أشكالية الرسالة والدور
بقلم: د. هبة جمال الدين – مدرس العلوم السياسية، معهد التخطيط القومي – عضو المجلس المصري للشئون الخارجية
- المركز الديمقراطي العربي
دائما ما نتسائل؛ ما هو دورنا، وما الذي يقتضي علينا القيام به، هل بالفعل نفعل واجبنا، أم ان الأمر لا يحتاج منا بذل الجهد أو عناء التجربة. وهل إذا دخلنا في صدام فلن يتغير شيء وأن الوضع سيظل كما هو فكفانا الله شر القتال.
أعتقد أن هذه التساؤلات تعكس اشكالية أكبر ألا وهي غياب الرؤية التي لا تغيب عن كيان استعماري صهيوني كإسرائيل فمع اختلافي مع ما تقدمه من اعمال قتل وسفك دماء واستيطان ولكني اعترف أنها استطاعت خلق دافع ومشروع –زائف- يتجمع خلفه الشتات لتخلق وهم اسمته بـ “الشعب اليهودي” أو خرافة “الأمة اليهودية”. وهذا هو سر النجاح للاسف حتى الآن.
فعلينا ان نعترف أننا جميعنا مقصرون لقد تصورنا أننا في هوان فهانت علينا انفسنا، أنني أؤمن أننا شعب ذو جينات حضارة تحتاج لمن يعمل عليها لتتوهج من جديد.
أثار انتباهي عبارات “خليك في حالك”, و”أنا مالي” ، و”أنا هستفيد أيه”، هو “المكسب كم” … كلها عبارات مادية نفعية لا تعلي إلا لغة المادة وتخفي ورائها انهيار قيمي حاد استطاع الغرب مع بداية حملات الغزو والاستعمار على بلدنا تصديرها وزرعها في عقولنا.
هنا سأختلف مع البعض وأطرح تصور مغاير حول رسالة ودور بعض المهن التي شابها بعض العطب بمجتمعنا:
- استاذ الجامعة: مهمتك سامية أن تعلم الدارسين والطلبة حسن الخلق والمعرفة والعلم وتعالج المعوج دون ذبح أو هوان. وأن تكون مثال حي للقدوة الحسنة خلقا وعلما وأن تجدد من علمك وإن حال الامر دون ذلك فلا يمنع من الابتعاد حتى يمكنك القيام مرة أخرى بالدور المفترض.
- الباحث: أن يتحلي بالرؤية النقدية والعقلية التحليلية التي ستوفر علينا جميعا عناء الجهل والتلاعب وستحررك من أن تصبح أداة في يد من لا يرحم. فمهمتك أسمى من اعادة انتاج القديم وأنما التجديد، وبحث القضايا المهمة التي تؤرق مجتمعك بأمانة ومصداقية واستشراف المخاطر القادمة، والمهم أن تتخلص من عباءة الاعجاب بكل ما هو غربي مبهر من الخارج لتوازن بين المفيد والمضر. لأن الله قد كلفك واصطفاك لنشر الوعي وليس تضليله.
- المنتج الفني: المهم انتقاء الاعمال الابداعية والابتعاد عن المكسب السريع الذي دمر اجيال للاسف. فالكسب السهل سيذهب من حيث جاء أما العناء سيظل لينير اسمك وسيرتك بل سيخلدها مع الخالدين.
- القائمين على العمل الاهلي: تقومون بمهمة جليلة ولكنها ليست للتسابق والتصارع على كسب الاموال وأنما للمتاجرة مع الله غبر دعم الفقراء والفئات الاكثر احتياجا. فلستم في سباق حول البراندBrand. لكم دور اجتماعي لمكافحة الفقر والجهل والمرض ولكم دور تنويري عليكم ان تعلموه حق علمه. والتعاون والتكامل فيما بينكم أمر سيحقق التنمية الجادة التي ننشدها جميعا. فكفوا عن الفردية والنظرة القاصرة واتقوا الله في الفقراء والمال العام. ومن المهم أن تعوا ان التنمية من اصعب ما يكون فلا تختاروا السهل واليسير، وانما عليكم أن تكافحوا من أجل نهضة وبنية الدولة.
المهندس والطبيب والمعلم والمحامي والعامل… كلها مهن مهمة للمجتمع ولكن الضمير هو المحك فجميعنا مسئول وعليه واجب لدعم المجتمع والدولة ككل، وجميعنا يمكنه التغير فقد خلقنا الله لرسالة سامية وعلينا الاطلاع بها ولن نفقد الأمل في التغير والإصلاح،حتى وإن تطلب الأمر ان تغير بنفسك فعليك أن تغير كمحارب عتيد ينظر لوطنه ووحدة اراضية ونهضة ورفعة بلده ولا ينساق نحو دعاوي الفرقة والتجزئة ووهم الحلم الغربي المدمر لأوطاننا،فجميعنا نطمح للأفضل لوطن يستحق الأفضل. حمى الله مصر من شر المتأمرين من الداخل والخارج.