الشرق الأوسطعاجل

أهداف “حزب الله” في أمريكا اللاتينية وهل يستهدف دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 ؟

-المركز الديمقراطي العربي

لا يزال «حزب الله» وإيران ناشطين جداً في أمريكا اللاتينية – ويحظى هذا الواقع بالاهتمام الكامل من مسؤولي الاستخبارات الأمريكية ونظرائهم جنوب الحدود. في عام 1994، لفت التفجير الذي استهدف “الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية” (“آميا”)، وهو مركز اجتماعي يهودي رئيسي في بوينس آيرس، انتباه العالم إلى عمليات «حزب الله» في أمريكا اللاتينية وفقاً لتوجيهات من إيران بحسب “ذي سايفر بريف” للباحث ماثيو ليفيت هو زميل “فرومر- ويكسلر” ومدير برنامج “ستاين” للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن.

“في إطار الألعاب الأولمبية الصيفية التي تجري في مدينة ريو دي جانيرو، تبقى قوّات الأمن البرازيلية والدولية على أهبة الاستعداد لإحباط أي مؤامرة إرهابية قد تهدّد أمن الألعاب. ووفقاً لما أفاد به المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأمريكية والخبير في شؤون «حزب الله»، ماثيو ليفيت، كثّف مسؤولو مكافحة الإرهاب البرازيليون الجهود المبذولة لمنع وقوع هجوم إرهابي عبر توقيف العضو السابق في «حزب الله» فادي حسن نابهة بالإضافة إلى 12 مواطناً برازيلياً من مناصري تنظيم «الدولة الإسلامية» خلال الفترة التي سبقت الألعاب. وقد تحدّث موقع “ذي سايفر بريف” (The Cipher Brief) مع ليفيت لتقييم التهديد الحالي الذي يمثّله «حزب الله» وإيران في مختلف أنحاء أمريكا اللاتينية”.

وعبّر منسّق وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب، خلال شهادته أمام الكونغرس الأمريكي في الأسابيع التي تلت الهجوم، عن قلقه من أعداد الدبلوماسيين التي كانت تضمّها السفارات الإيرانية في المنطقة والتي فاقت الضرورة، ويُعتقد أن بعضهم كانوا من عملاء الاستخبارات وعناصر إرهابية.

وبعد خمسة عشر عاماً، أشار قائد “القيادة الأمريكية الجنوبية” (“ساوثكوم”) إلى أن الحضور الإيراني في المنطقة قد ازداد حتى أكثر من قبل، وتوسع عدد البعثات من مجرّد حفنة قبل بضع سنوات إلى اثنتي عشرة بعثة في عام 2010. كما أصدر المدّعي العام الأرجنتيني، ألبيرتو نيسمان، الذي قُتل مؤخّراً خلال تحقيقه في تفجير “الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية” تقريراً حذّر فيه على وجه التحديد سلطات تشيلي والبرازيل والأوروغواي والباراغواي وغيانا وترينيداد وتوباغو وسورينام وكولومبيا وحثّها على ضرورة التيقّظ من التسلّل الإيراني.

وفي البرازيل تحديداً، أدرجت وزارة المالية الأمريكية هويات مجموعة من العناصر التابعين لـ «حزب الله» في “منطقة الحدود الثلاثية” في عام 2006. وشملت هذه المجموعة فاروق العميري الذي حدّدت الوزارة دوره “كمنسّق لعناصر «حزب الله» في المنطقة]وأيضاً[ كعنصر رئيسي في عملية تأمين وثائق مزيفة تابعة للبرازيل والباراغواي ]الذي[ ساعد بعض العناصر في “منطقة الحدود الثلاثية” على الحصول على الجنسية البرازيلية بصورة غير شرعية”.

وكان العميري متورّطاً أيضاً في عمليات إتجار بالمخدّرات بين أمريكا الجنوبية وأوروبا والشرق الأوسط.

وفي نيسان/ أبريل 2011، نشرت مجلّة فيجا (Veja) البرازيلية مقالاً نقلاً عن وثائق تابعة لمكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيين والإنتربول ووثائق أخرى تتعلّق بالنشاط الإرهابي في البرازيل، حذّرت فيه من أن عميل المخابرات الإيرانية، محسن رباني، الذي عمل بشكل وثيق مع «حزب الله» لتنفيذ تفجيرات عامي 1992 و1994 في بوينس آيرس “يتسلّل كثيراً من البرازيل وإليها بجواز سفر مزوّر وجنّد ما لا يقل عن 24 من الشباب في ثلاث ولايات برازيلية للمشاركة في صفوف ‘ التنشئة الدينية في طهران “.

وعلى حدّ تعبير مسؤول برازيلي ذُكر في المجلّة، “يظهر في البرازيل جيل من المتطرّفين الإسلاميين في غفلة من الجميع”. وذكرت بعض التقارير أن «حزب الله» وسّع أنشطته الإجرامية في البرازيل لتشمل الاحتيال في عمليات الشحن تمثّل بحاويات تدخل البرازيل من مرفأ ساو باولو وتختفي في النهر في طريقها إلى “منطقة الحدود الثلاثية”.

وألقت السلطات البرازيلية القبض مؤخّراً على فادي حسن نابهة، وهو مواطن لبناني يُزعم أنه مهرب مخدّرات تابع لـ «حزب الله». وقد أُدرج نابهة ضمن قائمة المطلوبين التابعة للإنتربول في عام 2013، وكانت السلطات البرازيلية تبحث عنه منذ شهر أيار/ مايو. وشدّدت البرازيل تركيزها على مكافحة التهديدات الإرهابية والأنشطة غير المشروعة ذات الصلة في الفترة التي سبقت دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو ولكنها لم تتجاهل تاريخ «حزب الله» الطويل الحافل بالأنشطة الإرهابية والإجرامية في البلاد.

ويقول “م. ليفيت” منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي على الأقل، أدارت إيران شبكة مخابرات في أمريكا اللاتينية – وسرعان ما حذا «حزب الله» حذوها. واستمدّ «حزب الله» وإيران الدعم من هذه الشبكات لتنفيذ تفجير عام 1994 الذي استهدف “مركز الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية” الاجتماعي اليهودي في بوينس آيرس. وبالرغم من انكشاف الغطاء عن العناصر الإيرانية ونظيرتها التابعة لـ «حزب الله» المشاركة في هذا الهجوم الدامي، يواصل الطرفان تطوير شبكات المخابرات والدعم اللوجستي في المنطقة من دون رادع.

ويًطلق عادة على “منطقة الحدود الثلاثية” التي تشمل البرازيل والباراغواي والأرجنتين اسم “الأمم المتّحدة الإجرامية”، و”ملاذ آمن للإرهاب” من الطراز الأول، وعاصمة التزوير، وتوفّر بيئة طبيعية للعناصر التي تسعى إلى بناء شبكات دعم مالي ولوجستي تابعة لـ «حزب الله» ضمن المجتمعات المحلية للجالية الشيعية واللبنانية هناك.

ويواصل «حزب الله» في أمريكا اللاتينية التركيز على جمع مبالغ كبيرة من المال عبر الأعمال غير المشروعة والتهريب في “منطقة الحدود الثلاثية” ومناطق تجارة حرّة أخرى في المنطقة. ومع ذلك، فقد امتدّت أنشطته إلى أبعد بكثير من هذه البقاع الساخنة المعروفة، ولم تشمل الدعم اللوجستي والمالي فحسب بل تخطيط العمليات الإرهابية أيضاً.

ويضيف الباحث” بدأ «حزب الله» بتوسيع أنشطته المتعلّقة بقطاع المخدّرات في أمريكا الجنوبية في أوائل ثمانينيات القرن الماضي ونمت بشكل ملحوظ في العقود التالية. ومن خلال عمله مع عصابات المخدّرات، وفّر الحزب لعناصره دفقاً كبيراً من الإيرادات وشرّع الأبواب لغسل الأموال وتهريب المخدّرات”.

في كانون الثاني/ يناير 2011، أًحبطت واحدة من أكبر مخطّطات «حزب الله» للاتجار بالمخدّرات وغسل الأموال. وحدّدت وزارة الخزانة الأمريكية هوية عنصر «حزب الله» أيمن جمعة إلى جانب تسعة أفراد إضافيين و19 شركة من شركات الأعمال المتورّطين في ذلك المخطط. وكشف تحقيق أجرته “إدارة مكافحة المخدّرات” الأمريكية أن جمعة غسل أموالاً بمقدار 200 مليون دولار في الشهر من بيع الكوكايين في أوروبا والشرق الأوسط من خلال عمليات جرت في لبنان وغرب أفريقيا وباناما وكولومبيا عبر استخدام مكاتب صرف العملات وتهريب كميات كبيرة من الأموال النقدية ومخطّطات أخرى.

وغَسلت شبكة جمعة الأموال عبر حسابات في “البنك اللبناني الكندي” استخدمها لتنفيذ مخططات معقّدة لغسل الأموال قائمة على التجارة.

وقد مكّنت هذه الإيرادات الإضافية «حزب الله» من شراء الأسلحة التي استخدمها في الآونة الأخيرة في الصراع السوري، فضلاً عن تمويل وتسهيل أنشطة “منظمّة الأمن الخارجي” التي تُعرف أحياناً باسم “منظّمة الجهاد الإسلامي” وهي جناح «حزب الله» الإرهابي، وفقاً لـ “إدارة مكافحة المخدّرات”.

ويشير الباحث الى أن المسؤولين الأمريكيين ينتابهم قلق شديد إزاء تصاعد أنشطة المخابرات الإيرانية في المنطقة، فضلاً عن الأنشطة التنفيذية لـ «حزب الله» في المنطقة التي تكمّل أنشطة دعمه اللوجستي والمالي القائمة هناك منذ فترة طويلة. ويواصل كل من «حزب الله» وإيران تطوير شبكات المخابرات والدعم اللوجستي في المنطقة من دون رادع.

ولا بدّ من النظر إلى التهديد الذي يشكّله «حزب الله» في نصف الكرة الغربي، المنطقة ذات أهمية جغرافية – استراتيجية رئيسية ومعقل النفوذ الأمريكي التاريخي، كخطر محدق.

وفي تقريرها السنوي حول الإرهاب لعام 2015، سلّطت وزارة الخارجية الأمريكية الضوء على شبكات الدعم المالي التي يحتفظ بها «حزب الله» في أمريكا اللاتينية. وخلُص التقرير إلى أن الحزب “قادر على العمل في جميع أنحاء العالم”. وبالفعل، أُحبطت إحدى مؤامرات «حزب الله» الأخيرة في بيرو وشارك فيها عنصر من الحزب متزوّج من مواطنة أمريكية.

وبحسب “م. ليفيت” يهتم خبراء الأمن الدولي عن كثب بالبرازيل وقد عبّروا عن قلقهم من نظام مكافحة الإرهاب المتساهل في البلاد وطريقة إنفاذه الأكثر ضعفاً. ومع ذلك، فإن الإجراءات الأخيرة التي اتّخذتها أجهزة إنفاذ القانون البرازيلية، بما فيها الاعتقالات الأخيرة لـ 12 رجلاً برازيلياً أعلنوا عن ولائهم لـ تنظيم «الدولة الإسلامية»، تدل على الجهود المكثفة التي تُبذل لمنع وقوع هجوم إرهابي خلال الألعاب الأولمبية.

وفي حين ينصب التركيز الرئيسي على تنظيم «الدولة الإسلامية»، يُظهر توقيف عنصر «حزب الله» السابق، فادي حسن نابهة، في الأسبوع الماضي أن البرازيل ما زالت تراقب الحزب في إطار جهود مكافحة الإرهاب الاستباقية بمناسبة الألعاب الأولمبية. ووفقاً للشرطة، خدم نابهة في صفوف القوّات الخاصة لـ «حزب الله» وتلقّى تدريباً على استخدام الأسلحة والمتفجّرات. وتسعى وزارة العدل لطرده من البلاد.

بيد، تشير كافة التقديرات إلى أن «حزب الله» لن يخاطر في تنفيذ هجوم خلال الألعاب الأولمبية. ومع ذلك، فللحزب جذور مترسّخة في المنطقة بشكل عام وفي البرازيل بشكل خاص، وقد يستخدمها لدعم عملية ما، إذا ما تلقى تعليمات بذلك. كما أن مجرمين فرديين مرتبطين بهذه الشبكات قد يستخدمون صلاتهم أيضاً لدعم عملية ما، رغم أنه من غير المرجح حدوث ذلك أيضاً.

وحول الخطوات التي يمكن اتّخاذها للتخفيف من حدّة التهديدات التي يشكّلها «حزب الله» وإيران في أمريكا اللاتينية؟

يقول “م. ليفيت” لفت المسؤولون الأمريكيون إلى التزام الإدارة بـ “استهداف النطاق الكامل لنشاط «حزب الله»”. ففي عصر الاتفاق النووي الإيراني، والمقاتلين الإرهابيين الأجانب، و تنظيم «الدولة الإسلامية»، تحتدم المنافسة لتخصيص الموارد والأموال للأولويات الأخرى.

ومع ذلك، ففي ضوء تاريخ «حزب الله» وإيران الحافل بالسلوك التهديدي في أمريكا الجنوبية والذي ازدادت حدّته مع ارتفاع وتيرة أنشطتهما الخبيثة في المنطقة وطبيعتها، من الضروري جداً توفير الاهتمام المطلوب وتخصيص الموارد اللازمة لتعقّب التهديدات الذي يشكلها «حزب الله» وإيران ومكافحتها.

ويختم الباحث قوله الى أنه ستتطلّب مواجهة هذا التهديد تنسيقاً دقيقاً بين أجهزة إنفاذ القانون والمخابرات والسياسات في مختلف أرجاء نصف الكرة الغربي. ونظراً لنشاط «حزب الله» في التخطيط لهجمات إرهابية حول العالم، ينبغي تطبيق هذا التعاون في أسرع وقت ممكن.المصدر: “ذي سايفر بريف” +معهد واشنطن

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى