التوعية الديمقراطية

تكلفة الانتخابات البرلمانية المصرية

 

اعداد : الدكتور عادل عامر

ملياران و600 مليون جنيه، تكلفة الانتخابات البرلمانية القادمة من خلال ميزانية الدولة علي تجهيزات العملية الانتخابية ومكافأتها المشرفين عليها أن تكلفة المرشحين لهذه الانتخابات قد تصل إلى أكثر من 37 مليار جنيه، لان المرشحين لن يلتزموا بالحد الأقصى للدعاية الذي حددته اللجنة العليا للانتخابات بمليون جنيه. إن التكاليف الاقتصادية لحملة انتخابات مجلس الشعب، والتي ستبدأ خلال الشهر القادم، ستكون باهظة جدًا، لان عدد أعضاء مجلس الشعب هو568 عضوًا، ولو فرضنا أن الحملة الانتخابية تتراوح مابين مليون) و30 مليون، فإن المتوسط الأدنى سيكون 5 ملايين جنيه للمرشح الواحد وحوالي 15مليونًا للقائمة أنه بحسب هذه الافتراضات ستكون التكلفة الإجمالية حوالي 37.5 مليار جنيه، ولا شك أن هذا المبلغ سيعمل على تحريك السوق وزيادة الإنفاق. أن الناخب أصبح ” في حالة من التخبط وعدم الثقة في اختياراته الحرة بسبب الأحداث السياسية المتتالية” في إشارة إلى التوتر الأمني والسياسي الذي تشهده البلاد. بعد ثورة الـ30 من يونيو قطعت أغلب الأحزاب المصرية جسور اتصالها بقواعدها في المحافظات التي بنتها في الفترة التي تلت مباشرة ثورة الـ25 من يناير حتى انتخابات مجلس النواب المنحل في 2011. ومثّلت الفترة التي تلت خروج الإخوان من السلطة أعلى معدل لفقدان الاتصال بين الأحزاب التي تأسست قبل وبعد 25 يناير 2011، وقواعدها في المحافظات وعلى المستوى القاعدي في المراكز والقرى. وقد أدت عملية التنشيط الموسمي للاتصال الحزبي بالجماهير إلى فقدان ثقة بين الطرفين

وجدير بالذكر أن وزارة الداخلية أعلنت في انتخابات 2011/2012 فى انتخابات مجلس الشعب والشورى إلى أنه تم إنفاق حوالي1800 مليون جنيه، وطالب بفرض رسوم على كل مرشح لتغطية كافة التكاليف لوزارة الداخلية وكذلك تكاليف إزالة أثار الانتخابات وهى إزالة الملصقات وغيرها.

ان ارتفاع تكلفة الانتخابات إلى العديد من الأسباب متمثلة في تأمين الانتخابات من جانب الشرطة والجيش نظراً لنمو ونشاط الحركات الإرهابية خلال الفترة الحالية مما يستدعي زيادة التأمين وزيادة الحراسات إلى جانب عدم وجود مجلس الشورى وفقاً للدستور الجديد مما يجعل المنافسة على انتخابات مجلس النواب تشتد وكثرة عدد المرشحين مما يفتح الباب للمنافسة وزيادة حجم الدعاية والإنفاق على الدعاية لجذب الانتباه .لان السماح لدخول أعضاء الحزب الوطني السابق في الانتخابات سيشعل نار المنافسة بين المرشحين خاصة في الأقاليم والدخول في منافسات ومناظرات خاصة لم يتميز به أعضاء مجلس النواب بالخبرة والدراية بما يجري في الانتخابات أن هناك إلزام مرشحي مجلس النواب بعمل فحصوات طبية بمبلغ 4 آلاف جنيه لكل مرشح بالإضافة إلى تأمين انتخابات 3000 جنيه لكل مرشح أي تكلفة قدرها 7000 جنيه لكل مرشح لم تكن موجودة في الانتخابات السابقة وذلك في ظل ارتفاع أسعار الدعاية والإعلان .

أن الانتخابات النيابية القادمة تكتسب أهمية خاصة في الواقع المصري، فهي تأتي في ظل ظروف اقتصادية و اجتماعية و سياسية بالغة التعقيد كحصاد لسلبيات الفترة السابقة، فضلا عن سياسات إدارة المرحلة الانتقالية و التي جاء معظمها كردود أفعال تركت وراءها كماً هائلاً من المشكلات المعقدة، من ناحية أخري فان الأداء السابق للمجالس النيابية في عهد مبارك ثم مجلس الشعب المنحل لم يتناسب مع عراقة التجربة البرلمانية المصرية سواء على مستوى التشريعي أو الرقابي. إن البرلمان القادم مطالب باستخدام مختلف الآليات الرقابية خاصة في ظل ما استحدثه الدستور من مواد في إطار توسيع الصلاحيات الرقابية للمجلس استحدث الدستور المادة 150 التي تنص على انه: “لرئيس الجمهورية أن يلقي بيانا حول السياسة العامة للدولة إمام مجلس النواب عند افتتاح دور انعقاده العادي السنوي”. مما يفتح أفاق جديدة للرقابة البرلمانية. هذا وقد استمرت هذه التجاوزات خلال المرحلة الانتقالية التي لم تشهد أي نوع من أنواع الرقابة على الموازنة العامة للدولة أو الحساب الختامي، بل انفردت السلطة التنفيذية بجميع مراحل إعداد وإقرار الموازنة في ظل عدم وجود سلطة تشريعية منتخبة تقوم بمناقشة الموازنة نيابة عن المواطنين مما أدي إلي ارتفاع التكلفة الاقتصادية لغياب البرلمان. ولذا تراجع ترتيب مصر في مؤشر شفافية الموازنة العامة للدولة منذ عام 2012 ،وحصلت على درجات 13 من أصل 100 درجة، متراجعة عن مستواها في عام 2010 بنحو 36 درجة، حين كان تقييمها 49 . مما وضع مصر في مصاف أسوأ دول العالم من حيث إتاحة معلومات خاصة بالموازنة العامة، كما استتبع هذا التقييم تراجع ترتيب مصر في العديد من المؤشرات الاقتصادية الاخري كمؤشر تفاقم الدين العام و سهولة الاقتراض و التنافسية و غيرها.

إن إعلان معظم الأحزاب السياسية مشاركتها في الانتخابات على المقاعد الفردية والقوائم الحزبية، وتشكلت عدة تحالفات بغرض تدشين قوائم مختلفة لخوض الانتخابات ، وقد عانت معظم هذه التحالفات من عدم الاكتمال والدخول في صراعات حزبية وانشقاقات ، وحتى الآن لم تتبلور هذه التحالفات بشكل كامل ، ومعظمها لا يزال في طور المفاوضات . وفي المقابل أعلن عدد محدود من الأحزاب مقاطعته للعملية الانتخابية لأسباب مختلفة ، وهذه الأحزاب هي: الدستور ، التحالف الشعبي الاشتراكي، حزب العيش والحرية، مصر القوية ، الوطن ، الوسط ، البناء والتنمية ، وقد استندت هذه الأحزاب إلى مجموعة من الأسباب أهـمها الاعتراض على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية.

وتحالف بعض هذه الأحزاب مع جماعة الإخوان المسلمين التي تتخذ موقفا مناوئا للعملية الانتخابية ، خاصة أحزاب الوطن، الوسط ، البناء والتنمية الذين كانوا أعضاء في تحالف دعم الشرعية الذي أسسته الجماعة عقب ثورة 30 يونيه.

للخريطة الانتخابية فهناك ثلاثة تيارات، الأول التيار القومي المؤيد للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويتكون من أحزاب ليبرالية أعلنت دعمها له في انتخابات الرئاسة مثل الوفد والمؤتمر والتجمع، وهناك التيار المعارض ويطلق على نفسه صفة تيار “الفقراء”.من المرجح أن يؤدي التشابك العائلي في بعض قطاعات الجمهورية، وخاصة قطاعي الصعيد والدلتا، في ظل موافقة الأحزاب ذات الثقل المالي للمشروطية الانتخابية التي تحددها تلك التشابكات – إلى حسم معظم الدوائر للمستقلين المنتقلين لتلك الأحزاب. فمن الملاحظ من خلال قراءة ترشيحات المرحلة الانتخابية المتوقفة أن بعض الأحزاب ارتمت في حضن العائلات، وانتهى الكثير منهم إلى أن يحمل مرشحوها الصفة الحزبية. فعلى سبيل المثال، بلغ عدد العائلات المترشحة في محافظة الأقصر 9 عائلات، ترشح من رموزها 8 أفراد على أحزاب (المصريين الأحرار) و(الوفد) و(حراس الثورة) و(السلام الديمقراطي).

وفي النهاية، يُمكن القول إنه في ظل نص المادة “6” من قانون مجلس النواب، المتضمن “يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظًا بالصفة التي تم انتخابه على أساسها، فإن فقد الصفة، أو غير انتماءه الحزبي المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلا أو صار المستقل حزبيًّا؛ تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية الثلثين”. وفي ظل اقتصار تواجد ظاهرة التقاط المستقلين في حزب أو حزبين فقط من الأحزاب المتنافسة، قد يأتي شكل البرلمان المقبل على غير الترجيحات التي تُشير إلى سيطرة المستقلين على البرلمان.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى