كابينة كوكتيل
بقلم : همام عبدالله السليم – كاتب وباحث سياسي عراقي
منذ اكثر من شهرين وساسة العراق مُنهمكين بالتغيير الوزاري الجوهري الذي دعا اليه حيدر العبادي، إذ اقترح ان يجري اصلاحاً شاملاً في الدولة بكافة مفاصلها الحيوية يبدأ بتغير طاقمه الوزاري الحزبي واستبدالهم بتكنوقراط مسقل، واشتملت خطته الاصلاحية على تغيير الوزراء والغاء التعينات بالوكالة وتغيير ورؤساء الهيئات المستقلة والمستشارين ووكلاء الوزراء بتكنوقراط مستقلين (مفاصل الدولة العميقة) في توجه للقضاء على المحاصصة الحزبية، فضلاً عن مكافحة الفساد ودعم الاقتصاد وايجاد حلول للازمة المالية والسعي لإدامة زخم الانتصار الشامل وتحرير الارض .
إلا ان الكتل السياسية تركت كل ذلك وركزت على تغيير الوزراء، وكأن الاصلاح يختزل بالوزراء ! كيف لا والوزارة مصدر تمويل للأحزاب ! فواجه العبادي ضغوط الكتل ورياح معارضتها وخاض الجميع صراع حزبي لتقاسم المغانم والتمسك بالمواقع .
وفي يوم 31 اذار حضر العبادي إلى مجلس النواب وقدم لرئاسته ظرف مغلق يشتمل على اسماء مرشحين تكنوقراط مستقل لتولي 16 وزارة، ولكن هذه الكابينة تم اجهاضها ورفضها وعدم الموافقة عليها من الكتل، مما اضطر العبادي إلى الاستجابة لرغبات رؤساء الكتل ونصيحة جون كيري (وزير الخارجية الامريكي) وسمح للكتل بترشيح وزراء وفقاً لشروط التكنوقراط المهني، ووقعت الرئاسات الثلاث مع بعض رؤساء الكتل وثيقة شرف (اصلاح وطني) لتمرير كابينة وزارية جديدة تشتمل على 14 مرشح (تجمع بين مرشحين الكتل وبعض مرشحين العبادي السابقين) مع بقاء وزراء الداخلية والدفاع والمالية في مواقعهم، لكن النواب تمردوا على رؤساء الكتل ورفضوا تمرير مرشحيهم للتكنوقراط السياسي، فاعلن رئيس مجلس النواب رفع جلسة التصويت على الوزراء إلى يوم الخميس 14 نيسان .
هنا امتعض النواب وسخطوا على قرار رفع الجلسة فثاروا واعتلوا منصة الرئاسة واعتصموا وطالبوا بإقالة سليم الجبوري وجمعوا تواقيع لذلك، كما طالبوا بإقالة الرئاسات الثلاث وإجراء تغيير شامل للوزراء على اساس التكنوقراط المستقل وليس مرشحي رؤساء الكتل.
ويبدو ان العبادي امام تحدٍ اخر لتمرير تغيير وزاري إذ ينبغي عليه ان ينال قبول ورضى النواب المعتصمين وسبيل ذلك هو اجراء تغيير جديد على مرشحي كابينته الوزارية ليطرح لسماء مرشحي تكنوقراط مستقلين في كابينته التي يروم طرحها للتصويت ونيل ثقة مجلس النواب.
ولنا ان نتوقع ان كابينة العبادي الاخيرة ستمثل خليط للكابينات المقترحة او كابينة كوكتيل تشتمل على اسماء من كابينة العبادي الحالية والتي يتوقع احتفاظ وزراء الداخلية والدفاع والمالية بمناصبهم، فضلاً عن اسماء من كابينة التكنوقراط المستقل (الظرف المغلق)، واسماء من كابينة التكنوقراط السياسي لرؤساء الكتل، وربما اسم او اسمين ممن سيقترحهم النواب المعتصمين .
اجمالاً امام العبادي تكنوقراط مستقل وتكنوقراط سياسي ، ويبدو انه سيخلطهما في خلاط الوزراء ليحضر منهم كابينة كوكتيل (تكنوقراط سياسي مسقل) وهو ما نختصره تسهيلاً ( بالتكنوستيل).