مقاربات حول الحروب التقليدية والحديثة
Approaches to Conventional and Modern Warfare

اعداد : م.م سارة زكي غضبان – الجامعة العراقية، العراق
المركز الديمقراطي العربي : –
- مجلة الدراسات الاستراتيجية للكوارث وإدارة الفرص : العدد السادس والعشرون حزيران – يونيو 2025 – المجلد 7 – وهي مجلة دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي المانيا- برلين.
- تعنى المجلة مجال الدراسات التخصصية في مجال إدارة المخاطر والطوارئ والكوارث ،قضايا التخطيط الاستراتيجي للتنمية، الجيوبولتيك، الجيواستراتيجية، الأمن الإقليمي والدولي، السياسات الدفاعية، الأمن الطاقوي والغذائي، وتحولات النظام الدولي، والتنافس بين القوى الكبرى، إضافة إلى قضايا التنمية، العولمة، الحوكمة، التكامل الأقتصادي ، إعداد وتهيئة المجال والحكامة الترابية , إضافة إلى البحوث في العلوم الإنسانية والاجتماعية.
للأطلاع على البحث من خلال الرابط المرفق : –
ملخص :
تبدو الحرب في جانب من جوانبها – كآلة صماء ضخمة تبتلع بداخلها كل ما تواجهه من بشر وشجر وحجر دون أن تلوي على شيء، تصنع الحرب سرديتها الكبرى ويضمحل الإنسان إلى حد التلاشي أمام هذه السردية، بحيث لا يعدو أن يكون مجرد شيء أو مادة خام تختلط مع أكوام أخرى من الأشياء التي تستعر بها لظى الحرب وتتفاقم من خلالها. ليست الحرب مجرد استخدام للعنف والقوة، بل إنها “إيغال في توحش القوة” ذلك حين يقال ان هيراقليطس أعلن أن الحرب وزيوس شيء واحد، ولأن الصراع والحرب هو الحالة الاخيرة لكل شي فإنه وحده الذي يستحق صفة الالوهية وينبغي أن ندرك ما هو نهائي على انه صراع وحرب وتوتر ولذلك ان مآسينا نتاج حتمي لطبائعنا . فالإنسان مصدر كل شر، وبالتالي، فإنه هو نفسه مصدر الشر المتمثل بالحرب. وحظي هذا التقييم للسبب بنفوذ هائل، إذ تبناه الكثيرون بوصفه من العقائد الأساسية اذ تناول أرسطو الحرب في كتبه المعروفة في هذا الجانب، مؤكداً على حقيقتين رئيسيتين هما : الأولى تقول بجوهرية الحرب في ثنايا النفس الإنسانية، ولاسيما في جزئها الذي لربما يتسم بالعدوانية، أما الحقيقة الثانية فهي تنتمي للبعد الجغرافي وموقع الإقليم والمناخ وأثرهما في سلوك البشر من حيث اكتسابهما للشجاعةاو الخوف، أو حبهم للحرية أو خنوعهم للاستبداد والذل فالحرب بطبيعتها ظاهرة مركبة يتمازج فيها النشاط أو العمل العسكري الميداني بالغرض الذي بدأ فيه.. ، وبعبارة أكثر دقة، تمثل حركة ( الفكرة) على ارض الواقع، انها اسلوب في العمل للجوهر الذي تحمله الفكرة، أي فكرة الحرب وفلسفتها، بعد أن تتحول الى حركة يطغي عليها العنف المنظم ان الحرب كفكرة تعبر عن ذلك القدر من التناقض القيمي والمفاهيمي في مكون الأيديولوجيات والمصالح والأهداف بين أطراف يصعب التوفيق فيما بينها. فهي اذن وثيقة الصلة بالمجتمع بقدر ما تعبر عن قيمه الفكرية وعقائده الفلسفية الاقتصادية والاجتماعية عندما تتعارض مع نظيراتها لدى الأطراف الأخرى.
Abstract
War, in one aspect, seems like a huge, deafening machine that wallows up everything it encounters, from people, trees, and stones, without turning back. War creates its own grand narrative, and man fades away to the point of disappearing before this narrative, such that he is nothing more than a thing or raw material mixed with piles of other things that ignite the flames of war and through which it worsens. War is not merely the use of violence and force, but rather it is the “excessive brutality” of force. This is when it is said that Heraclitus declared that war and Zeus are one thing, and because conflict and war are the final state of everything, he alone deserves the attribute of divinity. We should recognize what is final as conflict, war, and tension. Therefore, our tragedies are an inevitable result of our natures. Man is the source of all evil, and consequently, he himself is the source of evil represented by war. This assessment of the cause has had enormous influence, as many have adopted it as one of the basic beliefs. Aristotle dealt with war in his well-known books on this aspect, emphasizing two main facts: the first says that war is essential in the folds of the human soul, especially in the part of it that may be characterized by aggression. As for the second fact, it belongs to the geographical dimension, the location of the region and the climate, and their effect on human behavior in terms of their acquisition of courage or fear, or their love of freedom or their submission to tyranny and humiliation. War is by nature a complex phenomenon in which military activity or field work is mixed. For the purpose for which it began… or more precisely, it represents the movement of the (idea) on the ground. It is a method of working for the essence that the idea carries, that is, the idea of war and its philosophy, after it is transformed into a movement dominated by organized violence. War as an idea expresses that.
المقدمة
الحرب هي إحدى حقائق التاريخ البشري التي لم يخل منها جيل أو عصر، فهي أكثر الظواهر تدميراً التي رافقت كل زمان ومكان، التي راح ضحيتها ملايين من الناس نتيجة الاعمال العدائية، و تختلف الحروب عن بعضها بعض من حيث أنواعها والأسلحة المستعملة وأساليب إدارتها ، وكذلك وضع الخطط الاستراتيجية، والتكتيكات العسكرية للقيام بعمليات الدفاع والهجوم المتبعة للوصول الى الأهداف المرجوة، على مر العصور، حاول الإنسان دائما توسيع مدى أسلحته وفتكها، وعلى أثر هذا النهج تطورت الحروب من الحروب البدائية بين المجتمعات القبلية إلى الحرب بين المجتمعات القائمة على الاقتصاد الزراعي، ثم إلى الحرب بين المجتمعات الصناعية، ثم تحولت المجتمعات البشرية في إدارتها للحروب من القتال بالأقواس والسهام، إلى البنادق والمدافع والدبابات والطائرات والصواريخ، كان التقدم العلمي والتكنولوجي على الرغم من بطئه في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ألا أنه كان مثيرا في القرن العشرين، إذ ظهرت وطورت السفن المكسوة بالحديد في ستينيات القرن التاسع عشر، والمدافع الرشاشة في تسعينيات القرن التاسع عشر، والطائرة المأهولة والدبابة، وحاملة الطائرات والرادار، والأسلحة النووية في ثلاثينيات واربعينيات القرن العشرين، إذ بدت هذه التطورات من المعالم الهامة في تطور التقنيات العسكرية، وكان لكل من هذه التطورات آثار ثورية على إدارة الحرب، وهو الأمر الذي يتطابق مع افتراض( ألفين توفل ) القائل ” أن الطريقة التي تصنع بها الحرب تعكس الطريقة التي تصنع بها الثروة “، لطالما تم استغلال التكنولوجيا لتكوين الثروة وكذلك لصنع وإدارة الحرب. ومع بدايات التطور التكنلوجي والتقدم الهائل في الذكاء الاصطناعي الذي اتسم بالوتيرة المتسارعة في التأثير في مختلف ميادين حياة بشرية ولاسيما العسكرية ليقلب جميع موازين الحروب وإدارتها ومع كل تقدم وتطور تكنولوجي أصاب الحروب هناك توقعات بتحول حروب المستقبل من حروب تقليدية الى حروب تكنولوجية، ومن الممكن اختفاء الجندي من ساحة المعارك المستقبلية وظهور أسلحة اشبه بأفلام الخيال العملي وغيرها من التطورات التي تحدث تغييرات كبيرة في عالم الحروب وتدفع إلى بروز أسس جديدة للحرب
- أهمية البحث
يمكن القول بأن هناك حاجة متزايدة لإعادة تقييم وتغيير مفهوم الحرب في العصر الحديث مع تطور التكنولوجيا والتوجه نحو الحروب غير التقليدية، فإن مفهوم الحرب القديم قد أصبح غير كافي لتفسير التحديات الحالية. يجب أن يكون لدينا فهم أوسع وأكثر تطورا للحروب، بما في ذلك الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية التي تشكل جزءا أساسيًا من الصراعات الحديثة.
- هدف البحث
فالحرب لها مضمون عسكري العنف المسلح ولها مضمون سياسي (فرض ارادة المنتصر) ولها مضمون اجتماعي تناقض القيم الفكرية والثقافية بين الاطراف أنها، ووفق المنطق(الكلاوز فيتزي) الحرب هي المخلوق الذي ينمو في رحم السياسة، وبالتالي فهي امتداد لها ولكن بوسائل أخرى أكثر عنفا” ودموية الحرب إذن، وبهذا المعنى تنطوي على بعدين، الأول يحكمه المنطق والجدلية وميدانه الفكر والثاني تحكمه الآلية والحركة الميكانيكية لقوات الأطراف المتحاربة وميدانه أرض المعركة وسوح القتال الأول يتصل بالعلاقات البشرية وما تنطوي عليه من تناقضات وصراعات، أما البعد الثاني، فأنه يتصل بأدوات العمل العنيف ووسائله وغاياته، حيث يتم توظيف القوة العسكرية الى اقصى حدودها لحسم التناقضات والصراعات التي تتصف بها العلاقات البشرية فالحرب هي عملية بشرية من الناحية المجردة، الإنسان فيها هو السبب وهو الهدف كما انه هو الوسيلة وهو الغاية اذاً فالحرب ليست سياسة بالمعنى المعروف العادي بل هي سياسة مطبقة بأسلوب خاص عن طريق القوة المسلحة إذ مع نشوب الحرب يصبح العنف المسلح والعمل العسكري الأداة الرئيسة للسياسة.
