الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

مكانة القدس في مواقف مكونات الشعب الفلسطيني

اعداد : هاني رمضان طالب  – باحث في العلاقات الدولية، جامعة الأزهر- غزة

  • المركز الديمقراطي العربي

 

تأتي هذه الورقة لإلقاء الضوء على أهمية ومكانة مدينة القدس والمسجد الأقصى في أولويات ومحددات عملية اتخاذ القرار، ووجدان الجماهير الفلسطينية، وذلك في ظل حالة التصعيد والعدوان الإسرائيلي على مختلف أماكن التواجد الفلسطيني، بعد هبَة الشعب ضد سياسة وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس، خاصةً، سياسة التضييق وحصار المصلين بالمسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، بالإضافة لما يشهده حي الشيخ جراح بالمدينة من جرائم تهجير واستيلاء على أراضي ومنازل الفلسطينيين هناك.

مكانة مدينة القدس:

يمثل وضع مدينة القدس- المقدسة عند اليهود والمسلمين والمسيحيين- قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فالفلسطينيون يرون بأن مدينة القدس الشرقية التي أُحتلت بعد حرب عام 1967م، عاصمة لدولتهم المستقبلية استناداً لقرارات الشرعية الدولية، حيث تعتبر معظم الدول المستوطنات التي بنتها إسرائيل هناك غير شرعية.

وتجادل إسرائيل في ذلك متذرعة بصلات توراتية وتاريخية بالأرض إضافة إلى ضرورات أمنية وحجج قانونية، إذ قامت بضم المدينة بعد احتلالها في عام 1980م، وعملت إسرائيل منذ عام 1967م على تهويد مدينة القدس المحتلة بأشكال مختلفة، وسنت قوانين عديدة لتعزيز سيطرتها على القدس الشرقية.

فقوبلت خطوة إسرائيل بضم الشطر الشرقي للمدينة برفض دولي، فرد مجلس الأمن الدولي من جهته على القرار الإسرائيلي بضم القدس الشرقية، بإصدار القرار رقم (478) في 29 أغسطس/آب 1980م، ويتضمن عدم الاعتراف بالقانون الإسرائيلي بشأن القدس، ويدعو الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة.

كما أصدرت الجمعية العامة القرار رقم (15/36) في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1981م، بأن أي تغييرات في منطقة القدس غير شرعية وضد القانون الدولي، وأن مثل هذه الأعمال تعدّ عائقاً أمام تحقيق السلام العادل والشامل. وتوالت القرارات الأممية الرافضة لضم القدس الشرقية، منها القرار رقم (2334) الصادر في 23 ديسمبر/كانون الأول 2016م، ويؤكد أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967م -بما فيها القدس الشرقية- ليس له أي شرعية قانونية، ويطالب إسرائيل بوقف فوري لجميع أنشطة الاستيطان وعدم الاعتراف بأي تغيرات في حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967م[1]

غير أن الكونغرس الأميركي انقلب على الموقف الدولي في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1995م، عندما أصدر قانوناً ينص على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى مدينة القدس ووجوب الاعتراف بـ”القدس عاصمة لدولة إسرائيل”. ورغم أن الرؤساء الأميركيين السابقين دأبوا على تأجيل تنفيذ قرار الكونغرس، فإن الرئيس “دونالد ترامب” قد أعلن في خطاب من البيت الأبيض في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017م الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وقال إنه وجّه أوامره إلى الخارجية الأميركية للبدء بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. لكن قراره ذلك عده خبراء القانون مخالفاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ولقرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947م والقاضي بقيام دولتين فلسطينية ويهودية ومنح القدس وضعاً قانونياً خاصاً تحت وصاية الأمم المتحدة[2].

الموقف الفلسطيني في القدس (الشيخ جراح، والمسجد الأقصى).

