الإعلام العربي بين التضليل وتقنية العصر
اعداد : عبدالرحمن الرياني – إعلامي وكاتب صحفي من اليمن – رئيس المركز الدولي للإعلام والعلاقات العامة IMC
- المركز الديمقراطي العربي
ذات يوم أسس الكاتب العربي “عبد الله النديم ” صحيفة أطلق عليها أسم صحيفة الأستاذ كانت الصحيفة يومها تكُتب باليد يخطها من يسمونهم الوراقين ، وكانت تعتمد الأسلوب الساخر في مهاجمة نظام “الخديوي إسماعيل ” وقمعه للحركة الوطنية المصرية من خلال اعتمادها الكتابة باللهجة العامية ولعبت دوراً مهماً في الحد من الاعتقالات في صفوف الحركة الوطنية ، بعدها بقرابة المائة عام وتحديدا في أعقاب نهاية حرب عام 1948م بدأت مجلة روز اليوسف بشن حملة إعلامية ضد ما عرف حينها بقضية السلاح الفاسد استمرت الحملة لعدة سنوات كانت النتيجة الفعلية لتلك الحملة هي استقالة الحكومة وسقوط عدد من رموز النظام الملكي المتورطين في الفضيحة فضيحة السلاح الفاسد لكن الأهم من ذلك هو أن روز اليوسف استطاعت ان تخلق حالة وعي جديدة لم تعرفها مصر منذ العام 1919م اي منذ ثورة سعد زغلول وتمثل الخط العريض في ذلك الى خلق حالة وعي سياسي في الشارع المصري الذي بات ينظر الى نظام حكم فاروق باعتباره شريكا في التآمر ضد جيش مصر، وتمكنت الحملة الإعلامية بفعل تركيزها على العديد من المحاور في المساعدة على إطاحة عرش الملك فاروق وأهم المحاور التي تم التركيز عليها هي :-
أولاً المتورطون في السلاح الفاسد الموضوع الذي حظي بأكبر عدد من التناولات الصحفية وهو المحور الرئيسي للحملة
- حصار الجيش المصري في الفالوجا
- مقتل البطل أحمد عبد العزيز قائد كتائب الفدائيين العرب .
وعملت الحملة على التأسيس لحالة وعي جديدة تتمفصل تماما مع الذاكرةالشعبية التي جرى تطويعها منذ مجيء حكم أسرة محمد علي .
هذا النموذج للحملات الإعلامية الموجَّهة أخذت في الاعتبار الكيفية المثلى للتعامل مع “سيكولوجية ” القارئ أي مع المحيط الشعبي كرافعة للحملة الإعلامية وهو الأمر الذي انعكس بصورة إيجابية على التأييد الشعبي لقادة ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952م في أيامها الأولى ، ولوحظ حينها أن محرري المجلة عملوا على تحريك الرأي العام في اوقات تتسق مع الحراك السياسي المناوئ للحكومة فكانت الحملات تنشط في أوقات حدوث تجاوزات أمنية او تآمر على حزب الوفد من قبل القصر ثم تعود مرة أخرى إلى طبيعتها المهم أنها لم تكن تتوقف إلا وتبدأ مرة أخرى وبصورة أكثر مهنية أخذت في إلاعتبار الحدث والمتغيرات الحادثة في الشارع معتمدة على فن التوقيت حيث أن فن التوقيت يقوم بعملية شد وجذب لأكبر عدد من “القراء” النموذج الآخر هو نموذج يمكن أن نطلق عليه نموذج توظيف المعلومة لصالح الحملة الإعلامية وإسقاط ذلك على حركة الجموع وهنا لن نتوقف عند نموذج في حد ذاته .
نموذج الصراع في إيران :
في أحد أعدادها نشرت صحيفة “إطلاعات”الإيرانية مقالاً عن الإمام الخميني قبل قيام الثورة بثلاث سنوات وكان كاتب المقال رئيس المخابرات الإيرانية وبالطبع كتب المقال بإسم مستعار هاجم فيه الإمام الخميني بشدة واحتوى المقال على الكثير من الشتائم والألفاظ النابية والكلمات البذيئة ويومها كان “السافاك ” جهاز مخابرات الشاه يفرض سيطرته بقوة على مفاصل وشؤن الحياة في إيران ، ومع ذلك كان على المعارضة الإيرانية بمختلف توجهاتها السياسية وبمافي ذلك اليسار الإيراني ممثلا في حزب تودة الشيوعي ومجموعة رضا رضائي الثورية اليسارية أن يجيدوا التقاط اللحظة التاريخية وهو الذي إتضح من تلك الأمواج البشرية التي خرجت في أكثر من عشر محافظات إيرانية لم يستطع السافاك إيقافها ولعبت الإذاعات الموجهة من الخارج دوراً مهماً في تعزيز وتقوية موجة الرفض التي اندلعت في إيران وكان للإذاعات الناطقة بالفارسية الدور الأبرز في ذلك ، حيث كانت مشكلة نظام الشاه تتلخص في الآتي :-
- عدم وجود إعلام خارجي قوي ومؤثر على المستويين الإقليمي والدولي يساعد على تمكينه من خلال تغطية قمع الجموع ويشكل رافعة حقيقية يمكن لها أن توجد مبرراً لعملية القمع التي حدثت في ذلك الوقت .
- اختيار التوقيت الخطأ للاعتذار من قبل الصحيفة وهو ما قاد إلى أن تزداد المظاهرات أكثر وأكثر ، نفس الخطأ الذي وقعت فيه الصحف المصرية الموالية لفاروق .
أنموذج العراق في الفترة الواقعة بين عام 1968م وعام 2003م:
عدد الصحف اليومية كان يعد على أصابع اليد الواحدة البعث والقادسية والثورة والجمهورية وبابل والعراق والأخيرة كانت ناطقة باسم منطقة الحكم الذاتي ” الأكراد” جميع ماسبق صحف رسمية تصدر بإشراف الدولة وتحت رقابة صارمة من وزارة الإعلام الملاحظ هو حجم صورة رئيس الجمهورية كما تم تحديدها من قبل المطبخ الأمني ، نفس العناوين البارزة في جميع الصحف تعد موحدة ، رؤساء التحرير أعضاء قيادة قطرية من طارق عزيز الى سعد قاسم حمودي وصولاً إلى عدي صدام حسين رئيس تحرير بابل التي اُريد لها أن تشّكل إضافة نوعية لكنها لم تُقدم ما يمكن أن يحرك المياه الراكدة وينهي حالة الجمود ، عليك أن تكتفي بقراءة صحيفة واحدة تغنيك عن قراءة البقية الباقية من الصحف بالطبع كانت المحصلة هي أن العراق أو الحكم في العراق ظل إلى فترة طويلة وهو يحاكي ذاته ولا يستطيع برغم الثروات النفطية الضخمة التصدي للحملات الإعلامية التي استطاعت أن تمرر المشروع الاستراتيجي للعدوان الأمريكي ومن ثم الإحتلال عبر مشروع “أبلسة ” الحكم في العراق الذي عمد إلى إنشاء عدد من المجلات القومية الصادرة في أوروبا للتعريف بوجهة نظره من مختلف القضايا السياسية وأهمها قضيتي الوحدة العربية وتحرير فلسطين وقدم لتلك المطبوعات مبالغ ماليه ضخمة لقد كان العراق قادرا على إيجاد منظومة إعلامية قادرة على الوقوف في وجه المشروع المعادي للعراق لكنه لم يقم بذلك ، بل الذي حدث هو حتى الصحف التي جرى تأسيسها في أوروبا وكانت تصدر من لندن وباريس قامت بتغيير موقفها من القيادة العراقية بمجرد غزو العراق للكويت ،ما أن انتهت حرب الخليج الثانية حتى كان العراق لايمتلك أي صوت إعلامي خارج النطاق الجغرافي للعراق عكس معارضيه الذين كان لهم أكثر من ألف وسيلة إعلامية عربية وأجنبية ، فكانت عملية الحصار العربي الأمريكي ومن ثم عملية الاحتلال الأمريكي للعراق بدعم عربي عربي تحت ذرائع وأسباب ثبت زيفها أسلحة الدمار الشامل ودعم الارهاب والقاعدة والتي اثبتت عجز الإعلام العراقي عن التصدي لمثل هذه المؤامرات .
الإعلام الليبي حالة من البؤس:
في زمن اللجان الثورية نظام معمر القذافي كان هناك العديد من الصحف الرسمية من أمثال “الجماهيرية” “والزحف الأخضر” الناطقة باسم حركة اللجان الثورية التنظيم السياسي الوحيد وصحيفة “الفجر الجديد” ثم صدرت صحيفة “الشمس” التي أسسها القذافي وهو طالب في الثانوية صدرت في العام 1996م كمحاولة لكسر حالة الجمود في الإعلام الليبي تماما كما حدث مع صحيفة بابل في العراق ، لكن منذ نهاية عام 2004م بدأ الإعلام الليبي با التغَّير بعض الشئ من خلال إنشاء عدد جديد من الصحف الليبية “صحيفة “أويا” الصادرة في طرابلس وصحيفة “قورينا ” الصادرة في بنغازي والتي بدأت بتغيير الخطاب السياسي الأيدلوجي الجامد للجان الثورية فكان ذلك الخطاب الذي يهاجم الفساد وينتقد دولة اللجان الثورية بشدة وتم تأسيس قناة الليبية التي استوعبت بعض الإعلاميين العرب من خلال عدد من البرامج ومنهم “حمدي قنديل وكوثر البشراوي ، وآخرين وكان خطابها في قمة العداء للجان الثورية وكانت تتبع شركة ليبيا الغد للخدمات الإعلامية ووضعت على رأس مجلس إدارتها شخصية إخوانيه هي السيد سليمان دوغه بمرتب خيالي خمسين الف دولار شهرياً ، بالطبع كانت الصحف الجديدة “أويا” و”قورينا” تتبع شركة ليبيا الغد ،الذي حدث في الحالة الليبية أن الجسم الإعلامي الجديد الذي تشكَّل في ليبيا من خلال عدد كبير من المعارضين للنظام الليبي الذين عادوا إلى ليبيا عن طريق سيف القذافي جميعهم انقلبوا على النظام عندما بدأ التمرد الواسع في الشرق الليبي بتاريخ السابع عشر من فبراير ، لقد حاول النظام التأسيس لمشروع إعلامي متطور ولكن دون جدوى . فقد كانت المتغيرات السياسية هي الأقرب إلى حدوث التغيير ، فحتى أولئك الذين كانوا في قناة الليبية انقلبوا مباشرة تحت تأثير الفضائيات العربية والدولية التي ركزت على ثلاث قضايا : قصف المدنيين من قبل الحرس الثوري الليبي ” الكتائب” جلب المرتزقة من الكونغو ,الثالثة هي هروب القذافي إلى فنزويلا كما أعلنه وزير الخارجية البريطانية وطالما وأن هناك لم يحدث شئ من ذلك فان الإعلام الليبي أثبت عدم قدرته على القيام بمهامه بشكل صحيح ،ولم يستطع التصدي لمشروع الأبلسة تماما كما حدث في الحالة العراقية حيث بات العالم برمته مقتنعاً بأن القذافي يقتل شعبه ، وهو الأمر الذي نفاه الكاتب الفرنسي الشهير “تيري ميتان ” صاحب كتاب الخديعة الكبرى عندما وصف مايجري في ليبيا بأنه أكبر عملية تضليل تحدث للرأي العالمي منذ الحرب العالمية الثانية وهو نفس الرأي الذي أبداه وزير الخارجية الفرنسي “رولان دوما” الذي أكد في أكثر من حوار متلفز ومطبوع أن ليبيا تتعرض لمؤامرة دولية بأدوات إعلامية وهو أيضا نفس رأي المحامي الفرنسي الشهير “جيس فرجيس” الذي أكد أنه سيرفع قضية ضد الرئيس “ساراكوزي” بسبب تضليله للعالم حول مايجري في ليبيا أيضا ما أعلنه الكاتب الروسي “موتازوف ” بالقول أن ليبيا تعرضت لقنبلة نووية إعلامية الكترونية ،أيضا التصريح الشهير للبابا “بندكسوس السادس عشر ” الذي قال عن الحرب في ليبيا أنها حرب صليبية والفاتيكان برئ منها ،وأخيرا تصريح الرئيس “فلاديمير بوتين ” أنها حرب صليبية ، لقد كان الإعلام الليبي بائسا عندما لم يستطع أن يواكب لغة العصر “الميديا” وكيفية توظيف الصورة فمثلا ركز الإعلام الغربي والعربي المتحالف معه على الصورة فأظهر بعض المخيمات خارج طرابلس التي يسكنها الأفارقة وبعض التوانسة في أطراف طرابلس بأنها عاكسه لبؤس وشقاء الشعب الليبي ، وفي المقابل لم يوجد الإعلام الليبي الذي يستطيع إظهار التجمعات السكانية وتلك العمارات المتلاصقة لمسافة ثلاثين كيلو من المطار حتى المدينة في شارع الفاتح أو طريق الساحل الموازي الذي تظهر فيه الأبراج والمباني العالية ، وفي نفس الوقت لم يستطع إظهار الصور الرائعة لتلك الجسور المعلقة التي تربط ضفتي البحر في بنغازي أو إظهار مشروع النهر الصناعي الأعجوبة أو المطار الجديد الذي يعد الأكبر في القارة الأفريقية ، أما على الصعيد الخارجي فقد كان القذافي من أكثر الداعين للقومية العربية وللوحدة العربية وتحرير فلسطين ، نفس التوجهات السياسية في بغداد وقام بـتأسيس عدد كبير من الصحف العربية ودعَّم الكثير منها السفير اللبنانية والكفاح العربي والشاهد وبيروت المساء الخ ،معظم تلك الصحف باستثناء ” الكفاح العربي” انقلبت على النظام الليبي ، وهونفس ما حدث للنظام العراقي ؟ كل ما قامت به الآلة الإعلامية العربية التابعة للجماهيرية أو للعراق هو أنها مارست دورها كأجهزة إعلامية تعتمد الفعل ورد الفعل، ولايمكن بأي حال التعاطي معها كإعلام يمتهن لغة العصر ،وهذا ما يؤكد غياب المنهجية والصناعة الإعلامية كحد أدني ، وفي هذا السياق أذكر أنني في العام 2010م تلقيت ومن خلال المركز الإعلامي الذي كنت مشرفاً عليه طلباً من إحدى الجهات الرسمية بتدريب وتأهيل عدد 50 من الإعلاميين الليبيين في مجال الإعلام الموجه بحيث يكونوا قادرين على التصدي مستقبلاً للحملات الإعلامية المضادة وللتضليل الإعلامي الذي يمكن أن تتعرض له ليبيا . وبعد مراسلات مطولة أستمرت قرابة ثلاثة أشهر فوجئت بأن المهمة أوكلت لمركز إعلامي في بيروت على علاقة وثيقة بالقوات اللبنانية ؟!!
الإعلام العربي وتوظيف الصورة :
يفتقر الإعلام العربي بصورة جزئية أو كلية إلى الأسلوب الأمثل في التعاطي مع تقنيات الميديا وأعني به الصورة وتقنياتها وثقافة الصورة في الإعلام فهذا النمط من التفكير هو الذي جعل الإعلام الإسرائيلي في حرب حزيران عام 1967م يقوم بتركيز الصورة على جنوده وهم يسبحون في قناة السويس فهذه الصورة هي التي جعلت العالم بأسره يوقن بأن الحرب قد حُسمت لصالح إسرائيل وهي ذات الصورة التي جعلت من الجماهير العربية تشعر أن آمالها في النصر تلاشت تماما وهي ذاتها التي حدت بالرئيس جمال عبد الناصر أن يفتح ملفات الفساد في مصر مباشرة عقب النكسة .
الصورة الثانية التي عمل الاعلام الإسرائيلي على نشرها على نطاق واسع وتعميمها على وسائل الإعلام والصحف العالمية هي صورة ضرب الطائرات المصرية الرابضة على أرض المطارات كدلالة بأن الجيش المصري بات بدون غطاء جوي .فأي نظام يخسر غطاءه الجوي تكون هزيمته العسكرية مدوية ونكراء .
فلو أن العرب قاموا حينها بنشر صور قتل الجيش الإسرائيلي للأسرى العرب فلربما استطاعوا في الحد الأدنى إظهار الصهاينة كمجرمي حرب وكسبوا بعض التعاطف بعد الهزيمة العسكرية الكبرى ,لكن ومع ذلك نستطيع القول بأن العرب مازالوا متخلفين في جانب توظيف الميديا بالشكل الصحيح واستمر الحال على ماهو عليه ، حتى عام 2006م واعني بذلك حرب تموز التي خاضتها المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله ضد العدو الصهيوني حيث أظهرت المقاومة والآلةالإعلامية لحزب الله قدرتها الفائقة في توظيف الميديا في الحرب بطريقة متفردة من خلال الميديا حققت المقاومة انتصارها التاريخي على الجيش الإسرائيلي ، فعندما اقتربت القوات الإسرائيلية الغازية من جنوب الليطاني بهدف تطويق المقاومة وبدأت ببث الصور بغية رفع معنويات الجنود الصهاينة تحركت الألة الإعلامية لحزب الله في اتجاه تسليط الضوء على المدمرة الإسرائيلية ” ساعر ” وإظهارها وهي تحترق بفعل صواريخ المقاومة وهو ما شكَّل ضربة مدوية وقوية للجيش الإسرئيلي وهو الأمر الذي ابعد عن التفكير الصهيوني العسكري وعن الرأي العام الإسرائيلي أي شعور بإمكانية تحقيق نصر عسكري ضد المقاومة وهذا ما اعترفت به القناة العاشرة الإسرائيلية عندما أكدت أن النصر بات بعيدا في المعركة الحالية ضد حزب الله وهو ما اعترف به الكاتب والمحلل الإسرائيلي “زئيف شيف ” من خلال مقال نشره في صحيفة “يدعوت أحرنوت ” عندما قال لقد خسرنا الحرب ونحتاج لسنوات لإعادة الثقة إلى جنودنا ، حزب الله استطاع أن يدير الحرب إعلاميا والكلام لزئيف شيف ولهذا كسبها عسكريا .
وهنا أود التركيز على التوقيت في حدثين مهمين هما :
أولا فن التوقيت نشر الصور لساعر حيث تزامن مع توقيت محاولة الصهاينة نشر الصور لعملية تطويق الليطاني .
الثانيه هو توقيت ظهور حسن نصرالله الذي تزامن مع نشر القنوات الصهيونية لحجم الدمار الذي احدثته الطائرات الصهيونية وهو الظهور الذي اعلن فيه حسن نصرالله أنه سيقوم بضرب حيفا وما وراء حيفا وهو الأمر الذي حدث فعلا للتأكيد على أن الأقوال مرتبطة بالأفعال ومدى قدرة آلة الحزب العسكرية على الضرب بقوة عملية ربط الأقوال مرتبطة بالافعال بالصور أحدثت لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني اهتزازا في الرأي العام الصهيوني فيما يتعلق بالمصداقية ، فبات الرأي العام يميل إلى تصديق البيانات العسكرية الصادرة عن حزب الله ، ولم يعد يلقي بالا لما يصدر عن المؤسسة العسكرية وعن جيش الدفاع الإسرائيلي وبخاصة في المعارك الضارية في مارون الراس وعيتا الشعب في الشريط الحدودي وهي المعارك التي استمرت أكثر من شهر ، فللمرة الأولى ينجح العرب بكسب المعركة الإعلامية أمام عدوهم في الحرب ، ما حدث قاد الدبلوماسية الإسرائيلية إلى الطلب من القطريين من خلال وزراء خارجية الدول الكبرى التوسط لدى حزب الله لوقف إطلاق النار والقبول بقوات فصل دولية على امتداد الشريط الحدودي المحاذي لمناطق سيطرة الجيش الصهيوني ولأول مرة منذ عام 1948م.
أما بقية النماذج العربية التي لم تستطع مواكبة التطور الإعلامي فسوف نأخذ منها أكثر من مثال والبداية دائما من العراق فما أن قامت القوات الأمريكية بضرب غرف القيادة والسيطرة للجيش العراقي وأعقب ذلك ضرب مقر قناة العراق الفضائية حتى دخلت المعركة منعطفاً آخر يميل بصورة شبه كاملة لصالح قوى العدوان الغربي هنا لم تعد القناة تبث صورا للمسؤلين العراقيين وهم يتضرعون الى الله في المساجد ولم يعد هناك أن نرى صورا للحرس القومي وهم يهتفون في شوارع بغداد بعيد كل غارة بالروح والدم نفديك ياصدام ، كل ذلك حدث بسبب تدمير القناة ، في مثل هذه الحالات كان يمكن تخفيف الضرر إما من خلال استخدام محطات تنقل على عربات متحركة وإما من خلال محطات تليفزيونية في دولة صديقه أو حليفة . وهنا لايهم أن تكون الدولة قريبة أو مجاورة بقدر ما يهم استمرار الخطاب المقاوم للعدوان .
فعلى الرغم من تدمير القناة فقد عمد العدوان الأمريكي إلى تحوير وتحويل أنظار العالم حول المعركة الضارية التي تدور في ارض مطار صدام الدولي جرى تغيير الاسم إلى مطار بغداد الدولي فيما بعد نجح الأمريكان عندما أطلقوا قذائفهم على فندق فلسطين وقتلوا مصور الجزيرة طارق أيوب والذي أدى إلى تركيز معظم الإعلام العربي على مقتل طارق أيوب وانعدام أية تغطية من الإعلام والمراسلين الحربيين لمعركة المطار التي يقال أن أكثر من ثلاثة آلاف أمريكي قتلوا فيها فحلت صورة الشهيد طارق أيوب بدلا من صورة الآف الجنود الأمريكيتن القتلى في المطار وهذه لعبة الميديا القذرة ، في ذات السياق واستمرارا للتلاعب الأمريكي واستغلاله للميديا ببراعة فقد تم التركيز من قبل الآلةالإعلامية القاتلة والغازية وهذا الوصف الدقيق لخمسمائة صحفي رافقوا قوات الغزو الأمريكية أقول تم التركيز على صور أخرى مثل الدبابتين الأمريكيتين فوق جسر الجمهورية ، التركيز على إنزال تمثال الرئيس صدام حسين من ساحة الفردوس ولمدة ثلاث ساعات بالرغم من أن المقاومة لاتزال مستمرة في عدد كبير من أحياء بغداد نفس الآلية التي جرى فيها التعامل مع إنزال تمثال لينين في روسيا كرمزية ودلالة على سقوط مرحلة سياسية كاملة ، في أثناء ذلك تطوع الإعلام العربي بنشر صورة لوزير الإعلام محمد سعيد الصحاف حول زيارته لوزارة الإعلام والكلام الجارح الذي قاله لبعض الإعلاميين والسيارة الهايلكس التي غادر فيها والهدف هو تكريس المهزلة التي أراد البعض تسويقها منذ اليوم الأول للعدوان ، كما نشرت الفضائيات صورا للرئيس صدام وهو يتجول في شوارع بغداد وبعدها صور له في حي الأعظمية ذي الثلاثة ملايين إنسان وهو محاط بعشرات المواطنين وكأن الصورة تقول هاهو ذا حي الأعظمية معقل حزب البعث منذ الخمسينيات لم يخرج منه إلا العشرات فقط خلف القائد الملهم أيضا ركزت الآلة الإعلامية على الصور التي ترافقت فيها عمليات السلب والنهب للعديد من المؤسسات الحكومية وهي عمليات اتضح فيما بعد أن الذين قاموا بها مجموعات تم استقدامها من خارج العراق تماما كما هو الحال لأولئك الذين تم استقدامهم من دولة عربية لإنزال تمثال صدام حسين ، والهدف الرئيس هو الوصول با لرأي العام إلى قناعة تسمح بتبرير تواجدهم كقوة احتلال في وزارة النفط العراقية ، لكن المحتل لم يستطع إخفاء الصور المتعددة للقطع التي سرقت من المتحف العراقي وهو ما أعاد الى العالم صورة الأمريكي المعادي للتاريخ والحضارة كونه لايمتلك حضارة آو تاريخ ، وبالطبع كان من الطبيعي أن تحاول الآلة الجهنمية الإعلامية للمحتل أن تظهر مشروعها من خلال التركيز على القصور الرئاسية للرئيس ,أن تحاول إظهارالفروقات بين حي الثورة ” مدينة الصدر حالياً” الفقير وحي المنصور والتركيز على سيارات عدي وقصي مقابل حالة الفاقة التي يعاني منها المواطن الفقير الذي طحنه الحصار الأمريكي وأدى لموت مليون ونصف المليون بسبب الحصار والمحصّلة في النهاية هي تحريض وإستفزاز النسيج الطائفي لتصل البلاد إلى المرحلة التي تباع فيها مؤسساتها لشركات يمتلكها بوش ورامسفيلد ومجموعة القرن الأمريكي الجديد .
نموذج العجز وصناعة الحدث :
النموذج الليبي مرة أخرى وهو هنا يأتي بعد ثمانية أعوام من الحالة العراقية السابقة حيث إن بعض القنوات الناطقة بالعربية قامت بتحويل العقل الجمعي العربي وتشكيله بطريقة عجيبة فالناتو الذي قصف ليبيا بثلاثين ألف غارة قادت إىلى قتل 130 ألف ليبي وجرح ضعف العدد وفقدان ثلاثين إلف ليبي وجد من يتعاطف معه من العرب فكانت أن تمت صناعة الزيف الإعلامي من خلال بعض القنوات العربية من ذلك ماتم كشفه من خلال تقرير للمخابرات الروسية حول سقوط العاصمة الليبية طرابلس الذي جاء فيه مايلي :-
أكبر عملية تضليل إعلامية؟
العملية تغطية لعملية برية شارك فيها الآلاف من قوات الناتو وقتل فيها قرابة الألفين من الجنود القطريين والإماراتيين وقادها الفوج 22من القوات الجوية البريطانية وقام الفيلق الفرنسي بعملية إنزال بحري كبرى في طرابلس عبر جنوده الذين اشتركوا في أفغانستان . إن معركة طرابلس، التي اعتبرتها القنوات العربية في ذلك الحين آخر ساعات القذافي، شكّلت نوعا من الغموض. وفيما يتعلق با لقنوات المتلفزة فان عشرات المشاهد المصورة التي عرضت سقوط العاصمة الليبية بأيدي ثوار الناتو، ما هي إلا مشاهد ولقطات مزورة تم تصويرها وإخراجها في “أجنحة ليبية ” بدولة قطر. والدليل الواضح على ذلك هو لقطات الفيديو التي أظهرت طرابلس المستولى عليها من قبل الثوار، وقدمتها شبكة الانترنت، حيث لا وجود لبعض التماثيل وعناصر الديكور المعماري في المباني التاريخية للعاصمة الليبية. كما يستغرب المشاهد من الضوء الساطع المزعج للعيون في شوارع المدينة، التي لم تستيقظ بعد، جراء الغارات الجوية للناتو، وما زالت تعاني من انقطاع الكهرباء. ويحَّير هذا الديكور المسرحي، الذي أخرجه على عجل مخرجون من قطر وعدم مطابقته للواقع، كل من يريد إدراك ما يحدث.
ويقول العشرات من شهود العيان وأصحاب المدونات الالكترونية أن العاصمة شهدت إنزالاً بحريا نفذه مرتزقة من الفيلق الأجنبي الفرنسي، سبق أن شاركوا في معارك أفغانستان والعراق. وبالإضافة إلى ذلك يشهد بعض المعلومات التي توافرت لدى الصحفيين، أن إفرادا من قوات الصاعقة البريطانية من الفوج 22 للقوات الجوية البريطانية الخاصة (ساس)، بصفتها إحدى الوحدات الأربع للقوات الخاصة البريطانية، شاركوا في الهجوم على طرابلس. كما جرى إشراك جنود من قطر والإمارات، وقُتل معظمهم بموجب معلومات شهود عيان تم قتل ألفين من القطريين والإماراتيين. أما الثوار الليبيون فكُلفوا بأداء دور الجمهور، الذي يطلق النيران صوب مكان مجهول ويلوح بأعلام العهد الملكي ويمثل ابتهاجه أمام كاميرات “الجزيرة”.وقد أطلق على هذه العملية لقب “فجر عروس البحر”، وتم إعدادها خلال 10 أسابيع. وسبقها تدمير نظام المواصلات في طرابلس كلها. وقضت التحضيرات للهجوم على طرابلس بتشغيل آلة الدعاية. وكان من المقرر الإعلان عن مقتل معمر القذافي نتيجة قصف الناتو. وحتى تم إعداد صور تبين العقيد الميت، وذلك بواسطة البرنامج الخاص بتحرير الصور. لكنها ظهرت في شبكة الانترنت قبل أوانها مما أفشل خطط “المتآمرين”.
أما الثوار الذين أحسوا نجاتهم من العقاب، باشروا بارتكاب جرائم بكل أنواعها، بما فيها اغتصاب النساء والنهب والسلب بدلا من تطوير نجاح القوات الأجنبية الخاصة، وذلك في شهر رمضان المبارك، الذي يفرض الحظر حتى على الأفكار الشريرة.
وكانت المعلومات عن اعتقال أو مقتل أبناء معمر القذافي، محمد والساعدي وسيف الإسلام، إلى جانب مقتل رئيس المخابرات الليبية بمثابة فقرة في سلسلة الحملة الدعائية التضليلية. كما تم إعداد نبأ مضلل يفيد بمقتل ابنة القذافي عائشة ونشر صورتها الفوتوغرافية، وذلك باستخدام صورة بناظير بوتو، التي سقطت ضحية لعملية إرهابية في باكستان. لكن كل تلك الافتراءات باءت بالفشل. والأمر كذلك بالنسبة إلى تقدم الثوار في العاصمة، و يقولون لحد الآن إنهم يسيطرون على 95 % منها. وقام سيف الإسلام بإفشال خططها بعد ظهوره حيا في فندق “ريكسوس”، ليلتقي بالصحفيين الأجانب.
بالطبع لم يكن ونقولها للمرة الألف بوسع الإعلام الليبي المتخلف التصدي لمثل تلك الألاعيب أو التلاعب بالعقول حسب رأي الكاتب العالمي والخبير الإعلامي الدولي “هربرت شيلر ” صاحب كتاب المتلاعبون بالعقول فمن لايجيد توظيف الميديا ليس له معرفة بالإعلام وغير قادر على الصمود حسب معطيات العصر .
نموذج ’آخر في عدم القدرة على توظيف الميديا بالصورة الصحيحة هو ماحدث في أكتوبر من عام 2001م عندما أقدمت القوات الأمريكية على ارتكاب مجزرة مروعة في مدينة مزار الشريف شمال أفغانستان عندما قامت بقتل خمسمائة أفغاني مكبلين في قلعة مزار الشريف ،على الرغم من وجود العديد من الفضائيات العربية وبالرغم من كثرة التقارير والتي يقال أن بعضها تقارير مصوره فإن أي من القنوات والدول لم تقم بتوظيف الميديا هذه المرة لكشف تلك المجزرة البشعة وربما تلعب حالات كثيرة من عدم المصداقية دوراً مهماً في ضياع الحقيقة ، لكن نموذج آخر حول الاستفادة من توظيف الصورة وهي ماقام به الصحفي العالمي الشهير ” سيمون هيرش “عندما قام بكشف مجزرة “مايلاي” بفتنام في عام 1968 التي ارتكبت من قبل القوات الأمريكية التي كانت تخوض حربا مدمرة ضد قوات “الفيتكونغ ” فلقد استطاع هيرش من خلال التحقيقات الصحفية المتوالية والمدعّمه بالصور في صحيفة نيورك تايمز في تلك الفترة من إحداث زلزال في الرأي العام الأمريكي قاد إلى تحريك المنظمات الحقوقية والإنسانية والهيئات التابعة للحزب الديمقراطي إلى التحرك في سبيل وقف الحرب وهو مالم يتوافر في قضية أخرى مثل مجزرة مزار الشريف في أفغانستان ، أيضا نموذج آخر على توظيف الميديا بالصورة الصحيحة هو ما قام به المصور الفلسطيني طلال أبو رحمة عندما قام بتصوير مقتل الطفل محمد الدرة على أيدي الجيش الإسرائيلي وهو ما أشعل العالم وتحركت منظمات دولية ضد القيادات العسكرية الإسرائيلية وقامت برفع العديد من القضايا في أوروبا ضد مجرمي الحرب في الدولة الإسرائيلية وأكسبت الشعب الفلسطيني تعاطفا لامثيل له في مختلف أنحاء العالم .عكس الحالة التي كانت سائدة إبان العدوان الصهيوني على قطاع غزة في العام 2008م والتي لم يتم الاستفادة منها من قبل حركة حماس في تلك الجزئية المتعلقة بالميديا على غرار ماقام به حزب الله قبلها بعامين فما أن كانت الغارات تتوقف حتى كان المواطنون يهرعون إلى المخابز كطوابير طويلة بحثاً عن الخبز وزيت الطعام وهو ما قامت به الآلة الإعلامية الإسرائيلية بتوظيفه لصالحها بغرض إظهار حالة التعب والإنهاك على جماهير غزة وأن هناك حالة إنفصال بين المقاتلين والمحيط الإجتماعي الحاضن للمقاومة الإسلامية حماس تماما كما كانت الرأسمالية تقوم به في زمن الحرب الباردة عندما كانت تركز على طوابير الجمعيات والأسواق التعاونية في خدمة للثقافة الرأسمالية ثقافةالكوكا كولا.
جوانب أخرى في التضليل الإعلامي:
في الحالة الليبية جرى التمهيد للجانب الإعلامي حدث منذ العام 2008 حيث تم وبواسطة مشروع ليبيا الغد تنظيم زيارات لعدد ثلاثة آلاف شاب من أبناءالليبيين المقيمين في أوروبا هدف الزيارة كان لكي يتعرفوا على بلدهم الأصلية غالبية هؤلاء من الشرق الليبي ومن الذين كانت أسرهم جزءاً من النظام الملكي وتأتي الزيارة حتى يتم تشجيع الخبرات العلمية للعودة إلى البلاد الغريب في الأمر هنا ان الطرف الآخر كانت له وجهة نظر أخرى فما أن وطئت أقدام الكثير منهم أرض الجماهيرية حتى بدأ الكثير منهم الالتقاء بأقربائهم هناك وهو الأمر الذي جعل العديد منهم يبدأ العلاقات الاجتماعية المنقطعة عبر الفيس بوك ثلاثة آلاف مشترك في فيس بوك يمكن ان يقوموا بتوجيه عشرات الآلاف من منتسبي ليبيا الغد ” الحزب السياسي الجدي “وبطريقة ذكية وفي سياق تاريخي تشهد فيه المنطقة حراكا سياسيا غير معهود ضد النظم المعادية للغرب وعملية تحوير الموضوع ضد الجماهيرية عملية سهلة في هذا الوقت بالذات ، هذا على الصعيد الشبابي ، وتبقى العملية الأخرى كل أعداء الثورة الليبية من إخوان مسلمين إلى إسلاميين متطرفين ، إلى القوى الليبرالية الموالية للغرب إلى شباب الخليج والجيش الالكتروني الإخواني المصري والتونسي إلى كل هؤلاء شكَّلوا ما أطلق عليه أحد الخبراء الروس (هيروشيما إلكترونية ) أيضا هناك الدور الذي قامت به قناة الجزيرة والعربية حيث نشرت صور لأحداث مضى عليها خمس سنوات وتم التعرف عليها من قبل العديد من المثقفيين الليبين تماما كما حدث مع سوريا عندما قامت الجزيرة في الأيام الأولى بتصوير أحد الأفلام في مدينة الرمثا الأردنية وسيناريو الفيلم عبارة عن عدد 22 من ضباط الجيش السوري يقومون بالاعتداء على المواطنين العزل بصورة همجية ووحشية وجرى تسويق الفيلم على أنه مواجهات في مدينة درعا السورية وللأسف الشديد كان هذا الفيلم الذي كشفه الإعلامي اللبناني المعروف رفيق نصر الله واحدا من مجموعة كبيرة جدا من الصور المفبركة التي جرى إسقاطها على الحالة السورية وكشفتها القنوات الفضائية الدولية وبعضها في لبنان أو العراق ، وهكذا كان التعامل مع الحالة الليبية على مدى أشهر الأزمة الستة فقد تم استخدام ثقافة الصورة بطريقة خطيرة جدا هذا ماكشفه الإعلامي والصحفي الفرنسي الكبير (تيري ميتان) صاحب الكتاب الشهير الخديعة الكبرى الذي كشف كيف قامت قنوات الجزيرة بخداع الرأي العام العالمي في القضية الليبية وكيف استطاعت تضليل الرأي العام الدولي من تسويق الأكاذيب والصور المفبركة، وبالنظر إلى القنوات الفضائية العربية سوف نكتشف أنه باستثناء قنوات سوريا واليمن والجزائروبعض القنوات المستقلة فإن معظم القنوات الفضائية قامت بدور تآمري لدرجة أن بعض المعارضين الليبيين كان يطل في اليوم الواحد من خلال سبع إلى ثماني فضائيات وفي المقابل لو اعتبرنا أن عشرين شخصية لها أربع تصريحات أو حوارات في 20 قناة فضائية فهذا يعني ان هناك 80 خبراً ورأياً وتصريحاً جرى تعميمه للمعارضة الليبية كل صباح مقابل تصريح وحيد لموسى إبراهيم الناطق باسم اللجنة الشعبية العامة ، ومن ضمن الأساليب التي اعتمدتها بعض القنوات الفضائية هو الإتيان بشخص وهمي يمثل دور الموالي للقيادة الليبية وهو في الأصل معارض ويقوم هذا الشخص بمحاورة شخص متمكن من ثوار الناتو وهنا المشاهد يلاحظ الفارق في الطرح والمنطق بين الطرفين فيميل المشاهد بعفويته إلى جانب وجهة النظر التي يروج لها ثوار الناتو هذا الأسلوب كانت تقوم به قناة العالم الإيرانية وهو أسلوب يدل على إنحياز القناة وعدم مهنيتها وخوائها من القدرات والكفاءات الإعلامية ودليل على عنصريتها أنها عينَّت أحد الشيعة مراسلا لها بعد دخول الناتو وجماعته طرابلس ، أسلوب الجزيرة ظل إقصائياً منذ البداية ومثلة وجهة نظر الناتو وجماعته من الليبيين ولم تجري أي حوار مع أي مسئول ليبي. في طرابلس يمكن ان يوضح وجهة النظر الخاصة بالطرف الآخر ، أما قناة العربية فقد قامت بممارسة أسلوب إعلامي في غاية الغرابة والبلاهة فبعد أن جرى تعيين مراسل لها في طرابلس وهو الأخ الحاسي كانت تقوم بعمليات اقتطاع لأجزاء واسعة من التقرير إذا لم يوافق سياستها وإذا وافق سياستها تركته كماهو فكثيرة هي المرات التي تم حذف المشاهد التي تظهر حب الجماهير للقذافي ، بل أيضا عرف عن العربية أنها تقوم بحشو تقاريرها السياسية بمشاهد مفبركة وغير صحيحة هذا الموضوع تمت مواجهة نبيل الخطيب رئيس التحرير في القناة في مؤتمر دبي للإعلام العربي وأعتذر عن ذلك قائلا عليكم أن تعرفوا أن هناك آخر شهر وهناك مرتبات يجب أن يتم دفعها والممول للقناة يريد لها ان تسير على هذه السياسة .أما القنوات اللبنانية فقد اتحدت لأول مرة منذ تأسيسها المنار مع ثوار الناتو وشقيقتها قناة حركة أمل وقناة القوات اللبنانية والمستقبل كل القنوات مع ثوار الناتو بمافيهم قناة الجديد . الغريب في الأمر حتى أولئك الذين صنعتهم ليبيا ولم يكونوا شيئا مذكورا مثل طلال سلمان تبنى الموقف المعادي لنظام القذافي . وكانت السفير الصحيفة التي أسستها ليبيا في السبعينيات من القرن الماضي وبمبلغ يعد خياليا في تلك الفترة ستة ملايين دولار مكنت طلال سلمان الذي باعترافه للقذافي عندما قال له لا أملك قيمة سندوتش فكيف بصحيفة ويظهر ان السيد سلمان بدء بالتواصل مع السعوديين والإيرانيين في نفس الوقت وأراد ان يمارس عنترياته من خلال الهجوم على النظام الليبي الذي صنع السفير وسلمان ، وهو عكس الموقف الأخلاقي لوليد الحسيني الذي لم يتنكر لرفاق الدرب وظل على مبدئه إلى النهاية ، الإعلام المصري النيل والمحور والحياة ودريم هذا إعلام لايعول عليه كونه يعمل بدون خطة وبدون هدف أو إستراتيجية بالرغم أنه يمتلك كفاءات وقدرات غير مستغلة ستواجه العديد من المشاكل في زمن الطيف الواحد الذي سيسطر على مصرلفترة طويلة ويُخشى أن يصبح حال القنوات المصرية مثل حال نظيراتها في جارتها الجنوبية المحكومة دينياً ، الإعلام المصري أثناء الربيع العربي كان ولأول مرة يردد ماتقوله الجزيرة وبقية القنوات الإخوانية وهذه هي الانتكاسة بعينها الإعلام المصري في أثناء الربيع العربي أثبت بأنه آني الفكر والحركة ولا يعي الدور الحضاري لمصر ولا يبحث عن أي دور استراتيجي لمصر . ولمزيد من الفائدة يمكن تسليط الضوء على بعض الأخبار التي تم تناقلها في بعض القنوات الفضائية التي لايمكن وصفها سوى بالتضليل هنا باختيار و الأكاذيب مع تقديم بعض الردود على للرد الأخبار الكاذبة لتشريح الخبر ومدى الآثار والتداعيات وكيف انعكست على المعركة ولمعرفة الخصم الذي نواجه والجذور التاريخية للقاعدة الإرهابية التي جرى أتباعها للسطو على ليبيا ليس دفاعا عن نظام سقط أو لم يسقط بقدر ماهي إظهار للحقائق وتعميم للفائدة .
القنوات الناطقة باللغة العربية –
جميع القنوات أعلاه تناقلت في وقت واحد وبصيغة خبرية واحدة الأخبار الكاذبه التي سنوردها وهي عملية تدل على أن المخرج واحد لكل تلك القنوات .
- الخبر الأول : أكد وزير الخارجية البريطاني هروب القذافي إلى فنزويلا؟؟
- الخبر الثاني :وصول سيف الإسلام القذافي إلى الجزائر لجلب مرتزقة جزائريين ؟؟؟؟؟؟
- الخبر الثالث : قيام العقيد القذافي بتصفية أبوبكر يونس جابر بنفسه ؟؟
- الخبر الرابع : هروب أبوزيد عمر دوردة رئيس جهاز الاستخبارات الذي سخر من الخبر ونفاه في حوار مع قناة الجماهيرية الفضائية .؟؟؟
- الخبر الخامس : مقتل خميس القذافي أكثر من أربع مرات على طوال فترة الحرب؟؟؟
- الخبر السادس : أسر سيف الإسلام القذافي قبل أسره بأشهر تردد الخبر عشر مرات؟؟
- الخبر السابع : أسر محمد القذافي ؟؟
- الخبر الثامن : وصول القذافي إلى النيجر ؟؟ ا
- الخبر التاسع : إصابة معمر القذافي ؟؟
- الخبر العاشر : قصة المرتزقة والمستمرة حتى اللحظة ؟؟
- الخبر الحادي عشر : سقوط سرت حسب إعلان شلقم في شهر مايو وقال في حوار مع(قناة الجزيرة ) أن الذبائح يتم نحرها لثوار الناتو منذ الصباح .؟؟
- الخبر الثاني عشر : تناقلت وسائل الإعلام أيضا الخبر التالي قيام الرائد عبد السلام جلًّود بقيادة العمليات بنفسه في طرابلس ضد القوات الشرعية ؟؟
- الخبر الثالث عشر : خبر فرار الأخ عبد الله منصور أحد الثوريين المرتبطين روحيا بالقذافي ؟؟
- الخامس عشر : تناقلت تكذيب ثوار الناتو لاستشهاد سيف العرب ؟؟
- السادس عشر : تناقلت تصريح ثوار الناتو بأن مجزرة ماجر التي ارتكبها الحلف في زليتن وأدت إلى مقتل 85 شخصا 33 من الأطفال و40 من النساء والباقي من العجائز ارتكبتها قوات الشرعية الثورية ،؟؟
- السابع عشر : تناقلت خبراً عن مقتل الفريق الخويلدي الحميدي عضو القيادة التاريخية لثورة الفاتح ؟؟
- الثامن عشر : تناقلت خبر هروب نصر المبروك ؟؟
- التاسع عشر تناقلت خبراً عن مواجهات في باب العزيزية أكثر من مرة بين ثوار الناتو والحرس الثوري ؟؟
- عشرون : تناقلت خبراً عن هروب الأسرة الكريمة للأخ العقيد معمر القذافي الى مصر مرة ومرة أنهم في جزيرة جربه هذا الخبر تم تناقله بصورة دورية شهريه على امتداد السبعة أشهر ؟؟
- واحد وعشرون : موضوع التعاون الأمني مع الأمريكيين في تسليم بعض الإرهابيين الليبيين إلى المخابرات الليبية .؟؟
- اثنان وعشرون : خبر تحديد مكان معمر القذافي ؟؟
- ثلاثة وعشرون : خبر التآمر على السعودية والحصول على الوثائق المزعومة من مبنى المخابرات الليبية؟؟
- اربعة وعشرون : تصريحات أمين الجامعة العربية عمرو موسى .
اكتفي بهذه الأخبار سيئة الصيت الكاذبة وسأقوم بالتعليق عليها :
الخبر الأول: حول هروب القذافي المزعوم إلى فنزويلا غلب على الخبر النفس الأمني الإستخباراتي وليس الإعلامي لأن الوزير البريطاني كان يتحدث وكأنه هو من قام بترحيل القذافي ، أسلوبه كان يدل على صيغة الجزم وأنه متأكد وأن الأمر في حكم المنتهي وأننا اليوم في مرحلة مابعد العقيد ، الهدف من هذا التصريح الذي تم التعامل معه كما جميع الأخبار الكاذبة التي سنأتي عليها وفق نظرية تبييض الخبر وهي طريقة معروفة في العرف الصحفي اختار وسيلة إعلامية وأبعث لها الخبر ثم أقوم بالنقل عنها الهدف من هذا الخبر الذي جرى تداوله من القنوات الفضائية أثناء انقطاع الاتصالات المتعمد هو خلق الارتباك في الشارع الليبي الذي سينتج بطبيعة الحال وبما يسهل تحقيق الـ50% من الحملة الإعلامية الموجَّهة تجاه النظام الليبي ..
الخبر الثاني :وصول سيف القذافي إلى الجزائر لجلب المرتزقة حدث تناقل هذه الشائعة في نفس سياق الخبر الأول أثناء انقطاع الاتصالات والهدف من ذلك هو خلق اصطفاف وطني زائف ضد النظام الليبي وموضوع المرتزقة يحتاج من الناحية الإعلامية إلى مرور 72 ساعة لكي يستوطن في العقل الجمعي الليبي والعربي وهو ما حدث فعلاً حيث إن الاتصالات ظلت مقطوعة أربعة أيام كاملة الأمر الذي حقق نجاحا منقطع النظير وأظهر الدولة الليبية دولة إرهاب كان المبرر القانوني الدولي الذي تحقق مع دموع عبدالرحمن شلقم مندوب ليبيا في الأمم المتحدة المرتمي في حضن مندوبة الولايات المتحدة . يعلم المشتغلين في الدبلوماسية في الوطن العربي على علم بأن شلقم استلم من أمير قطر مبلغ خمسة وعشرين مليون دولار كمكافأة أو رشوة له على ذلك البكاء .
الخبر الثالث :قيام القذافي بتصفية أبوبكر يونس جابر الذي ظهر أكثر من مرة في الجبهة والذي أشرف بنفسه على جبهة البريقة وتحصيناتها التي قاومت طيران الناتو لعدة أشهر الهدف من هذا الخبر الذي تناقلته قنوات فضائية عدة هو محاولة يائسة لخلخلة الجبهة الجنوبية وتحطيم معنويات الجيش الليبي وسياق الخبر الذي نشر في شهر تموز يوليو دليل على الفشل الكبير جدا للناتو ولثوار الناتو لقد كان الحلم لديهم أن يقوم الفريق أبوبكر يونس جابر بالتمرد وهو مالم يحدث وأثبت الرجل صموده حتى اللحظة الأخيرة عندما استشهد مع رفيق دربه معمر القذافي .
الخبر الرابع : هروب ابوزيد عمر دوردة رئيس جهاز الاستخبارات العامة والهدف من هذا الخبر هو خلخلة البنية الاستخباراتية الأقوى في كل أفريقيا والأخطر في العالم الثالث لأن الهروب الذي كان يتمناه البعض كان ذلك المدفوع الأجر على غرار شكري غانم وموسى كوسا ومن أجل إقناع القيادات الأمنية التي ألقي عليها من قبل الثوار وتنبهت الاستخبارات الليبية لذلك وهو ما جعل أبو زيد دوردة يكَّذب ما أذيع عبر حوار مع الأخوين يوسف شاكير ورضوان العماري في برنامج عشم الوطن أعيد إذاعة الخبر في جميع النشرات الإخبارية عبر قنوات الجماهيرية والليبية والشبابية وليبيا الرياضية وهو ما شكًّل الصدمة لثوار الناتو .
الخبر الخامس: مقتل الرائد خميس القذافي : الهدف من هذا الخبر الذي تردد أربع مرات هدف عسكري بامتياز من أجل خلق الإرباكات في صفوف المقاتلين الموالين للقذافي وهو هنا له العديد من السياقات المختلفة فمرة تم الإعلان عنه بعد فشل الناتو وثواره من السيطرة على مدينة زليتن فحاولوا تكتيكيا عمل مايمكن أن نطلق عليه تغيير الرأي العام ولفت انتباه الجميع أن هناك كارثة حدثت للخصم من خلال قتل احد ابرز القادة العسكريين ومرة أخرى حدثت بعد دخول ثوار الناتو الى طرابلس وزعم الخبر أنه قُتل في المنطقة الواقعة بين زليتن وترهونة والهدف كان تحييد المعسكرات التي لاتزال تقاوم ، وأراد الإعلام الموجه المعادي أن يوصل رسالة مفادها أنه بمقتل خميس القذافي انتهت الحرب إلى الأبد كون الصراع المسلح مع أسرة القذافي حسب ماتم الترويج له والإشتغال عليه من اليوم الأول للتمرد.
الخبر السادس : أسر سيف الإسلام القذافي جاء الخبر وهو بالطبع كغيره صناعة القنوات الموجهة لتنفي لحظة تاريخية صعبة للغاية حيث قام الإعلام المعادي بعمل مقابلة وهمية مع شخص وهمي وقام بعمل منتجه لأقوال وحوارات سابقة مع سيف الإسلام في نفس الوقت ، وجرى عرضها وتسويقها عبر مختلف القنوات المعادية وهو الأمر الذي جعل المشاهد العربي المسكين أن يصدق حكاية الأسر التي لم تحدث أصلا ،هذا الأمر قاد إلى إنهيار فعلي في العاصمة طرابلس قاد إلى إحداث بلبلة وانسحابات كبيرة في صفوف المقاتلين الموالين لمعمر القذافي وهو الأمر الذي أسهم بشكل كبير في سقوط العاصمة ، وهذا ما أريد له أن يحدث من خلال ترويج خبر أسر محمد القذافي نجل الزعيم الليبي فلقد جرى إستخدام أبناء القذافي بطريقة ذكية من قبل الإعلام الموجه لثوار الناتو باعتبارهم الدائرة الضيقة المحيطة به وسقوطهم في الأسر يعني سقوط النظام برمته وهذا ما حدث لاحقا.
الخبر االسابع : وصول معمر القذافي إلى النيجر الهدف من الخبر هو إظهار أن القذافي كشخصية ضعيفة وتحديد آلية الهروب وأنها تمت عبر قبائل الطوارق من أجل استكمال سيناريو الهرب وقطع الشك باليقين وأن الهرب تم ، بالطبع الهدف الأول حسم المعركة لصالح أعداء النظام والهدف الثاني هو إسقاط الأسطورة التي صنعها القذافي طوال نصف قرن من الزمن لدى أنصاره وأن القذافي ليس سوى شخص مهزوم الى أخره وأن القاعدة التي أرساها صدام بالمقاومة حتى اللحظة الأخيرة لا تنطبق على القذافي كونه النقيض لذلك وهذه الخطة فشلت وأثبت القذافي أن من جاء قبله من الثوار مثل جيفارا ولومبومبا تجعل منه لايشذ عن القاعدة وهو الذي يستطيع لو أراد ذلك أن يذهب إلى دولة مثل كوبا أو فنزويلا يلتقي مع قيادتها فكريا وثوريا ، وليس به حاجه للذهاب إلى النيجر أو بوركينا فاسو .
الخبر التاسع : إصابة القذافي الخبر كان الهدف منه أن القذافي بات عاجزا بسبب الإصابة وأن مسألة نقل السلطة إلى عبد الله السنوسي أو سيف الإسلام حسب القناة باتت مسألة وقت لا أكثر والفكرة الرئيسية هي الوصول بالناس إلى قناعة أن زمن معمر القذافي ولى وإلى غير رجعة وأن أيام الحسم النهائي باتت وشيكة .
الخبر العاشر : قصة المرتزقة هي عبارة عن قصة مغايرة تماما وهي تدل على وجود تصفيات عرقية في المدن التي قامت بالتسليم مثل الزاوية وصرمان والخمس وبعض مدن الجنوب وتاورغاء التصفيات العرقية تتم ضد جماهير ثورة الفاتح من ذوي البشرة السوداء ليس هناك مرتزقة هناك آلاف الأفارقة يتم قتلهم وهناك آلاف الليبيين تتم عملية تصفيتهم من قبل العصابات المسلحة التابعة للإخوان المسلمين ، كان على العالم سرعة التدخل الفوري لإنقاذ ذوي البشرة السوداء من المذابح التي ترتكب في حقهم .
الخبر الحادي عشر :سقوط سرت حسب الحوار الذي أجرته معه قناة الحرة والذي أعلن فيه ان سرت سقطت وأن الأفراح تعم المدينة والذبائح تنحر منذ الصباح ، هذا الخبر الكاذب من عبدالرحمن شلقم ، والمراد من هذا الخبر الذي جرى تعميمه وتناقله بتلك السرعة في جميع القنوات يهدف إلى تحقيق هدفين رئيسيين هما أولا إيصال رسالة الى العالم أن سرت معقل القذافي ومسقط رأسه سقطت في أيدي ثوار الناتو وأن القذافي ليس أمامه الإ الاستسلام والتسليم بالأمر الواقع والهدف الثاني الذي أراد (شلقم ) من وراء تلك المقابلة هو أن يوصل رسالة أمنية مفادها حتى سرت التي يفترض أن تكون البديل للقيادة الليبية بعد طرابلس هاهي ذى سقطت قبل العاصمة .
الثاني عشر : في الأيام الأولى تناقلت القنوات الفضائية خبر مفاده أن الرائد عبد السلام جلود يقود المعارك بنفسه في طرابلس ضد أنصار معمر القذافي؟ هذا الخبر يعد من أخطر الأكاذيب إذا ما علمنا ان الرائد جلود ضل الى ذلك الحين يحظى باحترام الكثير من الليبيين لسبب واحد وهو أنه كان يعتبر عكس النموذج الآخر المتمثل بعبد الحليم خدام في سوريا إلى ذلك الوقت قبل أن يغير رأيه بعد سقوط النظام وينقلب إلى عدو للقذافي ويغادر إلى ايطاليا ويحصل على جنسيتها، وظهور جلود وقيادته للجماهير ضد القمع الذي جرى تسويقه سيكُسب جلود صفة المجدد لثورة الفاتح وهو ماسيجعل الآلاف من الموالين للقذافي يفكرون الانضمام إليه لو كان لديه خطاب وطني تجديدي يؤكد على إعادة الاعتبار لروح الفاتح من سبتمبر التي يعتبرها كثير من الليبيين شاخت ، ووجود جلود يعزز المقولة الاستخباراتية بوجود صراع على السلطة بين تيارين تيار جلّود وتيار أخر مضاد يقوده الأبناء وعلى رأسهم سيف الإسلام ، الخطأ الذي وقع فيه الإعلام هو أنهم راهنوا على شخص في قمة الهزيمة والانهيار النفسي ومعرفة الليبيين أنفسهم بأن الرائد جلود يختلف عن الآخرين فهو انفعالي إلي درجة جنونية وضعيف جدا أمام نزواته وبخاصة أمام المشروبات الروحية من ذلك فالرجل مقّرب من النظام الإسلامي في إيران.
الثالث عشر : خبر فرار عبد الله منصور مدير الأمن والشاعرالمعروف غادر الى النيجر بعد ستة اشهر من اذاعة الخبر ، الهدف من الخبر هو إظهار حتى أولئك الذين يوصفون بالحواريين ورهبان الثورة أنهم باتو في الخندق المضاد وهو ما يترتب عليه حدوث تداعيات خطيرة في الجانب الأمني على حد سواء لقد تم إختيار الشخصية بدقة وبخبث يدل على أن المخرج شخصية استخباراتية وليست إعلامية وأن الإعلام الحالي ليس سوى غرفة عمليات أمنية لنشر الزيف كما أعلنت ذلك المذيعة السعودية منتهى الرمحي التي استقالت من الجزيرة بفعل غرفة عمليات خاصة بتزوير الحقائق تشرف عليها الاستخبارات القطرية .
الخبر الرابع عشر : تناقلت القنوات تكذيب ثوار الناتو لخبر استشهاد سيف العرب معمر القذافي أصغر أبناءالقذافي بل وزادت على ذلك أن القذافي يريد كسب تعاطف العالم معه بل وتحدث أحدهم قائلا حتى هناء القذافي التي أشيع أنها قتلت في الغارات الأمريكية عام 1986 لاتزال على قيد الحياة وبالطبع ومن أجل تحقيق الخديعة الكبرى فقد قامت القنوات بتعميم وجهة النظر تلك والتي جعلت المشاهد العربي البائس بين مصدق ومكذب إلى أن قام الممثل البابوي في طرابلس ومعه ممثل الكنيسة المرقسية بزيارة إلى الجثمان وتأبينه وكان يرافقه الشيخ خالد تنتوش وشاهد سيف الإسلام وأحفاد الزعيم الليبي الثلاثة الذين استشهدوا في الغارة على منطقة غرغور في طرابلس .
الخامس عشر : تناقلت تصريح ثوار الناتو بأن مجزرة الناتو في منطقة ماجر بزليتن قامت بسبب قصف القوات الموالية للقذافي وهنا نقول مطلوب لجنة دولية لتقصي الحقائق كما طالب بها عديد من الكتاب والمثقفين العرب كونها الجريمة التي يمكن لها ان تدين الناتو وثوار الناتو .
السادس عشر : خبر مقتل الفريق الخويلدي الحميدي عضو القيادة التاريخية والخبر كان يهدف إلى خلق بلبلة وحالة اضطراب في المناطق الغربية لطرابلس من الزاوية حتى صرمان والخمس وصولا إلى الحدود التونسية والعملية كانت ممنهجه ومعده سلفا وعندما أعطى ثوار الناتو الإحداثيات لطيران الناتو كان الهدف خلق انتفاضة مضادة للنظام الليبي في تلك المناطق وهو الأمر الذي سيّسهل من عملية تطويق طرابلس الذي تأخر شهرين كاملين ,
السابع عشر : خبر هروب نصر المبروك ما يؤسف له أن كثير من الأمازيغ في ليبيا حتى أولئك الذين وصلوا إلى مرحلة التنظير وكانوا أعضاء فيما يعرف باللجان الثورية كانوا في قمة الانتهازية وهنا أؤكد ليس الكل ولكنهم الغالبية نصر المبروك المثقف الثوري العقائدي شكل هروبه برغم نفيه ذلك حالة انعكست على تقدم ثوار النا تو في الجبل لقد كان أخر قوة ردع لهم وتخليه عن مسؤولياته في ذلك الظرف مهما حاول ان يبرر المرض وغيره خروجه مع أسرته شكل صدمة لجميع القوى المناوئة للناتو .
الثامن عشر : خبر المواجهات في باب العزيزية هذا الخبر بدأ تناقله منذ اليوم الأول للأحداث وأعيد بثه عبر الفضائيات المناوئه أكثر من 47 مرة خلال سبعة أشهر والصحيح أن المواجهات لم تحدث إلا مرة واحدة عند دخول ثوار الناتو طرابلس ولمدة ساعة واحدة فقط وكان الهدف أن يتم إقناع المشاهد العربي البائس أن الدكتاتور لم يعد لديه إلا باب العزيزية حسنا أين كنتم خلال سبعة أشهر .؟ الشئ الآخر للتسريع بقرارات مجلس الأمن ضد القيادة الليبية وتسريع محاصرتها عبر القرارات التي يتم طهوها على طريقة وجبات ماكدونالدز .
التاسع عشر : خبر هروب أسرة العقيد القذافي تم التعليق عليه .
الخبر العشرون : الخبر الذي تناقلته (القنوات الفضائية ) والخاص بالتعاون الأمني مع الأمريكان والذي جاء على خلفية الحصول على الوثيقة الأمنية الخطيرة والفلتة شئ مضحك ماذا يعني أن يكون البريطانيون سلموا إلى المخابرات الليبية شخص متطرف مثل عبد الحكيم بلحاج أو الحصادي وغيره هذا كلام ينم عن الجهل والخواء الأمني هل هذا يجعل ليبيا القذافي التي تعاملت مع أمريكا والغرب ندا لند تصبح عميله البشير قام بتسليم العشرات والنظام اليمني سلم العشرات والسعودية سلمت إلى ليبيا عشرات المطلوبين وبينها وبين اليمن اتفاقيات تسليم مجرمين والأردن سلم ليبيا العشرات من الإسلاميين المطلوبين هناك الى أخر ذلك والقائمة تطول فهل هذا يعني إن ليبيا القذافي كانت عميلة لكل هذه الدول ؟؟ إذاكان الأمر يقاس هكذا فهذه كارثة ثم لماذا لاينظر إلى هذه الدول كوسيط وبخاصة أن غالبية من سلموا تم الإفراج عنهم بواسطة مؤسسة القذافي للأعمال الخيرية ؟ ولماذا لا يقال إن لليبيا العقيد اليد الطولى إستخباراتيا وأمنيا وإلا فلماذا افرجت عن المختطفين في كثير من بقاع العالم ولماذا نجح الليبيون في فك اسر المقرحي وفحيمة في قضية لوكريي
الخبر الحادي والعشرون : خبر تحديد مكان القذافي هذا الخبر لا يحتاج هذا الجهد والعناء من القذافي كما أثبتت التقارير البريطانية والفرنسية كان يتواجد في صفوف المقاتلين ويلتقيهم يوميا ويحدد لهم طبيعة المعركة الحالية وأنها جزء من التطور الطبيعي في الفكر الثوري حسب قناعاته .
الخبر الثاني والعشرون : خبر الوثائق التي تؤكد التآمر على السعودية هي عملية مزدوجة يراد من ورائها الزج بالسعودية في الصراع الذي سوف يستمر طويلا وهنا لن انفي أو أؤكد صحة الوثيقة .
الخبر الثالث والعشرون : الجامعة العربية هي التي قادت عملية تدمير واحتلال العراق وهي التي قادت عملية تدمير واحتلال ليبيا والجامعة العربية هي التي ستقود لدمار سوريا وفي المستقبل ستقود مشاريع مشابهة في الدول العربية الأخرى وعلى رأسها مصروربما الجزائر هذه الجامعة عبارة عن منظمة عميلة تختلف عن الاتحاد الأفريقي والأوروبي وغيرها من المؤسسات الإقليمية والدولية في العالم ، الجامعة العربية أسسها الاستعمار ومن الخطأ ان يعتقد أحد أنها ستخدم الوطن العربي ذات يوم سوف تقود مشاريع التقسيم في العراق وفي ليبيا وفي اليمن وفي الجزائر .
الخلاصة جميع الفبركات الإعلامية التي قامت بها مجموعة قنوات التضليل الاعلامي لا تدخل في إطار العمل الصحفي الإعلامي المتعارف عليه في علم الإعلام وإنما هي جزء من عمل الأجهزة الاستخباراتية والبعض يقلل من ذلك عندما يطلق على هذا النوع من السقوط عمل إعلامي يندرج في إطار النظرية (المينو علامية ) أي توظيف الإعلام لخدمة المخابرات وهي فكرة نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي التي قدمها في عام 1996 إلى اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس ، وعليه نقول وداعا للإعلام المهني الحر وأهلا بمرحلة صراع الاستخبارات المكشوف عبر قنوات الإعلام ، مع الـتأكيد أن إيران ومصر وحتى الدول المجهرية ستكون أهدافا سهلة وربما أسهل بكثير من دولة مثل الجماهيرية الليبية .
الإعلام العربي وتزييف الوعي في المسألة العراقية “الإعلام المصري أنموذجا”
إن فتح المجال أمام إعلام ورموز العمالة الأمريكية لتعبر عن وجهة نظرها المؤيدة لأعداء الأمة، وجيوشهم التي تغزو الأرض العربية تحت شعار الديمقراطية والرأي والرأي الآخر لا يمكن فهمه، إلا أنه تواطؤ ومشاركة في العدوان على الأرض والعرض، وتحالف معلن بين الأنظمة العربية، والمحتلين سواء كانوا صهاينة أو أمريكان، وهذا بالضبط ما حدث قبل وأثناء وبعد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق . وهنا قمنا باختيار عشوائي لبعض ما كتب في الصحافة المصرية كنموذج .وفي هذا الإطار نستعرض بعض ما تناولته تلك الأقلام المأجورة والمتآمرة على العراق، ففي تاريخ السادس والعشرين من مارس 2003م، وبينما كان الشعب العراقي يتعرض للإبادة من قبل آلة الحرب والدمار الأمريكية كتب جمال البنا، وهو الأخ الأصغر لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مقالاً بصحيفة القاهرة جاء فيه:
إن ما تقوم به الولايات المتحدة (العدوان) الذي يهدف إلى خلع صدام حسين هو الجهاد، وكان يجب على الذين أعلنوا الفتوى (يقصد فتوى مجمع البحوث الإسلامية بإعلان الجهاد ضد الغزاة) أن يوجهوها إلى النظم العربية.
ثم يستطرد إلى أن يصل إلى ضرورة تطبيق فتوى الإمام أبو حامد الغزالي التي تنص على جواز قتل المدنيين إذا كان هناك من يحتمي بهم، وهو هنا يُبرئ أمريكا من جريمة قتل المدنيين في العراق.
- ويتساءل الكاتب (فإذا قيل وما ذنب الشعب العراقي حتى يحاسب على آثام السلطة؟
ويرد بقوله: ذنبه أنه استكان لحكم الظالم.
هنا علينا أن نحاول قراءة ما كتب بصورة أخرى فمن الناحية النفسية نرى أن الكاتب يهيئ العقل الجمعي لما يمكن أن نطلق عليه عملية الانسلاخ الحضاري والأخلاقي والقيمي من خلال خطاب تبريري يساعد في العدوان والاحتلال وهو ما سنلمسه بعد سنوات من خلال التواجد الكثيف لمثل تلك الآراء الداعية للاحتلال ومنها البكاء على زمن الحقبة الاستعمارية وكل ذلك يندرج في إطار تطويع الإنسان العربي لكي تكون لديه قابلية للاحتلال والاستعباد حسب رأي مالك بن نبي .
وبنفس التاريخ كتب مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب مقالاً في صحيفة الأهرام تحت عنوان (الدور القومي والنظام الإقليمي)، طالب فيه بإدماج إسرائيل في منظومة العمل الإقليمي، وعدم استبعادها؛ لأنها لاعب رئيسي في تحديد سياسات أمريكا نحو المنطقة.
يقول ذلك الدكتور الفقي مع علمه بأن الحرب على العراق لا يمكن أن تخرج عن كونها مؤامرة صهيونية، إلا أنه مع ذلك يطالب بمكافأة العدو على ما يقوم به من عدوان.
وفي تاريخ الحادي عشر من يناير 2003م هاجم إبراهيم نافع في مقال له بصحيفة الأهرام القيادة العراقية، ومما جاء في المقال:
يبدوا واضحاً لي ومن خلال متابعة لقاء الرئيس مبارك برئيس الوزراء التركي عبد الله غول في شرم الشيخ يوم الأحد الماضي، أن الملف العراقي ينبغي أ لا يترك للمبارزة التقليدية بين الولايات المتحدة والعراق؛ لأن ترك الملف لطرفيه العراقي والأمريكي سيقود حتماً إلى الحرب، ومن ثم يتحقق الكابوس الذي حذّرت منه مصر وعدد من الدول العربية والقوى الإقليمية، ولكننا بحاجة إلى جهد إقليمي مشترك تنهض به القوى العربية الرئيسية وقوى إقليمية، ترى أن مصلحتها تجنب الحرب في العراق، وأتصور أن الجهد المطلوب يتمثل أساساً في توجيه رسائل محددة لطرفي الأزمة، أي الولايات المتحدة والعراق، ويكون مضمون الرسالة الموجهة إلى الولايات المتحدة أن دول المنطقة والقوى الإقليمية التي تعمل على حفظ الأمن والاستقرار، وتسعى حقاً إلى تحقيق السلام الشامل، وتعمل بجد على محاربة الإرهاب، وملاحقة فلوله، وأن دول المنطقة ترى ضرورة حل الأزمة العراقية سلمياً، وأن محاولة فرض حل عسكري سوف يعصف باستقرار المنطقة وبمصالح الدول الغربية، ويطلق حالة من الفوضى تصعب السيطرة عليها، ويمكن أن تقود إلى عكس ما تعلنه الولايات المتحدة من نتائج، كما أنها ستكرس حالة من العداء بين العرب والغرب، وتقدم دعماً قوياً لقوى التشدد والتطرف يجعل خطابها أكثر مصداقية في الشارع العربي.
أما الرسالة إلى العراق فينبغي أن تكون واضحة لا لبس فيها، ومضمونها ضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ومن ثم إتاحة الفرصة الكاملة لفرق التفتيش، كي تعمل وتقدم تقريرها النهائي الذي سيكون القول الفصل في المسألة، وينبغي للقيادة العراقية أن تفهم الرسالة جيداً، وأن تلتزم بدقة بتنفيذ كل ما ورد في هذه القرارات، وأن تسلم بأن مسألة النزع الكامل لأسلحة الدمار الشامل مسألة حيوية ولم يعد الموقف يحتمل العنتريات وإطلاق الاتهامات على النحو الذي ورد في الخطاب الأخير للرئيس صدام، فالموقف لم يعد يمثل تقديرات خاطئة، أو حسابات خاطئة تؤدي إلى المزيد من الكوارث والنكبات، وعلى القيادة العراقية التعاون التام مع قرارات الشرعية الدولية والتوقف تماماً عن الرد على الاستفزازات الأمريكية والامتناع نهائياً عن اتهام فرق التفتيش الدولية بالتجسس فحتى لو غالى المفتشون في أداء مهمتهم وتعسفوا في عمليات التفتيش وما يرافقها من إجراءات فإن الشعب العراقي يستحق الصبر ومن حقه على قيادته أن تفعل كل ما بوسعها لكي تجنبه ويلات الحرب والدمار، انتهى كلام إبراهيم نافع، والذي يؤكد أنه يفتقر إلى الحد الأدنى من الوعي بما يدور حوله، متجاهلاً كل تصريحات المسئولين الأمريكيين التي تؤكد المضي في تغيير الحكم ورسم خارطة جديدة في المنطقة متجاهلاً في الوقت نفسه ما يحاك بالدوائر الاستعمارية ضد الأمة وأن مفتشي الأمم المتحد لم يكونوا سوى طليعة استكشاف وجواسيس ثبت تورطهم في ضرب العراق وأن ولاءهم الأول والأخير هو لأجهزة الاستخبارات العالمية، وعلى رأسها الموساد والسي آي إيه.
ونافع الذي انساق في حملة الأضاليل الأمريكية ضد العراق يعرف ويعي ذلك جيداً، وإبراهيم نافع من أشد الحاقدين على العراق ، فقبل ستة أعوام على مقاله السالف الذكر، كتب في مقال له في الأهرام بتاريخ الثامن من ديسمبر كانون الأول 1997م بعد أن هاجم الرئيس صدام حسين بأقذع الألفاظ”صحيح أن حاكم العراق تصرف بطريقته الخاصة وهو الآن يتحمل عواقب تصرفاته، لكن ما يجب أن نلفت إليه نظر المجتمع الدولي هوا لشعب العراقي الذي يعاني آثار التجويع، ثم يتساءل في ختام مقاله: السؤال الملح الآن هو متى تنتهي فرق التفتيش من عملها؟!! لقد حاول إبراهيم نافع والكثير من الكتبة الرسميين العرب حصر القضية العراقية في فرق التفتيش، وفي أسلحة الدمار الشامل بغية الاستمرار في مشاريع التضليل الهادفة إلى وأد العراق واستمرار الحصار، وهو موقف أراده الأمريكيون والصهاينة كذريعة لتدمير العراق، وهذا ما حدث.
وفي شهر نوفمبر 1997م دعا فؤاد زكريا المعروف بتآمره على العراق في حوار عبر التلفزة الكويتية إلى ضرب العراق، وقال”ألف مرحباً بالنظام الدولي الجديد إن يتدخل ليخلصنا من هذه المشاكل، ودعا من أسماه بالنظام الدولي إلى إسقاط الحكم في العراق، وأضاف أن هذه الدول لا سيادة وطنية لها.
وبتاريخ 5/12/1997م/ وفي مقال له بصحيفة “الوفد” كتب محمد الحيوان مقالاً في عموده بالصحيفة طالب فيه باستمرار الحصار على العراق، ومما قاله “الحيوان” “الألمان يدفعون ثمن أخطاء هتلر، لماذا لا يدفع الشعب العراقي ثمن أخطاء صدام حسين؟ هو من أكثر الصحفيين المرتبطين بالكويت وعداء للقومية العربية ومن مؤيدي كامب ديفد.
أما الصحفي وجيه أبو ذكرى فجاء في بابه”حكايات عربية” عدد الأخبار الخامس من ديسمبر 1997م، وفي مقال تحت عنوان صدام والمصالحة العربية ورداً على مبادرة الشيخ زايد التي دعا فيها إلى المصالحة العربية مع العراق، وإعطاء فرصة جديدة للقيادة العراقية؛ ولأن المقال يتضمن عبارات نابية لا تمت للأخلاق بصلة من قريب أو من بعيد كونه هجوماً على شخص سيادة الرئيس الراحل صدام حسين رئيس جمهورية العراق، فإنني لا يمكن أن أذكر ما جاء به ولا يمكن حتى التطرق إلى بعض ما جاء فيه، لكن الشيء المؤكد هو أنه ومن خلال الاطلاع المكثف على ما يكتب في الصحف الصهيونية أستطيع أن أوكد أن الصهاينة أكثر تأدباً في نقدهم للرئيس صدام من هذا الكاتب، أو من زميله الآخر.
وقد عمد الكثير من الكتبة إلى وضع السم في العسل كسياسة ثابتة لم تخدم سوى أعداء العراق والأمة العربية، وهو ما نلمسه في العديد من الكتابات الرخيصة التي تحمل في مضمونها روح التآمر والانهزامية، وهو ما يعّبر عنه نموذج كتابات محمود أباظة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، ففي الثالث من فبراير 1998م جاء في مقاله بصحيفة الوفد بعد أن وجه هجومه على شخص الرئيس صدام حسين ما يلي”ولكن أعداء العراق بعد أن استخدموا. نظام صدام حسين لإحداث هذا الضرر البليغ للعراق خاصة والأمة العربية عامة، يريدون اليوم تفتيت العراق، وليس مجرد تقسيمه. وأن العقوبات المفروضة منذ سبع سنوات لا هدف لها ولا جدوى إلا تحقيق هذا الغرض، وإزالة العراق من الخارطة خطوة أولى في مخطط تغيير خريطة الشرق الأوسط تماماً، إن المطلوب اليوم عدم السماح لأية دولة في المنطقة بتهديد إسرائيل عسكرياً واقتصادياً أو حتى حضارياً، والخطر ماثل، فما العمل وأين دور الشعوب، وأين دور المفكرين العرب، وأين الدماء الجديدة التي تستطيع أن تعيد الشباب إلى عروق هذه الأمة التي شاخ حكامها، كلنا معرضون لأن نكون عراقاً آخر، ما دمنا معرضين لأن يحكمنا في يوم من الأيام صدام آخر فأين الضمان؟
والحقيقة هي أن القارئ للمقال سوف يكتشف مدى الازدواجية التي وقع فيها الكاتب فهو يظهر في بعض فقرات المقال وعياً منقطع النظير عندما يذكر أن المخطط الأمريكي يهدف إلى تفتيت العراق والمنطقة، إذاً لماذا يهاجم القيادة، أليس هذا نوع من الشينزوفرينيا الفكرية آلا يعد ذلك نوعاً من العبث الفكري؟
وفي نفس التاريخ استمر كتبة السلطة في مصر ومنهم سلامة أحمد سلامة في عموده اليومي “من قريب” عادت مرة أخرى نفس أجواء حروب الإعلام الهيستيرية، وحروب الأعصاب التي عرفناها إبان حرب الخليج قبل سبع سنوات، وتبدو وقاحة التصعيد الأمريكي وصلفه في الإعلان عن نفاذ صبر الإدارة الأمريكية تجاه العراق، بينما تمتد حبال الصبر الأمريكية تجاه إسرائيل بغير ّنهاية، وليس غريباً أن ينفذ صبر كلينتون مع العراق، فهي الهدف السهل لصرف الأنظار عن مشاكله الداخلية والغرامية، وقد ازدادت حدة الهجوم الإعلامي، فيما ظهر من تواطؤ بتلر كبير مفتشي الأمم المتحدة، حين أدعى بدون إبلاغ مجلس الأمن-أن العراق يملك أسلحة جرثومية يمكن أن تدمر إسرائيل، لماذا إسرائيل بالذات، الأمر الذي يؤكد اشتراك بتلر في اللعبة الأمريكية ضد العراق .. على أن رد الفعل العراقي بفتح مكاتب التطوع لمليون مواطن، أمر يثير السخرية ولا يقل عنه سخرية توزيع الأقنعة المضادة للغازات السامة في إسرائيل، إذ لو حدثت ضربة عسكرية أمريكية فلن يكون هناك وقت لتعبئة المتطوعين العراقيين ولا لارتداء أقنعة الغازات السامة في إسرائيل، والمسألة كلها تبدو أشبه بلعبة كبيرة بين كلينتون وصدام حسين، ضحاياها الوحيدون هم المدنيون من أبناء الشعب العراقي الذين سيدفعون الثمن بأرواحهم وسيذهب كلينتون و صدام حسين” وبدوري أقول إذا كان ضرب العراق بآلاف الصواريخ في حرب الخليج الثانية، وفي عام 1992، وفي عملية ثعلب الصحراء وصولاً إلى احتلاله وقتل أكثر من ربع مليون عراقي، لعبة بين الرئيس صدام والإدارة الأمريكية، فما هو الجد ؟ وما هي الحقيقة لدى هذه الفصيلة من الكتبة ؟ إن حالة التذبذب وعدم الاتزان لهذا النوع من الكتبة هو الذي مكن العدو من هذه الأمة، وهو الذي أعطى المبرر للحصار أن يستمر، فعندما يجري تغييب الحقائق وإظهار الزيف بأنه القاعدة، وما عداه استثناء يصبح كل شيء قابلاً للنقاش في زمن التيه الثقافي والانبطاح السياسي.
وبتاريخ الثالث عشر من يناير 2003 كتب أسامة سرايا رئيس تحرير مجلة الأهرام، مقالاً تحت عنوان (بين صدام وبوش)، ومما جاء في المقال”استمرار صدام حسين خطر يقلق الكثيرين، بدءاً من الشعب العراقي وانتهاءً بدول العالم، خاصة المنطقة العربية، فهو بحق النظام المنبوذ والمكروه عالمياً وإقليميا وعراقياً، وحجم الكراهية تتزايد على الأصعدة الثلاثة، ولكن على نفس المستوى نجد أن الولايات المتحدة المنوط بها تحرير العراق مكروهة بل ومنبوذة إقليمياً أيضاً على نفس مستوى الرئيس العراقي، وسيناريوهات الخطر المنتظرة إقليمياً تفتح باب جهنم أمام المنطقة، وتشير إلى أننا نقبل باستمرار العراق مريضاً. واستمرار الرئيس الحالي ونظامه البغيض، فهذا أفضل من احتلال العراق وضربه بأسلحة حديثة، أو بأسلحة دمار شامل، تقتل آلاف العراقيين، وتصيب الباقين بأمراض فتاكة وخبيثة لسنوات طويلة، هذا على المستوى الاقتصادي، فالتكاليف غير معقولة، إلى أن يقول:كل من يسألني عن المخرج أقول له بصراحة لا نريد أن نرى صدام حاكماً للعراق. ولا نريد أن تحدث حرب في المنطقة، كلا النظامين منبوذ، فهل عندكم مخرج من هذا المأزق المخيف؟!!”
لقد احتار الكاتب بين من يؤيد ومن الذي يمكن أن يقف معه، هل يقف مع المعتدي أم مع المعتدى عليه؟ هل يقف مع الغزاة أم مع أصحاب الأرض. لكن ربما عدم معرفة الكاتب بحقيقة ما يجري في العراق، قد جعلته يتخبط كثيراً ويحتار أكثر أين يضع قدمه. ولكن المظاهرات الضخمة التي خرجت في العراق ترفع صور صدام حسين بعد سقوط بغداد وبعد وقوعه في الأسر ربما تكون قد قدمت له بعض الإجابات عل ما طرح سابقاً وما سيطرحه مستقبلاً، أن صدام حسين هو الزعيم العربي الوحيد الذي لا تزال الجماهير العربية والشعب العراقي تهتف باسمه، حتى بعد هزيمته وسقوطه، وهذا لعمري خير دليل على أن الرجل كان حالة فريدة وظاهرة استثنائية لن يتم تغييبها بسهولة على المدى القريب أو البعيد.
كان الدكتور عبد العظيم رمضان رجل التطبيع الأول مع الصهاينة في مصر قد طالب باستقالة الرئيس صدام حسين في مقال نشره في مجلة روز اليوسف، من خلال عقد قمة عربية يطلب فيها العرب بالإجماع من الرئيس صدام الاستقالة لإحباط الضربة الأمريكية القادمة وإذا رفض الرئيس العراقي الاستقالة يعقد العرب قمة أخرى يعلنون فيها قطع العلاقات مع العراق، والحقيقة أن عبد العظيم رمضان تعرض للإهانات على يد الشعب المصري مرات عديدة، ففي الثمانينيات تم طرده بطريقة مهينة من جامعة القاهرة في إحدى الندوات التي دعا فيها السفير الصهيوني في القاهرة”ساسون”لحضورها، فهو شخصية محتقرة مثل الكثيرين من دعاة التطبيع في مصر، والذين يتلقون الصفعات بشكل يومي على أيدي المثقفين القوميين والوطنيين، وهم الأغلبية الساحقة من أبناء مصر.
وبتاريخ التاسع عشر من سبتمبر 2000م كتب جلال دويدار رئيس تحرير ألأخبار مقالاً يتهم فيه العراق بالتآمر مع أمريكا لاستنزاف ثروات دول الخليج، وجاء في المقال”لقد تحددت مهمة العراق في الثروة العربية في إصدار التهديدات التي لا تتوافر لديه إمكانات تنفيذها وهو الأمر الذي يسمح للولايات المتحدة بإرسال قائمة طويلة من مصاريف وتكاليف هذه الحماية إلى الكويت ودول الخليج.أعتقد أن الأمور ستهدأ تماماً في منطقة الخليج بعد أن تؤتي أكلها عملية الاستنزاف الجديدة للزيادة الجديدة في الدخل التي حصلت عليها دول الخليج من ارتفاع سعر البترول”. والغريب أنه لم يوجد من يتحدث عن الدور الذي قامت به دول مجلس التعاون الخليجي مع الاستعمار فيما يتعلق بتدمير الاقتصاد العراقي قبل وبعد الحرب؟!!
ما سبق كان محصلة عشوائية للدور السلبي الذي قام به الإعلام العربي قبل وأثناء الحرب على العراق، والذي يؤكد أن هناك من قام بتسهيل مهمة العدو الأمريكي والسيناريو الصهيوني في العراق، والذي كانت السمة الرئيسة له، هي تشكيك الإنسان العربي في قضيته التاريخية المتمثلة في مقاومة الاستعمار، والذي قاد في نهاية الأمر إلى خلق حالة من عدم الوضوح لدى الشارع العربي، وقد اخترنا الإعلام المصري كنموذج، وهذا لا يعني أننا ندين هذا الإعلام فالشرفاء الذين وقفوا إلى جانب العراق من المثقفين في مصر يفوق أضعافاً مضاعفة تلك النوعية التي حاولنا اختيارها كنماذج من أجل توضيىح الفكرة التي نرمي إليها، وأردنا إيصالها إلى الجيل العربي الجديد من الإعلاميين لكي يعي جيدا ان سياسة تزييف الوعي مسألة مفضوحة وغير ذات جدوى .والسؤال الذي يلح بالطرح على ضوء ذلك هو ما هو موقع العرب من الخارطة الإعلامية العالمية وأين نحن من الإعلام الجديد للإجابة عن السؤال نقول ان العالم يسبقنا في تقنية الإعلام ربما بثلاثة عقود زمنية حتى لانبالغ ونتحدث عن حقائق ونقول إنها سنوات ضوئية فالإعلام مرتبطا ارتباطا وثيقا بالتطور التقني لمنظومة المعلومات بشكلها المتكامل الذي لا يقبل التجزئة وفي هذا الإطار علينا أن نعي المتغير التقني الذي يفرض نفسه بحيث انه لو وجد منهج تقني حديث اليوم وصالح لتدريس الطلبة في أرقى الجامعات لمدة أربعة أعوام فإن الحقيقة الصادمة لنا هي أن المنهج سوف يصبح قديما وتقليديا وغير ذي جدوى علمية في العام الثالث لتدريس المنهج بمعنى أن الطالب سوف يتخرج في العام الرابع من التخصص في مادة تقنية المعلومات وقد درس منهجا تقليديا يمكن أن يأخذ عليه دورات عادية في معهد تقني متوسط المستوى ، كذلك الحال بالنسبة للإعلام الذي بدأ يسير بقوة نحو التقدم التكنولوجي بعد تحول الكرة الأرضية إلى ما يشبه قرية صغيرة في إحدى ضواحي العاصمة اليابانية طوكيو ، نعم العالم بدأ بالتغير وسوف يتحول الإعلام في الثلاثة العقود القادمة إلى الإعلام التقني وسيختفي الإعلام المطبوع ويأتي في هذا الإطار تحول واحدة من أكثر الصحف الأمريكية انتشاراً وتوزيعاً وهي “صحيفة كريستيان ساينس مونيتر ” إلى النسخة الإلكترونية في هذا الإتجاه وسيحدث ذلك بالتماهي مع التطور في مجال التعليم حيث إن طالب المرحلة الثانوية سيقضي السنوات الثلاث في المرحلة الثانوية دون أن يفتح كتابا ورقيا واحداً ، والحقيقة إن ذلك لم يأت من فراغ إذا ماعلمنا أن عدد الصفحات على شبكة المعلومات الدولية الانترنت قد بلغ أكثر من خمسمائة مليار صفحة أي حمولة عشر حاملات طائرات من الكتب كل كتاب خمسمائة صفحة ، وهو مايعيدنا إلى السؤال أين الإعلام العربي ؟ شركات الإعلام العربي تحتل ذيل القائمة من حيث القدرة المالية فهي في معظمها تستجدي الحكومات لانتشالها من حالات التعثر الدائم التي تعاني منها بصورة مستمرة في الصعيد المالي وربما كان الدعم مشروطا بعدم التمدد والنشاط إعلاميا وهذا يهدد صناعة الإعلام العربي بصورة مباشرة مثال على ذلك إحدى الشركات الإعلامية في العاصمة اللبنانية كانت على وشك الإغلاق وتصفية نشاطها وكانت بالطبع تصدر عدد سبع مطبوعات ما بين اليومية والأسبوعية والشهرية ، وتدخلت إحدى الدول الخليجية وبدأت بالتفاوض مع رئيس مجلس الإدارة وأقنعته من خلال الإتفاق معه على تقديم الدعم المالي وتسديد جميع المستحقات المالية مقابل أن يقوم باحداث تغيير جذري في المواقف السياسية والفكرية وهذا ماحدث بالفعل ، هذه هي السياسة السائدة عربياً في التعاطي مع الإعلام لاتزال قائمة منذ الخمسينيات من القرن الماضي ، في الوقت الذي أعلنت فيه اثنتين من الشركات الأمريكية العاملة في مجال الإعلام والإعلان عن الاندماج برأس مال يقدر ب165 مليار دولار وهما شركة” أمريكا اون لاين “و”شركة تايم وارنر” والهدف ببساطة هو احتكار سوق الإعلام والإعلان وهذا ما تم بالفعل .أيضا الصفقة التي ألغيت لشراء شركة محرك البحث الشهير جوجل من قبل جمهورية الصين بمبلغ يقدر 100مليار دولار هذه الأرقام لم تأت جزافا وبصورة اعتباطية فقد طورت تلك الشركات العملاقة أداءها الإعلامي من خلال القراءة الصحيحة لسيكولوجية الفرد التي تسهم بدورها بوضع الخطط الإعلامية الدقيقة جدا في مجالات متعددة سياسية وإعلامية وحاليا وبعد دخول مواقع التواصل الاجتماعية في عالم الانترنت بدت الشركات العملاقة أكثر حرصا على الحصول على قاعدة تبيانات نفسية حول شخصيات المستخدمين يمكن أن تساعد في توجيه الخطاب الإعلامي والإعلاني بصورة أكثر دقة فيما يعرف بتكنولوجياالاستهداف الإ علاني والتي تعد أسواق السينما الأمريكية واتحاد الكتاب والأدباء في الولايات المتحدة واستوديوهات التصوير من أكثر الجهات تهافتا للحصول على البيانات الرقمية للدراسات النفسية عبر الشبكة العنكبوتية ، أيضا هناك مشكلة سوف تواجه الإعلام العربي الذي قد يصبح إعلاما غير مشاهد تماما مثل العديد من الصحف غير المقروءة آو تلك التي لم تستطع تسويق نفسها . وهذه المشكلة تكمن في طريقة المشاهدة إذ أنه في ظل تعقيدات الحياة والتطور المتسارع في مجال التقنية وهذه الإشكالية تكمن في “الاختزال يكفي ان توجه قرصاً صغير في جهاز التلفاز لكي يلتقط كل ما ترغب في الاطلاع عليه في وقت فراغك مثل هذه التقنيات ستجعل الإعلام العربي يعيش في عزلة كاملة وسيبقى في حالة دائمة من محاكات الذات كما هو على الدوام وحتى يتم فهم ما نعنيه سأقوم بضرب مثال على ذلك فالإعلام القادم يشبه إلى حد بعيد المثل الذي نطرحه في مجال الإعلان من خلال الإعلان الذكي وهو إعلان يقوم على حرية الاختيار فإذا ما قرر شخصا ما أن يشتري سلعة ما فيمكنه أن يحصل على مجموعة كبيرة من الإعلانات عنها قد تستمر ساعة كاملة في النهاية يكون له حق الاختيار في شراء الصنف الذي يريد من تلك السلعة ،في الوقت الذي تستفيد الشركة المنتجة لذلك الإعلان من خلال المستعرض الذي يعرض لسلعتها فعملية المشاركة تجعل من المستهلكين يقومون بعملية التسويق دون أن يشعروا بذلك وبذلك يكونون شركاء في عملية البيع هذا مايسمى بالإعلان التجاري التفاعلي فبمجرد مايختار المشاهد أعلانا تفاعليا تجاريا فان المعلن يكون لديه مجالا واسعا لتصريف منتجه يؤكد” فرانك كيلش ” في كتابه ثورة الانفوميديا عندما تنخفض أسعار رقاقات الكمبيوتر بحيث لن يتعدى ثمنها بضعة بنسات ستكون كل خصائص المنزل من الاجهزة الذكية وستقوم كمبيوترات ذكية صغيرة بالتحكم في كل صغيرة وكبيرة بالمنزل بدء من مكينة صنع القهوة وإقفال لأبواب حتى صنابير المياه والنوافذ وسيتم توصيل طريق المعلومات فائق السرعة لماهو أكثر من التلفزيون التفاعلي والكمبيوتر الشخصي والهاتف ففي أخر المطاف سيتم توصيل كل أجزاء المنزل بالشبكات ولن تحتاج إلى وجودك في المنزل لتعرف ماالذي يفعله الأطفال كما أنك لن تحتاج إلى وجودك في المنزل لتغلق النوافذ وفي حالة لو دخل لص إلى المنزل تستطيع الاتصال بالمنزل لتغلق عليه جميع الأبواب وفي حالة إذا ماقررت الدخول للاستحمام فما عليك إلا الاتصال بالمنزل لتهيئة البانيو ، هذه التقنيات المرتبطة بتطور العصر ستكون للإعلام جزءًا هاما منها من خلال جميع التقنيات سوف يتم ربطها بالصحف الإلكترونية وبالقنوات التلفزيونية التي ستخضع حتماً للجانب التقني وستعمل على توظيفه في سرعة نقل الخبر وتغطيته تقنيًا من خلال التصوير الرقمي التفاعلي فنفس المساحة التي تفصلنا عن التّطور التقني هي ذاتها التي تجعلنا نتموضع في الصفوف الخلفية بل في المؤخرة إعلاميا فالإعلام يرتبط إرتباطاً وثيقاً مع التطور التكنولوجي ، وهذا لايعني أن نستسلم ونستكين ونكتفي بالفرجة على العالم وهو يتطور من ورائنا على العكس تماماً علينا أن نسابق العالم بأدواته أدوات العصر ووفق تشريعاته حتى وإن كانت ظالمة فمثلا هناك مشروع الجات الذي لم يعد يعترف بالخصوصية في زمن العولمة والعديد من الدول العربية باتوا أعضاء في منظمة التجارة العالمية وهذا يسهل لنا الحصول على أخر ما تنتجه البشرية في مجال “الملتميديا ” والميديا ” والأنفوميديا مما يسهل لنا كإعلاميين عرب وبخاصة القارئين جيداً لدور الإعلام أن نمضي بنفس الخطأ وهو مايمكن فهمه من خلال البدء بتأسيس معاهد متخصصة لتدريس الملتا ميديا أو من خلال التنسيق وعمل التوئمه بين الجامعات العربية والأوربية، إن المجال الإعلامي يشّكل الأرضية الخصبة لتدمير منظومة القيم لدى الثقافات الأخرى ولهذا فالمشروع الإعلامي العالمي غير خاضع للإرتجالية والعبثية التي ربما أعتقدها البعض فهناك منظمات تعمل لصالح جهات أجنبية تعمل على سحقنا ثقافيا وهي تستند على موروث ديني وقومي وتعمل بكل وقاحة على توظيف الصورة واستخدام الميديا وهنا سأطرق الى البعض منها بصورة عابرة من خلال طرح بعض الأسئلة واترك إجاباتها لغيري والذي سوف يتأكد لنا أن الحركة الصهيونية مسيطرة على العقل الجمعي الأمريكي الذي يعيش حالة إحتلال وإستلاب كاملة من قبل اليهودي الصهيوني المتحكم في الإعلام وفي الثقافة وفي كل مايقرأ المواطن الأمريكي بعد أن أصبحت الصهيونية هي التي تحدد المقاييس وتصنع القناعات والثوابت القيمية للمجتمع إلى الحد الذي تجد فيه أستاذ في جامعة نيفادا لايفرق بين لبنان وليبيا ولا يدري اين تقع سوريا الا إذا قلت له انها بجوار إسرائيل ، هذه السطوة المطلقة المتحكمة في العقل الأمريكي والمحددة لقناعاته لم تحدث إلا بفعل هيمنة مطلقة على الميديا ووسائل الإعلام المختلفة وهذا لم يتأت إلا من خلال المشروع السري للصهيونية والذي يمكن لنا أن نقوم بمحاولة جزئية مبسطة لتفكيكه مثلا صورة الأسدين على علب السجائر وصورة الصولجان وصورة العين الواحدة مترادفة مع ذلك الشعار الماسوني الشهير أنا رأيت انأ فتحت أناأتيت ؟إلى ماذا ترمز ؟ ولماذا حجر يعقوب العبري يوجد تحت صورة العرش في الصولجان البريطاني ؟؟ ولماذا تحت صورة الصولجان يوجد قاعدة الاثناعشر حجر كريم اليس العدد هو نفس عدد القبائل العبرية حسنا ولماذا يحتوي العلم البريطاني على الأثناعشر رمزاً يهودياً ؟ وما الذي جاء بشعار الماسونية العالمية على قمة برج دبي الشهير وما الذي أوصل شعار العين الواحدة الى أعلى برجين في ماليزيا أبراج بتروناس .
الخاتمة:
في عالم الاتصال والإعلام الجماهيري المحكوم بأسياد جدد هل يمكن للثقافات والإبداعات الفنية أن تحافظ على مبادئها وتوجهاتها ام تتحول الى مجرد ذكريات من الماضي ؟ إن عالم اليوم بات محكوماً بالثورة الرقمية وغزو الانترنت وحيث وسائل الإعلام المتطورة شكلت صدمة حقيقية للتاريخ والحضارات والثقافات والعلاقات الاجتماعية إن أسياد العالم الجديد هم بلا أدنى شك أصحاب الإمبراطوريات الإعلامية التي تكاد تسيطر على المفاهيم والسلوكيات والسياسات والاقتصاديات في هذا العالم والمحكوم بقواعد الاحتكار.
- خاص – المركز الديمقراطي العربي