جائحة كورونا وبناء الصين للنظام الدولي
إعداد: سارة عبدالسلام الشربيني – باحثة ماجستير في العلوم السياسية
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة :
تعتبر بعض الأحداث التاريخية في السياسة الدولية منعطفات حاسمة أو نقاط تحول تقوم بتعطيل الوضع الراهن، وتؤدي إلى حقائق جديدة بمجرد أن تهدأ تلك الأحداث. حيث تحدث الأحداث التاريخية تغييرات هائلة، فنجد مثلا أحداثا تاريخية مثل حرب الثلاثين عامًا. فقد بشرت حرب الثلاثين بنظام جديد في أوروبا قائم على مفهوم السيادة. كما نجد الحرب العالمية الثانية والتي تعد أهم نقطة تحول وأهم منعطف في تاريخ السياسة الدولية، فقد خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب العالمية الثانية باعتبارها القوة الأولى في العالم، ومعها الاتحاد السوفيتي، وشرعت الولايات المتحدة الأمريكية في صياغة نظام دولي وفقا لقواعدها، بينما قدم الاتحاد السوفيتي نظامًا بديلاً. وقد كان انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 لحظة تاريخية أخرى، أدت إلى ترسيخ الولايات المتحدة كقوة مهيمنة عالمية تترأس نظامًا دوليًا.
ويتعلق الحديث في هذه الورقة عن فيروس كورونا (COVID-19). وفي البداية تم اكتشاف COVID-19 لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر 2019. وأكدت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن هذا الفيروس بدأ ينتشر من إنسان إلى إنسان في 22 يناير 2020. وفي وقت لاحق أعلنت منظمة الصحة العالمية أن COVID-19 جائحة عالمية وذلك في 11 مارس 2020. وقد انتشر الفيروس في جميع أنحاء العالم بسبب عدم وجود تدابير وقائية واستعدادات من قبل معظم دول العالم. ولعب الاتصال بين الدول دورًا حيويًا في هذه الحالة في انتشار الفيروس. وقد ذهبت معظم البلدان المتضررة إلى إغلاق على مستوى البلاد حتى يمكن احتواء انتشار الفيروس إلى الحد الأدنى. وقد تحسنت الأوضاع تدريجيًا في الصين بسبب الدور الفعال لحكومة الصين، لكنها ساءت في معظم الأماكن الأخرى في العالم. وأصبحت أوروبا القارة الأكثر تضرراً حيث سجلت دول مثل إيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة (المملكة المتحدة) وفرنسا وألمانيا وغيرها أكبر عدد من الحالات والوفيات. وفي الوقت الحالي يكافح العالم بأسره ضد هذا الوباء العالمي.
ومما سبق يمكن القول أن جائحة Covid-19 في عام 2020 تعد أكبر أزمة صحية عالمية منذ قرن. ووصفها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. ووفقًا لصندوق النقد الدولي، تنذر الأزمة الحالية بأكبر هبوط اقتصادي منذ الكساد الكبير ومن هنا يمكن اعتبار أزمة كورونا الحالية إحدى الأحداث التاريخية التي يمكن أن تغير في النظام الدولي الحالي. ومن هنا يجادل هذا البحث بأن هذا الوباء سيكون نقطة اضطراب في النظام العالمي الحالي مقارنة بما حدث في عام 1918 بعد الحرب العالمية الأولى وفي عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية.
أولا موضوع الدراسة
تتناول الدراسة موضوع أزمة فيروس كورونا المستجد وتأثيره على الدور الدولي للصين، وعلى شكل النظالم العالمي ما بعد كورونا. وتتناول الدراسة وفقا لذلك تعامل بعض الأطراف الدولية مع الأزمة، وتأثيرها عليهم، ومن ثم تحليل دور الصين، وتأثير ذلك الدور على موقعها في النظام العالمي.
ثانيا أهمية الدراسة
تنبع الأهمية النظرية للدراسة من حداثة الموضوع التي تتناوله الدراسة، فضلا عن وجود دراسات عربية قليلة للغاية تتناول الموضوع. أما الأهمية العملية للموضوع فتنبع من كون الصين إحدى القوى الكبرى في العالم، وأيضا لأن الدراسة تتناول الجانب الجيوسياسي لتـأثيرات جائحة مستجدة على العالم.
ثالثا إشكالية الدراسة
تتناول الدراسة موضوع أزمة فيروس كورونا المستجد وتأثيره على الدور الدولي للصين، وعلى شكل النظالم العالمي ما بعد كورونا، ومن هنا تتكون إشكالية الدراسة من تساؤل رئيسي مفاده: إلى أي مدى يمكن أن يؤثر فيروس كورونا المستجد على الدور العالمي للصين، وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر ذلك على شكل النظام العالمي ما بعد كورونا؟
وتنبثق عن التساؤل الرئيسي عدة تساؤلات فرعية كما يلي:
- كيف أثر فيروس كورونا المستجد على الدور العالمي المهيمن للولايات المتحدة الأمريكية؟
- إلى أي مدى أظهرت جائحة كورونا الفاعلية الحقيقية للاتحاد الأوروبي؟
- كيف تعاملت الصين مع الأزمة؟ وماهية الدور العالمي الذي اضطلعت به الصين للاستجابة للأزمة؟
- كيف يؤثر التنافس الصيني الأمريكي إبان الأزمة على شكل النظام العالمي ما بعد كورونا؟
- ما مستقبل النام العالمي ما بعد كورونا؟ وإلى أي قوة يمكن أن تذهب الهيمنة؟
رابعا فروض الدراسة
- هناك علاقة طردية إيجابية بين سوء تعامل الولايات المتحدة الأمريكية داخليا مع الأزمة وبين دورها المهيمن كقوى عظمى.
- كلما زادت شدة الجائحة زاد ميل الدولة إلى تفعيل مبدأ المصلحة القومية.
- هناك علاقة طردية إيجابية بين قدرة الصين في التعامل مع الجائحة داخليا وبين قدرتها على الاضطلاع بدور قيادي على مستوى العالم.
- يمكن للصين أن تعيد تشكيل القيادة العالمية بشكل خاص لتصبح القوة العظمى الوحيدة في العالم.
المطلب الأول : تأثير الجائحة على الولايات المتحدة الأمريكية ودورها العالمي
أثار التفشي الحالي لوباء COVID-19 تحديًا قويًا أمام تفوق الولايات المتحدة. فنجد أن الحالة الأكثر خطورة الآن في الولايات المتحدة. كما أن هذا الوباء الحالي يضعف من مكانة الولايات المتحدة في الساحة الدولية، وذلك يرجع لما يلي:
- يظهر الوباء نقص موارد الرعاية الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية، مما يشير أيضًا إلى نقص التنسيق بين حكومات الولايات والحكومة الفيدرالية.[1]
- بعد تفشي جائحة كورونا تعرض التحالف الغربي بين أوروبا والولايات المتحدة للخطر مما أثار غضب الاتحاد الأوروبي. فعندما تطلب إيطاليا المساعدة من خلال الناتو، تظل الولايات المتحدة صامتة مما يهر بوضوح سياسة “أمريكا أولاً” لإدارة ترامب. ومن ناحية أخرى نجد روسيا ترسل مساعدات طبية ضخمة إلى إيطاليا استجابة لمكافحة الوباء. إلى جانب ذلك ترسل الصين أيضًا المساعدة اللازمة بما في ذلك فريق طبي للمساهمة في الأزمة الإيطالية. وفي النهاية قد تؤدي تلك الأحداث إلى نتائج سلبية للولايات المتحدة في حقبة ما بعد COVID-19، لا سيما في مجال الأعمال والتجارة. وفي المقابل يمكن أن تساعد كل من روسيا والصين على تسريع تعاملاتهما التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي[2].
- بسبب هذا الوباء الحالي، قد تواجه الولايات المتحدة أضرارًا اقتصادية هائلة. فنجد أن استمرار الحجر الصحي والإغلاق إلى أدى تجميد اقتصاد الولايات المتحدة، وفقد عدد كبير من الناس في الولايات المتحدة وظائفهم بسبب الاقتصاد المتعثر وإغلاق الشركات الصغيرة. كما انهار سوق الأوراق المالية وأجبرت الصناعات على الإغلاق. ونجد أن هذا الانكماش الاقتصادي يقارن أحيانًا بالكساد العظيم في الثلاثينيات. [3]
- فشلت الولايات المتحدة في الحفاظ على علاقات وثيقة مع حلفائها المقربين، ومع الدول الصغيرة، حيث يظهر COVID-19 العجز الواضح للولايات المتحدة الأمريكية في تقديم أي نوع من المساعدة إلى الدول الأخرى. وفي المقابل تمكنت الصين من تقديم الدعم للدول المتضررة من خلال إرسال فرق ومساعدات طبية. وهذا يناقض ما كان يحدث سابقا، فعادة ما كان اتجاه تقديم المساعدة والدعم يذهب من الولايات المتحدة وأوروبا إلى إفريقيا وآسيا، فنجد في الوقت الحاضر يتغير اتجاه الدعم والمساعدة الدوليين.[4]
- كما نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تخلت عن دورها كقائد للنظام الدولي في هذه الأزمة، وحتى قبل وجود الأزمة نجد أن رغبة الولايات المتحدة في القيادة بشكل أكبر في فترة ولاية دونالد ترامب قد تقلصت، وهو ما سمح للصين بملئ الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة. [5]
- في 14 أبريل 2020 ، أمر الرئيس ترامب بوقف فوري للدعم المالي المستمر لمنظمة الصحة العالمية ، بينما أمر بمراجعة لفحص دور منظمة الصحة العالمية في “سوء الإدارة والتستر على الانتشار” COVID-19 (سميث ، 2020). جاء هذا القرار في وقت أطلقت فيه منظمة الصحة العالمية نداءًا للحصول على تمويل طارئ بما يقرب من 675 مليون دولار لدعم جهود مكافحة فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم.[6]
المطلب الثاني :تأثير الجائحة على تضامن الاتحاد الأوروبي
يعتبر الاتحاد الأوروبي أكثر المنظمات السياسية والاقتصادية الإقليمية فعالية. وهي معروفة بتضامنها الديناميكي كقيمة أساسية للمنظمة نتيجة لتقارب الدول ونظام الحدود المفتوحة. ولكن يبدو أن هذا التضامن قد انهار بالكامل، حيث يظهر انتشار جائحة COVID-19 إخفاق الاتحاد الأوروبي من حيث الاستجابة لطلب المساعدة للدول الأعضاء، في حين أن الاتحاد الأوروبي هو أحد بؤر الوباء الحالي. يتصرف الاتحاد الآن على أساس مصلحة الدولة الوطنية وفقا للمدرسة الواقعية في العلاقات الدولية، حيث أغلقت معظم الدول حدودها، وهو ما يخالف الروح الأوروبية. وقد تخلت الدول الأوروبية عن السياسة النيوليبرالية وسط الوباء. لا توجد دولة تحصل على أي مساعدة من الاتحاد حتى إيطاليا العضو النشط في الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من التكتل الأوروبي لم تتقدم أي دولة شريكة لتقديم الدعم لإيطاليا. ومن هنا لم يتم اتخاذ أية تدابير جماعية حتى الآن لمحاربة COVID-19. ومن هنا يثير عدم النشاط من قبل المنظمة الإقليمية الأكثر نشاطًا في العالم والسياسة الداخلية من قبل معظم الدول الأوروبية سؤالًا حول الفعالية الحقيقية للاتحاد الأوروبي خلال حالات الطوارئ [7]
وقد عانى الاتحاد الأوروبي من أزمة عدم اتخاذ أي إجراء، وهو ما سمح بردود فعل فردية وغير منسقة في كثير من الأحيان من كل دولة عضو، وهو دليل على الافتقار إلى الاتحاد والتماسك الداخلي. ولطالما نجد أن الاتحاد الأوروبي قد حافظ على سمعته بأنه منظمة للتعاون اللامحدود، ولكن كشف COVID-19 عن افتقاره إلى التماسك عندما لم تستجب أي من الدول الأعضاء لنداء إيطاليا بحثًا عن إمدادات من المعدات الطبية. فضلا عن عدم قدرة الاتحاد الأوربي على منع كل ألمانيا وفرنسا من فرض قيود على تصدير المعدات الطبية الوقائية مما أثار استياء إيطاليا. وفي المقابل جاءت المساعدات إلى إيطاليا من جانب الصين وكوبا وروسيا، مما زاد من خيبة الأمل في النظام الحالي وفي الاتحاد الأوربي. [8]
المطلب الثالث :أثر الجائحة على الصين ودورها العالمي
صحيح أن فيروس Covid-19 نشأ في الصين، كما أن الصين أخطأت بشكل كبير في التعامل مع الفيروس في البداية، إلا أن الصين تعد النموذج الأنجح حاليا في التعامل مع الأزمة، وقد فعلت ذلك بفعالية ملحوظة. فنجد عمليات الإغلاق قد تم تنفيذها بصرامة، وتم اتباع إجراءات قياسية قوية للاختبار والتعقب والعلاج. و بحلول أوائل مايو 2020، أبلغت الصين عن 82.877 إصابة و 4633 حالة وفاة. بالطبع هذا ليس رقمًا ضئيلًا، ولكنه أقل من الرقم في البرازيل، وأقل بكثير من الأرقام التي أبلغت عنها العديد من الدول الأوروبية. وبمجرد أن نجحت الصين بشكل كبير في التعامل مع الوباء بدأت على الفور في نشر ما يسمى بـ “دبلوماسية القناع”، حيث قدمت المعدات الطبية وأجهزة الاختبار إلى البلدان في جميع أنحاء العالم.[9]
ونجد أن للصين جهودا ملحوظة لاستخدام جائحة COVID-19 كنقطة انطلاق لتكوين صداقات أعمق للمساعدة في تعزيز رؤاها وتأثيرها المحتمل على نظام دولي جديد. وتقدم أوروبا دراسة حالة مثيرة للاهتمام لتقييم ما إذا كان ظهور جائحة COVID-19 قد أتاح للصين فرصة للتأثير في النظام الدولي، فقد تجاوزت أوروبا آسيا بسرعة من حيث إجمالي حالات الإصابة والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا. وعلى عكس الصين، كانت الحكومات هناك أقل فاعلية بكثير في وقف انتشار الفيروس. وقد خلق الافتقار الملحوظ للتضامن الذي أظهره الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في إيطاليا فراغًا تدخل الصينيون فيه. ففي 13 مارس 2020، بدأت الصين بإرسال تسعة خبراء لإيطاليا لتقديم المشورة. رافق ذلك تقديم الصليب الأحمر الصيني 31 طنًا من المعدات الطبية، بما في ذلك المعدات عالية التقنية مثل أجهزة التنفس وأجهزة تخطيط القلب وأجهزة التنفس الصناعي. وفي 17 مارس صرح الرئيس الصيني شي جين بينج أن الصين ستواصل إرسال المزيد من الخبراء الطبيين إلى إيطاليا للمساعدة في تفاقم الظروف هناك.[10]
ومن هنا بدأت الصين مرحلة جديدة من تكوين الصداقات ذات المغزى مع دول ذات تأثير بارز في الأجندة الدولية. فقد كانت إحدى العقبات التي واجهت الصين منذ صعودها هي عدم قدرتها على تكوين صداقات ذات مغزى مع البلدان الأخرى، وخاصة تلك القوية، وذلك على غرار الولايات المتحدة الأمريكية. ولطالما كانت الصداقة حاسمة في بناء النظام الدولي منذ وقت معاهدة وستفاليا، والتخلي عن القانون الكنسي والسلطة البابوية، فقد أصبحت” الصداقة “واحدة من بعض المفاهيم التي توسطت في ظهور النظام السياسي الحديث، فقد لعبت الصداقات دورًا مهمًا بشكل لا يصدق في صعود وسقوط الأنظمة المختلفة منذ ذلك الحين.[11]
وإذا نظرنا إلى وضع الصين في النظام الدولي قبل الجائحة نجدها نجحت في تكييف نفسها مع النظام الدولي القائم واستفادت منه بالكامل. حتى عندما وصلت الصين إلى موقعها كلاعب حاسم، فقد احترمت الصين الآليات التقليدية واستكملتها بآليات جديدة تتبع نفس النموذج أو نموذج مشابه لما يحدث في النظام الدولي. فلم يتغير الكثير في النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية منذ أن احتلت الصين مقعدها الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ عام 1971. فقد طبقت الصين قواعد اللعبة ورجعتها لصالحها. وتم تمويل سياسة البحث والتطوير والابتكار الناجحة في بكين من خلال مبادرات البحث المحلية والاستثمارات الصينية في مشاريع البحث الأجنبية. ونتج عن ذلك انتقال الصين من موقع “مصنع العالم” إلى موقع “مختبر العالم” ، بناءً على العلوم والتكنولوجيا. قامت الصين أيضًا بنقل صناعات العمالة المكثفة إلى دول نامية أخرى، وفي الوقت نفسه، عززت صناعاتها عالية التقنية. لقد حدث هذا التغيير في العقد الماضي تقريبًا، وتسبب في توترات مع الدول المنافسة.[12]
وأثناء صعود الصين نجد أنها سارت ببطء حتى لا تواجه أي دولة، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن بعد تولي شي جين بينج القيادة طرحت الصين مبادرة مبادرة الحزام والطريق للتأثير على النظام الاقتصادي، وأصبحت مبادرة الحزام والطريق الأداة المركزية للسياسة الخارجية الصينية، التي ستعزز الترابط والتعاون بين الصين وأوراسيا. فبدأت الصين في تقديم القروض والاستثمار في تطوير البنية التحتية للدول الموقعة على مبادرة الحزام والطريق. وقد ساعدت جائحة COVID-19 الحالية الصين بشكل أكبر حتى الآن على تسريع رغبتها في خلق تأثير صيني كبير، فقد بدأت الصين في تقديم الإمدادات الطبية في جميع أنحاء العالم لمكافحة الوباء بشكل جماعي. وصل مجال نفوذ الصين إلى معظم البلدان. من آسيا إلى أفريقيا، ومن أوروبا إلى أمريكا.[13] ومع ذلك، فإن الاستجابة السريعة – وهي سمة أساسية لقيادة السياسة الدولية – للصين في جميع أنحاء العالم لمكافحة جائحة COVID-19 هي كما يلي:
- في أوروبا خاصة في الجزء الغربي من الاتحاد الأوروبي تسعى الصين إلى بسط نفوذها، فوقعت إيطاليا، وهي أول دولة في مجموعة الدول السبع الكبرى مذكرة تفاهم مع الصين للمشاركة في مبادرة الحزام والطريق، على الرغم من انتقادها من قبل الحلفاء المحليين والغربيين. لكن هذه المبادرة أثبتت صحتها خاصة عندما تقدمت الصين لتقديم المساعدة لإيطاليا لمكافحة الوباء بعد فشل إيطاليا في الحصول على المساعدة من الاتحاد الأوروبي. كما اعتمدت دول أوروبا الغربية الأخرى مثل إسبانيا وفرنسا وألمانيا أيضًا على الصين للحصول على المساعدة الطبية الكافية. على سبيل المثال، أرسلت الصين الإمدادات الطبية التي تشتد الحاجة إليها إلى فرنسا وإسبانيا. ومن ناحية أخرى في أوروبا الشرقية أرسلت الصين مساعدة طبية هائلة إلى صربيا. إلى جانب ذلك اقترحت الصين تعزيز التعاون في مجال الصحة العامة خلال مؤتمر بالفيديو مع 17 دولة من وسط وشرق أوروبا. كما نجد أن الصين قبل أزمة COVID-19 عرضت 10 مليارات دولار أمريكي كقرض ميسر للاستثمار في دول وسط وشرق أوروبا. على الرغم من أن دول أوروبا الشرقية الأخرى تحافظ على علاقات استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي وروسيا، فقد اقتربت بعض دول وسط وشرق أوروبا من الصين، وهو ما يعتبر نجاحًا كبيرًا للسياسة الخارجية الصينية.[14]
- في إفريقيا وسط الوباء الحالي لـ COVID-19 تتمتع الصين بتماسك جيد مع البلدان النامية الأفريقية. وتستثمر الصين بشكل جيد في أفريقيا في مجالي الصحة وفي البنية التحتية. وفي الشرق الأوسط أرسلت الصين فريقًا طبيًا مكونًا من سبعة متخصصين إلى بغداد في العراق وإيران أيضًا.[15]
- وفي جنوب شرق آسيا أظهرت الصين تضامنها من خلال إرسال فريق طبي والمعدات اللازمة بما في ذلك مجموعات الاختبار وأقنعة الوجه ومعدات الحماية الشخصية إلى الفلبين وإندونيسيا وتايلاند وكمبوديا ولاوس وميانمار وماليزيا حتى الآن لمكافحة الوباء. إلى جانب ذلك في اليابان تبرعت الصين بأدوات اختبار فيروس كورونا إلى المعهد الوطني الياباني للأمراض المعدية. ومن ناحية أخرى في جنوب آسيا مدت الصين يدها الودية إلى باكستان وسريلانكا وبنجلاديش من خلال تقديم المساعدة الطبية الأساسية.[16]
- وإلى جانب المناطق المذكورة أعلاه أعلنت الصين أيضًا مساعدة الولايات المتحدة من خلال تبادل خبراتها في التخلص من هذا المرض. فوفقا للأرقام الصينية قدمت بكين ما يقرب من 4 مليارات قناع إلى الولايات المت كمساعدة لمحاربة الفيروس.[17]
- بعد قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتجميد التمويل المقدم إلى منظمة الصحة العالمية أعلنت بكين عن دعم طارئ بقيمة 30 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية لدعم أنشطتها الخاصة بالإغاثة من الوباء. كان هذا هو الدعم المالي الصيني الثاني لمنظمة الصحة العالمية في غضون شهرين ، حيث كان الالتزام الأول 20 مليون دولار. ويشير ذلك إلى أنه بينما كانت واشنطن تتراجع عن دعم المنظمات الدولية ، فإن بكين تكثف دورها في سعيها لتوسيع نفوذها الدولي.[18]
فضلا عما سبق نجد الصين قد تمتعت بميزة نسبية عن بقية الدول، فنظرًا لأن تفشي COVID-19 حدث لأول مرة في الصين خلال الفترة من يناير إلى مارس 2020. فعندما بدأ باقي العالم في التعامل مع تحدي فيروس كورونا، كانت الصين قد هزمته بالفعل. وعليه فمع إغلاق باقي الاقتصاد العالمي انفتح الاقتصاد الصيني والإنتاج الصناعي، حيث ظهر الطلب العالمي على الأقنعة والمعدات الطبية ومجموعات الاختبار ومعدات الحماية الشخصية لمتخصصي الرعاية الصحية وأجهزة التنفس الصناعي لتعزيز نظام الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم. وخلال شهر مارس تسارعت المشتريات التجارية للإمدادات الطبية من الصين، فوفقًا للأرقام الصادرة عن China Custom في الفترة من 1 مارس حتى 4 أبريل صدرت الصين ما يقرب من 4 مليارات قناع ، و 37.5 مليون بدلة واقية، و 2.8 مليون مجموعة اختبار، و16000 جهاز تهوية. وقدرت قيمة هذه الإمدادات بـ 1.4 مليار دولار. وفي هذا الوقت لجأ العالم إلى الصين للحصول على المساعدة. وقد أعلنت الحكومة الصينية أنها ستقدم المساعدة الطبية الطارئة لأكثر من 80 دولة، ومنظمة الصحة العالمية ، والاتحاد الأفريقي. وعرضت الصين أيضًا التعاون في تبادل التكنولوجيا الصحية وخبرتها الطبية في التعامل مع الوباء.[19]
المطلب الرابع : مستقبل الهيمنة العالمية ودور الصين
يتضح مما سبق أن الصين اضطلعت بدور قيادي عالمي واسع خلال الأزمة، وهو ما يجعلها منافسة قوية للولايات المتحدة، وما يمكنها من تدعيم دورها في النظام الدولي، وهو مايتضح فيما يلي.
أولا المنافسة الأمريكية الصينية و COVID-19
نجد أنه في الوقت الذي يتصارع فيه المجتمع الدولي والاقتصاد العالمي مع COVID-19، تعمل الولايات المتحدة بشكل متزايد على تصعيد التوتر في الصين. وعندما ظهر فيروس كورونا في الصين ، تحرك الرئيس ترامب بسرعة لفرض قيود على السفر في 31 يناير 2020، وقام بمنع دخول جميع الأجانب الذين زاروا الصين خلال الأيام الـ 14 يوم السابقة على ذلك التاريخ. وعندما زاد عدد حالات الإصابة والوفيات في الولايات المتحدة، ألقت الإدارة الحالية بقيادة دونالد ترامب باللوم على الصين لعدم شفافيتها بشأن الفيروس في المراحل الأولى من اندلاعه. كما ذهب الرئيس ترامب إلى أبعد من ذلك ووصف الفيروس بأنه “الفيروس الصيني”. ولم تتوقف إدارته عند هذا الحد، بل أعلنت نظرية مفادها أن COVID-19 له أصوله في معهد علم الفيروسات ومقره في ووهان. وبحلول نهاية أبريل كانت الحكومة الأمريكية تعد مقترحات للمطالبة بتعويضات من الصين عن الأضرار الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.[20]
وقد دافعت بكين عن صورتها أمام تلك الادعاءات، فقد نفت ارتكاب أي مخالفات في التعامل الأولي مع الوباء. وفي البداية اتفق الدبلوماسيون الصينيون مع الادعاءات القائلة بأن فيروس كورونا تم إنشاؤه وزرعه في الصين من قبل الولايات المتحدة. وبعدها لجأ الدبلوماسيون الصينيون في مختلف الدول الأوروبية والآسيوية إلى تويتر لانتقاد إدارة ترامب وإخفاقاتها في التعامل مع الوباء. كما أوضح السفير الصيني لدى الولايات المتحدة أن الصين كانت تشارك المعلومات المتعلقة بـ COVID-19 من أقرب وقت ممكن ، وأن الوكالات ذات الصلة في الدولتين التي تتعلقان بمكافحة الأمراض كانت على اتصال وثيق منذ 4 يناير[21].
ونجد أنه مع صعود الصين والدول الآسيوية الأخرى حدث تغيير في السنوات القليلة الماضية. وأن الصين تتحدى المصالح العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة، وقد بدأت بكين بالتحدي أولاً على المستوى الإقليمي، ثم على المستوى العالمي لاحقًا. وقد جاء ذلك في الوقت الذي أطلقت فيه إدارة ترامب سياسة أمريكا أولا. ومن هنا تركت إدارة ترامب فراغًا ومهدت الطريق أمام الصين لملئه. وهذا واضح في الوباء الحالي، حيث تصدرت الصين زمام المبادرة. وتحاول واشنطن أن تلعب دور اللحاق بالركب الآن. وهذا يعكس عالماً مليئاً بالفوضى بشكل متزايد.[22]
ثانيا مستقبل الدور الصيني
لقد تغيرت القيادة المهيمنة للولايات المتحدة وأصبحت مجزأة من قبل تفشي الوباء الحالي، حيث لم تعد تحتفظ بنفس الموقف الذي كانت عليه في حقبة ما بعد الحرب الباردة وبعد تفكيك الاتحاد السوفيتي. ويرجع ذلك إلى صعود الهيمنة الاقتصادية والسياسية الصينية وغيرها من دول البريكس، إلى جانب تحديات ما بعد 11 سبتمبر التي أفقدت أمريكا توازنها الاستراتيجي والاقتصادي، واندفعت وراء حرب طويلة باهظة التكاليف في أفغانستان والعراق. وبينما انشغلت القوة العظمى تفرغت الصين وروسيا لاستعادة عافيتهما الاقتصادية ونفوذهما الدولي. ثم جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، فضربت أسواق الولايات المتحدة ثم أوروبا وبقية العالم، واستمرت الأزمة تعيد تشكل الاقتصاد العالمي، وانتهت إلى تراجع تدريجي للنفوذ الأمريكي، وصعود الصين كمنافس سريع النمو، وصولاً إلى حرب باردة جديدة، لكنها هذه المرة اقتصادية، فاندفعت إدارة ترامب بخطوات غير مسبوقة لفرض رسوم جمركية على البضائع الصينية، وتشجيع الشركات على بناء خطوط تصنيعها في الولايات المتحدة، وشن حظر على شركات صينية تقنية.[23]
ويمكن القول فيما يخص الصين والمكانة التي من المنتظر أن تتبوأها في النظام العالمي ما بعد كورونا، أن الصين لديها كافة المعطيات التي تؤهلها لتولي دور قيادي عالمي، فنجد أنها انتقلت من كونها المركز العالمي للوباء للترويج لها بشأن النجاح في التغلب عليه. فضلا على أنها تقود تقود الاستجابة الدولية كقوة عالمية عظمى في مواجهة الوباء. ويعتبر موقفها الحالي في تناقض صارخ مع موقف الولايات المتحدة، التي أصبحت بؤرة الوباء. فضلا عن هذا فقد جعلت دول مثل كوريا الجنوبية واليابان وتايوان وسنغافورة الوباء تحت قدر من السيطرة. ومن ثم يمكن القول أن هذه المنطقة من العالم ستعود إلى العمل في وقت أقرب من أوروبا والولايات المتحدة.[24]
وفي المقابل لم تعد الولايات المتحدة القوة العظمى المهيمنة التي اعتادت أن تكون على أي حال، وقد زاد أداؤها السيئ في الاستجابة للوباء من ضعف مكانتها الدولية. علاوة على ذلك، فإن رغبة الصين في قيادة النظام العالمي ترى الآن الضوء بسبب انتشار جائحة COVID-19 الحالية. فمن المتوقع أن العالم سيصارع بسبب جائحة COVID-19 لسنوات قادمة. إذا تمكنت الصين من تقديم المزيد من الدعم إلى البلدان النامية فسوف تخلق إمكانية لتغيير النظام العالمي وبشكل أكثر دقة، سيخلق COVID-19 مسارًا للصين للوجود كقوة عظمى في النظام العالمي ما بعدCOVID-19 .[25]
ومما يزيد من تنامي قدرات الصين أنه من المحتمل أن يتجه حلفاء الولايات المتحدة الإقليميون أكثر نحو الصين وهم يحاولون إعادة تشغيل اقتصاداتهم. كما يمنح الوباء الصين حاليًا فرصة للقوة الناعمة لتظهر نفسها باعتباره الفاعل العالمي الأكثر مسؤولية وشرعية داخل آسيا وحول العالم. أما بالنسبة للولايات المتحدة فهي إذا لم تظهر اهتمامًا والتزامًا بالقيادة من خلال القدوة والتواصل، فإن الاحتمالات هي أن الصين ستكسب على حساب الولايات المتحدة داخل شرق آسيا وأماكن أخرى في عام 2020. ومن هنا فمن المؤكد أن الأزمة الحالية ستغير هياكل القوى العالمية، ومن المنتظر أن تحظى الصين بمكانة أكبر.[26]
خاتمة:
سعت الورقة إلى الوصول إلى الإجابة عن تساؤل رئيسين وهو إلى أي مدى يمكن أن تؤدي جائحة فيروس كوفيد-19 الحالية إلى صعود الصين إلى مكان أكبر في النظام الدولي، وإلى أي مدى يمكن أن تصل الصين إلى دور القوى العظمى المهيمنة بدلا من الولايات المتحدة الأمريكية؟ وفي سبيل الإجابة على ذلك تناولت الورقة لتحليل أثر الجائحة على كل من القوى الكبرى على نحو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، تحديدا أثرها على أدوارهما الدولية. ومن ثم تطرقت الورقة لتحليل الدور الدولي الذي اضطلعت به الصين منذ ظهور الفيروس. ومن هنا توصلت الدراسة إلى عدة نتائج وسيناريوهات محتملة يمكن أن يصل إليها شكل النظام الدولي ما بعد كورونا.
أولا النتائج
- يثير الوباء تحديًا قويًا أمام تفوق الولايات المتحدة. كما أن هذا الوباء الحالي يضعف من مكانة الولايات المتحدة في الساحة الدولية.
- بعد تفشي جائحة كورونا تعرض التحالف الغربي بين أوروبا والولايات المتحدة للخطر مما أثار غضب الاتحاد الأوروبي.
- عدم فاعلية الاتحاد الأوربي بشكل حقيقي في حالات الطوارئ.
- تمتعت الصين بميزة نسبية عن بقية الدول، فنظرًا لأن تفشي COVID-19 حدث لأول مرة في الصين خلال الفترة من يناير إلى مارس 2020. فعندما بدأ باقي العالم في التعامل مع تحدي فيروس كورونا، كانت الصين قد هزمته بالفعل. وعليه فمع إغلاق باقي الاقتصاد العالمي انفتح الاقتصاد الصيني والإنتاج الصناعي.
- استطاعت الصين أن تضطلع بدور القائد العالمي، وتقوم بقيادة العالم في الاستجابة للأزمة.
ثانيا السيناريوهات المستقبلية
- السيناريو الأول نظام عالمي متعدد الأقطاب
من المرجح أن يكون عالم ما بعد الوباء عالمًا فوضويًا متعدد الأقطاب. فمن المحتمل جدًا أن تكون التعددية القطبية هي الوضع الجيوسياسي الجديد، مما يؤدي إلى توازن جديد للقوى. في هذا السياق الجديد. تتعايش قوى عديدة وتتنافس. وستكون السيادة الوطنية حجر الزاوية في الإطار الجديد. ووفقا للمعطيات الحالية نجد الصين تظهر صورتها كفائزة في حرب COVID- 19، وتقوم بقيادة العالم لأول مرة في تلك الأزمة.
ومن المعروف أن الأزمات تسرع التاريخ، ويمكن أن تسرع الأزمة الحالية من الاتجاهات التي بدأت في العقدين الماضيين، والتي تشير إلى أن المحور الجغرافي الاقتصادي للعالم يتحرك بعيدًا عن شمال الأطلسي باتجاه منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ومن الشمال باتجاه الجنوب العالمي. وهذا يشمل ما أطلق عليه البنك الدولي “تحول الثروة” نحو الاقتصادات الناشئة. فصعود الصين والهند، وظهور دول البريكس، وظهور يتجسد في المؤسسات المالية الدولية المنشأة حديثًا مثل البنك الآسيوي للاستثمار والبنية التحتية وبنك التنمية الجديد، كلها تشير إلى اتجاه نقلة دولية كبرى نحو نظام متعدد الأقطاب.
- سيناريو نظام القطبية الثنائية
يمكن القول أننا في فترة انتقالية بدأت في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. ينتقل العالم خلالها من القطبية الأحادية إلى القطبية الثنائية. حيث سيوجد قطبان عظيمان يتنافسان مع بعضهما البعض هما: قطب عبر الأطلسي الديمقراطي، المكون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والقطب الأوراسي الاستبدادي، المكون من الصين وروسيا، بدعم من الشراكة الأوروبية الآسيوية التي يتزايد تأثيرها أكثر من أي وقت مضى.
