الفهم الصحيح للدبلوماسية ما بين القوة الصلبة والناعمة والذكية “رؤية تطبيقية”
اعداد : الباحث السياسي / سيد العزازى
المركز الديمقراطي العربي
مقدمة
انبثق بالدبلوماسية مبدأ الحياد المسلح و كذلك المبدأ القائل إذا أردت السلم فتهيأ للحرب ، لأن القوة كالماء تندفع نحو المنحدرات
وتقوم الدبلوماسية في عصرنا الحاضر بدور مميز وهام في نطاق العلاقات وتدعيمها، ومعالجة كافة الشؤون التي تهتم مختلف الدول. وعن طريقها يمكن التوفيق بين المصالح المتعارضة ووجهات النظر المتباينة، ويتيسر حل المشكلات وتسوية الخلافات وإشاعة الود والتفاهم بين الدول وبوساطتها تستطيع كل دولة أن توطد مركزها وتعزز نفوذها في مواجهة الدول الأخرى. وأخيرا تستطيع تدعيم السلم وتجنب الحرب. إضافة إلى ذلك يتمثل عمل الدبلوماسية بمراقبة مجريات الأمور والحوادث وبحماية مصالح الدولة وبالمفاوضة في كل ما يهمها.
وفي الدبلوماسية الصحيحة لا يمكن الاعتماد على القوة الصلبة فقط أو القوه الناعمة فقط في وقتنا الحالي وخاصة مع تعقد النظام الدولي وتداخل المصالح للدول الكبرى وتغير موازين القوى، حيث أنه أصبح هناك العديد من الفاعلين الدوليين وغير الدوليين على الساحة، فيجب على الدولة التي تسعي إلي تعظيم أرباحها أن توازن بين استخدام القوه الصلبة والقوة الناعمة لكي تحافظ على وزنها في النظام الدولي. فنجد أن رغم شيوع مفهوم القوة الذكية إلا أن القوة الصلبة مازال لها تأثير قوي وفعال على الساحة الدولية، خاصة في هذه الأيام، ومع ظهور داعش كجماعة إرهابية ويجب التعامل معها بطريقة صلبة وليست ناعمة
أهمية الدراسة
إذا كانت الثورة التكنولوجيّة قد ساهمت في صناعة «كلّ مُواطِن هو إعلاميّ» عبر استخدامه جهاز الموبايل فإنَّ الرأي العامَّ وضع المُواطِن أمام مَهمّة دبلوماسيّة، وأصبح له تأثير في صانع السياسة سُمِّي لاحقاً في بعض الدراسات الدبلوماسيّة ذات الطابع الديمقراطيّ ما يُعرَف اليوم بالدبلوماسية الشعبيّة» Public Diplomacy،
لذلك وجب علينا الفهم الصحيح للدبلوماسية وقوها المختلفة ما بين القوة الصلبة والناعمة والذكية حيث أصبح الآن
أنه لم يعد امتلاك عناصر القوة بأشكالها المختلفة كافياً لنجاح أي دولة كبرى في تحقيق أهداف سياستها الخارجية وفي التأثير على الدول الأخرى كما أصبحت هناك أهمية متزايدة لكيفية توظيف الدولة العظمى لما تمتلكه من إشكال جديدة للقوة ومن هنا جاءت أهمية الحديث عن القوة الذكية كمقابل للقوة الصلبة ووسيط بينها وبين القوة الناعمة كذلك الأمر الحديث عن القوة الذكية كمعبر عن التفكير الجديد لتوظيف عناصر القوة المختلفة اتجاه الدول التي تمارس عليها القوة من أجل تحقيق ما تصبوا إلية هذه الدول .
الإطار النظري:
تعد الدبلوماسية وقوها المختلفة من أقدم المفاهيم التي تناولها الباحثون منذ القدم والتي كانت غالبا ما يتم فهمها في إطار المعنى التقليدي للقوة الصلبة لكن مع تطور البيئة السياسية الدولية وتعاظم آثارها السلبية وزيادة تكلفة استخدام القوة العسكرية والتي كانت في السابق مقبولة مع الأخذ في الاعتبار أن الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول في الفترات السابقة كان أقل بكثير. لذا كان هذا بمثابة الدافع الذي أدي للتحول في مفهوم القوة وظهور مصطلح القوة الناعمة علي يد جوزيف ناي عام 1990
وتعتبر القوة الناعمة، في نظر ناي، بنفس مستوى أهمية القوة الصلبة كل منهم يدعم الآخر ففي حين أن القوة الصلبة تعد أساسا للقوة الناعمة حيث أنها تزيد من جاذبية الدولة وكذلك قدرتها على التأثير واستخدام مصادر القوة الناعمة وتوجهيها في الاتجاه المناسب ؛ فإن القوة الناعمة هي الأخرى توفر للقوة الصلبة غطاء الشرعية في عيون الآخرين ونتيجة لتطورات الرهيبة في القرن العشرين ظهرت القوة الذكية لتثبت فشل استخدام القوة الصلبة وحدها او الناعمة بذاتها لتظهر القوة الذكية كمصطلح له معاني ودلالات قوية في تغير سياسة الدول العظمى .
لذا فإن الدراسة تسعى لتناول مفاهيم الدبلوماسية وقواها مع التركيز على القوة الذكية الذي قدمه ناي في عام 2003 والذي يدمج بين نوعي القوة ومن خلال الإطار الذي وضعه ناي يمكن فيما يلي تناول المفاهيم المتعلقة بالقوة بشكل عام والقوة الذكية والقوة الناعمة والصلبة كل على حدة.
أولاً الدبلوماسية ومفاهيمها وأنواعها والدور الذي تقوم به
تعريف الدبلوماسية:
تتنوع وجهات نظر فقهاء القانون الدولي في تعريف الدبلوماسية، فمنهم من يعرفها بشكل محدد ومنهم من عرفها بشكل أكثر تعميماً.
فيرى البعض أن الدبلوماسية هي أداة رئيسية تستخدمها الدولة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية والتأثير على الدول والجماعات الخارجية بهدف استمالتها وكسب تأييدها، ومنهم من عرفها بعلم وفن المفاوضات، فهي علم
، وهي فن لأنها مهنة دقيقة تحتاج إلى مهارات خاصة، ويرى آخرون أنها رعاية المصالح الوطنية في السلم والحرب، وممارسة القانون الدولي العام.
الدبلوماسية بمعناها العام الحديث، والذي يتماشى مع مفهوم القانون الدولي هي مجموعة المفاهيم والقواعد والإجراءات والمراسم والمؤسسات والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والممثلين الدبلوماسيين، بهدف خدمة المصالح العليا ( الأمنية والاقتصادية) والسياسات العامة، وللتوثيق بين مصالح الدول بواسطة الاتصال والتبادل وإجراء المفاوضات السياسية وعقد الاتفاقات والمعاهدات الدولية.
وتعتبر الدبلوماسية أداة رئيسية من أدوات تحقيق أهداف السياسة الخارجية للتأثير على الدول والجماعات الخارجية بهدف استمالتها وكسب تأييدها بوسائل شتى منها ما هو إقناعي وأخلاقي ومنها ما هو ترهيبي (مبطن) وغير أخلاقي. وبالإضافة إلى توصيل المعلومات للحكومات والتفاوض معها.()
وهناك العديد من التعريفات السياسية لها فيما يلي
1- يعرفها الدكتور سموحي فوق العادة في كتابه ( الدبلوماسية والبروتوكول ):
” مجموعة القواعد والأعراف الدولية والإجراءات والمراسم والشكليات التي تهتم بتنظيم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي أي الدول والمنظمات والممثلين الدبلوماسيين، مع بيان مدى حقوقهم وواجباتهم وشروط ممارستهم مهامهم الرسمية، والأصول التي يترتب على اتباعها تطبيق أحكام القانون الدولي ومبادئه والتوفيق بين مصالح الدول المتباينة كما هي، وفن إجراء المفاوضات السياسية في المؤتمرات والاجتماعات الدولية وعقد الاتفاقات والمعاهدات.
- تعريف شارل دي مارتينس: ” الدبلوماسية هي علم العلاقات الخارجية أو الشؤون الخارجية للدول، وبمعنى أخص هي معنى وفن المفاوضات “.
- تعريف شارل كالفو: ” الدبلوماسية هي علم العلاقات القائمة بين مختلف الدول الناتجة عن المصالح المتبادلة، وعن مبادئ القانون الدولي العام ونصوص المعاهدات والاتفاقيات “.
- تعريف هارولد نيكلسون: ” الدبلوماسية هي توجيه العلاقات الدولية عن طريق المفاوضات، والأسلوب الذي به يدير السفراء والمبعوثون هذه العلاقات، وعمل الرجل الدبلوماسي أو فنه “.
- تعريف هنري كيسنجر: ” الدبلوماسية هي تكييف الاختلافات من خلال المفاوضات “.
- تعريف جورج كينان: ” الدبلوماسية عملية الاتصال بين الحكومات “.
- تعريف دي إيرثى وأوسهيا: ” الدبلوماسية هي فن تطبيق مبادئ القانون الدبلوماسي “.()
- تعريف فيليب كاييه: ” الدبلوماسية هي الوسيلة التي يتبعها أحد أشخاص القانون الدولي لتسيير الشؤون الخارجية بالوسائل السلمية وخاصة من خلال المفاوضات”.
- تعريف د. عدنان البكري: ” إن الدبلوماسية عملية سياسية تستخدمها الدولة في تنفيذ سياستها الخارجية في تعاملها مع الدول والأشخاص الدوليين الأخريين، وإدارة علاقاتها الرسمية بعضها مع بعض ضمن النظام الدولي”.
- تعريف د. سموحي فوق العادة في كتابه ( الدبلوماسية الحديثة ): ” الدبلوماسية هي مجموعة من القواعد والأعراف والمبادئ الدولية التي تهتم بتنظيم العلاقات القائمة بين الدول والمنظمات الدولية، والأصول الواجب إتباعها في تطبيق أحكام القانون الدولي، والتوفيق بين مصالح الدول المتباينة، وفن إجراء المفاوضات والاجتماعات والمؤتمرات الدولية، وعقد الاتفاقيات والمعاهدات”.
- تعريف د. علي حسين الشامي: ” الدبلوماسية هي علم وفن إدارة العلاقات بين الأشخاص الدوليين، وهي مهنة الممثلين الدبلوماسيين، أو الوظيفة التي يمارسها الدبلوماسيون، وميدان هذه الوظيفة هو العلاقات الخارجية للدول والأمم والشعوب “.()
- تعريف مأمون الحموي : إن الدبلوماسية هي ممارسة عملية لتسيير شؤون الدولة الخارجية وهي علم وفن،علم لما تطلبه من دراسة عميقة للعلاقات القائمة بين الدول ومصالحها المتبادلة ومنطوق تواريخها ومواثيق معاهداتها من الوثائق الدولية في الماضي والحاضر، وهي فن لأنه يرتكز على مواهب خاصة عمادها اللباقة والفراسة وقوة الملاحظة .
وآيـاً كان تعريف أصل الدبلوماسية أو تعريفها، فان مضمونها يتحقق في أدرك وظيفتها وأهميـة دورها في علاقات أشخاص القانون الدولـي (الدول والمنظمات) وذلك بالتوفيق بين مصالحهم بالطرق السلمية.
ثانيا: الدبلوماسية وارتباطها بمفاهيم مختلفة:
- بالنسبة للدبلوماسية والعسكرية:
للعسكريين مكانة خاصة، فهم يحتلون مواقع متقدمة في طبقات المجتمع، كما ينتمي العديد من الحكام إلى المؤسسة العسكرية، إضافة إلى ذلك فإن العسكرية تقوم على الالتزام بقواعد معينة في السلوك والتعامل والانضباط وبالتالي تشترك مع العمل الدبلوماسي في أبرز خصائصه. وقد نقلت المهنة الدبلوماسية الكثير من القواعد العسكرية في موضوعات المراسم والأسبقية والأوسمة النياشين، وفي كثير من الأحيان يتطلب من الدبلوماسية الإلمام ببعض جوانب العسكرية والعكس صحيح فهناك العديد من القضايا المعقدة والتي تتطلب تدخل أكثر من طرف لحلها.()
- الدبلوماسية والدين:
لعب رجال الدين دوراً هاماً في المجتمعات منذ أقدم العصور، حيث كانوا يمثلون الطبقة العليا في المجتمع بالإضافة إلى كونهم مرجعاً لعامة الناس وسواء في العصور الوسطى أم في الإسلام، لأنهم كانوا أصحاب العلم والمعرفة ومثال ذلك إختيار جعفر بن أبي طالب الآية المناسبة أثناء لقاءه بالنجاشي ملك الحبشة في الهجرة الأولى للمسلمين، فكان اختياره للكلمة مناسباً للموقف فالارتباط بين الدبلوماسية والدين هو ارتباط تاريخي وموضوعي.()
الحصانة الدبلوماسية تقوم على الأسس التالية :
أولاً – الصفة التمثيلية للممثل الدبلوماسي . اتخذت الدبلوماسية في البدء صفة علاقات شخصية بين الملوك والأمراء ، وبالتالي فإن الدبلوماسيين كانوا بمثابة ممثلين شخصيين لهؤلاء الحكام وكل اعتداء عليهم أو احتقار لهم إنما كان يعتبر موجهاً لمن يمثلون ولما كانت قوانين الملوك أو الأمراء لا تسري على غيرهم من الملوك والأمراء فإنها بالتالي لا تسري على ممثليهم .إلا أن هذه النظرية ضعفت مها مرور الزمن وبعد الثورة الفرنسية نظراً لأن الدبلوماسيين باتوا يمثلون الدول لا الملوك والأمراء ، كما أن شمول الامتيازات والحصانات لأفراد أسرة السفير المجردين من صفة التمثيل ألقت بعض التحفظ على هذه النظرية من الأساس.()
ثانياً – اعتبار مقر البعثة الدبلوماسية واقعاً في أراضي الدولة الموفدة و بالتالي مستقلاً عن سيادة السلطة الإقليمية ( انظر امتداد الإقليم ) و غير ملزم بالخضوع لقوانينها . بيد أن هذه النظرية لم تسلم من انتقادات بعض علماء القانون و لم يرد ذكرها في اتفاقية العلاقات الدبلوماسية ( فيينا ) 1961.
ثالثا – مقتضيات العمل الدبلوماسي ، وهى نظرية تركز على ضرورة تمكين السفير من القيام بالمهام الملقاة على عاتقه بحرية و إخلاص و طمأنينة و بالتالي فإن الامتيازات والحصانات إنما تكون من مقتضيات ممارسة المهام الدبلوماسية .
رابعاً : مبدأ المعاملة بالمثل . و هو مبدأ قديم و بسيط و واضح ، يدفع الدول إلى مراعاة حسن المعاملة الدبلوماسيين المعتمدين لديها و منحهم الامتيازات و الحصانات الدبلوماسية لكي يحصل معتمدوها على معاملة مماثلة في الأقطار الأخرى كما يشمل هذا المبدأ الرد على قيام الدول الأخرى بطرد الممثلين الدبلوماسيين بحجة القيام بأعمال مشبوهة كالتجسس أو التخريب أو التدخل في الشؤون الداخلية و ذلك عن طريق اتخاذ إجراء مماثل بحق ممثل ذلك البلد المعتمدين لديها .()
أما الحصانات و الامتيازات الدبلوماسية نفسها فتشمل شخص الممثل الدبلوماسي فلا يخضع لأي شكل من أشكال التوقيف أو السجن و تصان حريته و كرامته من كل اعتداء أو امتهان ، و يتمتع السفير بلقب صاحب السعادة و يرفع علم بلاده على مقر البعثة الدبلوماسية و سكن رئيس البعثة و سيارته أثناء قيامه بالمهام الرسمية و تتمتع مراسلاته و أمواله بالحصانة الكاملة .
الأدوار الهامة للدبلوماسية في العلاقات الدولية :
- تعتبر الأداة الأولى من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية للدولة .
- الوسيلة الأولى لصناع القرار لتسوغ قراراتهم وإقناع الآخرين بها في إطار حركة التفاعل الدولي .
- مثار اهتمام الأوساط الإعلامية في العالم لما لها من دور في تسيير الشؤون الدولية
- الوسيلة الأولى للدول لتسهيل قيام علاقات ودية وسلمية بينها .()
- الدبلوماسية هي الأداة الأولى لذلك الشخص المعني بممارسة التفاوض والتمثيل لبلادة (الدبلوماسي) يستخدمها لتقريب وجهات النظر والتوفيق بين مصالحة بلادة والبلاد الأخرى .
- تستخدمها الدول بعد استقلالها وتحقيقها السيادة الوطنية لإثبات الذات في المجتمع الدولي حيث يتم ممارسة الدبلوماسية بمظاهرها كافة كالتمثيل الدبلوماسي والإعلام والتفاوض وعقد المعاهدات .
- وسيلة لتحقيق السلام في حركة تفاعل المجتمع الدولي لذلك فهي تدخل في دائرة المدرسة المثالية ( الأخلاقية – القانونية ) والتي تتفاءل ببناء عالم خالي من النزاع والصراعات .()
رابعاً: وظيفة الدبلوماسية:
الدبلوماسية هي إحدى أدوات تنفيذ السياسة الخارجية، باعتبارها تمثل السلطة التنفيذية لتشريعات السياسة الخارجية – أو أهدافها بمعنى أدق- فهي تعنى بتوصيل المعلومات للحكومات والتفاوض معها وتعزيز العلاقات بين الدول وتطويرها في المجالات المختلفة، والدفاع عن مصالح وممتلكات وأشخاص رعاياها في الخارج، وتمثيل الحكومات فى المناسبات والأحداث، إضافة إلى جمع المعلومات عن أحوال الدول والجماعات الخارجية والأحداث السياسية وعن الأوضاع السياسية والقضايا المرتبطة بها ، وتقييم مواقف الحكومات والجماعات إزاء قضايا راهنة.()
يمكن تلخص وظيفة الدبلوماسية في المهام المناط بها الموظف الدبلوماسـي:
(1) المفاوضات: وهي السبب الأصيل لوجود الدبلوماسيين، أي الرغبة في وجود مُمثل في عاصمة أجنبية يتمتع بصلاحية التفاوض على اتفاقات مع الدولة المضيفة و التعامل مباشرة مع الحكومة الأجنبية.
(2) التمثيل: إن المبعوث الدبلوماسي هو الممثل لحكومة دولته وهو لا يفعل ذلك في المناسبات الرسمية فقط بل له أن يقدم احتجاجات أو استفسارات إلى الحكومة المضيفة ويبرز سياسات حكومته إلى الدولة المضيفة.()
(3) جمع المعلومات: من أهم الواجبات الأساسية على الدبلوماسي هو تقديم تقارير الى حكومته عن الأحداث السياسية وعن الأوضاع السياسية والقضايا المرتبطة بها فهو عين دولته التي تنظر بها وأذنها ولسانها.
(4) الحماية: من واجب الدبلوماسي ان يرعى مصالح وأشخاص وممتلكات رعاية دولته في الدولة المضيفة.سواء من خلال ممتلكاتها ومشاريعها أو بحماية رعاياها ومواطنيها وتسهيل أمورهم.
(5) العلاقات العامة: يقوم الدبلوماسي باستمرار بجهود لتوفير حسن النية لدولته ولسياساتها.
(6) الإدارة: إن رئيس البعثة الدبلوماسية هو الرئيس الإداري الأعلى لها، وعلى ذلك تقع على عاتقه المسؤولية الإدارية النهائية للبعثة.()
نفهم مما سبق من وجهة نظري أن البعثة الدبلوماسية تقوم بمتابعة كافة ما يحدث في الدولة الموفدة إليها وإبلاغ حكومتها أولاً بأول بكل ما يهمها من الأحداث والتطورات. وعادة يستعين رئيس البعثة لمعرفة الأحداث في الدولة المعتمد لديها وتفسيرها بفريق من الملحقين السياسيين والتجاريين والعسكريين وعدد من الخبراء المختصين.
وتقوم البعثة الدبلوماسية كذلك بمتابعة تنفيذ الدولة الموفدة إليها لالتزاماتها تجاه الدولة الموفدة لها والتدخل لدى وزير خارجية الدولة الموفدة إليها البعثة كلما حصل إخلال بتلك الالتزامات. وما يلزم الإشارة إليه في هذا المجال هو أنه ليس لرئيس البعثة الدبلوماسية أو لأي من أعضاء البعثة حق التدخل مباشرة لدى السلطات المحلية وإنما يتم التدخل عن طريق وزارة الخارجية.
وتعلم البعثة الدبلوماسية كذلك على تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين الدولة الموفدة لها والدولة الموفدة إليها.()
أخيراً تقوم البعثة الدبلوماسية بأعمال إدارية ذات صلة برعايا الدولة الموفدة للبعثة مثل حمايتهم وتسجيل المواليد والوفيات وعمل عقود الزواج والتأشير على جوازات السفر. وعادة تقوم القنصليات التابعة للسفارة بهذه المهام حيث أن معظم هذه الأعمال ليست ذات طابع سياسي كما أن ممارستها لا تؤثر على طبيعة العلاقات بين الدول.
أنواع الدبلوماسية
. 1ـ فمن حيث أطراف العلاقة الدولية: هناك الدبلوماسية الثنائية أي الدبلوماسية بين دولتين، وهناك الدبلوماسية الجماعية، أي الدبلوماسية بين مجموعة من الدول عن طريق المؤتمرات أو المنظمات الدولية، يسمي بعضهم النوع الأخير الدبلوماسية البرلمانية parliamentary diplomacy. وقد شاع هذا النوع الثاني، بتواتر وتصاعد، منذ عصبة الأمم وحتى اليوم. ()
2ـ ومن حيث الشكل الذي تأخذه إدارة العلاقات الدولية: هنالك الدبلوماسية السرية وهي التي تجري بين الكواليس وتكتم نتائجها كلاً أو بعضاً عن الغير أو حتى عن رعايا الدول المتفاوضة. وهناك الدبلوماسية العلنية وهي التي تتضح نتائجها فور انتهائها حتى لو جرت المفاوضات بشكل غير علني. وقد كان إنشاء عصبة الأمم بهيئاتها ومجالسها العلنية واشتراط ميثاقها تسجيل المعاهدات المبرمة بين الدول ونشرها تحت طائلة بطلانها، كان محاولة من جانب مؤسسي العصبة للخلاص من عهد الدبلوماسية السرية secret diplomacy الذي ساد حتى ذلك التاريخ.
3ـ ومن حيث الوسائل المستخدمة في إدارة العلاقات الدولية: يمكن القول بوجود دبلوماسية سلم تقوم على أساس المفاوضة بين الدول المعنية وهذا هو الأصل، ودبلوماسية عنف أو ما سمي دبلوماسية السفن الحربية Gun Boat Diplomacy تتجلى في تحقيق الدولة لأغراضها عن طريق اتباع وسائل الزجر والعنف بما في ذلك الحرب التي يعدها بعضهم استمراراً للنشاط الدبلوماسي للدولة في ميدان آخر غير ميدان المفاوضات.()
دور وزارة الخارجية في الفعل الدبلوماسي :
وزير الخارجية هو المسئول عن التوجيه السياسي للوزارة، وهو المرجع الأعلى فيها، ويشرف على أعمالها، وله وحدة أن يصدر تعليمات ذات صفة تنظيمية أو توجيهية. وهو المهمين على السياسة الخارجية في الدولة، وهو صلة الوصل بين دولته والعالم الخارجي، وتصريحاته تقيد دولته. فهو المعيار الحقيقي لسياسة الدولة الخارجية وتبديله يعتبر تحولا في هذه السياسة.
لقد ازداد منصب وزير الخارجية أهمية في الوقت الحاضر، وللتدليل على ذلك نشير إلى زيادة الاتفاقيات الدولية الثنائية والجماعية, والتي أصبح توقيع وزير الخارجية عليها أمراً شائعاً ومألوفاًُ، بالإضافة لوجود أجهزة داخل المنظمات الدولية العالمية والإقليمية مكونه من وزراء خارجية مثل مجلس أوروبا (لجنة وزراء الخارجية)، منظمة الدول الأمريكية (الملتقى الاستشاري لوزراء الخارجية)، منظمة الوحدة الإفريقية (مجلس الوزراء)، جامعة الدول العربية (مجلس وزراء الخارجية العرب).()
ووزير الخارجية يجب أن تتوفر فيه ميزات خاصة كأن يكون دبلوماسياً محترفاً أو سياسياً لامعاً أو حتى أكاديمياً مختصاً بالشؤون الدولية. وأن يكون ذو عقل راجح وتفكير متزن يساعدانه على إدراك حقيقة الأهداف التي ترمي إليها الدول من نشاطها السياسي، وتتطلب منه أن يكون واسع الإطلاع، متمكناً من العلوم، دؤوباً على العمل، بحيث يتمكن من متابعة مجرى الأمور واتخاذ الوسائل الضرورية ، وعليه أن يكون رابط الجأش قوي الأعصاب، لا تهزه الأحداث والأزمات.()
وأول واجب يلقى على عاتق وزير الخارجية حين تعيينه أن يبادر إلى تبليغ ذلك إلى ممثلي دولته في الخارج، وإلى ممثلي الدول الأجنبية المعتمدين في البلاد، مشيراً في كتابه إلى استعداده التام لتهيئة العلاقات الطيبة مع الدول الأخرى، وللاتصال برؤساء البعثات مباشرة في سبيل خدمة المصلحة العامة على أساس الانسجام المعزز بالثقة المتبادلة، مؤكداً لهم مساعدته وتشجيعه من أجل قيامهم بأداء المهمات الملقاة على عاتقهم على أحسن وجه. بالإضافة لمراسلة وكالات الأنباء العالمية والتي هي خير وأسرع طريقة لنقل الخبر إلى كافة أنحاء المعمورة.
القوة وأنواعها
أولاً تعريف القوة
يعد مفهوم القوة أحد المفاهيم المركزية في العلاقات الدولية منذ القدم بالرغم من تطوره من فترة زمنية لأخرى وفقا للسياق المحيط والعوامل الدولية المؤثرة على طبيعته. وتعرف القوة على أنها القدرة على تحقيق الأهداف والنتائج المرجوة. ويعرفها روبرت داهال (Dahl) بأنها القدرة على جعل الآخرين يفعلون ما لم ينووا القيام به. ويقف ناي عند هذا التعريف ويشير إلى أنه إذا أردنا إدراك مفهوم القوة وقياسه وفقا لهذا التعريف فإننا بحاجة لمعرفة تفضيلات الآخرين وكذلك سلوكهم إذا لم تمارس عليهم القوة وهو ما لا يمكن التوصل إليه في حقيقة الأمر.و من هذا المنطلق اعتبر القادة السياسيين أن مثل هذا التعريف غير عملي وأصبح التعريف التقليدي للقوة هو امتلاك المصادر والتي تشمل السكان، الأرض، الموارد الطبيعية، حجم الاقتصاد، القوات العسكرية، الاستقرار السياسي. فهذا التعريف بالنسبة لهم واقعي ومحدد يمكن به قياس القوة وتحديدها. ولكن أصبحت الجدلية هي أي المصادر تكون أولى بالاستخدام وفقاً للظروف والسياق والموقف التي تستخدم فيه.
وفي ضوء المراجعات التي قامت بها الدول لسياستها الخارجية وخاصة الدول الكبرى التي تسعى للحفاظ على توازن واستقرار النظام العالمي لصالح استمرار هيمنة تلك الدول، وجد صانعو قرار السياسة الخارجية أنه من الصعب الفصل بين أدوات القوة فالقوة العسكرية والاقتصادية قد تصبح أحد مصادر قوة الدولة الناعمة لأنها تجذب الآخرين ومن الصعب أن تعمل القوة الصلبة وحدها في ظل تزايد الخسائر الناجمة من الحروب، وعلى الناحية الأخرى فمن الصعب أيضا أن تعمل القوة الناعمة وحدها دون وجود قوة عسكرية واقتصادية تدعم مكانة الدولة عالميا، الأمر الذي أدى إلى ظهور”القوة الذكية في السياسة الخارجية” وهي إستراتجية متكاملة تسعي إلي الجمع بين القوة الصلبة والقوة الناعمة .()
لكن حصر القوة في هذه العناصر (القوة العسكرية) قد قوبل بانتقادات من قبل كثيرين من بينهم جوزيف ناي، والذي قسم القوة إلى نوعين “صلبة” وناعمة (أو التي تتمثل في استخدام العصا والجزرة)
والعديد من الباحثين يتفقوا مع جوزيف حيث إن القوة العسكرية لم تعد تقتصر فقط على الصورة التقليدية كما في الحروب والنزاعات بين الدول ولكن ظهر مفهوم جديد عرف بدبلوماسية الإكراه (coercive diplomacy) وهي حالة دفاعية تستخدم القوة العسكرية كقوة ردع أو تهديد في حالة حدوث ضرر أو تهديد للفاعل الدولي فهي تستخدم القوة العسكرية بشكل محدد ومقنن بغرض ردع المعتدي أو إقناعه بعدم التعدي وقد تستخدم أحيانا كوسيلة لحماية مصالح الدولة والتأكيد على قدرتها على استخدام القوة العسكرية., كما أنني أرى أنة بالرغم من أهمية القوة العسكرية إلا أن العديد من الباحثين قد أشاروا في كتاباتهم لتراجع القوة العسكرية كأداة من أدوات القوة في النظام الدولي. ()
وهناك العديد من تعريفات القوة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر
عرفها سيبكمان أن القوة تعني البقاء علي قيد الحياة، والقدرة على فرض إرادة الشخص على الآخرين، والمقدرة أيضاً على إملاء هذه الإرادة على أولئك الذين لا قوة لهم، وإمكانية إجبار الآخرين ذوي القوة الأقل على تقديم تنازلات.()
وعرفها ماكس فيبر بأنها « قدرة شخص ما من خلال العلاقات الاجتماعية على احتلال مكانة يستطيع من خلالها تنفيذ رغباته .عرفها كل من ميكافيلي و هوبز بأنها الوسيلة والغاية النهائية التي تعمل الدولة للوصول إليها في علاقاتها الخارجية ).()
أما بيتر بلاو فوصفها :)القوة مقدرة فرد أو جماعة من الأفراد أن تفرض رغبتها على الآخرين بالرغم من معارضتهم.()
وعرفها ستو سنجر stoesstinger بأنها قدرة الشعب على استعمال موارده المادية وغير المادية بطريقة تؤثر في سلوك الشعوب الأخرى تجاهها. ()
وعرفها جوزيف ناي بأنها )قدرتك على التأثري في المحصلات التي تريدها وأن تغير سلوك الآخرين عند الضرورة.()
والقوة على المستوى العام، والطاقة هي القدرة على التأثير على سلوك الآخرين للحصول على النتائج التي يريدها. هناك عدة طرق للتأثير على سلوك الآخرين. يمكنك إكراههم مع التهديدات. يمكنك حملها مع المدفوعات.
أو يمكنك جذب أو استمالة لهم.()
وعلى ضوء ما سبق فإن القوة مفهوم يتمتع بعدد من الخصائص أبرزها:
القوة شيء نسبي؛ لأن قوة الدولة تقاس بمقارنتها بالدول الأخرى.
القوة مفهوم حركي ديناميكي غير ثابت فترتيب الدولة من حيث القوة بين الدول مرهون بوقت قياس هذه القوة والمجال المستخدمة فيه .
تتدرج ممارسة القوة بين التأثير بالطرق السلمية ) power soft ( وبين أسلوب الإجبار والقسر power hard( (، وعليه يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من القوة:
القوة الناعمة : وهي ذلك النوع من القوة التي تركز على الوسائل الدبلوماسية والسلمية في تحقيق أهدافها، وهناك بعض الكتاب يسميها بالقوة التعويضية كذلك فإن مفهوم القوة بالمعنى الذي سبق يتضمن كلا الجانبين، جانب امتلاك أسباب القوة وجانب توظيف هذه الأسباب في التحكم في إرادة الآخرين وأفعالهم.
أن القوة ليست هدفاً في نفسها ولكنها وسيلة لممارسة النفوذ والتأثير الذي يتضمن تحقيق أهداف الدولة التي لا تخرج عن تحقيق المصالح القومية أو الوظيفة الحضارية، فضلاً عن حماية
الأمن القومي وصيانة الاستقلال السياسي أو الردع .
فمما سبق من خصائص القوة يتضح أنه مصطلح حركي وهذا النوع من المصطلحات يرافقه صعوبات في القياس.
وبناء على ما تقدم فإنه يمكن تعريف القوة بأنها الوسيلة أو مجموعة الوسائل المادية والمعنوية التي تكون في مجملها قدرة طرف معين على تحقيق الأهداف والغايات بشكل مباشر أو غير مباشر في زمن وسياق معينين.
ثانياً :مصادر القوة
كما تتعدد أنواع القوة بين قوى اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، وتكنولوجية، وعسكرية…الخ تتعدد.
وتتنوع مصادرها أيضا. فهناك شبه إجماع من بين مفكري الجغرافيا السياسية أن مصادر القوة والتي تحدد قيمة الدولة من الناحية السياسية يمكن إبرازها في عدة عوامل هي:
العوامل الطبيعية – العوامل الاقتصادية – العوامل البشرية – القدرة الدبلوماسية – القدرة العسكرية – القدرة السياسية.()
ثالثاً: خصائص القوة:
1- القوة هي جوهر العلاقات الدولية، كما أن السلطة هي جوهر السياسة والفارق بين القوة والسلطة هو أن الأخيرة تتضمن الأولى لكنها ترتبط بغاية وهي تحقيق وحدة الجماعة عبر وسيلة الاحتكار الشرعي لأدوات القمع، وبمعنى آخر السلطة التي يدور حولها الصراع في السياسية الداخلية هي سلطة متمركزة في الحكومة التي تحتكرها لتحقق الوحدة والاستقرار اللذين يخدمان مصالحها.
أما القوة التي يدور الصراع حولها بين الدول ليست متمركزة ولا منظمة، والهدف منها تحقيق المصالح القومية لكل دولة وهي مصالح متعددة ومتعارضة بطبيعتها، الآمر الذي يفسر طابع العداوة والحرب الذي يغلب على العلاقات الدولية، والناتج عن فرض كل دولة لإرادتها وتحقيق مصالحها في ظل غياب سلطة عليا تحتكر أدوات القمع.
2- القوة ليست هدفا في حدّ ذاتها وإنما وسيلة لممارسة النفوذ والتأثير وضمان تحقيق أهداف الدولة.
3- قوة الدولة نسبية ويتوقف تقديرها على أمرين: أولهما، القدرة على تحويل مصادر القوة المتاحة أو
خر فقد تتساوى دولتان في امتلاك مصادرها الكامنة إلى قوة فعالة؛
وثانيهما، محصلة الطرف.()
القوة نفسها إلا أن قدرة إحداهما وعدم قدرة الأخرى على التوظيف الفعلي لأحد تلك المصادر أجميعها يجعل الأقدر منهما أقوى نسبيا. ومن ناحية أخرى وزن قوة الدولة في تغير مستمر نتيجة خر أو لما قد يطرأ من تغير على العلاقات للتغير في أهمية مصادر القوة المتاحة لديها أو للطرف بين الدول من تبدلات تؤثر في أوزان قوتها كالحروب أو المعاهدات أو التحالفات أو الانقسامات …الخ.
4- القوة صناعة وإرادة فرضتهما طبيعة العلاقات الدولية في ظل غياب السلطة الدولية، الآمر الذي أجب ر الدول على السعي بشتى الوسائل والطرق إلى صنع مصادر القوة والعوامل المهنية لتفعيلها بوصفها الضمان الحقيقي لأمنها واستقرارها. وخير مثال على هذا قوة كل من اليابان وألمانيا مقارنة بأوضاعهما في نهاية الحرب العالمية الثانية.
5- تتدرج ممارسة القوة بين التأثير بالطرق الدبلوماسية من جهة وبين أسلوب الإجبار والقسر من جهة ثانية، وعند اللجوء إلى استخدام القوة نكون قد وصلنا لمرحلة العجز عن الحل بالطرق السلمية.()
أنواع القوة
أولا القوة الناعمة
أن مفاهيم ” القوة الناعمة ” متجذرة في ثقافات العالم في الماضي والحاضر ، وان النخب العلمية والفكرية والثقافية في أرجاء العالم دعت – منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية في الأقل وما تزال تدعو حتى يومنا هذا – الى التعايش السلمي والتفاعل الخصب بين الثقافات المختلفة والى ضرورة التخلي عن لغة القوة وتغليب ما يعرف اليوم ب” القوة الناعمة ” على ” القوة الصلبة ” في العلاقات الدولية بالإضافة لقوة جديدة وهى القوة الذكية.()
عرف منظر “القوة الناعمة” البروفسور جوزيف ناي القوة الناعمة قائلاً “إنها القدرة على الجذب لا عن طريق الإرغام والقهـر والتهديد العسكري والضغط الاقتصادي، ولا عن طريق دفع الرشاوى وتقديم الأموال لشراء التأييد والموالاة، كما كان يجري في الإستراتيجيات التقليدية الأميركية، بل عن طريق الجاذبية، وجعل الآخرين يريدون ما تريد”1.()
هو يشير هنا إلي انه اتجاه أكثر جاذبية لفرض القوة يختلف عن الوسائل التقليدية. فالدولة تستطيع تحقيق الأهداف التي تسعى إليها في السياسة الدولية لأن غيرها من الدول ترغب في أن تتبعها أو لأنها ارتضت وضع معين يصنع مجموعة من النتائج المترتبة والتي تستهدفها الدولة التي تمارس قوتها. وهذا يحدث عندما تستطيع الدولة جعل غيرها من الدول يرغب في ما ترغبه هي”to want what it wants “. وترتبط القدرة على التأثير على الآخرين وتوجيه رغباتهم وتحديدها بمصادر معنوية أو غير مادية للقوة كالثقافة والأيدلوجية والمؤسسات.()
وأكد ناي كذلك على عنصر الجاذبية الذي تعتمد عليه القوة الناعمة فالقوة الناعمة تعنى لديه القدرة على تحقيق أهداف معينة عن طريق الترغيب والجاذبية لا الترهيب والإكراه. وتعتمد القوة الناعمة على عنصريين أساسيين هما المصداقية والشرعية كقاعدة لها. ويوجد تعريف آخر لجين لي “Geun Lee ” بحيث يشير أن القوة الناعمة هي القدرة على خلق التفضيلات والصور الذهنية للذات عن طريق المصادر الرمزية والفكرية والتي تؤدي إلى تغيرات سلوكية في أفعال الأخرين. لذا يمكن القول أن هذا التعريف للقوة الناعمة يعتمد على مصادرها. وتعرف القوة الناعمة كذلك بالـ”Co-optive power ” والتي تعني قدرة الدولة على خلق وضع يفرض على الدول الأخرى أن تحدد تفضيلاتها ومصالحها بشكل يتفق مع هذا الإطار الذي تم وضعه أو بمعنى أخر أن تقوم هي بوضع أولويات الأجندة الداخلية لغيرها من الدول. ()
كما أكد جوزيف أن الإستراتيجية الفعالة في العالم الحقيقى هى الدمج بين القوة الصلبة والناعمة بطرق فعالة. وقال ان ” القوة الناعمة هى القدرة على الحصول على ما تريده باجتذاب الطرف أخر وليس إكراهه أو دفع ثمن القوة الصلبة. ومعرفة كيفية الجمع بين ادوات القوة الصلبة والناعمة فى قوة ذكية”. ()
من خلال كل ما سبق نؤكد دعوت ناي في أكثر من مناسبة بأن تعمل القوة الناعمة بانسجام وتوافق تام مع القوة الصلبة العسكرية قائلاً “ينبغي ان تعمل القوة الناعمة بتمازج وتداخل تام مع القوة الصلبة، فالحاجة ماسة إلى سيف القوة الصلبة لأجل تحقيق السيطرة والسطوة العسكرية، في حين تعمل القوة الناعمة على الاستمالة والجذب والإقناع، وتلك هي القوة الذكية Smart power بالمزج بين القوتين.
وأضاف ناي “بصفتي نائب سابق لوزير الدفاع الأميركي لا يمكن لأحد أن يشك في مدى معرفتي واقتناعي بأهمية القوة العسكرية الصلبة، ولكننا لن ننجح بالسيف وحده. ولقد نجحنا بمواجهة الإتحاد السوفيتي ليس بالقوة العسكرية والردع العسكري فحسب، وليس من خلال عمليات الحرب الباردة، بل بسبب القوة الناعمة التي قدر لها أن تساعد في تحويل الكتلة السوفيتية من الداخل، ولو استغرق ذلك عشرات السنين. فالعبرة الأهم هي الصبر والنفس الطويل والمزج والتوازن بين القوتين الصلبة والناعمة وتلك هي القوة الذكية”()
لذا أراد ناى أن يقول في كتابة “القوة الناعمة” خلال العدوان الأمريكي على العراق، ربما ليقول إن أمريكا كانت قادرة على كسب المعركة مع العراق بقوتها الناعمة من دون تكلفة تذكر، أو ربما ليحذر من الإفراط فى التوسع العسكري ، مثلما فعل بول كينيدى فى كتابه الشهير “صعود وانهيار القوى العظمى”.حيث يرى ناي أن الحروب ليست قدرا محتوما، سواء كانت قديمة كالحرب العالمية الأولى، أو حديثة كالحروب التى تشتعل فى الشرق الأوسط؛ وأن كسب معركة السلام أهم وأصعب من كسب معارك الحرب.()
وعرفتها الباحثة “آنا سيمونز” أستاذة مادة التحليل الدفاعي في كلية الدراسات العليا للبحرية الأميركية NPS بأنها “الجيل والنمط الرابع من حروب المستقبل، بالنظر إلى تبدل موازين الحروب العسكرية التقليدية، وفشل نمط حرب المدن، ونمط مكافحة التمرد، وتتميز بأنها تستهدف السيطرة على الناس، من خلال الدبلوماسية العامة والاتصالات الإستراتيجية وعمليات المعلومات والتلاعب بالمفاهيم والمشاعر، بعيداً عن احتلال وتدمير المدن ومهاجمة المواقع والقواعد العسكرية واستخدام سلاح الجـو، وغيرها من الأسلحة,()
العراق كنموذج للقوة الناعمة :-
بعد شن الولايات المتحدة حربا على العراق وإسقاط النظام فيه لم يتحقق ذلك النظام الذي وعدت به العالم والمنطقة والعراقيين وبالتالي فأن ما موجود في العراق من فوضى أمنية وسياسية واقتصادية لم تستطيع تسويقه لمشروعها في المنطقة بالقوة الصلبة (العسكرية )، والسبب في ذلك كما يرجعه البعض إنها سعت لديمقراطية شكلية مبهمة غير مدروسة، كما عد الاستخدام العسكري المباشرة في تطبيقها من المآخذ في عدم نجاحها.
من هنا بدأ الإدراك والوعي الأمريكي لواقع المنطقة والبلدان الإسلامية وضرورة التغيير من الداخل وليس من الخارج، فبدأ التحول الأمريكي في تحقيق أهدافها من التدخل المباشر إلى غير مباشر، وهذا ما يعيشه العراق اليوم: تأجيج إعلامي خالق ومغذي للتناحر المذهبي والعرقي بين القوميات والمذاهب ودعم طرف على حساب طرف أخر وجعل الكل متناحرين وفي الوقت نفسه الكل بحاجة إلى الراعي الأمريكي لهذا التناحر، وتبني إستراتيجية تنظيم الأدوار والإشراف على مساراتها في الصراع الدائر في العراق، ومن خلال مشروع الحرب الناعمة في العراق اليوم حققت أمريكا ما لم تحققه حربها في إسقاط النظام ولم يكلفها ذلك إي ضحايا في الأرواح والمعدات كما كانت تكلفها قبل عام 2010 وأبعدت الاتهام المباشر والعنيف الذي يوجه إليها سابقا من احتلال وتواجد عسكري أحرج سمعتها ومواقفها في المؤسسات العالمية والرأي العام العالمي، فضلا عن تصدير الكثير من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى العراق وهذا ما عاد عليها بالكثير من المردودات المادية وخصوصا” وهي تعاني من ركود اقتصادي وأزمة مالية.()
أخيرا لابد من الذكر إن هذا الأسلوب من الحرب فتي في نوعه، واشد فتكا في الممارسة والاستعمال، فأمريكا لا تستهدف من خلاله المدن والواحات والجبال كما في الحروب السابقة التي تشنها الدول الكبرى على الأخرى، بل تشمل العقول والمبادئ والقيم التي تعايشت عليها الشعوب منذ الأزل، إذ تحاول استبدالها بقيم ومبادئ تلبي تطلعات وأهداف الدول الراعية لها، بل تجعل الشعوب نفسها تتنافر من قيمها وتتجه إلى القيم الأخرى، والعالم الإسلامي ومن ضمنه العربي من الخليج إلى المحيط معرض في كل موروثه الأدبي والأيدلوجي والديني إلى الخطر، ولا توجد حدود وزمان ومكان محدد لهذه الحرب لأنها لا تنحصر في سوريا والعراق ولبنان، بل تشمل كل بلد يسمع فيه للإسلام صوت وتطفح من سهوله وصحاريه وجباله إمدادات الطاقة السوداء.()
أسباب الترجيح والأمريكي للقوة الناعمة :-
هناك مبدأ يقول إن القوة العسكرية أيا كان تأثيرها وسطوتها تبقى تعاني من الضعف أو هي الضعف بعينة، هذا ما استنتجه الخبراء والباحثون من تلك القوة المهولة للاتحاد السوفيتي السابق وكيف مارسها في فرض هيمنته وإرادته على العديد من الشعوب والحكومات في أوربا الشرقية واسيا وغيرها، لكنها سرعان ما آلت إلى التشظي والانشطار إلى أجزاء ففقدت الدولة السوفيتية كيانها بسبب استخدامها المجرد الذي لم يكن متوازنا مع مقومات أخرى تحد من تآكلها وانهيارها وبالتالي انهيار منظومة الدولة، كما أرجع البعض أسباب تبني القوى الناعمة إلى الخوف والتوجس من ضياع مثلث القوة الذهبي الذي ينحصر في المعطيات التالية:-
1- المبادئ:- وتعني تلك القوانين الطبيعية المتعلقة بالعدل واللطف والاحترام والإخلاص والصدق وخدمة الآخرين، إنها فيزياء البشر كما يصفها البعض، ومن مميزات هذه المبادئ أنها كونية تعمل في كل مكان وزمان وكما تمتاز بالبديهية دون الحاجة إلى البرهان.
2- الموارد:-وتعني ذلك الحيز الجغرافي الواسع الذي يتيح المناورة في مختلف الجوانب العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية لطرف معين قياسا بطرف أو أطراف متعددة. فهي تشمل المساحة وطبيعتها، عدد السكان والثقافة السائدة وتطورها.()
3- السلطة:- تتمثل في طبيعة النخبة الحاكمة ومصدر اكتسابها لها كذلك قوة تمثيلهم للشعب، والتزامهم بالقيم، وإتقانهم لاستخدام الموارد وتوظيفها.
الانتقادات القوة الناعمة :
تعرض مفهوم “القوة الناعمة” لانتقادات عديدة، من بينها أنه مفهوم شديد العمومية وغير محدد، كما أنه من الصعب تحديد الآثار المترتبة عن القوة الناعمة لأن معظمها يكون خاص بأشياء معنوية للدولة مثل الثقافة والرأي العام والإعلام فتأثيرها يكون غير مباشر، على عكس القوة الصلبة التي تكون واضحة ومباشرة والتي يرى الواقعيين أنها مازالت الأكثر تأثيرا في العلاقات الدولية وخاصة بعد التدخل الروسي المباشر في سوريا على سبيل المثال.
ثانيا القوة الصلبة :
أولا: القوة الصلبة
تتألف من عناصر القوة المادية : العسكرية والاقتصادية. وقد ارتبط الحديث عن هذا الشكل للقوة، خاصة القوة العسكرية بفكر المدرسة الواقعية.
تبنى جوزيف ناي تعريفاً أوسع للقوة الصلبة، لا يقتصر على القوة العسكرية فقط، حيث رأى أنها تعني أيضاً القدرة على استخدام الجزرة عن طريق الأدوات الاقتصادية، بهدف التأثير على سلوك الآخرين.
يمكن التمييز بين مكونين للقوة الصلبة :
يتمثل المكون الأول في القوة هي القوة العسكرية، وتعد من أكثر أشكال القوة الصلبة تقليدية واستخداماً لتحقيق أهداف الدولة. وتعدد صور وأشكال استخدام القوة العسكرية، على نحو يمكن معه التمييز بين خمسة أنماط لاستخدامها
النمط الأول: دبلوماسية الإكراه
وعرّفه أليكسندر جورج بأنه ” تهديد الدولة للعدو باستخدام القوة العسكرية، مع استخدام وسائل فعالة لإقناعه بالامتثال لقراراتها “.
النمط الثاني: التخريب وذلك من خلال قيام الدولة (أ) بأفعال هدفها هدم مؤسسات الدولة (ب) ومبانيها الوطنية.
النمط الثالث: الردع ويعني إصدار تهديدات متكررة لمنع عدو ما من الشروع في عمل غير مرغوب فيه. وهناك نوعان للردع : الردع التقليدي، عن طريق التهديد باستخدام الأسلحة التقليدية، والردع النووي، عن طريق التهديد باستخدام الأسلحة النووية.()
النمط الرابع: الدفاع ويحتوي على سلسلة من الإجراءات الفعالة التي تتخذها الدولة للدفاع عن نفسها في مواجهة هجوم عسكري نفذه العدو.
دلالات القوة الصلبة :
1- القهــر: هو أي قوة أو تهديد يقلل من حرية الحركة، بما يجعل التصرفات تتم بحرية أقل مما كان يمكن أنَّ تكون عليه، وهناك بعض المفكـرين يميزون بين التأثير والقوة والقهر، والقهر شكل من أشـكال القوة التي تواجه المجبر بالقـدرة على إلحاق الضرر به بغض النظر عن الموقف الذي يتخذه .
2- التأثير: يعد مفهوم التأثير مفهوماً محورياً في الدراسات السياسية حيث يميز بعض المحللين بينه وبين مفهوم القوة عن طريق تضيقه بحيث لا يشمل إلا الوسائل غيرا لمباشرة أو غير الملموسة لتغيير السلوك. أما البعض الآخر فيعتبر أن القوة ما هي إلا شكل من أشكال التأثير وقد يكون التأثير قسرياً أو غير قسري .
3- الهيمنة: يدل مفهوم الهيمنة على تأثير دولة على دولة أو دول أخرى ويصف سياسات القوة التي تردع بها جيرانها المعتمدين عليها بالتهديد من أجل إجبارهم على الاستسلام .()
4- السيطرة: يدل مفهوم السيطرة على ممارسة دولة لها نفوذ وقوة لنفوذ فعلي على دولة أخرى أو إقليم معين، وهذا النفوذ قد يأخذ شكل تحالف أو علاقة تبعية، وهو ينتج عن التفاوت في القوة بين الدول وبعضها البعض .
5- الردع: يتميز الردع بوجود إستراتيجية للتهديد بالعقاب، أي إقناع الخصم بأن التصرف غير المرغوب فيه سوف يكبده من الخسائر أكثر بكثير مما قد يترتب عليه من مكاسب، ويجب أن يكون الردع مصداقياً، وأحياناً تكمن القوة في إغراء طرف أخر بالمكافأة .
6- الإكراه: شكل من أشكال التأثير وللإكراه صور متعددة اقتصادية واجتماعية، سياسية وإن التهديد باستخدام القوة أو الاستخدام الفعلي للقوة العسكرية هو شكل من أشكالا لقوة ويرتبط بمفاهيم القوة والتأثير والسلطة.
وهناك تميز بين القدرة والقوة فالقدرة هي معطي موضوعي وهي موارد متاحة أما القوة فهي ممارسة عملية وهي التوظيف السياسي لتلك الموارد، وإن النقلة من امتلاك الموارد إلى استخدامها أي من القدرة إلى القوة، يتطلب إرادة سياسية ودور للعقل البشري، وفي كثير من الحالات التاريخية نجد أن الحروب قد تحددت ليس بميزان القدرات والإمكان وحسب ولكن أيضاً بإرادة التصميم والعزم والمثابرة وتلعب القيادة السياسية الحاكمة والثقافة السياسية السائدة دوراً حاسماً وهاماً في هذا المجال()
ثالثا القوة الذكية:
1ـ مفهوم القوة الذكية:
يعتبر مفهوم القوة الذكية ليس مفهومًا جديدا أو مبتكرًا وإنما هو نتاج الجمع بين القوة الصلبة والقوة الناعمة معًا ولكن وفقا لإستراتيجية محددة تجمع بينهم. ويعرف ارنست ويلسون القوة الذكية على أنها قدرة الفاعل الدولي على مزج عناصر القوة الصلبة والقوة الناعمة بطريقة تضمن تدعيم تحقيق الأهداف الفاعل بكفاءة وفعالية. ويحدد هذا التعريف مجموعة من الشروط الإضافية التي يجب توافر لتحقيق القوة الذكية.()
فتعرف القوة الذكية على أنها القوة التي تجمع ما بين القوتين: الناعمة والخشنة أي الربط بين التسامح والشدة؛ فبالقوة الناعمة يمكن تحقيق الأهداف المرجوة عن طريق الترغيب والجذب والقدرة على الاستقطاب والإقناع, ومن خلال الجاذبية الثقافية أو السياسية أو الإعلامية…الخ للدولة لإقامة علاقات مع الحلفاء، وتقديم المساعدات الاقتصادية، والتبادل الثقافي مع الدول الأخرى، وخلق رأي عام مواتٍ. في حين القوة الخشنة، التي عموما ما تجد ترجمتها العسكرية بالحرب المباشرة، وترجمتها السياسية بالمضايقة عبر الهيئات الدولية والإقليمية، وترجمتها الاقتصادية بسبل الضغط والمقاطعة والحصار، التي غالبا ما تمارسها هذه الدولة على تلك، أو تدفع الآخرين لممارستها عليها. مع التلويح الدائم بإمكانية استخدام القوة .()
مفهوم القوة الذكية في العلاقات الدولية
قدم جوزيف ناي مفهوم القوة الذكية في 2003 كرد فعل على المغالطة بشأن الفكرة السائدة أن القوة الناعمة يمكن إن تعمل وحدها لتحقيق أهداف السياسة الخارجية وضرورة الانتقال للمعنى الأوسع والأشمل للإستراتيجية وتطويرها لتشمل القوة الناعمة والقوة الصلبة معًا وذلك ليكون أكثر مواكبة للسياق والتطورات الدولية المختلفة بحيث لا يمكن الاستغناء عن أي ن نوعي القوة.()
ولعل من أهم هذه العوامل التي دفعت للتوجه لمفهوم القوة الذكية تراجع القوة العسكرية كما سبق أن أشرنا من
وهناك تعريف بسيط للقوة الذكية :تعرف علي أنها القوة التي تجمع بين القوتين: الناعمة والخشنة، أي: تربط بين التسامح والشدة؛ فبالقوة الناعمة يمكن تحقيق الأهداف المرجوة عن طريق الترغيب والجذب والقدرة على
الاستقطاب والإقناع، ومن خلال الجاذبية الثقافية أو السياسية أو الإعلامية…الخ للدولة لإقامة علاقات مع الحلفاء، وتقديم المساعدات الاقتصادية، والتبادل الثقافي مع الدول الأخرى، وخلق رأي عام متوافق .()
من خلال ما تقدم يتضح لي بأن القوة الذكية تعرف بأنها القوة التي تجمع ما بين القوتين: الناعمة والخشنة أي الربط بين التسامح والشدة؛ بالقوة الناعمة يمكن تحقيق الأهداف المرجوة عن طريق الترغيب والجذب والقدرة على الاستقطاب والإقناع، ومن خلال الجاذبية الثقافية أو السياسية أو الإعلامية…إلخ، للدولة لإقامة علاقات مع الحلفاء، وتقديم المساعدات الاقتصادية، والتبادل الثقافي مع الدول الأخرى، وخلق رأي عام مواتٍ. في حين أن القوة الخشنة، تجد ترجمتها العسكرية في العموم بالحرب المباشرة، وترجمتها السياسية بالمضايقة عبر الهيئات الدولية والإقليمية، وترجمتها الاقتصادية بسبب الضغط والمقاطعة والحصار، التي غالبا ما تمارسها هذه الدولة على تلك، أو تدفع الآخرين لممارستها عليها. مع التلويح الدائم بإمكانية استخدام القوة .()
الأسباب التي أدت إلي نشأت القوة الذكية
1- القدرة على تحقيق مردود في الشؤون الدولية من خلال الاستقطاب، أكثر مما يمكن تحقيقه عبر الإكراه، ويقول جوزيف ناي في هذا السياق: ” لقد أضحى من الصعب، في العالم المعاصر، واستخدام العصا…إذ القوة العسكرية، على الرغم من ضرورتها كسياسة ردع وإكراه، فهي أصبحت صعبة جدا… من الناحية وأصبحت الحرب أمرا مكلفا المادية، ناهيك عن المناهضة المتزايدة للحروب، والنفوذ المتزايد من استخدام القوة، أو محاصرة الدول والشعوب”.
2 – حاجة الدول المتقدمة لاستقطاب الدول النامية للعمل معها كشريك دولي، لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، التي لا تستطيع أية دولة التصدي لها بمفردها مثل التغيرات المناخية، وانتشار الأمراض المستعصية، وتصاعد خطورة “الدول الفاشلة” على الآمن العالمي وغيرها .
3- أدت مرحلة الحرب الباردة بين الدولتين العظميين إلى إرهاقٍ متبادل لهما، نتيجة الدخول في سباق للتسلح لا نهاية له، وأن تطوير تقنية السلاح أصبح مسألة مكلفة للطرفين بشكل كبير جدا رغم “انتصار” الولايات المتحدة.
فضلا عن وجود أزمة اقتصادية عالمية، تجعل من الصعب على الشعوب الغربية القبول بتخصيص اعتمادات عسكرية كبيرة في وقت يقوم البعض منها بتصفية مؤسسات الرفاهة الاجتماعي
4 – ظهور دول لها قوة نووية غير خاضعة للهيمنة الغربية، مثل كوريا الشمالية وإيران.
5 – أدرك الغرب – في الوقت نفسه – عبث المواجهة العسكرية مع القوى المجاهدة غير الرسمية، خصوصا بعد تجربة أفغانستان وبعد التجربته المريرة في فيتنام وتجرِبة الانتفاضة الفِلسطينية. وظهور أسلحة دمار رخيصة مثل الصواريخ ذات الرؤوس الميكروبية )قنبلة الفقراء النووية على حد قول أحد المعلقين(، بل أثبتت حرب أفغانستان مقدرة الجماعات الفدائية على الحصول على أسلحة ذات مقدرة تدميرية عالية، لا يحتاج استخدامها إلى متخصصين وإلى دورات تدريبية.
6 – لاحظ الغرب أن ثورة المعلومات والنظام الإعلامي الجديد -بأفلامه وكتبه ومرئياته ومراكز بحوثه – .لديهما مقدرة هائلة على الاختراق، تساعد على نقل المنظومة القيمية الغربية إلى كل أرجاء العالم، بعد أن كانت محصورة إلى حد كبير في الغرب.()
بدأت تظهر مراكز اقتصادية غير غربية تطور نفسها خارج شبكة الهيمنة الغربية مثل اليابان والصين وماليزيا وغيرها، بالإضافة لظهور الشراكات بين القارات.
القوة الذكية في الفكر الأمريكي
كما سبق ووضحنا أن المقصود بالقوة الذكية هي تلك القوة التي تجمع مابين قوتين : الناعمة والخشنة , فالقوة الناعمة يمكن تحقيق الأهداف المرجوحة عن طريق الترغيب والجذب , لا الإكراه أو الشراء . وتشمل الموارد التي تتألف منها القوة الناعمة لدولة ما : ثقافتها القادرة جذب الآخرين , وقيمها , حين لاتشوهها الانحرافات والسلوكيات الملتوية , فضلا سياستها الرشيدة .
وللتوفيق بين القوة الناعمة والقوة الخشنة , يمكن اللجوء إلى القوة الذكية , أي الربط بين التسامح والشدة , فبالقوة الناعمة تكون أمريكا قادرة على ما تريد عن طريق الأغراء بدلاً من القسر , فالعلاقة مع الحلفاء , والمساعدات الاقتصادية , والتبادل الثقافي مع الدول الأخرى , وخلق رأي عام موات لها , والاعتماد على الشرعية وخلق المصداقية بالخارج , وفى الولايات المتحدة، يجرى الحديث منذ وصول الإدارة الحالية عن «القوة الذكية»، السيدة هيلارى كلينتون استعملت هذا المصطلح منذ سنة 2009، وهى الآن المرشحة القوية للرئاسة الأمريكية، وفى القاهرة صدر مؤخراً بالمركز القومى للترجمة كتاب جوزيف ناى «مستقبل القوة» مترجماً إلى العربية، وفيه يرد بوضوح عبارة أن «القوة الناعمة ليست هى الحل لكافة المشكلات» وأن القوة الذكية هى القدرة على دمج القوتين معاً «الموجعة والناعمة» فى استراتيجيات فعالة.()
كما ترى الأستاذة يمنى سلمان باحثة المعهد المصري للدراسات الإستراتيجية إن تحقيق قوة ذكية ناجحة يتطلب أولا إدراك أن القوة الصلبة ضرورية ولكن تعظيم تحقيق المصلحة القومية قد يحتاج إلى المزج بين القوتين الصلبة والناعمة. بمعنى آخر، لكي يمكن تحقيق القوة الذكية فعند إذ يعنى أن نضع التحديات المفاهيمية والمؤسسية والسياسية نصب أعيننا بنظرة شاملة تمكننا من التقدم نحو خطوات حقيقية لانجاز القوة الذكية.
وأنا اتفق معها جملة ومضموناَ نتيجة لتطورات الرهيبة التي تمر بها الدول العظمة من أزمات سياسية وكذلك دول الشرق الأوسط مما يتطلب السعي لاستخدام القوة الذكية كبديل لخلق رأى عام فى الداخل الأمريكي متوافق مع الأحداث ومجريات الأمور.()
المجالات التطبيقية للقوة الذكية في الإستراتيجية الأمريكية
. إن البحث في المجالات التطبيقية للقوة الذكية في هذه الفترة لهو من الأمور الصعبة للغاية؛ وذلك لأن العالم الآن أصبح يتعامل مع معطيات القوة الذكية على أنها أساسيات للبقاء والتفاعل الإستراتيجي في النظام العالمي، لهذا إن المجالات التطبيقية للقوة الذكية الآن تأخذ أوسع أبعادها في العالم خصوصًا لما يشهده العالم من طفرة تكنولوجية علمية قللت الفارق الزمني لوصول المعلومة بين الدول، ولكنها وسعت الهوة المعاشية بين دول الشمال الغني ودول الجنوب الفقير، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط، ولما لهذه المنطقة من أبعاد جيو-إستراتيجية حيوية من الناحية الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، وما تشكله هذه المنطقة من عمق للأمن القومي الأمريكي الذي عملت دومًا الولايات المتحدة على ربطه بالأمن العالمي عندما تقول دائما أن أمن منطقة الشرق الأوسط هو يعني بحد ذاته الأمن العالمي والاستقرار الدولي.()
ويمكن القول ما نراه في مفهوم القوة الذكية -الناعمة– الصلبة أن القوة الذكية تتلخص في القدرة على الجمع بين القوة الصلبة الصارمة وقوة الجذب الناعمة في إستراتيجية واحدة ناجحة، أي أنها تعمل على التوازن بين القوة العسكرية شديدة البأس والقوة الناعمة للدبلوماسية والتنمية والتبادل الثقافي والتعليم والعلوم كافة، وهذه القوة الذكية تتكون من شطرين أساسيين، هما: (القوة الصلبة البحتة) أي استخدام القوات المسلحة بصورة مباشرة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الأمريكية، و(القوة الناعمة) التي تشكل كتلة متكاملة من أدوات ثقافية ودبلوماسية واقتصادية بالإضافة إلى التعاون العلمي والتكنولوجي والصحي وكافة المجالات عدى القوة العسكرية والتي تصب في تعزيز الهيمنة الأمريكية على العالم عبر أساليب ليست بعسكرية، وقد وضح “جوزف ناي” أن القوة الناعمة تكون على النحو التالي: “هي في جوهرها قدرة أمة معينة على التأثير في أمم أخرى، وتوجيه خياراتها العامة، وذلك استنادًا إلى جاذبية نظامها الاجتماعي والثقافي ومنظومة قيمها ومؤسساتها، بدل الاعتماد على الإكراه أو التهديد العسكري المباشر، هذه الجاذبية يمكن نشرها بطرق شتى: الثقافة الشعبية، الدبلوماسية الخاصة والعامة، المنظمات الدولية ومجمل الشركات والمؤسسات التجارية العاملة. وتعمل على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلاً من الإرغام”، وهكذا فهي تختلف عن القوة الصلبة المكونة من العتاد العسكري والثراء الاقتصادي واستعمالهما بالتهديد بالعقوبات أو الاستمالة بالمساعدات. أن تمتلك قوة ناعمة يعني أن تجعل الآخرين يعجبون بك ويتطلعون إلى ما تقوم به فيتخذون موقفًا إيجابيًا من قِيَمك وأفكارك وبالتالي تتفق رغبتهم مع رغبتك، وأيضا ذكر ناي أن القوة الناعمة هي القدرة على كسب العقول والقلوب لتحقيق الأهداف السياسية المطلوبة، وهي خلاف ما يسمى بالقوة الصلبة والتي تستخدم القوة (العسكرية) الإكراهية فقط لتحقيق تلك الأهداف، وقد ذكر ناي في معرض حديثه عن القوة الصلبة حيث وصفها بأنها استخدام للقوة العسكرية والأمنية (السلاح) في الفعل الإستراتيجي المباشر من الولايات المتحدة ضد دولة أخرى ومن جيشها ضد آخر، وفي ذلك يقال أن الحرب هي امتداد للسياسة بوسائل الإكراه والقتل والتدمير.
” القوة الذكية ” التي طرحتها هيلاري يقصد بها استعادة القدرة القيادية العالمية لدي الولايات المتحدة من خلال الاستخدام المرن لجميع وسائل السياسات بما فيها السبل الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والسياسية والقانونية والثقافية. ويتعين على الولايات المتحدة المستقبلية أن تتضامن مع أصدقائها، وتتصل مع خصومها؛ وعليها أن توطد أحلافها القائمة وتجري التعاون الجديد. وبالاختصار، فإن ” الذكية ” تعني ضرورة تحويل الاعتماد المفرط على القوة الصلبة إلى استخدام تكتيكات صلبة ومرنة معا. ()
أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في خطاب لها بمعهد بروكينغز يوم الخميس 27 مايو/ايار ان إستراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الجديدة للأمن القومي،التي كشف عنها النقاب مؤخرا، تعترف بان هناك مراكز قوى أخرى موجودة حاليا في العالم،وأخرى قيد الولادة.
وقالت كلينتون ان “الاستراتيجة الجديدة ـ الشاملة” تشير إلى أن القوة العسكرية والدبلوماسية، وتقديم المساعدة الى البلدان الأخرى، يجب أن تكون إلية للتأثير لا انفرادية بل متكاملة مع الآخرين . وأكدت كلينتون على أهمية تطوير سبل شراكة جديدة لتوفير أفاق للأمن القومي الأمريكي على المدى البعيد، وأضافت ” نحن بحاجة إلى شركاء نستطيع معهم حل المشاكل العالقة”
وأضافت ان إدارة الرئيس أوباما تواجه التحديات الدولية عبر بناء التحالفات وتوفير حوافز للدول التي تشكل جزءا من الحلول للمشكلات المختلفة لتمكينها من الارتقاء بمسؤولياتها فضلا عن السعي لمعاقبة الدول التي تخرج عن الإجماع الدولي.()
وتابعت ان الإستراتيجية الأمريكية الجديدة تدمج السياسات المختلفة للولايات المتحدة، مؤكدة أن هذه الإستراتيجية هي إستراتيجية قومية شاملة تنطلق من إيمان الإدارة بضرورة النظر إلى العالم بطريقة أكثر شمولا، في ظل المتغيرات والتطورات المتلاحقة، ومن أجل تعزيز المصالح القومية ضمن تضاريس عالمية متغيرة
الانتقال والتحول في الفكر الإستراتيجي الأمريكي من القوة الناعمة إلى القوة الذكية.
إن الانتقالات الفكرية التي حصلت في الفكر الإستراتيجي الأمريكي أدت إلى تطور مفهوم (القوة الناعمة) بعد دمجه لما يسمى بالقوة الصلبة أو الخشنة مع بعضهما، لكي يولد مفهوم جديد للقوة وهو (القوة الذكية)، التي هي مزيج ما بين القوتين الصلبة والناعمة وهذا التزاوج المفاهيمي الذي حصل لم يأت بشكل اعتباطي بل جاء نتيجة لتفاعلات فكرية مختلفة داخل الولايات المتحدة عبر العديد من مراكز البحوث والدراسات والمعاهد والجامعات التي ترفد صانع القرار بكل ما هو مفيد وقيّم من دراسات ومشاريع إستراتيجية جديدة، حيث تمثل الجامعات ومراكز البحث والتفكير (Think Tanks) في الولايات المتحدة الأمريكية إحدى الروافد الرئيسية المساعدة في صياغة الكثير من سياسات أمريكا الخارجية والداخلية وصياغة وتقويم الإستراتيجيات في كل سنة، وذلك من خلال التفاعل بين هذه المؤسسات والحكومات المتعاقبة على البيت الأبيض على اختلاف انتماءاتها الحزبية، فكثير من السياسات والخطوط العريضة لاتخاذ القرار في أمريكا هي نتاج عقول المنتسبين لتلك المؤسسات الأكاديمية والبحثية، مما رسخ البرغماتية في السياسة الأمريكية وجعلها تقليدًا سياسيًّا وأمرًا مقبولاً لدى الرأي العام الأمريكي، كون تلك التحولات في سياساتها إن حصلت فإنما هي نتيجة دراسات وبحوث ونقاشات مؤسساتية وموضوعية وليست نتاج اجتهادات فردية فقط. إن مصطلح القوة الناعمة الذي قدمه قبل عقدين من الزمن المفكر الإستراتيجي الأمريكي “جوزف ناي” هو الذي فتح الباب أمام تطوير هذا المفهوم في دوائر الفكر الإستراتيجي الأمريكي وانتقاله إلى ما يسمى بالقوة الذكية أي أن مفهوم (القوة الناعمة) هو أسبق لمفهوم (القوة الذكية) الذي تطور نتيجة للفشل العسكري الأمريكي في العراق وفشل القوة الإكراهية المستخدمة بصورة مباشرة، () والذي جعل دوائر الفكر الإستراتيجي الأمريكي تطور هذا المفهوم حتى وصل إلى ما هو عليه الآن وما يسمى بالقوة الذكية، حيث دعت مؤسسات الفكر الإستراتيجي إلى عدم التعويل على قدرات الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية، وإنما إشراك ودمج الأمور غير العسكرية كالإعلام والدبلوماسية، تفعيل دور المنظمات الدولية والترويج للحريات وتشجيع المنظمات المحلية المنتشرة في بقاع العالم، وتفعيل دورها ودعمها في تحقيق الأهداف الإستراتيجية وتحقيق الهيمنة الأمريكية من جديد. إن جوزف ناي ليس مجرد مفكر إستراتيجي فقط وإنما وهو محلل إستراتيجي وعميد كلية كيندي للدراسات الحكومية في جامعة هارفارد، وكان رئيسًا لمجلس المخابرات الوطني ومساعدًا لوزير الدفاع في أمريكا، وهو أكاديمي متخصص في أدبيات القوة المرنة وتناول قضية (قوة أمريكا الخارجية)، وواحد ممن تمثّل آراؤهم جاذبية، خاصة داخل أمريكا وخارجها على السواء، حيث يرى “ناي” أن الاعتماد على القوة العسكرية الأمريكية وحدها -كما حدث في الحرب الأمريكية علي العراق- كان سببًا جوهريًّا في اتجاه منحنى القوة الأمريكية إلى الأسفل، وأن الهيمنة العسكرية الأمريكية لم تعد ذات جدوى في عصر باتت فيه المعلومات متداولة والحروب مخصصة، بحيث أصبحت القوة المرنة لا تقل عن القوة الصلبة إن لم تكن تفوقها.()
نموذج أمريكا للدعوة لاستخدام القوة الذكية
وطالب هذا الفريق الأمريكي بضرورة تنبه الولايات المتحدة لممارسة القوة الناعمة مع حفاظها على قوتها الصلبة وجمعهما في قوة واحدة تعرف بالقوة الذكية في إستراتيجية واحدة للتأثير على تلك الدول بعد أن يتم تحديد الأهداف والنتائج المرجوة ومعرفة الموارد المتاحة والأولويات المراد التأثير فيها وأي نوع من القوة سيتم () الاعتماد أو البدء فيها مع تقديرات النجاح لكل منهما. أمريكا نجحت باستخدام قوتها الصلبة لمواجهة اليابان وجعلتها تستسلم كذلك استخدمت قوتها الناعمة في إعادة اعمار اليابان والسيطرة على اقتصادها من خلال تبني خطة مارشال ونشر الثقافة والقيم الديمقراطية بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بإنشاء هيئة المعونة الأمريكية بهدف ربط دبلوماسيتها بالتنمية وأطلقت شراكة الحكومات المنفتحة لتفعيل القوة المدنية ولتعزيز الشفافية والمساءلة وانفتاح حكومات تلك الدول النامية على المجتمع المدني والدولة المدنية تعمل على تحجيم وتقييد العنف المنظم في الصراعات الداخلية ومواجهة الصراعات العابرة للحدود والتركيز على منظمات المجتمع المدني في تعزيز الأمن المدني وهذا جدل السياسيين في الولايات المتحدة المركز على تبني سياسات فعالة لاستخدام القوة بأنواعها فهناك دول تمتلك قوة إعلامية مؤثرة في سياسات دول أخرى رغم صغر حجم تلك الدول. وبعد حرب العراق فقدت الولايات المتحدة الكثير من علاقاتها وسمعتها في الشارع العربي لتكون خصماً ونداً في العلاقات بين العالم الإسلامي والعالم الغربي ونظر الكثير إليها على أنها دولة استعمارية لذلك تعمل حالياً الولايات المتحدة بأسلوب القوة الذكية ولبث الأمل بالشعوب لتحسين صورتها وعلى أنها تحارب الإرهاب لتحمي الشعوب وإيجاد حالة من الحوار والتفاهمات للوصول إلى نتائج ترضي الجميع وتحقق مصالحها. واستخدام () الدبلوماسية المكوكية من اجل ذلك مع إتباع سياسة زيادة ارتباطها إلى أكثر من التفاعل مع حكومات الدولة لأنه في عصر المعلومات يكتسب الرأي العام أهمية وقيمة إضافية حيث أن الجهات غير الحكومية لها قدرة وتأثير في تحريك الشارع والجماهير مع الإشارة إلى أن دور سفير الولايات المتحدة في تلك الدول النامية يجب ان لا يقتصر على النواحي الدبلوماسية مع الحكومة فقط بل ابعد من ذلك ليأخذ التواصل الاجتماعي والاجتماع مع النخب المجتمعية والسياسية والتواصل مع الجمعيات بأنواعها ودعمها بوسائل متعددة لكسب رضاها وللتأثير في سلوك الكثيرين لكسب مودتهم وتحالفهم معها من خلال مد الدعم المالي والمعنوي إليها وهذا ما هو حاصل في وقتنا الحالي من ممارسات متعددة ومتنوعة لأساليب التواصل الدبلوماسي مع المجتمعات المحلية واستقطابها وتغير مفاهيمها وأفكارها والتأثير عليها .
رئيسا مشروع القوة الذكية
وقد رأس هذا المشروع والاجتماعات والحلقات النقاشة شخصيتين، الأولى لها خبرة بالجانب العملي التطبيقي بالمشاركة في إدارات سابقة، والثانية ذو خلفية أكاديمية مع العمل والمشاركة في العمل الحكومي. وهما:-
ريتشارد أرميتاج (Richard L. Armitage) الذي تولى العديد من المناصب، فعندما رشح رونالد ريغان نفسه للرئاسة انضم إليه أرميتاج بصفته مستشارا في السياسة الخارجية منذ عام 1981 حتى 1983، وتسلم منصب النائب المساعد لوزير الدفاع في شرق آسيا وشؤون المحيط الهادي، ومنذ عام 1983 حتى 1989 عمل مساعدا لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي، وفي عام 1992 عينه الرئيس بوش الأب نائبا لوزير الدفاع في مكتب شؤون الأمن الدولي، وتولى عام 2001 منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي، وقدم أرميتاج استقالته من منصبه في نوفمبر 2004 في وقت واحد مع وزير الخارجية المستقيل “كولن باول”، ورئيس مركز “أرميتاج الدولي” “Armitage International” www.armitageinternational.com الذي أسسه في 2005 بعد خروجه من الإدارة الأمريكية، والمعني بتنمية التجارة الدولية والتخطيط الاستراتيجي وحل المشكلات.()
جوزيف ناي(Joseph S. Nye): وهو أستاذ بجامعة هارفارد، والعميد السابق لكلية كيندي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد ” Kennedy School of Government” وقد شغل في الفترة من 1993 إلى 1994 منصب رئيس مجلس الاستخبارات الوطنية، وفي الفترة من 1994 إلى 1995 مساعد وزير الدفاع للأمن الدولي. ومؤلف كتاب (تناقض القوة الأمريكية: لماذا لا تستطيع القوة العظمى الوحيدة في العالم أن تمضي بمفردها).()
إستراتيجية مشروع القوة الذكية في USA:
على خلفية تعدد الإخفاقات في العديد من مناطق النزاع العالمية، تشهد السياسة الخارجية الأمريكية في الآونة الأخيرة حالة من التراجع الملحوظ على المستوى الدولي، والتي لا تقل أهمية عن التأزم الأمريكي في العراق، حيث تزايدت الخسائر الأمريكية البشرية والمالية هناك، فضلا عن، تدهور العملية السياسية.()
قام مركز الدراسات الإستراتجية والدولية (CSIS) وبدعم من مؤسسة ستار بإستراتيجية مشروع القوة الذكية (Smart Power)، التي تهدف إلى أن تقوم السياسة الخارجية الأمريكية على الدمج بين مفهومي القوة الناعمة (Soft Power) والقوة الصلبة (Hard power)، وذلك في ظل غياب الرؤية الإستراتيجية لكيفية مواجهة التحديات الآنية والمستقبلية التي تواجه الولايات المتحدة، و السبيل الأمثل لإدارة السياسة الخارجية الأمريكية؛ من أجل تحقيق المصلحة والأمن القومي الأمريكي.()
لذا دعا المركز إلى اجتماعات ومناقشات ضمت أعضاء من الإدارة الأمريكية القائمة في عام 2007، وأعضاء من المكتب الانتخابي، والجيش، والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام وأكاديميين وكذلك أفراد من القطاع الخاص. وقد اجتمعت اللجنة ثلاثة مرات خلال عام 2007؛ لتطوير مخطط تفصيلي لإنعاش القيادة الأمريكية على أساس مجموعة من الأبحاث والدراسات أعدها خبراء بالمركز.
وقد أصدرت اللجنة تقريرها عن التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة بعنوان “التوقع العالمي لتحديات الأمن العليا لعام 2008” “Global Forecast the top security challenges of 2008″، وتقرير أخر عن القوة الذكية كسياسة لاستعادة مكانة الولايات المتحدة عالميا بعنوان “القوة الذكية، أمن أكثر لأمريكا” Smart power more security for America” وهدف من خلالهما تشكيل النقاش السياسي أثناء الحملات الانتخابية للمرشحين للفوز بالمكتب الأبيض، وكذلك النقاش الوطني حول سبل استعادة واشنطن مكانتها دوليا ومواجهة التحديات التي تحدث عنها التقرير الأول.()
وقد ترأس هذا المشروع والاجتماعات والحلقات النقاشية شخصيتين، الأولى لها خبرة بالجانب العملي التطبيقي بالمشاركة في إدارات سابقة، والثانية ذو خلفية أكاديمية مع العمل والمشاركة في العمل الحكومي. وهما:
ريتشارد أرميتاج (Richard L. Armitage) الذي تولى العديد من المناصب، فعندما رشح رونالد ريغان نفسه للرئاسة انضم إليه أرميتاج بصفته مستشارا في السياسة الخارجية منذ عام 1981 حتى 1983، وتسلم منصب النائب المساعد لوزير الدفاع في شرق آسيا وشؤون المحيط الهادي، ومنذ عام 1983 حتى 1989 عمل مساعدا لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي، وفي عام 1992 عينه الرئيس بوش الأب نائبا لوزير الدفاع في مكتب شؤون الأمن الدولي، وتولى عام 2001 منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي، وقدم أرميتاج استقالته من منصبه في نوفمبر 2004 في وقت واحد مع وزير الخارجية المستقيل “كولن باول”، كما أنه ورئيس مركز “أرميتاج الدولي” “Armitage International” الذي أسسه في 2005 بعد خروجه من الإدارة الأمريكية، والمعني بتنمية التجارة الدولية والتخطيط الاستراتيجي وحل المشكلات.
جوزيف ناي(Joseph S. Nye): وهو أستاذ بجامعة هارفارد، والعميد السابق لكلية كيندي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد ” Kennedy School of Government” وقد شغل في الفترة من 1993 إلى 1994 منصب رئيس مجلس الاستخبارات الوطنية، وفي الفترة من 1994 إلى 1995 مساعد وزير الدفاع للأمن الدولي. ومؤلف كتاب (مفارقة القوة الأمريكية: لماذا لا تستطيع القوة العظمى الوحيدة في العالم أن تمضي بمفردها).()
عوامل نجاح القوة الذكية في أمريكا تتمثل في التركيز على خمس أشياء أساسية هي:
1 – إعادة تقوية التحالفات والشراكات والمنظمات التي تتيح لواشنطن مواجهة مصادر الخطر المتعددة، وعدم الحاجة إلى بناء تحالف جديد عند مواجهة كل تحدي جديد.
2- أن يكون هناك اهتمام على مستوي الإدارات الأمريكية بالتنمية على المستوي الدولي، مما يساعد واشنطن على تطوير برامج المساعدات، بحيث تكون أكثر تكاملا وتوحدا، والذي يربط المصالح الأمريكية مع تطلعات الأفراد في كافة أنحاء العالم، والتي تبدأ بالاهتمام بالصحة العالمية.
3 – إعادة استثمار الدبلوماسية الشعبية، وإنشاء مؤسسات لا تسعى إلى الربح في الخارج؛ لخلق روابط بين الأفراد، والتي تتضمن مضاعفة الاعتماد السنوي لبرنامج “فولبرايت” “Fulbright Program”، الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية لتعزز التفاهم والتبادل العلمي والثقافي بين شعبها وشعوب دول العالم.
4 – الارتباط بالاقتصاد العالمي بالتفاوض حول مناطق التجارة الحرة مع دول منظمة التجارة العالمية الراغبة في التحرك تجاه تحرير التجارة، استنادا إلى القاعدة الدولية، وتوسيع مناطق التجارة الحرة لتشمل الدول التي لم تحلق بركب العولمة.
5- أخذ موقع الصدارة في قضايا التغيرات المناخية وغياب الأمن لمصادر الطاقة، بالاستثمار أكثر في مجالات التقنية والإبداع.
6- تحتوي أميركا على 62% من أهم العلامات التجارية في العالم، وبها 28% من جميع الطلاب الدارسين خارج بلادهم، وهي أكثر دولة تستقطب المهاجرين وتنشر الكتب والمؤلفات الموسيقية وتنتج البحوث العلمية، إضافة إلى كونها أهم مصدّر للأفلام والبرامج التلفزيونية.()
مكاسب اوباما من خلال استخدامه القوة الذكية:
قام بارك أوباما بمجموعة من الأعمال منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية يذكر منها:
نجح في ضم الولايات المتحدة لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغيرات المناخية (كيوتو).
إصدار قانون الضمان الصحي في الولايات المتحدة.
طبق حزمة من سياسات التحفيز الاقتصادية على المستوى الداخلي والخارجي كمحاولة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.
تحويل مجموعة الدول الثماني إلى مجموعة العشرين لتصبح أعرض وأوسع بنية مؤسسية تشمل قوى اقتصادية ناشئة, وبهذا تحقق مطلب عالمي كثرت المطالبة به منذ زمن طويل.
استئناف المفاوضات مع روسيا لإتاحة الفرصة لإعادة إحياء معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية.
توسيع إطار الاجتماعات الاقتصادية مع الصين لحد وصلت فيه لحوار إستراتيجي حول قضايا عدة منها التغيرات المناخية, كما سعى لإقامة علاقات طيبة مع كلٍ من الهند واليابان واستراليا.
زاد عدد القوات العسكرية في أفغانستان 100ألف جندي, على أن تسحب القوات العسكرية منها بعد زيادة القوات ب 18 شهر.
فمن خلال تلك الأعمال التي أنجزها أوباما يتضح لنا إلى أي مدى يمضي في إتباع سياسة خارجية ذكية (ناعمة – خشنة). بالرغم من أن البعض يعتبر أوباما رجل كثير الكلام قليل الأفعال, هذا بمقارنتهم بين ما وعد به وبين ما حققه من تلك الوعود.
وبناءً على ما سبق نستطيع الحكم على سياسة أوباما الخارجية من ناحيتين:
الأولى :إن كان أوباما جاد في طرحه لسياسة القوة الذكية ولكن ما يلزمه هو الوقت ليحقق ما وعد به عند فوزه بالانتخابات الرئاسية, خاصة أنه ورث أجندة خارجية مشحونة بأزمة اقتصادية عالمية, وحربين معقدتين (العراق – أفغانستان), وإخفاق نظام منع انتشار السلاح النووي في إيران وكوريا الشمالية, بالإضافة لتدهور عملية السلام في الشرق الأوسط, تتطلب الوقت الطويل لحلها . وبهذه الحالة يكون الحكم على سياسة أوباما بالنجاح أو الفشل أمر غير منطقي بعد مضي سنتين على توليه الحكم.()
الثانية: إن كانت سياسة القوة الذكية مجرد وسيلة لتلميع صورة الولايات المتحدة الأمريكية التي شُوهت في عهد الرئيس السابق جورج بوش، وغطاء للاستمرار في رسم سياسات تحقق المصالح القومية للولايات المتحدة (بالإضافة للدول الكبرى في العالم) على حساب مصالح شعوب العالم الثالث. هنا تكون سياسة أوباما تسير في طريق النجاح, حيث صورة أمريكا تحسنت لدى العديد من بلدان العالم وفق استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “بيو”منذ تسلم أوباما.()
مكاسب أمريكا المستقبلية من استخدام القوة الذكية:
1- الحفاظ على الحيوية الاقتصادية: وهو ما يتطلب جهودًا جادَّة من طرف الحزبين لخفض الدين الوطني؛ والاستثمار في الإنتاجية والقدرة التنافسية، وتوسيع التجارة الحرة في جميع أنحاء العالم.
2- الحفاظ على تفوق الولايات المتحدة العسكري عالَميًّا: وهو ما يتطلب عدم التغاضي أبدًا عن المصالح الأمنية طويلة الأمد عندما تفرض تخفيضات على ميزانية الدفاع؛ أي: لا بد من الحفاظ على قدرة التدخل بكفاءة وسرعة في أي وقت وأي مكان في العالم.
3- دعم الحلفاء والشركاء: فإن أوروبا وحلف شمال الأطلسي لهما الدور الحاسم هنا. ولكن في منطقة آسيا والباسيفيك أو في الشرق الأوسط، يدعو المخطط إلى استمرار الجهود من أجل شراكة أمنية أفضل، وهو يدعو كذلك إلى رفع مستوى علاقات التعاون مع البلدان الديمقراطية الصاعدة مثل: تركيا والبرازيل وإندونيسيا والهند.
4- استخدام المساعدات الخارجية كوسائل سياسية وأداة للضغط: وذلك بطريقة تعزز وتوثق الارتباط مع أهداف واستراتيجيات أوسع للولايات المتحدة.
5- الاستثمار في “الأدوات اللازمة لممارسة النفوذ”: وذلك ضمن نطاق مشاركة عالمية واسعة. ذلك أن الحكومات الأجنبية -كما يرى المخطط- لم تعد تمثل المحاور الوحيدة، وكما يقول: “إن التغييرات التي أحدثها النشطاء في تونس ومصر وليبيا في غضون ثلاث سنوات فقط تفوق كل ما فعلته الحكومات في الشرق الأوسط خلال خمسين سنة”.()
تحديات استخدام القوة الذكية
1ـ التحدي المؤسسي:
يتمركز التحدي المؤسسي للقوة الذكية في الفجوة القائمة بين مؤسسات القوة الصلبة المتمثلة في المؤسسة العسكرية أو الجيش ومؤسسات الأمن التي تعتمد على استخدام الإكراه والإجبار وبين مؤسسات القوة الناعمة التي قد تدخل ضمن ميزانية الدولة في صورة مهملة او بدون إعطائها وزنها الحقيقي. فحجم مؤسسات القوة الصلبة أكبر بكثير من نظرائها للقوة الناعمة من حيث الحجم المؤسسي والرسوخ والثبات ناهيك عن ميزانية الدولة في كل منهما. فالتباين المؤسسي بين القوتين ينتج تعقيدات تتعلق بحجم المؤسسات ومكانتها وثقافتها المؤسسية وكل هذا بالطبع يؤثر في أدائها وبالتالي أداء القوة الذكية.
فهذا يعني بشكل أو بأخر أن مؤسسات القوة الناعمة تكون خاضعة إلى حد ما لمؤسسات القوة الصلبة كالمؤسسة العسكرية والمخابرات التي قد تحدد ما يفعل او ما لا يفعل على صعيد القوة الناعمة. كما أن الرسوخ والثقافة المؤسسية للمؤسسات الأمنية بشكل عام قد تمثل معوقا لأي تعاون قد يحدث بين مؤسسات طرفي القوة وهو ما يؤثر سلبيا وبشدة على تحقيق القوة الذكية بشكل مثمر.()
لذا يمكن القول أن القدرة على إيجاد ترتيبات مؤسسية متوازنة يعتمد على رغبة القيادة السياسية للدولة على فهم مثل هذه التعقيدات ومحاولة التنسيق والموازنة بينهم بجانب تأييد من التجمعات السياسية لمثل هذا التوجه من القوة الذكية.
2ـ التحدي السياسي:
القوة الذكية لا تحتاج فقط إلا مؤسسات تدعمها وحسب بل تحتاج إلى قوة سياسية وإرادة من القيادة لتحقيقها. فالجانب المؤسسي يعتمد في إصلاحه بالأساس على مثل هذه القيادة الراغبة (willingness) . فغياب التوازن السياسي بين القوة الناعمة والقوة الصلبة تحدي أخر من تحديات القوة الذكية. فأنصار القوة الصلبة ومؤيديها أكثر قوة وحجمًا وتمثيلًا من أنصار القوة الناعمة وهذا لا يقتصر على النخبة السياسية للدولة بل يمتد لدوائر الجماهير والتأييد الشعبي لها. فالناخبون السياسيون عندما يختارون ممثل لهم فهم يفضلون التوجه الذي يعتمد على القوة الصلبة المرئية والملموسة التي يأخذها هؤلاء في الاعتبار ويعتبرونها رمزًا لقوة الذلة وتأثيرها ومقدرة على حماية مصالحها. فأنصار القوة الناعمة بين فئات المواطنين أقل بكثير من هؤلاء المؤيدين للقوة الصلبة وتقتصر التأييد والدعوة لهذا التوجه على فئات الأكاديميين والدبلوماسيين السابقين فلا يوجد قوة شعبية توازن تلك التي تمتلكها القوة الصلبة.()
خلاصة
إن مصطلح سياسة القوة الذكية هو الجديد في حين ما تنطوي عليه هذه السياسة من أساليب وأدوات متبعة ليس بالجديد على الإطلاق, بل نقرأ في صفحات تاريخ الأحداث السياسية عن العديد من الوقائع التي تجسد سياسة القوة الذكية, ومنها حملة نابليون على مصر, ودعوة جورباتشوف لضرورة استبعاد استخدام القوة في حل الصراعات الدولية والإقليمية, كذلك الأمر بالنسبة للشروع في تأسيس المنظمات الدولية والمنظمات الغير حكومية التي تعنى في كافة مجالات التنمية ( الاقتصادية- الاجتماعية – الثقافية- البيئة…) والناشطة في مجال حقوق الإنسان تعد أحد أوجه القوة الناعمة إن لم تكن أداة من أدواتها, تستخدمها الدول الكبرى في العالم لتمرير سياساتها ومشاريعها الموجهة لدول العالم الثالث.
كما إن الاعتماد على القوة الخشنة (العسكرية) وحدها في عصرنا الحالي لا يؤدي لإحراز الأهداف المتعلقة بالشأن السياسي الخارجي للدولة, وإنما تطلب ذلك المزيد من استخدام وسائل الإقناع والجذب (القوة الناعمة) وذلك لجملة الأسباب التي ذكرت في عرض البحث عن مبررات سياسة القوة الذكية ويضاف عليها أننا في عصر العولمة هذا قد يستطيع برنامج تلفزيوني – على سبيل المثال- إحداث أثر وتغير في سلوك ومسارات تفكير شعب ما بسوية تعجز أو عجزت المدفعية العسكرية عن فعلها زمن الحروب والصراعات المسلحة.
يمكن القول تشكّل الدبلوماسية العامة تشكل أداة مهمة في ترسانة القوة الذكية، ولكن هذه الدبلوماسية تتطلب فهماً سليماً للمصداقية، والنقد الذاتي، ودور المجتمع المدني في توليد القوة الناعمة. وإذا ما هبطت إلى مستوى الدعاية، أو حملة علاقات عامة فإنها ستفشل في أداء دورها المتضمن الإقناع والجذب واستقطاب الرأي العام العالمي حول أهداف وقضايا صانعيها. لذا لا بد للقوة الذكية عبر سياسة القوة الناعمة أن تعتمد في المقام الأول على فهم عقول الآخرين واستيعاب مفاهيمهم ومعتقداتهم لتتمكن من معرفة ورسم مواقع نفوذها لديهم.
و باتت المنظمات الإرهابية تستخدم سياسة القوة الذكية للدخول لعقول وقلوب الناس وكسب التأيد والدعم على المستويين الإقليمي والعالمي, حيث أثبت تنظيم القاعدة شعبيته الواسعة في استطلاعات الرأي التي أجريت في إندونيسيا وباكستان والأردن والمغرب وفي أراضي السلطة الفلسطينية، عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر. رغم ما رسمته الولايات المتحدة لنفسها من إستراتيجيات للقوة الذكية إلا أنها ما زالت تنفق على القوة العسكرية أكثر من الناعمة ب17 ضعفًا. وإن دل هذا على شيء فإنه قد يدل على أنها تلوح باستخدام القوة الذكية كغطاء لاستمرارها باستخدام القوة العسكرية، خاصة وأن القوى والمصالح التي تقف خلف النخبة الحاكمة بتوجهاتها الإستراتجية لا تزال تعتقد أن استخدام القوة العسكرية أمر مشروع ومطلوب لمحاربة الإرهاب.
تتبع الدول سياسة القوة الذكية في سياستها الخارجية بدرجات متفاوتة وبطرق وأدوات تختلف من دولة لأخرى.
خاتمة:
وفي النهاية يمكننا القول أنه لا يمكن الاعتماد على القوة الصلبة فقط أو القوه الناعمة فقط في وقتنا الحالي وخاصة مع تعقد النظام الدولي وتداخل المصالح للدول الكبري وتغير موازين القوى، حيث أنه أصبح هناك العديد من الفاعلين الدوليين وغير الدوليين على الساحة، فيجب على الدولة التي تسعي إلي تعظيم أرباحها أن توازن بين استخدام القوه الصلبة والقوة الناعمة وصولاَ للقوة الذكية لكي تحافظ على وزنها في النظام الدولي. ولكنه على الرغم شيوع مفهوم القوة الذكية إلا أن القوة الصلبة مازال لها تأثير قوي وفعال على الساحة الدولية، خاصة في هذه الأيام، ومع ظهور داعش كجماعة إرهابية ويجب التعامل معها بطريقة صلبة وليست ناعمة. وعلى صعيد آخر نجد التدخل الروسي الإيراني في سوريا يعد قوة صلبة تفقدها مكانها في المجتمع الدولي , وهذا أيضا يعد تدخل عسكري مباشر في الوقت الذي نجد فيه الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دور المحايد ومحاولتها في أن توازن بين القوة الصلبة والناعمة بعكس روسيا ومازالت تعتمد على قوتها العسكرية أكثر من أي نوع آخر.
وأخيرًا أقول أن أطروحات القوة الذكية قد دخلت مجالاتها التطبيقية بصورة مباشرة في الأحداث التي تسمى (الربيع العربي) أو (الثورات العربية)، وهذه القوة الذكية نجحت إلى حد الآن جزئيًّا، وإن الحديث عن النجاح الكلي لها لهو من الأمور التي يصعب الحديث عنها بهذه السرعة؛ لأن نتائج أي فعل إستراتيجي منظم لا يمكن قياسها إلا بعد مرور فترات طويلة على هذا الفعل، وكذلك فإن التراكم الدقيق لدقائق الأمور وتشكيله للصورة الأساسية في النهاية هو قمة النجاح الإستراتيجي. وبهذا فإن مراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية الأمريكية في حالة عمل مستمر على تطوير الرؤى والأفكار الجديدة والتي تطبق على العالم، وكأن دول هذا العالم هي فئران للتجارب الأمريكية!
النتائج
1- إن مصطلح سياسة القوة الذكية هو الجديد في حين ما تنطوي عليه هذه السياسة من أساليب وأدوات متبعة ليس بالجديد على الإطلاق, بل نقرأ في صفحات تاريخ الأحداث السياسية عن العديد من الوقائع التي تجسد سياسة القوة الذكية, ومنها حملة نابليون على مصر, ودعوة جورباتشوف لضرورة استبعاد استخدام القوة في حل الصراعات الدولية والإقليمية, كذلك الأمر بالنسبة للشروع في تأسيس المنظمات الدولية والمنظمات الغير حكومية التي تعنى في كافة مجالات التنمية ( الاقتصادية- الاجتماعية – الثقافية- البيئة…) والناشطة في مجال حقوق الإنسان تعد أحد أوجه القوة الناعمة إن لم تكن أداة من أدواتها, تستخدمها الدول الكبرى في العالم لتمرير سياساتها ومشاريعها الموجهة لدول العالم الثالث.
2- رغم ما رسمته الولايات المتحدة لنفسها من إستراتيجيات للقوة الذكية إلا أنها ما زالت تنفق على القوة العسكرية أكثر من الناعمة ب17 ضعفًا. وإن دل هذا على شيء فإنه قد يدل على أنها تلوح باستخدام القوة الذكية كغطاء لاستمرارها باستخدام القوة العسكرية، خاصة وأن القوى والمصالح التي تقف خلف النخبة الحاكمة بتوجهاتها الإستراتجية لا تزال تعتقد أن استخدام القوة العسكرية أمر مشروع ومطلوب لمحاربة الإرهاب.
تتبع الدول سياسة القوة الذكية في سياستها الخارجية بدرجات متفاوتة وبطرق وأدوات تختلف من دولة لأخرى.
3- إن الاعتماد على القوة الخشنة (العسكرية) وحدها في عصرنا الحالي لا يؤدي لإحراز الأهداف المتعلقة بالشأن السياسي الخارجي للدولة, وإنما تطلب ذلك المزيد من استخدام وسائل الإقناع والجذب (القوة الناعمة) وذلك لجملة الأسباب التي ذكرت في عرض البحث عن مبررات سياسة القوة الذكية ويضاف عليها أننا في عصر العولمة هذا قد يستطيع برنامج تلفزيوني – على سبيل المثال- إحداث أثر وتغير في سلوك ومسارات تفكير شعب ما بسوية تعجز أو عجزت المدفعية العسكرية عن فعلها زمن الحروب والصراعات المسلحة
4- الدبلوماسية العامة أداة مهمة في ترسانة القوة الذكية، ولكن هذه الدبلوماسية تتطلب تشك للمصداقية، والنقد الذاتي،سليما فهما ودور المجتمع المدني في توليد القوة الناعمة. وإذا ما هبطت إلى مستوى الدعاية، أو حملة علاقات عامة فإنها ستفشل في أداء دورها المتضمن الإقناع والجذب واستقطاب الرأي العام العالمي حول أهداف وقضايا صانعيها. لذا لا بد للقوة الذكية عبر سياسة القوة الناعمة تقوم في المقام الأول على فهم عقول ومعتقداتهم الآخرين لتتمكن من معرفة ورسم مواقع نفوذها لديهم.
5 – باتت المنظمات الإرهابية تستخدم سياسة القوة الذكية للدخول إلى عقول وقلوب الناس وكسب التأييد والدعم على المستويين الإقليمي والعالمي، حيث أثبت تنظيم القاعدة شعبيته الواسعة في استطلاعات الرأي التي أجريت في إندونيسيا وباكستان والأردن والمغرب وفي أراض ي السلطة الفلسطينية، عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.
6 – رغم ما رسمته الولايات المتحدة لنفسها من استراتيجيات للقوة الذكية إلا أنها ما زالت تنفق على
القوة العسكرية أكثر من الناعمة وإن دل هذا على شيء فإنه قد يدل على أنها تلوح باستخدام القوة الذكية كغطاء لاستمرارها باستخدام القوة العسكرية، خاصة وأن القوى والمصالح التي تقف خلف النخبة الحاكمة بتوجهاتها الإستراتجية لا تزال تعتقد أن استخدام القوة العسكرية أمر مشروع ومطلوب لمحاربة الإرهاب.
7- تشكّل الدبلوماسية العامة تشكل أداة مهمة في ترسانة القوة الذكية، ولكن هذه الدبلوماسية تتطلب فهماً سليماً للمصداقية، والنقد الذاتي، ودور المجتمع المدني في توليد القوة الناعمة. وإذا ما هبطت إلى مستوى الدعاية، أو حملة علاقات عامة فإنها ستفشل في أداء دورها المتضمن الإقناع والجذب واستقطاب الرأي العام العالمي حول أهداف وقضايا صانعيها. لذا لا بد للقوة الذكية عبر سياسة القوة الناعمة أن تعتمد في المقام الأول على فهم عقول الآخرين واستيعاب مفاهيمهم ومعتقداتهم لتتمكن من معرفة ورسم مواقع نفوذها لديهم.
المراجع:
1- مفهوم الدبلوماسية
http://onlypoliticalscience.blogspot.com.eg/2010/11/blog-post.html
2- الظاهر، نعيم.) 1999 (. الجغرافيا السياسية المعاصرة في ظل النظام الدولي الجديد.الأردن : دار
اليازوري العلمية
3- هايل عبد المولى طشطوش -الدبلوماسية ودورها في إدارة العلاقات الدولية
4- المصدر: موسوعة الدبلوماسية – الجزء الثاني- د . عبد الوهاب الكيالي – ص :662-658
http://www.siironline.org/alabwab/diplomacy-center/020.html
5- كتاب الدبلوماسية تاريخها مؤسساتها أنواعها قوانينها للكاتب الدكتور سعيد أبو عباه – دار الشيماء للنشر والتوزيع – الطبعة الأولى- 1430هـ/2009م
http://www.aldiplo.net/diplomacy.htm
6- د. رياض الحروب , القوة الذكية … والقوة الغبية , جريدة الأنباط
http://www.alanbatnews.net/jonews/alanbat-writers/120158.html
7- يوسف ، أحمد فاروق .) 1985 ( . اقتراب واقعي من الظاهرة السياسية . القاهرة : مكتبة عين شمس
http://bohothe.blogspot.com.eg/2009/12/1992-20.html
8- دراسات — الدبلوماسية ووسائل السياسة الخارجية
http://www.siironline.org/alabwab/derasat%2801%29/329.htm
9- العرفة _الدبلوماسية:
http://www.marefa.org/index.php/%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9
10- كتاب الدبلوماسية تاريخها مؤسساتها أنواعها قوانينها للكاتب الدكتور سعيد أبو عباه – دار الشيماء للنشر والتوزيع – الطبعة الأولى- 1430هـ/2009م
http://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/239926.html
11- القوة الناعمة وسيلة نجاح في السياسة الدولية ، جوزيف ناي, نقلة للعربية د: محمد توفيق ، مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى 2007، ص 20
12- يمني سليمان 0 المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية – القوة الذكية ـ المفهوم والأبعاد:
http://www.eipss-eg.org/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF_%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9_%D8%AA%D8%A3%D8%B5%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9/2/0/320
13- مفهوم القوة في الفكر الإستراتيجي – شبكة المشكاة الإسلامية
http://www.meshkat.net/node/23195
14- د : هشام, القروي .1ستراتيجية أمريكية جديدة مركز نماء وانتماء للأبحاث والدراسات
http://nama-center.com/ActivitieDatials.aspx?ID=243
15- ناي ، جوزيف . ) 2003 ( مفارقة القوة الأمريكية : لماذا لا تس ?تطيع القوة العظمى الوحيدة في
العالم أن تمضي وحدها. ترجمة د. محمد توفيق البجيرمي .الرياض : مكتبة العبيكان
The Benefits of Soft Power- 16
http://hbswk.hbs.edu/archive/4290.html
17.صبري , إبراهيم: العلاقات السياسية الدولية، ط 7، النشر، الكويت، 0927 ، ص 163
18- محسن, . راشد العبد الله: نظرية القوة في الصراع العربي الإسرائيلي، الأكاديمية العسكرية العليا، ص9
19- . الفاروق, عمر سيد , قوة الدولة، القاهرة، مكتب مدبولي، 1992
20- جودت هوشيار- الجذور التأريخية لنظرية القوة الناعمة
https://www.xendan.org/arabic/drejaWtara.aspx?NusarID=1&Jmara=144
21- القوة الناعمة وسيلة نجاح في السياسة الدولية ، جوزيف ناي, نقلة للعربية د: محمد توفيق ، مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى 2007، ص 20
https://archive.org/details/Ahmedaspire2014_gmail_Pdf
22- يمني سليمان 0 المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية – القوة الذكية ـ المفهوم والأبعاد:
http://www.eipss-eg.org/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF_%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9_%D8%AA%D8%A3%D8%B5%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9/2/0/320
23- مقابلة: جوزيف ناى : ينبغى على الولايات المتحدة الجمع بين قوة ناعمة وصلبة فى قوة ذكية
http://www.arabic.xinhuanet.com/arabic/2009-01/16/content_800136.htm
24- – “هاجل: السياسية الخارجية الأميركية ستقدم الدبلوماسية على القوة العسكرية” منشور في 1 شباط 2014
http://www.aleqt.com/2014/02/01/article_821854.
25- حوار : مها شهبة , صاحب نظرية القوة الناعمة ..جوزيف ناي:الحرب ليست قدرا محتوما , أمريكا لن تكرر أخطاء القرن الماضي مع الصين , نشر في 11 أكتوبر 2014
http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/330602.aspx
26- “الحرب الناعمة والحرب الذكية، ” آنا سيمونز،,
www.fpri.org/articles/2012/04/soft-war-smart-war-think-again
27- باسم عبد عون الحسناوي/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية … الحرب الناعمة.. استراتيجية أمريكية جديدة للنفوذ والهيمنة .. وكالة أنباء برثا
http://burathanews.com/news/251652.html
28- علي بشار أغوان …. القوة الذكية: هل يعيد لأمريكا مكانتها الدولية؟ …مشروع الدمج بين مفهومي القوة الناعمة والقوة الصلبة لمواجهة التحديات …. دار الناشري..
http://annabaa.org/nbanews/70/247.htm
29- شبكة المعلومات ..القوة الذكية: هل يعيد لأمريكا مكانتها الدولية؟ …مشروع الدمج بين مفهومي القوة الناعمة والقوة الصلبة لمواجهة التحديات
http://annabaa.org/nbanews/70/247.htm
30- إيمان مصطفى أحمد , القوة الذكية في السياسة الخارجية , قضايا دولية: ٠٣ مارس ٢٠١٦
http://fekr-online.com/article/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9
31- مفهوم القوة في الفكر الإستراتيجي شبكة المشكاة الإسلامية الأحد 04 رجب 1429 هـ 06 يوليو 2008 م
http://www.meshkat.net/node/23195
32- خلود الشيباني ناشطة وكاتبة في مجال حقوق الإنسان سياسة القوة الذكية في العلاقات الدولية – الدول التي تنتهج سياسة القوة الذكية
. الموقع الإلكتروني لشبكة النبأ المعلوماتية، الآربعاء 21 / أيار/ 20008
http://kshibany.blogspot.com.eg/2011/11/blog-post_5735.html
33- د. محمد: شريف علي القوة الذكية في الفكر الأمريكي “جوزيف ناي: القوة الذكية”، مجلة كلية الملك خالد العسكرية”الإلكترونية
34- حلمى النمنم حلمى النمنم القوة الناعمة.. ما قبل وما بعد , الأحد 28-02-2016
http://www.elwatannews.com/news/details/998620
35- هيلاري كلينتون في خطاب لها بمعهد بروكينغز يوم الخميس 27 مايو/ايار
https://arabic.rt.com/news/48244-%D9%83%D9%84%D9%8A%D9%86%D8%AA%D9%88%D9%86_%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9_%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A_%D8%AA%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D9%81_%D8%A8%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF_%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%B2_%D9%82%D9%88%D9%89_%D8%A7%D8%AE%D8%B1%D9%89_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/
36- علي بشار أغوان- القوة الذكية والمجالات التطبيقية في الإستراتيجية الأمريكية (في مصر، تونس وليبيا) كمثال تطبيقي- دار ناشري
http://nashiri.net/articles/politics-and-events/4904-2011-07-25-16-58-04-v15-4904.html
37- د. رياض, الحروب , القوة الذكية … والقوة الغبية , جريدة الأنباط
http://www.alanbatnews.net/jonews/alanbat-writers/120158.html