- إشكالية البحث
ينطلق البحث من تساؤل مركزي هل تغيرت الحرب؟ من هذه السؤال المركزي التعريفي ننتقل بشكل طبيعي إلى مسألة الطرق التي تغيرت بها الحرب
- ماهو مفهوم الحرب؟
- ماهي الحروب قبل الحداثة (الحروب التقليدية)؟
- ماهي الحروب الحديثة (غير التقليدية)؟
- فرضية البحث
هناك حاجة متزايدة لإعادة تقييم وتغيير مفهوم الحرب في العصر الحديث مع تطور التكنولوجيا والتوجه نحو الحروب غير التقليدية، فإن مفهوم الحرب القديم قد أصبح غير كافي لتفسير التحديات الحالية. فالحرب مهما بلغت شراستها لا بد لها من هدف سياسي.
- هيكلية البحث
تم تقسم البحث إلى مقدمة وخاتمة وثلاثة مطالب المطلب الأول مفهوم الحرب المطلب الثاني الحروب قبل الحداثة (الحروب التقليدية)، المطلب الثالث الحروب الحديثة (غير التقليدية)
1.مفهوم الحرب
تعد الحرب أكثر صور العنف شهرة وذيوعاً في الصراعات الدولية، على الرغم من أن هناك اتفاقاً على أن الحرب صراعاً مسلحاً بين طرفين إلا أنه من الصعب وضع تعريف محدد لها لأن حالة الحرب لا يمكن أن تتقرر طبقاً لقاعدة مطردة[1].
يقول الجنرال والمؤرخ البروسي “كلاوزفيتز” إن الحرب ” شكل من أشكال الوجود الاجتماعي ” هذا الشكل له جوانب متعددة التي يمكن تعريف الحرب بها بشكل جماعي أو بشكل منفصل كل جانب على حدة لكن كل هذا يتم دون إلغاء جوهر هذه الظاهرة وهو العنف أو صراعا الارادات أو إركاع الخصم وانطلاقاً من ذلك عرف الحرب على” أنها فعل عنيف هدفه تحطيم الخصم لتنفيذ ارادتنا أو نها نزاع بين المصالح الكبرى يسويه الدم، ويرى “كلا وزفيتز” بأنه يمكن الحديث عن الحرب على أنها امتداد للسياسة كفكرة أو كاستراتيجية وتكتيك دفاع وهجوم كممارسة أو على أن الحرب حالة اقتصادية واجتماعية ونفسية كفلسفة ويمكن سحب إحدى هذه الجوانب أو إضافة اخرى عند وضع تعريف للحرب، لكن في ضوء كل هذه التغييرات، لا يمكن إلغاء روح الحرب بكونها عنف وصراع وقوة لإجبار العدو على تنفيذ مشيئتنا.[2]
وبعيداً عن ” كلاوزفتز” فقد أجتهد الكثير من المفكرين في تقديم تعريفاتهم الخاصة بظاهرة الحرب والتي لم تخرج في جوهرها الأساس أو منطلقها عما جاء به ” كلاوزفيتز” مع إضافات عكست اهتمامات هؤلاء الباحثين والمفكرين أحياناً وانتماءاتهم الفكرية أحياناً أخرى. وقد عرف “كينيث والتز” الحرب على أنها ” الاستخدام المنظم للعنف ” السلاح(بين طرفين دوليين مستقلين، ويلاحظ على التعريف الذي قدمه ” كينيث والتز” التحديد الضيق للأطراف المتحاربين وأنه ينظر إلى الحرب على أنها حالة عنف تندلع فقط بين أطراف دوليين (أطراف مستقلة) ومن ثم فهو يلغي الأشكال الأخرى للحرب التي تندلع بين أطراف دون مستوى الدولة كما هو الحال مثلا في الحروب الأهلية. وفي الاتجاه نفسه ذهب كل من المؤرخ الأمريكي “ملفين سمول” و” ديفيد سينجر” إذ عرفوا الحرب على أنها ” معارك حربية بين طرفين دوليين أعضاء في النظام الدولي يروح ضحية الأعمال العسكرية فيها ما يزيد عن الألف قتيل [3]
ويعرف “جان جاك روسو” الحرب بأنها (عبارة عن صراع مسلح يقع بين الدول يهدف فرض التوجهات السياسية باستخدام وسائل تم تنظيمها بموجب القوانين الدولية) [4]
ووصف “سن ان تزو” وهو خبير عسكري صيني، الحرب بأنها (مسألة خطيرة للدولة والطريق الذي يؤدي إلى العيش أو الفناء، وأنها ميدان الحياة والموت)[5]
أما الدكتور”محمد مصطفى غانم” فيرى الحرب على أنها ( صراع مسلح بين دولتين أو بين فريقين ويكون الغرض منها الدفاع عن حقوق أو مصالح الدول المتحاربة وهي ظاهرة اجتماعية قديمة ترتبط بالكيان الاقتصادي والاجتماعي للدول وبطريقة تكوين المجتمع الدولي )[6].
2.الحروب قبل الحداثة (الحروب التقليدية)
1.2. الحقبة النابليونية
تميز النصف الثاني من القرن الثامن عشر في أوروبا بحرب محدودة نسبيا. كان انتشار القيم العقلانية للتنوير والذاكرة الباقية لأهوال الحروب الدينية في القرن السابع عشر، مؤثرين في اعتدال سلوك الحرب. كما كانت العوامل الاجتماعية والاقتصادية مهمة أيضا، فقد كانت الدول المحكومة بالسلالات الملكية في تلك الفترة والتي تتبنى قواعد ضريبية وتجنيديه محدودة. وكذلك، واجهت جميع الدول صعوبات كبيرة في تجنيد الجنود والاحتفاظ بهم. لم تكن الخدمة العسكرية شعبية، واعتمدت معظم الجيوش على مزيج من العمال المهنيين الذين قضوا فترة طويلة في الخدمة وعلى المرتزقة الأجانب.[7]
لقد كانت العوامل العسكرية تميل إلى نشوب حرب محدودة فالمشاة يمكنهم فقط أن يتحركوا ببطء شديد، مما يجعل من الصعب مباغتة جيوش الخصم على حين غرة أو ملاحقتهم إلى نقطة التدمير. وشجع الانضباط الصارم والقاسي على فرار الجنود، مما جعل الجنرالات يترددون في أمر قواتهم بمطاردة لا هوادة فيها قد تحوّل نجاحا محدودا في ميدان المعركة إلى نصر مطلق. كما أن فظائع حروب القرن الماضي كانت تعني أيضا أن القادة كانوا مترددين في السماح لجنودهم بالنهب والسلب. وهذا يعني أن الجيوش اضطرت إلى حمل جميع إمداداتهم معهم، أو جمع كميات هائلة من الإمدادات في مستودعات مسبقاً، والتي يعتمدون عليها فيما بعد. كما أدت القيود المفروضة على الإمداد وشبكات الطرق غير المتطورة أيضا إلى تقييد حجم الجيوش التي يمكن للدول وضعها في الميدان. [8]
حدث أساس التغيير في عام ۱۷۹۲ مع إنشاء الجمهورية الفرنسية. من اجل الدفاع عن نفسها ضد أعداء كثر، اعتنق النظام الثوري نهج جديد جذريا لإدارة الحرب، بما في ذلك إنشاء جيش المواطنين عن طريق التجنيد، وبدايات السيطرة الاقتصادية والإنتاج الحربي واسع النطاق، وكذلك الحرب الأيديولوجية والدعاية والتلقين. على عكس الحرب المحدودة في القرن الثامن عشر، أصبح الغرض من الحرب الأيديولوجية هو الإطاحة الكاملة للعدو بدلاً من المكاسب الإقليمية البسيطة، لقد أصبح الهدف من الحرب تحقيق مكاسب هائلة أو حتى الضم الصريح في الفترة الثورية والنابليونية، سعى الجيش الفرنسي بشكل متعمد إلى المعركة، وقدرة الجيش على المناورة بسرعة أجبرت العدو على القتال أو الاستسلام.[9]
وكانت القوات المستخدمة الإنجاز مثل هذه المهام البطولية عبارة عن مجموعة من الجنود المحترفين، والمجندين الفرنسيين الوطنيين. ومن بين أبرز المنظرين العسكريين في هذه الحقبة هو الجنرال البروسي كارل فون كلاوسفيتز” (۱۷۸۰-۱۸۳۱) رأى كلاوزفيتز أن الحرب هي جزء طبيعي من السياسة، تختلف فقط في وسائلها. إذ بين كلاوزفيتز بشكل قاطع في أن الحرب هي استمرار للنشاط السياسي لكن بوسائل أخرى، وأضاف بإن الحرب هي عمل عنف مصمم لتحقيق أهداف غير قابلة للتحقيق من دونها. كما إن كل عصر يخلق شكله الخاص للحرب. وبما أن الحرب تنطوي على أشخاص، فهي بطبيعتها لا يمكن التنبؤ بها. وأخيراً، النصر ليس له قيمة إلا إذا كان وسيلة لتحقيق هدف سياسي.قلب جيش العدو هو عادة مركز الثقل الحاسم وعلى الرغم من أن أفكار كلاوسفيتز تعكس الدروس المستفادة من الحرب النابليونية إلا أنها كانت دقيقة وخلاقة بما يكفي لتظل ذات اهميه طوال فتره الحرب الجماهيرية أكد كلا وسفيتز أن النصر سيتحقق عندما تتم السيطرة على مركز ثقل الخصم باعتباره محور القوى والنشاط أو تدميره. كان تدمير القوات المسلحة للخصم هو مفتاح النصر السياسي، لكن هذا التدمير كان ممكن أن يكون معنويا وليس بالضرورة ماديا. وكان الصناعية، وفي عصر الأسلحة النووية والحرب المحدودة [10]
2.2. الحرب الصناعية
هي فترة في تاريخ الحرب تمتد تقريبا من أوائل القرن التاسع عشر وبداية الثورة الصناعية إلى بداية العصر النووي، والتي شهدت ظهور الدول القومية القادرة على إنشاء وتجهيز الجيوش الكبيرة والقوات البحرية والجوية، من خلال عملية التصنيع الهائلة. تميز عصر الجيوش الجماهيرية، والنقل السريع أولاً من خلال السكك الحديدية، ثم عن طريق البحر والجو، والبرق والاتصالات اللاسلكية ومفهوم الحرب الشاملة. من حيث التكنولوجيا، شهد هذا العصر بروز وتطور قوة المشاة القتالية المسلحة بالبنادق والقادرة على زيادة معدلات إطلاق النار والمدفعية ذات القوة القتالية العالية السريعة والأسلحة الكيماوية والحرب المدرعة والسفن الحربية المعدنية والغواصات والطائرات.[11]
3.2.حرب المشاة
في القرن التاسع عشر، فإن الثورة الصناعية غيرت بشكل كبير سير الحرب، إذ أصبحت الحرب مصنعة، ومع تطبيق التكنولوجيا الحديثة على إنتاج أسلحه أكثر تطورا، باتت الأسلحة والذخيرة وجميع المواد الأخرى للحرب يتم إنتاجها على نطاق واسع. ولذلك، يمكن للجيوش ذات الحجم الأكبر أن تستمر في الحملة. ولكن بالإضافة إلى ذلك، فإن مجموعه واسعه من التطورات في التكنولوجيات المدنية أساسا أثبتت أهميتها البالغة بالنسبة لإدارة الحرب في ذلك الوقت. [12]
فقد سهلت التطورات الصغيرة مثل القدرة على تخزين الأغذية المعلبة توفير الإمدادات الغذائية للحملات العسكرية، حتى في أشهر الشتاء الأشد قسوة. ويمكن نقل الإمدادات بسرعة إلى الجبهة بكميات كبيره باستخدام السكك الحديدية الجديدة. وقد تم اجراء أول رحله بالسكك الحديدية في عام ١٨٢٥. ومع حلول عام ١٨٤٦ ، تمكنت بروسيا من تحريك فيلق للجيش، مع كل معداته على بعد ۲۵۰ ميلا في غضون يومين، بدلاً من الأسبوعين اللذين كانت تتطلبهما المسيرة. استخدام السكك الحديدية لا يعني فقط أنه يمكن نقل الجنود بسرعة، ولكن الإبقاء على قوتهم غير مستنفذة في نهاية رحلتهم، وهذا عامل مهم للجيوش التي تتكون إلى حد كبير من جنود الاحتياط، ويمكن استخدام السكك الحديدية لنقل المقاتلين الجرحى إلى مستشفيات المناطق الخلفية، وبالتالي تحسين فرص بقائهم على قيد الحياة. في عام ۱۸۷۰، قامت بروسيا بغزو فرنسا مع جيش يعادل ضعف حجم جيش نابليون الضخم تاريخياً الذي قاده إلى روسيا قبل ٦٠ عاما. وتم ببساطه قهر الجيش الفرنسي الأصغر بكثير، الذي لم يكن قادراً على التعبئة بسرعة كافية. ومن التكنولوجيات المدنية الأخرى ذات الأهمية العسكرية المباشرة هي البرقية / التلغراف التي سمحت للقيادات السياسية بمواصلة الاتصالات مع قادة الجيش عبر مسافات كانت تعني في السابق حدوث تأخيرات في الأيام أو الأسابيع في توصيل الأوامر. نعم، إن التقنيات المدنية مثل السكك الحديدية والبواخر والتلغراف والإنتاج الضخم مكنت من إنشاء جيوش جماهيرية ضخمة وتجهيزها والتحكم بها. خلال القرن التاسع عشر، أدت سلسله من التطورات الحاسمة في تكنولوجيا الأسلحة إلى تحويل الاستراتيجية والتكتيكات. وقد أحدثت أسلحه المشاة ثورة غيرت وجه الحرب عن طريق إدخال المدافع والبنادق الرشاشة القابلة للتحميل البري. كانت أسلحة البنادق أكثر دقة بكثير، وأصبح بإمكان المشاة الآن ضرب أهدافهم على مسافة مئات الأمتار، دون تعريض أنفسهم بالضرورة للنيران المضادة أثبتت أسلحة البنادق بسرعة تفوقها في المراحل الأولى من الحرب الأهلية الأمريكية. خلال الستينيات من القرن التاسع عشر أصبحت بنادق المدفعية نموذجية أيضًا، فقد بات مدى حشوتها النارية يصل إلى ميلين بحلول عام ۱۸۷۰، أنتجت بروسيا المدفعية الفعالة، والتي تفوقت على خصومها الفرنسيين، مما منحهم ميزة تكتيكية ضخمة في تسعينيات القرن التاسع عشر، زادت تقنية الرماية السريعة من فعالية المدفعية.
4.2. الحرب البحرية
مرت الحرب البحرية بثورة مثيرة بنفس القدر خلال القرن التاسع عشر. خلال حروب نابليون، كانت السفن الحربية مصنوعة من الخشب وتعمل بواسطة الرياح، مع مرور قرن من الزمان، كانت مدرعة بشكل متزايد في المعدن، ومجهزة بأسلحة بعيدة المدى، والأهم من ذلك، اعتماد المحركات التي مكنتهم من العمل بشكل مستقل عن الرياح في عام ۱۸۲۲ ، نشر الجنرال بايكسانز عمله الموسوم القوة الجديدة البحرية”، حيث جادل بأن السفن المسلحة بقذائف متفجرة ومحمية بألواح الدروع ستكون قادرة على إبادة السفن الحربية الخشبية الحالية. بدأت القوات البحرية الأوروبية في تبني هذه المدفعية البحرية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وتم تقديم المحركات البخارية في أربعينيات القرن التاسع عشر. وسرعان ما تلا ذلك تبني الدروع. كانت فرنسا هي التي قادت الطريق في التصميم البحري في منتصف القرن التاسع عشر، حيث كانت بريطانيا مترددة في تشجيع التطورات التي قد تتحدى تفوقها في البحر لعقود من الزمان كانت السفن الحربية تجمع بين الشراع والدفع بقوة البخار ولكنها مثل المدافع بمرور الوقت تطورت وأصبحت أكثر قوة وهكذا، أطلقت بريطانيا أول سفينة حربية دون أي أشرعة في عام ۱۸۷۳ [13]
على الرغم من أن تصميم السفن الحربية كان يمر بتطور سريع، إلا أن التفكير الاستراتيجي في الحرب البحرية كان بطيئا في التطور. ولم تحدث تطورات هامه الا مع نهاية القرن في عام ۱۸۹۰ ، نشر (ألفريد ماهان ) تأثير القوة البحرية على التاريخ، ١٦٦٠- ۱۷۸۳ جادل ماهان بأن القوة البحرية كانت دائما حاسمة في التاريخ، وأن الغرض من القوة البحرية للقوة العظمى هو الوصول إلى قيادة البحر، وأن الطريقة لتحقيق ذلك هي تركيز القدرات البحرية في أسطول حربي قوي والبحث عن وتدمير الأسطول الرئيسي أو أساطيل العدو الحربية. [14]
بدأت المدارس الجديدة للفكر البحري في الظهور، والتي كانت تثير قلق القادة العسكريين التقليديين على سبيل المثال، جادل جون إيكول” في فرنسا بأن الأنظمة الجديدة مثل زوارق الطوربيدات ستهاجم التجارة وتحدد الشكل الرئيسي للحرب البحرية في المستقبل. جادل مؤيدو التقنيات الجديدة بأن الأساطيل القتالية الضخمة لدول مثل بريطانيا ستصبح قديمة. [15]وعرضت وجهه نظر مختلفه من قبل المنظر البحري البريطاني، السير جوليان كوربيت. وجادل كوربيت أن القوة البحرية ليست أكثر من وسيلة لتحقيق غاية سياسية. ولذلك فمن المهم أن تكون للدولة استراتيجية بحريه تتوافق مع تطلعاتها السياسية، ومع ذلك، كان كوربيت يدرك تمام الإدراك أن القوة البحرية من تلقاء نفسها لا يمكن لها أن تطغى على قوة برية قوية وحازمة، فقد كان للقوة البحرية حدودها، وكانت قوة بحرية كبرى مثل بريطانيا تحتاج تاريخياً إلى حلفاء قاريين مع وجود قوة برية تحت تصرفهم. [16]
5.2. الحرب الشاملة
واحدة من السمات الرئيسية للحرب الصناعية هي مفهوم الحرب الشاملة”. صاغ المصطلح إريك لودندورف خلال الحرب العالمية الأولى، وطرحه مرة أخرى في كتابه “الحرب الشاملة لعام ۱۹۳۵ ، والذي دعا فيه إلى التعبئة الكاملة وإخضاع جميع الموارد، بما في ذلك السياسات والأنظمة الاجتماعية في المجهود الحربي الألماني. لقد أصبح هذا يعني أيضا شن الحرب بشراسة مطلقة، ومن سمات الشمولية في الحرب الحديثة إنها حرب لا تقتصر على أهداف عسكرية مشروعة بحتة، ويمكن أن تؤدي إلى معاناة وخسائر مدنية هائلة أو غير قتالية. وهكذا، فقد كان إرثها الأكثر تحديداً اليوم هو إعادة إدخال المدنيين والبنية التحتية المدنية كأهداف في تدمير قدرة العدو على الانخراط في الحرب. هناك عدة أسباب لظهور الحرب الشاملة في القرن التاسع عشر. السبب الرئيس هو التصنيع مع نمو رأس المال والموارد الطبيعية للبلدان، أصبح من الواضح أن بعض أشكال الحرب تتطلب موارد أكثر من غيرها. ونتيجة لذلك، أصبحت تكلفة الحرب الكبرى واضحة. يمكن لدولة صناعية أن تميز ثم تختار شدة الحرب التي ترغب في الدخول فيها.[17]
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت الحرب أكثر ميكانيكية وتتطلب بنية تحتية أكبر. لم يعد المقاتلون يعتاشون على الأرض، لكنهم بحاجة إلى شبكة دعم واسعة من الأشخاص فيما خلف الجبهات لإبقائهم مسلحين. وهذا يتطلب تعبئة الجبهة الداخلية. ومن ثم، استخدمت المفاهيم الحديثة مثل الدعاية أولاً لتعزيز الإنتاج والحفاظ على الروح المعنوية، وكذلك الشروع في توفير المزيد من العتاد الحربي. بحلول بداية القرن العشرين، أصبحت القوى الكبرى تقبل فكرة كلاوسفيتز التي تقول إن التهديد باستخدام الحرب واستخدامهما كانا أدوات مناسبة ذات غرض سياسي في العصر الصناعي، ومع حلول عام ۱۹۱٤ ، كانت الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والعقائدية في القرن التاسع عشر قد تجمعت في وصفة الكارثة. من الناحية العقائدية، كانت الجيوش مقتنعة بفضائل الحرب النابليونية، وتبحث عن جيش الخصم، وتطويقه، وتدميره، وتطارد بقايا قوات العدو، إلى أن يتم القضاء على قدرته على مقاومة أي عوامل سياسية. لقد وفر التجنيد والقومية الجيوش الجماهيرية، التي بات يتم نقلها وتزويدها باستخدام شبكات السكك الحديدية والاقتصادات الصناعية للإنتاج بالجملة الحركة السريعة، إلى جانب القوة المميتة للأسلحة المتقدمة، كان من شأنها أن تحقق انتصارًا سريعًا للجيش الذي يمكنه التعبئة والمناورة بكفاءة أكبر. [18]
في الحرب العالمية الأولى، شوهد هذا في استخدام الغواصة البحرية غير المقيدة، حيث أغرقت السفن التجارية دون منح الطواقم فرصة النزول إلى قوارب النجاة، حيث حاولت ألمانيا منع فرنسا وبريطانيا من الإمداد عن طريق البحر. وقد شوهد أيضًا في الحصار المفروض على ألمانيا، والذي ساهم بشكل كبير في الانهيار العسكري لألمانيا في خريف عام ۱۹۱۸ ولكنه تسبب أيضًا في معاناة وموت المدنيين بشكل هائل. وأشرعت كل من ألمانيا وبريطانيا القصف بعيد المدى للمدن بالطائرات أصبحت الحرب الكبرى بشكل متزايد تنطوي على الكثير من القوى البشرية والموارد المادية والمعنوية للدولة. إن أي شيء ينتج عن تدميره إضعاف المجهود الحربي للعدو أصبح هدفا مشروعًا. كانت الحرب موجهة بشكل متزايد ضد المدنيين والصناعات التي تنتج أسلحة الحرب، وكذلك ضد الجنود الذين يستخدموها فعلا. أصبحت فكرة الأهداف غير المشروعة، ومعايير العدالة النسبية، ينظر إليها بشكل متزايد على أنها غير ذات صلة بإدارة وسير الحرب الحديثة، حيث إقتربت القوى الكبرى من الحرب الشاملة. [19]
يمكن تقييم الشمولية في الحرب من خلال عدد من العناصر، بما في ذلك نوع الأسلحة المستخدمة الاستراتيجية والتكتيكات المستخدمة نسبة موارد الدولة التي تم توظيفها؛ درجة اعتبار كل مورد بشري ومادي للخصم هدفًا مشروعًا؛ ومدى وجود ضغوط اجتماعية وثقافية تجاه الحرب غير المقيدة. إن عناصر الشمولية في الحرب التي أصبحت بارزة في الحرب العالمية الأولى، ظهرت بالكامل في الثانية. ومرة أخرى حشدت الأطراف المتقاتلة مواردها العسكرية والاقتصادية والبشرية إلى أقصى حد ممكن. لقد تم تمديد التجنيد في ذلك الوقت ليتجاوز الرجال الذين تم استدعاؤهم في الحرب العالمية الأولى، بحيث أشتمل على النساء أيضًا. احتلت النساء مكان الرجال في الزراعة والصناعة، كما خدمن بأعداد كبيرة في القوات المسلحة بأدوار غير قتالية. في بعض الحالات، مثل القوات الجوية السوفيتية، خدموا أيضا كمقاتلين. كما هو الحال مع الحرب العالمية الأولى، كان التقدم التكنولوجي قبل الحرب وأثناءها حاسماً بطريقة لم تكن مألوفة في الحروب السابقة. ساعد الرادار سلاح الجو الملكي البريطاني في الفوز بمعركة بريطانيا عام ١٩٤٠، في حين كان استخدام تقنية الكشف عن الغواصات (السونار) وحاملات الطائرات حاسمة في حرب الكشف عن الغواصات في معركة الأطلسي. لعبت الأسلحة النووية دورا رئيسيا في استسلام اليابان غير المشروط. أصبحت الإنجازات التكنولوجية الألمانية مثل مقاتلة ME262jet ، وصاروخ كروز 1-V ، والصاروخ الباليستي 2- ، جاهزة للعمل في وقت متأخر جدا من الحرب للتأثير علي نتائجها في الحرب الأوروبية، كانت القوة الجماهيرية والصناعية مرة أخرى حاسمة في النهاية، إلى جانب مشكلة ألمانيا الإستراتيجية المتمثلة في خوض حرب على جبهتين ضد القوى العظمى الأمريكية والسوفياتية. [20]
إن شمولية الحرب الحديثة تتلخص في إن الحرب باتت صراعًا بين الجيوش الجماهيرية، كما جعلت التكنولوجيا من الصعب تحقيق الهزيمة بشكل حاسم. وتم خلالها استخدام تقنيات جديدة مثل الأسلحة الكيماوية والدبابات في محاولة لاستعادة المناورة والقرار. كما أصبحت جميع الموارد الاقتصادية والبشرية للدولة الخصم بصورة متزايدة أهدافاً مشروعة. وخلال الحرب الحديثة، أصبحت القوة الجوية حاسمة في دعم المجندين في ساحة المعركة وكوسيلة لشن هجمات استراتيجية ضد العدو. كما ظهرت حاملات الطائرات كسلاح بحري حاسم.
3.الحروب الحديثة (غير التقليدية)
تعرف الحرب الحديثة بصورة عامة على انها توحيد وقوع أعمال العنف عبر البر والبحر والجو والفضاء، وذلك من خلال جمع البيانات والمعلومات واستخدام الأدوات الحديثة للتخطيط الشامل، بهدف جعل ساحة المعركة أكثر تنظيما وأقل استهلاكا للوقت والجهد، وأكثر فعالية في تحقيق الأهداف المرسومة ، وكما تعرف أيضاً الغاية التي تسعى إليها الدول والفواعل من غير الدول من خلال الصراعات غير المنتهية، وذلك من خلال استخدام عملية الاستنزاف وتوظيف خصائص الشعوب والسمات الأنثروبولوجية وتنوع المجتمعات بوصفها أسبابا وأدوات لهذه الحروب، ومن ثم فإن هذا النوع من الحروب استهدافا للعقول البشرية في هجماتها، إذ يسبق استهداف القوات المحاربة القطعات العسكرية.[21]
وعليه تهدف الحروب الحديثة إلى تقليل الخسائر للدول التي تديرها، سواء من ناحية عدد المقاتلين أو الأموال المستخدمة، من خلال استخدام بعض الأساليب والأسلحة التكنولوجية التي تسهم في تحقيق هذا الهدف[22]
بناء على ما سبق فأن الحروب التقليدية كانت تديرها جيوش نظامية تابعة للدولة، أما الحروب الحديثة فتخوضها مجموعة متباينة من القوات المقاتلة، والكثير منها غير نظامية أو خاصة (أي غير الحكومية)، وتشمل هذه جيوش العصابات الإجرامية والمرتزقة الأجانب، والقوات غير النظامية والجماعات شبه العسكرية التي أنشأها أمراء الحرب المحليين، والشبكات الإرهابية العابرة للوطنية [23]، و كما أن الحرب الحديثة غير واضحة المعالم تقنياً وعلمياً ونفسياً وعرقياً وتراثياً والأنواع الأخرى من الحدود مما يعني إلغاء الحدود بين ما هو ميدان معركة وما ليس بميدان معركة، وبين ما هو سلاح وما ليس بسلاح، وبين المقاتل وغير المقاتل، وبين ما هو بالدولة وما ليس بدولة وما هو فوق الدولة [24]، ينظر الى الجدول رقم (۱)
الجدول رقم (۱) الفرق بين الحروب التقليدية والحرب الحديثة
الحروب التقليدية | الحروب الحديثة |
1- أطراف الحرب دول متحاربة اثنان أو أكثر | أطراف الحرب جهات مسلحة غير التابعة للدولة. |
2- هزيمة العدو وتحقيق أهداف جيوسياسية | أهداف غير واضحة وغير ملعنة |
3- تمويل الحروب من ميزانية الدولة. |
تمويل من بعض الدول والمنظمات وتبرع بعض الافراد بدافع الأيديولوجية، وكذلك من الأنشطة الاجرامية وغسيل الأموال. |
4- الاعتماد على الأسلحة التقليدية بقوة تدمير منخفضة. |
الاعتماد على الأسلحة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ذات قوة تدمير عالية، فضلا عن الفضاء السيبراني والحرب الإعلامية والنفسية |
5- تتميز بوضوح حدودها بين جبهات القتال | عدم وضوح حدودها بين الجبهتين. |
6- تخضع لقواعد القانون الدولي الإنساني | غياب تأثير وفاعلية القانون الدولي الإنساني |
المصدر: الجدول من إعداد الباحثة بالاعتماد على
А. Ковалев, ТЕОРЕТИЧЕСКОЕ ОСМЫСЛЕНИЕ КАТЕГОРИИ «НЕТРАДИЦИОННАЯ ВОЙНАВ МЕЖДУНАРОДНОМ ПОЛИТИКО- ПРАВОВОМ КОНТЕКСТЕ ГОСУДАРСТВЕННОЕ И МУНИЦИПАЛЬНОЕ УПРАВЛЕНИЕ. УЧЕНЫЕ ЗАПИСКИ, РОССИЙСКАЯ АКАДЕМИЯ НАРОДНОГО ХОЗЯЙСТВА И ОСУДАРСТВЕННОЙ СЛУЖБЫ, ЮЖНО-РОССИЙСКИЙ ИНСТИТУТ УПРАВЛЕНИЯ, №№3, Ростов, 2021, с с170- 171.
1.3.الحروب اللاتماثلية
إن عدم التماثل في الحرب ليس ظاهرة جديدة ففي العديد من الحروب كان هناك اختلاف ملحوظ في القوة العسكرية النسبية والاستراتيجية المتبعة بين الدول المتحاربة ولكن في فترة ما بعد الحرب الباردة أصبحت طبيعة الحرب نفسها تتغير إلى اللاتماثل، الحرب اللامتماثلة هي نمط من القتال تختلف فيه أهداف ووسائل وأساليب أطراف النزاع اختلافاً جوهرياً مع وجود تفاوت كبير في القوة بين الأطراف المتحاربة في إطار مواجهة عسكرية غير متكافئة
يُعد اللاتماثل من مميزات الحروب الحديثة فمع تسارع التطورات التكنولوجية حظيت الحرب اللامتماثلة بمكانة استثنائية بين الحروب وقد أدى هذا النمط من الحرب دوراً رئيساً في الصراع عبر التاريخ أمتد من حملة ” فارسانجيتوراكس” قائد شعوب الغال ضد ” يوليوس قيصر مروراً بالحملات التي قام بها الشيوعيون الفيتناميون ضد الفرنسيين والأمريكيين[25] ، فضلاً عن المحاولات العديدة لتأصيل المفهوم تاريخياً إلا أنه من المفاهيم التي شاعت حديثاً وبشكل واسع عند المفكرين والاستراتيجين بالتزامن مع زيادة دور وتأثير التكنولوجية في تطور الحرب، ذلك أن الثورة التكنولوجية ( ثورة الشؤون العسكرية التي شهدتها المنظومة العسكرية عملت على إحداث تحولات جوهرية في استراتيجيات الحرب التي دفعت إلى ظهور هذا النمط من الحرب . [26]
عرف الجنرال الأمريكي هنري شلتون الحرب اللامتماثلة بأنها محاولة طرف يعادي الولايات المتحدة الأمريكية أن يلتف من حول قوتها ويستغل نقط ضعفها معتمداً على وسائل تختلف بطريقة كاملة عن نوع العمليات التي يمكن توقعها وعدم التوازي، يعني أن يستخدم طاقة الحرب النفسية وما يصاحبها من شحنات الصدمة والعجز لكي ينتزع في يده زمام المبادرة وحرية الحركة والإرادة وبأسلوب يستخدم وسائل مستحدثة وتكتيكات غير التقليدية وأسلحة وتكنولوجيات جرى التوصل إليها بالتفكير غير المتوقع وغير المعقول ثم تطبيقه على مستويات الحرب من الاستراتيجية إلى التخطيط إلى العمليات )) .[27]
الحرب اللامتماثلة هي (حرب غير تقليدية تمثل إحدى التغيرات في أنماط المواجهة المسلحة تقع بين طرفين غير متساويين في القوة ونوع الأسلحة المستخدمة ومستوى تطور هذه الأسلحة وقدراتها التكنولوجية وكيفية توظيف هذه الأسلحة في ميدان القتال، وفي مثل هذا النوع من الحرب يتقابل جيشان يختلف كل منهما عن الآخر في نظريته واستراتيجيته وتنظيماته وتشكيلاته ومدى تطور وقوة أسلحته المستخدمة في الحرب . [28]
قدم الجنرال البريطاني ” روبرت سميث في كتابه “جدوى القوة الحرب اللامتماثلة على أنها نمط الحرب وسط الشعب بقوله : (( أن الأوان للاعتراف بأن تغيراً في نموذج الحرب قد حدث فعلياً من جيوش ذات قوى متقاربة تخوض المعارك في الميدان إلى مواجهة استراتيجية بين مجموعة محاربين، ليسوا كلهم جيوشاً، تستخدم فيها أنواع مختلفة من الأسلحة، مرتجلة في أغلب الأحيان، كان النموذج القديم حرباً صناعية بين الدول، أما النموذج الجديد فهو حرب وسط الناس)).[29]
فرق الجنرال ” روبرت سميث” بين الحرب وسط الناس عن الحرب غير المتناظرة إذ يرى الأخيرة بأنها وصف لحالة تكون فيها الدول التقليدية مهددة من قوى غير تقليدية لكن هذه الدول قادرة على تنظيم نفسها وتشكيل جيوشها التقليدية لمواجهة هذا التهديد، أما في حالة الحرب وسط الناس فإنها تعكس حقيقة بأنها حرب ليس فيها ميدان معركة يشتبك بها الأطراف إنما تجري الاشتباكات ضد مجموعة معادية تتحرك بين المدنيين، فإنّ المدنيين أينما كانوا سواء في البلدان والمدن والقرى والبيوت يمكن أن يوجدوا داخل ميدان القتال، السبب في ذلك أنهم على مقربة من الخصم والمجاميع المقاتلة تحتاج إلى الناس لتحرك بينهم ولسد احتياجاتهم في الحصول على العديد من الخدمات، فهم الروس هذه الميرة لذلك عمدوا إلى ترحيل الناس عن عاصمة الشيشان غروزني بين عامي (1994-1995) قبل تسويتها بالأرض وهذا ما فعلته القوات الأمريكية في العراق عام (2004) قبل هجومها على مدينة ” الفلوجة “.[30]
إن الغاية الأساس في الحرب اللامتماثلة ليس فقط تدمير القدرات العسكرية للخصم الأقوى وتوجيه الضربات إلى معنوياته وإرادته القتالية، فضلاً عن ذلك نقل كل التأثيرات النفسية والسياسية في الحرب إلى العدو مباشرة. ويؤكد المحلل السياسي ” أندرو مارك ” بأن (( في ظل انعدام القدرات المادية والتقنية والوسائل الكفيلة بتدمير القدرات العسكرية للعدو يصبح الهدف كسر إرادته السياسية على متابعة الصراع وذلك هو جوهر ما كشفته الحرب التي خاضتها القوى العظمى ضد دول أقل منها شأناً وإمكانية، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تخسر قدراتها العسكرية في فيتنام بل إرادتها السياسية على متابعة الحرب))، مما دفع وزير خارجيتها “هنري كيسنجر”، إلى القول نحن خضنا في فيتنام حرباً عسكرية ، وخصومنا خاضوا حرباً سياسية ))[31]. ويمكن قول الشيء نفسه عن الانسحاب الأمريكي الأخير من أفغانستان التي وصفها الرئيس الأمريكي جو بايدن” في الخطاب الذي أعلن فيه الخروج النهائي من أفغانستان بأنها مقبرة الامبراطوريات.
في الحرب اللامتماثلة تعطى الأفضلية للقوى المعادية بالشكل الذي يسمح لتلك القوى بإجهاض وتعطيل نقاط القوة والتفوق عند الطرف الأقوى عن طريق جره إلى مواجهات تسمح باستغلال نقاط ضعفه واستنزاف قوته في معارك مباغتة وتوجيه ضربات خاطفة تضع القوات النظامية في موضع الارتباك والتشتت وتصبح القاعدة الأساسية للحرب اللامتماثلة هي مواجهة قوى معادية للعدو النظامي وفق الشروط والقواعد التي تناسبه والظروف التي يختارها وعن طريق تغيير قواعد الصراع فقد كشفت هذه الحرب عن إمكانية انهزام الجيوش الحديثة والكبرى أمام تنظيمات صغيرة شبه عسكرية محدودة الوسائل والتجهيز . [32]
تعد حرب المعلومات من أهم مرتكزات الاستراتيجية للحرب اللامتماثلة وهي الميزة المشتركة بين أنماط الحرب الحديثة، أي إنها لا تقتصر على الحرب اللامتماثلة، يؤكد الخبراء والمحللين العسكريين الأميركيين والروس والصينيين إلى حجم الضرر الذي قد يلحق باقتصاد البلد بسبب حدوث خلل جوهري في الأداء الوظيفي لمنظومة الحواسيب الموجودة في التنظيمات القيادية الحكومية كافة والمؤسسات المالية والمصرفية ضرر يمكن مقارنته باستخدام السلاح النووي، هذا الأمر قد يؤدي إلى نتائج كارثية لأن الخسارة في المجابهة المعلوماتية يمكن أن تشكل أوضاعاً ومقدمات تصبح بها الدولة الخاسرة متخلفة كثيراً عن ركب الدول، بعبارة أخرى يحصل المنتصر على إمكانيات غير محددة للتحكم بالدول المهزومة في الصراع المعلوماتي.
2.3. الحرب الوقائية
لأهمية هذا النوع من الحروب تم التوسع في تفصيل المقصود بالحرب الوقائية ووضعت لها العديد من التعريفات، إذ تعرف الحرب الوقائية بأنها الحرب التي يشنها طرف بعد اقتناعه بأن النزاع العسكري مع طرف آخر لا يمكن تجنبه، على الرغم من أن هجوم العدو ليس وشيكاً، إلا أنه يقدر أن التأخير في شن هذه الحرب يؤدي إلى مخاطر أكبر، بالنظر لنتائجها المتوقعة وإنّ الحرب الوقائية تردع الخصم عن القيام بمجموعة خطوات تتعارض مع مصالح الدولة المعنية ))، وإنها الحرب التي تشنها دولة ما لردع الخصم من القيام بأعمال تتعارض معها، على الرغم من اعتقادها أن هجوم الخصم ليس وشيكاً)).[33]
يعد مفهوم الحرب الوقائية مألوفاً للمؤرخين والدبلوماسيين والقادة السياسيين ومنظري العلاقات الدولية وعلماء القانون الدولي، إذ استند العديد من القادة السياسين إلى هذا المفهوم لتبرير سياسة عدوها ضرورية. ويرى أستاذ العلوم السياسية “جاك” س . ليفي ” الحرب الوقائية بأنها (استراتيجية مصممة لمنع حدوث تحول سلبي في ميزان القوى مدفوعة من أجل مواجهة خصم متصاعد وعدائي محتمل، وفق منطق من الأفضل القتال الآن بدلاً من المخاطرة بالنتائج المحتملة للتقاعس عن العمل أو تراجع القوة النسبية وتضاؤل نفوذ المساومة وخطر الحرب في ظل ظروف أقل مواتاة لاحقاً) . [34]
إن النظر في هذه التعاريف يوحي بأن الحرب الوقائية ترتبط بتوافر عنصري التهديد والخوف) و تحركات العدو المستقبلية من ناحية وطبيعة هذه التحركات العسكرية من ناحية أخرى وهذا يعكس المفهوم التقليدي للحرب الوقائية، لكن مع تغير طبيعة القوة في العلاقات الدولية بعد مرحلة الحرب الباردة ونشوء علاقات قوة وصراعات جديدة بين الفاعلين الدوليين لم يلبث وإن طرأ تحول في صياغة مفهوم للحرب الوقائية في الفكر الاستراتيجي الأمريكي، فضلاً عن إعادة النظر في شكل التهديدات والأخطار الجديدة التي تدعو إلى تبني حرباً وقائية ضدها. [35]
لقد تم استثمار الظروف الدولية لجعل الهجمات الوقائية أداة مهمة لإسقاط الأنظمة وتكريس فكرة الهيمنة وابتزاز الحلفاء مما عمل على زيادة صعوبة تبرير هذا النوع من الاستراتيجيات العسكرية التي صارت تثير مشاعر الكره والعداء ضد كل من يستخدمها مستغلاً عناصر تفوقه في مراحل معينة ومتجاهلاً جميع الالتزامات التي تفرضها عليه الأعراف والمواثيق الدولية في حالة استخدام القوة العسكرية ضد الآخرين. ومن الناحية العملية تحتاج الهجمات الوقائية إلى عناصر تدعمها وتزيد من فاعليتها وكذلك تحتاج إلى الأسلحة المتطورة والذخائر الفائقة الدقة وقدراتها التدميرية العالية فهي تحتاج إلى توافر شبكة استخبارات عالمية دقيقة ورفيعة المستوى وإلى قواعد عسكرية منتشرة في كل مكان بالعالم فضلاً عن محطات انذار، كذلك تحتاج الهجمات الوقائية إلى تنسيق عالي مع الحلفاء ضمن إطار منظومة عالمية متكاملة تعمل على إيصال الرسائل للخصوم بأنه ليس من الممكن لهم التفكير في القيام بأي حركة أو عمل عسكري قد يشكل تهديد المصالح الطرف الذي له القدرة على القيام بالهجمات الوقائية أو مصالح من يتحالف معه.[36]
3.3.الحرب الفوضوية
إن نمط الحرب الفوضوية هي النقيض للحرب التقليدية وأكثر أنماط الحروب عنفاً وفوضوية منذ معاهدة ويستفاليا عام ( 1648). وهذه الحرب هي إحدى نتاجات الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق (عاصفة الصحراء (1991) والحرب في أفغانستان (2001) وحربها الثانية في العراق عام (2003)، إذ أدركت القوى الكبرى أن قرار الدخول في حرب بصورة مباشرة ستحملها تكاليف باهضة من الناحية البشرية والمادية ومشاكل متعددة ومتنوعة اقتصادية واجتماعية ونفسية خصوصاً في مواجهة الثقافة القومية للشعوب التي ثارت ضد الغزو فبدأت القوى الكبرى بالتوجه نحو استراتيجيات جديدة لهزيمة أعدائها دون الحاجة إلى التدخل بصورة مباشرة وفردية فإنّ الانتصار بالرغم من أنه لا يمثل انتصاراً بالمعنى التقليدي إلا أنه على الأقل يمثل غلبة وتقدماً لكفة الطرف الذي يعمل ضمن هذه الاستراتيجية
تعرف الحرب الفوضوية (المختلطة) بأنها ( صراع مسلح تغيب فيه هوية الأطراف المشتبكة في الميدان وكذلك الروادع القانونية والأخلاقية المتعارف عليها في قواعد الاشتباك التقليدية إلى جانب أنقطاع صلة هذا النوع بالهدف السياسي للحرب) . [37]
اختلف العديد من الباحثين في تسمية طبيعة هذا النمط من الحرب فمنهم من أسماها حروب الجيل الرابع واستعمل مصطلح (الجيل) من أجل توصيف التطور الحاصل في الأدوات المستعملة في الحرب وطريقة إدارتها. وأطلق البعض عليها تسميات مختلفة منها الحرب اللامتماثلة والحرب الهجينة والحرب المركبة وغيرها العديد من التسميات، إلا أن كل هذه الأوصاف لا تغير من جوهرية هذا النمط من الحرب وهي (الفوضوية). [38]
الفكرة الأساسية التي تقوم عليها الحرب الفوضوية هي إسقاط الدولة)، أي الدولة القادرة على الحرب و الاستقرار، من خلال اتباع استراتيجية تعمل على خلق التناقضات بين المجتمع والسلطة في دولة الخصم عن طريق توظيف مختلف الوسائل والأدوات [39] ، إذ تعتمد استراتيجية الحرب الفوضوية ( المختلطة) على احتلال العقول قبل الأرض ومن ثم يتكفل المحتل بالباقي، فهو يعتمد على استخدم العنف غير المسلح أولاً مستغلاً جماعات معينة أو التنظيمات الصغيرة من أجل صنع حرب داخلية تتنوع ما بين اقتصادية وسياسية واجتماعية للدولة المستهدفة وذلك لأستنزافها عن طريق الصراعات داخلية فضلاً عن ذلك مواجهة التهديدات الخارجية العنيفة، أي يجد الفرد نفسه في ميدان معركة لا تعرف فيها خصمك الحقيقي . [40]
يحدد ” ماركس مارينورك مجموعة من الأهداف التي تسعى الحرب الفوضوية إلى تحقيقها : [41]
- زعزعة استقرار الدولة المستهدفة وشغل جهاز الأمن بها وحرمان أفراد المجتمع من الاستقرار ونشر الفوضى من أجل ضرب طبقات المجتمع بعضها مع بعض.
- إزالة الدولة وافقادها قدراتها وإمكانياتها وقطع الاتصال بينها وبين شعبها وجعل مقدراتها غير مستغلة ومواردها معطلة وتحويل مصادر قوتها إلى نقاط ضعفها وتحويلها إلى دولة هشة فاشلة عاجزة عن السيطرة والحكم. 3. تمزيق الدولة المستهدفة وتفتيتها وتحويلها إلى دويلات ومجاميع متفرقة ونشر الفتن والشائعات بين أفراد المجتمع وتقسيمهم إلى طوائف متصارعة وإشعال الحروب الثارية بينهم.
- سرقة الدولة والفوز بغنائم المعارك والفساد التي يحدث داخلها تحريك الإعلام المكثف لنشر الهلع والخوف وإحداث الخلل في عمق الدولة المستهدفة.
- تعد الحرب الفوضوية المختلطة) من أقسى أنماط الحروب بسبب ما يترتب عليها من نتائج خطيرة، فعلى مستوى الدولة تفقد مكانتها كمؤسسة إذ تنتزع الأطراف المشاركة ( نظامية أو غير النظامية فيها القرار السيادي للدولة من على أرضها بصورة تدريجية، إما على مستوى المجتمع إذ تغيب كل عناصر التلاحم الوطني بينه، نتيجة انقسام أفراده وتشتتهم إلى فرقاء متقاتلين فيما بينهم. ولهذه الحرب نتائجها السلبية كذلك على الوحدة الوطنية إذ تضيع عناصر هذه الوحدة والخصائص الوطنية التي تجمع المواطنين وعلى الوطن كله، حيث تصبح الدولة المستهدفة عبارة عن مربعات منفصلة تابعة للفصائل المتحاربة . [42]
4.3.الحروب البيئية
تعد الحرب البيئية من المواضيع الحديثة على الساحة الدولية فمن المتعارف عليه أن العلاقة بين الحرب والبيئة ترتبط بمدى تأثير الحرب والمخاطر التي تنتج عنها على البيئة واستهدافها، إلا أن الإضافة الجديدة التي وفرتها التطورات التكنولوجية هو توظيف العوامل البيئية ) بعناصرها المختلفة ) كسلاح أساس يستخدم في الحرب. وإن الميزة الأساسية لهذا الموضوع أنه موضوع جديد لا يزال حتى هذه اللحظة في طور البحث والدراسة والاختلاف العلمي حول إمكانية توظيفه وتحديد استخداماته وتطبيقاته ولا يوجد دليل قاطع يمكن الركون إليه للقول بأن هناك استخدامات عسكرية لتطبيقات علمية تستهدف التأثير والتلاعب في المناخ والطقس أو الإخلال بالتوازن الطبيعي لعناصر البيئة، أي إنها حرب لا دليل عليها وعلى الرغم ذلك فهي حرب غير مستبعدة خاصة مع المزايا التي يوفرها التقدم التكنولوجي والتغيرات البيئية السريعة
إن السيطرة والتحكم في القوى الطبيعية للأغراض العسكرية هي إحدى غايات الإنسان منذ القدم وإن موضوع استغلال البيئة كان ولا يزال موضوع للنقاش بين مختلف الأطراف إذ يعتقد البعض أن استغلال الطبيعة هو سلاح كباقي الأسلحة في حين يرى البعض الآخر أن البيئة هي ملك للجميع وتؤثر عليهم وإن أي تغيير يحدث فيها سينعكس على شعوب الأرض.
إن التغيرات المناخية الكبيرة التي يشهدها العالم اليوم وزيادة خطوراتها مع ارتفاع درجات حرارة الأرض والزيادة المستمرة للكوراث البيئية العالمية المفاجئة والعديد من الأحداث الخارجة عن السياق الطبيعي تؤدي إلى إثارة موضوع الحرب البيئية أو كما تسمى الحرب الايكولوجية) أو (حرب المناخ) وتحويلها إلى حقيقة موجودة فعلاً والقاه مسؤولية هذه التغيرات على عبث الإنسان بالبيئة ورهانات على كونها النمط الجديد من الحرب التي تعتمد على الأسلحة الكهرومغناطيسية المتطورة، فإن التقدم والتطور التكنولوجي الهائل الذي شهده العالم ساعد على الوصول إلى أحدث التقنيات والتكنولوجيات المتنوعة والخطيرة. وعلى أساس ما تقدم هناك من يعتقد بأنه من الضروري إدخال فكرة الحرب البيئية في إطار التداول العلمي فعندما يكون كل هذه التغيير مترابطاً مع العالم فيجب على العالم التميز بين هذه الأزمات وتحديداً بين ما يحدث طبيعياً وبين ما يفتعل. [43]
إن الحرب البيئية أو ما تسمى حرب المناخ هي ظاهرة علمية معقدة للغاية لأنها حرب هادئة غير مرئية وسريعة وتشمل جميع الإضرار التي تسبب الكوارث الطبيعية والبشرية عن طريق توظيف مختلف التكنولوجيات الحديثة وإعادة هندسة عناصر الطبيعة فتؤدي إلى حدوث تحولات مفاجئة في جميع أشكال الطبيعة وانتهاك التوازن الهش بين الإنسان والطبيعة. وإن ميزة الحرب البيئية هي حرب غير مؤكدة وسرية فهي تعفي أصحابها من المسؤولية بأنواعها كافة سواء كانت ( قانونية أو سياسية أو تاريخية أو أخلاقية) لأنها لا تترك دليلا ورائها ولأن الوصول إلى مثل هذه المعلومات تعد عملية مقيدة بشكل صارم ولا يمكن الوصول إليها إلا بشكل محدود وتستغرق سنوات عديدة وعقود طويلة لأن المعرفة المتعلقة بمثل هذه التكنولوجية سرية وهذا أمر طبيعي تماماً بسبب الطبيعة الخطيرة لهذه الأسلحة. [44]
عرفت وثيقة السلاح الجو الأمريكي ” التقرير النهائي 2025 الحرب البيئية بأنها (سلسلة واسعة من التكنولوجيات المتطورة التي تصل إلى إطلاق الفيضانات والأعاصير والزلازل وموجات الجفاف وذلك من أجل هزيمة العدو، أي إن كل هذه الظواهر تحدث بصورة متعمدة اصطناعية) وليست ظواهر طبيعية. وتأتي الحرب البيئية استجابة لمصالح القوى الكبرى من أجل السيطرة على الموارد العالمية ومن ثم فإن استخدام هذه التكنولوجيات يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنظومات البيئية والزراعية وكذلك التغيير في المجالات الكهرومغناطيسية . [45]
تعرف ” الجمعية الأمريكية لعلوم الأرصاد الجوية كل من تغيير الطقس) و (التحكم في الطقس) فتعني بالأول (التغيير غير المقصود للظروف الجوية بفعل الأنشطة البشرية)، أما الثاني يقصد به (التغيير المتعمد للظروف الجوية مع شرط إضافي يتمثل في تحديد الهدف من التغيير والتنبؤ المسبق بعواقبه) وقد تستعمل هذه التقنيات لأغراض عدائية هدفها الإضرار بالعدو حيث تتحول إلى سلاح حرب. [46]
إن للحرب البيئية الايكولوجية أنواعاً عديدة ومختلفة من الأسلحة تعمل بتقنيات دقيقة وحديثة وتتضمن فكرة التلاعب بالمناخ بإطلاق حزمة كهرومغناطيسية تأخذ هذه الحزمة شكل شعاع من الجسيمات الدقيقة تكون مشحونة بشحنات عالية عن طريق زيادة سرعة جسميات ( البروتونات والأيونات في ذرات المادة من أجل إنتاج سلاح كهرومغناطيسي ويكون لهذا السلاح القدرة على خلق الصواعق الطبيعية وحرق وقود الأجسام المتحركة كالصواريخ) وتخريب أجهزة التوجيه الإلكترونية وتستخدم هذه الأسلحة لرفع أو خفض درجات حرارة الجو الذي يؤدي إلى خصوبة المناطق الصحراوية وتصحر المناطق الزراعية. وقد كتب جون بيير عالم الفيزياء الفلكية أن هذه الأسلحة ستضعف أي دولة تستخدم ضدها إذ يمكن تصدير كوارث طبيعية بوسائل تبدو متواضعة تستطيع إحداث زلازل أو كوارث متنوعة أخرى تمهد لأحداث متغيرات متعددة في هذه الدولة [47]، تسمى هذه الأسلحة ” الأسلحة الجيوفيزيائية ” وهي أسلحة عالية التقنية تعمل على تغيير وتلاعب بهندسة المناخ لإنتاج أسلحة دمار شامل فائقة الدقة لها القدرة على أحداث الكوارث الاصطناعية أرضية أو جوية في أرض الخصم دون الحاجة إلى الاشتباك المباشر وتسمى التقنيات المستخدمة فيها بالأسلحة)) . [48]
يعد مشروع هارب HAARP (الأبحاث في مجال الترددات العليا للشفق القطبي الشمالي الأمريكي)، أحد أهم المشاريع للتحكم في المناخ ويدير هذا المشروع ويموله سلاح الجو الأمريكي بالتعاون مع البحرية الأمريكية ومع جامعة الأسكا وهو عبارة عن منظومة تتكون من (120) هوائياً عملاقاً تعمل هذه الهوائيات على بث حزم راديوية مكثفة عالية التردد إلى طبقة الغلاف الجوي طبقة الأيونوسفير من أجل خلق تشوهات محلية النطاق مسيطر عليها في طبقة الأيونوسفير ثم تعمل هذه الهوائيات كقرص عاكس لهذه الحزم وإعادتها بترددات مختلفة للمناطق المستهدفة على سطح الأرض. [49]
يوفر هذا الاختراع القدرة على وضع كميات غير مسبوقة من الطاقة في الغلاف الجوي للأرض في مواقع استراتيجية والحفاظ على مستوى حقن الطاقة ويمكن لمشروع هارب تعديل الطقس عن طريق تغيير أنماط الرياح في الغلاف الجوي العلوي عن طريق بناء عمود واحد أو أكثر من جسيمات الغلاف الجوي التي تعمل كعدسة أو جهاز تركيز.[50]
ابتدأ التطبيق التجريبي لمشروع هارب بعد حرب الخليج الثانية عام (1991) وإن النجاحات الأولية لبعض عناصر المشروع شجعت على تخصيص مئات المليارات المتابعة العمل على الجانب التطبيقي للمشروع. وتمتلك روسيا أيضاً مشروعاً مقارب للمشروع هارب يسمى مشروع ” نقار الخشب” إذ يحتوي هذا المشروع على هوائيات شاقولية عملاقة بدلاً عن الهوائيات الأفقية التي يحتويها مشروع هارب الأمريكي.
من أهم وأخطر الأسلحة المستخدمة في الحرب البيئية هو استخدام الغازات كما هو الحال مع غاز الكيمتريل)، وهو نوع من أنواع الغازات السامة وإحدى أهم الاستراتيجيات المتبعة في القرن الواحد والعشرين تشير كلمة (chemtrail) إلى المسارات التي خلفتها الطائرات التي يزعم إنها ترش الغلاف الجوي بمواد كيميائية تلحق الضرر بالبيئة وجميع أشكال الحياة مخلفة تغيراً مناخياً وظواهر طقس قاسية بسبب القدرة التي يتمتع بها هذا العنصر في التحكم بالمناخ. ويقال بأن الرش الجوي بهذا الغاز غاز الكيمتريل) يعمل على إحداث الزلازل والبراكين وإدخال الأمراض التي تدمر النباتات والحيوانات والبشر ولهذا الغاز مجموعة من الأعراض الملموسة على الإنسان التي تشمل الضعف والتعب والصداع ومشاكل الجهاز التنفسي، يوصف غاز الكيمتريل بأنه أكبر جريمة ضد الإنسانية في تاريخ البشرية وقد تم لفت الانتباه و لأول مرة إلى استخدام هذا النوع من الغازات المميتة في اليونان من خلال تقرير جاء بعنوان تجارب خطيرة في اليونان سكاي” ظهر في إحدى الصحف الوطنية الكبرى (Ethnos) عام (2003) ، وقد تم إبلاغ القراء بأن هذه التجارب قد أجريت بواسطة طائرات أمريكية من أجل البحث عن حلول للاحتباس الحراري إلا أنها تنطوي على مخاطر لم يتم الكشف عنها . [51]
كما إن الكثير من الدول نجحت في عملية ( الاستمطار / المطر الاصطناعي) عن طريق استخدام التقنيات الرادارية الحديثة وبعض المواد الكيميائية مثل ( إيوديد الفضة وذرات الفحم حيث ترش هذه المواد الكيميائية على الغيوم لتشكل نوى تكاثف من أجل إنزال المطر لكن في حالة غاز الكيمتريل تستخدم المواد الكيميائية مثل إيوديد الفضة وبيركلورات البوتاسيوم وأملاح الباريوم وجزئيات هيدروكسيد الألمنيوم والفضة ويتم إطلاقها من خلال الطائرات مكونة بذلك سحب اصطناعية بيضاء أو رمادية اللون وإن هذه المركبات تشكل نوى تكاثف ثقيلة تؤدي إلى سقوط أمطار غزيرة وبهذا الشكل يمكن استخدام مختلف المركبات الكيميائية حسب الظاهرة المراد إحداثها سواء أكان سقوط الأمطار أو منع سقوطها . [52]
الخاتمة
مهما بدت الحرب كأكثر الممارسات التقليدية تشبثاً بوحشيتها وبدائيتها التي تعتبر جزءاً من وظيفتها ، فإن التحولات التي طرأت على مجالها لا تقل أهمية عن كل التحولات التي تشهدها ميادين النشاط البشري من الفكر حتى السياسات. وهو التحول الذي يفرضه واقع التطور التقني نفسه وكذلك السياسات التي تصنع الحرب أو تلك التي تبعثها الحرب نفسها.
إن السياسة هي الغاية الأسمى للحرب وإلا غدت حرباً بلا هدف؛ وهو وحده الشرط الذي يجعلنا منطقيين حينما نسميها حرباً عقلانية. فالحرب مهما بلغت شراستها لا بد لها من هدف سياسي.
هناك تحولات تصيب مفهوم الحرب ومعناها. وهو التحول الذي بدا لكثير من المراقبين أشبه باللامعنى أو وهم الحرب؛ نظراً لكونها أي الحرب لم تعد هي الحرب في تصورنا التقليدي بل علامات للحرب. ويدل على هذا التضليل كونها أي الحرب تنتهي بحالة من الفتور لا يوجد معه أي إحساس بالابتهاج وإن انتهت بالانتصار. وكونها لا تنتهي بنتيجة هذا لا يعني أنها لا تنتهي بآثار تخلفها وراءها. ولتوضيح ما آل إليه وضع الحرب ومفهومها اليوم، في كتاب «جدوى القوة»، يوضح الجنرال البريطاني روبرت سميث الذي كان شاهداً على الغزو الأمريكي للمنطقة كما كان شاهداً على معارك الاستنزاف ضد قوات التحالف في العراق وأفغانستان. باختصار يرى إن هناك تحولاً كبيراً في مفهوم الحرب، يعبر عنه بالقول: «فالحرب كما يفهمها جمهور غير المحاربين هي معركة في الميدان بين الرجال والآليات، وحدث ضخم حاسم لصراع ما في الشؤون الدولية؛ هذه الحرب لم تعد موجودة».
وحيث لم يعد في إمكان الدول حسم المعارك فالتدخل سواء في البلقان وأفغانستان والعراق لم يكن بغرض الحسم ولكن بغرض «إقامة حالة» تستتبعها أعمال الإغاثة الإنسانية وفتح المجال للتفاوض السياسي. ويعتبر مفهوم «إقامة الحالة بديلاً في الحرب المعاصرة عن مفهوم الحسم الاستراتيجي في الحرب الكلاسيكية. وحيث لم يعد ممكناً تحقيق الحسم الاستراتيجي، أي ما دامنا لم نعد قادرين على تحقيق أهداف استراتيجية صلبة وإنما مجرد أهداف مرنة ومعقدة كان أولى أن نتحدث عن مفهوم جديد للأهداف أهداف دون استراتيجية. ومن التحولات التي أصابها التغيير هي قيمة الحرب فعبارة ماضون الى الحرب لم تعد موجودة كالسابق فمنذ زمن بعيد كانت تحمل معنيين: الرحلة الشاقة للجنود الذين يغادرون منازلهم والثانية المخاطر الكبيرة التي يواجهونها في الأماكن التي يصلون اليها كانت معروفة. لكن للمرة الأولى في التاريخ تتغير تجربة المضي الى الحرب بشكل اعمق كثيرا، وتصلح تجربة فابريسيوس بتكون مثالا عن تجارب عديدة أخرى, فقد تخرج من اكاديمية سلاح الجو عام 1984 وخدم بصفة طيار وفى عام 2002 تمت ترقيته الى قائد سرب لطائرات بريديتور غير المأهولة فإن التحولات التي طرأت على مجالها لا تقل أهمية عن كل التحولات التي تشهدها ميادين النشاط البشري من الفكر حتى السياسات. وهو التحول الذي يفرضه واقع التطور التقني نفسه وكذلك السياسات التي تصنع الحرب أو تلك التي تبعثها الحرب نفسها. إن السياسة هي الغاية الأسمى للحرب وإلا غدت حرباً بلا هدف؛ وهو وحده الشرط الذي يجعلنا منطقيين حينما نسميها حرباً عقلانية. فالحرب مهما بلغت شراستها لا بد لها من هدف سياسي. هناك تحولات تصيب مفهوم الحرب ومعناها. وهو التحول الذي بدا لكثير من المراقبين أشبه باللامعنى أو وهم الحرب
قائمة الهوامش
[1] صبحي فاروق صبحي، “الحرب والسياسية الدولية (دراسة تحليلية في النشأة والتطور)”، مجلة الدراسات التاريخية والحضارية، مركز صلاح الدين الأيوبي، جامعة تكريت، المجلد 7(21)، (2015)، ص 178
[2] كارل فون كلاوزفيتز، الوجيز في الحرب، ت: أكرم ديري – الهيثم الايوبي، ط2، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1988)، ص58-74
[3] نقلاً عن: أحمد محمد أبو زيد: نظرية العلاقات الدولية والحرب مراجعة الأدبيات (1-2)، مجلة الناقد للدراسات السياسية، دبي، (01)، (2017)، ص 12-13
[4] نقلاً عن حسين قادري، النزاعات الدولية (دراسة والتحليل)، (الأردن: دار الكتاب الثقافي للطبع والنشر، 2008)، ص15
[5] سن أن تزو، فن الحرب، تر: أحمد ناصيف، (القاهرة: دار الكتاب العربي للنشر، القاهرة، 2010)، ص 71
[6] نقلاً عن السيد مصطفى أحمد أبو الخير، مستقبل الحروب دراسات ووثائق، (القاهرة: مصر العربية للنشر والتوزيع، 2009)، ص13
[7] حسين باسم عبد الأمير، تطور الحرب الحديثة وحرب ما بعد الحداثة، مركز الدراسات الاستراتيجية، مجلة العلوم السياسية جامعة كربلاء، )61(، )2021(، ص 378
[8] Freja Louise Werner, “New Wars and State Building A case study on the changed dynamics in New Wars and how it can affect state building in Syria”. Lund University/Department of Political Science. Jul 11, 2017. P 8
[9] حسين باسم عبد الأمير، مصدر سبق ذكره، ص 379
[10] حسين باسم عبد الأميرk مصدر سبق ذكره، ص 380
[11] Charles Townshend, The Oxford History of Modern War, (New York, USA: Oxford University Press, 2000), p.3.
[12] James Paul& Friedman Jonathan, “Globalization and Violence”, 3, Globalizing War and Intervention, (London: Sage Publications, 2006).
[13] Freja Louise Werner, Op cit.P5
[14] Kaldor Mary, “Old Wars, Cold Wars, New Wars, and the War on Terror.” International Politics, (2005), p.22.
[15] Freja Louise Werner. Opcit p.8.
[16] Charles Townshend, The Oxford History of Modern War, (New York, USA: Oxford University Press, 2000), p.3.
[17] Freja Louise Werner. Opcit p.7.
[18] حسين باسم عبد الأمير، مصدر سبق ذكره ، ص 385-386
[19] حسين باسم عبد الأمير، مصدر سبق ذكره ، ص 388
[20] حسين باسم عبد الأمير مصدر سبق ذكره ، ص 389
[21] فكري ال هير، انثروبولجيا الحروب الحديثة NAHI Digital Publisher، بحث منشور 2020، ص6 – 9، https://shorturl.at/amHV4 تاريخ الزيارة 2024/8/24
[22] Oscar Jonsson and others, MODERN WARFARE NEW TECHNOLOGIES AND ENDURING CONCEPTS, (Stockholm, Stockholm Free World Forum, 2020(, pp 9-15.
[23] حسين باسم عبد الأمير، “تطور الحرب الحديثة وحرب ما بعد الحداثة”، مجلة العلوم السياسية، كلية العلوم السياسية جامعة بغداد، (61)، بغداد، (2021)، ص 23
[24] اوفير فريدمان، الحرب الروسية الهجينة، تر: ضرار الخضر، (برلين: مركز النورس الدراسات، 2020)، ص 30
[25] أوستن لونج، الحروب المستقبلية في القرن الحادي والعشرين الحروب اللامتماثلة في القرن الحادي والعشرين الإرهاب الدولي، والتمرد، وحرب الطائرات من دون طيار، (أبو ظبي، مركز الأمارات للدراسات والبحوث الاست
راتيجية 2014)، ص24
[26] سامح ساهي جاسم، “الأنماط الجديدة للحرب بعد تفكك الاتحاد السوفيتي”، أطروحة دكتوراه غير منشورة، (العراق: قسم العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية، 2020)، ص 103
[27] نقلاً عن : مازن بلال، الحرب غير المتوازية (الإرهاب)، (دمشق: مطبعة اليازجي ، 2002)، ص 6.
[28] سامح ساهي جاسم، مصدر سبق ذكره، ص 103
[29] روبرت سميت، جدوى القوة: فن الحرب في العالم المعاصر، تر: مازن جندلي، (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2008)، ص 21
[30] روبرت سميث، مصدر سبق ذكره، ص ص 22- 362
[31]محمود محمد علي، حروب الجيل الرابع وجدل الأنا والآخر، (الإسكندرية: دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر،2019)، ص9
[32] William S.lind & Others, the changing face of war: into the fourth generation Marine corps http://wwww.globalguerrillo s. Typeped.com (9 May 2021(
[33] مريم عماد شاكر، “الأنماط المستجدة للحرب وأثرها على الامن الدولي”، رسالة ماجستير غير منشورة، (العراق: الجامعة العراقية، كلية القانون والعلوم السياسية، 2022)، ص 71
[34] Jack S.Levy, “Preventive War and Democratic Politics, International Studies Association”, Blackwell Publishing, Chicago, )1 March 2008(, pp 1-2
[35] بن عمار إمام، “الحروب الوقائية في الفكر الاستراتيجي الأمريكي”، رسالة ماجستير (غير منشورة) ، (الجزائر: قسم العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر، 2008)، ص 19.
[36] سرمد عبد الستار أمين، الاستراتيجية بين النظرية والتطبيق”، ط3، (العراق: المكتبة القانونية العراقية 2018)، ص 160
[37] سرمد عبد الستار أمين، مصدر سبق ذكره، ص 271
[38] جهاد محمد حسن، حروب الجيل الرابع وتوظيف المليشيات والمرتزقة، (فلسطين: مركز بيت المقدس للدراسات 2020)، ص 11
[39] جهاد محمد حسن ” ص 14
[40] سيد عبد النبي محمد، صراع الأمم وحروب الجيل الخامس، (مصر: وكالة الصحافة العربية، 2019)، ص 5
[41] مريم عماد شاكر، مصدر سبق ذكره، ص 97
[42] سرمد عبد الستار أمين، مصدر سبق ذكره، ص 274
[43]Oleg N.Yanitsky, “The Ecological Wars: The Notion, Concept and Dynamics”, Advances in Social Sciences Research Journal, UK, 7)6(, )25 June 2020(, pp 477-478.
[44]N. Yanitsky, op, cit, p.478 Oleg
[45] محمد أحمد الفيلابي، الحرب البيئية في الحاضر والمستقبل، موقع العربي الجديد، تاريخ الزيارة 2024/8/24، على الرابط https://www.alaraby.co.uk/
[46] خديجة البركاني، مصدر سبق ذكره، ص ص 308-310
[47] بسام العجي، “التلاعب بمناخ الأرض والتحكم بكوارثها … عندما يتحول الطقس إلى سلاح”، مجلة الأدب العلمي، جامعة دمشق، سوريا، ( 26)، (2015)، ص ص 127 – 130
[48] إميل أمين البشرية في مواجهة الحروب السرية، جريدة الإضاءة الإلكترونية، الشبكة العالمية للأنترنيت 2021/3/6 على الرابط http://www.eda2a.net/news
[49] بسام العجي، مصدر سبق ذكره، ص 131
[50] Artur Victoria” HAARP: TESLA TECHNOLOGY PLUS” Research Gate https://www.researchgate.net/publication/335680219_HAARP_TESLA_TECHNOLOGY_PLUS (25 June 2021(
[51]Alexandra Bakalaki, Chemtrails “Crisis, and Loss in an Interconnected World, Society for Visual Anthropology Newsletter”, American Anthropological Association, USA, 32(01), (May 2016(, pp 12-14.
[52] محمد سلمان إبراهيم، “غاز الكيمتريل مجلة الادب العلمي”، جامعة دمشق، سوريا، (17)، (2015)، ص ص 177-178