- نظام دولي ذو قطبية مرنة
يمكن أن يقود النظام الدولي القادم قطبان رئيسان هما: الصين والولايات المتحدة، ولكنه سيكون مرنا، على عكس القطبية التي رأيناها في الحرب الباردة، حيث سوف تستغل أطراف أخرى، مثل روسيا والاتحاد الأوروبي هذه القطبية لتعزيز دورها، فانشغال الصين وأمريكا في تنافس اقتصادي وتراشق إعلامي سيكون مفيداً للاعبين آخرين، ويمكن أيضا أن يستفيد من ذلك لاعبون إقليميون في الشرق الأوسط مثل تركيا وإيران، حيث أن كل تصدع في الجدار الدولي مفيد للاعبين أقل نفوذاً.
وترجح الباحثة السيناريو الثالث الخاص بالنظام الدولي ذو القطبية المرنة، وذلك نظرا لأنه لا توجد دولة إلى الآن تستطيع أن تصبح قطبا ينافس الولايات المتحدة الأمريكية في هيمنتها سوى الصين نظرا لاقتصادها الكبير، وتقدمها التقني، كما أن أزمة الفيروس قد أثبتت قدرة الصين على الاضطلاع بدور قيادي على المستوى الدولي. وفي المقابل ستظل الولايات المتحدة في عالم ما بعد كورونا قطبا راسخا في النظام العالمي، فهي لن تنهار أو تتحول إلى دولة هامشية، فلا تزال قادرة على الاحتفاظ بموقع الصدارة العالمية، إلا أن الأزمة الاقتصادية الحالية ستضفي مزيداً من الشك حول قدرة أمريكا على التعافي السريع، فضلاً عن التفرد بقيادة العالم، ولذلك فالمجال متاح أكثر من أي وقت مضى لعالم ثنائي القطبية، ولكنها قطبية تختلف عن نظام الحرب الباردة. ومن جهة أخرى أيضا ستكون هناك قوى ذات مكانة دولية قوية، ولكن مكانتها لا ترتقي إلى قطب في النظام العالمي.
قائمة المراجع
- Books
- Gardini, Gian Luca (editor), the world before and after Covid-19(Nice: European institute of international studies, 2020).
- Articles
- Saifullah Akon& Mahfujur Rahman, “Reshaping the Global Order in the Post COVID-19 Era: A Critical Analysis”, Chinese Journal of International Review (Singapore: World Scientific, Vol 1, Issue 2, 25 July 2020).
- Manoj Kr. Bhusal, “The World after COVID-19: An Opportunity for a New Beginning”, International Journal of Scientific and Research Publications (New Delhi: International Journal of Scientific and Research Publications, Volume 10, Issue 5, May 2020).
- Nicholas Ross Smith& tracey fallon, “An Epochal Moment? The COVID-19 Pandemic and China’s International Order Building”, World Affairs(New York: Sage Journals, Vol 183, Issue 3)
- Reports
- Mat Burrows& Peter Engelke, What World Post-COVID-19? (Washington: The Scowcroft Center for Strategy and Security, 2020).
[1] Andraes Falky, Gian Luca Gardini (editor), “The Covid-19 Crisis and The United States”, the world before and after Covid-19(Nice: European institute of international studies, 2020) P. 81.
[2] Idem.
[3] Md. Saifullah Akon& Mahfujur Rahman, “Reshaping the Global Order in the Post COVID-19
Era: A Critical Analysis”, Chinese Journal of International Review (Singapore: World Scientific, Vol 1, Issue 2, 25 July 2020) P. 8.
[4] Ibid, P. 9.
[5] Idem.
[6] Idem.
[7] Juses R. Argumosa Pila, Gian Luca Gardini (editor), “Covid-19, geopolitics and the new balance of power”, the world before and after Covid-19(Nice: European institute of international studies, 2020) P. 37.
[8] Ibid, p. 38.
[9] Manoj Kr. Bhusal, “The World after COVID-19: An Opportunity for a New Beginning”, International Journal of Scientific and Research Publications (New Delhi: International Journal of Scientific and Research Publications, Volume 10, Issue 5, May 2020) P. 738.
[10] Catia Mariam Costa, Gian Luca Gardini (editor), “Covid-19, geopolitics and the new balance of power”, the world before and after Covid-19(Nice: European institute of international studies, 2020) P. 85.
[11] Nicholas Ross Smith& tracey fallon, “An Epochal Moment? The COVID-19 Pandemic and China’s International Order Building”, World Affairs (New York: Sage Journals, Vol 183, Issue 3) P. 238.
[12] Ibid, P. 245.
[13] Ibid, P. 246.
[14] Md. Saifullah Akon& Mahfujur Rahman, Op.Cit, P. 5.
[15] Idem.
[16] Ibid, P. 6.
[17] Idem.
[18] Shabana Fayyaz, &Salma Malik, Op.Cit, PP.76-77.
[19] Mat Burrows& Peter Engelke, What World Post-COVID-19? (Washington: The Scowcroft Center for Strategy and
Security, 2020) P. 5.
[20] Shabana Fayyaz, Op.Cit, P.75.
[21] Idem.
[22] Idem.
[23] Ibid, P. 78.
[24] Ibid, P. 79.
[25] Nicholas Ross Smith& tracey fallon, Op.Cit, P. 249.
[26] Juses R. Argumosa Pila, Op.Cit, P. 38.