العلاج بالصدمة : من العيادي إلى الاجتماعي، في السياق التونسي ونماذج عالمية

” الصّدم والترهيب، عمليتان تستتبعان مخاوفا ومخاطرا ودمارا يتعذّر على الشعب تفقّهها.. ” نعومي كلاين- عقيدة الصدمة
اعداد : كوثر الردّادي ،ماجستير في علم الاجتماع , تونس
- المركز الديمفراطي العربي
تحتل الحرية والمساواة إلى جانب الأمن مكانة مهمّة تجعلها على الأولوية بدرجةٍ ضمن سُلّم القيم. لذلك تُعدّ حالات عدم الشعور بالأمن و الخوف والمخاطرة التي اتسمت بها مجتمعات ما بعد العولمة دليل على تراجع تلك القيمِ وصحوة من حلم “عصر الحقوق وعلوية القانون”. وعلى اعتبار أنّ الفرد، بمفهوم مدني، والإنسان، بمفهوم حقوقي، هو محور كل ما مرت به الشعوب من صراعات و تحوّلات أفضت لسن ترسانة قانونية دولية أصبح من الضروري بموجِبها صون كرامته وحياته، فكيف يمكن إذا تفسير كل هذا الخراب الذي نعيشه ويعيشه مَنْ حولنا؟
هل يمكن اعتبار ما نعيشه حالة من التواصلية في الصدمة؟ وبأي آلية تحليلية يمكن إخراج هذا المفهوم، “الصدمة” ، من حقله السيكولوجي للاستدلال عليه سوسيولوجيّا؟
في مفهوم الصدمة :
ظهرت “رأسمالية الكوارث” أو “رأسمالية الصدمة” ضمن سياقات عالمية عديدة، أبرزها الحروب باعتبارها من أكثر الأحداث تأزّما وتعزيزا للشعور بالخوف وحالة الهلع اللا متناهية. كذلك التغيّرات الاجتماعية والاقتصادية التي أنتجتها العولمة، يقول إيريك فروم في كتابه الخوف من الحرية أنّ: هناك عوامل في النظام الصناعي الحديث بصفة عامة وفي مرحلته الاستعمارية بصفة خاصة قد ساهمت في تطوّر شخصية تشعر بالعجز والوحدة والقلق والزعزعة. و يمكن كذلك اعتبار التحوّلات السياسيّة، كالتي تنتجها الثورات أو تفرضها الانقلابات، شكلا أو سياقا من سياقات تجلّي الكارثة والصدمة. هذا التغيّر يأخذ بالأساس بعدا نفسيا اجتماعيا قائما على المباغتة والسرعة في التنفيذ وربما الغرابة أيضا، وهي عناصر تتكاثف مجتمعَة لتكوّن مفهوم ” الصدمة “.
وهو مفهوم ارتبط أكثر بالكندية نعومي كلاين التي بيّنت كيفية تدرّجه من حقله العيادي كتجربة للعلاج أين جُرّب لأوّل مرة في مصحة نفسية أمريكية خلال الخمسينات إلى أنْ تدخلت السياسة. أدّى لنتائج كارثية لأنّه طُبّق بطريقة سلبية ومتوحّشة لغايات سياسية أجْبرت المرضى على التخلي عن حواسهم وذاكرتهم بالعنف لتتمّ دمغجتهم وزرع أفكار جديدة بعقولهم؛ خصوصا من قبل وكالات الاستخبار مثل ” CIA” الأمريكية التي كانت تعرّض المعتقلين للصّعقات الكهربائية لصدمهم وجعلهم أسهل في التعامل وأكثر جاهزية لتقبّل أفكارٍ غير أفكارهم. وقد هيّأ ذلك المجال ليأخذ هذا المفهوم بعدا اقتصاديا تخيّرته عقول روّاد الرأسمالية كطريقة مثلى لتوسيع دائرة أفكارهم ونشرها. منهم مؤسّس ما عرف بـ “صبية شيكاغو” أو مدرسة شيكاغو ميلتون فريدمان الذي تتلمذ على يديه مجموعة طلبة أصبحوا بدورهم بذورا للرأسمالية؛ منهم من عادوا إلى بلدانهم (أفريقيا،آسيا…) ليكوّنوا نوىً جديدة هناك، وآخرون برزوا في أمريكا مثل بوش الابن بعد أن تشبّعوا بأفكار الرأسمالية منها ضرورة تنحي الدولة وفتح السوق الحرّة. فمن تجربة عيادية نفسية ينتقل هذا المفهوم، الصدمة كما قدّمته كلاين، إلى صدمة اقتصادية أو رأسمالية كوارث تستغِلّ الظروف الاجتماعية والسياسية. إذا سنحاول في هذه المقالة الاستئناس بتجربة كلاين كمنطلقا لنستقي منها أمثلة مشابهة لما نعيشه اليوم على مستوى محلي وعالمي.
تجليات الصدمة: إثارة الخوف وانعدام الأمن
يتساءل أولريش بيك في مؤلَّفه “مجتمع المخاطر” : أليس مؤلف مجتمع المخاطر العالمي هو نفسه منتج وفاعل هذه البلاغة المستجدّة للخوف؟ ” ويقصد بذلك فكرة زوال/ دمار/ أو نهاية العالم التي تبرز مع كل كارثة أو أزمة تلوّح بمخاطر عالمية مثل: الأسلحة الذرية والكيميائية، الأمراض مثل الإيدز في فترة ما، الأنفلونزا بأنواعها، التسونامي.. وأمثلة عديدة. يرى بيك أن كلها صُور تطوّر قوة الحداثة أو ما يسميه بـ “مجتمع المخاطر العالمي” لتحافظ على عنصر الخوف وتغذيه في الحاضر، وهو ما حصل في أزمة فيروس “كوفيد-19” العالمي سنة 2019 إذ كانت جائحة كورونا مثالا للكارثة التي يسهل فيها تمرير أي شيء ما كان ليقبل به المواطنون في الحالة العادية أي ما دون الكارثة. منها تقييد حريّة الأفراد بحجة حمايتهم والمحافظة على حياتهم حسب ما تقتضيه سلطة الطوارئ/الاستثناء ، وهو ما أكّده أغامبين في تحليله للحَجْرِ الصحي أثناء جائحة كوفيد-19 حيث تبيّن أنّ هناك ” اتجاه متزايد لاستخدام حالة الاستثناء كبراديغم عادي للحكم” وأنّ “حالة الخوف التي نفَذَتْ في السنوات الأخيرة إلى الوعي الفردي، والتي تترجم حاجة فعلية لحالات رعب جماعي، يُقدَّم لها الوباء ذريعة مثالية، وعليه يتم قبول تقييد الحرية الذي تفرضه الحكومات بِاسمِ الرغبة في الأمان”[1]. يؤكّد ذلك مفهوم غامبين الذي وصف به إنسان الحداثة كونه “إنسان مستباح” أي أن كل ما يخص حياته الخاصة والعامة تحت تصرّف وتحكّم السلطة ورهنا للسيادة السياسية تحت غطاء القوانين، الضبط والنظام .
تعزّزت تلك النزعة، استباحة حياة الناس وزعزعة أمنهم، مع التنامي التكنولوجي سريع التقدّم الذي نلاحظ أنه يثير الإعجاب والخوف في الآن ذاته. فالإنترنت مثلا جعلت حياة الناس مكشوفة أكثر، خذ على ذلك مثال أنظمة المراقبة، ونفذت لكل زواياها لتعرّي كل ما كان مخفيا وموارى. فصار تسليط الضوء منصبّ على قضايا بعينها وطرحها بكثافة في النقاش العام كالجرائم المحلية مثلا والحوادث المنزلية وجعلها كونية ومنتشرة بشكل أوسع. فلم يعد الهدف تعزيز التعرّف والتفاعل العالميين بل زيادة الخوف والنفور لدى الأفراد. وهو جزء من صنع مناخ الخوف والفزع بالتالي تغذية عنصر الصدمة لخلق السيطرة والتظليل عن الجريمة الكبرى وهي الاستبداد، إلى جانب تردي الأوضاع العامة للمجتمع.
لا يقتصر الخوف والخطر على الأزمات أو الكوارث البيئية والصحية فحسب بل يشمل أيضا أنماط الحياة الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة؛ كانعدام الأمن الوظيفي الناجم عن تزايد أشكال التوظيف المتغيّرة والوقتية والهشّة. وعلى هذا يكون ” الفرد مستقبل المخاطرة الباقية لمجتمع المخاطر العالمي، فكل ما يدفع المخاطرة للأمام ويجعلها غير قابلة للتقدير هو ما يحيل المسؤولية القصوى للقرار على الأفراد الذين يبقون في النهاية بمفردهم مع معارفهم الجزئية ومع عدم القدرة على اتّخاذ القرار وحالات عدم الأمن المتعدّدة”[2]. على مستوى محليّ وبالتحديد في تونس، لاحظنا حالات عديدة ومختلفة من اللا أمان الوظيفي في ظل ما عُرف بشركات المناولة و عقود محدودة المدة وفي حالات أخرى دون عقود ولا ضمانات (اتفاق وعقد أخلاقي ضمني يُجبر عليه البعض لكسر حلقات البطالة التي قد تقصيهم خارج دائرة الإنتاج والنشاط الاقتصادي) . في ذات السياق الاجتماعيّ، مثّلت أزمة التعليم العمومي بتونس في سنوات ما بعد 2011 كالإضرابات ومشاكل المعلمين النوّاب فرصة لبعث عدة مؤسسات تعليمية خصوصية إضافية؛ فقد ارتفع عدد المدارس الابتدائية الخاصة من 102 مدرسة سنة 2010 إلى 600 مدرسة في 2020 ويتركز أغلبها في ولايات الساحل وتونس الكبرى (العاصمة) بنسبة 40.8% من حاصل المؤسسات و50% من التلاميذ[3]. عرِفت تلك المؤسسات كيف تستفيد من أزمة المدرسة العمومية وتحوّلها لصالحها مستغِلّة في ذلك المخاوف التي سادت في صفوف الأولياء ومختلف الادعاءات التي روّجت في تلك الفترة (إمكانية سنة بيضاء، الجمع بين ثلاثيتين وغيرها) .
اقتصاديا، برزت منذ عامين تقريبا حملات مقاطعة للمنتجات الداعمة للكيان المحتل في فلسطين والتي أطلقها ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بعد أحداث 7 أكتوبر2023. قامت بعض المؤسسات التجارية المحلية بتحويلها لصالحها معلنة قصدا عبر لوائحها الإشهارية أنها تونسية مائة بالمائة وليست لها أي شراكات مطبّعة، لكنها في الحقيقة تبيع منتجات عالمية ومحلية لماركات مطبّعة مع الكيان المحتل. فاللّعب على الصورة وبالصورة واستغلال الأزمات والكوارث لتكون مُربِحةً وجعلها فُرصٍ يمكن اقتناصها، من أبرز سمات السوق ومجتمعات العولمة وشكل آخر أيضا من تجليات الصدمة. إنّ ” الذين يتمتعون بمكاسب وميزات المخاطر ليسوا هؤلاء الذين عليهم أن يتكبدوا الخسائر والعيوب”[4] و “الأمر لا يتعلق بتوزيع المخاطر في استفسارات عدم المساواة الاجتماعية فحسب بل لمن تصبح المخاطر فرصا من الممكن اقتناصها”[5].
إنّ إفراغ الدولة من مهامها الاجتماعية، وإن نسبيا، خصوصا في حالات الكوارث والأزمات يجعلها متفرّغة أكثر لممارسة السلطة القمعية والتي قد تَظْهر بداية في البلاغة والخطابات السياسية إذ تتغيّر بدورها وتصبح أكثر قربا من الشعب ومصالحه، لدرجة “التفسّخ” الذي يسقطها في الشعباويّة. يأتي ذلك في تماثل لتسارع الأحداث والتقلّبات بأنواعها فيجعلها تخلق حالة صدمة مضاعفة تحول دون رد الفعل الجماهيري المنتظر عادة.
الصدمة و الخطاب السياسي الشعبوي :
يوصف السياسيين الجدد في السنوات الأخيرة جماهيريّا بأنهم يتكلّمون “لغة البسطاء” إلى جانب مظهرهم البسيط والشعبي الذي يمنحهم مشروعية ما أو مقبولية والتفافا شعبيّا يُكسِبهم مزيدا من الصلاحيات ويُنزِّههم عن دائرة الفساد. خصوصا في حال كانوا ذوات فردية مستقلّة لم تصعد للحكم بالشكل التقليدي المعهود أي بمساندة حزب سياسي، كما هو المثال في الحالة التونسية مع السلطة السياسية القائمة (سعيّد). أمّا في المثال الأمريكي، نجد الرئيس ترامب الذي انتقل من عالم المال والتجارة إلى السياسة موظّفا خبرته في التسويق للترويج سياسيا لبرنامجه الانتخابي بهدف كسب أكبر عدد ممكن من الأصوات. وهو مثال تتجلّى فيه كيفية انتقال الصدمة من أسلوب تفاوض تجاري إلى خطاب أو بلاغة سياسية. وقد كانت أولى حملات ترامب إثر أوّل ترشّح له سنة 2016 قائمة على الظهور بمظهر بسيط ومختلف في كل مرة مع اعتماد لغة جعلت منه شخصية قريبة من: المواطن الأمريكي الأبيض، والمهاجر، والعابر جنسيا.. وغيرهم. لكنه تخلّى عن ذاك التوجّه التعدّدي في ترشحه لرئاسية 2024 ليركّز على فكرة “استعادة الأمجاد الأمريكية النقية والخالصة”. أي التركيز على مسألة الهوية تزامنا مع التناقضات العرقية والسخط الشعبي على الأوضاع التي أصبح عليها الداخل الأمريكي خصوصا من قبل ممثلي الحزب الجمهوري بشقيه اليميني التقليدي، الذي يمثّله كبار رؤوس الأموال، واليمين الشعبوي ويظم المسيحيين الإنجيليين الذين يربطون مشروع ترامب بالدفاع عن القيم المسيحية التقليدية ويرون فيه أداة لحماية الدين من الليبرالية الثقافية[6].
يشترك كل من الرئيس سعيد وترامب في مسألة إطلاق الوعود والتعهدات بالملاحقة والمحاسبة، إلى جانب توظيف الشعارات أو الأقوال المأثورة واستحضار الرموز والشخصيات. علاوة على تغذية أسطورة العدو الخفي أو الظاهر أو صناعتها إن لم تكن موجودة. ترامب مثلا ركزّ على مسألة المهاجرين وخطرهم على المواطن الأمريكي الدافع للضرائب، أما في تونس فقد مثّلت الاعتقالات والإيقافات خاصة تلك الراجعة لأسباب تتعلق بإبداء الرأي مخاطبة واضحة للتعطش الشعبي، في جزء منه على الأقل، لمنطق القوّة التي تمارسها السلطة (التونسي لا يفهم إلا بالعصا، قول شعبي متداول) وكذلك “سردية القائد الأب” الذي يجمع جلّ الصلاحيات وبإمكانه إخراج البلاد من الغرق وتخليصها من براثن الفساد بملاحقة المتسبّبين فيه. وإن كانت مجرّد وعودٍ أو نوايا فهي تشفي غليلا جماهيريّا ما وتثير إعجابه وكذلك ذهوله، بالأخص أمام فيديوهات الزيارات الفجائية والبث المباشر للتنقلات الميدانية بغض النظر عن مخرجاتها أو نتائجها الفعلية من عدمها فهي بمثابة المورفين أو المخدر السياسي لفئات واسعة من الجمهور الذي يرحّب مشدوها بمغازلة السلطة لغرائزه وأبرزها الغضب. فيتحوّل الشعب بدوره إلى طرف فاعل في “عملية التطهير” تلك؛ بنصبه لمحاكمات شعبية اجتماعية- الكترونية لملفات وقضايا ربما مازالت لم تصل لمكاتب القضاء. إنّ تصوير الغضب الشعبي ذاته وكأنّه هو الديمقراطية الحقيقية غالبا ما يقود إلى تقبل أنماط سلطوية[7]. فإذا كان السياسي الذي يمثل السلطة يحظى برضا قاعدة جماهيرية تدعم قراراته، وإن كانت تلك القرارات تخالف مبادئ نظام الحكم الديمقراطي كالحرية، تصبح مسألة المعارضة مثلا في غير محلّها وقد تعتبرُ بمثابة التآمر والعرقلة. فما توصفُ به الشعبوية من مضارٍ على النُظمِ الديمقراطية يجد طريقه للصحة حسب رأي البعض ممن حاولوا تفكيك شفرات هذه النظرية التي تحوّلت مع الزمن إلى ديماغوجيا إيديولوجية، ومن هؤلاء عزمي بشارة، يقول في ذلك: ” التواصل المباشر بين القائد والقاعدة الشعبية دون أجسام وسيطة هو تواصل خطير، لأنه يقود في النهاية إلى منع التعدّديّة أو اعتبارها فائضا عن الحاجة”[8].
فخطاب الشعبوية أو كما يسميها إدوارد تشيلز ” الديمقراطية المفرطة Hyper Democracy” إذا خطاب صدمة وبلاغته بلاغة الصدمة لأنه يخاطب غريزة الخوف فيعتمد على الترهيب لتغذية عنصر الخوف، لذلك يمكن اعتبار الصدمة جزءا من عقلية النُّظم المتسلطة.
و لعلّ التشافي من الخوف الجماعي يكون بتحويله إلى تكاتف جماعي يخلق حصانة نفسية تصدّ أي محاولة للصدمة سياسية اقتصادية أو اجتماعية، أي كل ما يمسّ ويهدد حياة الأفراد وأمنهم..
[1] جورجيو أغامبين: حالة استثناء أثارتها حالة طوارئ بلا دافع، ت. جميلة حنيفي، فلسفة الجائحة، موقع كوّة، 6 ماي 2021، ص124-125.
[2] أولريش بيك، مجتمع المخاطر العالمي: بحثا عن الأمان المفقود، ت. علا عادل وآخرون، المركز القومي للترجمة، ط.الأولى، القاهرة 2013، ص349.
[3] المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، المنظومة الوطنية للتعليم والتكوين، سبتمبر2021.
[4] أولريش بيك، ذكر سابقا، ص344.
[6] الترامبية ..الجذور والقوى الداعمة وخطاب الحنين، محمود عبد الله، مركز سياسات للبحوث والدراسات الإستراتيجية، سبتمبر 2025.
[7] نفس المصدر، ص14.
[8] بشارة عزمي، ” الشعبوية والأزمة الدائمة للديمقراطية”، مجلة سياسات عربية، سبتمبر 2019، العدد40، ص16.



