ماهي الأخطاء التي تراها الحكومة اليمنية في الخارطة الأممية مخالفة لحل الأزمة ؟
-المركز الديمقراطي العربي
قال مصدر حكومي يمني لوكالة الأناضول إن رد الحكومة ورفضها المكتوب لخارطة طريق الأمم المتحدة ركز على أن تلك الخارطة خالفت خمس ركائز أساسية لحل الأزمة اليمنية، القائمة منذ سيطر تحالف مسلحي جماعة “أنصار الله” (الحوثي) والرئيس السابق، علي عبد الله صالح، على العاصمة صنعاء يوم 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
وبعد فشل مشاورات بين وفدي الحكومة وتحالف الحوثي– صالح في ثلاث مدن، أخرها الكويت أغسطس/ أب الماضي، رسمت الأمم المتحدة خارطة لإنهاء الحرب، لكنها لاقت رفضا من الحكومة وترحيبا مبدئيا متحفظا من التحالف المسلح.
هذه الخارطة تمثل خلاصة لقاءات للجنة لرباعية دولية تضم الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، السعودية والإمارات، وتنص على انسحاب مسلحي الحوثي وصالح من صنعاء فقط، بشكل أولي، قبيل تشكيل حكومة وحدة وطنية يكونون شركاء فيها، ومن ثم الانتقال إلى بند تسليم السلاح.
كما تتضمن الخارطة تعيين نائب رئيس جمهورية جديد بالتوافق، يكون المخوّل بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتشكيل لجان عسكرية للإشراف على انسحاب المسلحين من المدن وتسليم السلاح، وإحلال قوات الجيش محلها؛ مما يعني تحوّل الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى رئيس بلا صلاحيات.
ومعتبرة أنها “تشرعن للانقلاب”، رفضت الحكومة تلك الخارطة، وسلمت مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الخميس الماضي، تصورا لتصحيحها وأساسيات لأي اتفاقيات قادمة. ولد الشيخ أحمد حمل رد الحكومة اليمنية إلى الكويت، ثم غادرها بعد 5 أيام، دون الإعلان عن نتائج للزيارة ولا عن مضمون الرد الحكومي اليمني.
وهو وضع فتح شهية وسائل إعلام يمنية خاصة، فنشرت ما قالت إنها تسريبات من الرسالة الحكومية، بينما ألتزمت الحكومة ووسائل الإعلام الرسمية الصمت.
رسالة الحكومة اليمنية، بحسب مصدر حكومي في وفد المفاوضات المتوقفة، “ركزت على مخالفة خارطة طريق الأمم المتحدة لـ5 محاور، أبرزها قرارات مجلس الأمن الدولي، وخصوصا القرار 2216، والمبادرة الخليجية ومخرجات (نتائج) مؤتمر الحوار الوطني”.
المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، مضى قائلا في تصريحات للأناضول، إن “القرار 2216 (صدر في أبريل/ نيسان 2015) يفرض عقوبات على الرئيس السابق (صالح) وزعيم الحوثيين(عبد الملك الحوثي)، وهو ما تجاهلته خارطة ولد الشيخ تماما.. وقد طلبنا (في الرسالة الحكومية) بتنفيذ العقوبات كاملة عليهما”.
وأضاف أن الخارطة “خالفت أيضا المبادرة الخليجية (اتفاق رعته دول الخليج وأفضى إلى تسليم صالح السلطة عام 2012 تحت وطأة ثورة شعبية)، حيث نصت المبادرة على أن الفترة الانتقالية تنتهي بانتخاب رئيس جديد.. وهذا لم يحدث بسبب انقلاب الحوثي وصالح على السلطة عام 2014”.
كما خالفت الخارطة، وفق المصدر الحكومي، “مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي نصت على قيام دولة اتحادية من 6 أقاليم (4 في الشمال و2 في الجنوب).. وتجاوزت الخارطة كذلك مسار المشاورات السابقة في سويسرا والكويت.. هذه الخارطة غير موضوعية، ومن المستحيل تنفيذها”.
واعتبر أن “خارطة ولد الشيخ أحمد تشرعن للوجود المسلح على الحدود اليمنية مع السعودية، حيث اشترطت تأمين 30 كم فقط على الحدود الجنوبية للمملكة، وما دون ذلك يكون مشروعا.. ونحن ندعو إلى تصحيح ذلك”.
ومقابل اتهامات لإيران بدعم الحوثيين عسكريا، وهو ما تنفيه طهران، أطلق تحالف عربي، بقيادة السعودية، يوم 26 مارس/ آذار 2015، عملية عسكرية، استجابة لطلب الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، بالتدخل عسكريا لـ”حماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات الحوثية”، بحسب بيان للتحالف آنذاك.
وخلال الأيام الماضيىة، تداولت وسائل إعلام يمنية خاصة ما قالت إنها تسريبات تفيد [ان الحكومة طلبت من الأمم المتحدة “نفي صالح والحوثي” من اليمن.
وهو ما اعتبره المصدر الحكومي اليمني “ليس دقيقا.. فالتحفظات ركزت على المرجعيات الثلاث لأي حل”، في إشارة إلى قرارات الأمم المتحدة، والمبادرة الخليجية، ومؤتمر الحوار الوطني اليمني.
ومع عدم النفي القاطع لما يتردد عن مطلب النفي، يذهب مراقبون إلى أن الرئيس هادي ربما طرح هذا المطلب خلال لقائه المبعوث الأممي في مدينة عدن (العاصمة المؤقتة – جنوب)، الخميس الماضي، من قبيل التكتيك التفاوضي، بحيث يتخلى مستقبلا عن مطلب النفي مقابل تنازل الحوثيين وصالح عن نزع صلاحياته، والموافقة على استمراره رئيسا بصلاحيات كاملة حتى إجراء انتخابات رئاسية.
ووفق الناشط السياسي اليمني، عضو مؤتمر الحوار الوطني، مطيع دماج، فإن “خارطة الطريق الأممية المقترحة لا تقترب من جذور المشكلة اليمنية”.
دماج اعتبر، في حديث مع الأناضول، أن “الخارطة والأزمة اليمنية عامة تذهب باتجاه تعقيدات أوسع.. مطلب الرئيس هادي بنفي الحوثي وصالح، إن صحت الأنباء المتداولة، هو شرط مستحيل، والهدف منه هو المناورة وإيجاد ذرائع لاستمرار الحرب”.
تحالف الحوثي وصالح من جهته، وبحسب الناشط السياسي اليمني، “يريد اتفاقية مؤقتة للحل حتى يعيد تجميع قواته.. فيما تتخوف الحكومة (الشرعية) من بذور حرب قادمة، والسؤال هو: ما مدى قدرة المجتمع الدولي على ضبط بوصلة الحل على جميع أطراف الأزمة”.
وخلافا للرد الحكومي الرافض، أعلن تحالف الحوثي وصالح ترحيبا “مبدئيا” بالخارطة، لكنه قال إنها تحتوي على ما اعتبارها “اختلالات جوهرية”، ولاسيما بشأن الانسحابات وتشكيل الحكومة وأيهما يجب أن يسبق الآخر.
ويعتقد دماج أن “أسباب الحرب في اليمن لا تزال كامنة، وأسبابها ليست عجز الأطراف اليمنية عن إنتاج تسوية سياسية، بل في طبيعة مصالح الحوثي وصالح وتصورهم للحكم والسلطة والثروة”.
وأعلن هذا التحالف عن حكومة في صنعاء أواخر نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، وهو ما يمثل “عقدة جديدة في طريق السلام أمام اليمنيين”، بحسب المبعوث الأممي، الذي يدعو أطرف الصراع إلى إنهاء معاناة اليمنيين.
وأودت الحرب في اليمن بحياة أكثر 10 آلاف شخص، وأصابت ما يزد عن 35 ألف آخرين بجروح، فضلا عن تسببها في نزوح قرابة ثلاثة ملايين شخص، ولجوء أكثر من 170 ألف لآخرين، فيما بات 80% من سكان هذا البلد العربي، البالغ عددهم حوالي 26 مليون نسمة، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بحسب الأمم المتحدة، التي أضافت أن نحو مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية.
المصدر:الاناضول