اخطاء حسابات السياسيين تتحملها الشعوب
بقلم : د. محمد خليل مصلح – المركز الديمقراطي العربي
عندما تخطأ الشعوب في صندوق الانتخابات في اختيار قيادتها تحت تأثير الدعاية السياسية والتدخلات الخارجية كما حدث في أوكرانيا تفتح شهية دولة عظمي كما تقترب من حدود العدو مثل روسيا لذلك يتوجب عليها على الشعوب ان تتحمل المسؤولية.
المؤسسات الوطنية في دولة يقع على مسؤوليتها تحصين الشعوب قبل زجها باي عملية ديمقراطية تفتقر الى وعي ونضج ممارستها وحينما تتغافل تلك المؤسسات والنظام والقبول بالممارسة الديمقراطية تحت ضغط دول الاستعمار فهي استجابت لتشكيل حكومة تخضع لتك المنظومة الدولية التي يتحكم بها المستعمر تلك الدول التي معظم تاريخها تتغذى على السيطرة على مقدرات الدول والشعوب الضعيفة او التي تمتلك مقدرات وثروات لا تنجح في استخدامها الا بواسطة المستعمر الذي يملك كل القدرات للاستثمار والمعالجات للثروات المختبئة تحت الأرض.
لماذا وقعت أوكرانيا ضحية الصراع الدولي ولعبة الاطماع والسيطرة للقوى العظمة واطماع روسيا بالعودة الى ما يسميها بوتين روسيا العظمة وضحية استعمارية الولايات المتحدة التي تتطلع محاصرة روسيا واخضاعها لنظام القطب الواحد وقتل طموحها بالعودة الى الماضي واقتسام العالم كما كان في عهد الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو؟
الخطأ في الحسابات السياسية وطفولية النظام الذي يحكم أوكرانيا له الدور الكبير فيما تتعرض له الدولة والشعب الاوكراني وقد يكون هو المتسبب لحرب عالمية ثالثة اذا اصر على الاندفاع بدخول حلف الناتو والتحول الى أداة في استراتيجية الولايات المتحدة للسيطرة على العالم تحت مظلة دول حلف الناتو وبناء القواعد العسكرية المتقدمة لتهديد امن روسيا مباشرة.
اللعبة الامريكية في غاية الوضوح ان الولايات المتحدة تستغل تلك الدول التي كانت في مدار حلف وارسو السابق والتي لليهود دورا سياسيا واقتصاديا او هم أصحاب قرار سياسي من خلال المؤسسات وبصفتهم وزراء او رؤساء لدول ورؤساء حكومات وهذا واضح جدا في دعوة رئيس أوكرانيا لليهود في العالم وفي دولة الاحتلال التطوع للقتال من اجل وطنهم الام وهذا يجد تعاطفا من اليهود؛ فيلق من اليهود للقتال في أوكرانيا؛ ولن يحدث في أوكرانيا فقط بل سوف يتكرر الوقف والوضع في أي دولة من دول الاتحاد وكانت موطنا لليهود من تشكيل فيالق للقتال مع الدول الام لليهود المهاجرين لفلسطين.
- هل اخطأ بوتين في حساب قوة المقاومة الأوكرانية وهل قلل من شان القوة الغربية أوروبا والولايات المتحدة؟
- لكن السؤال الاصح هل أخطأت الاستخبارات الامريكية واوروبا في معرفة نوايا الدب الروسي وخطورة الاقتراب من الحدود الروسية؟
يبدو ان التقديرات الامريكية والاستخبارات لم تصل للقرار الصحيح في تقدير الموقف الروسي والنوايا الروسية وعقدة بوتين وروسيا في الجغرافيا السياسية والتاريخ مع أوكرانيا والتنازل عن المجال الحيوي لروسيا التي تتهيأ الى العودة للصراع مع الولايات المتحدة لقيادة العالم او لتغيير نظام القطب الواحد الى القطبية المتعددة مع الصين وتغيير خارطة التحالفات الكونية.
الولايات المتحدة ليست بريئة في توسعها اتجاه الشرق على الحدود الروسية وهي تختبر ردة الفعل الروسية على حساب حكومة الدمية الأوكرانية التي عبرت عن غباء سياسي وجهل مطبق بأهمية الجغرافية السياسية للجار الروسي وللروابط التاريخية بين الشعبين؛ ما نتج عنه هذه الحرب الفظيعة بحق الشعب الاوكراني؛ الخطأ السياسي لمجموعة السياسيين اليهود التي تحكم أوكرانيا وطمع الولايات المتحدة وخطأ المعلومات نتج عنه خطأ تقدير موقف من الاستخبارات لردة فعل الروس على الاقتراب من حدودها ومحاصرتها.
روسيا تدرك ان الموقف الأوروبي والامريكي يعيبه الاختلاف في فهم المصالح والعلاقات مع روسيا وان للولايات المتحدة أطماع لا تشاركها به خاصة فرنسا وألمانيا اما بريطاني فهي ذيل للكلب الأمريكي تخدمها في كل تطلعاتها السياسية الاستعمارية في المنطقة وخاصة في الشرق.
لذلك تجد فرنسا في تقديرها للحرب انها ستستمر لفترة طويلة وسيكون لها عواقب وخيمة على أوروبا باسرها.
- لماذا تركز الدعاية الامريكية للاستخبارات على الحالة الذهنية لبوتين ومعرفتها؟
بعد ان أخطأت في تقديرها للموقف الروسي من التوسع الأمريكي عبر الجارة أوكرانيا لابد ان تعيد تقييم حالة بوتين الذهنية -وكأنها تعيد ذاكرة التاريخ الى حالة هتلر النازية التي قادت العالم الى حرب عالمية ثانية بكل كوارثها -لمعرفة درجة تأثيرها على اتخاذه القرارات مع هذه الازمة مع أوكرانيا.
جذور الصراع :
حتى نضع الموازين ونقرأ الموقف الروسي؛ من المهم جدا ان نعرف جذور الصراع بين الدولتين خاصة وان تداعياتها على العالم خطير جدا يخشى ان يتدحرج الى حرب كونية ثالثة فهي متعددة الابعاد.
ان روسيا ترى في أوكرانيا المجال الحيوي وانها جزء من روسيا وان الشعب اصله واحد وهي يعتبر لينين ارتكبا خطا فادحل لما سمح بتكون او الدفع بمنح أوكرانيا هوية ودولة مستقلة كشعب مستقل عن الشعب الروسي وانه منحها الأراضي السوفيتية لذلك وان روسيا مع اوكرانيا تشكل مجتمعة هوية المنطقة وانها النواه لإعادة بناء حلف ومحور شرقي يخدم فكرة روسيا العظمى التي يتطلع بوتين الذي يقع تحت سيطرة نزعة العظمة والتاريخ الى بناءها من جديد.
تخوفات روسيا مشروعة :
يجب ان لا نقع تحت تأثير الدعاية الامريكية التي تمنطق كل شيء بحسب مصالحها وتشرعنه وان كان على حساب الشعوب الضعيفة ما تمارسه الولايات المتحدة من دفاع عن أوكرانيا يذكرنا بما مارسته بحق العراق وأفغانستان والتشوه في الفكر الاستعماري ويطرح السؤال الجوهري هل يحق للغرب المستعمر والولايات المتحدة ما لا يحق لروسيا بشبهة الديمقراطية الغربية العنصرية والاستبداد الروسي وحكم الفرد.
ولقد عبر تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تخوف روسيا من التمدد الأمريكي بتجاه روسيا والسلاح الذي تنشره الولايات المتحدة على أراضي حلف الناتو وهذا ما يدفع روسيا الى عدم السماح بمنح أوكرانيا عضوية الناتو “روسيا لا تقبل بوجود الأسلحة النووية الأمريكية في أوروبا، ولقد حان الوقت لإعادتها إلى الوطن. وأضاف لافروف، إن روسيا تدعو الولايات المتحدة إلى الوفاء بالتزاماتها بعدم تعزيز الأمن على حساب الآخرين. وقال الوزير في مؤتمر حول نزع السلاح: “أدعو مرة أخرى الولايات المتحدة وحلفاءها وعملاءها إلى الوفاء بصرامة بالتزاماتهم الدولية بعدم تعزيز أمنهم على حساب شخص آخر“.
وأضاف تم تمديد المعاهدة الروسية الأمريكية بشأن الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية لمدة 5 سنوات دون أي شروط. بالاتفاق بين رئيسي روسيا والولايات المتحدة، بدأ حوار شامل حول الاستقرار الاستراتيجي. وتتمثل مهمتها الرئيسية في وضع الأسس للسيطرة المستقبلية على الأسلحة وإجراءات الحد من المخاطر. ونحن على استعداد للعمل معا على معادلة أمنية تأخذ في الاعتبار جميع عوامل الاستقرار الاستراتيجي في علاقاتها المتبادلة” مضيفا أن لروسيا أسئلة حول تأسيس حلف “أوكوس”، حيث يؤثر بشكل سلبي على نظام عدم الانتشار النووي، ويؤسس لسباق تسلح … ووفقا له سيرغي،” هذا من شأنه أن يساعد في تحسين الوضع العسكري والسياسي في المنطقة الأوروبية الأطلسية، وخلق شروط مسبقة للمضي قدما في حل مجموعة كاملة من المشاكل في مجال الحد من التسلح، بما في ذلك العمل المحتمل بشأن اتفاقات جديدة.وتابع الوزير قائلا: “إن روسيا مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة بشأن قضايا الاستقرار الاستراتيجي. بناء على مبادرتنا، في فبراير/شباط 2021 “.
مطالب روسيا :
لم تكن هذه المطالب متطرفة خاصة فيما يتعلق بعضوية أوكرانيا بحلف الناتو مقارنة بما مارسته أمريكا في ازمة كوبا مع الاتحاد السوفيتي بما عرف بأزمة الصواريخ واضاء كندي الضوء الأحمر إذا نصبت روسيا صواريخها على الأراضي الكوبية لأنها تشكل تهديدا وجوديا على الولايات المتحدة؛ لا يختلف الموقف ولا المطالب كثيرا روسيا تدافع عن نطاق مجالها الحيوي ويكفى ان تبقى أوكرانيا دولة حيادية بعيدة عن الصراعات والاستقطابات؛ انها كانت فقط بحاجة الى سياسيين حكماء وعقلاء لممارسة هذه السياسة للحفاظ على أوكرانيا بعيدة عن الصراعات العالمية بين روسيا وتطلعات أمريكا بالدنو من حدود روسيا.
زر الحرب الكونية بيد الولايات المتحدة وهذا يتوقف على النزعة التوسعية الامريكية باتجاه حدود روسيا والبند الاخر والمهم جدا ان تتقبل ضعفها في مسؤوليتها عن إدارة العالم بما يتوافق مع مصالحها ويشك خطرا امنيا على سلامة الدول الأخرى وان تقبل بالشراكة مع روسيا والصين في المدى المنظور والا سوف تصطدم بقوى عظمى ستستخدم كل الأوراق لحماية امنها ومصالحها في العالم.
الخلاصة :
يبدو لنا ان بوتين يمارس منطق القوة في مطالبه بعدما فشل بمطالبه عبر الدبلوماسية ورفضها من قبل الولايات المتحدة وان يطالب بوتين بمبدأ الأمن المتساوي وغير القابل للتجزئة يشمل الالتزام الوارد في العديد من الوثائق الدولية بعدم تعزيز أمن دولة على حساب أمن الدول الأخرى. حيث شدد الرئيس الروسي على أنه وفقاً للمادة 10 من معاهدة 1949 يمكن لحلف شمال الأطلسي دعوة دول أخرى إلى عضويته، لكنه ليس ملزماً على الإطلاق بقبولها، بيد أن كل تحذيرات الرئيس الروسي كانت عديمة الجدوى، رغم أنه حذر بإصرار من خطر تجاوز الغرب «للخطوط الحمراء.
زر مفتاح الحرب بيد الغرب والولايات المتحدة بالخصوص لكن لا استبعد ان ينجر العالم لحرب سوف يكون الخاسر في الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة اون الشرق الأوسط تتشكل فيه قوى إقليمية وتحالفات جديدة وحتى ان لم تحدث حرب عالمية ستكون نتائج للمواجهة بتراجع تحكم الولايات المتحدة بأدوات الحرب والسيطرة في المنطقة وسوف تتأثر دول بعينها من ذلك تلك الدول التي تدور في المحور الأمريكي.
وكشفت هذه الحرب والمواجهة بين روسيا والغرب على انها لا عقلانية في السياسة فهي تتقلب بحسب التقلبات والمتغيرات السياسية وان العقلانية ان مورست تكون عقلانية للبعض وللآخر غير عقلانية. وأكدت هذه الحرب الروسية الأوكرانية ان خطأ حسابات السياسيين تتحمله الشعوب .