الدراسات البحثيةالمتخصصة

التحديات الجيوسياسية في الشرق الأوسط: تحليل موقف مصر والأردن من خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين

Geopolitical Challenges in the Middle East: Analysis of Egypt and Jordan’s Position on Trump’s Plan to Displace Palestinians

إعداد :  مايسة خليل حسن – باحثة دكتوراة في فلسفة العلوم السياسية_ مصر.

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات عميقة غير مسبوقة في المشهد الجيوسياسي، حيث تتداخل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل معقد، وتبرز القضية الفلسطينية كأحد أبرز المحاور التي تحدد السياسات الإقليمية والدولية، فقد كانت فلسطين محط اهتمام العالم، خاصة العالم العربي والإسلامي ومع تزايد الصراعات والأزمات، أصبحت هذه القضية تمثل تحديًا كبيرًا ليس فقط للفلسطينيين ولكن أيضًا للدول المجاورة وللأطراف الدولية المعنية.

اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقتبل دورته الرئاسية الثانية في فبراير 2025 خطة للسلام تتضمن جوانب مثيرة للجدل، منها إمكانية تهجير الفلسطينيين من غزة, وهذه الخطة لم تكن مجرد مقترح سياسي، بل كانت بمثابة نقطة تحول في العلاقات بين الدول العربية والولايات المتحدة، حيث أثارت مخاوف بشأن حقوق الفلسطينيين وأمن المنطقة, حيث إن المواقف المختلفة تجاه هذه الخطة تعكس عمق التعقيدات السياسية والاقتصادية التي تواجهها الدول العربية.

تتجلى المتغيرات المحيطة بهذا الموضوع في عدة جوانب، بدءًا من التحولات السياسية الداخلية في مصر والأردن، وصولًا إلى تأثير الضغوط الدولية على صنع القرار, فمصر باعتبارها دولة محورية في العالم العربي، تلعب دورًا رئيسيًا في جهود الوساطة، حيث تسعى إلى الحفاظ على استقرارها الداخلي وتعزيز مكانتها كوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين, من جهة أخرى يسعى الأردن إلى الحفاظ على استقراره الداخلي وعلاقاته مع الفلسطينيين، خاصة في ظل وجود عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه, وبذا تتأثر مواقف هاتين الدولتين بعوامل متعددة، منها التغيرات السياسية الداخلية، والتحديات الاقتصادية، والتوترات الاجتماعية فمع تزايد الأزمات الاقتصادية، قد تجد الحكومات نفسها مضطرة للتعامل مع قضايا داخلية ملحة قد تؤثر على قدرتها على اتخاذ مواقف حاسمة تجاه القضايا الإقليمية, كما تلعب الديناميات الاجتماعية دورًا حاسمًا في تشكيل المواقف السياسية, فالرأي العام والمجتمع المدني يمكن أن يؤثرا بشكل كبير على السياسات الخارجية للدول، مما يجعل من الضروري فهم كيف يمكن أن تتفاعل هذه العناصر مع المواقف الرسمية, و في ظل هذه الظروف يصبح من الضروري تحليل جميع  المتغيرات  التي تؤثر على موقف مصر والأردن من خطة ترامب، لفهم كيف يمكن أن تتطور الأوضاع في المستقبل, حيث ستظل القضية الفلسطينية محورًا رئيسيًا في تحديد العلاقات الإقليمية والدولية، مما يضيف طبقات إضافية من التعقيد إلى المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط.

أولاً: المشكلة البحثية

تتناول هذه الدراسة تأثير خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مواقف كل من مصر والأردن تجاه القضية الفلسطينية، في سياق جيوسياسي معقد يتسم بتداخل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عام 2025، لا تزال القضية الفلسطينية تمثل محورًا رئيسيًا في العلاقات الدولية والإقليمية، حيث تسعى الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب، إلى فرض حلول قد تكون مثيرة للجدل, وهذا الأمر يثير تساؤلات حول ردود فعل الدول العربية، وخاصة مصر والأردن، اللتين ترتبطان بعلاقات تاريخية وثيقة مع القضية الفلسطينية.

تتسم الأبعاد الأمنية لهذه المشكلة بأهمية خاصة، حيث إن تنفيذ خطة ترامب قد يؤدي إلى تصاعد التوترات في المنطقة، مما يهدد الأمن القومي لمصر والأردن, ومن المحتمل أن تترتب على هذه التوترات تداعيات خطيرة، مثل تدفق اللاجئين وزيادة النشاطات الإرهابية، مما يؤثر سلبًا على الاستقرار الداخلي في كلا البلدين, وعلى الصعيد الاقتصادي، تعاني مصر والأردن من أزمات خانقة تشمل ارتفاع معدلات البطالة والفقر، فقد تؤثر الضغوط الاقتصادية على قدرة الحكومات على اتخاذ قرارات سياسية حاسمة تتعلق بالقضية الفلسطينية، مما يزيد من تعقيد الموقف, فالأزمات الاقتصادية قد تحد من الخيارات المتاحة أمام الحكومات وتؤثر على استجابتها للضغوط السياسية, أما من الناحية الاجتماعية، فإن الرأي العام والمجتمع المدني يلعبان دورًا حاسمًا في تشكيل السياسات الخارجية, والاحتجاجات الشعبية والمناصرة للقضية الفلسطينية قد تؤثر بشكل كبير على توجهات الحكومات، مما يستدعي دراسة كيفية تأثير هذه الديناميات على مواقف الدولتين تجاه خطة ترامب.

بناءً على ما سبق، تطرح الدراسة تساؤلًا رئيسيًا هو:

كيف تؤثر خطة ترامب على مواقف مصر والأردن تجاه القضية الفلسطينية، وما هي العوامل التي تحدد هذه المواقف في السياق الإقليمي والدولي؟

ومن خلال هذا التساؤل تنبثق التساؤلات الفرعية التالية:

  1. ما المخاطر الأمنية التي قد تواجهها مصر والأردن نتيجة تنفيذ خطة ترامب، وكيف يمكن أن تؤثر هذه المخاطر على استقرارهما الداخلي؟
  2. كيف تؤثر الأزمات الاقتصادية الحالية على قدرة مصر والأردن على اتخاذ مواقف سياسية حاسمة تجاه خطة ترامب؟
  3. كيف يمكن أن يؤثر الرأي العام والمجتمع المدني في تشكيل مواقف مصر والأردن تجاه خطة ترامب، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على السياسات الخارجية للدولتين؟

ثانياً: أهداف الدراسة

تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التالية:

تهدف الدراسة إلى تحليل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على مواقف مصر والأردن تجاه خطة ترامب، حيث تسعى الدراسة إلى إثراء الأدبيات الأكاديمية حول القضية الفلسطينية، كما تسعى الدراسة إلى توسيع قاعدة المعرفة حول تأثير السياسات الأمريكية على الدول العربية، خاصة في ضوء القضايا الحساسة مثل القضية الفلسطينية.

وتهدف الدراسة إلى تقديم توصيات لصانعي القرار في مصر والأردن حول كيفية التعامل مع خطة ترامب وتأثيراتها المحتملة, من خلال توفير معلومات دقيقة وتحليلات مستندة إلى الأدلة، وتسعى الدراسة إلى اقتراح استراتيجيات فعالة للتعامل مع التحديات الناتجة عن خطة ترامب، مما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

كما تهدف الدراسة إلى رفع مستوى الوعي العام حول القضية الفلسطينية وأهمية مواقف الدول العربية تجاهها، حيث تأمل الدراسة في تعزيز المشاركة المجتمعية في القضايا السياسية, كما تسعى الدراسة إلى تعزيز الحوار بين مختلف فئات المجتمع حول القضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية وتأثير السياسات الخارجية, مما يمكن أن يسهم في بناء مجتمع مدني قوي ومؤثر، وبما يعزز من قدرة المجتمع على التأثير في السياسات العامة.

ثالثاً: أهمية الدراسة

تكتسب هذه الدراسة أهمية بارزة في السياق الأكاديمي والسياسي والاجتماعي، حيث تسهم في تحقيق تحليل عميق للعوامل المؤثرة في مواقف الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية، خاصة في ظل المتغيرات الدولية الراهنة, حيث تسعى الدراسة إلى إبراز القضية الفلسطينية كأحد القضايا المركزية في الساحة الإقليمية والدولية ومن خلال ذلك، تعزز الوعي العام وتفتح المجال لنقاشات مجتمعية وسياسية غنية حول هذه القضية الحيوية.

كما تقدم الدراسة تحليلاً علمياً للسياسات الأمريكية وتأثيراتها على المواقف العربية, مما يسهم في فهم كيفية تشكيل هذه السياسات لمستقبل المنطقة، كما تسعى الدراسة إلى توجيه صانعي القرار في مصر والأردن نحو استراتيجيات فعالة للتعامل مع التحديات الناتجة عن خطة ترامب, مما يعزز الفعالية السياسية وتحقيق الاستقرار الإقليمي.

 رابعاً: فرضيات الدراسة

تسعى الدراسة لاختبار الفرضيات التالية:

  1. هناك علاقة مباشرة بين السياسات الأمريكية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومواقف الدول العربية، حيث تؤثر هذه السياسات بشكل كبير على القرارات السياسية للدول المعنية.
  2. تلعب العوامل الاقتصادية دوراً مهماً في تشكيل مواقف مصر والأردن تجاه خطة ترامب، حيث يمكن أن تؤثر المصالح الاقتصادية على استراتيجيات هذه الدول.
  3. هناك تأثيرات اجتماعية وثقافية تؤثر على مواقف الدول العربية، حيث تلعب الرأي العام والمجتمع المدني دوراً في تشكيل السياسات الرسمية.
  4. تتبنى كل من مصر والأردن مواقف متطابقة تجاه خطة ترامب، مما يعكس توافقاً في المصالح الوطنية والأمنية بين الدولتين, وهذا التطابق يمكن أن يكون نتيجة لعوامل مشتركة مثل الضغوط الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى الالتزامات التاريخية والسياسية تجاه القضية الفلسطينية.

خامساً: نطاق الدراسة

تتناول هذه الدراسة مجموعة من الجوانب المتعلقة بمواقف الدول العربية، وخاصة مصر والأردن، تجاه خطة ترامب في الشرق الأوسط, يتضمن نطاق الدراسة عدة محاور رئيسية تسهم في تشكيل فهم شامل للقضية الفلسطينية وتأثير السياسات الدولية عليها.

  1. الإطار الزمني

تغطي الدراسة فترة زمنية محددة تبدأ من إعلان خطة ترامب في يناير2025 وحتى الوقت الحالي, حتى يسمح بتحليل ردود الفعل والمواقف الرسمية والشعبية للدول المعنية خلال مراحل مختلفة من تنفيذ الخطة, كما يساعد في دراسة التأثيرات المستمرة لهذه الخطة على العلاقات العربية-الأمريكية.

  1. المجال الجغرافي

تركز الدراسة بشكل رئيسي على دولتي مصر والأردن، نظراً لدورهما المحوري في القضية الفلسطينية, حيث تعتبر مصر والأردن من الدول التي لها علاقات تاريخية وثيقة مع فلسطين، ولديهما مصالح استراتيجية في استقرار المنطقة بالإضافة إلى ذلك، تتناول الدراسة تأثيرات هذه المواقف على الدول العربية الأخرى، مما يوفر رؤية أوسع لتحليل العلاقات الإقليمية.

سادساً: الإطار النظري للدراسة

يعتبر الإطار النظري أحد العناصر الأساسية في أي دراسة أكاديمية، حيث يوفر الأساس المفاهيمي الذي يستند إليه الباحث في تحليل الظواهر المدروسة، يتمثل الإطار النظري لهذه الدراسة في تحليل مواقف الدول العربية، وخاصة مصر والأردن، تجاه خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط, حيث يتناول هذا الإطار مجموعة من النظريات والمفاهيم التي تساهم في فهم العوامل المؤثرة على هذه المواقف, وتتداخل عدة مجالات نظرية في هذا الإطار، منها السياسة الدولية، العلاقات الدولية، وعلم الاجتماع السياسي, لذا يعتبر فهم هذه النظريات ضرورياً لتفسير كيفية تفاعل الدول مع الأحداث العالمية، وكيف تؤثر السياسات الخارجية على القرارات المحلية.

  1. النظرية الواقعية ودورها في العلاقات الدولية

تعتبر النظرية الواقعية واحدة من أبرز النظريات في حقل العلاقات الدولية، حيث تركز على فهم سلوك الدول في نظام دولي يتميز بالصراع والتنافس, وتعتمد الواقعية على مجموعة من المبادئ الأساسية، منها أن الدول هي الفاعل الرئيسي في السياسة الدولية، وأنها تسعى دائمًا لتحقيق مصالحها الوطنية.

يعتبر الصراع على القوة عنصرًا محوريًا في العلاقات الدولية, وفقًا لهانز مورجنثاو فإن السياسة الدولية تتمحور حول الصراع على القوة، حيث تسعى الدول إلى تعزيز قدراتها العسكرية والاقتصادية لتحقيق أهدافها, كما تؤكد الواقعية على أن الدول تعمل وفقًا لمصالحها الوطنية، [1]مما يعني أن القرارات السياسية تتأثر بعوامل مثل الأمن القومي والاقتصاد، يشير كينيث والتز في هذا إلى أن الدول تسعى لتحقيق مصالحها الذاتية، مما يجعلها تتصرف بشكل عقلاني في مواجهة التهديدات, وتعتبر الأنانية سمة رئيسية في سلوك الدول، حيث يفترض أن كل دولة تسعى لتحقيق أقصى قدر من المزايا لنفسها، حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين, بالإضافة إلى اعتقاد الواقعية أن النظام الدولي يفتقر إلى سلطة مركزية، مما يؤدي إلى حالة من الفوضى حيث تتنافس الدول لتحقيق أهدافها, [2]وبذا يمكن تحليل كيف تسعى مصر والأردن إلى تحقيق مصالحهما من خلال دعم السياسات الأمريكية في المنطقة، وكيف تؤثر هذه المصالح على مواقفهما تجاه القضية الفلسطينية, حيث يمكن أن يظهر ذلك كيف تتفاعل الدول مع الضغوط الخارجية وكيف تؤثر هذه الضغوط على اتخاذ القرارات السياسية.

  1. نظرية الاعتماد المتبادل

تشير نظرية الاعتماد المتبادل إلى أن الدول ليست كيانات معزولة، بل تعتمد على بعضها البعض في مجالات متعددة، مثل الاقتصاد والأمن، حيث يبرز روبرت كيوهان أهمية التعاون بين الدول في مواجهة التحديات العالمية، مما يعزز الاعتماد المتبادل من التعاون ويقلل من احتمالات الصراع، حيث تصبح الدول أكثر وعيًا بأن مصالحها متشابكة, [3]في ضوء تلك النظرية سيتم تحليل كيف تؤثر المساعدات الأمريكية على مواقف مصر والأردن تجاه القضية الفلسطينية, فالمساعدات الاقتصادية والسياسية التي تقدمها الولايات المتحدة لهاتين الدولتين تعتبر عنصرًا حاسمًا في تشكيل سياستهما, حيث يمكن أن يكون هذا الاعتماد مصدراً للضغط أو الدعم، حيث يمكن أن تؤثر التغيرات في السياسات الأمريكية على كيفية تعامل هذه الدول مع القضايا الإقليمية والدولية.

  1. نظرية الهوية

تركز نظرية الهوية على كيفية تأثير الهوية الوطنية والثقافية على السياسات الخارجية للدول. فيشير ألكسندر ويندت إلى أن الهوية تلعب دورًا حيويًا في تشكيل السياسات الوطنية، حيث تعتبر الهوية الفلسطينية جزءاً من الهوية العربية المشتركة, وهذا الارتباط العميق بين الهوية الوطنية والسياسة يعكس كيف يمكن أن تؤثر المشاعر القومية والدينية على اتخاذ القرارات السياسية,[4] وستنطلق الدراسة عبر تحليل كيفية تأثير الهوية العربية والفلسطينية على مواقف مصر والأردن تجاه خطة ترامب الجديدة من خلال دراسة الرأي العام والمجتمع المدني، ودراسة كيف تعكس هذه الهوية القيم والمبادئ التي تشكل سياسات الدول, فالتفاعل بين الهوية والثقافة والسياسة يمكن أن يعطي دلالات مهمة حول كيفية استجابة الدول للتحديات السياسية.

  1. نظرية الأمن

تتعلق نظرية الأمن بكيفية تأثير التهديدات الأمنية على السياسات الوطنية, ويرى كينيث والتز إلى أهمية الأمن القومي في تشكيل السياسات الخارجية، حيث تعتبر التهديدات الإقليمية مثل النزاعات المسلحة والتهديدات الإرهابية عوامل مؤثرة في اتخاذ القرارات السياسية,[5] ومن خلال دراسة التهديدات الأمنية على مواقف مصر والأردن تجاه خطة ترامب. فالتحديات الأمنية التي تواجه هاتين الدولتين، مثل الإرهاب والنزاعات الإقليمية، تلعب دورًا كبيرًا في تحديد استراتيجياتهما وتوضيح أعمق لاستجابة الدولتين تجاه القضايا الإقليمية والدولية، مما يعزز من أهمية الأمن في تشكيل السياسات الخارجية.

سابعاً: منهج الدراسة

يتبنى هذا البحث منهجًا وصفيًا تحليليًا يهدف إلى دراسة مواقف مصر والأردن تجاه خطة ترامب للتسوية الأوضاع في غزة 2025، مع التركيز على العوامل المؤثرة في هذه المواقف ومنها المساعدات الأمريكية وتحليل خطاب ترامب وردود فعل البلدين تجاهه.

ثامناً: تقسيم الدراسة:

  • الفصل الأول: تحليل السياسات الأمريكية
  • المبحث الأول: السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط
  • المبحث الثاني: تحليل الخطاب الرسمي للولايات المتحدة وردود الأفعال المصرية والأردنية من خطاب ترامب
  • الفصل الثاني: العوامل الاقتصادية وتأثيرها على السياسات الخارجية الأمريكية بالمنطقة
  • المبحث الأول:  تأثير المساعدات المالية على السياسات والمواقف.
  • المبحث الثاني: تحليل العلاقة بين الدعم الأمريكي والمواقف المصرية والأردنية
  • الفصل الثالث: دور الهوية والثقافة في السياسات الخارجية
  • المبحث الأول: تأثير الهوية العربية على السياسات الخارجية لمصر والأردن.
  • المبحث الثاني: تأثير الهوية الفلسطينية على مواقف الدولتين المصرية والأردنية.
  • الفصل الرابع: تقييم التهديدات الأمنية الناجمة عن خطة ترامب
  • المبحث الأول: تحليل التحديات الأمنية الداخلية وتأثيرها على السياسا..
  • المبحث الثاني:  أثر التهديدات الأمنية السابقة على استراتيجيات الدولتين.

الفصل الأول: تحليل السياسات الأمريكية

المبحث الأول: السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط

يتناول هذا المبحث تحليل السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تشكل هذه السياسات جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأمريكية العالمية, حيث تعد منطقة الشرق الأوسط من المناطق الأكثر تعقيدًا في العالم، حيث تتداخل فيها العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية, فتسعى الولايات المتحدة من خلال سياساتها إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، بما في ذلك تعزيز أمنها الإقليمي، دعم حلفائها خاصة اسرائيل، ومواجهة التحديات الأمنية المتعددة، ولذا سيتم استعراض تطور السياسات الأمريكية عبر العقود، مع التركيز على الأحداث الرئيسية التي شكلت هذه السياسات، مثل الحروب والنزاعات، التغيرات السياسية، وأثرها على العلاقات الدولية, سيتناول المبحث أيضًا تأثير هذه السياسات على الدول العربية، وكيفية تفاعل الحكومتين المصرية والأردنية مع الاستراتيجيات الأمريكية, وسيتم تحليل المواقف المختلفة لهما، وكيف أثرت السياسات الأمريكية على استجابتيهما للأزمات والصراعات الإقليمية.

  • الإطار التاريخي عن السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط

يعد تاريخ السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تاريخاً معقداً يتداخل فيه العديد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية, فمنذ منتصف القرن العشرين، بدأت الولايات المتحدة في تعزيز وجودها في المنطقة، مستندة إلى عدة عوامل مثل النفط، الأمن الإقليمي، ومحاربة الشيوعية, ففي الخمسينيات والستينيات كانت السياسة الأمريكية تركز بشكل أساسي على احتواء الشيوعية تمثل ذلك في دعم الأنظمة الحليفة، مثل نظام الملك فاروق في مصر ونظام الشاه في إيران, وقد أُطلق على هذه الفترة اسم “الاستراتيجية الاحتوائية”، حيث سعت الولايات المتحدة إلى منع النفوذ السوفيتي في المنطقة, وخلال هذه الفترة، قامت الولايات المتحدة بتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية للأنظمة الحليفة مثل مصر وإيران، حيث كانت تخشى من انتشار الشيوعية, كما شهدت هذه الحقبة أزمة السويس عام 1956، التي أدت إلى تدخل عسكري من قبل بريطانيا وفرنسا ومع ذلك، تدخلت الولايات المتحدة لوقف التصعيد، مما عزز دورها كقوة عظمى في المنطقة,[6] ومع بداية السبعينيات شهدت السياسة الأمريكية تحولًا كبيرًا بعد حرب أكتوبر عام 1973, حيث أدت هذه الحرب إلى إعادة تقييم العلاقات الأمريكية مع الدول العربية، مما أسفر عن اتفاقات كامب ديفيد عام 1978 بين مصر وإسرائيل, وكانت هذه الاتفاقات نقطة تحول، حيث أصبحت مصر حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة في المنطقة، وحصلت على مساعدات اقتصادية وعسكرية كبيرة.[7]

فقدت الولايات المتحدة بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 حليفها الأساسي في المنطقة، مما أدى إلى إعادة تقييم استراتيجياتها. فتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة أصبح تحديًا جديدًا أمام السياسة الأمريكية, ثم تركزت السياسة الأمريكية بشكل كبير في التسعينيات على عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما أدى إلى اتفاقات أوسلو في عام 1993, فكانت هذه الاتفاقات محاولة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، لكنها لم تحقق الاستقرار المطلوب.[8]

وفي مطلع الألفية الجديدة أدت أحداث 11 سبتمبر عام 2001 إلى إعادة تشكيل السياسة الأمريكية بشكل جذري, حيث بدأت الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، مما أدى إلى غزو العراق في عام 2003,  وكان هذا التدخل نتيجة لاتهامات بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، مما زاد من تعقيد الوضع الإقليمي, ثم شهدت السنوات الأخيرة تغيرات كبيرة في السياسة الأمريكية، بدءًا من الربيع العربي عام 2011، مرورًا بتغير المواقف تجاه إيران، وصولاً إلى إدارة ترامب التي اتبعت سياسة أكثر انحيازًا لإسرائيل, حيث أدى الربيع العربي إلى تغييرات سياسية كبيرة في العديد من الدول، مما أثر على الاستقرار الإقليمي, وفي ظل إدارة ترامب الأولى تتخللها إدارة بايدن وترامب في دورته الثانية، اتبعت الولايات المتحدة سياسة أكثر انحيازًا لإسرائيل، بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها, كما تراجعت الإدارة عن بعض السياسات السابقة المتعلقة بإيران، بالإضافة إلى الدعم الغير مشروط لاسرائيل في حربها في غزة منذ أكتوبر 2023, مما زاد من التوترات في المنطقة.[9]

1.2. أهداف السياسات الأمريكية: تحليل الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة[10]

تسعى الولايات المتحدة من خلال سياساتها في الشرق الأوسط إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تتداخل فيها المصالح الاقتصادية، الأمنية، والسياسية فيما يلي:

أولاً: تأمين مصادر النفط

تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أهم مناطق إنتاج النفط في العالم، حيث تحتوي على احتياطيات ضخمة من النفط والغاز, حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين إمدادات النفط لضمان استقرار أسعار الطاقة العالمية، وذلك من خلال:

  • الاستثمارات في البنية التحتية: تقوم الولايات المتحدة بالاستثمار في مشاريع الطاقة والبنية التحتية في المنطقة لتعزيز القدرة الإنتاجية. يشمل ذلك بناء خطوط أنابيب جديدة وتطوير حقول النفط والغاز، مما يساعد على ضمان تدفق الإمدادات إلى الأسواق العالمية.
  • الشراكات الاستراتيجية: تسعى إلى بناء علاقات قوية مع الدول المنتجة للنفط مثل السعودية والإمارات لضمان تدفق الإمدادات, وهذه العلاقات تعتبر ضرورية لضمان استقرار الأسعار وتفادي أي تقلبات قد تؤثر على الاقتصاد الأمريكي والعالمي.

ثانياً: زيادة التدخل لمحاربة الإرهاب

أصبحت محاربة الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 هو أحد الأهداف الرئيسية للسياسة الأمريكية بدافع زيادة التدخل بالمنطقة, ويتمثل ذلك في:

  • التدخلات العسكرية: شنت الولايات المتحدة عمليات عسكرية في أفغانستان والعراق كجزء من استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب, حيث كانت تهدف هذه التدخلات إلى القضاء على الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وطالبان، وإعادة بناء الدول التي كانت تعاني من الفوضى.
  • دعم الحلفاء: تقدم الدعم العسكري والاستخباراتي للدول الحليفة في المنطقة لمساعدتها في مواجهة الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة. يشمل ذلك تدريب القوات المحلية وتقديم المساعدات اللوجستية، مما يسهم في تعزيز قدراتها على مكافحة الإرهاب.

ثالثاً: دعم الحلفاء

تسعى الولايات المتحدة إلى دعم حلفائها في المنطقة، مثل إسرائيل ومصر والمملكة السعودية والأردن، لضمان استقرار الأنظمة الحليفة وتعزيز تأثيرها في مواجهة القوى المعادية من خلال:

  • المساعدات العسكرية: تقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية كبيرة لهذه الدول لتعزيز قدراتها الدفاعية, تشمل تقديم الأسلحة المتطورة والتكنولوجيا العسكرية، مما يمكن هذه الدول من التصدي للتحديات الأمنية.
  • التعاون الأمني: تعمل على تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع هذه الدول لمواجهة التهديدات المشتركة, يشمل ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق في العمليات العسكرية، مما يعزز من قدرة الحلفاء على مواجهة التهديدات.

رابعاً: مواجهة النفوذ الإيراني

تسعى الولايات المتحدة إلى تطويق النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة بعد الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في عام 2015 واتداعيات الخروج منه فيما بعد تمثل ذلك في:

  • فرض العقوبات الاقتصادية: فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على إيران بهدف تقليص قدرتها على دعم الجماعات المسلحة في المنطقة, وتستهدف هذه العقوبات القطاعات الحيوية مثل النفط والغاز، مما يؤثر على الاقتصاد الإيراني ويحد من قدرته على تمويل الأنشطة العسكرية.
  • دعم الحلفاء الإقليميين: تقدم الدعم العسكري والاقتصادي لدول مثل السعودية وإسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني, مما يساعد هذه الدول على تعزيز قدراتها العسكرية وخلق توازن قوى في المنطقة.

خامساً: استخدام الديمقراطية وحقوق الإنسان كأدوات لتحقيق مصلحة الولايات المتحدة

على الرغم من أن هذه النقطة كانت أقل أهمية في بعض الفترات، إلا أن الولايات المتحدة تسعى إلى استخدام تعزيز مفاهيم قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في تحقيق مصالحها بالمنطقة، وذلك من خلال:

  • برامج الدعم: تنفيذ برامج تهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية في الدول العربية. تشمل هذه البرامج تقديم المساعدات المالية والتقنية للمنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان.
  • الضغط الدبلوماسي: استخدام الضغط الدبلوماسي على الأنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان، رغم أن هذا الهدف يتعرض للتحديات بسبب المصالح الاستراتيجية الأخرى, ففي بعض الأحيان، قد تتجاهل الولايات المتحدة انتهاكات حقوق الإنسان في الدول الحليفة إذا كانت هذه الدول تخدم مصالحها الاستراتيجية.

المبحث الثاني: تحليل الخطاب الرسمي للولايات المتحدة وردود الأفعال المصرية والأردنية من خطاب ترامب

  • تحليل التصريحات الرسمية للمسؤولين الأمريكيين ومواقفهم تجاه مصر والأردن

تعتبر العلاقات الأمريكية مع مصر والأردن من العلاقات الاستراتيجية التي تلعب دورًا محوريًا في السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط, حيث تعكس التصريحات الرسمية للمسؤولين الأمريكيين تجاه الدولتين طبيعة العلاقات الثنائية وتوجهات السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، حيث تتداخل الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية بشكل كبير.

  • التصريحات الرسمية تجاه مصر[11]

تعد مصر واحدة من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ويظهر ذلك من خلال التصريحات الرسمية التي تعكس دعمًا مستمرًا لمؤسسات الدولة المصرية, لكن في أعقاب التغيرات السياسية التي شهدتها مصر بعد ثورة 2011، أبدت الولايات المتحدة اهتمامًا كبيرًا باستقرار مصر كشرط أساسي لتحقيق الأمن الإقليمي, فقد صرح وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، في عام 2015 بأن “استقرار مصر هو استقرار للمنطقة بأسرها”، مما يبرز أهمية مصر في الاستراتيجية الأمريكية لضمان الأمن الإقليمي, كما تعتبر المساعدات الأمريكية لمصر من أكبر المساعدات التي تتلقاها أي دولة في العالم. حيث تسعى الولايات المتحدة من خلال هذه المساعدات إلى تعزيز التنمية الاقتصادية ودعم الإصلاحات, ففي عام 2021 أشار الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أن المساعدات الأمريكية لمصر تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية ودعم الإصلاحات الاقتصادية، مما يشير إلى التزام الولايات المتحدة بمساعدة مصر في تحقيق النمو والاستقرار.

كما تعتبر مصر شريكًا رئيسيًا في جهود مكافحة الإرهاب, حيث تتعاون الولايات المتحدة مع مصر في تبادل المعلومات الاستخباراتية لمواجهة التهديدات المشتركة, ففي عام 2021 أكد وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أن التعاون الأمني مع مصر يلعب دورًا حيويًا في مواجهة التهديدات الإرهابية، مما يعكس أهمية مصر في الاستراتيجية الأمنية الأمريكية.

  • التصريحات الرسمية تجاه الأردن

تعتبر الأردن أيضًا حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، حيث تلعب دورًا محوريًا في عملية السلام في الشرق الأوسط. وقد أكدت تصريحات المسؤولين الأمريكيين على أهمية هذا الدور، حيث أشار الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، إلى أن “الأردن هو حجر الزاوية للاستقرار في الشرق الأوسط”. تعكس هذه التصريحات التزام الولايات المتحدة بدعم جهود السلام في المنطقة وتعزيز الاستقرار.[12]

تقدم الولايات المتحدة دعمًا كبيرًا للأردن لمساعدته على مواجهة التحديات الاقتصادية الناتجة عن الأزمات الإقليمية، بما في ذلك أزمة اللاجئين السوريين. في عام 2021، صرح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بأن المساعدات الأمريكية تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة ودعم اللاجئين، مما يدل على التزام الولايات المتحدة بمساعدة الأردن في التغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية, كما تعتبر العلاقات الأمنية مع الأردن جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة, حيث تتعاون الولايات المتحدة مع القوات المسلحة الأردنية بشكل وثيق لمواجهة التهديدات الأمنية. في عام 2021، فقد صرح الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، بأن الأردن يعد شريكًا حيويًا في مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي، مما يعكس أهمية التعاون الأمني بين البلدين.[13]

  • تحليل ردود الفعل المصرية والأردنية والسياقات السياسية

تعتبر ردود الفعل من الحكومات المصرية والأردنية تجاه التصريحات الرسمية للمسؤولين الأمريكيين جزءًا أساسيًا من فهم العلاقات الثنائية بين هذه الدول والولايات المتحدة, حيث تتأثر ردود الفعل الرسمية في كل من مصر والأردن بعدة سياقات سياسية, وتواجه كل من مصر والأردن تهديدات أمنية، مثل الإرهاب والتطرف، مما يدفعهما إلى تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة, وهذه التهديدات تؤثر على كيفية استقبال التصريحات الأمريكية وتوجيه السياسات الداخلية, كما تعاني كل من الدولتين من تحديات اقتصادية كبيرة، مما يجعل المساعدات الأمريكية ذات أهمية قصوى, وهذه الضغوط الاقتصادية تؤثر على كيفية تعامل الحكومات مع التصريحات الرسمية، حيث تعتبر المساعدات الخارجية ضرورية لتحقيق الاستقرار, كما تلعب القوى السياسية المختلفة دورًا في تشكيل ردود الفعل الرسمية, ففي مصر هناك قلق من تأثير المساعدات الأمريكية على السيادة الوطنية، بينما في الأردن، هناك دعوات لتعزيز الاستقلالية الاقتصادية, وتؤثر العلاقات مع الدول المجاورة والصراعات الإقليمية على كيفية استقبال التصريحات الأمريكية, فالأردن يواجه تحديات نتيجة للأزمات في سوريا وفلسطين، مما يجعل الدعم الأمريكي ذا قيمة استراتيجية.

2.2.1. ردود الفعل من الحكومة المصرية

في أعقاب التصريحات الأمريكية التي تؤكد على أهمية الاستقرار في مصر، كانت هناك ردود فعل متباينة من الحكومة المصرية, حيث اعتبرت الحكومة المصرية هذه التصريحات دعمًا لمؤسسات الدولة، مما يعكس التزام الولايات المتحدة بمساعدتها في مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية, وقد أكد المسؤولون المصريون على أهمية التعاون مع الولايات المتحدة في مجالات الأمن والاقتصاد، مشيرين إلى أن هذا التعاون يعزز من قدرة مصر على مواجهة التهديدات الأمنية، بما في ذلك الإرهاب, ومع ذلك، كانت هناك أيضًا انتقادات داخلية من بعض القوى السياسية والمجتمعية التي رأت أن الاعتماد على المساعدات الأمريكية قد يؤثر على السيادة الوطنية, وقد عبر بعض السياسيين عن قلقهم من أن هذه المساعدات قد تكون مشروطة بتبني سياسات معينة تتوافق مع المصالح الأمريكية، مما قد يؤدي إلى تآكل الاستقلالية في اتخاذ القرار.[14]

2.2.2. ردود الفعل من الحكومة الأردنية

كانت ردود الفعل تجاه التصريحات الأمريكية بالنسبة للأردن إيجابية بشكل عام, حيث اعتبرت الحكومة الأردنية هذه التصريحات بمثابة تأكيد على دورها كحليف استراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة. وقد عبّر المسؤولون الأردنيون عن تقديرهم للمساعدات الأمريكية، مؤكدين أنها تساهم في تعزيز الاستقرار الداخلي وتساعد في التعامل مع الأزمات، مثل أزمة اللاجئين السوريين, ومع ذلك، تواجه الحكومة الأردنية تحديات داخلية تتعلق بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، مما يجعلها بحاجة ماسة إلى الدعم الخارجي. وقد أبدت بعض القوى السياسية في الأردن قلقها من الاعتماد الكبير على المساعدات الخارجية، مشيرة إلى ضرورة تطوير استراتيجيات داخلية لتعزيز الاستقلال الاقتصادي.[15]

2.3. تحليل خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول ضم الضفة الغربية والسيطرة على غزة

أبدى الرئيس الأمريكي ترامب في فبراير 2025 تأييده لضم إسرائيل الضفة الغربية، مما يعكس توجهًا سياسيًا واضحًا نحو تعزيز السيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة, وتصريحه بأن “الأمر سينجح” يدل على ثقته في قدرة إسرائيل على تنفيذ هذا التوجه، وهو ما يعتبر خطوة مثيرة للجدل على الصعيدين الدولي والمحلي، حيث يواجه مثل هذا القرار معارضة شديدة من قبل الفلسطينيين ودول أخرى, وتظهر تصريحات ترامب بشأن السيطرة على غزة وتهجير سكانها رؤية أميركية مثيرة للقلق, في قوله “سندير غزة بشكل صحيح للغاية ولن نشتريها” يعكس عدم اعترافه بحقوق الفلسطينيين في أرضهم، ويعبر عن رغبة في فرض حلول أحادية الجانب, كما أن حديثه عن “الفلسطينيون سيعيشون بأمان في مكان آخر غير غزة” يشير إلى نية تهجير جماعي، وهو ما يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي.

دعا ترامب إلى انتظار خطة من مصر، مما يدل على أهمية التنسيق الإقليمي في هذا السياق, والإشارة إلى النقاشات مع الملك عبدالله الثاني تعكس رغبة في إشراك دول المنطقة في عملية اتخاذ القرار، لكن التصريحات تظهر أيضًا أن الولايات المتحدة تتخذ زمام المبادرة، مما قد يؤدي إلى توترات بين الأطراف المعنية.[16]

تعكس تصريحات ترامب حول إمكانية تحقيق “سلام في غزة” و”تنمية على أوسع نطاق في المنطقة” تعكس رؤية غير واقعية،  تفتقر إلى التفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك, والإيمان بأن “سكان الشرق الأوسط يريدون السلام” قد يكون صحيحًا، لكنه يتجاهل التعقيدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعقائدية التي تعيق تحقيق هذا السلام, كما أن تصريح ترامب حول تقديم الولايات المتحدة أموالاً كثيرة للأردن ومصر، مع التأكيد على عدم إصدار تهديدات بشأنها، ويظهر استخدام المساعدات كوسيلة للتأثير على قرارات الدول الأخرى, مما يعد تكتيكًا سياسيًا يتطلب الحذر، حيث يمكن أن يؤدي إلى استغلال المساعدات لتحقيق أهداف سياسية, وعندما قال ترامب “بموجب السلطة الأميركية” في إشارة إلى السيطرة على غزة، يظهر ذلك غموضًا حول الأسس القانونية والسياسية لهذه السيطرة, وهذا التصريح يمكن أن يُفسر على أنه محاولة لتبرير تدخل أميركي مباشر في الشؤون الفلسطينية، مما يثير تساؤلات حول سيادة الفلسطينيين وحقوقهم.

2.4. تحليل الخطاب الرسمي لمصر والأردن حول إعادة إعمار غزة

يأتي البيان الرئاسي المصري في فبراير 2025 بعد اتصال بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في إطار جهود الدولتين لدعم القضية الفلسطينية وتعزيز التنسيق الإقليمي. يعكس هذا الاتصال تضافر الجهود المصرية والأردنية في مواجهة التحديات الإنسانية والسياسية في قطاع غزة، حيث يشدد البيان على  وحدة الموقفين، مما يدل على التنسيق العالي بين البلدين في القضايا الإقليمية, حيث يؤكد السيسي والملك عبدالله على أهمية بدء  إعادة إعمار غزة بشكل فوري، مما يعكس إدراكًا عميقًا لحجم المعاناة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون والتزامهما بمساعدتهم، ويشدد البيان على ضرورة عدم تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مما يعكس موقفًا إنسانيًا وأخلاقيًا تجاه حقوق الفلسطينيين، ويتماشى مع المبادئ الدولية التي تدعو إلى حماية حقوق الإنسان.

كما يبرز البيان أهمية  التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار وتيسير إدخال المساعدات الإنسانية، مما يعكس الوعي بأهمية توفير الدعم الإنساني العاجل في ظل الأوضاع الصعبة في غزة, ويظهر الاتصال أيضًا حرص القيادتين على  تعزيز العلاقات  بين مصر والأردن، مما يعكس التزامهما بتعاون وثيق في جميع القضايا الإقليمية، وهو تعاون يعتبر ضروريًا لتحقيق المصالح المشتركة للشعبين, علاوة على ذلك، يبرز البيان التعاون مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كجزء من الجهود لتحقيق  السلام الدائم في المنطقة ، مما يظهر رغبة البلدين في توجيه الجهود الدولية نحو تحقيق استقرار شامل, كما يشير البيان إلى استعدادات القمة العربية المقررة في مصر، مما يدل على أهمية التنسيق العربي في مواجهة التحديات الإقليمية ووعي القيادتين بأهمية الوحدة العربية في معالجة القضايا الكبرى. [17]

الفصل الثاني: العوامل الاقتصادية وتأثيرها على السياسات الخارجية الأمريكية بالمنطقة

المبحث الأول: تأثير المساعدات المالية على السياسات والمواقف.

تعتبر المساعدات الأمريكية أحد الأدوات الأساسية التي تستخدمها الولايات المتحدة لتعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، فكانت هذه المساعدات منذ عقود تلعب دورًا محوريًا في تشكيل العلاقات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، حيث تمثل وسيلة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الأميركية, لذا يسهتدف هذا المبحث إلى تحليل كيفية تأثير المساعدات الأمريكية على السياسات الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مع التركيز على الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وتتوزع المساعدات الأمريكية على عدة مجالات، منها المساعدات العسكرية والاقتصادية، وكذلك المساعدات الإنسانية, وهذه المساعدات ليست مجرد دعم مالي، بل هي وسيلة لتعزيز الاستقرار في المنطقة، وتحقيق مصالح الولايات المتحدة، سواء من خلال دعم حلفاء معينين مثل إسرائيل، أو من خلال محاولة التأثير على الأنظمة السياسية في الدول الأخرى، تساهم المساعدات العسكرية في تعزيز القدرات الدفاعية للدول الحليفة، مما يسهم في تحقيق توازن القوى في المنطقة، ويعكس التزام الولايات المتحدة بأمن حلفائها، كما تلعب المساعدات الاقتصادية دورًا بالغ الأهمية في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المستفيدة, فتسعى الولايات المتحدة من خلال تقديم الدعم المالي لمشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة إلى تحسين الظروف المعيشية في هذه الدول، مما يساهم في تعزيز الاستقرار السياسي, ولكن يُنظر إلى هذه المساعدات أيضًا على أنها أداة للضغط على الحكومات لتبني سياسات تتماشى مع المصالح الأمريكية، مما يثير تساؤلات حول مدى استقلالية هذه الدول في اتخاذ قراراتها, وتتأثر السياسات الخارجية الأمريكية بشكل كبير بالتغيرات الاقتصادية داخل الولايات المتحدة نفسها, ففي فترات الركود الاقتصادي، قد تتقلص المساعدات الخارجية بسبب الضغوط الداخلية، مما يؤثر على العلاقات مع الدول المستفيدة, كما أن التوجهات السياسية في الولايات المتحدة، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، تلعب دورًا في تحديد مستويات وأشكال المساعدات المقدمة, وفي بعض الأحيان تستخدم المساعدات كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية معينة، مثل دعم الديمقراطية أو مكافحة الإرهاب، مما يضيف بعدًا إضافيًا لتأثيرها على السياسات الخارجية.[18]

  • أنواع المساعدات المقدمة لمصر والأردن (مالية، عسكرية، إنسانية)

تعتبر المساعدات الأمريكية لمصر والأردن من أبرز الأمثلة على كيفية استخدام الولايات المتحدة للمساعدات كأداة لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط, فتتنوع هذه المساعدات بين المالية والعسكرية والإنسانية، حيث تهدف كل نوع إلى تحقيق أهداف استراتيجية محددة.

تعتبر المساعدات المالية الأكثر تأثيرًا في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في كلا البلدين، حيث تخصص الولايات المتحدة سنويًا حوالي 1.3 مليار دولار كمساعدات لمصر، منها 1.1 مليار دولار للمساعدات العسكرية و250 مليون دولار للمساعدات الاقتصادية. بلغت قيمة المساعدات الأميركية لكل من مصر والأردن عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية “USAID” نحو 3.2 مليار دولار خلال عام 2023، وفق بيانات الوكالة, وقد نال الأردن الحصة الأكبر بقيمة 1.72 مليار دولار، فيما بلغت حصة مصر من المساعدات 1.45 مليار دولار.[19]

تساعد هذه المساعدات في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين المصريين، مما يسهم في تعزيز الاستقرار الداخلي.[20] أما في الأردن، يحظى الأردن بمساعدات أميركية كبيرة تخصص لدعم الاستقرار الاقتصادي والأمني للمملكة. وفقًا للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، يحصل الأردن على حوالي 1.65 مليار دولار سنويًا، تشمل مساعدات اقتصادية وعسكرية, وعلى الجانب الاقتصادي يعتبر الأردن من أكبر الدول المستفيدة من المساعدات التنموية الأميركية، حيث يتم توجيه جزء كبير من التمويل لدعم الميزانية الحكومية، ومشاريع البنية التحتية، والبرامج التنموية التي تركز على مجالات مثل المياه، الطاقة، والتعليم. تلعب هذه المساعدات دورًا جوهريًا في مواجهة التحديات الاقتصادية التي يعاني منها الأردن، خاصة في ظل الأعباء الإضافية الناتجة عن استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين, أما على المستوى العسكري، فتقدم الولايات المتحدة مساعدات بمئات الملايين من الدولارات لدعم القوات المسلحة الأردنية، من خلال تزويدها بالمعدات العسكرية، وتوفير التدريب والتمويل لبرامج مكافحة الإرهاب وحماية الحدود, حيث يعكس هذا الدعم مكانة الأردن كحليف استراتيجي في المنطقة، حيث تستضيف المملكة قواعد عسكرية أميركية، وتشارك في الجهود الدولية لمكافحة التطرف.[21]

تعد المساعدات العسكرية عنصرًا حيويًا في تعزيز القدرات الدفاعية لكل من مصر والأردن, حيث تتلقى مصر مساعدات عسكرية كبيرة، مما يعزز من قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية، ويعتبر ذلك جزءًا من الاستراتيجية الأمريكية للحد من نفوذ القوى المعادية للولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة , وبالنسبة للأردن، فإن المساعدات العسكرية تساهم في تعزيز قدراته على مكافحة الإرهاب، حيث تخصص الولايات المتحدة حوالي 300 مليون دولار سنويًا للأردن في شكل مساعدات عسكرية، مما يجعل الأردن شريكًا أساسيًا في جهود الولايات المتحدة لمكافحة التطرف في الشرق الأوسط.[22]

أما المساعدات الإنسانية فهي تعتبر جزءًا مهمًا من الدعم الأمريكي، حيث تستخدم لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان في كلا البلدين، توجه المساعدات الإنسانية في مصر لدعم الفئات الأكثر ضعفًا، بما في ذلك النساء والأطفال، حيث تخصص الولايات المتحدة حوالي 50 مليون دولار سنويًا للمساعدات الإنسانية ,ففي الأردن، تخصص المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجات اللاجئين، حيث يخصص ما يقرب من 200 مليون دولار سنويًا لدعم برامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية، مما يساعد في تخفيف الأعباء الاجتماعية والاقتصادية التي يتحملها البلد.[23]

  • تأثير المساعدات المالية على السياسات والمواقف للبلدين

تعتبر المساعدات المالية الأمريكية لمصر والأردن من العوامل الرئيسية التي تؤثر على السياسات والمواقف الداخلية والخارجية في كلا البلدين, مما يعزز من قدرة الحكومات على تنفيذ برامج التنمية، مما يسهم في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين ومع ذلك، فإن هذه المساعدات تأتي أيضًا مع شروط سياسية قد تؤثر على استقلالية القرار السياسي في كلا البلدين، فيُنظر إلى المساعدات المالية كوسيلة لتعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي, حيث تعتمد الحكومة المصرية بشكل كبير على هذه المساعدات لتلبية احتياجاتها المالية، مما يجعلها أكثر استجابة للمطالب الأمريكية, ويمكن أن يظهر هذا التأثير في تبني سياسات تتماشى مع المصالح الأمريكية، مثل محاربة الإرهاب وتعزيز التعاون الأمني ومع ذلك، قد يؤدي الاعتماد على المساعدات المالية إلى تآكل الشرعية الداخلية للحكومة، حيث يُنظر إلى هذه المساعدات كأداة للضغط الخارجي.[24]بينما تعتبر في الأردن المساعدات المالية ضرورية لضمان استقرار الحكومة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة, فتستخدم الحكومة الأردنية هذه المساعدات لدعم برامجها الاجتماعية والاقتصادية، مما يسهم في تقليل الاحتقان الشعبي ومع ذلك، فإن الاعتماد على المساعدات الخارجية قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على السيادة الوطنية، حيث يمكن أن تفرض سياسات معينة من قبل المانحين.[25]

يعتبر الدعم السياسي الأمريكي لمصر والأردن عنصرًا حاسمًا في تشكيل استراتيجياتهما الخارجية, ويتجلى هذا الدعم في عدة أشكال، بما في ذلك الدعم الدبلوماسي والتعاون الأمني، مما يعزز من موقف البلدين في الساحة الدولية، حيث يعزز الدعم السياسي الأمريكي من موقف الحكومة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية, وتستفيد الحكومة المصرية من هذا الدعم في تعزيز علاقاتها مع الدول الغربية، مما يساعدها في الحصول على مزيد من المساعدات والدعم الدولي, مما يعتبر بمثابة غطاء لحكومات متعاقبة، حيث يمكنها من تنفيذ سياسات قد تكون غير شعبية دون خوف من فقدان الدعم الخارجي.[26]أما بالنسبة للأردن، فإن الدعم السياسي الأمريكي يعزز من موقفه كحليف استراتيجي في المنطقة, وتعتمد الحكومة الأردنية على هذا الدعم في تعزيز استراتيجياتها الأمنية، خاصة في ظل التوترات الإقليمية, بينما يساعد الدعم السياسي الأردن في الحفاظ على استقرار النظام، مما يمكنه من مواجهة التحديات مثل أزمة اللاجئين السوريين والتهديدات الإرهابية.[27]

المبحث الثاني: تحليل العلاقة بين الدعم الأمريكي والمواقف المصرية والأردنية

2.1. العلاقة بين حجم المساعدات والمواقف الرسمية تجاه خطة ترامب

تعتبر العلاقة بين حجم المساعدات الأمريكية والمواقف الرسمية لمصر والأردن تجاه خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط من الموضوعات المهمة, لقد كانت خطة ترامب، المعروفة أيضًا بـ “صفقة القرن”، وخطة إعمار غزة وتهجير أهلها إلى مصر والأردن ,بهدف ظاهري إلى تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وقد أثارت جدلاً واسعًا في المنطقة, حيث تظهر الدراسات أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين حجم المساعدات التي تتلقاها الدولتان والمواقف الرسمية تجاه هذه الخطة، فبينما كانت الحكومة المصرية حذرة في البداية تجاه خطة ترامب الأولى، إلا أنها سعت للحصول على دعم مالي أكبر من الولايات المتحدة، مما جعلها تتبنى مواقف أكثر إيجابية تجاه الخطة, مما يعكس كيف أن الاعتماد على المساعدات يمكن أن يؤثر على المواقف السياسية، حيث قد تتجه الحكومات إلى دعم سياسات معينة للحصول على مزيد من الدعم المالي, بينما قوبلت بالرفض من الرئيس المصري في خطة ترامب بالنسبة لغزة, بسبب تعارض مصالح الأمن القومي المباشر لمصر مع مآلات تلك الخطة إذا ما تم تنفيذها, كان الموقف أكثر تعقيدًا في حالة الأردن، فبالرغم من تلقيه مساعدات كبيرة، إلا أن الحكومة الأردنية كانت أكثر ترددًا في قبول خطة ترامب، بسبب الضغوط الشعبية والاعتبارات الوطنية, ومع ذلك فإن حجم المساعدات الذي يتلقاه الأردن من الولايات المتحدة قد يؤثر على قدرته على اتخاذ مواقف أكثر استقلالية, وهذا التباين في المواقف يعكس كيف يمكن أن تؤثر المساعدات على السياسة الخارجية، حيث يمكن أن تكون هناك ضغوط لتبني مواقف تتماشى مع المصالح الأمريكية.

وحصلت مصر تاريخياً بسبب اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 على مساعدات مالية وعسكرية كبيرة من الولايات المتحدة بعد توقيع الاتفاقية, مما ساعد مصر على تعزيز موقفها في المنطقة، وأدى إلى تحسين العلاقات مع إسرائيل. في هذا السياق، يمكن القول إن المساعدات الأمريكية كانت حافزًا رئيسيًا لسياسات مصر تجاه السلام مع إسرائيل.[28]

أما بالنسبة للأردن، فإن اتفاقية وادي عربة عام 1994 مع إسرائيل كانت مدعومة بشكل كبير بالمساعدات الأمريكية. بعد توقيع الاتفاقية، زادت المساعدات الأمريكية للأردن، مما ساهم في استقرار النظام الأردني وتعزيز موقفه كحليف استراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة. هذا الدعم ساعد الأردن على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، مما يعكس كيف يمكن أن تؤثر المساعدات على المواقف السياسية.[29]

  • الآثار الاقتصادية الناتجة عن الاعتماد على المساعدات الأمريكية بالنسبة للبلدين

الاعتماد على المساعدات الخارجية له آثار اقتصادية متعددة على كل من مصر والأردن. في البداية، يمكن أن ينظر إلى المساعدات على أنها أداة لتعزيز النمو الاقتصادي، حيث تستخدم لدعم البرامج الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، فإن الاعتماد المفرط على هذه المساعدات يمكن أن يؤدي إلى آثار سلبية, ففي مصر يظهر الاعتماد على المساعدات الأمريكية تأثيرًا مزدوجًا, فمن جهة ساعدت المساعدات في تحسين البنية التحتية وتعزيز التنمية الاقتصادية, ومن جهة أخرى فإن الاعتماد الكبير على هذه المساعدات قد يؤدي إلى تآكل الاستقلال الاقتصادي، ويجعل الحكومة أكثر عرضة للضغوط الخارجية, وهذا الاعتماد يمكن أن يعيق الابتكار ويؤثر سلبًا على قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات اقتصادية مستقلة, بينما يعتبر الاعتماد على المساعدات  في الأردن ضروريًا لدعم الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التحديات الناتجة عن استضافة اللاجئين ومع ذلك، فإن هذا الاعتماد يمكن أن يؤدي إلى تآكل القدرة التنافسية للاقتصاد الأردني، حيث يمكن أن يُعتمد على المساعدات بدلاً من تعزيز الإنتاجية المحلية. كما أن الاعتماد على المساعدات يمكن أن يُعيق جهود الإصلاح الاقتصادي، مما يجعل من الصعب تحقيق التنمية المستدامة.[30]

الفصل الثالث: دور الهوية والثقافة في السياسات الخارجية

المبحث الأول: تأثير الهوية العربية على السياسات الخارجية لمصر والأردن

تعتبر الهوية الوطنية من العوامل الأساسية التي تؤثر في تشكيل السياسات الخارجية للدول، حيث تعكس مجموعة من القيم والمبادئ التي يتبناها المجتمع وتعبّر عن تطلعاته وأهدافه. في عالم معقد ومتغير، تلعب الهوية الوطنية دورًا حيويًا في توجيه سلوك الدول على الساحة الدولية، مما يؤثر على كيفية تفاعلها مع القوى الأخرى, وتتداخل الهوية الوطنية بشكل عميق مع العوامل الثقافية والتاريخية، مما يخلق إطارًا فريدًا يؤثر في كيفية إدراك الدول لأنفسها وللعالم المحيط بها, وتشير الدراسات إلى أن الهوية ليست ثابتة، بل تتطور مع مرور الوقت، متأثرة بالتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, وهذا التفاعل الديناميكي بين الهوية الوطنية والسياسات الخارجية يتيح فهمًا أعمق لكيفية تشكيل استراتيجيات الدول، بما في ذلك التحالفات والمواقف تجاه الأزمات الدولية, وعند تحليل الهوية الوطنية، نجد أنها تلعب دورًا مزدوجًا؛ فهي قد تكون أداة لتعزيز المصالح الوطنية، أو عقبة أمام تحقيق الأهداف الاستراتيجية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي الهوية المشتركة إلى تعزيز التعاون بين الدول، بينما قد تؤدي التباينات في الهوية إلى صراعات أو توترات. من خلال دراسة هذه الديناميات، يمكننا استكشاف كيف تسهم الهوية في تشكيل مستقبل العلاقات الدولية للدول وتحديد موقعها في النظام العالمي.

  • تأثير الهوية العربية على السياسة الخارجية المصرية

تعتبر الهوية عنصرًا حيويًا في تشكيل سلوك الدول على الساحة الدولية, حيث تلعب الهويات الوطنية والدينية والثقافية دورًا محوريًا في كيفية تفاعل الدول مع بعضها البعض، حيث تؤثر هذه الهويات على مواقفها تجاه قضايا مثل الأمن والتعاون الإقليمي والصراعات. يمكن أن تؤدي الهويات المختلفة إلى استجابات سياسية متباينة؛ فبعض الدول قد تفضل التعاون مع جيرانها بناءً على هوية مشتركة، بينما قد تختار دول أخرى اتخاذ مواقف عدائية نتيجة لانتماءاتها الثقافية والدينية المختلفة. يعكس هذا التباين في الاستجابات التعقيد الذي يكتنف العلاقات الدولية، حيث تتداخل العوامل التاريخية والثقافية مع الديناميات السياسية.[31]

تعتبر الهوية العربية عنصرًا محوريًا في تشكيل السياسات الخارجية لمصر والأردن، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه استراتيجياتهما السياسية وعلاقاتهما مع الدول الأخرى. تعكس هذه الهوية مجموعة من القيم الثقافية والتاريخية التي تجمع بين الشعبين، مما يؤثر في كيفية تفاعلهما مع القضايا الإقليمية والدولية, وتعود جذور الهوية العربية إلى التراث الثقافي والديني المشترك، والذي يتضمن اللغة العربية، الدين الإسلامي، والتاريخ المشترك الذي يمتد لقرون. هذه العناصر تشكل أساس الهوية العربية، مما يعزز من شعور الانتماء والتضامن بين الدول العربية. في هذا السياق، يمكن القول إن الهوية العربية تساهم في تعزيز التعاون بين مصر والأردن، خاصة في مواجهة التحديات المشتركة مثل النزاعات الإقليمية، الأزمات الاقتصادية، والتهديدات الأمنية, لكن تواجه الدول في الشرق الأوسط تحديات كبيرة بسبب الانقسامات الداخلية والخارجية. تشمل هذه التحديات الصراعات الطائفية والتوترات الإقليمية وتأثير القوى الكبرى، مما يوضح كيف تتفاعل هذه العوامل مع الهوية لتشكيل السياسات. الهوية ليست ثابتة، بل تتطور باستمرار، مما يعني أن السياسات الخارجية يمكن أن تتغير وفقًا لتغير الهويات, وهذا الجانب الديناميكي يضيف طبقة من التعقيد إلى فهم السياسة الخارجية، حيث يجب على الدول التكيف مع التغيرات في الهوية لضمان استدامة سياساتها, وتتطلب التغيرات العالمية التفكير في كيفية تطور الهويات في المستقبل وكيف ستؤثر على السياسة الخارجية للدول, لكن تواجه الهوية العربية تحديات جديدة في عصر العولمة، حيث يمكن أن تؤثر التغيرات الاقتصادية والاجتماعية على الفهم التقليدي للهوية. من الضروري تعزيز الحوار بين الثقافات والهويات المختلفة كوسيلة للتخفيف من حدة التوترات والنزاعات، مما يسهم في بناء علاقات أكثر تعاونًا بين الدول في المنطقة.[32]

تمثل مصر دولة محورية في العالم العربي، حيث تلعب دورًا قياديًا في القضايا الإقليمية, وتعكس السياسات الخارجية المصرية تأثير الهوية العربية من خلال دعم القضايا العربية، مثل القضية الفلسطينية، وتعزيز التعاون العربي في مواجهة التحديات، ساهمت مصر في جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، حيث تسعى إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية كجزء من هويتها العربية ودورها كداعم للقضية, علاوة على ذلك تسعى مصر إلى تعزيز علاقاتها مع الدول العربية الأخرى من خلال مؤسسات مثل جامعة الدول العربية، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في صياغة السياسات العربية المشتركة, مما يعكس رغبة مصر في الحفاظ على وحدة الصف العربي وتعزيز التعاون الإقليمي.

تعتبر العلاقات العربية الخارجية للأردن تحت حكم الملك عبد الله الثاني موضوعًا معقدًا يتداخل فيه التاريخ والسياسة والاستراتيجيات الإقليمية، اتخذ الملك عبد الله الثاني منذ توليه الحكم نهجًا فريدًا في التعامل مع القضايا العربية والإقليمية، مما أثر بشكل كبير على مكانة الأردن في الساحة العربية والدولية, وتعود جذور السياسة الأردنية في العلاقات العربية إلى فترة تأسيس المملكة، حيث كانت تسعى دائمًا لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. ومع بداية حكم الملك عبد الله الثاني في عام 1999، واجه الأردن تحديات جديدة تتعلق بالصراعات الإقليمية، مثل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، والحرب في العراق، والاضطرابات في سوريا, اعتمد الملك عبد الله الثاني سياسة “الأردن أولاً”، التي تهدف إلى تعزيز المصالح الوطنية الأردنية من خلال تحسين العلاقات مع الدول العربية. هذه الاستراتيجية تركز على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الأردن، وتعزيز التعاون مع الدول العربية في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة والأمن, وتعتبر العلاقات الأردنية مع الدول العربية الأخرى جزءًا أساسيًا من السياسة الخارجية الأردنية, فسعى الملك عبد الله الثاني إلى بناء تحالفات استراتيجية مع دول الخليج العربي ومصر، حيث تمثل هذه الدول مصادر رئيسية للدعم الاقتصادي والسياسي. كما كانت العلاقات مع الدول العربية الأخرى، مثل العراق وسوريا، تتطلب توازنًا دقيقًا، نظرًا للتحديات الأمنية والسياسية التي يواجهها الأردن, فلعب الأردن دورًا محوريًا في العديد من القضايا الإقليمية، بما في ذلك عملية السلام في الشرق الأوسط. سعى الملك عبد الله الثاني إلى تعزيز الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدًا على أهمية تحقيق السلام العادل والشامل. كما ساهم الأردن في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي، مما زاد من مكانته كداعم للاستقرار في المنطقة, على الرغم من النجاحات التي حققها الأردن في تعزيز علاقاته العربية، إلا أنه واجه تحديات كبيرة، مثل تدفق اللاجئين من سوريا وتأثيرات الأزمات الإقليمية على الاقتصاد الأردني. ومع ذلك، فإن هذه التحديات قد وفرت أيضًا فرصًا لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، مما يساهم في تحقيق استقرار أكبر للأردن.[33]

  • تأثير الهوية الفلسطينية على مواقف مصر والأردن تجاه القضية الفلسطينية

تلعب الهوية الوطنية الفلسطينية دورًا حاسمًا في تشكيل السياسة الخارجية للسلطة الفلسطينية ودول الجوار. كما أن الهوية العربية تؤثر على السياسة الخارجية لمصر والأردن، حيث تسعى هذه الدول لتعزيز التعاون العربي في مواجهة التحديات المشتركة. سياسة. لقد تطورت هذه الهوية عبر الزمن، متأثرة بالعديد من العوامل التي ساهمت في تشكيل الوعي الوطني الفلسطيني. تعتبر الهوية الفلسطينية جزءًا أساسيًا من النضال من أجل الاعتراف والحقوق، وتعكس تجارب الشعب الفلسطيني في مختلف الظروف, ويمكن تتبع جذور الهوية الفلسطينية إلى الحقبة العثمانية، حيث كانت المنطقة تتسم بتنوع ثقافي وديني. مع الانتداب البريطاني، بدأت ملامح الهوية الفلسطينية تتبلور بشكل أكبر، مما أدى إلى ظهور حركات وطنية تسعى إلى تحقيق الاستقلال. النكبة عام 1948 كانت نقطة تحول رئيسية، حيث فقد الفلسطينيون أراضيهم وأصبحوا لاجئين، مما أضاف بعدًا جديدًا لهويتهم. هذه الأحداث التاريخية شكلت الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني، وأثرت بشكل عميق على شعورهم بالانتماء والهوية.[34]

تتكون الهوية الفلسطينية من مجموعة من العناصر الأساسية، بما في ذلك اللغة، الثقافة، والتاريخ المشترك. تلعب اللغة العربية دورًا محوريًا في تعزيز الهوية، حيث تستخدم كوسيلة للتعبير عن الثقافة والتراث. كما أن الفنون، مثل الأدب والموسيقى، تساهم في تعزيز هذا الشعور بالانتماء، حيث تعكس التجارب والتحديات التي واجهها الفلسطينيون, ويعتبر التراث الثقافي والفني وسيلة فعالة للحفاظ على الهوية وتعزيز الوعي الجماعي, وأصبح الاحتلال الإسرائيلي عاملاً رئيسيًا في تعزيز الهوية الفلسطينية، حيث تحولت الهوية إلى رمز للنضال والمقاومة, فاستخدم الفلسطينيون الرموز الثقافية والدينية كوسيلة للتعبير عن هويتهم ومقاومتهم للاحتلال, كما أن الشتات الفلسطيني أضاف بُعدًا آخر للهوية، حيث ساهمت تجارب المقيمين في الخارج في تشكيل وعي قومي متنوع، مما يعكس التحديات التي يواجهها الفلسطينيون في كل أنحاء العالم, تتداخل الهوية الفلسطينية بشكل وثيق مع السياسة، حيث استخدمت القوى السياسية الهوية كأداة لتعزيز شرعيتها. الفصائل الفلسطينية المختلفة لعبت دورًا في تشكيل الوعي الوطني، حيث ساهمت في تعريف الهوية وتعزيزها. ومع ذلك، فإن الانقسامات الداخلية بين هذه الفصائل قد أثرت على الهوية الفلسطينية، مما أدى إلى تباين في الرؤى والأهداف.[35] وتعتبر الهوية الفلسطينية عنصرًا محوريًا في تشكيل مواقف مصر والأردن تجاه القضية الفلسطينية. تلعب هذه الهوية دورًا حيويًا في تحديد الرؤى السياسية والاقتصادية للدولتين، حيث تعكس تاريخًا طويلًا من النضال والمقاومة, مما يسهم في تشكيل استجابات الدولتين تجاه التحديات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، مما يجعل الهوية الوطنية جزءًا لا يتجزأ من السياسات المتبعة.[36]

تلتزم مصر بتاريخ طويل من الدعم للقضية الفلسطينية، حيث تعتبر الهوية الفلسطينية جزءًا من الهوية العربية الأوسع. تستند السياسة المصرية تجاه فلسطين إلى عدة عوامل، منها التاريخ المشترك الذي يجمع مصر وفلسطين في نضالهما ضد الاستعمار, مما يعزز من موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية، وتعتبر مصر نفسها حامية للحقوق العربية, كما أن الأمن القومي المصري مرتبط بشكل وثيق بحل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، مما يدفع الحكومة المصرية إلى تعزيز الحوار والمفاوضات بين الأطراف المعنية, إن ارتباط مصر بالقضية الفلسطينية هو ارتباط دائم ثابت تمليه اعتبارات الأمن القومي المصري وروابط الجغرافيا والتاريخ والدم والقومية مع شعب فلسطين. لذلك لم يكن الموقف المصري من قضية فلسطين في أي مرحلة يخضع لحسابات مصالح آنـية، ولم يكن أبداً ورقة لمساومات إقليمية أو دولية، وبالتالي فإن ارتباط مصر العضوي بقضية فلسطين لم يتأثر بتغير النظم والسياسات المصرية. كما تسعى مصر أيضًا للعب دور قيادي في العالم العربي، مما يجعل دعم القضية الفلسطينية جزءًا من استراتيجيتها لتعزيز مكانتها الإقليمية.[37]

أما بالنسبة للأردن، فإن مواقفه تجاه القضية الفلسطينية تتأثر بشكل كبير بالهوية الفلسطينية أيضًا. يضم الأردن عددًا كبيرًا من الفلسطينيين، مما يجعل الهوية الفلسطينية جزءًا من النسيج الاجتماعي والسياسي الأردني, وهذا الترابط يؤثر بشكل مباشر على السياسات الأردنية تجاه القضية, فيسعى الأردن إلى الحفاظ على استقراره الداخلي من خلال دعم الحقوق الفلسطينية، حيث يعتبر أي تصعيد في النزاع قد يؤثر سلبًا على الوضع الداخلي, كما يسعى الأردن إلى تعزيز علاقاته مع الدول العربية الأخرى من خلال دعم القضية الفلسطينية، مما يسهم في تعزيز التعاون الإقليمي, وتؤثر الهوية الفلسطينية بشكل مباشر على استراتيجيات مصر والأردن في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. تتبنى الدولتان سياسات خارجية تدعم حقوق الفلسطينيين، مما يعزز من موقفهما في المحافل الدولية. كما تعمل مصر والأردن على تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية الأخرى كجزء من استراتيجياتهما لدعم القضية الفلسطينية، مما يساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية في المنطقة.[38]

الفصل الرابع: تقييم التهديدات الأمنية الناجمة عن خطة ترامب

المبحث الأول: تحليل التحديات الأمنية الداخلية وتأثيرها على السياسات.

إن خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن تحمل في طياتها تداعيات أمنية وسياسية معقدة, يتطلب التعامل مع هذه التحديات استراتيجيات شاملة تتضمن تعزيز التعاون الإقليمي وتحسين الأوضاع الداخلية، مما يسهم في تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة, كما أن التوترات على الحدود بين مصر وإسرائيل تعتبر عاملًا حاسمًا في تحديد مستقبل الأمن الإقليمي، مما يستدعي ضرورة التفكير في حلول سياسية مستدامة, إن فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة لا تقتصر على الأبعاد الإنسانية، بل تحمل في طياتها مخاطر أمنية جسيمة, فعندما يتدفق اللاجئون إلى مصر والأردن، سيزيد الضغط على البنية التحتية والخدمات العامة في كلا البلدين, ففي مصر يمكن أن يؤدي استيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين إلى تفشي مشاعر الاستياء والاحتقان الاجتماعي، مما قد يهدد الاستقرار الداخلي, أما في الأردن فإن وجود أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين بالفعل يُشكل تحديًا كبيرًا، وقد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مما يزيد من احتمالية اندلاع اضطرابات.[39]

وتتعمق التهديدات الأمنية في كل من مصر والأردن نتيجة للضغوط الاقتصادية والاجتماعية، حيث تؤدي الأزمات الاقتصادية في مصر مثل البطالة والفقر إلى تفشي التطرف بين الشباب، مما يخلق بيئة ملائمة لانتشار الأفكار المتطرفة, وفي الأردن يمكن أن تعزز الضغوط الناتجة عن تدفق اللاجئين من احتمالية حدوث اضطرابات داخلية، مما يؤثر سلبًا على الاستقرار السياسي والاجتماعي, وتعتبر الحدود بين مصر وإسرائيل نقطة توتر رئيسية، حيث تتزايد المخاوف من تسرب الجماعات المسلحة عبر هذه الحدود, حيث إن وجود تهديدات أمنية على الحدود قد يؤثر على اتفاقية كامب ديفيد، التي كانت تهدف إلى تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل, في حال تفاقمت الأوضاع الأمنية نتيجة للتهجير، قد تجد مصر نفسها مضطرة لتكثيف الإجراءات العسكرية على الحدود، مما قد يُضعف من التزامها بالاتفاقية ويؤدي إلى تصاعد التوترات مع إسرائيل.

وفي إطار مواجهة هذه التحديات، تتبنى كل من مصر والأردن استراتيجيات أمنية متعددة, فتسعى الدولتان إلى تعزيز التعاون الأمني مع الدول العربية الأخرى، بالإضافة إلى التنسيق مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة, بينما تقوم مصر بتعزيز قدراتها العسكرية على الحدود لضمان عدم تسرب أي تهديدات محتملة من الجماعات المسلحة, يركز الأردن على تحسين الخدمات الاجتماعية والاقتصادية، مما يساعد على تقليل احتمالية تفجر التوترات إلى أعمال عنف.

وتسعى كلا الدولتين إلى معالجة القضايا السياسية المرتبطة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث يعتبر الحل العادل للقضية الفلسطينية جزءًا أساسيًا من استراتيجياتهما الأمنية, وإن تحقيق السلام في المنطقة يعد خطوة حيوية لتمكين الدولتين من مواجهة التحديات الأمنية والاجتماعية بشكل أكثر فعالية.

المبحث الثاني: تأثير التهديدات الأمنية السابقة على استراتيجيات مصر والأردن

واجهت كل من مصر والأردن تهديدات أمنية متعددة في العقود الأخيرة، وكان لكل منها تأثير كبير على استراتيجيات الدولتين. تصاعد النشاط الإرهابي في مصر بشكل ملحوظ، خاصة في شمال سيناء، بعد ثورة 2011. استغلت الجماعات المتطرفة الفوضى السياسية والأمنية مما أدى إلى تصاعد الهجمات ضد القوات الأمنية والمدنيين. استجابت الحكومة المصرية لهذا التحدي من خلال استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، حيث عززت تواجدها العسكري في سيناء ونشرت وحدات خاصة وتطبيق تقنيات حديثة للمراقبة. نفذت عمليات عسكرية كبرى ضد الجماعات المسلحة، واستهدفت معاقلهم ومراكزهم اللوجستية. استخدمت الحكومة الإعلام بشكل فعال لتسليط الضوء على إنجازاتها في مكافحة الإرهاب، مما ساهم في تعزيز الدعم الشعبي.[40]

واجه الأردن تدفقًا كبيرًا للاجئين السوريين بدءًا من عام 2011، مما أثر بشكل كبير على البنية التحتية والخدمات العامة. عملت الحكومة الأردنية على تحسين مستوى الخدمات الصحية والتعليمية لتلبية احتياجات اللاجئين والمواطنين على حد سواء, فتعاون الأردن مع منظمات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية لضمان تقديم المساعدات اللازمة للاجئين, وبالرغم من جهود الحكومة واجهت الأردن ضغوطًا اقتصادية كبيرة نتيجة لزيادة عدد السكان، مما أثر على الاستقرار الاقتصادي.[41]

وعند مقارنة استجابة مصر والأردن لتهديدات مختلفة، يمكن ملاحظة الفروقات في الاستراتيجيات المتبعة, حيث اتبعت مصر سياسة صارمة في مواجهة الإرهاب، فنفذت عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد الجماعات الإرهابية، مستخدمة القوة العسكرية كوسيلة رئيسية لمواجهة التهديدات مع التركيز على الاستقرار الداخلي, بينما اعتمد الأردن على التعاون الأمني مع الدول الغربية والعربية، مركزًا على تحسين الاستخبارات وتبادل المعلومات، حيث حاولت الحكومة تجنب التصعيد العسكري المباشر وركزت على بناء شراكات استراتيجية, وفي إدارة أزمة اللاجئين، كانت مصر أكثر حذرًا في قبول اللاجئين حيث فرضت قيودًا على دخول اللاجئين الفلسطينيين، مدفوعة بالقلق من التأثيرات المحتملة على الأمن الداخلي والاستقرار السياسي, بينما استقبل الأردن عددًا كبيرًا من اللاجئين، لكنه واجه تحديات كبيرة في توفير الخدمات الأساسية، مما أدى إلى ضغط كبير على الاقتصاد, فاستخدم الأردن هذه الأزمة كفرصة لتعزيز علاقاته مع المجتمع الدولي.[42]

خاتمة الدراسة

تتناول هذه الدراسة التحديات الجيوسياسية التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، مع التركيز على موقف مصر والأردن من خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين   التي أطلقها في فبراير 2025 مطلع فترته الرئاسية الثانية, حيث تتعرض الدولتان لضغوطات داخلية وخارجية تتعلق بالقضية الفلسطينية، وتسعى كل منهما إلى تحقيق توازن بين مصالحها الوطنية والتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني.

النتائج

توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:

  1. ترفض مصر خطة ترامب لتهجير سكان غزة حيث تعتبرها تهديدًا للأمن القومي المصري, كما تسعى مصر للحفاظ على العلاقات مع الفلسطينيين وتقديم الدعم لهم، مع التأكيد على أهمية الحل السلمي القائم على حل الدولتين.
  2. يعبر الأردن عن قلقه من تداعيات خطة ترامب على القضية الفلسطينية، خاصة في ظل وجود عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين في أراضيه, كما يسعى لتعزيز دوره كوسيط في عملية السلام، مع التركيز على حقوق الفلسطينيين.
  3. تواجه كل من مصر والأردن تحديات سياسية واقتصادية نتيجة للضغوطات الناجمة عن خطة ترامب, لذا هناك حاجة لتعزيز التعاون بين الدولتين لمواجهة هذه التحديات.

التوصيات

توصي الدراسة بالآتي:

  1. ضرورة تعزيز التعاون بين الدول العربية لمواجهة التحديات المشتركة المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
  2. يجب على مصر والأردن مواصلة دعم حقوق الفلسطينيين والعمل على تحقيق حل عادل وشامل.
  3. تعزيز الجهود االمصرية والأردنية لزيادة الوعي الدولي حول التحديات التي تواجهها المنطقة نتيجة لخطة ترامب، بما في ذلك تأثيرها على الأمن والاستقرار.
  4. تطوير استراتيجيات اقتصادية من البلدين لدعم اللاجئين الفلسطينيين وتحسين الظروف الاقتصادية في الدول المستضيفة.
  5. ينبغي على الأردن تعزيز دوره كوسيط في عملية السلام، مع التركيز على الحوار البناء بين الأطراف المعنية.

[1] Padelford, N. J. (1949). [Review of Politics among Nations: The Struggle for Power and Peace., by H. J. Morgenthau]. Political Science Quarterly, 64(2), 290–292. https://doi.org/10.2307/2144235

[2] KENNETH N. WALTZ , Theory of International Politics, University of California, Berkeley, Addison-Wesley Publishing Company Reading, Massachusetts Menlo Park, California, ,1979
http://slantchev.ucsd.edu/courses/ps240/03%20Anarchy,%20Hierarchy,%20and%20Sovereignty/Waltz%20-%20Theory%20of%20International%20Politics%20(Ch%205-8).pdf

[3] Keohane, Robert O. (Robert Owen), 1941-. (1984). After hegemony : cooperation and discord in the world political economy. Princeton, N.J. :Princeton University Press,

[4] Wendt, Alexander. (2000). A Social Theory of International Politics. Social Theory of International Politics. 26. 10.1017/CBO9780511612183.

[5] Kenneth N. Waltz., Theory of International Politics. Fox WTR. Addison-Wesley Publishing Co., American Political Science Review. 1980;74(2):492-493. doi:10.2307/1960666

[6][6] Sole, K. M. (1985). U.S. POLICY IN THE MIDDLE EAST. Journal of Third World Studies, 2(1), 17–21. http://www.jstor.org/stable/45193115

[7] Khalidi, R. (2013). “Brokers of Deceit: How the U.S. Has Undermined Peace in the Middle East.” Beacon Press.

[8] Mearsheimer, John J. and Walt, Stephen M., The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy (March 2006). KSG Working Paper No. RWP06-011, Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=891198 or http://dx.doi.org/10.2139/ssrn.891198

[9] Walt, S. M. (2011). The End of the American Era. The National Interest, 116, 6–16. http://www.jstor.org/stable/42896410

[10] بشارة، مروان (آذار/ مارس 2013). أهداف الولايات المتحدة وإستراتيجياتها في العالم العربي. سياسات عربية، 1 (1)، 45-57.

[11] Joint Statement on the U.S.-Egypt Strategic Dialogue, 2021, Office of the Spokesperson, Washington, DC
https://2009-2017.state.gov/r/pa/prs/ps/2015/08/245588.htm, https://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/1234/438416/Egypt/Foreign-Affairs/Joint-Statement-on-the-USEgypt-Strategic-Dialogue-.aspx

Charles W. Dunne, 2022, Congress Versus Biden on Foreign Assistance to Egypt, Arab Center Washington DC

https://arabcenterdc.org/resource/congress-versus-biden-on-foreign-assistance-to-egypt/

Lloyd J. Austin III, Middle East Security at the Manama Dialogue (As Delivered), Nov. 20, 2021, Secretary of Defense

https://www.defense.gov/News/Speeches/Speech/Article/2849921/remarks-by-secretary-of-defense-lloyd-j-austin-iii-on-middle-east-security-at-t/

[12] The White House, 2016, Remarks by President Obama and His Majesty King Abdullah of Jordan After Bilateral Meeting, Office of the Press Secretary, https://obamawhitehouse.archives.gov/the-press-office/2016/02/24/remarks-president-obama-and-his-majesty-king-abdullah-jordan-after

[13] U.S. Embassy Jordan, Secretary Antony J. Blinken At the “Call for Action: Urgent Humanitarian Response for Gaza” Conference, 2024

Nike Ching, Blinken Heads to Egypt, Jordan on First Middle East Tour

https://www.voanews.com/a/usa_blinken-heads-egypt-jordan-first-middle-east-tour/6206224.html

Jordon Times, King meets with US military officials, 2021
https://jordantimes.com/news/local/king-meets-us-military-officials

[14] مصر و امريكا , 2022, الهيئة العامة للاستعلامات. https://www.sis.gov.eg/Story/232417/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88-%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7?lang=ar

[15] Jordan Times, King meets with US military officials, 2021, The Jordan News. https://jordantimes.com/news/local/king-meets-us-military-officials

[16] ترامب يتعهد بتهجير سكان غزة وملك الأردن يتحدث عن خطة من مصر, فبراير 2025, الجزيرة.
https://www.ajnet.me/news/2025/2/11/%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%B1%D8%AF%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B3%D8%A4%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D9%86-%D8%B6%D9%85-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%B6%D9%81%D8%A9

[17] إعمار غزة “بشكل فوري”.. أبرز ما ناقشه ملك الأردن في اتصاله مع الرئيس المصري, فبراير 2025,  سي ان ان عربية
https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2025/02/12/phone-call-king-of-jordan-sisi-trump-gaza-plan

[18] موسى عالية، المساعدات الخارجية بين األهداف االستراتيجية، والفواعل والمؤثرات الداخلية في الدول المانحة، مجلة سياسات عربية، 70)الدوحة: المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات العدد ،14 مايو 2015.

[19] إنفوغراف: كم قيمة المساعدات الأميركية المقدمة لمصر والأردن؟, فبراير 2025, بلومبيرج الشرق, https://asharqbusiness.com/economics/70027/%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86/

[20] U.S. Agency for International Development (USAID). (2023). Egypt: Overview of Foreign Aid. USAID.

[21] هدد ترامب بإيقافها: ما حجم المساعدات الأمريكية لمصر والأردن؟, 2025, مونت كارلو: https://www.mc-doualiya.com/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7/20250212-%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%A8%D8%A5%D9%8A%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%87%D8%A7-%D9%85%D8%A7-%D8%AD%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86

[22] David Bearce H, Daniel.C Tirone, “Foreign Aid Effectiveness and the Strategic Goals of Donor Governments,” Journal of Politics, vol. 72, issue. 3, 2010, pp. 837-851

[23] محمود فاروق, ما الذي يجب أن يعمله الرئيس الجديد للمعونة عن تاريخ المعونة الامريكية؟2017 , معهد واشنطن, منتدى فكرة , https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/ma-aldhy-yjb-ymlh-alryys-aljdyd-llmwnt-n-tarykh-almwnt-alamrykyt

[24] محمد مهدى, إنجى. (2022). المعونات الأمريکية للأردن: دراسة فى الفکر والتطبيق.. مجلة کلية الاقتصاد والعلوم السياسية23(2), 95-119. doi: 10.21608/jpsa.2022.233855

[25] زينب عباس زعزوع، دور المنح والمساعدات األجنبية في التطوير التنظيمي، مجلة النهضة، )القاهرة: كلية االقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، المجلد الثالث عشر، العدد الثاني، أبريل ،2012 ص ص 40 .

[26] عمرو عبدالعاطي, المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر بين الضغوط والمصالح, مجلة السياسة الدولية.2015
https://www.siyassa.org.eg/News/5469.aspx

[27] Simon Burall and David Roodman, Developing a Methodology for Assessing Aid Effectiveness: An Options Paper,(London: Overseas Development Institute) 2007, p. 3

[28] إسماعيل فهمي، التفاوض من أجل السلام في الشرق الأوسط، دار الشروق، في القاهرة ،٢٠٠٦ ص ٣٨١.

[29] ناجي، أحمد(2025). الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية رؤى واشكاليات مختلفة. السياسـة الدوليـة. العدد (119)

[30] مرفت صبحى المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر 1961-1958 وأثرها فى الاقتصاد المصرى, مجلة المؤرخ المصرى، عدد يناير ،2019 الجزء الثانى، العدد .54
لوّح ترامب بإيقافها.. ما حجم المساعدات الأميركية لمصر والأردن؟, الحرة, 2025,
https://www.alhurra.com/arabic-and-international/2025/02/11/%D9%84%D9%88%D9%91%D8%AD-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%A8%D8%A5%D9%8A%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%87%D8%A7-%D9%85%D8%A7-%D8%AD%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86%D8%9F

U.S. Foreign Assistance to the Middle East: Historical Background, Recent Trends, and the FY2022 Request Updated, 2021
Congressional Research Service https://crsreports.congress.gov R46344

[31] M. Bahaa Eldin, Hany. (2024). تعزيز الهوية الوطنية وأثرها على المجتمع.

[32] Rothstein, S. (2003). [Review of Identity and Foreign Policy in the Middle East, by S. Telhami & M. Barnett]. The Arab Studies Journal, 11/12(2/1), 161–164. http://www.jstor.org/stable/27933881

[33] Ryan, C. R. (2004). “JORDAN FIRST”: JORDAN’S INTER-ARAB RELATIONS AND FOREIGN POLICY UNDER KING ABDULLAH II. Arab Studies Quarterly, 26(3), 43–62. http://www.jstor.org/stable/41858490

[34] عبد الفتاح القلقيلي و أحمد آبو غوش, 2012, الهوية الوطنية الفلسطينية: خصوصية التشكل والإطار الناظم ورقة عمل رقم 13, المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة :1728-1660I
https://badil.org/phocadownloadpap/Badil_docs/Working_Papers/wp-eng-13.pdf

[35] KHALIDI, R. (1997). Palestinian Identity: The Construction of Modern National Consciousness. Columbia University Press. http://www.jstor.org/stable/10.7312/khal15074

[36] Hughes, M. (2015). [Review of The Iron Wall: Israel and the Arab World, second edition, by A. Shlaim]. Middle East Journal, 69(4), 625–627. http://www.jstor.org/stable/43698291

[37] الموقف المصري من القضية الفلسطينية , وزارة الخارجية والهجرة المصرية
https://www.mfa.gov.eg/ar/ForeignPolicies/Details/ThePalestinianIssue

[38] Ephraim Lavie. (2011). [Review of The Iron Cage: The Story of the Palestinian Struggle for Statehood, by Rashid Khalidi]. Bustan: The Middle East Book Review, 2(2), 112–117. https://doi.org/10.1163/187853011×605168

[39] صحف أوروبية ـ خطة ترامب بشأن غزة إقبار للسلام وحل الدولتين, DW, 2025,
https://www.dw.com/ar/%D8%B5%D8%AD%D9%81-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%80-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%A5%D9%82%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%AA%D9%8A%D9%86/a-71534969

[40] Sinai Development Agency invested EGP3.8bn in H1 FY 2015/2016 (2016, May 25). The Daily News Egypt. Retrieved from http://www.dailynewsegypt.com/2016/04/25/sinai-development-agency-invested-egp3-8bn-in-h1-fy-20152016/

[41] Zeynep S. Mencutek and Ayat J. Nashwan, The Jordanian Response to the Syrian Refugee Crisis from a Resilience Perspective, 2023, E-International Relations ,https://www.e-ir.info/2023/05/04/the-jordanian-response-to-the-syrian-refugee-crisis-from-a-resilience-perspective/#google_vignette

[42] مهى يحيَ ومروان المعشّر, أزمات اللاجئين في العالم العربي, مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط, 2019
https://carnegieendowment.org/research/2019/01/azmat-allajeyn-fy-alaalm-alarby?lang=ar&center=middle-east

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى