رغم ضعف الإمكانيات والحاجة لتطويرها وحدة المرأة المتقاضية في المحاكم. تجربة إيجابية بحاجة للتعميم
اعداد التقرير : عبد الرحمن الزبيب – المركز الديمقراطي العربي
تمتنع كثير من النساء في اليمن عن المطالبة بحقوقهن القانونية عبر اللجوء إلى القضاء بسبب ضعف الوعي القانوني والإجرائي لإجراءات التقاضي بالإضافة إلى أن كثيرا من النساء غير قادرات على دفع التكاليف الباهظة للمحاماة، وتواجه المرأة اليمنية صعوبة في رفع دعواها ومتابعتها أمام القضاء، ولا تستطيع دفع تكاليف محامٍ لرفع الدعوى القضائية ومتابعتها؛ لأن المرأة غالباً ما تكون طرفا ضعيفا، ففي قضايا المواريث، تكون التَّرِكة بيد الذكور في الأسرة، وفي قضايا النفقة، تُطالب بنفقة شرعية من زوجها لمواجهة تكاليف الحياة، وفي القضايا الجنائية، يتخلّى الجميع على المرأة فور وقوفها خلف القضبان، وفي مقدمتها أسرتها، وفي قضايا الحضانة والفسخ كلها، تكون المرأة وحيدة في مواجهة الطرف الآخر، وفي مواجهة مجتمع لا يرحم ويرفض لجوء المرأة للقضاء للمطالبة بحقوقها، ويرفض في الوقت نفسه إنصافها. إنها معاناة ليس لها نهاية.
في هذا الوضع المؤلم من معاناة المرأة في اليمن، انبلج نور يضيء للمرأة اليمنية طريق الوصول للعدالة، وهي وحدة المرأة المتقاضية في المحاكم الابتدائية والاستئنافية، وسوف نوضّح في هذا التقرير مشروعية هذه الوحدة وعملها.
مشروعية وحدة المرأة المتقاضية في المحاكم الابتدائية والاستئنافية
تضمن الدستور اليمني نصوصا دستورية تؤكّد على حقّ المواطنين إلى اللجوء للقضاء لحماية حقوقهم؛ فقد نصت المادة (51) من الدستور اليمني على أنه “يحق للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة، وله الحق في تقديم الشكاوى والانتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها بصورة مباشـرة أو غيـر مباشـرة”.
وجاءت المادة (49) من الدستور لتؤكّد على واجب الدولة في تقديم العون القضائي لغير القادرين؛ فقد نصت المادة المذكورة على أنه “حقّ الدفاع أصالةً أو وكالةً مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى وأمام جميع المحاكم وفقا لأحكام القانون، وتكفل الدولة العون القضائي لغير القادرين وفقا للقانون”.
وبمطالعة النصوص الدستورية المذكور أعلاه، يتبين لنا حق جميع المواطنين في اللجوء للقضاء. وليمارس المواطنون هذا الحق، يستلزم تسهيل الإجراءات وتوضيحها وتقديم العون القضائي لغير القادرين على دفع تكاليف المحاماة، وهنا لم يميز النص الدستوري بين الرجال والنساء، بل أتاح الحق للجميع، ولكن في الواقع نلحظ أن المرأة اليمنية ضعيفة في الوعي بنصوص القانون وإجراءات التقاضي. ولكفالة الحق في التقاضي، يستلزم أن يكون هناك تمييز إيجابي للمرأة لتمكينها من الحق في التقاضي والعون القضائي.
وتنفيذا للنصوص الدستورية المذكورة، ولتمكين المرأة من الحق في التقاضي والعون القضائي، صدر قرار وزير العدل رقم (195) لسنة 2009م بشأن إصدار اللائحة التنظيمية لمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية.
