قمة سوتشي بوتين – اوردوغان وانعكاسها على الحل السياسي بسورية
اعداد الباحث : قتيبة قاسم العرب – المركز الديمقراطي العربي
مقدمة :
بعد تصريحات إيرانية لافتة قبل يومين من انعقاد قمة سوتشي بين بوتين واوردغان بأنها تؤيد الحل السياسي بمحافظة ادلب من أجل حقن إراقة الدماء في تراجع واضح نحو المشاركة بالهجوم العسكري وبعد تصعيد الخطاب الروسي بالهجوم على الإرهابيين بادلب كجبهة النصرة والتفاوت بالتصريحات بين دول أستانة واستمرار التهديد الأمريكي لها والضغط الأوربي والأمم المتحدة من أجل الحفاظ على أرواح المدنيين بادلب والعودة للمظاهرات الاحتجاجية بكافة مناطق محافظة ادلب تنادي بالحرية وإسقاط النظام مما أدى لمخاوف دولية باستغلال محاربة الإرهاب للقضاء على المعارضين المدنيين وفي ظل هذه التطورات حصل الخرق وعقدت قمة سوتشي بوتين أوردوغان دون حضور إيران والتي فوضت روسيا ضمنيا ولا سيما بعد الضربة الإسرائيلية على محيط مطار دمشق الدولي كرسالة لها واضحة وبرأينا القمة جاءت بحل سلمي مؤقت على مراحل وبدعم أوربي لأوردغان المحاصر اقتصاديا لحماية المدنيين من جهة وحماية الحاضنة الاخوانية من جهة أخرى فالمنطقة معزولة السلاح لفصل تنظيم جبهة النصرة عن غيره من التنظيمات كأحرار الشام التابع للإخوان وجيش الإسلام التابع للسعودية وبالتالي يمكن التفاوض معهم بحل سلمي وفق تسوية سياسية وبقاء جبهة النصرة معزولة لتلقي سلاحها أو الحرب عليها وفرصة لمغادرة الأجانب منها واستخبارات الدول والاختراقات الأمنية وغيرها من كل الدول وستسهل تركيا هذا المرور والخروج مقابل إبعاد قوات الحماية الكردية عن حدودها كخطر على أمنها القومي وتحقيق الهدف الأوربي بحماية المعارضة المدنية وضمن حل سياسي بمباحثات جنيف وبالتالي إرغام النظام على الحل السياسي وتقديم التنازلات للمعارضة وبالنسبة له هي بداية النهاية ونناقش هنا العوامل لعقد هذه القمة التي أدت للحل السلمي المؤقت وعلى مراحل والمخاوف باستمراره الاتفاق وانعكاسها على الحل السياسي بسورية .
أولآ – انسحاب إيران من الحل العسكري في ادلب :
مع ازدياد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية والدولية على تواجد إيران بسورية وتجلى ذلك بالعقوبات الاقتصادية والضربات الإسرائيلية على قواعدها بسورية والحساسيات بالداخل السوري والخارج ضد التدخل الإيراني بالمجتمع السوري واتهام إيران بأنها تريد تصفية السنة بادلب بحجة مكافحة الإرهاب مما سيزيد من التطرف والصراع السني الشيعي بالمنطقة والذي قد يؤدي لتشكيل حلف عربي ضد إيران أو كما أطلق عليه ناتو عربي وازدياد الاستياء من داخل النظام لسيطرة ايران على بعض مواقع القرار مقابل الروسي والشعور بالذل والوصاية والاحتلال كل هذه العوامل جعلت من إيران تتراجع عن الحل العسكري بمحافظة ادلب وتراجعت بتصريح واضح وصريح قبل يومين من قمة سوتشي ترافقت مع قصف إسرائيلي على محيط مطار دمشق الدولي كان رسالة واضحة لإيران وفوضت ايران روسيا ولم يحضر الرئيس الإيراني كل هذا مهد للذهاب باتجاه الحل السلمي المؤقت لمحافظة ادلب .
ثانيآ – التراجع الروسي على الهجوم والقبول بالحل السلمي :
بعد ازدياد حدة التصريحات الروسية بالهجوم على ادلب وحشد الجيش السوري والميليشيات باتجاه ادلب والاستعدادات الكبيرة للاقتحام حصل خرق مفاجئ بالموقف الروسي وتجلى ذلك من خلال المظاهرات الاحتجاجية للمدنيين المطالبة بإسقاط النظام بمناطق عديدة بمحافظة ادلب مما اربك الموقف الروسي بمناقشات مجلس الأمن وانتهاك القانون الدولي الإنساني والقضاء على المعارضة المدنية بالإضافة لاستمرار استهداف قاعدة حميميم الروسية باللاذقية بطائرات مسيرة بدون طيار وقيام المجموعات المسلحة باستهداف مناطق الساحل السوري بعدة صواريخ والتهديد بفتح جبهة الساحل والتصريحات الغربية التي دعمت موقف أوردغان في المفاوضات بسوتشي لحماية المدنيين فهناك ثلاثة ملايين مدني نصفهم حاضة للإخوان المسلمين والمطلوب من أوردغان حمايتهم والنصف الآخر معارضين مدنيين من كل مناطق سورية رافضين العودة للنظام دون حل سياسي وضمانات دولية كل هذا أجبر الطرف الروسي بالدخول بالحل السلمي المؤقت لمحافظة ادلب على مراحل .
ثالثآ – قبول النظام السوري للحل السلمي مرغما :
إن النظام السوري لا يريد الحل السلمي لمحافظة ادلب فلقد حشد للاقتحام ولإعلان النصر النهائي وعدم تقديم تنازلات ورفض الحل السياسي وعودة السوريين لسياسة القطيع والذل والاهانة وأهم ما يخيفه بادلب هو هذه الجموع الكبيرة في المظاهرات السلمية المناهضة له وحماية المدنيين السوريين المعارضين دوليآ فهو يرى بها بداية النهاية فأي حل سياسي حقيقي ديمقراطي تعني نهاية حكم التوريث الجمهوري وهو نظام خاص بسورية ولا يرى النظام أن المسلحين هم الخطر الأساسي عليه لأنهم حاملي للسلاح والعنف وليسوا بديل سياسي وأصوات شعبية ومنظمات أهلية ولا مجتمع مدني والحل معهم دولي بالتفاهمات الروسية الأمريكية وداعمي هذه المجموعات المسلحة فاتفاق ادلب شكل للنظام ضربة قاصمة وكبيرة وأراد رفضها بكل المبررات ولم يستطع طبعا لأنه ليس صاحب القرار النهائي وبرأينا انه لم يعلن موافقته على الاتفاق إلا بعد عشرين ساعة منه وعلى موقع الخارجية السورية ونضيف برأينا ان الضربة الإسرائيلية على اللاذقية لم تكن من أجل عرقلة الاتفاق حول ادلب بقمة سوتشي بل جاءت للضغط لإعلان الموافقة عليه من قبل دمشق وهذا ما حصل بغض النظر عن حادث إسقاط الطائرة الروسية فلنا نظرية أخرى لاحقا .
رابعآ – النقطة التي ستؤثر على الإتفاق بعد مراحل تنفيذه :
واضح من الاتفاق وبنوده وتصريحات موسكو وأنقرة بعد الاتفاق فأنه يهدف لحل سلمي مؤقت على مراحل والمتوقع في حال التنفيذ وعزل جبهة النصرة وإلقاء سلاحها ومغادرتها أو القضاء عليها بمساعدة تركية وفصائلها ستأتي المرحلة الثانية هو إلقاء سلاح المجموعات المسلحة من أحرار الشام وجيش الإسلام وغيرها عبر التفاوض السلمي بأستانة وبالتالي مصير ادلب مشابه بطريقة أخرى لدرعا والغوطة وحلب وهنا ستظهر نقطة الخلاف مع تركيا والغرب فهل ستسلم مدينة ادلب للنظام في ظل ثلاثة ملايين مدني معارض ويطلبون الحماية التركية والحماية الدولية وواضح أن تركيا تطرح الاتفاق على مراحل لضمان حمايتهم ومع توافق وتقدم بالحل السياسي من جهة المسلحين ضمن استانة ومن جهة المعارضين ضمن مباحثات جنيف وعلى مراحل فلا يمكن تسليم النظام محافظة ادلب بشكل مباشر والقضاء على الحل السياسي ودون ضمان ابعد وحدات الحماية الكردية وكل هذا ستوقف على الموقف التركي والدعم الغربي والضغط الأمريكي على كل الأطراف والضغط الإسرائيلي على التواجد الإيراني بسورية .
النتائج:
بالنهاية اتفاق ادلب المؤقت وعلى مراحل شكل ضربة قاصمة للنظام والطموح الإيراني وقام بحماية المدنيين وسيفصل المسلحين عن جبهة النصرة ولم يجعل الحل السياسي بيد روسيا وأدى لانفراج تركي بعد العقوبات ودعم غربي لموقف تركيا وبث الروح بالحل السياسي من جديد وتجدد المظاهرات السلمية المطالبة بسقوط النظام وإذا ما نجح بتطبيق مراحله بالقضاء على جبهة النصرة أو إبعادها وإلقاء بقية المجموعات لسلاحها وبعدم تسليم المدينة مباشرتآ للنظام الا بالتوازي مع الحل السياسي وتقدم المباحثات حسب القرارات الدولية ذات الصلة وتحقيق مطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة وحماية المدنيين بمحافظة ادلب وحماية اللاجئين بالخارج ورهن عودتهم بالحل السياسي وأعمار البنية التحتية وزوال التهديدات الأمنية لهم ستكون بداية المسار للحل بسورية وبداية نهاية الديكتاتورية وانسحاب القوات الأجنبية من سورية والحصول على الاستقلال .