حقوق الأقليات في القانون الدولي
اعداد : مروه محمد مهدي ابراهيم غز – إشراف: د. إبراهيم منشاوي – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
أولًا_ موضوع الدراسة:
ثمة حقيقة ثابتة وهي سمة التعدد والتنوع البشري، التي تحياها الشعوب والمجتمعات. ففي عدد من الدول والمناطق من العالم هناك جماعات بشرية مختلفة فيما بينها كل منها تحاول إثبات وجودها عن طريق الحفاظ علي موروثها التاريخي والعقائدي، وكذلك تسعي في محاولة لإثبات تمايزها عن باقي المجتمع. ويصطلح علي هذه الجماعات البشرية بالأقليات، وتطرح مشكلة الأقليات اليوم مشكلة علي المستوي الحضاري لأي كيان سياسي أو مجتمعي، وهو الأمر الذي عبر عنه الزعيم الهندي غاندي بقوله:” تُقاس حضارة الدول بطريق معاملتها للأقليات”[1]. حيث يتصدر موضوع الأقليات قائمة الدراسات والبحوث المتعلقة بالجماعات الأقلية وبالقضايا وثيقة الارتباط لتشعبها وحساسيتها وأهميتها، درجة أن هناك من يفترض أن دراسة الأقليات تلي في أهميتها دراسة الحروب حيث تندرج دراسة الأقليات في إطار الدراسات التي تهدف إلي تعزيز فرص السلم والأمن في العالم.
ولقد واجه المجتمع الدولي العديد من الصعوبات في وضع تعريف محدد لمصطلح الأقلية، ويرجع ذلك إلي عدة معطيات تتمثل بشكل أساسي في تعدد وتنوع المعايير المستخدمة لتعريف الأقلية، من المعيار العددي المرتبط بعدم السيطرة على مقاليد الحكم في الدولة ، والمعيار الموضوعي القائم على الاختلافات العقائدية أو اللغوية أو الثقافية، هذا بالإضافة إلي اختلاف وضع الأقليات من دولة لأخري، فهناك أقليات تعيش في وئام وانسجام تام مع الأغلبية، وتتسم بشعور الانتماء الجماعي، ولكن في المقابل توجد أقليات تعيش حالة من التهميش الاجتماعي، وتُضطهد بجميع أنواع الاضطهاد[2].
وتعتبر مسألة الأقليات من المسائل الحساسة في المجتمع الدولي وذات أهمية وطنية ودولية في نفس الوقت، إذ ترتبط معالجتها بعنصرين متناقضين، فمن جهة ترتبط معالجتها بالسيادة الوطنية للدولة التي توجد بها الأقليات، ومن جهة أخري ترتبط بتطبيق قواعد القانون الدولي في حماية حقوق هذه الأقليات وترقيتها مع التأكيد أن منح بعض الامتيازات للأقلية حتي تتساوي حقوقها مع الأغلبية لا يعتبر انتهاكًا لقواعد القانون الدولي[3].
لقد اجتهد القانون الدولي منذ زمن لإيجاد آليات حماية حقوق الأقليات في مرحلتي القانون الدولي التقليدي والمعاصر. وكانت أولي التطبيقات لحماية الأقليات منذ معاهدة وستفاليا 1648 لإقرار حقوق الأقليات، أو الحقوق الدينية للبروتستانت في ألمانيا، مرورًا بالعديد من الاتفاقيات وأولها مؤتمر فيينا 1815 الذي يعتبر النواة الأولي للاعتراف بحقوق الأقليات خاصة القومية منها. وقد تم تكريس نظام حقوق الأقليات لاحقًا في المواثيق والمعاهدات الدولية، التي اعترفت بأشكال من حقوق الأقليات. وتمثلت أولي المحاولات الهامة للوقوف علي حقوق الأقليات المعترف بها دوليًا من خلال عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأقليات والمبرمة تحت رعاية عصبة الأمم، ومع إنشاء الأمم المتحدة تحول الاهتمام في بادئ الأمر إلي حقوق الإنسان العالمية وإنهاء الاستعمار، غير أن الامم المتحدة قامت تدريجيًا بوضع عدد من القواعد والإجراءات والآليات المعنية بقضايا الأقليات، فلم يرد ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 أية مواد تتعلق بحقوق الأقليات وضمانها، ولكن يمثل إعلان الأمم المتحدة لعام 1992 بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو إثنية وإلي أقليات دينية ولغوية الصك الأساسي الذي يواجه أنشطة الأمم المتحدة في هذا المجال اليوم[4]. وقد وضعت الاتفاقيات مجموعة من الحقوق العامة والخاصة للأقليات، فمسألة الأقليات ارتبطت بمسائل حقوق الإنسان.
غير أن وجود النصوص التي توضح حقوق الأقليات، فإنها لا تعد ضمانة كافية لتمتع الأفراد المنتمين لأقليات بحقوقهم، بل لابد من وجود الضمانات والوسائل التي تضمن احترام هذه النصوص ووضعها موضع التنفيذ.
لذا حاولنا من خلال هذه الدراسة أن نسلط الضوء على مفهوم الأقليات، وكذلك الاتفاقيات الدولية المختلفة التي تكفل حقوقها من خلال جملة من الآليات والمساعي، التي إذا أردنا تقييمها وإسقاطها على الواقع لوجدنا أنها لا تكف اليد، ولا ترد الضرر الذي يطال الأقليات المختلفة في شتى بقاع العالم.
ثانيًا_ المشكلة البحثية:
توجد لدي جميع الدول تقريبًا مجموعة أو أكثر من الأقليات التي تعيش داخل أراضيها الوطنية، والتي تتسم بهوية إثنية أو لغوية أو دينية أو عرقية تختلف عن هوية غالبية السكان، وانسجام العلاقات بين الأقليات الأغلبية، وكذلك احترام كل مجموعة لهوية الأخرى تمثل العناصر الأساسية في بناء الديمقراطية. وتحقيق تطلعات الأقليات وكفالة حقوقهم يمثلان إقرار بكرامة ومساواة جميع الأفراد، ويعززان التنمية القائمة علي أساس المشاركة ويسهمان في الحد من التوترات داخل الدول وفيما بينها[5].
تعتبر قضايا الأقليات بدءًا من تعريف هذا المصطلح، ومروراً بإقرار حقوق أفرادها، ووصولاً إلي إيجاد آليات حماية لهذه الحقوق وتطبيقها، من قضايا حقوق الإنسان الأساسية والهامة الشائكة التي يسعي المجتمع الدولي لمعالجتها منذ عقود طويلة. وعليه تتمثل المشكلة البحثية في : كيف تطور وضع الأقليات في القانون الدولي؟ وما هي الحقوق الناشئة عن هذا الوضع؟
وحتي يتسنى لنا التحكم في مختلف جوانب الموضوع، ارتأينا تجزئة الاشكالية الرئيسية إلي مجموعة من الأسئلة الفرعية، علي النحو التالي:
- 1-ما المقصود بالأقليات؟ وماهي معايير تصنيفها وأنواعها؟
- 2- ما المشكلات التي تواجهها الأقليات المختلفة؟
- 3- فيما تتمثل إجراءات أو آليات حماية الأقليات في القانون الدولي ؟
- 4- ما هي حقوق الأقليات في القانون الدولي الناشئة عن تلك الآليات؟
- 5-ما هي ضمانات حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي؟
- 6-ما مدي فعالية هذه الآليات في ضمان حقوق الأقليات المختلفة؟
ثالثًا_ أهمية الدراسة:
وجدير بالذكر أن لدراسة موضوع حقوق الأقليات في القانون الدولي أهمية بالغة، وترجع هذه الأهمية إلي اعتبارات بعضها ذات طبيعة نظرية وبعضها الآخر ذات طبيعة عملية.
ويمكن إجمال الاعتبارات ذات الطبيعة النظرية في أن هذه الدراسة تسعي إلي بحث حقوق الأقليات في القانون الدولي. وتعد حقوق الأقليات من مجالات حقوق الانسان الأكثر أهمية، فهي من الموضوعات التي تكتسي طبيعة إنسانية كبيرة إضافة إلي طبيعتها القانونية والسياسية. فكيف لوجود أهمية كبيرة لموضوع الأقليات أن يثير الكثير من الإشكالات والنقاشات حوله بعدم وجود تعريف متفق عليه دوليًا للمجموعات السكانية التي تشكل أقليات؟ تأمل هذه الدراسة في إزالة افتقار القانون الدولي لمصطلح متفق عليه للأقليات. ومن ناحية أخري بروز مدي ارتباط الأقليات بالقانون الدولي فهناك أنواع مختلفة من الأقليات موجودين في مختلف أنحاء العالم، والشيء المشترك بينهم هو أنهم غالبًا ما يواجهون التمييز العنصري والتهميش والاستبعاد، وبالتالي التعرف علي موضوع مطالبة الأقليات للحصول علي حقوقها استنادًا إلي مختلف الوثائق الدولية سواء في المعاهدات العامة المتعلقة بحقوق الإنسان، أو في عهد عصبة الأمم وميثاق الأمم المتحدة أو الإعلانات الخاصة بالأقليات، أيضًا معرفة الآليات المتاحة لضمان حماية ومراقبة حقوق الأقليات.
وتتحدد الاعتبارات العملية لهذه الدراسة في أنه كثيرًا ما يتبادر إلي الذهن حال سماع مصطلح الأقليات أن مسألة الأقليات ثانوية، ولا تتعلق إلا بمصير جزء صغير من سكان الدولة، ولكن يؤكد الواقع أن هذه المشكلة تخص الدولة والنظام العالمي أيضًا. غير أن خصوصية حقوق الأقليات دفعت بالمجتمع الدولي إلي تبني اتفاقيات وإعلانات دولية تعني بهذه الفئة. ويمكن القول أن احترام حقوق الأقليات يؤدي إلي استقرار الدول داخليًا، ودعم واستقرار الأمن والسلم الدوليين.
فتأتي اهمية دراسة حماية القانون الدولي لحقوق الأقليات من ضرورة العمل علي تحليل الواقع الدولي الذي رافق حماية الأقليات منذ نشوء البشرية حتي الآن. وإظهار الظروف الجديدة التي رافقت تطور آليات حماية الأقليات في القانون الدولي.
رابعًا_ أهداف الدراسة:
تسعي الدراسة إلي تحقيق مجموعة من الأهداف:
- 1- محاولة إعطاء تعريف للأقليات، والمعايير التي تستند إليها في التعريف.
- 2-معرفة أنواع الأقليات من مختلف أصنافها.
- 3-متابعة تطور موضوع الأقليات والمشكلات التي تواجهها.
- 4- التعرف علي إجراءات أو آليات حماية الأقليات في القانون الدولي.
- 6- معرفة حقوق الأقليات في القانون الدولي الناشئة عن تلك الآليات، والضمانات الدولية لحمايتها.
- 7- تقييم فعالية هذه الاجراءات والآليات في ضمان حقوق الأقليات المختلفة.
خامسًا_ مراجعة الأدبيات السابقة:
أدت الأهمية المحورية لحقوق الأقليات في القانون الدولي إلي حدوث تراكم ملحوظ في تناول الأدبيات التي تناولت هذا الموضوع من مختلف جوانبه، وذلك منذ لحظة دخولها إعلان الأمم المتحدة لعام 1992 بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو إثنية وإلي أقليات دينية ولغوية. وتكشف هذه الأدبيات عن وجود تطور كبير في حقوق الأقليات في القانون الدولي.
ويمكن تقسيم الأدبيات المتعلقة بحقوق الاقليات إلي محورين رئيسيين: يتعلق المحور الأول منها بالدراسات التي تناولت الأساس الفقهي والقانوني للأقليات، والمحور الثاني يتناول حقوق الأقليات في القانون الدولي.
1-المحور الأول: الدراسات التي تناولت الأساس الفقهي والقانوني للأقليات:
تكشف مراجعة أدبيات هذا الاتجاه عن أن الأساس الفقهي والقانوني للأقليات قد تطور من خلال كتابات الفقه الدولي، والمواثيق والإعلانات الدولية. لذلك يمكن التمييز بين اتجاهين رئيسيين من الدراسات داخل هذا المحور.
(الأول) ركزت فيه بعض الدراسات علي أن مصطلح الأقلية يشير إلي مجموعة أقل عددًا من باقي سكان الدولة، والتي يملك أعضاؤها مميزات من الناحية العرقية، اللغوية، والدينية تختلف عن خصوصيات باقي السكان[6]. وذهبت دراسة أخري إلي أنها جماعة من الناس تختلف عن بقية أفراد المجتمع، نتيجة خصائص ثقافية أو عقوبة، تعيش في مجتمعها في ظل معاملة غير متساوية مع باقي أفراد المجتمع، ومن ثم تري هذه الجماعة نفسها عرضة للتفرقة[7].
ويتضح لنا من هذه الآراء الفقهية تركيزها علي المعيار الموضوعي حيث تم ذكر خصائصها مع عدم الاشارة إلي أوضاعها.
بينما ذهبت دراسة أخري إلي أن الأقلية مجموعة مواطنين دولة تمثل أقلية عددية في وضعية غير مسيطرة داخل تلك الدولة متضامنين فيما بينهم، تدفعهم ولو ضمنيًا إرادة مشتركة للبقاء، ويهدفون إلي تحقيق مساواة فعلية وقانونية مع الأغلبية[8]. ونجد أن تلك الدراسة حاولت الجمع بين عدة معايير الموضوعي والعددي والذاتي، وهو الشعور بالتضامن مع ذكر الخصائص التي تتمتع بها، والتي تميزها عن غيرها، ومطالبها التي تسعي إلي تحقيقها.
وترجع صعوبة التوصل إلي تعريف واضح للأقليات إلي العديد من الأسباب نذكر منها الطابع المتغير للأقليات، ولا يوجد استقرار لحال الأقليات علي وضعية واحدة، وكذلك التباين في أوضاعها من دولة لآخري وذلك لأسباب جغرافية واقتصادية وسياسية واجتماعية.
(الثاني) يتعلق بالدراسات التي تناولت مصطلح الأقليات في العديد من الإعلانات المواثيق الدولية، فقد تناولت دراسة إعلان فيينا في محاولة لتعريف لأقلية علي أنها مجموعة صارت أقليات داخل حدود الدولة نتيجة الأحداث التاريخية التي وقعت ضد إرادتها، والعلاقة بين مثل هذه الاقلية والدولة علاقة مستديمة، وأفرادها مواطنين في هذه الدولة.
وتليه بعد ذلك العديد من الإعلانات علي أنه لا يجوز إنكار حق الأشخاص الذين ينتمون إلي أقليات دينية، وعنصرية، ولغوية في دولة ما الاشتراك مع الأعضاء الآخرين من في المجتمع ثقافتهم، أو الإعلان عن ديانتهم، أو إتباع تعاليهم، أو استعمال لغتهم[9].
وقد نستنتج أن تلك الدراسة قد عرفت الأقلية ضمنيًا علي أنها مجموعة من الأشخاص يشتركون في بعض المتغيرات من الدين، والثقافة، واللغة، ويعيشون ضمن جماعة لا تشترك معهم في هذه الحقائق.
بينما تناولت دراسة أخري الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي عرف الأقليات بأنها جماعات من الأشخاص يشتركون في ديانة أو يتكلمون بلغة أو ينسبون لقومية أو من رعايا دولة معينة اكتسبوا جنسية الدولة، وهؤلاء يشكلون نسبة قليلة مقياسًا لمجموع الشعب[10].
وخلصت أدبيات هذا المحور إلي وجود اهتمام متصاعد بموضوع الأقليات علي الصعيد الدولي، تكشف عنه الممارسة الاتفاقية والاعلانات والمواثيق الدولية، ومع ذلك تبقي هناك مشكلات حقيقية تواجه تعريف الأقليات تتخلص في عدم التحديد والوضوح. وتسعي الدراسة الحالية إلي الاستفادة من هذه الأدبيات الوفيرة في محاولة الوصول إلي تعريف واضح وشامل للأقليات.
المحور الثاني: الدراسات التي تدور حول حقوق الأقليات في القانون الدولي:
يوفر القانون الدولي حقوقًا للأقليات، حيث يتيح لهم التمتع بمجموعة من الحقوق التي تكفل حمايتهم من تعسف الأغلبية المسيطرة، ويمكن التمييز بين اتجاهين فيما يتعلق بحقوق الأقليات. يتعلق الاتجاه الأول بالدراسات التي تناولت الحقوق الخاصة، ويرتبط الاتجاه الثاني بالدراسات التي تناولت الحقوق العامة.
(الاتجاه الأول) حاولت بعض الدراسات في هذا الاتجاه التركيز علي الحقوق الخاصة للأقليات. فهذا النوع من الحقوق يهدف إلي الحفاظ علي وجود هوية للأقلية وصفاتها الجماعية . ومن هذه الدراسات دراسة مني يوخنا ياقو حيث تناولت العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي تم اعتماده في عام 1966، إذ يكفل حق تقرير المصير للأقليات، وعدم حرمان الأقليات من حق التمتع بثقافتهم الخاصة والمجاهرة بدينهم، وإقامة شعائرهم، أو استخدام لغتهم الخاصة[11]. وتناولت دراسة أخري لمحمد فائق الإعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو إثنية وإلي أقليات دينية التي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر عام 1992، حيث يعتبر التشريع الوحيد علي المستوي الدولي الذي يتناول بصفة حصرية حقوق الأقليات، ويمتاز بفرضه التزامات علي عاتق الدول من أجل ضمان حقوق الأقليات، والاعتراف بالهوية الجمعية للأقليات وليس فقط الحقوق الفردية للأشخاص المنتمين إليها[12].
(الاتجاه الثاني) ركزت دراسات هذا الاتجاه علي الحقوق العامة للأقليات. وهذا النوع من الحقوق يتمتع به جميع البشر، وهي جميع الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان علي غرار الحق في الحياة ، وحرية التعبير، والحق في العمل والصحة، والحق في تكوين الجمعيات وتشكيل الأحزاب… الخ[13]. وذلك مثل دراسة محمد شريف بسيوني، حيث يوضح أن معظم مواثيق الأمم المتحدة تضمن حماية غير مباشرة للأقليات، أي أنه في كثير من النصوص والتشريعات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان لا تشير إلي الأقليات نفسها، مثل الإعلان العالمي لحقوق الانسان، فالعديد من بنوده أشارت إلي حقوق الإنسان بصفة عامة دون الإشارة بصورة صريحة لحقوق الأقليات[14].
يتضح –إذن- من خلال عرض أدبيات هذا الاتجاه أن الأقليات تتمتع بجميع حقوق الإنسان التي نصت عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الانسان، وتتمتع أيضًا بحقوق خاصة تهدف إلي الحفاظ علي وجودهم وهويتهم، بما يضمن لهم ممارسة فعلية لحقوقهم. لكن بالرغم من ضمان القانون الدولي للأقليات حقوقهم إلا أن الكثير من هذه الأقليات لا تزال تحت سيطرة الأغلبية محرومة من حقوقها، وتتعرض للانتهاكات.
الخلاصة، هناك زحم واضح ف الأدبيات التي تناولت مفهوم الأقليات، هذا الزخم يرجع إلي الاهتمام الكبير بالمفهوم في الفقه، والقانون. وكذلك اهتمام القانون الدولي بحقوق الأقليات، وهو ما تسعي الدراسة للاستفادة منه في الكشف عن حقوق الأقليات في القانون الدولي. لما لها من أهمية بالغة في النظام الدولي.
سادسًا_ منهجية الدراسة:
تقتضي دراسة موضوع حقوق الأقليات في القانون الدولي، باعتبارها دراسة تنصب علي الوضع القانوني لحقوق الأقليات، اتباع الاقتراب القانوني. ويقوم الاقتراب القانوني علي دراسة الأحكام القانونية والنصوص ذات الصلة وتحليلها. وتتمثل المصادر المرتبطة بموضوع الدراسة والتي يمكن الرجوع إليها عند تطبيق المدخل القانوني في:
- المصادر الاتفاقية ونعني بها معاهدة السلام مع إيطاليا 1947، وحماية الأقليات في اتفاقيات السلام 1947، والاتفاقيات الدولية لمنع جريمة إبادة الجنس البشري والعقاب عليها 1948، الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948، الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الانسان 1950، والاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري 1965، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، ومشروع الميثاق العربي لحقوق الانسان 1979، والميثاق الإفريقي لحقوق الانسان والشعوب 1981، وإعلان الأمم المتحدة لعام 1992 بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو إثنية وإلي أقليات دينية ولغوية.
- الممارسة الدولية ذات الصلة بحماية حقوق الأقليات مثل: الاتفاقية بين النمسا وإيطاليا التي أُبرمت في باريس 1946، والاتفاقية التي أُبرمت بين الباكستان والهند بنيودلهي 1950.
- الأحكام المتعلقة بالقضاء الخاصة بحماية حقوق الأقليات حيث تنص معظم الاتفاقيات والنصوص الدولية والإقليمية علي إلزام الدول كفالة لجوء الأقليات أمام القضاء الوطني المختص، واستنفاد كافة أوجه الطعن الداخلية في حالة انتهاك حقوقهم.
سابعًا_ تقسيم الدراسة:
تنقسم الدراسة إلي فصل تمهيدي وبابين. يأتي الفصل التمهيدي تحت عنوان ” تعريف وتصنيف الأقليات”، ويقع في ثلاثة مباحث: الأول يبحث في تعريف وتصنيف الأقليات. أما المبحث الثاني، فيتناول معايير تصنيف الأقليات مثل المعيار العددي، والمعيار الموضوعي، والمعيار الذاتي. وعلي أساس تلك المعايير، تم تناول أنواع الأقليات المختلفة منها أقليات لغوية، وأقليات دينية، وأقليات قومية وأخري عرقية وسلالية، ولكل نوع من هذه الأنواع مميزات وخصائص تتعلق بها. وأخيرًا، المبحث الثالث، فيتناول تمييز مفهوم الأقليات عن غيره من المفاهيم، مثل: تمييز الأقليات عن اللاجئين، تمييز الأقليات عن المهاجرين، تمييز الأقليات عن الأجانب.
أما الباب الأول فهو بعنوان” حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي”، ويشتمل علي فصلين رئيسيين: الفصل الأول، قد خصصناه لبيان تطور موضوع الأقليات. وتناول الفصل الثاني آليات أو إجراءات حماية الأقليات في القانون الدولي.
بينما يتناول الباب الثاني” الحقوق الناشئة عن تطور وضع الأقليات في القانون الدولي” في فصلين. يدور الفصل الأول حول توضيح الحقوق والالتزامات الناشئة عن تطور وضع الأقليات في القانون الدولي. وأخيرًا، يرتبط الفصل الثاني بضمانات حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي.
وأخيرًا خاتمة نتناول فيها أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، بالإضافة التي التوصيات.
الفصل التمهيدي
تعريف وتصنيف الأقليات
غالبًا ما تنشأ النزاعات الداخلية والمشاكل العملية المتعلقة بالأقليات بسبب مشكلة قانونية أو نظرة بحتة. فقد يكون مجرد تعريف رسمي لهذه الفئة الاجتماعية هو مفتاح السلام المنشود أو فتيل الحرب الموقود، فمصطلح مثل الأقلية يبدو بسيط لكنه في حقيقته صعب التحديد ولتعريفه أهمية بالغة؛ بسبب النتائج المترتبة علي ذلك.
نظرًا لعدم تعريف محدد للأقليات في القانون الدولي؛ بسبب حداثة عرض المسألة مؤخراً على الساحة الدولية رغم جذورها التاريخية، والطبيعة المعقدة والمتشابكة لقضية الأقليات وحقوقها وحدود هذه الحقوق، فقد اختلف الفقه الدولي فيما يتعلق بوضع تعريف شامل للأقليات في القانون الدولي، كل حسب رؤيته وأهدافه واتجاهه ، ذاتياً أو موضوعياً. ففي الغالب يطرح موضوع الأقلية على أنها مسألة واقعية يجب أن يشمل تعريفها عوامل موضوعية (مثل اللغة، والعرق، والدين)، وعوامل ذاتية (مثل شعور أو اعتراف الأفراد بالانتماء إلى أقلية). حيث تعترف بعض الدول بصورة فردية ببعض من المجموعات علي أنها أقليات بناء علي وجود خصائص معينة، دينية أو لغوية أو عرقية وغيرها[15].
لذلك سنحاول تناول التعريفات التي قدمت لمفهوم الأقلية، ثم نقوم بتفصيل العناصر وتحديد المعايير التي تعتمد عليها كل هذه التعريفات، وكذلك تصنيف تلك الأقليات.
لمبحث الأول:
تحديد مفهوم الأقليات
يعتبر مصطلح الأقليات من أكثر المصطلحات غموضًا وإثارة للجدل بين فقهاء القانون الدولي، حيث تناولت العديد من الدراسات والبحوث مفهوم الأقلية في العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية إلا إنها لم تحدد بدقة ما المقصود به، وعليه سنعالج تعريف الأقليات.
أولًا- من الناحية اللغوية:
الأقلية من الناحية اللغوية بفتح القاف، وتشديد اللام المكسور، والياء المفتوحة هي من القلة وهي ضد الكثرة[16].
حيث قال تعالي:” وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”[17].
ثانيًا- من الناحية الفقهية:
يثير مصطلح الأقلية جدلًا واختلاف كبيرًا بين الباحثين والدارسين، مما يجعل من الصعب التوصل إلي تحديد تعريف دقيق له، حيث لا يوجد تعريف شامل للأقلية يحظى بالقبول عمومًا. ونجد أن بعض الدارسين عبر عن هذه الصعوبة مثل: بلاسرو الذي ذكر أن كلمة الأقليات تعد من بين الكلمات الحقائب؛ نظرًا لأهميتها علي نطاق واسع، حتي أنه في أوساط الجامعة تختلف تعريفات الباحثين للأقليات كثيرًا في مضامينها ومعانيها[18].
حيث عرف بعض الفقهاء مصطلح الأقلية داخل الدولة بأنها جماعة تختلف عن الأغلبية من حيث اللغة، العقيدة، الجنس[19].
بينما يعرفها الآخرين علي أنها جماعة من الناس تختلف عن بقية أفراد المجتمع بطريقة ما، نتيجة خصائص عقوبة أو ثقافية، تعيش في مجتمعها في ظل عدم المساواة في المعاملة مع باقي أفراد المجتمع، ومن ثم تري هذه الجماعة نفسها عرضة للتفرقة. يتضح لنا من تلك الآراء الفقهية تركيزها علي المعيار الموضوعي حيث تم ذكر خصائص وعناصر الأقليات التي تتميز بها عن غيرها، دون الإشارة إلي وضعهم أو حتي أهدافها في نفس المجتمع. وعلي نفس السياق ذهب المفكر سعد الدين إبراهيم في تعريفه لمصطلح الأقلية علي أنها مجموعة بشرية تختلف عن الأغلبية في واحد أو أكثر من الخصائص التالية: اللغة أو الثقافة أو السلالة أو الدين[20].
أما الفقيه جيل ديشان فقد عرف الأقلية قائلًا أن : مجموعة مواطنين دولة تمثل أقلية عددية في وضعية غير مسيطرة داخل تلك الدول، تتمتع هذه المجموعة بخصائص دينية أو لغوية أو عرقية يتضامنون مع بعضهم البعض، وذلك لتحقيق المساواة الفعلية والقانونية مع الأغلبية، تدفعهم ولو ضمنيًا إرادة مشتركة للبقاء[21].
وبالنظر إلي التعريف المقدم من جانب جيل ديشان فإننا نجده أنه حاول الجمع بين عدة معايير منها العددي والموضوعي والذاتي، وذلك هو الشعور بالتضامن مع ذكره للخصائص التي تتمتع بها الأقليات التي تميزها عن غيرها، ومطالبها التي تسعي إلي تحقيقها.
كما أشار الفقه القانوني وبعض الكتاب المتخصصين إلى تعريفات مختلفة للأقليات. فقد عرفها البعض بأنها جماعات من الناس متحدين فيما بينهم في دين أو عرق أو لغة أو ثقافة معينة، تختلف عن بقية سكان الدولة التي يقيمون فيها[22]، في حين أشار آخرون إلى أن الأقلية هي مجموعة من الأفراد داخل الدولة تختلف عن الأغلبية من حيث الجنس أو اللغة أو العقيدة. لذلك، فإن اعتبار شخص من الأقلية هو مسألة واقع حيث يرجع فيه إلى العناصر الموضوعية[23] .أو إنها مجموعة من الناس انفصلوا عن بقية أفراد المجتمع بصورة ما، نتيجة خصائص ثقافية أو عضوية، وتعيش في مجتمعها في ظل معاملة مختلفة غير متساوية مع بقية أفراد المجتمع، ومن ثم تجد هذه الجماعات نفسها عرضة للتفرقة[24].
وكما عرفها آخرون كجماعة غير مهيمنة من مواطني الدولة أقل عددًا من بقية السكان المرتبطين ببعضهم البعض من خلال روابط عرقية أو دينية أو لغوية أو ثقافية تميزهم بوضوح عن بقية السكان، ويتضامن أفراد هذه الجماعة فيما بينهم للحفاظ على هذه الخصائص وتنميتها[25]. أو أن مفهوم الأقلية يشير إلى كيان بشرى يشعر أفراده بوحدة الانتماء لاشتراكهم الجماعي في امتلاك خاصية أو خصائص لا يتقاسمونها مع جماعات أخرى أو مع الأغلبية في المجتمع[26]. في حين يراها آخرون على أنها مجموعة من الأفراد متميزة عن بقية الشعب المهيمن بعامل معين يجمع بينهم مثل اللغة أو الجنس… ، ويتمتعون وفقًا لقواعد القانون الدولي المعاصر بنفس الحقوق وتحمل نفس الالتزامات التي يتمتع بها باقي الشعب أو يتحملون بها”. أو هي جماعة تشترك في واحد أو أكثر من المقومات الثقافية أو الطبيعية أو في عدد من المصالح المكرسة في التنظيمات والأنماط الخاصة للتفاعل، وتولد الوعي بين أفرادها، وتمايزهم في مواجهة الآخرين، نتيجة التمييز السياسي و الاجتماعي والاقتصادي ضدهم تأكيدًا لتضامنهم ودعمهم”[27].
وترجع صعوبة التوصل إلي تعريف واضح للأقليات إلي العديد من الأسباب نذكر منها الآتي:
1- الطابع المتغير للأقليات حيث لا يوجد استقرار لحال الأقليات علي صيغة واحدة، كما تتباين في أوضاعها من دولة لأخري. وذلك، لأسباب تاريخية وجغرافية وسياسية واجتماعية وحتي اقتصادية .
2- حساسية مصطلح الأقلية بالنسبة للدول، ويظهر ذلك جليًا عند طرح مسألة حقوق الاقليات، فاعتراف الدولة بالأقليات ومنحها هذه التسمية من شأنه أن يعزز (مبدأ حقوق الأقليات وحماتيها).
3-وجود اختلاف في تحديد طبيعة مسألة الأقليات، فالبعض يعتبرها مسألة طبيعية تتواجد في العديد من دول العالم، في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية تختلف عن أوضاع الأغلبية سواء بالإيجاب أو بالسلب، والبعض الآخر يرونها مسألة غير طبيعية؛ نظرًا لتلك المطالب غير الاعتيادية بالنسبة للدول التي تتعارض مع أمتها الوطنية[28].
ثالثًا- من الناحية القانونية:
ومن أجل بيان تعريف الأقلية القانوني، ندرج الوثائق والصكوك الدولية التي عرفت الأقليات كما يأتي:
وفي إطار الجهود الدولية، أشارت معاهدة السلام التي تلت الحرب العالمية الأولي 1919 إلي ان المقصود بالأقليات هي الجماعات المختلفة من حيث الجنس، الدين، اللغة، القومية. وأن المقصود بالحماية هو الحفاظ علي هوية وكيان ووجود كل من هذه الأقليات. وبناء علي طلب عصبة الأمم بشان تبادل الهجرة بين اليونان وبلغاريا قامت محكمة العدل الدولية في 31 يوليو 1930 بتحديد المقصود بالأقليات في رأيها الاستشاري بأنها: مجموعة من الأشخاص المقيمين في منطقة أو إقليم معين، ولهم أصل عرقي أو لغة أو ديانة أو عادات وتقاليد خاصة بهم، ولديهم إحساس وشعور بالتضامن والترابط من أجل حماية صفاتهم الخاصة، والرغبة في المحافظة علي عقيدتهم وتقاليدهم وضمان تنشئة وتربية أطفالهم وفقًا لتقاليدهم وأصلهم العرقي، والعمل بينهم من أجل مساندتهم لبعضهم البعض[29].
أما فيما يتعلق بمساهمات الأمم المتحدة، فقد أشار أمينها العام في عام 1949 إلي الصعوبات العملية التي تحيط بوضع تعريف شامل وعام للأقليات، مؤكدًا في الوقت نفسه على أن المصطلح غالبًا ما يشير إلى فئات ذات خصائص عرقية أو لغوية أو ثقافية أو دينية أو قومية، لديها إحساس بأنها تشكل مجموعة مختلفة عن العنصر السائد في الدولة[30]. وقد أوصت اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات، التي شكلتها لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في دورتها الأولى المعقودة في عام 1947 في كل دورة من الدورات المعقودة في الأعوام 1950، 1951، 1952 بضرورة اعتماد لجنة حقوق الإنسان مشروع قرار يتعلق بتحديد ماهية الأقليات، بهدف تحديد إجراءات حماية هذه الفئات. وقد تبنت اللجنة مشروع قرار تضمن عدة عناصر ينبغي أخذها في الاعتبار عند تعريف الأقليات، وهي:
1- يشمل مصطلح الأقلية فقط تلك المجموعات غير المهيمنة ضمن مجموع السكان، والتي تمتلك تقاليد أو خصائص معينة وترغب هذه المجموعات في الحفاظ على تقاليدها أو خصائصها الإثنية أو الدينية أو اللغوية المختلفة بشكل ملحوظ عن بقية السكان.
2- إذا كانت كلمة أقلية تشير إلي الجماعات الأقل عددًا عن أغلب السكان فمن الأفضل أن تتكون هذه الجماعات من أعداد كبيرة نسبيًا حتي تستطيع الحفاظ علي خصائصها المتميزة.
وفي مواجهة النقد الموجه لهذا التقرير، قررت اللجنة الفرعية أن الأقليات لا تعني سوي: الجماعات غير المهيمنة من السكان، التي لها تقاليد أو خصائص إثنية أو دينية أو لغوية ثابتة، وتختلف بوضوح عن بقية السكان، برغبة هذه الجماعات بالمحافظة على تقاليدها وخصائصها الخاصة. وفي محاولة أخرى انتهي فرانسيسكو كابوكورتي استنادًا إلى تكليف اللجنة في عام 1977 إلي أن الأقلية هي جماعة أقل عددًا من بقية سكان الدولة في وضع غير مسيطر، وأن أفرادها كرعايا في هذه الدولة يتمتعون بخصائص إثنية أو دينية أو لغوية تختلف عن خصائص بقية السكان، ويظهر إحساسًا بالترابط فيما بينهم ولو بطريقة ضمنية، من أجل الحفاظ على ثقافتهم وتقاليدهم أو دينهم أو لغتهم. بينما تقدم السيد أسبورن أيدن، الذي كُلف هو الآخر من قبل اللجنة، بتقرير عام 1991 الذي أكد صعوبة الوصول إلى تعريف عام يحظى باتفاق الجميع[31].
كما قدمت بعض الموسوعات العربية والأجنبية تعريفات متعددة للأقليات، ومن هذه الموسوعات: الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية التي أوضحت أن الأقلية هي جماعة من الأفراد الذين يتميزون عن بقية أفراد المجتمع، عرقيًا أو دينيًا أو لغويًا أو قوميًا، وهم يعانون من نقص نسبي في القوة، ومن ثم يتعرضون لبعض أنواع العبودية والاضطهاد والمعاملة التمييزية[32]. في حين عرفت الموسوعة الأمريكية الأقليات بأنها الجماعات التي لها وضع اجتماعي داخل المجتمع أقل من وضع المجموعات المهيمنة في المجتمع نفسه، وتمتلك درجة من السلطة والنفوذ، وتمارس حقوقًا أقل مقارنة بالمجموعات المهيمنة في المجتمع، وأفراد الأقليات غالبًا ما يحرمون من التمتع الكافي بامتيازات المواطنين من الدرجة الأولى[33]. وفي الموسوعة العربية الدولية، يتم تعريف الأقليات على أنها مجموعات بشرية ذات خصائص تختلف عن تلك الموجودة في مجتمع الأغلبية، ولكل أقلية خصائص قومية أو اثنية أو دينية مشتركة بين أفرادها[34].
وفي ضوء هذه النماذج الطفيفة من التعريفات المقدمة للأقليات والتي تبين مدى تشعب مواقف الأقليات من النواحي القانونية والفقهية والذاتية والموضوعية، يقترح الباحث التعريف التالي كإطار عام لموضوع الأقليات: “هي جماعة من المواطنين لديها عنصر أو أكثر من المقومات العرقية أو اللغوية أو الثقافية أو الدينية أو القومية، في مواجهة الأغلبية في مجتمع معين، ما يولد لديها شعور بالخصوصية والتمايز والتضامن، والرغبة في تحقيق ذاتها حسب طبيعة علاقتها مع الأغلبية، وفرصها المتاحة للمشاركة في الثروة والسلطة، أو الصعود بسقف مطالبها إلى أقصى الحدود”.
المبحث الثاني:
معايير تصنيف الأقليات وأنواعها
في ضوء التعريفات المتعددة المعطاة للأقليات، والتي تعكس تعددًا في الزوايا التي ينظر من خلالها إلي مضمون الأقليات، والتطورات والاختلافات والاجتهادات التي شهدها موضوع الأقليات، وطبيعته المتغيرة والصراعات والتعقيدات التي رافقته، فقد اختلف الفقه الدولي كذلك بخصوص معايير تصنفيها وبالتالي أنواعها وطبيعة وحدود الحقوق التي تعطي للأقليات في ضوء هذه المعايير.
ونظرًا لتعدد المعايير بتعدد التعريفات والزوايا التي ينظر من خلالها إلي موضوع الأقليات، فسنحاول تصنيف الأقليات إلي عدة معايير منها:
أولًا- المعيار العددي أو المادي: بالرغم من عدم الاتفاق حول نصاب عددي محدد لمنح صفة الأقليات، فقد اعتبر بعض الباحثين معيار العدد هو أساس في تحديد وضع الجماعة داخل إطار الدولة، وإن كان هناك تضليل كبير حول إمكانية الوصول إلي العدد الحقيقي للأقلية، فيركز أصحاب هذا المعيار علي أنه من أجل اعتبار جماعة ما أقلية، فإن ذلك يتحدد بناءً علي نسبة الكم البشري لهذه الجماعة مقارنة بالكم البشري للأغلبية أو باقي المجتمع. بمعني أن الأقلية تكون أقل عددًا مقارنة بباقي السكان الذين يشكلون الأغلبية بين أفراد المجتمع، ومن ناحية أخري تعيش تلك الأقلية العددية وسط أغلبية تكون السلطة والسيادة من شأنها دون غيرها؛ إذا أن الاقلية تكون في وضع اجتماعي وسياسي غير مهيمن ومتدني عن وضع الأغلبية المسيطرة دائمًا[35].
كما أن هذ المعيار تم الأخذ به من طرف المحكمة العليا في الهند A –M-PATRONI-V-E(SHESAVAAN) فاعتبرت أنه في حالة عدم وجود تعريف خاص للأقليات يجب الأخذ بالمعيار العددي الذي اعتبر أن الاقلية هي الفئة السكانية التي تقل نسبتها عن 50% من السكان، وهذا المعيار ينطبق في الاتجاه العام علي معظم الأقليات في العالم[36].
يمكن انتقاد هذا المعيار لأنه استحدث تعريفًا غير جامع؛ إذا أخرج الأقليات من وضع الهيمنة والسيطرة علي الأغلبية، حيث شهد العالم حالات عديدة للأقليات مناضلة حتي أصبحت هي المهيمنة والسيطرة.
ثانيًا- معيار الاختلاف: يتعلق هذا المعيار بأصل الأقليات وتكوينها وتشكل مقوماتها، أو هويتها الذاتية المشتركة، التي تتسم بروابط فيزيقية أو بيولوجية مثل: وحدة الأصل والسلالة، وبخصائص اجتماعية وثقافية مثل: اللغة والدين والثقافة. ووفقًا لهذا المعيار، يتم تصنيف الأقليات على النحو التالي:
1-الأقلية العرقية أو السلالية: هي الأقلية التي يعتقد أفرادها بانحدارهم من أصل مشترك، يرتبط بعضهم ببعض من خلال وحدة من السمات الفيزيقية أو البيولوجية، مثل الوجه ولون البشرة والجمجمة وشكل العين والشعر وما إلي ذلك، مما يعطي هذه الأقلية قدرًا من التمايز في مواجهة الأغلبية وعن غيرها من الجماعات الأخرى في المجتمع الذي تعيش فيه، وفي هذا الإطار يشير البعض إلي أن ” العرق هو دالة الهوية التي لا تمحي”، ومن الأمثلة علي ذلك الهنود الحمر والسود والآسيويين في أمريكا، وبعض الأقليات في الوطن العربي. ومن الجدير بالذكر، أن التطرف في هذا المعيار يؤدي إلي نشوء الأنظمة العنصرية مثل: نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا سابقًا، والكيان الصهيوني في فلسطين[37].
2-الأقلية الدينية: هي الأقلية التي لها ديانات مخالفة عن ديانات المجموعة المهيمنة، ويتميز افرادها عن الغالبية أو بقية افراد المجتمع باعتناق دين او عقيدة دينية محددة، وتتميز دول العالم والوطن العربي إن لم يكن جميعها بالتعدد في الديانات، سماوية كانت أم وضعية، مثل: الأقليات الدينية في لبنان والعراق وتركيا والسودان وإيران والفلبين وأمريكا والهند والصين وروسيا. وكثيرًا ما يُخلط بين الدين والمذهب من حيث تقسيم الأديان إلي طوائف ومذاهب، وبالتالي الحديث عن أقليات طائفية ودينية بمعني واحد. ومن وجهة نظر الباحث فإن المذاهب والمدراس الدينية لا تشكل طوائف أو أديان مستقلة أو هويات اجتماعية( قومية أو غيرها)، وإنما هي مجرد اجتهادات دينية في إطار عقيدة دينية واحدة كما هو الحال في المذاهب الإسلامي، وبالتالي فإن أتباعها لا ينطبق عليهم وصف لأقلية وفقًا للمعايير المعتمدة في القانون الدولي والعلوم الاجتماعية بشكل عام[38].
3-الأقلية القومية: هي الأقلية التي يشترك أعضاؤها بوحدة التاريخ واللغة والحضارات والمصالح المشتركة وغيرها من الخصائص، التي تميزهم عن القومية الغالبة وعن القوميات الأخرى في المجتمع الذين يعيشون فيه. وذلك لأسباب مختلفة، إما لتقسيم أمة واحدة بين عدة دول، أو لاقتطاع أجزاء من أمة وإلحاقها بأمم أخري. وفي أغلب المعايير المعتمدة لتصنيف الأقليات، هناك خلط بين مفهومي الأقلية القومية والأقلية الإثنية والأقلية العرقية، مع أن هذه المفاهيم تختلف عن بعضها جوهريًا، حيث أن الأقلية العرقية لديها اعتقاد بوحدة الأصل والسمات البيولوجية، أما الأقلية الإثنية فتستند إلي السمات الثقافية والاجتماعية بالإضافة إلي الخصائص البيولوجية، بينما تستند الأقلية القومية علي مقومات واقعية مثل: وحدة التاريخ واللغة والمصدر المشترك امتدادًا للمفاهيم الحديثة للأمة والقومية التي تقوم علي فكرة استحالة النقاء السلالي أو العرقي، حيث تكونت الأمم الحديثة من اختلاط أنساب وأجناس وقبائل وشعوب عدة، تفاعلت تاريخيًا عبر الأرض واللغة والمصالح، لتستقر البشرية في طورها الاجتماعي الحالي علي الأمم الحالية التي طبعت بطابعها المجتمع الدولي والقانون الدولي. ومن الأمثلة علي الأقليات القومية: العرب في الأحواز والإسكندرون اللذين أُحتلوا من قبل إيران وتركيا بعد الحرب العالمية الأولي، والأرمن الذين انتشروا في العديد من الدول بعد المذابح التي ارتكبتها الدولة العثمانية ضدهم[39].
4-الأقلية اللغوية: وهي الأقلية التي يتحدث أفرادها بلغة واحدة، تربطهم شعوريًا وثقافيًا، وتميزهم عن بقية أفراد المجتمع، وتناضل تلك الأقلية من أجل الحفاظ علي لغتها، وتطالب بإدراجها كلغة أصلية إلي جانب اللغة الرسمية. وهناك الكثير من الدول يتحدث سكانها عددًا من اللغات بجانب لغة غالبية السكان، كالأقليات اللغوية في الوطن العربي، والاقلية الفرنسية في كيبك وكندا، وجماعة الباسك في كندا. وهناك فارق جوهري بين اللغات واللهجات التي تتفرع عنها، فلا ينطبق عليها بأي معيار وصف أقلية لغوية، كما هو حال اللغة العربية الفصحي الأم التي تتفرع منها اللهجات العربية المتعددة[40].
5-الأقلية الإثنية: هي الجماعة التي لديها خصائص ثقافية مشتركة معينة مثل الدين أو اللغة، تعبر عن هوية اجتماعية، تتجلي في ممارسات ومعتقدات ثقافية معينة، والاعتقاد بأصل وشعور مشترك وشعور بالانتماء إلي جماعة، تؤكد خصوصية أفردها في تفاعلهم مع بعضهم ومع الآخرين. وكلمة إثنية مشتقة من أصل يوناني(Ethno) بمعني أمة أو شعب أو جنس. وتم إطلاق هذا اللفظ في العصور الوسطي في أوروبا، علي من هم ليسوا مسيحيين أو يهودًا. أما في العصور الحديثة فأصبح اللفظ يستخدم في العلوم الاجتماعية بما فيها القانون الدولي، للإشارة إلي أي جماعة بشرية يشترك أفرادها في أية مقومات ثقافية و اجتماعية كالعادات والتقاليد والدين واللغة، وأية مقومات أخري بيولوجية أو فيزيقية تتعلق بوحدة الأصل والملامح الجسمانية. ونظرًا لأن العرق كمصطلح بيولوجي يعطي الانطباع بأن الاختلافات في الاجتماعية والثقافية هي اختلافات فطرية وغير قابلة للتغيير، فيما يشير مصطلح” الجماعة الإثنية” إلي أن هذه الاختلافات ليست موروثة بل مكتسبة، فقد تم اعتماد مصطلح الجماعة الإثنية كمصطلح أشمل من العرق، حيث استبدلت اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات في دورتها الثالثة عام 1950 مصطلح عرقية بمصطلح إثنية، معتبرة أن المصطلح أوسع في الإشارة إلي جميع الخصائص الثقافية والبيولوجية والتاريخية، في حين أن المصطلح الأول يقوم علي الأصل السلالي أو العرقي المشترك، وفي عام 1952 ألغت منظمة اليونسكو مصطلح عرق واستبدلته بمصطلح جماعة اثنية[41].
ثالثاً- معيار الموقع الجغرافي: يتعلق هذا المعيار بالحيز المكاني، الذي تشغله الأقلية علي خارطة إقليم الدولة التي تعيش فيها من حيث التمركز أو الانتشار أو التشتت، وبذلك توجد الأقلية في منطقة معينة ومبعثرة علي إقليم الدولة، وفي هذا الإطار، تقسم الأقليات علي النحو التالي:
1-الأقلية المتمركزة: وهي الأقلية التي يتركز أفرادها في مناطق محددة داخل إقليم الدولة، ما يطبع هذه الأجزاء بطابعها الخاص ارتباطًا بخصائص هذه الأقلية العرقية أو اللغوية أو الدينية أو غيرها. ويري البعض أن ما يدفع هذه الأقلية بالمطالبة بالانفصال هو وجودها علي الحدود الدولية والذي يسمي(إقليم الجافة). ومثال علي ذلك: وجود الأقليات الكردية علي حدود كل من سوريا والعراق وإيران وتركيا.
2-الأقليات المتفرقة: وهي الاقلية التي تركز وجودها داخل إقليم الدولة بصورة وأعداد وأماكن متفرقة، وفي أغلب الأحيان تكون مسالمة، وقابلة للاندماج الوطني والمجتمعي، وتقتصر مطالبها علي الحقوق الثقافية والسياسية والإنسانية والمدنية، ومن الأمثلة علي ذلك: الصابئة في العراق، وغيرهم من أتباع الديانات القديمة.
3-الأقليات المشتتة: وهي الأقليات التي تتشتت في عدد من الدول المتباعدة أو المتجاورة. وذلك لأسباب شتي، مثل: الأقلية الكردية التي تشتت بفعل معاهدة لوزان وغيرها من الترتيبات الدولية التي أعقبت الحرب العالمية الأولي، والأقلية الأرمنية التي تشتت بفعل مذابح الدولة العثمانية[42].
رابعًا- المعيار الذاتي أو المعنوي: إن أهم مميزات هذا المعيار هو أن أصحابه قد اعتمدوا عليه لتعريف الأقلية من خلال أساس داخلي نفسي يتجلى من خلال شعور أبناء الأقلية بضرورة تقاربهم الوجودي وارتباطهم بخاصية، أو خصائص نوعية لا تشترك فيها الجماعات الأخرى في المجتمع كالثقافة واللغة والعقيدة. ويظهر هذا الشعور في أوقات النزاعات والازمات، وذلك حينما تتعرض مصالح هذه الجماعة لأي خطر. ووفقًا لهذا المعيار، لا يمكن اعتبار جماعة معينة أقلية، وإضفاء الحماية الدولية عليها لمجرد توافر سمات قومية أو عرقية أو لغوية أو دينية تمزيها عن بقية المجتمع، وإنما يتعين أن يكون افرداها مستعدين ولديهم الرغبة للحفاظ علي وجودهم وخصوصياتهم.
فمن أهم من أخذ بهذا المعيار هي محكمة العدل الدولية في رأيها الصادر عام 1930 بخصوص المعاهدة بين اليونان وبلغاريا عام 1919، حيث أكدت علي أن الأقلية هي مجموعة من الأفراد الذين يقيمون في منطقة أو إقليم معين ولهم أصل عرقي أو لغة أو ديانة أو عادات وتقاليد مرتبطة بهم، ويمتلكون إحساس وشعور بالترابط والتضامن من أجل حماية صفاتهم الخاصة، والعمل بينهم من أجل مساندتهم لبعضهم البعض، والرغبة في المحافظة علي تقاليدهم وعقيدتهم وضمان تنشئة وتربية أطفالهم وفقًا لأصلهم العرقي وتقاليدهم. وأخذت الحكومة الألمانية أيضًا بهذا المعيار في النزاع البولندي الألماني حول إقليم سلبزيا العليا بعد نهاية الحرب العالمية الأولي، حث ذكرت أنه من الضروري تحديد مفهوم الأقليات علي المعيار الشخصي بحيث أن منشأ وجود الأقليات عندما يرغب افرادها في الحفاظ علي معتقداتها الشخصية التي تميزها عن غالبية المجتمع الذي يعيشون فيه، فضلًا عن ولاءها لهذه الجماعة، فالمسألة تتعلق بالمشاعر والإرادات[43].
اُنتقد هذا المعيار فمن خلال بيان مفهومه ينجلي لنا الأساس الذي يقوم عليه، والمتمثل في الأحاسيس والمشاعر الموجودة في ضمير كل فرد من أبناء الأقلية، لذا يعد هذا المعيار من كوامن النفس.
خامسًا- معيار المركز السياسي والقانوني أو المعيار المؤسساتي” معيار عدم الهيمنة والسيطرة”: يركز أنصار هذا المعيار علي وضع الاقلية السياسي والقانوني والاجتماعي والاقتصادي، حيث يتميز أفرادها عن الأغلبية بارتباطهم بروابط العرق أو اللغة أو الدين أو غيرها، لكنه نتيجة التهميش والاضطهاد الذي تشعر به الأقلية في مختلف مجالات الحياة، فإن أفرادها يتضامنون فيما بينهم، ويتمسكون بهويتهم؛ ليكونوا إما في وضع مهمش أو متميز، أي أن تلك الاقليات تكون غير مسيطرة علي زمام الحكم ف الدولة بل العكس تخضع لسيطرة الجماعات الغالبة في المجتمع. وبناء علي ذلك يقسم أصحاب هذا المعيار الأقليات إلي مسيطرة وغير مسيطرة، فليست كل أغلبية عددية هي بالضروري قاهرة، وليست كل أقلية عددية هي بالضرورة مقهورة:
1-الأقليات المسيطرة: وهي الأقلية التي تكون في وزن ووضع مسيطر ومهيمن علي مصادر القوة، والثروة، والسيطرة، والهيبة، ومقاليد السلطة في المجتمع. ومن الأمثلة علي ذلك: الأقلية من التوتسي التي كانت في وضع مسيطر ومهيمن علي حساب الأغلبية من الهوتو في بوروندي، والأقلية البيضاء في مواجهة الأغلبية السوداء في كل من ناميبيا، وجنوب افريقيا وزيمبابوي قبل الاستقلال.
2-الأقليات غير المسيطرة: وهي الأقلية التي تكون في وزن ووضع هامشي، وذلك فيما يرتبط بالمشاركة في الثروة والسلطة، وتعاني تلك الأقلية شتي أنواع الإقصاء والاضطهاد، ولا تتمتع بالمشاركة السياسية، ومُستغلة ومُضطهدة من الجانب الاجتماعي وكذلك الجانب الاقتصادي. وتعتبر معظم الأقليات في العالم من هذا النوع غير المسيطر. ومن الجدير بالذكر، أن القانون الدولي يضفي حمايته علي الأقليات غير المسيطرة ويستعبد الأقليات المسيطرة من الحماية، وهو ما أخذت به اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات في دورة انعقادها الخامسة، حيث أوصت لجنة حقوق الإنسان بضرورة تبني تعريف محدد للأقليات يقتصر علي الأقليات غير المسيطرة، والأقلية العربية في تركيا وإيران من الأمثلة علي الأقليات غير المسيطرة[44].
المبحث الثالث:
تمييز مفهوم الأقليات عن غيره من المفاهيم
قد تتشابه المفاهيم فيما بينها، وتتداخل بطريقة يعصب فصلها. فتوجد إلي جانب الأقليات العديد من الجماعات البشرية التي في أغلب الحالات يقع خلل وتتداخل بينها وبين الأقليات. وللأقليات وضع خاص يميزها عن غيرها من الجماعات الاخرى التي قد تشترك معها في عنصر أو في أكثر. ولهذا، فإننا سنحاول التطرق من خلال المبحث الثالث إلي توضيح الاختلافات بين الأقليات وما قد يتشابه بها.
أولًا- تمييز الأقليات عن المهاجرين: يتم تعريف المهاجرين علي أنهم أفراد تتحرك أو تنتقل عبر حدود دولية أو داخل دولة بعيدًا عن مكان إقامتهم، بغض النظر عن: أسباب التحرك، الحالة القانونية للفرد، التنقل سواء كان طوعًا أو قسرًا، مدة المكوث[45].
وتثار مشكلة الخلط بين الأقليات وبين المهاجرين، عندما يكتسب المهاجرين جنسية الدولة التي هاجروا إليها، إما قبل اكتساب الجنسية فيعتبرون أجانب، وعليه يختلف وضعهم القانوني اختلافًا واضحًا عن وضع الأقليات، وعند اكتساب هؤلاء المهاجرين جنسية دولة الاستقبال مع استمرار احتفاظهم بخصائصهم التي تميزهم، فهنا يشكلون نواة لجماعة أقلية في الدولة الجديدة[46].
ومن الملاحظ هنا أنه لا يوجد إشكالية التشابه بين الأقليات والمهاجرين إلا بعد اكتساب هؤلاء المهاجرين جنسية دولة الاستقبال.
ثانيًا- تمييز الأقليات عن اللاجئين: يعرف اللاجئين بأنهم أشخاص يفرون من الصراعات أو الاضطهاد الممارس عليه من جانب السلطات المتحكمة، والناتج عن عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو انتمائهم إلي فئة اجتماعية معينة أو آرائهم السياسية، ويعترف بهم القانون الدولي ويحميهم، بحيث لا يمكن طردهم أو إعادتهم إلي أوضاع يمكنها أن تعرض حريتهم وحياتهم للخطر[47].
إن وجود بعض الاختلافات بين الأقليات واللاجئين لا تمنع من اشتراكهم في بعض العناصر، فنجد أن كلاهما يعاملان بمعاملة أدني مما يعامل به السكان الأصليين، ولكن يظهر الاختلاف بين اللاجئين والأقليات في الانتماء والولاء للدولة، إذا أن الأقليات تحمل جنسية الدولة التي ينتمون إليها بخلاف اللاجئين الذين يحملون رابطة الإقليم، أو الإقامة دون أن يحق لهم التمتع بجنسية الدولة المقيمين فيها، كذلك يظهر الاختلاف في أن الدول لا تستطيع طرد الأقليات وإجبارها علي المغادرة إلا إذا أُجبروا من قبل النظام القائم في الدولة التي ينتمون إليها حيث تربطهم من الناحية التاريخية علاقة بالإقليم الذي يقيمون فيه، بينما نجد أن وجود اللاجئين يكون مؤقت، إذ لهم الاستعداد علي ترك إقليمهم التي لجأوا إليه واللجوء إلي مكان آخر أو العودة إلي بلادهم الأصلية، ويتم التعامل مع الأقليات علي أساس أنها جماعة لها خصائص وصفات تميزها عن بقية السكان والفصل في مصيرها وتحديد مركزها القانوني لا يتم إلا بصورة جماعية، بينما التعامل مع اللاجئين يكون بصورة فردية حيث كل فرد من أفرادها يعامل بشكل فردي ويكتسب الوصف القانوني بصفته الفردية[48].
ثالثًا- تمييز الأقليات عن الأجانب: تعد الجنسية المعيار الأساسي الذي يميز بين الأقليات والأجانب، إذا أن الأقليات تضم أشخاص يرتبطون بالدولة عن طريق رابطة قانونية وسياسية تسمي الجنسية، في حين أن الأجانب يكون تواجدهم داخل إقليم الدولة بصفة مؤقتة قد تكون لأغراض سياحية أو علمية أو تجارية أو دينية أو بحثية[49].
وتختلف الأقليات عن الأجانب، حيث تسمح دولة الأقليات للأقليات بالخروج والعودة إليها متي شاءت وكيفما أرادت، بينما الأجانب فيحق للدولة أن تمنعهم من الدخول والخروج من إقليمها متي شاءت وكيفما أرادت، وذلك لأن الأجانب لا يزالوا محتفظين بجنسية دولتهم الأصلية. كذلك تتمتع الأقليات بالحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بما في ذلك الحق في تولي الوظائف العامة بالدولة، والحق في الانتخاب والترشح، أما الأجانب فلا يحق لهم ممارسة الحقوق السياسية داخل الدولة، أيضًا لا يحق لهم تولي الوظائف السياسية المهمة في الدولة. وفي حالة إلحاق ضرر بالأجانب في دول أجنبية وعجزوا عن الحصول علي حقوقهم وفق القوانين السائدة في تلك الدولة فعندها يكون لهم الحق في المطالبة بتدخل دولتهم لحمايتهم عملًا لقواعد الحماية الدبلوماسية[50].
الباب الأول
حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي
علي الرغم من حداثة اهتمام القانون الدولي إلا أن موضوع الأقليات له جذور تاريخية، حيث أدت الممارسات، والتطورات، والصراعات، والحروب، ومظاهر العنف والاضطهاد المختلفة إلي نشأة موضوع الأقليات كمفهوم ومشكلة. وتقوم كثير من انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأقليات على التمييز والعنصرية، والإقصاء؛ بسبب الخصائص الإثنية أو الدينية أو القومية أو العرقية للضحايا. وأول ما تم تنظيم مسألة الأقليات في القانون الدولي كان في العصور الوسطي، ومع تنامي مبدأ القوميات في نهاية القرن 18 وبداية القرن 19، تم توسيع تنظيم موضوع الأقليات ليشمل إلي جانب الأقلية الدينية الأقلية القومية. ولم تشهد الأقليات اهتمامًا دوليًا عامًا بموضوعها وحقوقها إلا مع بدايات تبلور مبادئ وقواعد القانون الدولي العام في مرحلتيه التقليدية والمعاصرة.
الفصل الأول
تطور موضوع الأقليات
ترتبط جذور نشأة الأقليات كمفهوم ووجود ومسألة، بظهور التكوينات الاجتماعية والسياسية عبر مراحل تطورها المختلفة بداية من الكيانات الأولي والقبائل والامبراطوريات وصولًا إلي الدول. حيث أثارت هذه التكوينات، سواء في صورتها البسيطة أم المعقدة، مشكلات ترتبط بالتمييز علي أساس الاختلافات الاجتماعية والعرقية واللغوية والدينية وغيرها من الاختلافات، لا سيما بين الأعراق والألوان والأديان واللغات أو بين الرجل والمرأة أو بين السادة والعبيد، مما أثار الصراعات والحساسيات والتوترات المعلنة أو المكتومة[51].
وكانت الاختلافات الأكثر شدة وحساسية هي ظهور أقلية من البشر مختلفة عن الأغلبية في أكثر من مقوم من مقومات الجنس واللغة واللون والدين والعرق وغيرها من المقومات، التي كانت موضوع تمييز انعكس علي وضعها الإنساني والقانوني بما يؤدي إلي تآكل حقوقها في مواجهة الأغلبية. وقد مهد ذلك الأمر لنشأة وظهور الأقليات قبل تبلور قواعد القانون الدولي التقليدي والمعاصر. حيث اعتبرت الفئة الأقل عرقًا أو نفوذًا وليست من نسل الآلهة أو السادة، وبالتالي ليس لها أية حقوق علي اعتبار أن من ينتسبون إليها عبيدًا[52]. وفي ظل حضارتي وادي النيل وما بين النهرين، اعتبرت أعداد قليلة من السكان علي أنهم مجرد عبيد خاضعين لسيطرة الملوك أو الفراعنة، دون تمتعهم بأية حقوق أو تسميات إنسانية، بل هم مجرد وسائل وآليات لخدمة السادة ولتنفيذ الأعمال الشاقة[53].
غير أن التمييز كان أكثر وضوحًا في ظل حضارتي الرومان والاغريق، فقد نظر الإغريق إلي أنفسهم علي أنهم عنصرًا متميزًا يسمو كل الشعوب، التي عاملوها بقسوة وعدوانية دون أدنى اعتبار لحقوقهم ولإنسانيتهم. أما في الداخل، فقد قسموا مجتمعهم إلى فئات عليا تخضع لها جميع الفئات الأدنى، التي تم فقد حقوقها بموجب النظام القانوني والسياسي القائم على التمييز بين المواطنين، وحصر الحقوق للسادة فقط، حتى فيما يتعلق بالديمقراطية التي تعود جذورها عمومًا إلى عصر الإغريق. فيما مارس الرومان إهدار حقوق الشعوب التي لا تخضع لهم، ومارسوا التمييز بقسوة شديدة داخل الإمبراطورية من خلال نظام العبودية، الذي اعتبره بعض المفكرين الرومان مخالفًا للطبيعة البشرية ودافعوا عن المساواة بين المواطنين أمام القانون وإلغاء نظام الرق[54].
ولذلك عانت الأقليات في الحضارات المذكورة أعلاه من انعدام الحريات والحقوق وقوانين حمايتهم في مواجهة إهدار حقوقهم وإنسانيتهم، التي كانت تلك القوانين السائدة في تلك الحضارات عملت علي تكريس ذلك الإهدار، وحماية نظام العبودية، والتمييز بين السكان وبين الشعوب علي أسس الاختلاف في الدين واللغة والعرق والمراكز الاجتماعية بشكل عام.
وفي ضوء الأديان السماوية، وجدت الأقليات علي مستوي النصوص الدينية المقدسة تعاملًا شرعيًا وإنسانيًا وقانونيًا متقدمًا، قام علي فكرة العدالة والمساواة بين البشر بغض النظر عن اللون أو العرق أو الدين أو الجنس أو المركز الاجتماعي. غير أن ممارسات بعض معتنقي هذه الأديان، سواء أكانوا حكامًا أو رجال دين أو مواطنين عاديين، أدت إلى انتشار ظواهر الاضطهاد والتكفير والتعصب والعنف ضد معتنقي ديانات أو مذاهب مختلفة. فقد شهدت أوروبا في ظل سيطرة الباباوات في العصر الكنسي والانشطارات المذهبية فترة من الاضطهاد الديني والطائفي، حيث اعتبر غير المسيحيين أو المنتمين إلي مذهب مغاير كفارًا بموجب مرسوم البابا عام 1450. وفي إطار هذا التوجه، أُستعبد الهنود الحمر في أمريكا الشمالية واللاتينية وأُبيد الملايين منهم، باعتبارهم وفق هذا التوجه لا ينتمون إلى الجنس البشري الأوروبي الأبيض الذي يتمتع بالسيادة على الشعوب الأخرى. في حين اُستبعد وأُبيد الملايين من الافارقة في ظل تجارة الرقيق ونظرة تفوق العنصر لأوروبي الأبيض المتمدن[55].
أما الدين الإسلامي الحنيف مبني على مبدأ أن الإسلام للجميع وليس لجماعة المسلمين فقط، وبالتالي المساواة بين جميع البشر، أيًا كان لونهم أو أصلهم أو لغتهم أو عرقهم أو جنسهم، مصداقًا لقوله:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”[56]. إلا أن هذه المبادئ والقواعد الشرعية والعقيدية الحنيفة تعرضت لبعض التجاوزات والانتهاكات نتيجة للممارسات الفردية ببعض المسلمين، أو ردود الفعل التي شهدتها بدايات الدعوة الإسلامية والحروب الداخلية أثناء عصور الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، وأثناء هيمنة بعض الجماعات والأقليات نفسها علي مقاليد الدولة الإسلامية. وقد أثر ذلك على الصورة النقية للإسلام الحنيف وشريعته السمحاء التي لم تتعامل مع موضوع الأقليات بما يتعارض مع مبادئ المساواة والعدل بين البشر[57].
يتضح مما سبق، أن الجذور التاريخية لموضوع الأقليات تضرب في أعماق تربة الحضارات القديمة، وأدت الممارسات والتطورات والصراعات والحروب ومظاهر العنف والاضطهاد المختلفة إلي بلورة موضوع الأقليات، فكرة واصطلاحًا ومفهومًا، ضاغطة علي الدول والمجتمع الدولي والعلاقات الدولية والقوانين الدولية والداخلية. وعلي وجه الخصوص، مع ظهور ظاهرة الدولة- الأمة التي تتسم بالتعدد وفقًا للتطور الاجتماعي الذي وصلت إليه البشرية من خلال تقسيمها إلي أمم، وما صاحب ذلك من تعدد الأقليات، التي لا تكاد تخلو منها دولة إلا ما نذر. ومن ثم بدأ موضوع الأقليات يتسع في القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية ومصالح ورؤي وصراعات الدول.
الفصل الثاني
آليات أو إجراءات حماية الأقليات في القانون الدولي
تعاني الأقليات من عدة مشكلات تتمثل في صعوبة اندماجها مع الأغلبية، بالإضافة إلي اللامساواة بين أفراد الأقلية وبقية أفراد المجتمع، مما يؤدي إلي ظهور عدم الاستقرار السياسي. فنجد أن حقوق الأقليات قد تطورت مع ميلاد عصبة الأمم في بداية القرن التاسع عشر، التي كرست نظامًا خاصًا للأقليات عن طريق تنظيمها لاتفاقيات خاصة بحمايتها، غير أن نظام العصبة أثبت فشله، ليدخل موضوع حماية حقوق الأقليات ضمن إطار منظمة الأمم المتحدة.
المبحث الأول:
المشكلات التي تواجهها الأقليات
تقوم كثير من انتهاكات الحقوق المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية للأقليات على التمييز، والعنصرية، والإقصاء؛ بسبب الخصائص الإثنية أو الدينية أو القومية أو العرقية للضحايا.
أولي المشاكل التي تعانيها مختلف الأقليات علي مستوي الواقع المعاش، هي مسألة اندماجها داخل المجتمع التي تتواجد فيه، وهذه المشكلة تضعها في حالة معاناة دائمة، ينتج عنها ظهور مسائل أخري: كمسألة التمييز بين مواطني الدولة، ومسألة الهوية والانتماء إلي غاية الوصول إلي مرحلة الطرد، وإلغاء الوجود كالتطهير العرقي والإبادة الجماعية.
بالإضافة إلي اللامساواة بين أفراد الأقليات وبين أفراد الأغلبية تزيد من درجة التفرقة والتمييز، وهذا الأمر سينتقل من الدائرة الاجتماعية إلي الدائرة الرسمية، خصوصًا في حالة حصول أفراد الأغلبية لبعض الامتيازات الخاصة علي حساب أفراد الأقليات كالجوانب المتعلقة بالمشاريع التنموية للمناطق التي تقطنها الأقليات، وهي عادة المناطق التي تتوفر علي حظ كبير من الموارد الأولية والطاقوية، وهو ما لا تقبله الأقليات خصوصًا إذا وجدت نفسها محرومة ومقصية من هذه البرامج، فعندما تدرك الأقليات التفاوت الاقتصادي والاجتماعي فيما بينها، فإنها تشعر بالظلم واللامساواة؛ بسبب سوء العدالة التوزيعية، وبالتالي تلجأ لأعمال العنف لزعزعة الاستقرار السياسي[58].
المبحث الثاني:
آليات حماية الأقليات في مرحلة القانون الدولي التقليدي
يتفق معظم العلماء بأن القانون الدولي التقليدي بدأ يتشكل في الممارسة العملية مع معاهدة وستفاليا في عام 1648 وحتى الحرب العالمية الأولى في عام 1914. وقد شهدت هذه المرحلة تطورات كبيرة جعلت من الضروري أن يتطرق القانون الدولي التقليدي إلى مسألة ومشكلة الاقليات التي تجاوزت في آثارها الحدود الضيقة لمواطنيها، وأهم هذه التطورات: حركة الإصلاح الديني، والنزاع بين البروتستانت والكاثوليك، وما ترتب على ذلك من أعمال وحشية وحروب ولا سيما حرب الثلاثين عامًا، ومعاهدة وستفاليا نفسها والمعاهدات التي سبقتها وتلتها، وعصر القوميات والدول القومية، ثم المسألة الشرقية وعلاقتها بالإمبراطورية العثمانية.
وعلي الرغم من أن لفكرة الأقليات جذورها التاريخية في التكوين المبكر للتشكيلات الاجتماعية والسياسية في عصور الحضارات القديمة. غير أن الاتجاه العام للفقه يؤكد أن القرن الثالث عشر شهد بداية حقيقية لاستجابة القانون الدولي للأقليات وحمايتها، تحت تأثير الظلم والاضطهاد الديني في العصور الوسطى وما قبلها، الناجم عن ربط العقيدة الدينية والطائفية بالهوية السياسية والاجتماعية. الأمر الذي طبع موضوع الأقليات والتدخل لحمايتها بطابع ديني، وإطار سياسي وفقًا لمصالح الدول ورؤياها[59].
وقد تزايدت أهمية هذه الحماية في القرن السادس والسابع والثامن والتاسع عشر مع بداية وتطور حركة الإصلاح الديني في أوروبا، ومحاولات إصلاح الكنيسة، وتفكك المذهب البروتستانتي ، وما أدي إليه من صراعات بين البروتستانت والكاثوليك ومع الأقليات الأخرى والعنف المتبادل بينهم، ونتيجة لذلك اندلعت الحروب بين الدول الأوروبية، وأبرزها حرب الثلاثين عامًا بين البروتستانت والكاثوليك، والتي استمرت من عام 1618 حتى توقيع معاهدة وستفاليا عام 1648 ، والتي أقرت المساواة بين أتباع المذهبين[60].
ومع اشتداد الصراع بين الطوائف المسيحية، أصبحت حقوق الأقليات مهددة بالخطر، وبدأت فكرة الأقليات ومشاكلها تتطور بظهور الحاجة إلى فكرة التدخل البشري، بحجة حماية الأقليات الدينية التي تقيم في الدول الأوروبية وترتبط مع الدول المتدخلة برابطة المذهب أو الدين[61]. حيث أن هذه المرحلة شهدت الكثير من عمليات التدخل بدعوي حماية الأقليات ومن بينها: تدخل روسيا وبريطانيا والدنمارك في بولونيا عام 1772 لحماية البروتستانت والأرثوذكس من اضطهاد ملك بولونيا الكاثوليكي، والتدخل المشترك للبريطانيين والفرنسيين والروس في اليونان عام 1827 لمساعدة الثوار اليونانيين ضد الدولة العثمانية، والتدخل الفرنسي العسكري في سوريا نيابة عن الدول الكبرى لحماية المسيحيين الموارنة في مواجهة الدروز[62].
ومع صعود ما سُمى بالمسألة الشرقية وبداية الإمبراطورية العثمانية في الانهيار وتحولها إلى “رجل أوروبا المريض” وصعود عصر القوميات، بدأت حماية الأقليات تأخذ أهمية كافية، حيث امتد التدخل الإنساني إلى الأقليات الواقعة تحت الاحتلال العثماني وخاصة في مناطق البلقان. كما أخذت فكرة الأقليات تتجاوز الطابع الديني إلي الأقليات القومية وغير الدينية وذلك بشكل عام، حيث تم استخدام التدخل الإنساني الأوروبي لحماية الجماعات المسيحية والقومية التي تعيش في هذه المناطق، بدعوي تعرضها للاضطهاد من قبل الدولة العثمانية. وتمثل ذلك في بداية الأمر بحماية الرعايا المسيحيين اليونانيين في الدولة العثمانية، التي عُرفت بالمسألة الشرقية والتي بدأت بالظهور في بلدان البلقان البوسنة والهرسك وصربيا وبلغاريا والجبل الأسود وغيرها. حيث تم منح بلغاريا الاستقلال، ومُنحت البوسنة والهرسك الحكم الذاتي تحت رعاية روسيا والنمسا بعد تدخل الدول الأوروبية، وتطورت هذه الحماية مع عقد معاهدة باريس في عام 1856 إلى حماية جماعية لحرية العقيدة في الإمبراطورية العثمانية من قبل القوى العظمى، والتي جسدها التدخل الفرنسي في سوريا في عام 1860[63].
وتطورت فكرة الأقليات وحمايتها مع انتشار مبدأ القوميات، الذي كان مبنيًا على ضرورة توافق الوحدة السياسية الممثلة بالدولة مع الوحدة الطبيعية المتجسدة في روابط الأمة الواحدة، وأيضًا علي حق الأمم في تقرير المصير من خلال تنظيم كيانها الوطني كما تشاء وترضي.
وبالتالي تظهر مشكلة الأقليات في جانبين: وجود الأقليات في الدول القومية الحديثة، ووجود أقليات في دول قومية أخرى تنتمي إلي إحدى هذه الدول القومية، التي ظهرت بعد تشكيل الدول القومية الأوروبية الحديثة، مثل إيطاليا وألمانيا وفرنسا وغيرها. وأكد ذلك الأمر على ضرورة إيجاد نظام دولي لحماية الأقليات من أجل الحد من قوة التوجهات القومية في ضوء استحالة نشوء دولة خاصة بكل جماعة قومية[64].
وينبغي الإشارة إلى أن نمط العنف والاضطهاد الذي عانت منه الأقليات خلال فترة القانون الدولي التقليدي، قد أخذ أشكالًا عديدة، أبرزها: بالإبادة الجماعية مثل: مذابح الصليبيين في غزو القدس التي ذُبح فيها آلاف المسلمين، في حين ذُبح جميع المسلمين في الأندلس وجنوب فرنسا وصقلية وسردينيا، وأباد دوق ألفا باسم ملك اسبانيا فيليب الثاني آلاف البروتستانت، وكذلك مذبحة بارشلميو التي أمرت بها كاترين ملكة فرنسا ضد الآلاف من البروتستانت في باريس في 1572، وعمليات التطهير التي اُرتكبت بعد 1552 من قبل الملكة البريطانية ماري بالاشتراك مع زوجها ملك إسبانيا فيليب الثاني ضد البروتستانت، وأيضًا الإبادة الجماعية للهنود الحمر والسكان الأصليين في أمريكا واستراليا وكندا من قبل البرتغال والاسبان والمهاجرين الأوروبيين الاوروبيين والإنجليز، والإبادة الجماعية للأرمن من قبل الدولة العثمانية. أيضًا تمثلت بأشكال التهجير القسري أو تبادل السكان، مثل طرد المسلمين واليهود والبروتستانت من بعض البلدان الأوروبية كإنجلترا واسبانيا في العصور الوسطي، وطرد ايرلندا للكاثوليك، وأخيرًا تبادل السكان بين بلغاريا واليونان عام 1913[65]. من وجهة نظر الباحث، ينبغي إضافة الاستعباد باعتباره أكثر أشكال الاضطهاد- لفتًا للنظر- الذي تعرضت لها الأقليات، والذي تم تجاهله في معظم البحوث القانونية الخاصة بالأقليات. حيث تم استعباد الملايين من الافارقة من قبل أمريكا قبل وبعد تشكيل الولايات المتحدة عن طريق اختطافهم واستجلابهم قسرًا وعن طريق تجارة الرقيق من وطنهم الأصلي في أفريقيا، وهذا لا يزال يحدث في أمريكا رغم القوانين الدولية والإنسانية التي جرمت الاستعباد.
كل هذه الأحداث والمآسي والتطورات، أدت إلى تشكيل فكرة الأقليات كموضوع ومشكلات تجاوزت حدود الدول، مما دفع القانون الدولي التقليدي إلى التصدي لمعالجة وحماية مشاكلهم، ومحاولة إنشاء إطار قانوني لحدودهم وحقوقهم وآليات حمايتهم في إطار المرحلة التي تطور فيها هذا القانون. ويتم ذلك من خلال مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات التي اقتصرت في البداية على حماية الأقليات الدينية. ولكن مع انتشار مبدأ القوميات في القرنين الثامن والتاسع عشر علي وجه الخصوص، بدأت الحماية تطبق علي الأقليات القومية، وجميع أنواع الأقليات الأخرى، ومن أهم هذه الاتفاقيات والمعاهدات:
1-معاهدة أوجسبورج: أُبرمت هذه المعاهدة في عام 1555، وذلك بهدف ضمان المساواة بين الأمراء البروتستانت والكاثوليك، وضمان حق سكان المدن الحرة في الإمبراطورية الرومانية التي تسكنها أغلبية بسيطة من أتباع كل من المذهب البروتستانتي والكاثوليكي، وضمان حقهم في العيش معًا في سلام وأمان وهدوء.
2-معاهدة فيينا: أُبرمت هذه المعاهدة في عام 1606 بين مملكة المجر ومقاطعة ترانزيلفانيا، من أجل ضمان حرية ممارسة الأقلية البروتستانتية لعبادتها وطقوسها الخاصة.
3-عقد كل من النمسا والإمبراطورية العثمانية عام 1615 معاهدة خاصة بحماية الأقليات غير المسلمة في الدولة العثمانية.
4- معاهدة وستفاليا لعام 1648: واحدة من أهم المعاهدات المبرمة في تلك الفترة، حيث تعتبر البداية الحقيقية للقانون الدولي التقليدي والدول القومية الحديثة، وأول تطبيق عملي لحماية الأقيات. وقد عُقدت بين فرنسا والإمبراطورية الرومانية المقدسة وحلفائها، وتناولت في جزء من نصوصها موضوع الأقليات من خلال النص علي توفير الحرية والمساواة للبروتستانت على قدم المساواة مع الكاثوليك. كما نصت معاهدة أوستابروك علي ضمان احترام حرية العبادة للأقلية البروتستانتية، حيث عُقدت علي هامش سلام وستفاليا.
5- معاهدة أوليفا: أبرمت هذه المعاهدة في عام 1660 بين السويد وهولندا؛ من أجل ضمان حرية الكاثوليك الدينية، المقيمين الذين يعيشون في إقليم ليفونيا الذي تنازلت عنه هولندا لصالح السويد.
6-المعاهدات بين فرنسا وهولندا: وقد أُبرمت هذه المعاهدات بين الطرفين في عام 1868و 1697، والتي شملت ضمان الحرية الدينية للكاثوليك المقيمين في الأراضي التي تنازلت عنها فرنسا لهولندا.
7-إتفاقية كاروفيتز: تم عقد هذه المعاهدة بين الدولة العثمانية والنمسا وبولندا عام 1699، لصالح حق الدولتين في حماية الأقليات المسيحية في الأراضي العثمانية.
8-معاهدة باريس: عُقدت هذه المعاهدة عام 1763 بين فرنسا وإسبانيا وبريطانيا، بهدف ضمان الحرية الدينية للكاثوليك في الأراضي الكندية التي تنازلت عنها فرنسا.
9-معاهدة السلام بين الدولة العثمانية وروسيا: أُبرمت هذه المعاهدة في عام 1774 بين الطرفين، وشملت حق التدخل من قبل روسيا؛ بهدف حماية السكان الأرثوذكس في الأراضي العثمانية.
10-معاهدة فيينا: عُقدت هذه المعاهدة في عام 1815 بين والد النمسا وهولندا، وشملت حماية الحقوق المتساوية لجميع الطوائف الدينية، بما في ذلك الأقلية الكاثوليكية، والحق في شغل المناصب والوظائف العامة لجميع المواطنين بغض النظر عن معتقدهم الديني.
11-إتفاقية فيينا لعام 1815: أُبرمت بين عدد من الدول الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا والنمسا وروسيا والبرتغال وبروسيا والسويد، وتعتبر هذه الاتفاقية بداية الاهتمام الدولي بالأقليات غير الدينية سواء كانت لغوية أو أثنية أو قومية، وشملت ضمان حق البولنديين في الحفاظ على قوميتهم، ومبدأ المساواة بين كل الرعايا، أيًا كان معتقداتهم أو انتماءاتهم العرقية.
12-بروتوكول لندن لعام 1830: وقعت كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا علي هذا البروتوكول، وذلك بهدف ضمان حماية الأقليات في اليونان بدون تمييز.
13-معاهدة باريس لعام 1856: عُقدت من قبل بريطانيا وفرنسا وبروسيا والنمسا وروسيا والدولة العثمانية وسردينيا، ونصت علي الحق في المساواة دون أي تمييز بين رعايا الدولة العثمانية.
14-معاهدة برلين لعام 1878: عُقدت بين كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا وإيطاليا والمجر والنمسا وروسيا والدولة العثمانية؛ بهدف تسوية الحدود بين تركيا واليونان، وشملت كفالة حقوق الأقليات المسلمة في ممارسة شعائرها الدينية في الأقاليم المتنازل عنها لصالح اليونان
15- معاهدة القسطنطينية لعام 1881: عُقدت المعاهدة بين كل من ألمانيا وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمجر وإيطاليا والدول العثمانية، وذلك بشأن تسوية الحدود بين تركيا واليونان، وتضمنت كفالة حقوق الأقليات المسلمة في ممارسة شعائرها الدينية في الأقاليم المتنازل عنها لصالح اليونان[66].
ويتضح مما تقدم أن القانون الدولي التقليدي لا يوفر نظامًا متكاملًا لموضوع الأقليات وحمايتها، بالرغم علي كثرة الاتفاقيات والمعاهدات التي تخللته، وذلك انعكاسًا لطبيعة المرحلة التاريخية، التي لم تعكس تطور قواعد ومبادئ وأشخاص القانون الدولي، من جهة. ومن جهة أخري، أن ذلك الأمر بالنسبة لبدايات تطور مفهوم الأقليات وضرورة حمايتهم، الذي كان موضوعًا جديدًا بالنسبة للقانون الدولي، بدأ في الظهور أولًا كطابع ديني، وبعد تطورات ونزاعات شديدة، بدأ يأخذ بعدًا لغويًا وعرقيًا وقوميًا، وأبعادًا ومعايير أخرى التي بدأت تأخذ مجراها في آراء واجتهادات الفقه الدولي.
وعلاوة على ذلك، لم يتخذ المجتمع الدولي آنذاك مداه العالمي الحالي، حيث اقتصرت العلاقات الدولية علي المجتمع الأوروبي أولًا، وبالتالي فإن مشكلة الأقليات وحمايتها بدأت في سياق أوروبي نتيجة للحروب والصراعات الدينية، وخاصة بين الكاثوليك والبروتستانت، ثم عكست بعد ذلك موازين القوى التي كانت تميل لصالح الدول الأوروبية الكبرى في ذلك الوقت. وبالتالي جاءت تدخلات المعاهدات بحجة حماية الأقليات في أغلبها، وذلك في مواجهة دول البلقان والدولة العثمانية التي كانت تعاني من تبعات انهيارها مع إمبراطوريات أخرى بعد الحرب العالمية الأولى وكانت تلفظ أنفاسها الأخيرة، ليدخل موضوع الأقليات ومشكلاتها وحمايتها بعدًا قانونيًا وسياسيًا جديدًا مع التطور النوعي المنظم للقانون الدولي المعاصر في مرحلتيه الرئيسيتين: عصبة الأمم والأمم المتحدة.
المبحث الثالث:
آليات حماية الأقليات في مرحلة القانون الدولي المعاصر- مرحلة عصبة الأمم
ويشير الفقه القانوني الدولي إلى أن المآسي التي شهدتها الحرب العالمية الأولى، إضافة إلى أن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي سبقت هذه الحرب لم تضمن قواعد شاملة قادرة على وضع نظام قانوني متكامل لتحديد مفهوم الأقليات وبالتالي حمايتها، دفعا من جهة إلى تشكيل عصبة الأمم المتحدة كأول منظمة دولية جامعة في إطار معاهدة السلام المبرمة بين الأطراف المتحاربة، ومن جهة أخرى قادا إلى محاولة وضع قواعد جديدة لحماية الحلفاء على خلفية معاهدات السلام لعام 1919، التي أدت إلى تشكيل دول قومية جديدة؛ بسبب إحداث تغييرات إقليمية على حدود دول معينة، خاصة في أوروبا الوسطى والشرقية. وفرضت هذه المعاهدات التزامات محددة على الدول، التي لديها أقليات قومية كبيرة، كشرط أساسي لاعتراف القوى العظمى(بولندا وتشيكوسلوفاكيا وبولندا ويوغوسلافيا) بها؛ بهدف حماية هويتها القومية[67].
كما أدي انتشار الأفكار والدعوات القومية في تلك المرحلة إلي ضرورة ظهور نظام قانوني دولي لحماية الأقليات، ولتخفيف مطالبها في ضوء استحالة تشكيل دولة خاصة لكل جماعة قومية، كما كان لحق تقرير المصير الذي روج له الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى دوره في دعم فكرة وضمان الحماية الدولية للأقليات[68].
وعلى الرغم من هذا الاتجاه، إلا أن لم يتم إنشاء نظام حماية قانوني خاص للأقليات في هذه المرحلة، حيث فرضت معاهدات السلام بين الحلفاء وبعض الدول المهزومة (بلغاريا وإيطاليا والمجر وفنلندا) التزامًا عامًا على هذه الدول؛ لضمان تمتع جميع الأفراد الخاضعين لها بحقوق الإنسان والحريات الأساسية دون تمييز بسبب الدين أو الأصل أو اللغة أو الجنس. وقد تم تكليف مجلس عصبة الأمم بمهمة حماية حقوق الأقليات من خلال عدد من الصلاحيات ، حيث اشترط علي الدول الراغبة في الانضمام إلى العصبة إصدار تصريحًا من جانب واحد ينص على الالتزام باحترام حقوق الأقليات في أراضيهم، مما أكسب هذه الحماية طابعًا دوليًا لا يقتصر علي الدول الأوروبية فقط بل يهم جميع أطراف المجتمع الدولي ممثلًا بعصبة الأمم[69].
وفي هذا السياق، عُقدت مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات والضمانات بشأن تحديد موضوع الأقليات وحمايتها في مرحلة القانون الدولي السائد آنذاك، على النحو التالي:
الإطار الثقافي: يحتوي علي عدد من المعاهدات والنصوص الخاصة العامة والثنائية، وأهمها:
1-معاهدات الأقليات الخاصة: تم عقدها بين الحلفاء وكل من اليونان ويوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا وبولونيا ورومانيا، وهي كل من: اتفاقية فرساي في 28-6-1919 مع بولندا، واتفاقية سان جيرمان في 10-9-1919 مع كل من كرواتيا وصربيا وتشيكوسلوفاكيا، واتفاقية باريس في 29-12-1919 مع رومانيا، واتفاقية سيفر في 10-8-1919 مع أرمينيا واليونان.
2-النصوص الخاصة بحماية الأقليات الواردة في معاهدات الصلح مع الدول المهزومة، وهي كل من: معاهدة سان جيرمان مع النمسا في 10-9-1919، واتفاقية السلام مع بلغاريا في 28-11-1919، واتفاقية ترياتون مع المجر في 4-6-1920، واتفاقية لوزان مع تركيا في 10-8-1920.
3-النصوص الخاصة بحماية الأقليات في المعاهدات الثنائية، وهي كل من: الاتفاقية التي عُقدت بين سلوفينيا والصرب وكرواتيا مع تشيكوسلوفاكيا في 10-9-1919، واتفاقية نيي في 28-11-1919 بين اليونان وبلغاريا وذلك لتبادل الأقليات، اتفاقية سيفر بين أرمينيا واليونان في 10-8-1920 المعدلة ببروتوكول لندن في 24-7-1922، معاهدة جنيف بين بولندا وألمانيا في 15-4-1922 بشأن حقوق الأقليات في سيليزيا العليا، اتفاقية لوزان في 20-1-1923 بين اليونان وتركيا بشأن تبادل الأقليات، ومعاهدة باريس في 8-5-1924 بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان مع ليتوانيا بخصوص حقوق إقليم كليبادا.
4-التصريحات الفردية من جانب واحد: وهي التصريحات أصدرتها بعض الدول لضمان حقوق الأقليات كشرط لانضمامها إلي عصبة الأمم، وهي: فنلندا في 14-5-1921، وألبانيا في 2-10-1921، وليتوانيا في 12-5-1922، والعراق في 30-5-1932[70].
وفي مواجهة أسباب فشل عصبة الأمم في ضمان نظام قانوني فعال لحماية حقوق الأقليات ، كان لابد من أن تبدأ مرحلة جديدة في نظام حقوق الأقليات وحمايتها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتشكيل الأمم المتحدة، والتي سُتناقش في المبحث التالي.
المبحث الثالث:
آليات حماية الأقليات في مرحلة القانون الدولي المعاصر- مرحلة الأمم المتحدة
أدي فشل عصبة الأمم، وما نتج عن الحرب العالمية الثانية من آثار مؤلمة ومآسي يعجز عنها الوصف، ونظام دولي جديد إلي فرض المجتمع الدولي علي تشكيل منظمة دولية جديدة، تعمل على ضمان السلم والأمن الدوليين، وتعكس متغيرات المرحلة في القواعد والمبادئ والأفكار والمؤسسات، فكانت تلك المنظمة هي منظمة الأمم المتحدة. ومن المسائل التي أُثيرت بعد إنشاء المنظمة الدولية، مسألة وضع نظام جديد وفعال لحماية حقوق الأقليات. ورغم أن ميثاق الأمم المتحدة لا يتضمن أي حكم صريح بشأن حماية الأقليات وبيان حقوقها وآليات حمايتها، فإنه يتناولها ضمنيًا في سياق مسألة حقوق الإنسان والسعي إلى ضمان احترامها دون أي تمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو اللغة[71] .
ويسعى الفقه الدولي، من جانبه، إلى محاولة إنشاء نظام دولي جديد لحماية الأقليات، وأعرب بعضه عن رأي مفاده أنه على الرغم من أن ميثاق الأمم المتحدة لا يتضمن أي أحكام صريحة لها علاقة بحماية الأقليات، فإن نظام حماية الأقليات، ينبغي أن ينفذ من خلال تطبيق نظام حماية الأقليات، عن طريق حماية حقوق الإنسان واحترامها بصفة عامة. وفي هذا السياق، يشير البعض إلى أن المفهوم الجماعي لحماية حقوق الأقليات قد تغير خلال هذه الفترة ليتحول إلى المفهوم الفردي، حيث أصبح التعبير عن حقوق الأقليات على الصعيد الدولي ينطلق من عبارات فردية وهي “حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات” بدلًا من المفهوم الجماعي للأقلية. وبالتالي، أصبحت حقوق الأقليات في القانون الدولي حقوقًا فردية للمنتمين إلي هذه الأقلية وليست حقوق جماعات أو فئات، ومن ثم كان الغرض من حماية حقوق الأقليات إنسانيًا وليس سياسيًا، كما كان الحال في ظل عصبة الأمم[72].
ويبدو من هذا، أن نظام حماية حقوق الأقليات بعد الحرب العالمية الثانية بدأ يتبلور في إطار القانون الدولي مع تشكيل منظمة الأمم المتحدة وصياغة ميثاقها، وكذلك المعاهدات والاتفاقيات والعهود والإعلانات التي تلت ذلك، في السياقين الدولي والإقليمي، كالتالي:
أولًا-الإطار الدولي[73]:
1- ميثاق الأمم المتحدة: علي الرغم من أن ميثاق الأمم المتحدة لم يشر صراحة في نصوصه إلى حقوق الأقليات وحمايتها، أو إلى أي اختصاص محدد للمنظمة الدولية يتعلق بحماية الأقليات. إلا أنه نص في ديباجته وعدد من النصوص علي احترام وصيانة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. ومن هذه المواد إلي جانب الديباجة: م 1/3، م/13، /م /55. حيث أكد في ديباجته علي “إيمان الشعوب بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الإنسان وقدره، وبتساوي حقوق الرجل والمرأة والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية”، وأكدت المادة 3/1 من الميثاق علي “تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعًا والتشجيع علي ذلك إطلاقًا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء “. كما أشارت المادة (55 )إلى ضرورة قيام العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة بين الشعوب والحق في تقرير مصيرها. هذا المبدأ أكدته مواد أخرى من الميثاق، بما في ذلك المادة(76)[74].
2-اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات: وقد تشكلت هذه اللجنة من قبل الأمم المتحدة في عام 1946، وكان لها دور أساسي في صياغة المادة (27) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والمقترحات المقدمة لتعريف مفهوم ومصطلح الأقليات، والمساهمة في صياغة العديد من الوثائق المتعلقة بحقوق الأقليات وحمايتها.
3-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: صدر هذا الإعلان في 10 ديسمبر1948، حيث نص علي المساواة بين الشعوب دون تمييز على أساس الجنس أو اللون، ونصت م(1) من الإعلان علي أنه” يولد الناس أحرارًا، متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلًا وضميرًا، وعليهم أن يعاملوا بعضهم بروح الإخاء”، وأكدت علي ذلك أيضًا المواد(2 و7) من الإعلان. ورغم أن هاتين المادتين لم تشر إلى الأقليات بصورة مباشرة، إلا إنهما كفلا حقوق الأقليات في إطار الحماية العامة لحقوق الإنسان، مكتفية بذلك بنصوص عدم التمييز بين الأفراد والجماعات[75].
4-الإتفاقية الخاصة بمكافحة جريمة إبادة الجنس البشري: دخلت تلك الاتفاقية حيز التنفيذ في 12 يناير 1951 التي أُعدت في 10 ديسمبر عام 1948، كأول اتفاقية لمنع وقمع جريمة الإبادة الجماعية، فقد اعتبرتها جريمة دولية بموجب القانون الدولي سواء أُرتكبت في وقت الحرب أو في وقت السلم، وتعهدت بمعاقبة مرتكبيها، وكذلك نصت على مجموعة من الجرائم. أيضًا تعهدت الدول الأطراف بتسليم مرتكبي هذه الجرائم وضمان عدم سريان قانون التقادم علي هذه الجرائم. وقد حدت الأفعال التي تعتبر جرائم إبادة جماعية والآليات التي تضمن تنفيذها[76].
5- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: دخل هذا العهد حيز التنفيذ في 23 مارس 1976، الذي تعهدت الدول بموجبه بحماية شعبها من ضرورة المعاملة القاسية وغير الإنسانية، إيمانًا منها بحق كل إنسان في الحياة والحرية والأمن. وتضمن هذا العهد، ولأول مرة، مادة ترتبط بحقوق الأقليات في إطار المنظمة الدولية، فالمادة(27) من العهد تنص على أنه” لا يجوز في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية أن يحرم الأشخاص المنتسبون إلي الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائرهم، أو استخدام لغتهم بالاشتراك مع الجماعات الآخرين في جماعتهم”. ومن ناحية أخرى، فإن النص واضح في التعامل مع حقوق الأقليات كأفراد وليس كجماعات، إذا كان للأقلية مصلحة في حماية أفرادها ما داموا يستمدوها بوصفهم أعضاء فيها[77].
6-العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: الذي وقع في 16 ديسمبر 1966، ودخل حيز النفاذ في 3 يناير 1976، حيث أكد هذا العهد علي التزام الدول الأطراف بضمان التمتع بالحقوق الواردة وعدم التمييز في ممارسة تلك الحقوق. ومن ثم يصبح من حق الأفراد المنتمين إلي الأقليات في الدول الأطراف في الاتفاقية، التمتع بتلك الحقوق مساواة بالأفراد المنتمين إلي الأغلبية السكانية، علي اعتبارهم مواطنين في هذه الدول[78].
7-إعلان الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية و إثنية وإلى أقليات دينية أو لغوية: صدر هذا الإعلان بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم 47/135 في 8 ديسمبر 1992، ويحتوي على حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات المختلفة في تسعة مواد. ونظرًا لأهمية هذا الإعلان، فإننا نذكر ما ورد فيه من حقوق وواجبات ولقاءات متبادلة بين الأقليات والدول التي تنتمي إليها. وفي مجال حقوق الأقليات، أشار الإعلان إلى عدد من الحقوق وفي مقدمتها: الحق في حماية وجودها وترقية هويتها(م1/1) ، والحق في التمتع بثقافة خاصة وإظهار ديانتها واستخدام لغتها سرًا وعلانيًة(م2/1)، والحق في المشاركة في مختلف جوانب الحياة (م 2/2)، والحق في المشاركة الفعلية في القرارات التي تهم الأقلية(م2/3)، والحق في إنشاء الجمعيات الخاصة بالأقليات(م2/4)، والحق في ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية الأخرى (م4/1و 8/2)، والحق في الاندماج في المجتمع(م4/4)[79].
ويشدد الإعلان في مجال التزامات الأقليات علي جملة أمور، منها: عدم المساس بمبدأ المساواة بين الدول في السيادة وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي(م8/4)، والامتناع عن أية أعمال أو ممارسات فيها انتهاك للقوانين الوطنية ومخالفة للمعايير الدولية(م4/2)، والامتناع عن أي نشاط يتعارض مع مقاصد الأمم المتحدة وأهدافها(م8/4).
كما حدد الإعلان مجموعة من الالتزامات للدول التي لديها أقليات، منها: علي الدول أن تفي بالتزاماتها بموجب المعاهدات الدولية(م8/1)ـ وتعتمد الدول التشريعات لحماية حقوق الأقليات، بما فيه تمكينها من التعبير عن خصوصيتها وتقاليدها(م2/1و م4/2)، وتمكين الأشخاص المنتمين إلي أقليات من المشاركة في التنمية والتقدم الاقتصادي في بلدهم(م4/5)، وإيلاء الاهتمام للمصالح المشروعة للأشخاص المنتمين إلي أقليات في إطار برامج التعاون والمساعدة الدولية
8-الإتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها: التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 نوفمبر 1973، ودخلت حيز التنفيذ في 18 يوليو 1976، واعتبرت الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية، وحددت في (م2) الأفعال التي تتضمنها جريمة الفصل العنصري، وفي نفس الوقت تركت للقوانين الدولية تحديد العقوبة.
9-آليات الأمم المتحدة ذات الصلة المختصة: أنشأت الأمم المتحدة آليتين تتصلان بالأقليات، أولاهما: أنشأت ولاية الخبير المستقل المعني بقضايا الأقليات بموجب قرار لجنة حقوق الإنسان 79/ 2005، وجُددت الولاية لمدة ثلاث سنوات أخرى بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان 16/6 في مارس 2011. وتم تحديد اختصاصاته بالنظر في أسباب المظالم التي تتعرض لها الأقليات، بغية التغلب على الازدواجية مع الهيئات الأخرى والاستفادة من الاختلافات في ولاياتها. ويرسل الخبير المستقل نداءات أو رسائل ادعاء عاجلة، ويقوم بزيارات ميدانية بناءً على دعوة من الحكومات لتبادل المشاورات، ورصد البرامج والسياسات ذات الصلة، وإعداد التقارير الموضوعية، وعقد الندوات والمشاورات. وثانيتهما: المنتدى المعني بقضايا الأقليات، الذي أُنشئ في عام 2007 وفقًا لقرار مجلس حقوق الإنسان 6/15، بهدف توفير منبر لتعزيز الحوار والتعاون فيما يتعلق بالأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية أو دينية أو لغوية، حيث يعمل بتوجيه من الخبير المستقل، وعالج المنتدي عددًا من القضايا في خمسة دورات ومن بينها: الأقليات والحق في التعليم، المشاركة السياسية الفعالة، المشاركة الفعالة في الحياة الاقتصادية، ضمان حقوق نساء الأقليات، سبل تحديد الممارسات الإيجابية والفرص بهدف تنفيذ الإعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو اثنية أو دينية أو لغوية.
ومن الجدير بالذكر أنه توجد إلي جانب هذه الإطارات الدولية السابقة لحماية الأقليات اتفاقيات أخري، علي سبيل المثال: اتفاقية اليونسكو الخاصة بمنع التمييز في مجال التعليم لعام 1960، والاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965، والاتفاقية الخاصة بالشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة لعام 1989.
ثانيًا- الإطار الإقليمي[80]:
يتمثل بمجموعة من الاتفاقيات الدولية التي أصدرتها المنظمات الإقليمية، ومنها:
1- الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950: دخلت حيز التنفيذ عام 1953، حيث أشارت المادة 14 منها علي كفالة الحقوق والحريات المقررة فيها دون أي تمييز بسبب النوع أو العرق أو اللغة أو العقيدة أو الرأي السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو غير ذلك.
2- الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969: دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 18يوليه 1978، على الرغم من أنها لم تشر صراحة إلى الأقليات، فإن المادة الأولي منها نصت علي منع التمييز في ممارسة الحقوق والحريات للخاضعين لولايتها علي أساس من العرق أو اللون وغير ذلك من الأسس التي جاءت مشابهة إلي حدد كبير للأسس التي ذكرتها المادة(14) من الاتفاقية الأوروبية المذكورة أعلاه.