وقد تضمنت هذه اللائحة إنشاء وحدة المرأة المتقاضية في جميع المحاكم الابتدائية والاستئنافية؛ إذ نصّت المادة (7) من اللائحة على إنشاء وحدة المرأة المتقاضية وتحديد مهامها واختصاصها، وهي على النحو الآتي:
مادة (7): ينشأ في كل محكمة استئناف مكتبٌ يُسمى مكتب خدمات جمهور المتقاضين (يحدد مستواه بقسم) يختص بخدمة جمهور المتقاضين على أن تُخصص فيه وحدة مختصة لشؤون خدمات المرأة المتقاضية، ويتولى المهام والاختصاصات الآتية:
- متابعة وتلقي البيانات والمعلومات المتعلقة بأرقام القضايا وأنواعها ومواعيد جلساتها والقرارات التي اتُّخذت بشأنها، وذلك من قبل المختصين بالمحكمة وإدارة تقنية المعلومات، وفقاً لأحكام هذه اللائحة والإجراءات المنظمة لذلك.
- تزويد المتقاضين بالمعلومات الخاصة بقضاياهم ومواعيد جلساتهم.
- تقديم العون الإرشادي لمن يحتاجه أو يطلبه من جمهور المتقاضين، بما في ذلك إرشاد المرأة وتعريفها بمواعيد الجلسات والقاعات المخصصة وأماكن الانتظار.
- التنسيق مع الجهات المختصة بالمحكمة لتقديم الخدمة المطلوبة لجمهور المتقاضين بصورة صحيحة في إطار نظام مبسط وشفاف بما يتفق مع النصوص والإجراءات القانونية.
- تنظيم خدمات المتقاضين داخل مبنى المحكمة من خلال اللوحات الإرشادية والتوعية لهم.
- رفع التقارير الدورية والسنوية عن أعمال المكتب.
- القيام بأي اختصاصات أو مهام أخرى تُسند إليه بمقتضى هذه اللائحة والقوانين واللوائح والقرارات النافذة.
ونصّت اللائحة التنظيمية للمحاكم أيضا على إنشاء وحدة المرأة المتقاضية، لكن بشكل مصغر، و تخصيص موظفة لتقديم الخدمات ومساعدة النساء في متابعة قضاياهن لدى المحاكم الابتدائية وتحديد اختصاصها؛ إذ نصّت المادة (30) من لائحة المحاكم على أنه:
ينشأ في كل محكمة ابتدائية (أ) مكتب يُسمى مكتب خدمات جمهور المتقاضين (يحدد مستواه بوحدة) يختص بخدمة جمهور المتقاضين على أن تُخصص فيه موظفة مختصة بشؤون خدمات المرأة المتقاضية وتتولى مهام واختصاصات….. نصت المادة على ان تقوم وحدة المرأة المتقاضية في اطار المحكمة الابتدائية بنفس اختصاصات ومهام وحدة المرأة المتقاضية في محكمة الاستئناف الموضحة في المادة (7) من لائحة المحاكم السابق ذكرها .
ومنذ صدور اللائحة التنظيمية للمحاكم في اليمن عام 2009م، لم تُفعّل نصوص اللائحة فيما يخص إنشاء وحدة المرأة المتقاضية في المحاكم الابتدائية والاستئنافية. وفي عام 2018م، بدأت بوادر وجهود إنشاء وحدة المرأة المتقاضية التي نصّت عليها اللائحة؛ إذ أنشئت وحدة في محكمة استئناف أمانة العاصمة تجربةً أولى، تُقيّم وتُطور ثم تُعمّم. وبالفعل أنشئت وحدة المرأة المتقاضية وعُينت موظفة لممارسة اختصاص الوحدة وتقديم الخدمات القانونية للنساء، وطورت اختصاصات الوحدة لتمكين النساء من العون المساعدة القانونية والعون القضائي.
وبالنصوص الدستورية ونصوص اللائحة التنظيمية للمحاكم في اليمن نخلص إلى أن وحدة المرأة المتقاضية مشروع لم يتوقف عند النص، بل أنشئت الوحدة في الواقع، وإن كانت ما زالت محصورة في محكمة واحدة هي محكمة استئناف الأمانة، ولكن هذا لا يمنع من إنشاء وحدة المرأة المتقاضية في جميع المحاكم الابتدائية والاستئنافية، وفقا لما نص على ذلك اللائحة التنظيمية للمحاكم بإنشاء وحدة المرأة المتقاضية في المحاكم الاستئنافية والابتدائية، وسيكون لإنشاء هذه الوحدات في جميع المحاكم دور كبير في تسهيل الإجراءات، وتمكين النساء من الحق في التقاضي.
آلية عمل وحدة المرأة المتقاضية في القانون والواقع
كان إنشاء وحدة المرأة المتقاضية في اليمن ابتداءً في محكمة الاستئناف نقطةَ ضوء إيجابية لتمكين النساء من الحق في التقاضي وتسهيل الإجراءات، وإن كان ما زال تنفيذها محصورا في محكمة واحدة هي محكمة استئناف الأمانة، ولكن هذا لا يمنع من تظافر جهود الجميع من مؤسسات رسمية وقطاع خاص ومجتمع مدني لإنضاج هذه التجربة الإيجابية وتعميمها في جميع المحاكم الابتدائية والاستئنافية في عموم محافظات الجمهورية.
وبمطالعة آلية عمل وحدة المرأة المتقاضية في الواقع.
أوضحت الأستاذة أميرة الشوافي، مدير عام إدارة المرأة والطفل وأموال القصر في وزارة العدل، أن إنشاء وحدة المرأة المتقاضية جاء لتمكين المرأة من الحق في التقاضي وتسهيل الإجراءات وتقديم الإرشاد القانوني والعون القضائي للنساء من داخل المحاكم، وأن إنشاء وحدة واحدة في محكمة استئناف الأمانة جاء لإنضاج تجربة إيجابية، بموجبها تُقيّم التجربة وتُطور ثم تُعمم، وأن إدارة المرأة والطفل تسعى لتعميم التجربة في جميع المحاكم، ولكن الإمكانيات المادية تعيق تغطية تكاليف إنشاء الوحدات في جميع المحاكم، كما أوضحت الأستاذة أميرة أن وحدة المرأة المتقاضية، رغم محدودية الإمكانيات، تمارس أعمالها في محكمة استئناف الأمانة.
وتستفيد من خدماتها كثير من النساء المتقاضيات، وأن إدارة المرأة والطفل في وزارة العدل تسعى لتعميم وإنشاء وحدة المرأة المتقاضية في جميع المحاكم الابتدائية والاستئنافية في عموم محافظات الجمهورية، وأضافت الأستاذة أميرة أن الخدمات التي تقدمها وحدة المرأة المتقاضية طُوّرت بما يتوافق مع اللائحة، وقد عُيّنت موظفة في محكمة استئناف الأمانة لممارسة اختصاصات ومهام الوحدة، كما تُعُوقد مع محام لتوفير العون القضائي للنساء غير القادرات وبإشراف ومتابعة وحدة المرأة المتقاضية، وأُصدرت آلية لوحدة المرأة المتقاضية نصّت على أن :
- تقوم الوحدة بتبليغ المحاكم الابتدائية بآلية عمل المحاميات والمحامين الذين يقدمون العون القضائي.
- تقوم الوحدة بإبلاغ الموظفات في المحاكم برقم الجوال والبريد الإلكتروني للمحاميات اللاتي يقدمن العون القضائي عبر الوحدة.
- تبليغ المحاميات بمواعيد وجداول جلسات المحاكمة بالبريد الإلكتروني والجوال.
- فتح نقاط اتصال بين الموظفة المختصة في محكمة الاستئناف وفي المحاكم الابتدائية.
- فتح موقع للوحدات على الشبكة الإلكترونية في محكمة الاستئناف والمحاكم الابتدائية، وتنسيق عمل المحاميات على مستوى المحاكم والنيابات.
- تقوم الوحدة بتنسيق عمل المحاميات على مستوى المحاكم الابتدائية (أ) و (النيابات).
- فتح سجل قيد لقضايا المرأة ونوعها وتاريخ بدايتها ونهايتها واسم المحامية المكلفة بمتابعتها.
- تزويد المرأة المتقاضية بالمعلومات الخاصة بقضاياهن ومواعيد الجلسات.
- تقديم العون الإرشادي لمن تحتاجه أو تطلبه بما في ذلك إرشاد المرأة وتعريفها بمواعيد الجلسات والقاعات المخصصة لها ومكان الانتظار
- تنظيم خدمات المتقاضين داخل مبنى المحكمة من خلال اللوحات الإرشادية والتوعية لهم.
- تكوين قاعدة بيانات المرأة المتقاضية في المحاكم الاستئنافية والابتدائية، وتتضمن:
- إعداد الإحصاءات الدورية والسنوية عن قضايا المرأة ونوعيتها وموافاة قطاع المحاكم والتوثيق “الإدارة العامة للمرأة والطفل وشؤون أموال القصر” بنسخة منها.
- إعداد الإحصاءات النوعية على مستوى المحاكم الاستئنافية والابتدائية.
- ورفع ملاحظاتها وآرائها حول تطوير وتفعيل عمل الوحدة فيما يتعلق بالمرأة المتقاضية.
وبالنزول الميداني إلى محكمة استئناف أمانة العاصمة تم اللقاء بالأستاذة أمل عبد الملك الحميضة، وقد أوضحت أن الوحدة أُنشئت في عام 2018 تقريبا، وهي الموظفة الثانية في الوحدة بعد خروج الموظفة السابقة من الوحدة، وسبب خروج الموظفة السابقة من العمل في الوحدة، كما أفادت أمل الحميضة، يعود لعدم وجود مكتب مهيئا للوحدة للعمل، بما يحافظ على خصوصية المرأة؛ إذ كان المكتب وسط المحكمة وبجوار قاعات المحاكمة، فكان الإزعاج كبيرا.
وبالفعل اطلعنا على المكتب الذي كان قد خُصص لوحدة المرأة المتقاضية، وهو عبارة عن غرفة زجاجية في وسط مبنى المحكمة.
وأفادت الأستاذة أمل الحميضة أن المكتب أيضا غير مهيأ لتقديم خدمات وحدة المرأة المتقاضية، فلا يوجد أي تجهيزات في المكتب ويستلزم توفيرها، وأهم تلك الاحتياجات حاسوب وآلة تصوير وجوال خاص بالوحدة؛ إذ يتم التواصل عبر جوالها الخاص، إلى جانب الحاجة إلى قرطاسية لتغطية النفقة التشغيلية لمواجهة تكاليف التواصل والاتصال والتنسيق والانتقال وتكاليف طباعة ملفات النساء اللاتي تقرر تقديم عون قضائي لهن، وتكاليف الإعلانات للطرف الآخر في القضايا، وتكاليف ومخصصات مالية للمحامي لمكلف بتقديم العون القضائي، إلى جانب الحاجة إلى سجلات خاصة بالوحدة لقيد الطلبات وإجراءاتها ولافتات وبرشوات تعريفية بالوحدة واختصاصاتها وبروشورات توعية قانونية، بالإضافة للحاجة إلى كادر من الموظفين والموظفات والمحاميات على الأقل.
وتمارس وحدة المرأة المتقاضية اختصاصاتها ومهامها في مركز المعلومات بالمحكمة للاستفادة من تجهيزات المركز من حاسوب وطابعة وغيرها، ورغم أن مركز المعلومات إدارة مستقلة عن وحدة المرأة، جاء الانتقال إليه بشكل مؤقت لممارسة العمل، حتى يُخصّص مكتب مناسب ومهيأ ويُجهز بالمستلزمات اللازمة.
قضايا للمعالجة
أكثر القضايا التي استقبلتها الوحدة: حضانة، نفقة، فسخ، ميراث، وتستقبل الوحدة طلبات العون القضائي والمساعدة القانونية في محكمة استئناف الأمانة والمحاكم الابتدائية بالأمانة، وتمارس الوحدة جميع صلاحياتها القانونية، وفقا للإمكانيات المتاحة؛ إذ تُستقبل طلبات العون القضائي والمساعدة القانونية من النساء الفقيرات غير القادرات على دفع تكاليف المحاماة وفقا للآلية الآتية:
- تُستقبل طلبات العون القضائي والمساعدة للوحدة مباشرة أو عبر موظفي محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية بالأمانة.
- عُمِّم على محكمة الاستئناف ومحاكم الأمانة الابتدائية بإحالة أي طلب عون قضائي أو مساعدة قانونية إلى الوحدة والتواصل المباشر مع رئيس وحدة المرأة المتقاضية.
- يُستقبل طلب العون والقضائي والمساعدة، ويُحال الطلب إلى محامي الوحدة ويُعقد اجتماع بين محامي الوحدة وطالبة العون، تُوضح فيها القضية وملابساتها والإجراءات المتخذة فيها حتى آخر إجراء.
- يُوكّل في المحكمة من طالبة العون للمحامي
- وتُستلم صورة ملف القضية إذا كان لدى طلبة العون أو يصوّر في المحكمة.
- يُدرس الملف ويُحدّد مسار القضية والموقف القانوني لأطراف القضية ويُقترح مسار القضية.
- تُعدّ الدفوع والدعاوى والردود والتعقيبات وجميع الإجراءات القانونية.
- قبل الخوض في القضية، تبذل الوحدة جهودا إيجابية لحل القضايا بالتصالح الودّي، فإذا لم يحصل التصالح الودّي بين الطرفين، تستمر الإجراءات أمام القضاء حتى انتهاء القضايا وصدور أحكام نهائية وباتة وتنفيذها.
وأوضح محامي الوحدة الأستاذ محمد سعيد عبد الله الشوافي أنه يعمل مع الوحدة في متابعة القضايا الخاصة بنساء فقيرات ومعسرات منذ شهر نوفمبر 2021م، وهناك قضايا لدى المحاكم الابتدائية وقضايا منظورة أمام محكمة الاستئناف والمحكمة العليا، وأنه جاء عقب إنهاء المحامي السابق خدماته؛ إذ كان هناك محامون سابقون يعملون مع الوحدة ، وأغلب القضايا التي يتابع إجراءاتها: قضايا شخصية مثل النفقة والحضانة والفسخ والمواريث، وقضايا مدنية، وقضايا جنائية، ومن القضايا التي تابعها قضية فسخ للهجران وعدم النفقة. رفعتها إحدى النساء، وأثناء متابعة القضية وبعد إعداد عريضة الدعوى وإعلان الطرف الآخر بالدعوى ومعرفته بتولّي الوحدة القضية، حضرت المدعية مفيدة بأن القضية قد عُولجت ودّيا، وأُنهي الزواج بالطلاق الودّي، وطلبت إغلاق ملفها وإنهاء إجراءات القضية.
أفاد المحامي أنه يواجه صعوبة في متابعة القضايا بسبب عدم تعاون القضاة وموظفي المحاكم مع محامي الوحدة، لعدم التعميم بالتعاون معه، ولا تُمنح القضايا المقدم لها العون أولوية في جلسات المحاكمة، وينتظر محامي الوحدة ساعات طويلة حتى تبدأ جلسة القضايا المتولي لها، كما لا توجد وسيلة نقل للتواصل ومتابعة القضايا المنظورة في عدد من المحاكم، ولا يوجد مخصّصات مالية لمواجهة نفقات الاتصال والتواصل وتصوير ملفات القضايا ودفع نفقات إعلانات الطرف الآخر، ولا يوجد حاسوب محمول وآلة طابعة لطباعة عرائض ودعاوى وردود القضايا، كما لا يوجد جهاز جوال خاص للتواصل به في العمل والقضايا، ويستعمل المحامي جواله الشخصي.
ويُضاف إلى ما سبق، عدم وجود عدد كافٍ من المحامين لمتابعة إجراءات القضايا؛ إذ لا يوجد إلا محام واحد، وتفوت عليه جلسات محاكمة بسبب وجود تعارض في المواعيد في قضايا متعددة في الوقت نفسه وفي محاكم متعددة. ويُفترض على الأقل وجود خمسة محامين لعدم وجود نفقات تشغيلية ومستحقات مالية للمحامين يخرج المحامون من الوحدة بعد فترة وجيزة.
ويُعدّ جانب التسويق والترويج للوحدة ضعيفا، بسبب عدم وجود الإمكانيات لتغطية طلبات المساعدة والعون، وإذا ما رُوِّج بشكل كبير، سيرتفع عدد طالبات العون والمساعدة. وبسبب عدم وجود الإمكانيات، لا تستطيع الوحدة تقديم العون لجميع النساء. وأوضح المحامي محمد الشوافي أنه بالإمكان تفعيل وتطوير نشاط الوحدة وتوسيع خدماتها وتعميمها على جميع محاكم اليمن إذا وُفِّرت الاحتياجات المهمة لها.
نماذج لقضايا في وحدة المرأة المتقاضية
تقوم وحدة المرأة المتقاضية بتقديم خدماتها بشكل يومي، وتستقبل طلبات عون قضائي من النساء في المحاكم الابتدائية في إطار أمانة العاصمة ومحكمة استئناف الأمانة، وقد أوضحت الأستاذة أمل الحميضة، مسؤولة وحدة المرأة المتقاضية في محكمة استئناف الأمانة، بعرض بعض القضايا التي قُدّم العون القضايا لهن عبر الوحدة، ومن تلك القضايا قضية فسخ ونفقة؛ إذ رُفعت قضية فسخ ونفقة شرعية من إحدى النساء، وأثناء إجراءات تقديم العون القضائي للمرأة، عُقدت جلسة تصالح بين أطراف القضية على أن يُتنازل عن قضية الفسخ مقابل دفع النفقة والالتزام بالنفقة على زوجته، وبالفعل عادت الزوجة لمنزل الزوجية، وسُحبت الدعوى بعد دفع الزوج النفقة الشرعية، ومن القضايا التي قدّمت الوحدة العون لها قضية امرأة كبيرة في السن تجاوز عمرها الستين عاما وضعت ذهبها، وهو كل ما تملكه، عند أحد الأشخاص ليحفظه عنده، وبعد فترة ذهبت لاسترجاع الذهب، ولكنه أنكر، ورُفعت دعوى عبر الوحدة، ورفض المدعى عليه الحضور لجلسات المحاكمة لثمان جلسات، ورغم عدم وجود أدلة، طلبت المرأة اليمين، وتهرّب الطرف الآخر، ولأنّ المرأة لم يعد لديها أي مال ما زالت الوحدة مستمرة في تقديم العون القضائي والمساعدة القانونية لها ومتابعة الإجراءات، ومن القضايا قضية امرأة اختلفت مع زوجها. كانت المرأة على وشك السفر مع زوجها إلى خارج اليمن، وفي أثناء استعدادهم للسفر ذهب الزوج لشراء جوال حديث، فأخبر زوجته، وقالت له إنها لن توافق على شرائه الجوال الجديد، إلا بشرط أن تفتش جواله يوميا، وتعرف من يراسل خشية أن يتواصل مع بنات، وحصلت مشادة كلامية كبيرة بينهم، وقام بضربها ضربا شديدا؛ إذ ضربها بثلاجة شاي على رأسها، ثم غادر اليمن إلى الخارج بعد أن أخذ ذهبها، فقامت برفع دعوى فسخ ونفقة وطلب ذهبها من زوجها، وما زالت القضية منظورة أمام القضاء، وتقدم الوحدة العون لها لأنها فقيرة، وكل ما تملكه أخذه زوجها، ولم يحضر الزوج جلسات المحاكمة، ولم يوكّل أحدا لحضور جلسات المحاكمة، وهذا سبب في تأخير الفصل في القضية.
وأوضح محامي الوحدة أن هناك كثيرا من القضايا التي قُدِّم العون القضائي للنساء عبر الوحدة في إطار أمانة العاصمة، وفي جميع مراحل التقاضي الابتدائية والاستئنافية والمحكمة العليا، وأن هناك قضايا تستمر إجراءاتها حتى صدور أحكام قضائية نهائية وباتة وتنفيذها، وهناك قضايا تُنهى بالتصالح الودي بين طرفي القضية أو عبر الوحدة، ومن تلك القضايا على سبيل المثال قضية فسخ للهجران وعدم النفقة، رفعتها إحدى النساء، وفي أثناء متابعة القضية وبعد إعداد عريضة الدعوى وإعلان الطرف الآخر بالدعوى ومعرفته بتولي الوحدة القضية، حضرت المدعية مفيدة أن القضية عُولجت ودّيا، وقد أُنهي الزواج بالطلاق الودي وطلبت إغلاق ملفها وإنهاء إجراءات القضية.
(أنتج هذا التقرير ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية)