الشرق الأوسطتقارير استراتيجيةعاجل

أزمــــة تـــنـــازع الـــســـيـــادة علي ديــر ســـانـــت كـــاتـــريـــن قـــضـــية أمـــن قـــومـــي مــــصـــري

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

مـــــقــــــدمــــة :

– تـــعـــترض العلاقات الثنائية بين مـــصـــر وكل من الـيـونـان وقــبــرص اليونــانــيـة أزمة خــطــيـــرة تتعـلق بالسيادة فقد صدر حكم أخيراً من محكمة إستئناف مدينة الإسماعيلية المصرية في 28 مايو2025 قـضـي بأن أرض الدير ملك للحكومة المصرية وكان ذلك الحكم المُعلن للكافة آخر تطور في نزاع ظل مكتوماً بين الدول الثلاث , ورغم أن الدير يقع علي أرض مصرية إلا أن كل من اليونان وقبرص اليونانية يؤسسان موقفهما في النزاع علي قاعدة أن الدير وما بداخله وملحقاته من المباني والأراضي الزراعية مــلــكــية يـونـانـيـة غير قابلة للتنازع بشأنه بـحـكـم الـتـقــادم فالدير تم تأسيسة في عهد الإمبراطور البيزنطي جـسـتـيـنـيـان الأول منذ 1600 عام وقد صـرح رئيس الوزراء اليوناني في 8 يونيو2025(موقع www.ekathimerini.com ) فسلط الـضوء علي هذا النزاع التاريخي على ملكية دير سانت كاترين في شبه جزيرة سيناء المصرية  وأكــد دعم اليونان لحقوق ملكية الدير للأراضي مـــُضــيــفــاً قوله :” أن الحكومة اليونانية تلقت تأكيدات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن “الوضع الراهن القديم” سيتم احترامه وقد تم إرسال وفد يوناني إلى القاهرة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية وحماية حقوق الدير” , لكن رغم هذا التصريح فالأزمة والجدل بشان هذا النزاع لازال قائماً ففي 6 يونيو2025 أشار موقع www.thecatholictelegraph.com القبرصي اليوناني أن مستقبل دير سانت كاترين في شبه جزيرة سيناء المصرية مازال مصدرا للجدل مع تصاعد التوترات بعد حكم المحكمة الأخير الذي نقل الموقع إلى ملكية الدولة المصرية بينما منح الكنيسة حقوق الاستخدام فقط وأن هذا القرار قُوبل بمعارضة قوية من رهبان الدير الذين أغلقوا أبوابه الآن أمام الزوار احتجاجا وأنه وعلى الرغم من تطمينات السلطات المصرية إلا أن حكم المحكمة المصرية أثار قلق الكنيسة الأرثوذكسية التي وصفته بأنه “سابقة خطيرة”.

– يعود الجدل الحالي حول دير سانت كاترين إلى عام 1980عندما طلبت الحكومة المصرية من مالكي العقارات الذين لم تكن أراضيهم مدرجة بالفعل في سجل رسمي تقديم إعلانات ملكية فقدم دير سانت كاترين 71 إعلانا يغطي مصليه وحدائقه وقطع الأرض الأخرى المحيطة بالمجمع , والسبب الرئيسي لطلب الحكومة أنه بعد إسترداد سيناء ‏في 25‏ إبريل‏ 1982 بعد الإحتلال الصهيوني يونيو 1967 حتي أبريل 1982 أستأنفت الحكومة المصرية  في عام2021 تنفيذ التصور الذي أعلن عنه الرئيس المصري الراحل السادات لبناء مشروع الــتــجـــلي الأعظــم في جــبـــل ســيناء أو جــبــل كــاتــريــن بحيث تتحول منطقة ســـانــت كـاتـريـن برمتها من مجرد ديـــر قــابــع في بـقـعـة ما بجبل سيناء إلي وجهة سياحية متكاملة تماما تضيف للدخل القومي لمــصــر كـلـهـا فسيناء كـلـهـا لم تُسترد إلا بدماء المصريين وليس بوجود بضعة رهبان يونانيين داخل هذا الدير  الذين يجادلون بحماقة لدرجة قولهم بأن خطة الحكومة المصرية لـجــعــل هذه المنطقة من خلال تنفيذ مشروع التجـلـي الأعـظـم المُتكامل خـــطـــة تهدد الطابع الرهباني “المقدس” مُنكرين تـمــامـاً السيادة المصرية  .

– في 2015 لجأت السلطات في محافظة جنوب سيناء إلى المحاكم لتأكيد ملكية الدولة و قطع من  الأراضي المحيطة بالديروإدراكا لخطورة الوضع دخل الدير في مناقشات مع كل من سلطات جنوب سيناء والحكومة اليونانية التي تولي اهتماما كبيرا بالمؤسسة نظرا لمكانتها داخل الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية ووفقا لتقارير وسائل الإعلام اليونانية فقد أدعي الجانب اليوناني أنه قد تم تطوير مسودة اتفاقية تعترف بمباني الدير وقطع أراضيه وكنائسه كممتلكات تابعة للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية مـــصــر وكل   ومع ذلك كشف رئيس الأساقفة داميانوس أن الإتفاقية في النهاية لم تتحقق رســمــيــاً وأوضح: “على الرغم من أننا اتفقنا على نص إلا أن المصريين قاموا بتغييره وقدموا شيئا مختلفا تماما” ولذلك يمكنني أن أقول أن النزاع القضائي ضد دير دير سانت كاترين بسيناء بدأ يأخذ منحي ثــنــائي عام ٢٠١٥وتمحورهذا النزاع حول حقوق ملكية الدير وظل هذا النزاع يتحرحرك ببطء وتؤدة حتي تــســارع فــجــأة وصدر حكم قضائي مُسهب عن محـــكـــمـــة استئناف الإسماعيلية يوم الأربعاء 28 مايو2025 يقع في  160 صفحة بموجبه صُــــودرت ممتلكات الدير بحكم الأمر الواقع لتسليمها إلى الدولة المصرية في حين لوحظ أن وصول الرهبان إلى بعض المباني أصـبـح محدودا ولا يسمح بإقامتهم في الدير إلا للأغراض الدينية ووفقا للشروط التي تحددها الدولة المصرية إتـســاقـاً مع لحكم المحكمة ووفقا للمقتطفات المتاحة فقد قضت محكمة الاستئناف المصرية بأن الدير “يحق له” استخدام” الأراضي والمواقع الدينية الأثرية في المنطقة وكلها “تمتلكها الدولة كأملاك عامة”وأمر حكم المحكمة رهبان الدير بوضع الأراضي التابعة لدير سانت كاترين تحت ملكية الدولة المصرية كما أمرهم بإخلاء عدة قطع أرض استخدموها لسنوات بما في ذلك مزارع الكروم والحدائق المجاورة لمجمع الديرحيث اعتبرت معزولة بشكل غير قانوني ولذلك يمثل الحكم الواضح بهذه الكيفية صــدمـــة غـير مُــتــوقــعــة للجانب اليوناني  فـهـو تحـول دراماتيكي علي غــيــر هــوي  اليونانيين الذي أسـتـمـرأوا الــشــعـور الـكـاذب بالمــلــكــيـة  التي صــارت نـزولاً علي حــكـم محـكـمـة إســتئناف الإسماعيلية مـجـرد حق استخدام لـمـلــكــيــة عــامــة وهو تـحــول أثارحـــنــق وحـفــيــظــة القادة المسيحيين في جميع أنحاء العالم .

– وصف موقع “orthodoxia.info”حكم محـــكـــمـــة استئناف الإسماعيلية بأنه “أحد أخطر انتهاكات الحريات الدينية والفردية في القرون الأخيرة” ارتُكب في وقت عصيب في الشرق الأوسط علق الموقع الأرذوذكسي علي ذلك بقوله أنه يحرم الدير بحكم الأمر الواقع من استقلاله بعد فترة طويلة من التقاضي والإجراءات القانونية التي بدأت ضد الاستقلال الإداري النسبي للدير وأن ممثلو الحكومة المصرية يبررون هذا الإجراء بأنه عمل من أعمال حماية التراث الثقافي للدير وفي هذا السياق قال عالم الآثار عبد الرحيم ريحان إن ممتلكات الدير تندرج تحت قوانين حماية التراث الثقافي وأن القرار الذي اتخذ بعد حكم المحكمة يضمن تعزيزا لصالح “التراث العالمي والرهبان” فيما يتحدث الرهبان من جانبهم عن الطرد الفعلي من ديرهم يضع القرار حدا مثيرا للجدل للنزاع القانوني الطويل الأمد بين الدولة المصرية ورهبان دير سانت كاترين منذ عهد الحكومة التي سيطر عليها الإخوان المسلمون بعد الإطاحة بنظام مبارك في فبراير2011 وبدأت بعد ذلك محاولة إخضاع الدير لسيطرتها على مراحل .*(agenzia fides)

تُشكل كنيسة “القديسة “كاترين كنيسة أرثوذكسية يونانية مستقلة تُعرف باسم كنيسة سيناء وتحافظ على علاقة وثيقة مع بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس ويكرس بطريرك القدس تقليديا رئيس كنيسة سيناء ورئيس الأساقفة داميانوس حاليا ووفقا لليونسكو فإن الدير “ملك للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وينتمي إلى أبرشية سيناء”.

– يقع دير سانت كاترين عند سفح جبل سيناء في شبه جزيرة سيناء المصرية التي تقع على الحدود مع إسرائيل وغزة والدير واحد من أكثر المواقع أهمية تاريخيا ودينيا في العالم ويُعرف هذا المجمع المحصن رسميا باسم دير “القديسة” كاترين الملكي المقدس المستقل لجبل سيناء المقدس ويعود تاريخه إلى القرن السادس عندما أسسه الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول بين عامي 548 و 565 ترجع الأهمية الدينية العميقة للدير من موقعه وتقاليده إذ تم بناء الموقع حول ما يعتبره التقليد الرهباني الأدغال المحترقة حيث ظهر الله لموسى عليه السلام في سفر الخروج وهو مقدس للمسيحية والإسلام واليهودية على حد سواء كذلك ووفقا للتقاليد التوراتية فهذا هو المكان الذي تلقى فيه موسى عليه السلام الوصايا العشر مما يجعل الجبل وجهة حج تبجلها الديانات العالمية الثلاث الرئيسية أما فيحتوي على البئر التي يعتقد أن موسى عليه السلام التقى فيها بزوجته زيبورة ويضم رفات القديسة كاترين الإسكندرية شهيدة القرن الرابع وكان من بين رؤساء الدير القديس يوحنا كليماكوس مؤلف الأطروحة الصوفية “سلم الصعود الإلهي”ويعد الدير موطنا للأيقونات القديمة المستنسخة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك المسيح عليه السلام في القرن السادس و”سلم الصعود الإلهي” الذي يعود إلى القرن الثاني عشر  .

– أشارت وكالة agenzia fides الإيطالية بشأن رد فعل رهبان دير سانت كاترين في سيناء علي حكم محكمة الإسماعيلية بأنه كان شــرســـاً وأنه يجري بالفعل التخطيط لحملة دولية مُضادة للتوعية والإعلام تستهدف الكنائس والطوائف الدينية الأخرى من أجل إلغاء قرار المحكمة  .

ما هي القضية الجوهرية للنزاع؟

تدور القضية المحورية في النزاع بين اليونان ومصر بشأن دير سانت كاترين في سيناء حول حقوق الملكية ووضع الديركــعـــقــار وقد تعقدت هذه القضية بسبب حكم محكمة مصرية صدر مؤخرًا ويري الجانب اليوناني أن هذا الحكم يتناقض مع تسوية غير رسمية تفاوضية سابقة اعترفت بملكية الدير لأراضيه ومبانيه وتسعى اليونان إلى الحفاظ على الوضع الراهن التاريخي والطابع الأرثوذكسي اليوناني للدير في حين أن تصرفات مصر المُتمسكة بحكم المحكمة تهدد حقوق الملكية التي يـدعــي الجانب اليوناني أنها راسخة للدير ويحرم حكم محكمة مصرية دير سانت كاترين في سيناء من ملكية ممتلكاته متحديًا حقوقه التي تعود إلى 1500 عام تمتد آثار الحكم إلى ما لا يقل عن 71 عقارًا بما في ذلك ربما ممتلكات خارج مصر وبينما تصر اليونان على احترام تسوية سابقة لا يشير إليها ولا يعترف بها الجانب المصري كونها لم تأخذ السمت البروتوكولي والتعاهدي الرسمي ويشيرالجانب اليوناني إلي أن الجانب المصري خارج المحكمة اعترف صراحةً بملكية الدير لمبانيه وأراضيه ومع ذلك لم تُوقّع مصر رسميًا على هذه الاتفاقية مما أدى إلى النزاع الحالي تحاول مصر تصوير وجود الرهبان كـ”ضيوف” (وهو كلام صحيح قانونيـاً فهم رعايا دولة/دول أخري)وهو ما يري الجانب اليوناني أنه يتناقض مع استمرار عمل الدير على مدى 1500 عام وحرص اليونان علي إعطاء الأولوية للحفاظ على طابع الحج والطائفة الأرثوذكسية اليونانية للدير .

العناصر الرئيسية التي يتكون منها الموقف اليوناني من النزاع بشأن الدير؟

قبل أن نتعرض للموقف اليوناني أشــيــر إلي أن هذا الموقف أسبغت عليه اليونان أهمية عُظمي بحيث تـــُوعز للجانب المصري بالخشية والخوف حتي يُـبـعـد اليونانيين الجانب المصري بذلك بدرجة ما عن الــتــشــبث بمبدأ السـيـادة الذي يتأسس عليه الموقف المصري ولذلك توجه وفد رسمي يوناني بعد 5 أيام من صدور حكم محكمة إستئناف الإسمـاعيلية للقاهــرة  في 3 يونيو2025 بقيادة وزير الخارجية جورج جيرابيتيتيس لإجراء مفاوضات دبلوماسية وصفها الإعلام اليوناني بأنهاعالية المخاطر مع مسؤولين مصريين وتأتي في لحظة حساسة بشكل خاص في أعقاب حكم قضائي مصري صدر مؤخرا أثار ردود فعل قوية وقلقا دبلوماسيا في أثينا وشارك هذا الوفد بنشاط في مفاوضات مع مصر بشأن دير القديسة كاترين في سيناء وخاصةً فيما يتعلق بملكية الأراضي وحقوق الملكية في ضوء موقفهم القانون الدولي والحفاظ على المكانة التاريخية للدير والاعتراف بحقوق ملكيته وأدعي الجانب اليوناني أن القضية ينبغي النظر إليها في إطــار القانون الدولي بإعتبار الدير موقع تراث عالمي وعلي مـــصــر – وفقاً للجانب اليوناني – بالتالي الوفاء بالالتزامات القانونية الدولية ذات الصلة بوضعية الدير القانوني وهي وضعية دولية بهذا المعني  أي أن هناك ثمة موازنة ما بين الجوانب القانونية وبين الأهمية التاريخية والدولية للدير وبناء علي ذلك تُصرّ أثينا على أن أي محادثات يجب أن تُقرّ بملكية الدير لمبانيه وأراضيه والمنشآت ذات الصلة كما هو مُتفق عليه سابقًا كما طالب الوفد اليوناني بالحفاظ على استمرارية الديربما في ذلك الحفاظ على الأراضي المحيطة به ويري الجانب اليوناني أن قرار المحكمة يؤثر قرار على ملكية الدير للأماكن غير المخصصة للعبادة مما يُعقّد المفاوضات  .

– يُوحي الجانب اليوناني للجانب المصري بعلاقة يُنشأها اليونانيين ما بين ما يُسميه زيــــفـــا بالتعاون الاستراتيجي بين البلدين وبين هذه القضية فالمسؤليين اليونانيين والإعلام اليوناني يُروج بأن الهدف من المفاوضات (وهو إصطلاح تجنب المصريين إستخدامه) هو حل القضية بشكل عادل ونهائي بما يضمن استمرار التعاون الاستراتيجي بين اليونان ومصر والواقع السياسي أن العلاقة الإستراتيجية الواقعية وليست المُدعاة هي التي بين اليونانيين والقبارصة اليونانيين من جانب والكيان الصهيوني وهذا ليس تقدير بل معلومات وأحداث موثقة أما ما يمارسه اليونانيين وذيلهم القبارصة اليونانيين فنوع ســقــيــم من الدجل السياسي والإعلامي ولذلك يرجي الرجوع لدراسة أعددتها بعنوان : التحالف الثلاثي الصهيوني / الـــهـــيـــلــيـني والعلاقات التركية – المصرية . المركز الديمقراطى العربى. في 4. مايو 2024 ولذلك ففي تقديري أن يـــقــظـة قضية دير سانت كاترين وإخراجها من أدراج المحاكم المصرية وإصدار محكمة إستئناف الإسماعيلية هذا الحكم المنطقي العادل بسبب حـــذف مـــصـــر الفــعــلي من تحالف ثـلاثي فـــعـــال بين الـكــيـان الــصــهـــيــوني والــيـونـان  وقــبــرص الـيــونــانــيـة حُذفــت مــصـــر مــنــه تكون ويـعـمـل بفاعـلية في شـــرق الـمـــتـوسط موضوعه الرئيسي إستغلال ثـــروات الغاز وتنفيذ مشروعات الــطاقــة المختلفة في شـــرق المتوسط .

– في مُباحثات 3 يونيو 2025 التي جرت بين مصر واليونان في القاهرة روج الإعلام اليوناني أن الجانب المصري يُفضّل   “التفاوض” السياسي على النقاش التكنوقراطي الذي يُركّز على التسوية التي تمّ التوصل إليها سابقًا بينما يري اليونانيين أن هذا التفضيل يُشير إلى رغبة مـــصـــر في إعادة تحديد شروط الاتفاقية بناءً على حكم المحكمة التي علي الرغم من حكم المحكمة قدّمت ضمانات صريحة باستمرار عمل الدير في ظل الوضع الراهن ومع ذلك سيتمّ مناقشة وضع الملكية لاحقًا ويمكن القول بأن جوهر النزاع يـكــمـن في التفسيرات المتضاربة للحقوق القانونية والاتفاقيات التاريخية إذ تدافع اليونان عن الحفاظ على مكانة الدير الراسخة بينما تسعى مصر إلى فرض سيطرة أكبر على ممتلكاته  .

في الحقيقة أري أن مصر ليست معنية البتة بممتلكات دير سانت كـاتـريـن الداخلية كما يدعي اليونانيين بل هي معنية بــتــأكـيـد ملكية الدولة المــصــرية لأرض الدير وبالتالي الدير نفسه كملكيتها لإهرامات الجيزة الثلاث وأبي الهول وسيناء كلها والســد العالي وكافة الأصول الثابتة التي يتكون منها مـــفـــهــوم الملكية العامة فالدير بالنسبة لمصر من الوجهتين الحضارية والقانونية أصـــل عــام وسيادة مصر عليه مؤكدة في ظل مبدأ قـانـوني مُستقر وهو مــبــدأ إقـلـيمـيـة نـــفـــاذ الــقانون  وســـيــادة الدولة علي إقـلـيــمـــهــا ولذلك تنحو اليونان منحي شـــاذ بترديد مصطلحات مثل : القانون الدولي و مصطلح إرث عالمي فـأكـروبـول أثينا Acropolis أرث تاريخي حــضــاري لكن ليس له أدني علاقة بالقانون الدولي وبغض النظر عن جنسية المقاول / المقاولين والعمال الذين شـــاده أو جــنـــســيـة من يجلس بجواره فليس من المتصور منطقياً الحديث عنه أو عقد صــلة بينه وبين القانون الدولي فــهو كـان وسيظل أصــل عــأم يــونـــاني فهناك أمثلة لا حصر لها علي ســيــادة الدول فيما يتعلق بالميراث البنائي والــمـعنوي التاريخي سواء أكان بناء ديني أو حضاري أو حتي سسياسي كـمـبـنـي الأمم المتحدة في نيويورك فهو داخلياً أي داخل الــمــبــني ســـلطته نابعة من سلكة الهيئة الدولية لكن حكومة الولايات المتحدة هي المالك الأصلي لأرض المبني والمتحكمة في الإمـداد أو الــمــنع فيما يتعلق بإستفادة المبني بالمرافق العامة بل إن حكومة الولايات المتحدة لـهـا أن لا تمنح عـضـو مـا من أعـــضـاء وفـد مـا من الحصول علي تأشيرة دخــول الولايات المتحدة وفي تاريخنا وتقاليدنا الإسلامية فقد توارث “سدنة الكعبة” شرف احتضانهم مفتاح الكعبة المشرفة وهم “بنو شيبة” ومنذ أكثر من 16 قرناً وقبل بدء الإسلام اختص أحفاد قصي بن كلاب بن مرة بسدانة الكعبة المشرفة ومنهم نسل أبناء آل الشيبي سدنة الكعبة الحاليين وهم الذين أعاد إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة بعد فتح مكة أفهل يــعــنــي هذا أن الـــكـــعــبــة الــمـــُشـــرفة ملك لهم ؟ ما هذا الـــهـــراء الذي يتحدث بـه اليونانـيـون ؟؟!!

من وجـــهـــة نـــظـــر الـيـونـــانـــيـيــن فـإن :

(1) مــبــدأ حـــق الإنــتــفــاع يـعـنـي:

– أن التحول من ملكية دير سيناء إلى حق الانتفاع به له آثار كبيرة على تشغيله واستقلاليته على المدى الطويل فبينما يؤكد المسؤولون المصريون أن عمليات الدير ستستمر دون عوائق فإن فقدان الملكية يثير مخاوف بشأن مستقبله وأن التمييز بين كونك مالكا ومجرد مستخدم يعني نقاط ضعف يمكن أن تؤثر على استدامة الدير وقدرته على الحفاظ على طابعه التاريخي والديني  .

استمرارية العمليات: على الرغم من التأكيدات يمكن أن تتأثر عملية الدير إذا تم اعتبار الرهبان “ضيوفا” مما قد يقوض وظيفته المستمرة التي استمرت 1500 عام  .

مخاوف بشأن التأشيرة: يخشى الرهبان من أنه بدون ملكية قد لا يتم تجديد تصاريحهم المحدودة المدة مما يؤدي إلى “الإخلاء الصامت”.

الآثار المالية: إن مطالبة الرهبان بدفع إيجار الأرض التي زرعوها لعدة قرون كما هو منصوص عليه في قرار المحكمة يؤثر على اكتفائهم الذاتي .

الوضع القانوني: يصر الجانب اليوناني على الاعتراف بالدير ككيان قانوني لضمان طابعه الديني واستمراريته والذي يرتبط بالوجود المادي للرهبان وتأمين التمويل اللازم  .

حقوق الملكية: حرمان الدير من الأرض المحيطة به يهدد وضعه الراهن واستمراريته  .

سيؤدي التغيير في الوضع القانوني من مالك إلى مستخدم إلى عدم اليقين ونقاط الضعف المحتملة لدير سيناء مما يؤثر على استمراريته التشغيلية واستقراره المالي والحفاظ على أهميته الدينية والتاريخية على المدى الطويل  .

(2) القانون الدولي يــحــمـــي دير سيناء كتراث عالمي :

يعد وضع دير سانت كاترين في سيناء كموقع للتراث العالمي أحد الاعتبارات الرئيسية في المناقشات الجارية بين اليونان ومصر فيما يتعلق بمستقبله وقد أكدت اليونان على أهمية الالتزام بالقانون الدولي في الحفاظ على الدير لا سيما فيما يتعلق بمكانته المعترف بها كنصب تذكاري للتراث العالمي .

التزامات القانون الدولي: أكدت اليونان أن القانون الدولي يفرض على مصر التزامات بحماية دير القديسة كاترين في سيناء، نظرا لوضعه كموقع للتراث العالمي  .

الحفاظ على الوضع الراهن: دعا الوفد اليوناني المصريين إلى الحفاظ على الوضع الراهن واستمرارية الديروهو أمر ضروري للحفاظ على أهميته التاريخية والثقافية ( يثير اليونانيين بهذا الإعتقاد قد هددت أو أنها يمكن أن تهدد الـديــر مُستقبلاً) .

حقوق الملكية: تدور القضية الأساسية حول اعتراف الدولة المصرية بحقوق ملكية الديروهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ عليه وتشغيله على المدى الطويل .

تنطوي حماية دير سانت كاترين في سيناء بموجب القانون الدولي على الاعتراف بحقوق ملكيته(ولهذا يسعي اليونانيون إلي تـدويل قــضـــيــة ديـــر ســانت كـــاترين وإخراجها إخراجـاً من نـطــاقــهــا الـــمــصــري) والحفاظ على طابعه الديني وضمان استمرار عمله (حكم المحكمة كــفــل ذلك)كمكان للعبادة والتراث الثقافي تنطوي حماية دير سانت كاترين في سيناء بموجب القانون الدولي على الاعتراف بحقوق ملكيته والحفاظ على طابعه الديني وضمان استمرار عمله كمكان للعبادة والتراث الثقافي .

– لا تزال المفاوضات جارية بهدف التوصل إلى حل مقبول للطرفين  .

الـــمـــوقـــف الـــمـــصـــري في النزاع  :

– أعلن الرئيس الـمـصـري مرارا وتكرارا عن “التزام مصر الكامل بالحفاظ على الوضع الديني الفريد و”المقدس” لدير سانت كاترين ومنع انتهاكه”وبالمثل أكد وزير الخارجية المصري  أن الحكم يحافظ على القيمة الروحية للدير ومكانته الدينية مؤكدا أن الرهبان لهم حـــريــة الوصول إلى الدير ومواقعه الدينية والتاريخية واستخدامها .

– أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية بيانا في 29 مايو2025 تناولت فيه ما وصفته بالادعاءات “التي لا أساس لها من الصحة” بشأن حكم المحكمة وقالت الحكومة إن الحكم “يمثل الحالة الأولى التي يتم فيها تنظيم الوضع القانوني للدير مع تأكيد واضح على الحفاظ على مكانته المقدسة” وأكدت السلطات المصرية أن المحكمة أكدت استمرار حق الرهبان في الاستفادة من مواقع إضافية مُصنفة على أنها محميات طبيعية فضلا عن المواقع الدينية والأثرية المحلية ومع ذلك أشاروا   قائلين: “وبالتالي فإن هذه الأراضي تعتبر ملكا للدولة”.

– جددت مصر تعهدها بالحفاظ على الوضع الديني لدير سانت كاترين التاريخي، الذي يقع في قاعدة جبل سيناء في شبه جزيرة سيناء والمرتبط رسميا بالكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وقد تم التأكيد على هذا الالتزام خلال اجتماع عقد في القاهرة في 4 يونيو2025 بين وزير الخارجية المصري ونظيره اليوناني  كما أشارت تصريحات السلطات المختصة , كما أكد وزير الخارجية المصري علي العلاقات التاريخية بين مصر واليونان وعلاقاتهما السياسية والاقتصادية والثقافية المتميزة والتي توجت  في مايو2025 برفع العلاقات إلى شراكة استراتيجية خلال الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى في أثينا برئاسة الرئيس المصري ورئيس وزراء اليونان وأكد المسؤول المصري عزم مصر على مواصلة البناء على هذه الشراكة في مختلف القطاعات وأبلغ نظيره اليوناني بقرار المحكمة الأخير بتاريخ 28 مايو2025 بشأن الأراضي المجاورة لدير سانت كاترين  .

– كــررت السلطات المصرية القول بأن المحكمة أكدت استمرار حق الرهبان في الاستفادة من مواقع إضافية مصنفة على أنها محميات طبيعية، فضلا عن المواقع الدينية والأثرية المحلية. ومع ذلك، أشاروا إلى عدم وجود سجلات ملكية لبعض المناطق غير المأهولة البعيدة عن الدير قائلين: “وبالتالي فإن هذه الأراضي تعتبر ملكا للدولة”.

– كان في تكرار الحكومة المصرية أن حكم محكمة إستئناف الإسماعيلية لن يؤدي إلي المساس بالجانبين الروحي والتاريخي لدير سانت كاترين تأكيداً وتوضيحاً من مـــصــر بأن دير سانت كاترين الأرثوذكس اليوناني في جنوب شبه جزيرة سيناء لن يتم المساس به وأنه يجب الاستمرار في حماية وضعه المستقل والحفاظ عليه مما كان له صدي طيب لدي حكومة اليونان بينما لم تكن الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية كذلك فقد افترضت التفسيرات الأولية لديها أنه يمكن مصادرة الدير أو مصادرته رغم نفي الحكومة المصرية لهذه الشائعات  ورغم أن متحدثاً باسم الحكومة المصرية أكد أنه سيتم الاحتفاظ بالطابع الديني والتاريخي لدير سانت كاترين وسبب الخلط مرجعه ربما كان بسبب أن حكم المحكمة أشار إلي أن “المناطق النائية” “الواقعة في محميات طبيعية محمية” وغير مأهولة بالسكان وبعيدة عن الدير والتي لا توجد سندات ملكية لها المناطق ستعتبر ملكا للدولة المصرية ذلك أن الهدف العام للحكومة في القاهرة هو الحفاظ على “علاقات تاريخية وودية وأخوية” مع اليونان ولذلك أكدت رئاسة جمهورية مصر أنها ستحافظ على مكانة دير سانت كاترين ولن تضر به وربما وقبل أن تصبح هذه التصريحات المهدئة معروفة تحدث رئيس أساقفة أثينا وكل اليونان إيرونيموس من بين آخرين دي وفي تفسيره لحكم المحكمة المصرية تحدث عن “إلغاء أي مفهوم قانوني” وهو ما “يشوه الحقيقة التاريخية مرة أخرى” وقال  إيرونيموس إنه لا يمكن قبول   مصادرة الممتلكات تحت أي ظرف من الظروف كما تحدث رئيس الوزراء السابق أنطونيس ساماراس (2012-2015) وانتقد “قرارا لا يمكن تصوره من قبل مصر بمصادرة المنارة الروحية للأرثوذكسية والهيلينية” ذلك ان هذا الدير الذي يحمل اللقب الرسمي وغير العملي إلى حد ما “الدير الملكي المقدس المستقل للقديس أيكاتريني التابع لجبل سيناء المقدس الذي دخله الله” (؟؟!!!!!!)هو أحد أقدم الأديرة المسيحية في العالم نظرا لموقعه البعيد في شبه جزيرة سيناء على ارتفاع 1,600 متر تقريبا فوق مستوى سطح البحر وهو  دير لم يتعرض للدمار على سبيل المثال بسبب النزاعات المسلحة وتمت إدارة الدير بشكل مستمر منذ العصور القديمة المتأخرة وهو معروف من بين أمور أخرى بمكتبته الفريدة والتي تضم أيضا العديد من المخطوطات ذات القيمة التاريخية للغاية ومجموعة من الأيقونات البيزنطية المبكرة إضافة للعمارة البيزنطية للدير ولقد أكدت محكمة إستئناف الإسماعيلية في حكمها الصادر في 28 مايو2025 علي أن الجماعة الرهبانية الأرثوذكسية اليونانية في دير سانت كاترين لها أن تحتفظ بحق الاستخدام علي أن تظل الدولة المصريةهي المالكة كما أكد الرئيس المصري علي أن المزيد من التنمية المخطط لها للمنطقة للسياحة لن تعرض قدسية المكان للخطر فموقع دير سانت كاترين يحظي بأهمية خاصة لليهود والمسيحيين وفقا للكتاب “المقدس” .

خـــلــفــيـة الــــمـــوقف الـيـونـاني والأرثوذكسي في الــنــزاع علي ديـــر ســانــت كـاتـريـن  :

– يسكن في روع الجانب اليوناني سواء الكنيسة الأرثوذكسية هناك في أثينا ونيقوسيا أو في الحكومة أن ديـــر ســاـنـت كـاتـريـن مـلك الكنيسة والدولة اليونانية بالتالي فموقعOrthodox Times اليوناني في 3 يونيو2025 أشار إلي  أن حكم محكمة إستئناف الإسماعيلية بشأن دير سانت كاترين معني بتغييرات في وضع ملكية دير سانت كاترين “المقدس” التاريخي في سيناء وهو أحد أقدم المواقع المسيحية الأرثوذكسية وأكثرها احتراما وأن التفسيرات الأولية للقرار أشارت إلى انتقال محتمل للسيطرة على الدير بواسطة الدولة المصرية مما أثار القلق في كل من اليونان وبين المجتمعات الأرثوذكسية العالمية حتى أن التقارير ألمحت إلى إمكانية تحويل الدير إلى متحف مما زاد من حدة الغضب العام والكنسي  .

– يشير الإعلام اليوناني في إطار حملة الترهيب لمصر بأن هناك ثمة حــبــل ســـري يربط دير سانت كاترين باليونان منذ زمن طويل لأن العلاقة بين هذا الدير والدولة اليونلنية التي للكنيسة بها نفوذ واضح  فهي علاقة طويلة الأمد وليست رمزية ودينية فحسب بل تنطوي حتما على بعض التداعيات السياسية والاقتصادية الخطيرة للغاية بل إن اليونان تعتبر هذا الدير إضافة مهمة لقوة الدولة الناعمة فـكما  أشار موقع Modern Diplomacy في 12 يونيو2025 فإن :” دير سانت كاترين في سيناء الذي يطفو وسط المناظر الطبيعية الصارخة لشبه جزيرة سيناء هو أكثر من مجرد نصب تذكاري للعصور المسيحية القديمة إنه يقف اليوم كشهادة حية على الدور الروحي والدبلوماسي الدائم لليونان داخل العالم الأرثوذكسي وهو إسقاط هادئ ولكنه هائل للقوة الناعمة اليونانية التي يتردد صداها في جميع أنحاء شرق البحر الأبيض المتوسط وما وراءه “….فـــ”من خلال الدير تؤكد اليونان مكانتها كوصي على التراث الأرثوذكسي وكقوة استقرار في المنطقة تعمل سلطتها الروحية وصداها  الثقافي كأدوات خفية ولكنها قوية لفن الحكم مما يمكن اليونان من تعزيز الحوار والوحدة والشعور بالاستمرارية داخل المشهد الأرثوذكسي … وازدادت أهمية دور القوة الناعمة للدير بشكل أكثر وضوحا في السنوات الأخيرة مع ظهور تحديات جديدة داخل العالم الأرثوذكسي في مقدمتها إنشاء الإكسرخسية(الإقليم الكنسي) البطريركية الروسية في إفريقيا وهي خطوة حازمة من قبل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لتوسيع نطاق ولايتها القضائية إلى الأراضي المتحالفة تاريخيا مع بطريركية الإسكندرية الأرثوذكسية اليونانية (تخوض الكنائس الشرقية خاصة الكبري منها حالياً مرحلة تتميز بالتنافسية والتوتر معاً بالتزامن مع سعي كل كنيسة من بين هذه الكنائس وبصفة منفردة إلي بناء علاقة ما مع الفاتيكان و في الوقت الذي تمر فيه بعض الكنائس الشرقية بمرحلة عصيبة من التنافسية والتوتر يحاول الفاتيكان بناء جسور بينه وبين هذه الكنائس تحت عنوان الوحدة المسيحية وهي محاولة تكتنفها صعوبات وتعقيدات جمة) .

– يبرر الجانب اليــونـانـي موقفه الغاضب بأن دير “القديسة” كاترين في سيناء يـتـمـتع بحماية وثيقة تاريخية تُعرف باسم “أختينام” وتمنح هذه الوثيقة المنسوبة إلى النبي محمد امتيازات محددة للديرتؤكد على أهميته التاريخية والدينية وأختينام كما يري اليونانيون هي  الوثيقة التي وضعها النبي محمد صل الله عليه وسـلـم وهي محفوظة في مكتبة الدير وتمنح امتيازات محددة وتحمل “أختينام” ختم بصمة كف النبي محمد صل الله عليه وســلــم مما يدل على أصالتها  .

– يدعي الجانب اليوناني أن وفداً يونانياً يرأســه رئيس الأساقفة اليونانيين داميانوس زار مصر لتسوية النزاع علي دير   سانت كاترين في سيناء وبعد سلسلة من المشاورات والمفاوضات تمت الموافقة على تسوية بين الجانبين اليوناني و  المصري وبحسب الجانب اليوناني لم يُحدد تاريخ محدد صراحةً لهذه التسوية المزعومة وإن أشار اليونانيون إلي أن الموافقة على التسوية كانت في نهاية عام  2024 لكن كما يقول الجانب اليوناني تشير مصادر- لم تُـســم – إلى جدول زمني يمتد من أواخر عام 2024 إلى أوائل عام 2025 وتم إعداد مسودة الاتفاقية منذ نهاية فبراير في انتظار توقيعات المسؤولين المصريين ويشير اليونانيون إلي أنه على الرغم من عدم تحديد التاريخ الدقيق لموافقة التسوية إلا أن العملية جرت بين أواخر عام 2024 وأوائل عام 2025 وشملت مشاورات وزيارة وفد يوناني وإعداد مسودة اتفاقية , وقد رد الجانب اليوناني تأخّر إتمام الاتفاقية بين المطران داميانوس والحكومة المصرية بشأن دير القديسة كاترين في سيناء بسبب عدم وجود توقيع ورغم تطمينات الرئيس المصري وموافقات المطران داميانوس والوزارات المصرية المعنية إلا أن الاتفاقية كانت تنتظر توقيعًا حاسمًا وكان توقيع وزير العدل المصري هو الشرط المتبقي الأخير لإتمام هذه الاتفاقية التي تهدف إلى حل النزاعات القانونية المستمرة منذ عام ٢٠١٥ والحفاظ على هوية الدير ولهذا الغرض زار وفد يوناني مصر وتمت الموافقة على تسوية بين المطران داميانوس والدولة المصرية فيما أكد الرئيس المصري للحكومة اليونانية أنه سيتم التوصل إلى اتفاق على المستوى الثنائي لكن هذا الإتفاق واجه عقباتٍ غير متوقعة على الرغم من هذه التأكيدات والموافقات رفيعة المستوى مما يُسلّط الضوء على التعقيدات في العلاقات اليونانية المصرية فيما يتعلق بالدير  .

– لتوسيع زاوية رؤية موقف الكنيسة اليونانية من نزاع دير سانت كاترين فيمكن أن نقرأ هذه الفقرة من مقابلة أجريت مؤخراً مع المتروبوليت كريسوستوموس من ميسينيا أستاذ اللاهوت في جامعة أثينا أبدي فيها وجهات نظره حول العديد من القضايا الرئيسية المتعلقة بالكنيسة نُشرت علي موقع orthodoxtimes.com في 26 مايو2025 ووُجهت إليه عدة أسئــلة من بينها سؤالان لهما علاقة بموضوع هذه الدراسة أجاب عليهما بما نصه  :

س: ما هو الوضع الحالي للعلاقات بين الكنيسة والدولة ؟ ما هو رأيك في إمكانية فصل الكنيسة عن الدولة؟

ج: من أجل تحقيق علاقة خلاقة وفعالة بين الكنيسة والدولة، فإن الانفصال ليس هو الحل. وبدلا من ذلك، فإن المطلوب هو توطيد مبدأ التضامن في إطار أدوارهما المتميزة فقد أثبتت العلاقة التعاونية بين المؤسستين تاريخيا أنها مفيدة للمجتمع اليوناني حيث تعمل بشكل إيجابي بمرور الوقت بشرط عدم وجود تجاوز أو تداخل وكلما لم يتم احترام هذا الإطار نشأت قضايا تتعلق بالشرعية والقانونية وبعبارة أخرى عندما يكون هناك تدخل في الهيئات الداخلية للكنيسة أو محاولة لإلغاء حكمها الذاتي أو عندما تتدخل الكنيسة في الشؤون الداخلية للدولة، يتم تقويض الديمقراطية وتتعرض الكنيسة لخطر التسييس والعلمنة  .

س: كيف تعتقد أن كنيسة اليونان يجب أن تدير ممتلكاتها؟ هل يجب أن تتبنى نهجا أكثر انفتاحا (الاستثمار والبحث عن فرص لتعظيم الإيرادات) أم نهجا أكثر تحفظا؟

ج: مثل هذه المبادرات الاستثمارية والتجارية تقع خارج طابع وهوية الكنيسة الأرثوذكسية في اليونان ففي الكنائس المسيحية الأخرى ذات البنية الحكومية الموازية قد تكون “مبررة” لكن بالنسبة للكنيسة الأرثوذكسية فهي تتعارض مع رسالتها الرعوية وطبيعة عملها الخيري وفي الماضي تم تقديم مقترحات مماثلة ولكن “تم القضاء عليها في مهدها” يتطلب استخدام الملكية الكنسية – وهو ليس واسعا كما قد يتخيل البعض – جردا وتقييما شاملين  ولم يتم إجراؤهما بعد بعبارة أخرى ما نحتاجه هو “سجل كنسي” فقط فعلى أساس ذلك يمكننا استكشاف طرق لاستخدام ممتلكات الكنيسة وحتى في هذه الحالة في إطار الاحتياجات الرعوية وليس من أجل الربح كما قد يفترض البعض أن الغرض الوحيد من هذا الاستخدام ولا يمكن للكنيسة نفسها التعامل مع زيادة الممتلكات الكنسية وصيانتها واستخدامها من وجهة نظر تجارية أو استثمارية خاصة عندما تضر هذه المبادرة بأي شكل من الأشكال بالطابع الكنسي للكنيسة   .

ردود الفعل اليونانية  علي المستوي العملي :

– في 30 مايو2025  ناقش رئيس الوزراء اليوناني اليوناني مـســألة دير سانت كاترين في مكالمة هاتفية مع الرئيس  المصري حيث أكد المتحدث باسم الرئيس المصري على “التزام مصر الثابت بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين” .

– في وسط هذه الأزمة المُستحكمة في علاقات مصر باليونان وقبرص اليونانية عُقد  بوزارة الخارجية اليونانية في 2 يونيو2025 اجتماع ثلاثي بين اليونان وقبرص ومصر نُوقشت فيه قضايا الشتات مثل الجانب اليوناني نائب وزير الخارجية والجانب القبرصي نائب المدير العام لوزارة خارجية جمهورية قبرص فيما مثل الجانب المصري نائب وزير الخارجية والهجرة والمصريين المقيمين بالخارج ووفقاً للجانب اليوناني كان هذا الاجتماع في إطار التعاون الوثيق بين الدول الثلاث في مجال الشتات مع التركيز على النقاش حول برنامج “نوستوس” (مبادرة رئاسية لـ”إحياء الجذور” أطلقها الرئيس المصري للتقارب على مستوى شعوب البلدان الثلاثة مصر واليونان وقبرص في المجالات الإنسانية والثقافية والحضارية)

– صعدت اليونان حــملتها الدبلوماسية لبيان تعظيم اليونان لقضية تمس عصب الدولة اليونانية أي الكنيسة الأرثوذكسية من خلال ترأس وزير الخارجية اليوناني وفدا رفيع المستوى إلى القاهرة في 4 يونيو2025 حتي تظهر مشاركة مثل هذا المسؤول الكبير التزام الحكومة اليونانية الجاد بالدفاع عن حقوق الرهبان بينما تسعى إلى الحفاظ على شراكتها الاستراتيجية مع مصر وفي أعقاب اجتماعات مع وزير الخارجية المصري أعلن الجانبان عن موافقتهما على العمل على حماية حقوق الدير ووضعه القانوني فقالا :”اتفقنا في المستقبل القريب على العمل من أجل حماية حقوق الدير فضلا عن وضعه القانوني” وصرح وزير خارجية اليونانبعد اجتماع القاهرة فقال : “تعتزم كل من مصر واليونان المضي قدما بناء على التقاليد العريقة والمكانة الراسخة بالفعل كدير رمزي لطابعه الأرثوذكسي اليوناني للعبادة”.

– أشار موقع reason.com في 11 يونيو2025 إلي أن رهبان دير سانت كاترين المقيمين به وعددهم نحو 20 شخص أغلقوا أبواب الدير أمام الزوار احتجاجا بعد أن قضت محكمة مصرية بأن أرض الدير ملك للحكومة   .

علي مستوي التصريحات فقد أدلى بتصريحات بشأن حكم محكمة إستئناف الإسماعيلية والنزاع نفسه كل من :

– أدان في 30 مايو2025رئيس أساقفة أثينا إيرونيموس الثاني بشدة قرار المحكمةالمصرية واصفا إياه بأنه “انتهاك عنيف لحقوق الإنسان” وانتهاك للحريات الدينية  ثم قال :” يدخل أقدم نصب تذكاري مسيحي أرثوذكسي في العالم دير جبل سيناء فترة من التجارب الكبرى – فترة تستحضر ذكريات الأوقات المظلمة في التاريخ… وأضاف : “يدخل أقدم نصب تذكاري مسيحي أرثوذكسي في العالم، دير جبل سيناء، فترة من التجارب الكبرى – فترة تستحضر ذكريات الأوقات المظلمة في التاريخ…” قال :”إنني أدين بشكل قاطع أي محاولة لتغيير الوضع القديم الذي ساد في هذه المنطقة منذ 15 قرنا وإني أدعو الحكومة اليونانية المسؤولة – ورئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس شخصيا – إلى اتخاذ إجراءات فورية ومناسبة لاستعادة النظام القانوني وضمان عدم إلغاء الدير المقدس بشكل فعال” *(GREEK HERALD في30 مايو2025) .

– أدلي المتحدث باسم الحكومة اليونانية بتصريح بعد 5 أيام من صدور الحكم قال فيه أنهم ما زالوا يتعاملون مع الحكم “لأنه لا يتضمن فقط عناوين وآراء تفسيرية ولكن أيضا منطقات قانونية معقدة للغاية باللغة العربية ” .

– أعربت البطريركية المسكونية في القسطنطينية إلى جانب البطريركيات الأرثوذكسية في القدس والإسكندرية وكنائس اليونان وقبرصواتحاد اللاهوتيين اليونانيين عن قلقهم. ولكن في الوقت نفسه اختارت الكنائس الأخرى التزام الصمت – وهو موقف زاد من تعقيد الوضع كم يقول موقع .thecatholictelegraph القبرصي اليوناني في 7 يونيو2025 .

– أصدر رئيس أساقفة أثينا وكل اليونان إيرونيموس بياناً رسمياً في 29 مايو2025 بشأن ما وصفه بالوضع الحرج المحيط بدير القديسة كاترين “المقدس” في جبل سيناء الذي يدوس الله عليه في أعقاب قرار مثير للجدل من السلطات القضائية المصرية وقال رئيس الأساقفة فيه : “في أعقاب القرار الفاضح الذي صدر في28 مايو2025 والذي ينطوي على انتهاك عنيف للحريات الإنسانية – وعلى وجه التحديد – من قبل النظام القضائي المصري يدخل أقدم نصب تذكاري مسيحي أرثوذكسي في العالم دير سانت كاترين “المقدس” في جبل سيناء فترة من المحاكمة الشديدة – وهي فترة تستحضر أوقاتا أكثر قتامة في التاريخ” وأضاف “أنه على الرغم من التأكيدات الأخيرة التي قدمها رئيس مصر لرئيس الوزراء اليوناني اختارت الحكومة المصرية فعليا تفكيك كل مفهوم للعدالة وبضربة واحدة محاولة محو وجود الدير ذاته وإلغاء وظيفته الدينية والروحية والثقافية ويتم الاستيلاء على ممتلكات الدير ومصادرتها هذه المنارة الروحية للأرثوذكسية والهيلنستية تواجه الآن تهديدا وجوديا ” وأعلن رئيس الأساقفة بحماس: “أرفض ولا أستطيع أن أصدق أن الهيلينية والأرثوذكسية تعيشان “غزو” تاريخي آخر وشدد على أنه يجب عدم السماح بمثل هذا الحدث واتهم إيرونيموس الحكومة المصرية بمحاولة محو الأهمية التاريخية والروحية للدير وإنهاء عملياته الطويلة الأمد على الرغم من الالتزامات السابقة من الرئيس المصري ثم دعا رئيس الأساقفة إيرونيموس “بحزن عميق وسخط مبرر ” جميع السلطات اليونانية والدولية إلى الاعتراف بخطورة الوضع والعمل بشكل عاجل للدفاع عن الحريات الدينية الأساسية للدير وشدد على أنه “أدين بشكل قاطع أي محاولة لتغيير الوضع الراهن القائم منذ 15 قرنا في هذه المنطقة المقدسة” وأوجه نداء مباشرا إلى الحكومة اليونانية ورئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس لاتخاذ إجراءات فورية ومناسبة لاستعادة النظام القانوني ومنع إلغاء الدير بحكم الأمر الواقع وقال : “أعبر عن تضامني الأخوي مع جماعة الإخوان في الدير ورئيس ديرها سماحة رئيس أساقفة سيناء داميانوس وفاران ورايتو وكذلك مع جميع الإخوة اليونانيين الذين يخدمون بتضحية في منطقة سيناء الأوسع” وأعـرب  رئيس الأساقفة إيرونيموس أخيراً عن عدم تصديقه وقلقه فقال : “لا أريد أن أصدق ولا أستطيع أن أصدق أن الهيلينية والأرثوذكسية تشهدان اليوم سقوطا تاريخيا آخر لا يمكننا السماح بحدوث ذلك  ”   *  ORTHODOX TIMES) في 29 مايو2025 )

في بيان صدر في 29 مايو2025 أدان إيرونيموس رئيس أساقفة أثينا وعموم اليونان “القرار الفاضح الذي ينطوي على انتهاك عنيف للحريات الإنسانية – وتحديدا الدينية – من قبل النظام القضائي المصري” مضيفا أن “الحكومة المصرية اختارت فعليا تفكيك كل مفهوم للعدالة وبضربة واحدة محاولة محو وجود الدير ذاته – إلغاء الوظيفة الروحية والثقافية له ويجري الاستيلاء على ممتلكات الدير ومصادرتها ” وبعد دعوة المجتمع الدولي إلى التحرك اختتم رئيس الأساقفة بالكتابة: “لا أريد أن أصدق – لا أستطيع أن أصدق – أن الهيلينية والأرثوذكسية تشهدان اليوم سقوطا تاريخيا آخر” فـ”اليوم”؟ سقوط تاريخي آخر”؟ في حين أن الكثيرين فشلوا في فهم إشارته إلا أنه كان يلمح بوضوح إلى حقيقة أن 29 مايو2025 هو التاريخ الذي غزا فيه المسلمون كنيسة أرثوذكسية يونانية قديمة أخرى بناها جستنيان الأول وهي آيا صوفيا في القسطنطينية في عام 2022  وهي موقع آخر لتراث اليونسكو الذي حولته الحكومة التركية إلى مسجد آخر – على الرغم من أن اسطنبول بها بالفعل أكثر من 3,000 مسجد وعلقت إحدي المواقع الإعلامية اليونانية علي ذلك بقولها : أن تحذير رئيس الأساقفة من أن المحكمة المصرية تهدف إلى “محو وجود الدير وإلغاء وظيفته الدينية والروحية والثقافية” هو ما فعله الإسلام دائما ولا يزال يفعله – على الرغم من محاولته أن يكون “عضوا دائما في المجتمع العالمي” ويتمتع بفوائد ذلك. (كما هو الحال مع تركيا ، التي تريد حقا أن تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي) وفي الواقع لكي تظهر لكم نفاق مصر المطلق (إن لم يكن الغباء) يأتي هذا الحكم الأخير الذي يتجاهل قرارات اليونسكو بشكل صارخ في الوقت الذي تقوم فيه مصر بحملة حماسية لمرشح مصري ليكون المدير العام المقبل لليونسكو! اسمه خالد العناني.

– في مقابلة هاتفية مع صحيفةThe National Herald اليونانية نُشرت علي موقعها في الأول من يونيو2025 أشار رئيس أساقفة سيناء داميانوس وفاران ورايتو ورئيس دير القديسة كاترين المقدس في جبل سيناء ورئيس الأساقفة داميانوس ويقيم حاليا في القاهرة إلي أنه :

“منذ أكثر من عشر سنوات حتى الآن كنا ندخل المحكمة وخارجها لأن حقنا في ملكية هذه الأرض القاحلة – التي اعتبرناها دائما ملكا لنا والتي سلمها إلينا أفراد مقدسون – يتم إنكاره من ناحية  فهذه أماكن مقدسة يزورها أشخاص من جميع أنحاء العالم وتستفيد منها الحكومة المصرية ومع ذلك فهم لا يرغبون في الاعتراف بهم كملك لنا” وأوضح أيضا: “تخبرنا السلطات وخاصة مصلحة الآثار أنه نعم يمكنك استخدامها لكنها تخصنا ولم يدركوا إلا في وقت متأخر أننا نحن الذين حافظنا على هذه الكنوز – من خلال عملنا وجهودنا الخاصة ومواردنا الخاصة – من القرن السادس إلى الوقت الحاضر الآن يقولون إنه ليس لدينا الحق في إدارتها” كما أكد رئيس الأساقفة في حديثه وقال: “نحن نحتج بقوة لكن كل احتجاجاتنا تذهب سدى لأن الطرف الأقوى يقول ببساطة: أريد ذلك بهذه الطريقة وهكذا سيكون”وشدد القول بأن: “هذه ضربة قاسية لنا وصمة عار ونحن نريد الاستمرار في إدارة ما حافظنا عليه لعدة قرون بتكلفة باهظة ومن أموالنا الخاصة والآن تأتي دائرة الآثار وتقول: “ستفعل ما نقول لك” أضاف رئيس الأساقفة داميانوس وقال: “أبلغ من العمر 91 عاما اليوم وأعيش في الدير منذ سن 27 عاما – يمكنك أن تتخيل الألم في قلبي” وعما سيحدث الآن بعد أن أصدرت المحكمة أمرا بالإخلاء أجاب هو علي تساؤله فقال: “إنه تلاعب قضائي ففي عام 1980 أعلنت الحكومة أنه في المناطق التي لا يوجد بها سجل عقاري يجب على مالكي العقارات تقديم إقرارات وكان الدير من بين أول من قدم مثل هذه الإعلانات – لكل شيء: الحدائق الصغيرة والمصليات وهم في مجموعهم 71 ملفا وتلقينا إيصالا بإقرار وانتظرنا أن تأتي اللجنة وتؤكد ملكيتنا وتم منح الآخرين الذين لديهم أراضي أكثر بكثير الملكية لكننا لم نتلق شيئا وبعد عشرين عاما تخبرنا الدولة المصرية أن هذا العذر أكثر من اللازم أو هذا العذر أو ذاك وفي النهاية لم نحصل على شيء والآن يقولون لنا: “ليس لديك الحق في أن تكون هنا أنتم الوافدون الجدد مع إننا كنا نعيش في سيناء منذ القرن السادس ” .

– دعا القادة الأرثوذكس بمن فيهم البطريرك المسكوني بارثولوميو الأول وبطريركية الروم الأرثوذكس في القدس التي يقع الدير تحت سلطتها مصر إلى الوفاء بالتزاماتها التاريخية باستقلالية الدير وحذر رئيس الأساقفة الأمريكي إلبيدوفوروس من أن الحكم يهدد الحريات الدينية والأهمية الثقافية للدير على الرغم من تأكيدات مصر يمثل القرار تحولا كبيرا لموقع يحظى بالتبجيل لإرثه الممتد لقرن من الشهادة المسيحية والتعايش بين الأديان  .

– وفقاً لموقع en.protothema.gr في 4 يونيو2025 فإن الوفد اليوناني برئاسة وزير الخارجية اليوناني جورج جيرابيتريتس دعـــا الجانب المصري إلى الحفاظ على الوضع الراهن للدير وأن المسؤولون التنفيذيون في الوفد اليوناني تحدثواعن “مناقشات مثمرة” عرض خلالها الجانبان مواقفهما من قضية دير القديسة كاترين في سيناء بعد اختتام الاجتماعات حول مستقبل الدير في القاهرة وقال مسؤولو الوفد اليوناني قبل وقت قصير من مغادرة العاصمة المصرية: “شرحنا البعد السياسي ومع كل الاحترام الواجب للعدالة المصرية قلنا إن قضايا القانون الدولي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عندما يتعلق الأمر بالتراث العالمي وطلبنا حماية الوضع الراهن للدير التاريخي”وأضافوا أن المصريين قاموا بتحليل الجوانب القانونية المعقدة للقضية وأردف الموقف قوله : أنه وفقا للتقارير اتفق الجانبان على إجراء تحليل فني إضافي في الأيام المقبلة من أجل التوصل إلى اقتراح واضح حول كيفية المضي قدما في القضية   .

– خرج رهبان دير سانت كاترين عن تحفظهم توازنهم النفسي المعهود جراء هذا الخكم القضائي المصري الذي يبدو أنه مُفاجئ لهم فقد وصف رئيس أساقفة سيناء داميانوس وفاران ورايتو الوضع الذي أسسه حكم محكمة إستئناف الإسماعيلية في 28 مايو2025 بأنه “تلاعب قضائي” مُوضحاً أنه منذ عام 1980 قدم الدير وثائق ملكية لـ 71 موقعا واحتفظ بإيصالات رسمية كدليل ومع ذلك – وفقاً لإدعائه – رفضت الدولة باستمرار الاعتراف بهذه الادعاءات حتى مع الاعتراف الكامل بحالات مماثلة في أماكن أخرى وأعرب عن إحباطه لأن الرهبان يُعاملون الآن كما لو كانوا قد استولوا على الأرض بشكل غير قانوني -وهذه حقيقة لا مراء فيها – ويُطلب منهم الدفع مقابل استخدامها وأضاف أنه تم التوصل إلى اتفاق سابق بين الكنيسة والسلطات المصرية بحضور ممثلين عن الحكومة اليونانية ومع ذلك تم تغيير الصفقة مؤخرا من جانب واحد وقال “لقد قمنا بحماية هذا الكنز منذ القرن السادس والآن قيل لنا إنه يمكننا استخدامه – لكننا لا نمتلكه” وتابع بحزن: “أبلغ من العمر 91 عاما وأعيش هنا منذ أن كان عمري 27 عاما تخيل كم هو كبير الألم! ” كما أشار الممثل القانوني للدير كريستوس كومبيليرس أن المفاوضات حول الاتفاق استمرت 9 أشهر وانتهت تقريبا عندما انتهت المحادثات فجأة قبل التوقيع مباشرة ثم صدر حكم قضائي يتناقض مع جوهر هذا الفهم وحذر من أن الحكم يسمح للدولة باستعادة الممتلكات إذا غادر الرهبان – لأي سبب من الأسباب – مما يضع وجودهم المستمر تحت رحمة قرارات سياسية أو إدارية لا يمكن التنبؤ بها وأن هذا الوضع القانوني الجديد يُعرض مستقبل الدير بأكمله للخطر وأعرب كومبيليرس عن قلقه من أن الحكم لا يؤكد ملكية الدولة فحسب  بل يسمح أيضا بمصادرة 25 من أصل 71 عقارا تابعا للدير” *(. www.thecatholictelegraph.com في 7 يونيو2025 )

– وفقاً لما يورده الجانبين القبرصي اليوناني واليوناني في إعلامهما *(موقع en.protothema.grفي 9 يونيو2025)فإن المدى الحقيقي للممتلكات التي يحتفظ بها دير القديسة كاترين في سيناء وطبيعتها أصبحت سرا مكشوفا أي شيء يتم إخفاؤه في أعين الجمهور – من الناحية النظرية على الأقل –  منذ نشر القرار بشأن ما سيأتي من محكمة استئناف الإسماعيلية ومع ذلك فمن الناحية العملية لا يستطيع سوى القليل منهم الوصول إلى نص هذا الحكم المثير للجدل إلى حد كبير حيث تكتسب الدولة المصرية بإيجاز تام،حقا قانونيا في مصادرة الممتلكات حسب الرغبة من حقيبة دير سيناء وتشمل هذه المحفظة 71 عقارا على الأقل  .

– صرح رئيس الأساقفة إلبيدوفوروس رئيس أبرشية الروم الأرثوذكس في أمريكا بعد علمه مباشرة بالحكم في 29 مايو2025   قائلا: “إن الإجراءات القضائية الأخيرة التي تهدد بمصادرة ممتلكات الدير وتعطيل مهمته الروحية مقلقة للغاية ومثل هذه الإجراءات لا تنتهك الحريات الدينية فحسب بل تعرض أيضا موقعا ذا أهمية تاريخية وثقافية هائلة للخطر .

– أعربت البطريركية المسكونية في القسطنطينية بقيادة البطريرك المسكوني بارثلماوس الأول عن خيبة أملها وحزنها على الحكم الصادر في 30 مايو مشيرة إلى أن المحكمة “اعترفت بالأخوة الرهبانية المحلية فقط على أنها تتمتع بالحق في استخدام ممتلكات الدير” مما أثار تساؤلات حول وضع ملكية الدير الطويل الأمد .

– أصدر رئيس أساقفة أثينا وكل اليونان ليرونيموس الثاني واحدة من أقوى الإدانات واصفا الحكم بأنه “حكم فاضح وانتهاك عنيف لحقوق الإنسان وبشكل أكثر تحديدا للحريات الدينية”وحذر من أن “أقدم نصب تذكاري مسيحي أرثوذكسي في العالم وهو دير جبل سيناء يدخل فترة من التجربة العظيمة فترة تستحضر ذكريات الأوقات المظلمة في التاريخ” .

– أشارت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس بمحاولات السلطات المصرية لتوضيح الوضع فقالت إنها “ستراقب الوضع عن كثب وستنظر بدقة في قرار المحكمة المذكور وإذا لزم الأمر ستدين البطريركية وتتصرف بشأن أي تعدي على الدير أو انتهاك الوصول إلى هذا الموقع المقدس”.

نماذج لرد فــعــل الإعـــلام  الــمـــســيــحــي اليوناني و الإيطالي :

– لم يُرصد موقف رسمي مُـــعـلن للفاتــيــكــان من النــزاع القائم بشأن ديــر سـانـت كـاتـريـن حتي الآن لـكـن وكالة أنباء الفاتيكان  agenzia fides الإيطالية في 30 مايو2025 أشارت في مقال لها إلي أنه “وبعد 1500 عام يفقد دير القديسة كاترين على جبل سيناء أحد أهم وأقدم الأديرة المسيحية في العالم إستقلاله الإداري وأصبح ملكا للدولة المصرية (يعني هذا أن الجانب اليوناني ومن يُسانده في العالم المسيحي أن الدير كان حتي حكم محكمة الإسماعيلية مــلــكــاً لـهم) بعد حكم من محكمة الإسماعيلية  وهو حكم يثير مخاوف جدية بشأن حاضر ومستقبل الدير والمجتمع الذي يعيش فيه فقدأسس الإمبراطور البيزنطي جستنيان الدير على جبل سيناء في القرن السادس الميلادي ونجا من الحروب والفتوحات والاضطهادات ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى وضعه باعتباره “تقيا (vacuf)” وهو موقع مقدس يجب الحفاظ عليه على هذا النحو وفقا للتقاليد القرآنية(لا توجد ثمة تقاليد تتعرض للجانب القانوني إضافة لإن آيات القرآن الكريم ذات الصلة تعرضت لموضوع الحماية فقط وهذا الآية 40 من سورة الحج تشير لذلك : «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ») ومازال هذا الدير يحظى أيضا باحترام البدو في صحراء سيناء وقد أدرجته اليونسكو في قائمة المعالم الأثرية المعترف بها كموقع للتراث العالمي وتتم إدارة كنوز الدير التي لا تقدر بثمن – الأيقونات والمخطوطات والآثار والمكتبات والممتلكات – حتى الآن من قبل عشرين راهبا من المجتمع الرهباني المحلي الذي يدعي استقلالية واسعة النطاق في إطار بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس وفي أعقاب الحكم الصادر عن محكمة الإسماعيلية يوم الأربعاء 28 مايو2025 تمت مصادرة ممتلكات الدير بحكم الأمر الواقع وتسليمها إلى الدولة المصرية في حين أن وصول الرهبان إلى بعض المباني محدودا ولا يسمح بإقامتهم في الدير إلا للأغراض الدينية ووفقا للشروط التي يحددها مالك الدولة الجديد ووصف موقع “orthodoxia.info” تنفيذ الحكم بأنه “أحد أخطر انتهاكات الحريات الدينية والفردية في القرون الأخيرة” الذي ارتكب في وقت عصيب في الشرق الأوسط ويأتي هذا الحكم الذي يحرم الدير بحكم الأمر الواقع من استقلاله بعد فترة طويلة من التقاضي والإجراءات القانونية التي بدأت ضد الاستقلال الإداري النسبي للدير ويبررممثلو الحكومةالمصرية هذا الإجراء بأنه عمل من أعمال حماية التراث الثقافي للديروفي هذا السياق قال عالم الآثار عبد الرحيم ريحان إن ممتلكات الدير تندرج تحت قوانين حماية التراث الثقافي وأن القرار الذي اتخذ بعد حكم المحكمة يضمن تعزيزا لصالح “التراث العالمي والرهبان” لكن الرهبان من جانبهم يتحدثون عن الطرد الفعلي من “ديرهم” ويضع القرار حدا مثيرا للجدل للنزاع القانوني الطويل الأمد بين الدولة المصرية ورهبان دير سانت كاترين منذ عهد الحكومة التي سيطر عليها الإخوان المسلمون عندما حاولت الدولة المصرية إخضاع الدير لسيطرتها على مراحل متتالية وبحسب بعض المحللين فإن الترتيب يظهر أن الرئيس المصري غير قادر على السيطرة على الأجهزة التي تشكل جزءا من الدولة وبعضها مرتبط أيضا بالجماعات السلفية(تـــألــيـب!!!) والآن سيتعين على القاهرة التعامل مع الأزمة مع اليونان التي ردت بشكل حاد على حملة الحكومة المصرية على الدير في وقت تكون فيه مصر في قلب التطورات المضطربة في فلسطين والتي تؤثر أيضا على شبه جزيرة سيناء وهي منطقة تعمل فيها مجموعات هامشية من الإسلاميين المنظمين الذين هددوا الدير في الماضي بتنفيذ هجمات مُسلحة وكان رد فعل الرهبان شرسا ويجري بالفعل التخطيط لحملة دولية للتوعية والإعلام تستهدف الكنائس والطوائف الدينية الأخرى من أجل إلغاء قرار المحكمة كما تبع ذلك على الفور رد فعل من رئيس أساقفة أثينا الأرثوذكس اليوناني هيرونيموس الذي قال: “لا أريد ولا أستطيع أن أصدق أن الهيلينية والأرثوذكسية تعيشان “غزو” تاريخي آخر اليوم وأضاف: “هذه المنارة الروحية للأرثوذكسية والهيلينية تواجه اليوم مسألة البقاء” .

– أشار موقع stream.org اليوناني في 9 يونيو2025 إلي تعليق لكاتب يُدعي ريمون إبراهيم (زميل بمعهد جيتستون وزميل جوديث روزين فريدمان في منتدى الشرق الأوسط)عن أزمة دير سانت كاترين قال فيه :” غالبا ما يفلت من العالم الإسلامي  أشياء من شأنها أن ترسل صدمة عبر المجتمع الدولي إذا قام بها أي شخص آخر  .

في 29 مايو2025 ظهرت تقارير تفيد بأن مصر تستعد للاستيلاء على دير سانت كاترين للروم الأرثوذكس وربما إغلاقه وهو أقدم دير مسيحي يعمل باستمرار في العالم ويقع عند سفح جبل سيناء وبناه الإمبراطور جستنيان الأول حوالي عام 550 بعد الميلاد على جبل سيناء وهو قائم منذ ما يقرب من 1500 عام – مما يجعله أقدم من الإسلام بقرون  .

وفقا لصحيفة تشيرش تايمز فإن حكم المحكمة المصرية الأخير “قد يؤدي إلى مصادرة الممتلكات وإخلاء رهبانها”مع شائعات عن خطط لتحويل أجزاء من الدير إلى متحف  .

حتى بالنسبة لبلد ذي أغلبية مسلمة فإن هذه خطوة مذهلة إذ أوضح عادل جندي المؤرخ المصري والمؤسس المشارك للتضامن القبطي أنه :وفقا للقانون المصري فإنه إذا احتل شخص ما قطعة أرض صحراوية وزرعها وطورها لفترة معينة (15 عاما؟) يحق له قانونا امتلاكها وبالتالي يحق له بيعها ونقلها وما إلى ذلك ولذا فلا يمكن للدولة أن تأتي ببساطة بعد سنوات وتخبرهم – لمجرد نزوة – أنهم كانوا مجرد “مستفيدين” من الأرض ثم الاستيلاء عليها أو إجبارهم على دفع (فدية؟). إذن ماذا عن هذا الدير الذي تم سكنه وتطويره وزراعته باستمرار لأكثر من 1,450 عاما ؟! فماذا حدث بالفعل؟ إن الرهبان المسيحيون يعيشون في هذا الدير منذ ما قبل ولادة محمد عليه وعلي آله الصلاة والسلام .

الحقيقة هي أن مصر تهدد سانت كاترين منذ سنوات ففي عام 2018 وثقت كيف أغلقت السلطات الدير قبل قداس عيد الميلاد على ما يبدو لمنع العبادة المسيحية ولا يقتصر الأمر على الدولة فحسب فقد استهدف البدو والإرهابيون واللصوص منذ فترة طويلة الدير الذي يقع في شبه جزيرة سيناء المضطربة .

في كتاب “سيف فوق النيل”، يتتبع مؤلفه محنة المسيحيين الأصليين في مصر تحت الحكم الإسلامي من القرن السابع حتى الوقت الحاضر، كتب جويندي: “لقد عانى هذا الدير التاريخي ورهبانه بشكل كبير على مر العصور ومع ذلك لم يواجه قط مثل هذا التهديد الوجودي لا في عهد الأمويين أو العباسيين أو الأيوبيين أو الفاطميين أو المماليك أو العثمانيين أو سلالة محمد علي أو حتى نظام الضباط بعد يوليو 1952 حتى عام 2012 أليس من المدهش أن التيار (“الإخوان الجديد”؟) النظام المصري ينخرط الآن في مثل هذه الأعمال المثيرة للقلق العميق؟ في الواقع هو كذلك ويكشف عن شيء أعمق: أن الأشكال الخفية والقانونية للقمع الإسلامي – المصاغة في البيروقراطية والأحكام القضائية – يمكن أن تكون أكثر خطورة من العنف العلني إنها تحدث بهدوء دون طلقات نارية أو انفجارات ويسهل على الغرب المشتت والساذج تجاهلها وفي الوقت نفسه تعاملها الدول الغربية التي ورثت المواقع الإسلامية التاريخية بالاحترام الذي تستحقه فإسبانيا على سبيل المثال تنفق عشرات الملايين من اليورو سنويا – 28 مليون يورو في عام 2022 وحده – للحفاظ على قصر قصر إسلامي يعود إلى القرن 14 تم بناؤه على أرض مسيحية سابقا وعلى هذا النحو فإن كنيسة القديسة كاترين ليست مجرد دير أو كنيسة تستولي عليها مصر المسلمة لاستخداماتها الخاصة كما فعلت مع آلاف الكنائس على مر القرون إنه موقع محمي من قبل اليونسكو مما يعني بحكم تعريفه أن الأمم المتحدة تعترف به  كقيمة عالمية بارزة للبشرية”وبالتالي فهي قيمة “محمية بموجب الاتفاقيات الدولية لضمان الحفاظ عليها للأجيال القادمة ” ودعنا نعود خطوة إلى الوراء للتأكيد على كيف تبصق الدول الإسلامية مثل مصر وتركيا في أعين العالم وخاصة المسيحيين فمن الأفضل دائما التفكير في كيف سيبدو هذا إذا فعل الغرب شيئا كهذا بالإسلام؟ بالطبع لا يمكن للمرء أن يأتي بأي أمثلة على المسيحيين الذين استولوا على المساجد التي كانت “دائما” مسلمة إنه عكس ذلك تماما فتقريبا كل الأراضي التي تشكل الآن “العالم الإسلامي” تم الاستيلاء عليها عن طريق الغزو وسفك الدماء – الجهاد – ومعظمها من المسيحيين (كل شمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الصغرى) وكذلك من الفرس والهندوس والشعوب الواقعة في الشرق وحتى خلال الحروب الصليبية والاسترداد عندما حول المسيحيون بعض المساجد إلى كنائس فعلوا ذلك وهم يعلمون جيدا أن هذه المساجد كانت في يوم من الأيام كنائس وهناك حدث مثال بارز خلال الحملة الصليبية السابعة فبعد أن هرب الملك لويس التاسع من مسلمي مصر بعد معركة دمياط في 6 يونيو عام 1249 أعيد تكريس المسجد الضخم في تلك المدينة الذي كان في يوم من الأيام كنيسة – ككنيسة وشكر لويس الله على انتصاره فيه على حد تعبير والدة لويس بلانش  “كان موقع المسجد  الذي كان قبل بعض الوقت – عندما تم الاستيلاء على المدينة سابقا [من قبل المسلمين في القرن السابع] – كنيسة السيدة العذراء مريم وتم التصالح وشكر الله العلي كما أن الصليبيين (على عكس أحفادهم الحديثين) لم يكونوا غافلين عن حقيقة أن كل الشرق الأدنى وشمال إفريقيا – وليس القدس فقط – كانا في الأصل جزءا من العالم المسيحي وهكذا فإن ميثاق تأسيس لويس لإعادة تكريس الكنيسة التي تحولت إلى مسجد تحول إلى كنيسة مرة أخرى بتاريخ نوفمبر 1249 .

– من ناحية أخرى كانت اليونان صريحة بما يكفي للضغط على الرئيس المصري لإصدار طمأنة غامضة بشأن “الحفاظ على المكانة المقدسة” للدير لكن نفس البيان ادعى أن حكم المحكمة يعزز هذا الوضع في الواقع  .

ما الذي قد تُقدمه مصر على أنه تنازل؟

يعتقد الجانب اليوناني أن :

مصر استمرار تُصور وجود الرهبان في دير سانت كاترين في سيناء على أنه تنازل كبير خلال المفاوضات مع اليونان ويأتي هذا التأطير وسط نزاعات حول حقوق ملكية الدير والتي استمرت على الرغم من الاتفاقيات والمناقشات السابقة بين البلدين.

حكم قضائي: تلجأ القاهرة إلى حكم قضائي يحرم دير سانت كاترين بسيناء من ملكية ممتلكاته ويُبرز تصوير مصر لوجود الرهبان على أنه امتياز التوترات المحيطة بدير سانت كاترين في ظل سعيها لإعادة تعريف شروط علاقتها بالموقع التاريخي

ما الذي تُشدد عليه أثينا في مفاوضاتها مع مـصـر  ؟

في ظل النزاعات المستمرة حول ملكية دير سيناء، تُجري أثينا مفاوضات مُتجددة مع القاهرة لحماية سلامة الدير الدينية والتشغيلية. وتُشدد اليونان على أهمية الالتزام بالمعايير القانونية الدولية والتمسك بالاتفاقيات السابقة لحماية مكانة الدير الفريدة.

الطابع الديني : تُصر أثينا على الحفاظ على الطابع الأرثوذكسي اليوناني وطابع الحج للدير، وتعتبره شرطًا لا غنى عنه لأي حل .

الملكية القانونية : من أهم مطالبها نقل ملكية المباني والمنشآت داخل أسوار الدير وحولها رسميًا إلى الملكية القانونية للدير نفسه .

القانون الدولي: تُشدد اليونان على التزامات القانون الدولي بشأن آثار التراث العالمي مُعززةً بذلك مكانة الدير المحمية .

الأمن المالي: تُركز أثينا على تأمين التمويل اللازم لضمان استمرار تشغيل الدير وصيانته .

المرونة : مع تمسكها بمبادئها الأساسية تُبدي أثينا انفتاحًا على دراسة مقترحات الجانب المصري شريطة ألا تُمسّ بجوهر الاتفاقيات السابقة تُعطي أثينا الأولوية للحفاظ على الطابع الديني للدير وحقوقه القانونية وتسعى إلى إيجاد حل يحترم المعايير الدولية والأهمية التاريخية للدير  .

ما هي الممتلكات المحددة التي اعترفت بها التسوية؟

في نظر الجانب اليوناني فـــإن :

وضع التسوية بين اليونان ومصر بشأن دير سانت كاترين في سيناء معقد حيث تلجأ مصر إلى حكم قضائي يطعن في حقوق ملكية الدير على الرغم من إدعاء وترويج الجانب اليوناني بوجود تسوية متفق عليها سابقًا وقد أثارت هذه الخطوة مخاوف لدي اليونانيين بشأن الحفاظ على هوية الدير ووضعه القانوني مما أدى إلى جهود دبلوماسية لمعالجة الوضع .

حقوق الملكية: يسمح حكم قضائي مصري للدولة بمصادرة ما لا يقل عن 71 عقارًا من الدير متحديًا ملكيته المُدعاة من قبل اليونانيين والتي يعود تاريخها إلى 1500 عام .

اتفاقية التسوية: على الرغم من وجود تسوية تم التفاوض عليها سابقًا تعترف بحقوق ملكية الدير – وفقاً للإدعاء الجانب اليوناني-إلا أن مصر لم توقع على الاتفاقية (فكيف يعتبرها الجانب اليوناني إتفاقية ؟) في انتظار حكم المحكمة الذي قد يجردها من حقوق الملكية وهو ما حددث فعلاً بمقتضي حكم المحكمة في 28 مايو2025 .

الموقف اليوناني: تُصر أثينا على أن ملكية الدير كما هو مسجل لدى اليونسكو(الدير يُسجل في اليونسكو علي علي أنه يقع في ســيــنــاء بـمـــصــر) ويطالب اليونانيين بأنه يجب أن يكون ذلك أساس أي محادثات وتسعى اليونان للترويج  علي الحفاظ على هوية الدير الأرثوذكسية اليونانية(لم يدع أحد بعكس ذلك لكنها الدعاية لتثبيت إدعاء الملكية)  .

التبرير المصري: يعـتـبـر الجانب المصري وجود الرهبان “ضيوف” ويُفرّق بين ملكية أماكن العبادة والأماكن المحيطة بها (الحقيقة أن الجانب المصري يعتبر كل من أماكن العبادة كـعـقـار والأماكن المُحيطة بها مـلـكـيـة عــامة للحكومة المصرية فهو أي الجانب المصري لا يفرق بينهما فالمعاملة القانونية نمطية واحدة) .

الجهود الدبلوماسية: تهدف محادثات رفيعة المستوى بين مسؤولين يونانيين ومصريين إلى تذليل العقبات والتوصل إلى تفاهم جديد قائم على الشروط المتفق عليها سابقًا  .

لا يزال الوضع متوترًا مع استمرار الجهود الدبلوماسية للتوفيق بين المواقف المتضاربة وضمان الحفاظ على الأهمية التاريخية والدينية للدير  .

ما هي أولوية اليونان المُحتملة فيما يتعلق بالدير؟

وفــقــاً لإدعـــاءها :

تجري اليونان “مفاوضات” مع مصر بشأن دير سانت كاترين في سيناء وهو موقع تراث ثقافي عالمي مهم وتتمحور القضية الأساسية حول الوضع القانوني للدير وحقوق ملكيته والتي طُعن فيها بحكم قضائي مصري صدر مؤخرًا وتهدف اليونان إلى ضمان استمرار عمل الدير والحفاظ على هويته الدينية والثقافية  .

الحفاظ على الطابع التاريخي: من أهم أولويات اليونان الحفاظ على الطابع الأرثوذكسي اليوناني وطابع الحج للدير وضمان بقائه مكانًا للتعبير الديني المسيحي  .

الحل المؤسسي: تسعى اليونان إلى حل القضية مؤسسيًا بهدف وضع إطار قانوني سليم ومتفق عليه بشكل متبادل يحترم الوضع التاريخي للدير  .

حقوق الملكية : خلافاً لحكم المحكمة المصرية تُصر أثينا على أن أي مناقشات يجب أن تعترف بملكية الدير لمبانيه وأراضيه كما هو متفق عليه سابقًا في أطر اليونسكو .

الوضع الراهن: دعا الوفد اليوناني المصريين إلى العمل على الحفاظ على الوضع الراهن واستمرارية الدير .

تركز اليونان على الحفاظ على التقاليد العريقة للدير وتأمين مستقبله كمعلم ديني وثقافي حيوي .

ما هي الاتفاقية السابقة التي تدعي اليونان في حــملـــتها ضد مــصــرأن مصر تجاهلتها؟

حسب إدعــاء اليونـان :

تعقّدت المفاوضات بين اليونان ومصر بشأن دير سانت كاترين في سيناء بسبب تجاهل مصر الواضح لتسوية متفق عليها سابقًا (لا تشير مصر إلي ذلك مطلقاً بإعتبارها عملاً خاطئأ وليس مُلزماً رسمياً) هذه التسوية التي اعترفت صراحةً بحقوق ملكية الدير وأشاد بها قادة البلدين لم توقعها مصر رسميًا قط مما أدى إلى تجدد التوترات والجهود الدبلوماسية  .

حقوق الملكية: أقرّت التسوية السابقة صراحةً بملكية الدير لمبانيه وأراضيه والمنشآت ذات الصلة وهي جزء من الطائفة الأرثوذكسية اليونانية  .

المناورات المصرية: أجّلت مصر توقيع الاتفاقية في انتظار حكم قضائي جرّد الدير من حقوق ملكيته متذرّعةً بـ”الأمر الواقع القضائي” .

تفاصيل التسوية: هدفت التسوية التي أُقرت بين رئيس الأساقفة داميانوس والدولة المصرية أواخر عام ٢٠٢٤ إلى حل نزاع قانوني قائم منذ عام ٢٠١٥.

الإصرار اليوناني: تُصر أثينا على أن تُشكل شروط التسوية السابقة أساس أي مناقشات مستقبلية (الإتفاق المُدعي مع رئيس الأساقفة داميانوس غير رسمي لأن أي إتفاق يكون ملزماً إن تم بين حكومتين)  .

تدور القضية الأساسية حول ترديد اليونان أن عدم تنفيذ مصر لتسوية سابقة مُدعاة مُتفق عليها سابقًا اعترفت فيها مصر بحقوق ملكية الدير مما دفع مصر اليونان إلى الانخراط في مزيد من المفاوضات لحماية وضع الدير وملكيته  .

كيف يمكن أن تؤثر قضية ملكية دير سيناء على العلاقات اليونانية المصرية؟

– ظهرت الطعون القانونية “على حقوق ملكية” دير سيناء في أعقاب التحولات السياسية في مصروتطورت إلى نزاع معقد بين اليونان ومصر وقد هددت هذه الطعون الملكية المُدعاة لليونانيون للدير التي مايزالوا يعتقدون أنها راسخة والتي يرون أنها تثير مخاوف بشأن مستقبله ففي الفترة الأولية بدأت الطعون القانونية خلال فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين مباشرة (الحقيقة الموضوعية أن النزاع بشأن دير سانت كاترين ليس له علاقة موضوعية بمن يحكم مصر فهو عملية نـــصب وإحتيال يوناني من المبدأ وهي عملية عــابــرة لنظم الحكم في مــصــر) أي بعد سقوط مبارك في فبراير2011 واستمرت لاحقًا من قبل الدوائر القومية وفي عام ٢٠١٥حدث أول طعن محدد على ملكية الدير بمبادرة من محافظ جنوب سيناء آنذاك الذي أثـــارمــســألــة الوضع القانوني للدير وحتى يونيو ٢٠٢٥ إستــمــر النزاع – مـــكـــتــومــاً بـعـيـداً عن تـنـاول الإعلام – دون حل مع استمرار المفاوضات بين اليونان ومصر لتأمين حقوق الدير والحفاظ على طابعه الديني   .

بلا شك فسيؤدى النزاع حول حقوق الملكية لدير القديسة كاترين في سيناء إلى حدوث تعقيدات في العلاقات اليونانية المصرية فالخلاف حول الوضع القانوني للدير بالطبع سينشأ عنه صـــدع في مبني العلاقات الثنائية خاصة وأن السبب المباشر لهذا الــنــزاع الذي ينشأ لأول مرة بين الدولتين قد يصيب العلاقت الثنائية في مـــقــتــل خاصة وأنه نزاع يتعلق بأمر مــبــدئي أي يتعلق بالـــســيـــادة وليس بحقوق مادية أو ما شــابه مما قد يمكن لأي طرف أن يتنازل عنها ولو قــلــيــلاً ولذلك يتطلب هذا النزاع غير المسبوق مفاوضات سياسية رفيعة المستوى لمحاولة حــلـه وترى الحكومة اليونانية أن القضية مرتبطة ارتباطا وثيقا بعقيدتها وقيم الأرثوذكسية بينما تسعى مصر إلى تحقيق التوازن بين مـــســـألة الـــســيـــادة والاعتبارات القانونية والاقتصادية الداخلية والعلاقات الدولية أما فيما يتعلق بالبعد السياسي فتؤكد اليونان على الأهمية السياسية لقضية الدير وتسلط الضوء على الالتزامات بموجب القانون الدولية لحماية آثار التراث العالمي فيما تؤكد مصر علي وجــوب إعــمـــال مبدأ سيادة القانون المصري لإعتبارها دير سانت كاترين أصل ثابت يقع علي أرض مصرية تــمـــلــكـها الدولة المصرية والملاحظ أن اليونان ورديفها قبرص اليونانية يستخدمان ســلاح الإرهـــاب الإعلامي بالتلويح بإمكانية أن يؤدي سوء التعامل مع قضية الدير إلى إلحاق ضرر كبير بسمعة مصر الدولية مما يزيد من الضغط لإيجاد حل ودي  .

في الواقع أن مـــصـــر لا يجب أن تخضع لهذا الإرهاب الإعلامي / الدبلوماسي اليوناني المنظم لأنها في هذه الحالة إن إستجابت لهذا الإرهاب الرخيص الذي يهدر أهم دعائم أي قانون وهو مــبــدأ سيادة القانون داخل إقليم الدولة فستعرض سـُــمعة القانون والقضاء المصريين نفسهما لأخطار ماحقة متنوعة وبقدر ثبات الموقف المصري بقدر الحــفــاظ علي هــيــبــة الــقــانون والــقـــضــاء الــمـــصــريين ولذلك حــذاري أن يقبل المفاوض المصري إحــالة هذا النــزاع إلي التحكيم الدولي وحصــره في داخل لـجــنــة خــاصة للتباحث وصولا لــتــســويــة شــكــلـــيــة صـــورية مع الحرص علي إستخدام مصطلحات ومفردات حـــاســـمــة لفي مناقشات هذه اللجــنــة الــخـــاصــة .(يُفضل تجنب إستخدام الجانب المصري لمُصـطلـح : “الــتفاوض” في هذا النزاع من قبل الجانب المصريوإستخدام لفظ : مباحثات أو نقاش)  .

يروج الجانب اليوناني بأن بعض ممتلكات دير سيناء تفتقر الدولة المصرية إلى الوثائق المُتعلقة بها   :

– يروج اليونانيون في حملتهم المضادة للحكومة المصرية أن  دير سانت كاترين في سيناء يـواجه الحكومة المصرية بشأنه تحديات فيما يتعلق بملكية ممتلكاته حيث أصدرت محكمة مصرية مؤخرا حكم يؤكد سيطرة الدولة وقد أثار هذا القرار الدبلوماسية اليونانية كما أثار مخاوف الرأي العام بشأن مستقبل الدير وممتلكاته التي كانت مملوكة منذ فترة طويلة وذلك لسببين رئيسيين هما(1) عظم وتجذر التأثبر الكنسي في نفوس الجماهير اليونانية و(2) القوة المالية الضخمة بصفة إستثنائية للكنيسة اليونانية ورجالها الثروات العقارية وغير العقارية التي تستثمرها الكنيستين اليونانية والقبرصية اليونانية وعلاقة كل ذلك بالــكــنيسة في البلدين  .

حكم المحكمة: قضت محكمة الاستئناف بالإسماعيلية بأن جميع مباني وأراضي الدير ملك للدولة المصرية مما أدى فعليا إلى تغيير وضع الرهبان إلى “مستخدمين” بدلا من أصحابها  .

محفظة العقارات: يمتلك دير سيناء محفظة تضم ما لا يقل عن 71 عقارا مما يثير مخاوف بشأن مصادرة محتملة من قبل الدولة المصرية  .

الأساس القانوني: يعكس قرار المحكمة مبادئ القانون العربي والتي تختلف اختلافا كبيرا عن القانون اليوناني مما يؤدي إلى تساؤلات حول الأساس القانوني لمطالبات الملكية  .

الممتلكات الدولية: تمتد ممتلكات الدير إلى ما وراء مصر إلى لبنان واليونان وقبرص مما يزيد من المخاوف بشأن نطاق قرار المحكمة  .

الجهود الدبلوماسية: تشارك أثينا بنشاط في مناقشات مع القاهرة مع التأكيد على الحاجة إلى احترام الاتفاقيات السابقة التي تعترف بملكية الدير  .

لا يزال الوضع المحيط بممتلكات دير سيناء معقدا مع استمرار المفاوضات الرامية إلى الحفاظ على الطابع الديني للدير وضمان استمرار عمله وينبع الخلاف من تطبيق وجهات نظر قانونية مختلفة والآثار المترتبة على حكم المحكمة المصرية على ممتلكات الدير الواسعة  .

– ما يروجه الجانب اليوناني بأن بعض ممتلكات دير سيناء تفتقر الدولة المصرية إلى الوثائق المُتعلقة بها  مــحـــض إفــك, إذ كيف يكون في حوزة الحكومة المصرية أي حكومة وثائق أو مستندات دالة علي أرض فضاء بمكان صحراوي ناء إستحوز عليها شخص أو جهة مـا إغتصاباً أو تحت جنح الظلام فالوثيقة تبدأ في الوجود بمجرد أن تتقدم هذه الجهة للجهة الحكومية لتسجيل الأرض أولاً والعقار إذا ما تم البناء عليها وهذا ما لم يفعله الديـــر الذي كان يتصرف وكأن جبل سانت كاترين أو جبل سيناء مـلـكـاً خـالــصــاً له مُتذرعاً بالميراث العقيدي وممارسة الــرهـــبـــنــة , ولهذا يفتقر الجانب المصري لوثائق مع العلم بأن الجانب اليوناني هو الذي يفتقر إلي الوثائق لأنه إعتمد علي الإستيلاء علي الأرض وحيازتها بوضـــع الــيـد وتراكم الـتـقــادم وهو أمر نقضته المحكمة في حكمها بقوة مبادئ الــقــانون المعمول بها والمُطبقة علي الشعب المصري ومؤسساته والدير لا يمكن أن يـُسـتـثنـي من تـطـبـيـق القواعد الـقـانـونـيـة عــلــيـه .

في تقديري أن لجوءاً مصــريــاً إلي الأرشيف العثماني في تركيا سيحل ويتغلب بكل يــســر علي أي عـــقــبــة – وأعتقد أن هذا ما شرعت فيه وزارة الخارجية المصرية فـعـلاً – فهذه المشكلة تأتي علي غــرار ما فعلته مــصـــر في النزاع مع الكيان الصهيوني بشأن بعض علامات الحدود في طـــابـــا إذ أن الأرشيف العثماني ثــري وأســـعـف مـــصــر فعلاً في هذا النزاع بصفة إيجابية والمسؤلين المصريين عن ملف نزاع سانت كاترين لابد وأنهم يعلمون ذلك وأعتقد بل أوقن أن تركيا ستدعم مصر بالوثائق اللازمة لأسباب متنوعة من بينها أن علاقاتها بمصر الآن إيجابية إلي حد ما وكذا لأنها خـــصـــم دائـــم بل عـــدو شـــرس لليونان ويهمها إضعافها .

مشروع التحول العظيم السياحي بالقرب من ديـــر سانت كاترين بسيناء؟

– أولاً لابد من الإشارة إلي أن مشروع التحول العظيم بعيد تماماً عن منطقة ديـر ســانت كاترين كذلك فإن الدولة حـــرة فيما تتخذه من إجراءات لتصحيح / تعديل / إعادة تخطيط منطقة سانت كاترين نفسها أو الدير نفسه -إن أرادت – شأنها في ذلك شأن ما تفعله في مــنــاطــق عـدة بـمـصـر في القاهرة أو أي مدينة أخري وليس لمن في الدير من رهبان أو من يتصلون بهم أدني ســـلـــطــة أو عــلاقــة بما تفعله الإدارة المصرية المعنية في ســـيــنــاء فهذا شــان مــصــري 100% .

– “التحول العظيم” هو مشروع سياحي واسع النطاق بدأته الحكومة المصرية لإعادة تطوير منطقة سيناء إلى وجهة دولية رئيسية. تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز الاقتصاد المصري من خلال جذب ملايين السياح وتشمل تطوير كبير للبنية التحتية والبناء بالقرب من دير سانت كاترين وقد أثيرت مخاوف بشأن التأثير المحتمل للمشروع على سلامة الدير وعلاقته المحتملة بالقرارات القانونية الأخيرة التي تؤثر على ممتلكات الدير (طبعاً من قبل اليونان) .

أهداف المشروع : الهدف الأساسي من “التحول العظيم” هو جذب ما يصل إلى 30 مليون سائح سنويا بحلول عام 2028   مما يضع سيناء كوجهة رائدة للسياحة الروحية والثقافية والمؤتمرات   .

تطوير البنية التحتية: يتضمن المشروع ترقيات واسعة النطاق للبنية التحتية ، مثل تحسين شبكات الطرق ، وأنظمة إعادة استخدام المياه الجوفية ، وتوسعة مطار سانت كاترين ، لدعم زيادة السياحة   .

المرافق السياحية: يتم بناء مرافق جديدة ، بما في ذلك فنادق خمس نجوم وفلل فاخرة ومراكز مؤتمرات وأماكن إقامة سياحية بيئية مصممة لتندمج مع الهندسة المعمارية المحلية  .

المكونات الثقافية: الميزة الرئيسية هي “ساحة السلام” المخطط لها ، والتي ستضم متحفا ومسرحا ومركزا للمؤتمرات ومساحات للفنون والثقافة ، مما يعزز الجاذبية الثقافية للمنطقة   .

التأثير الذي يحتمله اليونانيين علي الدير: على الرغم من التأكيدات هناك مخاوف من أن المشروع والقرارات القانونية ذات الصلة قد تغير طابع دير سانت كاترين مما قد يحوله إلى عامل جذب أكثر تجارية  .

يمثل “التحول العظيم” استثمارا كبيرا في قطاع السياحة في سيناء مع إمكانية تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة لمصر ويشير تقدم المشروع الذي اكتمل بنسبة 90٪ تقريبا اعتبارا من مايو 2025 إلى تحول سريع في المنطقة  .

– والهدف المصري من مشروع”التحول الكبير” هو تحويل سيناء إلى مركز عالمي للسياحة الروحية والثقافية والمؤتمرات مما يعزز جاذبيتها لجمهور أوسع ويحظى المشروع بدعم مالي كبير بقيمة 320 مليون دولار مما يدل على حجم وطموح التطوير وتهدف السلطات المصرية إلى جذب ما يصل إلى 30 مليون سائح إلى منطقة سيناء بحلول عام 2028 مما يدل على التأثير الاقتصادي المتوقع للمشروع ووفقا لتقارير إعلامية مصرية فإن مشروع “التحول الكبير” الذي بدأ في يوليو 2020 قد اكتمل بنسبة 90٪ تقريبا ويشمل المشروع العديد من أماكن الإقامة السياحية البيئية مثل الفنادق ودور الضيافة المصممة لتندمج مع الهندسة المعمارية والبيئة المحلية وقد قارب مشروع “التحول العظيم” علي الانتهاء حيث أفادت وسائل الإعلام المصرية أنه قد انتهى بنسبة 90٪ وتسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز السياحة بشكل كبير في منطقة سيناء بحلول عام 2028  .

للـــمــقــارنــة / الـــنـــزاع الـــمـــصـــري الإثـــيـوبي علي ديـــر الـــســـطــان في الـقدس :

 يمكن النظر للنزاع علي دير سانت كاترين نسبياً في ضوء ســـابقة حدوث نـــزاع آخـــر واجـــهـــتــه مصر وهو نـــزاع ديــــر الـــســـلطـــان في الـــقدس الذي حدث ثم إستغله الكيان الصهيوني لصالحه في دعم علاقته بإثيوبيا والكنيسة الإثيوبية التي تلعبي دوراً مؤثراً في الدولة الإثيوبية تماماً كما هو حــال ووضع الكنيسة الأرثوذكسية في اليونــان فكما نعلم أنه تم إنفصال الكنيسة الإثيوبية عن الكنيسة المصرية وفقاً لإتفاق 28 يونيو 1959الذي كان مؤسساً في تقديري علي عدة أسباب منها ثلاث رئيسية أولها الدور الذي لعبته إيطاليا التي ألقت أول بذور رغبة الكنيسة الإثيوبية في الإنفصال مُستغلة تنامي الشعور القومي للإثيوبين وإعادة توظيفه في هذه المسألة وهو ما فعلته فرنسا وبريطانيا (بعد زوال الإحتلال الإيطالي عن إثيوبيا عام 1941) وكان ثانيها هو رغبة الإمبراطور هيلاسيلاسي نفسه لتحقيق الإنفصال وهي رغبة عمل علي تحقيقها بأساليب ديبلوماسية مُغطاة ذلك أن الكنيسة الإثيوبية كانت تلعب دوراً حاكما في مختلف نواحي الحياة الإثيوبية وكان تتويج الإمبراطور أحد مهامه منذ النصف الثاني من القرن الثالث عشر وأصبح من حق رأس الكنيسة الإثيوبية فيما بعد أن يعزله , يُضاف لهذا أن الكنيسة الإثيوبية كانت كنيسة ثرية تتبع لها أملاك ذات قيمة كبيرة , ومن ثم كان الإمبراطور يخشي بأسها إلي حد ما وكان عليه أن يستوعبها ويحتويها كيلا تشكل خطراً علي سلطاته المُطلقة , وثالثها أن كنيسة إثيوبيا كانت تشعر بعدم التوازن الديموجرافي مع الكنيسة المصرية فعدد اتباعها من سكان إثيوبيا يتعدي 50 % من سكان إثيوبيا الذين يبلغ عددهم  100 مليون نسمة وقتذاك من مجمل عدد السكان أي حوالي 50 مليون تقريبا في أيامنا هذه فيما لا تتجاوز نسبة الأقباط من مجمل عدد سكان مصر البالغ عددهم  أكثر من 100 مليون نسمة تقريباًحاليا نسبة 4,5% منهم أي حوالي 5 مليون نسمة(وفقاً لمعهدPEW الأمريكي) أقباط وهو بالطابع عامل تقل أهميته بل تتلاشي لدي من يؤمنون بمبدأ الكنيسة الأم  وعلي كل حــال ففي النهاية إنفصلت الكنيستان المصرية والإثيوبية أو كادتا وأستقرت الأمور ظاهرياً بينهما إلي أن ثارت مشكلتين  :

(ألف) مشكلة دير السلــــطـــــان  :

نشأت مشكلة دير السلطان قبل مئات السنين إبان العهد العثماني عندما تنازلت الكنيسة الحبشية عن أملاكها في القدس لعدم قدرتها علي دفع الضرائب عنها وتنازلت عنها للكنيستين الأرمنية والرومية مقابل دفعها عنهم فما كان من الأقباط إلا أن يتصرفوا بموجب العلاقات الوثيقة السابقة بين الكنيستين فسمحوا للرهبان الأحباش بالإقامة معهم في ديرهم أي دير السلطان كضيوف وبمرور الزمن وطبقاً لقاعدة التقادم إدعي الأحباش ملكيتهم للدير وفي عام 1905 حصل الأحباش علي قرار من الباب العالي بفتح باب خاص بهم بالجهة الشرقية تجنباً لعدم الإحتكاك بالمصريين وبعد أن قضي وباء الطاعون علي كل الرهبان الأحباش إستولي أحد الرهبان المصريين علي مفتاح الدير من آخر راهب إثيوبي ومع ذلك فقد ظلت مسألة أيلولة دير السلطان بالقدس مشكلة مُزمنة بين الكنيستين فقد حدث أن أستغلت إثيوبيا رغبة الحكومة المصرية لتعيين مدير مصري جديد لكلية اللاهوت بأديس أبابا كي تضغط علي الحكومة المصرية للتصرف في شكواها من سوء معاملة الرهبان الأقباط بالدير لنظرائهم الإثيوبيين وتردي الوضع بدير السلطان أكثر حين أرسل الأنبا ثاوفيلس أسقف الكنيسة الإثيوبية بالقدس إلي يوساب بطريرك الأقباط مُحتجاً علي منع الأساقفة المصريين نظرائهم الإثيوبيين من إقامة الصلاة والإستيلاء علي مفاتيح الكنيسة , وأحتج الأنبا ساوفيلس في نفس العام لدي الحكومة الأردنية بسبب رفع ممثل الكنيسة القبطية بالقدس علم كنسي فوق الدار البطريركية مُشيراً في إحتجاجه إلي أن الكنيسة المصرية ليس لها أن ترفع علماً لأن من يحكمهم في مصر مسلمون وتدخلت الحكومة المصرية لدي الحكومة الأردنية وأحبطت المسعي الإثيوبي , لكن الأنبا ساوفيلس لم يتوقف عن إستفزازاته فحاول إقناع إدارة القدس بطردالمطران المصري من القدس فتدخلت الحكومة المصرية ثانية وأحبطت مسعاه , لكن الإستفزازات الإثيوبية أستمرت بالتحرش بعدة صور بالقساوسة المصريين بدير السلطان فحدث أن حاول الإثيوبيين إقامة صلاة بساحة الدير في مايو 1954 بمناسبة عيد الإمبراطور لكن سلطات القدس منعته بعد إحتجاج المطران المصري كما حاول رئيس دير الإثيوبيين منع رئيس دير المصريين بالقوة من المرور بالقوة من ساحة دير السلطان فقام متصرف لواء القدس بحماية المطران المصري وتوبيخ الإثيوبي لتعديه علي المصريين ومحاولة تغيير الوضع الراهن , وصعد الإثيوبيين من سلوكهم العدائي فأصروا علي عدم الإستئذان – حسب التقليد المُتبع – عند إستخدام البابين الشمالي والجنوبي من الأبواب الثلاثة للدير واللذان يستخدمهما المصريين فيما يستخدمون هم الباب الشرقي الثالث , وهدد الأنبا ساوفيلس بالإنتماء إلي كنيسة روما الكاثوليكية التي تمنح أتباعها أديرة كاملة , وأثار موقف الحكومة المصرية التي رغم أنها حكومة مسلمة غضب الحكومة الإثيوبية , وبعد هزيمة الجيوش المصرية والسورية والأردنية أمام الجيش الإسرائيلي في 5 يونيو 1967 وإحتلال القدس سلمت الإدارة الإسرائيلية دير السلطان للرهبان الأحباش مما ألزم الكنيسة القبطية بمنع أو حث الأقباط علي عدم الحج للأماكن المقدسة لديهم هناك .

(بـاء) مشكلة النزاع علي منصب البطريرك :

كان لتنحية بابا القبط يوساب في سبتمبر 1955 بدون مشاركة الكنيسة الإثيوبية في إتخاذ هذا القرار سبباً لإثارة حنق الإثيوبيين لدرجة أنه عندما أرسلت الكنيسة المصرية وفداً يضم الأنبا إثناسيوس ممثلاً للمجمع المقدس وإبراهيم المنياوي ممثلاً عن المجلس الملي للتهنئة باليوبيل الفضي لتتويج الإمبراطورهيلاسيلاسي وكذلك لإبلاغ الإثيوبيين بأسباب تنحية البطريرك يوساب تصرف الإثيوبيين بطريقة خارجة عن اللياقة ذلك أنهم رفضوا إستقبال هذا الوفد وأعلنت عن قبولها للزيارة إن كانت بالصفة الشخصية فما كان من الكنيسة المصرية إلا أن تعدل عن إرسال هذا الوفد , وصعد الإثيوبيين الأمر بأن إجتمع مطرانهم مع الأساقفة في أديس أبابا في 28 ديسمبر 1955 وقرروا عدم قانونية إبعاد البطريرك يوساب الذي شهدت فترته فساد إداري لم يجد معه تدخل الحكومة المصرية التي إستجابت لقرار إبعاده دون أي تدخل مباشر أو غير مباشر فيه ولا في تداعياته , وألحق الإثيوبيين قرارهم بإعادة مطالباتهم بضرورة الحضور في المجامع المقدسة والمشاركة في إنتخاب البطريرك هذا بالتزامن مع تجدد مطالبة البعض في داخل إثيوبيا بفصل الكنيستين فصلاً تاماً وقرر الإثيوبيين وضع كل ذلك فيما عدا موضوع الفصل في بيان سلمه وفد إثيوبي في القاهرة إجتمع مع حاشية البطريرك المُبعد بدلاً من الإجتماع بالمجلس البطريركي , وهو ما أثار حنق رجال الكنيسة المصرية الحادبين علي مصالحها وإستقرارها وكان أن تقرر من قبل المجلس البطريركي تأجيل مناقشة هذا البيان لأجل غير مسمي فألتف الوفد الإثيوبي علي الرغبة الكنسية الغالبة بأن حاول تكوين Lobby داخل المجمع المقدس والمجلس الملي القبطي وأجتمع ببعض من يوالون الإثيوبيين داخلهما في فبراير 1956 وأنتهوا إلي قرار بتقديم طلب للحكومة المصرية لإستعادة يوساب الصلاحيات الإدارية وكا، أن ردت الحكومة المصرية بضرورة إتخاذ قرار مُشترك من المجلسين المُقدس والملي العام فما كان من الوفد الإثيوبي والمصريين الموالين له إلا الإتجاه لجمع توقيعات أكبر عدد من المطارنة المصريين والإثيوبيين لعرضها علي الحكومة المصرية ولكن حدث أن توفي إثنين من المطارنة المُكلفين بأداء هذه المهمة في حادث قطار أثناء رحلاتهم لجمع التوقيعات ففشلت خطة اوفد الإثيوبي الذي إضطر للعودة لإثيوبيا وبعد ذلك تصاعد الإتجاه الإثيوبي المُعارض ليصل إلي درجة المطالبة بترشيح إثيوبي لمنصب بطريرك الأسكندرية بعد وفاة البطريرك المصري وليكون هذا المنصب بالتناوب  .

تـــقـــديـــــر مـــــوقــــف :

(1) أعتقد أن السبب الرئيسي وراء إيقاظ النزاع علي ديـر سانت كاترين من غــفوتـــه المتقطعة أن مـــصــر أدركت متأخراً أن ما يُسمي تحالف بينها وبين الثنائي المفلس الكوم من قبرص اليونانية واليونان تــحـــالف غير موجود علي أرض الواقع ويمكن للمرء أن يعوه بالتحالف المزيف فالتحالف الوحيد والفعل في شـــرق المتوسط هو الذي بين الكيان الصهيوني واليونان وقبرص اليونانية ورغم تزامن تواجد التحافين المصري والصهيوني مع كل من اليونان وقبرص اليونانية في وقت واحد إذ أن التحالف الثلاثي بين كمصر واليونان وقبرص اليونانية بدأ في أبريل 2016 وتلاه التحالف الصهيوني مع الثنائي الهيليني اليونان وقبرص اليونانية وما حدث في الواقع إنه بعد إستفاذ الكيان الصهيوني وكل من اليونان وقبرص اليونانية أغراضهم من مصر أزاحوها من طريقهم ليشكلوا معاً التحالف الوحيد في شرق المتوسط والذي بزغ أكثر في القمة الثلاثية التي عُقدت في 8 مايو 2018 وفيها أعلن الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس عن توقيع مذكرات تعاون مع اليونان والكيان الصهيوني في مختلف المجالات وفي حديثه بعد الاجتماع الثلاثي الرابع لقبرص واليونان وإسرائيل أشار السيد أناستاسياديس إلى أننا “تمكنا من إنشاء إطار تعاون دولي ومتعدد الأطراف موثوق به يعتمد على مبادئ وقيم ديمقراطية راسخة للدول الثلاث مما يوفر إمكانية لإنشاء جسور تواصل ليس بين الحكومات فحسب بل بين الشعوب أيضًا” وأشار الرئيس إلى التوقيع على مذكرات التفاهم وعلى وجه التحديد فيما يتعلق بالاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثلاثية فتم التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات تكنولوجيا الفضاء وعمليات تطبيقات الأقمار الصناعية ومذكرة تفاهم في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالإضافة إلى اتفاقية تعاون في خطة عمل الطوارئ دون الإقليمية للتعامل مع حوادث التلوث النفطي البحري كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون بين الغرف التجارية في الدول الثلاث علاوة على ذلك تم التوقيع على اتفاقية للتعاون في شؤون الأمن العام واتفاقية للتعاون في مجال الإنتاج السينمائي المشترك على المستوى الثنائي بين قبرص وإسرائيل واتفق القادة أيضًا على التنفيذ المشترك لمشاريع وبرامج جديدة في جملة أمور في مجالات الاتصال والاتصالات والابتكار والصحة والطاقة وريادة الأعمال والبحث والتكنولوجيا وحماية البيئة والدبلوماسية الرقمية والدفاع ومكافحة الإرهاب وأضاف الرئيس القبرصي :”إن الآلية التي أنشأناها تحول يوميا إلى مشاريع رؤيتنا المشتركة للسلام والاستقرار والأمن في منطقتنا القابلة للاشتعال ولهذا السبب لن يكون من المبالغة القول إن إطار التعاون الثلاثي له قيمة جيوسياسية مهمة تم الاعتراف بها بالفعل على المستوى الدولي” و “فيما يتعلق بقطاع الطاقة فإن الترويج لخط أنابيب “إيستميد” هو عنصر أساسي في تعاوننا” و “لقد أكدنا مجددًا التزامنا بالعمل بتصميم بهدف التوقيع على اتفاقية ذات صلة بين الدول خلال عام 2018” وأضاف أن “هذا المشروع يخلق شبكة لا مثيل لها من المصالح المشتركة ومنفعة استراتيجية واضحة لدولنا وعلى نطاق أوسع حيث أن تنفيذه سيساهم عمليا في أمن إمدادات الطاقة للاتحاد الأوروبي” و”ومن هنا جاء القرار الأخير للاتحاد الأوروبي لتمويل 34.5 مليون يورو للدراسة الفنية لبناء المشروع” بل أكثر من ذلك ففي هذه القمة قال رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو: “أن هناك «تحالف كبير» تعمل الدول الثلاث على بناءه مشيراً إلى أنه «ليس هناك حدود» لما يمكن تحقيقه وقال “أجد أن هذه الاجتماعات ليست بناءة فحسب بل مشجعة للغاية أيضا” مضيفا أنها “تشجعنا للمستقبل” وأوضح أنه “إذا نظرت قبل بضع سنوات فقط فمن غير المعقول أن بلدينا لم يكن لديهما هذا الاتصال الدافئ والوثيق والمباشر” وأضاف: “لقد كنا معزولين عن بعضنا البعض بطرق عديدة وهذا أمر لا يصدق” ووفقا لرئيس وزراء إسرائيل “نحن ثلاث جمهوريات شرق البحر الأبيض المتوسط، لدينا مصالح مشتركة وذلك على وجه التحديد لأن لدينا قيم مشتركة” نحن ملتزمون بنفس الرؤية حول كيفية تنظيم المجتمع، وكيفية تشجيع الحريات، وكيفية حماية التعددية، وأعتقد أنه يمكننا تحقيق ذلك بشكل أفضل معًا وليس بشكل منفصل”. وأشار رئيس وزراء إلكيان الصهيوني أيضًا إلى مشروع الكابل الكهربائي الذي سيوحد إسرائيل وقبرص واليونان وبقية أوروبا وهو EuroAsiaInterconnector فضلاً عن إدراج الألياف الضوئية وفيما يتعلق بالسياحة أشار إلى أن ربع مليون إسرائيلي يزورون قبرص وأنه مع كل لقاء فإن “العدد يتزايد” كما أعلن السيد نتنياهو أن القمة الثلاثية المقبلة ستعقد في مدينة بئر السبع بإسرائيل كذلك وفي هذه القمة تحدث رئيس وزراء اليونان ألكسيس تسيبراس عن العلاقات الوثيقة بين الدول الثلاث وأشار إلي أن الاجتماع الثلاثي في نيقوسيا يتعلق بشكل رئيسي “بمشروع رمزي وهو مشروع خط أنابيب EastMed” والربط البيني لأوراسيا  كذلك أشار إلى أن خطط الدول الثلاث تتعلق بطرق الطاقة والاتصالات في المستقبل للمنطقة وأوروبا وأنه خلال عام 2018 “سنوقع الاتفاقية الحكومية الدولية بشأن إيست ميد وهذا وحده يجعل اجتماع اليوم بناءا للغاية” وأضاف  أنه في ضوء الحاجة المتزايدة لتنويع مصادر الطاقة والترابط بسبب التطورات الجيوسياسية أكدنا مجددًا الاهتمام المشترك بتعزيز آفاق إنشاء ممر موثوق للطاقة من حوض شرق البحر الأبيض المتوسط ​​إلى أوروبا وفي هذا السياق أكدنا على أهمية مواصلة تعزيز التآزر في مجال الطاقة مع البلدان ذات التفكير المماثل بما في ذلك منتدى غاز شرق المتوسط ​​والمشاريع الإقليمية مثل الربط الكهربائي مثل الرابط الأوروبي الآسيوي وخطوط أنابيب الغاز الطبيعي/الهيدروجين المحتملة وفي مواجهة التحدي العالمي المتمثل في تغير المناخ  اتفقنا على تعزيز جهودنا من خلال المشاريع التعاونية الإقليمية والبحث والتطوير وتقنيات الطاقة المبتكرة وتعزيز المزيد من الترابط الإقليمي في مجال الطاقة وعلى خلفية الحرائق الأخيرة في اليونان وقبرص ومع الأخذ في الاعتبار المساعدة الأخيرة التي قدمتها إسرائيل نؤكد من جديد التزامنا المتبادل بمساعدة بعضنا البعض في الاستجابة لحالات الطوارئ وتعزيز تنسيقنا وقدراتنا المشتركة لتحقيق هذه الغاية كما أكدنا من جديد قيمة ترتيب 3+1 مع الولايات المتحدة ، والذي يمكن أن يحقق إنجازات ملموسة في مجالات من بينها الطاقة والاقتصاد والعمل المناخي والتأهب لحالات الطوارئ ومكافحة الإرهاب وتم الاتفاق على العمل معًا لعقد اجتماع وزاري 3+1 في وقت لاحق من هذا العام “.

وبمناسبة هذه القمة الثلاثية أشيــر إلي ذلك التصريح الذي أدلي به رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس فمن بين أمور أخرى أشار إلي أن اليونان وقبرص وإسرائيل هي دول استقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط، “وهي هيكل ثلاثي صمد أمام اختبار الزمن” وأظهر فائدته على الصعيدين السياسي وعلى المستوى الاقتصادي بل وفي مجالات أخرى أيضًا  وأعتقد أنه من الضروري ونحن نعرض للتحالف الثلاثي الفعال والحي بين الكيان الصهيوني واليونان وقبرص اليونانية ألا يغيب عن فهمــنــا المعاني المتعددة الناجمة عن إستخدام المتحالفين الثلاثة في بيانهم المُشترك بعد قمتهم في 8 مايو 2018 لمصطلحي : (1) الشراكة الثلاثية و(2) البلدان ذات التفكير المماثل فبمنتهي البساطة فإنه من ضمن المعاني المُستخلصة :

(ألف)أن التحالف الثلاثي يضم حصراً اليونان وقبرص والكيان الصهيوني ويستبعد مصر علي وجه التعيين فهي كانت في السابق بدأت تعاون الثلاثي في أبريل 2016 وتطورالأمـر ليصبح تحالفاً ثلاثياً ضمها مع اليونان وقبرص وهذه التحالف المصري معهما أستُتنفذ وأنتهي بنشأة التحالف الجديد الذي ضم الثنائي الهيليني والكيان الصهيوني   .

(بــاء) إن مصطلح البلدان ذات التفكير المتماثل كاشف عن سبب تكون التحالف الثلاثي الجديد بإستبعاد مصر كونها في نظر هذه الدول لا تتبني تفكير متماثل كالذي تتبناه اليونان وقبرص والكيان الصهيوني , وبالطبع فالتفكير المتماثل يعني تعييناً التفكير فيما يتعلق بالطاقة وما يرتبط بها من خطط وأنشطة وتقديرات , فمن الواضح أن مصر لم تتماه مع سبل تفكير هذه البلدان الثلاثة وأصطدمت مصالحها مع مصالحهم ( رغم سبق توقع رؤساء الأركان العامة ومسؤولو وزارات الدفاع في مصر واليونان وجنوب قبرص في 8 أبريل 2021 على اتفاقية برنامج تعاون عسكري ثلاثي)  وهو ربما ما أعان مصر علي إعادة التفكير والتيمم شطر تركيا .

تواري وأضــمــحــل التحالف المصري /اليوناني / القبرصي أو كاد أن يتواري ويــضــمــحــل بـعـدمــا أصبح التحالف الثلاثي بين اليونان الكيان الصهيوني وقبرص قائــما وفــاعــلاً وواضحاً أمام الكافة ففي4 سبتمبر2023 إجتمع كل من خريستودوليديس رئيس جمهورية قبرص(مهندس العلاقات بين الصهاينة وقبرص إبان عمله كوزير خارجية قبرص اليونانية لجنوب منذ عام 2010) وكرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء جمهورية اليونان وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني في نيقوسيا وصدر في نهاية إجتماعهم الثلاثي التاسع من نوعه بيان مشترك تضمن الفقرة التالية : ” أكدنا من جديد التزامنا بمواصلة تعزيز التعاون الديناميكي في منصة الشراكة الثلاثية ما يعكس التزامنا بقيمنا ومصالحنا المشتركة المتنامية باستمرار بهدف المساهمة في السلام والاستقرار والأمن والازدهار في شرق البحر الأبيض المتوسط والمنطقة الأوسع  وهو ما تم التأكيد عليه في مناسبات سابقة وتظل بلداننا الثلاثة ملتزمة بالترحيب بالأشخاص الآخرين ذوي التفكير المماثل في جهودنا الحثيثة لخلق وتعزيز التآزر لصالح بلداننا وشعوبنا وكذلك منطقتنا وأكدنا من جديد هدفنا لتعزيز التعاون في المجالات الرئيسية مثل الطاقة والدفاع ….(يُرجي مراجعة دراسة بعنوان : “الـــتـــحـــــالـــف الــــوحــــــيـــد والـــفـــعـــال في شـــرق الـــمـــتــوســـط والإمـــكـــانية الـمُـتـاحـة والوحـــيــدة لإضـــعـــافـــه” .المركز الديمقراطى العربى . بتاريخ8 مايو2025) .

– هذا هو السبب الرئيسي في إخراج الـــنزاع بين مصر وكل من اليونان وقبرص علي دير سانت كاترين من الإدراج هذا بالإضافة إلي سبب آخر – من بين أسباب أخري – وهو رغـــبـة مصر تنمية الإستثمار في مواقعها السياحية وتنمية دخلها القومي الذي أبتلي بكوارث مُتتابعة أهمها كوفيد19 وحـــرب أوكرانيا في 22 فبراير 2022 ثم حرب غـــزة في 8 أكتوبر2023 يليها تكون جبهات الإسناد في جنوب لبنان والعراق واليمن وتلك الأخيرة أطاحت بدخل مصر من قناة السويس وبالتالي كان من الحتمي علي مصر ألا تدع هذه الكوارث أن تمنعها من التفكير في مواجهتها ولو جــزئـــيــاً فكان لابد من تنفيذ مـــشــروع التجلي الأعظم القائم علي إستغلال ديــر سانت كاترين كــمــزار ديني  / سياحي ولذلك فحملة اليونان المفعمة بالأضاليل والكذب والحقد ضد مصر والمؤسسة علي ترويع الرأي العام العالمي بالقول بأن مصر تهدد السمة الدينية للدير كلام ســاذج فهو بالتأكيد لو أن مصر فعلت ذلك لأضرت بمشروع التجلي الأعظم فالعكس هو الصحيح فكلما قام الرهبان في الدير بنشاطهم الديني علي أحسن ما يكون فسيكون ذلك نــجــاحــاً لمشروع التجلي الأعظم .

(2) يُلاحظ في الجانب اليوناني ما يلي  :

* أنه لا يتحفظ أو يُمسك عن التعرض بالنقد اللاذع لحكم محكمة إستئناف الإسماعيلية التي صدر عنها حكم الفصل في نزاع دير سانت كاترين بالإضافة إلي مخاطبة الجانب المصري من علي بلهجة ملؤها التعالي والتجرؤ فوزير الخارجية اليوناني     جيرابتريتيس علي سبيل المثال   له تصريح يؤكد فيه مجددًا أن أي قرار يجب أن يتماشى مع الاتفاقيات السابقة بين رئيس الوزراء ميتسوتاكيس والرئيس السيسي بشأن الديــر, والمعهود عن وزراء الخارجية الإقتصاد أو عدم الميل لإستخدام كلمة : يجب عند مخاطبة دولة أخري

* أن سلوكــه المُتبع عند تناول النزاع مع مصر علي دير سانت كاترين سلوك مزدوج إذ في الوقت الذي يتوجه في وزير الخارجية اليوناني للقاهرة لإدارة “مفاوضات” بشأن هذا النزاع تعمل جوقة الكنيسة الأرثوذكسية بدءاً من رهبان الدير نفسه في سيناء فقد صرح الأرشمندريت بورفيريوس فراكاكوس المتحدث باسم الدير لوسائل الإعلام اليونانية إن الرهبان الذين أصحابها منذ القرن الخامس أصبحوا الآن “ضيوف في منازلهم” حيث تسيطر مــصــلحــة الآثـــار المصرية على أراضي الــديـــر وكذلك من هم في اليونان وقبرص اليونانية وأماكن أخري بالإضافة إلي الإعلام الديني وغير الديني اليوناني في شـــن حــمــلة مُضادة للقضاء المصري وإشانة سمعة وتضليل متعمد وأربــاك للجانب المصري لتثبيته في ركـــن مــنـزو ضـــيــق للدفاع عن نفسه ومن الطبيعي أن يكون الهدف الرئيسي لليونانيين من وراء ذلك تدنية القدرات التفاوضية لمــصــر بإستهلاك هذه القدرات في معارك وهمية أو جانبية وربما كان أحدالحلول الفعالة لذلك أعلان مصري مدفوع من الحكومة المصرية علي صفحة من صحيفة أو قناة تليفزيونية شــائعة توضح بجلاء وتركيز وجهة نظرها كذلك ينبغي القول أن النزاع بين مصر واليونان بشأن دير سانت كاترين والطريقة المستفزة التي يدعي بها الجانب اليوناني ملكيته للدير وملحقاته والأراضي الزراعية التي قضمها رهبان الكنيسة علي مراحل وبهدوء في الأراضي المحيطة بالدير كما يفعل آخرين حالياً في الصحراء الغربية لمصر طريقة تتطلب وتحتاج لمواجهة صـــارمــة وحـــاسمة وإن تطلب الأمـــر خـــشـــنة فهؤلاء الناس لـــصـــوص ومُـــحـــتــاليــن إن عـــُرض أمـرهم وما يفــعــلون علي الـــقـــضــاء الــمــصـــري وقد وصل الأمر بالإعلام اليوناني أن يستخدم لفـظ “تأميم أراضي الدير” ليثير حفيظة وحنق الجمهور اليوناني والمسؤولين اليونانيين والمجتمعات  الأرثوذكسية  .

*أنه يحاول الإيعاز للعالم وللجانب المصري بان النزاع علي دير سانت كاترين ديـــنـــي وهذا مــحـــض إدعــاء بدليل واحد علي الأقل وهو أن الــنــزاع تناوله فقط الــقــضاء الــمــصــري ومـــر هذا الــنزاع علي مراحل قضائية .

* كذلك يحاول الإيعاز بـ / وتقديم موضوع النزاع في شكل نزاع علي موقع خاضع لليونسكو والحقيقة أن موقع الدير خاضع للحكومة المصرية فقط وحصراً وهدف الجانب اليوناني من ذلك واضــح وهو تـــدويــــل الــنــزاع ليس إلا وهو ما يجب أن تقطع الحكومة المصرية سبيل اليونانيين للوصــول إلـيـه وهذا هو سبب إشارتي إلي نزاع مصر مع إثيوبيا علي دير السلطان في القدس فمصر لم تقم بتدويل نزاعها مع الإثيوبيين , وعليه فيجب الحذر أن يوصد الجانب المصري نافذة التدويل بقوة إن فتحها الجانب اليوناني .

*أن الكنيسة الروسية ذات النفوذ لروحي العظيم علي الروم الأرثوذكس لا تتكلم في موضوع النزاع علي دير سانت كاترين وتركت الكنيسة الرومية الأروثوكسية اليونانية وحدها والسبب هو الإنقسام والنزاع داخل الكنائس الرومية الأرثوذكسية , رغم أن الحجاج الروس كانوا من أكثر زوار دير سانت كاترين حيث كان أباطرة روسيا يعتبرون أنفسهم حماة المسيحية والمسيحيين في العالم الإسلامي بإعتبارهم ورثة البيزنطيين بعد سقوط القسطنطينية عام 1453 وأستمر أباطرة روسيا في حمل هذه المهمة حتي قيام الثورة البلشفية عام 1917 وبعد سقوط الإتحاد السوفيتي إستعادت روسيا إهتمامها بعقيدتها وبالتالي إستعادت الكنيسة الروسية مركزها العقيدي بإعتبارها مسؤولة عن الروم الأرثوذكس في العالم لكن وبسبب حرب أوكرانيا في فبراير 2022 تغيرت الأوضاع داخل الكنيسة الشرقية الرومية التي حدث بها شرخ كبير إذ إنعكست الأزمة السياسية الحادة الناشبة بين روسيا وأوكرانيا علي مختلف مجالات العلاقات بينهما وذلك منذ إحتلال الروس لشبه جزيرة القرم في فبراير 2014 وقد أصبح مستقبل أوكرانيا مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالنضالات السياسية للكنيسة الأرثوذكسية الروسية المعاد تنشيطها والتي تحشدها موسكو لتحقيق أهداف سياستها الخارجية ومن بين هذه المجالات الرابطة الوثيقة بين الكنيسيتين الأرثوذكسيتين الروسية والأوكرانية مما حدا بالأخيرة للإستجابة للضغوط الداخلية الناجمة عن الصراع السياسي بين موسكو وكييف الذي تطور ليكون عسكرياً إثر ضم روسيا لشبه جزيرة لها وتبعات الغزو الروسي لمنطقة Donbass الأوكرانية وهو وضع مازال يدفع بالعلاقات الروسية / الأوكرانية للمزيد من التدهوروإزاء إستمرارالضغوط المختلفة قرربطريرك القسطنطينية Bartholomew الأول في إسطنبول التوقيع في 4 يناير 2019 على مرسوم الاستقلال أو إنفصال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية عن الكنيسة الروسية وهو القرار الذي حاول البطريرك الروسي Kirill منعه أو تأجيله في لقاءه مع Bartholomew الأول في 31 أغسطس 2018 وتردد أن البرلمان الأوكراني والرئيس الأوكراني Petro Poroshenko مارسا ضغطوط مباشرة على Bartholomew الأول لإتخاذ هذا القرار ويُذكر أن قرار منح الاستقلال للكنيسة الأوكرانية وذلك الإنفصال يأتي بعد أكثر من 330 عام من الارتباط بالكنيسة الروسية وعلي عكس كنيسة الروم الأرثوذكس بالأسكندرية التي بدأت علاقتها بالكنيسة الروسية منذ أقل من ألف عام وبدأ الإتصال المُتبادل بينهما منذ 200 عام فقط والتي إعترفت بإنفصال الكنيسة الأوكرانية عن الروسية تتميز علاقات الكنبستين الأرثوذكسيتين المصرية والروسية التي تأسست منذ ألفي عام بالقوة والمتانة النسبية على الرغم من أن الروس كانوا يأتون بانتظام إلى مصر قبل قرون للحج إلى دير سانت كاترين في جبل سيناء وهو دير تابع للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية ومنذ أن تولي البابا تواضروس الثاني منصب البطريرك في نوفمبر 2012 وهو يعمل على تعزيز العلاقات بين الكنيسة القبطية والكنائس الرئيسية الأخرى في العالم وقام بزيارتين إلى البطريرك الروسي الأرثوذكسي في موسكو: الأولى في نوفمبر2014 والثانية في مايو 2017 وخلال الزيارة الثانية مُنح البابا تواضروس الثاني جائزة المؤسسة العامة الدولية لوحدة الأمم الأرثوذكسية لنشاطه المتميز في تعزيز الوحدة بين الجماعات الأرثوذكسية وتعزيز القيم المسيحية في المجتمع  .

(3) الـحذر كل الحذر من أن تقبل الحكومة المصرية إحـــالة النزاع علي ديــر سانت كاترين إلي التحكيم الدولي(رفض مصر طلب السودان إحالة النزاع عليها علي التحكيم الدولي خلال التباحث بشأنها) لسبب رئيسي هو أن النزاع نزاع تغليب الخصم مبادئ قانونية أخري علي مبدأ دستوري راسخ تتمسك به أي دولة ذات سيــادة ألا وهو مبدأ سيادة القانون .

(4) أتوقع أن يكون لدي الجانب المصري إدراك لحقيقة أن للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وضـع فوق دستوري في اليونان بصفة غير مباشرة وتنص المادة الأولي من الدستور اليوناني أن المذهب الرسمي للأمة اليونانية هو مذهب الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية كما تنص المادة 47 منه علي أن كل من يعتلي عرش اليونان يجب أن يكون من اتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية  وللكنيسة الأرثوذوكــســية اليونانية نفوذ هائل داخل الدولة اليونانية والدولة القبرصية اليونانية معني لأسباب عدة منها رسوخها في ضمائر أفراد المجتمع وعادتهم وتقاليدهم وكذا لــثــرائـــها الـبـيـن (قد لا يعلم القارئ أن أحد أسباب ثـــراء الكنيسة الأرثــوكـــســية في اليونان وقبرص اليونانية هو الفتح العثماني لهما إذ أمــن العثمانيين أي أملاك تخص الكنيسة فوهب وتنازل معظم الأهالي عن ما بحوزتهم من أملاك للكنيسة حتي لا تُمس) .

(5) من الملائم لمصلحة الجانب المصري في أي جولة من المُباحثات مع اليونانيين إستخدام عبارات حاسمة وحازمة وأن يلفت نظر الجانب اليوناني بإلتزام الإحترام والحذر عند الحديث عن حكم محكمة إستئناف الإسماعيلية الصادر في 28 مايو2025 وكذا عند الحديث عن القضاء المصري تماما كما يود الجانب اليوناني أن تتحراه مصر عند الحديث عن القضاء اليوناني فالقضاء المــصـــري كأي مؤسسة قـضـاء في اليونان وفي العالم مُــســتـــقـل ومـــُحايــد وموضــوعــي وأحكامه لذلك لا تخضع للتفاوض وكل ما يجري في لقاءات الجانب المصري مع الجانب اليوناني بشأن دير سانت كاترين هو تباحث بشأن أحد جوانب العلاقات الثنائية أي الدير بإعتبار أن الدير في النهاية شـــان مـــصـــري وليس يونانياً صـــرفاً وهذه المباحثات تؤكد علاقة مــصــر الــوطـــيــدة بالديــر ولا تنفيها لذلك فحكم محكمة إستئناف الإســمـــاعلية صــدر لأن المــوضــوع شــان مـــصــري أولاً قبل أن يكون موضوعاً ثــنــائــيــاً .

(6) قد يذهب تفكير الجانب اليوناني إلي إيــجاد “تــســويـة مـا” تــدفـع الجانب المصري إلي تجــاوز الــســقـف المُحدد والــحــاكــمــة للموقف المصري وهي ضـــرورة الحفاظ فقط وحصراً من قبل الجانبين المصري واليوناني علي الطابع “المقدس” داخل الدير(بعد تحديد نطاق الدير نفسه) وضرورة إفــهـام الجانب اليوناني أن “قدسية” الدير هي كل ما يهتم به الجانب المصري وبالتالي فالموضوع بعيد كلية عن إعتبار أي من الجانبين له علي أنه تـحـدي فمركز الــديـر الـقانــوني كان بالنسبة إلي القانون المصري ســائــلاً وحان الوقت ليتم  ضـبـــطه لـيـتـسـق مع الــقــانون والقانون المصري في هذا الشــان لم يأت بـشئ لم تتطلبه القوانين الأخري في اليونان نفسه وفي العالم فــكــل ما طــرأ هو أن حــكــم مــحــكـمـة إســتــئــنــاف الإســمــاعــيــلـة غــيــر مـــفــاهـــيــم غــيــر قــانــونــيــة وخــاطـــئة ترسبت بشكل جذري علي مـــدي الــزمن في أذهان البعض خاصة رهبان الدير    .

(7) ســـيــنــاء إقليم مـــصري إستثنائي الأهــمــيـة والخــطــورة وهو مـــكــان تـوطــن الــعـسكرية الـمصرية وجــهــات الأمن المصري الملقاة علي عاتقه مهام مترامة ومـضـطردة ومن باب الإحتياط والحــذر أن يخضع هذا الإقليم خضوعاً كامـــلاً للســيــادة الـمصرية وان تتم السيطرة والمتابعة والرصد لكل العناصر الأجنبية المتواجدة في ســيــنــاء سواء أكان هؤلاء رهـــبــان ديــر سانت كاترين أو العسكريين أفراد القوة متعددة الجنسيات والمراقبون المتمركزين في سيناء منذ 1982 وهي قوة قوامها قرابة 1700 جندي بالإضافة إلى طاقم المراقبين المدنيين الأميركيين البالغ عددهم 15 مراقباً كل هؤلاء أجانب في إقليم سـيـنـاء ذا الأهمية الأمنية والعسكرية لمصر , من المستحيل بموجب ذلك أن تقبل مـــصـــر بملكية أجنبية فيه مع العلم أن هؤلاء الرهبان إن تملكوا الديـــر وفقاً لأي سيناريو فسوف يكون من المستحيل خضوعهم لأي تدابير أمنية أو إحترامهم  لإعتبارات  الأمن القومي المصري وسيصبح الدير ثقب أمني يتسع مع الزمن بحيث ستفقد مصر سيناء بالكامل خاصة بعد تواتر حديث عن موافقة او نية السعودية إتـاحــة جــزيرة تيران في جنوب سيناء عند مدخل خليج العقبة لإقامة قاعدة أمريكية لحساب ولمصلحة وللوفاء بإعتبارات أمن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة معاً وفقاً لما ورد في مذكرات التفاهم الإستراتيجي بينهما الموقعةبالتوالي منذ سبعينات القرن الماضي وحربي غــزة وإيران مع الكيان الصهيوني شاهد ودليل دامغ علي وحدة مفهوم الأمن القومي لكل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني .

الـــنـــتــيـــجــة:

بـــنـــاء علي كل  ماتقدم أهيب بوزارة الخارجية المصرية أن تؤكد علي سيــادة مــصــر علي الدير وفقاً لحكم محكمة إستئناف الإسماعيلية في 28 مايو 2025 وأن تؤكد مـــصـــر للجانب اليوناني أن “قــدسية” الديــر مقابلها قدســـية الــســـيــادة الــمـــصـــرية علي أرض ســـيــنــاء وأنه من الوجهة الـمــبــدأيـــة : لا تــفــاوض بـشــان الــســـيـــادة أما ما دون ذلك فيمكن الحديث بشأنه ,وأنا أعتقد أن الجانبين حريصان علي عدم إشتعال الموقف ذلك أن النشر في الإعلام اليوناني والمصري بشأن هذا النزاع قد توقف أو مُنع وأكرر مرة أخري أن دير سانت كاترين شـــان يتعلق بالسيادة المصرية ولا تفاوض في مــســائــل الســيــادة فدير سانت كاترين كان ثــقــبــاً أســـود في ســـيـــنــاء ســـده بإحــكـــام حكم محكمة الإسماعيلية وللوقوف علي خطورة كل من اليونان وقبرص اليونانية يُرجي الرجوع لدراسة العلاقة القبرصية اليونانية مع الكيان الصهيوني بعنوان : قبرص جبهة إسناد ضد الشعوب العربية . المركز الديمقراطى العربى . في 26. يونيو 2024 ودراسة أخري بعنوان : مـغزي وصول الدفعة الأولى من نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي “القبة الحديدية” إلى قبرص . المركز الديمقراطى العربى .في 8. ديسمبر 2024 , فمن يدري فلو تصورنا أن السيادة علي ديـر سانت كاترين آلــت لليونان فمن المنطقي بعد ذلك مباشرة أن تطلب اليونان من مصر تـمـوضع كتيبة عسكرية يونانية لــحــماية الديــر “الــمــقــدس” ثم يلي ذلك طلب إستثناءات أمنية أو قانونية تمييزية لـحـمـاية هذا الديــر “الـمــقــدس” علماً بأن نظام الإمتيازات الأجنبية تسرب داخل الجسم القانوني لمصرفي القرن 19 نتيجة للضغوط التي مارستها القوى الأجنبية على الدولة العثمانية وحكام وشعب مصري وعاث الأجانب بسببها في الفساد في مصر إلي أن تم توقيع اتفاقية مونترو بشأن إلغاء الامتيازات في مصر وهي اتفاقية دولية تم إبرامها في 8 مـايـو 1937 وأدت إلى إلغاء النظام القانوني الذي يتجاوز الحدود الإقليمية للأجانب في مصر.

حـــان الــوقت ليكون ديـــر ســـانت كاترين في قلب الــســـيـادة الــمــصــرية فذلك أأمن لــمـــصــر فالــكـــعـــبة الــمــشــرفة وهي ماهي في طـــائـــلــة الــســـيــادة الــســـعوديـة وما نـــازعـــهــا في هذه السيــادة أو الـســدانة كائــن من كــان .

الــــــــســــــفـــيـــــــر : بــــلال الـــمــــصـــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – الـــقـــاهـــرة تـــحـــريـــراً في 17 يـونــيــو 2025

3/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى