خبير قانوني يرد علي دعوى تعديل الدستور المصري
كتب : الدكتور عادل عامر
قامت ثورة مصر الشعبية بتاريخ 25 يناير 2011 ، ودخلت في صراع مع نظام الحكم القائم آنذاك، وانتهت بإعلان رئيس الدولة السابق بتاريخ 11 فبراير 2011 تخليه عن منصبه كرئيس لجمهورية مصر العربية وتفويضه المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة شئون البلاد وهو التفويض الذي لقي ارتياحا شعبيا كبيرا، إيذانا بنجاح الثورة وبداية عهد دستوري جديد. وإذ خلا منصب رئيس الجمهورية، فقد وجدت البلاد نفسها أمام أزمة دستورية حالة مصدرها ما أوجبته المادة (84) من الدستور حال خلو المنصب من إجراءات تنتهي إلى اختيار رئيس الجمهورية الجديد خلال ستين يوماً من جهة، ولما أوجبته المادة (76) من الدستور بعد تعديلها من شروط بدت وكأنها لا تطبق إلا في أوضاع خاصة تعينها حتى وكأنها تخاطب أشخاصاً بأعينهم، وتضيق على الشعب من جهة أخرى حقه في اختيار الرئيس المقبل من جهة أخرى. أن الدول بالفعل لا تبنى بالنوايا الحسنة، وإنما تحتاج للعمل والإرادة السياسية للبناء والتطور، وأشار إلى أن هناك مواد من الدستور وخاصة الاقتصادية كفلت بعضًا من حقوق المواطن، مثل الحد الأدنى والأقصى للأجور وإعانة بدل بطالة وغيرها، لكنها لم تطبق، ليست لأنها مكتوبة بالنوايا الحسنة، لكن لأنه ليست هناك رؤية واسترايجية واضحتان للدولة لتطبيقها، ومن هنا كان تعديلها أسهل وأضمن أن الدستور التي حشدت الدولة له لتمريره للخلاص من مرحلة من مراحل خارطة الطريق يحمل مواد لا ترضى عنها الدولة نفسها وتتوجه إلى تعديلها الآن.
ولقد وجد الرأي العام ارتياحاً كبيراً في تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة شئون البلاد لفترة تتمكن فيها القوى السياسية من بلورة اتجاهاتها العامة توطئة إلى تشكيل حياة سياسية جديدة تعبر عن التطور السياسي والاجتماعي الذي أتت به رياح التغيير مع الثورة الواعدة.
وإذا كان ذلك ، وكانت المؤسسات التشريعية التي انتخبت في الأيام السابقة على قيام الثورة قد شاب نزاهة انتخابها العديد من القرائن الحقيقية التي لا سبيل إلى إنكارها، فقد صدر الإعلان الدستوري للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ناصاً على تعطيل العمل بأحكام الدستور وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة حددت مبدئياً بستة أشهر أو انتهاء انتخابات مجلسي الشعب والشورى ورئاسة الجمهورية، وحل مجلسي الشعب والشورى المشكوك في نزاهة انتخابهما، وتخويل اختصاصاتهما إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعلى تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور وتحديد قواعد الاستفتاء عليها من الشعب، وقد صدر المجلس لهذا الإعلان الدستوري بعبارات تفيد إيمان القوات المسلحة بحرية الإنسان وسيادة القانون وتدعيم قيم المساواة والديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية واجتثاث جذور الفساد تأكيداً على المبادئ العامة التي تسود الحياة الاجتماعية والسياسية موضع التسليم في كل الدساتير المعاصرة. أن الدستور بالفعل حمل عددًا من الثغرات التي رفضتها، وبسببها انسحبت من اللجنة، وكانت تحتاج إلى تعديل، ولكن الأسئلة التي تطرح هنا: ما هي المواد التي يريد الرئيس تعديلها؟ ولماذا الآن؟
– إن مسألة تعديل الدستور وخاصة في باب نظام الحكم والعودة للتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يقتضيها الواقع الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي المصري. – تعديل باب نظام الحكم الوارد في دستور 2014 بما يحفظ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والعودة لتراثنا الدستوري بمنح رئيس الجمهورية اختصاصات تماثل اختصاصات رئيس الجمهورية في الدستور الفرنسي واستحداث فصل خاص بالمجلس الدستوري على غرار المجلس الدستوري الفرنسي ولا أعنى هنا الترجمة الحرفية عن نصوص الدستور الفرنسي بل مع روح نصوص الدستور الفرنسي في نظام الحكم.
هذه دعوة واجتهاد شخصي أراه ضرورياً لمواجهة ذلك العوار الدستوري في الدستور المصري والذي يهدد الأمن والنظام والاستقرار في مصر.
– والمشكلة ستثور بعد إعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية والصراع المتوقع بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
والأكثر خطورة أن التوازن السياسي الحالي أو ما بعد الانتخابات يقوم على شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي وما يمثله وما له من ظهير شعبي.
ولكن قيام حياة سياسية مستقرة على حياة فرد مسألة تهدد الاستقرار وتهدد النظام وتفتح الباب لفوضى.
صلاحيات الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي، وفقا للدستور، ومقارنتها بنظيرتها من صلاحيات في الدستور السابق 2012. وهي ما يلي.. • تشكيل الحكومة يجعل الكرة في ملعب النواب، لكن بمشاركة الرئيس، بأن أعطى له فرصة اختيار رئيس وزراء، فإذا لم ينل ثقة البرلمان فعلى الرئيس أن يمتثل لاختيار البرلمان لرئيس الحكومة، وإذا لم ينل ثقة البرلمان فإن البرلمان يعد منحلا بقوة الدستور. •
يحق للرئيس إجراء تعديل وزاري لكن يجب موافقة البرلمان ثلث الأعضاء. • يحق للرئيس إعلان الحرب، لكن يجب موافقة البرلمان (أغلبية الأعضاء). • يحق للرئيس إعفاء الحكومة من عملها، لكن يجب موافقة أغلبية البرلمان. • يحق للرئيس إعلان حالة الطوارئ، لكن يجب موافقة أغلبية أعضاء البرلمان.
• يحق للرئيس العفو الشامل عن العقوبة، لكن بقانون وبعد موافقة البرلمان (أغلبية الأعضاء). • يحق للرئيس إصدار قرارات لها قوة القانون، لكن يجب عرضها على البرلمان ليقرها من عدمه (أغلبية الأعضاء). • يحق للرئيس الاعتراض على القوانين الصادرة من البرلمان، لكن إذا عاود البرلمان وأقرها، تسرى رغما عن رئيس الجمهورية. • يحق للرئيس أن يطالب بجعل جلسات البرلمان سرية، لكن يجب موافقة البرلمان (أغلبية الأعضاء). • البرلمان هو صاحب الحق الأصيل في اتهام رئيس الجمهورية بالتهم المذكورة بالدستور. • حق البرلمان في سحب الثقة من رئيس الجمهورية، عن طريق استفتاء شعبي، وإذا رفض الاستفتاء سحب الثقة، يعد البرلمان منحلا بقوة الدستور. • يحق للرئيس تعيين رؤساء الهيئات المستقلة، لكن يجب موافقة البرلمان (أغلبية الأعضاء). وفى مقابل ذلك.. هناك اختصاصات ينفرد بها الرئيس في مواجهة البرلمان وهى: • حق الرئيس في تفويض بعض اختصاصاته لرئيس الوزراء أو نوابه، أو المحافظين. • حق الرئيس في رسم سياسية الدولة. • حق الرئيس في تعيين الموظفين والمدنيين والعسكريين، والممثلين السياسيين، وإعفائهم من مناصبهم. • حق الرئيس في الدعوة إلى الاستفتاء فيما يتصل بمصالح البلاد العليا. • يحق للرئيس اقتراح قوانين، وعرضها على البرلمان.
• حق الرئيس في قبول استقالة رئيس الوزراء. • حق الرئيس في حل البرلمان، بناء على استفتاء شعبي، وفى حالات محددة. • حق الرئيس في رئاسة مجلس الدفاع الوطني، ومجلس الأمن القومي. • حق الرئيس في طلب تعديل مادة أو أكثر من الدستور. وعقدت الدراسة مقارنة بين صلاحيات الرئيس بين الدستور الحالي والسابق، في محاولة للوقوف على أيهما أصلح لمصر. سلطات تنفيذية للرئيس.. وطريقة الانتخاب: نص الدستور المصري الحالي على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورئيس السلطة التنفيذية، يرعى مصالح الشعب ويحافظ على استقلال الوطن ووحدة أراضيه وسلامتها، ويلتزم بأحكام الدستور ويُباشر اختصاصاته على النحو المبين به، وهى متطابقة مع الدستور السابق، فهي مادة دستورية تقليدية سيادية، لا يثار عليها خلاف.
ونص الدستور الحالي على أن انتخاب يُنتخب رئيس الجمهورية يكون لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوما على الأقل. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة.
. وهذا النص يتطابق مع ما هو موجود في الدستور السابق. إن تغيير الدستور الحالي ليس ضمن الأولويات العاجلة للقائمة في البرلمان المقبل أنه “يجوز في مرحلة أخرى من ذات البرلمان، لكن أولوياتنا تصب في تشريع القوانين التي نص عليها الدستور، إضافة إلى الرقابة على الحكومة، خاصة الأداء القانوني والخدمي”.الصراع المشتعل بين القوي السياسية المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، على خلفية الدعاوى التي انطلقت مؤخراً، وتطالب بتعديل عدد من مواد الدستور، إذ تطالب أحزاب ائتلاف الجبهة المصرية، وتيار الاستقلال، بضرورة تعديل الدستور، فيما ترى قائمتا “النور” و”في حب مصر” أنه لا داعي لوضعه في أولويات المجلس والأفضل التركيز على مراجعة التشريعات التي صدرت خلال المرحلة الانتقالية.