أثر الدبلوماسية الرقمية على السياسة الخارجية المغربية
إعداد الباحثين : وليد عبدالعال محمد السيد , أحمد رأفت حسن علي , تغريد رضا عيسي منتصر , حسناء أحمد محمود محمد , شيماء حسين عبدالفتاح عبدالجابر – إشراف : د. ياسمين احمد – كلية السياسة والاقتصاد – جامعة بني سويف – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة:
إن لكل دولة أهدافا لسياستها الخارجية تسعى لتحقيقها، وقد تعددت وسائل وأدوات الدول في إنجاح تلك الأهداف، فتارة تعّول على قوتها الصلبة وهي القوة العسكرية بواسطة دخولها في مواجهة عسكرية مع قوى أخرى من أجل الاستحواذ على النفوذ، وتارة أخرى تستخدم الأدوات الدبلوماسية ووسائلها التي تُعد من أهم قوتها السياسية السلمية. والنظام الدولي يربط بين أعضائه علاقات دولية تعمل الدبلوماسية على تدعيمها وتعزيزها، كما أنها أداه فعالة ترتكز عليها الدول في حل القضايا والمنازعات بين الدول بالطرق السلمية، وقد تعددت الأهداف التي ترمي إليها الدبلوماسية كالدفاع عن مصالح الدولة وأهدافها وتحسين صورتها في أوساط النظام الدولي وتمثيل الدولة لدى الدول الأخرى عبر إرسال بعثات دبلوماسية، وساهمت اتفاقية ومعاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 في تحديد الإطار القانوني الذي ينظم علاقات الدول الدبلوماسية.
لكن ومع بزوغ الألفية الجديدة وما لحقها من تطورات تكنولوجية والثورة في المعرفة والمعلومات، وظهور المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، ما أثر ذلك على عالم السياسة والعلاقات بين الدول. لقد أثرت السياسة الخارجية للدول وبشكل خاص الدبلوماسية بظهور آليات فعالة لهذا العصر الرقمي كالفيسبوك وتويتر وغيرها، ساهمت في جعل الحياة السياسية برمتها تسير بمواكبة هذا العصر، فأضحت السياسة والعلاقات مختلفة عما كانت عليه في العقود الزمنية السالفة، ولم يعد السياسيون والدبلوماسيون بمعزل عن العالم بل أصبح لكل منهم حسابات إلكترونية.
كانت البداية الفعلية لاعتماد الدول على الوسائل التكنلوجية في أثناء أزمة كورونا بعد أن أُغلق المجال الجوي في العديد من الدول، هذا ما جعل الدول والحكومات تتواصل مع بعثاتها الدبلوماسية الخارجية عبر أجهزة الحاسوب واعتماد تقنية zoom، هذا الأمر لم يتوقف على الحكومة وبعثتها الدبلوماسية فقط، بل امتد ذلك إلى تواصل الحكومات ببعضها البعض، ما نبّه ذلك الحكومات لتطوير آلياتها المختلفة والتي من بينها الممارسة الرقمية للدبلوماسية.
وبعد أن امتزجت الممارسة الدبلوماسية بالتكنولوجيا، أصبحت تعرف باسم الدبلوماسية الرقمية أو دبلوماسية تويتر، ما فرض على كل دولة أن تبحث عن أدوات ووسائل دبلوماسيتها الجديدة. إضافة إلى حث الحكومات على مجاراة التطور التكنولوجي من خلال الاعتماد على الوسائل الحديثة للممارسة الدبلوماسية الرقمية فيما يحقق أهداف سياسة الدولة الخارجية. فانطلقت الدول تؤسس مواقعا الكترونية للوزارات المختلفة ومن بينها وزارة الخارجية وتدعيمها بمختلف لغات دول العالم، إضافة إلى انشائها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
إضافة إلى وجود مواقع وحسابات لكل سفارات الدولة بالخارج لاطلاع جماهير الدول عليها ان أرادوا ذلك. كما أن الدول توسعت في إنشاء سفارات افتراضية ودبلوماسيين غير حقيقيين. لقد باتت الدول في سعي نحو تنفيذ سياستها الخارجية وتوطيد علاقاتها الدولية بواسطة الوسائل المتباينة، لكن أصبح مستقبل الممارسة الدبلوماسية يعتمد بشكل كبير على مجالات التكنولوجيا، لذا تسعى الدول الى تنميتها وتطويرها، لكن على الرغم من ذلك فهناك عدة تحديات تواجه الانتقال المستقبلي نحو رقمنة الممارسة الدبلوماسية ومنها الغطاء القانوني لهذه الممارسة، ووجود ممارسات غير أخلاقية قد تمارسها الدول تجاه الدول الأخرى كالهجمات السيبرانية. ولكن بطبيعة الحال فإن الدبلوماسية الرقمية تكون فرصة للدول في تحسين صورتها النمطية والاستفادة منها في تحقيق أهدافها.
الإشكالية البحثية: .
منذ بداية ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وما أتبعه من توسعٍ في المواقع الإلكترونية على شبكات الانترنت وتزايد تدفق المعلومات العابرة للحدود؛ ما فتح ذلك مسارات جديدة للممارسة الدبلوماسية كما كان في السابق، لذلك تدور المشكلة البحثية حول ظهور ما سُمي بالدبلوماسية الرقمية وما أحدثته الثورة على المستوى الدولي من فعالية وزيادة في أنشطتها، ومن هنا تطرح الدراسة تساؤلا رئيسيا وهو: إلى أي مدى تؤثر الدبلوماسية الرقمية على تحقيق أهداف السياسة الخارجية للدول؟
وتنبثق من التساؤل الرئيسي عدة تساؤلات فرعية كالتالي:
- ما المقصود الدبلوماسية الرقمية؟ وكيف كان التطور التاريخي له؟
- ما هي آليات ووسائل الدبلوماسية الرقمية في تنفيذ السياسة الخارجية؟
- وما الموقف القانوني من الدبلوماسية الرقمية؟
- كيف أثرت الدبلوماسية الرقمية على السياسة الخارجية المغربية؟
- ما هي السيناريوهات المستقبلية للدبلوماسية الرقمية؟
الإطار المفاهيمي: .
الدبلوماسية الرقمية: هي امتداد الدبلوماسية التقليدية العامة في الاتصال بين الجهات الرسمية في الدول وتتميز الاتصالات وفقا نموذج الدبلوماسية الرقمية بان الاتصالات فيها مفتوحة ومباشره وتفاعليه وتؤسس على المديين المتوسط والطويل لخلق قوه الناعمة تخدم اهداف الدول وتوجهاتها الدولية.[1]
كما عرفها اندرياس ساندرين (المتخصص في شأن الدبلوماسية الرقمية): أنها مساحة تلتقي فيها التكنولوجيا والتقاليد حيث العقد والروابط تعد مكونات للشبكات تتجاوز رقابة الحكومات وتتفاعل ضمنها جميع الجهات الفاعلة فهي لا تمثل مجرد ممارسه بل تجسد روحا مستمده من الممارسات والقيم الثقافية المرتبطة بالتكنولوجيا نفسها.[2]
المفاهيم المرتبطة: –
- الدبلوماسية: هي فن تمثيل الحكومة ورعاية مصالح البلاد لدى الحكومات الأجنبية والسهر على ان تكون حقوق البلاد مصونه وكرامتها محترمه في الخارج واداره الاعمال الدولية بتوجيه المفاوضات السياسية ومتابعه مراحلها وفقا للتعليمات المرسومة والسعي للتطبيق القانون في العلاقات الدولية كيما تصبح المبادئ القانونية اساس التعامل بين الشعوب.[3]
- العلاقات الدولية: هي مجموعة من الأنشطة والتفاعلات والأفعال بين مختلف دول العالم، وعبر الحدود حيث ترتبط تلك الدول ارتباطًا وثيقًا بأمور الحياة الإنسانية، وتؤثر تأثيرًا مباشرًا على أمن العالم واستقراره.[4]
- السياسة الخارجية: هي الملائمة المستمرة بينما تسعى اليه الدولة وتحاول الحصول عليه من خلال الاخرين وما تتيحه معطيات الوضع الحالي القائم والظروف هذا الواقع.[5]
- القوة الناعمة (كما يعرفها جوزيف ناي في كتابه مفارقة القوة الأمريكية): هي في جوهرها قدره امه معينه على التأثير في امم اخرى وتوجيه خياراتها العامة وذلك استنادا الى جاذبيه نظامها الاجتماعي والثقافي ومنظومه قيمها ومؤسساتها بدل الاعتماد على الاكراه او التهديد.[6]
مناهج الدراسة: .
منهج صنع القرار: تشير عملية صنع القرار إلى اختيار البديل الأكثر قدرة على تحقيق أهداف السياسة الخارجية للدولة من بين البدائل المتاحة. ويركز منهج صنع القرار على المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي تقوم بصناعة واتخاذ القرار، والذي هو الأساس في عملية اتخاذ قرارات السياسة الخارجية في مختلف الظروف، ويعود ذلك إلى أن تحليل الموقف الخارجي بعد استقصائه الذي يعتمد على الكيفية التي يتم التعامل مع العوامل والمتغيرات ذات الصلة بالمواقف داخلية كانت أو خارجية. ومن ضمن تلك المتغيرات طبيعة السمات الشخصية والدوافع السياسية للقادة السياسيين في مؤسسات الدولة الذين يتولون مهمة تحديد أهداف السياسة الخارجية والوسائل التي يتم التعويل عليها لتحقيقها. بالتالي فإن لهذا المنهج القدرة على معرفة السعي من جانب القيادة السياسية للدول في الاعتماد على الدبلوماسية الرقمية والاعداد لها كأن تكون أحد أهم الأدوات الهادفة الى تحقيق مصالح السياسة الخارجية.
المنهج الوصفي التحليلي: يتم الاعتماد على هذا المنهج باعتباره يهدف إلى دراسة ظواهر بعينها عبر وصفها وتحليلها بشكل أكثر دقة، من خلال جمعه للبيانات والمعلومات وتحليلها وتفسيرها، بالتالي عند الاشارة إلى الدبلوماسية الرقمية ودراستها فان المنهج الوصف التحليلي يكون قادرا على وصف الأدوات والآليات التي يتم بواسطتها استخدام الدبلوماسية الرقمية وتحليلها وتفسيرها.
المنهج الاستشرافي: وهو المعني باستكشاف واستشراف المستقبل من خلال الاستناد إلى البيانات القديمة والحالية حتى تتسنى له وضع سيناريوهات مستقبلية قادره على إفادة البحث العلمي. وبالنظر الى الدبلوماسية الرقمية فمن خلال التطورات السريعة للتكنولوجيا من تدفق وزيادة للمعلومات وربط ذلك بمجال الدبلوماسية فان لهذا المنهج أن يساهم في تحليل الفرص المتوقعة للدبلوماسية الرقمية والتحديات التي قد تواجهها مستقبلا.
أهداف الدراسة: .
١_ التعرف على أسباب لجوء الدول إلى استخدام الدبلوماسية الرقمية.
2- مدى التأثيرات الإيجابية للدبلوماسية الرقمية على العلاقات الدولية إضافة إلى تعرف على شقها السلبي.
٣_ آليات وأساليب الدول في استخدام الدبلوماسية الرقمية والأدوار التي تضطلع بالقيام بها في تنفيذ السياسة الخارجية.
٤_ معرفة ما تأثير قيام دولة المغرب بالتعويل على دبلوماسية رقمية في علاقاتها الدولية.
٥_ محاولة تقديم رؤية استشرافية في المستقبل الدبلوماسية الرقمية.
أهمية الدراسة: .
تكمن أهمية الدراسة كونها تتناول في محورين أساسيين وهما:
الأهمية العلمية:
١_ كون المكتبة العربية المجال الأكاديمي يقل بهما نسبيا تناول الدبلوماسية رقمية، تأمل هذه الدراسة أن تكون مساهمة في إثراء البحث العلمي العربي.
٢_ تحقيق التأثير التراكمي المعرفي بشأن الدبلوماسية الرقمية.
٣_ معالجة التطورات التي تحدث في ميدان العلاقات الدولية بالتركيز على أهم مستحدثاتها وهي الدبلوماسية الرقمية.
٤_ الكشف- نسبيا- عن السيناريوهات المستقبلية بشأن الدبلوماسية الرقمية.
الأهمية العملية:
١_ التعرف على تأثير الرقمنة في صنع السياسة الخارجية ومساهمتها في اتجاه تحقيق أهداف السياسة الخارجية للدول.
٢_ الاستفادة من جانب المعاهد الدبلوماسية الوطنية لتأهيل الدبلوماسيين الجدد لتدريب على الدول مسايرة الرقمية، إضافة الى تدريب الدبلوماسيين المخضرمين في هذا الصدد.
٣_ اطلاع قيادات دولنا العربية على أحدث المستجدات في ميادين العلاقات الدولية واستخدام الدبلوماسية الرقمية بفعالية في تحقيق أهداف السياسة الخارجية ومصالحها.
٤_ لفت النظر إلى النماذج الناجحة في مجال الدبلوماسية الرقمية وما قادتها الى تحقيق نجاحات سياسية ووضع رؤى مستقبلية لتحقيقي أكبر الإنجازات في حقل الدبلوماسية الرقمية.
حدود الدراسة: .
الإطار الزماني: لم تحدد الدراسة زمنا معينا تكون الدراسة خلاله، لكن ما تريد الإشارة اليه أن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي في بداية الألفية الجديدة بدأ التعاطي والتفاعل معها، ولقد زادت الممارسة الرقمية للدبلوماسية بشكل كبير منذ منتصف العقد الثاني إلى مستقبل غير معلوم.
الإطار المكاني: ركزت الدراسة على وجه الخصوص على دولة المغرب الواقعة في شمال القارة الأفريقية، أيضا سلطت الضوء على مناطق مختلفة من العالم، كالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال.
تقسيم الدراسة: .
قُسمت الدراسة إلى ثلاثة فصول، حيث جاء في الفصل الأول المعنون بتأصيل نظري حول الدبلوماسية الرقمية، وتم تقسيم الفصل الأول إلى ثلاثة مباحث، أتى في المبحث الأول مفهوم الدبلوماسية الرقمية وأنواعها، والمبحث الثاني قدم تطورات الدبلوماسية وأسباب ظهور الدبلوماسية الرقمية، أما المبحث الثالث فتناول إيجابيات وسلبيات الدبلوماسية الرقمية.
الفصل الثاني، الذي كان بعنوان أثر الدبلوماسية الرقمية على السياسة الخارجية، وتم تقسيم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث، المبحث الأول جاء تحت عنوان آليات الدبلوماسية الرقمية، والمبحث الثاني بعنوان الجانب القانوني للدبلوماسية الرقمية، والمبحث الثالث الذي سُمي بدور الدبلوماسية الرقمية في السياسة الخارجية.
الفصل الثالث، الذي جاء عنوانه مقسم إلى قسمين هما تأثير الدبلوماسية الرقمية على الشاشة الخارجية المغربية، ورؤية مستقبلية للدبلوماسية الرقمية.
قسم هذا الفصل الى ثلاثة مباحث، فالمبحث الأول هو دوافع دولة المغرب في استخدام الدبلوماسية الرقمية، والمبحث الثاني الذي جاء بعنوان أثر الدبلوماسية الرقمية على السياسة الخارجية المغربية، أما المبحث الأخير الذي قُدم تحت عنوان مستقبل الدبلوماسية الرقمية.
الفصل الأول
تأصيل نظري لمفهوم الدبلوماسية الرقمية
يوضح الفصل الأول من البحث المفاهيم المختلفة للدبلوماسية الرقمية واهم أنواعها وكيفيه من الدبلوماسية التقليدية إلى الدبلوماسية الرقمية وارتباطها بالدبلوماسية العامة، وتحديد أهم أهداف الدبلوماسية، ويوضح أهم إيجابيات وسلبيات الدبلوماسية الرقمية.
المبحث الأول: الانتقال من الدبلوماسية التقليدية إلى الدبلوماسية العامة
المطلب الأول: الدبلوماسية التقليدية
تعرف الدبلوماسية بأنها الطريقة الأفضل التي تستخدمها الدول في توضيح أهداف سياساتها الخارجية، وتنسيق كافة جهودها؛ للتأثير على سلوكيات وقرارات الحكومات والشعوب الأخرى عن طريق الحوار والمفاوضات واستخدام أساليب الضغط وغيرها من الإجراءات الممثلة باستثناء استخدام أسلوب الحروب أو العنف، وتنمية حسن النية تجاه الدول والشعوب الأجنبية لضمان تعاونها معاها أو حيادها.[7]
تعد كلمة الدبلوماسية مشتقة من اللغة اليونانية من اسم Diploma”” والتي تعني الوثيقة التي تصدر عن أصحاب السلطة والرؤساء السياسيين في المدن وتمنح حاملها امتيازات معينة.
تم استخدام لفظ دبلوماسية في الأوراق والوثائق الرسمية، وتم إطلاق لفظ دبلوماسي على من ينوط بمهمة تمثيل دولته في الخارج أو العمل السياسي.
تم استخدام الدبلوماسية للتعبير عن إدارة العلاقات الدولية في نهاية القرن الثامن عشر عام 1796م، حيث أطلقت إنجلترا لفظ “Diplomacy” على ممثلي الدول الأجنبية اللذين يحملون كتب اعتماد من دولهم. أكسبت معاهدة فيينا عام 1815م كلمة الدبلوماسية قواعد خاصة ومراسم وتقاليد خاصة بها، حيث ظهرت كوادر دبلوماسية متخصصة ومتميزة عن غيرها من رجال السياسة.[8]
تعتبر الدبلوماسية التقليدية من أقدم صور العمل الدبلوماسي، وإحدى أدوات تنفيذ السياسة الخارجية، ووسيلة الاتصال الرئيسية بين الدول.
تعريف قاموس أكسفورد للدبلوماسية: هي إدارة العلاقات الدولية عن طريق المفاوضات والأسلوب الذي يستخدمها السفراء والمبعوثون لإدارة وتسوية هذه العلاقات، وهي وظيفة الدبلوماسي أو فنه.
عرفها ارنست ساتو: الدبلوماسية هي تطبيق الحيلة والذكاء في إدارة العلاقات الرسمية بين الحكومات الدول المستقلة.
عرفها شارل كالفو: الدبلوماسية هي علم العلاقات القائمة بين مختلف الدول التي تنشأ عن مصالح المتبادلة، وعن مبادئ القانون الدولي ونصوص المعاهدات والاتفاقيات التي تنشأ جامعة، وهي ضرورية للقيادة الشؤون العامة متابعة المفاوضات.
عرفها هنري كيسنجر بأنها: هي تكييف الاختلافات من خلال المفاوضات.[9]
عرفها سموحي فوق العادة بأنها: هي مجموعة القواعد والأعراف والمبادئ الدولية التي تهتم بتنظيم العلاقات القائمة بين الدول والمنظمات الدولية، والأصول الواجب إتباعها في تطبيق أحكام القانون الدولي، والتوفيق بين مصالح الدول المتباينة، وفن إجراء المفاوضات والاجتماعات والمؤتمرات الدولية، وعقد الاتفاقيات والمعاهدات”[10]
وصفها “معاوية بن أبي سفيان” بتعبير شديد الدقة عندما قال لو كان بيني وبين الناس شعرة لما انقطعت إذا أرخوها شددتها وإن شدوها أرخيتها.
يمكن التوصل إلى أن “الدبلوماسية: هي علم وفن إدارة العلاقات بين الأشخاص الدوليين عن طريق الممثلين الدبلوماسيين، ضمن ميدان العلاقات الخارجية للأشخاص الدوليين في إطار ما يقره القانون والعرف الدوليين”.
وأهم ما يميز الدبلوماسية التقليدية هو السرية والثنائية في المفاوضات.
وقد استمر هذا النوع من الدبلوماسية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث مع تطور وسائل الاتصالات والتكنولوجيا زاد اهتمام الدول في إقامة علاقات مباشرة مع الشعوب؛ مما انتج نوعًا جديدًا من الدبلوماسية سميت باسم “الدبلوماسية الشعبية أو الدبلوماسية العامة”.
المطلب الثاني: الدبلوماسية الشعبية أو الدبلوماسية العامة
الدبلوماسية الشعبية أو الدبلوماسية العامة فهي الدبلوماسية التي تسعى من خلالها الدول إلى إقامة علاقات مباشرة مع الشعوب، ولكن اختلف العلماء حول تحديد طبيعة هذه الوسائل التي يستخدمها الدبلوماسيين للتواصل مع الشعوب. فبعضهم ركز على دور وسائل الاتصال الجماهيري، أي وسائل الإعلام المختلفة في مخاطبة الجماهير، والبعض الآخر ركز على أن الدبلوماسية الشعبية لا يمكن أن تتم إلا من خلال دبلوماسيين شعبي يأتون من عموم الشعب؛ ليستطيعوا التواصل مع الشعوب وكسب الرضاء الشعبي وثقة الشعب.[11]
يعود استخدام الدبلوماسية العامة إلى عام 1965م، وقد ارتبط مصطلح الدبلوماسية العامة بالاتصالات أوقات الحروب.
عرف أندرليك الدبلوماسية العامة على أنها: هي عملية التأثير على الرأي العام؛ لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، أي هي عملية التأثير على الحكومات من خلال التأثير على مواطنيها عن طريق وسائل الإعلام.[12]
عرف مركز الدبلوماسية العامة بجامعة كاليفورنيا الدبلوماسية العامة على أنها: هي كل الطرق التي تستخدمها الدولة؛ للتأثير على آراء المواطنين في الدول الأجنبية.[13]
عرف هوفهمان الدبلوماسية الشعبية على أنها: هي الطرق التي تؤثر بها الحكومات والجماعات والأفراد بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر على الاتجاهات العامة والرأي العام، الذي بدوره يؤثر على قرارات السياسة الخارجية للدول.
مسارات الدبلوماسية:
تعددت مسارات الدبلوماسية، ومنها ما يلي :
- المسار الرسمي الذي يقوم بتغطية سبل الاتصال والتفاوض والتفاعل بين الحكومات والدول على مختلف الأصعدة الثنائية والإقليميه والدولية متعددة الأطراف.[14]
- المسار الغير رسمي الذي يقوم بتغطية سبل الاتصال والتعاون بين المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، وزادت أهميته وتأثيره منذ بداية التسعينات في القرن الماضي.
- مسار رجال الأعمال في القطاع الخاص والتعامل بين الشركات الخاصة والشركات متعددة الجنسيات.[15]
- مسار الاتصال والتفاعل بين الأفراد في المجالات الثقافية والعلمية والفنية والرياضية، عن طريق برامج التبادلات والأنشطة الثقافية المختلفة وشبكة الإنترنت.
- مسار تعاون وتفاعل وسائل الإعلام، عن طريق برامج التعريف بالآخر.[16]
أطلق كل من لويس ألماس Louis Almas وجون واكر ماكدونالد Johan Macdonald على كل هذا اسم الدبلوماسية متعددة المسارات أو الدبلوماسية العامة.
المبحث الثاني: تعريف الدبلوماسية الرقمية، وتحديد أهدافها.
المطلب الأول: الدبلوماسية الرقمية
مع تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وظهور تأثيرها على جميع المجالات فكان لابد من ترك بصماتها على الدبلوماسية ، فتطورت الدبلوماسية وظهر نوعًا جديدًا منها سمي باسم الدبلوماسية الرقمية، فاتجهت العديد من القادة السياسيين والدبلوماسيين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ لمخاطبة الشعوب، وإشراك المواطنين في كل ما يدور حولهم.[17]
شهد العقد الأول من القرن الـ21 ظهور الدبلوماسية العامة الرقمية ، حيث ظهر على الساحة بشكل فعال لأول مرة عام 2001م، ولكن يعتبر عام 2007م كان البداية الحقيقية لظهور الدبلوماسية الرقمية؛ حيث أطلقت وزارة الخارجية البريطانية أول مدونة رسمية في العالم، في سبتمبر 2007م، وتأسست في نفس العام سفارة السويد الافتراضية.[18]
عرفت وزارة الخارجية الفرنسية الدبلوماسية الرقمية على أنها: هي امتداد للدبلوماسية بمفهومها التقليدي وتستند للابتكارات وأنواع الاستعمال الناجمة عن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
تعريف فيرغاس هانسون للدبلوماسية الرقمية: هي إحدى استخدامات الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات؛ لتحقيق الأهداف الدبلوماسية المرجوة.[19]
عرفها ديف لويس على أنها: استخدام وسائل الاتصال الرقمية من قِبل الدبلوماسيين، للتواصل مع بعضهم البعض ومع عامة الناس.
عرفها مانور وسيجيف على أنها: هي الاستخدام المتزايد لمنصات وسائل الإعلام الاجتماعية من قبل الدول؛ من أجل تحقيق أهداف سياساتها الخارجية، وتحسين صورتها وسمعتها، وتوجد على مستوى وزارة خارجية الدول والسفارات الموجودة في دول العالم.
تعريف الحكومة الأمريكية للدبلوماسية الرقمية: هي استخدام الشبكات الاجتماعية في الدبلوماسية بهدف تسهيل التفاعل بين الدبلوماسيين مستخدمي الإنترنت في البلدان المضيفة.
عرفها فريق من الأكاديميين والمتخصصين بشؤون السياسية الخارجية والدبلوماسية بأنها: هي أحد فروع الدبلوماسية العامة، والتي تهدف إلى التواصل مع قطاعات واسعة من المجتمع في الدول الأجنبية بدلًا من النخب السياسية، كما تشير للاستخدام الواسع النطاق لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ووسائل الإعلام الجديدة الشبكات الاجتماعية والمنصات والمدونات والوسائط الأخرى على الإنترنت في مجال الدبلوماسية.
عرف هولمز الدبلوماسية الرقمية بأنها: هي استراتيجية إدارة التغيير من خلال الأدوات الرقمية والتعاون الافتراضي.
عرفتها وزارة الخارجية البريطانية على أنها: هي حل مشكلة السياسة الخارجية باستعمال الإنترنت.
حدد بن سكوت مستشار الابتكار لوزارة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون ثلاث مكونات الدبلوماسية الرقمية، وهي :
- الدبلوماسية العامة، بما فيها من منصات عبر الإنترنت.
- بناء الخبرة في سياسة التكنولوجيا وفهم طريقة تأثير الإنترنت على التطورات الوطنية، مثل الحركات السياسية.
- التأثير على سياسة التنمية، وكيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل أكثر فاعلية لتعزيز النمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.
فزادت أهمية تلك الدبلوماسية الرقمية في عالمنا الجديد الذي تلاشت فيه الحدود، وظهرت وترسخت فيه قيم العولمة، وأصبح العالم قرية كونية واحدة، فاعتمد القادة والزعماء السياسيين على وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر “Twitter”، وفيسبوك “Facebook” ، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي؛ للتواصل مع الشعوب وزيادة التأييد الشعبي لهم، ويعد “Twitter” من أهم مواقع التواصل الاجتماعي استخدامًا في عملية الدبلوماسية الرقمية، حيث أظهرت اختلافات آراء وجهات نظر الدبلوماسيين ما يسمى بـ “حروب الهاشتاج”، لذلك تبذل العديد من الحكومات مجهودات كبيرة؛ لتعزيز تواصلها مع الشعوب عبر موقع التواصل الاجتماعي، من خلال توفير الموارد المادية والبشرية في الاتصالات الرقمية الخاصة به، وتحقيق سرعة التكيف مع المشاهد المتغيرة للواقع الدولي.[20]
نتوصل في النهاية إلى أن الدبلوماسية الرقمية تعد امتدادًا الدبلوماسية العامة أو الدبلوماسية الشعبية والدبلوماسيات الأخرى بجميع أنواعها ، فهي تقوم على الاستغلال الأمثل لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعي؛ للتواصل مع الشعوب وتوضيح سياساتهم وحشد الجماهير حولهم.[21]
ومن أهم الأمثلة على نجاح الدبلوماسية الرقمية أنها لعبة دورًا أساسيًا في المفاوضات الإيرانية الأمريكية في مارس 2015م، حيث حرص جميع الأطراف على بث ما وصلت إليه المحادثات لحظة بلحظة، مثال آخر على نجاح الدبلوماسية الرقمية عام 2015م قامت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون باستخدام موقع “Twitter” كمنبر حصري لها، للإعلان عن ترشحها للانتخابات الرئاسية الأمريكية لسنة 2016م.[22]
المطلب الثاني: أهداف الدبلوماسية الرقمية
تعد الدبلوماسية الرقمية أداة مهمة من أدوات السياسة الخارجية للدول، خاصةً مع تزايد عدد مستخدمي الإنترنت، فزاد اهتمام الدول والفاعلين السياسيين من غير الدول بالدبلوماسية الرقمية؛ لتحقيق فوزهم وقوتهم وتأثيرهم في الشعوب؛ وبذلك تعددت أهداف الدبلوماسية الرقمية، ومنها :
- بناء علاقات صناعية قوية بين الدول، حيث تستخدم جميع حكومات العالم وسائل الإعلام الاجتماعية؛ لإقامة علاقات ثنائية قوية مع الحكومات والجماهير الأخرى، وتقوم الدول بتشجيع السفارات على استخدام استراتيجيات القوة الناعمة من أجل تحقيق ذلك الهدف.
- تخطيط السياسات للسماح بالأشراف الفعال التنسيق والتخطيط لسياسة الدولة عبر الحكومة.
- إدارة المعلومات تساعد في تجميع التدفق الهائل للمعلومات، واستخدامه لإعلام صنع السياسات بشكل أفضل، والمساعدة في توقع الحركات الاجتماعية والسياسية الناشئة، وكيفية الاستجابة لها.
- إدارة المعرفة، لتسخير المعرفة الإدارية وكامل المعرفة الحكومية واستخدمها على النحو الأمثل؛ لتحقيق المصالح الوطنية في الخارج.[23]
- الموارد الخارجية إنشاء آليات رقمية للإستفادة من الخبرات الخارجية، وتسخيرها للنهوض بالأهداف الوطنية.
- الاستجابة للكوارث، لتسخير قوة التقنية الرابطة في حالة الاستجابة للكوارث.
- الاتصالات والاستجابات القنصلية، لإنشاء قنوات اتصال شخصية مباشرة مع المواطنين الذين يسافرون إلى الخارج مع اتصالات يمكن التحكم فيها في حالات الأزمات.
- حرية الإنترنت، ابتكار تقنيات للحفاظ على حرية الإنترنت وانفتاحها.
- تعزيز حرية التعبير والديمقراطية، وتقويض الأنظمة الاستبدادية.
- اختراق مناطق النفوذ عن طريق الاستغلال الأمثل للإنترنت في التأثير على جماهير الدول المنافسة.
- مكافحة الحملات الإعلانية للدول المنافسة والدول الأعداء على الإنترنت.
- وجهة السياسي الثقافي الخارجية للدول عبر الشبكة الاجتماعية.
- دعم الحركات الشبابية.
- تشويه صور الدبلوماسيين الأعداء عن طريق إطلاق حملات ممنهجة ضدهم على الإنترنت.
- ترسل الدولة صورة صالحة عن نفسها للجمهور المستهدف سواء كان شعبها أو شعب دولة أجنبية.
قام “فيرغاس هانسون” بتحديد تقسيمة آخري خاصة بأهم أهداف الدبلوماسية الرقمية، فيما يلي :[24]
- تقويض الاستبداد والنظم الديكتاتورية، وتعزيز الديمقراطية وحرية التعبير، حيث أن التطور التكنولوجي الهائل أتاح للجميع استخدمها، والتعبير عن الرأي دون احتقار لهذه الوسائل من أي جهة كانت.
- الاستفادة من الخبرات والموارد البشرية، عن طريق إنشاء آليات رقمية للسفارات والقنصليات وتسخيرها للنهوض بالأهداف الوطنية.
- إغناء الاتصالات القنصلية مع الجمهور، وإنشاء قنوات اتصال شخصية مباشرة مع المواطنين المسافرين في الخارج، بحيث يمكن التواصل معهم في وقت الأزمات.
- تضافر الجهود بين دوائر الدولة كافة، لإدارة الموارد ذات العلاقة، وتسخير ثرواتها البشرية، بحيث يتم استخدامها بالطريقة المثلى لتحقيق المصالح الوطنية في الخارج وزيادة قوتها الناعمة.
- الحفاظ على التواصل مع الجماهير في العالم الافتراضي، وتسخير أدوات الاتصال الجديدة؛ للاستماع إلى الجمهور، والتواصل معه، والتأثير عليه باستخدام الرسائل الرئيسية للدول عبر الإنترنت.
- الاستفادة من تدفق المعلومات، واستخدامها في تحسين عملية وضع السياسات، والمساعدة على توقع الحركات الاجتماعية والسياسية الناشئة والاستجابة لها.[25]
المبحث الثالث: إيجابيات وسلبيات الدبلوماسية الرقمية.
المطلب الاول: إيجابيات الدبلوماسية الرقمية.
هناك عدة عوامل إيجابية لاستخدام الدبلوماسية الرقمية، وأبرزها الفرص التي تصنعها الدبلوماسية الرقمية لمشاركة صناع القرار وغيرهم في السياسات الخارجية، وتنفيذها ، ويمكن أن تساهم هذه العوامل في تغيير نمط سياسة الدولة ، وعلاقاتها الخارجية على المستوى الدولي، ومن هذه العوامل
_ القدرة على تعزيز الحوار الثنائي بين السياسيون والدبلوماسيون، وذلك من خلال توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين العلاقات بين الدول والعمل لأجل خدمة المصلحة الوطنية، ف دبلوماسية التقليدية ركزت على التفاعل بين الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين على الاتجاه العمودي في مخاطبة الجماهير، أو بمعنى آخر مخاطبة الجماهير عبر البث من جانب واحد.
_ تعزيز الشفافية وتغيير مفهوم السرية. حيث أسهمت الدبلوماسية الرقمية في وضع برامج محفزة للجمهور في نشر المعلومات، من خلال معرفة الجمهور أن نشر المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي يعمل على إعطاء هذه المعلومات أكبر قدر من الاهتمام، وذلك يغير من الاعتقاد التقليدي الذي يركز بشكل عام على أن قوة المعلومات والاهتمام بها في إخفائها واستعمالها بشكل سري ، ولكن غيرت الدبلوماسية الرقمية من ذلك من خلال التوصيل إلى الجمهور أن قوتها في وصولها إلى الجمهور والمجتمع بمصداقية وأكثر شفافية.[26]
_ تساهم الدبلوماسية الرقمية في تعزيز العلاقات الدولية. ويتمثل ذلك من خلال زيادة عدد الفاعلين من المسؤولين مع تطور التكنولوجي ، ومن هؤلاء الفاعلين المنظمات الغير حكومية، وجماعات الضغط ، وأشخاص من جميع أنحاء العالم ، وهذا ما أدى إلى تكثيف حجم التواصل ورفع مستوى التفاعل الدولي ، ومع هذا التطور لم يعد يعتمد العمل الدبلوماسي فقط على إرسال المبعوثين الدبلوماسيين.
_ تساهم أيضا الدبلوماسية الرقمية في زيادة رأس المال الاجتماعي للدولة ، ولذلك من خلال أنه كلما زاد استخدام الأفراد لوسائل التواصل الاجتماعي يساعد ذلك على نشر ثقافة الدولة بصورة أكبر خارجيا ، وذلك يتم عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك ، وزيادة رأس المال الاجتماعي تقوم هنا على عدد المتابعين لهذه الحسابات والصفحات الشخصية وزيادة عدد هؤلاء المتابعين يدل على نجاح الدبلوماسية الرقمية في جذب الجماهير.
_ بفعل الشبكات الاجتماعية الإلكترونية سواء على منصات التواصل الاجتماعي أو غيرها أصبحت العلاقات تفوق الدولة والدول الأخرى ،ولكنها توسعت هذه العلاقات لتشمل العلاقات بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني ، وذلك يتم من خلال التواصل معها للاستماع إليها وإلى تبادل الآراء مع الجمهور.
_ ومن مميزات الدبلوماسية الرقمية وقاص وسائل التواصل مثل الفيس بوك والتويتر والانستغرام على الحد من إهدار الوقت ، وذلك من خلال التواصل عبرها وتوفير وقت عقد القمم بين رؤساء الدول ، وسهلت على الدبلوماسي في عمله جامع المعلومات وتوصيلها إلى بلاده ، وإتاحة الفرصة له بالتدريب عبر الإنترنت ومتابعة الأحداث ، بل وعملت هذه المنصات على تأسيس سفارات افتراضية عبر الإنترنت في المناطق الخالية من الحضور الدبلوماسي ، أو التي لم ترسل إليها الدول المعتمدة أعضاء ممثلين عنها دبلوماسيا لسبب أو لآخر.
_ ومن أهم إيجابيات الدبلوماسية الرقمية أنها تمثل أداة من أدوات القوة الذكية وذلك يمكن الدولة من التأثير على المستوى الدولي، وذلك إذا تم استخدامها بالشكل الجيد وصحيح، وهذه القوة تعمل على خدمة أهداف الدولة وتوجهاتها الدولية.
_ الدعم السريع في حالات الطوارئ والأزمات: حيث تتيح الدبلوماسية الرقمية للدول تنسيق جهود الإغاثة وتوجيه المساعدات الإنسانية بشكل أسرع وأكثر كفاءة في حالات الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية، كما ساهمت في تطوير التواصل مثل ما حدث خلال فترة أزمة فيروس كورونا.
_ التعليم والتوعية: تستخدم الدبلوماسية الرقمية لنشر المعرفة والتوعية حول قضايا مثل حقوق الإنسان والبيئة والتنمية المستدامة، مما يزيد من التعاون الدولي في هذه المجالات.[27]
_ الدبلوماسية الرقمية ونشر الثقافة : تعمل الدبلوماسية الرقمية على استخدام الشبكات الاجتماعية والمنصات الرقمية لنشر المحتوى الثقافي والتواصل مع جماهير جديدة على نطاق أوسع وتوفير إمكانية الوصول إلى الموارد الثقافية وتنظيم الفعاليات الافتراضية والمؤتمرات وذلك يتيح للمشاركين من مختلف البلدان والثقافات الانضمام والمشاركة دون الحاجة إلى السفر.
المطلب الثاني: سلبيات الدبلوماسية الرقمية.
بالرغم من التطور الذي صاحب الدبلوماسية الرقمية في التكنولوجيا وتحويل العديد من العوامل التي كانت تستخدم في العمل الدبلوماسي إلى مواكبة هذا التطور، إلا أن هناك سلبيات وانتقادات وجهت للدبلوماسية الرقمية واستخدامها بين الدول والمجتمعات، ومن هذه السلبيات والانتقادات.
_ الدبلوماسية الرقمية تفتقر إلى لغة الدبلوماسيين المعتادة في التعامل المباشر أو بمعنى آخر تفتقر إلى اللغة الدبلوماسية في الدبلوماسية التقليدية.
_ من سلبيات الدبلوماسية الرقمية هو عدم القدرة على التراجع عن نشر أي مادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة التي تكون من النوع البصري التي قد تكون احتفظ بها الأشخاص بمجرد رفعها على وسائل التواصل الاجتماعي.[28]
_ تتميز الدبلوماسية الرقمية بعدم وجود قانون دولي ينظم عملها كما في الدبلوماسية العامة التي تنظمها اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية، وذلك قد يؤدي إلى أعمال التجسس والاختراق لحسابات مهمة تؤثر على أمن الدول.[29]
_ الإنترنت وإخفاء الهويات والاستهداف الرقمي: وذلك يتم من خلال إنشاء فضاء افتراضي من قبل الأشخاص للتفاعل بطريقة أكثر سهولة واختفاء أو بهويات مزيفة، وذلك يصعب تجسيد الدبلوماسية الرقمية لصعوبة الحفاظ على السرية وسهولة الاختراق باستمرار.
_ من أهم السلبيات للدبلوماسية الرقمية هي أنها تتيح تسهيلات ومزايا لصالح الجماعات الإرهابية في أعمالها سواء التعبئة والتجنيد أو التواصل بين الأعضاء، ويصدر الإشارة إلى أن تأسيس هذه الجماعات كانت نتيجة لاستقطاب أعضاءها عن طريق التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي.
بالرغم من إن التفاعل المرئي الخاص بالدبلوماسية الرقمية والخاضع للمساءلة، إلا أن ذلك يشير إلى نهاية التحكم الرسمي في الفضاء الافتراضي من قبل المؤسسات المتخصصة والحكومات، ويشير أيضا إلى وجود حرب معلومات وخاصة في ضغط العامة على الحكومات، وذلك يتطلب على الحكومات اتخاذ القرارات المناسبة وخاصة القرارات المتعلقة بالحروب، وذلك يفرق بين القادة المتسرعين والقادة هل أكثر وعيا في أنهم لا يتسرعون في اتخاذ القرار.[30]
_ وكما ذكرنا ان الدبلوماسية الرقمية تثير من قضايا التواصل الثقافي لأنها تفقد بعض التواصل البشري واللقاءات المباشرة التي تعزز التفاهم الثقافي والتعاطف السلمي بين الدول، والتفشي السريع للأزمات في بعض الأحيان، يمكن أن تؤدي الدبلوماسية الرقمية إلى انتشار الأزمات بسرعة شديدة وتفاقم الوضع بسبب الانتشار السريع للمعلومات وردود الفعل عبر الإنترنت.
ومن وجهة نظر الباحث أن الدبلوماسية الرقمية تتميز بالعديد من المميزات التي تمنح الدولة بعد التسهيلات وخاصة في التواصل مع ممثلين دبلوماسيين عنها في الخارج ، ولا يمنع ذلك من وجود العديد من السلبيات التي قد تعيق أعمل الدبلوماسية العامة للدولة خارجيا، ومن الجدير بالذكر أن الدبلوماسية الرقمية بغض النظر عن المزايا والعيوب، لا تكون بديلة للدبلوماسية العامة ولكنها بمثابة تكملة لها بهدف تسهيل العمل الدبلوماسي على القائمين به.
الفصل الثاني
أثر الدبلوماسية الرقمية على السياسة الخارجية
تعد الدبلوماسية وما شهدته من تطورات أداة مهمة لإدارة السياسة الخارجية وفي ظل التطورات المعلوماتية والتي كان لها دور في إنشاء دبلوماسية معاصرة أطلق عليها الدبلوماسية الرقمية هذا ما أتاح المجال أمام الدول لتعزيز مصالحها وإتاحة فضاء تفاعلي وإلغاء الاجتماعات واللقاءات المطولة التي عهدناها في ظل الدبلوماسية التقليدية ويعد هذا الأمر يصب في خدمة أهداف الدبلوماسية الرقمية والتي ندرجها ضمن هذا الفصل كذلك يتم إعمال الآليات الإلكترونية كأدوات لخدمة الدبلوماسية الرقمية ومن ثم خدمة السياسة الخارجية للدول.
وعلى الرغم مما اتصفت به الدبلوماسية الرقمية من أهمية بالغة إلا انها تواجه تحديات في الواقع الدولي وذلك يرجع لعدم وجود نص قانوني يؤطرها حيث أن عدم وجود نص قانوني دولي يعد إشكالية تواجه عمل الدبلوماسية الرقمية بالإضافة لغياب العادات والتقاليد التي يمكن أن تؤسس لعلاقات دولية متوازنة خاصة أمام بروز فاعلين من غير الدول يمارسون النشاط الدبلوماسي وهذا ما يجعل منهم عنصرًا مؤثرًا في العلاقات الدولية الدبلوماسية ويؤكد أن الدولة في ظل الظروف الراهنة لم تعد الفاعل الوحيد في العلاقات الدبلوماسية وهذا ما يجعلها عرضة للاستخدام من قبل الجماعات الإرهابية خدمة لمصالحها على حساب الدول.
كذلك تشمل الدبلوماسية الرقمية صعوبة اتخاذ قرار في بعض المواقف بسبب وجود أطراف كثيره في العمل الدبلوماسي حيث أصبح صانع القرار يراعي السرعة واعتماد وسائل الاتصال التي اعتبرت عامل ضغط في بعض الأحيان لاتخاذ قرار سريع بشأن قضية معينة وهذا يؤثر سلبًا على جوانب كثيرة ولذا يهتم هذا الفصل بتناول أهمية الدبلوماسية الرقمية كذلك القصور الذي يتم أثناء ممارستها والذي يتطلب إيجاد إطار قانوني ليسد هذه الفجوة وهذا القصور.
المبحث الاول: أهمية الدبلوماسية الرقمية:
أدت صعوبة الاتصال بالأساليب الدبلوماسية التقليدية إلى زيادة الاعتماد على الرقمنة وتوظيف شبكات الإنترنت ومنصات التواصل الدبلوماسي، وذلك يسمى بالدبلوماسية الرقمية ، واستطاعت العديد من الدول تعظيم قواتها من خلال ذلك ، وذلك ما يسمى بالقوى الإلكترونية ، وهي تعني توظيف وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات وشبكات الكمبيوتر وهدفها تحقيق أهداف الدولة في مختلف مجالاتها.
بالإضافة إلى أن العمل الدبلوماسي عبر التواصل الافتراضي وفر الكثير من الوقت الحقيقي وتساعد على تسهيل الاتصال وإتاحة المجال لاتخاذ إجراءات وقرارات في أوقات الأزمات، وهذه التقنية أخذت في التطور حتى عصر يعمل فيه الدبلوماسي بوسيلة اتصال محمولة في اليد.
وهكذا عملت العديد من الحكومات وخاصة وزارات الخارجية والمنظمات الدولية على استخدام تكنولوجيا الاتصال في الإدارات الدبلوماسية، وذلك من خلال عقد القمم والمؤتمرات عبر المواقع الافتراضية.[31]
دور الدبلوماسية الرقمية في التفاوض:
مع التطور الهائل في التكنولوجيا والسباق بين الدول في هذا المجال أصبحت المفاوضات والعلاقات الدولية تتم عن طريق الإنترنت وذلك ما يسمى بالدبلوماسية الرقمية ، وذلك يعد من إحدى وسائل العمل الدبلوماسي الجديد وتعتبر مفاوضات عبر الإنترنت هي تمهيدا للمفاوضات المباشرة والتي تتم عبر الواقع.
وتأتي أهمية الدبلوماسية الرقمية أو الإلكترونية في التفاوض بصورة كبيرة لأن التفاوض الشخصي المباشر تكون الانفعالات فيه غير مسيطر عليها وذلك قد يؤدي إلى إلغاء التفاوض على عكس التفاوض عبر الإنترنت، فالتفاوض عبر الإنترنت يمكن المتفاوض من كسب الوقت وامتصاص الغضب وذلك يمهد إلى نجاح التفاوض ، ولكن في الدبلوماسية الرقمية يصعب اتخاذ القرار بسبب كمية المعلومات الكبيرة ، و المتفاوض في اتخاذ القرار يلزم باتخاذ قرارات سريعة في وقت التفاوض ، وذلك يؤثر عليه بسبب عدم دقة هذه المعلومات.
أهمية الدبلوماسية الرقمية في وقت الأزمات.
_ الدبلوماسية الرقمية في ظل جائحة كورونا.
تأثرت السياسة الخارجية والعلاقات بين الدول حول العالم والمنظمات الدولية من وباء كورونا، وبأثر وتوقف العديد من الأعمال الدبلوماسية بين الدول، وألغي العديد من المؤتمرات ، وتوقفت المصانع وتوقف الاستيراد والتصدير إلى حد ما، وذلك أدى إلى التفكير وانتهاج واتباع طرق جديدة للتواصل بين الدول ومن أمثلة ذلك اتباع خاصية المؤتمرات عبر الإنترنت بالفيديو.
الدبلوماسية الرقمية المغربية ودورها في ظل جائحة كورونا.
عملت الدبلوماسية الرقمية المغربية خلال أزمة كوفيد 19 في المغرب على توظيف أكثر لتكنولوجيا الإنترنت من خلال مواصلة استراتيجية التواصل النشط سواء على موقع الوزارة أو على شبكات التواصل الاجتماعي كافة ، وعملت أيضا على توجيه منصات رقمية للبعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية والمنظمات الإقليمية والدولية المعتمدة بالمغرب ، وعملت على تحديث وتطوير مواقعها الإلكترونية ، وعملت أيضا خلال هذه الأزمة على تخصيص العمل الدبلوماسي على المواقع بثلاث لغات رئيسية وهي اللغة العربية والإنجليزية والفرنسية وأضافت اللغة الإسبانية مؤخرا.
ووظفت شبكات التواصل الاجتماعي في الرأي العام وذلك من خلال فيسبوك وانستجرام ويوتيوب للتواصل والاتصال مع الشعب وذلك للبحث في الأنشطة الدبلوماسية مع الرأي العام للأشخاص في المغرب والجالية المقيمة بالخارج.[32]
الدبلوماسية الإلكترونية أو الرقمية تعد أحد فروع الدبلوماسية العامة التي تعتمد على تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة ، وعلى وجه الخصوص شبكات التواصل الاجتماعي ، والتي تلعب دورا مهما وأساسيا في حشد المواطنين والرأي العام المحلي والرأي العام الدولي ، ولكن يشجر الإشارة بالرغم من أهمية الدبلوماسية الرقمية البالغة إلا أنها لا تعتبر بديلا عن الدبلوماسية العامة بل امتدادا لها بطريقة علمية وجديدة وبالأخص مفهوم القوة الناعمة وتعمل أيضا على توطيد العلاقات الدولية والتفاعلات الثقافية والاجتماعية.[33]
ويجدر الإشارة إلى أهمية الدبلوماسية الرقمية منذ عام 1992 ، والذي بدأت في هذا العام بإدخال البريد الإلكتروني واستخدام المواقع الإلكترونية من قبل المنظمات الدولية والدوائر الدبلوماسية.
حيث تم استخدام القوائم البريدية لأول مرة بهدف التنسيق للمفاوضات بين الدول، وتطورت هذه المؤسسات الإلكترونية إلى أن ساهمت في إجراء البحوث والتدريب ووصل ذلك إلى تدريب الآلاف من الدبلوماسيين على كيفية تأثير الإنترنت في الدبلوماسية التقليدية.
يمكن للدبلوماسية الإلكترونية أن تكون سلاحا مزدوجا على الساحة الدولية، وذلك لغياب الوعي واختلاف الشرائح الوطنية المستخدمة لهذه الدبلوماسيات وسلاح السباق في المعلومات ، ولكن الدبلوماسية الرقمية تأخذ كل هذا في الاعتبار، وتتمثل هذه المخاطر في القرصنة الإلكترونية ، وإخفاء هوية مستخدمي الإنترنت وتسرب المعلومات والاختراق وغيرها.[34]
أهمية الدبلوماسية الرقمية في تعزيز الأمن الجماعي
وذلك من خلال المعايير والأسس التي وضعتها الأمم المتحدة والتي تهدف إلى زيادة الوعي بأثر التحول الرقمي في المجتمع، وتهدف أيضا إلى ضمان مستقبل رقمي آمن وشامل للجميع مع مراعاة معايير حقوق الإنسان ، وعلى الصعيد الآخر توفر الدبلوماسية الرقمية قنوات جديدة من الفرص لحل المشاكل العالمية والمعاصرة وذلك يتم من خلال تمكين فرصة للمناقشات العالمية وذلك يساعد في تشكيل الرأي العام الدولي.
أهمية الدبلوماسية الرقمية في تعزيز وحدة المجتمعات العرقية.
وذلك من خلال من تحقيق التقارب بين جميع جوانب الحياة في الشعوب المختلفة وذلك بالنظر إلى أن العلاقات بين الشعوب تكون تارة تعاونية وتارة عدائية بشكل متبادل، هاهاها وعملت على لذلك الدبلوماسية الرقمية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وانستجرام وتويتر وغيرها من خلال تعزيز العلاقات الودية عبر هذه المنصات وذلك يساهم بحد كبير في حال المنازعات بأوراق سلمية للحفاظ على الاستقرار وتحقيق السلم والأمن.
من أهمية الدبلوماسية الرقمية أنها تعمل على تنسيق السياسات وتنفيذها ، بالإضافة إلى قدرة على الوصول إلى الجماهير وتحقيق أهداف قد تم تحديدها سابقا ، وتكون هذه الأهداف قابلة للقياس ، وذلك يتم من خلال امتلاك استراتيجية شاملة لكيفية استخدام أدوات الدبلوماسية الرقمية ، وذلك بالإضافة إلى رفع مستوى الوعي العام وتعزيز أمن الإنترنت أمرا ضروريا لمواجهة دون مخاطر منصات الشبكات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي ، وبالإضافة إلي القضاء على جذور التطرف والإرهاب التي لا تهدد الأمن القومي فقط بل تهدد الأمن والاستقرار الدوليين.
ويجدر الإشارة إلى أن الممارسة الدبلوماسية للدول، في وقتنا الحالي، تعمل على تفعيل الدبلوماسية الرقمية عبر دمج تكنولوجيا الارتباط بالشبكات الاجتماعية في الأليات المهنية للدبلوماسيين بما يخدم أهداف سياساتها الخارجية، فمن المهم لوزارات الخارجية أن تعمق التزامها باستخدام هذه التكنولوجيا، من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات منها اختيار الموظفين الذين يملكون لغات وثقافة المجتمعات المحلية التي يعملون داخل ترابها، وتدريب الدبلوماسيين قبل أن يتم ارسالهم للخارج على استخدام تكنولوجيا شبكات التواصل الاجتماعي، وتطوير مؤشرات نوعية وكمية لتقييم أداء الدبلوماسيين في مجال أنشطة الدبلوماسية الرقمية، وإنشاء جهاز للدبلوماسية الرقمية يتولى تطوير استراتيجية شاملة لها، بما يضمن التنسيق بين الأجهزة الحكومية وشبه الحكومية المعنية بتنفيذ الدبلوماسية الرقمية، لتحقيق الأهداف المنشودة.[35]
المبحث الثاني :- آليات وأهداف الدبلوماسية الرقمية
المطلب الأول :-آليات الدبلوماسية الرقمية
تعددت آليات الدبلوماسية الرقمية حيث يوجد عدة طرق لاستخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة في تعزيز المصالح والأهداف الدبلوماسية والقنصلية كذا السياسة الخارجية وقد شمل هذا التعدد وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة للسفارات الافتراضية والمواقع الإلكترونية وتعليم الدبلوماسيين عبر الإنترنت وفيما يلي ندرج آليات وأهداف الدبلوماسية الرقمية بمزيد من التفصيل
أولاً :-وسائل التواصل الاجتماعي
تعد وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية وتتمحور أهم الوسائل التي تدعم الدبلوماسية في التطبيقات الالكترونية (ك تويتر وفيسبوك ويوتيوب وماسنجر وانستغرام وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي وتعد وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة متنوعة من تطبيقات وتقنيات المنصات القائمة على الويب التي تمكن الفرد من التفاعل الاجتماعي عبر الانترنت ويمكن استخدامها لتصدير مجموعة من الأفكار أو السياسات أو إجراءات معينة وكما بدأنا الحديث بالإشارة لفيسبوك وتويتر نقوم باستتباعه للتنويه عن أولوية هذين التطبيقين استخدامًا وشيوعًا في السياسة الخارجية من قبل الدبلوماسيين والمسؤولين والقادة وقد أوضحت التقارير أن نحو ٩٧٪ من زعماء وحكومات الدول لها حسابات على تويتر و٩٣٪ من ١٧٩ دولة لديها حسابات على فيسبوك وحسب الإحصائيات بلغ عدد مستخدمي الإنترنت حول العالم أكثر من ٤ مليار شخص عام ٢٠١٨ م.
بينما بلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ٣,٢ مليار شخص في العام ذاته وقد احتل موقع تويتر وفقًا للإحصائيات المرتبة الأولى من بين مواقع التواصل الأكثر استخدامًا من قبل رؤساء الدول ووزراء خارجيتها بينما كان فيسبوك في المرتبة الثانية وانستغرام بالمرتبة الثالثة
ويعد الرئيس باراك أوباما أول رئيس دولة ينشئ حساب على تويتر في مارس عام ٢٠٠٧م مع حملته الرئاسية بينما يعتبر الرئيس ترامب الأكثر تأثيرًا على تويتر منذ توليه عام ٢٠١٧م حيث يعد من أكثر الزعماء السياسيين استخدامًا لمنصات التواصل الاجتماعي وقد استخدمها للإعلان عن مواقف و سياسات أو توجيه رسائل دبلوماسية أو تهديد الخصوم كما قام باستخدامها في عزل وتعيين وزراء وموظفي الحكومة.
ومن ضمن أبرز النشطاء الدبلوماسيين على تويتر هو جون كاسن السفير البريطاني لدى مصر سابقًا حيث يتابع حسابه على تويتر مليون متابع معظمهم من المصريين والعرب وتتسم تغريداته بالبساطة والتنوع وتهدف لتقديم صورة إيجابية عن المملكة المتحدة.[36]
ومن امثله تغريدات كاسن التغريده التي خاطب فيها اللاعب المصري محمد صلاح حيث طلب الاخير من المصريين التصويت له عبر موقع بي بي سي فرد السفير على موقعه بالتالي “بس كده أنت تؤمر يا أبو صلاح ومش هوصي الشعب المصري عايزين ١٠٠ مليون صوت مصري وأكثر من جماهير ليڤربول”.
وبهذه التغريده خاطب السفير البريطاني شريحة كبيرة من الشعب المصري وتوضح التغريده استخدام السفير اللهجة العامية المصرية وهي لهجة مبسطة أراد بها أن يخاطب المصريين في أكثر الموضوعات إشغالًا للمجال العام في الشارع وهي كره القدم.
ثانيًا :- السفارات الافتراضية
تتواجد السفارات الافتراضية بشكل غير مادي حيث تكون على الفضاء الالكتروني وتعد شكل من أشكال التمثيل الدبلوماسي للدول التي ترغب في إقامة وجود دبلوماسي لها في دول لا سفارة واقعية فيها أو عدم وجود علاقة دبلوماسية رسمية بين البلدين مثل إيران وامريكا ففي شهر أبريل من سنة ١٩٨٠م قطعت أمريكا علاقتها مع إيران إثر اقتحام السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز موظفيها كرهائن ومنذ ذلك الحين تمثل سويسرا الولايات المتحدة في طهران بينما تمثل باكستان إيران في واشنطن حيث يتم رعاية مصالح المواطنين عن طريق دولة ثالثه وفقًا للمادة السابعة من اتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية.
وفي بعض الحالات تُستخدم السفارات الافتراضية لاستكمال السفارات الموجودة على أرض الواقع وتعد جزر المالديف أول دولة تفتح سفارة افتراضية عام ٢٠٠٧ م ومن ثم السويد والدنمارك[37]
ثالثًا :- المواقع الإلكترونية
ينبثق عن وزارات الخارجية والبعثات الدبلوماسية مواقع إلكترونية يعرض عليها مجموعة واسعة من المعلومات ذات الصلة بالجمهور المستهدف في حالة المواقع الإلكترونية لوزارة الخارجية وعادة ما تحوي معلومات ذات علاقة بأهداف السياسة الخارجية للبلد وتتجه للأخبار الوطنية وأحيانًا تحوي قائمة بالعناوين والروابط لسفارات وقنصليات البلد في كافة أنحاء العالم وفي حالة المواقع الإلكترونية للبعثات الدبلوماسية فهي تتضمن أغراض البعثة وأهدافها والاتصالات المهمة والخدمات القنصلية المتاحة والمعلومات حول بلد البعثة الدبلوماسية.
رابعًا :- تعليم الدبلوماسية عبر الإنترنت
يشير تعليم الدبلوماسية عن بعد إلى استخدام أدوات التكنولوجيا من قبل مؤسسة Diplo وهي مؤسسة مكرسة لتحسين مهارات الدبلوماسيين من خلال التدريب والتعليم المنظمين حول القضايا الشائعة في الشؤون الدولية وغالبًا ما تحقق هذه الأهداف من خلال الدورات المرنة عبر الإنترنت والمدونات والندوات وتقدم المؤسسة فرص لوزارات الخارجية لتسجيل دبلوماسيا في بعض دوراتها عبر الإنترنت.
المطلب الثاني :-أهداف الدبلوماسية الرقمية
جاءت الدبلوماسية الرقمية لتواكب التغيرات والتطورات التكنولوجية التي طرأت في عالم اليوم حيث لم تصبح الدبلوماسية تقتصر على السفارات ووزارات الخارجية بالشكل التقليدي فقط بل تخطى ذلك لتصل لأن يصبح هناك دبلوماسية رقمية تواكب تواجد أغلب شعوب العالم وكذا حكوماتهم على المواقع الإلكترونية ولقد شهِدنا ذلك مسبقًا في الدبلوماسية الشعبية حيث يخاطب رئيس دولة ما شعب دولة أخرى من خلال التلفاز على سبيل المثال ووسائل التواصل المختلفة ولكن ما تميزت به الدبلوماسية الرقمية هو هيمنتها على مواقع الويب أو المواقع الإلكترونية بالإضافة لنشوء سفارات إلكترونية غير واقعية وبالتالي تم إيجاد سفراء رقميين في عدة دول في العالم كدولة الدنمارك التي عينت أول سفير رقمي عام ٢٠١٧ بينما تم إنشاء أول سفارة من قبل جزر المالديف عام ٢٠٠٧ م ويخدم هذا التطور الذي حدث على الدبلوماسية أهداف معينة نذكرها تباعًا.
أولًا :- تضافر الجهود بين أجهزة الدولة كافة لإدارة الموارد ذات العلاقة بالسياسة الخارجية وتسخير الثروات البشرية للإستفادة منها بالطرق المثلى لتحقيق المصالح الوطنية في الخارج وزيادة القوة الناعمة للدولة.
ثانيًا :- الحفاظ على التواصل مع الجماهير التي أضحت توجد في العالم الافتراضي بكثافة ومن ثم تسخير أدوات الاتصال الجديدة للإستماع للجمهور والتواصل معه والتأثير عليه
ثالثًا:-الإستفادة من التدفق الهائل للمعلومات واستخدامها في تحسين عملية وضع السياسات والمساعدة على توقع الحركات الاجتماعية والسياسات الناشئة والاستجابة لها.
رابعًا:- إنماء الاتصالات القنصلية مع الجمهور وإنشاء قنوات الإتصال الشخصية مباشرة مع المواطنين المسافرين خارج البلاد بحيث يمكنهم التواصل السريع في الأزمات
خامسًا :- تعزيز حرية التعبير والديمقراطية فضلاً عن إتاحة التكنولوجيا لجميع المواطنين دون احتكار وتسهيل الوصول للجهات الدبلوماسية.
سادسًا:- إنشاء آليات رقمية للاستفادة من الخبرات والموارد الخارجية وتسخيرها للنهوض بالأهداف الوطنية.[38]
واخيرا يتناول المبحث آليات وأهداف الدبلوماسية الرقمية كنموذج من نماذج الدبلوماسية المعاصرة وقد شملت الآليات السفارات الافتراضية كذلك المواقع الإلكترونية بالإضافة للسفراء الرقميين وغيرها كذلك شملت الأهداف إنماء الاتصالات القنصلية مع الجمهور وسهولة الوصول وقت الأزمات وتضافر جهود الدولة لإدارة موارد السياسة الخارجية كالسفارات والقنصليات وغيرها من الأهداف التي ترمي لتحقيقها الدبلوماسية الرقمية.
المبحث الثالث: الدبلوماسية الرقمية في ضوء اتفاقية ڤيينا.
يشمل هذا المبحث مناقشة الدبلوماسية الرقمية في ضوء نصوص إتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية ويرجع الإستناد للإتفاقية بسبب أهميتها حيث اتضحت هذه الأهمية في أنها اتفاقية موقعة من قبل ١٩١ دولة سنة ١٩٦١م بالإضافة لتحديدها ، للإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول مهما اختلفت دساتيرها، لذا تعد المرجعية الأهم في تبيان الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية، كما أتت على تحديد عدة مفاهيم منها الحصانة الدبلوماسية والعلاقات والامتيازات الممنوحة للبعثات الدبلوماسية، وحددت الإجراءات التي يجب اتباعها حتى في قطع العلاقات بين الدول والتعامل مع الدبلوماسيين في حالات الأزمات بين الدول، ومن خلالها نقيم ممارسة حدثت في إطار الدبلوماسية الرقمية ونشير هنا إلى السفارة الافتراضية الأمريكية في إيران.
والجدير بالذكر أن تصرفات بعض الدول المستخدمة للدبلوماسية الرقمية في علاقتها مع الدول الأخرى تخترق وتنتهك اتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية لعام ١٩٦١ وهي الاتفاقية الشاملة لكل قواعد القوانين الدبلوماسية وفيما يلي نقوم بعرض بعض المواد التي انتهكها ممارسات بعض الدول فيما يسمى بالدبلوماسية الرقمية لكي نحث الجهات المختصة بالقانون الدولي بوضع قانون دولي يحكم الدبلوماسية الرقمية ويراعي التطورات التي حدثت على الدبلوماسية والتي لا تشملها اتفاقيه ڤيينا فهذا المبحث يرمي إلى الحث على تطوير نصوص إتفاقية ڤيينا لتشمل مواد تختص بالدبلوماسية الرقمية وتحكمها بالإضافة لإيجاد قانون دولي يحكم التطورات التكنولوجية وما يستتبعها من إجراءات غير قانونية.
فعلى الرغم مما اتصفت به الدبلوماسية الرقمية من أهمية بالغة إلا انها تواجه تحديات في الواقع الدولي وذلك يرجع لعدم وجود نص قانوني يؤطرها حيث أن عدم وجود نص قانوني دولي يعد إشكالية تواجه عمل الدبلوماسية الرقمية بالإضافة لغياب العادات والتقاليد التي يمكن أن تؤسس لعلاقات دولية متوازنة خاصة أمام بروز فاعلين من غير الدول يمارسون النشاط الدبلوماسي وهذا ما يجعل منهم عنصرًا مؤثرًا في العلاقات الدولية الدبلوماسية.
ويؤكد أن الدولة في ظل الظروف الراهنة لم تعد الفاعل الوحيد في العلاقات الدبلوماسية وهذا ما يجعلها عرضة للاستخدام من قبل الجماعات الإرهابية خدمة لمصالحها على حساب الدول. كذلك تشمل الدبلوماسية الرقمية صعوبة اتخاذ قرار في بعض المواقف بسبب وجود أطراف كثيره في العمل الدبلوماسي حيث أصبح صانع القرار يراعي السرعة واعتماد وسائل الاتصال التي اعتبرت عامل ضغط في بعض الأحيان لاتخاذ قرار سريع بشأن قضية معينة وهذا يؤثر سلبًا على جوانب كثيرة.[39]
القرصنة:
التي ارتفع هاجسها بسبب التخوف من هجمات القرصنة الهادفة للاستيلاء على الحسابات الدبلوماسية الرقمية وذلك عن طريق الوصول لحسابات الرؤساء والسيطرة عليها لتحقيق أغراض معينة بالإضافة للاختراقات الإلكترونية للوثائق الدبلوماسية والتي يصبح لها تأثير على الشؤون الدولية وسمعة الدول كذلك يمكن أن يتم استخدام المواقع الإلكترونية بشكل غير صائب من قبل الدبلوماسيين ويؤكد الواقع أن بعض الدبلوماسيين غير قادرين على التعامل مع الدبلوماسية الرقمية والاستفادة من أدواتها مما يقتضي التطوير في هذا الجانب ولذا يجب وضع اطر قانونية وأنظمة رادعة لهذه الممارسات الغير قانونية الحديثة التي تتم جنبًا إلى جنب مع الدبلوماسية الرقمية أو من خلالها.
وفيما يلي نعرض أمثلة لانتهاكات الدول لقواعد إتفاقية ڤيينا باستخدامها الدبلوماسية الرقمية وذلك بسبب عدم اعتمادها على أطر حاكمة لها:
السفارة الافتراضية لأمريكا في إيران كنموذج للانتهاكات.
بداية يجب أن نشير إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران تم قطعها في شهر أبريل من عام ١٩٨٠ م وذلك إثر أزمة اقتحام السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز موظفيها ومنذ ذلك التاريخ تمثل سويسرا الولايات المتحدة في طهران بينما تمثل باكستان إيران في واشنطن وفي أواخر عام ٢٠١١ م أطلقت الولايات المتحدة سفارة افتراضية لها في إيران عام ٢٠١١م وهي صفحة على شبكة الإنترنت لتعزيز الحوار بين الولايات المتحدة والشعب الإيراني في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين فيما كانت تسميه بالدبلوماسية الإلكترونية وفي إطار ذلك فقد تم التساؤل من بعض المواطنين حول ملكية السفارة الافتراضية الأمريكية في طهران ، فتمت الإجابة على صفحة الموقع بالشكل التالي” هذا المكان للشعب الإيراني السفارة الافتراضية هي المصدر الرسمي الرئيس للشعب الإيراني للحصول على معلومات مباشرة من الحكومة الأمريكية حول السياسة والقيم والثقافة الأمريكية.
وتمت إضافة توضيح أن هذه المنصة ليست بدبلوماسية رسمية ولا تعتبر سفارة حقيقية للولايات المتحدة معتمدة لدى الحكومة الإيرانية ولكن في غياب الإتصال المباشر نأمل أن يكون بمثابة جسر بين الشعبين الأمريكي والإيرانية وقد صرحت وزارة الخارجية الأمريكية أن الموقع الإلكتروني للسفارة يهدف لكسر الستار الإلكتروني الذي يحاول النظام الإيراني فرضه على مواطنيه من خلال مراقبته الهواتف المحمولة والإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية.
وبمجرد تدشين الموقع قامت إيران بحجبه ولم يعد بالإمكان الدخول إلى موقع السفارة داخل إيران حيث يظهر على الموقع بالعبارة الفارسية “بموجب قوانين جرائم الكمبيوتر فإنه لا يمكن الدخول إلى هذا الموقع واتهمت إيران أمريكا بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلادها وبدورها ردت الولايات المتحدة في رسالة عبر الفيديو أعربت من خلاله هيلري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك عن أملها في أن تتيح هذه البوابة للأمريكيين والايرانيين التواصل بشكل منفتح وبدون خوف وحينها قال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني “يبدو أن الوزيرة اخطأت في التفرقة بين الدبلوماسية والدمى، فالدبلوماسية أمر حقيقي وليست أدوات للزينة ربما تستخدمها السيدة كلينتون للمكياج”.[40]
وبدوره ندد البيت الأبيض بقيام إيران بحجب موقع السفارة الافتراضية على الإنترنت وقال من خلال هذا العمل برهنت الحكومة الإيرانية مرة أخرى على إصرارها على بناء ستار إلكتروني من الرقابة حول شعبها وبالتالي تمنع إقامة علاقات ذات مغزى مع جزء كبير من المجتمع الإيراني فتحت هذه الحادثة بابًا واسعًا للجدل حول قانونية إطلاق سفارة افتراضية في الفضاء الإلكتروني في ظل عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين منذ عام ١٩٨٠م.
وأيضًا عدم توافق إنشاء السفارة الافتراضية مع بنود إتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام ١٩٦١م بشأن إقامة علاقات دبلوماسية خاصة المادة الثانية التي نصت على أن العلاقات الدبلوماسية تنشأ بين الدول وتوفد البعثات الدبلوماسية الدائمة بناء على اتفاقات الاتفاق المتبادل بينهما، حيث نظمت المادة الثانية من الفصل الخاص بالعلاقات القنصلية طريقه إنشاء العلاقات الدبلوماسية وقطعها وقد نصت على” أن إنشاء العلاقات القنصلية بين الدولتين يكون بالرضا المتبادل كما أن الموافقة المعطاة على إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين دولتين تتضمن ما لم ينص على خلاف ذلك الموافقة على إنشاء العلاقات القنصلية”.
كما أن قطع العلاقات الدبلوماسية لا يتضمن بصورة حتمية قطع العلاقات القنصلية ولكن هذا يتعارض مع الموقف الأمريكي تجاه إيران حيث يتم التمثيل القنصلي لأمريكا من قبل سويسرا حيث تعتني الأخيرة بشؤون المواطنين بدلاً من أمريكا فما حاجة الولايات المتحدة لانتهاك إتفاقية ڤيينا.
كما شملت هذه الحادثة انتهاكًا أيضًا لنص المادة الرابعة التي تُعنى بإنشاء البعثات القنصلية حيث “يجري إنشاء البعثة القنصلية في أراضي الدولة المضيفة بموافقة تلك الدولة حيث أن اختيار مركز البعثة ودرجتها وتحديد منطقتها يعود للدولة الموفدة ويخضع لموافقة الدولة المضيفة، وهذا ما انتهكته أمريكا حيث أنشأت سفارة افتراضية بدون العودة لإيران ومعرفة مدى توافقها مع هذا الفعل وبالرغم من أن السفارة الافتراضية لا تشغل حيز جغرافي إلا أنها تنتهك السيادة الإيرانية وتعتبر إختراق للأمن القومي الإيراني.
ووفقا للمادة السابعة من نص الاتفاقية فإن ممارسة الأعمال القنصلية يمكن أن تتم في دولة ثالثة حيث يجوز للدولة الموفده بعد إبلاغ الدولة المعنية تكليف بعثة قنصلية في دولة معنية بممارسه الأعمال القنصلية في دولة أخرى إلا إذا كان هناك اعتراض صريح من قبل إحدى الدول المعنية كما تشمل المادة الثامنة ممارسة الأعمال القنصلية بالنيابة عن دولة ثالثة بعد تبليغ الدولة المضيفة وفي حال عدم اعتراض الدول المعنية يجوز لبعثة الدولة الموفده ممارسة الأعمال القنصلية بالنيابة عن دولة ثالثة وهذا ما قامت به كلتا البلدين حيث هناك من يرعى الشئون القنصلية لرعاياهم فتقوم باكستان برعاية الشئون القنصلية للإيرانيين في أمريكا كما تقوم سويسرا بذات الشيء بدلاً من الولايات المتحدة ولذا لا يعد وجود سفارة رقمية أمرًا ضروريًا وحتى إن وجدت ضرورة.
وفقًا للمادة الرابعة من الاتفاقية لا يجوز تواجد التمثيل إلا بموافقة الدولة المستضيفة وهذا ما تدعمه المادة الثانية عشر التي تتعلق بالإجازة القنصلية حيث يمارس رئيس البعثة القنصلية أعماله بموجب ترخيص صادر عن الدولة المضيفة يدعى إجازة قنصلية بغض النظر عن شكل الترخيص وعملًا بالأحكام لا يجوز لرئيس البعثة القيام بواجباته القنصلية إلا بعد تسلمه الإجازة وهذا ما لم يحدث وبالرغم من عدم معرفة من يدير هذه السفارة الافتراضية أي من هو رئيس البعثة إلا أن الأمر مناقض لأحكام القانون الدولي الذي تنص عليه هذه الاتفاقية.[41]
والحري بنا أن نحث المعنيين بالقانون الدولي بالإضافة للفواعل الدولية العمل على تعديل نصوص الاتفاقية لتلاءم التطورات التكنولوجية وما آلت إليه الدبلوماسية الرقمية ووسائل التواصل حيث أن بعض الممارسات للدبلوماسية الرقمية تنتهك القواعد القانونية لاتفاقية ڤيينا فيجب العمل على إيجاد إطار حاكم لهذه الممارسات لسد القصور الناشئ عن الاتفاقية والممارسات الخاطئة من بعض الدول.[42]
واخيرا: تناول المبحث الانتهاكات والممارسات الخاطئة التي تتم في ضوء استخدام الدبلوماسية الرقمية وشمل هذا القرصنة الإلكترونية بالإضافة للسرعة في اتخاذ القرارات التي تستبعها أخطاء جوهرية في الدبلوماسية الحديثة كذلك تطرقنا للحديث عن حادثة السفارة الأمريكية الافتراضية بإيران كشكل من أشكال الانتهاكات الجسيم لاتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية وبذلك شمل المبحث بعض قواعد اتفاقية ڤيينا التي يمكن أن تنتهكها الدبلوماسية الرقمية ويدعو الباحث المعنيين بإيجاد تطوير على نصوص إتفاقية ڤيينا لمنع هذه الانتهاكات.
الفصل الثالث
تأثير الدبلوماسية الرقمية على الشاشة الخارجية المغربية
المبحث الاول: آثر الدبلوماسية الرقمية علي السياسة الخارجية المغربية.
حصلت المغرب عاي المركز الثالث بعد نيجريا وجنوب أفريقيا علي النطاق الإقليمي ، وفقا لتقرير الدبلوماسية الرقمية لسنة 2017 ، فالمغرب من الدول التي شهدت تحولا في استراتيجيتها في الفترة الأخيرة فإذا نظرنا سنجد أنها اتجهت اكثرا نحو الحكومة الإلكترونية والتحول الرقمي في معظم المجالات ، فعملت المغرب علي توظيف التكنولوجيا ووسائل التواصل لتحقيق أهدافها الخارجية ، حيث تم توظيفها في قضية الصحراء المغربية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات العالمية، لذا خصصنا هذا المبحث للحديث عن أثر الدبلوماسية الرقمية في تحقيق أهداف السياسة الخارجية المغربية أثناء جائحة كرونا ودور الدبلوماسية الرقمية في قضية الصحراء المغربية.
إذا نظرنا الي الدبلوماسية الرقمية فكل دولة لها طرق واستراتيجيات خاصة بها في استخدامها لتحقيق أهدافها ففرنسا انتهجت منذ عام 2009 سياسة خاصة فيما يخص الاتصال عبر الشبكات الاجتماعية، فتعتبر الوزارة الخارجية الفرنسية أول وزارة تفتح حسابا على تويتر، حيث تهتم الخارجية الفرنسية بشكل كبير بالنشاط الرقمي، وتهدف بشكل أساسي إلى ترويج صورة فرنسا ومن ثم الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية واللغوية والثقافية.
وتسعى أيضا إلى تحسين معرفة الجمهور بأنشطة الوزارة ومعرفة آرائهم لذا فهي تحدد جلسه تفاعلية علي تويتر كل شهر وهذا يوضح لنا مدي أهمية الدبلوماسية الرقمية بالنسبة لدولة فرنسا ودورها في تحقيق أهدافها وإذا نظرنا الي نموذج آخر إلا وهي الدنمارك تعد تجربة الدانمارك تجربة فريدة من نوعها في الدبلوماسية الرقمية، فقد قامت الدولة الدانماركية بتعيين أول سفير – كاسبر كلينغ لها لدى شبكات ما يسمى ب “الجمهوريات الافتراضية ، والتي تمثلها شركات التكنولوجيا، بما في ذلك تلك المتخصصة في صناعة تطبيقات الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي.
أما عن الولايات المتحدة الأمريكية وهي تعتبر رأس النظام الدولي فقد قامت فيها وزارة الخارجية بمبادرة القرن الواحد والعشرين للكفاءة السياسية بهدف تدريب الدبلوماسيين الأمريكيين وتشجيعهم على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لخلق حوار اجتماعي عالمي.[43]
أولا: الدبلوماسية الرقمية في تحقيق أهداف السياسة الخارجية المغربية أثناء جائحة كورونا:
في إطار استمرارية عمل الجهاز الدبلوماسي، ومشاركة المغرب في المحافل الدولية المختلفة في زمن الجائحة، شاهدنا مجموعة من الاتصالات التي أجراها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة ، لمناقشة مواجهة أزمة كرونا ولكن تم فتح ملفات سياسية وأخرى اقتصادية
ومنها اجتماع مجموعة الاتصال لحركة عدم الانحياز.[44]
في يوم الاثنين 4 يونيو 2020 عقد اجتماع قمة مجموعة الاتصال لحركة عدم الانحياز عبر تقنية “الفيديو” الهدف الأساسي منها هو التفكير في تحقيق التعاون المشترك، خصوصا في الأزمة العالمية الراهنة، وطرق مواجهة تداعياتها، إلا أن المغرب واجه في هذا الاجتماع إثارة الجزائر الموضوع الصحراء المغربية وفق تصورها المعادي لوحدة المملكة، اي لم يقتصر الاجتماع فقط علي مناقشة أزمة كرونا ولكنه توسع ليشمل أيضا الأمور السياسة ، والتي لم تستطع المغرب مناقشتها إن لم تستخدم الدبلوماسية الرقمية وايضا الاجتماع الوزاري الأول التي عقد في 12يونيو2020 للتحالف الدولي من أجل الساحل وشاركت المغرب في الاجتماع الوزاري الأول للتحالف الدولي من أجل الساحل، والذي اعتبر فيه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن منطقة الساحل تمثل بالنسبة للمغرب أكثر من مجرد فضاء جوار جغرافي، وإنها فضاء انتماء تاريخي وثقافي وسياسي وجيو – استراتيجي.
فضلا عن ذلك، علي الرغم من انتهاء ازمة كرونا وانتهاء فترة الانغلاق علي العالم ورجوع الأنشطة الدبلوماسية كما كانت إلا أن المغرب استمرت في التعويل علي الدبلوماسية الرقمية في تحقيق أهدافها وذلك يتماشى مع استراتيجية التحول الرقمي التي وضعتها المغرب حتي عام 2030 حيث أطلقت وزارة الاتصال في المغرب ، وبشراكة مع الهيئة الوطنية للشباب والديمقراطية، مشروع التأهيل الرقمي حول قضية الصحراء المغربية، وذلك لفائدة 16 منظمة شبابية حزبية بالإضافة الى إطلاق “بوابة الصحراء المغربية” التي تم إنجازها وفق آليات حديثة وآليات متقدمة ونوعية وبست لغات.[45]
ويهدف مشروع التأهيل الرقمي حول قضية الصحراء المغربية الذي دخل حيز التنفيذ بعد التوقيع على اتفاقية إطار للشراكة بين الوزارة والهيئة الوطنية للشباب والديمقراطي، إلى إرساء برنامج للتكوين في مجال الترافع الرقمي حول الوحدة الترابية للمملكة. ، وتعتبر البوابة عبارة عن منصة رقمية متعددة الوسائط لتقديم واقع وتاريخ وثقافة الصحراء للعالم، والتعريف بأوضاعها الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، واستعراض ما تحقق من مشاريع وبرامج هامة طيلة أربعين سنة.
وكل ذلك من أجل التعريف بقضية الصحراء المغربية عن طريق المعطيات والمنجزات التي تتحقق على أرض الواقع، وتعزيز أدوات الدفاع عن الوحدة الوطنية ومواجهة الخطابات ودحض الأطروحات المعادية. وتتوجه “بوابة الصحراء المغربية” إلى الرأي العام المغربي والدولي كفضاء إعلامي يجمع بين المعطيات التاريخية والجغرافية والأبحاث الأكاديمية والمعلومات الخبرية والعلمية والمقالات والدراسات والتقارير والتحقيقات، علاوة على تجميع الوثائق القانونية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية والتنموية والبيئية وتسعى البوابة أيضا إلى أن تكون مصدرا موثوقا لقضية الصحراء المغربية، وإطارا مرجعيا لتيسير الاطلاع على مختلف مناحي وجوانب ملف الصحراء بشكل موضوعي وصادق، وتقديم مضامينها بشكل يسهل تناوله والإلمام به من طرف الإعلاميين والباحثين والدبلوماسيين والمجتمع المدني، وعموم المتهمين بالملف وطنيا ودوليا.
وأبرز وزير الاتصال، أن التأهيل الرقمي للترافع يعتبر تجربة جديدة بالمغرب الهدف منها الانتقال إلى مرحلة جديدة في الترافع حول القضية الوطنية، وذلك انطلاقا من الوعي بالأهمية التي تكتسيها شبكة الإنترنت والشبكات الاجتماعية بشكل خاص.
ورغم التحول الذي شهدته المغرب نحو الدبلوماسية الرقمية إلا أنها مازالت تحتاج إلي مواكبة التطور التكنولوجي وتطوير آلياتها لتحقيق أهدافها الخارجية باستخدام الدبلوماسية الرقمية اي يجب أن تعمل علي تطوير المواقع الإلكترونية: يمكن للدبلوماسية الرقمية أن تستخدم المواقع الإلكترونية لتعزيز الشفافية وتوفير المعلومات الدقيقة والمحدثة عن سياسات الدولة ومواقفها الدبلوماسية. يمكن استخدام المواقع الإلكترونية أيضًا لتسهيل التواصل مع الجمهور وتلقي الملاحظات والاقتراحات.
استخدام وسائل الاتصال المتقدمة يمكن استخدام وسائل الاتصال المتقدمة مثل الفيديو كونفرانس والمكالمات الهاتفية عبر الإنترنت لتسهيل الحوار والمشاورات بين الدبلوماسيين، يمكن لهذه الوسائل أن تحاكي التواجد الشخصي وتعزز التواصل البشري عبر المسافات الجغرافية.
تحسين الأمن الرقمي: يجب أن يكون للدبلوماسية الرقمية نهج شامل لتحسين الأمن الرقمي وحماية المعلومات الحساسة. يجب توفير التدريب المناسب للدبلوماسيين حول كيفية التعامل مع التهديدات الأمنية الرقمية وحماية البيانات الدبلوماسية.
الإلكترونية والملفات الحكومية السرية: توسيع استخدام التقنيات الذكية يمكن استخدام التقنيات الذكية مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والتعلم الآلي في مجال الدبلوماسية، يمكن استخدام هذه التقنيات لتحليل البيانات الضخمة وتوقع الاتجاهات وتحليل النتائج وتوفير النصائح الاستراتيجية.
التعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني: يمكن للدبلوماسية الرقمية أن تستفيد من التعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني في تطوير وتعزيز قدراتها يمكن للشركات التكنولوجية تقديم الحلول والتقنيات الجديدة، في حين يمكن للمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأكاديمية تقديم البحوث والتحليلات والتوجيهات.[46]
تطوير المهارات الرقمية: يجب أن يكون للدبلوماسيين المهارات الرقمية اللازمة للتعامل مع التكنولوجيا الرقمية والاستفادة منها بشكل فعال. يجب توفير التدريب والتعليم المستمر لتطوير المهارات التقنية والقدرة على التواصل والتفاعل في البيئة الرقمية.
واخيرا: تحدث المبحث عن هدف كل دولة من استخدامها للدبلوماسية الرقمية وطريقة استخدامها مثال فرنسا والدنمارك والولايات المتحدة ، ثم انتقلنا الي الحديث عن المغرب وشاهدنا كيف استفادة المغرب من وسائل التواصل الاجتماعي والدبلوماسية الرقمية من خلال عقد المؤتمرات عبر تقنية الفيديو والتي لم تقتصر فقط علي تحقيق التعاون المشترك لمواجهة الأزمة بل تم فتح ملفات وقضايا سياسة وآخري اقتصادية، وعلي الرغم من انتهاء ازمة كرونا إلا أن المغرب ادركت أهمية الدبلوماسية الرقمية.
فبدأت بالتعويل عليها في أحد اطول النزاعات في القارة الأفريقية وهي قضية الصحراء المغربية، وعمت المغرب ل بوابة إلكترونية وقامت بتدريب الكوادر للقدرة علي المرافعة والدفاع عن القضية وعن مصلحة المغرب لتحقيق الاهداف المنشودة والتي تم بالفعل تحقيق مكاسب للمغرب في القضية علي الرغم من التحول التي حدث بالمغرب إلا أنها تحتاج إلي تطوير ادواتها والتعلم من التجارب الناجحة في استخدام الدبلوماسية الرقمية لتحقيق أكبر استفادة من التطور التكنولوجي ولمواكبة العصر.
المبحث الثاني: آثر الدبلوماسية الرقمية علي السياسة الخارجية
تُعرف السياسة الخارجية علي انها الأهداف والمبادئ والمرتكزات التي تضعها الدولة لنفسها وتسعي لتحقيقها وتعتبر الدبلوماسية أحد الادوات السلمية التي تعول عليها السياسة الخارجية من بين الادوات الأخرى كاستخدام القوة العسكرية والاقتصادية وغيرها من الأدوات بل تحظي الدبلوماسية بأهمية خاصة نظراً لدورها في تحقيق أهداف الدول بدون خسائر مالية أو عسكرية، وهناك أنواع متعددة من الدبلوماسية منها الثقافية والاقتصادية، و دبلوماسية الأزمات، ولكن تطور الدبلوماسية كأداة تم التعارف عليها لتحقيق أهداف السياسة الخارجي يرجع الي ما نشهده الان من تطور تكنولوجي وظهور الذكاء الاصطناعي ومازالت عجلة التطور مستمرة.
فظهر لدينا الدبلوماسية الرقمية نتيجة حتمية لهذا التطور الذي حدث فأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر، وفيسبوك لها أثر كبير علي الشعوب علي مستوي العالم، أصبحت كل دولة مكشوفه امام العالم، لم يبقي هناك ما يسمي بالحدود بين الدول، حيث ادي الي سرعة انتقال المعلومات كل ذلك كان له أثر كبير علي تطور الدبلوماسية التقليدية وظهور ما يسمي بالسفرات الافتراضية، والمؤتمرات التي تعقد عن بعد، وعلي طرق جمع المعلومات ومعايير اختيار ممثلين الدولة، وعملية التفاوض وكل ذلك كان له تأثير واضح علي عملية صنع القرار في السياسة الخارجية وسيتم توضيح مدي تأثير التطور التكنولوجي علي عملية الدبلوماسية كأحد ادوات السياسة الخارجية.
اولا عملية التمثيل.
إذ غير الإنترنت و تكنلوجيا ووسائل التواصل المعاصرة الطريقة التي تختار بها الحكومات اللاعبون الدبلوماسيون الممثلين للدولة وأهدافها من خلال تغيير الطريقة التي يتم اختيارهم بها وتدريبهم علي استخدام هذه الوسائل الحديثة وتدريبهم كيف يمكن التعامل معها.
تغيرت أيضا طريقة التواصل حيث غير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الطريقة التي يتواصل بها الدبلوماسيون من خلال تغيير قنوات الاتصال المتاحة مثل الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعية هذا بالإضافة إلى التغيير في سرعة الاتصال؛ إذ تغيرت السرعة التي يتم بها الاتصال والاختيارات التي يتم من خلالها علي سبيل المثال الخطوط الساخنة والمؤتمرات عن بعد والبريد الإلكتروني.[47]
ثانياً :عملية التفاوض.
تأثرت عملية التفاوض وكيفية إجرائها إثر التطور التقني الهائل من عدة أوجه؛ فبفضل الإنترنت يمكن للمفاوض الحصول بسهولة على كميات هائلة من معلومات حول الأطراف المقابلة، مثل: الخلفية السياسية والثقافية والاقتصادية والمؤشرات الإحصائية والعلاقات الخارجية والهياكل الداخلية، وكذلك المعلومات حول المفاوضين الرئيسيين والفريق التفاوضي خلفياتهم الشخصية وخبراتهم.
كما أن استكشاف الفضاء على الانترنت يساعد على سماع الرأي العام الداخلي والعلاقات في البلد المقابل مدونات عامة لكبار الشخصيات منتديات مناقشة للنخبة الفكرية المجلات والصحف على الانترنت، حيث ان مرحلة ما قبل المفاوضات تطلب الاتفاق بين الأطراف المعنية على جدول الأعمال والإجراءات، وكان ذلك يتم في الدبلوماسية التقليدية في الغالب من خلال مجموعة من الاجتماعات المباشرة وجها لوجه أما الآن يمكن إجراء بعض هذه اللقاءات إلكترونياً.
تغيرت أساليب استخدام الإنترنت خلال اجتماعات القمة العالمية للمجتمعات القمة وجعلت المفاوضات الدولية أكثر شمولاً وانفتاحاً من خلال مشاركة عدد متزايد من المجتمع المدني وممثلي قطاع الأعمال ،من جهة أخرى، أصبحت المفاوضات بفضل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سهلة.
وتبرز أهمية الدبلوماسية الرقمية أنه في الحالات التي تكون فيها الوساطة وجها لوجه غير ممكنة نتيجة للنزاعات التي تقوم بين الدول ويتم في هذه الحالة سحب البعثة الدبلوماسية ، يمكن أن تساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إن تخلق بيئة آمنة وغير تصادمية للحوار بين الجماعات المتحاربة، كما يعمل تبادل المعلومات كمفتاح لحل النزاعات والمصالحة فيمكن أن يكمل عمل دبلوماسية الوقائية.
وتلعب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دوراً مهماً عبر منصات وسائل الإعلام الرئيسة ووسائل الإعلام الجديدة دروا هاما فيكمن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لخلق الوعي والدعاية لمبادرات السياسات المعتمدة لمعالجة قضايا أساسية وإجراء مناقشات مفتوحة ،وتلقي ردود الفعل من الجمهور الداخلي والخارجي ومن المسؤولين.[48]
ثالثاً: جمع المعلومات
قديما كان يعتاني المفاوض من الحصول علي المعلومات والتي يجب أن يحصل عليها بطريقة رسمية ويجب أن يتعامل مع المسؤولين الرسميين للحصول علي المعلومة وكل ذلك كان يأخذ من الوقت والجهد والتكلفة ، ولكن توجد الآن وفرة في المعلومات بأشكال إلكترونية مختلفة، لكن الآن نتيجة لزيادة ووفرة المعلومات اصبحت الدبلوماسية تعاني من عدم القدرة علي مواكبة كل هذا التدفق الهائل من المعلومات ، ويجب علي الدبلوماسي التحقق من صحة ومعالجة المعلومات.
على مدى السنوات العشر الماضية، تحول الدبلوماسيون من الاعتماد على الداخل للحصول على المعلومات، إلى الاعتماد على المعلومات المتاحة خارج الخدمات الدبلوماسية، وبشكل رئيس على الإنترنت فقد أصبحت البيانات الضخمة المتاحة بكثرة نتيجة للتطور التكنلوجي أداة للدبلوماسية لجمع وتحليل ودمج البيانات الكبيرة في المفاوضات والتقارير والحماية القنصلية والأنشطة الدبلوماسية الأخرى، وتؤثر البيانات الضخمة على الوظائف الأساسية للدبلوماسية، لاسيما أربعة وظائف دبلوماسية رئيسة جمع المعلومات والتقارير الدبلوماسية والتفاوض والاتصالات والدبلوماسية العامة والشؤون القنصلية.
فمثلاً توفر رقمنة التقارير الدبلوماسية فرصاً جديدة للتحليل والاكتشاف، ووصل الأمر إلى أن ظهر مصطلح دبلوماسية البيانات ليدل على دمج مفاهيم علوم البيانات والتكنولوجيا والحوسبة مع العلوم الاجتماعية والعلاقات الدولية والمفاوضات الدبلوماسية.
ونتيجة لهذا التطور الذي طرأ علي الدبلوماسية والتي تؤثر علي السياسة الخارجية بشكل كبير حدثت أيضا تأثيرات علي السياسة الخارجية نتيجة لتطور الدبلوماسية، فأما عن آثار الدبلوماسية الرقمية علي صنع السياسة الخارجية فتتجلي في كل من:
- خدمة التوصيل: تؤثر الإنترنت على الخدمات التي يقدمها الدبلوماسيون ووزارات الخارجية، وعلى خدمات الإدارات المحلية والمؤسسات الخاصة. وقد قوضت الإنترنت التوزيع التقليدي للعمل الدبلوماسي، وسهلت الوصول إلى المعلومات، كما لجأت وزارات الخارجية والسفارات إلى تقديم الخدمات عبر الإنترنت.
- الأفكار: تعتبر الأفكار والقيم مهمة في صناعة السياسة الخارجية، وتدخل في نطاق ما يسميه جوزيف ناي بالقوة الناعمة”. واعتمدت الطريقة الدبلوماسية التقليدية في مناقشة قضية ما على إلقاء خطاب وزاري، أو نشر كتيب أو نقل الرسائل الرئيسية إلى الراديو والتليفزيون، ووسائل الإعلام المطبوعة، لكن اليوم يتم نشر هذه الخطب على المواقع الرسمية، حيث يتم الوصول إليها مباشرة لكل من يرغب في ذلك. وكثرت المدونات والمنتديات التفاعلية، حيث تُدار المناقشات السياسة مع إشراك خبراء بدلا من الوزراء والرسميين.
- الشبكات: إن إنشاء الشبكات المناسبة كمساحات للنقاش يشارك فيها أصحاب المصلحة وصانعو الرأي لمناقشة السياسة الداخلية، وممارسة التأثير على السياسة الخارجية. وتسمح الشبكات للدبلوماسيين ليس فقط جمع المعلومات الموثوقة لاتخاذ القرارات الصائبة، وإنما البحث عن طرق لكيفية ممارسة أقصى قدر من التأثير.[49]
واخيرا: بعد أن ناقشنا كيف تطورت الدبلوماسية نتيجة التطور التكنولوجي السريع وظهرت لدينا الدبلوماسية الرقمية يمكن تقسيم أثر الدبلوماسية الرقمية علي السياسة الخارجية الي أثرها علي عملية اتخاذ القرار وعلي دورها في تحقيق أهداف ومصلحة الوطنية للدول، لعبت الدبلوماسية الرقمية دوراً كبيراً في التأثير علي السياسة الخارجية من خلال التأثير علي الرأي العام عن طريق فتح مجال للنقاش بين المسؤولين والمواطنين حيث يلعب الرأي العام دوراً مهما في اتخاذ القرار السياسة الخارجية فهي أحد المحددات التي يعطي لها صانع القرار أهمية خاصة وتنتقل لنري تأثيرا اخر لتطور الدبلوماسية علي عملية صنع القرار، اثرت الدبلوماسية الرقمية علي الوظائف التي يقوم بها الدبلوماسي، من حيث عملية التواصل بين البعثة والمسؤولين في الدولة فقديما كان التواصل عملية شاقة حيث كانت تتم عن طريق ارسال التقارير بواسطة لوسائل التقليدية والتي كانت تأخذ وقتاً باهظا مما يؤخر عملية صنع القرار.
وبالتحديد وقت الازمات والتي تحتاج فيه الدولة اتخاذ قرار في اسرع وقت، وأثرت أيضا علي طبيعة ومصادر المعلومات التي يجمعها الدبلوماسيين لكتابة التقارير بكل ما يدور داخل الدولة من أحداث قد تكون مثيرة وهامة بالنسبة لمتخذي القرار عند اتخاذ قرار يخص هذه الدولة، أيضا نري تأثيرها علي عملية التفاوض والإجراءات اللازمة للوصول لآخر مرحلة وهي عملية التفاوض، فيمكن القول ان للدبلوماسية الرقمية دورا كبيرا في تسهيل عمل متخذي القرار في اي دولة فعملية جمع المعلومات اصبحت أسهل من قبل مما سهل عملية اتخاذ القرارات وخصوصاً في وقت الازمات.
واذا نظرنا الي الدبلوماسية الرقمية من منظور اخر وهو اثارها في تحقيق أهدافه ومصلحة الدول فمنذ ظهور الدبلوماسية الرقمية اتجه الكثير لتعويل عليها في تحقيق الاهداف المراد تحقيقها نظرا لدورها في توفير الوقت والتكلفة والجهد، ويرجع ذلك أيضا لمواكبة العصر وأصبح العالم كله متجها نحو الدبلوماسية الرقمية وخصوصا بعد جائحة كرونا عندما اصبح العالم كله منغلق علي نفسة فكان لابد الدبلوماسيين ان يقوم علي أعمالهم وتستمر عملية التعاون بين الدول وتوضيح وجهات النظر واستمرا الأنشطة الاقتصادية والثقافية المتبادلة بين الدول.
وكل ذلك من خلال استخدام التكنلوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي لتقريب وجهات النظر، والتأثير علي الشعوب وكسب تأييد ورضا الرأي العام سواء الداخلي والخارجي لتحقيق هدف معين، وفي رسم صورة ذاتية للدولة مثل تحديد أولوياتها وأهدافها ومبادئها، وذلك بغرض توصيل رسالة معينة أو لجذب الاستثمارات والسياحة لديها، تتسم في الحفاظ علي المن القومي ومواجهة الشائعات صبح هناك سفارات افتراضية لمتابعة كل ما يحدث حولها من مناقشة القضايا حول العالم، ومما سبق يمكن أن نستنتج أنه لا يمكن الاستغناء عن الدبلوماسية التقليدية بل تعتبر الدبلوماسية الرقمية مكملة لها وتعمل علي تسهيل عملية صنع واتخاذ وتنفيذ السياسية الخارجية للدول.
المبحث الثالث: مستقبل الدبلوماسية الرقمية
في البداية لم تكن أزمة كورونا البداية في اتجاه الدول إلى رقمنة الأنشطة الدبلوماسية والعمل بها، لقد كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير كقوة ناعمة انطلقت من الدول خاصة المتقدمة منها نحو تحسين دبلوماسيتها للعالم واستخدامها في تنفيذ عددا من أهداف سياستها الخارجية، لكن أزمة كورونا كانت الاختبار الفعلي والحقيقي الذي جعل الدول تتحول إلى رقمنة مجالات الدولة بشكل عام والدبلوماسية الرقمية بشكل خاص حتى تكون قادرة على مواكبة التغير الذي أصبح العالم بصدده وتستطيع تحقيق أهدافها الخارجية عبر الأنظمة الرقمية وأسدلت النقاب حول النظرة المستقبلية للدبلوماسية الرقمية، ولذلك فقد توسعت الدولة في تطوير دبلوماسيتها الرقمية حتى تكون باستطاعة على مسايرة سرعة العالم المتجه إلى مستقبل عنوانه الدبلوماسية الرقمية.[50]
لهذا، سنحاول تقديم رؤية مستقبليه للدبلوماسية الرقمية مع تناول أهم وظائفها وتسليط الضوء على أهم التحديات المستقبلية التي تواجهها، مع الأخذ بالاعتبار دبلوماسية المغرب الرقمية وما الرؤية المستقبلية تجاهها.
مستقبل الوظائف الدبلوماسية في عصر الرقمنة:
إن دخول تقنيات وسائل الاتصالات على الدبلوماسية له تأثير قوي على العملية الدبلوماسية برمتها، فالوظائف الدبلوماسية من جمع المعلومات وإدارة العملية التفاوضية بين الدول وبعضها جعل كل ذلك يعاد النظر فيه من قبل الدول.
١_ عملية التفاوض: لطالما كانت المفاوضات وسيلة دبلوماسية تستطيع عبرها الدول التواصل تفاعل مع بعضها لتحقيق الأهداف والمصالح بعيدا عن المواجهة وحتى في وقت الحرب تستمر الدول في الاعتماد على التفاوض الذي من شانه أن يحد من المواجهات المسلحة، الأمر الذي يحول دون استمرار الحرب بين الدولتين، مما يودي نهاية المطاف إلى وقف الحرب نهائيا والتفاوض بينهما، وكانت- المفاوضات اسلوبا فعالا- ولا تزال الناظمة للعملية الدبلوماسية بين الدول.[51]
ومع ثورة المعلومات والاتصالات، وتزايد تدفق المعلومات عبر الحدود فإن ذلك يؤدي بالدول حتى تستطيع أن تُبقى على عملية التفاوض أن تقوم بزيادة تمثيل دبلوماسيتها لدى الدول الأخرى لإدارة العملية التفاوضية. كما أنه في مجال آخر فإن الدول ستكون في مستقبل ليس بعيدا أن تتفاوض عبر أجهزه الكترونية على وجه الخصوص أثناء الذي الأزمات عندما لا يكون هناك وقت لذهاب قادة الدول إلى الدولة المعنية.[52]
٢_ جمع المعلومات: كانت أجهزه الدولة هي المعنية بتصدير المعلومات للإعلام والصحافة ثم العلم بها من جانب المواطنين، لكن هذا الوقت الذي نحن بصدده أصبحت الدولة ليست المتحكمة في المعلومات، فلقد أصبح لدى القاسي والداني أجهزه الكترونية قادرة على معرفة المعلومات من الموضوع المعني، فقد تواجدت مصادر للمعلومات واختلطت ما بين صحيحة ومضللة، فالدولة التي لم يكن بمقدورها تغيير من المعلومات الصحيحة وعملت على تصدير معلومات غير حقيقية سوف يتسبب ذلك في حدوث توترات دبلوماسية بين الدول.
ومثالا على ذلك تبني الرئيس الامريكي الرواية الإسرائيلية التي تزعم بقيام حركته حماس بقطع رؤوس 40 طفل إسرائيلي، فتم تناولها في الأوساط السياسية باعتبارها حقيقية، لكن بعد التأكد من ضلالتها، قام البيت الابيض بتقديم اعتذار لذلك فإن الجهة الرسمية تعمل على التدقيق بين المعلومات الصحيحة عن المعلومات الاكثر صحة حتى تكون مادة تستطيع خارجية الدولة أن تتفاوض بشأنها.[53]
3- التمثيل الدبلوماسي: تعد الوظيفة الأهم على الإطلاق فهي التي تقوم من خلالها المهمتين السابقتين من مفاوضات وجمع للمعلومات، فهي أساس ممارسة الدبلوماسية بين الدول عبر تداول كل دولة بعثتها الدبلوماسية للدول الأخرى. وتنظم العلاقات بين الدول عبر البروتوكولات الدبلوماسية التي تم النص عليها في معاهدة فيينا سنة 1961، وبالنظر إلى الوظيفة الدبلوماسية مع تطورات التكنولوجية والثورة المعلوماتية وما أحدثته من تأثيرات وتغييرات على العلاقات الدولية عموما والبعثات الدبلوماسية خصوصا، اصبحت الوظيفة الدبلوماسية رمزية باستثناء العامل البروتوكولي، فقادة المؤسسات داخل الدول من مخابرات ووزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية لهم الاستطاعة في التواصل مع رئيس البعثة الدبلوماسية عبر وسائل مختلفة عند الضرورة دون الحاجة الى عودة عودته إلى وطنه.[54]
الجدير بالذكر أن لكل بعثة دبلوماسية ذراع إعلامي يبرز المهام التي تضطلع البعثة بالقيام بها وانجازات قد توالت على تحقيقها إلا أن الإعلام البديل الذي قد يكون من جانب المواطنين أو وسائل الإعلام أخرى قد تكون في كثير من الأحيان ساعية نحو تحقيق تقدم صحفي وإعلامي على البعثة الدبلوماسية نفسها.[55]
التحديات التي تواجه مستقبل الدبلوماسية الرقمية:
١_ عدم وجود موارد بشرية مؤهلة ومتدربة على ممارسة الدبلوماسية الرقمية: فوجود القليل من الشراكات بين القطاعات العامة والخاصة المعنية بالإعلام الرقمي دون الأخرى، وأن التحدي الذي ينبثق من ذلك أن الجهات التابعة فقط لوزارة الخارجية الخاصة بكل دولة هي من لها تولي المهمة بخلاف بعض الدول لا تتشارك فيها أجهزة دولتها حتى يساهموا في توضيح قوة الدولة ورسم صورتها للجميع.
٢_صعوبة مجاراة بعض الدبلوماسيين لرقمنة السياسة: فالبعض في هذا المجال ليس قليل في حين تتقدم التكنولوجيا وتزداد فعاليتها وسرعتها في الحياة إلا أن هناك دبلوماسيين تقل لديهم الخبر في توظيفها في عملهم الدبلوماسي، وأن العديد من الدول وممثليها لم يستغلوا وسائل التواصل الاجتماعي ويستفيد من مقدراتها كالسفير السابق الإندونيسي، دينوباتي جلال، الذي يمتلك عددًا كبيرًا من المتابعين على تويتر لكن بعدم تفاعله وقلة تدويناته أصبح من سفراء الدول الأقل تأثيرا على مواقع التواصل.
٣_ التخوف من إثارة مشكلات سياسية: إن إقدام دبلوماسي ما على كتابة تدوينة على إحدى منصات التواصل الاجتماعي قد تحمل إيجابية لدولته وقد تنذر بمشكلة سياسية داخل أو خارج بلاده وإن أخطر المشكلات هي التي تكون مع دولة بها علاقات سياسية وطيدة، فتدوينة السفير الفرنسي لدى الولايات المتحدة الأمريكية جيرار أرنو، بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، كتب يقول: “عالم ينهار امام أعيننا”، وكانت لهذه التدوين أن تحدث نوعا من التوتر بين البلدين وخاصه مع انتخاب رأس حكومة جديدة، لولا أن قام بإلغاء تدوينته. وما كان تسريبات موقع وليس ببعيدة عن الدبلوماسية الرقمية وما تشكله من مستقبل حذر، فلقد تم نشر تسريبات لملفات السياسة الخارجية الأمريكية بين سفاراتها والخاصة بعلاقاتها الدولية وكان للجميع الاطلاع عليها، مثل هذا يكون هناك تخوف من رقمنة الدبلوماسية.[56]
أما وبالنسبة للنظر إلى مستقبل الدبلوماسية الرقمية المغربية فمن الواضح أن الدولة المغربية لا تزال تفتقر إلى الأدوات والوسائل التي تمكنها من مجاراة الدول التي كان لها السبق في رقمنة الدبلوماسية أو حتى أن مستوى التفاعل الشعبي مع منصات الدولة المغربية ووزارة الخارجية أو رئاسة الوزراء.
حتى يتسنى للمغرب أن تذهب الى مواكبة تطور التكنولوجيا السياسية فعليها أن تستفيد من الدول المتقدمة في جانب الدبلوماسية الرقمية وتنتفع من نجاحها وتطبيقها في مسار عملها كالدول الأوروبية أو بعض دول الشرق الاوسط كالسعودية او دولة الاحتلال الاسرائيلي، وتشجيع البحث العلمي في مجال التكنولوجيا الرقمية والدبلوماسية بها وتوسع الدولة المغربية في الإنفاق على تطوير شبكتها التكنولوجية، التأكيد على تدشين مراكز دبلوماسية رقميه مثل مركز التواصل الدولي السعودي الذي تعوّل عليه الحكومة السعودية لتنميه وتطوير دبلوماسيتها الرقمية.[57]
يتضح أن أسوأ الأمور بالنسبة للمملكة المغربية هو أن تُستخدم الوسائل الرقمية كوسيلة دبلوماسية يُستخدم عبر دبلوماسي الدولة في إثارة مشكلة سياسية وهي الخاصة بالصحراء الغربية مما قد يتسبب في توتر العلاقات وتذبذبها بينها وبين دولة الجزائر.
كذلك يجب الاستخدام الايجابي لها حتى لا تتحول هذه الأداة إلى نقمة على الدولة بدلا من كونها أداة قادرة على تحسين العلاقات مع الدول.
وختاما لهذا المبحث، إن لدول العالم- وخاصة الجنوبية منها- فرصة قوية في مثل في هذه الآونة لتطوير ديبلوماسياتها وجعلها مواكبة لظروف العصر وإعدادها المستقبلي عبره إدخال التكنولوجيا مجال الدبلوماسية وتنميتها وتجهيزها بالوسائل الحديثة لتكون قادرة على التعايش مع النسق الدولي الحالي والمستقبلي، والاستفادة من التجارب الناجحة التي كان لها المبادأة في هذا الناجحة المجال، ومواجهة التحديات التي تحول دون تطبيقها عبر وضع استراتيجيات وخطط قصيرة وطويلة المدى لتكون قادرة على مسايرة مستقبل الذي يتزايد اعتماد الدول على دبلوماسية رقمية قادرة على تحقيق أهداف سياستها الخارجية.
الخاتمة: .
وختاما لما تقدم، كان للثورة الهائلة في مجال المعلومات والتكنولوجيا تأثيرا كبيرا على الدبلوماسية التي اصبحت تعرفيه الرقمية نتيجة لامتزاجها بالمجال الرقمي، رفض حظيت باهتمام واسع في الاوساط العلمية والسياسية لكونها احدى اهم الادوات التي تعود عليها الدول في تنفيذي سياستها الخارجية. تليفونات الدولية عما كانت عليه في السارقة فأصبحت تدوينة على تويتر من جانب سياسي أو دبلوماسي في دوله ما قادره على تعزيز العلاقات السياسية الثنائية بين دولتين أو توترها، وكان لظهورها اتجاه الحكومات الى توسيع قنواتها في اداره ملفاتها الخارجية وتدعمها بكل الموارد اللازمة حتى تكون قادره على مواكبه سرعه التغيير في مجالات السياسة الخارجية ومن ضمنها الدبلوماسية.
كما وضحت الدراسة اعتنا دولة المغرب على الدبلوماسية الرقمية في تحقيق اهداف في سياستها الخارجية على وجه الخصوص في الصحراء الغربية، إضافة إلى توجه الدول نحو رقمنة الدبلوماسية مستقبلا. ولهذا، فإن الدراسة قد توصلت إلى عددٍ من النتائج وهي كالتالي :
١_ إن بعض ممارسات القادة للدبلوماسية الرقمية تنتهك القواعد القانونية لاتفاقية ڤيينا١٩٦١.
٢_ يجب العمل على إيجاد إطار حاكم للقصور الناشئ عن الاتفاقية والممارسات الخاطئة من بعض الدول.
٣_ أثرت الدبلوماسية الرقمية علي عملية صنع القرار في السياسة الخارجية فكان لتكنولوجيا المتطورة ووسائل التواصل الحديثة آثارها في تسريع وتسهيل عملية صنع القرار وتوفير الوقت والجهد المبذول.
٤_ استطاعت المغرب توظيف الدبلوماسية الرقمية في قضية الصحراء المغربية وتحقيق مكاسب ولكنها تحتاج إلي تطوير من آلياتها لتحقيق أهدافها ومصالحها الخارجية.
٥_ أثرت الدبلوماسية الرقمية على الوظائف الدبلوماسية من تفاوض وتداول للمعلومات وتمثيل دبلوماسي مما زادها سرعة في نشاطها مما جعل التمثيل الدبلوماسي كإحدى وظائفها في اتجاه إلى رمزيتها.
٦_ تواجه الدبلوماسية الرقمية عدة تحديات نحو تطبيقها المستقبلي ومن أهمها الاستخدام غير الصحيح من قبل الدبلوماسيين، إضافة إلى إصابة المواقع الإلكترونية بهجمات سيبرانية مما قد تتسبب في حدوث أزمات دولية.
٧_ لاتزال دولة المغرب في طور التحرك نحو رقمنة الدبلوماسية، إذ تواجهها عدة تحديات في التوسع لاستخدامها.
وقامت الدراسة بوضع مجموعة من التوصيات:
١_ الحري بنا أن نحث المعنيين بالقانون الدولي بالإضافة للفواعل الدولية العمل على تعديل نصوص الاتفاقية لتلاءم التطورات التكنولوجية وما آلت إليه الدبلوماسية الرقمية ووسائل التواصل.
٢_ يجب علي كل دولة انت تواكب العصر والاستفادة من التطور التكنولوجي والامكانيات الحديثة وتوظيفها في تحقيق أهداف السياسة الخارجية.
٣_ ضرورة مسايرة الدول العربية للواقع الدبلوماسي الذي امتزجت به التكنولوجيا، حتى تستطيع أن تحقق أهداف سياستها الخارجية بأدوات مختلفة.
٤_ أن تَقدُم الدول العربية والإسلامية على الاستفادة من التجارب التي كان لها السبق في نجاح الدبلوماسية الرقمية عبر تدعيم الحكومات المجالات الحكومية بشكل عام والدبلوماسية خاصة.
٥_أن تسعى الحكومة المغربية إلى توظيف الدبلوماسية الرقمية من خلال تعزيز أدواتها في إنجاح أهدافها الخارجية.
قائمة المراجع: .
اولا الكتب:
١_ د. آية محمود عبد الفتاح، الدبلوماسية الرقمية في العلاقات الدولية، دراسته في الدبلوماسية الرقمية الإسرائيلية تجاه المنطقة العربية، دار المعارف للنشر والتوزيع، ٢٠١٥.
ثانيا الاطروحات والرسائل العلمية:
٢_ عائشة بوعشيبة، خيرة ويفي، “الدبلوماسية الرقمية وبناء الصور الذهنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي: دراسة لبعض التجارب العالمية”، الجزائر، جامعة قسنطينة، المجلة الجزائرية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد03/العدد02، تم النشر في ديسمبر 2019م.
٣_ عبد العال، “الدبلوماسية الرقمية ومكانتها في السياسة الخارجية الفلسطينية “،جامعة بيرزيت، مركز تطوير الإعلام، سلسة أبحاث وسياسات الإعلام، تم النشر في 2018م.
٤_ طيايبة ساعد، مستقبل الممارسة الدبلوماسية في ظل العصر الرقمي، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه تخصص دبلوماسية، جامعة الجزائر- 3-، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، العام ٢٠١٧/٢٠١٨.
٥_ نورا جليل هاشم، “الدبلوماسية الرقمية ودورها في العلاقات الدولية: نماذج مختارة”، العراق، الجامعة المستنصرية، كلية العلوم السياسية، مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية/ العدد 18.
٦_ أحمد شيخو، “التكنوبلوماسية.. الدبلوماسية الرقمية أو الإلكترونية <<دارسة>>”، مركز العرب للأبحاث والدراسات، تم النشر في 13 يناير عام 2022م، متاح على: https://2u.pw/Gwz0Yvh
٧_ ورا جليل هاشم، “الدبلوماسية الرقمية ودورها في العلاقات الدولية: نماذج مختارة”، العراق، الجامعة المستنصرية، كلية العلوم السياسية، مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية/ العدد 18.
٨_طيايبة ساعد، مستقبل الممارسة الدبلوماسية في ظل العصر الرقمي، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه تخصص دبلوماسية، جامعة الجزائر- 3-، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، العام ٢٠١٧/٢٠١٨.
٩_ بوناب، کمال، الدبلوماسية الرقمية بين الوعد والتحديات، المركز العربي للبحوث والدراسات، دار المنظومة، سبتمبر، ٢٠٢٢.
ثالثا المجلات والدوريات العلمية:
١٠_ آلاء الحماصنة، “الدبلوماسية الرقمية وتأثيرها على السياسة الخارجية “العلاقات الأميركية الايرانية “نموذجًا”، الأكاديمية السورية الدولية للتدريب والتطوير.
١١_ سليمان صالح، “استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الدبلوماسية العامة”، جامعة القاهرة، متاح على: https://2u.pw/NkIzdU7
١٢_ “الدبلوماسية الرقمية ومكانتها في تنفيذ السياسات الخارجية المغربية”.
١٣_نورهان الشيخ، “نظرية العلاقات الدولية”، القاهرة: المكتب العربي للمعارف، الطبعة الأولى، لعام 2018م، ص19.
١٤_ اسماعيل صبري مقلد، السياسة الخارجية: الأصول النظرية والتطبيقات العملية، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، ٢٠١٣.
١٥_ خالد بن إبراهيم الرويتع، “الدبلوماسية العامة الرقمية والسياسية الخارجية”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولى، تم النشر في 29 نوفمبر 2013م، متاح على: https://2u.pw/to54p8
١٦_ طلال راشد سالم جمعان الحارثي، “التواصل الدبلوماسي في دولة الإمارات العربية المتحدة أمام تحدي ثورة المعلومات”، المجلة العربية للنشر العلمي، العدد الخامس عشر، تم النشر في 2 كانون الثاني 2020م، متاح على: https://2u.pw/2e6YXWV
١٧_ وساك، إسماعيل، “الدبلوماسية المغربية في زمن فيروس كورونا “، دار المنظومة، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، تم النشر في أكتوبر 2020م، متاح على: https://search.mandumah.com/Record/1139630
١٨_ عبد الله فودة، “الدبلوماسية الرقمية .. نظرة على المميزات والتحديات”، مجلة الدبلوماسية الدولية، نُشر في 4 مارس لعام 2023م، متاح على: https://2u.pw/BRYzWbi
١٩_ نورا جليل هاشم، “الدبلوماسية الرقمية ودورها في العلاقات الدولية: نماذج مختارة”، العراق، الجامعة المستنصرية، كلية العلوم السياسية، مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية/ العدد 18.
٢٠_ أحمد شيخو، “التكنوبلوماسية.. الدبلوماسية الرقمية أو الإلكترونية <<دارسة>>”، مركز العرب للأبحاث
٢١_ عبد الوهاب عبد الفضيل أحمد عبدالله، “الدبلوماسية الرقمية ودورها في مواجهة أزمة الإرهاب (السودان أنموذج)”، مجلة العلوم الإنسانية والطبيعية، تم النشر في 1 نوفمبر 2022م، متاح على: https://2u.pw/fgiRXb6
٢٢_ عائشة غنيمي، “الدبلوماسية الإلكترونية وضرورة التوعية العامة”، موقع السياسة الدولية، تم النشر في 16 فبراير عام 2021م، متاح على: https://2u.pw/18AbUf5
٢٣_ د. رامي لايقه، إيجابيات وسلبيات الدبلوماسية الرقمية، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية، دار المنظومة، لسنه ٢٠٢٣.
٢٤_ عبد الله فودة، الدبلوماسية الرقمية نظرة على المميزات والتحديات، مجلة الدبلوماسي الدولية، ٤ مارس ٢٠٢٣.
٢٥_ رشا عبدالوهاب، ثورة الدبلوماسية الرقمية، تحديات تواجه الحكومات، الأهرام، يوليو ٢٠١٥، العدد ٤٦٩٧٧.
٢٦_ د. وائل عبدالعال، الدبلوماسية الرقمية ومكانتها في السياسة الخارجية، جامعة بيروت، سلسلة أبحاث وسياسات الإعلام، مركز تطوير الإعلام، للعام ٢٠١٨.
٢٧_ محمد، احمد ابراهيم عبدالله، الدبلوماسية الرسمية الرقمية وأثرها في العالقات الدولية، مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي، العدد الأول مجلد 43 لسنة 2023.
٢٨_ آلاء الحماضة ، الدبلوماسية الرقمية وتأثيرها على السياسة الخارجية” العلاقات الأمريكية الإيرانية نموذجًا، الأكاديمية السورية الدولية، دمشق، ٢٠٢١.
٢٩_ وساك، إسماعيل، الدبلوماسية المغربية في زمن فيروس كورونا، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، دار المنظومة، أكتوبر، 2020.
٣٠_ محمد، احمد ابراهيم عبدالله، الدبلوماسية الرسمية الرقمية وأثرها في العالقات الدولية، مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي، العدد الأول مجلد 43 لسنة 2023.
٣١_ توليفه سامية، وظائف الدبلوماسية الرقمية في ظل أحكام القانون الدولي والتحديات الراهنة ، مجله دراسات البصرة ،عدد ٤٤ ، الجزائر، ٢٠٢٢.
٣٢_ آلاء الحماضة ، الدبلوماسية الرقمية وتأثيرها على السياسة الخارجية” العلاقات الأمريكية الإيرانية نموذجًا، الأكاديمية السورية الدولية، دمشق، ٢٠٢١.
٣٣_ إتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية ١٩٦١.
٣٤_ ناهض أبو حماد، الوظيفة الدبلوماسية في ظل التطورات المعاصرة ،مجلة شؤون دبلوماسية، ع ٥، ٢٠١٩، مرجع سابق.
٣٥_ ناهض أبو حماد، الوظيفة الدبلوماسية في ظل التطورات المعاصرة ،مجلة شؤون دبلوماسية، ع ٥، ٢٠١٩.
٣٦_ الصادق الفقيه العلاقات الدولية المتغيرة قضايا دبلوماسية القرن 21 مجلة مركز العلاقات الدولية، العدد الثامن 2017، ص 178
٣٧_ عبد الفتاح البلعمشي، ملامح الدبلوماسية المغربية خلال جائحة كوفيد 19 ،مركز تكامل للدراسات والابحاث، متاح على https://www.takamoul.org
٣٨_ لبني جصاص 1، دور الدبلوماسية الرقمية في تحرير الشعوب : دراسة في الحالتين الفلسطينية والصحراء الغربية، المجلة الجزائرية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مج3، ع3 ، 2019.
٣٩_ عائشة بوعشيبة، خيرة ويفي 2، الدبلوماسية الرقمية وبناء الصور الذهنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي: دراسة لبعض التجارب العالمية، المجلة الجزائرية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مج3، ع2 ،2019.
٤٠_ عنان، آية محمود، دار المنظومة، طبيعة دور الدبلوماسية الرقمية في السياسة العالمية، مج 52, ع1، 2024.http://search.mandumah.com/Record/1447676
٤١_ نوال مغزيلي، الدبلوماسية في ظل هيمنة الفضاء الإلكتروني : بين واقع الممارسة التقليدية وحتمية التوجه الرقمي، المجلة الجزائرية للأمن الإنساني، ٢٠٢١،مجلد ٦،ع ٢،ص ٤٤٩.
٤٢_ مصطفى عبد الحميد بخوش، مستقبل الدبلوماسية في ظل التحولات الدولية الراهنة، مجلة المفكر، ٢٠٠٨، العدد٣، ص ٩١.
٤٣_ البيت الأبيض يتراجع عن تصريح بايدن حول “قطع رؤوس الأطفال” (فيديو)، موقع RTعربي، نشر في 12.10.2023، متاح على الرابط: https://2u.pw/CNqub8A
٤٤_ د. العربي، الدبلوماسية الرقمية وتأثيراتها في العلاقات الدولية، لباب للدراسات الاستراتيجية والاعلامية، ٢٠٢١،عدد ١٠، ص 147.
٤٥_ باحث غير معلوم، الدبلوماسية الرقمية ومكانتها في تنفيذ السياسة الخارجية المغربية( ١)، متاحة علي موقع أكاديميا على الرابط: https://2u.pw/XuaRAmh .
[1]– صالح سليمان، وسائل الإعلام والدبلوماسية العامة، دار الفكر، القاهرة.
[2]– د. العربي العربي، الدبلوماسية الرقمية وتأثيراتها في العلاقات الدولية، لباب للدراسات الاستراتيجية والاعلامية، ٢٠٢١، عدد ١٠، ص ١٢٧.
[3]– سموحي فوق العادة، الدبلوماسية الحديثة، (دمشق، دار اليقظة، ١٩٧٣)، ص٣.
[4]-[4] نورهان الشيخ، “نظرية العلاقات الدولية”، القاهرة: المكتب العربي للمعارف، الطبعة الأولى، لعام 2018م، ص19.
[5]– اسماعيل صبري مقلد، السياسة الخارجية: الأصول النظرية والتطبيقات العملية، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، ٢٠١٣.
[6]– طيايبة ساعد، مستقبل الممارسة الدبلوماسية في ظل العصر الرقمي، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه تخصص دبلوماسية، جامعة الجزائر- 3-، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، العام ٢٠١٧/٢٠١٨.
[7]– أحمد عقيل عبد، “الدبلوماسية التقليدية والدبلوماسية الشعبية”، مركز رواق بغداد، تم النشر في 26 يوليو 2023م، متاح على: https://2u.pw/sDtWT79
[8]– آلاء الحماصنة، “الدبلوماسية الرقمية وتأثيرها على السياسة الخارجية “العلاقات الأميركية الايرانية “نموذجًا”، الأكاديمية السورية الدولية للتدريب والتطوير.
[9]– عائشة بوعشيبة، خيرة ويفي، “الدبلوماسية الرقمية وبناء الصور الذهنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي: دراسة لبعض التجارب العالمية”، الجزائر، جامعة قسنطينة، المجلة الجزائرية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد03/العدد02، تم النشر في ديسمبر 2019م.
[10]– نفس المرجع السابق.
[11]– سليمان صالح، “استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الدبلوماسية العامة”، جامعة القاهرة، متاح على: https://2u.pw/NkIzdU7
[11] “الدبلوماسية الرقمية ومكانتها في تنفيذ السياسات الخارجية المغربية”.[12]– آلاء الحماصنة، “الدبلوماسية الرقمية وتأثيرها على السياسة الخارجية “العلاقات الأميركية الايرانية “نموذجًا”، الأكاديمية السورية الدولية للتدريب والتطوير.
[13]– عبد العال، “الدبلوماسية الرقمية ومكانتها في السياسة الخارجية الفلسطينية “،جامعة بيرزيت، مركز تطوير الإعلام، سلسة أبحاث وسياسات الإعلام، تم النشر في 2018م.
[14]– ورا جليل هاشم، “الدبلوماسية الرقمية ودورها في العلاقات الدولية: نماذج مختارة”، العراق، الجامعة المستنصرية، كلية العلوم السياسية، مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية/ العدد 18.
[15]– الدبلوماسية الرقمية ومكانتها في تنفيذ السياسات الخارجية المغربية”.
[16]– وساك، إسماعيل، “الدبلوماسية المغربية في زمن فيروس كورونا “، دار المنظومة، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، تم النشر في أكتوبر 2020م، متاح على: https://search.mandumah.com/Record/1139630
[17]– عبد الله فودة، “الدبلوماسية الرقمية .. نظرة على المميزات والتحديات”، مجلة الدبلوماسية الدولية، نُشر في 4 مارس لعام 2023م، متاح على: https://2u.pw/BRYzWbi
[18]– خالد بن إبراهيم الرويتع، “الدبلوماسية العامة الرقمية والسياسية الخارجية”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولى، تم النشر في 29 نوفمبر 2013م، متاح على: https://2u.pw/to54p8
مرجع سابق، نورا جليل هاشم، “الدبلوماسية الرقمية ودورها في العلاقات الدولية: نماذج مختارة”، العراق، الجامعة المستنصرية، كلية العلوم السياسية، مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية/ العدد 18.
[19]– أحمد شيخو، “التكنوبلوماسية.. الدبلوماسية الرقمية أو الإلكترونية <<دارسة>>”، مركز العرب للأبحاث والدراسات، تم النشر في 13 يناير عام 2022م، متاح على: https://2u.pw/Gwz0Yvh
[20]– طلال راشد سالم جمعان الحارثي، “التواصل الدبلوماسي في دولة الإمارات العربية المتحدة أمام تحدي ثورة المعلومات”، المجلة العربية للنشر العلمي، العدد الخامس عشر، تم النشر في 2 كانون الثاني 2020م، متاح على: https://2u.pw/2e6YXWV
[21]– عبد الوهاب عبد الفضيل أحمد عبدالله، “الدبلوماسية الرقمية ودورها في مواجهة أزمة الإرهاب (السودان أنموذج)”، مجلة العلوم الإنسانية والطبيعية، تم النشر في 1 نوفمبر 2022م، متاح على: https://2u.pw/fgiRXb6
[22]– عائشة غنيمي، “الدبلوماسية الإلكترونية وضرورة التوعية العامة”، موقع السياسة الدولية، تم النشر في 16 فبراير عام 2021م، متاح على: https://2u.pw/18AbUf5
[23]– مرجع سابق، نورا جليل هاشم، “الدبلوماسية الرقمية ودورها في العلاقات الدولية: نماذج مختارة”، العراق، الجامعة المستنصرية، كلية العلوم السياسية، مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية/ العدد 18.
[24]– أحمد شيخو، “التكنوبلوماسية.. الدبلوماسية الرقمية أو الإلكترونية <<دارسة>>”، مركز العرب للأبحاث والدراسات، تم النشر في 13 يناير عام 2022م، متاح على: https://2u.pw/Gwz0Yvh
[25]– مرجع سابق، عائشة بوعشيبة، خيرة ويفي، “الدبلوماسية الرقمية وبناء الصور الذهنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي: دراسة لبعض التجارب العالمية”، الجزائر، جامعة قسنطينة، المجلة الجزائرية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد03/العدد02، تم النشر في ديسمبر 2019م.
[26]– د. رامي لايقه، إيجابيات وسلبيات الدبلوماسية الرقمية، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية، دار المنظومة، لسنه ٢٠٢٣.
[27]– عبد الله فودة، الدبلوماسية الرقمية نظرة على المميزات والتحديات، مجلة الدبلوماسي الدولية، ٤ مارس ٢٠٢٣.
[28]– رشا عبدالوهاب، ثورة الدبلوماسية الرقمية، تحديات تواجه الحكومات، الأهرام، يوليو ٢٠١٥، العدد ٤٦٩٧٧.
[29]– -بوناب، کمال، الدبلوماسية الرقمية بين الوعد والتحديات، المركز العربي للبحوث والدراسات، دار المنظومة، سبتمبر، ٢٠٢٢
[30]– د. وائل عبدالعال، الدبلوماسية الرقمية ومكانتها في السياسة الخارجية، جامعة بيروت، سلسلة أبحاث وسياسات الإعلام، مركز تطوير الإعلام، للعام ٢٠١٨.
[31]– د. آية محمود عبد الفتاح، الدبلوماسية الرقمية في العلاقات الدولية، دراسته في الدبلوماسية الرقمية الإسرائيلية تجاه المنطقة العربية، دار المعارف للنشر والتوزيع، ٢٠١٥.
[32]– وساك، إسماعيل، الدبلوماسية المغربية في زمن فيروس كورونا، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، دار المنظومة، أكتوبر، 2020.
[33]– محمد، احمد ابراهيم عبدالله، الدبلوماسية الرسمية الرقمية وأثرها في العالقات الدولية، مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي، العدد الأول مجلد 43 لسنة 2023.
[34]– محمد، احمد ابراهيم عبدالله، الدبلوماسية الرسمية الرقمية وأثرها في العالقات الدولية، مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي، العدد الأول مجلد 43 لسنة 2023، مرجع سابق.
[35]– المرجع السابق نفسه.
[36]– آلاء الحماضة ، الدبلوماسية الرقمية وتأثيرها على السياسة الخارجية” العلاقات الأمريكية الإيرانية نموذجًا، الأكاديمية السورية الدولية، دمشق، ٢٠٢١.
[37]– آلاء الحماضة ، الدبلوماسية الرقمية وتأثيرها على السياسة الخارجية” العلاقات الأمريكية الإيرانية نموذجًا، الأكاديمية السورية الدولية، دمشق، ٢٠٢١.
[38]– محمد حامد، محمد أحمد ابراهيم، الدبلوماسية الرقمية وأثرها في العلاقات الدولية، مجله اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي ، عدد خاص،٢٠٢٣.
[39]– توليفه سامية، وظائف الدبلوماسية الرقمية في ظل أحكام القانون الدولي والتحديات الراهنة ، مجله دراسات البصرة ،عدد ٤٤ ، الجزائر، ٢٠٢٢.
[40]– ناهض أبو حماد، الوظيفة الدبلوماسية في ظل التطورات المعاصرة ،مجلة شؤون دبلوماسية، ع ٥، ٢٠١٩.
[41]– إتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية ١٩٦١.
[42]– ناهض أبو حماد، الوظيفة الدبلوماسية في ظل التطورات المعاصرة ،مجلة شؤون دبلوماسية، ع ٥، ٢٠١٩، مرجع سابق.
[43]– الصادق الفقيه العلاقات الدولية المتغيرة قضايا دبلوماسية القرن 21 مجلة مركز العلاقات الدولية، العدد الثامن 2017، ص 178
[44]– عبد الفتاح البلعمشي، ملامح الدبلوماسية المغربية خلال جائحة كوفيد 19 ،مركز تكامل للدراسات والابحاث،
[45]– لبني جصاص 1، دور الدبلوماسية الرقمية في تحرير الشعوب : دراسة في الحالتين الفلسطينية والصحراء الغربية، المجلة الجزائرية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مج3، ع3 ، 2019.
[46]– عائشة بوعشيبة، خيرة ويفي 2، الدبلوماسية الرقمية وبناء الصور الذهنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي: دراسة لبعض التجارب العالمية، المجلة الجزائرية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مج3، ع2 ،2019.
[47]– عنان، آية محمود، دار المنظومة، طبيعة دور الدبلوماسية الرقمية في السياسة العالمية، مج 52, ع1، 2024
http://search.mandumah.com/Record/1447676
[48]– المرجع السابق نفسه.
[49]– أبو حماد، ناهض، دار المنظومة، الوظيفة الدبلوماسية في ظل التطورات المعاصرة، 4,5 3 مج، يوليو ،2019.
[50]– نوال مغزيلي، الدبلوماسية في ظل هيمنة الفضاء الإلكتروني : بين واقع الممارسة التقليدية وحتمية التوجه الرقمي، المجلة الجزائرية للأمن الإنساني، ٢٠٢١،مجلد ٦،ع ٢،ص ٤٤٩.
[51]– طيايبة ساعد، مستقبل الممارسة الدبلوماسية في ظل العصر الرقمي، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه تخصص دبلوماسية، جامعة الجزائر- 3-، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، العام ٢٠١٧/٢٠١٨.
[52]– مصطفى عبد الحميد بخوش، مستقبل الدبلوماسية في ظل التحولات الدولية الراهنة، مجلة المفكر، ٢٠٠٨، العدد٣، ص ٩١.
[53]– البيت الأبيض يتراجع عن تصريح بايدن حول “قطع رؤوس الأطفال” (فيديو)، موقع RTعربي، نشر في 12.10.2023، متاح على الرابط: https://2u.pw/CNqub8A
[54]– طيايبة ساعد، مستقبل الممارسة الدبلوماسية في ظل العصر الرقمي، مرجع سابق.
[55]– نوال مغزيلي، مرجع سابق.
[56]– د. العربي العربي، الدبلوماسية الرقمية وتأثيراتها في العلاقات الدولية، لباب للدراسات الاستراتيجية والاعلامية، ٢٠٢١،عدد ١٠، ص 147.
[57]– باحث غير معلوم، الدبلوماسية الرقمية ومكانتها في تنفيذ السياسة الخارجية المغربية( ١)، متاحة علي موقع أكاديميا على الرابط: https://2u.pw/XuaRAmh.