موت الناقد : تراجع النقد الاكاديمي مع ظهور نقاداً من الشبكات العنكبوتية
اعداد: منة الله محمود محمد عبد المجيد – المركز الديمقراطي العربي
مقدمـــــــــة:
*يعتبر هذا الكتاب شئ تأبيني لتراجع دور الناقد* الأكاديمي مقارنة بالناقد الثقافي الذي يتصدر المشهد النقدي والذي يرحب بموت الناقد وولادة المؤلف.[1]
*قيمة النقد:
– يري الكاتب أن القارئ غير المتخصص مهما تدنت معرفته الأدبية والنقدية والنظرية حل محل القارئ المتخصص ونتيجة لكثرتهم وارتفاع الأصوات النقدية، أصبح من غير المستغرب أن لا يسمع منها إلا القليل وسط الضجيج.
وشبه الكاتب “الناقد” بأنه أصبح لا ُيحترم إحتراماً كافياً وكأنه أصبح بائع ملابس مستعمله أو مجرد قاطع تذاكر في حافلة ولم يعد شخصية يحتاجها المجتمع الرأسمالي.
وقام ” رولان بارت “ بإعلان موت الناقد في حركة 1968 المعادية لجميع أشكال السلطة ولم يعد هناك من يستمع لمن يلقن الطلاب ما يجب وما لايجب فعله ، حيث يري أنه إذا كنت تريد مهاجمة السلطة فعليك بتوجيه سهامك للمؤلف.
ويري أن تراجع دور الناقد أو حتي إعلان موته يرجع لوجود الكثير ممن يقوموا بدور النقاد في الصحف الورقية وكذلك الإنترنت وأصبح للقراء الرأي في النقد من خلال هذه الصفحات الإلكترونية واستطلاعات الرأي بها وأصبح كل منا ناقداً و الناقد مجرد شخص متطفل يعيش علي حساب الفنان المبدع.
ولا يسمي الشخص ناقداً بهذه الصراحة ولكن يسمي مثلاً ” كاتب وناقد ” أو “صحفي وناقد ” ..إلخ.
ومن المؤكد أنه لا أحد يزدري النقاد أكثر من الفنانين وذلك لأن نقدهم ملطخ بالإضافة لفشلهم في مهمة التجديد في الدراما.
*وتناول الكاتب مشكلة النقد العربي:
حيث رأي أنها معقدة جداً، إذ أنها تتحدث عن إنهيار التعليم الأكاديمي وانتصار التعليم الكمي علي الكيفي، وبدأ الطلاب في تلقي معلومات وترديدها دون فهمها وبالتالي تراجع نقدهم.
فالعالم العربي كله لديه العديد من النظريات والمناهج البحثية ولكننا نطبقها بصورة رديئه جداً، فهناك فوضي في المصطلحات ونتج عنها أعمالاً متضاءلة القيمة.
فالوضع في النقد شبيه بالعلاقة بين ” السياسة” و “المجتمع” مليئة بالفوضي والتخبط وتحتاج للتعاون حتي تنهض من جديد.
*تناول الكاتب أيضاً موضوع الثقافة والقيمة النقدية:
والتي يري “كيري” أنها شئ خاص بالتفضيل الشخصي وأنها مادامت داخلياً فإما أن تعبر عنك شخصياً أو عن غيرك وبالتالي لابد من المفاضلة بين القيم المطلقة أو القيم الشخصية.
ويري أن الثقافة وما مرت به من مراحل تاريخيه أو عادات وتقاليد، تؤثر علي القيم الجمالية ومعايير النقد والتقويم، وأن العمل الفني هو “أي شئ يمكن لأي شخص في أي وقت من الأوقات” رغم أنه قد يكون هذا الشخص هو فقط الذي يعد عمله عملاً فنياً.
وأكد علي ضرورة وجود قناعة ذاتية في العمل من خلال دليل يدعم صحة ما يقوله، وأن غاية الدراسات الأدبية هي تغذية الخيال الأخلاقي الخاص بمعايير الصواب والخطأ.
*أما عن أسس القيمة النقدية:
ناقش الكاتب أولاً أن تاريخ النقد يجب أن يكون صامداً أمام العمليات النظرية للفحص ولكن ذلك أمر مستحيل لأنه يتطلب الكثير من الترتيب، وأضاف أن النقد متراجع لإرتباطه بالفن وإحتياجه دائماً لتبرير غاياته وبالتالي فإن العلاقة بين الناقد والفنان أصبحت متوترة.
-اختلفت آراء المفكرين حول النقد الأدبي:
* فمثلاً ” أفلاطون” رفض فكرة النقد الأدبي لأنه يري أنه يؤثر علي واجبات المواطنين تجاه دولته المثالية، في حين أن ” أرسطو” سمح بوجود الفن والنقد ولكن للأشياء الحميدة *[2]وأطلق عليها اسم “التراجيديا” ، أما “الكانطيون” رأوا أن الفن شئ أعظم من أن يدخل في الأمور اليومية التافهة.
*ورأي البعض أن المرء بحاجه إلي تبني معايير معينة في حكم القيمة خصوصاً في مجتمع يستطيع فيه نظام القيم والمنطق العقلي والفن التسبب في إرباك المعايير.
وأشار بعض الكُتاب إلي أهمية المعيار الكلاسيكي في النقد، فلابد منه في محاكاة القدماء التي تحرر الكُتاب من الأمثولات الدينية المقدسة.
كما قام “اللورد كاميس” بتحديد بعض مبادئ النقد والمتمثلة في تهذيب العواطف، التخفيف من الأنانية، ألا يكون بشعاً أنانياً، وأخيراً تزويد المرء بالكثير من المتعة العقلية.
وبالتالي إختلفت آراء المفكرين عن أهمية الفن هل هو مهم أم لا ، ومتصل بغيره من العلوم أم منفصل وذلك كان عبر مراحل متعددة حتي توصلنا لمرحلة المفكر “وايلد” والذي أعاد الفكر الأفلاطوني من جديد وأيد فكرة أن الفن ليس إلا تشويه وتحريف يعتقان العالم الطبيعي من تفاهته.
*خاتمــــــة:
إذاً يمكن القول بأن النقد الاكاديمي تراجع لظهور العديد من الصحف والشبكات العنكبوتية والتي سمحت للعديد من الأفراد أن يصبحوا نقاداً حتي ولو لم يكن لديهم من الخبرة ما يؤهلهم لذلك وبالتالي اختلاف آرائهم حول النقد الأدبي أو الفن أو غيره من القضايا، لذا “مات الناقد “.
[1] *الناقد : هو الشخص الذي يبحث عن العيوب أو كثير التذمر والنقض لأفعال الآخرين ، و ُشبه النقاد بأنهم ” يعضون أي شئ مثل الأسماء خصوصاً الكتب ، والناقد ببساطة لا يعمل علي نشر آرائه الشخصية المتحمسة ، بل يحاول إقناع جمهوره بالحقائق الكونية .
[2] والذي انتقد أن تكون طبيعة النقد هي البحث عن النقصان، بل أن النقد الصحيح يقوم علي معيار الحكم بصورة إيجابية وإثارة البهجه في نفس القارئ.