الأهداف الأمــــريــــكـــيـة المُحـــتـمــلة للـــمـــيــنــاء المؤقت في غــــزة
الإعلان عن إقامة ميناء مؤقت لغزة :
أُعـلـن في 7 مارس 2024أن الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال خطابه عن حالة الاتحاد سيأمر الجيش الأمريكي ببناء ميناء مؤقت في غزة لزيادة تدفق المساعدات للفلسطينيين المحتاجين إليها , وهو ما حدث فعلاً , وقال مسؤول كبير في الإدارة : “نحن لا نخطط لأن تكون هذه عملية تتطلب وجود قوات أمريكية على الأرض”, وأوضح أن الجيش الأمريكي لديه “قدرات فريدة” تسمح له ببناء ميناء أو جسر دون الحاجة إلى إرسال قوات إلى شواطئ غزة كما أن هذه الخطوة ستساعد السفن على الرسو على ساحل قطاع غـــزة لتوصيل إحتياجات سكان غـــزة من الغذاء والماء والدواء وغيرها من المساعدات وتعمل إدارة بايدن مع الحكومات والشركاء التجاريين لإنشاء ممر بحري من قبرص إلى غزة (من غير الواضح الدور الذي سيلعبه الشركاء الآخرون في إنشائه) من شأنه أن يكمل المساعدات التي يتم تسليمها بالفعل عبر الإنزال الجوي والطرق البرية وقال مسؤولون في الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة تلجأ إلى هذه المهمة العسكرية لأن الكيان الصهيوني لايسمح بدخول مساعدات كافية للتخفيف من الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب بين الصهاينة وحماس والتي يعاني منها 2.2 مليون فلسطيني في غزة وفي تطوار مــــواز وسيعلن بايدن أيضًا عن فتح معبر بري ثالث إلى غزة والذي أكدت الأمم المتحدة في 7 مارس 2024أنه سيسمح بتدفق المساعدات إلى الجزء الشمالي من قطاع غـــزة , وتتزامن هذه التحركات الأمريكية مع مـواصلة الولايات المتحدة الضغط على إالكيان الصهيوني لفتح المزيد من الطرق البرية التي تسمح بوصول المزيد من المساعدات إلى المحتاجين بسرعة وكفاءة أكبر من الطرق الأخرى ويبدو أن الأمـــريكيين عازمـــين علي وضع بصمتهم علي الصراع الآن وفي المستقبل هذا بإفتراض أن الصهاينة سوف لا يحركون ساكناً أو يلزموا الصمت فقد أشار مسؤول بالإدارة الأمريكية إلي :“نحن لا ننتظر”الصهاينة” وقال المسؤول الثاني في الإدارة: “هذه لحظة للقيادة الأمريكية (المركزية) ونحن نعمل على بناء تحالف من الدول لتلبية هذه الحاجة الملحة” .
جاء الإعلان عن إقامة الولايات المتحدة ميناء مؤقت أمام غــزة بعد عمليات إنزال جوية مُتتالية للمساعدات الغذائية لأهالي غزة قامت بها لعدة دول منها الولايات المتحدة ولكنها هذه الإنزالات الجوية للمساعدات أثارت إنتقادات مختلفة ولم تكن ناجحة بالمرة وعمقت شعور أهالي غــزة بالمرارة وأظهرت ضعف هذه الدول أمام صلف الصهاينة الذين تعرضوا ويتعرضون هم أنفسهم للإذلال والمهانة إثر ضربات المقاومة الفلسطينة إذأن جيش الصهاينة أماط اللثام عن حقيقته جراء ضربة طوفان الأقصي في 7 أكتوبر2023 فهو مجرد عصابة مسلحة متخصصة في شن هجمات عدوانية مُسلحة علي العزل من النساء والأطفال فيما نفس هذه العصابات المسلحة التي تجردت من الشرف العسكري تتلقي صفعات يومية من المقاومة الفلسطينية التي لو أن لديها سلاح جو أو دفاعات جوية لزادات من جرعات الذل لللعصابات الصهيونية المسلحة , علي أي حال فالإنزالات الجوية ثبت أنها غير عملية ومقصود بها ذر الرماد في العيون لجميل الصورة الجماهيرية لهذه الدول فحسب ومن بينها الولايات المتحدة التي نقلت وكالة رويترز في 8 مارس2024 أن مسؤولاً أمريكيا أفادها بإن الجيش الأمريكي نفذ عملية الإسقاط الجوي الرابعة للمساعدات على غزة وسط كارثة إنسانية تتكشف في القطاع الساحلي المزدحم وأن هذا المسؤل الذي تحدث للوكالة شريطة عدم الكشف عن هويته لم يقدم مزيدًا من التفاصيل حول عملية الإنزال الجوي بما في ذلك موقعه أو عدد الوجبات المقدمة , فالإنزال الأمريكي وفق الأنباء التي نُشرت في الإعلام أدي يوم7 مارس2024 أدي إلي مقتل خمسة أشخاص بعد أن لم تفتح بعض المظلات التي تحمل الطعام بشكل صحيح وهبطت على العديد من المدنيين بالأسفل بسرعات عالية , لكن ورداً علي هذه الأنباء أعلنت القيادة المركزية الأمريكية في 8 مارس 2024 أنها ترفض هذه الادعاءات التي تفيد بأن عمليات الإنزال الجوي الأمريكية تسببت في سقوط قتلى في غزة وفندت القيادة المركزية الأمريكية هذه التقارير قائلة على موقع X: “نحن على علم بتقارير عن مقتل مدنيين نتيجة عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية ونعرب عن تعازينا لأسر الذين قتلوا وخلافا لبعض التقارير لم يكن هذا نتيجة لعمليات الإنزال الجوي الأمريكية ” , لكن ووفقا للتقارير الواردة من غزة فقد فشلت آلية المظلة مما تسبب في سقوط حزم المساعدات وقتل ما لا يقل عن خمسة فلسطينيين وإصابة آخرين .
إزاء عدم فاعلية وفشل الإنزال الأمريكي للمساعدات الإغاثية الإنسانية شأنها شأن مساعدات الدول الأخري فقد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في 7 مارس 2024 أن الجيش الأمريكي (القيادة المركزية العسكرية الأمريكية) سيبني أيضًا ميناء مؤقتًا في الأسابيع المقبلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في غزة لتمكين إيصال المساعدات الإنسانية عن طريق البحر , وتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي عن إقامة القيادة الوسطي الأمريكي للميناء المؤقت امام بحر غـزة لإيصال المساعدات لغزة إفادة قدمها أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي الجنرال إريك كوريلا رئيس القيادة المركزية الأمريكية في 8 مارس2024عن ما وصفه بالعنف في منطقة الشرق الأوسط في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023على الكيان الصهيوني .
كيف سيُقام المــــيـناء ؟ :
وفقاً للمسؤولين الأمريكيين قولهم في 8 مارس 2024 أن بناء الميـــنــاء الــمــؤقت في غـــزة سيستغرق ما يصل إلى شهرين ويتطلب 1000 جندي أمريكي سيبقون قبالة الشاطئ وبمجرد اكتماله سيمكن من توصيل مليوني وجبة يوميًا وقدأعلن البنتاجون في نفس هذا اليوم أن الجيش الأميركي يتوقع أن يتيح الرصيف العائم الذي سيتم بناؤه قبالة ساحل غزة في الأسابيع المقبلة توصيل مليوني وجبة يوميا للفلسطينيين الذين يواجهون المجاعة وسوف لا يكون هناك إنتشار ما لقوات أمريكية وقال الميجور جنرال باتريك رايدر السكرتير الصحفي للبنتاجون للصحفيين إن بناء الرصيف البحري والجسر الذي يربطه باليابسة سيستغرق ما يصل إلى 60 يومًا وأكد أنه سييتطلب عمل من حوالي 1000 جندي أمريكي , وقال مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية “إنه في حين يتم تدريب البحارة ومشاة البحرية على متن السفينة بوكسر على أداء مهام إنسانية إلا أنهم يبقون في الولايات المتحدة “لأن مشاة البحرية لم يتمكنوا من الحصول على وسيلة نقل”وقال مسؤول وزارة الدفاع : “إذا لم تتم إدارة خطة صيانة السفينة يو إس إس بوكسر بشكل سيء بالكامل من قبل البحرية لعدة أشهر فمن الممكن أن يكون لدينا سفينة ومشاة البحرية هناك”ولم يتمكن مشاة البحرية من دعم مهام أخرى مثل الزلزال الذي وقع في تركيا العام الماضي لأن البحرية لم تكن قادرة على إرسال السفن ومشاة البحرية إلى البحر , وإصالاً بمسألة الممر البحري فمازالت الخطة تواجه مجموعة من التحديات أبرزها كيفية تفريغ المساعدات وتأمينها وتوزيعها , وقال أربعة مسؤولين آخرين من الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط إن العديد من العناصر لا تزال قيد المناقشة سوف تأتي الطرود الصغيرة قريبا عن طريق البحر ولكن بمجرد وضع خطة منسقة سيستغرق الأمر من 45 إلى 60 يومًا قبل أن يكون هناك إيقاع منتظم لشحن حزم المساعدة الكبيرة عبر البحر الأبيض المتوسط وسوف تتدفق المساعدات في البداية عبر ميناء لارنكا في قبرص اليونانية ويقع على بعد حوالي 230 ميلاً من غزة وهي مجهزة بالفعل بمعدات فحص عالية التقنية تسمح للمسؤولين الإسرائيليين المتمركزين في قبرص بالتحقق من محتويات الشحنات .
علي أية حال أنوه وأحذر وفقاً لخبرتي في العمل الدبلوماسي في قبرص وأشير إلي أن هذه الدولة الضعيفة المُقسمة إلي قسم يوناني وآخر تركي في شمال الجزيروة منذ يوليو1974 تعد أحد النقاط القوية جداً للمخابرات الصهيونية (موساد) ومما لا شك فيه أن موضوع المساعدات والميناء المؤقت سيفرز تداعيات أمنية ومخابراتية لابد أن تتحسب له حماس وحلفاءها .
هناك معلومات تشير إلي أن الإمارات العربية المتحدة وقطر تجريان محادثات مع القبارصة حول كيفية المساهمة في الممر البحري ولم يستجب المسؤولون من الحكومتين للتعليق علي ذلك على الرغم من وجود تقارير عن وصول المساعدات الممولة من الإمارات العربية المتحدة إلى غزة , كذلك فحسب تقرير لـوكالة “سيجما” الإخبارية من قبرص في “كتينغ إيدج” فإن أول ما يمكن قوله هو أن الممر الإنساني البحري “أمالثيا” يبدأ فوراً من قبرص دون الحاجة إلى إعداد البنية التحتية العائمة للتفريغ وهو ما أعلن عنه جو بايدن في 7 مارس2024 فقد بدأ بالفعل تحميل السفينة وستغادرة في9 مارس2024أو على أبعد تقدير في10مارس 2024 وتنتمي السفينة إلى منظمة “World Central Kitchen” غير الربحية وكانت في ميناء لارناكا في قبرص لأيام سابقة وبحسب المعلومات فإن هذه السفينة وأمثالها يمكن تفريغها في غزة دون الحاجة إلى بنية تحتية جديدة بينما تفيد معلومات من سيجما أنه تم استئجار سفينة ثانية مماثلة بنفس الإمكانيات من دولة تشارك في العملية برمتها وسيتم تفعيلها قريبًا وفيما يتعلق بالبضائع فقدوصلت بالفعل شحنتان من الإمارات العربية المتحدة إلى قبرص وتخطط أبوظبي لإرسال شحنة ثالثة قريبًا وفي الوقت نفسه فهناك بالفعل شحنة ثالثة من المساعدات الإنسانية جاهزة لإرسالها إلى غزة والتي تم شراؤها بالفعل من السوق القبرصية من قبل نفس المنظمة غير الربحية وفي الوقت نفسه فمن المتوقع أيضًا أن تصل قريبًا شحنة من المساعدات الإنسانية التي سيتم شراؤها من الاتحاد الأوروبي .
البدء في تشغييل الممر البحري لغزة من قــبـــرص :
أوردت إحدي الصحف القبرصية اليونانية في 9 مارس 2024 أنه من المتوقع أن تغادر سفينة Open Arms لارنكا خلال الساعات القليلة القادمة وأن الولايات المتحدة تبني منصة عائمة بطول نصف كيلومتر , وأن رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليديس قال إن السفينة ستغادر مدينة لارنكا خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة وأنه وكما هو معروف فإن الأمريكيون يقومون ببناء منصة عائمة ستكون بمثابة رصيف من أراضي غزة لإرسال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين عن طريق البحر لكن ليس من الواضح أن السفينة التي ستنطلق من قبرص ستقترب من المنصة الأمريكية ولدى سؤال الرئيس القبرصي عما إذا كان هناك أي جديد فيما يتعلق بالممر الإنساني ومشروع “أملثيا” أعرب عن ارتياحه أولا وقبل كل شيء لأن المبادرة التي تم إطلاقها في أكتوبر وبإصرار تحظى بهذا الاعتراف الدولي وأشار إلى أنه “كانت لدينا خطة محددة للغاية قدمتها في المؤتمر الذي عقد في باريس“, وقال الرئيس القبرصي : “أود أن أبلغكم أنه خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة ستغادر السفينة لارنكا ولا أستطيع تحديد الوقت المحدد لأسباب أمنية كما تفهمون” مشيرا إلى أننا “على اتصال دائم بالأطراف أوالدول التي دعمت هذه المبادرة – لقد شاهدتم أيضًا الإعلان ذي الصلة – وفي نفس الوقت أنا سعيد لأنه بعد المؤتمر الصحفي الذي عقد بالأمس مع رئيس المفوضية الأوروبية نتلقى مكالمات هاتفية من رؤساء الدول أو الحكومة أو وزراء الخارجية يعربوا لنا عن رغبتهم في المشاركة في هذه المبادرة فهي مبادرة تتم لأغراض إنسانية”وقال خريستودوليديس أيضاً إن جمهورية قبرص باعتبارها دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تحافظ على علاقات ممتازة في المنطقة مع جميع الدول المجاورة وتحاول في حدود إمكانياتها المساهمة في معالجة مثل هذه التحديات وإني”أعتبره تطورًا وما يمكن أن نقوله أن بلدنا يمكن نعم يمكن أن يكون نواة للأمن والاستقرار في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط الأوسع وهي منطقة ذات أهمية جيواستراتيجية بحسب ما أوردته وسائل إعلام عالمية فمن المقرر أن تغادر السفينة الإسبانية “أوبن آرمز” (المملوكة لمنظمة خيرية تحمل الاسم نفسه) قبرص متوجهة إلى غزة والسفينة المعنية كما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية رست قبل ثلاثة أسابيع في لارنكا وستقوم بسحب بارجة محملة بالعناصر المقدمة من مؤسسة World Central Kitchen الخيرية الأمريكية حسبما قال مؤسس Open Arms أوسكار كامبس لوكالة أسوشيتد برس , وقالت منظمة “أوبن آرمز” إن السلطات الإسرائيلية بدأت بتفتيش “حمولة 200 طن من المواد الغذائية الأساسية والأرز والدقيق والتونة المعلبة” , وأوردت صحيفة يونانية أخري في 9 مارس2024 أن السفينة الإسبانية “أوبن آرمز” جاهزة للإبحار ربما في غضون الساعات القليلة المقبلة من قبرص وهي أقرب دولة للاتحاد الأوروبي إلى غزة لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة وبحسب ما هو معروف حتى الآن فإنه لا يزال من غير المعروف أين سترسو السفينة عندما تصل إلى غزة وبحسب بي بي سي فإن السفينة التي من المتوقع أن تصل إلى غزة خلال الأيام المقبلة تابعة لجمعية Open Arms الخيرية الإسبانية ورست قبل ثلاثة أسابيع في لارنكا بينما من المتوقع أن تقوم بقطر مواد رعاية مقدمة من جمعية World Central الخيرية الأمريكية كما قال أوسكار كامبس مؤسس منظمة Open Arms لوكالة أسوشيتد برس , كما أوضحت هذه الجريدة أن مسؤولون أمريكيون قالوا إن الميناء (المؤقت في غزة) سيكون قادرا على استيعاب السفن الكبيرة التي تحمل الغذاء والماء والأدوية والملاجئ المؤقتة وستصل الشحنات الأولى عبر قبرص حيث ستجري عمليات تفتيش أمنية إسرائيلية وأخيرا قال متحدث باسم البنتاجون إن الرصيف يمكن أن يساعد في توصيل ما يصل إلى مليوني وجبة يوميا , وفي صحيفة أخري قبرصية يونانية في 9 مارس 2024أعرب وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس لوكالة الأنباء القبرصية (CYPE) عن تفاؤله بتفعيل عملية “أملثيا” في نهاية هذا الأسبوع لإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة وفي تصريحاته لـ KYPE قال السيد كومبوس إن التخطيط لعطلة نهاية الأسبوع هذه ولكن هناك بعض المشكلات التي لا تزال بحاجة إلى توضيح وقال إنه مع اقترابنا من الموعد المحدد نحتاج إلى التأكد من أن البيانات على ما يرام مضيفًا أن “هناك تفاؤلًا بأن عطلة نهاية الأسبوع ستكون بمثابة التنشيط”وأضاف أن وجهة النظر هي أن هذا يجب أن يتم في أسرع وقت ممكن ولكن الهدف هو “عدم السماح للسرعة بالتأثير على الكفاءة وتحقيق التوازن”وردا على سؤال عما إذا كانت رحلة الطيارين قد مضت أمس قال وزير الخارجية إننا نتحدث عن نفس الشيء فأول رحلة بحرية سيتم تفعيلها (الخطة) و”طالما لا توجد مشكلة بشكل رئيسي على الجانب الآخر أي من بالطبع ليست مسؤوليتنا كقبرص أن لا يحدث شيء في المنطقة وإذا حدث ذلك دون مشكلة فإننا نعتبر أنه بدأ ونحن مستعدون لمهمة ثانية وثالثة”وفي سؤال حول الضمانات التي قدمها الصهاينة قال د. وقال كومبوس: “انظر من السهل جدًا أن يقع حادث ويمكن للأشخاص التحرك للمساعدة بسبب الوضع الذي يعيشون فيه” وقال : “يمكن أن يكون هناك عمل خبيث من قبل البعض فهناك الكثير من الأشياء التي لا يمكن التنبؤ بها من يقول أنها على ما يرام””إنها مسألة عملياتية على الأرض بقدر ما تذهب السفينة أثناء الرحلة عندما تقترب عندما تصل عندما تفرغ لديها الكثير من الأدلة لذلك لا يمكن لأحد أن يخبرك أنه لا توجد مشكلة لأنها في منطقة حرب وأضاف وزير الخارجية أن المهم من وجهة نظرنا هو أن لدينا المسؤولية والسيطرة على آليتنا أبعد من ذلك بقية الأطراف وهناك التحالف على نحو «يكون فيه لكل فرد دور ومسؤولية بحسب الإمكانيات التي يملكها» وأشار إلى أنه لا أحد يتوهم أنه يستطيع السيطرة على الوضع “هناك قضايا مختلفة لذلك نقول إن النافذة هي نهاية هذا الأسبوع طالما لا توجد اضطرابات مثل أي حادث سواء في غزة أو في الكيان الصهيوني أو على الحدود مع لبنان يسبب اضطرابات ترى أنها ستؤثر حتى الطقس يمكن أن يسبب مشكلة هذا هو الوضع في الوقت الراهن”.
في الحقيقة لم يُعثر علي إجابة منطقية لسؤال منطقي وهو لماذا يُقام ميناء مؤقت في حين أنه من الممكن إيصال المساعدات للفلسطينيين عبر المنافذ البرية أو من ميناء أشدود (عسقلان) فهذا الميناء وهو ميناء صهيوني في المياه العميقة على بعد أقل من 25 ميلاً من غزة لكن المسؤولين الصهاينة رفضوا فتح المعبر الحدودي الشمالي فيما يشكل ميناء العريش المصري جنوب قطاع غزة نقطة وصول رئيسية للمساعدات لكن جميع الشحنات يجب أن تمر بعملية تحميل شاقة على الشاحنات التي تسافر إلى موقع تفتيش صهيوني ليتم تفريغها وإعادة تحميلها مرة أخرى لتنضم بعد ذلك إلى خط متزايد من المركبات التي تنتظر دخول الأراضي الفلسطينية , وفيما يتعلق بذلك قال مسؤولون في الأمم المتحدة إن نحو 576 ألف شخص أي أكثر من ربع سكان جيب غزة على حافة المجاعة وقالت وزارة الصحة في غزة في وقت سابق من مارس 2024 أن 20 شخصا على الأقل توفوا بسبب سوء التغذية والجفاف , وستشارك في هذه الجهودالإنسانية قوات أمريكية بما في ذلك لواءالنقل السابع بالجيش المتمركز في فرجينيا وستتضمن العملية – كما أشرت – بناء رصيف عائم في البحر يسمح للسفن بتسليم المساعدات التي سيتم بعد ذلك تحميلها على سفن الدعم البحرية وتفريغها على جسر عائم وسيتم توجيه الجسر المكون من مسارين والذي يبلغ طوله حوالي 1800 قدم إلى موقع هبوط على الشاطئ وتأمينه على الأرض من قبل جهات غير تابعة للولايات المتحدة والأفراد الذين لم تُحدد هويتهم وستصل الشاحنات بعد ذلك إلى الجسر لالتقاط ونقل المساعدات وتنسق الولايات المتحدة مع دول أخرى في المنطقة والأمم المتحدة ومنظمات إنسانية لتحديد كيفية توزيع المساعدات بمجرد وصولها إلى البر وسيبقي الأفراد الأمريكيين إما على الجسر أو على متن السفن .
من الـــضروري تعيين مسبق للأفراد أو الجهة التي ستتسلم مواد الإغاثة الإنسانية من الأمريكيين من منطقة ساحل غــزة , فهل هذه الجهة ستكون هي الأمم المتحدة أم حماس أم الصهاينة أم الأمريكيون أنفسهم أم قطر ؟ لم يستقر الأمر في هذا الشأن بعد ؟ ثم هناك أمر تأمين العملية , فهل تتعهد حماس ويتعهد الصهاينة بعدم مهاجمة الأمريكيين وهو يؤدون هذه المهمة ؟ إن الأمر قد يتعلق بصفة منطقية بتطبيق وقف إطلاق إنساني خاصة أنه لم يُستدل بعد أن جيش الصهاينة يبلي بلاء حسناً في حرب غـــزة فطول فترة الحرب زادت وهن وضعف وتماسط جيش الصهاينة لكن طول المعركة لم يؤثر علي أي نحو علي قدرات ودوافع الأمريكيين في توريد السلاح للصهاينة فلازال الأمريكيون مصممين علي تقوية ساعد الصهاينة لإدارة حرب إبادة للفلسطينيين وبنفس التصميم يدعمون موقف الصهاينة السياسي والدبلوماسي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وإحباط أي محاولة لإصدار قرار دولي من مجلس الأمن الدولي بوقف دائم لأطلاق النار في غـــزة ومن ثم فالسؤال الحيوي في هذا الموضوع يجب أن يكون كالتالي : لماذا قررت الولايات المتحدة إقامة ميناء مؤقت في غزة بدواعي إنسانية من أجل إنقاذ الشعب الفلسطيني كما تدعي وفي نفس الوقت تدعم الصهاينة مباشرة في حرب الإبادة لنفس هذا الشعب ؟ ثم كيف تدعم الولايات المتحدة وبصفة مباشرة القدرات العسكرية المتناقصة للصهاينة في حربهم اللانسانية في غـــزة ثم في نفس الوقت لا تستطيع فرض رأيها في إستمرار هذه الحرب أو علي الأقل تمرير مساعداتها براً أو مساعدة مصر في تمرير المساعدات الإنسانية الراكدة في العريش للنفاذ إلي الفلسطينيين من مــعــبر رفــــح ؟ هناك فجوات في مواقف الأمريكيين علي الأقل إن لم يكن أيضاً في مـواقف الأطراف الأخري , علي أية حال فقد قال بايدن للصحفيين في 8 مارس2024أن الصهاينة سيوفرون الأمن لهذه الجهود أي أنهم وافقوا علي مبدأ إيصال المساعدات الأمريكية من خلال الميناء المؤقت أي أن الصهاينة موافقين علي إقامة الميناء ( يُقال أن الصهاينة لم توافقوا بعد على مهمة أمنية والسيطرة على الحشود على رأس الجسر وإن المفاوضات مستمرة بما في ذلك ما إذا كانت القوات الصهيونية ستكون مسؤولة أيضًا عن إزالة الألغام في مناطق تجمع المساعدات) لكن علي أية حال فالصهاينة وافقوا بسهولة مريبة علي مبدأ إقامة الميناء المؤقت وهذا يعني بكل بساطة أنه ربما كانت الفكرة صهيونية أو صهيونية / أمريكية يمكن أن تحقق من خلال تصرف يبدو أنه إنساني أهداف أو هدف عسكري أو عسكري/ أمني , لكن ماذا عن تأمين هذه المساعدات من خطر هجوم محتمل عليها من حماس فكما يقوم الصهاينة بتفتيش المساعدات القليلة الآتية للغزاوين من المعبر البري رفي رفــح فمن حق حماس من الوجهة الأمنية تفتيش المساعدات الأمريكية الداخلة لـــغــزة وأعتقد أن هذا الأمر أثير أو سيُثار من قبل حماس وسينقله الوسيط الــقــطــري للولايات المتحدة وقد يؤدي هذا الأمر لعرقلة الجدول الزمني لإقامة هذا المــيـــناء الــمــؤقت لأني أعتقد وحماس أيضاً تعتقد وأي مراقب يعتقد أن الرضي الــصهيوني الغريب لإقامة هذا المـيـــنـاء المـؤقت وراءه ما وراءه فهم من سبق لهم تدمير ميناء ومطار غزة القديم الذان تمت إقامتهما بناء علي إتفاقات أوسلو , إن إقامة هذا الميناء المؤقت أيسر كثيراً من الترتيبات السياسية والأمنية لإقامته خاصة لو علمنا أنه سيتم توجيه هذه المساعدات عبر قبرص وأنها ستخضع للتفتيش من قبل الكيان الصهيوني وقد أعلنت جمهورية قبرص والمفوضية الأوروبية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة بالطبع بدعم من شركاء مهمين آخرين عن نيتهم فتح الممر البحري لتقديم كميات إضافية من المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها .
إن أحد المبررات المعلنة لإقامة هذا الميناء المؤقت هي أن عملية إسقاط المساعدات جواً كانت مهمة معقدة وشكلت خطراً على المدنيين في الأسفل ولا توفر إلا قدراً ضئيلاً نسبياً من الإغاثة في وضع مثل الحرب االصهيونية في غزة .
من جهتهم فإن الفلسطينيون في غالبيتهم ينظرون إلى أمر بايدن ببناء “رصيف” لجلب المزيد من المساعدات على أنه أمر تجميلي وجاء بعد فوات الأوان لأن قد الأمر يستغرق شهرين على الأقل في حين يعاني 93% من سكان غزة من الجوع عند مستويات الأزمة في الوقت الحالي وقد أصدر جو بايدن أشد انتقاداته حتى الآن لبنيامين نتنياهو وفي تقديري فإن ذلك مرجعه أن حرب الإبادة التي يمارسها الصهاينة ويضطر الرئيس بايدن لدعمها سياسياً وتسليحياً بل بمشاركة مقاتلين أمريكيين جلبت للرئيس بايدن سخط ومعارضة قطاع من الرأي العام الأمريكي خاصة الشباب وهو لذلك مضطر لأسباب إنتخابية محضة لإتخاذ قرار إقامة الميناء المؤقت إسترضاء لهذا القطاع من الرأي العام الأمريكي تحسباً للإنتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2023 كما هو مضطر وربما بدافع ديني أشد ودافع أخر إنتخابي أن يسترضي اليهود والصهاينة من أجل أصواتهم في هذه الإنتخابات , لكنه علي حال خسر معظم العرب الأمريكيين وهوحتى يدعم كلماته بإجراءات حازمة فإن هذه الانتقادات لرئيس وزراء الصهاينة معرضة لخطر أن تكون جوفاء فقد اتهم الرئيس الأمريكي نتنياهو بـ”إيذاء دولة الكيان الصهيوني أكثر من مساعدتها” وهي انتقادات تضاف إلى تعليقاته المثيرة التي قيل إنه استخدمها سرا لكن منتقدين يقولون إن الأمر لا يزال مجرد كلام وأن الكيان الصهيوني كحكومة لا يستمع فلا تزال هذه الحكومة تتحدث عن شن هجومها العسكري على رفح كما أعلنت عن خطط لبناء آلاف المنازل الإضافية للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة وهو ما يتعارض مع معظم تفسيرات القانون الدولي الأمر الذي أدى إلى تأجيج المشاعر في منعطف حرج في هذه الحرب وقال بايدن عن سياسة رئيس الوزراء الصهيوني في غزة : “لديه الحق في الدفاع عن “الكيان الصهيوني”وهو الحق في مواصلة ملاحقة حماس ولكن يجب عليه يجب أن يولي المزيد من الاهتمام للأرواح البريئة التي يتم ذبحها , وقال بايدن إن سياسة نتنياهو في غزة “تتعارض مع ما يمثله “الكيان الصهيوني” من مثل ديموقراطية!!!! وأعتقد أنه خطأ كبير وأريد أن أرى وقفاً لإطلاق النار”ولكن على عكس الرؤساء الأمريكيين السابقين فإن الرئيس بايدن يرفض اتخاذ إجراءات لتعزيز هذا الخطاب لإجبار حليفه الضال على الامتثال فلم يكن لدى رونالد ريجان مثل هذا الضمير في لحظات الخلاف مع الكيان الصهيوني فقد أوقف تسليم الطائرات المقاتلة وسمح بتمرير 21 قراراً للأمم المتحدة وانتقدت إدارة ريجان الكيان الصهيوني خلال فترة وجوده في منصبه كما سمح جورج بوش الأب باستخدام رفض المساعدات للصهاينة كضغط دبلوماسي كما سمح بتمرير إجراءات اعتبرت معادية للصهاينة في الأمم المتحدة , وعلي العموم ربما تكون لدى بايدن شكوك شديدة بشأن الهجوم االصهيوني على غزة لكنه لن يسمح بتمرير قرار واحد للأمم المتحدة واحد ينتقد فيه أو يعرقل شرور الصهاينة في غـــزة وأيضاً يواصل الموافقة على توريد كميات كبيرة من الأسلحة الأمريكية لدعم نفس الهجوم على الرغم من المعارضة المتزايدة من أعضاء حزبه في الكابيتول هيل فيما يصر حلفاء الولايات المتحدة مثل وزير خارجية المملكة المتحدة اللورد كاميرون على أن يقوم الصهاينة بالمزيد كفتح معبر إيريز في شمال غزة والسماح للمساعدات بالهبوط في موانئ أشدود وعسقلان على بعد أميال قليلة من غـــزة وإذا كان بايدن يعتقد حقاً أن نتنياهو يضرالكيان الصهيوني أكثر مما ينفعه فإن منتقدي بايدن يقولون إنه لا يزال بحاجة إلى إظهار ما ينوي فعله بصفة جدية حيال ذلك .
الأهــــداف الأمريـــكـــية المُحتملة من إقامة مـــيـــنــاء مؤقـــت في لــغزة :
بادئ ذي بدء فلابد كي تشرع الولايات المتحدة في إقامة هذا المـيــنـــاء المـــؤقـــت – والمُفترض حتي الآن – أن تقيم إتصالات مباشرة أو غير مباشرة مع حــركـــة حـــمــاس فذلك إلي بالإضافة إلي كونه إجراء ضروري فهو واقعي بنفس الدرجة وقد يكون هذا قد تم عبر القطريين وتنسيقهم مع فصائل المقاومة داخل قطاع غـزة بصفة مُحددة وهذا ما يفسر إصرار الأمريكيين علي الإبقاء علي القناة القطرية رغم إعتراض الصهاينة عليها لكنها في النهاية – في نظر الأمريكيين – ستظل مفيدة للصهاينة وللأمريكيين ولحماس أيضاً فالقطريين قد إكتسبت قناة الإتصال معهم صلابة ومصداقية مع تراجع الدور المصري الذي تعد قناته مع غـــزة تُدار بالروح والذهنية التي يُدار بها معبر رفح الذي دانت نهايته الأبدية مع المعابر الأخري التي يُسيطر عليها الصهاينة , وكذلك لابد وأن تـــنسق مع الـــصهاينة علي الأقل حتي تخرجه من دائرة بنك الأهداف بإعتباره إما منشأة مدنية أو منشأة أمريكية .
مما يُثير الإنتباه والحذر معاً أن الكيان الصهيوني الذي يرفض تماماً فتح المعابر ويهاجمها ومنها معبر رفح رغم أنه مصري / فلسطيني وبالتالي هناك شرعية مطلقة في الدفاع عنه , هذا الكيان وافق علي إقامة الولايات المتحدة لميناء مــؤقت أمام غزة ويتظاهر الكيان بإنه سيقوم بتفتيش المساعدات المنقولة من قبرص لهذا الميناء المؤقت , والسرعة ما بين إعلان الرئيس الأمريكي في الإعلان عن هذا الميناء في 7 مارس 2024وبداية تنفيذه تسترعي النظر وإستنتاج أن الإدارة الأمريكية قتلت الموضوع بحثاً مع الصهاينة الذين إن وافقوا عليه فلابد أن تكون موافقتهم مصدرها أن الميناء سيحقق لهم أهداف لم يحققوها علي بر غــزة وقد يحققها الإقتراب من غــزة
1- قد يكون من بين الأهداف الأمريكية من إقامة ميناء في غــزة (سبق أن دمر الصهاينة الميناء القديم الذي أقامه الإتحاد الأوروبي) أن يكون هذا الميناء مـرتبط بخطة الولايات المتحدة بشأن اليوم التالي بعد إنتهاء الحرب في غـزة سيعقبه لوصح هذا الإفتراض إجراءات أخري ذات صلة وربما بطبيعة مختلفة
2- إن خــطة الولايات المتحدة (والصهاينة بصفة خاصة) من إقامة هذا الميناء المؤقت الآن – وقد يتحول لميناء مُستديم – إن كان واقعاً في نطاق زمني مرتبط باليوم التالي بعد إنتهاء الحرب في غـزة أن يكون الـهدف الــمُراد هو فـــصــل قطاع غـــزة نـــهائياً عن مـــصــر مما سيُعد إنتصاراً غير عسكري حققه الصهاينة الذي دأب بعضهم علي ترديد أن مصر كانت مصدراً رئيسياً لتهريب الأسلحة المختلفة لحركة حماس عبر الأنفاق , والوقت المناسب لوقف هذا الإجراء الأمريكي لعدة أسباب قد فات علي مصر لوقف هذا الإجراء الأمريكي الذي يعتبر الصمت الصهيوني عليه رضي تام عن فصل القطاع نهائياً عن مـــصــر رغم إصرار الصهاينة علي تجويع قطاع غـــزة ووقف أعمال وخدمات الأونروا .
3- قد تكون الولايات المتحدة بإتفاق مع الكيان الصهيوني تريد تحقيق هدف فصل قطاع غــزة كـتلياً عن مـصـر إذ من الواضح – علي الأقل في ضوء المعطيات الناجمة عن إقامة الميناء المؤقت -أن مـــصــر مـُعرضة لأن تفقد ميزة أنها لصيقة ومتاخمة جغرافياً لقطاع غــزة وهي الميزة التي أكسبتها التأثير والتأثر بغزة مما منح مصر دائماً الأولوية في مشاركة الشعب الفلسطيني في غــزة , لكن من الواضح أن هذه المـيـزة قد فقدتها مـــصـر أو كـــادت أن تفقدها فقد قررت الولايات المتحدة جعل قبرص اليونانية التي تبعد نصف ساعة طيران عن غزة نقطة إرتكاز للإمدادات الإنسانية لغزة بدلاً من رفح أو العريش وبالتأكيد هناك أسباب متنوعة وراء ذلك قاسمها المشترك أن شيئاً ما سيئ وسلبي قد طرأ علي العلاقة الأمريكية/ المصرية والتي قسم كبير منها راجع لمضاعفات العدوان الصهيوني الغاشم علي غـــزة والمسافة التي تضاءلت وقربت كثيراً بين السياستين الصهيونية والمصرية من حماس الأمر الذي كان أقل نتائجه فقدان مصر لميزة الوسيط المؤثر علي حركة حماس وحلفاءها في القطاع الأمر الذي أدي لشبه إنفراد من قطر بملف الحرب والسلام في غـــزة , وفي غمار تلك الحرب التي تتغير مجرياتها السياسية كل يوم من الصعب أن تسترد مــصــر مركزها السابق لدي الغزاويين ولدي حركة حمـاس وحلفاءها مـعـاً , كما أن الممر البحري ذي الطبيعة الإنسانية اليوم يمكن أن يكون مفيدا حتى بعد انتهاء الحرب أي أنه يمكن استخدام نفس هذا الممر على المدى الطويل لنقل مواد البناء لإعادة إعمار غزة وبالتالي فإن حكومة قبرص قد تكون مركزاً لوجيستيكياً لعملية إعادة إعــمــار غـزة أيضاً وعليه تكون قـــبــرص قد فازت والحالة هذه بمعظم ثمار الإعمار في غزة من الوجهة التجارية وربما شركات المقاولات القبرصية ومن الوجهة اللوجيستيكية وليس من قبيل الصدفة أن أردوجان وتركيا حاولا بتصريحاتهما منع إنشاء الممر لان تركيا تابعت الموقف وعلمت قبل الإعلان الأمريكي عن قرار إقامة الميناء الموقت أن الأمور سائرة في إتجاه بعيد عنها أي في قبرص اليونانية التي تناصب تركيا العداء , فهذا القرار أبعد مــصــر ربما بقدر أكبر من تركيا , وتأكيداً لذلك أشبير إلي أنه قد صدر في 8 مارس 2024بيان مشترك أعلنت فيه مفوضية الأمم المتحدة للشؤن الإنسانية وقبرص والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ( لم يتضمن البيان أن مصر لها علاقة بهذا الإعلان) عن عزمهم فتح ممر جديد بالتنسيق مع سيجريد كاج من الأمم المتحدة , وجاء في هذا البيان المشترك أن “الجهود المخلصة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة لحشد الدعم للمبادرة” ستشهد قريبًا وصول شحنة تجريبية أولية إلى ساحل غزة وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن ذلك قد يحدث في نهاية هذا الأسبوع , ومن جانبها قالت الحكومة القبرصية إنها ستجتمع قريبا مع كبار المسؤولين لمناقشة تسريع الطريق البحري الجديد في اعترافها بالإعلان الأمريكي في 7 مارس2024 من الرئيس جو بايدن عن إقامة رصيف مؤقت جديد لتوزيع المساعدات على ساحل غزة وجاء في بيان الأمم المتحدة المُشار إليه أن كل هذه الجهود “سيتم تنسيقها بشكل وثيق مع حكومة الكيان الصهيوني” وخلص البيان إلى أنه “يجب علينا جميعا أن نفعل المزيد لضمان وصول المساعدات إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها” , وردا على أسئلة المراسلين في نيويورك قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن السيدة كاج كانت على اتصال وثيق مع قبرص “وشاركت في المناقشات حول المبادرة كطريق وصول إضافي إلى غزة بما يتماشى مع ولايتها”وأضاف أن التفاصيل التشغيلية للشحنات البحرية المحددة أو بناء الرصيف أو الميناء تتم إدارتها من قبل شركاء المبادرة , وردا على سؤال حول الفعالية المحتملة للخطة الأمريكية وطرق المساعدات البحرية قال السيد دوجاريك إنه “لا يوجد بديل لنشر المساعدات على نطاق واسع عن طريق البر” وحركة المرور التجارية على الرغم من أن دخول المساعدات بوسائل أخرى كان موضع ترحيب .
4- يُحتمل كذلك أن تكون من بين الأهداف الأمريكية من إقامة ميناء مؤقت في غـــزة أن تكون الولايات المتحدة تريد أن تجعل من قبرص نقطة إرتكاز دائمة للتعامل مع غـــزة والإستغناء بصفة نهائية عن المعابر البرية علي إختلاف تبعيتها وبالذات مـعـبر رفــح الـمـصـري وبالتوازي إستخدام قبرص نفسها كنقطة إستقبال لمن يريد من سكان غــزة التوجه والهجرة لأوروبا – علي فرض رغبة سكان غـــزة الهجرة من غــزة – وذلك بشكل تدريجي وكذا تصفية المقاومة الفلسطينية علي مراحل خاصة وأن هناك في قبرص قاعدتين بريطانيتين للتنصت وأعمال الإستخبارات الأخري (هما معاً تعتبران جزءاً من الأراضي البريطانية ماوراءالبحار) ويُذكر في هذا الشأن أن منسق الأمم المتحدة يتمتع بتفويض من مجلس الأمن لتسهيل وتعزيز ومراقبة وصول المساعدات إلى أكثر من مليوني من سكان غزة المحتاجين ويتواجد الآن فريق فني في مكتب مفوضية الأمم المتحدة في قبرص التي قادت حكومتها تطوير الآلية الجديدة لشحن المساعدات من تلك الجزيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط إلى غزة .
5- هــدف آخر مــُحتمل قد يكون من بين الأهداف الأمريكيةإنطلاقاً من ربط قبرص بميناء غــزة المــؤقت وهو أن يجــعـل الأمريكيين من قبرص مركز اتصالات / مفــاوضات بديل عن الـقـاهـــرة خاصة وأن ثقل مصر في الموضوع الفلسطيني ككل مصدره الأول جوار مصر اللصيق بقطاع غزة جغرافياً وإقامة الميناء المؤقت أنهي الإحتياج لمعبر رفح والعريش مـعاً وأصبح مـطار لارناكا لا العريش هو مــحـطة الإتصال مع ميناء غـزة المؤقت الذي يُستبدل بإقامة ميناء مُستديم وربما مطارمع تطورات سياسية لاحقة .
6- إن قرار الولايات المتحدة إقامة مـيـنــاء مؤقت لغزة ليس بالقرار الذي تم إتخاذه لخدمة أغراض وأهداف الأمد القــصــير وإنما هو قرار مـــُرتبط بما يُعرف باليوم الـــتالي لإنتهاء الحرب علي غزة أو الحرب في غـــزة والذي سيطرح فيه مُجدداً الرؤية الأمريكية لحل الدولتين ذلك الحل الذي بقدر ما يُعتبر غامـــضاً يُعتبر كذلك مـــُعقداً ليس فقط بسبب قضايا كالمستوطنات وشكل وطبيعة نظام الحكم في هذه الدولة الفلسطينية بل الأهم والأخطر قضية السيادة في هذه الدولة الـمـُقترحة وقضايا الدفاع عن دولة كهذه سحقتها آلة حرب عمياء صهيونية لابد أن تطمئن وتضمن الإحتفاظ بتسليح يردع الكيان الصهيوني ويؤمن وجودها , ويبذل نتنياهو أقصي جهوده بدعم من الولايات المتحدة ليس لتحقيق نصرفي غزة بقدر ما يبذل هذه الجهود المدعومة من الولايات المتحدة لإخراج حماس وكل حلفاءها المقاومين الشرفاء البواسل من معادلة الحكم في غزة لإنتاج عملية ديموقراطية مُبتسرة تؤدي إلي دولة مسخ شائهة معوقة تماثل نظم الحكم العربية القائمة في العالم العربي , ففي كتابه “بناء غزة لائقة” يؤيد رئيس منتدى الشرق الأوسط دانييل بايبس خطة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو التي أعلنها مؤخراً لإنشاء هيئة حكم جديدة في غزة غير تابعة لحماس أو للسلطة الفلسطينية المبتلاة بالفساد بقيادة غفير الدرك محمود عباس متولي التنسيق الأمني المقدس مه شذاذ الآفاق من الصهاينة , ويقول المنتقدون إن هذه الخطة لا يمكن الدفاع عنها لأن سكان غزة لا يحبون الإسرائيليين ولن يعملوا معهم , وبالتالي فمن الطبيعي جداً لهذا السبب ولغيره أن لا يتجنب واضعي السياسة الأمريكية وبالتحديد من يوكل إليهم أو سيوكل إليهم في الإدارة الأمريكية القادمة في نوفمبر2024 حقيقة أن شعب غـزة وحماس أصبحا شيئاً واحدا كي لا يضيعوا وقتهم هدراً فمن غير المعقول أن يتنازل شعب غزة والضفة الغربية بقدر متساو عن قيادة حماس له بعد أن دفعت عن طيب خاطر وطواعية ضريبة الدم الباهظة وأدارت حرباً حتي شهرها الخامس أنهكت وأذلت جيش منكوب قوته إفتراضية دعائية يديره شركاء متشاكسون , وبالتالي فالواقعية ستجبر واضعي ومتخذ القرار السياسي في الولايات المتحدة علي الإقرار بحقيقة الرقم الــحــــمـــاسي في معادلة فلسطين وليس غــزة فحسب , إن عملية طوفان الأقصي المتواصلة حتي يومنا هذا ليست حدث وقتي محدود لكنها عملية مُنتجة وإيجابية ومـُتتابعة تماثل ظاهرة أمـــواج البــحــر إذ أنها أولاً لا تتوقف ثانيا هي عملية أكسبت الوطن والإنسان الفلسطيني حيوية بعد ما شارفت القضية الفلسطينية علي الإنزواء والذبول , فها هي بطوفان الأقصي قد أينعت ونمت وحان وقت جني ثمارها للفلسطينيين وليس للرئيس بايدن أو نتنياهو الذي يحاول يائساً ومعه معاونيه من الـــعرب إحـــباط عزيمة المقاوم المقاتل والمفاوض الفلسطيني حتي لا ينال حقة في ثمرة النصر المؤزر بعون الله تعالي .
7- ما يؤكد أن الهدف الأمريكي من وراء إقامة الميناء المؤقت ليس نبيلاً 100% أن الولايات المتحدة التي إستطاعت فرض إقامته علي الكيان الصهيوني كان يمكنها أن تفرض دخول المساعدات الإنسانية من أي من المعابر البرية لولا أن الهدف المؤكد من ميناء غـزة المـؤقت غير إنساني بالمرة فالهدف هدف سياسي / أمـــني يحقق للكيان الصهيوني بعض الأهداف التي تستعصي عليه في بـر غـــزة وربما يمكن قليلاً إستكشاف الهدف الصهيوني مما أعلن في 9 مارس 2024 عن أن وزارة النقل الصهيونية بعثت وفدا صهيونياً برئاسة عوزي يتسحاقي رئيس شركة الموانئ الصهيونية إلى قبرص لبحث إمكانية شراء أحد موانئ الجزيرة التي تعد ثالث أكبر جزر البحر الأبيض المتوسط وتشير صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن تل أبيب تسعى من خلال شراء ميناء في قبرص إلى تحقيق هدفين رئيسيين هما :
الأول : استخدام الميناء لتفتيش السفن التي تحمل المساعدات الإنسانية قبل وصولها إلى الميناء الذي تعمل الولايات المتحدة على إنشائه على سواحل غزة .
الثاني: فك الحصار المفروض على موانئ إسرائيل فقد قالت الصحيفة إن الخطوة جزء من مساعي تل أبيب لإيجاد طرق بحرية لنقل البضائع إلى إسرائيل استجابة للتحديات الراهنة وما قد يحمله المستقبل من تحديات للأمن القومي الإسرائيلي فيما يتعلق بالخدمات اللوجستية البحرية .
وفي تقديري أن ما إستنتجته تلك الصحيفة مستبعد فالصهاينة الذين مارسوا الإبادة الجماعية بإستمتاع شاذ لا يمكن هم أنفسهم الذين يتجشمون عبء تكلفة شراء ميناء لتفتيش مواد إغاثة الفلسطينيين كما أنهم يعلمون أن بمجرد إنتهاء حرب غزة سيتوقف الحوثيين عن إستهداف السفن التجارية في باب المندب
في تقديري لأن هذا الميناء المؤقت سوف يستخدمه الأمريكيين والصهاينة إستخداماً أمنياً / عسكرياً وإقتصادياً فهو أمني / عسكري للهجوم علي غــزة وتهديدها بصفة دائمة بعد أن تضع حرب غــزة أوزارها بمعني أنه سيظل سيفاً مسلطاً علي رقبة غزة وربما يؤكد ذلك موقعه , فهذا الميناء تم إنشاءه ليكون دائماً وليس مؤقتاً كما يحاول الأمريكيين أن يقنعوا الكافة , كما أن هذا الميناء سيتحول إلي جزيرة مــعدنـــية في المـــسقبل كالمنصات المعدنية التي تقيمها شركات البترول للإستكشافات والإستغلال البترولي والغازي , فالأمريكيون والصهاينة يعلمون أن هناك إحتمالات غازية مــُعتبرة أمام ساحل غــزة وبهذا الميناء يمكن أن يشرع الكيان الــصهيوني في البدء في عــمــلية الإســـتكــشاف للغاز الطبيعي في بـحر غـزة فلا يمكن إقامة هذا الميناء المؤقت إلا بذريعة الإغاثة الإنمسانية أما بغير هذه الذريعة فستقوم المقاومة بتخريبه في الــحـال , فهذا الميناء المؤقت سيكون أمـــراً واقـــعاً في المـــســـتـــقبل لا فكاك منه إلا بالتفاوض فمع من سيكون هذا التفاوض مع السلطة أم حماس أم من ؟ فالمـــيناء الــمــؤقت إنما تمت إقامته لمصلحة الكيان الصهيوني وليس كما يدعون لمصلحة الفلسطينيين ولأهداف إنسانية إذ كيف للأمريكيين أن يوفروا إغاثة للفلسطينيين وهم يرسلون يومياً وبإنتظام تموين السلاح والذخيرة لإبادة الشعب الفلسطيني في غزة ؟ .
الـــــــســــــفــــيــــر : بـــــلال الـــــمـــــصـــــري –
حصريا المركز الديمقراطي العربي – الــــقــــاهــــرة . تــحـــريـــراً في 12 مارس 2024