الأزمة الحدودية بين باكستان وافغانستان معلومات عامة عن خلفيات النزاع

بقلم : الدكتور هاني الحديثي – المركز الديمقراطي العربي
اقليم خیبر بختونخوا (بالبشتوية: خيبر پښتونخوا، بالهندكو والأردية: خیبر پختونخوا)، اختصار (KP أو KPK) يُسمى محليًا بختونخوا و تعني (منطقة البشتون)، وكان يُعرف في السابق باسم الإقليم الشمالي الغربي الحدودي وله العديد من الأسماء الأخرى. هو أحد أقاليم باكستان الأربعة ويبلغ تعداد سكانه 40,500،000 مليون نسمة تقريبا من اصل مايقارب 250,000,000 مليون نسمة عدد سكان الباكستان ، و هو يقع في شمال غربي البلاد. هو رابع أكبر إقليم في باكستان حسب المساحة وثالث أكبر إقليم حسب عدد السكان ، وتحده أفغانستان من الشمال الغربي وغلغت بلتستان من الشمال الشرقي “إقليم غلغت” هو إقليم “غلغت بلتستان” الذي يقع في أقصى شمال باكستان، وعاصمته هي مدينة غلغت وهو الإقليم المعروف بتضاريسه الجبلية الوعرة، حيث يضم قممًا عالية مثل جبل كي 2، ويحدّه الصين وأفغانستان وإقليم جامو وكشمير الهندي.
وآزاد كشمير (كشمير الحرة) تحت الإدارة الباكستانية من الشرق وبلوشستان الباكستانية من الجنوب والبنجاب وإقليم العاصمة إسلام آباد من الجنوب الشرقي. الإقليم ذو جغرافيا متنوعة من الجبال والوديان والسهول والمزارع الكبيرة.
يتداخل هذا الاقليم جغرافيا وعرقيا مع اقليم البشتو في افغانستان والحد الفاصل بينهما هو حد وهمي و هو خط ديورند يبلغ طوله 2,200 كيلومتر تم تخطيطه عام 1893م باتفاقية بين حكومة الهند البريطانية و الأمير الأفغاني عبدالرحمن خان لتحديد حدود المستعمرات البريطانية انذاك بشكل ينسجم و حركة الجيوش البريطانية الأمر الذي جعل الفصل الطبيعي بين الدولتين صعب جدا .
خلال الغزو السوفيتي لافغانستان عقدي السبعينات والثمانينات لعبت باكستان دورا محوريا بتمويل سعودي و تنسيق مع الولايات المتحدة لتشكيل حركة طالبان بقيادة الملا محمد عمر من مجموعات طلبة المدارس الدينية من اللاجئين الأفغان داخل باكستان والذين بلغ تعدادهم عقد الثمانينات مليوني مهاجر افغاني والتي لعبت دورا مهما في محاربة الغزو السوفيتي و إقامة نظام طالبان عام 1995 م حيث استمر حكمها لافغانستان لغاية 2001 وظلت دون اعتراف دولي بها عدا ثلاثة دول هي الباكستان والمملكة السعودية و دولة الإمارات العربية المتحدة .
ثم هزيمتها على يد الغزو الأمريكي في ديسمبر 2001 اثر تدمير برجي التجارة العالمي والذي اتهمت به حركة طالبان لغاية عام 2021حيث عودتها للحكم اثر الانسحاب الأمريكي وسيطرتها على كابل العاصمة وإعادة تشكيل الإمارة الإسلامية وفق عقيدة طالبان المتطرفة حيث لم تحضى إلا باعتراف رسمي من قبل روسيا الاتحادية فضلا عن اعتراف غير رسمي من قبل الصين والتي لم تعترف بعد بحكومة طالبان رسمياً إلا أنها تحافظ على علاقات اقتصادية ودبلوماسية وثيقة معها، إذ استقبل الرئيس الصيني يشي جينبينغ سفير طالبان في قاعة الشعب الكبرى في بكين في يناير/ كانون الثاني 2024، بمراسم بروتوكولية كاملة لتثبيت اعتماده كسفير لدى الحكومة الصينية.
إن حفاظ الصين على علاقات طيبة مع حكومة طالبان مهم من أجل مشروعها العالمي للبنية التحتية، مبادرة طريق الحرير ، حيث تدعم صادرات أفغانستان من المواد الخام الإنتاج الصناعي المزدهر في الصين الوسطى.. و كما هو الحال بالنسبة لأوروبا، تُرحّل كل من باكستان و ايران أعداد كبيرة من اللاجئين الأفغان لديها . وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عاد من ايران و باكستان أكثر من 2.1 مليون أفغاني إلى بلادهم في عام 2025، نصفهم أُعيدوا قسراً. وبدءاً من سبتمبر/ أيلول 2025 يواجه 1.3 مليون أفغاني خطر الترحيل من باكستان رغم امتلاكهم إقامات قانونية، وذلك لأن باكستان لن تجدد بطاقات التسجيل الصادرة عن الأمم المتحدة للاجئين الأفغان.
هذا العدد الكبير من المرحلين يشكّل تحدياً هائلاً لنظام طالبان واداة ضغط تمارسها كل من باكستان وايران عليها فأغلب العائدين لا مأوى لهم، ولا عمل، ولا دخل. انقسمت حركة طالبان إلى جبهتين احداهما باكستانية والأخرى أفغانية والأخيرة هي التي استعادت السيطرة على البلاد اثر الانسحاب الأمريكي من افغانستان .
ورغم الدور الذي لعبته باكستان في تقديم الدعم لحركة طالبان في أفغانستان إلا ان الأخيرة قدمت الدعم لحركة طالبان باكستان المصنفة كمنظمة ارهابية من قبل باكستان ووفرت لهم الملجأ الامن على الحدود المشتركة انطلاقا من قناعات تاريخيّة بأن اقليم البشتو الباكستاني هو جزء من الأراضي الأفغانية والمجتمع الأفغاني وينبغي عودته للأصل ، وهو الأمر الذي ترك تاثيره سلبا على العلاقات بين البلدين ، زاد منه الدعم الهندي لافغانستان بأوجه متعددة اقتصاديا وماليا مما زاد الوضع تعقيدا بسبب الصراع التقليدي بين الهند والباكستان .
كانت جمهورية الهند الدولة الوحيدة في جنوب آسيا التي اعترفت بجمهورية أفغانستان الديمقراطية المدعومة من الاتحاد السوفيتي في ثمانينيات القرن الماضي؛ وذلك على الرغم من انحدار العلاقات خلال الحرب الأهلية الأفغانية في التسعينيات من القرن العشرين وحكومة طالبان حيث ساعدت الهند على الإطاحة بطالبان، ثم حصل تحول في الموقف الهندي وأصبحت أكبر مزود إقليمي للمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار لجمهورية أفغانستان الإسلامية الحالية وتحت اعتبارات اقتصادية و سياسية حيث تسعى الهند عبر افغانستان لإقامة شبكة استراتيجية لنقل النفط والغاز من بلدان وسط اسيا للموانىء الهندية عبر أفغانستان، إلى جانب مساعي توظيفها لتلك العلاقات لصالح سياستها بالضد من دولة باكستان ، وقد بدأ ذلك واضحا في الأزمات المتلاحقة بينهما من جهة وباكستان من جهة اخرى . يعمل الهنود في مشاريع بناء مختلفة كجزء من جهود الهند لإعادة البناء في أفغانستان .
تدّعي باكستان أن جهاز المخابرات الهندية، جناح البحث والتحليل الهندي، يعمل سرًا على إيذاء باكستان وتدريب ودعم المتمردين، وهو ادّعاء رفضته الهند وكذلك الولايات المتحدة إذ تُعد الأخيرة تاريخيًا حليفًا قويًا لباكستان. في ضوء ماتقدم فان الباكستان تجد ان امنها القومي مهدد من افغانستان التي تتقاسم مع باكستان وايران أقاليم بلوجستان فضلا عن اقليم الحدود الشمالي الغربي المتنازع عليه بينهما والذي غالبا مايؤدي إلى أزمات ومعارك حدودية حيث إيواء حركة طالبان الباكستاني في الجانب الأفغاني من الاقليم .
ولاهمية الموقع الجيواستراتيجي لافغانستان فأن القوى الاقليمية والدولية تتنازع على ممارسة النفوذ عليه كما هو شأن النزاع بين الولايات المتحدة التي تحاول العودة الى قاعدة باجرام الجوية الاستراتيجية قصد السيطرة على موقع استراتيجي مهم وحيوي يؤثر على الصين ، وكذلك الحال بالنسبة لروسيا و الصين والهند .
تاسيسا على ماتقدم فان الصين من جهتها بحكم علاقات التحالف الاستراتيجي مع باكستان تسعى للعب دور الموازن في مواجهة التهديدات للأمن الاقليمي التي تشكلها كل من الولايات المتحدة وحلفاءها فضلا عن الهند التي تلعب دورا مختلفا بحكم علاقات الصراع التقليدية مع الباكستان . في الوقت الذي يشكل عامل الصراع مع افغانستان فرصة لايران لتلعب على أوراق الخلافات الاقليمية في جنوب ووسط اسيا لصالح امنها القومي خاصة انها تشعر بحساسية خاصة اتجاه نظام طالبان لاعتبارات مذهبية و عقائدية بذات الوقت الذي ترتبط بعلاقات متعددة الجوانب مع الهند وعلاقات يسودها القلق الأمني مع الباكستان .
ومن هذا المنطلق نرى ان كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات تتحرك لضبط التوازن القلق بين افغانستان والباكستان وعدم السماح له بالتصعيد إلى مستويات خطيرة تهدد الامن الاقليمي لبلدان جنوب اسيا ووسطها كونه ينعكس سلبا على الامن الاقليمي لبلدان الخليج العربي و جنوب غرب اسيا.