يشهد المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح في القدس الشرقية منذ عدة أسابيع مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، أصيب خلالها المئات من الفلسطينيين، وذلك بعد تصاعد التوتر بشأن الإجلاء المحتمل لعائلات فلسطينية من منطقة يُطالب بها مستوطنون إسرائيليون. حيث يقع حي الشيخ جراح خارج أسوار البلدة القديمة في القدس مباشرة بالقرب من باب العامود الشهير، وتضم المنطقة العديد من المنازل والمباني السكنية الفلسطينية بالإضافة إلى الفنادق والمطاعم والقنصليات. وقد كانت القدس الشرقية خاضعة للأردن قبل أن تحتلها إسرائيل عام 1967م وتضمها، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي[3]

وتمثل قضية حي الشيخ جراح بالقدس، عنصراً هاماً ساهم في إشعال الموقف في الوقت الحالي، إذ يسود حالة من الغضب والتوتر في صفوف الفلسطينيين منذ بداية شهر رمضان، كما يشارك ناشطون فلسطينيون وأهالي حي الشيخ جراح، في احتجاجات متواصلة، اعتراضاً على خطوة إخلاء محتمل لمنازل سكان في الحي من جانب قوات الاحتلال لصالح جمعيات استيطانية إسرائيلية. وكان بعض المستوطنين قد حصلوا بغطاء من المحاكم على منازل في الشيخ جراح بالقدس الشرقية، مستندين إلى أن عائلات يهودية كانت تعيش هناك قبل حرب عام 1948م، وهم يريدون إخلاء 58 فلسطينياً آخر، وفقاً لمنظمة السلام الآن[4].

ويرى الفلسطينيون في حي الشيخ جراح بأن إخراجهم من منازلهم لصالح المستوطنين اليهود هي مسألة حياة أو موت، فيقول المواطن الفلسطيني “نبيل الكُرد” البالغ من العمر 76 عاماً لوكالة رويترز للأنباء في ديسمبر/كانون أول الماضي: “أن إجباره على الخروج من القدس الشرقية، التي يعيش فيها منذ خمسينيات القرن الماضي، إنما يمثل مصيراً أسوأ من الموت”[5]، حيث تعد دعاوى الملكية التي رُفعت ضده وآخرين في حي الشيخ جراح وحي بطن الهوى نقطة محورية لخطط زيادة عدد المستوطنين في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967م.

موقف قيادة منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية (الضفة الغربية).

لقد مثلت مدينة القدس أولوية عظمى بالنسبة لقيادة منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية منذ توقيع اتفاق اوسلوا عام1993م وخلال كافة محطات مفاوضات الحل النهائي مع الجانب الإسرائيلي، مروراً باندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في 27/ 9/ 2000م التي عُرفت بـــ (انتفاضة الأقصى) على إثر فشل مباحثات السلام في كامب ديفيد، حيث أشار “دان مريدور” وزير الاستخبارات الإسرائيلي في يومياته أن قمة كامب ديفيد عام 2000م قد فشلت نتيجة الخلاف حول قضية القدس رغم تسوية بقية قضايا الحل الدائم، وإلى أن الرئيس “عرفات” قد رفض عرضاً إسرائيلياً بإعادة 90% من الضفة مع الأحياء الخارجية للقدس ووصاية فلسطينية على الحرم، وقال لكلينتون: “في حال قبولي مقترح الإسرائيليين سأُقتل”. وبعد يومين عاد ورفض مقترحاً مشابهاً وقال: “أفضل الانتحار على ذلك، فأي قائد فلسطيني يبدي تنازلاً في القدس لم يولد بعد”[6] إضافة إلى اقتحام رئيس وزراء حكومة الاحتلال آنذاك “أرئيل شارون”. ومن أبرز نتائجها على الفلسطينيين تصفية معظم قادة الصف الأول أمثال: الزعيم “ياسر عرفات، وأحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وأبو علي مصطفى”، وتدمير البنية التحتية الفلسطينية، وتدمير مؤسسات السلطة الفلسطينية، واستشهاد عدد كبير من أبناء فلسطين، الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وبناء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي.

وصولاً لقرار الرئيس “محمود عباس” بـتأجيل الانتخابات العامة – التي كان من المفترض أن تجرى في 22 مايو/أيار الجاري- إلى حين التمكن من إجرائها في كافة محافظات الوطن وعلى رأسها محافظة القدس، بعد تعطلها لمدة 15 عام، فلقد قامت إسرائيل بإبلاغ السلطة الفلسطينية رفضها إجراء الانتخابات في القدس الشرقية في الوقت الراهن. فرأت القيادة بأن لا بد من ربط عملية الانتخابات برمتها بضمان اجراءها في مدينة القدس كجزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة عام 1967م والتي ستكون النطاق الجغرافي الذي ستقام عليه الدولة الفلسطينية العتيدة في أي حل نهائي، -مع العلم بأن قرار التأجيل قد عرَّض السلطة والرئيس “عباس” بوجه خاص لانتقادات واتهامات عدة داخلياً وخارجياً- خاصة في ضوء قرار الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” في أواخر عام 2017م، بالاعتراف بمدينة القدس الموحدة كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.

إذ تشهد مدينة القدس في الآونة الأخيرة مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الاسرائيلية، على خلفية محاولة الأخيرة منعهم من التجمع في منطقة باب العامود، التي اعتادوا على إحياء ليالي شهر رمضان فيها، إضافة لحملة اعتقالات نفذتها ضدهم، وقمع المتظاهرين بحي الشيخ جراح، والتضييق على المصلين بالمسجد الأقصى[7]

هذا، إلى جانب ما شهده الشارع الفلسطيني بالضفة الغربية، فقد انتفضت المحافظات الشمالية الجمعة نصرة لغزة والقدس، وواجهت قوات الاحتلال المتظاهرين بالرصاص الحي فأوقعت 11 شهيداً ومئات الجرحى. كما وجهت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة “فتح” رسالة إلى مقاتليها في 14/ 5/ 2021م، دعتهم فيها للنفير العام للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في القدس وغزة والضفة والداخل، ودعت الكتائب عناصرها إلى التصعيد في وجه المستوطنين الموجودين في الضفة، حيث جاء في البيان: “اجعلوا طرقات المستوطنين ومعسكرات الاحتلال في الضفة جحيماً لا يطاق”[8].

موقف فصائل المقاومة (قطاع غزة).

شارك ممثلون عن القوى الوطنية والإسلامية يوم السبت بتاريخ 24/ 4/ 2021م، في وقفة إسنادية دعت إليها لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية، في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة، وذلك دعماً لهبة اخوانهم الفلسطينيين في القدس المحتلة ورفضاً لتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية بحقهم. واقتصرت الوقفة الإسنادية على مشاركة شخصيات قيادية محسوبة على الفصائل الفلسطينية في غزة نظراً لفرض حظر التجوال على حركة المركبات في ظل القيود الحكومية المفروضة لمواجهة تفشي جائحة كورونا، في حين رفعت الأعلام الفلسطينية ورددت شعارات داعمة لصمود المقدسيين. وقد كسر الشبان الفلسطينيون في غزة، حالة حظر التجوال المفروضة في الساعات الأولى من فجر السبت بعدما خرجوا في مسيرات عفوية انطلقت من مختلف المدن والمخيمات في القطاع تضامناً مع القدس المحتلة ولمطالبة المقاومة بالرد على اعتداءات الاحتلال[9]

ودعت حركة حماس، الأحد، الفصائل الفلسطينية والمقدسيين، إلى تشكيل قيادة ميدانية موحّدة في مدينة القدس المُحتلّة؛ لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وقالت حماس، في بيان، إن المطلوب المزيد من “التلاحم والوحدة بين كل الفصائل والفعاليات الشبابية والنسوية العاملة في الميدان (مدينة القدس)”[10]

وكانت الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة قد أطلقت رشقات صاروخية محدودة تجاه مستوطنات الغلاف للمرة الأولى منذ أكثر من عام، تزامناً مع غارات وقصف مدفعي إسرائيلي محدود شنه على مواقع تتبع لقوى المقاومة الفلسطينية في القطاع تضامناً مع أبناء الشعب الفلسطيني بمدينة القدس.

في موازاة ذلك، أكد عضو اللجنة المركزية لـ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، “ماهر مزهر”، أن المقاومة لن تقبل بتغيير قواعد الاشتباك ولن تقبل بالمساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية دون رد أو إسناد للأهالي المنتفضين في مدينة القدس المحتلة. وأضاف “مزهر”: “إن رد المقاومة العسكري يؤكد أن لديها الكثير من المفاجآت بالشكل الذي يربك الاحتلال ويرفع كلفة حساباته، مطالباً الجماهير الفلسطينية بالعمل على تحويل الهبة إلى انتفاضة شعبية عارمة في شتى المدن الفلسطينية”[11].

وفي ظل استمرار قوات شرطة الاحتلال باقتحام باحات المسجد الأقصى، وحصار المعتكفين فيه واستهدافهم بالرصاص المعدني وقنابل الغاز المسيل للدموع والصوت، ما تسبب بارتفاع الإصابات في صفوف المصلين إلى 395 فلسطيني. ذهبت القوى والفصائل الفلسطينية في القطاع عبر ما يعرف بـــ (الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية) إلى منح إسرائيل مهلة حتى الساعة (18.00) من مساء الإثنين الموافق 10/5 /2021م، لسحب جنودها من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح بمدينة القدس العربية المحتلة والإفراج عن المعتقلين. وعقب انتهاء المهلة، أطلقت الفصائل الفلسطينية رشقة صاروخية كبيرة تجاه إسرائيل بما في ذلك 7 صواريخ على مدينة القدس، فيما استهدفت باقي الصواريخ عسقلان وسديروت ومستوطنات بمنطقة غلاف غزة. وردت إسرائيل على هذه الصواريخ بشن غارات متفرقة على القطاع أسفرت عن استشهاد 20 فلسطينياً من بينهم 9 أطفال، وفق وزارة الصحة الفلسطينية[12].

لا زالت الأحداث بين إسرائيل وقطاع غزة تشهد تصاعد مفتوح ومستمر للعنف، حيث وصل عدد الشهداء حتى لحظة كتابة هذه الكلمات إلى أكثر من 198 شهيد 1253 جريح، وأكدت الصحة ان من بين الشهداء 58 طفلاً و 34 سيدة و 15 من كبار السن وبينهم ايضاً 43 فلسطينياً استشهدوا في قصف شارع الوحدة. خلال ثمانية أيام من العدوان الإسرائيلي على غزة، كما وارتفعت حصيلة القتلى الإسرائيليين إلى 10 قتلى وعشرات المصابين[13]. في عملية أطلقت عليها إسرائيل عملية (حارس الأسوار)، بينما أسمتها فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة بـــ (سيف القدس).

موقف فلسطيني الداخل (عرب 48).

اندلعت المظاهرات وتواصلت والمواجهات في عدة بلدات عربية داخل ما يسمى بالخط الأخضر، بينها (الناصرة وسخنين والرينة وشفاعمرو والطيبة وعرعرة المثلث وطمرة وحيفا والبعنة ودير الأسد وكفر قرع وقلنسوة وعرابة وباقة الغربية وكوكب أبو الهيجاء وطوبا الزنغرية وكفر مندا وجديدة المكر ويافة الناصرة وكفر كنا وشعب ويافا)، وبلدات أخرى، لليوم السادس على التوالي، تنديداً بعدوان الاحتلال على حي الشيخ جراح والقدس، وبالقصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وبما تشهده محافظات الضفة الغربية من صدامات مع قوات الاحتلال الذي أسفر عن 11 شهيد حتى اللحظة، بالإضافة إلى اعتداءات الشرطة في البلدات العربية وحماية المستوطنين الذين يستهدفون العرب[14].

ففي مدينة اللد مثلاً، وقعت اشتباكات مسلحة بين مواطنين عرب وعصابات المستوطنين التي جابت شوارع الأحياء العربية، في محاولة الاعتداء وتصيد المواطنين العرب، وأفيد أن إطلاق نار استهدف المسجد الكبير في المدينة في الوقت الذي تواجد مصلين داخله، مما أدى إلى قتل الشهيد “موسى حسونة 33 عاماً” في اللد قبل أيام. وفي مدينة يافا، أقدم مستوطنون بحماية الشرطة على إطلاق النار على مسجد السكسك في الوقت الذي تواجد المصلين فيه، وفقاً لما أظهره توثيق مصور لأحد المواطنين. وفي مدينة شفاعمرو، داهمت الشرطة منزلي عضو البلدية، “زهير كركبي”، وعضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي، “مراد حداد”، وجرى اعتقالهما على خلفية الاحتجاج الذي شهدته المدينة في اليومين الأخيرين، وفقاً لادعاء الشرطة[15]. ولم تفلح إجراءات اتخذتها السلطات الإسرائيلية في الحد من المواجهات العنيفة في البلدات العربية، بما في ذلك إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر تجوال ليلي والدفع بقوات من شرطة حرس الحدود، نظراً لاستمرار التصعيد في باقي مناطق الوجود الفلسطيني، القدس، غزة، الضفة الغربية.

مواقف متعاطفة (الحدود الأردنية، واللبنانية).

شهدت الحدود الأردنية مع إسرائيل والضفة الغربية يوم الجمعة الموافق 14/ 5/ 2021م، تظاهرة غاضبة، كما تظاهر لبنانيون عند الحدود أيضاً وتجاوز بعضهم السياج، حيث أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي النار وقتلوا أحدهم، وذلك بعد 5 أيام من تصعيد إسرائيلي في قطاع غزة على خلفية مواجهات بالقدس الشرقية المحتلة. وفي منطقة الكرامة (غربي الأردن)، تجمّع نحو 3 آلاف شخص على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع إسرائيل والضفة الغربية، مطالبين بفتح الحدود لنصرة القدس الشرقية وغزة[16].

الخاتمة:

تتجلى الأهمية العظمى لمدينة القدس والمسجد الأقصى وما يتعلق بهما من قضايا، كقضية اخلاء المواطنين الفلسطينيين من منازلهم بحي الشيخ جراح من قبل السلطات الإسرائيلية بالمدينة، لدى مكونات الشعب الفلسطيني على مختلف أماكن تواجدهم، في اتخاذ صانعي القرار الفلسطيني لقرارات صعبة يكتنفها مخاطر كبيرة، قد تحملها من أجل الوقف مع مدينة القدس وشعبها الفلسطيني وحماية المسجد الأقصى بكل السبل.

فقد اتخذ الرئيس “محمود عباس” قراراً بتأجيل الانتخابات العامة بسبب عرقلة اجرائها من جانب الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس الشرقية، مخاطراً بذلك بتعرضه وتعرض السلطة الفلسطينية للانتقاد والضغوط المختلفة من كافة الأطراف الأخرى خارجياً وحتى داخلياً. كما اتخذت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في الضفة الغربية قراراً بالالتحام مع قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه هناك، حيث دعت في بيان لها بالنفير العام.

كما هبَّت فصائل المقاومة بقطاع غزة لنجدة القدس مباشرة، واتخذت قرارها الخطير هذا في وقت لا يخفى على أحد ما يعيشه القطاع من أزمات مركبة بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي عليه منذ أكثر من 15 عام، مما يعمق من تلك الأزمات ويفاقمها، إلى جانب ما سيتكبده القطاع بشكل عام من خسائر مادية وبشرية في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.

إضافة لخروج جماهير فلسطيني الداخل العفوي في مظاهرات غاضبة تخللها أعمال عنف متبادل بين الإسرائيليين اليهود وقوات الشرطة الإسرائيلية من جهة وبينهم من جهة أخرى، مما أدى إلى سقوط ثلاثة شهداء وعدد كبير من الإصابات، إضافة لخسائر كبيرة في ممتلكات الفلسطينيين المادية، كل ذلك إلى جانب ما يترتب على ذلك من خطر مخالفتهم للقانون الإسرائيلي كمواطنين بالدولة من ملاحقات قضائية والغرامات المالية والاعتداء عليهم من المستوطنين بتواطؤ الشرطة، وغيرها من تداعيات سلبية عليهم، مدفوعين بصلاتهم الوجدانية وروابطهم الفطرية بالمسجد الأقصى وبمدينة القدس وبباقي مكونات شعبهم الفلسطيني على اختلاف أماكن تواجدهم.

أخيراً، نرجو بأن تمثل حالة الوحدة والتلاحم التي تجلت خلال (هبَّة القدس) الحالية بين مختلف أبناء الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده مدخل حقيقي ورافعة وطنية لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، من خلال انهاء الانقسام واجراء الانتخابات العامة والاتفاق على برنامج واستراتيجية عمل وطني لمواجهة المحتل الإسرائيلي.

[1] تقرير بعنوان “القدس الشرقية”، موقع الجزيرة/ عواصم ومدن، مدن ومناطق، فلسطين، بتاريخ 14/ 12/ 2017م، https://bit.ly/3hoU433

[2] تقرير بعنوان ” القدس الشرقية.. عاصمة فلسطين الموعودة”، موقع سبق 24 الاخباري، بتاريخ 30/ 12/ 2017م، https://bit.ly/3tJTSOp

[3] تقرير بعنوان ” الشيخ جراح: ساحة معركة بين المستوطنين والفلسطينيين”، موقع بي بي سي عربية، بتاريخ 6/ 5/ 2021م، https://bbc.in/3eNIRqY

[4] تقرير بعنوان ” القدس: لماذا جاء التصعيد في هذا التوقيت؟”، موقع بي بي سي عربية، بتاريخ، 9/ 5/ 2021م، https://bbc.in/33IVeOP

[5] تقرير بعنوان ” الشيخ جراح: ساحة معركة بين المستوطنين والفلسطينيين”، موقع بي بي سي عربية، بتاريخ 6/ 5/ 2021م، https://bbc.in/3eNIRqY

[6] وديع عواودة، ” كامب ديفيد فشلت بسبب القدس”، موقع الجزيرة، قسم مباحثات ومفاوضات، بتاريخ 11/ 8/ 2011م، https://bit.ly/3ffJCYS

[7] تقرير بعنوان ” مصدر في فتح: إسرائيل تبلغ فلسطين رفضها إجراء الانتخابات في القدس الشرقية حاليا”، موقع Sputnik عربي، بتاريخ 24/ 4/ 2021م، https://bit.ly/2Rc5JaN

[8] تقرير بعنوان ” شهداء الأقصى تدعو مقاتليها للنفير دفاعاً عن الشعب الثائر”، موقع الميادين، بتاريخ، 14/ 5/ 2021م، https://bit.ly/2SRuMQS

[9] يوسف أبو وطفة، ” الفصائل الفلسطينية في غزة: لن نسمح للاحتلال بالاستفراد بالقدس”، موقع العربي الجديد، بتاريخ 24/ 4/ 2021م، https://bit.ly/3ycVO5b

[10] نور أبو عيشة، “حماس تدعو لـ”قيادة موحّدة” بالقدس تواجه اعتداءات إسرائيل”، موقع وكالة الأناضول، بتاريخ 25/ 4/ 2021م، https://bit.ly/2QmspEP

[11] يوسف أبو وطفة، ” الفصائل الفلسطينية في غزة: لن نسمح للاحتلال بالاستفراد بالقدس”، موقع العربي الجديد، بتاريخ 24/ 4/ 2021م، https://bit.ly/3ycVO5b

[12] تقرير بعنوان ” كتائب القسام تمنح سلطات الاحتلال مهلة ساعتين لفك الحصار عن الأقصى”، موقع نسمة (العائلة)، بتاريخ 10/ 5/ 2021م، https://bit.ly/3w9IL2C

[13] تقرير بعنوان “إغلاق شواطئ بوسط إسرائيل بعد القصف الصاروخي”، موقع وكالة معاً الاخباري، بتاريخ 15/ 5/ 2021م، https://bit.ly/3htRwAw

[14] ربيع سواعد، “الاحتجاجات في البلدات العربية: اعتقالات متواصلة ولا رادع لاعتداءات المستوطنين”، موقع عرب 48، بتاريخ 14/ 5/ 2021م، https://bit.ly/3brTYUm

[15] ربيع سواعد، “الاحتجاجات في البلدات العربية: اعتقالات متواصلة ولا رادع لاعتداءات المستوطنين”، موقع عرب 48، بتاريخ 14/ 5/ 2021م، https://bit.ly/3brTYUm

[16] تقرير بعنوان “نصرة لغزة والقدس.. أردنيون ولبنانيون يتظاهرون عند الحدود مع إسرائيل ومقتل شاب لبناني برصاص الاحتلال”، موقع الجزيرة نت، بتاريخ 14/ 5/ 2021م، https://bit.ly/3bvBu5w

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى