أثر تهديدات القرصنة البحرية على غربي المحيط الهندي وخليج عدن للأمن القومي العربي (2008-2022)
اعداد : مصطفى أيمن سعد حسن – د. محمد نور – كلية اقتصاد وعلوم سياسية – جامعة بني سويف
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة:-
تتعرض الدول العربية للعديد من المخاطر الداخلية والخارجية التي تُهدد أمنها بكافة أشكالها، ويرجع ذلك إلى موقعها الجغرافي المتميز، الذي يربط بين قارات العالم الثلاث (اَسيا/ أفريقيا/ أوروبا)، وتأثيرها الحضاري والسياسي في شعوب هذه القارات، وكذلك الثروات الهائلة التي تملكها، كل ذلك جعل من هذه المنطقة الكتلة الاستراتيجية الحيوية التي يمكن أن تكون ذات ثقل في السياسيتين العالمية والإقليمية.
حيث يمر العالم ومنطقة الشرق الأوسط خاصةً بإضطرابات تتسم بالتعقيد والتشابك والغموض؛ بسبب عدة عوامل يأتي في مقدماتها تداعيات الحرب على الإرهاب وما نتجت عنه (الربيع العربي)، وتنامي ظاهرة التدخُلات الأجنبية والقوى الإقليمية وتصفية حساباتها على حساب الأمن الإقليمي، كما أن يجد بعض الخبراء أن هناك مجموعة من التحديات التي تواجه الأمن القومي، أبرزها: تحدي التجزئة وماجهة التبيعية واستكمال الاستقلال الوطني وتحدي بناء النظام السياسي، وتحدي الحداثة والحفاظ على الهوية الثقافية الحضارية أمام هذه المخاطر التي يواجهها الدول العربية.
وتؤكد التطورات التي تشهدها المنطقة ضرورة البحث عن مقاربة جديدة للأمن القومي العربي تُعيد تعريف الأخطار الظاهرة الكامنة وتحدد مصادرها الداخلية والخارجية، وتُرتكز في بُعدها العسكري على إستراتيجية ردع، وفي بُعدها السياسي على دبلوماسية وقائية ناشطة تؤكد حضور الدول العربية في الإطارين الإقليمي والدولي.
كما إن الأمن القومي العربي يواجه مجموعة من التحديات الداخلية، أهمها:(غياب الاستقرار السياسي، وجود مخاطر في مجال الأمن الغذائي، المشاكل المائية، وضعف القدرات العسكرية والتعاون العسكري للدول العربية، ومجموعة من التهديدات الخارجية، أهمها:( القيود التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية وتهديداتها، وتراجع إمكانية النظام العربي في النسق الدولي لصالح إسرائيل، والعولمة وتهديد الأمن الثقافي العربي[1].
كما أن يُمثل أمن البحر الأحمر أهمية عربية وإفريقية، فقد كان غلق باب المندب(المدخل الجنوبي للبحر الأحمر) 1973م، أحد المعطيات المؤثرة في صناعة نصر أكتوبر للمصريين في حربهم ضد الصهاينة، وهو الدرس الذي لم ينسه اليهود، حيث أن منذ ذلك اللحظة يسعون لتعظيم قدراتهم في التأثير على المحددات الحاكمة لأمن البحر الأحمر[2].
كما أن أحداث سبتمبر 2001م جعلت اختلافاً حاداً في الإهتمام الدولي بالإرهاب والأنشطة الإجرامية، وكانت أفريقيا هى ساحة المنظمات الإرهابية والنزاعات الأهلية، كما أن عانت الصومال من وضع سياسي معقد؛ بسبب تداخل الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية، ففي الوضع الداخلي هناك العديد من القوى السياسية المتصارعة، حيث وصل الخلاف بينها إلى حد الاشتباكات المسلحة، بينما القوى الإقليمية في الصومال هي إثيوبيا ومصر والسعودية وبوروندي واليمن وإريتريا وكينيا، أما القوى الدولية هى الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية[3].
ولذلك ستتناول الدراسة مُهدد أمني على الأمن القومي العربي غير تقليدي ألا وهو(القرصنة البحرية) وما يتفرع منه من تهديدات غير تقليدية، حيث أن تتركز الخطابات المعاصرة بشأن الأمن البحري على التهديدات والتحديات التي تواجه المجتمع الدولي، لذا استحوذ القرصنة البحرية والإرهاب على الاهتمام الأكبر، حيث ظهرت هاتان القضيتان على تصريحات القيادة السياسية، حيث خليج عدن في الاَونة الأخيرة، ارتفاعاً في حوادث القرصنة؛ وهوما يُشكل تهديداً للتجارة البحرية التي تمر عبر المنطقة[4].
الحدود الزمنية والمكانية للدراسة:-
- الحدود المكانية:- حيث يمتد النطاق المكاني من البحر الأحمر شمالاً حتى السواحل الصومالية، ومن بحر العرب شمالاً حتى خليج عدن ومضيق باب المندب غرباً.
- الحدود الزمنية:- تكون بدايتها من (2008م) حيث تصاعد خطر القرصنة في الملاحة البحرية بشكل كبير، وذلك من خطر السفن قِبالة السواحل الصومالية وخليج عدن والمحيط الهندي، وقد ساعد ذلك حالة الإضطرابات الأمنية والسياسية في الصومال، كما أن في نفس العام أقامت جامعة الدول العربية اجتماع بشأن الأزمة ولكن لم تُتخذ فيه أية تتدابير، وستوضح الدراسة ذلك من خلال تناول الفصول والمباحث، حتي(2022م) حيث أن مجلس جامعة الدول العربية أعلن عن إنشائه بالرياض (2020م) محاولة أمنية إقليمية جديدة؛ لخلق تحالف أمني غير تقليدي، حيث لم يتجاوز سنتين من صيغته النظرية، حيث نفذ تمرين مثل (الموج الأحمر) في نهاية مايو (2022م).
أهمية الدراسة البحثية:-
إن تنبع أهمية هذه الدراسة من خلال أهمية البحر الأحمر والموقع البحري الإستراتيجي لدول الخليج العربي(كاليمن والسعودية)، وأيضاً من خلال الموقع الإستراتيجي المهم لدول الخليج العربي( كعمان والإمارات والبحرين والكويت وكل الدول التي تقع على الخليج العربي، كما تتضح أهمية بعض الدول العربية كاليمن وجيبوتي والسعودية ومصر والصومال لوقعهم على ممرات بحرية مهمة، وتأثير ذلك الموقع على الأمن القومي العربي، حيث تكمن أهمية الدراسة أيضاً في كونها تسعى إلى تقديم إطار تحليلي لظاهرة القرصنة البحرية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، وتوضيح خطورة القرصنة تأثيرها على عمليات التجارة في الدول العربية.
أهداف الدراسة البحثية:-
- تحليل القرصنة البحرية وأسباب نشوئها وتأثيراتها على الأمن القومي العربي في المنطقة.
- تحديد التهديدات والتحديات المؤثرة على أمن البحر الأحمر ودول الخليج عدن.
- إبراز الأهمية الإستراتيجية والجيوبولوتيكية والجيوإستراتيجية للبحر الأحمر والموقع البحري للمنطقة.
- دراسة إمكانية بلورة استراتيجية عربية لحماية أمن البحر الأحمر والبحر العربي.
- التعرف على القرصنة في القرن الإفريقي.
- تبيان حقيقة التداعيات الأمنية للقرصنة البحرية في القرن الإفريقي على المنطقة العربية.
- إبراز الموقف الإقليمي والعربي من قضية القرصنة البحرية في القرن الإفريقي.
المنهج المُستخدم بالدراسة البحثية:-
هذه الدراسة البحثية هى عبارة عن دراسة استكشافية وصفية؛ تهدف إلى زيادة التعرف على القرصنة في منطقة غربي المحيط الهندي وخليج عدن:-
- المنهج الوصفي التاريخي:- حيث يُستخدم هذا المنهج لسرد أحداث وأفعال ظاهرة القرصنة البحرية، ويُستخدم لتوضيح ظاهرة القرصنة البحرية في منطقة خليج عدن والبحر الأحمر، توضيح نشأة وتطور ظاهرة القرصنة في الساحل الصومالي.
- منهج دراسة الحالة:- يُستخدم للتطبيق على ظاهرة القرصنة على الصومال وتأثر دول الخليج العربي الظاهرة واليمن، وبفحص الشروط التي تخلق الدافع للانحراف والضغوط الناتجة والتي تجعل القرصنة ممكنة.
- منهج تحليل النظم:- حيث يتكون من (المدخلات وعملية التحويل والمخرجات والتغذية العكسية، تم اختيار هذا المنهج لأنه الأنسب للدراسة، وينطبق هذا المنهج من خلال التالي:-
- بيئة النظام:- وهى البيئة الداخلية والإقليمية وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تشهده الصومال، مع اضطراب الأمن بالمنطقة نتيجة القرصنة بالصومال.
- المدخلات:– بمعنى العوامل التي إلى ظهور القرصنة، ومنها تدهور الأوضاع الاقتصادية، بما في ذلك المطالب التي احتواتها.
- عملية التحويل:– فشل الحكومة في السيطرة على الأوضاع غير المستقرة في الصومال.
- المخرجات:– تمثلت بالغياب التام للدولة عن أداء واجبها.
- التغذية العكسية:– تبرز في ظهور حالات الخروج عن القانون؛ التي أدت لزيادة القرصنة.
المشكلة البحثية:-
تُعد ظاهرة القرصنة البحرية من أخطر الظواهر الإجرامية التي تُهدد مصالح المجتمع الدولي وخاصةً تُهدد مصالح الأمن القومي العربي، فإن المشكلة تكمن في انتشار أعمال القرصنة البحرية وخاصةً على المستوى الإقليمي، خاصة قِبالة السواحل الصومالية وفي منطقة البحر الأحمر وخليج عدن التي شكلت تهديداً صريحاً للسفن التجارية واستمرار الممر الملاحي كممر اَمن لمرور السفن التجارية،ولذلك تؤثر القرصنة البحرية على منطقة خليج عدن والبحر الأحمر، ويتضح من ذلك التساؤل الرئيسي الذي تدور حوله الدراسة البحثية ألا وهى: “إلى أي مدى تؤثر التهديدات الأمنية غير التقليدية (القرصنة البحرية) في منطقة غرب المحيط الهندى والبحر الأحمر على الأمن القومي العربي(كاليمن والسعودية وعمان ومصر وغيرها من الدول العربية المتضررة)؟، ومن خلال ذلك التساؤل الرئيسي ينبسق منه عدة تساؤلات فرعية:-
- ما هو التطور التاريخي للقرصنة البحرية؟
- ما هومفهوم القرصنة البحرية وتعريفاتها المختلفة؟
- ما هى أسباب ظهور القرصنة البحرية وأنواعها؟
- ما هى الأهمية الجيوسياسية والجيوإستراتيجي والتنافس الدولي والأمني في غربي المحيط الهندي وخليج عدن؟ وما هى تداعياتها المتنوعة؟
- ما الوضع الأمني في الجزء القاري لغربي المحيط الهندي وخليج عدن؟
- ما التهديدات الأمنية في المجال البحري الغربي للمحيط الغير تقليدية؟
- ماهى تداعيات القرصنة البحرية على دول المنطقة العربية ؟
- ما هى قرارات الأمم المتحدة و مدونتا جيبوتي2009م، وجدة2017م لمواجهة التهديدات غير التقليدية إزاء هذه التهديدات لغربي المحيط الهندي؟
- ماهى المبادرات الدولية والإقليمية إزاء التهديدات غير التقليدية؟
تقسيمة الدراسة البحثية:-
- الفصل الأول:- “ماهية القرصنة البحرية”
– المبحث الأول: التطور التاريخي للقرصنة البحرية.
– المبحث الثاني: مفهوم ظاهرة القرصنة البحرية وتعريفاتها المتنوعة وأسباب ظهور أعمالها وأنواعها.
- الفصل الثاني:- “المُهددات الأمنية غير التقليدية”
– المبحث الأول: الأهمية الجيوسياسية والتنافس الدولي والأمني في غربي المحيط الهندي وخليج عدن.
– المبحث الثاني: الوضع الأمني في الجزء القاري لغربي المحيط الهندي وخليج عدن.
– المبحث الثالث: التهديدات الأمنية في المجال البحري لغربي المحيط الهندي الغير تقليدية.
- الفصل الثالث:- “تداعيات التهديدات الأمنية غير التقليدية في المجال البحري على الأمن القومي العربي”
– المبحث الأول: الأثار الأمنية والإقتصادية للقرصنة البحرية في منطقة البحر الأحمر.
– المبحث الثاني: تداعيات القرصنة البحرية على دول المنطقة العربية.
- الفصل الرابع:- “الاتفاقيات والأدوار للدول ذات الصلة بالتهديدات الأمنية غير التقليدية في غربي المحيط الهندي”
– المبحث الأول: قرارات الأمم المتحدة و مدونتا جيبوتي 2009م وجدة 2017م لمواجهة التهديدات غير التقليدية إزاء غربي المحيط الهندي.
– المبحث الثاني: المبادرات الدولية والإقليمية إزاء المُهددات غير التقليدية.
الفصل الأول : ماهية القرصنة البحرية
ستتناول الدراسة في هذا الفصل الأول، ثلاث مباحث، حيث أن المبحث الأول يتناول التطور التاريخي للقرصنة البحرية من خلال العصر القديم والعصر الوسيط والعصر الحديث أو الحاضر؛ لتوضيح للقارئ التدرج التاريخي للأحداث وبداية حدوثها، ثم بعد ذلك ما يتم تناوله في المبحث الثاني هو مفهوم القرصنة البحرية وتعريفاتها المختلفة من حيث الفقة والاتفاقيات الدولية التي تناولت هذا المفهوم، حيث هذا المفهوم مفهوم مُركب، كما ستتناول الدراسة أيضاً في نفس المبحث أسباب ظهور القرصنة البحرية وخصوصاً في غرب المحيط الهندي (موضوع الدراسة) علىالسواحل الصومالية، وأنواع القرصنة البحرية وطرقها.
المبحث الأول : التطور التاريخي للقرصنة البحرية
أولاً:- القرصنة البحرية في العصر القديم:
حيث تعود إلى فترة ماقبل الميلاد، وهى متمثلة في الجرائم والأعمال العدائية التي تُرتكب في البحر ضد السفن وطاقمها وحمولتها بواسطة المغامرون، ولقد ظهرت القرصنة في الألف الثالث قبل الميلاد أثناء نمو التجارة البحرية بين مصر وجزيرة كريت وفينيقيا في البحر الأبيض المتوسط، وكانت القرصنة في شكل محموعات من البحارة تعيش على سواحل صقلية تُهاجم السفن المنفردة والموانئ ذات الدفاعية الضعيفة، وكان سكان جزيرة كريت أول من فكر للتصدي لهؤلاء القراصنة، ثم جاء بعد ذلك دور مصر في عهد الفراعنة، حيث جهزوا لأول مرة أسطولاً لمحاربة القراصنة الذين ينهبون سفن البحر المتوسط.
كما أن بعد بضعة قرون ازدهرت شواطئ بلاد الإغريق الممتدة على مسافات شاسعة، حيث تكون ثروة ملك إسبارطة(مينيلاس) في أساسها من السلب والنهب، ولقد سجل التاريخ أن في 1122قبل الميلاد قاد المصريين أول معركة بحرية سجلها التاريخ على سواحل سورية حالية، وفي القرن الثالث والثاني ومع ازدهار الحضارة الرومانية بدأ الرومان في مكافحة القرصنة، وفي القرن الأول قبل الميلاد عندما دخلت روما في صراع مع ملك(بونت) للسيطرة على اَسيا الصغرى، حيث وجد الملك(ميتريدات) نفسه مضطراً للتحالف مع قراصنة صقلية، وبفضل هذا الدعم تمكن(ميتريدات) من التغلغل في الأراضي الإغريقية.
ثانياً:- القرصنة البحرية في العصر الوسيط:
حيث انتشرت القرصنة النرويجية من القرن الثامن إلى الحادي عشر، وامتدت على سواحل أوروبا الشرقية، ومارس النرويجين أعمال النهب والسلب، وكانوا يتسللون إلى داخل القارة الأوروبية، ويقومون بغارات مفاجئة مستفدين من سفنهم السريعة، كما أن في اليابان والصين وكوريا انتشرت القرصنة في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وقد اشتدت القرصنة عندما قسم (السكندر الرابع) العالم الجديد المكتشف حديثاً بين إسبانيا والبرتغال؛ مما اَثار حفظية باقي الدول الاوروبية، فقامت هولندا وفرنسا وبريطانيا بممارسة القرصنة ضد السفن الإسبانية؛ للاستيلاء على السفن التي تحمل الكنوز قادمة من المستعمرات الجديدة في الأمريكتين، ونشبت الحرب بين بريطانيا وإسبانيا واستعانت(إليزابيث الأولى) ملكة بريطانيا بالقراصنة في تكوين نواه الأسطول البريطاني، وفي القرن السابع عشر والثامن عشر، وبنهاية القرن السابع عشر ونمو القوة المركزية القوية في اليابان في ظل التكنوجاوا شوجونيت(1603-1867م)، تم القضاء على معظم القراصنة في الصين فترة حكم الأسرة(شمي يانج)، وفي القرن التاسع عشر نتيجة لزيادة السفن التجارية، تتطورت دوريات الحراسة البحرية في معظم الطرق الرئيسية في المحيط، فضلاً عن الاعتراف العام من قبل الحكومات بالقرصنة، مما أدى ذلك كله إلى تراجع ملحوظ في حجم القرصنة.
ثالثاً:- القرصنة البحرية في العصر الحاضر(الحديث):
تفاقمت ظاهرة القرصنة البحرية مؤخراً، خاصة في بحار جنوب شرق اَسيا، كما أن تزايدت أعمال القرصنة في 2008م بواقع(335) عملية، وتشير التقارير في عام 1985م عندما قام الفلسطينين بخطف سفينة السياح (أكيلي لاورو) الإيطالية، وأعلنوا أنهم لم يطلقوا صراح السُياح إلا عندما تُطلق إسرائيل سراح المعتقلين الفلسطينين(حيث صُنف هذا بالقرصنة)، وبعد ذلك بست سنوات تم خطف ناقلة بترول في مضيق (ملقا) بين ماليزيا وسومطرة، وصدموا بها سفينة تجارية بعد أن اعتقلوا قبطانها، وتركوها تسير بقبطان أوتوماتيكي واشتعلت النيران في السفينتين لأسابيع، وأشتهرت هذه المنطقة من أشهر مناطق القرصنة.
وقد أدى التطور التقني إلى اكتساب القراصنة مهارات فنية ومتابعة عالية، حيث أصبحوا يستعملون زوارق مطاردة حديثة وسريعة وأسلحة خطيرة مثل:(اَر بي جي)، كما حصل القراصنة على أجهزة إلكترونية حديثة تؤمن اتصالهم بالأقمار الصناعية، حيث يستخدم القراصنة الصوماليين نظام الرصد عن بُعد المرتبط بشبكة الربط البحري العنكبوتية في تحديد بيانت السفينة كاملة، وهكذا أصبح لتطور أجهزة الاتصالات الحديثة وعدم وجود وسائل وقائية كافية، أثر بالغ الخطورة في عمليات القرصنة البحرية[5].
المبحث الثاني
مفهوم القرصنة البحرية وأسبابها وأنواعها
أولاً: مفهوم القرصنة البحرية:
اختلف الفقهاء حول تعريف القرصنة البحرية؛ نظراً لصعوبة وضع تعريف دقيق، فنجد أن بعضهم عرف القرصنة البحرية من خلال الفقة الإسلامي بأنها: “خروج مكلف ذو شوكة على معصومين في البحر لأخذ مال أو اعتداء وترويع؛ لتحقيق غاية خاصة مع تعذر النجدة“، وعرفها بعض الباحثين على إنها: “خروج المكلفين ذوي القوة على معصومين في البحر لأخذ مال أو لتحقيق غاية خاصة“، وعرفت القرصنة: “بأنها الجرائم أو الأعمال العدائية، والسلب أو العنف المرتكبان في البحر ضد سفينة ما، أوطاقمها، أوحمولتها“، وأيضاً عُرفت على إنها:”أي عمل من أعمال العنف بغرض سلب و نهب الأشخاص والبضائع الموجودة على ظهر السفينة“، فالقرصنة البحرية:” كل عمل غير شرعي من أعمال العدوان الذي يرتكبه أشخاص على ظهر السفينة خاصة في أعالي البحار العام، أو يحاولون ارتكابه ضد أشخاص أو ممتلكات على ظهر سفينة أخرى أو ضد السفينة نفسها مع قصد النهب أو السلب“.
كما يمكن تعريف القرصنة البحرية من خلال في القانون الدولي، حيث أن تعددت اَراء فقهاء القانون حول تعريف جريمة القرصنة البحرية، حيث إنقسم الفقهاء لفريقين، الفريق الأول: وضع تعريف للقرصنة البحرية أنها”ارتكاب عمل أو أكثر من أعمال العنف ضد الأشخاص والأموال“، أما الفريق الثاني: حيث اكتفى هذا الفريق بيبيان عناصر جريمة القرصنة البحرية، دون تقديم تعريف محدد لها، فمنهم من يرى أن عناصر هذه الجريمة ثلاثة هى:-
- وجود سفينة يرتكب بحارتها أو ركابها عملاً من أعمال العنف غير المشروع.
- أن ينطوي ذلك على التجارة الدولية- دون تفرقة بين الدول- بالخطر.
- أن تُرتكب هذه الأفعال في عرض البحر، والبعض الاَخر يعتبر العمل من قبيل القرصنة إذا توافرت به:-
- أن يكون من الأعمال الإجرامية(عمل غير مشروع).
- أن ينطوي على استعمال العنف ضد الأشخاص والأموال.
- أن يتم بقصد تحقيق منافع أوأغراض شخصية[6].
كما أن عرفت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982م بجنيف القرصنة البحرية بأنها: “أي عمل غير قانوني من أعمال العنف أو الاحتيجاز أو عمل سلب يُرتكب لأغراض خاصة من قبل طاقم، أو ركاب سفينة خاصة، أو طائرة خاصة ويكون موجهاً في أعالي البحار ضدسفينة أو طائرة أخرى“.
ويمكن أن تُعرف الدراسة القرصنة البحرية من خلال اتفاقية (روما) 1988م؛ للقضاء على الفعال غير المشروعة ضد سلامة الملاحة البحرية: حيث يُعتبر أي شخص مرتكباً لجرم إذا ما قام بصورة غير مشروعة وعن عمد بما يلي:
- الاستيلاء على سفينة أو السيطرة على عليها باستخدام القوة أو التهديد بها.
- ممارسة عمل من أعمال العنف ضد شخص على ظهر السفينة.
- تدمير السفينة أو إلحاق الضرر بها أو بطاقمها.
- تدمير المرافق الملاحية البحرية أو إلحاق الضرر بها[7].
ثانياً: أسباب القرصنة البحرية:
- نمو السياسة الرأسمالية واقتصاديات السوق.
- اتساع الفجوة بين الوعي الشعبي والقدرات القومية.
- الدوافع الاقتصادية والتطور التكنولوجي.
- ظهور الفساد في الدول المتخلفة.
- قانون التسجيل المفتوح أو مايُعرف بنظام أعلام الملائمة.
ثالثاً: أسباب انتشار القرصنة في سواحل الصومال:
- تدهور الأوضاع في الصومال وكثرة النزاعات المسلحة فيه.
- صعوبة استخدام القوة البحرية المسلحة.
- تزايد الأطماع المادية لعصابات القرصنة.
- الساحل الصومالي.
- العائد المالي، والنفايات الكيماوية والنووية من خلال الشركات الغربية.
رابعاً: أنواع القرصنة البحرية:
- النوع الأول: القرصنة العالمية أو الخاضعة للقانون الدولي، حيث تحدث هذه القرصنة في البحر العالي أو في المناطق البحرية البحرية غير الخاضعة لولاية أية دولة.
- النوع الثاني: القرصنة الخاضعة للقانون الوطني للدولة، وهذه تختص بها دولة الإقليم، في الأحوال التي تقع فيها القرصنة في المناطق البحرية الخاضعة لسيادتها المياه الداخلية أو البحر الإقليمي، وفي هذه الحالة لايجوز لأي دولة أن تتدخل للقبض على سفينة القرصنة أو القراصنة؛ لأنه يُشكل اعتداء على سيادة الدولة[8].
الفصل الثاني : المُهددات الأمنية غير التقليدية
حيث أن هناك الكثير من مُهددات الأمن الغير تقليدية التي بدأت الدول تأخذ هذه التهديدات بعين الاعتبار التي أصبحت تؤثر على الأمن القومي للدول، وخاصة الدول العربية، ولذلك ستتناول الدراسة من خلال هذا الفصل ثلاث مباحث، حيث أن المبحث الأول يتحدث عن الأهمية الجيوسياسية والتنافس الدولي والأمني في غربي المحيط الهندي وخليج عدن، حيث تشهد منطقة البحر الأحمر وخليج عدن العديد من القوى الدولية الكبرى من شأنها الإخلال بمعادلات القوة العسكرية والأمنية، كما ستتناول الدراسة في المبحث الثاني الوضع الأمني في الجزء لغربي المحيط الهندي وخليج عدن، حيث سيتم إيضاح الوضع الأمني لدول المنطقة كالصومال واليمن وغيرها من دول المنطقة التي تتأثر بالقرصنة البحرية، وفي المبحث الثالث والأخير سيتم تناول التهديدات الأمنية غير التقليدية في المجال البحري الغربي للمحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر، حيث أن لم تتوقف التهديدات الغير تقليدية على القرصنة البحرية فقط، بل هناك تهديدات أخري تدخل في شأن القرصنة البحرية.
المبحث الأول :الأهمية الجيوسياسية والتنافس الدولي والأمني في غربي المحيط الهندي وخليج عدن
أولاً: الأهمية الجيوسياسية والعسكرية والأمنية لمناطق غربي المحيط الهندي وخليج عدن:
تتمتع دول غربي المحيط الهندي بأهمية جيوسياسية واستراتيجية، جعلت من الدول الاستعمارية أن تكون هدفاً لهم، مع مارافق ذلك من انتشار جماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية من خلال البحار( TSOC)، ومناشطات الجماعات الإرهابية في المجال البحري لهه المناطق مستغلة الظروف السياسية ولاقتصادية والاجتماعية غير المستقرة، فمن الناحية الاستراتيجية تهيمن هذه المناطق على طرق تدفق الطاقة والتجارة البحرية، التي تربط بين قارات اَسيا وأفريقيا وأستراليا مع وفرة موادها الاقتصادية وخصائصها الجغرافية لذلك هنا تبرز المضايق البحرية التي تتحكم في تدفق النفط القادم من إيران ودول الخليج العربي عبر مضيق هرمز، فيما يُعد مضيق باب المندب جزءاً هاماً من الطريق التجاري الأورو- اَسيوي، ومع تطور صناعة النقل البحري برزت موانئ كالإمارات وعمان وجيبوتي واليمن وغيرها من دول المنطقة، بوصفها حلقات هامة في الملاحة البحرية، وازداد التنافس فيما بينها.
وفي السياق ذاته يبرز ميناء الدٌقم العُماني الذي سيكون ضمن أكبر مشغلي خطوط الشحن والتوريد الإقليمية والعالمية.
وتتجلى أهمية العسكرية والأمنية في الربط البحري لقناة السويس ومضيق باب المندب، بوصفهما بوابتي اتصال بحريتين، حيث اضطلع كل منهما بأدوار حاسمة خلال توترات حروب داخلية ودولية عديدة، سواء عبر تقييد ووقف السفن الحربية والتجارية، وذلك ما بدا في غلق قناة السويس أثناء الحرب العربية- الإسرائيلية بين عامي (1967:1973م)، ولم يتم فتحها إلا في عام 1975م، وعلى النقيض منه،استغلت الولايات المتحدة ودول أوروبية نفوذها؛ لتمكين أساطيلها الحربية من العبور الاَمن في قناة السويس وباب المندب إبان حربها مع العراق 1991م، عقب عزوه على الكويت 1990م، كذلك تبرز الأهمية العسكرية والأمنية في دور الجُزر والأرخبيلات، بوصفها إحدى الدعائم الرئيسية للأمن البحري، وذلك من خلال استصافة عدد منها الفنارات الخاصة بإرشاد السفن، كالجُزر اليمنية في البحر الأحمرومنها: (ميوم وزُقر)[9].
ثانياً: التنافس الدولي والأمني في غربي المحيط الهندي وخليج عدن:
وفي خضم تنافس الدول الكبرى وحماية مصالحها ومكافحة الإرهاب في منطقة خليج عدن وجنوب البحر الأحمر، أصبحت جيبوتي منطقة جذب للوجود العسكري الأجنبي؛ نتيجة للتسهيلات التي منحها للدول الراغبة في إنشاء قواعد عسكرية بها، و2001م قامت الولايات المتحدة بإنشاء قاعدة عسكرية لها في منطقة ليمونيه وجددت عقدها 2014م، فيما سلكت دول أخرى مثل: اليابان وإيطاليا وألمانيا نفس المسلك وعلى نحو أقل من وضع جيبوتي، كما أن تبرز إريتريا والصومال اللتان تشهد أراضيهما تنافساً عسكرياً واقتصادياً بين عدة دول، منها(تركيا والإمارات والسعودية والصين والكيان الصهيوني، وقد كشفت النتائج المبكرة لتدخل التحالف العربي في اليمن عام 2015م.
ولعل كل ذلك يأتي في إطار تكامل مصالح بين الدول في منطقة القرن الإفريقي، وفي إطار إستراتيجي أوسع يمثل في جانب منه؛ امتداداً لتجارب أقدم للدول الكبرى في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث كان نفوذها وهجماتها العسكرية على دول المنطقة؛ تستهدف حماية طرق التجارة الدولية بين الشرق والغرب، أما في الوقت الراهن فغايته، فضلاً عما سبق، حماية تدفق النفط، وتعزيز النفوذ العسكري، للتحكم بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر، والوقوف على مسافة قريبة من منابع النفط في الخليج العربي[10].
حيث أن تتجلى المظاهر المستجدة للتنافس ومناطق تمركزه من خلال التحالفات البحرية الأمنية، حيث كشفت الولايات المتحدة الأمريكية في إبريل 2022م، عن تشكيل قوة المهام المشتركة(CTF153) بوصفها رابع فرقة فيما يعرف بالقوات البحرية المشتركة، التي تضم في جانبها قوة المهام المشتركة (CTF150) وقوة المهام المشتركة (CTF151) و(CTF152)، ووفقاً لما أُعلن، تضطلع الفرقة بحفظ الأمن البحري وبناء قدرات الدول بالتعاون المشترك مع قوات المهام(CTF151) التي تنتشر قطعاتها في خليج عدن وقِبالة السواحل الصومالية، وقد تولت القيادة الدورية الأولى لهذه الفرقة سفينة القيادة البرمائية في البحرية الأمريكية، ومن الدول المشاركة فيها بريطانيا، فضلاً عن مصر التي تشارك بالفرقاطة F911 (الإسكندرية)، ويأتي ذلك بعد انضمامها إلى القوات البحرية المشتركة CMF)) في إبريل 2021م، محتلة بذلك الترتيب الرابع والثلاثين بين الدول الأعضاء[11].
المبحث الثاني
الوضع الأمني في الجزء القاري لغربي المحيط الهندي وخليج عدن
تعاني دول شرق أفريقيا المشاطئة على للمحيط الهندي، وخليج عدن والبحر الأحمر، صراعات مسلحة مُدمرة ونشاطاً متزايد للتنظيمات الإرهابية، خاصة دول أطراف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد IAGD)، التي تتكون من “الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان والسودان”.
أولاً: الوضع الأمني لجمهورية الصومال:-
تعاني من فوضى أمنية وسياسية منذ الإطاحة بالرئيس (محمد سياد بري) 1991م، حيث تتقاسمها حكومة فيدرالية مركزية مُعترف بها دولياً تُسيطر على العاصمة (مقديشو)، وحكومة ثانية غير معترف بها تسيطر على ما يسمى جمهورية أرض الصومال وعاصمتها(هرجيسا)، وحكومة ثالثة تسيطر على (أرض بونت) ومركزها مدينة جروي، ويُعد الإقليمان الأول والثاني أكثر اضطراباً؛ نتيجة لوجود حركة الشباب المتطرفة.
ثانياً: الوضع الأمني لدولة اليمن:-
على الضفة الأخرى من خليج عدن، وامتداده حتى شمال مضيق باب المندب، تشهد اليمن وضعاً أمنياً غير مستقر، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية 2011م، التي أدت في العام التالي إلى إزاحة الرئيس(عبدالله صالح)، تطورت الأحداث إلى سيطرة حركة أنصار الله(الحوثيين) على السلطة سبتمبر 2014م، والانقضاض على ماتبقى من سلطة الرئيس(عبدربه منصور هادي) في فبراير 2015م، وعلى أثر ذلك تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في مارس 2015م.
وفي الجزء الجنوبي لليمن المشاطئ على خليج عدن وبحر العرب، اتسعت رقعة العنف المسلح، وازدادت حدته بين مؤيدي النزاعات الإنفصالية والحكومة الشرعية، ليستمر الوضع الأمني على الحافة الشمالية لخليج عدن في التأزم؛ مما ترتب عليه زيادة نشاط التنظيمات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة، كما أن أخذ تنظيم القاعدة الجهاد في جزيرة العرب(AQAP) مكانه في خريطة الصراع وعزز مكانه في المدن الساحلية الجنوبية.
وعلى الرغم من تراجع نفوذ تنظيم القاعدة ((AQAP وتوالي الهجمات الأمذريكية، التي أدت لقتل معظم قادته الميدانيين والتنظيمين وكان اَخرهم(قاسم الريمي فبراير 2020م)، إلا أن الإرهاب في اليمن لايزال يُمثل تهديداً أمنياً وإقليمياً، مما يبرهن على وجود هذا الخطر هو إعلان تنظيم القاعدة (AQAP) مطلع عام 2020م عن تنصيب زعيم جديد له في اليمن يدعى (خالد با طرفي) الذي كان حاكماً لمدينة المكلا مايو2015م.
ثالثاً: الوضع الأمني في العراق:
حيث أن هناك في العراق تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية (داعش ISIS) الذي أدار منذ عام 2014م، حرباً شعواء سيطر بها على معظم مدن شمال ووسط العراق، ولاتزال بذورة كامنة على الرغم من انحسار نفوذه؛ نتيجة تدخل التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر 2014م.
رابعاً: الوضع الأمني في مصر والسودان:-
أما مصر فتواجه طيفاً من الجماعات الإرهابية من أبرزها: أنصار بيت المقدس، وأجناد مصر وأنصار الشريعة التي تنشط عملياتها في سيناء، ويمكن أن يطال تهديدها الملاحة البحرية في خليج وقناة السويس وشمالي البحر الأحمر.
أما السودان لايزال نشاط الجماعات السلفية الجهادية قائماً، وقد يشهد ذلك قوة وانتشار في ظل سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير مارس 2019م، خاصةً وأن السودان يُشار لها بأنها أحد معاقل التنظيمات الإرهابية، فضلاً عن التوترات التي تضرب إثيوبيا بين الحين والاَخر، ومن ذلك الصراع الذي اندلع أوخر 2020م، في إقليم تغراي على الحدود بين إثيوبيا وإريتريا والسودان[12].
المبحث الثالث
التهديدات الأمنية غير التقليدية في المجال البحري
تمثل بعض الظواهر والمناشط البحرية غير المشروعة، التي تستهدف النظام الأمني في البحار، تهديدات غير تقليدية للأمن القومي للدول، والأمنين الإقليمي والعالمي، مع كونها تحديات مزمنه تواجه الدول والمنظمات الدولية والإقليمية التي تتعاون مع الدول لمواجهتها،وفي سياق اهتمام الاتحاد الإفريقي (AU) الذي تشاطئ دول كثيرة منه منطقة غربي المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر، فإن الاسترايتيجة البحرية المتكاملة لإفريقيا (2050م) تضمنت مجموعة من التهديدات غير التقليدية، التي وصفها بأنها واقعية ومحتملة الوقوع، مع كونها تحديات للمجال البحري الإفريقي.
- ويمكن إبراز التهديدات الأمنية غير التقليدية الأكثر نشاطاً:-
- الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية: حيث تُعد الجريمة المنظمة في المجال البحري(TOSC) تهديداً أمنياً غير تقليدياً متعدد الأوجة، فمنها ما ينتقل عبر البحار، وهناك بعض التفاعلات للجريمة المنظمة غير المشروعة في المجال البحري لغرب المحيط الهندي وخليج عدن بوصفها تهديدات غير تقيليدية بحرية:
- تهريب المخدرات والاتجار بها: حيث تنشط عمليات تهريب الهيروين عبر ساحل مُكران عبر مسارين هما:- المسار الأول:- يمتد على ساحل بحر العرب وخليج عمان، والمسار الثاني:- ينطلق من ساحل مكران إلى تنزانيا وكينيا، وأحياناً إلى موزامبيق، ويُعد هذا المسار أمناً من الأول مع وجود قراصنة صوماليين.
- الهجرة غير الشرعية.
- الاتجار بالبشر.
- الاتجار غير المشروع في الحياة البرية.
- جرائم الغذاء والسلع المزيفة.
- التلوث والإغرق غير القانوني للنفايات في البيئة البحرية.
- تبيض(غسيل) الأموال.
- القرصنة والسطو المسلح على السفن: تداخل نشاط القرصنة مع أنماط الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وتعزى أسباب ظهور القرصنة الصومالية على السفن إلى انهيار هياكل الدولة الصومالية، بسقوط نظام الرئيس محمد سياد بري 1991م، وانتشار الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، كما ذكرت الدراسة سابقاً.
- الهجمات السيبرانية في المجال البحري: ينصرف توصيف الهجمات السيبرانية في المجال البحري إلى أي نوع من أنواع المناورة الهجومية، التي يستهدف بها قراصنة المجال السيبراني تقنيات المعلومات (IT) ونظم المعلومات(OT)؛ بقصد اختراق أنظمة وبيانات الشركات الملاحية والسفن، للوصول إليها أو تدميرها، وخلال عام 2011م، ولعدة مرات تعرضت خطوط الشحن الإيرانية لمجموعة من الهجمات السيبرانية العنيفة، وفي 2012م، تعرضت شركة أرامكو النفطية ومرافقها البحرية بالمملكة العربية السعودية، لهجمات سيبرانية متتالية، كما أن تُعد (جنوب أفريقيا) الدولة الأكثر استهدافاً من الهجمات السيبرانية، ولذلك يُرجح ازدياد خطر التهديد مع تحويل ميناء(ديربان) لمنفذ ذكي تقنياً.
- الإرهاب البحري في المجال البحري لغرب المحيط الهندي: وأبرز وقائع الإرهاب البحري هو تعرض محطتي نفط بميناء البصرة وخور العمية بالعراق، لهجمات في 2004م، وعلى نحو أقل استهداف ناقلة النفط اليابانية (إم ستار) بمضيق هرمز 2010م[13]، وتذكر الدراسة بعض المهددات الحالية في البحر الأحمر:-
العمليات الحوثية، تهريب المخدرات، الإرهاب البحري، التلوث، الوجود العسكري الخارجي، الألغام البحرية[14].
الفصل الثالث
تداعيات التهديدات الأمنية غير التقليدية في المجال البحري على الأمن القومي العربي
ولذلك هذه المُهددات والتنافسات بين القوى الكبرى للنفوذ على البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي التي تم ذكرها في الفصول والمباحث وتم تفصيلها، بالفعل لها إنعكساتها وتداعياتها على الأمن القومي العربي، ولذلك هناك أدوار إقليمية ستوجه لمحاربة تلك المُهددات التي أثرت وستؤثر على الأمن الدول المجاورة لغرب المحيط الهندي والبحر الأحمر وخليج عدن(دول المنطقة خاصة الدول العربية موضوع الدراسة)، ولذلك ستتناول الدراسة في هذا الفصل مبحثين، المبحث الأول يتحدث عن الأثار الأمنية والإقتصادية للقرصنة البحرية في منطقة البحر الأحمر، أما المبحث الثاني يتحدث عن تداعيات القرصنة البحرية على دول المنطقة العربية، ومن خلال المبحثين ستوضح الدراسة النتائج المترتبة على المُهددات في غرب المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر.
المبحث الأول
الأثار والتداعيات الأمنية والإقتصادية للقرصنة البحرية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن وغرب المحيط الهندي
أولاً: التداعيات الأمنية والاستراتيجية على الدول المشاطئة:
حيث أن تسببت أعمال القرصنة المتزايدة في الاَونة الأخيرة، المنتشرة قِبالة السواحل الصومالية وفي المياة الدولية للبحر الأحمر وخليج عدن ضد السفن التجارية المارة، حالة من الإرباك والتداعيات الخطيرة على سلامة البحر الأحمر وأمنه، وأيضاً على المصالح الإستراتيجية للدول المطلة عليه أو تلك الدول التي تعتمد عليه اعتماداً رئيساً على تجارتها الدولية، ومن خلال ذلك سيحدث:
- ستتحول طرق التجارة الدولية والنقل البحري عنه؛ مما يُضعف الدول المطلة عليه اقتصادياً.
- أن يتحول البحر الأحمر إلى بؤر للصراعات والحروب والتداخلات الإقليمية والدولية النشطة وجماعات الإرهاب الدولي.
- تدويل البحر الأحمر وممراته؛ مما يُفقد الدول المطلة عليه السيادة، والثروات التي يحتويها.
- أن تكون (إسرائيل) المُخطط الأساسي في رسم الإستراتيجية الأمنية والاقتصادية وفق مصالحها ومصالح حلفائها الجدد، بعيداً عن المصالح العربية.
كما أن ازدادت أهمية القرن الإفريقي بعد افتتاح قناة السويس، وأصبحت السفن تمر خلال القناة وعبر البحر الأحمر إلى باب المندب ومنها إلى جنوب وشرق اَسيا، وعلى الرغم من ذلك المُعطيات إلا أن المنطقة تُعاني من صراعات داخلية ونزاعات وحروب محلية.
وهناك أهمية للبحر الأحمر وخليج عدن، حيث أن يُعتبر البحر الأحمر بموقعه الإستراتيجي ممراً مهماً؛ لحركة النقل البحرية العالمية، إذ يتصل من ناحية الجنوب بالمحيط الهندي عن طريق باب المندب، ويمتد من ناحية الشمال إلى شبه جزيرة سيناء وعندها يتفرع لفرعين(خليج العقبة وخليج السويس)، حيث يؤدي الأخير لقناة السويس[15].
وأضافت عمليات القرصنة البحرية قِبالة السواحل الصومالية مزيد من الأهمية والدفع تجاه القضية، حيث أن الأمر لم يتوقف على أن البحر الأحمر أحد شرايين التجارة العالمية التي تربط بين قارات العالم (اَسيا وأفريقيا وأوروبا)، إنما تمتد أيضاً إلى الجوانب الاستراتيجية والعسكرية، خاصة في ظل الحروب التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، حيث أن عمليات القرصنة البحرية جعلت من الدول الكبرى أن تُسرع في إرسال وحدات من قواتها البحرية لحماية سفنها من هجمات القرصنة؛مما أدى إلى تصاعد هواجس ومخاوف الدول العربية من تداعيات ذلك الوجود العسكري الكثيف للقوات البحرية الدولية.
ثانياً: التداعيات الاقتصادية:
- التأثير السلبي على طرق الملاحة البحرية: لا تقتصر تهديدات الملاحة البحرية عبر خليج عدن إلى قناة السويس، وإنما تشمل الطريق المار عبر الخليج العربي، والتي لجأت ناقلات النفط من دول مجلس التعاون الخليجي إلى استخدامه كثيراً؛ لنقل النفط إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصبح الإبحار حول القارة الإفريقية محفوفاً بالمخاطر، والدليل قيام القراصنة باختطاف ناقلة النفط السعودية من المياة الدولية في المحيط الهندي.
- التأثير السلبي على التجارة الدولية: أدت عمليات القرصنة البحرية إلى ارتفاع تأمين السفن، إضافة إلى ارتفاع تكلفة شحن البضائع والمنتجات جاهزة الصنع.
- تأثير أعمال القرصنة على دخل قناة السويس وحركة الملاحة الدولية: حيث ذُكر في صحيفة(الجارديان) البريطانية، أن زيادة أعمال القرصنة التي تُجري في خليج عدن؛ تؤدي لكارثة إنسانية وبيئية في منطقة القرن الإفريقي وإلى توقف الرحلات التجارية عبر قناة السويس، كما كما ستتأثر الملاحة في قناة السويس بارتباك الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن؛ لأنهما امتداد للقناة، ومن ثم فإن دخل مصر سيتأثر بما تُحدثه القرصنة في البحر الأحمر وقناة السويس[16]
المبحث الثاني : تداعيات القرصنة البحرية على دول المنطقة العربية
أولاً: تداعيات القرصنة البحرية على دولة اليمن:
كانت اليمن من أوائل الدول العربية التي نبهت إلى خطورة الأوضاع في البحر الأحمر، ودعت في سبعينيات القرن الماضي إلى عقد مؤتمر في مدينة (تعز) 1977م للدول العربية المتشاطئة على جانبيه؛ بهدف تنسيق السياسات الأمنية والاستراتيجية، والمصالح العربية، ولكن نتيجة لتصادم مصالح الدول الكبرى وإسرائيل خلال مرحلة الحرب الباردة تم إجهاض المشروع اليمني، وبعد تحقيق الوحدة اليمنية مايو1990م حاولت اليمن احتواء الصراعات بشكل جاد والتقريب بين الفرقاء؛ لشعورها بأن ما يحدث في القرن الإفريقي يؤثر بشكل مباشرة على اليمن سياسياً واقتصادياً وأمنياً واستراتيجياً، حيث أن أكثر من مليون لاجئ صومالي وإثيوبي وصلوا اليمن بطريقة غير شرعية، ويمكن تلخيص إجمالية التداعيات من ظاهرة القرصنة على دولة اليمن:-
- مضاعفة الأعباء على الاقتصاد اليمني؛ نتيجة ضعف عائدات السفن التي تتزود بالوقود والخدمات في باب المندب.
- محاولة إعطاء شرعية للدول الكبرى، حيث يسمح لها بالتدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة بحجة مطاردة القراصنة ومكافحة الإرهاب.
- عدم استقرار الأوضاع السياسية في منطقة القرن الإفريقي، ولذلك هذا يؤثر بشكل مباشر على استقرار الأوضاع السياسية الداخلية في اليمن.
- إن فكرة تدويل البحر الأحمر ومنافذه ووضعه تحت وصاية الدول الكبرى دون مراعاة لمصالح الدول المُطلة عليه، حيث يُشكل تهديداً على مصالح اليمن وسيادتها في خليج عدن والبحر الأحمر ومضيق باب المندب.
ثانياً تداعيات القرصنة البحرية على دولة جمهورية مصر العربية:-
إن مصر من أهم الدول المُطلة البحر الأحمر والمتحكمة في منفذه الشمالي عبر قناة السويس، وهى الدول الأكثر استفادة اقتصادياً منه في دعم اقتصادها من خلال تحصيل الرسوم من السفن المارة في قناة السويس والذي يفوق دخلها السنوي منها(4.6 مليار دولار) سنوياًعلى دخلها من البترول، كما أن يحظى البحر الأحمر في إستراتيجيتها الأمنية بأهمية قصوى؛ لتأمين حدودها الشرقية التي غالباً تكون بوابة المستعمر إليها، كما أن البحر الأحمر شكل بالنسبة لمصر في إطار الصراع العربي الإسرائيلي نقطة هامة في نطاق تصادم الإستراتيجيات والمصالح.
ومع اشتداد أعمال القرصنة تدرجت النبرة المصرية إلى التقليل من أهمية تداعيات هذه الأعمال على اقتصادها وأمنها الخاص، ولكن مع ازدياد أساطيل الدول الكبرى والإقليمية واحتمالات تدخلها في شئون المنطقة بدعوى مطاردة أعمال القرصنة، والإشارات المنبعثة بأهمية تدويل البحر الأحمر؛ لحماية الملاحة والتجارة البحرية، حيث ازداد قلق مصر من أن هناك أيادٍ تسعى لترتيب الأوضاع في البحر الأحمر على حسب مصالحها الشخصية والإستراتيجية؛ مما دعاها إلى المسارعة بعقد مؤتمر للدول العربية المطلة على البحر الأحمر بالقاهرة في 2008م، ولذلك يتطابق الموقف المصري مع اليمني في تقدير خطورة الوضع على مصالح الدول العربية، كما تتفق كلا البلدين في الأسباب وطرق العلاج، مع الفارق أن مصر تمتلك قوات عسكرية بحرية تفوق قدرات الدول المطلة على البحر الأحمر.
ثالثاً: تداعيات القرصنة البحرية على دولة المملكة العربية السعودية:
المملكة العربية السعودية هى إحدى الدول المُطلة على البحر الأحمر، والذي يُعتبر بالنسبة لها أحد الشرايين الهامة البديلة؛ لتصدير منتجاتها بعيداً عن موانئ التصدير الواقعة على الخليج العربي، التي تعرضت باستمرار خلال العقود الثلاثة الأخيرة؛ لعدم الاستقرار، فالمملكة العربية سابقاً تحفظت على دعوة اليمن لحضور مؤتمر 1977م للدول العربية المُطلة على البحر الأحمر؛ للتباحث حول ترتيبات الأمن العربي فيه، وذلك في ظل ظروف دولية وإقليمية كانت تهدف إلى تحجيم الدور اليمني والعربي في البحر الأحمر.
ولكن في ظل المتغيرات والظروف الدولية الراهنة أبدى كثير من المثقفين السعوديين تخوفهم على أمن المملكة واقتصادها واستثماراتها من تطور عمليات القرصنة في البحر الأحمر، وأشار هؤلاء بأن نفط المملكة والمُصدر عبر البحر الأحمر ومشاريع تحليه المياه ومستلزمات عملية التنمية التي يتم استيرادها عبر موانئ المملكة على البحر الأحمر مُهددة، وطالبوا الرياض بضروة عمل اجتماع ودعوة الدول المُطلة على البحر الحمر؛ لوضع إطار للتعاون المشترك[17].
الفصل الرابع
الاتفاقيات والأدوار للدول ذات الصلة بالتهديدات الأمنية غير التقليدية في غربي المحيط الهندي
لذا هناك أدوار للدول لمواجهة ذلك الخطر المائي( القرصنة البحرية) من جانب الدول المُطلة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب(كمصر والسعودية واليمن وجيبوتي وعمان وغيرها من الدول)، حيث أن كانت هناك اتفاقيات واجتماعات بخصوص هذا القرصنة الذي لديه تداعيات على جميع مناحي الحياة، لذلك ستتناول الدراسة من خلال هذا الفصل ثلاثة مباحث، المبحث الأول يتحدث عن قرارات الأمم المتحدة و مدونتا جيبوتي 2009م وجدة 2017م لمواجهة التهديدات غير التقليدية، إزاء هذه التهديدات غربي المحيط الهندي، والمبحث الثاني يتحدث عن المبادرات الدولية والإقليمية إزاء المُهددات غير التقليدية لغربي المحيط الهندي والبحر الأحمر.
المبحث الأول : قرارات الأمم المتحدة و مدونتا جيبوتي 2009م، وجدة2017م إزاء التهديدات غير القليدية لغربي المحيط الهندي
أولاً: قرارات الأمم المتحدة إزاء التهديدات غير التقليدية غرب المحيط الهندي:-
نتيجة لحالة الأمن غير المستقرة التي سادت مناطق غربي المحيط الهندي وبحر العرب وخليج عدن، وجراء تصاعد نشاط القرصنة وأشكال التهريب المختلفة، خاصة تهريب الأسلحة وتدخل التحالف العربي عسكرياً في اليمن 2015م، فقد تحولت الملاحة البحرية إلىمناطق غير اَمنة للملاحة، وأبرز هذه القرارات:
- قرار الجمعية العامة للامم المتحدة 2008م، الموسوم ب(المحيطات وقانون البحار) 63/111.
- قرار مجلس الأمن 1814 والقرار 1816 لعام 2008م، بشأن القرصنة قِبالة السواحل الصومالية.
- قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 63/111لعام 2008م، بشأن استمرار نشاط الجريمة المنظمة العابرة للحدود في المجال البحري، وتهديداتها وخسائئرها في قطاعي الطاقة والاقتصاد الدوليين.
- قرار مجلس الأمن 2140 لعام 2014، والقرار 2216 لعام 2015، والقرار 2266، لعام 2016م، بشأن الأزمة والحرب في اليمن.
- فمثلاً خول مجلس الأمن في يونيو 2008م، بإرسال الدول سفنها إلى المياة الإقليمية الصومالية؛ لتعقب القراصنة والحد من نشاطهم، ودرء خطرهم على السلم والأمن الدوليين، مؤكداً على وجوب تبادل وتقديم المساعدة اللازمة للسفن التي تتعرض لهجمات القراصنة، وضرورة تنسيق التعاون في هذا الشأن بين جميع الدول من جهة ومع المنظمة البحرية الدولية(IMO).
ثانياً: مدونتا جيبوتي 2009م، وجدة2017م إزاء التهدات غير التقليدية لمواجهتها:-
- تعريف ونشأة مدونة سلوك جيبوتي 2009م: اَلية تعاون دون إقليمية لمواجهة القرصنة والسطو على السفن فربي المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر، وخاصة القرصنة التي تحولت إلى تهديد عابر للحدود من خلال البحار، حيث أشار محضر اجتماع جيبوتي 29 يناير 2009م، إلى أن المدونة تُمثل مشروع صكٍ بشأن قمع القرصنة والسطو على السفن، حيث عُقد الاجتماع في بالعاصمة التنزانية دار السلام، بين 14-18إبريل 2008م، وتُعد المدونة أول محاولة ينخرط فيها عدد من دول إفريقيا لإنشاء اَلية تعاون مشتركة في مجال مكافحة القرصنة والسطو المُسلح على السفن في هذه المناطق، وتتألف المدونة من (17) مادة وديباجة، ومكوناتها المادية:-
- صك(وثيقة) المدونة، ويُمثل المرجعية النظرية.
- ثلاثة مراكز لتبادل المعلومات البحرية، وتُمثل جوهر تبادل المعلومات.
- مركز للتدريب البحري، الذي يُمثل أداة للتدريب البحري.
- صندوق استئماني يضطلع بتكفل أعباء التدريب وبناء القدرات.
- غرض مدونة سلوك جيبوتي 2009: تبادل المعلومات المعنية بالقرصنة البحرية، القبض على من يحاول السطو على السفن، تحديد الأعمال التي من شأنها تتمثل في القرصنة.
- النطاق الجغرافي لمدونة جيبوتي 2009م:
- تعديل جدة لمدونة جيبوتي للسلوك (2017م): دوافعها كانت: الاقتناع بأن النمو الاقتصادي الدائم والأمن الغذائي كلها تساعد على ضمان فاعلية التجارة العالمية، وتنمية الاقتصاد الأزرق.
- التأكيد على أن اتفاقية قانون البحار 1982م، هى الإطار القانوني للتنمية الاقتصادية البحرية.
- المواد القانونية المستحدثة في تعديل جدة 2017م: التدابير على الصعيد الوطني، تدابير مكافحة صيد الأسماك غير القانوني، حجز الأصول ومصادراتها، التدريب والتعليم[18].
المبحث الثاني : المبادرات الدولية والإقليمية إزاء المُهددات غير التقليدية لغربي المحيط الهندي والبحر الأحمر وخليج عدن
أولاً: المبادرات العسكرية:
- نتيجة تصاعد نشاط القرصنة البحرية قِبالة السواحل الصومالية وبحر العرب، أطلق الاتحاد الأوروبي بعثة من قواته تحت مسمى أتلانتا، وقد تجلت البعثة مهامها في:( حماية سفن برنامج الغذاء العالمي/مواجهة القرصنة والسطو المُسلح على السفن/مراقبة مناشط الصيد قشبالة السواحل الصومالية)، وفي السياق ذاته شارك حلف الأطلسي بعمليات أُطلق عليها(درع المُحيط) من(2009-2016م)، وكان متاح لها دخول البحر الإقليمي الصومالي.
ثانياً: مبادرات الأمن الناعم:
- أبرز المبادرات الرامية إلى مواجهة الظواهر المُخلة بالأمن البحري:-
- لجنة المحيط الهندي: أنشئت في موريشيوس 1982م.
- الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن: الدول الأعضاء(الأدرن/ مصر/السودان/ الصومال/اليمن/السعودية)، مهامها:(تقييم الأحوال البيئية والإدارة البيئية وتعزيز مفهوم التنمية المستدامة في المناطق الساحلية والبحرية.
- فريق الاتصال المعني بمكافحة القرصنة قِبالة السواحل الصومالية2008م: وتكون من (80) دولة، وهدفه: تنسيق الجهود السياسية والعسكرية غير الرسمية إزاء القرصنة وببناء قدرات الصومال.
- المركز الإقليمي لمقاضاة القراصنة وتنسيق الاستخبارات.
- مجلس الدول العربية والإفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن: أُعلن هذا التكتل (بالرياض في 6يناير 2020م)، ويضم (8) دول؛ بهدف حماية التجارة العالمية وحرية الملاحة الدولية والتصدي للقوى الخارجية التي تحاول زعزعة الأمن الإقليمي، حيث أن هذا المجلس بدأ التحضير لقيامه برعاية سعودية بمدينة جدة (ديسمبر 2018)[19].
ثالثاً:الأدوار العربية والإقليمية في مكافحة القرصنة البحرية في القرن الإفريقي:
تُعتبر كل الدول العربية التي تطل على البحر الأحمر في موقع المسئولية عن تأمينه، وقد أشار بعض الدول العربية إلى ذلك في بيان عقب الاجتماع الذي عُقد في مقر وزارة الخارجية المصرية في 20 نوفمبر 2008م، وذلك من خلال العمل المشترك؛ للتغلب على هذه المشكلة بالطرق القانونية والعسكرية والاقتصادية والفنية، ويُمكن إيجاز أبرز النقاط التي إليها البيان فيما يلي:
- تعزيز اَليات التعاون والتشاور بينها؛ لمواجهة القرصنة والحيلولة دون امتدادها إلى البحر الأحمر.
- تأكيد مسؤولية تأمين البحر الأحمر التي تقعُ على الدول العربية المُطلة عليه وقدرتها على تأمين حركة الملاحة به ومواجهة كل ما يهدده.
- تأكيد سيادة الدول على أراضيها ومياهها الإقليمية، بحيث تكون الإجراءات التي تُتخذ لمكافحة القرصنة متفقة مع القانون الدولي.
- الأخذ في الاعتبار الترتيبات الأمنية في خليج عدن وقبالة الساحل الصومالي.
- وضع التشريعات والعقوبات القانونية وفق أحكام القانون الدولي[20].
الخاتمة:
تناولت الدراسة موضوع أثر المُهدد الغير تقليدي ألا وهو(القرصنة البحرية)، حيث عرفت القرصنة من خلال عدة أوجة (كالاتفاقيات الدولية والفقة الإسلامي)، كما تناولت السياق التاريخي للقرصنة البحرية، وأكدت أن القرصنة ليس مُهدد مُستحدث، وإنما له جذور تاريخية منذ فترة ماقبل الميلاد، وهذا كان في الفصل الأول من المبحث الأول، ومن خلال المبحث الثاني من نفس الفصل، تناولت تعريف القرصنة البحرية وأنوعهاالمتنوعة وأسباب ظهورها، خاصة في القرن الإفريقي قِبالة السواحل الصومالية.
أما من خلال الفصل الثاني من المبحث الأول، تناولت الدراسة الأهمية الجيوسياسية والجيواستراتيجية والتنافس الدولي والأمني في غربي المحيط الهندي وخليج عدن، ومن خلال المبحث الثاني من نفس الفصل تناولت الدراسة الوضع الأمني للدول في الجزء القاري لغربي المحيط الهندي وخليج عدن، ومن خلال المبحث الثالث من نفس الفصل تناولت الدراسة التهديدات الأمنية غير التقليدية ذات الصلة بالقرصنة البحرية.
كما تناولت الدراسة من خلال الفصل الثالث من المبحث الأول، الاَثار الاقتصادية والأمنية للقرصنة البحرية في منطقة البحر الأحمر، وتناولت بالمبحث الثاني تداعيات وانعكاسات القرصنة البحرية على منطقة الدول العربية.
وأخيراً من خلال الفصل الرابع والأخير، تناولت الدراسة في المبحث الأول قرارات الأمم المتحدة ومدونتا جيبوتي 2009م وجدة 2017م؛ لمواجهة التهديدات غير التقليدية إزاء غربي المحيط الهندي، ومن خلال المبحث الثاني تناولت المبادرات الدولية والإقليمية إزاء المُهددات غير التقليدية، وذكرت الدراسة في هذا المبحث الأدوار العربية لمواجهة تهديد القرصنة البحرية.
النتائج:
- تنامي القرصنة البحرية في القرن الإفريقي وخليج عدن ناتج عن الاضطرابات الأمنية في الصومال، وتتم معالجتها وفق منظومة تأمين البحر الأحمر باعتباره جزءاً من منظومة الأمن القومي العربي.
- تفاقم القرصنة في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن سيلقي بتداعياتها السلبية على كل دول المنطقة؛ لأن القرصنة ستؤدي حتماً إلى زيادة النقل البحري، ما قد ينعكس سلباً على اقتصاديات ومسائل التنمية لدى الدول.
- تُقترن الحلول للتحديات والمشكلات السياسية والاقتصادية في منطقة القرن الإفريقي والبحر الاحمر وخليج عدن بحل قضايا قارة أفريقيا.
- أسهمت الاتفاقيات الدولية في الحد من الممارسات غير القانونية في كثير من مناطق العالم.
- أسهمت الطفرة المعلوماتية الهائلة في ابتكار طرق ووسائل حديثة لمكافحة القرصنة.
التوصيات:
- السعي نحو عقد مؤتمر دولي بشأن وضع معاهدة بحرية جديدة، يتم فيها تعريف جريمة القرصنة البحرية وفق قواعد القانون الدولي.
- العمل على تعزيز العمل العربي المُشترك للدول العربية التي تُطل على البحر الأحمر وخليج عدن بالوسائل الكفيلة المستخدمة (العسكرية/السياسية/الدبلوماسية)، المتمثلة في إنشاء قوات التدخل السريع؛ لمكافحة القرصنة البحرية في دول المنطقة.
- العمل على الحُلول المُشتركة لمشكلة القرصنة عن طريق حل أزمات الدول الإفريقية المُطلة على البحر الأحمر(الصومال)، عن طريق عمل دوريات وقائية تُراقب السفن التي تمر في البحر الأحمر وخليج عدن.
- كما أن للدول العربية أن تُحصن وتحمي منطقتنا عن طريق العمل المشترك القائم على الاتفاقيات الأمنية.
المصادر والمراجع:
أولاً: الكُتب العربية:
- على الدهب، (التنافس الإقليمي والدولي في البحر الأحمر وتداعياتها على الأمن القومي العربي)، مركز الجزيرة للدراسات، أكتوبر 2022م، ص(71:145).
- فيجاي ساكوب، القرصنة في خليج عدن وبحر العرب، الطبعةالأولى، (أبوظبي بالإمارات، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2014م)، ص(3).
- أ.قياتي عاشور، الأمن القومي العربي(التحدي وسبل المواجهة)، (حولية كلية الاَداب)، جامعة بني سويف، كلية الاَداب، 2017م، ص(139،143،144).
ثانياً: الدوريات والدراسات:
- د.مرتضى عبدالرحيم محمد، “أحكام القرصنة البحرية في الفقة الإسلامي (دراسة مقارنة)”، دراسة، (جامعة الطائف بالمملكة العربية السعودية، كلية العلوم والتربية)، ص(135:171).
- د.منى الشوري، جهود عملية التكامل الإقليمي لدول الجوار الإقليمي للصومال للحد من مشكلاته، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، العدد(2)، إبريل 2022.
- على الدهب، (التنافس الإقليمي والدولي في البحر الأحمر وتداعياتها على الأمن القومي العربي)، مركز الجزيرة للدراسات، أكتوبر 2022م.
- “أمن منطقة البحر الأحمر”، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، العدد(38)، نوفمبر 2018م، ص12.
- سمير العبدلي، (تأثير القرصنة الصومالية في البحر الأحمر وتداعياتها على الأمن القومي العربي)، مركز الجزيرة للدراسات، ديسمبر 2008م.
ثالثاً: المواقع الإلكترونية:
- ” تأثير القرصنة على الأمن العربي والدولي والمنظومة العربية في مواجهتها”، موقع المُقاتل،moqatel.com ،24/11/2022م.
[1]) أ.قياتي عاشور، الأمن القومي العربي(التحدي وسبل المواجهة)، (حولية كلية الاَداب)، جامعة بني سويف، كلية
الاَداب، 2017م، ص(139،143،144).
[2] )” تأثير القرصنة على الأمن العربي والدولي والمنظومة العربية في مواجهتها”، موقع المُقاتل،www.moqatel.com ،24/11/2022م.
[3] ) د.منى الشوري، جهود عملية التكامل الإقليمي لدول الجوار الإقليمي للصومال للحد من مشكلاته، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، العدد(2)، إبريل 2022.
[4] ) فيجاي ساكوب، القرصنة في خليج عدن وبحر العرب، الطبعةالأولى، (أبوظبي بالإمارات، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2014م)، ص3.
[5]) د.مرتضى عبدالرحيم محمد، “أحكام القرصنة البحرية في الفقة الإسلامي (دراسة مقارنة)”، دراسة، (جامعة الطائف بالمملكة العربية السعودية، كلية العلوم والتربية)، ص135:147.
[6]) مرجع سابق ذكره ص9، 157:161.
[7]) ياسر أبوحسن، القرصنة البحرية في القرن الإفريقي وتداعياتها الأمنية على المنطقة العربية، المجلة العربية للدراسات الأمنية، العدد(3)، 2018م، ص (322).
[8]) مرجع سابق ذكره ص9، ص(165:171)
[9]) على الدهب، (التنافس الإقليمي والدولي في البحر الأحمر وتداعياتها على الأمن القومي العربي)، مركز الجزيرة للدراسات، أكتوبر 2022م.
[10]) على الذهب، التهديدات الأمنية غير التقليدية غربي المحيط الهندي وخليج عدن(دراسة في تطوير اَليات المواجهة)، (مركز الجزيرة للدراسات، قطر الدوحة، ديسمبر 2021م)، ص(63:67).
[11]) مرجع سابق ذكره ص14.
[12]) مرجع سابق ذكره ص 15 ص(63:71).
[13]) مرجع سابق ذكره ص15، ص(72:99).
[14]) “أمن منطقة البحر الأحمر”، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، العدد(38)، نوفمبر 2018م، ص12.
[15]) مرجع سابق ذكره ص 11، مرجع 7.
[16]) مرجع سابق ذكره ص2، مرجع2.
([17] سمير العبدلي، (تأثير القرصنة الصومالية في البحر الأحمر وتداعياتها على الأمن القومي العربي)، مركز الجزيرة للدراسات، ديسمبر 2008م.
([18]مرجع سابق ذكره ص15، مرجع 9، ص(149-175).
[19]) مرجع سابق ذكره ص15، مرجع9، ص(131:145).
[20]) مرجع سابق ذكره ص11، مرجع 7، ص(11:12).