إنعكاسات الدور الإغاثى للأمم المتحدة فى الصومال على خصوصيات الأمن القومى العربى
اعداد : مسلم محمد هنيدى – باحث سياسى متخصص فى العلاقات الدولية وسياسات الأمن القومى
- المركز الديمقراطي العربي
تقديم :
لطالما ساهمت تحركات وقرارات الأمم المتحدة فى تعزيز جهود الدعم الإغاثى بالدول المضارة جراء إندلاع الكوارث والأزمات حول العالم على مدار السنوات القليلة الماضية بشكل ملحوظ، وذلك فى إطار تفعيلها لآلية تقديم المساعدات الإنسانية لضحايا الكوارث الطبيعية فى الدول والمجتمعات المنكوبة، كأحد مجالات التعاون والإهتمام المتنامى لأنشطتها الأممية بشكل متزايد بشكل أصيل، وذلك بالتعاون والتنسيق بين وكالاتها وهيئاتها المتنوعة، مع التنظيمات الإقليمية والحكومات الوطنية ومنظمات وجمعيات الدعم الإغاثى والعمل الأهلى بمختلف الدول والبلدان، ذلك الدور الذى نمى وتتطور- وكثيرًا ما ساهمت إنعكاساته الإيجابية فى التخفيف من حدة التأثيرات السلبية لتلك الكوارث والأزمات، التى وقعت بشكل متواتر عبر العقود الماضية فى عدد ليس قليل من الدول الأعضاء([1]).
ولكن فى المقابل؛ ستظل مشروعية التدخل الدولي الإنساني من قبل الدول والقوى الكبرى عبر المظلة الأممية فى الشؤون الداخلية للدول المنكوبة والمأزومة سياسيًا وأمنيًا، من أكثر القضايا إثارة للجدل في العلاقات الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وذلك نظرًا لمساسه بالقواعد التفاعلية الراسخة التى إكتسبت ثباتًا قانونيًا، وصارت ذات طبيعة آمرة في القانون الدولي المعاصر، والتي لا يجوز إنتهاكها أو تجاوزها من قبل القوى الكبرى تحت ذريعة تقديم الدعم الإغاثى والمساعدات الإنسانية فى بعض البلدان، ويأتى فى مقدمتها ضرورة إحترام السيادة الوطنية، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول، وعدم إستخدام القوة فى العلاقات الدولية إلا في حالات الدفاع عن النفس. وبرغم مساهمة قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في تفعيل آلية تقديم المساعدات الإنسانية لضحايا الكوارث الطبيعية عبر السنين، يظل هناك إختلاف قائم بين مشروعية تقديم المساعدات عن التدخل الدولي الإنساني؛ فالأولى تتطلب موافقة الدولة التي تُقَدَم لها المساعدة، أما الثاني فليس بحاجة إلى تصريح([2]).
وتأسيسًأ على ذلك؛ فقد حظي موضوع التدخل الدولي الإنساني بإهتمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها (54) والتى عقدت فى سبتمبر 1999م، وإنقسمت الآراء بشأنه إلى ثلاثة إتجاهات؛ حيث ينادى الإتجاه الأول بأفضلية تقييد التدخل الدولي الإنساني في إطار مظلة الأمم المتحدة، وقد مثل هذا الإتجاه كلاً من الصين وروسيا. أما الإتجاه الثاني، فيرفض تقييد التدخل في إطار الأمم المتحدة، ومثل هذا الإتجاه الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة. فى حين يرفض الإتجاه الثالث التدخل الدولي الإنساني، ويرى فيه إنتهاكًا لسيادة الدول، وقد مثل هذا الإتجاه دول الجنوب([3]).
وفى هذا السياق يبرز الدور الملحوظ للأمم المتحدة فى التخفيف من حدة ما تتعرض له دولة الصومال بشكل يعبر عن ضخامة وصعوبة الوضع الإنسانى الممتد فى هذا البلد العربى الهام على الساحل الشرقى للقارة الإفريقية منذ عقود، جراء ما يمر به من أزمات وإنتكاسات إنسانية وتنموية وأمنية وسياسية متتالية، كما يعبر عن حجم وتأثير وأهمية ما تقدمه المنظمة الأممية عبر وكالاتها ومكاتبها المنتشرة حول العالم وبعثتها المتواجدة فى الصومال، منذ إستصدار مجلس الأمن الدولى لقراره الشهير رقم 794 فى 3 ديسمبر 1992، والخاص بالإقرار بضرورة التدخل الدولى الإنسانى لوقف الإنتهاكات التى يتعرض لها الشعب الصومالى جراء الفوضى والحرب الأهلية، التى إندلعت وتفاقمت تبعاتها المتنوعة عقب الإطاحة بنظام الرئيس “سياد بري” على يد أمراء الحرب العشائريين فى العام 1991م، حيث قادت تلك الأحداث فى حينها البلاد إلى حالة من الفوضى والإحتراب، أسفرت عن مقتل وجرح آلاف المدنيين([4]). لتبدأ قوات المارينز الأميركية على إثر ذلك القرار بالنزول في ميناء العاصمة مقديشو في عملية سميت بـ”إعادة الأمل”، تلك العملية التى مهدت منذ بدايتها لموجات متتالية من التدخلات الأمريكية والغربية والإقليمية فى الشأن الصومالى، بالشكل الذى ضمن حماية وتعظيم المصالح الأمريكية فى هذا البلد الفقير، حتى وإن ساهمت تلك التدخلات فى حلحلة الأوضاع المضطربة فى الداخل الصومالى بعض الشىء([5]).
وإنطلاقًا مما تقدم؛ يستهدف هذا التقرير تقديم إحاطة مختصرة بتطورات الأزمة الصومالية منذ إندلاعها فى بداية التسعينات من القرن الماضى وحتى 2024، كما يسعى للإجابة على عدد من التساؤلات التى تبحث عن مدى جدوى وفاعلية الدور الإغاثى للأمم المتحدة فى حلحلة تلك الأوضاع الممتدة منذ عقود، بالإضافة إلى تسليط الضوء على مؤشرات التوظيف والإستغلال اللإنسانى للأزمة من قبل القوى الكبرى المنخرطة فى الداخل الصومالى، لتحقيق غايات وترتيبات أخرى تتجاوز الأهداف الأممية المعلنة، والتى تعد واحدة من جولات وساحات التوظيف الإنتهازى للقرارت الأممية فى تحقيق أهداف ومصالح الدول الكبرى منذ ما بعد الحرب الباردة وحتى الأن، ثم يقوم بتسليط الضوء على التأثير السلبى لتلك الأدوار والترحركات الغربية فى المنطقة على الأمن القومى العربى، ليختتم بتقديم تصور مقترح لمعالجة الأزمة بالشكل الذى يعظم من نجاح جهود وتحركات الدور الأممى، كما يراعى تحقيق وحماية المصالح الصومالية العليا لهذا البلد الهام فى المستقبل المنظور.
(أولًا)
تطورات الأزمة الصومالية بين الإنفراج والتعقيد
تقع دولة الصومال العربية بمنطقة القرن الإفريقي على الساحل الشرقى للقارة، ويحدها من الشمال الغربي جيبوتي، ومن الجنوب الغربي كينيا، ومن الشمال خليج عدن ومن الشرق المحيط الهندي ومن الغرب إثيوبيا، وتتسم تضاريسها بالتنوع بين الهضاب والسهول والمرتفعات، ومناخها صحراوي حار على مدار السنة مع بعض الرياح الموسمية والأمطار غير المنتظمة. ويبلغ تعداد السكان حوالي 18 مليون نسمة طبقًا للتقديرات الحكومية الغير مؤكدة فى 2022، إذ يصعب الإحصاء الفعلي للسكان في الوقت الراهن نتيجة كثرة أعداد الرحُل، وكذلك زيادة أعداد النازحين الفارين إما من المجاعة أو الحرب الأهلية، كما زاد تعداد الشتات الصومالي في العالم في أعقاب الحرب الأهلية حيث فر خيرة المتعلمين الصوماليين من بلادهم إلى الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا الشمالية([6]). وتأسيسً على ما تقدم؛ يمكن تسليط الضوء على أبعاد وملامح الأزمة الصومالية منذ البدايات عبر مساريها السياسى والإنسانى بشكل مختصر فيما يلى:
1ـ تطورات الوضع السياسى:
ترجع البدايات الأولى للأزمة السياسية فى الصومال إلى الحرب الأهلية التى نشبت بين عامي 1988-1996م على إثر المقاومة المسلحة لجماعات المعارضة العشائرية التى نجحت فى إسقاط نظام الرئيس “سياد بري” في عام 1991. ليدخل الجيش الصومالي على إثر ذلك فى مواجهات وموجات ممتدة مع عدد من الفصائل والعشائر والتنظيمات المسلحة منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، حيث بدأت الفصائل المسلحة المختلفة تتنافس على النفوذ في ظل فراغ السلطة والفوضى التي تلت الإنقلاب، ولا سيما في الجنوب. ومع فشل جميع الجهود لإقامة حكومة دستورية في البلاد عقب الإطاحة بالنظام، أعلن الإقليم الشمالي انفصاله تحت مسمى (جمهورية أرض الصومال) الآمن نسبيًا حتى اليوم([7]).
وبين عامي 1990-1992 إنهار القانون العرفي مؤقتًا بسبب القتال، وهو ما أدى إلى وصول المراقبين العسكريين للأمم المتحدة إلى الصومال في يوليو عام 1992، وتبعتهم قوات حفظ السلام. واستمر القتال بين الفصائل في الجنوب. وبإنعدام وجود حكومة مركزية تحولت الصومال لـ(دولة فاشلة). وترتب على إنهيار الحكومة المركزية، عودة القوانين العشائرية والتشدد فى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في معظم المناطق. وتم إنشاء حكومتين ذاتيتي الحكم في الجزء الشمالي من البلاد أعوام 1991 و 1998([8]).
وفي عام 2000، تم تأسيس الحكومة الوطنية الإنتقالية، تلتها الحكومة الإتحادية الإنتقالية في عام 2004. ثم تصاعد الصراع المسلح مجددًا في عام 2005، وإندلعت المواجهات المدمرة في الجنوب بين عامي 2005-2007. كما إستولت القوات الإثيوبية في عام 2006 على معظم الجنوب من إتحاد المحاكم الإسلامية الذي تشكل حديثًا. ثم إنقسم إتحاد المحاكم إلى عدد من الجماعات المتطرفة، وبالأخص حركة الشباب الصومالية، والتي ظلت منذ ذلك الحين تحارب الحكومة الصومالية وقوات حفظ السلام التابعة للإتحاد الإفريقي المكلفة بالسيطرة على البلاد([9]).
وفي أكتوبر 2011، وبعد اجتماعات تحضيرية، دخلت القوات الكينية جنوب الصومال لتنفيذ عملية “ليندا نشي” العسكرية ضد حركة الشباب، ولإنشاء منطقة عازلة داخل الصومال. وتم دمج القوات الكينية رسميًا داخل القوة المتعددة الجنسيات في فبراير 2012، كما تم إنشاء الحكومة الإتحادية في الصومال في أغسطس 2012، لتشكل أول حكومة مركزية دائمة في البلاد منذ بداية الحرب الأهلية([10]).
ورغم الخطوة الإيجابية التى أحرزها الصومال عام 2012 نحو الإستقرار؛ حيث شكلت الدولة حكومة فيدرالية تحت قيادة الرئيس “حسن شيخ محمود”، والذي أوجد تفاؤلًا ببدء الطريق الطويل نحو الإستقرار وإعادة البناء، ولكن لم ينعكس ذلك الوضع على تعزيز الإهتمام العربي بالصومال بالقدر المأمول، ويرجع ذلك إلى طول أمد الأزمة الصومالية المستمررة منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان، علاوة على ما كان يمر به العالم العربى فى وقتها من أحداث فى مصر وسوريا وليبيا واليمن والعراق([11]).
كما أنه وبرغم الجهود المبذولة من قبل الدول العربية بقيادة مصر والسعودية والسودان واليمن، حيث لطالما تقدموا بمبادرات واستضافوا مؤتمرات للفرقاء الصوماليين بهدف إنهاء الحرب الأهلية وإعادة الإستقرار وإعادة بناء مؤسسات الدولة- والتى أسهمت إلى جانب الجهود الأممية في تمكين الشعب الصومالي من تجاوز المحنة بأقل عدد من الضحايا فى حينه بعض الشىء؛ إلا أنها قوبلت بعدم إكتراث من قبل الفرقاء الصوماليين جراء الإعلاء المتعمد للمصالح الشخصية والقبلية الضيقة على مصلحة الوطن، وهو ما إضطر الحكومات العربية لأن تنفض أيديها بعض الشىء من المسألة، وإكتفت بإنتظار ما ستؤول إليه الأحداث، وإقتصر الدور العربى على تقديم المساعدات الطبية والغذائية للضحايا الصوماليين([12]).
2ـ تطورات الأزمة الإنسانية:
يعيش الصومال منذ إندلاع الحرب الأهلية فى العقد الأخير من القرن الماضى أسوأ وأطول الأزمات الإنسانية التى أمتدت لعقود فى العصر الحديث، فمع إنتقال التردى فى الأوضاع الإنسانية كرد فعل مباشر للصراع السياسى، إلى الدخول تحت وطأ الإنعكسات السلبية المتتالية لحالات التغير المناخى المتذبذة التى تضرب البلاد بشكل متواصل منذ سنوات؛ زاد النزاع تعقيداً وإستقطاباً بصورة تدريجية، وتعاظمت خطورة الوضع الإنسانى وتشابكت تعقيداته. وأصبح التصدي للوضع الإنسانى بنهاية العقد الأول من القرن الحادى والعشرين؛ أصعب مما كان عليه في السنوات العقديين الماضيين، فقد إستنفد السكان قدراتهم على التغلب على الصعاب بسبب طبيعة الأزمة المزمنة، حيث يتعرض مئات الآلاف منهم للنزوح داخل الصومال، ويعيش أغلبيتهم في العراء أو في مخيمات مؤقتة بعيداً عن المرافق الصحية، وأصيب الكثير منهم بجروح أو تعرضوا للقتل. كما ضاعف تدهور الحالة الأمنية المتزايد والضعف الشديد للوضع الاقتصادي من تهديد الكثير من المجتمعات المحلية الريفية في بقائها([13]).
وقد تجلى ذلك مطلع العام 2011؛ حيث عادت الصومال ومنطقة القرن الأفريقي لتتبوأ مكانتها في صدارة إهتمام الإعلام الدولي، فطبقًا لتقارير الأمم المتحدة وكثير من المنظمات الدولية غير الحكومية عانت معظم مناطق جنوب الصومال من أزمة غذاء حادة لم تشهد مثلها منذ عشرين عامًا. وسط مخاوف من تهديد حياة نحو 11 مليونًا من البشر في هذه المنطقة بالموت جوعًا من خطورة الأوضاع، مما دفع الأمين العام للأمم المتحدة السابق “بان كي مون” إلى مطالبة المانحين بضرورة تقديم نحو 1.5 مليار دولار لمساعدة الصومال وحده. وفى عام 2013 كشف تقرير صدر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المحدة (الفاو) عن أن ما يربو عن 250,000 صومالي، كثير منهم من الأطفال دون سن الخامسة، قد لقوا حتفهم بسبب المجاعة في الفترة ما بين أكتوبر 2010 إلى أبريل 2012. ولم يتمكن هؤلاء الأشخاص من الحصول على أي مساعدات إنسانية بسبب عوامل عدة من بينها إنعدام الأمن([14]).
ثم أدى تأخر موعد نزول الأمطار مع مطلع 2020 لمدة ثلاثة مواسم متتالية إلى جفاف الأنهار وجميع مصادر المياه، وتفاقمت الأوضاع لما هو أسوأ مما حدث في أزمة الجفاف التي شهدتها البلاد بين عامي 2016 ـ 2017. حيث تفاقمت مشكلة الجفاف في معظم المناطق الوسطى والشمال، وكذلك الجنوب الذي كان يعتبر السلة الغذائية للصومال، وتعرضت الكثير من المواشي للهلاك. وذكرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة أن حوالي 90% من مناطق البلاد تعاني بشدة من آثار الجفاف، وقد إضطر أكثر من 800,000 شخص للنزوح مرة أخرى داخلياً، فيما عبر ما يقرب من 16,000 شخص الحدود فى موجات متتالية إلى إثيوبيا، وقد وصل عدد المتضررين إلى 7 ملايين بنهاية العام 2022، منهم ما يقارب 3 ملايين إنسان في وضع أكثر خطورة، وفقدت البلاد أكثر من 300 ألف طفل جراء تفاقم الأوضاع([15]).
ومع بداية عام 2023 تصاعدت موجة الجفاف الممتدة فى منطقة القرن الأفريقي بشكل جعلها الأسوأ منذ نحو 40 عام. وفي الصومال وحدها؛ عانت 90% من مناطق البلاد بشدّة من آثار الجفاف، وفي معدّل قياسي من النزوح القسري، أُجبِر أكثر من مليون صومالي للنزوح داخل البلاد في أقل من 5 أشهر منذ بداية عام 2023، حيث تُجبر آلاف الأسر النازحة على الفرار المتتالى قسرًا للبحث عن المياه والطعام والإمدادت. ومع نهاية العام 2023 قد تجاوز عدد الأشخاص الذين يعيشون في ظروف ما قبل المجاعة أو الشبيهة بالمجاعة في الصومال بنسبة 5 أضعاف منذ بداية العام، وإستمر النزوح الداخلي، وضاعف الصراع على الموارد الشحيحة من تهديد السلم والأمن المجتمعي والسياسي في الصومال على نحو بالغ الخطورة، حيث يعانى آلاف الأطفال من سوء التغذية الحاد، خصوصًا مع تفشي الأوبئة مثل الكوليرا، والتي ساهمت في زيادة الوفيات بين الأطفال مع تراجع الخدمات الصحية([16]).
بالإضافة إلى ما تقدم؛ كشف تحليل التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي صدر فى مارس 2023 عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في سياق نتائج الدراسة الاستقصائية بشأن الأمن الغذائي تراجع خطر المجاعة في بعض مناطق الصومال بفضل الإرتقاء الكبير بالمساعدات الإنسانية في قطاعات متعددة وهطول الأمطار بمنسوب أعلى بقليل مما كان متوقعًا من ذي قبل، غير أنّ الوضع لا يزال حرجًا ولا يزال خطر المجاعة يتربص ببعض المناطق الأخرى. وحيث تعد منطقة القرن الأفريقي إحدى المناطق الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخى، وأصبحت أكثر عرضة للظواهر المناخية القصوى، وبرغم تعرضها لأسوأ موجة جفاف تشهدها منذ 40 عامًا، فقد شهدت فى العام 2024 أمطارًا غزيرة وفيضانات مرتبطة بظاهرة “النينيو” المناخية التي أودت بحياة العشرات وتسببت في نزوح واسع النطاق، خصوصًا في الصومال حيث دمرت الأمطار الغزيرة جسورًا وأغرقت مناطق سكنية، وتسببت الفيضانات فى نزوح أكثر من مليون شخص في الصومال([17]).
(ثانيًا)
تطورات الموقف الأممى من الأوضاع فى الصومال
لقد نمى وتبلور الدور الإغاثى للأمم المتحدة منذ تأسيسها فى منتصف القرن الماضى، وتطورت مستوياته وتشعبت برامجه من خلال تدشين المنظمة لعدد من الوكالات والبرامج المتنوعة المعنية بتقديم الدعم والمساندة للدول الأعضاء، وذلك بالتنسيق والتعاون مع الحكومات الوطنية فى مختلف الدول الأعضاء؛ ومن ثم تعمل كيانات الأمم المتحدة عبر المستويات العالمية والإقليمية والوطنية، منذ فترة طويلة وبشراكة وثيقة مع منظمات المجتمع المدني على المستويات المحلية من أجل تنفيذ البرامج والمشاريع المختلفة، على غرار تقديم الخدمات الإنسانية المنقذة للحياة الأفراد فى مناطق النزاع والكوارث والحروب والأزمات فى الدول المضارة حول العالم([18]).
ذلك الدور الذى تباشره هيئات الأمم المتّحدة وآلياتها المعنية بالعمل الإنسانى فى الصومال منذ إندلاع الأحداث فى تسعينيات القرن الماضى وحتى اليوم، حيث تم تنفيذ العملية الأولى للمنظمة تحت رعاية الدولة الصومالية لتوفير وتسهيل وتأمين العمليات الإغاثية الإنسانية في الصومال في شهر أبريل 1992، فضلًا عن رصد أول هدنة تمت بواسطة الأمم المتحدة لمواجهة تبعات الصراع المسلح بين الفرقاء أنذاك، ثم تعاقبت وتنامت الجهود الأممية لدعم وتنفيذ جهود الغوث الإنسانى فى الصومال منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم([19]). وهو ما يمكن رصد أبرز ملامحه فيما يلى:
1ـ مؤسسات ووكالات الأمم المتحدة للعمل الإغاثى:
كانت البداية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التى ظهرت عقب الحرب العالمية الثانية لتقديم المساعدة للأوروبيين الذين شردهم الصراع، ثم تصدرت المنظمة الجهود الدولية المبذولة لحماية اللاجئين وتنسيق العمل الدولي على الصعيد العالمي. كذلك يقوم كل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ووكالة الأمم المتحدة للاجئين( (UNHCR، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، وبرنامج الغذاء العالمي (WFP) بأدوار رئيسية في تقديم مساعدات الإغاثة للدول المضارة حل العالم. ويتولى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مسؤولية الأنشطة التنفيذية للتخفيف من سلبيات الكوارث الطبيعية والوقاية منها والتأهب لها، وعند حدوث حالات طوارئ، يقوم المنسقون المقيمون لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتنسيق جهود الإغاثة وإعادة التأهيل على المستوى الوطني([20]).
وفي ذات الإطار، سعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) جاهدًة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال المضارين بحلول فعالة ومنخفضة التكلفة لمواجهة أكبر التهديدات لبقائهم على قيد الحياة حول العالم، كما تحث اليونيسف الحكومة والأطراف المتحاربة بإستمرار على العمل بشكل أكثر فعالية لحماية الأطفال. كذلك يقدم برنامج الأغذية العالمي الإغاثة للملايين المضارة من الجفاف والمجاعة وتبعات الصراع السياسى فى الصومال وفى دول الجوار، في إطار العمليات التي تشرف عليها مفوضية شؤون اللاجئين([21]).
أما منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة فقد قامت بمساعدة الفلاحين الصوماليين في إعادة ترتيب شؤونهم بما يضمن إستمرار إنتاج الغذاء في أعقاب الأزمات وتفشي الأمراض الحيوانية وما يماثلها من الحالات الطارئة. كما تنسق منظمة الصحة العالمية (WHO) الإستجابة العالمية لحالات الطوارئ الصحية الإنسانية بجميع أنواعها بدءًا من تفشي الأمراض إلى النزاعات إلى الكوارث الطبيعية فى الصومال، وتشكيل جدول أعمال البحوث الصحية، ووضع القواعد والمعايير، وتوضيح خيارات السياسة المسندة بالبيّنات، وتوفير الدعم التقني للحكومة ورصد الاتجاهات الصحية وتقييمها([22]).
2ـ المهام والجهود الأممية في الصومال:
تدعم الأمم المتحدة الشعب الصومالي منذ ولادة الجمهورية في عام 1960م، وحتى الأن تنفذ 26 وكالة وصندوقًا وبرنامجًا (مقيم وغير مقيم)، وبعثة سياسية واحدة (بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال)، وبعثة دعم لوجستي (مكتب الأمم المتحدة لتقديم الدعم في الصومال). الإلتزامات الأممية تجاه القضية الصومالية، وذلك في إطار برنامج الأمم المتحدة للتعاون الإنمائي المستدام (2021-2025) الذي يعكس أولويات الخطة الإنمائية الوطنية التاسعة للصومال (NDP-9) ([23]).
وفى هذا السياق؛ كانت أولى تحركات الأمم المتحدة لمواجهة تداعيات الفوضى التى عمت أرجاء الصومال ما بعد سقوط النظام فى 1992، التحركات التى تمت فى إطار قرار مجلس الأمن رقم 767، المتخذ بالإجماع في 24 يوليو 1992، بعد إعادة التأكيد على القرارات 733 (1992)، 746 (1992) و751 (1992). حيث طلب فيه مجلس الأمن من الأمين العام الأسبق “بطرس بطرس غالي” بالإستفادة الكاملة من جميع الوسائل المتاحة، بما في ذلك عملية النقل الجوي العاجلة، في تسريع وتيسير تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المتضررين في الصومال المعرضين لخطر المجاعة. كما طالب الأطراف ذات الصلة والفصائل في الحركات الصومالية بالمساعدة في تسهيل الجهود الإنسانية من خلال ضمان سلامة وحرية تنقل العاملين في المجال الإنساني والمساعدة في تحقيق الإستقرار العام في البلاد، وكرر القرار مطالب مماثلة تنطبق على المراقبين العسكريين لعملية الأمم المتحدة الأولى في الصومال([24]).
ثم ناقش المجلس القضايا المتعلقة بوقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية، وحث جميع الأطراف والفصائل والحركات المعنية على وقف القتال، وطالب الأمين العام بتعزيز وقف إطلاق النار، ورحب بتعاون جامعة الدول العربية و(منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الوحدة الإفريقية) في محاولة حل الوضع، لكنه شدد أيضًا على الحاجة المستمرة لفرض حظر الأسلحة المفروض على الصومال منذ القرار 733([25]).
وعقب إنسحاب البعثة الأممية بقيادة الولايات المتحدة فى 1995 من الصومال على إثر الهزيمة الساحقة التى مُنبيت بها القوات الأمريكية عقب إندلاع المقاومة المسلحة ضدها فى عموم الصومال؛ أنشأت الأمم المتحدة مكتبًا في كينيا لمتابعة الوضع في الصومال، ثم بدأت تتكون لديها فكرة إشراف الاتحاد الإفريقي للسيطرة على الوضع في الصومال خاصة بعد المقاومة التي تلقاها غير الأفارقة هناك، بحيث يكون تدخل الاتحاد الإفريقي تحت إشراف وتوجيه من الأمم المتحدة([26]).
ثم تعاقبت تطورات الموقف عبر السنوات المتتالية فيما يتعلق بمواصلة تقديم الدعم الإغاثى والسياسى للشعب الصومالى فى ذات السياق؛ حتى باشرت “بعثة الأمم المتحدة لمساعدة الصومال” والتي جاءت بقرار لمجلس الأمن الدولي في الثاني من مايو 2012 برئاسة ممثل الأمين العام الخاص للصومال “نيكولاس كاي”، عملها لتحل محل المكتب السياسي للأمم المتحدة في الصومال، والذي كان يدير الملف السياسي هناك منذ 1995. وقد ركزت مهمة البعثة الجديدة وفق التفويض على مساعدة الحكومة الفدرالية الصومالية في الإستفادة من المكاسب التي تحققت بين الفرقاء([27]).
وكذلك التنسيق مع بعثة الإتحاد الإفريقي التى قام مجلس الأمن الدولى في 6 مارس 2013، بتمديد ولايتها في الصومال هى الأخرى لعام آخر، بشأن إحلال السلام وبناء الدولة في مجالات الحوكمة وإصلاح قطاع الأمن وسيادة القانون (بما في ذلك فض الإشتباك بين الأطراف المتحاربة)، وتطوير نظام فيدرالي (بما في ذلك الإستعدادات للانتخابات عام 2016)، وتنسيق المساعدات الدولية. وقد قامت جميع الفرق القُطرية التابعة للأمم المتحدة في الصومال، السياسية منها والإنسانية، وبشكل فوري، بتنسيق أنشطتها تحت رئاسة البعثة التي تم تشكيلها، وأصبح مكتب المنسق الإنساني للأمم المتحدة للصومال تابعاً لمكتب الممثل الخاص للأمين العام بدءاً من يناير 2014. والذى كان قد تم تأسيسه في عام 1995 برئاسة الممثل الخاص للأمين العام، وكان يلعب دوراً سياسياً بشكل رئيسي، حيث عمل على تسهيل الحوار السياسي وأنشطة تحقيق السلام([28]).
وقد حثّ مجلس الأمن الدولي، في قراره، الممثل الخاص الذي تم تعيينه مديرًا للبعثة على التنسيق بشكل وثيق مع الأطراف المعنية في الصومال، بما في ذلك الفرق القُطرية التابعة للأمم المتحدة، والحكومة الفيدرالية، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في الصومال (إيجاد)، والاتحاد الأوروبي ومختلف الشركاء على المستوي الإقليمي والثنائي والدولي. بالإضافة إلى ذلك، كثيرًا ما إعتمدت الحكومة الفيدرالية الصومالية على مساندة قوة بعثة الإتحاد الإفريقي (أميصوم) التي تضم 18,000 فرد. وقد إستعانت بعثة المساعدة الفنية إلى الصومال التي يشرف عليها الأمين العام بحراس الأمن المحليين الذين تم التعاقد معهم وتدريبهم من قبل الأمم المتحدة، وتم نشر القوة التابعة لبعثة الإتحاد الإفريقي في مقديشو، والإعتماد على قوات الأمن الوطنية الصومالية. وقد ساهم توحيد الجهود الإنسانية والتنموية في الصومال في زيادة تدفق التمويل الدولي الذي تحتاج إليه الدولة لمعالجة الوضع القائم إضافة إلى دوره في خلق نوع من التناغم وتوحيد الاستراتيجيات([29]).
3ـ مهام اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات:
تجمع اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات الأممية فى الصومال الرؤساء التنفيذيين لما مجموعه 18 منظمة، بما فيها منظمة الأغذية والزراعة، لصياغة السياسات وتحديد الأولويات الاستراتيجية وتعبئة الموارد لمواجهة الأزمات الإنسانية. وقد إشملت العناصر الرئيسية لخطة الإستجابة التي رسمتها المنظمة الأممية مع هؤلاء الشركاء التحويلات النقدية المباشرة وبرامج النقد مقابل العمل التي إستهدفت على وجه التحديد المجتمعات الريفية، إلى جانب مجموعة من تدابير الدعم من قبيل إبقاء حيوانات الرعاة منتجة وعلى قيد الحياة عن طريق توفير الأعلاف والمياه والرعاية البيطرية، وتوزيع أصناف من الذرة الرفيعة والذرة واللوبياء وغيرها من الفاصوليا والخضار التي تتحمل الجفاف والتي تنضج مبكرًا، على الأسر التي تعيش على ضفاف الأنهار والتي لا تزال قادرة على ممارسة الزراعة رغم الجفاف([30]).
وهذا يساعد على الحفاظ على لحمة الأسر والمجتمعات المحلية أثناء الأزمات، بما يؤدي إلى التقليل من المخاطر النفسية والاجتماعية والجسدية التي يتعرض لها الأشخاص المستضعفون، وتمهيد الطريق للتعافي بوتيرة أسرع في المستقبل. وتظل المنظمة، بفضل ما تتمتع به من شبكة راسخة من الشركاء المحليين وطرائق التنفيذ، الوكالة ذات الإمكانات الأكبر للوصول إلى السكان وذات النظم القائمة لتوسيع نطاق المساعدات المنقذة للأرواح في المناطق الريفية التي يصعب الوصول إليها والمهددة بخطر المجاعة.
وإتصالًا بذلك، أصدر رؤساء اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات، وهي المنتدى الأعرق والأرفع لتنسيق الشؤون الإنسانية في منظومة الأمم المتحدة، بيانًا فى 5 سبتمبر 2022 دعوا فيه إلى ضخ مزيدًا من الأموال للتمكن من تحقيق زيادة هائلة في المساعدات المقدمة إلى الأشخاص الذين يعانون من المجاعة والجوع الشديد في الصومال، والذين هم في غالب الأحيان من ملاك الماشية وأفراد الأسر الريفية. ومن ثم يتوقف بقاؤهم على قيد الحياة على بقاء قطعانهم، وترتبط تغذية أطفالهم بشكل وثيق بصحة حيواناتهم وإنتاجيتها. وقد ظلت هذه الحيوانات تتعرض للنفوق بمعدل فظيع خلال السنة الماضية([31]).
ثم إعتمد مجلس الأمن الدولي فى نوفمبر 2022 قرارًا يقضى بتمديد ولاية ومهام بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال وذلك حتى 31 أكتوبر 2023، وتم اعتماد القرار رقم 2657 بأغلبية 14 صوتًا مقابل لا شيء مع إمتناع الصين عن التصويت. وقد جدد مجلس الأمن التأكيد على أنه سيبقي الوضع في الصومال قيد الإستعراض وسيكون مستعدًا لمراجعة الأحكام الواردة في هذا القرار، في ضوء تطور التطورات السياسية والوضع في البلاد([32]).
وعلى الرغم من تسجيل مؤشرات تقدم مشجعة مع بداية العام الحالى، لاتزال هناك المزيد من التحديات المستمرة فى الصومال، فوفقًا لتوقعات الأمم المتحدة سيحتاج حوالي 7.7 مليون صومالي (نحو نصف سكان البلاد) إلى المساعدات الإنسانية والحماية. لا سيما أولئك الذين يعيشون في مجتمعات المشردين داخليًا، في ضوء موجات التذبذب المناخى الممتدة حتى الأن، ومن ثم هناك حاجة ماسة إلى المزيد من الموارد الإضافية للحؤول دون تحول الوضع الإنساني المتردي إلى كارثة تفوق قدرات وجهود ما هو متاح من أموال وإمكانيات. ومن ثم تقتضى المسؤولية الجماعية دعم جهود الشعب الصومالي للتعامل مع هذه الأزمات وإيجاد حلول دائمة تعزز قدرته على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية.
ومع تفاقم الأوضاع بنهاية 2022 سارعت المفوضية الأممية لتوفير المساعدات المنقذة للحياة للأسر اللاجئة والنازحة الأشد ضعفاً في الصومال، بما في ذلك المأوى والمياه ومواد الإغاثة الطارئة (أغطية بلاستيكية عازلة، بطانيات، حصائر، لوازم المطبخ، مصابيح شمسية..) بالإضافة إلى الصابون وغيره من لوزام النظافة الصحية، ومع الإنخفاض في تمويل برامج المفوضية، تقع وسط مرارة الإختيار بين توفير المياه أو المأوى أو الدواء للمتضررين والمحتاجين.
ومنذ بداية حالة الطوارئ مطلع 2023، سارعت المفوضية وشركاؤها لتوفير الدعم للحكومة الإثيوبية من أجل تقديم المساعدات المنقذة لحياة النازحين. وتم تسليم الأدوية والمياه والمواد الأساسية الأخرى إلى العيادات المحلية في جميع أنحاء المنطقة لضمان قدرتها على مساعدة المجتمعات المضيفة واللاجئين على حد سواء. وبعد شهرين من إطلاق نداء الإستجابة المشترك بين الوكالات لمساعدة اللاجئين الصوماليين الفارين إلى إثيوبيا منذ فبراير 2023، تلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والشركاء في المجال الإنساني 2% فقط من الأموال المخصصة للمتطلبات البالغ مجموعها 116 مليون دولار. وبينما أعادت المفوضية وشركاؤها ترتيب أولويات التمويل القائمة بعيداً عن الإحتياجات الملحة الأخرى للبدء في الإستجابة، مع وصول المزيد من الأشخاص إلى البلاد كل يوم، فإن عدم توفر تمويل جديد يعوق بشدة جهود الاستجابة على أرض الواقع([33]).
وعلى الرغم من ندرة الموارد المحلية، فقد فتحت المجتمعات المضيفة في جميع أنحاء المنطقة أبواب منازلها لحوالي 80% من مجموع السكان النازحين. وفي حين أن هناك من يمكنهم الإقامة مع عائلات إثيوبية، إتخذ آخرون من الأشجار والأحراش مأوى لهم بما يشكله ذلك من مخاطر تعرض حياتهم للأذى من قبل الحيوانات المفترسة، ومن مخاطر السرقة والإنتهاكات الجنسية. وفى إطار ما يحتاجه هؤلاء من مأوى وطعام ورعاية طبية- وبدعم من الشركاء؛ تمكنت الحكومة الإثيوبية والمفوضية من نقل أكثر من 20 ألف لاجئ صومالي إلى مواقع أمنة في منطقة “ميركان”، حيث تم توفير الخدمات لهم بما في ذلك توزيع المياه وتأمين المأوى الطارئ والصرف الصحي، ومع محدودية الموارد، ظهرت فجوات التمويل والإمداد على السطح وتخشى المفوضية أنه ما لم يتم توفير دعم عاجل، فإن العواقب ستكون وخيمة على اللاجئين ومضيفيهم، ومن ثم إقتصر توزيع الغذاء على مواقع معينة بسبب نقص الوقود، وتراجعت القدرة على توفير التعليم للعديد من الأطفال بسبب السعة المحدودة في الصفوف الدراسية حيث يعمل المعلمون الآن فوق طاقتهم([34]).
(ثالثًا)
مؤشرات الإستغلال اللإنسانى للأزمة من المنخرطين
برزت أهمية موضوع المساعدات الإنسانية في السياسة الدولية بصورة كبيرة منذ الحروب الكبرى في القرن الماضي، وقد تعددت صور المساعدات التي تقدمها الدول المتقدمة إلى الدول النامية فى وقت الأزمات من دعم مالي وسلعي أو مساعدات فنية أو غيرها، وكلها دون شك يندرج تحت مفهوم المساعدات ما دام بغرض التنمية ومساندة الحكومات الوطنية فى السيطرة على الأوضاع. ولكن؛ لطالما ظلت مدى فاعلية هذه المساعدات بالنسبة إلى الدول التي تتلقاها مثار هواجس وتساؤلات تتعلق بمدى الجدوى والفعالية والأثر والإنعكاس. وكثيرًا ما إرتبطت المساعدات الإنسانية فى مجال العمل الإغاثى على المستوى الدولى بالسياسات الخارجية للدول المانحة؛ بغرض التأثير على السياسات الداخلية أو الخارجية أو كليهما للدول المستقبلة للمنح والمساعدات. وكلما إقتربت الدولة المستقبلة للمنح والمساعدات من متطلبات المانحين وتوجهاتهم كان حظها أكبر من حيث حجم المساعدات ونوعيتها تبعًا لوضعها وأهميتها الاستراتيجية بالنسبة للدول المانحة، ومع الإستمرار الملحوظ للإخفاقات الاقتصادية والتنموية للدول النامية وتزايد بؤر الصراعات المسلحة في العالم، أصبح إعتماد الدول النامية على المساعدات يتزايد وبزخم أكبر من ذي قبل، للتغلب على التدهور الاقتصادي وتبعات الإخفاقات والحروب([35]). فى هذا الإطار يمكن إستعراض واقع الوضع فى الصومال فيما يلى:
1ـ حدود وغايات الإستغلال الإغاثى للمساعدات:
مع إتساع نطاق الجهات المانحة التي تقدم المساعدات في العقود الأخيرة كالمنظمات الدولية غير الحكومية وصناديق التنمية الإقليمية، بل وحتى دول كالصين والهند ودول مجلس التعاون الخليجي، وفي المقابل لم تعد الحكومات هي الجهة الوحيدة لتلقي المساعدات والمنح، بل هنالك قدر غير قليل من المساعدات باتت تقدم مباشرة إلى هيئات خاصة ومنظمات المجتمع المدني. فى هذا السياق تمثل الصومال نموذجًا للدول التي تتلقـى المساعدات الإنسانية منذ ما قبل إنهيار الدولة فى 1991 وحتى الآن، والتي بلغت أرقامًا كبيرة تستوجب التوقف للمراجعة والإستدراك([36]).
2ـ التوظيف الغربى اللإنسانى للمساعدات فى الصومال:
مع فشل كل الجهود الدولية والإقليمية التى بُذلت للسيطرة على الأوضاع فى الصومال عشية سقوط النظام فى 1992؛ وافق مجلس الأمن الدولي على القرار رقم 794 في 3 من ديسمبر عام 1992 وقد نص على تكوين قوة حفظ سلام بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وسميت “يونيتاف” وتهدف لإقامة السلام والإغاثة الإنسانية خاصة بعد التقارير التي أذاعت بأن 30 ألف مدني صومالي ماتوا من المجاعة في العام الأول للحرب الأهلية، وطبقًا للقرار كان على هذه القوات أن تتوجه في مهمة تستمر سنتين بالذات في الجنوب لمحاولة علاج الظروف المأساوية، وقد وصلت قوات الأمم المتحدة الإنسانية إلى الصومال أوائل العام 1993، وكان قد وافق الرئيس الأمريكي الأسبق “جورج بوش” الأب على إرسال الجنود الأمريكيين إلى الصومال على أساس أنها مهمة إنسانية قصيرة المدى، ولكن سرعان ما تم إقناع خليفته “بيل كلينتون” بضرورة تمديد مهمة قواته حتى إقامة حكم مدني في الصومال على أساس أن القوات الأمريكية هي العمود الفقري لقوات الأمم المتحدة كما كانت توصف([37]).
ومع تطور الأحداث وتكشف ملامح المشهد الصومالى بتبعاته الداخلية والإقليمية والدولية؛ ظهرت أهداف التدخل الأمريكي الذى لم يكن لأهداف إنسانية مثلما أعُلن فى البداية، بل كان مجرد ذرية لتدعيم تحركات الولايات المتحدة فى السيطرة على الممرات الاستراتيجية والأخذ بناصية التجارة البترولية، فعقب الإطاحة بنظام “سياد بري” سيطرت الشركات الأمريكية على الثروات النفطية فى ثلثى البلاد، ومع أن الصومال لم تكن تعتبر ذات مصادر بترولية، لكن كان هناك معلومات عن مصادر مستقبلية في “بونت لاند”، وهو ما دفع بالصوماليون للمقاومة ضد القوات الأمريكية، وقد وقعت فى الفترة من يناير إلى أكتوبر من العام 1993 اشتباكات مسلحة بين المقاومين المحليين وقوات حفظ السلام؛ أسفرت عن خسائر في قوات حفظ السلام قدرت ب 24 باكستاني و 19 أمريكي (من جملة 31 أمريكي قتلوا في الصومال) وبالتحديد في معركة مقديشو في 3 أكتوبر 1993 بجانب 1000 من قوات المليشيات الصومالية قتلوا في تلك المعركة والتي سقطت فيها مروحيتين أمريكيتين من طراز بلاك هوك وطوردت طواقمها في الشوارع وقتلوا وسحلوا في شوارع مقديشو (الـ19 أمريكي) مما أدى لسحب القوات الأمريكة تماما في 24 مارس 1994م، وإنتهت مهمة الأمم المتحدة في 3 مارس 1995 بفشل ذريع فلا الأمن عاد ولا الحكومة تشكلت([38]).
(رابعًا)
خطورة التمركز الغربى فى القرن الإفريقى من بوابة الصومال
يكشف كل ما يتعرض له الصومال ومنطقة القرن الإفريقى على مدار السنوات الماضية الرغبة الواضحة للقوى الغربية فى زعزعة الإستقرار العربى وتطويقه بحزام فوضى مستمرة فى شرق القارة الإفريقية، كما يسعى لتثبيت واقع سياسى وجيوستراتيجى يتعارض مع المصالح والثوابت الراسخة لخصوصيات الأمن القمى العربى فى تلك البقعة الجغرافية الهامة على المحيط. ومن ثم ينصرف مجمل ما يتعاقب من أحداث فى تلك المنطقة إلى تفسير الرغبة الحقيقة للقوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة فى التوظيف السياسي لمسألة المجاعة والإضطرابات السياسية فى الداخل الصومالى لإعادة الصياغة الجيوستراتيجية هناك، بالشكل الذى يحقق المصالح المستقبلية لتلك القوى فى منطقة القرن الإفريقي بشكل عام([39]).
فشيئًا فشيئًا تبلور الإتجاه الغربى لتلك القوى فى القبول بالتعامل مع مختلف الكيانات السياسية الصومالية على أسس قانونية أو واقعية، وهو الأمر الذى يمهد إلى إعادة هندسة المشهد الصومالى والقبول بفكرة التقسيم والتفتيت، حتى يتم إرضاء تلك الكيانات من بوابة الحق فى الحكم والإدارة الفعلية للمشهد العام ولو بشكل جزئى حتى وإن تم ذلك بشكل إنفصالى طالما ضمن الإستقرار، والذى يحقق ويؤمن حماية المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها فى هذا الإقليم([40]). وهو ما يمكن قراءته وإقتراح رؤية عربية للتعامل معه بشكل حاسم فى إطار ما يلى:
1ـ تبعات التواجد الغربى فى القرن الإفريقى:
مع تطور الأحداث وتعاقبها على أرض الواقع، إفتضح الوجه الآخر لجهود إنقاذ الصومال، وتبينت أغراض التدخل الغربي “اللاإنساني” في القرن الإفريقي بجلاء؛ حيث لم يتبقى أمام الدول الغربية سوى إدارة المساعدات الإنسانية وأعمال الإغاثة بهدف السيطرة على مناطق التمرد القبلي والإسلامي حول العالم، وتحولت المساعدات الإنسانية إلى صناعة وأداة رائجة فى إدارة التدخلات الغربية فى شؤون الدول المستضعفة بشكل واضح. كيف لا؛ وقد صارت هناك منافسة واضحة بين أغلب تلك المنظمات مثل “كير” و”أطباء بلا حدود” و”أكسفام” و”صندوق إنقاذ الأطفال” للسيطرة على مناطق الكوارث بغية الحصول على نصيب الأكبر من أموال الإغاثة، وفى هذا السياق إجتذبت الأزمة الصومالية أكثر من ألف منظمة إغاثة وطنية ودولية، ناهيك عن العديد من الجمعيات الخيرية الصغيرة التي تتولى جمع الأموال عبر دور العبادة والنوادي وغيرها من مصادر التمويل الخيرية([41]).
كما يتم إنفاق الكثير من أموال المساعدات لتغطية التكاليف الإدارية واللوجستية لوكالات الإغاثة، بما في ذلك مرتبات العاملين بها الذين يتنقلون في سيارات فارهة ويعيشون في نزل توفر لهم مظاهر الرفاهية التي إعتادوا عليها. فالمجاعة والمساعدات الغذائية تشكلان النمط المسيطر على المشهد الصومالي، في حين يتدافع المانحون ومنظمات الإغاثة الدولية للتعامل مع الأزمة التي صنعوها بأيديهم، وفى هذا السياق قد لا يرجع الجزء الأكبر من الصعوبات الواقعية في الصومال إلى نقص الغذاء أو المعونات المالية، وإنما إلى عدم الكفاءة في توزيع تلك المساعدات، بالإضافة إلى عدم الإستقرار المزمن في البلاد([42]).
أيضًا هناك من يتهم القائمين على تقديم سياسات المساعدات الغذائية بالقضاء على الإنتاج المحلي من الغذاء، والمساهمة في تمويل الحروب الأهلية وخلق حالة من الأزمة المستمرة وتوظيفها كزيعة للبقاء، وإستمرار التخفى بين موجاتها لتحقيق أهدافها الإستعمارية وحماية مصالحها الاستراتيجية تحت ستار المظلة الأممية التى تمنحها الشرعية والبثاء. فنظراً لغياب الحكومة والسلطة المركزية الفعالة منذ عام 1991، أضحت وكالات الإغاثة الدولية تتصرف كأنها الحاكم الفعلي في البلاد، دون وجود أي رقيب أو حسيب عليها. وإنتقلت الإدرة الفعلية للصومال من الحكومات المتعاقبة إلى وكالات الغوث الدولية ومن يوظفها لتحقيق ما يربوا إليه من أهداف وتكتيكات([43]).
ومن اللافت للإنتباه فى هذا السياق؛ هو فتح المانحين لقنوات إتصال وتنسيق مع كل الفرقاء بما فيهم حركة شباب المجاهدين على حساب تراجع دعم السلطة الشرعية فى الدولة وتقوية موقفها ودعمها أمام كل التنظيمات، وذلك بحجة التنسيق لتوزيع أعمال الإغاثة الإنسانية. وخير مثال على ذلك ما حدث فى العام 2012 مع الحكومة الإنتقالية بزعامة “شريف شيخ أحمد”، حيث لم تكن هى الشريك المفضل لدى أعضاء التحالف الدولي لتقديم المساعدات بقيادة الولايات المتحدة، وإنما تم القبول بالتعامل مع حركة شباب المجاهدين الذين يسيطرون على معظم أرجاء جنوب الصومال، والذى أعقبه إتخاذ التحالف لقرار إنهاء المرحلة الإنتقالية في الصومال لصالح إجراء حوار صومالي ضم إلى جانب الحكومة الإنتقالية الإتحادية الحكومات الإقليمية المستقلة مثل بونت لاند، وكذلك الإدارات ذات الحكم الذاتي مثل “جالمودوج”، ومنح كل تلك الكيانات شرعية الدور والتأثير والجلوس بصورة ندية مع الحكومة الشرعية على طاولة المفاوضات، وهو ما زاد من تعقد المشهد، وإنصراف كل طرف لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب إنهاء الخلافات([44]).
2ـ نحو مقاربة عربية حاسمة لإعادة ملء الفراغ:
إنطلاقًا من تعاظم الأهمية الاستراتيجية لهذا البلد العربى الذي أسهم في إغلاق باب المندب أمام سفن إسرائيل في حرب 1973، كونه يتحكم في ممر حركة التجارة العالمية، وصادرات البترول العربي عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي، حيث يمر فيها 40% من بترول العالم، و10% من حجم تجارته بمعدل 22 ألف سفينة سنويًا. يمكن تفعيل الدور العربي في الصومال من خلال إضفاء الطابع المؤسسي العربى على مجمل العمليات السياسية والجهود الإغاثية الدولية فى الصومال، وذلك وفقاً لخطة ورؤية واحدة تأخذ في الحسبان المصالح القومية العربية العليا، بإعتبار أن الصومال جزءًا لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي العربي. بحيث يشارك العرب في صياغة خريطة طريق عربية تضمن وحدة أراضي الصومال وسلامتها، وحتى لا يتكرر السيناريو السوداني على أراضي الصومال الكبير([45]).
وفي إطار مجالات الدعم والإهتمام؛ يقتضى الواقع الصومالى فى هذا التوقيت تقديم يد العون العربية والدولية في مجالات الأمن والتنمية ودعم إعادة بناء الحكومة والجيش، وكذلك إعداد البرامج التعليمية، وبناء المستشفيات، فالمجال مفتوح أمام العرب، وقد بات من غير المقبول أن يتراجع الدور العربى لصالح الأطراف الأخرى التى تستهدف تحقيق مصالحها التى تتعارض مع ثوابت الأمن القومى العربى فى هذا البلد الهام. فمجرد ضياع الفرصة على الدول العربية في الصومال كما حدث في فلسطين والعراق وأفغانستان واليمن وسوريا ولبنان، سوف تقتسم الدول الغربية ودول الجوار الكعكة الصومالية، وستعيد بناء المشهد والمنطقة بما يحقق مصالحها ويشكل خصمًا مما تبقى من رصيد الإستقرار العربى فى المستقبل بشكل خطير.
وخير مثال على ذلك ما تم عندما طالبة دول الجوار الصومالى مثل كينيا وإثيوبيا لإسرائيل بتقديم المساعدة والدعم للسيطرة على الأوضاع، حيث سارعت تل أبيب بعرض المساعدة في تأمين الحدود من هجمات المتشددين الصوماليين وعناصر تنظيم القاعدة المتسللين، كما وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامبن نتنياهو” بإقامة تحالف مناهض للتطرف في شرق أفريقيا يضم كينيا وإثيوبيا وتنزانيا وجنوب السودان([46]).
وللتغلب على هذا الإتجاه المقلق، ليس من الضروري فقط توفير مساعدات إنسانية مستدامة والإرتقاء بها بل أيضًا اتخاذ إجراءات تحويلية تهدف إلى تحسين الأمن الغذائي وأمن المياه بصورة مستدامة والحد من ضعف السكان أمام الصدمات وحالات الإجهاد وتحسين قدرتهم على التكيّف مع تغير المناخ . خصوصًا في ظلّ استمرار تأثيرات الجفاف الذي يضرب كل منطقة القرن الإفريقي وليست الصومال وحدها، ويبيّن الوضع الراهن وجود حاجة ماسة إلى النهوض بالإستثمارات والسياسات على نطاق واسع، بغية الحد من خطر الكوارث وبناء القدرة على الصمود، من خلال إبراز الدور الهام الذي تؤديه الزراعة في تحقيق مستقبل مستدام لصالح سكان إفريقيا الشرقية، وبما ينعكس بالإيجاب على حياة تلك المجتمعات ويساهم فى إستقرارها، بما يشتمل عليه ذلك الإستقرار من محفزات تضمن حماية وتأمين الأمن القومى العربى فى تلك البقاع.
(1) منظمة الأمم المتحدة، إيصال الإغاثة الإنسانية، الموقع الرسمى للأمم المتحدة. متاح على الرابط: https://www.un.org/ar/our-work تاريخ الدخول والمشاهدة: 12 أبريل 2024.
(2) هادى طلال هادى، مدى مشروعية التدخل الدولى لإعتبارات إنسانية فى إطار مبدأ عدم جواز تدخل الأمم المتحدة فى صميم السلطان الداخلى للدول، (العراق: جامعة بغداد، مجلة كلية العلوم القانونية، كلية الحقوق، العدد الأول، 2020) ص 340. متاح على الرابط: https://www.iasj.net/iasj/pdf/0fb11 تاريخ الدخول والمشاهدة: 12 أبريل 2024.
(3) الموقع الرسمى للأمم المتحدة، أعمال الدورة 54 للأمم المتحدة. متاح على الرابط: https://www.un.org/ar/ga/54/ تاريخ الدخول والمشاهدة: 12 أبريل 2024.
(4) مجلس الأمن الدولى، لجنة مجلس الأمن المخصصة المنشأة عملا بالقرار 794 (1992) بشأن الصومال، الموقع الرسمى للأمم المتحدة. متاح على الرابط: https://www.un.org/securitycouncil/ar/content تاريخ الدخول والمشاهدة: 12 أبريل 2024.
(5) موسوعة الجزيرة، مقديشو.. تاريخ عريق دمرته حرب أهلية هوجاء، الدوحة 26 يونيو 2016. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/encyclopedia/2016/11/7 تاريخ الدخول والمشاهدة 12 أبريل 2024.
(6) البوابة العربية للتنمية. متاح على الرابط: https://www.arabdevelopmentportal.com/ar/country تاريخ الدخول والمشاهدة: 14 أبريل 2024.
(7) الجزيرة نت، أبرز محطات النزاع الصومالى، 22 مايو 2006. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/news/2006/5/ تاريخ الدخول والمشاهدة: 14 أبريل 2024.
(8) المرجع السابق نفسه.
(9) عبد الواحد شافعي، تجربة المحاكم الإسلامية في الصومال، مركز المسبار للدراسات والبحوث، 22 أبريل 2018. متاح على الرابط: https://www.almesbar.net تاريخ الدخول والمشاهدة: 14 أبريل 2024.
(10) مركز الدراسات الإفريقية، المسلمون والحروب الأهلية والمجاعة في الصومال، 13 يونيو 2022. متاح على الرابط: https://africansc.iq/posts/details/81 تاريخ الدخول والمشاهدة: 14 أبريل 2024.
(11) المرجع السابق نفسه.
(12) حمدي عبد الرحمن، الصومال ونكبة الربيع العربي، الجيرة نت، الدوحة، 4 نوفمبر 2013. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/opinions/2013/11/4 تاريخ الدخول والمشاهدة: 14 أبريل 2024.
(13) الجزيرة نت، أبرز محطات النزاع الصومالى، مرجع سبق ذكره.
(14) الموقع الرسمى لمنظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة. متاح على الرابط: https://www.fao.org/news/archive/news-by- تاريخ الدخول والمشاهدة: 14 أبريل 2024.
(15) الموقع الرسمى للمفاوضية السامية لحقوق اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. متاح على الرابط: https://www.unhcr.org/ar تاريخ الدخول والمشاهدة: 14 أبريل 2024.
(16) الموقع الرسمى للأمم المتحدة. متاح على الرابط: https://news.un.org/ar/story/2022/04/1098822
تاريخ الدخول والمشاهدة: 14 أبريل 2024.
(17) الموقع الرسمى للأمم المتحدة. متاح على الرابط: https://news.un.org/ar/story/2024/03/1129331 تاريخ الدخول والمشاهدة: 14 أبريل 2024.
(18) منظمة الأمم المتحدة، إيصال الإغاثة الإنسانية، مرجع سبق ذكره.
(19) سيث جونز، آندرو ليبمان، استراتيجية مكافحة الإرهاب والتمرد في الصومال، مؤسسة راند، الولايات المتحدة الأمريكية، 2016. متاح على الرابط: https://www.rand.org/content تاريخ الدخول والنشر: 15 أبريل 2024.
(20) منظمة الأمم المتحدة، إيصال الإغاثة الإنسانية، مرجع سبق ذكره.
(21) الأمم المتحدة، الصومال: برنامج الأغذية العالمي يقدم الدعم الغذائي والتغذوي لأعداد قياسية من الناس وسط مخاوف إزاء حدوث مجاعة. متاح على الرابط: https://news.un.org/ar/story/2022/10/1114292 تاريح الدخول والمشاهدة: 15 أبريل 2024.
(22) منظمة الأمم المتحدة، إيصال الإغاثة الإنسانية، مرجع سبق ذكره.
(23) الموقع الرسمى لمجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. متاح على الرابط: https://unsdg.un.org/ar/un تاريخ الدخول والمشاهدة: 15 أبريل 2024.
(24) الجزيرة نت، أبرز محطات النزاع الصومالى، مرجع سبق ذكره.
(25) المرجع السابق نفسه.
(26) سيث جونز، آندرو ليبمان، مرجع سبق ذكره.
(27) مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في الصومال، ديسمبر 2021. متاح على الرابط: https://unsdg.un.org/ar/un تاريخ الدخول والمشاهدة: 15 أبريل 2024.
(28) المرجع السابق نفسه.
(29) محمد صالح عمر، إنسحاب قوات حفظ السلام من الصومال.. السياقات والإنجازات والتحديات، الجزيرة نت، 25 فبراير 2024. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/politics/2024/2/25 تاريخ الدخول والمشاهدة: 15 أبريل 2024.
(30) المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بيان من رؤساء اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات حول المجاعة في الصومال، 5 سبتمبر 2022. متا ح على الرابط: https://www.unhcr.org/arتاريخ الدخول والمشاهدة: 15 أبريل 2024.
(31) المرجع السابق نفسه.
(32) الموقع الرسمى للأمم المتحدة. متاح على الرابط: https://news.un.org/ar/story تاريخ الدخول والمشاهدة: 15 أبريل 2024.
(33) المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نقص التمويل يعوق جهود الاستجابة للاحتياجات الملحة للاجئين الصوماليين في إثيوبيا. متاح على الرابط: https://www.unhcr.org/ar/news/press-releases تاريخ الدخول والمشاهدة: 15 أبريل 2024.
(34) المرجع السابق نفسه.
(35) مريم عبد الحى على فراج، تأثير المساعدات الخارجية على الدول النامية، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، جامعة بنى سويف، مصر، المجلد 21، العدد 20، أكتوبر 2023، ص 157. متاح على الرابط: https://jocu.journals.ekb.eg/article تاريخ الدخول والمششاهدة: 17 أبريل 2024.
(36) عبد الرحمن حسن، المساعدات الإنسانية للصومال: هل تؤدي أغراضها؟، الجزيرة نت، 26 يناير 2017. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/blogs/2017/1/26 تاريخ الدخول والمشاهدة: 17 أبريل 2024.
(37) الجزيرة نت، التدخلات الأميركية بالصومال منيت غالبًا بالفشل، 10 يناير 2007. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/news/2007/1/10 تاريخ الدخول والمشاهدة: 17 أبريل 2024.
(38) عبد الرحمن حسن، المساعدات الإنسانية للصومال: هل تؤدي أغراضها؟، مرجع سبق ذكره.
(39) الجزيرة نت، التدخلات الأميركية بالصومال منيت غالبًا بالفشل، مرجع سبق ذكره.
(40) محمد صالح عمر، إنسحاب قوات حفظ السلام من الصومال.. السياقات والإنجازات والتحديات، مرجع سبق ذكره.
(41) حمدي عبد الرحمن، العرب وحملة إنقاذ الصومال، الجزيرة نت، 14 أغسطس 2011. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/opinions/2011/8/14 تاريخ الدخول والمساعدة: 18 أبريل 2024.
(42) مريم عبد الحى على فراج، تأثير المساعدات الخارجية على الدول النامية، مرجع سبق ذكره، ص 160.
(43) حمدي عبد الرحمن، العرب وحملة إنقاذ الصومال، مرجع سبق ذكره.
(44) عبد الرحمن حسن، المساعدات الإنسانية للصومال: هل تؤدي أغراضها؟، مرجع سبق ذكره.
(45) مجدي بدوي، الصومال بوابة العرب المنسية، الجزيرة نت، 22 أكتوبر 2012. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/news/2012/10/22 تاريخ الدخول والمشاهدة: 18 أبريل 2024.
(46) محمود سامي، حراك إسرائيلي وتخوف مصري.. هل أفريقيا مقبلة على تحولات كبرى؟، الجزيرة نت، 4 فبراير 2023. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/politics/2023/2/4 تاريخ الدخول والمشاهدة: 18 أبريل 2024.