قــــــناة الـــســــويــــس في عــالــم مــضـــطـــرب
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
أفادت بلومبرج في 4 مارس 2024 أن مصر تجري دراسة جدوى لاستكشاف توسعة قناة السويس لتسريع أوقات العبور وأوضحت الوكالة نقلا عن رئيس هيئة قناة السويس في تصريح له في 3 مارس 2024 أن المشروع المقترح سيحول المقاطع ذات المسار الواحد والتي تمتد بطول 50 كيلومترا في الجزء الشمالي و30 كيلومترا في الجزء الجنوبي إلى معابر ذات حارتين ومنع الانسدادات المحتملة في مسارات القناة وأشار إلى أن شركتين عالميتين تقومان بإعداد دراسات جدوى لمشروع مضاعفة قناة السويس يُشارإلي أنهما شركة إيس محرم باخوم ودار الهندسة اللتان تجريان دراسة جدوى للمشروع وتقييم الشركاء المحتملين وقد قدمتا الدراسات الأولية لمضاعفة قناة السويس في إطارإستهداف تنفيذ مشروع تطوير القناة الملاحية في منطقة البحيرات الكبرى ومضاعفة المساحة بمقدار 10 كيلومترات لتنضم إلى قناة السويس بحيث أن قناة السويس الجديدة سيكون طولها 82 كيلومترا بدلا من 72 كيلومترا لزيادة عدد السفن ويجري العمل بالفعل لتمديد القناة لمسافة 10 كيلومترات بالقرب من المدخل الجنوبي , وفي 4 مارس 2024صرح رئسش هيئة القناة مُستدركاً فقال أن مشروع الازدواج الكامل للمسار الملاحي للقناة لا يزال في مرحلة الدراسة وأن مرحلة الدراسة تشمل دراسات الجدوى ودراسات الجدوى البيئية والهندسية والمدنية بالإضافة إلى أبحاث التربة والتجريف وغيرها من الدراسات التي ستقوم الهيئة بتنفيذها بالتعاون مع كبرى الشركات الاستشارية العالمية المتخصصة في هذا المجال وأضاف أن الشركة ستعمل على استكمال مرحلة الدراسة خلال 16 شهرا تقريبا تمهيدا لعرض المشروع على الحكومة على أن يتم توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروع مستقبلا من الموازنة الاستثمارية للهيئة معتمدة من وزارة المالية دون تحميل أي أعباء إضافية على الموازنة العامة للدولة وأوضح أن الازدواجية الكاملة لمشروع القناة تهدف إلى تحقيق ازدواج كامل للقناة في الاتجاهين مما يسمح برفع تصنيف القناة وزيادة قدرتها التنافسية فضلا عن زيادة القدرة العددية والاستيعابية للقناة لتصبح القناة قادرة على استيعاب جميع فئات وأحجام سفن الأسطول العالمي وأن الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع تطوير القطاع الجنوبي بتوسيع القناة ستكون بمقدار 40 مترا شرقا من الكيلو 132 إلى الكيلو 162، فيما يجري العمل حاليا على استكمال الجزء الثاني من القناة تطوير القطاع الجنوبي بمشروع مضاعفة القناة بطول 10 كم وهذا القطاع جاري تنفيذه بتمويله من خلال الموازنة الاستثمارية للهيئة بالجنيه المصري دون تحميل موازنة الدولة أي مبالغ إضافية ويهدف المشروع إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة بمقدار 6 سفن وزيادة عامل السلامة الملاحية في ذلك القطاع بنسبة 28%.
يُذكر أنه سبق وأن قامت مصرعام2015بمشروع إنشاء ممر مائي موازي بطول 35 كيلومترا سابق تكلف ما يقدر بنحو 8.2 مليار دولاروافتتح في 2015ويأتي المشروع الجديد في الوقت الذي تشهد فيه القناة انخفاضًا حادًا في الإيرادات بسبب تحويل شركات الشحن بعيدًا عن الممر المائي فقد بلغ الإنخفاض في إيرادات قناة السويس نسبة 40 – 50% وأشاررئيس هيئة قناة السويس إلى أن هناك مخاوف من انخفاض الإيرادات التي إنخفضت بنسبة 46% من 804 ملايين دولار في يناير من العام الماضي إلى 428 مليون دولار في نفس الفترة من العام الحالي2024وتتأتى أرباح مصر من النقد الأجنبي بشكل رئيسي من القناة ومن ثم فإن الانخفاض الحالي يمثل صعوبة كبيرة بالنسبة للاستقرار الاقتصادي في مصر , وتدر قناة السويس عادة لمصر نحو 10 مليارات دولار من العائدات سنويا بسبب هجمات الحوثيين في اليمن على السفن في البحر الأحمر المتجهة للكيان الصهيوني رداً علي حصار هذا الكيان لـغزة التي أعلن الصهاينة الحرب عليها بعد عملية طوفان الأقصي في 7 أكتوبر 2023التي كانت نتيجة حتمية لإعتداءات المحتلين الصهاينة المُتكررة علي المسجد الأقصي والشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية .
يعتمد الاقتصاد المصري بشكل أساسي على قناة السويس وحققت دخلاً قدره 9.4 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023، بزيادة قدرها 35٪ عن العام السابق لكن مصر تمر حالياً بواحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية التي تتميز بارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير وانخفاض قيمة العملة وارتفاع الدين الخارجي الذي تجاوز 164مليار دولار وكنتيجة يؤثر انخفاض إيرادات قناة السويس سلبًا على النظام المالي في مصرخاصة في خضم هذه الأزمة الخانقة , ووفقا لبيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية فقد انخفض عدد رحلات العبور الأسبوعية عبر قناة السويس بشكل كبير بنسبة 42% خلال الشهرين الماضيين وكان الانخفاض ملحوظًا بشكل خاص بالنسبة لعدة أنواع من السفن : فقد انخفض عبور سفن الحاويات بنسبة 67% وانخفضت حركة الناقلات بنسبة 18% وانخفضت سفن البضائع السائبة بنسبة 6% وفي ظل التوترات الحالية توقف نقل الغاز أيضاً .
إن المشروع الجديد لاستكشاف توسعة قناة السويس لتسريع أوقات العبور يهدف في النهاية إلي المساهمة في حل أزمة مصر الإقتصادية بإعتبار قناة السويس رافد رئيسي لدخل مصر من العملة الصعبة , والمشروع الآن خاضع لدراسات الجدوي التي لابد وأنها ستتناول مسائل فنية بيئية وهندسية وأخري متعلقة بمشروعات لوجيستيكية قد ترقي إلي حد كونها مشروعات منافسة لقناة السويس وسيتم الانتهاء من دراسات الجدوى للمشروع خلال 16 شهرًا بما في ذلك الدراسات البيئية والهندسية والمدنية ودراسات التربة وبعد الانتهاء من هذه الدراسات سيتم تحديد ما إذا كان سيتم البدء بالمشروع أو إلغاؤه أو تأجيله , ويعرب المسؤليين المصريين وعلي رأسهم رئيس هيئة قناة السويس عن ضرورة المشروع الحالي وأنه يجب الانتهاء من هذا المشروع قبل عام 2034 فمن المرجح وفقاً لرئيس هيئة قناة السويس في تصريح له لـ«الشرق بيزنس» أن تقف السفن في طوابير لساعات أطول للعبور عبر قناة السويس بعد عام 2034 ما لم يتم تنفيذ التوسعة بسبب الزيادة المتوقعة في حجم التجارة العالمية وأكد “أنه لا بديل لقناة السويس فقد ثبت ذلك في مارس 2021 عندما أغلقت القناة لمدة ستة أيام بعد جنوح إحدى أكبر سفن الحاويات في العالم في أحد ممرات القناة .
تفكر مصر في توسيع كبير لهذا الممر المائي الحيوي في خطوة استراتيجية لتعزيز قدرتها التشغيلية ونفوذها التجاري العالمي وتمضي مصر الي إنجاز مشروع تطوير وتوسيع القناة في خضم الاضطرابات الأخيرة في التجارة العالمية التي لا يُعرف علي وجه التحديد نتائجها وتداعياتها الغامضة علي طرق التجاراة العالمية ومساراتها , فمصر تسعي إلي إستباق هذه النتائج غير المعروفة وجهتها ورفع إنتاجية قناة السويس لمنافسة قناة بنما مما سيمثل علامة بارزة في التجارة البحرية , إن توسعة قناة السويس ليست مجرد مناورة استراتيجية في عالم التجارة العالمية كما أنها قد تحمل آثارًا اقتصادية عميقة على مصر من خلال مضاعفة عدد السفن التي يمكنها عبور القناة بحلول عام 2023وتتطلع مصر إلى زيادة كبيرة في إيرادات رسوم المرور والتي يمكن أن تتضاعف وفقًا لتوقعات الحكومة ومن شأن هذه المكاسب المالية غير المتوقعة أن توفر دفعة مطلوبة بشدة للاقتصاد المصري مما يعزز استقرارها المالي وتمويل المزيد من تطوير البنية التحتية ومع ذلك مايزال مشروع التوسعة يخضع لدراسات أولية صارمة لتقييم جدواه وتأثيره البيئي حتي لا تكون توسعة الممر المائي على حساب السلامة البيئية , وتوسعة القناة قد تكون ضرورة لو أن التجارة الدولية إزدهرت وهو إتجاه يعتوره بعض الغموض حالياً إلا أن الأرقام الحالية تشير إلي أنه لا يمكن إنكار المخاطر البحرية الحالية في البحر الأحمر حيث تنقل عبره ما يقرب من 50 سفينة بضائع بقيمة تتراوح بين 3 إلى 9 مليارات دولار يوميا (أي 1تريليون دولار سنويا) وفقًا لموقع FT.com وأن ما يصل إلى 15% من التجارة البحرية العالمية بما في ذلك 8% من الحبوب و12% من النفط المنقول بحرًا و8% من الغاز الطبيعي السائل المنقول بحرًا” تمر عبر الطريق البحري الضيق كل عام , ومع تسبب تهديد الحوثيين في خفض حركة المرور في البحر الأحمر بنسبة 44%، فإن اقتصادات إثيوبيا وإريتريا والسودان التي تمتد على الجانب الغربي من مسار النقل البحري بالبحر الأحمرتتضررت بشدة مع تعرض مصر لخسارة جزء كبير من رسوم العبور السنوية البالغة 9 مليارات دولار, وسيضيف التحويل حول إفريقيا عن طريق رأس الرجاء الصالح ما بين سبعة إلى 20 يومًا من العبوربما في ذلك 3000-3500 ميل بحري إضافي (6000 كيلومتر) وبالتالي فقد ارتفعت أسعار الشحن للحاوية القياسية المنقولة من الصين إلى شمال أوروبا من 1500 دولار في نوفمبر2023 إلى أكثر من 4000 دولار في مستهل عام 2024 فالطريق حول رأس الرجاء الصالح يزيد من طول الرحلات من الشرق الأوسط إلى أوروبا بأكثر من الضعف وبالتالي يقلل من المعروض من الحمولة المتوفرة في السوق وهو ما يبرر جزئياً المضي في مشروع التوسعة لقناة السويس , لكن العوامل والمخاطر السياسية لابد وأن تدخل في معادلة جدوي المشروع فلا أحد يعلم شيئاً عن نتيجة حرب غـــزة ولا أدوار أطراف هذه الحرب ولا مصير الكيان الصهيوني نفسه .
قال رئيس مجموعة الشرق الأوسط للوجستيات والاستشارات كريم سلامة لموقع Get Enterprise daily في 13 مارس2024إن ازدواجية قناة السويس بالكامل في الوقت الحالي لن تؤثر بالضرورة على إيراداتها أو تزيد عدد السفن التي تعبر الممر المائي وأن مثل هذه التوسعة ستتطلب من القناة رفع طاقتها ورسوم العبور نظرا لأنها ممولة ذاتيا وأوضح أن إيرادات القناة تتأثر فقط بالنمو العالمي وتطورات النشاط التجاري وأسعار النفط وقيمة حقوق السحب الخاصة – التي تؤثر على كيفية حساب رسوم العبور – والظروف الجيوسياسية وستظل إزدواجية قناة السويس ممكنة على المدى الطويل , وفي الواقع فقد أعربت شركات الشحن عن نيتها استئناف الملاحة في قناة السويس لكنها طالبت بتخفيض الرسوم وتقديم حوافز للمساعدة في تعويض الزيادة في الإيرادات أقساط التأمين وتكاليف الشحن الناجمة عن هجمات البحر الأحمر , لكن هيئة قناة السويس أعلنت في 17 أكتوبر2023 عن زيادة رسوم العبور العادية عبر الممر المائي بنسبة 15% اعتبارا من 15 يناير 2024 وأوضحت في منشور عبر موقعها على الإنترنت إن زيادة رسوم العبور العادية ستشمل ناقلات البترول الخام وناقلات المشتقات البترولية وناقلات الغاز البترولي المسال وناقلات الغاز الطبيعي المسال وناقلات المواد الكيميائية والمواد السائلة الأخرى بالإضافة إلى سفن الحاويات وحاملات السيارات وسفن الركاب والوحدات العائمة الخاصة كما أعلنت الهيئة عن زيادة رسوم العبور العادية بنسبة 5% لكل من “سفن البضائع الصب الجافة وسفن البضائع العامة وسفن الدحرجة والسفن الأخرى” بينما سيتم إعفاء سفن الحاويات القادمة مباشرة من موانئ شمالي غربي أوروبا ومتجهة مباشرة إلى موانئ الشرق الأقصى من الزيادة المذكورة , والأثر السلبي للتهديدات الجارية في جنوب البحر الأحمر لها نتائج ضارة جداً بقناة السويس فمثلاً غذت أزمة البحر الأحمر وقناة السويس موجة جديدة من ارتفاع أسعار الفائدة في شرق أفريقيا فحتي مارس 2017 واجهت البنوك المركزية في شرق أفريقيا موجة جديدة من ارتفاع أسعار الفائدة لاحتواء الضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين للسفن التي تحول مسارها من قناة السويس نتيجة للصراع في الشرق الأوسط الذي لا يزال يعرقل تدفق البضائع عبر البحر الأحمر فقد عقد بنك أوغندا (BoU) مؤخرًا اجتماعًا للجنة السياسة النقدية (MPC) الذي رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 10 % للتعامل مع تهديدات التضخم الجديدة ويشير هذا إلى ارتفاع محتمل في أسعار الفائدة في كينيا وتنزانيا، حيث يمر 15% و10% على التوالي من التجارة الخارجية عبر الممر المائي المصري وفقًا لبيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) .
ثــــورة إسـتـراتـيـجـياـت النـــقــــل :
هناك إتجاه عالمي لـــخفض تكلفة النقل بين القارات عبر المسطحات المائية بحار كانت أو محيطات أو المسطحات البرية عبر الدول ومن أجل تحقيق هذا الهدف إتجهت بعض الدول سواء بمفردها أو من خلال تحالفات وشراكات إلي تنفيذ مشروعات شق قنوات , وأهم هذه المشاريع التي يعد بعضها منافس لقناة السويس أو يؤثر في قوة تنافسيتها ومركزها الفريد في إستراتيجيات النقل :
1- مبادرة الحزام والطريق / : ولهذه المبادرة إمكانية كبيرة لتحقيق تحسينات واسعة في التجارة والاستثمار الأجنبي وظروف المعيشة للمواطنين في البلدان المشاركة فيها ولكن شريطة أن تتبنَّى الصين والاقتصادات التي تقع على امتداد هذه الممرات إصلاحات عميقة للسياسات تزيد من الشفافية وتُحسِّن القدرة على تحمُّل أعباء الديون، وتحُد من المخاطر البيئية والاجتماعية ومخاطر الفساد وتتسم هذه المبادرة بــ :
أ. تعوق مواطن النقص والقصور في البنية التحتية والسياسات في الاقتصادات الواقعة على امتداد ممرات الحزام والطريق التجارة والاستثمار الأجنبي. وقد يساعد توفير مرافق جديدة للبنية التحتية على سد هذه الثغرات، ولكن الأمر باهظ التكلفة- والاستثمارات تحدث في سياق تزايد الديون العامة وتذهب التقديرات إلى أن حجم التجارة في الاقتصادات الواقعة على امتداد ممرات المبادرة يقل 30% عن إمكاناته وأن الاستثمار الأجنبي المباشر يقل 70% عن قدراته الكامنة .
ب. مشروعات النقل في إطار مبادرة الحزام والطريق يُمكن أن تؤدي إلى توسيع التجارة وزيادة الاستثمارات الأجنبية وتقليص الفقر وذلك عن طريق خفض تكاليف التجارة ولكن بالنسبة لبعض البلدان فإن تكاليف مرافق البنية التحتية الجديدة قد تفوق المكاسب وإذا تم تنفيذ مبادرة الحزام والطريق تنفيذا كاملا فإن مشروعات النقل في إطار المبادرة قد تؤدي إلى تعزيز التجارة بنسبة تتراوح بين 1.7% و6.2% على مستوى العالم وزيادة الدخل الحقيقي عالميا بنسبة من 0.7% إلى 2.9% .
ج. إجراء إصلاحات تكميلية للسياسات قد يساعد على تعظيم الآثار الإيجابية لمشروعات النقل في إطار المبادرة وضمان أن يتم تقاسم المكاسب على نطاق واسع وبالنسبة لبعض البلدان سيكون من الضروري إجراء إصلاحات حتى تجني مكاسب صافية من مشروعات النقل في إطار المبادرة ويمكن أن يزيد الدخل الحقيقي للاقتصادات الواقعة على امتداد ممرات المبادرة بمقدار مثلين إلى أربعة أمثال إذا نفَّذت إصلاحات لتقليص التأخيرات على الحدود وتخفيف القيود التجارية.
د. تنطوي مبادرة الحزام والطريق على مخاطر تتسم بها في العادة مشروعات البنية التحتية الكبيرة وهذه المخاطر قد تتفاقم بسبب نقص الشفافية وانفتاح المبادرة وضعف العوامل الاقتصادية الأساسية ومستويات الحوكمة في العديد من البلدان المشاركة وهذه المخاطر تتعلق بالقدرة على الاستمرار في تحمل أعباء الدين سيشهد 12 بلدا من البلدان الثلاثة والأربعين المنخفضة والمتوسطة الدخل التي أُتيحت عنها بيانات مفصلة تدهور آفاق قدرتها على تحمُّل أعباء الدين في الأمد المتوسط وهناك مخاطر متصلة بالحوكمة من شأن التوجُّه نحو اعتماد الممارسات العالمية الجيدة مثل المناقصات العامة المفتوحة والشفافة أن يؤدي إلى زيادة احتمال أن يتم تخصيص مشروعات الحزام والطريق للشركات الأقدر على تنفيذها وهناك مخاطر بيئية فقد خلص تحليلمبادرة الحزام والطريق إلى أن مشروعات البنية التحتية للنقل في إطار المبادرة قد تؤدي إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 0.3% على مستوى العالم وبما يصل إلى 7% أو أكثر في بعض البلدان مع زيادة الإنتاج في القطاعات ذات المستويات المرتفعة من الانبعاثات .
قد تتعافى الصين من الركود الاقتصادي الحالي لإكمال مبادرة الحزام والطريق وبالتالي تقليل مركزية قناة البحر الأحمر الجديدة ومع احتمال ضم شرق أوكرانيا وبحر آزوف إلى روسيا في المستقبل القريب فسوف يظهر صناع ملوك جدد على رقعة الشطرنج الجيوسياسية .
2- مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا(IMEC) :
أعلن عنه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال قمة العشرين التي عقدت في الهند في 9 سبتمبر2023كما أعلن عنه أيضاً في نفس القمة الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وهذا الممر جزء من مبادرة أطلق عليها الشراكة من أجل الاستثمار في البنية التحتية العالمية ووفق ما صرح به جيك ساليفان مستشار الأمن القومي لبايدن فهذا المشروع يضم كل من الهند والسعودية والإمارات والأردن والكيان الصهيوني والاتحاد الأوروبي وسيساعد خط السكك الحديدية ممر الملاحة في ربط جزء كبير من العالم وتحسين الاتصال الرقمي ودفع مزيد من التجارة بين الدول وهذا يشمل منتجات الطاقة مثل الهيدروجين ولم يحدد المسؤولين في الأمريكيون إطارا زمنيا لاستكمال المشروع كما أنهم لم يوضحوا تفاصيل تمويل المشروع ومن الواضح أن المشروع هدفه إعتراض وعرقلة مبادرة الحزام والطريق الصينية ولخدمة الكيان الصهيوني إذ قال جيك ساليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي “نعتقد أن المشروع نفسه جريء ويمكن أن يغير مجرى الأمورلكن الرؤية خلف المشروع جريئة ومغيرة بنفس الدرجة وسنرى تكرارها في أنحاء أخرى من العالم أيضا” وأضاف “أن البنية التحتية المعززة ستدفع النمو الاقتصادي وتساعد على التقريب بين الدول في الشرق الأوسط وتقديم تلك المنطقة كمركز للنشاط الاقتصادي بدلا من مصدر للتحديات والصراع أو الأزمات ” , وفي تقديري أن الجزء المتعلق بالبداية من الإمارات وحتي حيفا مروراً بالأردن والسعودية سبق وأن أعلن عنه Yisrael Katz وزير النقل والمُخابرات الصهيوني أمام مؤتمر الإتحاد الدولي لطرق النقل IRU الذي عُقد في مسقط في الفترة من 6 إلي 8 نوفمبر 2018وحضره وشارك فيه بناء علي دعوة من الحكومة العُمانية حيث أعلن من مسقط عن مشروع ربط ميناء حيفا الواقع بشرق البحر المُتوسط بالدول العربية الواقعة علي الخليج العربي وهو مشروع روج له الكيان الصهيوني بالتوازي مع تحركاته العلنية والسرية لتطبيع العلاقات الصهيونية معدول يُعتقد أنها عربية بشكل كامل ولوحظ في إعلان هذا الوزير أنه قال للحضور من الوزراء وكبار المسئولين “أنه رغم الغياب الكامل للعلاقات الدبلوماسية بين الكيان الصهيوني والدول العربية إلا أن ربطاً بالسكك الحديدية يجب أن يكون لربط المنطقة ” , وكأنه بعبارته تلك يُظهر للحضور بأن مسألة العلاقات الدبلوماسية المُفتقدة مع دول الخليج رسمياً حتي الآن ليست مسألة ذات أهمية , وكأنه كذلك يريد أن يُظهر أن “الكيان الصهيوني” دولة مُفعمة بمشاعر الخير والرغبة في النفع العام , وبالتالي فهي ليست دولة إحتلال أوأنها تنتهك حقوق الفلسطينيين أصحاب هذه الأرض التي سيربط جزء منها بموانئ دول الخليج العربي التي سمحت إحداها (عُمان) أن يُعلن مخلوق كهذا منها عن مشروع كهذا لتتجاوز به عُمان عن جريمة إحتلال وما يرتبط بها من جرائم ليس بينها وبين الإرهاب من فروق إلا الحروف اللغوية فقط , وكأن دماء الشهداء والمصابين التي أُريقت علي الأرض العربية لم تكن ولا يعتد بها “المُعظم ” في مسقط وهوالذي سمح بأن يكون السيرك الصهيوني علي أرضها , وكان من المتوقع مثلاً أن تصدر الحكومة العُمانية بياناً رسمياً علي الأقل ترد به علي Yisrael Katz يتضمن رفضها لأي مشاريع كتلك التي إقترحها وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katzوإلتزام حكومة عُمان بما صدر عن القمم العربية من قرارات ذات الصلة بذلك والتي أُعيد التأكيد عليها في البند رقم 17 بالبيان الختامي الصادر في نهاية قمة بيروت العربية عام 2002 والذي نصه” يُؤكد القادة في ضوء إنتكاسة عملية السلام إلتزامهم بالتوقف عن إقامة أية علاقات مع إسرائيل وتفعيل نشاط مكاتب المقاطعة العربية لإسرائيل حتي تستجيب لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد للسلام والإنسحاب من كافة الأراضي العربية المُحتلة حتي خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967″ , وهذا ما لم يحدث للأسف فزيارة Benjamin Netanyahu رئيس الوزراء الصهيوني الرسمية لمسقط في 25 أكتوبر 2018 كانت في حد ذاتها الرد العُماني / الصهيوني علي ما ورد بالبند 17 المُشار إليه , المهم أن المشروع ذاته والذي أعلنه Yisrael Katz والمعلومات الفنية ورسمه البياني Diagram والتفاصيل اللوجيستيكية الرئيسية المنشورة عنه شحيحة , فكل ما أُتيح من معلومات التي نُشرت عن مصدرها الصهيوني هي :-
– أن المشروع يأتي في إطار مبادرة “مسارات للسلام الإقليمي Tracks for Regional Peace” التي أعلنها الكيان الصهيوني .
– أن من بين أهداف المشروع وفقاً للإعلام الصهيوني : (1) تقوية الروابط مع العالم العربي و(2) مواجهة التوسع الواضح للنفوذ الإيراني عبر المنطقة و(3) ربط منطقتي المتوسط بدول منطقة الخليج العربي بمسار سكك حديدية تبدأ من امتداد خط السكك الحديدية Haifa-Beit She’an شرقي حيفا ليصل الخط للحدود مع الأردن ويتوقف أيضاً بمدينة جنين بالضفة الغربية ( قدم Yisrael Katz في الأشهر الأخيرة اقتراحا إلى مجلس الوزراء الأمني الصهيوني لإقامة جزيرة اصطناعية قبالة ساحل غزة من شأنه أن يوفر منفذاً للقطاع على العالم لكنه سيتيح للكيان الصهيوني في الوقت نفسه مزيداً من الإحكام والسيطرة الامنية على البضائع والمواد الداخلة والخارجة من وإلي غزة بواسطة هذه الجزيرة ) .
– أوضح وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katz في أبريل 2018 ( وهو من المُعارضين لقيام دولة فلسطينية) أن هناك عنصران أساسيان في هذه المبادرة ، هما أن الكيان الصهيوني سيصبح جسراً برياً بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط والأردن , وأن الأردن سيصير مركز نقل إقليمي ، سيتم ربطه بنظام سكك حديد الكيان الصهيوني والمتوسط في الغرب وبالمملكة السعودية وبدول الخليج وبالعراق في الشرق والجنوب الشرقي وبالبحر الأحمر عبر العقبة وإيلات في الجنوب , وأن البنية التحتية القائمة للنقل بالكيان الصهيوني وبالمملكة السعودية وبدول الخليج وحتي بالعراق (الجزء الذي يربط الخط السعودي بعُمان في الخريطة الصهيونية المُبسطة والتي نُشرت عن المشروع أُشير إليه علي أنه جزء مُحتمل) ستسمح بتطبيق المبادرة في وقت قصير نسبياً . *(THE TIMES OF ISRAEL . بتاريخ 19 فبراير 2019) .
– في اجتماع عقد في الأسبوع الثاني من فبراير 2019 توصل رئيس الوزراء الصهيوني Benjamin Netanyahuووزير النقل Yisrael Katz إلى اتفاق بشأن تفاصيل هذه المبادرة ، حيث وجه Netanyahu مكتبه بالبدء في تطوير خطة المشروع بالتشاور مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا , وبالفعل فقد عُرض مُخططه علي المستشارة الألمانية Angela Merkel , وتتوقع المصادر الإعلامية الصهيونية أن تلعب الولايات المتحدة دوراً مهماً في تقديم الدعم السياسي للمشروع , ورداً على سؤال من صحيفة THE TIMES OF ISRAEL في 7 أبريل2019 قال مسؤول في البيت الأبيض إن الاقتراح “مثير للاهتمام” ، لكنه قال إن الولايات المتحدة لم تكون مُوقفاً من المشروع بعد . * (المصدر السابق)
– أشار وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katz أن فكرة هذا المشروع ستجعل من الكيان الصهيوني جسر بري وتستفيد من موقعها بين قارات ثلاث , وأن هناك ثمة جوانب تاريخية وأمنية وإقتصادية ونقلية في خطة هذا المشروع , أما بالنسبة للجانب الأمني فالمشروع يتضمن إجابة علي التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز (ومن هنا يُفهم الدور الحيوي لعُمان في هذا المشروع) فمن بين مهام المشروع تحويل نقل السلع عبر البحر الأحمر لشحنها إلي الجهات النهائية بالخليج من الكيان الصهيوني . وأشار كذلك إلي أن تركيا تستخدم بالفعل الكيان الصهيوني كجسر لنقل بضائع تركية محمولة علي 5,000 شاحنة سنوياً يتم تفريغ حمولاتها بميناء حيفا لتُنقل من حيفا إلي الأردن والسعودية ودول الخليج العربي .* (Jerusalem Post . بتاريخ 5 أبريل 2017)
– أن وزير النقل والمخابرات الصهيوني شرع في التشاور مع مسئولي مصر والدول المعنية التي سيتم ربط شبكاتها الحديدية القائمة بمسار المشروع الذي يوفر منفذاً لهذه الدول علي أوروبا من خلال ميناء حيفاً (؟) لكنه لم يتلق بعد موافقة من أي منهم حتي الآن *.
علي أية حال فالكيان الصهيوني ولكي يحل أزمة مبادرة الحوثيين في اليمن لضرب حصار عليه مماثل أو يكاد للحصار الذي تشترك في عدة دول محبة للكيان الصهيوني وداعمة له فقد تم تشغيل جزئي للممر الإقتصادي من باب الإضطرار , وبموجب هذا الترتيب أمكن للسفن التي تحمل بضائع من الشرق الأقصى تفريغ حمولتها على شاحنات أردنية في دبي أو البحرين ويتم نقل الشحنة عبر المملكة العربية السعودية والأردن ثم نقلها إلى شاحنات صهيونية للمرحلة الأخيرة من الحدود الأردنية إلى ميناء حيفا الإسرائيلي على البحر الأبيض المتوسط ويمكن للبضائع المتجهة إلى مصر أن تسافر براً أو بالسفن إلى ذلك البلد وقال الرئيس التنفيذي لشركة Mentfield عمر إزهاري The Times of Israel هذا الأسبوع إن “عشرات الشاحنات يوميا وليس فقط من جانبنا تسهل هذا الطريق لتقصير أوقات الشحن للبضائع من المنسوجات إلى الإلكترونيات والمواد الخام للصناعة والأنابيب المعدنية والألومنيوم”وقال: “الطريق البري يوفر حوالي 20 يومًا لذا بدلاً من 50 إلى 60 يومًا تصل البضائع في غضون 20 إلى 25 يومًا من الصين إلى الكيان الصهيوني” كما قال باري بينتو مدير الاتحاد الصهيوني لوكلاء الشحن والتخليص الجمركي إن الفكرة وراء الجسر البري “رائعة” لكن التنفيذ لا يزال يمثل مشكلة في وقت تشتد فيه التوترات في المنطقة وقال: “في الوقت الحالي تصل البضائع المنقولة بالشاحنات التي تغادر الإمارات إلى ميناء حيفا عبر جسر نهر الأردن من الأردن لكنها لا تزال تواجه إجراءات بيروقراطية بما في ذلك تغييرات السائق المطلوبة والأعمال الورقية وأوقات الانتظار الطويلة”«الفكرة هي تمكين وصول شاحنة واحدة وسائقها من دبي إلى ميناء حيفا مثلاً دون تغيير السائقين والشاحنات في المعابر الحدودية بين الدول» وقالDean Davison رئيس الاستشارات البحرية لشركة Infrata الاستشارية لتطوير البنية التحتية ومقرها لندن إن نجاح الطريق التجاري الجديد سيتطلب “الدعم المناسب والقوي من الحكومات المعنية”وقال: “ربما ساعدت المشكلات في البحر الأحمر على تطوير هذا الطريق البري الجديد ليؤتي ثماره بسرعة أكبر على الرغم من وجود اهتمام قوي بتطوير طرق الشحن البري في المنطقة لبعض الوقت وأتوقع أن يظل خيار الشحن هذا قائما حتى بعد حل المشكلات في البحر الأحمر”.
إن الأمن الإقليمي ضروري لنجاح هذه هذا ممر IMEC وغيره ولذلك فهذا المشروع أوهذا الممر وغيره لا يمكن أن يكون ذا مردودية إلا بإستقرار الأوضاع السياسية والأمنية في ربوع منطقة الشرق الأوسط بمفهومها العريض .
طبعاً هناك نوع من الإزدواجية بين مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والخليج وأوروبا IMEC ومشروع قناة بن جوريون مالم تكن هذه الإزدواجية نوع من أنواع توزيع المخاطر , لكن في كل الحالات المتعلقة بإقتصاد وأمن الكيان الصهيوني فقد صار في خكم المنطقي أن نتوقع أن يقوم سفهاء الخليج العربي في الإمارات والسعودية علي نحو خاص أن يتولوا دور الممول أو علي الأقل المشارك في هذه المشروعات لأسباب ودوافع مختلفة ولنا أن نتصور أن يأتي اليوم الذي يكون في حوزة الكيان الصهيوني [اي شكل من الأشكال (تأجير – إستحواذ – إمتياز) ميناء سعودي أو إماراتي علي الخليج الذي لن يكون عـــربــي بهذا الشكل فلم يكن من المنطقي أن نتوقع من كيانين كالذين في أبوظبي و الرياض أن يتصرفا تصرفات من له سيادة أو عقل ولهذا سيكون للصهاينة – إن إستمرت تصرفاتهما علي النحو الذي فضحته حرب غــزة – ميناء علي الخــلـــيــج الـــعـــربي والدافع الــمــُعلن حمايتهما من خطــر إيـــران .
3– قــــنــــاة بــن جـــوريـــون / هذه الـــقـــنــاة سأعتبرها وغيري ربما حتي ما قبل تنفيذها جزء من الحملة النفسية التي يشنها الكيان الصهيوني وربما بعض داعمية لتحقيق إنتصار إفتراضي في حرب غــزة التي بدأت بعملية طوفان الأقصي الباسلة الفريدة في 7 أكتوبر2023 وكسرت آلة الدعاية الصهيونية بعد أن دمرت المفهوم الدعائي القائل بجيش الدفاع الصهيوني الذي لا يُهزم وأتضح أنه بمكنة ثلة مؤمنة كحماس وحلفاءها من المقاومة الفلسطينية أن تلحق الهزيمة المُذلة بهذا الجيش الذي يقوم علي قدمين إحدهما الدعاية الزائفة المبالغ فيها والثانية الدعم الأمريكي غير المحدود وغير المحسوب أيضاً .
وهذه القناة تقوم علي فكرة غاية في البساطة : “ســـرقـــة أرض الــغــيــر” أي سرقة غـــزة وبإفتراض أن اللص الصهيوني ومعاونيه العرب من الذين إمتهنوا الخيانة والدعارة السياسية نجح في ســـرقة قطاع غزة فسيبدأ في تنفيذ قناة بن جوريون وهو أسم اللص المؤسس لكيان الصهاينة ولن يكتفي اللص بسرقة أرض القطاع فستمتد يده الآثمة إلي بحرها وإذا حدث هذا فسيكون لدى بني صهيون إمكانية الوصول دون عوائق إلى ما قيمته تريليونات الدولارات من الرواسب الهيدروكربونية قبالة ساحل غــــزة ويمكن للصهاينة في هذه الحالة ولإسكات مـــصــر سيعدها الصهاينة بتقاســم جزء من هذه الإيرادات معها من أجل “رفاهية” سكان غزة الذين سيتم نقلهم أو تقليص عددهم في القطاع .
قناة بن جوريون هذه فكرة ولدت في أعقاب حرب العدوان الثلاثي علي مصر والتي شارك فيها الكيان الصهيوني في أكتوبر عام 1956 , وهاهي تعود للظهور بعد عملية طوفان الأقصي الباسلة التي أدت فيما أدت إليه إلي حصار الكيان الصهيوني من بوابة باب المندب بواسطة الحوثيين في اليمن رداً علي حصار الكيان الصهيوني وشركاؤه من الدول العربية في المنطقة , وبعيداً عن الجدل بشأن قابلية هذه الفكرة للتنفيذ إذ هي قائمة علي إفتراض أن المقاومة في غـزة هُزمت وسلمت للنهاية وهو إفتراض بائس , لكن ما يكسبه قابلية للمناقشة النظرية هو أن المنطقة بالفعل تشهد فيه التجارة البحرية والديناميكيات الإقليمية في الشرق الأوسط تحولًا عميقًا , وفيما يتعلق بفكرة هذه القناة يُذكرأن ورقة المفاهيم التي كتبها هوارد د. ماكابي عام 1963عنها ظلت سرية لمدة 30 عامًا (يعود مفهوم بناء قناة عبر المحيط عبر الكيان الصهيوني إلى عام 1963عندما طور مختبر لورانس ليفرمور الأمريكي سيناريو يستخدم التفجيرات النووية لحفر القناة فقد أشارت مذكرة من مختبر لورانس ليفرمور الوطني عام 1963 إلى حد اقتراح استخدام 520 قنبلة نووية بقوة 2 ميغا طن لحفر صحراء النقب بتكلفة تقدر بـ 575 مليون دولار (5 مليارات دولار في عام 2021) فلقد كان ذلك جزءًا من مخطط أكبر يسمى عملية Plowshare وفي حين أن الخطة الأصلية تجنبت غزة وقتذاك لأسباب واضحة فإن قناة جديدة بعد ضم غـــزة بالحرب ستكون أكثر استقامة وأرخص وأكبر وأكثر سرعة بالنسبة للصهاينة وصناعة الشحن العالمية .
لم يتم نشر هذه الوثيقة السرية حتى عام 1993وكان ذلك جزءًا من الجنون الخاص بالوقت الذي فكرت فيه كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في استخدام الأسلحة النووية في مشاريع التنقيب الضخمة وكانت النسخة الأمريكية عملية Ploughshare) وأطلقت للعلن في عام 1996وقناة سُميت باسم بن جوريون مؤسس الكيان الصهيوني وهي عبارة عن ممر مائي ضخم يربط ميناء إيلات على البحر الأحمر بعسقلان على البحر الأبيض المتوسط من خلال رسم مسار عبر التضاريس الوعرة التي تمتد بين الكيان الصهيوني والأردن وهناك في مسار هذه القناة اختناقات تقليدية لكن هذالقناة يدعي مروجوها أنها ستنشأ بسبب الحاجة لتجنب الازدحام بقناة السويس وتقليل الاعتماد على الطرق البحرية الحالية بالتوسع في اتفاقيات إبراهيم من خلال الاتصال بسلاسة بالمملكة العربية السعودية عبر نيوم المدينة الجديدة المستقبلية التي تقع على شواطئ البحر الأحمر والتي أوعز لحارس البوابة السعودية من أجل الصهاينة محمد بن سلمان بإنشاءها رغم عدم الحاجة إليها فقط لتكون في مخطط إقامة هذه القناة , وستكتسب آفاق قناة بن جوريون المزيد من الاهتمام في ضوء جسر البنية التحتية بين المملكة المتحدة والهند الذي تم إنشاؤه مؤخرًاوالتي أعلن عنها الرئيس الأمريكي بايدن في الهند في سبتمبر2023 قبل وقت قصير من طوفان الأقصي حماس قمة العشرين من أجل عيون الكيان الصهيوني رغم أنها عملياً لا تعني الولايات المتحدة في شيئ إذ أنها ستعزز العلاقات بين لندن ونيودلهي وبينهما الكيان الصهيوني ومن خلال تجديد طريق القطن التاريخي وتعزيز ربط البنية التحتية بين الهند ودول الخليج سيجد الكيان الصهيوني نفسه في موقع استراتيجي متزايد كما تهدف هذه المبادرة الطموحة إلى إقامة اتصالات قوية تربط الهند ودول الخليج تمتد إلى الكيان الصهيوني عبر شبكة متكاملة من السكك الحديدية والموانئ البحرية ومن المتصور أن تعمل على تعزيز التدفقات التجارية وتدفقات الطاقة من جنوب آسيا إلى الخليج الذي كان عـــربي ثم إلى البحر الأبيض المتوسط وستؤدي في نهاية المطاف إلى توسيع نطاق وصولها إلى أوروبا ونظرًا لأن المملكة العربية السعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم والإمارات العربية المتحدة بمثابة المركز المالي للشرق الأوسط فقد سعت الدولتان منذ فترة طويلة إلى تأمين ممراتهما التجارية والطاقة الحيوية ضد الاضطرابات المحتملة وقد أدت عملية طوفان الأقصي وتداعياتها في غـــزة وإغلاق الحوثيين لمنفذ باب المندب أمام السفن الصهيونية أو المتجهة للكيان الصهيوني إلى زيادة المخاوف ونتيجة لذلك قام أصحاب المصلحة الرئيسيون في قطاع الشحن بتعليق التوجه إلي ميناء إيلات وكذا تعليق استخدام قناة السويس المصرية مؤقتًا , لكن الإماراتيون أصابتهم حمي غرام أراذل الصهاينة فأعلنوا في ديسمبر 2023 عن اتفاق مع الصهاينة لإنشاء جسر بري بين دبي وحيفا وقد كان .
إن القصة هنا ليست قصة قناة بن جوريون بل قصة خيانة مغموسة في الذل ذل الإمارتيين لدولة مزعومة أرغمها ثلة من المقاومين المؤمنين علي الظهور عارية أمام العالم ومعها جيش لا يعدوا وأن يكون إلا حفنة من عصابات مسلحة من الرعاع يُعجب بهم سفهاء العرب الذين لا يقلون عنهم في إنعدام الخلق .
في إبريل2023أعلنت إسرائيل أنها ستبدأ في بناء قناة مزدوجة يمكنها التعامل مع حركة المرور في الاتجاهين وبعمق 50 مترًا أي أكثر بـ 10أمتار من قناة السويس وعرض 200 متر بحيث تكون قادرة على استيعاب أكبر السفن في العالم ويدعي الصهاينة أنها ميزة على قناة السويس الأكثر محدودية وعلى عكس قناة السويس بشواطئها الرملية فإن الجدران الصخرية من شأنها أن تقلل من متطلبات الصيانة إلى الحد الأدنى وسيتجاوز طول البالغ 181 ميلاً قناة السويس بنحو الثلث وستكون هناك حاجة لحوالي 300 ألف عامل لإكمال المشروع مع نطاق واسع من التكاليف المقدرة من 16 مليار دولار إلى 55 مليار دولار وربما يدفعها سفهاء العرب في السعودية والامارات تحت غطاء إتفاقيات مشاركة بلهاء وتتوقع إسرائيل أن تجني حوالي 6 مليارات دولار سنويًا من رسوم العبورفي هذه القناة – المشكوك فنياً وبيئياً في تنفيذها – مما سيؤدي إلى انخفاض كبير في إيرادات مصر التي وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 9.4 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023 , لكن وعلى الرغم من الإعلان عن هذه القناة إلا أن العمل فيها لم يبدأ بعد ويدعي الكيان الصهيوني أن العديد من المحللين يفسرون إعادة الاحتلال الصهيوني الحالي لقطاع غزة على أنه شيء كان ينتظره العديد من السياسيين الإسرائيليين من أجل إحياء مشروع قديم , والواقع أنه تفسير دعائي ممجوج فالصهاينة بعملية طوفان الأقصي دست أنوفهم في رغام غــزة قــســراً عنهم أي أنه أرغموا إرغاماً علي التوقف عن أحلامهم .
4- طـــريق الـــتنمـــيـة / تقوم تركيا بتطوير مشروع بقيمة 17 مليار دولارأمريكي لربط آسيا وأوروبا عن طريق السكك الحديدية والطرق لتتنافس مع مسار الهند / الإمارات / السعودية / الأردن / حيفا بالكيان الصهيوني إلي أوروبا ولهذا السبب يخطط الجيش التركي لحملة صيفية ضد حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق وقدعقد اجتماع رفيع المستوى بين المسؤولين الأتراك والعراقيين في 14 مارس2024 في بغداد , ويطلق على الطريق السريع الجديد اسم “طريق التنمية” ويربط آسيا بأوروبا من البصرة إلى الحدود التركية، بقيمة 17 مليار دولار في مواجهة هيمنة قناة السويس التي تعاني من أزمة بعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر , حتي نهاية فبراير 2024 أنخفض عدد السفن التي تعبر خليج عدن وقناة السويس بنسبة 50% و37% عن العام الماضي على التوالي وانخفض عبور سفن الحاويات بنسبة 70% عبر خليج عدن وقناة السويس قبل الهجمات وكانت الشحنات عبر قناة السويس تمثل ما يقرب من 10% من التجارة العالمية حسبما ذكر آخر تحديث عبر BIMCO .
قال مصدر تركي : “الهدف الرئيسي لتركيا واضح للغاية فوجود حزب العمال الكردستاني في ميتينا وجارا يمكن أن يشكل تهديدًا خطيرًا لمشروع “طريق التنمية” في العراق وذلك في إشارة إلى مشروع الطريق السريع والسكك الحديدية المخطط له بطول 1200 كيلومتر والذي سيربط منطقة الخليج إلى تركيا عبر العراق وبالنسبة لكل من أنقرة وبغداد فإن الهدف هو “إزالة حزب العمال الكردستاني من هاتين المنطقتين وكذلك تأمين المنطقة لبناء المشروع والوصول إلى كلا الهدفين في خطوة واحدة” , ويأمل العراق وتركيا ودول الخليج العربية الانتهاء قريبا من المشروع الذي يتضمن نقل البضائع عبر ميناء الفاو في محافظة البصرة إلى الأسواق العالمية عبر تركيا وتتوقع بغداد أن تعمل القطارات بسرعة تصل إلى 300 كيلومتر في الساعة مما يسهل نقل الركاب والبضائع بالإضافة إلى ذلك تتضمن الخطط إنشاء مراكز لوجستية ومجمعات صناعية والتكامل المحتمل لخطوط أنابيب النفط والغاز ومن المقدر أن يتطلب هذا المشروع الطموح استثمارا بحوالي مليار دولار مع عائد سنوي متوقع قدره 4 مليار دولار أمريكي، وخلق ما لا يقل عن 100 ألف وظيفة .
يتوقف النجاح المستقبلي لـ “طريق التنمية” على معالجة التحديات الأمنية المستمرة في البحر الأحمر والتنسيق مع إيران مع الأخذ في الاعتبار نفوذ طهران على المشهد السياسي العراقي وعلاقاتها مع الجهات الفاعلة غير الحكومية في المنطقة .
5- قناة إسطنبول / ويقود الترويج لهذا المشروع الرئيس رجب طيب أردوغان في عام 2021 ويهدف المشروع إلى تحويل مدينة إسطنبول إلى مركز تجاري عالمي بتكلفة تقدر بـ 20 مليار جنيه إسترليني وقد واجه المشروع مقاومة أولية بسبب المخاوف بشأن تأثيره على النظام البيئي في إسطنبول ومع ذلك مضت الحكومة التركية قدمًا في رؤيتها لعامي 2023 و2053 وسلطت الضوء على الفوائد الاقتصادية والتجارية التي ستجلبها القناة للأمة فقناة إسطنبول تتمتع بموقع استراتيجي في الجزء الغربي من إسطنبول حيث تربط بين بحر مرمرة والبحر الأسود ويبلغ طول هذه القناة 45 كيلومترًا ويتراوح عرضها من 400 إلى 1000 متر، وعمقها يصل إلى 25 مترًا وستضم القناة ستة جسور تربطها بالجانب الأوروبي من مدينة إسطنبول ومن المتوقع أن تستوعب مرور 160 سفينة أو ناقلة نفط سنويًا مما يخفف الضغط على مضيق البوسفور الذي يشهد حركة مرور كثيفة , ومن المتوقع أن تجعل القناة المقرر الانتهاء منها في عام 2027 إسطنبول مركزًا تجاريًا عالميًا من خلال توفير ممر مائي حيوي موازٍ لمضيق البوسفور الشهير ومن المتوقع أن يجذب هذا الموقع الاستراتيجي العديد من المشاريع التجارية والسياحية مما يعزز الآفاق الاقتصادية للمدينة وتقدر قيمة مشروع قناة إسطنبول بنحو 20 مليار جنيه إسترليني منها 8 مليارات جنيه إسترليني لمساحات البناء على جانبي القناة و12 مليار جنيه إسترليني لإنشاء القناة ومن المقرر أن يزور الرئيس التركي أردوغان العراق قبل نهاية أبريل 2024 لتعزيز العلاقات الثنائية ودفع مشروع الطريق التنموي وتعد هذه الزيارة بتعزيز العلاقات الاقتصادية والإقليمية إلى تعزيز التزام الدول بمشروع الطريق التنموي الذي يهدف إلي ربط ميناء الفاو الكبير في العراق بالحدود التركية من خلال شبكة مترامية الأطراف من السكك الحديدية والطرق السريعة ويمتد المشروع على مسافة 1200 كيلومتر تقريبًا الذي سيحول العراق إلي مركز عبور رئيسي ينافس الأهمية الإستراتيجية لقناة السويس المصرية .
في 10 مارس 2024 ذكرت وزارة النقل والبنية التحتية التركية أن الوزارة تواصل العمل في مشروع قناة إسطنبول المثير للجدل , وردًا على سؤال صحيفة “بيرجون” اليومية المقدم إلى مركز الاتصالات الرئاسية (CIMER) قالت الوزارة: “لقد تم الانتهاء من الدراسات الهندسية للمشروع وتجري دراسات خطة تقسيم المناطق على مراحل” من جهة أخري كان مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لمنصب عمدة إسطنبول ووزير البيئة السابق مراد كوروم قد قال في وقت سابق في فبراير2024 إن حجة المعارضة بأن “مشروع قناة إسطنبول هو خيانة لإسطنبول” هوسيناريو سياسي خلقه أولئك “الذين لا يجدون” حلول لمشاكل اسطنبول من لا يزيل مشاكل المواصلات في اسطنبول ومخاطر الزلازل وأضاف قوله “نحن على علم بهذه السيناريوهات وسكان اسطنبول يدركون هذه السيناريوهات ولهذا السبب نقول دائمًا أن أي عمل ليس على جدول أعمال إسطنبول لن يكون على جدول أعمالنا أيضًا وقال كوروم بشكل غامض: “مهما كانت مشاكل إسطنبول ومهما كانت الأعمال والقضايا الملحة ذات الأولوية فسوف نركز عليها”.
تقول الحكومة التركية إن قناة إسطنبول وهي مشروع قناة يهدف إلى ربط البحر الأسود شمال إسطنبول ببحر مرمرة جنوبًا وستسهل حركة الشحن في مضيق البوسفوروهو أحد أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم وتمنع وقوع حوادث مماثلة هذا الأسبوع في قناة السويس حيث يتواصل العمل على إعادة تعويم سفينة حاويات عملاقة تسد هذه القناة .
6- مشروع فوستوك النفطي/ صرح ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي الحالي ووزير الطاقة السابق في 19 ديسمبر2023 أن الصين تتطلع أكثر إلى مشروع فوستوك للنفط باعتباره مشروعًا استثماريًا محتملاً وزعم نوفاك أن الاستثمار الصيني سيجعل الاقتراح “مشروعًا واعدًا”وفي وقت سابق أكد إيجور سيتشين الرئيس التنفيذي لشركة Rosneft والمقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أهمية هذه المبادرة وطلب من الشركات الصينية والصينية أن تصبح مستثمرين ومع ذلك وعلى الرغم من التوقعات المتفائلة من المسؤولين الروس يبدو أن مشروع فوستوك للنفط يواجه عددًا من التحديات نظرًا للبيئة الجيوسياسية الحالية والديناميكيات الإقليمية بشكل عام وإذا قررت بكين عدم الاستثمار في المبادرة فلن يكون أمام موسكو سوى خيارات قليلة لإنقاذها , ويأمل المسؤولون الروس في تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية من خلال مشروع فوستوك النفطي الضخم وهي (1) تريد روسيا موسكو توسيع علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الصين والهند وجنوب شرق آسيا (2) من شأن التنفيذ الكامل لمشروع نفط فوستوك أن يحول طريق بحر الشمال إلى شريان نقل دولي رئيسي ومنافس مباشر لقناة السويس فمن الممكن وفقاً للروس أن يصبح طريق بحر الشمال الذي يمثل أقصر طريق تجاري بين آسيا وأوروبا بديلا جديدا لشرايين النقل القائمة والأقل أمانا (3) يمكن أن يساعد المشروع في إطلاق عملية التنشيط الاقتصادي والعلمي لإقليم كراسنويارسك ويكون بمثابة أداة للنمو الاقتصادي بإضافة 2% سنويًا , وقد دعا سيتشين الرئيس التنفيذي لشركة Rosneft إلى هذا المشروع لأول مرة في عام 2019 خلال اجتماع مع بوتين وكانت الفكرة الرئيسية تتلخص في استخدام الموارد الطبيعية الهائلة من الهيدروكربونات في شبه جزيرة تيمير في أقصى الشمال الروسي لإنشاء “مقاطعة هيدروكربونية” في القطب الشمالي وذكرت مصادر روسية مرارًا وتكرارًا أن هناك 6.5 مليار طن من الهيدروكربونات السائلة في قاعدة الرواسب ولهذا الغرض قامت شركة روسنفت صاحبة المصلحة الرئيسية في المشروع بحصة تبلغ 85% بإشراك لاعبين أجانب من هونج كونج والإمارات العربية المتحدة على أمل الحصول على التمويل اللازم وذكر سيتشين أنه بحلول عام 2033 تخطط روسيا لتصدير ما يصل إلى 115 مليون طن من النفط سنويًا عبر طريق بحر الشمال وتصف بعض وسائل الإعلام الروسية هذه المبادرة بالفعل بأنها “مشروع مشترك” بين روسيا والصين ومؤخراً طلبت روسيا علناً من الشركات الصينية الاستثمار في مشروع نفط فوستوك خلال منتدى أعمال الطاقة الروسي الصيني الخامس في بكين والذي نظمته شركة روزنفت ومؤسسة البترول الوطنية الصينية وخلال هذا الحدث ألقى سيتشين خطابًا شخصيًا يطلب فيه من الصين أن تصبح المستثمر الرئيسي في المشروع وأشار إلى المبررات التالية:
– أن روسيا هي الدولة الرئيسية الوحيدة المصدرة للنفط الآمنة والمستدامة والمسؤولة بسبب زعزعة الاستقرار المستمرة في الشرق الأوسط ولم تعرض روسيا قط إمداداتها غير المنقطعة من النفط إلى السوق الصينية للخطر .
– تتمثل الميزة التنافسية الأخرى التي تتمتع بها روسيا في طريقة التوصيل عبر خطوط الأنابيب والتي تعتبر أقل خطورة بكثير بالنسبة للمستهلكين الصينيين نظراً للتطورات المحيطة بقناة السويس ومضيق هرمز .
– نظراً لمواردها الطبيعية الوفيرة فإن روسيا ملتزمة استراتيجياً باستكشاف وتطوير رواسب جديدة وفتح طريق استثماري جديد للصين .
– أن إنجاز مشروع نفط فوستوك سيكون له تأثير إيجابي دائم على سوق الهيدروكربونات العالمية وستكون الصين المستفيد الرئيسي .
يرى ميخائيل كروتيخين المؤسس المشارك والمحلل الرئيسي لوكالة المستثمرين الأجانب إلى أن هذا المشروعينبغي النظر إليه من جوانب ثلاث هي : (1) لن تتمكن موسكو من نقل الكمية المعلنة من النفط وهي حوالي 30 مليون طن سنوياً إلى المستخدمين النهائيين عبر طريق بحر الشمال في أي وقت قريب ولا تمتلك روسيا ما يكفي من ناقلات الجليد من فئة القطب الشمالي لإنجاز هذه المهمة كما لن تتمكن الناقلات الأخرى من العمل في الجزء الشرقي من المحيط المتجمد الشمالي طوال معظم أيام العام . (2) لا توجد محطة للخليج الشمالي والتي ستكون بالغة الأهمية للمعاملات النفطية ولا توجد أي خطوط أنابيب نفط جديدة يمكنها نقل الكمية المعلنة من الصادرات . (3) وهي النقطة الأكثر أهمية وهي أنه ربما بالغت روسيا في تقدير القدرة الإنتاجية لمشروع نفط فوستوك فالأرقام التي قدمتها موسكو افتراضية إلى حد كبير وتستند إلى نتائج البحث الذي تم إجراؤه في موقع واحد وهو موقع زابادنو-إركينسكوي وخلص محلل الطاقة الروسي إلى أنه بالنظر إلى المخاطر الجيولوجية العالية للاستخراج وعدم اكتمال بيانات روسنفت فإن الاستدامة الاقتصادية لمشروع نفط فوستوك “مشكوك فيها للغاية” ويبدو أن شركاء روسيا الأجانب يدركون ذلك جيدًا ومن المرجح أن يواجه الكرملين تحديات إضافية في كفاحه للعثور على شركاء جدد وتمويل كاف لمشروع نفط فوستوك وفي حين أنه من الصعب التنبؤ بدقة بمستقبل المشروع الضخم نظرا للبيئة الجيوسياسية الحالية والمخاطر المتوقعة فمن المشكوك فيه أن الصين أو أي جهات دولية رئيسية أخرى سوف تلتزم بهذا المشروع المشكوك فيه للغاية في القطب الشمالي في المستقبل القريب .
يُلاحظ أنه تم شحن إجمالي 36.254 مليون طن من البضائع في عام 2023 على طريق بحر الشمال وهذا أقل بحوالي 10 ملايين طن من الهدف الأصلي الذي أراده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وفي وثيقة استراتيجية لعام 2022 من المقرر أن تصل التوقعات لعام 2023 إلى أكثر من 46 مليون طن .
إن النفط والغاز الطبيعي والفحم هي المحرك وراء خطط موسكو الكبرى في القطب الشمالي لكن العديد من المشاريع الصناعية الكبرى في المنطقة متأخرة بشكل كبير عن جدولها الزمني فبحسب ما ورد لم يكن مطورو مشروع سيراداسايسكوي للفحم في تايمير قد بدأوا حتى أواخر عام 2023في بناء ناقلات من الدرجة الجليدية اللازمة لتصدير الفحم وينطبق الشيء نفسه على مشروع نفط فوستوك التابع لشركة روسنفت فقدأكدت شركة النفط الحكومية مرارًا وتكرارًا أنها ستصدر ما لا يقل عن 30 مليون طن من النفط من ميناء مشروع خليج سيفر بالفعل في عام 2024 وبحلول عام 2030 سيتجاوز التصدير السنوي من المحطة 100 مليون كما أكد ذلك الرئيس التنفيذي لشركة روسنفت إيجور سيتشين لكن لا يبدو أن شركة روزنفت قريبة من امتلاك أسطول من الناقلات يمكنه التنقل إلى المحطة في خليج ينيسي .
إن إضطراب أوضاع الممرات البحرية الناقلة للتجارة الدولية بسبب إغلاق الحوثيين لباب المندب وللبحر الأحمر بالتالي يجعلنا نقول إن الفائز النهائي في هذا المستنقع هو روسيا فسوف يؤدي طريقها البحري الشمالي إلى تقصير العبور البحري بين آسيا وأوروبا بنسبة تصل إلى 40% ومع ذلك فإن العقوبات الغربية الصارمة قد تدفع موسكو إلى تقييد مرور السفن القادمة من “الدول الصديقة”وسيكون المستفيدون الرئيسيون هم الصين والهند في حال إستمرار هذا الوضع .
7- الممر الأوسط أو ممر النقل الدولي عبر بحر قزوين / الذي يمر عبر آسيا الوسطى ويربط الصين بأوروبا وقد أدت التغيرات الجيوسياسية في العامين الماضيين إلى زيادة كبيرة في أهمية هذا الممرفالصراع الروسي الأوكراني أثر في إنسياب سلالسل النقل المعهودة وكذا فمنذ أواخر العام الماضي بدأ هجوم الحوثيين على السفن في البحر الأحمر فأضاف تأثيراً سلبياً علي إنسيابية هذه السلاسل في طرق التجارة العالمية فكما هو معروف أنه منذ بداية هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر انخفض حجم نقل البضائع عبر قناة السويس بنسبة 55% وتشير تقديرات المنظمة البحرية الدولية (IMO) إلى أن قناة السويس فقدت حوالي ثلثي حمولتها بسبب التوترات في البحر الأحمر ويتم الآن توجيه هذه البضائع عبر جنوب إفريقيا وقررت عدد من شركات الشحن وقف النقل عبر البحر الأحمر بشكل كامل وفي نهاية المطاف يعود الأمر كله إلى زيادة التكاليف تكاليف النقل والأمن والاتصالات وتعطلت ممرات النقل من آسيا وخاصة من الصين إلى أوروبا وسلاسل التوريد للمنتجات التي يستهلكها الأوروبيون مما أدى إلى زيادة كبيرة في التكاليف النهائية وقد أكد مساعد رئيس أذربيجان – رئيس قسم شؤون السياسة الخارجية بالإدارة الرئاسية حكمت حاجييف في منتدى أنطاليا الدبلوماسي أن حجم التجارة السنوي بين الصين والاتحاد الأوروبي عبر أراضي القوقاز يتجاوز 700 مليار دولاروأضاف “حاليًا الممر الشمالي مشلول عمليًا لأسباب معروفة مما يزيد من أهمية منطقة القوقاز التي تعد المركز بين هذين الشريكين التجاريين وبالتالي يمكن لجنوب القوقاز والممر الأوسط توفير اتصال استراتيجي واسع النطاق وهذا هو نية الجانب الأذربيجاني وقال حاجييف “نرى تركيزًا إضافيًا على إمكانات المنطقة لضمان نقل البضائع من الصين إلى أوروبا” , وعلى خلفية هذا الصراع تختار شركات نقل البضائع طريقًا ملتويًا أطول عبر رأس الرجاء الصالح بينما في الوقت نفسه في الاتحاد الأوروبي والصين ودول جنوب شرق آسيا يحولون انتباههم بشكل متزايد إلى الممر الأوسط الذي يمر عبر أراضي دول آسيا الوسطى وجنوب القوقاز ويعتبر الدخول الأمثل إلى السوق التركية والشرق الأوسط وأوروبا من حيث الوقت والأمان , وعلى مدى السنوات الماضية عملت أذربيجان بنشاط على توسيع قدرة المكون البحري والسكك الحديدية المشترك للممر الأوسط والذي يشمل أيضًا نقل البضائع عبر خط السكة الحديد باكو – تبليسي – كارس (BTK) وميناء باكو وأكد حاجييف أن آذربيجان تستثمر في زيادة الطاقة الإنتاجية لميناء عليات في باكو إلى 25 مليون طن سنويًا وقال”بدأت أذربيجان مؤخرًا في القيام باستثمارات إضافية بالاشتراك مع جورجيا لزيادة قدرة القطاع الجورجي من BTK وقال مساعد الرئيس: “لقد اتفقنا أيضًا مع زملائنا الأتراك على مد خط سكة حديد من كارس إلى ناختشيفان” وسيبدأ هذا الخط الذي يبلغ طوله 230 كيلومترًا من كارس-إجدير ويستمر حتى ناختشيفان ومن هناك سيتم ربط الخط بخط السكة الحديد مؤدي إلى إيران وأفغانستان وباكستان وبالتالي ستتمتع تركيا بميزة كبيرة في مجال الخدمات اللوجستية , أما بالنسبة للعمل في الجزء الجورجي من BTK فمن المقررالانتهاء منه في غضون شهرين ويعقد اليوم2 مارس2024 في جورجيا اجتماع ثلاثي لرؤساء إدارات السكك الحديدية في أذربيجان وتركيا وجورجيا حيث تتم مناقشة التقدم المحرز في تنفيذ وتسريع هذه الأعمال وسيؤدي ذلك إلى تقليل وقت نقل البضائع بشكل كبير بين آسيا وأوروبا وهو شرط ضروري لجذب تدفقات البضائع الإضافية وفي المرحلة الأولية بعد التحديث من المتوقع أن يصل حجم نقل البضائع عبر BTK إلى 5 ملايين طن سنويًا , ومن خلال BTK يمكن تسليم البضائع من بكين (الصين) إلى لندن (المملكة المتحدة) في غضون 12-15 يومًا بينما يستغرق نقل البضائع من أوروبا إلى آسيا عن طريق البحر عبر إفريقيا 45-62 يومًا وتسليم البضائع من الصين إلى أوروبا عبر روسيا – 32 يوما كما أن عملية إعادة شحن البضائع غير النفطية بما في ذلك بضائع الحاويات تستغرق بالقطارات والشاحنات على طول طرق الممر الأوسط حوالي 20 إلى 25 يومًا في المتوسط وهو أقل بكثير من إعادة شحن البضائع من الصين وجنوب شرق آسيا عن طريق البحر تقريبًا عبر رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا والذي يستغرق في المتوسط شهرًا ونصف الشهر على الأقل ويستغرق تسليم البضائع عبر الطرق التقليدية بين الشرق والغرب وفي الاتجاه المعاكس 53 يومًا (إذا تم نقلها عبر قناة السويس) , فأستمرت شحنات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية التي تتطلع إلى الوصول إلى آسيا في اختيار الطريق الأطول عبر رأس الرجاء الصالح مع استمرار الاختناقات التي تؤثر على العبور عبر قناتي بنما والسويس وقد سافرت 24 شحنة قياسية من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي إلى آسيا عبر رأس الرجاء الصالح هذا الشهر اعتبارًا من 27 مارس2024 وفقًا لبيانات S&P Global Commodity Insights وهذا هو أكبر عدد من الشحنات الشهرية التي تقوم بالرحلة منذ أن بدأت S&P Global في تسجيل البيانات في عام 2010 وهو أيضًا رقم قياسي من حيث حجم الشحنات حيث وصل ما يقرب من 1.6 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي إلى آسيا عبر رأس الرجاء الصالح في مارس2024والأمر الواضح هو أنه نظراً للحرب الروسية الأوكرانية المستمرة والتي قطعت جميع الطرق اللوجستية بين الاتحاد الروسي والغرب فضلاً عن التصعيد الحالي للصراعات في الشرق الأوسط والذي أدى إلى توقف فعلي للعمليات الطبيعية الشحن في البحر الأحمر وقناة السويس فإن دور الممر الأوسط كطريق آمن سوف ينمو ويدعم ذلك أيضًا التوقعات فبحلول عام 2025سيصل حجم النقل على طول الممر الأوسط إلى 10 ملايين طن من البضائع سنويًا وفي عام 2023 تم نقل 2.75 مليون طن من البضائع على طول هذا الطريق وهو ما يزيد بنسبة 64٪ عن عام 2022.
أعربت المؤسسات المالية الأوروبية والدولية عن استعدادها لتخصيص 10 مليارات يورو لتطوير خطوط النقل في منطقة آسيا الوسطى وفي مقدمتها ممر النقل الدولي عبر قزوين .
الــــــتقـــديــــر :
1- إن الهدف الإستراتيجي الذي تسعي مصر الآن لتحقيقه هو الاحتفاظ بـ وتطوير المكانة التنافسية لقناة السويس فقناة السويس ستظل للأبد أصل مصري 100% كالإهرامات ومجري النيل المصري وفي الواقع أن مخططات أو مشاريع القنوات أو المسارات السبع المُشار إليها ليست كلها عملية أو يمكن تنفيذها علي الأقل في الأجل المتوسط وبالتالي فليس هناك ثمة مبرر للعجلة في تنفيذ مشروع توسعة قناة السويس لتسريع أوقات العبور, وفي إعتقادي أنه إزاء عدم إستقرار الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط فسيكون من الأنسب إعتبار مشروع توسعة قناة السويس لتسريع أوقات العبور مشروع يقع تنفيذه علي الأجل الطويل خاصة وأن مشروعات القنوات السبع المشار إليها ليست مشروعات يجري تنفيذها في الأجل القصير أي ليست ملحة , وعلي أية حال فمن المنطقي أن تراقب هيئة قناة السويس وتجمع من المعلومات ما يمكنها عن المسارات السبع المُشار إليها لانها في حال ثبتت الجدوي الإقتصادية من مشروع توسعة قناة السويس ستكون في حاجة مستمرة لمتابعة هذه المسارات .
2- من الطبيعي أن يؤدي إنخفاض دخل قناة السويس بنسبة تتراوح ما بين 40% إلي 50 % إلي التأثير سلباً بلا أدني شك علي تمويل مشروع توسعة القناة التي أكد رئيس هيئتها أن الهيئة هي التي ستمول هذا المشروع وليست الخزانة العامة للدولة(مع أن إيرادات الهيئة تعد ويجب أن تعد جزءاً من إيرادات الموازنة العامة للدولة) , وتجدر الإشارة إلي أنه في 17 يناير 2024 أعلنت شركة Hapag-Lloydللنقل البحري نشرت إعلانا مقتضباً مفاده أنها قررت تجنب قناة السويس والبحر الأحمر وأنه وفقًا للمادة 18من بوليصة الشحن الخاصة بشركة Hapag-Lloyd فإن”المسائل التي تؤثر على الأداء”، كان على الشركة أن تقرر تجنب قناة السويس والبحر الأحمر بأثر فوري، وبدلًا من ذلك توجيه سفنها حول رأس الرجاء الصالح .
3- في ضوء ما تقدم وفي ضوء أنه من المبكر أن تنتهي دراسات جدوي مشروع توسعة قناة السويس إلي حسم الجدوي الإقتصادية للمشروع وحربي غزة وأوكرانيا دائرتين خاصة وأن حرب غزة مازالت تلقي بظلالها على مشاريع النقل الإقليمية فإنه قد يكون في إنشاء منطقة صناعية ولوجستية تركز على التصدير ومناطق تجارة حرة في المدن المحيطة بالقناة ما يساعد القناة في تأمين إيرادات أكثر استدامة فوفقًا لتقرير صادر عن شركة Alternative Policy Solutions أشارأيضًا إلى أن تطوير خدمات القناة مثل إنشاء الإصلاح والصيانة وأرصفة الخدمة كوسيلة أخرى “لاستغلال إمكانات القناة بما يتجاوز الجهود الحكومية المحدودة الحالية” ما يؤدي إلي تحقيق زيادة في القدرة الإيرادية للنطاق الإقتصادي لقناة السويس التي تخطط المنطقة الاقتصادية لها(SCZone) لبناء أرصفة وأرصفة جديدة في ميناء السخنة في السويس فميناء السخنة يُعد أكبر ميناء محوري في البحر الأحمر ويخدم حركة التجارة العالمية بين جنوب وشرق آسيا وجنوب وغرب أوروبا وشمال أفريقيا ويهدف المشروع إلى تحويل المنطقة الصناعية السخنة إلى مركز عالمي للبتروكيماويات فهذا المشروع الذي تبلغ قيمته 1.3 مليار دولار يتضمن إنشاء 4 أرصفة جديدة وأرصفة بطول 18 كيلومترًا (عمق 18 مترًا) وساحات جديدة بمحطات تصل مساحتها إلى 5.6 مليون متر مربع ومناطق لوجستية تمتد على 5.3 كيلومتر مربع ويتضمن المشروع أيضًا إنشاء طريق داخلي بطول 14 كيلومترًا بالإضافة إلى شبكة سكك حديدية داخلية بطول 10 كيلومترات ترتبط بسكة حديد الركاب والبضائع فائقة السرعة بين العين السخنة ومدينة العلمين وقد وقعت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والهيئة العامة المصرية للطرق والجسور اتفاقية لتطوير المشروع في أبريل 2021وفي نوفمبر 2021 مُنحت شركة أوراسكوم كونستراكشون العقد الرئيسي لتطوير رصيف السخنة الجديد وبدء أعمال البناء في المشروع واعتبارًا من يناير 2022 تتقدم أعمال البناء في الموعد المحدد كذلك فقناة السويس تخطط هيئتها لأن تصبح خضراء وفي سبيل ذلك وضعت هيئة قناة السويس خطة لتحويل القناة إلى “قناة خضراء” بحلول عام 2030 ويجري حاليًا تنفيذ المشروع مع بدء دراسة الأثر البيئي قبل المضي قدمًا في المرحلة الأولى , وإتصالاً بهذا أشير إلي أنه أعلن في 31 مارس2024 عن أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس منحت الموافقات النهائية للمشروعات الصناعية وتشمل المشروعات المجمع الصناعي التابع لشركة أوراسكوم باستثمارات 13 مليار جنيه ومصنع الجينز التابع لشركة DNM باستثمارات 40 مليون دولار , كما أن هناك مشروعات جديدة قادمة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وقد أعطت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس الضوء الأخضر لعدد من المشروعات خلال اجتماعها في 30 مارس2024 .
4- إن سلم أولويات الإقتصاد المصري أولي درجاته الزراعة المصري التي يمتهنها القطاع الأكبر من السكان في مصر وغالبيتهم يقعون تحت سيطرة الفقر وهذا القطاع أولي بالرعاية لكثافة العمالة فيه ولأنه قطاع مدر سواء علي الصعيد المحلي الداخلي أو التصديري ولهذا التقى الرئيس المصري في 30 مارس2024 أمير سيد أحمد مستشار الرئيس للتخطيط العمراني وبهاء الغانم المدير التنفيذي لهيئة مستقبل التنمية المستدامة وأفاد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس المصري تابع عن كثب سير تنفيذ مشروع مصر المستقبلي في الدلتا الجديدة والذي يهدف إلى توفير منتجات زراعية عالية الجودة للمواطنين وبأسعار مناسبة وتصدير الفائض من الإنتاج إلى الخارج وتمت مناقشة التطورات الرئيسية في مختلف المشاريع الفرعية بما في ذلك مشروع الدفيئة في منطقة اللاهون بالفيوم ومشروعات استصلاح الأراضي في المنيا وبني سويف ومشروع سنابل سونو بأسوان ومشروع منطقة الداخلة بجنوب مصر والمنطقة الصناعية واللوجستية بمحور الضبعة داخل الدلتا الجديدة كما تناول الاجتماع آليات دعم هذه المبادرات مع التركيز على توفير مياه الري وإنشاء صوامع لتخزين الحبوب وتم تسليط الضوء على الجهود المبذولة للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في استصلاح الأراضي وتطوير نظام الري والميكنة الزراعية وشدد الرئيس المصري على أهمية توسيع الأراضي الزراعية وزيادة الإنتاج والحفاظ على الأمن الغذائي للشعب المصري تعتبر هذه الجهود حاسمة بالنسبة لاقتصاد البلاد وقدرتها على تعزيز الصادرات الزراعية , يرتبط بهذا القطاع بصفة متلازمة Corollaire قطاع الري الذي يواجه تحديات قادمة علي الأجل القصير ليس أقلها الأزمة المائية أو الشح المائي الذي تطارد أشباحه الزراعة المصرية ومن ثم فهناك أولويات عدة تزاحم قناة السويس علي أهميتها .
5- سوف تستقر مسارات النقل البحرية والبرية بعد نهاية حربي أوكرانيا و غزة ونهاية تداعياتهما وتعود الأوضاع المتعلقة بهذه المسارات إلي سيرتها الأولي وغاية ما يمكن قوله في هذا الشأن هو أن قناة السويس من المهم أن تستلهم الحكومة المصرية في شأنها روح المطور لها وليس المافس لآخرين فقناة السويس حقيقة جغرافية تفرض نفسها في كل الأحوال وبرغم كافة المتغيرات ومن ثم فتطوير قناة السويس يظل دائماً عملاً مطلوباً لإستيعاب الطاقة المتزايدة للنقل البحري طالما سمح بذلك سلم أولويات الإقتصاد المصري أي أنها لا يجب أن تكون مصدراً لإستنزاف هذا الإقتصاد الذي يحدث فقط عندما يتم تطوير قناة السويس بلا مسوغ أو بلا موجب لذلك كأن يتم إتخاذ قرار بناء علي بيانات خاطئة أو دعائية فمثلاً بالرغم أن رئيس الدولة نفسه ورئيس هيئة قناة السويس أعلنا غير مرة أن القناة تأثرت سلباً بهجمات الحوثيين عند باب المندب وخليج عدن وأنخفضت إيراداتها بنسبة ما بين 40% إلي 50% نجد أنه قد نُشر في30 مارس 2024 أن تقريراً حكومياً جديداً كشف عن القطاعات الاقتصادية التي سجلت أعلى نمو في العام المالي 2022/2023 وفقاً لهذا التقرير تصدرت السياحة قائمة النمو حيث سجلت نموًا بنسبة 28٪ وعائدات بلغت 13.6 مليار دولار أمريكي ويأتي بعدها قطاع قناة السويس في المرتبة الثانية بنسبة نمو 18.4% وإيرادات تصل إلى 8.8 مليار دولار وتعد هذه أعلى إيرادات سنوية يتم تحقيقها على الإطلاق في تاريخ القناة ووفقاً للتقرير الحكومي فإنه يُعتقد أن هذه الزيادة ترجع إلى نجاح السياسات التسويقية التي تنتهجها الهيئة العامة لقناة السويس فضلاً عن التوفير الذي تحقق من خلال رفع أسعار الإيجار والشحن وارتفاع أسعار النفط الأسعار والتغيرات في طرق التجارة العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات حرب غــزة .
6- إن مشروع توسعة قناة السويس يتطلب أيضاً لكي يزدهر ويؤتي بثماره ويكون ذا جدوي أن يتوازي مع مشروع آخر يتعلق بتوسعة قنوات السياسة المصرية فمشروع قناة السويس والقنوات السبع الأخري نشأت من رحم أزمات سياسية وإقتصادية وإستيعاب هذه الأزمات وتغيير مسارها كي لا تؤثر علي قناة السويس وإقتصادياتها يتطلب أعمالاً سياسية مضنية فمثلاً تطوير فعالية وكفاءة الدور المصري أزاء الحرب في غزة بالتأكيد له علاقة بالإمكانيات التي ستتاح للكيان الصهيوني مستقبلا فيما يتعلق بمستقبل غزة أو ما أصطلح علي تسميته باليوم التالي لنهاية حرب غزة فطالما بقيت غــزة صامدة متماسكة طالما يأس الكيان الصهيوني من الشروع في قناة بن جوريون – التي بالتأكيد سيكون لها أثر سلبي علي قناة السويس – وهذا أمر يتحقق ويتصاعد إحتماله ليصل لذروته إن ظل الدور المصري في قطاع غزة أي داخلة قوياً ومتفاعلاً وإيجابياً لمصلحة أهلنا هناك ولمصلحة مصر وقناة السويس أيضاً فبقاء غـــزة أرضاً فلسطينية معناه من بين معان إيجابية كثيرة أخري أن يموت أمل الصهاينة في تصور أي منافسة لقناة السويس .
7- إرتباطا بمشروع الممر الإقتصادي مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا(IMEC) فسيكون في إحياء المشروع القومي لتنمية سيناء وتوطين 3 مليون مصري وإحياء وتطوير ميناء العريش وربطه بقناة السويس ومنطقتها الإقتصادية SCZone وسلسلة الموانئ المصري الأخري علي البحرين الأبيض والأحمر الرد الوحيد العملي علي ممر IMEC الذي إلي حد ما سيؤثر سلباً في إيرادية قناة السويس حتي وإن تم مشروع توسعتها , فسيناء تظل الظـــهـــيــر الجغرافي الإستراتيجي لقناة السويس ومشروعاتها المختلفة بما فيها منطقتها الإقتصادية SCZone والكيان الصهيوني يدرك تماماً هذه الحقيقة ويعمل علي محوها بتكتيكات مختلفة منها سيناريو تهجير الفلسطينيين القسري أو الطوعي من غـــزة , ولهذا فعلي مصر بعد إستقرار أوضاع غزة أن ترسي – عن طريق هيئة قناة السويس أو الوزارة المعنية بموانئ مصر – تـــعـــاونـــاً فـــعـــالاً مع مينائي بيروت وغــــزة ووصلهما بميناء الـــعـــريـــش الذي يكتسب أهمية إضافية من كون منطقة شرق المتوسط أصبحت مزدهرة يانعة بإحتياطيات الغاز الطبيعي بها مما قد يقود مصر إلي إرساء تعاون متعدد الأوجه مع تركيا خاصة لو نفضت يدها من ثلاثي البؤس المسمي بتحالف الكيان الصهيوني واليونان وقبرص فهو تحالف يقع بين نقطتين هما كونه تحالف عدائي ولا قيمة أو جدوي منه .
الـــــــــــســــــــفــــــيـــــر : بـــــــــلال الـــــمـــــصــــــري –
حصريا المركز الديمقراطي العربي –الـــــقــــــاهــــــرة تــحـــريـــــراً / في 31 مـــارس 2024