الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

الأمن الإقليمي للخليج العربي: تهديدات أمنية غير مسبوقة

اعداد : أميرة أحمد حرزلي، باحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة:

بات أمن الخليج العربي محط اهتمام المحللين السياسيين نظرا لما يشهده الخليج العربي من تهديدات أمنية غير مسبوقة، فمع تصاعد الخلافات السعودية ــ الإيرانية على خلفية تناقض مصالهما وادوارهما في المنطقة وتدخل التحالف السعودي سنة 2015 وحربه على اليمن بذريعة ” ارجاع الشرعية” في المقابل يضع الحوثيون 100 هدف استراتيجي مدني وعسكري لضربه في السعودية وحلفائها ان لم توقف عدوانها على اليمن.

فضلا عن ذلكما يزال الحصار على قطر في 2017 لدورها التخريبي في المنطقة يلقي بضلاله على التعاون الخليجي الخليجي، كما أن التهديدات الإيرانية المتكررة بغلق مضيق هرمز الاستراتيجي في حال قامت الولايات المتحدة الامريكية بتصفير صادرات ايرانالنفطيةيزيد المنطقة تأزما، تحرك حاملة الطائرات الامريكية ابراهم لنكولن نحو مياه الخليج، وليس انتهاء بالاستهدافات الغامضةلناقلات النفط في ميناء الفجيرة وتفجير ناقلات نفط في خليج عمان 2019.

كل تلك الاحداث اثرت سلبا على أمن الخليج الطاقوي والملاحة الدولية فيه، كما يعرقلمنظومة عمل مجلس التعاون الخليجي بالتالي على مهمته الأساسية في ضمان الامن الإقليمي للخليج العربي، فاستمرار التصعيد وعدائية الخطاب السياسي للقادة السعوديينوالإيرانيين تجاه بعضهما البعض قد يؤديالى مواجهة عسكريةلا تسلم منها دول الخليج والمنطقة العربية برمتها (لا سمح الله).

في ضوء المعطيات السابقة نبحث الإشكالية التالية:

  • كيف تؤثر التطورات الأخيرة في الخليج العربي على امنه القومي؟

نحلل الموضوع في المحاور التالية:

  1. الهجمات على ناقلات النفط في الفجيرة وخليج عدن.
  2. فرضية ” الطرف الثالث” مسؤول أو مستفيد عن أو من الهجمات.
  3. انعكاسات الهجمات على امن الطاقة والملاحة الدولية في الخليج العربي.

 

  1. الهجمات على ناقلات النفط في الفجيرة وخليج عمان

شهد ميناء امارة الفجيرة في دولة الامارات في 12 ماي المنصرم وقوع سلسلة تفجيرات طالت سبع ناقلات نفط من جنسيات مختلفة كانت ترسو في الميناء الفجيرة، وحسب وكالة الانباء الإماراتية “وأم” ” أن اربع سفن تجارية تعرضت لعمليات تخريبية قرب المياه الإقليمية للدولة فجر اليوم ونفت وقوع أي اضرار بشرية” ، وقد ذكرت قناة الميادين الإخبارية ان سبع ناقلات اشتعلت في معظمها من بينها  المرزوقة  و الميراج ، المجد ، و الاميجال ، خمس 10 .

الجدير ذكره ان المصادر الامارتية لم تكشف هوية الجهة المسؤولة عن الحادثة أو حتى الكيفية التي حصل بها الحادث ان كان بقصف جوي أو غارة جوية، او لغم بحري مزوع… ولكن السؤال المطروح بشدة توقيت التفجيرات بحسب المحلل عبد الباري عطوان فقبل يوم من الحادث حذرت الولايات المتحدة الامريكية للملاحة البحرية من ان ايران قد تستهدف سفنا تجارية أمريكية بما يشل ناقلات النفط ، حيث قال نائب الاميرال جيم مالوي قائد الاسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين أن القوات الامريكية رفعت حالة التأهب[1].

في ذات السياق التوقيت مهم ويشير بشكل واضع الى التوتر الأمريكي ـ الإيراني وتداعيات انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي الإيراني، فالولايات المتحدة بعد انسحابها أعلنت ان السعودية والامارات تسوف تغطيان حصة إيران في سوق النفط، من الغريب ان تستهدف بعد ذلك مباشرة ناقلات النفط السعودية والامارات في الخليج العربي ،في الحقيقةما يزال الحادث يكتنفه الغموض ولم تكشف التحقيقات بعد عن معلوماتتؤكد أو تنفي تورط إيران ولكن هي محاولة لقراءة وتحليل سير الاحداث.

اما الحادث الثاني وقع في 13 جوان الحالي حيث استهدفت ناقلتي نفط في عرض مياه خليج عمان احداها ترفع علم جزر المارشال والأخرى ترفع علم بنما منتجهتينالأولى من قطر الى تايوان محملة بمادة ايثانول والثانية متجهة الى اليابان محملة بمادة كوكوكاكارديديستابعةلليابانوليس من الصدفة ان يجري رئيس وزرائهاشي نزو ابي زيارة الى طهران في مساعي لتهدئة التوتر الامريكي ـ الإيراني، لكن المرشد الأعلى علي خامنئي يؤكد أن طهران لا تتفاوض مع أمريكا وهي ليست أهلا للرد على رسائلها.

في المقابل سارعت الولايات المتحدة الامريكية عبر وزير خارجيتها مايك بومبيولاتهام إيران بالوقوف خلف تفجيرات خليج عمان ويرى العميد الياس حنا أن الولايات المتحدة تريد أخذ إيران الى المفاوضات بشأن ملفها النووي بأوراقسياسية ضعيفة عبر زيادة الضغط الدولي عليها.

  1. فرضية ” الطرف الثالث” مسؤول أو مستفيد عن أو من الهجمات

في ظل الغموض الذي يكتنف الجهة المسؤولة عن الهجمات وعدم تبني أي جهة الاستهدافين، تطرح فرضية أن هناك الطرف الثالث مسؤول على الهجمات وقد يكون المستفيد الأول منها وهي إسرائيل بضوء اخضر امريكي يهدف الى تأجيج الوضع في المنطقة وجر دول الخليج وإيران الى مزيد من التصعيد.

واقعة بحر عمان تهدف من خلالها الولايات المتحدة الى حرف انتباه الراي العام الأمريكي والدولي عن المأزق الذي تتعرض له إدارة ترامب من مساءلة الكونغرس بسبب بيعه أسلحة بقيمة 400 مليار دولارللسعودية، وعليه حادثة بحر عمان تعزز حجج ترامب عن حاجة بيع الأسلحة للخليج لحمايته من ” الميليشيات الاجرامية”[2].

تستفيد (إسرائيل) بدون شك من الحادثة فإيران لا طالما كانت عدوا لها وتحميلها مسؤولية الحادث يتقاطع مع مصالحها مع الولايات المتحدة الامريكية والسعودية والامارات و البحرين ويندرج هذا في اطار تشكيل حلف ضد ايران وحلفائها، و بالتالي العمل بشكل اكبر على تمرير “صفقة القرن” الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، اذا اخذنا بعين الاعتبار التحضيرات التي تجاريها الولايات المتحدة الامريكية لعقد مؤتمر البحرين يومي 25 ـ 26 جوان الجاري وسط انباء عن فشله [3]حتى قبل بدايته بسبب الرفض الفلسطيني لأهدافه،ومنه يرى مراقبون ان زعزعة امن الخليج من شأنه غض البصر عن مشاريع تصفية القضية الفلسطينية و تمريرها بسهولة وسط انشغال دولي بما يحدث في الخليج.

  1. انعكاسات الهجمات على امن الطاقة والملاحة الدولية في الخليج العربي.

علق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو كوتيرش على الهجمات قائلا ان العالم لا يتحمل أزمات جديدة، ونددت الدول العربية والأوروبية على اختلاف مصالحها باستهداف ناقلات النفط ودت جميعها الى التحلي بضبط النفس، لان استمرار حالة التصعيد سيؤدي حتما الى عواقب وخيمة.

فانعكاساتالحادثين سرعان ما ظهرتبارتفاع أسعارالخام في أسهم بورصات دول الخليجفي ضوء  التوترات الراهنة فيه، وقد جرى تداول عقود مزيج “برنت” العالمي عند 61.07 دولار للبرميل بزيادة نسبتها 1.83 % وتم تادول المزيج الأمريكي ” غرب تكساس الوسيط ” عند 51.71 دولار للبرميل بارتفاع نسبته 1.17 % عن مستوى الاغلاق السابق، تتخوف أسواق النفط من تأخر امدادات النفط من منطقة الخليج في ظل التهديدات المتكررة باستهدافها بسبب التوترات السياسية القائمة بين الولايات المتحدة الامريكية وايران وتعرض ناقلات النفط لأعمال إرهابية[4].

وعليه فالتهديدات الأمنية أيا كان مصدرها (إسرائيلي) أو أمريكي أو إيراني او سعودي أو تنظيم إرهابي …وكذلكمهما كان نوعها عسكرية، طاقوية، سياسية فهي تؤثر حتما على الامن الإقليمي الجماعيلدول الخليج العربي باعتباره منطقة جيوسياسية حيوية خاصة في مجال الطاقة وهذا من شانه أيضا الاضراربالأمن والسلم الدوليين المتآكلين أصلا.

خاتمة:

في الختام ان التهديدات الأمنية التي يشهدها الخليج العربي في الراهن خطيرة وغير مسبوقة، فالتوترات السياسية القائمة بين إيرانوالسعودية والولايات المتحدة الامريكية صعدت من وتيرتها وخطورتها على امن الخليج وعلى المنطقة عموما، لذا من الأهمية بمكان التحلي العقلانيةالسياسية يجب على دول منطقة الخليج تصعيد الأمور أكثر خاصة اذا استغلت التنظيمات الإرهابية عبر خلاياها النائمة الوضع المتوتر هناك، لذلك وجب إيجاد سبل سلميةوالاخذ بمساعي التهدئة والحوار لمعالجة الازمة الراهنة وتجنب الحرب.

[1]ـ عبد الباري عطوان، تفجيرات ناقلات النفط في ميناء الفجيرة الاماراتي هل ستكون الشرارة التي ستشعل فتيل الحرب الامريكية الإيرانية في الخليج ؟ من هي الجهة التي تقف خلفها ؟وكيف سيكون الرد الأمريكي، صحيفة الراي اليوم الالكترونية ، 13 / 06 / 2019 ، على الرابط الالكتروني:

https://www.raialyoum.com/index.php/%D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D8%A7%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D8%A9/

[2]ـ المرجع نفسه.

[3]ـ محمد عبد الرحمان عريف، تهاوي ورشة البحرين الاقتصادية، موقع الميادين، 09/ 06 /2019 ، على الرابط الالكتروني :

http://www.almayadeen.net/articles/opinion/957133/%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D9%88%D8%B1%D8%B4%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9

[4]ـ أسعار البترول ترتفع عقب حادثة ناقلتي نفط بحر عمان، موقع حابي، 13 /06 /2019، على الرابط الالكتروني :

https://www.hapijournal.com/2019/06/13/%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%AA%D9%81%D8%B9-%D8%B9%D9%82%D8%A8-%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A9-%D9%86%D8%A7%D9%82%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D9%86/

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى