفاضة العام سبعة وثمانين انتصارا كبيرا للفلسطينيين على المحتل وردا قويا على آثار هزيمة النفس التي كانت قد ألقت بظلالها على المنطقة العربية كلها، بما فيها فلسطين المحتلة، إلا أن اتفاقية أوسلو عام 1993 أعادت الهزيمة معناها، وعادت أجواء النكسة مرة أخرى لفلسطين. وبالرغم من الأجواء المفعمة بعبارات السلام الزائفة التي حاولت السلطة الوطنية الفلسطينية أن تبثها، إلا أنها تبددت بعدما تبين بوضوح الأهداف الإسرائيلية التي كان أهمها وقف للانتفاضة والسعي إلى استعادة صورة إسرائيل الديموقراطية التي كان أطفال الحجارة قد أسقطوها. وقد جاءت انتفاضة الأقصى في العام 2000 لتشكل ردا أصيلا على كل من راهن على جنوح إسرائيل للسلام. فبرغم الوحدة الوطنية التي عبرت عنها كتائب المقاومة الفلسطينية التي عملت يدا بيد في انتفاضة الأقصى لتحقيق النصر بالرد على العدوان الإسرائيلي الوحشي على شعبنا، إلا أن الجهود المشتركة التي بذلتها كل الأطراف في المنطقة العربية. ودون استثناء عادت للمشهد الهزيل المستمر في الأفق العربي الظرفي الشعبي وحده.

يتحدث حريبات ويقول، إذن يمكن القول إن هزيمة 1967 كانت نقطة تحول تاريخية في الخطاب العربي الذي تحول منذ تلك اللحظة إلى خطاب الهزيمة. حتى أنه يمكن القول إن الأنظمة العربية استطاعت وبجدارة جيلا بعد جيل طرد كل الأفكار الإيجابية التي تدعو إلى التفاؤل وإلى القدرة على مواجهة العدو. ليحل محله كل الأفكار السلبية التي ما كان من شأنها، إلا أنها نشرت أجواء الهزيمة رغم الانتصارات التي حققتها المقاومة في فلسطين ولبنان. وأضعفت الأمن الفكري العربي الذي انعكس بدوره على الأمن القومي العربي عموما، والذي يمكن القول إنه اليوم في أضعف حالاته.

أما السامري فيقول، هكذا هو الحال بحيث لا يدري العرب قدموا هدية مجانية للصهيونية، وترسخت مفاهيم ومصطلحات الهزيمة في اللاوعي عند جمهور الخطاب العربي. إن السير على نفس النهج يسهل مهمة العدو القادم من الخارج لاختراق الأمن القومي العربي من خلال بوابة الوعي أو ظهر الوعي أو لنقل بوابة الأمن فيه.

ويقول أبوبكر، أنا أقول إن اختراق الأمن الفكري العربي كان ومازال الهدف الأول للغرب للسيطرة على الإضراب الذي حل اليوم محل له الوعي كما قال الجابري، إذ كان الصراع الأيديولوجي ولا يزال يستهدف تشكيل الوعي وتزييفه ثم الاختراق الثقافي أو الاختراق للأمن الفكري، إلا أن السيطرة على الإدراك واختطافه وتوجيهه عبر الطرق السمعية والبصرية منه إلى تسطيح الوعي وتعطيل العقل.

أما بلال فيقول، إن أولى خطوات الاختراق الثقافي الفكري وبث ثقافة الهزيمة في النفوس والعقول إلى هزيمة حالة عجز عن النهوض والاستمرار، والعجز عن المواجهة والمقاومة، فقد أصبحت الهزيمة نمط حياة، وهذا ما يبرر التبعية واعتبار الكيان الصهيوني واقعا شرعيا.

أبوبكر يقول، مما سبق يمكنني القول إن منافذ الإخلال بالأمن الفكري واسعة، ولقد فتح في الخطاب العربي الالزامي الذي رافقها الباب على مصراعيه بتهيئة العقل العربي في استقبال كل الأفكار السلبية التي تبث في الإعلام الدعائي الصهيوني، والتي تثير الخوف والقبول بالأمر الواقع وبالظلم والتوجه للتواكل على الله وقلة الحيلة والعجز وعدم القدرة على الإنجاز وتحرير البلاد. وإن من أهم منافذ الإخلال بالأمن الفكري اليوم الانفتاح على وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تدخل كل بيت. إن الإخلال بالأمن الفكري قد يكون بأيدي أعداء أمتنا، وقد يكون بأيدي أبنائه أيضا بقصد أو بدون قصد، وهو ما يؤدي لا محالة إلى استمرار فرصة الأمن العربي وفقدانها لوحدتها والتشرذم شيعا وأحزابا. في هذا الإطار يبرز لدينا السؤال عما العمل؟

يرى السامري، أننا نحن بحاجة إلى رفع مستوى الوعي لدينا إلى المستوى الذي يرقى مستوى الانتماء لدينا ويزيد ويرفع مستوى الأمن الفكري باتجاه إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية أولا، وعلى أسس ديمقراطية تعيد للوحدة الوطنية الفلسطينية هيبتها، فإنه ليس في الأفق ما يشير أبدا إلى استعداد إسرائيل للتسوية السلمية مع الواقع على الأرض من اشتداد الاستيطان وتهويد القدس. ويشير إلى العقل الظاهر لهذا الاحتلال المجاني بات يغري إسرائيل لتعزيز احتلالها أكثر وأكثر نحو ضم الضفة كلها. وذكرى النكسة اليوم هي فرصة لنقول إن آثار النكبة لازالت مستمرة، ونشهد كل يوم تداعياتها، وكل ما قيل ويقال عن أخذ العبر والدروس ما هو إلا شعارات لا ممارسة لها على أرض الواقع.

أما بلال يقول، يجب أن نبدأ بأنفسنا أولا ونمتلك إرادة التغيير، ويمكن اعتبار اتفاق الفصائل الفلسطينية الأخير الذي كان من نتائجه الذهاب إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية، الأساس الديمقراطي المطلوب لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية المفقودة. وإن كل من يقف في وجه إنفاذ هذا الاتفاق عاجز عن الخروج من دائرة الهزيمة التي وضع نفسه بها.

إن المصلحة العامة تقتضي اليوم إيجاد آليات تضمن تحويل منظمة التحرير الفلسطينية إلى جبهة وطنية عريضة تمثل الجميع في إطار قيادي أعلى إلى حين عقد الانتخابات. يجب أن ننتصر على أنفسنا أولا وواهم من يظن أن الإسرائيليين لا تتوقف يوما بإثارة الفساد والفتن والفرقة، وعن إيقاد نار الحروب في العالم . قال تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ).

أما حريبات يقول، لا بد من خطة عمل تعمل على تحقيق الأمن الفكري للمجتمع وحماية أفرادها من انحراف الفكر والسلوك، ومن الأفكار الدخيلة التي قد تشوه معتقداته وتبث لجروح اليأس والهزيمة والعجز، فإن الإخلال بالأمن الفكري يؤدي إلى سهولة إرباك المجتمع أو وقوعه في فخ الأفكار الموجهة التي تروجها دعاية العدو أو الخصم.

أبوبكر يقول، نلخص لنقول إننا اليوم بحاجة إلى تبني إستراتيجية وطنية جامعة تضم جميع الفصائل الوطنية والإسلامية دون استثناء تحت إقصاء منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا رأينا بأن في منظمة التحرير الفلسطينية هو مس بالهوية الفلسطينية. ولهذه الاستراتيجية أن تقوم برفع مستوى الأمن الفكري عاليا وترفع من قدرته على مواجهة الاختراق الثقافي والفكري وتحصين الأمن. وبما لا يعني أبدا الانغلاق على الثقافات، ولا يعني بنفس الوقت الانفتاح على الغرب بشكل كامل يؤدي إلى التبعية والاستسلام للهيمنة وفقدان الهوية.  إن المطلوب إعطاء الأولوية للفكر التشجيعي وتوسيع مجالات المعرفة والإدراك والثقافة الوطنية نحو استغلال الفكر من التبعية والجمود نحو العمل على التنمية الوطنية الشاملة والمستقلة.

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى