العقوبات الاوروبية تباعد ما بين جيوش وسط أوروبا وروسيا
يعجل حظر فرضه الاتحاد الأوروبي على استيراد السلاح من روسيا في العام الماضي ردا على الأزمة الأوكرانية بالقضاء على ما تبقى من روابط عسكرية تربط وسط أوروبا بروسيا التي كانت في وقت من الأوقات صاحبة الأمر والنهي فيها.
كما أن العقوبات عملت على تنشيط سوق إقليمية محدودة في قطع الغيار الروسية المصنعة محليا لمساعدة القوات المسلحة في وسط أوروبا في عملية الانتقال المتسارع إلى السلاح الغربي.
وتقول وزارة الدفاع السلوفاكية إنها بحاجة لشراء أجهزة رادار جديدة للدفاع الجوي لأنها عاجزة عن صيانة الأجهزة الروسية الصنع بسبب نقص قطع الغيار.
وتقول بلغاريا إنها ستضطر لإخراج مقاتلات سوفيتية الصنع من الخدمة لأنها تعجز عن صيانتها وقال وزير دفاعها لرويترز إنه قد يضطر للتوجه لحلفاء بطلب المساعدة في حماية المجال الجوي البلغاري.
وعمدت الدول التي كانت في السابق أعضاء في حلف وارسو واعتمدت اعتمادا كبيرا على العتاد العسكري السوفيتي وأصبحت من أعضاء حلف شمال الأطلسي إلى الانتقال تدريجيا إلى شراء امدادات غير روسية وهو ما يعمل على التخفيف من أثر العقوبات.
ومع ذلك فالعقوبات تعني أن روسيا فقدت صفقات توريد قبل المواعيد المتوقعة ما يلحق ضررا باقتصادها الذي تمثل فيه صادرات السلاح مصدرا رئيسيا للدخل.
وقال كونراد موزيكا المحلل الدفاعي لدى آي.اتش.اس جينز “رغم أن عقوبات الاتحاد الأوروبي على السلاح الروسي وقطع غياره ليست عاملا حاسما في التكامل العسكري لوسط أوروبا وشرقها مع الغرب لأن هذا التكامل بدأ قبل سنوات عديدة فإن هذه العقوبات تعمل بالتأكيد على التعجيل بهذه العملية.”
ورغم أن شروط الحظر تسمح للدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي بشراء قطع الغيار والخدمات الروسية اللازمة لصيانة “القدرات الحالية” فهذا لا يسري إلا على العقود الموقعة قبل فرض العقوبات ولم ينته أجلها.
وقال مارتن كامباليك المتحدث باسم وزارة الدفاع في سلوفاكيا إن بلاده “تستخدم الان رادارات (للدفاع الجوي) من صنع شركو الماز-أنتي الروسية.”
وقال إنه باستخدام قطع غيار جديدة كان من الممكن إطالة عمر العتاد الروسي حتى عام 2020 “وبسبب العقوبات لا يمكن للوزارة شراء قطغ الغيار ولذلك سنضطر لطرح مناقصة لشراء رادارات جديدة.”
وتابع “عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا لم تغير بالضرورة أولوياتنا فقد خططنا لتقليل اعتمادنا على السلاح الروسي منذ فترة طويلة غير أنها رفعت أشياء معينة لأعلى في قائمة أولوياتنا.”
وفي ابريل نيسان الماضي قالت سلوفاكيا إنها وافقت على شراء تسع طائرات هليكوبتر أمريكية الصنع من طراز بلاك هوك مقابل 261 مليون دولار لتحل محل اسطولها الروسي القديم من طراز إم آي-17 الذي عجزت عن صيانته بسبب نقص قطع الغيار.
وقال نيكولاي نينشيف وزير الدفاع البلغاري إن الحظر الذي فرضه الاتحاد الاوروبي كان له أثره على توريد قطع الغيار للاسلحة الروسية الصنع وقدرة البلاد على صيانة مقاتلاتها من طراز ميج-29 التي كانت في وقت من الأوقات أحدث سلاح لدى القوات الجوية في حلف وارسو.
وقال نينشيف لرويترز “إذا توقفت (عمليات الاصلاح) فلا يمكن للمقاتلات ميج-29 أداء مهام التدريب والقتال.”
وأضاف “سيعوق ذلك بدرجة كبيرة… أمن المجال الجوي وسيدفع بلغاريا لدعوة الحلفاء للمشاركة بقواتهم” في حمايته. وأضاف أن بلغاريا قد تطلب في الوقت الحالي مساعدة بولندا في صيانة الطائرات.
وسئل المتحدث باسم وزارة الدفاع عن سبب عدم سعي بلغاريا لتجديد عقود الصيانة مع روسيا رغم أن شروط العقوبات تسمح لها بذلك فقال إن وزارة الخارجية أبلغتها أن الأمر قد ينطوي على مشاكل دبلوماسية. وتتجنب كثير من الشركات إبرام صفقات لا تغطيها العقوبات بسبب الخوف من أن تشملها مستقبلا إذا تم توسيع نطاق العقوبات. ولم تستبعد دول غربية تمديد العقوبات واتهمت روسيا بدعم متمردين أوكرانيين بالسلاح والقوات وعدم الالتزام بوقف إطلاق النار. وتنفي روسيا هذه الاتهامات.
ومازالت موسكو واثقة بشأن صادرات السلاح عموما والتي انتعشت بشدة منذ أن خسرت سوق حلف وارسو.
وتقول روسيا إنها صدرت أسلحة قيمتها 15 مليار دولار في العام الماضي ولديها طلبات قيمتها 40 مليار دولار خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة وإن أكبر المشترين من الهند والصين والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. ولا تتوفر أرقام خاصة بصادرات السلاح الروسي لدول حلف وارسو السابقة. لكن روسيا تحرص على مواصلة المبيعات لتلك الدول لأطول فترة ممكنة.
وعقد ديمتري روجوزين نائب رئيس وزراء روسيا المسؤول عن صناعة السلاح اجتماعات متكررة مع المسؤولين السلوفاكيين. غير أنه في الوقت الذي تفقد فيه روسيا فرصا للتجارة مع الدول التي كانت تابعة لها من قبل فإن بولندا ربما تكسب ما تفقده روسيا.
وحتى عام 1989 كانت صناعة الدفاع البولندية ترتبط ارتباطا وثيقا بالاتحاد السوفيتي وتصنع السلاح وقطع الغيار بتكنولوجيا سوفيتية في الأساس.
ورغم السعي لتكامل صناعة السلاح مع الغرب منذ انضمام وارسو لحلف شمال الاطلسي عام 1999 فمازالت قدرات كبيرة قائمة في مجال صيانة العديد من الأسلحة السوفيتية الصنع بما في ذلك المقاتلات وطائرات الهليكوبتر. لكن بولندا نفسها تلجأ أحيانا لشراء قطع غيار من مصادر غير مباشرة سواء في المنطقة أو خارجها حتى في الهند.