الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

717 مليـار دولار مـيـزانـيـة البـنـتـاغــون الأمـريـكـي 2019 ومخاطر سباق التسلح العسكري بين القوى الكبرى

اعداد : أميرة أحمد حرزلي، باحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، المركز الديمقراطي العربي

 

مــقــدمـــة:

ما ان أعلنت وزارة الدفاع الامريكية ميزانيتها لعام 2019 التي تقدر ب 717 مليار دولار حتى بدأ جدل كبير في أوساط سياسية وأكاديمية حولها على اعتبار انها أكبر ميزانية في تاريخ الولايات الامريكية، بالتالي لماذا خصص هذا الغلاف المالي الضخم لوزارة الدفاع؟ وما حاجة الدولة به؟ علما انه من شأنها ان تحدث عجز مالي كبير حسب توقعات الخبراء، فضلا عن ذلك انقسم الجدل السياسي حول دوافع تخصيص هذه الميزانية الكبيرة الى رأيين أساسيين رأي يذهب الى حاجة الولايات المتحدة لتعزيز امنها القومي الداخلي، بالتالي تقوية الجيش واجهزته وأي اخر يقرأ فيها مواجهة لاستراتيجيات خارجية معادية وتحديدا موجهة للحلفين روسيا والصين.

ومهما تكون العوامل فحجم الميزانية مؤشر على نقلة عسكرية جديدة من شأنها بعث سباق تسلح عسكري جديد من القوى الدولية ـ بالرغم من أنه لم ينتهي فقد انخفض فقط ـ، كذلك يمكن قراءة حجمها بتواصل ودعم النزاعات المسلحة الجارية أو تدخلات عسكرية جديدة وانتشار عسكري أوسع في العالم، وعليه ومن هذا المنطلق نطرح الإشكالية التالية:

  • في أي إطار يمكن فهم تخصيص الولايات المتحدة الامريكية أكبر ميزانية دفاعية لها في 2019؟

يمكن تحليل ذلك من خلال محاورين أساسيين:

  1. مـــيــزانــيــة الــدفاع الامــريــكــيــة 2019.
  2. دلالات رفع الميزانية الامريكية وموقف روسيا والصين منها.
  1. ميزانية الدفاع الامريكية 2019

اقر مجلس الشيوخ الأمريكي أمس الأربعاء 15 / 08 / 2018  بالأغلبية على ميزانية العام المقبل 2019 لوزارة الدفاع الامريكية التي تقدر ب 717 مليار دولار بعد ان وافق عليه مجلس النواب،  ووافق على المشروع المعروف ب: ” قانون إقرار الدفاع الوطني” 87 نائبا و رفض 10 نواب من مجلس الشيوخ وبهذا يكون أسرع قانون يقره مجلس الشيوخ خلال 20 عاما حسب بيان لوزارة الدفاع الامريكية، يذكر ان دونالد ترامب قد اقترح في وقت سابق رفع النفقات العسكرية للوزارة وللبرامج المتصلة بها للعام المقبل، وهي أكبر ميزانية دفاعية للولايات المتحدة في تاريخيها، بذكر انها موجهة لتحسين أداء القوات العسكرية البرية والبحرية والجوية، وتطوير البحث في تكنولوجيات المتقدمة والدفاع الصاروخي وعسكرة الفضاء ،وقد خُصص من القيمة الإجمالية للمبلغ المقَر، 639.1 مليار دولار للميزانية الأساسية، و8.9 مليارات لوزارة الطاقة والنفقات الضرورية، و69 ملياراً من أجل أي عمليات عسكرية محتملة وراء البحار بالإضافة الى ان القانون يزيد من عدد الجنود العاملين في الجيش الأمريكي الى نحو 15 الف 600 جندي امريكي و زيادة تقدر ب2.5 % في رواتب الموظفين العسكريين[1] .

من جهة أخرى يلاحظ متابعون ان الميزانية الدفاعية المُقر لعام 2019 قياسية لدرجة انها تأتي على نصيب قطاعات أخرى مهمة أيضا كقطاع الرعاية والضمان الاجتماعي، حقوق المرأة، الهجرة والعدالة الاجتماعية.

  1. دلالات رفع الميزانية الامريكية موقف روسيا والصين منها

اختلف المحللون السياسيون في تفسير أسباب رفع الميزانية الدفاعية الى هذا الحد القياسي، فهنام تفسيرات تتعلق بالداخل الامريكي وأخرى تتعلق بالبيئة الخارجية، ونحن نفترض ان هذه الأخيرة هي التي تفسر أسباب رفع الميزانية، وذلك متعلق بالمنافسة الجيوسياسية للقوى الدولية، فالقانون يدفع الى بقاء القوات الامريكية في موقع الريادة العالمية ويهدف الى تخلف روسيا والصين عن اللحاق بها، خاصة ان روسيا أعلنت مؤخرا عن مجموعة من الأسلحة العسكرية والاستراتيجية الجديدة فائقة القوة والذكاء لمواجهة ما يهدد امنها القومي. كما ان التحالف الاستراتيجي الوثيق بين روسيا والصين في عدة مجالات عسكرية وسياسية والاقتصادية يعزز اعتماد واشنطن لهذه الميزانية الضخمة ويدفع نحو سباق بين القوى انطلاقا مما نسميه في العلاقات الدولية المعضلة الأمنية الناجم عن زيادة الانفاق العسكري للدولة ( ا) تراه الدولة (ب) موجهة ضدها و تدخل الدولتان في دوامة الفعل و الرد فعل أي التسلح و التسلح المضاد وهو ما يترجم عمليا في سباق عسكري نحو التسلح.

وعليه كان موقف روسيا والصين منسجمين إزاء رفع ميزانية الدفاع الامريكية، فالأولى عبرت عن قلقها ومن تصويرها دائما كتهديد للولايات المتحدة الامريكية، فحتى قمة هلسنكي التاريخية بين ترامب وبوتين التي من المفترض تؤسس لتعاون بينهما ،احتفظت مخرجاتها بضرورة مواجهة الصعود الروسي، أما الثانية افقد حتجت على هذه الميزانية القياسية وتضمين القانون إشارات سلبية عن الصين، وهذا يزيد من التوترات الموجودة أصلا بسبب الرسوم الجمركية الامريكية على الواردات الصينية والحرب التجارية التي تخوضها أمريكا ضد عدد من دول العالم كالصين و روسيا و ألمانيا و تركيا.

خاتمة:

نستنتج مما سبق ان اعتماد الولايات المتحدة الامريكية ميزانية ضخمة للدفاع في 2019 يعزز نهج صقور إدارة ترامب الذين يدعمون دائما زيادة الانفاق العسكري، فالمجمع العسكري الأمريكي يعمل بمنطق اعتماد ميزانيات ضخمة للدفاع يؤدي الى تصنيع أكبر للسلاح ويؤدي هذا بدوره الى افتعال الحروب في الدول والتدخل فيها عسكريا تحت مسميات حماية حقوق الانسان و الهدف الأساسي زعزعة الامن و السلم الدوليين وهو ما نعيشه في حروبها السبع التي لا تنتهي في أفغانستان وباكستان، العراق وسوريا، ليبيا، اليمن، الصومال كنماذج سيئة للاستخدامات العسكرية للقوة الامريكية المتهورة. كذلك يمكن فهم رفع الميزانية في إطار السباق العسكري نحو التسلح بين الولايات المتحدة الامريكية من جهة وروسيا والصين من جهة اخرى، اللتين عبرتا عن قلهما حيال هذا القانون الذي سيكون له تأثيرات سلبية على الامن الدولي.

[1]ـ إقرار ميزانية الدفاع الامريكية لعام 2019 بقيمة 717 مليار دولار ،02 / 08 / 2018 ، الخليج اولاين ، على الرابط الالكتروني : http://alkhaleejonline.net

  • خاص – المركز الديمقراطي العربي
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى