الدراسات البحثيةالمتخصصة

الأزمة اليمنية أسبابها وأبعادها 2015-2020

The Yemeni crisis, its causes and dimensions 2015-2020

إعداد : محمد حسين علي القاسم – ماجستير علوم سياسية – باحث في العلاقات الدولية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

الملخص :

تتناول هذه الدراسة المعنونة بإسم الأزمة اليمنية 2015-2020، والتي تم وضع فرضية مفادها بأنه كلما استمر الصراع في اليمن كلما أدى إلى تفاقم التدخلات الدولية وصعوبة الوصول الى حل يؤدي الى سلام في المنطقة، وتم اتباع المنهج الوصفي التحليلي : هو المنهج الذي يستخدم لوصف ظاهرة او حالة معينة كما هي وتحليلها وتفسير ما جاء بها وجمع المعلومات اللازمة لتحليلها بشكل قريب من الظاهرة, وتعتمد هذه الدراسة على عدد من المناهج الاكاديميه البحثيه ايضا وهي: للمــنهج التــاریخي: ســوف نتنــاول تــاریخ الــیمن عبــر الحقبــات التاریخیــة المتعاقبــة بالإضافة لتاریخ الأزمات التي مرت على الیمن، بحيث تم وضع عدة أسئلة أهمها:   إلــى أي حـد تسـهم الإنقسـامات الطائفيـة والقبليـة وتشـابك المصـالح الإقليميـة المتضاربـة في توجيــه المشــهد اليمنــي نحــو مزيدٍ مــن الحــرب أو بعــض مــن السـلام .

ABSTRACT

This study deals with the title of the Yemeni crisis 2015-2020, which has been hypothesized that the longer the conflict continues in Yemen, the more it leads to the exacerbation of international interventions and the difficulty of reaching a solution that leads to peace in the region. Or a specific case as it is, analyzing it, interpreting what it came with, and collecting the necessary information to analyze it in a way that is close to the phenomenon. So that several questions were put forward, the most important of which are: To what extent do sectarian and tribal divisions and the conflicting regional interests intertwine in directing the Yemeni scene towards more war or some peac .

المقدمة:

بدأت الأزمة مع ثورة الشباب اليمنية ضد الرئيس علي عبد الله صالح، الذي ترأس اليمن لأكثر من 33 سنة بعد أن ترك صالح السلطة في أوائل عام 2012 كجزء من إتفاق بوساطة بين السلطة الحاكمة، وجماعات المعارضة، بقيادة نائب الرئيس حينها عبد ربه منصور هادي، الذي صارع من أجل توحيد المشهد السياسي المنقسم في البلاد، ودرء التهديدات من كل من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والحوثيين، الذي كان قد خاض نزاع صعدة لعدة سنوات، في عام 2014، شن المقاتلين الحوثيين معركة صنعاء (2014)، ودخلوا في مفاوضات مع الرئيس هادي حول “حكومة وحدة وطنية” مع الفصائل السياسية الأخرى، فيما واصل الحوثيين ممارسة الضغط على الحكومة حتى ضعفت، وهاجم الحوثيين القصر الجمهوري ومقر إقامة الرئيس هادي، ومن ثم استقال هادي جنبا إلى جنب مع وزرائه في يناير 2015، وفي الشهر التالي، قام الحوثيين بإنقلاب ، حُلا فيه مجلس النواب اليمني وتولت السلطة اللجنة الثورية بقيادة محمد علي الحوثي، وهو ابن عم زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، وازدادت حدّة الصراع مع محاولة الحوثيين وحليفهم الإقليمي إيران الهيمنة على اليمن وتحويله الى محطة أخرى , تهدّد أمن دول الخليج العربية واستقرارها . وقد أدّت هذه التطورات إلى ردّات فعلٍ إقليميةٍ حادة, تمثّلت بتدخلٍ عسكري قام به تحالف “عاصفة الحزم” الذي ضمّ عشر دول بقيادة السعودية، حيث تتفاقم الأزمة اليمنية بفصولها الدامية التي تخلف يوميا قتلى وجرحى ودمار وجوع يطال مختلف المناطق اليمنية، وقد تحولت الأزمة إلى مأساة دامية بعدما فشل الحل السياسي وبداية حرب تقودها السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم.

مشكلة الدراسة:

تتمحور مشكلة البحث في التعرف على الأزمة اليمنية ومعرفة أسباب الأزمة ، والتعرف على جذور الأزمة اليمنية ، وكذلك البحث في الأثر الموجود في الأزمة اليمنية إبان التدخلات الاقليمية والدولية عليها.

أهمية الدراسة:

تعتبــر الأزمــة الیمنیــة مــن الأزمــات الآنیــة والمســتمرة منــذ فتــرة وتهــدد الأمــن والســلم الإقلیمــي والدولي.

انطلاقاً من هذا الواقع ومن أهمیة الحدث، فإن البحـث عـن سـبل تسـویة هـذه الأزمـة تعتبـر مـن الأولیــات عنــد الــدول الكبــرى ومنظمــة الأمــم المتحــدة ومجلــس التعــاون الخلیجــي، ولأن هــذه الأزمــة تختصــر فــي ثنایاهــا النزاعــات العربیــة والإیرانیــة، فــإن العمــل علــى تهدئــة وتســویة تلــك الأزمــة یــریح المنطقة اقتصادیاً وسياسياً وانمائياً.

أسئلة الدراسة:

لهذه الدراسة عدة أسئلة، سنتناول أهمها:

  1. ما هي الأزمة اليمنية ؟
  2. إلــى أي حـد تسـهم الإنقسـامات الطائفيـة والقبليـة وتشـابك المصـالح الإقليميـة المتضاربـة في توجيــه المشــهد اليمنــي نحــو مزيدٍ مــن الحــرب أو بعــض مــن السـلام ؟
  3. ما هو مستقبل الأزمة اليمنية ؟
  4. ما هي أسباب الأزمة ؟

فرضية الدراسة:

تم وضع فرضية رئيسية مفادها بأنه كلما استمر الصراع في اليمن كلما أدى إلى تفاقم التدخلات الدولية وصعوبة الوصول الى حل يؤدي الى سلام في المنطقة.

أهداف الدراسة:

  1. التعرف على أسباب الأزمة اليمنية.
  2. معرفة جذور الازمة اليمنية.

مفاهيم الدراسة:

الصراع اليمني : دخول الدولة اليمنية في حالة فوضى سياسية وأمنية واقتصادية بعد الثورة اليمنية في يناير عام 2011، وما تبعها من صراع مسلح بين أطراف داخلية تخضع لأجندات دول إقليمية.

منهج الدراسة :

المنهج الوصفي التحليلي: هو المنهج الذي يستخدم لوصف ظاهرة او حالة معينة كما هي وتحليلها وتفسير ما جاء بها وجمع المعلومات اللازمة لتحليلها بشكل قريب من الظاهرة.

المنهج التاريخي: الطريقة أو الأسلوب المستخدم في بلوغ المعارف والحقائق، وذلك عن طريق مُطالعة المعلومات أو البيانات التي دُوِّنت في الفترات الماضية، وتنقيحها ونقدها بحياد وبموضوعية؛ للتأكد من جودتها وصحتها، ثم إعادة بلورتها للتوصل إلى النتائج المقبولة، والمُدعمة بالقرائن والبراهين.

الدراسات السابقة:

دراسة علوي (2017)، بعنوان “الصراع في اليمن وتداعياته على أمن الخليج والأمن الاقليمي: هدفت الدراسة للبحث في خصوصية الصراع في اليمن والبحث في ملامح ذلك الصراع، والفرق بينه وبين الصارعات الأخرى داخل المنطقة العربية، والمسارات المتوقعة مستقبلاً للحالة اليمنية الراهنة، فضلاً عن تأثير مستقبل الصراع، أو الأزمة اليمنية على أمن الدول العربية الاخرى، وبخاصة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سواء على المدى القريب أو على المدى البعيد، كما تهتم الدراسة كذلك بدراسة أثر أزمة اليمن على منظومة الأمن الإقليمي ككل، وبخاصة تأثيرها على مسار الصراع الخليجي الإيراني. وقد خلصت الدراسة إلى العديد من النتائج منها، أن الوضع الاقتصادي لليمن قد وصل مرحلة “الخطر”، كما أن استمرار التحالف الحوثي الذي يسيطر على الكثير من مواقع الدولة اليمنية يعني إمكانية نشوء كيان يمني جديد يمثل تحديا لأمن دول الخليج.

الفصل الأول: ماهية الأزمة اليمنية وأسبابها وتداعياتها

سنتناول في هذا الفصل مبحثان أساسيان الأول يتحدث في ماهية الأزمة اليمنية والمبحث الثاني بعنوان أسباب وتداعيات الأزمة اليمنية وسيتم تفصيلهم كما يلي:

المبحث الأول: ماهية الأزمة اليمنية

الأزمة الیمنیة هي في عمقها أزمة دولة ومؤسسات وقیادة وسیاسات، فالدولة الیمنیـة تتصـف، شــأنها فــي ذلــك شــأن معظــم دول العــالم الثالــث وإن تجــاوزت غیرهــا، لاســیما لجهــة درجــة الهشاشــة، وضـعف المؤسسـات، وشخصـنة السـلطة، والمركزیـة الشـدیدة، وغیـاب الدیمقراطیـة الحقیقیـة، وضـعف التنمیة وانتشار الفساد. كما تمتاز الجمهوریـة الیمنیـة عـن الكثیـر مـن دول العـالم الثالـث فـي أنهـا تمثـل مــن جهــة نتاجــاً لتوحیــد عشــوائي لــدولتین كــان لكــل منهما نظامــه الاقتصــادي وتوجهــه الإیــدیولوجي المختلف، وهي من جهة ثانیة حصیلة لثورتین الأولـى أطاحـت بـالحكم “الإمـامي” فـي الشـمال، والثانیـة أخرجت المستعمر البريطاني من الجنوب.[1]

واعتمـدت الجمهوریـة الیمنیـة منـذ قیامهـا، كمـا كـان علیـه الحـال فـي الـدولتین، علـى اقتصـاد ریعــي تــوزیعي لعــب ویلعــب دوراً مهماً في شــراء الــولاءات، وتكــوین التحالفــات الداعمــة للســلطة والاحتفاظ بالاستقرار النسبي، وقد شهد ذلك الاقتصـاد الریعـي طفـرة كبیـرة مـع تزایـد عائـدات الـیمن مـن النفط  خلال النصف الثاني من العقد الماضي، ثم بدرجة أكبر خلال النصف الأول من العقد الحـالي. لكن السیاسات الحكومیـة، ربمـا بسـبب تنـامي الفسـاد وطغیـان اعتبـارات البقـاء فـي السـلطة علـى غیرهـا مـن الأولویـات والضـرورات، أخفقـت فـي تطـویر قطاعـات البنیـة الأساسـیة والبیئـة الاسـتثماریة وبالتـالي في تحقيق النمو الاقتصادي.[2]

وتفاقمـت مشـكلات الـیمن الاقتصـادیة مـع النضـوب التـدریجي لاحتیـاطي الـنفط وتراجـع أسـعار

الـنفط فـي الأسـواق الدولیـة. ومـع أن الحكومـة الیمنیـة ایـام الـرئیس السـابق علـي عبـداالله صـالح ، كانـت تـراهن علـى صـا درات الغـاز، إلا أن تلـك العائـدات كانـت أقـل بكثیـر مـن أن تغطـي العجـز النـاتج عـن تراجع العائدات النفطیة.

أما على الصعید السیاسي، فقد تبنت النخب الشمالیة والجنوبیة الحاكمة دستورا ً تضمن الكثیر من المبادئ الدیمقراطیة التي هدفت إلى مأسسة الصراع على السلطة وإدارته بطریقة سلمیة.

وتطلــع الیمنیــون مــع قیــام الوحــدة ووعــود النخــب الحاكمــة بالدیمقراطیــة إلــى تجــاوز الأنمــاط الماضـیة فـي الصـراع علـى السـلطة والتـي ارتكـزت مـن جهـة علـى محاولـة كـل فئـة اجتماعیـة قبلیـة او مناطقیة الهیمنة على السلطة والثروة وإخضاع الفئات الأخرى بالقوة،  ومن جهـة ثانیـة ، محاولـة الفئـات الأخـرى القـادرة إمـا الخـروج علـى الفئـة المسـیطرة ومحاولـة الحلـول محلهـا، أو الاسـتقلال عـن السـلطة المركزیة وتأسیس كیانات خاصة بها ومحاولة التوسع بعد ذلـك فـي أراضـي الكیانـات الأخـرى المجـاورة لها.

لكـن المشـكلة هـي أن النمـاذج النظریـة التـي تـم تبنیهـا فـي الدسـتو ر والقـوانین المختلفـة ظلـت منفصلة عـن الواقـع ومتقدمـة علـى وعـي النخـب الشـمالیة والجنوبیـة التـي ظـل سـلوكها محكومـاً بمنطـق المصــالح الشخصــیة والحزبیــة والفئویــة والجهویــة وبثقافــة وســلوك لا تتفقــان مــع الدیمقراطیــة والشــراكة الوطنیة ومتطلبات الاستقرار السياسي والتنمية.[3]

إلى ذلك تتصف الأزمة الیمنیة الحالیة بتعدد مكوناتها، حیث تشمل وبـالتزامن جوانـب سیاسـیة واقتصادیة واجتماعیة وأمنیة یكرس بعضها بعضـاً وتهـدد فـي مجموعهـا الدولـة الیمنیـة الضـعیفة اصـلاً وبطبيعتها بالانهيار.[4]

ومنذ 2004 وفـي أقصـى شـمال الـبلاد خـاض الجـیش الیمنـي، حروبـاً متقطعـة مـع مـا یعـرف بالتمرد الحوثي وخاصة في منطقة صعدة . وفـي المحافظـات الجنوبیـة والشـرقیة، والتـي تمثـل أكثـر مـن ثلثي مساحة البلاد.

وهنا لابد لنا بالتعرج تاريخياً نحو الصراع اليمني:

تعاني منطقـة الشـرق الأوسـط اضـطرابات وصـراعات علـى السـلطة والحكـم لاسـیما فـي الـیمن، حیث سجلت سلسلة أحداث وصراعات أبرزها ما یلي:

  1. 1960 : انــدلعت الحــرب الأهلیــة فــي الــیمن بــین المــوالین للمملكــة المتوكلیــة وبــین المــوالین للجمهوریة العربیة الیمنیة واستمرت الحرب ثماني سنوات ( 1962-1970).
  2. 1967 : جلاء آخر جندي بریطاني عن جنوب الیمن.
  3. 1972 : اندلاع صراعات مسلحة وحروب دمویة بین شطري الیمن استمرت حتى 1979.
  4. 1978 : أصبح علي عبداالله صالح رئیسا للجمهوریة العربیة الیمنیة.
  5. 1979 : اندلعت الحرب الثانیة بین شطري الیمن وكان على رأس الشطر الشمالي علي عبداالله صالح، بینما كان عبد الفتاح اسماعیل رئیسا للشطر الجنوبي.
  6. 1986 : أقدم حراس علي ناصـر علـى مهاجمـة المكتـب السیاسـي للحـزب الاشـتراكي فـي عـدن، وهو ما فجر حرب 1986 الأهلیة في جنوب الیمن.
  7. أول اشـتباك بـین الحـوثیین (أنصـار االله) والحكومـة الیمنیـة فـي 2004 لمطالبـة الحكومـة بمزیـد من الإصلاحات الاقتصادیة.
  8. 2007 : تصاعد وتیرة الاحتجاجات في الجنوب وسـط مطالبـات لــ الحـراك الجنـوبي بالاسـتقلال عن الدولة المركزیة.
  9. 2011 : سلسـلة احتجاجـات شـعبیة طالبـت بإسـقاط نظـام الـرئیس علـي عبـداالله صـالح، والـذي حكم البلاد لمدة 33 سنة.
  10. 2011 : توقیع المبادرة الخلیجیة لتسلیم السلطة في السعودیة بین المعارضة الیمنیة والحكومة.
  11. 2013 : أعلن تنظیم “القاعدة” في جزیرة العرب انضمامه للقتال ضد الحوثیین (أنصار االله).
  12. 2014 : ختام فعالیات مؤتمر الحوار الوطني والاتفاق على دولة اتحادیة من 6 أقالیم.
  13. 2014 :دعا عبد الملك الحوثي للاحتشاد ضد قرار الحكومة الیمنیة برفع الدعم عن المشـتقات النفطیة.
  14. 2014 : الحكومة الیمنیة تحرك مظاهرات مضادة للحوثیین (أنصار االله) من قبل حزب التجمع الیمني للإصلاح.
  15. 2014 : 21 أیلـول: الحوثیـون یسـیطرون علـى منـاطق عـدة فـي صـنعاء ویحتلـون مقـر مجلـس الوزراء.[5]

بداية الأزمة اليمنية:

تعود الأزمة الیمنیة الحالیة إلى عام 2011 عندما بدأت احتجاجات شعبیة عرفـت باسـم “ثـورة الشباب الیمني” ضد الرئیس السابق علي عبداالله صالح.

وفي عام 2012 تنازل الرئیس صالح عن الرئاسة بموجب اتفـاق لن قـل السـلطة الـى نائبـه عبـدربه منصور هادي. غیر أن الاتفاق انهـار مـع هجمـات أنصـار االله (الحـوثیین) علـى صـنعاء ومنـاطق أخرى وسیطرتهم على مساحات واسعة من الیمن.

هذا الوضع الجدید اتخـذ منحـى آخـر مـع بدایـة الضـربات الجویـة التـي تقودهـا المملكـة العربیـة السعودیة تحت اسم “عاصفة الحزم”.

هـذا فـي حـین تتفـاقم الأزمـة الیمنیـة بفصـولها الدامیـة التـي تخلـف یومیـا قتلـى وجرحـى ودمـار یطال مختلف المناطق اليمنية، وقد تحولت الازمة إلى مأساة دامية بعد فشل الحل السياسي.[6]

وبعدما تعرفنا على تاريخ الصراع اليمني والأزمة اليمنية لابد لنا من التطرق لأسباب وتداعيات الأزمة اليمنية وهذا ما سوف نذكره في المبحث الثاني كما يلي:

المبحث الثاني: أسباب وتداعيات الأزمة اليمنية

تشـهد الأزمـة الیمنیـة انعطافـات یمكـن وصـفها بكونهـا تعرجـات لتطـورات الأحـداث فیهـا، تنبـئ بأن الیمن تقف على مفتـرق طـرق تتشـعب مآلاتهـا واحتمـالات تقلباتهـا بمـا یجعـل توقـع مـا سـیكون مـن سیناریوهات حلها على المدى القریب أمرا ً لا یمكن وصـفه بالیسـیر، ولعـل مـن بـین أبـرز أسـباب تعقیـد الأزمة الیمنیة یعود إلى امور عدة :

الأول : غیـاب توصـیف دقیـق لمـا هـو علیـه المجتمـع الیمنـي وبالتـالي الجهـل بتفاصـیل نسـیجه الاجتمـاعي وتلونـه فـي وقـت اعتقـد كثیـر مـن المعنیـین بدراسـته- ولاسـیما قبـل أزمتـه- أن شـعب الـیمن قلیل التنوع، محدود الاختلاف وهو أمر فارق الدقة، وبالتالي أغفل حجم المشكلة التي تعصـف بـالیمن وتهدد نسیجه الاجتماعي، أو تكاد.

الثـاني : إغفـال تـداخل الفـاعلین فـي الأزمـة الیمنیـة، والمعنیـین بإشـعالها والمتسـببین بتعقیـدها، فهي مشكلة مركبة بررتها عوامل محلیة، وأخـرى إقلیمیـة، وثالثـة دولیـة، ولكـل منهـا مقاصـدها وغایاتهـا التـي عقـدت إشـكالیة دراسـة الأزمـة الیمنیـة وأسـهمت فـي تـأخیر حلهـا، بانتظـار حـدوث توافـق للفواعـل على المستویات الثلاثة، بالاتفاق على حلها، والتخفیف من آثارهم في إشعالها وأدامتها.

الثالــث : فقــر الــیمن وضــعف دخلــه القــومي، جعــل الــیمن مســرحاً لأطمــاع الفواعــل العالمیــة والإقلیمیة فیه، ولاسیما الفواعل العالمیة التي جعلت الیمن دائراً في أفلاكها، مسخراً لتنفيذ اسـتراتیجیتها في استتباع الیمن وكثیر من دول المنطقة.

وكــذلك قــد دفــع فقــر الــیمن وضــعف إمكانیاتــه إلــى فــتح بــاب الــیمن علــى مصــراعیه للقــوى الإقلیمیـة فـي التوغـل فـي المجتمـع الیمنـي تحـت غطـاء المسـاعدات الانسـانیة، التـي تصـطحب معهـا عادة غايات لا يغيب عنها الغزو الفكري ومحاولات التغيير الثقافي.[7]

الحــرب الیمنیــة الداخلیــة والتــدخل العســكري الخــارجي نتیجــة طبیعیــة لفشــل النخــب ال سیاســیة الیمنیة في تجسید الإرادة الشعبیة في تحقیق التغییر الدیمقراطي وتنامي حدة التناقضات الإقلیمیة التي انعكســت بشــكل مباشــر علــى الوضــع الــداخلي لأهمیــة الــیمن الجغرافیــة والاســتراتیجیة وعجــز الأمــم المتحدة في إدارة المرحلة الانتقالیة.

والمرحلة الانتقالیة كما هو معر وف جاءت نتیجة ثورة شباط ٢٠١١ ضد نظام الرئیس السابق علـي عبـداالله صـالح. وبدایـة هـذه الثـورة یرجـع إلـى عـام ٢٠٠٥ عنـدما قامـت الاحتجاجـات والتظـاهرات الشـعبیة الواسـعة التـي شـملت العدیـد مـن المـدن الیمنیـة لأول مـرة وبشـكل عفـوي دون أي مشـاركة مـن قبل أحزاب المعارضة بسـبب رفـع الـد عم عـن المشـتقات النفطیـة حینهـا بشـكل مفـاجئ الأمـر الـذي أدى إلـى ارتفـاع الأسـعار فـي ظـروف انخفـاض دخـل الفـرد والبطالـة واتسـاع دائـرة الفقـر وانتشـار الفسـاد فـي كل مفاصل الدولة.[8]

إلا أن مــا تجــدر الإشــارة إل یــه یتمثــل بعــدم وجــو د قیــادة منظمــة لهــذه الاحتجاجــات حــال دون

تحولهــا إلــى ثــورة علــى الــرغم مــن قناعــة ورغبــة الشــعب الیمنــي فــي التحــول الــدیمقراطي منــذ بدایــة التسـعینات إضـافة إلـى الحـراك الجنـوبي الـذي بـدأ عـام ٢٠٠٧ بمطالـب حقوقیـة تحولـت تـدریجیاً إلى مطالـب سیاسـیة، وقـد كـان للنجـاح السـریع لثـورة الربیـع العربـي العفویـة فـي تـونس ٢٠١١ ، دوراً معنویـاً في إعادة الأمل للشعب الیمني في إمكانیة التغییر دون انتظار المبادرة من قبل أحزاب المعارضة.

الأزمـة الیمنیـة معقـدة التركیـب متعـددة الجوانـب ومتداخلـة الأطـراف وتتكـون مـن شـقین داخلـي وخارجي، الشق الأول یتمثل بالصراع على السلطة بین القوى السیاسیة الیمنیة التي لا تملك مشـروعاً وطنیـا مشـتركاً حتـى بحـدوده الـدنیا، وغیـاب المكـون السیاسـي المـنظم الحامـل للمشـروع الـوطن يسـاعد إلى حد كبیر في حدة الصـراع. واسـتمرار غیـاب هـذا المشـروع یجعـل حـل الأزمـة أكثـر تعقیـدا وتحقیـق الاستقرار الدائم أمرا بعيد المنال.[9]

والثاني یتجسد بالتناقضات والصراعات الإقلیمیة وخاصة بین السعودیة وایران اللتان تتنافسان على الدور الإقلیمـي والسـعي نحـو بسـط اسـتراتیجیاتها فـي ظـل المعطیـات والمسـتجدات الدولیـة وازدیـاد التحدیات الأمنیة بشكل غیر مسبوق في المنطقة العربیة.

یضــم طرفــا الصــراع السیاســي الیمنــي كــلاً منهمــا قــوى وجماعــات وكیانــات سیاســیة متعــددة الإیدیولوجیات والمذاهب وغیر متكافئة م ن حیث القدرات والإمكانیات ولكنها تشترك في عدم جاهزیتها لبنـاء الدولـة المدنیـة، دولـة النظـام والقـانون التـي تمثـل أسـاس الاسـتقرار والتنمیـة والعدالـة الاجتماعیـة والمواطنة المتساویة وتكافؤ الفرص.

علـى الـرغم مـن أن الـیمن جـزء لا یتجـزأ مـن المكـون الجغرافـي والثقـافي والتـار یخي لـدول شـبه الجزیـرة العربیـة وانضـمام الـیمن إذا مـا حصـل بكـل تأكیـد سـیوفر عوامـل وا ٕمكانـات اسـتراتیجیة وأمنیـة واقتصـادیة واجتماعیـة تسـهم فـي تعزیـز خطـوات التكامـل الخلیجـي، وترفـع مـن مسـتوى أداء المنظومـة الخلیجیــة فــي مختلــف المجــالات السیاســیة والاقتصــادیة والاســتراتیجیة، إلا أن دول مجلــس التعــاون الخلیجي قامت بإقصائه عن هذا المحیط لاعتقادات قدیمة وخاطئة وحسابات ضـیقة أو علـى الأقـل لا تتجاوب مع المتغيرات الإقليمية والدولية.

وإزاء التطورات السياسية في اليمن تتبع دول مجلس التعاون موقفاً موحداً إلى أن سـیطرت حركـة أنصــار االله (الحـوثیین) علـى مقالیــد الحكـم فــي الـیمن وفرضـت ســلطتها علـى الواقــع العملي.

فالسعودیة والإمارات ومعها البحرین والكویت فضلت إصلاح النظام السیاسـي فـي الـیمن علـى التغییرات الدیمقراطیة اللیبرالیة، ولكن من دون تمكین حزب التجمع الیمني للإصلاح من إدارة المرحلة القادمـة، وخدمـة لهـذا الغـرض سـعت الإمـارات العربیـة المتحـدة بدرجـة رئیسـیة إلـى إقامـة علاقـة مباشـرة مع “حزب المؤتمر” وا العربیـة السـعودیة بتحـالف الـرئیس السـابق علـي عبـداالله ٕوإن كانت لم تقبل المملكـة صـالح الـذي هـو فـي نفـس الوقـت رئـیس حـزب المـؤتمر مـع جماعـة أنصـار االله (الحـوثیین )، ورأت فـي ذلك عمل استفزازي یهدد أمنهـا وحـددت موقفهـا مـن الـرئیس السـابق علـى هـذا الأسـاس، وهـذا مـا عـزز من موقع الرئیس الانتقالي عبد ربه منصور هادي وجعله یتخلى عن علاقته القدیمة والحزبیة بالرئیس السابق صالح ويتبنى موقفاً مستقلاً وإن كان ليس خالياً من المرونة والتقرب من القيادة السياسية في الریـاض، بینمـا قطـر التـي تطمـح لأن تكـون دولـة محوریـة فـي المنطقـة دعمـت حـزب الإصـلاح مثلمـا دعمت الإسلام السیاسي في جمیع بلدان الربیع العربي وحاولت احتواء جماعة أنصار االله ” أنصار االله (الحوثيين).[10]

المواقف المختلفة لدول مجلس التعاون الخلیجي من التطورات السیاسـیة فـي الـیمن إلـى جانـب سعي بعض القوى السیاسیة الیمنیة في عدم حصول أي تغییرات دیمقراطیة حقیقیة.

وحـرص بعـض القـوى علـى الاحتفـاظ بالسـلطة وغیـاب الاسـتراتیجیة المحـددة والواضـحة للأمـم المتحدة للمرحلة الانتقالیة ، على الرغم من الموقف الموحد والثابت لمجلس الأمن فیما یتعلق بالمستقبل السیاسي للیمن، أثرت إلى حد كبیـر فـي عـدم تحقیـق الانتقـال السیاسـي فـي الـیمن فـي الفتـرة المقـرة فـي المبادرة الخلیجیة وآلیاتها، وهذا بدوره لـم یـؤثر فقـط علـى تـدهور الوضـع العـام فـي الـیمن وخروجـه عـن نطاق الســیطرة إلــى مســتویات خطیــرة وا ٕ نطــا نمــا أعطــى فرصــة مناســبة لإیــران فــي التــدخل فــي العملیــة السیاسیة في الیمن.

إیران حاولت بقدر الإمكان استغلال بقاء الیمن خارج منظومة دول مجلس التعـاون والظـروف الیمنیــة المشــحونة بالصــراعات العقیمــة لتوســیع نفوذهــا وخلــق مجــال سیاســي جدیــد مــن الن فــوذ فــي المنطقة، فقـدمت إیـران الـدعم السیاسـي والدبلوماسـي وا ٕ لـى حـد مـا العسـكري لجماعـة أنصـار االله كأقلیـة مذهبیـة لهـا مظـالم فـي الـیمن ولهـا بعـ ض الخلافـات العقائدیـة مـع المـذهب السـائد فـي المملكـة العربیـة الســعودیة ، وهــذا مــا أثــار المخــاوف الخلیجیــة خاصــة الســعودیة والبحرینیــة وال كویتیــة التــي یوجــد فیهــا أقليات شيعية.[11]

إن انسـحاب حـزب الإصـلاح مـن المواجهـة العسـكریة أثنـاء اجتیـاح صـنعاء مـن قبـل جماعـة أنصـار االله غیـر المعادلـة التـي كانـت تـراهن علیهـا كثیـر مـن الأطـراف السیاسـیة الداخلیـة والخارجیـة ومكن أنصار االله في نفـس الوقـت بكـل سـهولة مـن انتـزاع السـلطة قسـریا والتوسـع فـي منـاطق عـدة فـي الیمن.

لقـد أدركـت المملكـة العربیـة السـعودیة أن مناهضـة حـزب التجمـع الیمنـي للإصـلاح أدى إلـى تمكـن أنصـار االله مـن السـیطرة علـى الـیمن وأن علیهـا فـي هـذه الحالـة إعـادة قراءتهـا السیاسـیة للمشـهد الیمنـي وتحدیـد موقفهـا حسـب المسـتجدات، وهـذا مـا جعلهـا تعمـل علـى إیجـاد علاقـة تعـاون مـع حـزب الإصـلاح فـي مواجهـة العـدو المشـترك ونجحـت فـي ذلـك إلـى حـد كبیـر، وبـدا هـذا واضـحا مـن خـلال إعلان حزب الإصلاح التأیید لـ “عاصفة الحزم” واستقبال الریاض لغالبیة قادته وتقدیم الـدعم السیاسـي والعسكري.[12]

هنـاك عـدد مـن التـداعیات الواضـحة للأزمـة الیمنیـة، لـیس فقـط علـى الـیمن ودول الخلـیج، بـل على النظام الإقلیمي العربي برمته، ومن أبرز هذه التداعیات ما یلي:

  • تنامي النفوذ الإیراني في المنطقة:

حیث تسعى إیران منذ اندلاع “الثورة الیمنیة” في ١١ شباط ٢٠١١ ، إلـى اسـتغلال حالـة عـدم الاسـتقرار السیاسـي فـي صـنعاء مـن أجـل توسـیع نفوذهـا فـي المنطقـة، وفـي هـذا الإطـار قامـت طهـران بتقـدیم الـدعم المـالي والسیاسـي والإعلامـي لــ أنصـار االله (الحــوثیین) ، كمــا دعمــتهم بالســلاح، حیــث اعترضــت الســلطات الیمنیــة عــدداً مــن الســفن المحملـة بالأسـلحة علـى سـواحل البحـر الأحمـر، كـان مـن بینهـا مـا تـم ضـبطه مـن سـفن تحمـل أسلحة في كـانون الثـاني ٢٠١٣ ، بینهـا صـواریخ ومتفجـرات، وقـذائف صـاروخیة، والكشـف عـن أن مصـــدر تلـــك الأســـلحة كانـــت إیـــران، وكانـــت تلـــك الأســـلحة متوجهـــة إلـــى أنصـــاراالله (الحوثيين).[13]

  • التأثير على أمن الخليج: هنـاك حاجـة خلیجیـة لـیمن آمـن مسـتقر مـن أجـل مواجهـة الأخطـار المشتركة، هذا فضلا عـن أهمیـة الموقـع الاسـتراتیجي الیمنـي، ومـا یمثلـه مـن مجـال حیـوي فهـو یطل على البحر الأحمر وبحر العرب والمحیط الهنـدي، حیـث یمثـل خلـیج عـدن ومضـیق بـاب المنــدب، المــدخل الجنــوبي للبحــر الأحمــر، أهمیــ ة مضــاعفة فــي تــأمین عبــور الســفن البحریــة الدولیـة والإقلیمیـة، ومـا یمثلـه خلـیج عـدن مـن أهمیـة، حیـث یمـر منـه ویلتقـي عنـده أهـم ثلاثـة ممرات مائیة بحریة دولیة، تتمثل في: الخط القـادم مـن الخلـیج العربـي، والخـط القـادم مـن شـرق وجنـوب شـرق آسـیا، والخـط القـادم مـن شـرق أفریقیـا وجنوبهـا إلـى البحـر الأحمـر. وتـؤثر هـذه الخطـوط الثلاثـة فـي حركـة الملاحـة فـي البحـر الأحمـر الـذي یمثـل ممـراً مائیـاً شـدید الحیویـة لحركة النقل البحري وحركة التجارة العالمية.

هناك عدد مـن التـداعیات الجیوسیاسـیة والاقتصـادیة للأزمـة الیمنیـة علـى دول مجلـس التعـاون، فالیمن یمثل حاجزا لدول الخلیج من الهجرة غیر الشرعیة والتنظیمات الإرهابیة كتنظیم “القاعدة”.

  • تفـاقم الإرهـاب: وهـذا الأمـر یتضـح مـن خـلال احتـد ام الصـراع بـین القاعـدة فـي الـیمن وجماعـة أنصــار االله (الحــوثیین) ، فلقــد أدت ســیطرتهم علــى صــنعاء إلــى تصــاعد خطــر ونشــاط تنظــیم “القاعــدة”، كمــا أنــه أكســب الصــراع وعملیاتــه الإرهابیــة بعــداً عقائــدیاً، مما أحاط ببعض التعـــاطف مـــن قبـــل الیمنیـــین، مـــن خـــلال الظهـــ ور بمظهـــر المـــدافع عـــن أهـــل الســـنة ضـــد أنصـار االله (الحـوثیین) الشـیعة، ومـن هنـا فقـد أضـحى التنظـیم یقاتـل علـى جبهتـین فـي الـیمن، جبهة ضد أنصار االله (الحوثیین) والأخرى ضد الحكومة الیمنیة.

وقـد رصـدت الحكومـة الیمنیـة عـددا ً مـن حـوادث الإرهـاب التـي حصـلت فـي الـیمن منـذ كـانون الثـاني ١٩٩٦ وحتـى كـانون الأول ٢٠٠٣ ، وكـان مـن أبرزهـا حادثـان إرهابیـان تركـا تـأثیرا مباشـرا في الاقتصـاد الیمنـي، كـان الأول ضـرب المـدمرة الأمیركیـة ( Cole USS ) فـي مینـاء عـدن فـي تشـرین الأول ٢٠٠٠ حیــث لحقــت بالمــدمرة خســائر بشــریة (مقتــل ١٧ بحــارا وإصابة ٢٨ آخــرین بجــروح) ومادیــة، وكــان الحــادث الثــاني تفجیــر ناقلــة الــنفط الفرنســیة “لیمبــرج” فــي مینــاء المكــلا بمحافظــة حضـرموت فـي تشـرین الأول ٢٠٠٢ ، ممـا أدى إلـى احتـراق الناقلـة، ووفـاة شـخص واحـد واصـابة ١٧ اخرين.[14]

الفصل الثاني: الأبعاد الإقليمية والدولية للأزمة اليمنية

سنتحدث في هذا الفصل عن الأبعاد الإقليمية والدولية للأزمة اليمنية وسيتم تقسيم الفصل إلى مبحثين في المبحث الأول الأبعاد الإقليمية للأزمة اليمنية والمبحث الثاني الأبعاد الدولية للأزمة اليمنية.

المبحث الأول: الأبعاد الإقليمية للأزمة اليمنية

لا تقتصر أبعـاد الأزمـة الیمنیـة فـي شـكلها الحـالي فقـط علـى صـراع داخلـي علـى السـلطة، بـل تتعداها إلى أبعد من ذلك لما تشكله من تهدید خطیر للأمن الإقلیمي.

فما يحدث في اليمن، من مواجهات عسكربة وأوضاع إنسانية يشكل تهديداً لأمن الخليج، وإذا كانت بعض دول المنطقة العربیة التي عرفت ما سمي بــ “الربیع العربي” كتونس، ومصـر، ولیبیـا بـؤرة الصراعات السیاسیة، فإن منطقة الشرق الأوسط، ومنطقـة الخلـیج علـى الخصـوص، شـكلت بـؤرة أكثـر حدة في التوتر نظراً لطبیعة المنطقة الجیو- استراتیجیة والاقتصادیة وأطماع دول خارجیة.

ونعتبر أن ما یحدث في الیمن من صراعات واقتتـال، یطـرح عـدة أسـئلة جوهریـة حـول أسـباب الأزمة الیمنیة وأبعادها الإقلیمیة والدولیة. ویطرح في هذا الإطار السؤال التالي: هل أضعفت الأحداث التــي عرفتهــا بعــض الــدول العربیــة فــي الفتــرة الأخیــرة قــدرة دول الخلــیج علــى التعامــل مــع التطــورات العســكریة فــي المنطقــة فــي الوقــت الــذي انشــغلت فیــه الولایــات المتحــدة وأوروبــا وحلفاؤهــا بمحاربــة جماعـات تنظـیم الدولـة الإسـلامیة فـي العـراق وسـوریا؟ وهـل یمكـن للسـعودیة أن تلعـب دور الشـرطي للحفاظ على التوازنات بمنطقة الخليج؟[15]

قـال نائـب الـرئیس الیمنـي علـي محسـن الأحمـر فـي حـوار مـع صـحیفة “عكـاظ” السـعودیة أن “إیــران” تســعى لاختــراق الــیمن منــذ عــام ١٩٧٩ عبــر المــنح الدراســیة التــي كانــت تســتهدف یمنیــین وخلیجیین لشحنهم عقائدیاً.

أولاً: البعد الإیراني:

لا یمكــن عــزل الأزمــة الیمنیــة عــن الســیاق الإقلیمــي للأحــداث السیاســیة الكبــرى التــي عرفهــا العــالم العربــي فــي الســنوات الأخیــرة لتشــكل شــرق أوســط جدیــد بعیــدا ً عــن ریــادة الولایــات المتحــدة الأمیركیـة. وعلـى هـذا الأسـاس، یمكـن القـول بـأن للصـراع الیمنـي بعـد جیواسـتراتیجي مهـم، لأن إیـران تبذل كل ما بوسعها لسنوات مـن أجـل أن یكـون لهـا حضـور فـي منطقـة البحـر الأحمـر، وفـي حالـة مـا إذا سـیطر أنصـار االله (الحوثیـون) علـى السـلطة فـي الـیمن فـإن ذلـك قـد یشـكل منطقـة نفـوذ إیرانیـة فـي المستقبل وسیكون لها حركة حیویة بین أوروبا والشرق الأقصى.

لقـد أسـس حسـین الحـوثي – الشـق یق الأكبـر لعبـد الملـك الحـوثي الـزعیم الحـالي لهـذا التیـار منـذ عام ١٩٩١ – حزب الحق” في الیمن وشارك في الانتخابات التي جرت عام ١٩٩٣ ، وأصبح عضـواً في البرلمان اليمني.[16]

فإیران تـراهن كثیـرا علـى أنصـار االله (الحـوثیین) ، لأنهـم یحـاولون إرجـاع الإمامیـة الزیدیـة التـي حكمت الیمن لغایة ١٩٦٢ .

ومـن أجـل تحقیـق هـذا الهـدف، فقـد جمـع أنصـار االله (الحوثیـون) الـزخم كقـوة قتالیـة وكحركـة سیاسیة على حد سواء، واستفادوا من الفراغ الأمنـي الـذي انتجتـه الاضـطرابات فـي الـبلاد عـام 2011  في سیاق “الربیع العربي” واستغلوا الجمود السیاسي الذي أعقبته.

وقد ظهر ذلك بجلا ء عندما سیطر أنصار االله (الحوثیون) على العاصمة صنعاء، والاستیلاء علـى المؤسسـات السـلفیة الأساسـیة، إضـافة إلـى السـیطرة علـى مقـرات حـزب الإصـلاح وجامعـة الإمـام التـي تعـد معقـلاً لرجـل الـدین السـلفي المتشـدد عبـد المجیـد الزنـداني ومقـر الفرقـة المدرعـة الأولـى بقیـادة اللواء علي محسن الأحمر.

ثانياً: عاصفة الحزم:

طلب الرئیس عبد ربه منصور هادي برسالة بتاریخ ٢٤ آذار ٢٠١٥ إلى قادة مجلس التعاون لـدول الخلـیج العربیـة داعیـاً للوقـوف إلـى جانـب الشـعب الیمنـي وحمایتـه وتقـدیم المسـاندة الفوریـة بكافـة الوسـائل والتـدابیر اللازمـة لحمایـة الـیمن وشـعبه مـن عـدوان تحـالف الحـوثي وعلـي عبـداالله صـالح، مـن أجـل إعـادة الشـرعیة تماشـیاً مـع التأییـد الـدولي لـذلك بـالقرار الصـادر عـن مجلـس الأمـن الـدولي رقـم (2216) سنة 2015.

یـرى الـبعض أن “عاصـفة الحـزم” كانـت ضـرورة لحمایـة أمـن السـعودیة أولاً قبـل حمایـة أمـن الخليج ثانياً.

القوات المشاركة :

بدأت العملية العسكرية “عاصفة الحزم” بالضربات الجوية الأولى التي وجهتها الطائرات السعودية لمعاقل جماعة الحوثي باليمن، وتشارك دول الخليج العربي -ما عدا عُمان- في عمليات القصف، كما تحضر دول أخرى في العملية التي من المنتظر أن يزيد حجم القوات والدول المشاركة مع استمرارها, وبلغ إجمالي المشارَكة المعلنة في العملية 185 طائرة مقاتلة، بينها مائة من السعودية التي تحشد أيضا 150 ألف مقاتل ووحدات بحرية على استعداد للمشاركة إذا تطورت العملية العسكرية .

وشاركت بالموجة الأولى من الهجوم -إضافة إلى السعودية- كل من الإمارات بثلاثين مقاتلة، والكويت بـ15 والبحرين بـ15، بينما شاركت قطر بعشر طائرات، والأردن بست طائرات، وكذلك المغرب بست طائرات، والسودان بثلاث طائرات.

وأكدت مصر والأردن وباكستان والسودان مشاركتها بالعملية البرية ضمن “عاصفة الحزم” إذا تم المرور إلى هذا الخيار، بينما أعلنت الولايات المتحدة عن استعدادها لتقديم دعم لوجستي واستخباراتي للتحرك العسكري الخليجي باليمن.[17]

السعودية:100 طائرة+ وحدات بحرية+150 الف مقاتل البحرين: 15 طائرة مقاتلة
الامارات:30 طائرة مقاتلة المغرب: 6 طائرات مقاتلات
قطر: عشر طائرات مقاتلات السودان: 3 طائرات مقاتلات
الكويت: 15 طائرة مقاتلة مصر: أرسلت قوات بحرية في مياه الخليج
الاردن: 6 طائرات مقاتلات باكستان: أرسلت سفناً بحرية إلى شواطئ اليمن[18]

المبحث الثاني: الأبعاد الدولية للأزمة اليمنية

یعكس الفراغ الأمني في الـیمن، مخـاوف دولیـة مـن فقـدان السـیطرة علـى خلـیج عـدن ومضـیق بـاب المنــدب وتحولهمــا لمخــاطر العملیــات الإرهابیــة والقرصـنة البحریــة، وقــد ظهــر ذلــك جلیــاً عنــدما هاجمت مجموعة من القراصنة ناقلة نفط كویتیة في خلیج عدن في شباط 2015.

ولعـل البـارز فـي هـذا السـیاق أن عـودة ظـاهرة القرصـنة البحریـة فـي هـذه المنطقـة الحیویـة مـن العالم، أعطى الأزمة الیمنیة أبعاداً دولیة إضافة إلى أبعادها الإقلیمیـة، حیـث یـرى بعـض المـراقبین أن الوضع المشار إلیه سیهدد حركة التجارة العالمیة، حیث یعبر حـوالي 16 ألـف سـفینة تجاریـة كـل سـنة مـن خـلال مضــیق بـاب المنـدب، كــذلك فعـودة أعمـال القرصــنة البحریـة سـتؤدي إلــى ارتفـاع تكــالیف التأمین بالنسبة لشركات الشحن.

إلـى ذلـك وعلـى الـرغم مـن اسـتبعاد بعـض المحللـین عـودة القرصـنة البحریـة فـي ظـل الاهتمـام الدولي بتأمین حركة التجارة الدولیة في هذه المنطقة،لاسیما مع تواجد قوات أمیركیـة وفرنسـیة وإيرانية وتركیة في إطـار تحـالف دولـي لمحاربـة عملیـات القرصنة. مـن جهـة ثانیـة یبـرز سـیناریو تـدخل القـوى الدولیـة فـي الأزمـة الیمنیـة مـن خـلال ممارسـتها لضـغط دولـي سیاسـي واقتصـادي علـى جمیـع أطـراف الأزمة الیمنیة.

بالمقابل یبرز البعد الإنساني- الدولي للأزمـة الیمنیـة حیـث بلـغ عـدد المصـابین بوبـاء الكـولیرا

ملیون مصاب حسب اللجنة الدولیـة للصـلیب الأحمـر بتـاریخ ٢١ كـانون الأول ٢٠١٧ وذلـك فـي أسـوأ أزمة إنسانية في العالم حسب الأمم المتحدة.[19]

الفرع الأول: البعد الأمريكي:

قام السفير السعودي لدى الولايات المتحدة الامريكية عادل الجبير في زيارة للبيت الابيض وقال لمستشارين الرئيس باراك أوباما  لأمل عاجل للحصول على دعم الرئيس اوباما لحرب جديدة في الشرق الاوسط , وأن إيران انتقلت إلى الفناء الخلقي للمملكة العربية السعودية وبمساعدة المتمردين الحوثيين الذين كانوا قد تجاوزوا عاصمة البلاد صنعاء وكانوا يحاولون إقامة مواقع صواريخ باليستية في مجموعة من المدن السعودية .

تمثلـت الخطـوات المیدانیـة الأمیركیـة الاولـى فـي إرسـال المدمرة (cole uss) إلـى الممـر الدولي (مضیق باب المندب) الذي یعد جزءا المائیة بدوره یرى المحلل السیاسي الیمني، الدكتور عبد الباقي شمسان، أن التصریحات الأمریكیة أو تحـرك المـدمرة (cole uss) للمیـاه الإقلیمیـة “تـأتي لكـبح الجمـوح الإیرانـي الـذي تجـاوز الخطـوط المرسومة له بشكل كبیر، لكن التصریحات تحتاج إلى خطـوات إجرائیـة مـن وزارتـي الخزانـة والخارجیـة الأمیركیة لمكافحة ” أنصار االله (الحوثیین)” و” القاعدة”.

وأضاف: “أتوقع زیادة حدة التصعید یران بما یصل إلى تحقیق نوع من التـوازن فـي ضـبط العلاقـة”. وأوضـح شمسـان أن “المعادلـة تغیـرت بعـدما كـان أنصـار االله (الحوثیـون) والـرئیس السـابق صـالح ، یسـعون فـي السـابق لاسـتهداف السـفن بالمیـاه الإقلیمیـة، بهـدف دعـوة التـدخل الدولي للمياة الاقليمية.[20]

مــن جهــة ثانیــة جــاءت مواقــف الــیمن مــن أزمــة الخلــیج مفاجئــة للولایــات المتحــدة، فــي ظــل العلاقات الجیدة بین البلدین منذ منتصـف الثمانینـات. ورغـم تفهـم الإدارة الأمیركیـة لموقـف الـیمن غیـر المتشدد في بدایة الأزمة، فإن إصرار الیمن علـى معارضـة قـرار الحـرب ضـد العـراق كـان هـو الموقـف المكلـف للعلاقـات الیمنیـة- الأمیركیـة، حیـث فشـلت محاولـة الإدارة الأمیركیـة كسـب الـیمن إلـى جانـب التحالف الدولي، ففي إثر ذلك تلقى الیمن تهدیدا بأنه سوف یدفع الثمن غالبا مقابل موقفه من الوضع في الخليج.[21]

الفرع الثاني: الدور الروسي في الیمن:

اتسمت السیاسة الروسیة فیما یتعلق بالأزمة الیمنیـة بالحیـاد، أو الغمـوض أحیانـاً وكانـت أقـل تقاطعاً مع سیر السیاسـة الأمریكیـة وبعـض الـدول الغربیـة، المتمثـل فـي الاعتـراف بسـلطة الـرئیس عبـدربه منصور هادي، والتعامل معه كسـلطة شـرعیة مـن جهـة، والحیلولـة دون هزیمـة جماعـة أنصـار االله (الحوثیین) مـن جهـة ثانیـة، فهـي لـم تؤیـد عاصـفة الحـزم، ولـم تعلـن تأییـدها لــ أنصـار االله (الحـوثیین) كما أنها لم تعترض أو تؤيد القرار الأممي رقم (2216).[22]

تدرك القیادة الروسیة خصوصیة الملف الیمني، وبالرغم مـن تضـاؤل حجـم الفـرص أمـام حجـم التحدیات بالنسبة للدور الروسي في الیمن فإن هناك من یدفع موسـكو لاسـتغلال رتابـة الصـراع وحالـة الفراغ الدولي في المشهد الیمني.

وقــد طالــب مجلــس الشــؤون الدولیــة الروســیة (RIAC  ) فــي تقریــر لــه، حكومــة بــلاده بانتهــاز ذلـك بتغیـر جمیـع المعـالم الرئیسـیة الفرصـة لتعزیـز حضـورها السیاسـي والدبلوماسـي فـي الـیمن؛ معلـلاً للأزمـة الیمنیـة منـذ بدایـة الحـرب وحتـى الآن، ووضـع التقریـر ثلاثـة سـیناریوهات لمسـتقبل الصـراع فـي الـیمن، كلهـا تشـیر إلـى اسـتمرار وتـدهور الحالـ ة السیاسـیة والإنسـانیة مـا لـم یتـدخل طـرف خـارجي قـوي ومقبول من جمیع الأطراف في إشارة إلى روسیا.

وتتضح رغبة روسیا في الملف الیمنـي باعتبـاره منطقـة نفـوذ اسـتراتیجیة مـن خـلال تصـریحات المســؤولین الــروس، منهــا مــا قالــه نائــب مــدیر القســم الإفریقــي فــي وزارة الخارجیــة الروســیة (أو لــیج أوزیروف) فـي مـؤتمر عقـد فـي مدینـة سوتشـي الروسـیة، و حمـل عنـوان: “روسـیا فـي الشـرق الأوسـط… لاعـب فـي كـل السـاحات”، حیــث قـال أن بإمكـان روسـیا ودول الغـرب التعــاون ب شـكل فعـال فـي حــل الأزمة الیمنیة، وا في الملف الیمني.

وكان ( كيرسيل سيمنوف) الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي، أكثر وضوحاً، حين قال إن روسیا تسعى لتعزیز سمعتها في دور الوسیط في نزاعات عدة، ومـن الممكـن أن تمـارس تـأثیرا في الیمن لدفع الجانبین إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، في إطار مساعیها للحصول على قاعدة عسـكریة دائمـة فـي سـواحل البحـر الأحمـر علـى غـرار بلـدان أخـرى تملـك قواعـد عسـكریة علـى مضـیق باب المندب في الیمن.[23]

كان الرئیس الیمنـي الراحـل علـي عبـداالله صـالح یـدرك رغبـة موسـكو فـي بنـاء قاعـدة عسـكریة، لذلك دعا في ١٢ آب ٢٠١٦ ، روسیا لمحاربـة الإرهـاب، حسـب زعمـه، وقـال أنـه علـى اسـتعداد لتقـدیم كل التسهیلات في القواعد والمطارات والموانئ الیمنیة.

علــى صــعید آخــر یحــاول أنصــار االله (الحوثیــون) والإیرانیــون دفــع موســكو نحــو التــدخل فــي الیمن لإحداث توازن دولي ضاغط.

سجل في هذا الإطـار قیـام المیلیشـیا الحوثیـة بسلسـلة أنشـطة علنیـة مطالبـة بتـدخل روسـي فـي الیمن، حیث نظمت أكثر من ثلاث وقفات احتجاجیـة أمـام مقـر السـفارة الروسـیة فـي صـنعاء، جمیعهـا تنا شد موقفاً روسياً إزاء الیمن، وكان واضحاً وجود قیادات من المیلیشیا على رأس المنظمـین والـداعین للتحرك ات المشار إلیها.

الفرع الثالث: الدور البريطاني:

یعـود الوجـود البریطـاني فـي الـیمن إلـى ١٩ كـانو ن الثـاني ١٨٣٩ بعـد احتلالهـا لعـدن ، التـي عادت وغادرتها في ٣٠ تشرین الثاني ١٩٦٧ بعد ١٢٨ عاماً من الاحتلال.

عرفــت المنــاطق الجنوبیــة التقســیم العشــائري القبلــي الــذي كــان موجــودا فــي منــاطق الــیمن المختلفة، ونال هذا التقسیم أهمیـة خاصـة فـي تـاریخ الصـراع السیاسـي إبـان الاحـتلال البریطـاني الـذي حــرص علــى تكــریس تســمیة المحمیــات التســع التــي وردت فــي الوثــائق البریطانیــة علــى اعتبــار “أن مجموع السلطنات والامارات هي تسع محمیات قبلت حمایـة بریطانیـا لهـا”، الأمـر الـذي أتـاح لبریطانیـا عملیة استقطاب الزعامات القبلیة لربطها بالمندوب البریطاني في مدینة عدن لضمان تبعیة هذه القوى الاجتماعية لها.[24]

لقـد كانـت عـدن ولا تـزال محـط انظـار كثیـر مـن الـدول واولهـم بریطانیـا ، الطامعـة فـي ارسـاء قواعد لها على البحر الاحمر والخلیج العربي ، ومن ثم السیطرة على المحیط الهندي، والحصـول علـى السیطرة الاقتصادیة والسیاسیة في تلك المنطقة الاستراتیجیة الهامة.

ولم یكن الاستیلاء على عدن هو غایة ما تبغیه بریطانیا في المنطقة وانما كان هذا الاستیلاء بمثابة نقطـة للتوسـع وبدایـة الانطـلاق لتأكیـد النفـوذ البریطـاني فـي جنـوب الـیمن والبحـر الاحمـر وعلـى الساحل الشرقي الافریقي وكذلك لإبعاد أي ظل لقوى اخرى.

یعتقــد الســفیر البریطــاني ا لجدیــد لــدى الــیمن مایكــل ارون ” ان الــرأي العــام فــي الغــرب نســي اسـباب بدایـة الحـرب، بفعـل تفـاقم الازمـة الانسـانیة، ویقـول نعـم هنـاك ازمـة انسـانیة نعمـل بكـل جهـد للتخفیـف منهـا. لكـن بدایـة الحـرب كانـت بعـد انقـلاب مـن طـرف یمنـي صـغیر”، فـي اشـارة للملیشـیات الحوثیـة، مشـددا علـى عـدم وجـو د حاجـة لـدور ایرانـي فـي الـیمن وان الیمنیـین لا یریـدون ذلـك علـى حـد تعبيره.[25]

الخاتمة

ممـا لا شـك فیـه أن الجغرافیـا السیاسـیة تلعـب دوراً كبیـراً في تحديد مسارات الدول، والحديث عن مستقبل الیمن في ضوء العملیات العسكریة لا یمكن فصله عن واقع الیمن الجیوسیاسي، فإن تداعي سلطة الدولة وانهيار مؤسساتها , وصعود ميليشيات متنازعة , وتفاقم الطبيعة الجهوية للصراع وحضور مرجعية طائفية ومناطقية أيضاً , وانقسام الجماعات المتصارعة على نفسها، وميل القوى الاقليمية المتصارعة لاستخدام مكونات قبلية – دينية للاقتتال بالوكالة، وتحول الصراع إلى صراع وجودي لجميع الأطراف المعنية، يهدد بدخول اليمن في طور الفوضى والحرب الأهلية طويلة الأمد. لذلك لا بد من الوصول عاجلاً إلى تسوية سياسية وفق مبدأ تشاركي في السلطة , تمهد لإعادة بناء المجال السياسي على أسس دولتية وحداثية.

النتائج:

  1. إن ابتداء الأزمة الیمنیة وتداعیاتها كانت شیئا استثنائیا لكنها في جوهرها تشكل تسلسـلا طبیعیـا لمقدمات كانت موجودة ومعروفة.
  2. اللافــت أنــه حــین بــدأت عاصــفة الحــزم، ٢٦ آذار ٢٠١٥ ، وبعــد أســابیع مــن انطلاقهــا أعلنــت المملكة العربیة السعودیة أن العاصفة انتهت وبدأت عملیة “إعادة الأمل”، مع أن انتهاء عاصـفة الحـزم لـم ینـتج عنـه عـودة الشـرعیة إلـى الـبلاد ولا الانتصـار علـى أنصـار االله (الحـوثیین) . فكیـف تنتهـي عملیـة عسـكریة لـم تحقـق هـدفها المركـزي؟ إن هـذه الثغـرة الاسـتراتیجیة ناتجـة عـن غیـاب الرؤية السياسية المصاحبة للعمل العسكري.

التوصيات:

  1. التوصـل إلـى قناعـة بـأن حـل الأزمـة الیمنیـة لابـد أن یكـون سیاسـیاً مـن خـلال المفاوضـات بـین جمیع الأطراف الإقلیمیة المؤثرة لاسیما المملكة العربیة السعودیة وا وشراكة المجتمع الدولي.
  2. العمل على وقف الحرب لأن الاستمرار في الحرب لـه آثـار إنسـانیة كارثیـة وتـأثیرات أمنیـة ومادیـة وسیاسـیة ولـیس لـه أفـق فـي حـل الأزمـة إضـافة إلـى التـأثیرات السـلبیة علـى دول التحـالف نفسـها وخاصة السعودیة وكذلك على الأمن والسلم الدولیین.

المصادر والمراجع

أولاً: الكتب العربية:

  1. عبدالكريم غانم(2016).الوعي السياسي في المجتمع اليمني،المركز العربي للابحاث والدراسات السياسية،بيروت،ص:155.
  2. الفقیه ،عبداالله (2015).علاقات الیمن مع دول مجلس التعـاون وتطـورات مـا بعـد الانتفاضـة العربیـة، مركـز الخلـیج لسیاسـات التنمیة ، الكویت.
  3. المقطري،عدنان،نأثير العوامل السياسية في سياسة الاصلاح الاقتصادي في جمهورية اليمن، مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،ص:128.
  4. منشاوي،ابراهيم(2015). سیناریوهات مستقبلیة: الأزمة الیمنیة وتداعیاتها المحتملة.

المواقع الإلكترونية والتقارير:

  1. “تفاصيل عملية “عاصفة الحزم” بالأرقام” /www.youtube.com/watch?v=mJw.
  2. الأزمـة الیمنیـة، تاريخ المقال 13/5/2015 انظر: https://www.dw.com ، تاريخ الدخول:5/7/2021.
  3. تاریخ الصراع اليمني، انظر: elwatannews.com تاريخ الدخول 4/7/2021.
  4. تقرير ب . ك .” “عاصفة الحزم”..الدول المشاركة والداعمة وحجم القوات” , جزيرة. نت ,الدوحه ,26\3\2015 م http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2015/3/26))
  5. جيني هيل وبیتـــرســـلزبري واخـــرون(2018). الـــیمن: الفســـاد وهروب ورأس المال والاسباب العالمية للصراع ،ص4، انظر: chathamhouse.org/yemen2013
  6. السقاف،محمد(2018).الأزمة اليمنية قي ميزان العلافات الداخلية،التغيير نت، انظر: al-tagheer.com .
  7. السموني،خالد(2015). الأبعاد الإقليمية والدولية للأزمة اليمنية،انظر: https://www.hespress.com/writers/267351.htm.
  8. سيمنوف كيرسيل ، روسيا تقود وساطة كبيرة لحل الأزمة اليمنية، انظر:. http://www.hournews.net/news.php?id=81142.
  9. عبد الباقي شمسان ، محلل سياسي، /twitter.com/baqishamsan?lang=ar.
  10. العتيبي،عبدالله(2018).الأزمة اليمنية:نحو حل أكيد،تغيير نت، انظر: al-tagheer.com.
  11. العسلي،علي،الداعين لثورة الجياع، التغییــرنت،انظر: al-tagheer.com.
  12. العلــواني،مصطفى(2017). خارطــة الأزمـة الیمنیـة: جــذورها وبواعثهــا، مركز رؤيا للبحوث والدراسات،انظر: cc.
  13. مايكل ارون، موقع بلقيس، 14/اذار/2018،انظر: https://www.belqees.tv.
  14. مراوحة الصراع في اليمن واحتمالية التدخل الروسي،تاريخ الدخول 19/4/2021،انظر: fikercenter.com .
  15. مواقف أمريكا باليمن، صتعاء – الخليج اليوم أونلاين،انظر: alkhaleej.ae.
  16. المـودع،عبـدالناصـر(2015). مركـز الجزيرة للدراسات، aljazeera.net .
  17. الیاســـــــري، صـــــــافي(2015). إیــــــران أسست لاستعمار اليمن منذ ريع قرن،سودانيسيون الاخبارية،انظر: com.

[1]  الفقیه ،عبداالله (2015).علاقات الیمن مع دول مجلس التعـاون وتطـورات مـا بعـد الانتفاضـة العربیـة، مركـز الخلـیج لسیاسـات التنمیة ، الكویت.

[2]  جيني هيل وبیتـــرســـلزبري واخـــرون(2018). الـــیمن: الفســـاد وهروب ورأس المال والاسباب العالمية للصراع ،ص4، انظر: www.chathamhouse.org/yemen2013.

[3] الفقیه ،عبداالله،مرجع سبق ذكره.

[4] جيني هيل وبیتـــرســـلزبري واخـــرون، مرجع سبق ذكره،ص3.

[5]  تاریخ الصراع اليمني، انظر: www.elwatannews.com   تاريخ الدخول 4/7/2021.

[6]  الأزمـة الیمنیـة، تاريخ المقال 13/5/2015 انظر: https://www.dw.com ، تاريخ الدخول:5/7/2021.

[7]  العلــواني،مصطفى(2017). خارطــة  الأزمـة الیمنیـة: جــذورها وبواعثهــا، مركز رؤيا للبحوث والدراسات،انظر: ruyaa.cc.

[8]  العسلي،علي،الداعين لثورة الجياع، التغییــرنت،انظر: www.al-tagheer.com.

[9]  السقاف،محمد(2018).الأزمة اليمنية قي ميزان العلافات الداخلية،التغيير نت، انظر: www.al-tagheer.com .

[10]  المرجع السابق.

[11]  العتيبي،عبدالله(2018).الأزمة اليمنية:نحو حل أكيد،تغيير نت، انظر: www.al-tagheer.com.

[12]  المـودع،عبـدالناصـر(2015). مركـز الجزيرة للدراسات، www.aljazeera.net .

[13]  منشاوي،ابراهيم(2015). سیناریوهات مستقبلیة: الأزمة الیمنیة وتداعیاتها المحتملة.

[14]  المقطري،عدنان،نأثير العوامل السياسية في سياسة الاصلاح الاقتصادي في جمهورية اليمن، مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،ص:128.

[15]  السموني،خالد(2015). الأبعاد الإقليمية والدولية للأزمة اليمنية،انظر: https://www.hespress.com/writers/267351.htm.

[16]  الیاســـــــري، صـــــــافي(2015). إیــــــران أسست لاستعمار اليمن منذ ريع قرن،سودانيسيون الاخبارية،انظر: sudaneseonline.com.

[17]  تقرير ب . ك .” “عاصفة الحزم”..الدول المشاركة والداعمة وحجم القوات” , جزيرة. نت ,الدوحه ,26\3\2015 م http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2015/3/26))

[18] “تفاصيل عملية “عاصفة الحزم” بالأرقام” https://www.youtube.com/watch?v=mJTnDga1fGw)

[19]  مواقف أمريكا باليمن، صتعاء – الخليج اليوم أونلاين،انظر: www.alkhaleej.ae.

[20]  عبد الباقي شمسان ، محلل سياسي، https://twitter.com/baqishamsan?lang=ar.

[21]  المقطري عدنان،مرجع سابق،ص:128.

[22]  مراوحة الصراع في اليمن واحتمالية التدخل الروسي،تاريخ الدخول 19/4/2021،انظر:   www.fikercenter.com .

[23]  سيمنوف كيرسيل ، روسيا تقود وساطة كبيرة لحل الأزمة اليمنية، انظر:. http://www.hournews.net/news.php?id=81142

[24]  عبدالكريم غانم(2016).الوعي السياسي في المجتمع اليمني،المركز العربي للابحاث والدراسات السياسية،بيروت،ص:155.

[25]  مايكل ارون، موقع بلقيس، 14/اذار/2018،انظر: https://www.belqees.tv.

4.4/5 - (12 صوت)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى