هل العالم على أعتاب “حرب باردة” نووية ؟
-المركز الديمقراطي العربي
أفادت وثيقة خاصة بالسياسة النووية نًشرت الجمعة إن الولايات المتحدة ستقوم بتعزيز قدراتها النووية بسبب قلقها من الأسلحة النووية الروسية المتنامية في خطوة يقول بعض المنتقدين إنها قد تزيد من خطر حدوث سوء تقدير بين البلدين.
وتفيد الوثيقة التي تعرف باسم (مراجعة الموقف النووي) إن ”استراتيجيتنا ستضمن إدراك روسيا أن أي استخدام للأسلحة النووية، مهما كان محدودا، غير مقبول“.
وقالت وثيقة البنتاجون التي تتفق إلى حد كبير مع المراجعة السابقة التي جرت في 2010 إن الولايات المتحدة ستعدل عددا صغيرا من رؤوس الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات بخيارات ذات قوة تدميرية منخفضة.
والتركيز على روسيا يتماشى مع تغيير أولويات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) من محاربة الإسلاميين المتشددين إلى ”تنافس القوة العظمى“ مع موسكو وبكين.
وقال مسؤولون أمريكيون إن المبرر المنطقي لبناء قدرات نووية جديدة هي أن روسيا ترى حاليا أن الموقف والقدرات النووية للولايات المتحدة قاصرة.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان يوم السبت إنها تشعر بخيبة أمل شديدة إزاء محتوى الوثيقة التي قالت إن بها توجها تصادميا ومعاديا لروسيا. وأضافت ”بالطبع سنضع في الحسبان النهج الذي أقر الآن في واشنطن وسنتخذ الإجراءات اللازمة لضمان أمننا“.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الولايات المتحدة ستردع روسيا عن استخدام الأسلحة النووية من خلال تعزيز قدرتها النووية ذات القوة التدميرية المنخفضة. وتقل قوة الأسلحة النووية ذات القوة التدميرية المنخفضة عن 20 كيلوطنا لكنها تسبب دمارا أيضا. وكان للقنبلة الذرية التي أُلقيت على مدينة هيروشيما اليابانية نفس هذه القوة التدميرية.
والحجة بالنسبة لهذه الأسلحة هي أن القنابل النووية الأكثر قوة تعد كارثية جدا إلى حد أنها لن تستخدم مطلقا ولن تنجح كسلاح ردع. وقد يزيد احتمال استخدام الأسلحة النووية ذات القوة التدميرية المنخفضة كسلاح ردع فعال.
وقال المسؤولون إنه على المدى البعيد سيطور الجيش الأمريكي أيضا صاروخ كروز جديدا مزودا برأس حربية نووية ويُطلق من البحر. وأضافوا أن الصاروخ قد تكون قوته التدميرية أقل ولكن لم يتم اتخاذ قرار وأن تطويره سيستغرق فترة تصل إلى عشر سنوات. وقال جريج ويفر نائب مدير القدرات الاستراتيجية بالبنتاجون إن الولايات المتحدة ستكون على استعداد للحد من تطوير هذا الصاروخ إذا قامت روسيا ”بمعالجة الخلل في القوات النووية غير الاستراتيجية“.
ويقول البنتاجون إن روسيا تملك مخزونا من الأسلحة النووية غير الاستراتيجية يبلغ ألفي سلاح. وتملك الولايات المتحدة بضع مئات من الأسلحة الفعالة ذات القوة التدميرية المنخفضة في أوروبا. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها أبلغت المسؤولين الروس والصينيين بشأن المراجعة.
حثت الصين الولايات المتحدة على التخلي عن ”عقلية الحرب الباردة“ وألا تسيء فهم تعزيزها العسكري بعد أن نشرت واشنطن وثيقة يوم الجمعة تحدد الخطوط العريضة لخطة لتعزيز قدراتها النووية لردع الآخرين.
وقالت وزارة الدفاع الصينية في بيان يوم الأحد إن ”السلام والتنمية توجهان عالميان لا يمكن الرجوع عنهما. على الولايات المتحدة التي تملك أكبر ترسانة نووية في العالم أخذ زمام المبادرة لاتباع هذا النهج بدلا من الاعتراض عليه“.
واتهمت الصين الولايات المتحدة ”بالتكهن المتغطرس“ عن نوايا الصين وقالت إنها تتبني دائما موقفا متحفظا تجاه تطوير الأسلحة النووية وتبقي قواتها النووية عند أدنى حد.
وقالت وزارة الدفاع الصينية في بيان على موقعها الإلكتروني ”نتعشم أن تتخلى الولايات المتحدة عن عقلية الحرب الباردة وأن تضطلع بشكل جاد بمسؤوليتها الخاصة لنزع السلاح وفهم نوايا الصين الاستراتيجية بشكل سليم وأن تنظر بموضوعية إلى الدفاع الوطني والتعزيز العسكري الصيني..“.
اعلن وزير الخارجية الالماني سيغمار غبريال الاحد ان على اوروبا ان تمهد الطريق للدفع من اجل نزع الاسلحة النووية في العالم، وذلك بعد اقتراح واشنطن تطوير ترسانتها النووية وتوسيعها.
وقال غابريال “كما في اوقات الحرب الباردة، نحن في اوروبا معرضون للخطر بشكل خاص” جراء “سباق تسلح نووي متجدد”. واضاف “لهذا السبب بالتحديد علينا نحن في اوروبا ان نشرع بمبادرات جديدة للرقابة على التسلح ونزع الاسلحة”.
واعترف غابريال بان ضم روسيا للقرم ادى الى “خسارة دراماتيكية للثقة بروسيا” سواء في اوروبا او في واشنطن، وهذا “يدل على ان روسيا تعاود بوضوح التسلح ليس فقط تقليديا لكن باسلحة نووية”.
لكن بدلا من تطوير اسلحة جديدة دعا رئيس الدبلوماسية الالمانية الى “ترسيخ المعاهدات الموجودة للرقابة على التسلح بدون شروط”.
وقال ان برلين ستضغط “مع حلفائها وشركائها” من اجل مزيد من نزع الاسلحة على الصعيد الدولي. وتابع “هدفنا الطويل الامد يجب ان يبقى عالما بدون اسلحة نووية”، وهي سياسة الولايات المتحدة النووية في ظل ادارة الرئيس السابق باراك اوباما.
والمانيا تاريخيا حليف وثيق للولايات المتحدة وعضو رئيسي في حلف الاطلسي، لكن الاسلحة النووية كانت دائما موضعا خلافيا في السياسة الالمانية خلال الحرب الباردة.ويأتي الموقف الالماني في اعقاب ادانات من روسيا والصين وكوريا الشمالية وايران للمراجعة النووية الاميركية.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني في خطاب تلفزيوني ”يهدد الأمريكيون الروس دون خجل بسلاح ذري جديد“.
وأضاف روحاني، وهو رئيس براجماتي فتح الطريق أمام الاتفاق النووي بين بلاده والقوى العالمية ومنها الولايات المتحدة عام 2015 ”نفس الأشخاص الذين من المفترض أنهم يعتقدون أن استخدام أسلحة الدمار الشامل جريمة ضد الإنسانية… يتحدثون عن أسلحة جديدة لتهديد منافسيهم بها أو لاستخدامها ضدهم“.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حذر في وقت سابق على تويتر من أن الوثيقة الأمريكية تهدد ”بجعل البشرية أقرب إلى الفناء“.
وجعل الجيش الأمريكي مواجهة الصين وروسيا محور استراتيجية دفاع وطني جديدة كُشف النقاب عنها هذا الشهر ووصفهما بأنهما ”قوى رجعية“. وبذلك تحول واشنطن أولوياتها من محاربة الإسلاميين المتشددين.
وقال ظريف في تغريدته ”إصرار (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب على قتل خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية) ينبع من نفس التهور الخطير“.
وأعطى ترامب الاتفاق النووي الإيراني، الذي جرى التفاوض بشأنه قبل توليه الرئاسة، فرصة أخيرة الشهر الماضي لكنه حذر الحلفاء الأوروبيين والكونجرس من أن عليهم العمل معه لإصلاح ”العيوب الكارثية“ في الاتفاقية وإلا ستنسحب منها الولايات المتحدة.وكالات