المشروع الأمريكي لإقامة مــــمــر لـوبـيـتـو بين المنافسة الصــينيــة والـفســاد الأنجولي
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
لابد من الإشارة من الوجهة المبدأية إلي أن العلاقات الأمريكية / الأنجولية بدأت في النمو بعد نهاية عهد الرئيس الأنجولي السابق جوزيه إدواردو دوس سانتوس عام 2017بتولي وزير دفاعه جواو لورانسوJoão Manuel Gonçalves Lourenço الرئاسة من بعده فقد ساهم الإهمال الأوروبي والتجاهل الأمريكي لأنجولا في عهد الرئيس السابق دوس سانتوس في لجوء أنجولا للصين التي دعمت إقتصاد ما بعد الحرب الأهلية في أنجولا(1975 – 2002) ففي 30 سبتمبر 2005كشف الرئيس الأنجولي إدواردو دوس سانتوس في كلمته أمام اللجنة المركزية لحزب MPALA أو الحركة الشعبية لتحرير أنجولا الحاكم الذي يرأسه أن ممثلي اللجنة التنفيذية للإتحاد الأوروبي أخبروا أنجولا أنه لم يُعد من الضروري عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار أنجولا لأن أنجولا لديها موارد معدنية هائلة , لذا أيها السادة علينا أن نخطو خطواتنا …” .
نشرت وسائل الإعلام المختلفة ومنها وكالة أنباء رويترز في 17 سبتمبر2024 أنه من المتوقع أن يزور الرئيس الأمريكي جو بايدن أنــجــولا في أكتوبر 2024 في إطار زيارة إلى أفريقيا ونقلت وكالة رويترز يوم 13 سبتمبر 2024عن ثلاثة مصادر مطلعة على خطط الزيارة التي من المقرر أن تتم في أكتوبر لكن البيت الأبيض لم يعلق كذلك كانت إذاعة صوت أمريكا قد اتصلت سابقًا بالرئاسة الأنجولية عبر البريد الإلكتروني في 11 سبتمبر2024 وردت أيضًا بعدم تأكيد الزيارة , (كان الرئيس الأمريكي يأمل في زيارة أنجولا نهاية 2023 إلا أن الزيارة تأجلت بعد بدء الحرب بين الصهاينة وحماس في 7 أكتوبر 2023 ووعد بايدن بشراكة أوثق بين الولايات المتحدة والديمقراطيات في القارة الأفريقية حيث تستثمر بكين بكثافة في المنطقة) وعلي أية حال فهذه الزيارة – إن تمت – فستشكل انتصارا لا جدال فيه للرئيس الأنجولي جواو لورينسو ويضع بلاده في قلب الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين علي نحو ما سيُشار إليه لاحقاً والرسالة السياسية القوية لهذه الزيارة الهامة تتمثل في أنه إذا تمت فسيكون جو بايدن أول رئيس أمريكي يزور أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منذ باراك أوباما في عام 2015 وعلاوة على ذلك فإنه لم يسبق لأي رئيس أمريكي أن زار أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى , ويعزو محللون سياسيون أنجوليون الزيارة المحتملة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أنجولا إلى أنها زيارة تقع في القلب من التنافس المحتدم بين القوى العظمى حول الموارد التعدينية في باطن أرض القارة الأفريقية لذلك فزيارة الرئيس الأمريكي – إن تحققت أو حتي لم تتحقق – فهي في حالة أنجولا تعد مكسبا لصورة أنجولا وانتصارا لرئيسها لجواو لورينسو (وزير الدفاع السلابق إبان عهد سابقه الراحل الرئيس إدواردو دوس سانتوس) لكن بعض هؤلاء المحللون يحذرون من أن الزيارة قد تفقد بعض وزنها لأنها لرئيس في نهاية ولايته أي الرئيس الأمريكي بايدن وأعتقد أن هذا الرأي مؤسس علي إفتراض بأنها زيارة سياسية , لكني ممن يعتقدون أن زيارة الرئيس بابدن تمليها بصفة أولية أساسية دواعي المنافسة الإقتصادية بين الولايات المتحدة والصين في منطقة الجنوب الأفريقي وتحديداً في أنجولا وبالتالي فهي محسوبة لصالح الـجــســـم الإقتصادي الأمريكي القائم علي الأسس الرسمالية الضخمة فهي أي الزيارة تأتي بضغط من مراكز ضغط الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات وتلك العملاقة ولهذا يري الخبير الاقتصادي بيدرو جودينيو الزيارة الرسمية الأولى المعلنة لبايدن لأنجولا علي أنها تعكس اعتراف الحكومة الأمريكية ورئيسها بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه أنجولا في المنطقة الأفريقية “كحليف أكيد للقوى الغربية الكبرى” ويُوضح فيقول “إنها نتيجة طبيعية لعلاقة تتطور تدريجياً وبشكل مستدام وهذا يعني أن أنجولا لديها مستقبل واعد إذا تمكنت قيادتنا من الاستفادة من الفرص التي ستتاح لها ” كما أبرز رئيس غرفة التجارة الأنجولية / الأمريكية “أن مشاريع مثل ممر لوبيتو يمكن أن تنشأ لمختلف قطاعات الاقتصاد مع إمكانية أن تصبح أنجولا أيضا “مركزا للطاقة في المنطقة مع القدرة على إنتاج ما يكفي من الطاقة لتكون قادرة على إمداد البلدان الأخرى”.
في عام 2023 كان توجه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلي عدة دول من بينها أنجولا وكذلك وزير الدفاع لويد أوستن ويجدر بالذكر أن لواندا ستستضيف الدورة السابعة عشرة قمة الأعمال بين الولايات المتحدة وأفريقيا التي ستعقد في يونيو 2025 .
استقبل الرئيس الأمريكي جواو لورينسو في البيت الأبيض في نوفمبر 2023 وأثار الرئيس الأمريكي إمكانية زيارته القادمة لأنجولا خلال لقاءه بنظيره الأنجولي في المكتب البيضاوي وفي مايو2023 وخلال زيارة الرئيس الأنجولي تلك لواشنطن في نوفمبر 2023 نوقع كثير من المراقبين لعلاقات الولايات المتحدة الأفريقية أن يناقش رئيسا الدولتين أي أنجولا والولايات المتحدة الخطوات التالية لتعميق التعاون الثنائي في مجالات التجارة والاستثمار والمناخ والطاقة بالإضافة إلى تطوير شراكة الرئاسة الأمريكية للبنية التحتية العالمية والاستثمار (PGI) لممر لوبيتو الذي سيربط البنية التحتية للسكك الحديدية الأنجولية بجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا بالأسواق العالمية عبر ميناء لوبيتو .
قال بايدن إنه يعتزم القيام بزيارة رسمية لبعض الدول الإفريقية في فبراير2025 في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية وقال أحد المصادر إنه تم تقديم موعد الزيارة بعد ذلك مع انسحاب بايدن من السباق الرئاسي الأمريكي وإذا تأكدت الرحلة إلى لواندا فسيكون جو بايدن أول رئيس أمريكي يزور الدولة الغنية بالنفط والموارد الطبيعية بعد الزيارة الأولى زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في سبتمبر 2023 وكانت السفارة الأمريكية في لواندا في 4 ديسمبر 2023 قد أصدرت وقتذاك بياناً عن لقاء الرئس بايدن مع نظيره الانجولي في البيت الأبض بواشنطن أشار إلي ” أن الرئيس جوزيف آر بايدن الابن إلتقي بالرئيس الأنجولي جواو مانويل جونسالفيس لورينسو في 30 نوفمبر 2023في البيت الأبيض لتناول الفرص المتاحة لتعميق علاقتنا وتحديد مجالات التعاون المستقبلي ومناقشة التحديات الإقليمية والعالمية وناقشا معًا الاستثمار الاقتصادي الأمريكي الكبير في أنجولا وتحديدًا من خلال الشراكة الرائدة للرئيس الأمريكي للبنية التحتية والاستثمار العالمي (PGI) في ممر لوبيتو حيث تم الالتزام بتمويل أمريكي يزيد عن مليار دولار هذا العام وحده وتشمل هذه الاستثمارات دعم أكثر من 180 جسرًا ريفيًا وتحديث الاتصال الرقمي 4G و5G في جميع أنحاء البلاد وإدخال أول تطبيق للأموال عبر الهاتف المحمول وتوصيل 500 ميجاوات من الطاقة الشمسية إلى الشبكة الوطنية وتعبئة مليار دولار إضافية لأكبر استثمار في السكك الحديدية في أفريقيا في تاريخنا وستساهم هذه الاستثمارات أيضًا في تحقيق هدف أنجولا المتمثل في أن تصبح مصدرًا صافيًا للأغذية بحلول عام 2027 وتعزيز الأمن الغذائي الإقليمي , لقد التزم الرئيس بايدن والرئيس لورنسو بزيادة الشراكة بشأن القضايا التي تحدد مستقبلنا المشترك بما في ذلك تعزيز الديمقراطية وإنتاج الطاقة وتصديرها والتعاون في مجال الفضاء ولتحقيق هذه الغاية رحب القادة بإطلاق حوار أمن الطاقة بين الولايات المتحدة وأنجولا في عام 2024 والذي يركز على إمدادات الطاقة الآمنة والمستقرة وتعميق العلاقات التجارية مع تعزيز أهدافنا المناخية المشتركة كما هنأ الرئيس بايدن الرئيس لورينسو على توقيع أنجولا على اتفاقيات أرتميس التي تعزز رؤية مشتركة لاستكشاف الفضاء لصالح البشرية جمعاء وعلى الانضمام إلى الشراكة من أجل التعاون الأطلسي وأخيرا قرر الزعيمان التصدي بشكل مشترك للتحديات العالمية بما في ذلك الحرب الروسية في أوكرانيا والصراع في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية وأكدا الاجتماع من جديد التقدم الكبير الذي تم إحرازه في علاقتنا الدبلوماسية التي استمرت 30 عامًا وجسد التزام الرئيس تجاه أفريقيا على النحو المبين في قمة القادة الأمريكيين الأفريقيين العام الماضي” .
كان قد أُعلن في يونيو2024أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ستطلق برنامجاً إقليمياً يشمل أنجولا تبلغ قيمته حوالي 10 ملايين دولار (9.3 مليون يورو) لتعزيز الأنظمة التمثيلية المتعددة الأحزاب وذكرت سفارة الولايات المتحدة في أنجولا وساو تومي وبرينسيبي في بيان لها أن برنامج دعم الأحزاب السياسية من أجل ديمقراطية مرنة وشاملة (POPRID) بتمويل من وكالة التنمية الدولية (USAID) سيتم إطلاقه يوم الأربعاء في لواندا وفي أنجولا وسيتم تنفيذه بالشراكة مع الحكومة والأحزاب السياسية ذات المقاعد البرلمانية وسيتم تنفيذ البرنامج ذو الطبيعة الإقليمية مع منظمة Democracy Works Foundation (DWF) ويهدف إلى “دعم تطوير الأحزاب السياسية الديمقراطية التي تستجيب لاحتياجات المواطنين وتكون قادرة على تطوير سياسات فعالة في أنجولا وبوتسوانا إيسواتيني وليسوتو وملاوي وناميبيا وجنوب أفريقيا”وسيتم تنفيذ عملية الإطلاق من قبل الوزير المستشار في سفارة الولايات المتحدة في أنجولا وساو تومي وبرينسيبي ميا أرنولد وقادة السلطة التنفيذية الأنجولية وممثلي الأحزاب السياسية الأنجولية.
تحدث زيارة الرئيس الامريكي- إن حدثت – والولايات المتحدة تعلم حق العلم أن الحديث عن أنجولا (ولكن أيضاً في كل أفريقيا تقريباً) عن “الأنظمة التمثيلية المتعددة الأحزاب” يشكل مغالطة وهناك أحزاب يعتمد بقاؤها على أصحاب البلاد لدرجة أن الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPALA موجودة وقابضة بشكل منفرد علي السلطة في أنــجــولا منذ عام1975 وحتي الآن أي عام2024 وتعرف الولايات المتحدة حق المعرفة ذلك لكنها لأسباب جيواستراتيجية تفضل إبقاء الحركة الشعبية لتحرير أنجولا في السلطة وتتظاهر فقط بأن هذا أمــــر واقـــع .
يستحسن عدم التعرض لغواية الإعلام الغربي عندما يروج أن الزيارة المُحتملة للرئيس الأمريكي لأنجولا ستناقش عدة مسائل أو موضوعات منها الديموقراطية وحقوق الإنسان والعلاقات السياسية فكل هذه العنواين سيتم طرحها بشكل أو بآخر وفتح نقاش متسع أو ضيق بشأنها لكنها أبـــداً ليست هي الغرض الحقيقي والرئيسي من زيارة الرئيس الأمريكي لأنجـــولا فالغرض الجـــوهري والوحيد الذي سيعول عليه عند تقييم هذه الزيارة من أصحاب المصلحة النهائيين وهم بالتحديد المجمع الصناعي الأمريكي وشركاته المتعددة الجنسيات العملاقة وهي تعييناً تلك الشركات المعنية بتعدين النحاس والكوبالت التي من أجلها سيناقش الرئيس الأمريكي نظيره الأنجولي بشأن المشروع الوجيستي الذي تحرص الولايات المتحدة علي إقتناصه حتي لا تصل إليه اليد الصينية المنافسة : مشروع رواق أو ممر لوبيتو Atlantic Lobito Corridor (ميناء أنجولي علي الأطلنطي) وجدير بالذكر إتصالاً بهذه الإهتمام الأمريكي بأنجولا كهدف إقتصادي براق للولايات المتحدة أن أشير إلي أن الولايات المتحدة في فترة الإنقضاض الصيني علي أنجولا أعتبرت أنجولا مؤهـــلة لتستفيد من قانون الفرصة والنمو الأمريكي AGOA بقرار من الرئيس الأمريكي في 31/12/2003 .
وفقًا لوكالة الأنباء الأنجولية ANGOP التي نشرت في فبراير 2024 فإن ممر لوبيتو وهو طريق تجاري بديل للاستيراد والتصدير بين حزام النحاس الأفريقي وساحل أنجولا الأطلسي سرعان ما أصبح أحد أهم الممرات في تدفق الخامات والمنتجات الأفريقية وسيتم تشغيل الممر من قبل اتحاد سكك حديد لوبيتو أتلانتيك المكون من شركات ترافيجورا وموتا- إنجيل وفيكتوريس والذي حصل في عام 2022 على امتياز لمدة 30 عامًا لتشغيل وإدارة وصيانة ممر لوبيتو ومحطة التعدين في ميناء لوبيتو , إن الاهتمام بالمشروع هو في الأساس إهتمام غربي لمواجهة مصالح بكين أو على الأقل السيطرة عليها , وقد أُعــــلـن فعلاً عن ممر لوبيتو من خلال بيان مشترك بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على هامش فعالية الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII) في مجموعة العشرين في الهند في سبتمبر 2023وهو يمثل أولوية رئيسية في إطار الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII) ويتولى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قيادة الدعم المقدم لتنمية الممر بما في ذلك الاستثمارات في البنية التحتية والتدابير الناعمة لتسهيل التجارة والعبور والاستثمارات في القطاعات ذات الصلة لتعزيز النمو المستدام والشامل والاستثمارات الرأسمالية (سلاسل القيمة الزراعية والطاقة والنقل/الخدمات اللوجستية والتعليم والتدريب التقني والمهني) على طول الممر في أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا وفي أكتوبر 2023 وافقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إعلان مشترك لدعم الجهود الرامية إلى تنشيط وتعزيز ممر لوبيتو مما يساعد على سبيل المثال في العثور على مستثمرين للمشروع – الذي تقدر قيمته آنذاك بأكثر من ألف مليون دولار(حوالي مليار يورو) من قبل الحكومة الأمريكية كذلك وخلال منتدى البوابة العالمية في أكتوبر 2023 وقع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة – مع أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا والبنك الأفريقي للتنمية ومؤسسة التمويل الأفريقية – مذكرة تفاهم لتحديد الأدوار والأهداف لتوسيع الممر وسيوفر الخط عند تحديثه بالكامل طريقًا أكثر كفاءة ومنخفض الكربون إلى سوق النحاس والكوبالت والمعادن الأخرى ذات الأهمية الحاسمة لتحول الطاقة وسيعمل بطريقة مفتوحة تجاريًا مع السوق بأكملها وفي الوقت الحالي يتم نقل الخامات بالشاحنات إلى ميناء ديربان بجنوب إفريقيا في رحلات يمكن أن تستغرق عدة أيام بسبب ازدحام الطرق ومن ديربان يسافرون بالسفن إلى وجهات أخرى وخاصة الموانئ الصينية .
يستفيد مشروع إعادة تأهيل ممر لوبيتو الذي يعيد تنشيط الطريق التجاري القديم الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية (سكك حديد بنجيلا) بالفعل من دعم حكومات أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا وشراكة الحكومة الأمريكية للاستثمار العالمي في البنية التحتية (PGII) ويمثل المشروع استثمارًا يزيد عن 500 مليون دولار خلال مدة الامتياز مع تمويل محتمل لا يقل عن 250 مليون دولار (دولار واحد يساوي 829,463 كوانزا) من مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية وسيسمح الاستثمار بتجديد أقسام خط السكة الحديد والبنية التحتية المرتبطة به بالإضافة إلى ضمان اقتناء 1500 عربة و35 قاطرة إضافية وفي فبراير 2024 وقعت شركة ترافيجورا والمسؤولون عن مجمع كاموا- كاكولا اتفاقية في جنوب أفريقيا مع شركة LAR – Atlantic Lobito Corridor لنقل المعادن كذلك فمجمع النحاس Kamoa-Kakula هو مشروع مشترك بين شركة Ivanhoe Mines وشركة Zijin Mining وقد تم تخصيص طاقة دنيا تتراوح بين 120.000 و240.000 طن سنويًا من منتجات النحاس – الأنود الفقاعي أو المركز اعتبارًا من عام 2025 مع سعر أولي الالتزام بنقل 10000 طن في عام 2024 حيث يزيد ممر لوبيتو من قابليته للتشغيل .
في سياق تكثيف غير مسبوق للعلاقات الأمريكية / الأنجولية أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في 19 أبريل2024 أن مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID سامانثا باور ومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الإدارة ريتشارد فيرما، سيزوران أنجولا الأسبوع المقبل وأوضح مكتب USAID في أنجولا أن هذه الزيارةالتي ستقوم بها سامانثا باور وريتشارد فيرما في الفترة ما بين 23 و25 أبريل 2024 ركزت على استثمارات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الوقاية من الملاريا (التي كانت وفقًا لـحزب MPLA الحاكم على وشك الانقراض لأكثر من عشر سنوات) وعلى مشروع Lobito Corridor وأن الهدف من الزيارة هو “إعادة تأكيد التزام حكومة الولايات المتحدة بدعم (…) الأمن والحكم الرشيد في أنجولا كما أشارت مذكرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلي أنه “خلال هذه الزيارة سيجتمع المسؤول مع قادة الحكومة وأعضاءها والمجتمع المدني والمديرين التنفيذيين للشركات في لواندا” , وبالفعل ففي لقاءهما بالرئيس الأنجولي جواو لورنسو قضايا ناقش الوفد الأمريكي موضوعات : تغير المناخ والأمن الغذائي وكذلك مشروع لوبيتو كوريدور على وجه التحديد وفي فترة هذه الزيارة أيضاً تم تسليط الضوء على استثمارات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الوقاية من الملاريا خلال زيارة إلى المعهد الوطني للبحوث الصحية في أنجولا الشريك الرئيسي في المبادرة الرئاسية لمكافحة الملاريا”وسيسافر مدير USAID أيضًا إلى مقاطعة بنجويلا في أنجولا لتعزيز الدعم الأمريكي لممر لوبيتو وهو مشروع ذو أولوية للشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (المشروع يحقق بصفة أولية المصالح الأمريكية أما ما سيتحقق من منافع لأنجولا فسيتحقق بصفة عرضية أو كما يُقتال ( By- Productالذي سيربط جمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا بالشبكات الإقليمية والعالمية والأسواق التجارية عبر ميناء لوبيتو”وقالت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في البيان : إن سامانثا باور ستغتنم الفرصة للقاء المزارعين الأنجوليين والشركاء الحكوميين ربما خلافًا للتعليمات التي فرضتها الحركة الشعبية لتحرير أنجولا فإنه ينصح المزارعين بزراعة الكرنب مع جذوره وهي الإستراتيجية التي أعطت نتائج جيدة في الولايات المتحدة .
جاءت زيارة هذين المسؤولين من أمريكا الشمالية بعد ثلاثة أشهر من حضور رئيس الدبلوماسية الأمريكية في لواندا الذي صرح خلالها أن العلاقة بين البلدين أصبحت الآن “أقوى وأكثر أهمية”في أي مستوى آخر من العلاقات خلال الثلاثين سنة الماضية”( منذ عام 2002 حتي 2005 بلغت قيمة أنشطة USAID في أنجولا أكثر من 400 مليون دولار) وخلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي لأنجولا سلم العديد من زعماء المعارضة الأنجولية رسالة إلى سفارة الولايات المتحدة في لواندا موجهة إلى وزير الخارجية الأمريكي يطلبون منه الضغط على الرئيس الأنجولي الجنرال جواو لورنسو لإجراء الانتخابات المحلية قبل عام 2027 والتي كان قد وعد بالفعل بإجرائها في عام 2020وطلب الموقعون على الرسالة من أنتوني بلينكن دعم دولة ديمقراطية تقوم على سيادة القانون في أنجولا والضغط على الرئيس الأنجولي لإجراء أول انتخابات محلية في البلاد “الدولة الكبيرة الوحيدة في المنطقة التي لا يوجد فيها قادة منتخبون” على المستوى المحلي”وتفكيك المؤسسات الحزبية والسماح لجميع الفاعلين السياسيين بالوصول إلى وسائل الإعلام العامة .
الولايات المتحدة وممر لوبيتو Atlantic Lobito Corridor والمنافسة مع الصين :
التنافس الدولي وتيرته تشتد في القارة الإفريقية ويتجلى ذلك من خلال متابعة عدد من المؤشرات الاقتصادية ففي عام 2022 صدرت القارة الإفريقية ككل بضائع بقيمة 43.1 مليار دولار أمريكي إلى الولايات المتحدة في حين استوردت سلعاً بقيمة 30.6 مليار دولار أمريكي وفي المقابل صدرت الصين 164.1 مليار دولار أمريكي إلى إفريقيا واستوردت ما قيمته 117.5 مليار دولار أمريكي من السلع الإفريقية في نفس العام ومن ثمّ بلغت نسبة الصادرات الإفريقية إلى الصين 17.7% من إجمالي صادراتها في حين بلغت النسبة للولايات المتحدة الأمريكية حوالي 6.5% وبصفة عامة تُعد الصين الشريك التجاري الأكبر للقارة الإفريقية وإن كانت القوة المشتركة للكتلة التجارية للاتحاد الأوروبي التي تضم 27 دولة لا تزال في المقدمة , أما بالنسبة لروسيا فقد اتبعت استراتيجية مختلفة من خلال كونها الشريك العسكري والأمني الأكبر للعديد من الدول الإفريقية وهو ما تجلى مؤخراً من خلال عدد من المؤشرات فوفقاً للتقرير المنشور عن مؤسسة راند والذي ألقى الضوء على اعتبار 31 دولة كوجهة للشركات المتعاقدة العسكرية والأمنية الخاصة الروسية عبر أنحاء إفريقيا على غرار جمهورية الكونجو الديمقراطية في حين تتلقى 14 دولة أنظمة أسلحة روسية مثل زامبيا ومن بين هذه الدول تتلقى 10 دول أسلحة وخدمات شركات متعاقدة عسكرية وأمنية خاصة من روسيا مثل أنجولا .
فيما يتعلق بموضوعنا عن ممر لوبيتو فهذا الممر يربط بين ثلاث دول أفريقية غنية بالمعادن الحرجة كالليثيوم والنحاس والكوبالت (Critical minerals) اللازمة لتكنولوجيا الطاقة النظيفة فجمهورية الكونجو الديمقراطية أكبر منتج للكوبالت في العالم إذ يُستخرج منها حوالي 50٪ من الإنتاج العالمي أما النحاس الذي يستخرج من مقاطعة كاتنجا الكونجولية فالصين تمتلك أكثر من 80% من مناجمه التي بجمهورية الكونجو الديمقراطية , وقد حصلت شركة لوبيتو أتلانتيك للسكك الحديدية في عام 2022 على امتياز لمدة 30 عاماً لخدمات السكك الحديدية على طول خط سكة حديد بنجويلا في مشروع مُشترك مع شركة ترافيجورا وهي شركة مقرها سنغافورة وشركة Mota-Engil البرتغالية وشركة Vecturis SA وهي شركة لتشغيل السكك الحديدية مقرها بلجيكا ولدعم عملياتها تعهدت الشركة باستثمار 455 مليون دولار أمريكي في أنجولا وما يصل إلى 100 مليون دولار أمريكي في جمهورية الكونجو الديمقراطية .
إن الأمر الذي تتحسب له الولايات المتحدة وحلفاءها الأوربيين المعنيين بمشروع ممر لوبيتو هو أن الـــصـــين رابضة بالفعل في منطقة الجنوب الأفريقي وتتحين الفرصة لإقتناص فرصة تمكنها من القبض علي مشروع لوبيتو إن خففت الولايات المتحدة وحلفاءها الأوربيين من قبضتها علي هذه الفرصة المزدوجة فمشروع لوبيتو ليس مجرد مشروع لوجيستي عادي فهو مرتبط بصناعة من اهم الصناعات لذلك وفي إطار جهود الصين لمواجهة ممر لوبيتو تحركت بكين بمقترح لتولي تشغيل خط سكة حديد “تزارا” الذي يمتد من وسط زامبيا إلى ميناء دار السلام على المحيط الهندي فالممر في النهاية هو خط سكك حديدية لنقل معادن التصدير من منطقة “كوبربيلت” في زامبيا بهدف التغلب على العوائق اللوجستية أمام صادرات النحاس والكوبالت في جنوب إفريقيا وهما معدنان حيويان في توليد الطاقة خلال التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري ( هناك توقعات لوكالة الطاقة الدولية بخصوص زيادة الطلب على النيكل والكوبالت بمقدار 20 مرة بين 2020 و 2040وعلى الليثيوم بأكثر من 40 مرة خلال نفس الفترة ما يسلط الأضواء بقوة على ممر لوبيتو، باعتباره طريقا عابرا لأحزمة المعادن الإستراتيجية في القارة) كذلك يُذكر أنه في فترة ما بعد إنتهاء الحرب الأهلية في أنجولا بين حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولاMPLA برئاسة الرئيس السابق نيتووبعده الرئيس دوس سانتوس وبين حزب الحركة الشعبية لتحرير عموم أنجولاUNITA بقيادة جوناس سافيمبي توغلت الصين في الإقتصاد الأنجولي وبدأت الصين بتنفيذ مشروعات البنية الأساسية ومنها مشروع إعادة بناء خط سكة حديد بنجويلا ( وهو أساس مشروع ممر لوبيتو الحالي) الذي يمتد عبر أنجولا من الغرب إلى الشرق بتكلفة 1.83 مليار دولار أمريكي بين عامي 2006 و2015 وتم تسليم خط سكة حديد بنجويلا المعاد بناؤه رسمياً إلى حكومة أنجولا في أكتوبر 2019وقامت علي تنفيذه شركة صينية هي شركة China Railway 20 Bureau Group Corporation , استثمرت مجموعة السكك الحديدية الصينية أكثر من مليار دولار في خطوط السكك الحديدية بأنجولا وبينما لا يزال وجود الشركات الغربية مثل شركة التعدين السويسرية “جلينكور” يشكل استثناءً إلى حد ما صارت هناك العديد من مشروعات التعدين الصينية في جمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا وحاليًا تبيع معظم المناجم في الكونجو خامها إلى الصين إذ تمت معالجة أكثر من ثلاثة أرباع إنتاج الكوبالت في جميع أنحاء العالم عام 2022.
لسنوات عديدة مــضــت ضمنت الصين نموها الاقتصادي المتسارع فتبنت دبلوماسية دولية ناعمة وسرية لا تعتمد على المواجهة بل على النمذجة متبعةً مبادئ دنج شياو بينج الذي فضل النهج الدولي المعروف باسم “تاجوانج يانجوي” الذي أكد على الحاجة إلى تجنب الخلافات واستخدام الخطاب التعاوني ومن الواضح أن الصين دخلت مع شي جيبينج مرحلة جديدة أكثر حزما على المستوى الدولي وهي ما يطلق عليها “الذئب المحارب” الذي لا يتجنب المواجهة التي تسمح للصين باحتلال المكان الذي تعترف به على المستوى الدولي مرحلة شؤون العالم , لكن الصين في الوقت الراهـن تراجعت قدراتها نسبياً بالمقارنة بالمقارنة بالسنوات العشر الأولي من القرن الحادي والعشرين مما أثر علي مستوي التنافسية الصينية في إفريقيا بسبب التباطؤ الاقتصادي وتزايد أخطار الديون بعدد من الدول المُثقلة بالديون ناهيك عن التحديات الاقتصادية الداخلية بالصين نفسها ما قلص الاستثمار المرتبط بمبادرة الحزام والطريق إلى 70 مليار دولار في 2022وهذا مؤشر مهم عند الحكم علي قدرة الصين في مواصلة التنافسية بشأن مشروع ممر لوبيتو الذي يكاد أن يكون حـــثســـم لصالح الولايات المتحدة وسيكون إتمام زيارة بايدن لأنجولا صك نهائي بحيازة الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون لهذا المشروع الدولي مزدوج الفائدة .
لم تلاحظ الولايات المتحدة في البداية تحركات جواو لورينسو ففي نهاية إدارة ترامب التي لم يكن لدي الولايات المتحدة أي اهتمام بأفريقيا وكانت لا تزال هناك – وإن كانت في حالة تدهور- فكرة التعاون بين أمريكا والصين ولم تقم روسيا بغزو أوكرانيا ولم تكن أفريقيا وأنجولا على وجه الخصوص محل اهتمام الأمريكيين باستثناء شركات النفط التقليدية ومع ذلك تغير كل شيء في بداية العشرينيات من القرن الماضي حيث وضع الوضع الجيوستراتيجي العالمي أفريقيا مرة أخرى كميدان لتضارب المصالح سواء في الحصول على المواد الخام (وهي المنطقة التي كانت الصين متقدمة فيها للغاية أو التي كانت الصين فيها متقدمة للغاية) بدأت الولايات المتحدة لديها مصلحة في ضمان استقلالها الاستراتيجي) سواء في حساب دعمها للحرب الأوكرانية وعواقبها وبهذا المعنى ومع تعيين سفير الولايات المتحدة الجديد إلى أنجولا تولينابو س. موشينجي ومع النهج المستمر الذي اتبعته لواندا في التعامل مع واشنطن أدرك الأميركيون أن لديهم حليفاً جديداً وقوياً محتملاً في أنــجولا .
ومن ثم يبدو أن أنجولا الآن أصبحت واحدة من أقوى حلفاء الولايات المتحدة في أفريقيا ومن رموز ذلك رحلة جواو لورينسو إلى واشنطن للقاء في البيت الأبيض مع الرئيس جو بايدن (ديسمبر 2023) والزيارات المستمرة للسلطات الأمريكية إلى لواندا (أنتوني بلينكن وخمسة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي وسامانثا باور ولويد أوستن) من بين أمور أخرى) .
ودون الخوض في وصف متعمق لهذا المشروع الآن فإن الشيء الأساسي الذي يجب أن نتذكره هو أنه عبارة عن خط سكة حديد يربط المناطق الداخلية الأفريقية التي تشمل جمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا وأنجولا نفسها بميناء لوبيتو علي المحيط الأطلنطي وتم الإعلان مؤخرًا عن الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII) والتي تم حشدها حتى الآن بقيمة 4.9 مليار دولار والتي تم تقديمها كخطوة مهمة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وشركاء القطاع الخاص لتعزيز الالتزام بالتنمية المستدامة وتعزيز التنمية المستدامة التكامل الإقليمي مما يفيد أنجولا وزامبيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وفي قمة مجموعة السبع الأخيرة في بوليا بإيطاليا أكد زعماء الاقتصادات الأكثر تقدما في الغرب دعمهم لمشاريع البنية التحتية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات في جميع أنحاء أفريقيا من أجل تحقيق الإمكانات الاقتصادية والتحول في القارة وتحديد ممر لوبيتو باعتباره الأولوية القصوى وقد أكد العديد من المراقبين أن هذا يأتي ردًا على هيمنة التعدين الصينية في إفريقيا ومن غير المرجح أن يكون هذا هو الحال لأن جزءًا كبيرًا من الخامات المزمع نقلها عبر الممر موجودة في مناجم تحت السيطرة الصينية وعلى الرغم من أن الصين وفقًا لمركز ويلسون تسيطر حاليًا على حوالي 8 % فقط من قطاع التعدين في أفريقيا أي أقل من نصف منافسيها الغربيين فإن الحقيقة هي أن هذا لا يزال يمثل زيادة مقارنة بنسبة 6.7 %في عام 2018 وعندما يتعلق الأمر أما بالنسبة للمستفيدين المحتملين من ممر لوبيتو فإن ما يقلق الولايات المتحدة هو احتكار الصين للتعدين في حزام النحاس في أفريقيا (جمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا) واستثماراتها الكبيرة الأخيرة في إنتاج الليثيوم في زيمبابوي التي تمتلك أكبر احتياطيات من الليثيوم في أفريقيا تسمح هذه الاستثمارات للصين بإملاء سلسلة التوريد العالمية للبطاريات المتجددة والمركبات الكهربائية وفي جمهورية الكونجو الديمقراطية الدولة التي تمتلك أكبر احتياطيات في العالم من الكوبالت والنحاس عالي الجودة تمتلك الصين حاليا 72% من مناجم الكوبالت والنحاس بما في ذلك منجم تينج فونجوروم الذي ينتج وحده حوالي 12% من إنتاج الكوبالت في العالم إن عمليات التعدين التي تقوم بها الصين في هذه البلدان الثلاثة تمنح بكين قيادة كبيرة في إنتاج أشباه الموصلات والبطاريات وبالتالي في مجال تكنولوجيات الأمن المناخي وهذا يترك بقية العالم يعتمد بشكل متزايد على الابتكار والصناعة الصينية لدفع تحولات الطاقة العالمية ومعالجة تغير المناخ علاوة على ذلك تمتلك الصين في جمهورية الكونجو الديمقراطية ما لا يقل عن 7 كيانات لمعالجة الكوبالت ولكنها ترسل بشكل أساسي المعادن الخام إلى الصين للمعالجة والتصنيع من أجل تلبية الطلب العالمي على المعادن المهمة والمنتجات النهائية .
وبطبيعة الحال توضح هذه البيانات حول نفوذ الصين في مجال التعدين في جمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا أن ممر لوبيتو لن يكون أبدًا بديلاً أمريكيًا مُطلقاً للهيمنة الصينية على معادن وسط إفريقيا وجنوبها ففي الواقع فلكي يكون النقل الأمريكي ناجحا تجاريا سوف يحتاج إلى مدخلات من عمال المناجم الصينيين فتفيد مصادر مطلعة أن الهدف أقل من نقل المعادن وأكثر من ذلك هو خلق منطقة تنمية صناعية زراعية موازية للممر الذي سيتم نقل منتجاته عبره وبهذا الهدف يأتي دور الخيار الأمريكي لجروبو كارينيو وفي قمة مجموعة السبع الأخيرة التي سبق ذكرها تم الإعلان عن تمويل كبير لشركة جروبو كارينيو التي تعتبر شركة أنجولية رائدة .
حتي الآن لا يبدو أن الصين مُستسلمة أو مُسترخية إزاء حركة الولايات المتحدة وحلفاءها الأوربيين المعنيين بمشروع ممر لوبيتو فمن وجهة نظر سياسية كان رد الفعل الصيني واضحا في رحلة جواو لورينسو الأخيرة إلى بكين (مارس 2024) وعلى الرغم من أن التصريحات الرسمية كانت تتسم بقدر كبير من الصداقة والنجاح إلا أن السلطات الصينية جعلت خيبة أملها من جواو لورينسو معروفة في بعض الدوائر العامة إلى حد معقول وهو ما يتناقض مع الرواية الرسمية لتلك الرحلة لقد كانت لعبة سرية وغير محسوسة في نظر كثيرين لكنها كانت موجودة وأظهرت رغبة الصين في عدم “التخلي عن النقاط” في أنجولا كما تؤكد ثلاثة إعلانات صدرت مؤخرا على تجدد النشاط الصيني في أنجولا:
أولا ستقوم مجموعة صينية ببناء أول طريق سريع في أنجولا يبلغ طوله حوالي 1400 كيلومتر ويربط جنوب البلاد بشمالها وستقوم شركة الطرق والجسور الصينية المملوكة للدولة (CRBC) ببناء طريق سريع يبلغ طوله حوالي 1400 كيلومترو سيربط الجزء الجنوبي من أنجولا مع ناميبيا المجاورة والجزء الشمالي من أنجولا مع جمهورية الكونجو الديمقراطية ومن المتوقع أن يبدأ البناء الفعلي للمشروع في نهاية عام 2025 أو 2026ويُظهر هذا المشروع عودة الصين إلى مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق في أنجولا وهو الأمر الذي كان يُعتقد أنه قد انتهى ومع ذلك فليس هذا هو الواقع .
ثانيا لدينا نية الحكومة الأنجولية إنهاء العقد مع الشركة التي فازت بمناقصة بناء مصفاة SOYOوالتي واجهت صعوبات في الحصول على التمويل هذا هو كونسورتيوم بقيادة كوانتن الذي فاز في عام 2021 بمناقصة عامة دولية لبناء مصفاة SOYO المكونة من أربع شركات ثلاث منها في أمريكا الشمالية (زعيم كونسورتيوم Quanten LLC وTGT INC، وAurum). & Sharp LLC) وشركة أنجولية وفي هذه الحالة لدينا فشل أمريكي في ضمان التمويل مما يؤدي إلى إنهاء العقد وفتح الأبواب أمام دخول الصين كما تذكرون كانت الصين قد شاركت بالفعل في بناء مصفاة SOYO في أوقات وقد حصل خوسيه إدواردو دوس سانتوس وشركة صينية على المركز الثاني في المناقصة الدولية التي منحت الجائزة لشركة Quanten[12] والآن أصبح الباب مفتوحًا أمام الصين وهو اتحاد CMEC الذي تعد شركة هندسة الماكينات الصينية الصينية أو أصحاب المصلحة الآخرين بقيادة الصين جزءًا منه للانتقال إلى SOYO.
ومن الواضح أن هناك مشكلة أميركية نموذجية في يومنا هذا ألا وهي الإيمان المفرط بقوة التسويق والهندسة المالية وهو أمر غير عملي في أفريقيا ومرة أخرى فنقلاً عن الرئيس التنفيذي لشركة موتا إنجيل كارلوس موتا سانتوس فإن المشكلة الأمريكية هي أن “جميع الاستثمارات في أمريكا الشمالية أو أوروبا مع استثناء واحد أو اثنين أكثر انتهازية إنها صناديق عقارية وصناديق جشعة ولا أراهم يستثمرون في أي صناعة”.
وأخيرا هناك ثمة علامة ثالثة على الانسحاب الغربي الآن من شركة سيمنز وفتح المزيد من الأبواب أمام الصين في مجال تتمتع فيه هذه الدولة أيضا بخبرة وهو مجال العدادات السطحية (دعونا نتذكر أن أسطول المترو الأخير في بورتو بالبرتغال تم تمكينه بالفعل باستخدام المؤلفات الصينية) .
الآن هذا هو الحال بالنسبة للسكك الحديدية الخفيفة في لواندا انسحب الألمان في شركة Siemens Mobility من المشروع على أساس شراكة بين القطاعين العام والخاص وتعتزم الحكومة الأنجولية تحمل تكاليف البناء بنفسها على أساس التمويل من الصين وهذا إن حدث فسيكون تحول كبير ويظهر مرة أخرى عجز أو عدم رغبة الشركات الغربية في الاستثمار في أنجولا أولاً فشلت شركة كوانتن في سويو والآن سيمنز في مترو لواندا لقد أصبحت أنجولا مرة أخرى منفتحة بالكامل وتحتاج إلى الصين لضمان تنميتها.
وما يبدو حـــالـــيـاً هو أن النوايا الطيبة أو لنقل المتفائلة الأميركية والغربية ليست كافية فالحقيقة بسيطة وهي أن أنجولا بحاجة لتمويل فالثروة البترولية الأنجولية (2مليون برميل / يوم وإنتاج أنجولا من الألماس فهي ثالث أو رابع دولة منتجة في العالم) ثروة يفترسها الفساد المستشري في المجتمع الأنجولي ومؤسسات الدولة منذ عهد دوس سانتوس حتي العهد الحالي عهد جواو لورانسو ….. فلا فائدة تُرجي من ألنجوليين والأمريكان كما الصينيين يدركون هذه الحقيقة فمازال الوضع التمويلي سيئ كما كان في عام 2002 عندما إحتاجت أنجولا لتمويل الإعادة الإعمار فمرة أخرى تبدو الصين ملتزمة بأخذ زمام المبادرة ويبدو أن الولايات المتحدة تريد أن تكون مع أنجولا لكن وصولها إلى اللحظات الحاسمة لا تملك حلولاً عملية وعملياتية وتضيع في الخطط والمشاريع والرحلات والهندسة المالية وإعلان النوايا رغم أن حكومتا الولايات المتحدة الأمريكية وأنجولا وقعتا في دالاس بالولايات المتحدة الأمريكيةعلى عدة اتفاقيات تمويل بقيمة 1.3 مليار دولار للاستثمار في ممر لوبيتو وهو ما يُعد نجاح مطلق لفريق الجنرال جواو لورينسو في الواقع وعلى هامش قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية لمجلس الشركات الإفريقية، احتفلت أنجولا والولايات المتحدة الأمريكية بتوقيع اتفاقيات تمويل لمشاريع في جمهورية أنجولا بتمويل من بنك EXIM لتطوير مشروع لوبيتو “الممر المستفيد الرئيسي من الشراكة العالمية للاستثمار والبنية التحتية (PGI)”وتهدف الاتفاقيات الموقعة التي تبلغ قيمتها أكثر من 1.2 مليون يورو، إلى “تمويل ثلاثة مشاريع بنية تحتية مهمة مرتبطة بممر لوبيتو وتهدف أيضًا إلى الاستثمار في الطاقة النظيفة والاتصال وتوسيع الإشارة اللاسلكية والبنية التحتية للنقل مما يمثل أهمية كبيرة” ويضيف البيان المشترك الصادر عن رئيس الجمهورية ورئيس الحركة الشعبية لتحرير أنجولا وصاحب السلطة التنفيذية في أنجولا: “التزام حكومة الولايات المتحدة بدعم أولويات الاستثمار الاقتصادي لحكومة أنجولا في مختلف القطاعات” , كما أن الصين التي تترقب ما سينتهي إليه أمر مشروع ممر لوبيتو تدرك وتعي أن هناك فرصة جديدة تنفتح في أنجولا ومن الواضح أنها في وضع يمكنها من الاستفادة من هذه الفرصة الجديدة وعلي أية حال فهذا ما سوف يتثبته أو ينفيه علي من سيرسي عطاء مشروع ممر لوبيتو بصفة نهائية , وهذا المشروع يمكن أن يساهم سنويا في الناتج المحلي الإجمالي لأنجولا في حدود 1.5 مليار دولار (1.4 مليار يورو) إلى ثلاثة مليارات دولار (2.8 مليار يورو) وفقا للبيانات المقدمة .
مـــشروع مـمـر لوبـيـتـو والفساد الأنجولي :
إن الولايات المتحدة عازمة بكل جهدها الديبلوماسي والإقتصادي أن تنتزع مشروع ممر لوبيتو وهي تعلم وهي تفعل ذلك وتقوم بهذه الجهود أن أمامها في سبيل الظفر بمشروع ممر لوبيتو تـحـــديـــان كلاهما صعب :
– الــمـــنـــافـــســة والـــتربـــص الصيني .(وقد تعرضت لهاعاليه)
– الـــــفــــساد في أنـــجـــولا .
فعندما نتابع صفقة ممر لوبيتو فيفضل أن نستعرض البيئة السياسية الأنجولية التي سوف يتم مع مسؤليها الإتفاق ثم إقامة هذا الممر اللوجيستي الإستراتيجي ممر لوبيتو Lobito Corridorفيها .
بادئ ذي بدء فأنجولا منذ إستقلالها عن البرتغال عام 1975 تولي قيادتها 3 رؤساء كانت سلطتهم وأسلوب حكمهم شمولي إستبدادي فلا وجود للديموقراطية حتي في حدودها الدنيا في هذا البلد حتي اليوم وكنتيجة فهي بيئة خصيبة للفساد بمختلف منتجاته السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأخلاقية .
تولي رئاسة أنجولا ثلاث رؤساء أولهم أنطوني أوغسطستين نيتوAntónio Agostinho Neto وتولي في الفترة من 11 نوفمبر1975 حتي 10 سبتمبر1979 وتميزت فترته التي سقطت فيها أنجولا في أتون الحرب الأهلية التي أنفجرت بمجرد إستقلال أنجولا عن البرتغال سياسياً بغلبة الطابع الإشتراكي/ الشيوعي الماركسي علي النهج السياسي للدولة الإنجولية ثم تولي بعده جوزيه إدواردو دوس سانتوسJosé Eduardo dos Santos في الفترة من 1979 حتي 2017 وفي عهده إنتهت الحرب الأهلية الأنجولية في أبريل 2002 وكان يأمل أن تمد الولايات المتحدة وحلفاءها الأوربيين مد يد العون لأنجولا لإعادة إعمارها وإزالة آثار الحرب الأهلية علي الإقتصاد الأنجولي لكن خاب رجاءه فأتجه إلي الصين الشعبية التي إستطاعت أن تخترق الإقتصاد الأنجولي في عهده إلي أن تنازل عن السلطة طواعية لوزير دفاعه جواو مانويل جونسالفيس لورنسو João Manuel Gonçalves Lourenço وتولي الرئاسة في 26 سبتمبر 2017 حتي يومنا هذا فقد أعلن الرئيس الأنجولي José Eduardo dos Santos في مارس 2016 بصفة مفاجئة عن أنه لن يتقدم للترشح للإنتخابات الرئاسية عام 2018 لكنه لم يُحدد خطة معينة بشأن ذلك كما أن الإذاعة الأنجولية الحكومية بثت في الأول من ديسمبر 2016 بالإحالة علي Joao Pinto وهو أحد كبار أعضاء حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA الحاكم قوله ” أن الرئيس الأنجولي Jose Eduardo dos Santos سيُعلن قبل الإنتخابات الرئاسية المُقررة في أغسطس 2017 عن تخليه طواعية عن رئاسته لأنجولا ” هذه الرئاسة التي بدأت عام 1979بعد وفاة Agostinho Neto أول رئيس لأنجولا بعد إستقلالها عن البرتغال في 11 نوفمبر 1975وحتي إعلانه عن عدم ترشحه كان الرئيس dos Santosأقدم رئيس أفريقي بعد رئيس غينيا الإستوائية Obiang Nguema وأكدت الإذاعة الأنجولية أيضاً نقلاً عن Joao Pinto قوله ” أن من سيخلف الرئيس كمرشح عن الحزب الحاكم في إنتخابات الرئاسة هو Joao Lourenco وزير الدفاع والذي سيُقدم لأعضاء الحزب في إجتماعهم في 10 ديسمبر 2016 بمناسبة ذكري تأسيس الحزب ” وكانت اللجنة المركزية لحزب MPLA إجتمعت في 2 ديسمبر 2016 وقررت أسم مرشح الحزب لإنتخابات الرئاسة في أغسطس 2017 بالفعل تبوأ Joao Lourenco منصبه كثالث رئيس لأنجولا في 26 سبتمبر 2017 ثم وفي سبتمبر 2018 أصبح رئيساً للحزب الحاكم (منذ إستقلال أنجولا عام 1975) وهو حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولاMovimento Popular de Libertação de Angola أو إختصاراً MPLA , وبالتالي أصبح Lourenco قابضاً علي مقاليد السلطة بإحكام كما كان الرئيس السابق Eduardo dos Santos فوفقاً للتعديل الذي أُجري عام 2010 علي الدستور الأنجولي والذي صدر بتاريخ 21 يناير 2010 : “لا يتم إنتخاب رئيس الجمهورية مباشرة وإنما يُنتخب للرئاسة رئيس الحزب الفائز” , وتجدر الإشارة إلي أن نواب حزب UNITA أكبر أحزاب المعارضة قاطعوا التصويت علي هذا التعديل الدستوري الذي حصل علي 186 من أصوات أعضاء حزب MPLA بالبرلمان البالغ عدد أعضاءه 220 عضو .
تميزت فترة ما بعد إنتهاء الحرب الأهلية في أنجولا بإستشراء الفساد بمختلف أنواعه في أسرة الرئيس الأنجولي الراحل جوزيه إدواردو دوس سانتوس (الإشــتــراكي) وأصبحت المصالح التجارية لعائلة الرئيس السابقJosé Eduardo dos Santosواسعة وتمس كل مجالات الاقتصاد تقريبًا , واستنادًا إلى عدد كبير من السجلات المالية والتجارية السرية ومئات المقابلات وضعت Luanda Leaks دراسة حالة لمشكلة عالمية متنامية عن الحكام اللصوص الذين يطلق عليهم غالبًا kleptocrats وأفراد أسرهم وشركائهم التي يجري عبرها نقل وتحويل الأموال العامة غير المشروعة إلى الحسابات السرية الخارجية ويتم ذلك غالبًا بمساعدة الشركات الغربية البارزة ومن هذه الأموال يتم شراء العقارات والشركات والأصول القيمة الأخرى ، أو يتم إخفاءها ببساطة بعيدًا عن الأعين لتكون في مأمن من سلطات الضرائب والمحققين الجنائيين (تم تسريب 715000 ملف بمعرفة أو بواسطة مسؤولي إمبراطورية Isabel Dos Santos تم تسليمها إلى الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين , كما تمت مشاركة الوثائق مع New York Times و BBC و The Guardian من بين مجموعات إخبارية أخرى) , وقد قال Larry Diamond الزميل الأول في معهد Hoover بجامعة Stanford : ” إن حركة الأموال القذرة من خلال الشركات الوهمية إلى النظام المالي الدولي ليتم غسلها وإعادة تدويرها ونشرها للتأثير السياسي تتسارع , الأمر الذي يزيد من خطر العنف السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان , فالفساد العام يؤدي إلى انهيار الاقتصادات وتقويض الإيمان بالديمقراطية وتحويل الأموال التي كان من الممكن إنفاقها على المستشفيات والمدارس والطرق إلي جيوب كبار اللصوص , وتصنف منظمة الشفافية الدولية أنجولا كواحدة من أكثر الدول فسادًا في العالم ويبلغ متوسط العمر المتوقع فيها 60 عاماً ويموت حوالي 5٪ من اطفالها قبل ذلك ” .
تم تقديم وثائق Luanda Leaks إلى الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين من خلال منصة حماية المبلغين عن المخالفات في إفريقيا أو PPLAAF ، وهي مجموعة مناصرة مقرها باريس , وتحتوي مجموعة الوثائق تلك التي تعود إلى عام 1980 وتغطي في الغالب أيضاً العقد الماضي وهي باللغتين البرتغالية والإنجليزية , تحتوي علي رسائل بريد إلكتروني ومذكرات داخلية من شركات Isabel وعقود وتقارير استشارية وإقرارات ضريبية ومراجعات خاصة ومقاطع فيديو لاجتماعات العمل (وهذا الأمر يجري مع لصوص السلطة الآخرين بمناطق مختلفة من العالم وهم غافلون أو عاجزون عن السيطرة لجهلهم فهم لصوص وأغبياء) ، كما تشمل الوثائق أوصاف لمنازل فخمة في لشبونة وموناكو وطائرة خاصة وقارب سريع , وتُظهر رسائل البريد الإلكتروني قلق هؤلاء اللصوص بشأن القروض المصرفية المحفوفة بالمخاطر والمستشارين الماليين الذين يتقدمون بطلبات إلي Isabel لتسديد فاتورة من مصمم الأزياء الفاخرة Valentino وفتح حساب مصرفي جديد في الخارج , كما وجد الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن Isabel وزوجها ووسطائهما قاموا ببناء إمبراطورية تجارية تضم أكثر من 400 شركة لها فروع في 41 دولة بما في ذلك 94 على الأقل في ولايات قضائية سرية أو Heavens مثل مالطا وليشتينشتاين وموريشيوس وهونج كونج , كل ذلك على مدار العقد الماضي ، كذلك فهذه الشركات حصلت على وظائف استشارية وقروض وعقود أشغال عامة وتراخيص بمليارات الدولارات من الحكومة الأنجولية , كما استخدمت Isabel وزوجها أرخبيلهم من الشركات الوهمية لتجنب التدقيق والاستثمار في العقارات والطاقة وشركات الإعلام , و تُظهر المستندات أيضًا الشركات المرتبطة بالزوجين لتوجيه رسوم الاستشارات والقروض والعقود لشركات وهمية يسيطران عليها في جزر Virgin البريطانية وهولندا ومالطا , وتشير إحدي هذه الوثائق التي حددها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين إلي أنه جري إخلاء آلاف العائلات قسرًا من منازلهم في Luanda عاصمة أنجولا على أرض كانت جزءًا من مشروع إعادة تطوير تشارك فيه شركة لـ Isabel , كما أن شركاتها حصلت على حصص كبيرة بالبنوك ما أتاح لـ Isabel تمويل هذه الإمبراطورية برغم تراجع المؤسسات المالية الأخرى وسط مخاوف بشأن علاقاتها بالدولة الأنجولية .
كذلك أشار تقرير للإتحاد الدولي للصحفيين الإستقصائيين International Consortium of Investigative Journalists بتاريخ 16 سبتمبر 2020 إلي أن المدعون الهولنديون بدأوا في إجراء تحقيق جنائي في كيفية تمكن شركة مملوكة من قبل Sindika Dokolo زوج المليارديرة Isabel dos Santos من الحصول على حصة مربحة في شركة النفط والغاز البرتغالية Galp وأن النيابة العامة الهولاندية جمدت أصول شركة Exem Energy BV انتظاراً لنتيجة التحقيق ، وتكشف تفاصيل حصلت عليها مجموعة Luanda Leaks الإستقصائية عام 2006 كيفية تمويل مُؤسسة Sonangol الحكومية العملاقة للنفط عملية شراء Exem لحصة Galp مقابل 99 مليون دولار وموافقتها على دفعة مقدمة قدرها 15 مليون دولار فقط على أن يتم سداد الباقي في وقت لاحق , ولم تشرح Sonangol أبدًا سبب الموافقة لاحقاً على بيع الحصة إلى شركة مملوكة لصهر الرئيس آنذاك على الرغم من أن الأسهم يتم تداولها الآن (وقت وضع تقرير الصحفيين الإستقصائيين) بحوالي نصف قيمتها إلا أن الحصة لا تزال تبلغ حوالي 400 مليون دولار, وقد أفاد Dokolo الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أنه تم سداد مبلغ القرض المستحق بالكامل إلى Sonangol عام 2017 عندما كانت زوجته مسؤولة عن الشركة , لكن بعد أشهر فقط من طردها من هذه المُؤسسة بعد تخلي والدها عن منصب الرئاسة عام 2017 وبعد رفض خليفة Isabel dos Santos في Sonangol للصفقة على أساس أن الدفع تم بالعملة الأنجولية بدلاً من اليورو مما يعد انتهاكًا للعقد , و تدعي الدولة الأنجولية أن هناك رصيدًا قدره 75 مليون دولار مستحق تسعى لاستعادته من خلال محكمة استئناف الشركات في غرفة الأعمال في Amsterdam , إذ أن هولندا كانت قناة رئيسية لنقل ثروة Isabel dos Santos من أنجولا , وقد قال متحدث باسم هيئة النيابة العامة الهولندية لعضو الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين Karlijn Kuijpers (صحفي استقصائي تعاون في Luanda Leaks ) أن الشركة كانت تركز على صفقة أسهم Sonangol , وأن النيابة تحقق في عملية الاستحواذ على هذه الأسهم , وأن هناك ثمة إشتباه في أن الأسهم تم الحصول عليها عن طريق الاحتيال أو الاختلاس من قبل الدولة الأنجولية , وعليه فالشركة مشتبه بها في تحقيق جنائي أجرته دائرة الاستخبارات والتحقيقات المالية بقيادة مكتب المدعي العام الوظيفي ” , و أن هذا الإجراء يذكرنا بأوامر مماثلة بشأن أصول شركة Isabel Dos Santos في البرتغال وأنجولا حيث تمتد أوامر التجميد أيضًا إلى الثروة الشخصية بما في ذلك الحسابات المصرفية , وقد أنكر Isabel Dos Santos باستمرار ارتكاب أي مخالفات وادعى بدلاً من ذلك أنه هدف “لمطاردة الساحرات” , لكن شركة Exem Energy BV أكدت التحقيق الذي نشرته صحيفة Volkskrant الهولندية , وقالت وكالة العلاقات العامة Powerscourt التابعة للشركة ومقرها لندن وهي تمثل أيضاً Isabel Dos Santos إنها ” ترحب بفرصة إعلان الحقائق وتوضيح العديد من الأكاذيب والادعاءات التي لا أساس لها” , فيما قال الإتحاد الدولي للصحفيين الإستقصائيين أن شركة Exem Energy BV دفعت مليون يورو عند توقيع العقد و 64 مليون يورو بالإضافة إلى الفائدة تم دفعها في أكتوبر 2017في Kwanza(محافظة أنجولية) بسعر الصرف في ذلك الوقت ونتيجة لذلك لم تعد Exem مدينة بأي شيء لشركة Sonangol .
قررت الحكومة الأنجولية الحالية التي يقودها الرئيس جواو لورنسو شن حرب علي الفساد بدءاً من أسرة الرئيس السابق , وفي الواقع أن هذه الحرب بدأت مبكراً عندما كان João Lourenço مرشحاً للرئاسة إذ رد علي سؤال وجهته صحيفة The Washington Post عن مدي إختلاف إدارته عن إدارة الرئيس السابق José Eduardo dos Santos ؟ فقال ” “سنبذل قصارى جهدنا للحصول على إدارة شفافة وسنحارب الفساد ” , ثم بعد شهرين من تبوأه منصب الرئاسة في سبتمبر 2017 إتخذ قرارين الأول إقالة Lourenco نجل الرئيس السابق من رئاسة صندوق الثروة السيادية والثاني إقالة إبنته Isabel من رئاسة مُؤسسة النفط الحكومية Sonangol, وهو المنصب الذي شغلته في يونيو 2016 , ولهذه الحرب ما يبررها فقد تعهد الرئيس الأنجولي الحالي Joao Lourenco بقمع الفساد منذ توليه الرئاسة وكرر ذلك في خطاب له عن حالة الأمة ألقاه يوم الخميس 15أكتوبر 2020 قال فيه : “إنه من المرجح أن تكتشف السلطات الأنجولية عمليات نهب أكثر بكثير من التقديرات الحالية البالغة 24 مليار دولار مع تعميق تحقيقها في الأموال التي فُقدت خلال النظام السابق , مُضيفاً “أنه سيتم الكشف عن أشياء جديدة” مُوضحاً أنه من المحتمل جدا أن يتم الإعلان عن أرقام أكبر بكثير لاحقاً , وفي إشارة ذات مغزي قال: “هذا الرقم وحده يتجاوز قيمة ديون أنجولا لدائنها الرئيسي “، في إشارة منه إلى ديون الصين , وأضاف ” إن أنجولا بحاجة إلى هذه الأموال في الوقت الذي تكافح فيه للتعافي من ركود طويل الأمد وسداد ديونها المتصاعدة والتي من المتوقع أن تصل إلى 120٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام , وأنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 3.6٪ هذا العام – للمرة الخامسة خلال سنوات عديدة – حيث تؤثر جائحة فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط على النمو, في الوقت الذي تمثل صادرات النفط الخام ما يقرب من 90٪ من صادرات البلاد , لذلك تحاول أنجولا تنويع اقتصادها وتجري أيضًا محادثات مع دائنيها الرئيسيين لتمديد بعض مدفوعات الديون , وفي هذه النقطة بالذات قالت وزيرة المالية الأنجولية Vera Daves de Sousa في 18 سبتمبر 2020 “إن أنجولا مدينة للصين أكبر دائنيها بما مجموعه 20.1 مليار دولار استخدم نصفها في رسملة مُؤسسة Sonangol للنفط المملوكة للدولة .
احتفل الرئيس Lourenco بالذكرى السنوية الأولى لتوليه منصب رئيس أنجولا بخطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك أواخر سبنمبر 2018 ، وفيه روج فيه لـ”أنجولا جديدة” بعد أن عزز للتو قاعدة سلطته في مؤتمر الحزب للحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA في Luanda حيث رُشح رئيساً للحزب الحاكم دون معارضةبحصوله علي نسبة 98 % من الأصوات ليحل رسميًا محل Jose Eduardo dos Santos في رئاسة الحزب الحاكم والذي ظل رئيساً لهذا الحزب طيلة العام الأول لرئاسة Lourenco للدولة وهو ما غل يده لبدء معركته ضد فساد عائلة Jose Eduardo dos Santos فللدولة رأسان خلال هذه الفترة , وفي نفس هذا الشهر سبتمبر 2017تم الكشف عن سيل من التفاصيل حول أصول Isabel إبنة الرئيس Jose Eduardo dos Santos من خلال ما يُعرف بـ Luanda Leaks وهي تفاصيل مُستخرجة من أكثر من700000 وثيقة حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين بناء عليها تأكد أن التقارير التي نشرتها مجلة Forbes عام 2013 عن حصول Isabel بشكل فاسد على حصص في شركات أنجولية مُؤسسة علي معلومات Luanda Leaks حددت أيضاً عوامل التمكين لدي Isabel Dos Santos وهي: شركات الاستشارات والمحاسبة مثل McKinsey و PwC ، بالإضافة إلى زمرة من المصرفيين والمحامين الذين ساعدوها في الحصول على ثروتها ونقلها إلى الخارج , وفي بيان صدر في ديسمبر 2020 ، قالت PwC أنه عندما ظهرت هذه المزاعم ، “اتخذت خطوات فورية لإنهاء علاقتنا مع الشركات المعنية” وأن بعض كبار الموظفين تركوا الشركة أو كانوا يخضعون “لتدابير علاجية أخرى” وقال متحدث باسم McKinsey أن الشركة لم تعد تعتبر Isabel أو شركاتها عملاء ، لكن لم يُوجه اتهام لأي من شركات الخدمات المهنية بأي مخالفات على الرغم من أن مُراجعاً برتغاليًا قام في العام الماضي بالتحقيق في شركات التدقيق التي عملت مع Isabel وأنتهي إلي أن بعض التقارير تُشير إلي أنه لم تُتخذ خطوات لوقف غسيل الأموال المحتمل , ومن المُثير أن Isabel أيضًا كانت لها أعمال تجارية مع Forbes Media ومالك مجلة Forbes و Forbes.com من خلال شركتها Zap Midia التي تتخذ من أنجولا مقراً لها كذلك فهي صاحبة الترخيص لمجلات Forbes Angola و Forbes Portugal , هذا وقد تم إدراج Zap Midia في ملف المحكمة الأنجولية كواحدة من الشركات التي كان من المقرر تجميد أصولها .
دخلت المعركة بين الرئيس الأنجولي Joao Lourencoوعائلة الرئيس السابق José Eduardo dos Santos مرحلة التصعيد إذ أصدرت المحكمة العليا في أنجولا حكماً بإدانة كل من José Filomeno dos Santos نجل الرئيس لمشاركته في مؤامرة معقدة للاحتيال على بنك أنجولا الوطني في الأسابيع الأخيرة من حكم والده الذي استمر 38 عامًا رئيساً لدولة أنجولا وValter Filipe da Silva المحافظ السابق للبنك المركزي الذي أذن بتحويل 500 مليون دولار من حساب البنك المركزي في لندن إلى حساب HSBC Holdings PLC لشركة خاصة ليس لديها عمليات ظاهرة وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات وأتهمتها معاً المحكمة باختلاس 500 مليون دولار من البنك المركزي للبلاد عام 2017, كما حُكم على مسؤول سابق آخر في البنك المركزي وشريك تجاري للسيد José Filomeno dos Santos بالسجن لمدة خمس وست سنوات على التوالي , ونوهت وكلة أنباء أنجولا الرسمية ANGOP بأن الرجال الأربعة سيظلون أحرارًا في انتظار استئناف الأحكام الصادرة بحقهم , لكن السلطات البريطانية المعنية أعادت في مارس 2018 مبلغ 500 مليون دولار إلى أنجولا بعد اكتشاف هذا الاحتيال , ويمثل هذا الحكم الصادر في أغسطس 2020أول إدانة لأحد أفراد عائلة الرئيس السابق José Eduardo dos Santos والذي إتهمت حكومة خليفتهJoão Lourenço إبنته ISABEL بسرقة ما يزيد عن مليار دولار من الدولة , وهي تهمة أنكرتها ISABEL التي كانت الرئيسة التنفيذية لشركة النفط الحكومية الأنغولية Sonangol حتى نوفمبر 2017 ، مُدعية أنها كونت ثروتها دون مساعدة من والدها .
في سياق مرحلة التصعيد قامت الحكومية بمد معركتها لأماكن توطن ثروة عائلة José Eduardo dos Santos المنهوبة من الإقتصاد الأنجولي حيث تقوم حالياً السلطات القضائية المعنية في الإمارات العربية المتحدة (وقت أن كانت Isabel Dos Santosعلى رأس Sonangol النفطية يُزعم أنها حولت 57 مليون دولار في نوفمبر 2017 من حسابات Sonangol إلى حساب مصرفي في دبي لشركة Matter Business Solutions) وكذلك في موناكو وموريشيوس وسنغافورة بفحص الحسابات المصرفية لهذه العائلة لدي أجهزتهم المصرفية ووكذلك شركاتهم المُسجلة بهذه الدول من أجل تعقب أصول الرئيس الأنجولي السابق José Eduardo dos Santos وعائلته التي لم تعبأ كثيراً بقرارالسلطات القضائية الأنجولية بتجميد أصولها داخل أنجولا وتوجيه تهمة غسيل الأموال والاختلاس إليها لأن معظم أموالهاوأصولها ومعاملاتها التجارية كانت في البرتغال حيث تعيش , لكن هذا الوضع ما لبث أن تبدل فبإستمرار ضغوط الحكومة الأنجولية علي البرتغال وإحتياج البرتغال الشديد لأنجولا (أنجولا رابع أكبر سوق تصدير للبرتغال حيث بلغت مبيعاتها 3.2 ملياريورو عام 2014) لذلك فبالرغم من التوترات المتقطعة في العلاقات الثنائية قررت حكومة البرتغال التعاون مع التحقيق الجنائي بشأن عائلة الرئيس السابق José Eduardo dos Santos وأنتهي الأمر بقرار للمدعي العام البرتغالي بتجميد حسابات العائلة المصرفية بالبرتغال وتجميدالعشرات من الحسابات المصرفية الشخصية وحسابات الشركات التابعة لأبنة الرئيس Isabel Dos Santos وزوجها Sindika Dokolo بطلب من الحكومة الأنجولية , كذلك دخلت سويسرا في عداد الدول التي تشملها عملية مطاردة الحكومة الأنجولية لثمار الفساد المالي لأسرة الرئيس السابق José Eduardo dos Santos , ففي سبتمبر 2020جمدت سويسرا 900 مليون دولار في حسابات مملوكة لرجل الأعمال الأنجولي البارز Carlos Manuel de São Vicente وهو شخصية رئيسية في صناعة النفط في أنجولا وترأس مجموعة من الشركات التي باعت عقود التأمين وإعادة التأمين لشركة النفط الحكومية Sonangol وتم التجميد في إطار تحقيق في غسيل الأموال , وذلك وفقًا لوثائق المحكمة اطلعت عليها وكالة Reutersللأنباء فيما يُعتبر واحدة من أكبر عمليات تجميد الأصول الشخصية في تاريخ سويسرا , وقال ممثلو الادعاء إنهم جمدوا 1.25 مليار دولار في حسابات مرتبطة بـ Manuel de São Vicente وعائلته وشركاته أواخر 2018 بعد أن اعتبرت البنوك السويسرية التحويلات إليهم مشبوهة , وقد فتح المدعي العام السويسري في 4 ديسمبر 2018 إجراءً جنائيًا لغسيل الأموال ضد Manuel وأمر أيضًا في نفس اليوم بالتجميد بهدف مصادرة أو تعويض أي أطراف متضررة , لكن تم الإفراج لاحقاً عن معظم الحسابات في أبريل 2019 باستثناء حسابين كانا باسم Manuel de São Vicente .
بدأت بنوك أبوظبي في إتخاذ اللازم نحوتجميد الحسابات المصرفية المرتبطة بعائلة الرئيس الأنجولي السابق José Eduardo dos Santos (الذي يعيش حالياً في برشلونة) وشركائها بعد طلب تعاون من القضاء الأنجولي قبيل بداية شهر رمضان الحالي والمُلفت في الأمر أن الإمارت العربية عادة ما تتجاهل الطلبات الأجنبية للتعاون القضائي فيما يتعلق بمحاورها الخارجية لكنها لسبب ما غامض قبلت التعاون ومن المُحتمل في تقديري وبناء علي خبرتي في أنجولا كسفير لمصر أن وراء القبول والتماهي الإماراتي مع الطلب الأنجولي ضغوط أمريكية نظراً لصلابة الرئيس الأنجولي السابق وتجاهله بل حتي تحديه لإملاءات أمريكية مختلفة مارستها الولايات المتحدة عليهعلمت ببعضها إبان عملي هناك , المهم أن الإمارات تماهت مع طلب الحكومة الأنجولية وخرجت عن هذه القاعدة لتتعاون في تحقيقات الحكومة الأنجولية مع عائلة الرئيس السابق ( قام الرئيس الأنجولي برافقه وفد بزيارة للإمارات العربية في أكتوبر 2018 إلتقي خلالها الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة) وأعلم أن علاقات أنجولا في عهد الرئيس الأنجولي José Eduardo dos Santos كانت قوية جداً خاصة في مجال الأموال والإستثمارات مما إستدعي فتح الحكومة الأنجولية لقنصلية في دبي ومكتباً لبيع والترويج للألماس الأنجولي وكانت حركة رجال الأعمال والسلطة الأنجولية لأبوظبي دائمة ومتكررة علي مدار العام , لذلك فالإمارات لا تقيم علاقات قوية مع Luanda فحسب بل تكسب أيضًا نقاط من جراء عمليات غسيل الأموال وفقاً لنشرة africaintelligence بتاريخ 2 أبريل 2021 ومما يعزز ذلك الزيارة الخاصة التي قام بها الرئيس الأنجولي Joao Lourenco لأبو ظبي في 15 مارس 2021 وأستغرقت بضعة أيام وكان من أهم أهدافها بحث تعاون أبو ظبي في المعركة التي يديرها الرئيس Joao Lourenco ضد عائلة الرئيس السابق , كذلك أمرت لجنة موريشيوس المستقلة لمكافحة الفساد بنوك الجزيرة بإبلاغ تفاصيل الحسابات التي فتحتها Isabel Dos Santos وزوجها Sindika Dokolo و Konema Mwenenge , أيضاً وصلت جهود الحكومة الأنجولية في مطاردة أسرة الرئيس السابق إلي سنغافورة إذ طلبت وزارة العدل الأنجولية من السلطات الإماراتية وموريشيوس مساعدتها في تحديد أصول عائلة الرئيس السابق José Eduardo dos Santos ووجهت طلباً آخر لسنغافورة .
بالطبع فإن الفساد في نظم الحكم الإستبدادية تجود زراعته علي أراضيها وفي ظل سيادتها وهو يثمر لكن حصاده لا يتم إلا بمعونة من بعض المؤسسات والأفراد ممن ينتمون للنظم الديموقراطية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا التي يوجد بها مقر سكرتارية منظمة الشفافية الدولية اوهذه الدول تنشط فيها الصحافة الإستقصائية , وعلي كل حال فإن صفقة ممر لوبيتو Lobito Corridor ستكون أحد أهم الإختبارات لفساد الحكم فما دفع الرئيس الأمريكي للتوجه إلي أنجولا مزيج من المصالح الإقتصادية للشركات الأمريكية العملاقة المعنية بالمعادن والتعدين والمصالح السياسية / الإقتصادية للحزب الديموقراطي الأمريكي وبعض أعضاءه النافذين والذين يتعرضون – كما هي العادة في قضايا أخري مختلفة – لضغوط تمويلية إنتخابية من هذه الشركات العملاقة وكذلك من الضروري الإستجابة لهذه الضغوط ليس فقط من زاوية الصالح الإنتخابي للحزب الديموقراطي الأمريكي بل للإنتصار علي الصين وإستبعاد النفوذ الإقتصادي الصيني من أفريقيا وأنجولا في هذه الحالة حالة ممر لوبيتو الإستراتيجي Lobito Corridor .
تــــقــــديـــر مـــوقــــــف :
من المهم أن أشــــيـــر أولاً في مـــعـــرض بيان أيـــلــولــة مـشــروع مــمـــر لــوبـيــتو اللوجسيتي الإستراتيجي إلي أن الولايات المتحدة لديها علاقات وثيقة جداً بنظام الرئيس الأنجولي الحالي جواو لورانسو علي مختلف الأصعدة علي خلاف وضع العلاقات الثنائية الأمريكية / الأنجولية إبان عهد الرئيس الأنجولي السابق دوس ســـانـــتــوس الذي كانت علاقاته الثنائية قوية جداً علي مختلف المحاور مع جمهورية الصين الشعبية – كما أشرت آنــفــاً – يليها علاقاته مع روسيا التي دعمت نظامه مع كوبا عسكرياً في فترة الحرب الأهلية الأنجولية 1975 – 2002 وقد أسر لي في أحد لقائي به إبان عملي سفيراً لمصر لدي أنجولا بالإعتماد علي الروس لا الأمريكيين في علاقات مصر الثنائية , المهم أن الولايات المتحدة في سبيل تلبية مطامح المجمع الصناعي الأمريكي تتحرك بقوة في سبيل الظفر بـ وتنفيذ المشروع الإستراتيجي المزدوج مــمـــر لـوبــيـــتـو ووتيرة الزيارات التي قام بها مسئوليين أمريكيين لأنجولا تعكس مدي الشــبــق الأمريكي للــنـــهـــوض بهذا المشروع فهذه الزيارة واللقاءات شملت الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية أنطوني بلينكن ووزيرالدفاع لويد أوستين ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID سامانثا باور ومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الإدارة ريتشارد فيرما ومسؤليين أخر ثانويين كل ذلك وغيره من الأساليب الأمريكية لتعزيز العلاقات الثنائية دفع واشنطن للتحرك من أجل توسعة ممر لوبيتو نحو تنزانيا بشرق القارة تفاديا لأخطار الاقتصار على منفذ أو معبر واحد لا سميا أن الأمر يتعلق بنقل موارد إستراتيجية بالنسبة للقوي الإقتصادية الدولية المتحكمة في إقتصاديات العالم حيث ستصبح موانئ تنزانيا بالمحيط الهندي بوابة جديدة إلى جانب ميناء لوبيتو الأنجولي بالمحيط الأطلسي ويتوقع أن يسهم تمدد الممر في تحسين جودة الحياة والإقتصاد الأنجولي ومنطقة الجنوب الأفريقي SADC وتحسين فرص التصدير بالنسبة لعدد من دول وسط إفريقيا خصوصا منها الحبيسة غير الساحلية بضمان الربط السريع مع حزام الكوبالت في الكونجو وحزام النحاس في زامبيا وبقية المعادن والموارد الطبيعية بالأسواق العالمية بسرعة ويسر في اتساق مع أجندة الاتحاد الإفريقي الرامية إلى تسهيل التجارة داخل القارة ومع بقية دول العالم وهو أول مشروع ضخم تنهض به الولايات المتحدة في أنجولا التي لم تكن تأبه في الماضي إلا بإستكشاف والبحث وإستغلال البترول الأنجولي خاصة في مقاطعة CABINDA بشمال أنجولا فهاهي تمد خط توسعها في علاقاتها بأنجولا وتتقدم نحو تنفيذ مشروع عملاق كمشروع ممر لوبيتو بعيداً عن المنافسة الصينية , أما فيما يتعلق بالفساد الأنجولي فمن المتوقع كما أشرت عند تناول الفساد الأنجولي أن يتماهي الرئيس الأنجولي جواو لورانسو مع الولايات المتحدة ليس في إقتلاع جذور الفساد الأنجولي ولكن في إبعاد هذه الجذور- كلما أمكن – عن مــشروع مـمـر لـوبـيـتو سواء بالأدوات القانونية أو التنظيمية أو حتي الإستخباراتية إن إستدعي الأمـــر ذلك .
في تقديري أيضاً أن مـشـروع مـمـر لــوبـيـتو مــــرتـــبط بخطة إقتصادية أمريكية أوسع مـدي بمنطقة الجنوب الأفريقي أي تتضمن جـــنـــوب أفريقيا خاصة وأن الولايات المتحدجة إنسحبت عــسرياً من أجزاء مهمة بمنطقة الساحل الأفريقي التي تزحف نحوها بإنتظام الصين إقتصادياً وروسيا عسكرياً وأمنياً .
الــــــــــــــســـــــــفـــيـــر : بـــــــــــــــــلال الــــمـــصــــري –
حصريا المركز الديمقراطي العربي – الــــقــــاهــــرة تــحـــريـــراً في 23 سبتمبر2024