نظرية النظم ل دايفيد إيستون (وحاله تطبيقيه “الواقع الإفريقي”)
إعداد: رحاب وائل السيد – المركز الديمقراطي العربي
نظرية تحليل النظم :
هي نظرية وصفية لكيفية تفاعل الأجزاء والمستويات المختلفة للنظام السياسي مع بعضها البعض ,تطور منهج النظم في ميادين معرفية غير علم السياسة ثم إستعارة علماء السياسة وعلى رأسهم “ديفيد إيستون” ويعد هذا المنهج من أكثر المناهج شيوعا في دراسةالنشاط السياسي على الصعيد الداخلي والخارجي .كما إن المناهج الأخرى ولاسيما (منهج الإتصال –المؤسسي-البنائي \الوظيفي) تعتمد الكثير من الأفكار المستخدمة في هذا المنهج .
- المقاربة النظرية لدافيد ايستون :
دخل دافيد ايستون من مدخلين هما :
- مدخل وظيفي :ركز على وظيفة الجهاز السياسي فقال إن الوظيفة السياسية تعني “بث القيم بثا سلطويآ على مستوى المجتمع الكلي “أي تنحصر لديه في إصدار القررات والقواعد الملزمة ويعتبر ايستون من كبار المتخصصين الذين طوروا مسار المدرسة الوظيفية التي تظهر وكأنها المجال الطبيعي للتحليل النسقي .
- مدخل نسقي :المدرسة النسقية وضعت بنيات منهجية ومفاهيمية جديدة ذات بعد عام ديناميكي للحياة السياسية حيث إن أصحاب التحليل النسقي وفي مقدمتهم دافيد ايستون يرتكزون إلى مفهومي (النسق- الإتزان ) ولفظة النسق تعني بمدلولها المنهجي الحالة التي عليها علاقات أية مجموعة في الحياة الإجتماعية (كالنسق السياسي) والتي يتحقق بها إستمرار تلك العلاقات ككل متزن .وتبعا لذلك فإن لفظة النسق عبارة عن تصور ذهني لحالة التكامل السياسي والإجتماعي ولفظة التكامل هنا تعني حالة الترابط التي لا تدع مجالآ للتفاوت والتكامل هنا يتضمن الإتزان.
لذا نخلص إلى أن عبارة النسق السياسي تعني تصور لواقع سياسي معين على إنه مجموعة من متغيرات متميزة ولكنها متساندة متفاعلة .[1]
هذا النسق كمنظومة تعتمد على مقدرات وتعمل على إستغلال المعلومات والإرشادات الواردة من المحيط من أجل التكيف مع المتغيرات وبتالى تقوم النظرية النسقية على فرضية محورية :-استمراية المنظومة رغم التغيرات
النموذج النسقي الوظيفي لديفيد ايستون :
قدم دايفيد ايستون نموذجا نظريا تصور به عالم السياسة الوطني كنظام من الأنشطة المترابطة تستمد هذه الأنشطة إرتباطها من حقيقة إنها تؤثر بشكل أو بأخر على الطريقة التي يتم بها صياغة القرارات الرسمية وتنفيذها من أجل المجتمع .
هذا النموذج قدمه أستون في مرحلتين رئيسيتين من ثنايا أبحاثة العديدة في هذا الشأن.مرحلته الأولى في مؤلفه :النسق السياسي “The Political System”[2]قدم فية تحليل نسقي وظيفي لدناميكياتة الحياة السياسية ومكانيكية عملية صنع القرار السياسي فيها ,إلا أن تحليله شابه بعض القصور وتتمثل في إنه لم يتعامل مع مختلف أنواع المدخلات والمخرجات وركز فقط في هذا النموذج على المدخلات التي تؤثر على النظام من بيئته الداخلية فقط وأهمل الضغوط الدولية لما لها أثاروهذا يتضح في الشكل (1).ولتخلص من القصور التي واجهته قدم تطويرآ لنموذجة من حيث مكونات النسق الساسي وذلك في كتابه “Aframework For Political Analysis”[3]حيث قسم الحياة السياسية إلى نظام سياسي وبيئة كلية (بيئة وطنية وبيئة دولية )وأثرى العديد من المفاهيم المنهجية الجديدة المرتبطة بهذه البيئات وتقسيماتها المختلفة [4].ويتضح تطور النموذج الثاني في الشكل (2)
أهم المرتكزات التي قام عليه النموذج:
- وفق هذا النموذج يعد النظام هو وحدة التحليل ,واستعمل” ديفيد أيستن” لفظ النظام “system”بإعتباره مجموعة من العناصر المتداخلة المتفاعلة بنائيآ ووظيفيآ وبشكل منتظم وأي تغير يطرأ على أي عنصر يؤثر في سائر عناصر النظام .وبهذا نستنتج إن لفظ نظام تطرأ على كل ما هو سياسي وغير سياسي (نظام سياسي_نظام إقتصادي…وهكذا)وبهذا يمكن الحديث عن الحياة السياسية الداخلية كنظام للسلوك وأيضا على التفاعلات السياسية الدولية.تشير فكرة النظام ذاتها إنه يمكن فصل النشاط السياسي عن بقية النشاطات الاجتماعية على الإقل لأغراض التحليل وبتالي فإن حدود النظام السياسي تتمثل في كل إجراء يرتبط بشكل أو بأخر بإتخاذ إجراءات ملزمة وما دون ذلك يعتبر متغير خارجي عن النظام.[5]
- النظام السياسي لا يحيا في فراغ بل مغمور دائمآ في بيئة يتفاعل معها بموجب قانون الفعل ورد الفعل وهذا لا يتعارض مع النقاط التصورية لحدود النظام والطريقة التي يعمل بها النظام ستكون جزء منها وظيفة لإستجابة البيئة الاجتماعية والبيولوجية والفزيائية الكلية .
- إن التفاعل سواء فيما بين الوحدات المكونة للنظام أو بين النظام ومحيطه يصل إلى درجة الإعتماد المتبادل بمعنى أن أفعال وحدة ما تؤثر على باقي الوحدات .وأن التغير في البيئة يؤثر على النظام وأن أفعال النظام تؤثر في البيئة.
- إن المثل الأعلى لأي نظام سياسي هي البقاء والإستمرار .وبذلك عندما يتقلى ضغوط مختفلة من البيئتين الداخلية والخارجية يحاول إتخاذ قرارات وسياسات للتأثير عليها وإخضاعها لإحتياجاته ومصالحه وأهدافه وهو في ذلك يقوم بعملية شبة ديناميكية للتكيف مع الضغوط المختلفة ونصل إلى أن الاستقرار لا ينفي التغير بل التغير مرادف للتكيف .
ديفيد ايستون ونموذج المدخلات والمخرجات[6] :
قدم تحليل ديناميكي للحياة السياسيه يرى فيها دائرة تبدأ بمدخلات من البيئه وتنتهي بالمخرجات مع قيام عمليه التغذيه العكسيه بالربط بين المدخلات والمخرجات.
أولا:المدخلات:-
تضفي على النظام طابعه الديناميكي ويجب أن يكون لدى النظام مدخلات مستمرة للحفاظ على استمراره تنقسم المدخلات إلى :
1_مطالب
عبارة عن الأهداف والرغبات الإجتماعية تتطلب إهتماما خاصا خاشيه تحولها إلى قضايا سياسيه يصعب التغلب عليها وتؤدي بالنظام .
تنظم هذة المطالب اما بنيويا (هيئات ووسائط تقوم بفرز هذه الطلبات وتصفيتها وتقديمها للسلطة السياسيه) اما ثقافيا (يوجد معاير ثقافيه سائده تحكم المطالب وتوجه).
2-الدعم عبارة عن ولاء وتأييد وتمويل ومسانده وما إلى ذلك، فبدون حد أدنى من المسانده يصبح استمرار المنظومه السياسيه مهددا ولا يقوي على مواجه المزيد من الضغوط الخارجيه وهذا يتضح في بقاء النظام السورى بسبب دعم الجبه الخارجيه له على عكس النظام التونسي.
ثانيا:عمليه للتحويل:-
هي استيعاب لمطالب البيئه داخل أبنية النظام ومن ثم فرزها لتحويل بعضها إلى قرارات.
ثالثا:المخرجات:-
تأثيرات النظام على البيئه عن طريق القرارات والسياسات لمواجه المطالب وقد تكون المخرجات إيجابيه (عن طريق تلبيه المطالب) أو سلبية (اللجوء ر لاغلأساليب قمعيه لردع المطالب) رمزية (تقديم الوعود أو إثارة مشاعر الخوف من تهديدات خارجيه أو داخليه
رابعا:التغذيه العكسيه[7] :-
تشير إلى عمليه تدفق المعلومات من البيئه إلى النظام السياسي عن نتائج سياساته ومن ثم فهي عمليه تفاعل بين المدخلات والمخرجات وعلى ضوئها تجري عمليه لتصحيح مسار النظام السياسي.
الإنتقادات الموجه لنموذج أستون :-
- عدم ملائمة البحوث التجربية حيث تحديد الحدود والمتغيرات في النظام أمر صعب ,مما يجعل من الصعب صياغة مفاهيم عملية وبحوث تجريبية .حتى يوجد قصور في وضع مفهوم عملي للتوازن .وصعوبة وضع فروض تقبل الإختبار “المدخلات تؤثر في المخرجات “ولكن يشوب هذا الفرض الغموض والركاكة.
- لا تصلح في تحليل النظم السياسية في فترات التغير الثوري.
- إهمال المتغيرات التاريخية لأنظمة السياسة لازم دراسة تطور النظام ونقاط القوة والضعف لنتمكن من الحكم على المطالب بأنها تمثل قضية أو ذات أهمية ثورية.
- حصر وظيفة النظام الساسي في بث القرارات الساسية دون التركيز على أي وظائف أخرى له.
- التحيز السياسي القوى :
تحليلة يدور حول القيم الليبرالية وحدها ووصفها بإنها “قيم إنسانية متحضرة “كما يرى إن نظام مجتمعة أفضل ما في الأرض وسعى في تحليله المحافظة على بقاء هذا النظام ورأى أن القيم الليبرالية متغير أساسي في أي نسق سياسي والنظام الساسي أداة لبث هذة القيم.
وبالتالي قدم نموذجه كأداداة ذهنية صالحة لفهم الحياة السياسية في كل المجتمعات بما فيها المجتمعات الشمولية ,ودول العالم الثالث ولكن هذا النموذج لا يصلح الا لتفسير الحياة الساسية في الولايات المتحدة .
- النموذج النظمي المتطور الذي قدمه وليام باورز انطلق من نقد أطروحة دايفد أستون فيما يتعلق بنموذج المدخلات-المخرجات ,فكان يرى أيستون عملية التحويل عملية محايدة كون النظام يستقبل المدخلات من البيئة ويحولها دون تدخل .ولكن باورز برى أن عملية التحويل ليست يهذة الحيادية ,فالنظام السياسي لة أهداف يسعى إلى تحقيقها ومن ثم قد تشكل هذة الأهداف مدخلات للنظام ويمكن أن يحدث تضارب بين مدخلات النظام ومدخلات بيئتة وعلى النظام أن يوفق بنهم أو يغلب مطالبة .
تطبيق نظرية النظم على الواقع الإفريقي:
كما أوضحنا من الإنتقادات السابقة نخلص إلى نتيجة مفاداها بان نموذج ديفيد أيستون لا يصلح بأي حال من الأحوال تطبيقه على الواقع الإفريقي لان الدولة في أفريقيا لم تعرج إلى مجتمع الحداثة الساسية بالمعنى المعروف لما تعانية من أزمات تجسد واقع التخلف السياسي لهذة الدول وتقف كحجر عثرة في سبيل إنطلاقها إلى معارج الحداثة السياسة وعلى النقيض التام من هذا النموذج الذي يحتاج لتطبيقة دولة ديمقراطية راسخة كالولايات المتحدة ,سوف نلقي نظرة مختصرة عن العوائق التي تمنع تطبيق النموذج في دول أفريقيا حيث حدد لوسيان باي خمس أزمات للتخلف الساسي لدول العالم الثالث بشكل عام وسوف نتطرق بالإضافة إلى ذلك إلى أزمتي الآستقرار وتنظيم السلطة .
يدور بعض التسأولات حول هذا المضوع ,
- ما هي غايات وأهداف النظم الساسية في أفريقيا ؟
- ما هي طبيعة الحياة السياسية هناك؟
- ما هي سمات الواقع السياسي للدول ؟
- ما هي أبرز المؤثرات على مخرجات النظم ؟
بعض حصول معظم دول أفريقيا على الإستقلال راحت تسعى إلى عملية التنمية في كل مناحي الحياة بما فيها التنمية السياسية ولكن بيد أن السياسات التي انتهجتها الزعامات الإفريقية والممارسات التي اضطلعوا بها قد أبت الإتيان بما تشتهيه الأنفس(سياسات ذات وصفة إفريقية ).وفشلوا في بناء دولة وطنية ,بالإضافة إلى سعي معظم القادة الأفارقة إلى تكريس زعامتهم والاستئثار بالسلطة السياسية لما تمكن لهم من مكتسبات إقتصادية ومكانة إجتماعية ,وأضحت النافسة السياسية مسألة حياة أو موت فالفائز يفوز بكل شئ والخاسر يخسر كل شئ .
التخلف السياسي لا يقتصر على النظام السياسي فقط بقدر ما هو تخلف بنية المجتمع السياسي ذاتة وسوف نلقي الضوء على هذا من خلا ما تعانيه دول أفريقيا من أزمات وطبيعة خاصة بها وكأن النظم هناك على الطريقة الإفريقية .
- أزمة الهوية[8]
يقصد بها أن الولاء السياسي للفرد داخل الكثير من دول أفريقيا يتجه إلى جماعته العرقيه أو الأوليه دون الحكومه المركزية التي يفترض إنها هي المعبر عن الدوله ككل، وهذا يعني غلبة الهويات العرقيه على الهويه القومية.
في مثل هذة المجتمعات فكثير ما تطل المطالب الإنفصاليه برأسها على نحو يهئ للقلاقل والاضطرابات ويجعل استقرارها السياسي في مهب الريح ويكاد يعصف بكيانها كدوله مستقرة.[9]
ولعل عدم الشعور بالهوية المشتركة على النحو المتقدم،كان السبب الرئيسي وراء اندلاع الحروب الأهليه داخل العديد من دول أفريقيا، حال الحرب الأهليه بين قاطنى إقليم بيافرا والحكومة المركزية في نيجيريا، والحرب التى تمخضت عن إنقسام الكونغو إلى دولتين، الحرب الأهليه في الصومال، وليبيا، جنوب السودان، التمرد الإنفصالي في أوجادين بإثيوبيا، الصراعات الطائفية في نيجيريا، الصراعات بين القبائل البدوية في السودان وجنوب السودان.
ترجع الطبيعه العرقية لمعظم هذة الدول إلى الطبيعه المترتبة على الحدود المصطنعه للأقاليم التي خطتها يد المستعمر الغربي وفقآ لمصالحه وكان من شأن ذلك تمزق أوصال الجماعات العرقية [10].
ويعبر البعض عما تقدم بقوله “من النادر أن تتطابق الدول الإفريقية من حيث حدودها مع أية وحده لغوية أو سكانية، وذلك على الرغم من وجود بعض القبائل الإفريقية التي تبلغ من كبر الحجم ما يؤهلها لتكوين دولة قومية متجانسة” [11]
وبالتالى فأن حدود تلك البلدان التي أقيمت بعد نيل أستقلالها كانت من وراء الافتقار إلى الوحده الوطنيه والولاء القومي داخل العديد من البلدان فبالنظر إلى أوضاع القارة نجد أن أبناء قبيلة جيماني الذين يعيشون في غانا يدينون بالولاء إلى زعيم قبيلتهم في ساحل العاج وفي نيجيريا نرى أن قري متجاورة تتحدث لغات مختلفه.
أنها ظاهرة الحركات العرقية التي تجعل الاستقرار السياسي في هذة المجتمعات ضربا من ضروي المستحيل.
- أزمة الشرعية[12] :
صلب الشرعية هو استناد السلطة إلى رصيد من الرضا الشعبي لهذة السلطة.
أزمة الشرعيه قد تلحق ب
١_المؤسسات السياسية (النظام السياسي ذاته)
٢_أشخاص القائمين على أمر هذة المؤسسات عندما تقع في يد فاسده.
٣_السياسات التي ينتهجها القائمون على السلطة أى عندما تواصل إصدار مخرجات سياسية غير مقبولة شعبيا أو عندما تكون غير قادرة على مواجهة المطالب التي تطرحها الأمة أو حينما لا يكون بمقدورها التكيف مع ما يستجد من تغيرات.[13]
أزمة الشرعيه إحدى سمات التخلف السياسي التي تعني عدم استناد معظم حكام أفريقيا إلى أى رصيد من رضا المحكومين إنما تستند في ممارساتهم للسلطة إلى القوة الغاشمة وبالتالى يلجأ المحكومين إلى استخدام العنف وهذا سبب جديد من أسباب عدم الاستقرار السياسي وترتبط ارتباطا وثيقا بأزمتي تنظيم السلطة والاستقرار السياسي.
- أزمة المشاركة [14]:
المشاركة السياسية تعد أبرز مقومات الحداثة السياسية ويشير البعض إلى ذلك بقولة “أن المجتمع التقليدي يفتقر إلى المشاركة، بينما المجتمع الحديث يتمتع بها”[15]
تشمل المشاركة مجموعه التصرفات التي من خلالها تنقل الجماهير مطالبها إلى الصفوة الحاكمه، وهكذا تلك التي تدعم بها الجماهير الصفوة. بالإضافه إلى جملة الجهود التي تبذل للتأثير على سلوك الحكام مثل عمليات التصويت في الانتخابات والضغط على الصفوة الحاكمه “تقديم العرائض إلى الصفوة والظاهر” هناك العديد من الصور الاخر من صور المشاركة السياسية ولكن هذا ما يعنينا هنا.
تعد أزمة المشاركة أبرز سمات دول أفريقيا ويرجع ذلك إلى
١_ميل القيادات السياسيه إلى تركيز السلطة في قبضتها وإقامة نظم دكتاتورية تسلطية بالرغم من نصوص دساتيرها على أقامه نظم ديمقراطية الا أن ذلك ليس سوى دساتير صورية تفرغ تماما من كل أشكال الديمقراطية الحاقه ولا يخضع لها الحكام.
٢_ارتفاع نسبة الأمية داخل اغلب اغلب بلدان أفريقيا
ارتفاع نسبة الأمية من شأنه التأثير بالسلب على معدلات المشاركه السياسيه حيث تسود بين الاميين ظاهرة الأمتثال التام للسلطة وعدم الاكتراث بالنشاطات السياسيه والشعور بالعجز عن خوض الحياة السياسية[16].
٣_انتشار الفقر داخل قطاعات واسعه من سكان بلدان أفريقيا.
تمثل المشاركة بالنسبة للفقراء رفاهيه ليس لامثالهم أن يتطلعوا إلى الولوج إلى عالمها وهنا يبدر إلى ذهني سؤال وهو
كيف يعبروا عن مطالبهم؟وما هي نوعية مطالب الفقراء في الأساس ؟
ونخلص إلى تشابك أزمة المشاركة مع أزمتى تنظيم السلطة والشرعيه.
- أزمة التغلغل[17] :
التغلغل يشير إلى القدرة على بسط سيطرة الحكومة على كافه مناطق الإقليم، وترتبط بالقدرات التنظيمية للنظام السياسي.
بعض دول أفريقيا يعاني من أزمة التغلغل إذ يكون عدم قدرة الحكومة على بسط سيطرتها على كافه أرجاء اقلمها. ويرجع ذلك أما لأسباب جغرافية (كبر حجم الإقليم)
او أسباب عرقية (تضاؤل قدرة الحكومة النيجيرية على التغلغل داخل إقليم بيافرا الانفصالى)
- أزمة التوزيع[18] :
ترتبط بالقدرة التوزيعيه للنظم السياسية ان اغلب دول العالم الثالث بشكل عام ودول أفريقيا بشكل خاص يعاني الندرة الاقتصادية بجانب سوء توزيعها حيث تنفرد القله بجل الموارد المتاحه بينما يقع عبء الحرمان على الكثرة داخل هذى المجتمعات[19].
وينتج عن أزمة التوزيع تفاوت طبقي حاد يؤدي إلى تهديد استقرار المجتمع “التصادم السياسي الناجم عن العامل الاقتصادي” ويمكن أن يسفر الحرمان الاقتصادي عن إستياء جماعي في صفوف المحرومين الأمر الذي ينتهي بثورة أن تمكنوا من الأنتظام في تنظيم سياسي يجمعهم.
والدليل على ذلك أعمال العنف التى شهدتها مصر خلال عقد الثمانينات والتسعينات إنما ترتد إلى أسباب اقتصادية تتصل بأنتشار الفقر والبطالة في البلاد.
إحدى أسباب تفاقم أزمة التوزيع هو الفساد السياسي الذي قوامه استخدام السلطة من أجل تحقيق أهداف ذاتيه والتعامل مع الممتلكات العامه وكأنها ممتلكات شخصية[20].
يظهر الفساد السياسي في العديد من دول أفريقيا مثل (السنغال، الكاميرون، زائير، كينيا، أفريقيا الوسطى) فبدلا من إتجاه حكام تلك البلاد إلى إصلاح أمر مجتمعاتهم ودفعهم نحو التنمية أخذوا يتفرغون إلى سلب ثروات تلك المجتمعات وأدى ذلك إلى تعمق تخلف تلك الدول.
- أزمة الاستقرار السياسي [21]:
أزمة استقرار الدولة ذاتها :-
الصورة المثلى للمجتمع السياسي يتمثل في صورة الدولة القومية يتكامل فيها النسيج البشري بشكل يؤدي إلى الانسجام التام ويسقط عنها أسباب التصادم المفضي للضعف والتحلل.وتمثل مصدرا واقيا من ظاهرة الحركات العرقيه تلك الحركات التى تهدد استقرار المجتمعات، وفي المجتمعات متعدده العرقيات تبرز ظاهرة عدم المساواة بين هذه الجماعات حيث تظهر جماعه عرقيه في وضع مسيطر في حين تكون الجماعات الاخرى في وضع غير مسيطر ويترتب على ذلك ظهور حركات سياسيه اجتماعيه داخل الجماعات غير السيطرة لتخليص الجماعه من نير الاضطهاد، وأما الانفصال بها عن مجتمع لا يعبر عن هويتها العرقيه، (مثل حركة صومالى اوجادين في أثيوبيا وغيرها) كما يلاحظ لجوء الحركات العرقيه إلى استخدام كافة وسائل العنف في سبيل بلوغ غايتها سواء تمثلت هذة الوسائل في الحرب النظامية أو التطهير العرقي مثل ما أسفرت عنه الصراعات العرقية بين جماعتي التوتسي والهوتو في رواندا من سقوط مليون قتيل خلال عام١٩٩٤.
ترتبط أزمة استقرار الدولة ارتباطآ وثيقآ بأزمة الهوية.
أزمة تنظيم السلطة :
تنظيم السلطة يعني استناد السلطة إلى نظام قانونى يلتزم به الحاكم والمحكوم على السواء.
ملاحظة الواقع السياسي لمعظم دول أفريقيا إلى شيوع ظاهرة السلطة شبه المشخصه وصورية دساتير اغلب بلدانها وما تنص عليه من نصوص حول مبادئ التنظيم السياسي ‘مبدأ الفصل بين السلطات’ ومبدأ الشرعية ‘ولا يلتزم الحاكم بها على الإطلاق.
[1] -د0عادل فتحي ثابت ,النظرية السياسية المعاصرة ,كلية التجارة جامعة الإسكندرية 2007 ,ص205 ,وانظر أيضا
د-محمد طة بدوي ,مفهوم التكامل السياسي بين الإنتظام والتنظيم –عجالة منهجية –مجلة كلية تجارة ,جامعة الرياض –العدد الرابع 1976,ص242,ص243.وانظر أيضا
محاضرة للدكنور محمد فقيهي حول مناهج علم السياسة ,الجزء الثاني المنهج الوظيفي والمنهج البنيوي ,كلية الحقوق جامعة سيدي محمد عبد اللة لطلبة السداسي الأول ,مسلك القانون بالعربية ,السنة الجامعية 2015.2016على رابط الhttp;//youtu.be/KcuD5QJ7m
[2]See;Easton,David,the political system ;An Inquiry into the State of political Sceince,Knopf,AIfred A.New York.1953.pp95-195 [2]
[3] See;Easton,David Aframework For Political Analysis.prentice-Hall.Inc..Englewood cliffs.New Jerscy.1965
[4] راجع بصدد شرح تفصيلي لتطور نموذج ايستون د0عادل فتحي ثابت ,النظرية السياسية المعاصرة , مرجع سابق,ص213-225
[5] د.كمال المنوفي :نظريات النظم السياسية ,الكويت وكالة المطبوعات 1985,ص93وايضا
See;An Approach to the Analysis of political Systems <David Easton,world politics ,Vol .No.3.(Aprl..,1975)pp384
[6] -د.كمال المنوفي ,مقدمة في مناهج وطرق البحث في علم الساسة ,جامعة القاهرة 2006,ص34-36 .وكذلك
د.حسان العاني :الأنظمة السياسية والدستورية ,كلية القانون والسياسة بجامعة بغداد ,1986,ص21 .
See;An Approach to the Analysis of political Systems <David Easton,world politics ,Vol
No.3.(Aprl..,1975)pp384-386.
للمزيد ينظر الى د.كمال المنوفي :نظريات النظم الساسية ,مرجع سابق ص97-99.
[7] –https://alexuuni-my.sharepoint.com/:b:/g/personal/safaa_khalifa_alexu_edu_eg/ETpjLt-vuERLjSGkfASRq14B8ev1otakFsiKwQAV3KsIHw
وأيضا د0عادل فتحي ثابت ,النظرية السياسية المعاصرة,مرجع سابق,ص225-226.
د.نصر محمد عارف ,أبستمولوجيا السياسة المقارنة :النموذج المعرفي –النظرية –المنهج (بيروت :مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ,2002 ,ص265.
د.كمال المنوفي ,مقدمة في مناهج وطرق البحث في علم الساسة , مرجع سابق ص.36
[8] -د.احمد وهبان ,التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية :رؤية جديدة للواقع السياسي في العالم الثالث ,الإسكندرية ,دار الجامعة الجديدة ,200,ص20-31.
[9] – راجع في هذا المضمون تفصيلا مدعمآ بعشرات الأمثله في :أحمد وهبان، الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر :دراسة في الأقليات والجماعات والحركات العرقية، دار الجامعه الجديده، الإسكندرية، ١٩٩٧.
[10] انظر في هذا الصدد :مصطفى كامل السيد، قضايا في التطور السياسي لبلدان القارات الثلاث، بروفيشنال للإعلام والنشر، القاهرة، ١٩٩٤،ص١٢٥.
وايضا د.أحمد عباس عبد البديع، استراتيجيات بناء الأمه في العالم الثالث، مجلة السياسيه الدولية، العدد ١٦٨،أبريل ١٩٨٢، ص٥٨، ٥٩.
[11] – نزية ميخائيل، النظم السياسية في أفريقيا :تطورها واتجاها نحو الوحده، دار الكاتب العربي للطباعه والنشر، القاهرة ١٩٦٧، ص٣٧.
[12] – احمد وهبان ,التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية :رؤية جديدة للواقع السياسي في العالم الثالث ,مرجع سابق ص33-37.
[13] – أحمد عباس عبد البديع، مرجع سبق ذكرة، ص٥٩
[14] — احمد وهبان ,التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية :رؤية جديدة للواقع السياسي في العالم الثالث ,مرجع سابق ص39-50.
[15] – السيد الزيات، مذكرات في المشاركة السياسية، غير منشورة، ملقاة على طلبة السنة الرابعه شعبة العلوم السياسية بكليه التجارة، ١٩٨٧.
[16] – انظر بصدد تعريف اللامبالاة السياسية :السيد الزيات، مذكرات في المشاركة السياسية، مرجع سبق ذكرة .
[17] – احمد وهبان ,التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية :رؤية جديدة للواقع السياسي في العالم الثالث ,مرجع سابق ص51-54.
[18] – احمد وهبان ,التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية :رؤية جديدة للواقع السياسي في العالم الثالث ,مرجع سابق ص55-63.
[19] – محمد طة بدوى، النظرية السياسية، مرجع سابق، ص٣٦.
[20] – clapham. Op. Cit, p50
[21] – احمد وهبان ,التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية :رؤية جديدة للواقع السياسي في العالم الثالث ,مرجع سابق ص70-76.