تحديات التعايش الديني في الدول ذات الأقليات المسلمة الكبرى في القارة الإفريقية
اعداد : محمد بوي صو – جمهورية غينيا، وباحث دكتوراه بمؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط.
- المركز الديمقراطي العربي
ملخص :
يعتبر هذا البحث لمحة استكشافية علمية عن حالة التعايش الديني في الدول الإفريقية ذات الأقليات المسلمة الكبرى، وفي دولة أفريقيا الوسطى على وجه الخصوص. بيانا لمفهومي التعايش والأقليّة الدينية، وبحثا عن حالة الأقليّة الإسلامية في بعض بلدان وسط أفريقيا، وعن عوامل التوتّر الديني فيها، وبوعث الاختناق الاجتماعي، والاحتراب المجتمعي الناهض للتعايش الحضاري والديني. ثم الكشف عن المبادرات الوطنية والدولية الساعية إلى صناعة مجتمع السلام الدائم في المنطقة، واقتراح بعض النُهج الفكرية النموذجية القابلة للقياس. واستنباط التلاحم القائم على أساس فكرة المواطنة ومفهوم التعددية البانية لثقافة المعايشة؛ وتعزيز العيش المشترك تحت سقف من الاحترام الكلي والموازنة بين مجالي العام والخاص.
التوطئة
إن القارة الإفريقية في ظل ما تشهده العولمة المعاصرة؛ تعتبر من أكبر القارات اكتظاظا بالتنوع في جميع المجالات الدينية، والثقافية، والعرقية، واللغوية. وهذا التنوع سمة إلهية، ووهبة ربانية فطرية على القارة. إلا وأن الاندفاع الإنساني قد يحوّل كل ميزة إلى قالب من التنافسية والأنانية المشحونة بالعاطفة المؤدية إلى الصراع والتناحر والانقسامات بين المجتمعات وداخل الشعوب. فلذا تصبح الحاجة ملحّة في البحث عن مفهوم قيمي ابستيمي يحفظ هذا التنوع، ويتعيّن تعميمه بعد كشف عميق في مقولات الحضارة الإفريقية وثقافتها البينذاتية اللاصقة بالقيم الدينية.
ولقد عرفت القارة الإفريقية التعددية الدينية مذ لحظة ظهور تلك الأديان في أول عهدها، فكان مصر مهجر يوسف ويعقوب، ومولد موسى، ومهجر عيسى ووالدته[1] ثم بعض أتباع عيسى من بعده عليهم السلام. وهو كذلك موطن الإسلام في القرن الأول الهجري. وكانت الحبشة أوّل مهجر للمسلمين في بدايات الوحي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كما أصبحت شمال إفريقيا وخاصة المغرب ملجأ آمنا لليهود بعد الاضطهاد الصليبي في الأندلس.
ولا يخفى كذلك أن القارة الإفريقية السوداء كانت مكتنفة لمقاربة عقدية وثنية في العصور المظلمة ما قبل حلول الأديان التوحيدية. حيث كان الاعتقاد بوجود قوى غيبية حيوية تعم الأحياء والأموات وتدور في الطبيعة بأجمعها فتسري فيها سريان الكهرباء في الأسلاك ويربط بينها بشكل كلي منتظم أمرا بدهيا. باعتبارها طاقات موزعة بين الحيوانات والنباتات والأشياء التي تعمّر أرجاء الطبيعة، والكائنات التي فوق الطبيعة. ووظيفتها أن تصون كيان الجسم الذي يحملها، ومظاهرها لدى الإنسان الحياة والحركة والكلام[2]، وما إلى ذلك حيث نرى الكيميتية[3] الجديدة تحاول استعادة هذه الرؤية الدينية باعتبارها دين السيادة ودين الأسلاف في القارة.
والإسلام من بين هذه الأديان قد حظي بانتشار واسع في القارة مذ الدخول الأوّل، وخاصة بحملة الصحابي الفاتح عقبة بن عامر أو نافع رضي الله عنه، وبتأسيس الدول الإسلامية وإرساء المجامع والمحاضر وإقامة الأسفار العلمية وتكثيف الدعوة السلمية والتدريس الشامل الممنهج في كل بقائها. لكن مع ذلك، حتى القرن الثامن والتاسع عشر، لم يكن الإسلام قد انتشر كليا في كثير من الأماكن الإفريقية وخاصة في إفريقيا الوسطى، حيث ساعدت القوى الاستعمارية بعد ذلك على انتشار النصرانية بواسطة التبشيرية الكاثوليكية الإيطالية والفرنسية والبرتغالية، والأنغليكانية الإنجليزية في دولها المستعمرة.
ومن هنا نتساءل عن الوضع الحالي الديني في هذه البلدان، من حيث المفاهيم الناظمة للرؤية، وصعود العوامل المساعدة على التوتر الديني، وأساليب كشف مقومات التعايش السلمي للأديان، ومبادرات المجتمعات الأهلية والقادة الدينيين في تحقيق ذلك التعايش؟ وما هي تحدياتها الدينية الحقيقية في تعزيز السلم المجتمعي المستدام؟
تبرز انطلاقا من هذه الأسئلة الفحصية، رؤية الإشكالية العلمية لهذا البحث، وهو: إشكالية التعايش الديني في الدول ذات الأقليات المسلمة الكبرى في القارة الإفريقية، مقسما إياها إلى مباحث منهجية، أناقش في المبحث الأوّل مفاهيم الدراسة، وأقارب في المبحث الثاني العوامل المساهمة في صعود التوتر الديني، وأستجلي العوامل المساعدة على ترسيخ قيم التعايش بين الأديان الإفريقية في المبحث الثالث مع نماذج من المبادرات الوطنية الساعية إلى توطيد الرؤية العلمية والعملية للتعايش البينذاتي الديني المستدام في القارة السمراء، مع الاقتراح لأهم المبادئ نجاعة في صناعة التعايش الديني المثقف في البلدان الإفريقية، ثم أختتم البحث بملخص تقريبي لفكرة الموضوع.
هذا البحث في الحقيقة كشف علمي، واكتناه معرفي عن واقع التعايش الديني في إفريقيا السمراء، من حيث السلوك والثقافة والمبادرات الاجتماعية على بناء السلم، وكذلك العوامل الباعثة للتوتر، والفعالة المستحثة للعاطفة العصبية المهددة للسلام المجتمعي، مع البدء بمقاربة معرفية للمفاهيم الحاوية لفكرة البحث، تركيزا بالأساس على الأقليّة المسلمة في إفريقيا السوداء. فإن خرجت من هذا الأساس فبمجرد تقديم لمثال أو مقارنة سلوكية أو ثقافية فحسب.
المبحث الأوّل: المفاهيم العلمية لفكرة البحث
إن المستبصر الناظر الحذق لمصطلحات عنوان هذا البحث؛ يدرك بأنها تتجمع من حيث الأهميّة في ثلاثة مصطلحات أساسية، وهي: مفهوم التعايش الديني، ومفهوم الأقليات، ثم ماهية الدول الإفريقية ذات الأقليات المسلمة الكبرى. فمن الواجب المنهجي إذن، التعريج على هذه المقتضيات قبل البدء في صياغة باقي المباحث المشكّلة لعمق البحث.
المطلب الأوّل: بيان مفهوم التعايش الديني والأقليّة الدينية.
نلاحظ في الحقيقة، أن بين التعايش والأقليّة وحدة تناسبية، تخلق جدلا حضاريا بين فئات المجتمع في حقيقتها. ويقاس درجة تسامح كل مجتمع بقدر كفاءتها في تدبير الشأن العام، وحماية أقليّاته وضعفائه. ولا يستحق أن يوصف أي مجتمع بأنه متدين أو ديمقراطي إذا لم يكن يؤدي حقوق الأقليات، ويكفكف دموع المنكوبين منهم. فلذا، سنَقدُم أوّلا بتجلية مفهوم التعايش، ثم نحاول بيان مفهوم الأقليّة ثانيا، دون تركيز على الحكم القيمي، لأنه ليس من سمات البحث العلمي الموضوعي والجاد.
أولا: مفهوم التعايش الديني في اللغة والاصطلاح والتأصيل الشرعي له.
إن من مظاهر إبداع الله تعالى التنوع والاختلاف في الأجناس والسلالات، والجواهر والأعراض، والخصائص والسمات، والأديان والمذاهب والأعراق، ليحصل بذلك التعارف والاختلاط والتناكح والتناسل والتصاهر والابهاج. كما جاء في سورة الحجرات في آخر آيتها الثالثة عشر: “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم”، والتعارف هنا هو علة التعدد والتنوع، وهو ضد التنافر والتفرق ونظرية الصدام الحضاري كما يحكي هنتنغتون، بل إنه يوحي بالتعاون والإحسان والتحالف وأن الإنسان ليس ذئبا لأخيه الإنسان كما كان يحكي الفيلسوف هوبز، وأن الآخر ليس جحيما بل مصدر سعادة وسلامة، والناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق كما جاء في رسالة سيّدنا علي إلى واليه بمصر مالك الأشتر رضي الله عنهما.
والتعايش في اللغة مشتق من العيش وهو الحياة كما جاء في لسان العرب: وعايشه: عاش معه كقوله: عاشره[4]، وجاء في المعجم الوسيط تعايشوا: عاشوا على الألفة والمودة، ومنه: التعايش السلمي[5].
وأما التعايش في الاصطلاح فهو: “القابليّة أو القدرة على العيش المشترك بين مجموعتين أو أكثر تمتلك خصوصيات ثقافية، دينية، عرقية، تقوم على مجموعة من القيم المادية والمعنوية، وينقسم التعايش إلى نوعين: التعايش السلبي، والتعايش الإيجابي”[6]، ويضيف الباحث بأن من معاني التعايش أنه التفاهم العفوي بين مختلف مكونات المجتمع لقبول كل منها الآخر شريكا في الوطن والمصير مع وجود ضمان (قانوني أو عرفي) على ألا يتأثّر هذا التعايش حال الاختلاف بحالة عميقة من التوتر والتربّص المتبادل. ويمكن القول بأن التعايش المستدام هو ذلك التعايش القائم على مرونة تبادل المصالح، ومفاهيم المسالمة فيما بين أتباع الديانات والثقافات وأصحاب الآراء والمذاهب المختلفة.
وأصل المفهوم في الحقيقة يكمن في قبول العيش مع المختلف والمخالف غير الحربي من حيث المفهوم الإسلامي للتعايش، لقوله تعالى في الآية الثامنة من سورة الممتحنة: “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحث المقسطين” وقال الإمام أحمد في سبب نزول هذه الآية عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، إنّ أمي قدمت وهي راغبة، أفأصلها؟ قال نعم، صلي أمك”. ويعني ذلك أن جوار المختلف في الدين معتبر شرعا ما لم يكن عدوّا مظهرا للعداوة بأنواع الإيذاء مثل الضرب والحرب. وأما المختلف المسالم، فإن التعايش معه وبرّه والإحسانَ إليه منطق إسلامي، وترشيد ربّاني، وتوجيه إلهي لصلاح المجتمعات وسلامة الأنفس والأموال والأعراض.
وفقه التعايش الديني من سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث عايش اليهود في المدينة، وسنّ صحيفة المدينة[7]، ووضع ميثاق نصارى نجران، وجاء في العهدة العمرية لأهل إيليا في فتح القدس: “هذا ما أعطى الله عمر أمير المؤمنين أهل إيليا من الأمان، أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من ديرها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم[8]، ويقول المؤرخ الفرنسي “غستاف لوبون” في كتابه “حضارة العرب” متحدثا عن الفاتحين المسلمين وسماحتهم: “فعاملوا كما رأينا أهل سوريا ومصر وإسبانيا وكل قطر استولوا عليه بلطف عظيم تاركين لهم قوانينهم ونظمهم ومعتقداتهم، وغير فارضين عليهم سوى جزية زهيدة في الغالب إذا قيست بما كانوا يدفعونه سابقا في مقابل حفظ الأمن بينهم، فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب، ولا دينا سمحا مثل دينهم“[9]، هكذا كان العدل والسماحة والحماية من المسلمين لغيرهم في رقعة الدولة الإسلامية، وهذا مجرد تأصيل بسيط لمفهوم التعايش في الفكر الإسلامي لنواصل البحث مع المفهوم القادم.
ثانيا: مفهوم الأقليّة الدينية لغة واصطلاحا والتأصيل الشرعي والقانوني لها.
تطلق الأقليّة في اللغة العربية ويراد بها: التفرقة، أو الفقر[10] أو النقص، أو القصر والدقة، أو ما وصف بالقلة في العدد، أو الخوف من العطش[11]، قال تعالى: “إذ يريكهم الله في أعينكم قليلا ويقلّلكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا” (الأنفال: 44)، وقال ابن عاشور بأن القليل هنا قليل العدد بقرينة قوله: (كثيرا)، أي أراه إيّاهم قليلي العدد، وجعل ذلك في المكاشفة النومية كناية عن الوهن والضعف[12]، والقلة كما عبّر ابن عاشور تعني هنا الضعف والوهن. وجاء هذا المعنى في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، “أنّ نفرا سألوه عن عبادة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلمّا أخبروا كأنهم تقالّوها”[13]، أي اعبروها قليلة في العدد. وعرفت الأقليّة انطلاقا من التصوّر اللغوي بأنّها: “كل مجموعة بشرية في قطر من الأقطار، تتميّز عن أكثرية أهله في الدين، أو المذهب أو العرق، أو اللغة أو نحو ذلك من الأساسيات التي تتمايز بها المجموعات البشرية بعضها عن بعض”[14].
مفهوم الأقلية في الاصطلاح:
لقد عرفّها الدكتور طه جابر العلواني بقوله: “هي مصطلح سياسي جرى في العرف الدولي، ويقصد به مجموعة أو فئات من رعايا دولة من الدول تنتمي من حيث العرق أو اللغة أو الدين إلى غير ما تنتمي إليه الأغلبية”[15]، ومطالبات الأقلّيات حسب الدكتور جابر العلواني تشمل عادة: حق المساواة مع الأغلبية في الحقوق المدنية والسياسية، والاعتراف بحق الاختلاف والتمايز في مجال الاعتقاد والقيم، وأن تتأسس لها قيادات تعبّر عنها من خلال الأمور التالية:
ــ إعطاء تفسير للأقليّة التي تنتمي إليها عن جذورها التاريخية ومزاياها ومبررات وجودها، ليساعد الأقليّات على الإجابة على سؤال من نحن؟ وعن ماذا نريد؟
ــ تجميع عناصر وإقامة روابط بينها.
ــ سنّ الرموز الثقافية المعبّرة عن خصوصية الأقليّة.
وعرّفت الأقليّة اصطلاحا بأنها: “مجموعة من الأفراد داخل الدولة، تختلف عن الأغلبية، من حيث الجنس أو العقيدة أو اللغة، فاعتبار أشخاص ما من الأقليّة مسألة واقع يرجع فيها إلى العناصر الموضوعية”[16]، وقيل بأنها: “مجموعة تختلف عن الأغلبية في واحد أو أكثر في المتغيّرات التالية: الدين أو اللغة أو الثقافة أو السلالة، وذلك على اعتبار أن أيّا من هذه المتغيّرات يضفي على هذه المجموعة البشرية سمات اجتماعية، واقتصادية، وحضارية، تلوّن سلوكها ومواقعها السياسية في مسائل مجتمعيّة رئيسة”[17]، وقيل بأنها: “مجموعة من مواطني الدولة تختلف عن أغلبية الرعايا من حيث الجنس أو الدين أو اللغة أو الثقافة، وغير مسيطرة أو مهيمنة، وتشعر بالاضطهاد مستهدفة حماية القانون الدولي لها”[18]، وعرّفها الدكتور عبد الله بن بيّه بأنها: “مجموعة بشرية ذات خصوصيات تقع ضمن مجموعة بشرية متجانسة أكثر منها عددا، وأندى منها صوتا، تملك السلطان أو معظمه”[19]، وهذا التعريف الأخير يتميّز بتنصيصه على العدد والسلطة، أي الزيادة عددا وسلطة أو قوة وعتادا.
وعرّفت الأقليّة الدينية على أنها: “كل جماعة عرقية تمثّل الدين المقوم الرئيسي لذاتيتها وتمايزها عن غيرها من الجماعات التي تشاركها ذات المجتمع”[20]، وهذه الجماعة ذات الصبغة الدينية المخالفة أو المختلفة مع ديانة المجموعة المهيمنة، تتعرض لإهانات أو انتهاكات التهميش، والاقصاء، والتقتيل، والاستعباد، والترويع، والتهجير، وانتهاك الكرامة، مما يجعل المسلم يتأهّب لمعرفتها بشكل دقيق حتى يقدّم بديلا حضاريا نابعا من تراثه العلمي والفقهي.
ويرى الدكتور محمد الغزالي: “أن البشر المنتشرون في القارات الخمس أسرة واحدة انبثقت من أصل واحد ينميهم أب واحد وأم واحدة، ولا مكانة للتفاضل على أساس الخلقة”[21]، وإذا كان اختلاف البشر في اللغة، والعرق، والدين تقديرا إلهيا، فكيف يتحوّل التقدير الإلهي إلى محلّ للتوتّر والعصبية؟ أليس الجمال في الكون يؤطره المغايرة في الجنس والنوع، كما البستان المورد بشتى الأزهار، أو الأزياء البشرية المطلوّة بأنواع من الألوان؟
وأما مفهوم الأقليّة عند القانونيين:
لا يوجد تفسير موحّد للأقليّة الدينية لدى القانونيين، بل يكتفون بتعريف الأقليّة بصفة عامة دون تخصيص بأقليّة ما. لقد عرّف Jules Deschênes الأقليّة في كتابه محاولة لتعريف الأقليّة بأنها: “مجموعة مواطني دولة، في حالة أقليّة عددية، وفي وضعيّة غير مهيمنة في الدولة، تمتلك سمات عرقية أو دينية أو لغوية مختلفة عن سمات الأكثرية في الشعب، متضامنة فيما بينها، راغبة ولو ضمنا بإرادة جماعية للبقاء، مطالبة للمساواة الفعلي والقانوني مع الأكثرية”[22]، وعرّفها فرنسيسكو كابوتورتي في تقرير الذي قدّمه لمنظمة الأمم المتحدة عام 1979، بأنها: “مجموعة تقلّ من الناحية العددية، عن بقيّة السكان في دولة من الدول، وهي في وضع غير مهيمن، ولأفرادها ــ وهم من مواطني الدولة المذكورة ــ خصائص عرقية أو دينية أو لغوية، مختلفة عن خصائص بقيّة السكان ويبدون ولو ضمنيا، روح تضامن موجهة نحو الحفاظ على ثقافتهم أو تقاليدهم أو دينهم أو لغتهم”، ومما يلاحظ أن كلا التعريفين يركّز على صفات خصائص الدين، والعرق، واللغة، دون أدنى تعيين للأقليّة الاثنية، وهل الأقليّة غير المواطنة وغير المنظمة يمكن اعتبارهما أقليّة حقيقة أم ليس لهما الحق في مطالبة حقوقها الدولية والمحليّة المقررة في الصكوك القانونية وسنداتها الدولية؟
فلهذا بعد التنقيب والتنقيح والفحص في كثير من التعريفات الواردة في الصكوك القانونية وكتب الباحثين في مجال القانون ومن التقارير المقدمة إلى منظمة الأمم المتحدة، وبعد تحليل عميق للسمات الدولية الراسمة لخصائص الأقليات الجامعة المانعة، حاولت صياغة التعريف الموالي علّه يكون سندا في بيان مفهوم الأقليّة الدينية بشكل أوضح، فقلت: “الأقليّة الدينية هي مجموعة بشرية سواء كانت مواطنة أو غيرها، منظمة أو غير منظمة، تمتلك أو تعتنق ديانة مخالفة لديانة أكثرية الشعب، مع اعترافها بمبادئها، وقلة هيمنتها، ومطالبتها لحقوقها، وحرصها في صيانة ثقافتها الدينية مع عرضتها لخطر الاضطهاد”، فهذا التعريف شامل للسمات الدولية الموضوعة لتعريف الأقليّة بل ومحيط لما للأقليّة من حقوق دولية كليّة.
وبعد هذه التعريفات العلمية لمفهومي التعايش الديني والأقليّة الدينية، فما هي البلدان الإفريقية ذات الأقليات المسلمة؟ وكيف يمكن التركيز على نماذج حيّة منها لاستقصاء وضعيّة التعايش الديني فيها، وتشوف الحركة الدينية ومساهمتها في بعث دوافع حسن المعاملة الاجتماعية؟
المطلب الثاني: تعيين البلدان الإفريقية ذات الأقليات المسلمة الكبرى، وأهميّة البحث عن التعايش الديني فيها.
كثير من البلدان الإفريقية؛ الإسلام فيها أقليّة، وحيثما كان الإسلام أقليّة في إفريقيا؛ كان هو الأقليّة الكبرى فيها من بين الأقليات الدينية. فلذلك، نخصص البحث بالإسلام خصوصا. وهذه البلدان بالذات، تتراوح فيها الإحصائيات الدينية بين الإسلام والنصرانية كما يلي:
تشكّل النصرانية 91،5% في بوروندي، و70،3% في كاميرون، و76،5% في غابون، و88،7% في غينيا الاستوائية، و85،3% في مدغشقر، و89،5% في جمهورية إفريقيا الوسطى، و85،9% في جمهورية كونغو، و95،8% في جمهورية كونغو الديمقراطية، و93،4% في روندا، و53% في بنين، و90،5% في أنغولا، و72،1% في بوتسوانا، و81،2% في إفريقيا الجنوبية، و89،1% في الرأس الأخضر، و84،8% في كينيا، و85،9% في ليبيريا، و82،7% في ملوي، و56،7% في موزمبيق، و97،5% في ناميبيا، و86،7% في أوغندا، و60،5% في جنوب السودان، و88،1% في اسواتينيا Eswatini/ Swaziland، و62،4% في تنزانيا، و97،6% في زامبيا، و87% في زمبابوي، و62،8% في إثيوبيا، و62،9% في إريتريا، و74،9% في غانا، و96،8% في ليزوتو[23]، وهناك دول إفريقية كثيرة تعتبر الإسلام فيها أقليّة دينية، مع كونه لا يتفاوت كثيرا مع الأكثرية الدينية فيها مثل ساحل العاج 44،1% من المسلمين، ونيجيريا فيها 49،3% من النصارى و48،8% من المسلمين، وفي توغو 40،6% من النصارى و14% من المسلمين. في جميع هذه البلدان يعتبر فيها الإسلام أقليّة دينية تتراوح ما بين 37،5% و0،1% من الإحصاء الكلي لسكانها.
لكن باعتبار تشابه الأحداث وتماثل الأوضاع في كثير من هذه البلدان، ومراعاة للبيئة الدينية السلمية وخاصة في غرب إفريقيا وشرقها، سأركزّ في هذا البحث فقط على بعض البلدان ذات الأغلبية الساحقة للديانة النصرانية في إفريقيا الوسطى. وذلك بحثا عن الوضع الديني في البلاد من حيث التنظيم والعلاقة بين الأديان، ومن حيث العوامل والمقوّمات الثقافية والحضارية المساهمة في تصاعد التوتّر الديني من جانب، ومن صعود التعايش من جانب آخر، لنستشف عيانا ما هي المبادرات التي اعتمدت أو يجب اعتمادها في الجانبين معا بإذن الله تعالى.
وذلك كلّه إيمانا منّا بأنّ الدول الإفريقية في تشعبها الديني، وباعتبارها الخزان العالمي للطاقة الشبابيّة، تناط بها الحذر عن تصعيد التوتر الديني الذي قد يؤدي إلى التطرف والعنف وزعزعة السلام البيني الداخلي. وبذلك يتجلّى أهميّة هذا البحث، أي ليس فقط في استكشافه الحالة الدينية في هذه البلدان، لكن كذلك في بيان المبادرات الرائدة التي تتخذها القيادات الدينية والقيادية في الحفاظ على اللحمة الاجتماعية والجوامع المشتركة، وتشجيع المبادرات الشبابية في الانخراط الجماعي على مفهوم المواطنة الشاملة. وهكذا في البدء نتساءل عن ماهية العوامل المثيرة والمساهمة في تصعيد التوتّر الديني في البلدان الإفريقية؟ وهذا هو محتوى المبحث الموالي.
المبحث الثاني: العوامل والتحديات المساهمة في تصعيد التوتّر الديني في البلدان الإفريقية ذات الأقليّات المسلمة الكبرى.
لم تقدر العديد من البلدان الإفريقية على تدبير التنوع الديني والتعدد الفكري الداخليين، فأدى ذلك إلى عصف حروب أهليّة، وزعزعة أمن، وصراعات دامية. بينما كان من الأمثل اعتبار التعددية الدينية والفكرية طريقة نحو التفاهم والتعارف والتعاون والتسيير المعقلن للمشترك العام، باعتبارهما عنصرا إيجابيا ومصدر ثراء للمجتمعات المحليّة. لكن بالعكس، عالجت كثير من البلدان هذه القضية بحساسية وعاطفية اندفاعية؛ مما ولّد هزّات بين مختلف الهويّات، وساعد في خلق بؤر توتّر مزمنة بين فرقاء قارة السمراء.
ويتم استخدام الدين وتوظيفه إن لم أقل استغلاله في كثير من الأحيان في هذه الصراعات البينية، وقد يكون الهدف في هذه الصراعات هو تمكين الذات، أو الاستحواذ على أراضي أو مصالح سياسية عبر تهميش بعض الأقليّات الدينية أو استغلالها في تبرير الفشل السياسي لأغلبية ما. من هنا، لا يكون الدين هو سبب الصراعات، بل الأطماع والمصالح التي وظف من أجلها الدين، أو الطرق التي تم استخدامها لتغطية أهداف مادية شعبوية، وسنأخذ فيما يلي بعض النماذج من الدول الإفريقية التي تم استغلال الدين فيها لأجل أطماع سياسية ومصالح ذاتية:
في أفريقيا الوسطى كان بداية الصراع فيها سياسيا محضا، ولما فشل السياسيّون والقادة العسكريون في إدارة البلاد وحلّ النزاعات السياسية فيما بينهم، حوّلوه إلى صراع ديني كي يجد كلّ واحد منهم قاعدة شعبيّة يرتكز عليها أو يبرر فشله من ناحية[24]، ومذ قاد الجنرال فرانسوا بوزيزي تمرّده في عام 2003 على الرئيس آنشج فيليكس باساتي، شارك معه في تمرّده بعض الشباب المسلمين الذين كان قد جنّدهم الرئيس باساتي في القوات الرئاسية الخاصة، وانقلبوا على باساتي ليحققوا انقلاب بوزيزي. وهذه تعتبر حسب الباحث زكريا فضول أوّل مشاركة للمسلمين في عمل عسكري منذ الاستقلال، إذ كانوا يفضلون الأنشطة التجارية والاقتصادية بدلا من النشاط السياسي والعمل العسكري.
لكن سرعان ما وصل بوزيزي إلى الحكم واستقرّت له الأمور، فبدأ التخلص من رفاق التمرد وخاصة الشباب المسلمين. سرّح بعضهم عن الخدمة، وغدر ببعض قادتهم، وأودع السجون البعض الآخر بينما فرّ الآخرون ناجين بأنفسهم إلى المدن النائية ودول الجوار. وفي عام 2012 وقّعت فصائل المعارضة المسلّحة حسب فضول زكريا، صفوفها للتركيز على الهدف الموحد، وهو الاستيلاء على السلطة وطرد بوزيزي. نتج عن هذا التحالف الاتفاق الذي سمّي ب “سيليكا” والذي يعني “تحالف أو تضامن بلغة السانجو المحليّة. وهي حركة على أساس سياسي بحت لا علاقة لها بالدين، وجلّ أفرادها غير ملتزمين بالطقوس والشعائر الدينية.
في الحين، بدأ بوزيزي بتحريض مناصريه ضدّ المسلمين، واعتبرهم مخرّبين ومتمرّدين، بل هو الذي روّج لفكرة “تحضير السواطير“، بأن البيوت ذوات الأسوار هي التي تختبئ فيها العدوّ، وهي بيوت المسلمين. وتحالف سيليكا السابق الذكر أغلب حلفائه من المسلمين، وأغلب معارضيه من النصارى والوثنيين، الذين انضموا إلى جماعات قتالية سمت نفسها لاحقا ب “أنتي بالاكا” ما يعني مناهضي السواطير أي بيوت المسلمين. ثم تلقّت هذه الحركة الأخيرة دعما من القوات الأجنبية (سانجاريس) ونظّمت هجوما شرسا على مسلمي جمهورية أفريقيا الوسطى دون تمييز خلال سنوات خلت.
وأما تحالف سيليكا انضمت إليه مقاتلون مرتزقة من السودان وتشاد، وكذلك امتزج مع أنتي بالاكا مقاتلون من الكاميرون والكونغو الديمقراطية وغيرها، وانتشر السلاح، واندلعت أعمال العنف من قبل الفريقين عمّت البلاد تقريبا. والرئيس المخلوع بوزيزي استغلّ موقعه في الكنيسة كقسّيس؛ فغلّف القضية بغلاف ديني أكثر من كونه سياسي ليجمع حوله قبائل أخرى وكافة النصرانيين والوثنيين. من هنا، بدأت الخطابات الدينية تتصاعد وتدخل المشهد السياسي.
هكذا توحّدت القبائل الأخرى ذات الخلفية المسيحية والوثنية ضد المسلمين بشكل عام ونادوا باستئصالهم من جميع أنحاء البلاد، واستمرّ القتال على تقنيات حرب العصابات، والهجوم الموسّع والمنسق ليشمل جميع أنحاء البلاد مع غياب دولة القانون والنظام. وحوّلت تدخّل القوات الأجنبية الصراع إلى أزمة حضارية تستولى بها على ممتلكات البلاد، وتسليح الميلشيات النصرانية، ومدّها بالعدّة والعتاد والعلاج والمؤن، ومساعدتهم في تجريد المسلمين من الأسلحة. وسببت هذه العلميّة إلى نزوح كثير من السلمين إلى البلدان المجاورة مثل الكاميرون والكونغو.
لقد أصبحت الأنماط الدينية أداة قوية للعبة السياسية وتأجيج الصراع وخلق الأزمة الحضارية في الدولة، من تدافع مصلحي سياسي إلى صراعات دينية مسلّحة. فأصبح التركيز على الهوية الدينية والتمييز العنصري القائم على آصرة الدين، وتعميق فجوات الاختلاف الشكلي في هوية المجموعات الدينية في البلد. فرقت بينها السياسة وزجّت بها في ميادين القتال وتنافر الأفكار ووجهات النظر التي تضفي ضبابية غاشية على مستقبل الوطن.
كما يظهر جليّا مما سبق، أن عوامل التوتّر الحقيقية في أفريقيا الوسطى ليس منها الدين في الأصل، وإن تمّ اتخاذه ذريعة إلى صناعة الصراع وتأجيج العصبية الطائفية.
وأمّا العوامل المؤثرة في زعزعة السلام فيها هي:
- الهوس السياسي المؤيد بالفكر الانقلابي: وسبب ذلك عدم احترام القوالب الديمقراطية مذ استقلال الدولة في عام 1960، حيث لم تشهد الدولة انتخابا إلا مرة واحدة وهي في أغسطس 1993 عندما قرّر الرئيس أندريه كولينجبا تطبيق مبادئ الديمقراطية ولأول مرة في تاريخ البلاد، وتجددت الرئاسة بفوز آنشج فيليكس باتاسي، وتسلّم السلطة في أجواء اتسمت بالتسامح العام.
- فشل الساسة في إدارة البلد وفساد المؤسسات العسكرية: لأنهم فشلوا في حلّ النزاعات السياسية والعسكرية فيما بينهم ثم أقحموا الشعب في شبكات من الولاء الديني والعرقي غرض جلب المصالح المادية القائمة على المحسوبية والفساد المنظم.
- فساد النخب السياسية والتجنيد الفوضوي: حيث جنّد الرئيس باتاسي بعض الشباب المسلمين في القوّات الرئاسية الخاصة، ثم انقلبوا عليه بعد ذلك وانضمّوا مع فرانسوا بوزيزي.
هذه هي أهمّ عوامل الصراع التي قلبت أوضاع أفريقيا الوسطى من السلام إلى التكافح البيني. وأما الدين والقبيلة، فهما في الأساس ليسا من مصادر القلق، بل تم توظيفهما واستغلالهما بشكل دقيق ومخطط لخلق الفرقة وبعث نوايا الاستئصال عبر حرب العصابات والقبائل والأديان.
وأما الكونغو الديمقراطية، فإن الفساد السياسي وسوء تدبير البلاد قد سبب نشوء إقطاعيات من المتردين المتنافسين على نهب الموارد الطبيعية من الذهب والماس والنفط وغيرها من المعادن الثمينة فيها. حيث استطاعت الحركات المتمردة من صناعة اقتصادات داعمة لاستمرارية أنشتطها، مما دفع الرئيس الروندي بول كاغامي إلى وصف الحرب في شرق الكونغو بأنها “ذاتية التمويل“[25] وبعد انتفاضة الأجزاء الشرقية ضد النظام الفاشل في عام 2010، أُقحمت الأقليّة المسلمة في هذه الفوضى، وأصبح قسم منهم هدفا للحكومة بتهمة التعاون مع الجماعات المسلّحة المعارضة، حتى غادر بعضهم الأرض ونازحوا إلى الدول المجاورة.
وتتعدد تحديات التعايش الديني في الكونغو، وتتم اللعبة على الشاكلة الدينية بشكل كبير، حيث بدأت الأمور مذ عهد الاستعمار، ففرضت الدولة ما يلي:
- ربط التعليم الأكاديمي بالتنصّر، فحرّم ملك بلجيكا المسلمين وأبنائهم التعليم إلا إذا تنصّر الأبوان، فانتشر الجهل بشكل واسع في أوساط المسلمين عبر البلاد.
- الحرب والقتال في التجمعات الإسلامية داخل البلاد، حتى مات وتشرّد الكثيرون من أبناء المسلمين وتفككت أسرهم.
- السيطرة على اتخاذ القرارات ورسم سياسات الإقصاء والتهميش، بالتكثير من إذاعات التنصير مع عدم وجود أي وسيلة إسلامية لنشر الدعوة.
- فتح الباب للمنظمات التنصيرية، وحدِّ المسلمين من النشاط التجاري والزراعي، حيث تُمد المزارعون المستهدفون بالتنصير بالبذور والأسمدة وغيرها. زيادة على ما تعتمده حركات التنصير على الصحة والتعليم والإغاثة وإنشاء مراكز التنصير، وملاجئ العجزة والمعوّقين، ومعسكرات مرض الحذام، كما لها منظمات للشباب وتدريبهم[26]، ولقد نشطت الحركات التنصيرية في كونغو نشاطا واسعا.
كما استخدمت السلطات الكونغولية التعليم أداة للضغط على المسلمين لإجبارهم على ترك دينهم والتنصّر، ووسيلة للحدّ من انتشار الإسلام، وخصوصا في المنطقة الوثنية[27]، فالسلطات الكونغولية تختفي وراء النصرانية رغم علمانية دستورها لزرع الشقاق بين المسحية والإسلام، فالاستراتيجية واضحة وشأنها مدروس متقن.
المسلمون يرتكزون في شمال الكاميرون بينما غيرهم يتواجدون في الجنوب وإن كانت هناك حالات من الاندماج أو الاختلاط بين الشمال والجنوب، إلا وأن المسلمين مضطهدين ومستبعدين من مناصب السياسة الهامة في الدولة[28]، مع كونهم مشتغلين بالتجارة، ولديهم ثروة من المواشي أبقارا وأغناما. وتواكب هذا الصعود مع تهميش شديد للمسلمين حتى إن الحكومة الكاميرونية في 2007 لم تضم من المسلمين إلا وزيرا واحدا هو آدم جاراجوم الذي يشغل حقيبة وزير العلاقات الكاميرونية العربية، واستمرّت سياسات في تهميش المسلمين وإبعادهم عن المناصب الدبلوماسية[29]، ولقد أهملت الدولة الكاميرونية تبني أي خطط تنموية في مناطقهم مما يؤدي إلى زيادة حدّة الفقر والجهل بين أوساطهم. ووصلت الأميّة إلى أرقام قياسية ساهمت في تراجع دورهم وإمكانية حصولهم على وظائف ذات شأن. ويسوء حالة المسلمين وأوضاعهم في البلاد حيث لا يوجد من يدعمهم إلا عدد قليل من المؤسسات الدولية مثل مؤسسات الإغاثة الكويتية والإماراتية التي قامت بإنشاء عدد من المدارس والمراكز الإسلامية في العاصمة ياوندي التي يعيش فيها أكثر من 950 ألف مسلم. في حين يمتلك المسيحيون أغلب وسائل التعليم والإعلام والمؤسسات التجارية لدرجة أن رجال الأعمال المسيحيين يحظون بدعم ورعاية من الرئيس بول بييا نفسه[30].
ويتضح مما سبق أن السياسة هي العنصر الحقيقي في تصعيد التهميش والاقصاء ضد المسلمين في الدولة، رغم وجود كثير من الإرساليات التنصيرية، من إرساليات أفريقيا المعمدانية، ومنظمة كاريتاس، كما تسعى منظمة شهود يهوا إلى اختراق الأراضي الكاميرونية وخاصة المناطق التي ينتشر فيها المزارعون المسلمون في أقصى شمال البلاد. في حين أنه لا توجد في الكاميرون مؤسسات إغاثة إسلامية إلا قليلة جدا، وهناك ضغوطات على الجمعيّات الإغاثية الإسلامية، حيث أجبر بعضها على الخروج من البلاد إثر أحداث الحادي عشر سبتمبر. فهكذا ندرك بأن القاعدة السياسية والقاطرة التنصيرية هما العنصران الحقيقيان في زراعة التمييز الديني في الدولة الكاميرونية. لكن هل هناك جهود وطنية من خلال هذه البلدان وغيرها في البحث عن عوامل ومبادرات التعايش الديني، من حيث الثقافة العامة والقيم المشتركة، والتجارب التاريخية، والمصالحة البينذاتية القيادية والمؤسسية والإعلامية، والوساطة الخارجية؟ فهذه خطوات ماثلة تشكل أركان المبحث القادم، وسنركز على إفريقيا الوسطى من حيث الأساس.
المبحث الثالث: العوامل والمبادرات التعزيزية للتعايش الديني في الدول ذات الأقليات الإسلامية في إفريقيا.
إن من المبادرات الدولية التي تم اعتمادها في دولة أفريقيا الوسطى، مبادرة مركز الحوار العالمي بتنسيق مع جامعة بانغي نتيجة لشراكة رائدة بين المؤسستين القائمتين على اتباع نهج فريد لتسوية النزاعات وبناء السلام بعمق في الحوار بين أتباع الأديان.
لقد اعتمدت الشراكة على خطوات واضحة من التثاقف والتغيير المنهجي، وذلك كما يلي:
- اتباع نهج فريد لتسوية النزاعات وبناء السلام، عن طريق تدريب القيادات المستقبلية على فنّ السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى.
- إدراج مقرّر الحوار بين أتباع الأديان في منهج الجامعة لتسوية النزاعات، وتعزيز التعليم من أجل السلام المستدام في منطقة مشوبة بالصراعات العرقية والدينية.
- دعم المنصّة الوطنية لأتباع الأديان، وهي منصة تعزيز الحوار بين أتباع الأديان في جمهورية إفريقيا الوسطى مذ 2013. ولقد لعبت المنصة دورا محوريا في العمل مع الحكومة والمجموعات المسلّحة والمجتمعات المحليّة من أجل التماسك الاجتماعي وتسوية النزاعات.
- تمكين الجهات الفاعلة في وسط إفريقيا الوسطى للتأثير إيجابيا بعملية بناء السلام في البلاد، والتدريب المهني على الوساطة، مما يمكّن المتدربين من تطبيق المعارف النظرية في تيسير التسويات المحليّة والحياة الواقعية.
- زيادة اهتمامات الشركاء بالمقرّر، وإنشاء نظام إحالة القضايا للتدريب المهني، وفتح مجموعات جديدة من الطلاب في الماجستير، وضمان فاعلية مكوناته العمليّة.
- ربط العلاقات بين مركز الحوار العالمي والهياكل الدينية، والهيئات الحكومية مثل لجان السلام والمصالحة الوطنية، وجهود السلام الدولية مثل بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى.
- دعم جهود الحكومة في مجالي المصالحة وبناء السلام التي تقوم بها وزارة الشؤون الإنسانية والتضامن والمصالحة الوطنية، وتعزيز قدرة الحكومة على إظهار فاعليتها في الحفاظ على العقد الاجتماعي.
- عقد شراكات مع وزارة التعليم في إفريقيا الوسطى، واليونسكو، بغية ضمان منهج تعاوني ضروري لنجاح البرنامج.
- تجاوز النهج التقليدية لبناء السلام من أجل بناء مجتمع في وسط إفريقيا الوسطى أكثر سلاما وتماسكا وتآلفا.
- استخدام التعليم أداة للتغلب على الصراع والانقسام، عبر تكوين متخصصين مهرة في الحوار وتسوية النزاعات[31].
مبادرات وطنية في أفريقيا الوسطى:
وكان قد عقدت في جمهورية أفريقيا الوسطى حوارات وطنية بين عامي 2003 و2008، التي كان مغزاها عقد صفقات لتقاسم السلطة بالإضافة إلى نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج والإعادة إلى الوطن قبل الانتخابات وجرى تسمية ذلك ب “الميثاق الجمهوري للسلام والمصالحة الوطنية وإعادة الإعمار ولكنها سرعان ما انهارت[32]، وأبرم اتفاق وقف إطلاق النار في عام 2014، وتبعه في عام 2015 إطلاق منتدى بانغي حول المصالحة الوطنيّة، الذي أثمر إنشاء المحكمة الجنائية الخاصّة الموكلة بالنظر في الخروقات الفادحة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان الواقعة على أرض البلد اعتبار من الأوّل يناير من العام 2003[33].
لكن هذه التدابير من الميثاق، والمنتدى، والمصالحة، لم توقف اقتراف العنف، وارتكاب مجازر عدة وخاصة بين العامين 2017ــ2018، وأدى ذلك إلى إبرام اتفاق سلام آخر بين المجموعات المسلّحة والحكومة في مطلع 2019، واكتنف الاتفاق مشورات وطنية عامة حول مسألة إنشاء لجنة حقيقة، فأبصرت لجنة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر والمصالحة النور في عام 2020، فأنيط بها مسؤولية التحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي تم ارتكابها بين عامي 1959 و2019 وإحقاق العدالة في شأنها وإعادة التأكيد على كرامة الضحايا وتحقيق المصالحة الوطنية، وتم تعيين أعضاء اللجنة الإحدى عشر في 30 ديسمبر 2020.
دور المركز الدولي للعدالة الانتقالية:
- أسدى المركز مشورة للجنة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر والمصالحة وقدّم لها المساعدة مذ إنشائها، وتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وقسم حقوق الإنسان ضمن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى.
- أيد حقوق الضحايا والناجحين في العدالة والحقيقة وجبر الضرر، ببناء قدرات مجموعات الضحايا لكي تتمكن من المشاركة المجدية في عملية العدالة الانتقالية الرسمية قيد التنفيذ، وتقوم بمقام الحليف الأساسي بالنسبة إلى لجنة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر والمصالحة.
- تعاون مع شركائه في سبيل دعم ضحايا العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وكذلك الناجين منهما، وتأزيرهم ومناصرتهم في انتزاع حقّهم والتماس العدالة وجبر الضرر.
- من ممارساته وأبحاثه، سلّط المركز الضوء على أهميّة وصول الضحايا إلى العدالة، وكذلك على أهميّة إطار العمل الذي حدده جدول أعمال العام 2030 (للتنمية المستدامة، لا سيّما هدف التنمية المستدامة رقم 16 حول السلام والعدالة والمجتمعات الشاملة للجميع، والهدف رقم 5 حول المساواة بين الجنسين، والهدف رقم 10 حول الحدّ من أوجه عدم المساواة[34].
هكذا شرعت جمهورية أفريقيا الوسطى بعد نزاع طاعن دام ستين سنة في عمليّة عدالة انتقاليّة تؤول إنهاء الإفلات من العقاب وإحقاق العدالة للضحايا. وتعاونت الجمهورية مع شركاء دوليين عدة، لتقدم الدعم للجنة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر والمصالحة حديثة العهد ولغيرها من مبادرات المحاسبة، وليساعد الضحايا على المشاركة فيها وعلى الوصول إلى العدالة.
إن النزاعات والعنف المتكرر قد أنهكت الدولة وأوهنت جميع مؤسساتها، وأوقعتها في وضعية من التسليح العام، أي سيطرة المجموعات المسلحة، وذلك لعجز أجهزة الدولة عن توفير الأمن، والخدمات الأساسية، والبلد مصنّف في خانة البلدان الأدقع فقرا في العالم. مما أدى مئات الآلاف من المواطنين في البلد للنزوح داخليا في القارة، كما عانى جم غفير من الشعب انتهاكات جمّة لحقوق الإنسان، وانعدام المساواة بين الجنسين، والعنف الجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
يتبيّن لنا مما سبق، أنّ الإسلام يعتبر أقليّة دينية في كافة دول وسط أفريقيا، وأنه هو الأقليّة الكبرى من بين الأقليّات الدينية المحليّة فيها. وأن الدين بصفة مطلقة؛ والإسلام بشكل خاص، لا يعتبر الآن إلاّ أداة لسياسة تلك البلدان في تأجيج النعرات، وإشعال فتائل المشاحنات، والحروب الأهليّة، وتبرير فشلها السياسي، وحشد الجموع قصد تجنيدها من أجل مصالح ذاتية وسياسية محضة.
ومن الناحية الدينية في أفريقيا الوسطى، لقد سعى مركز الحوار العالمي إلى تهيئة البيئة للجهات الدينية الإسلامية والمسيحيّة الفاعلة من أجل بناء الثقة المتبادلة لتعزيز التعاون والتماسك الاجتماعي، وإنشاء آليات شاملة تهدف إلى نمذجة قدرات القيادات الدينية، والإنذار المبكّر للعنف بين أتباع الأديان؛ وتخفيفه ومنعه في مناطق الصراع.
وكذلك القيام بمبادرات رائدة في مناطق التوتر والصراع، بغية الشراكة مع المؤسسات الدولية والدينية والحكومية لصناعة التوافق والوئام والسلام. وتقديم الدعم التقني والمالي للمنصّات الدينية من أجل تنسيق مستدام بينها. مع إجراء دراسات علمية ترصد الاحتياجات الزمانية والمكانية، وترسم خرائط حاوية للقضايا المستقبليّة، وتستشرف ثغراتها التي يلزم من الآن توقّع معالجتها، والأهداف الاجتماعية السامية التي يجب القيام بها وصيانتها.
فمن الواضح أن الدول الإفريقية عموما ودول وسط إفريقيا خصوصا، ودولة أفريقيا الوسطى بالأخص تحتاج إلى إعادة دراسة مفهوم المواطنة من جانبيه الديني والعلماني، وتوسيع دائرة المفهوم عبر البلاد بما فيه من ترسيخ حبّ الآخر والوطن، وبناء الثقافة المشتركة، والانخراط الجماعي في إعادة بناء الدولة. ثم إنه من المستحثّ المستعجل أن يعمّم ثقافة الحوار في المجال العام، وتستعاد القواسم المشتركة عبر ندوات ومؤتمرات وطنية؛ تجرّم من خلالها الخطابات السياسية الهدامة القائمة على الاستثارة باسم القبيلة والدين، وتصفّى القائدة العسكريّة في الدولة، ليس فقط بنزع السلاح بل بمنع التجنيد والاستيراد الفوضوي للسلاح.
وأخيرا، لا بد من إعادة بناء نخب الدولة، وتخريج جيل جديد من بناة السلام، مزوّدين بأفكار لامعة وبمعارف سيادية عادلة، ومهارات مؤسسية دقيقة لتسوية النزاعات، وتكوين قيادات دينية وسياسية تتبنى الأخلاق الدينية والديمقراطية الحاسمة للفوضى والافتراق وتجمع الكلم تحت سيادة القانون ووحدة التراب.
ثبت المصادر والمراجع
أبو عوف، عبد الرحمان. المؤامرات تتوالى على مسلمي الكاميرون، موقع مداد، 2007.
الأقليات والاستقرار السياسي في الوطن العربي، نيفين مسعد. جامعة القاهرة، مركز البحوث والدراسات السياسية، مكتبة النهضة المصرية، 1986.
تأملات في مسألة الأقليات، سعد الدين إبراهيم، الـكويت، دار صعاد الصباح، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، 1992.
التعايش والتواصل الحضاري، بدون مؤلّف، الرياض، فهرس مكتبة الملك فهد الوطنية، 1442هـ.
حسن، أباغانا، هاني، صلاح. مشكلة مسلمي الكاميرون الرئيسية تتركز في التعليم بكل مفرداته، مسلمون حول العالم، 2020.
ديشان، هوبير. الديانات في أفريقيا السوداء، ترجمة أحمد صادق حمدي، مراجعة محمد عبد الله درّاز، تقديم مصطفى لبيب، المركز القومي للترجمة.
الصراعات العرقية واستقرار عالم معاصر، أحمد وهبان. الإسكندرية، دار الجماعة الجديدة، ،1999، ط2، ص79. حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، دار الهناء، برج الـكيفان.
الطيب، زين العابدين محمد. الأوضاع التعليمية للأقليات المسلمة في إفريقيا، دراسات إفريقية، مركز البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة إفريقيا العالمية، العدد 26، ديسمبر 2001م.
علي، عبد القادر محمد. الصراع المسلّح يمزق دولة الكونغو الديمقراطية، رويترز، 15/2/2024.
العمري، أكرم ضياء. المجتمع المدني في عهد النبوة، خصائصه وتنظيماته الأولى، المدينة المنورة، 1983.
فضول، زكريا. الصراع الديني في جمهورية إفريقية الوسطى: الدوافع والأسباب، جامعة سكريا، تجديد الخطاب، العدد 28، 2011.
الفيروز آبادي، القاموس المحيط، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1301هـ، ج4.
القانون الدولي العام في السلم والحرب، الشافعي، محمد بشير. المنصورة، مكتبة الجلاء الحديثة، ،1976.
القرضاوي، يوسف. فقه الأقليات المسلمة، القاهرة، دار الشروق، 2001.
مركز الحوار العالمي، تحويل تسوية النزاعات في جمهورية إفريقيا الوسطى مبادرة كايسيد KAICIID الرائدة مع جامعة بانغي، 06/02/2024.
مفهوم الأقليات، طه جابر العلواني، إسلام أون لاين نت.wwww.islameonline; ne
نزعة قومية تروم استعادة مجد القارة السمراء، ولها فروع فكرية متعددة الجوانب، منها الدينية، والثقافية، والاجتماعية والوجودية.
نور الدين، عوض الكريم إبراهيم. أساليب المنصّرين في الصدّ عن الإسلام في إفريقيا وطرق مواجهتها، رسالة دكتوراه، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1423هـ.
Global Religious Landscape, statut de 2010. https://www.pewresearch.org/religion/2012/12/18/global-religious-landscape-exec/
Jules DESCHENES, Proposition concernant une définition du terme « minorité », (E/CN. 4/Sub.
2/1985/31).
OCHA Le Forum de Bangui : ne pas répéter les erreurs du passé, ICG, 2015.
فهرس المحتويات
المبحث الأوّل: المفاهيم العلمية لفكرة البحث…. 4
المطلب الأوّل: مفهوم التعايش الديني والأقليّة الدينية.. 4
ثانيا: الكونغو الديمقراطية:. 13
المبحث الثالث: العوامل والمبادرات التعزيزية للتعايش الديني في دول الأقليات الإسلامية في إفريقيا.. 16
مبادرات وطنية في أفريقيا الوسطى:. 17
دور المركز الدولي للعدالة الانتقالية:. 18
[1] ـ توني، أفا. رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر، ص 5.
[2] ـ ديشان، هوبير. الديانات في أفريقيا السوداء، ترجمة أحمد صادق حمدي، مراجعة محمد عبد الله درّاز، تقديم مصطفى لبيب، المركز القومي للترجمة، ص 9.
[3] ـ نزعة قومية تروم استعادة مجد القارة السمراء، ولها فروع فكرية متعددة الجوانب، منها الدينية، والثقافية، والاجتماعية والوجودية.
[4] ـ ابن منظور، لسان العرب، 321/6.
[5] ـ المعجم الوسيط 639/2.
[6] ـ التعايش والتواصل الحضاري، بدون مؤلّف، الرياض، فهرس مكتبة الملك فهد الوطنية، 1442هـ.
[7] ـ العمري، أكرم ضياء. المجتمع المدني في عهد النبوة، خصائصه وتنظيماته الأولى، المدينة المنورة، 1983، ص 107ــ108.
[8] ـ تاريخ الطبري: 436/4.
[9] ـ حضارة العرب ص 605.
[10] ـ الفيروز آبادي، القاموس المحيط، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1301هـ، ج4، ط3، ص39.
[11] ـ ابن منظور، لسان العرب، ج42، ص 3728، 3727.
[12] ـ ابن عاشور، التحبير والتنوير، تفسير سورة الأنفال، الآية 44.
[13] ـ رواه البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، رقم 01، ج07، ص2.
[14] ـ القرضاوي، يوسف. فقه الأقليات المسلمة، القاهرة، دار الشروق، 2001، ص 17.
[15] ـ مفهوم الأقليات، طه جابر العلواني، إسلام أون لاين نت.wwww.islameonline; ne
[16] ـ القانون الدولي العام في السلم والحرب، الشافعي، محمد بشير. المنصورة، مكتبة الجلاء الحديثة، ،1976ط ،2 ص 18.
[17] ـ تأملات في مسألة الأقليات، سعد الدين إبراهيم، الـكويت، دار صعاد الصباح، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، 1992، ص 18.
[18] ـ لأقليات والاستقرار السياسي في الوطن العربي، نيفين مسعد. جامعة القاهرة، مركز البحوث والدراسات السياسية، مكتبة النهضة المصرية، 1986، ص 5.
[19] ـ صناعة الفتوى وفقه الأقليات، ص 163.
[20] ـ الصراعات العرقية واستقرار عالم معاصر، أحمد وهبان. الإسكندرية، دار الجماعة الجديدة، ،1999، ط2، ص79.
[21] ـ حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، دار الهناء، برج الـكيفان، ص 14.
[22]ـ Jules DESCHENES, Proposition concernant une définition du terme « minorité », (E/CN. 4/Sub.
2/1985/31), p181.
[23]ـ Global Religious Landscape, statut de 2010. https://www.pewresearch.org/religion/2012/12/18/global-religious-landscape-exec/
[24] ـ فضول، زكريا. الصراع الديني في جمهورية إفريقية الوسطى: الدوافع والأسباب، جامعة سكريا، تجديد الخطاب، العدد 28، 2011، ص 119.
[25] ـ علي، عبد القادر محمد. الصراع المسلّح يمزق دولة الكونغو الديمقراطية، رويترز، 15/2/2024.
[26] ـ نور الدين، عوض الكريم إبراهيم. أساليب المنصّرين في الصدّ عن الإسلام في إفريقيا وطرق مواجهتها، رسالة دكتوراه، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1423هـ، ص 118.
[27] ـ الطيب، زين العابدين محمد. الأوضاع التعليمية للأقليات المسلمة في إفريقيا، دراسات إفريقية، مركز البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة إفريقيا العالمية، العدد 26، ديسمبر 2001م.
[28] ـ حسن، أباغانا، هاني، صلاح. مشكلة مسلمي الكاميرون الرئيسية تتركز في التعليم بكل مفرداته، مسلمون حول العالم، 2020.
[29] ـ أبو عوف، عبد الرحمان. المؤامرات تتوالى على مسلمي الكاميرون، موقع مداد، 2007.
[30] ـ أبو عوف، عبد الرحمان، المصدر السابق.
[31] ـ مركز الحوار العالمي، تحويل تسوية النزاعات في جمهورية إفريقيا الوسطى مبادرة كايسيد KAICIID الرائدة مع جامعة بانغي، 06/02/2024.
[32]ـ OCHA Le Forum de Bangui : ne pas répéter les erreurs du passé, ICG, 2015.
[33]ـ مركز العدالة الدولية ICTJ، جمهورية أفريقيا الوسطى، https://www.ictj.org/ar/location/%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B3%D8%B7%D9%89
[34] ـ مركز العدالة الدولية، نفس المصدر السابق.