3-الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981: دخل حيز التنفيذ في 21 أكتوبر 1986، وكذلك لم يشر هذا الميثاق إلي الأقليات، ولكنه تضمن حمايتها في سياق فردي، وذلك في المادة الثانية من الميثاق، التي تضمن تمتع جميع الأفراد بالحقوق والحريات دون أي تمييز، وفي نص يشابه أيضًا المادة(14) من الميثاق الأوروبي.
4-الميثاق العربي لحقوق الإنسان: وقد أُعد هذا المشروع في إطار جامعة الدول العربية، وأقرته الجامعة في سبتمبر 1997، حيث نصت المادة( 27 ) منه على أنه “لا يجوز حرمان الأقليات من حقها في التمتع بثقافتها أو إتباع ديانتها”. إلا أنه تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن هذا الميثاق لم يدخل حيز التنفيذ بسبب عدم تصديق الدول العربية عليه.
الباب الثاني
الحقوق الناشئة عن تطور وضع الأقليات في القانون الدولي
يوفر القانون الدولي الحماية للأقليات، حيث يبيح لهم التمتع بمجموعة من الحقوق والتي تكفل حمايتهم من تعسف الأغلبية المسيطرة، وتلك الحقوق ناتجة عن الآليات والإجراءات التي اتخذها القانون الدولي لحماية الأقليات، فمسألة الأقليات ارتبطت بمسائل حقوق الإنسان، حيث ترتكز هذه الرابطة علي أساس المساواة في الحقوق المكفولة بنصوص المواثيق الدولية، سواء كانت حقوق عامة أو حقوق خاصة. ومن هنا فإن كفالة تمتع الأقليات بحقوقها مرتبط بضمانات ترصد وتراقب مدي احترام وتنفيذ هذه الآليات والقواعد، وهو ما سنوضحه.
الفصل الأول
الحقوق والالتزامات الناشئة عن تطور وضع الأقليات في القانون الدولي
وفي ظل تطور نظام حماية الأقليات بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بها والقانون الدولي ، تطورت وتبلورت عدد من الحقوق العامة والخاصة لهذه الأقليات. كما أن للأقليات يقع علي عاتقها القيام بمجموعة من الالتزامات تجاه الدولة التي تقطنها.
المبحث الأول:
الحقوق الناشئة عن تطور وضع الاقليات في القانون الدولي
يمكن التمييز بين نوعين من الحقوق، كالتالي[81]:
أولًا- الحقوق العامة:
هذا النوع من الحقوق يتمتع بها جميع البشر بشكل عام، و الأفراد الذين ينتمون إلى الأقليات بشكل خاص. فمعظم مواثيق الأمم المتحدة تضمن حماية ذات طبيعة غير مباشرة للأقليات، أي أنه في كثير من النصوص والتشريعات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان لا تشير إلي الأقليات نفسها، علي النحو التالي:
1- الحق في الحياة: إن معظم المواثيق والإعلانات الدولية قد ركزت اهتمامها علي الحق في الحياة. وذلك نظرًا لتعرض حياة البشر لإهدارًا كأفراد وجماعا، حيث أوكلت مهمة حمايته إلي القانون، والسلطة الحاكمة هي التي تقوم بتطبيق هذا القانون وتنفيذه. فهو من الحقوق الطبيعة اللصيقة بالإنسان، وأساس ومدخل جميع الحقوق الأخرى، فعلى سبيل المثال، تنص المادة(3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه” لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان علي نفسه”، ويعطي هذا الحق للأفراد المنتمين للأقليات، وذلك في إطار الحماية العامة لحقوق الإنسان، فإذا حدث وإن وقعت جريمة إبادة الجنس من طرف الدولة فلا بد من توقيع العقاب عليها. هذا بالنسبة للمواثيق الاتفاقيات الدولية، وكذلك الحال بالنسبة للاتفاقيات الإقليمية، فموادها لا تخلو من النص علي هذا الحق والتأكيد عليه.
2- الحق في الحرية الدينية: وهي حق الفرد في اعتناق العقيدة الدينية أو غيرها من العقائد التي يختارها، ويجوز له تغييرها على أساس حريته في عدم الإيمان بتلك العقيدة أو أي عقيدة أخرى، وعدم التعرض لأي انتهاك من شأنه الاعتداء علي هذه الحرية في الاعتقاد، إلا وفقًا للقانون. وذلك بهدف حماية النظام العام والسلم والحقوق والحريات الأساسية والآداب. ويشمل ذلك حق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات في اعتناق العقيدة الدينية التي تعكس هويتهم الدينية. وقد تبنت هذا الحق جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإنسانية الأساسية، على سبيل المثال: ما أشارت إليه المادة(18/1) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من تأكيد لهذا الحق، بينما تنص المادة (27) من نفس العهد علي أنه” لا يجوز إنكار حق الأشخاص الذين ينتمون إلي أقليات عنصرية أو دينية أو لغوية في دولة ما، في الاشتراك مع الأعضاء الآخرين من جماعتهم في التمتع بثقافتهم أو الإعلان عن ديانتهم وإتباع تعاليمها أو استعمال لغتهم”، أيضًا أشارت المادة(2/1) من إعلان الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية واثنية وإلي أقليات دينية أو لغوية لعام 1992 إلي حق هؤلاء الأفراد بالتمتع بثقافة خاصة وإظهار ديانتهم(م2/1).
3- حق المشاركة في جميع جوانب الحياة: ويعني حق الأفراد بوجه عام بمن فيهم الأشخاص المنتمين إلي الأقليات، في المشاركة في تدبير الشؤون العامة السياسية والغير سياسية. وتؤكد المواد (2/2، 3) من إعلان الأمم المتحدة لعام 1992 لحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية وأثنية وإلى أقليات دينية ولغوية علي هذا الحق. وتنص المادة(21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحرية. لكل شخص حق تولي الوظائف العامة لبلده”.
4- حق الجنسية: هذا الحق واحد من الحقوق الأساسية لكل مواطن في التمتع بجنسية الدولة، الذي هو عضو فيها، سواء كان ينتمي إلي الأغلبية أم إلي الأقلية، كما أنه ينطوي على صلة قانونية وسياسية بين المواطن ودولته، تسمح له التمتع بجميع الحقوق والواجبات والحريات الأساسية. وقد نصت المادة(15) علي حق الجنسية بتأكيدها علي أنه”1- لكل شخص حق التمتع بجنسية ما. 2- لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفًا أو إنكار حقه في تغييرها”.
5- حق الخصوصية: يشمل هذا الحق كل ما يتعلق بحرمة الحياة الخاصة للشخص ومنزله وشؤون أسرته ومراسلاته الشخصية وشرفه وسمعته، وهو ما تؤكده الوثائق الدولية والإنسانية الأساسية. فعلى سبيل المثال: تنص المادة(9) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه” لكل فرد الحق في الحرية، وفي الأمان على شخصه”. كما تنص المادة (17) من العهد نفسه على أنه “لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني التدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته، أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرقه وسمعته”.
6- الحق في إبداء الرأي والتعبير: يعتبر هذا الحق من الحقوق الأساسية، التي تمكن الإنسان من التعبير بحرية عن آرائهم وأفكارهم علنًا، دون تدخل أو مضايقة، ولإيصالها إلي الجهات التي يرغب وبأي وسيلة إعلامية كانت، على نحو لا يتعارض مع النظام العام والسلم المجتمعي والآداب. وللأفراد المنتمين للأقليات هذا الحق في إبداء الرأي والتعبير عنه بطرق مختلفة، الذي قد يأخذ شكل تكوين جمعيات وصحافة وأحزاب. ونصت العديد من الوثائق الدولية والإنسانية ذات الصلة علي هذا الحق. فقد نصت المادة (19) من الإعلان العالمي علي أنه” لكل شخص الحق في التعبير والرأي…..” .ويؤكد هذا الحق أيضًا إعلان 1992 لحقوق الأشخاص المنتمين إلي الأقليات، بشأن إنشاء الجمعيات الخاصة بالأقليات(م2/4)، والحق في ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية الأخرى(م 4/1و 8/2).
وإلي جانب هذه الحقوق العامة الرئيسية، تضمنت المعاهدات والاتفاقيات الأخرى مجموعة أخري من الحقوق، علي سيبل المثال: الحق في التعليم والعمل والسكن والتنقل.
ثانيًا- الحقوق الخاصة:
وهي الحقوق التي تمارسها الأقليات وذلك بوصفها جماعات، ويعد الهدف من هذه الحقوق هو الحفاظ علي الصفة الجماعية لأفراد الأقليات؛ لأن إعطاء مثل هذه الحقوق، لا يعد تمييزًا بالمقارنة مع بقية السكان بقدر ما يشكل وسيلة للحفاظ علي ذاتية الأقلية الخاصة، ومن أبرزها:
1- الحق في الوجود: يتمثل ذلك بحق الأقلية- جماعة وأفرادًا- في الوجود، المختلفة عن الأغلبية السكانية، وحمايتها من الممارسات والقوانين الرامية إلى الحد من وجودها جزئيًا أو كليًا. وقد تم التعبير عن هذا الحق في الوجود عدد من الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية تحريم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1984، وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأفراد المنتمين إلى أقليات لسنة 1992 في المادة(1/1).
أ. حق الأقلية في الوجود المادي: تضمنت المواثيق الدولية المتعلقة بحماية الأقليات إشارة صريحة إلي حقوق الأقليات في الوجود المادي من خلال المادة الأولي من إعلان الأمم المتحدة الخاص بحقوق الأقليات الإثنية أو القومية والدينية لسنة1992، وهو ذات الحق المنصوص عليه في ضمن اتفاقية تحريم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1984.
ب. حق الأقلية في الوجود الثقافي: تتسع حماية الحق في الوجود لتسمل الحق في احترام وحماية الإرث الديني والثقافي الأساسي لهوية الأقليات، بما في ذلك المكتبات والكنائس والمساجد وأماكن السكن، وهو ما أكدته (المادة 27) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي جاء فيها:” لا يجوز إنكار حق الأشخاص الذين ينتمون إلي أقليات عنصرية أو دينية أو لغوية قائمة في دولة ما الاشتراك مع الأعضاء الآخرين مع جماعتهم في التمتع بثقافتهم أو الإعلان عن ديانتهم وإتباع تعاليمها أو استعمال لغتها”.
2- الحق في المساوة وعدم التمييز: ومضمون هذا الحق هو المساواة بين المواطنين، أقلية كانت أم أغلبية، من حيث المواطنة والقيمة والحقوق وأمام القانون، وكذلك عدم التمييز بسبب اللغة أو الدين أو الجنس أو الأصل أو الرأي إلا وفق القانون، بما يكفل لأفراد الأقلية التمتع بحقوقهم. على نحو ما أكدته الوثائق والإعلانات الدولية والإنسانية، كأساس قانوني لمطالبة الأقليات بحقها في عدم التعرض للتمييز، ومنها: الاتفاقية الدولية لتحريم كل أشكال التمييز العنصري، والمادة(27) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
3- الحق في الحفاظ علي الهوية: ويعني تمتع الأقلية بالحق في ضمان هويتها وذاتيتها من خلال الحفاظ علي خصوصياتها الثقافية أو الدينية أو اللغوية وغيرها من المعايير التي تميزها. وهو ما تم الاعتراف به في عدد من الاتفاقيات الدولية، وأُدرج في إعلان الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية واثنية وإلى أقليات دينية ولغوية لعام 1992 في نص المادة(1/1)، التي تنص على “علي الدول أن تقوم، كل في إقليمها، بحماية وجود الأقليات وهويتها القومية أو الاثنية، وهويتها الثقافية والدينية واللغوية، وبتهيئة الظروف الكفيلة بتعزيز هذه الهوية”.
4- حق تقرير المصير: يعد هذا الحق من أكثر الحقوق إثارة للإشكالات من الناحيتين القانونية والسياسية، نظرًا للالتباس والخلافات والتطورات التي تكتنف المفهوم. ويعني أن الشعب في أن يحكم نفسه بنفسه، وأن يواصل تنميته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بدون أي تدخل أجنبي. ولحق تقرير المصير مظهران: مظهر داخلي وهو حق الشعب في أن يختار بحرية نظامه، وأن يواصل تنميته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وأن يحكم نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة له وبدون تدخل خارجي، أما المظهر الخارجي فيعني استقلال الشعب وسيادته علي جميع موارده وثرواته ووجوب احترام الدول الأخرى لاستقلاله. وكذلك يعتبر حقًا جماعيًا وليس حقًا فرديًا. ولكن الاعتراف بحق الأقلية في تقرير مصيرها يؤدي إلي الاعتراف بحق الانفصال الذي سيؤدي إلي حالة من عدم الاستقرار، فإذا اعتمد العالم مبدأ أن يكون لكل أقلية إثنية أو قومية أو دينية أو لغوية دولة خاصة، فيعني ضرب النظام الدولي القائم. لذا فإن اعتراف الأقليات بحق تقرير المصير ممكن إذا كان هذا الحق هو نتيجة حتمية للظلم والاضطهاد المبالغ فيه، والذي قد يؤدي إلي سياسة التفرقة العنصرية وانتهاك حقوق وحريات الأفراد، فإذا كان السبب اضطراريًا وبعد نضالات طويلة عندها يصبح ذلك حق، وعلي المنظمات الدولية المعنية الاعتراف به وإقراره.
المبحث الثاني:
الالتزامات الواقعة علي الأقليات في القانون الدولي
إن للاتفاقيات الدولية، وعلي وجه الخصوص، إعلان الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية واثنية وإلى أقليات دينية ولغوية لعام 1992، والفقه الدولي، التزامات واقعة علي الأقليات كأفراد وجماعات، على النحو التالي[82]:
1-الحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيزها: إن الأقليات هم في المقام الأول مواطنون بعض الدول، الذين يقع على كاهلهم واجب المواطنة للحفاظ على الوحدة الوطنية والشعوب والسيادة الوطنية وتعزيزها، وعدم المساس بمبدأ المساواة في السيادة والسلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدول (م8/4 من الإعلان سابق الذكر)، وعدم السماح بتوظيفهم السياسي في إطار العلاقات والمصالح الدولية المتنازعة في خطها العام. ويُنظر إلى حقوقها في سياق واقعي وتاريخي واجتماعي، لا سيما وأن قضية الأقليات أُستغلت من قبل بعض الدول للتدخل في شؤون دول أخرى؛ بذريعة التدخل لأسباب إنسانية أو غيرها من الأسباب. وشهد التاريخ الحديث ومازال يشهد تدخلات غربية وأمريكية مكثفة في الدول العربية وغير العربية تحت ذريعة حماية الأقليات، كما حدث في العراق ويوغوسلافيا على سبيل المثال.
2-المساهمة في كل ما يعزز التقدم والتنمية البشرية والمادية: وفي إطار ارتباط المواطنة والانتماء إلى الوطن والمساواة في الحقوق والواجبات، من واجب الأقليات المساهمة الإيجابية في تعزيز عوامل وآليات التقدم والتنمية البشرية والمادية، من خلال الانفتاح والمشاركة في الحياة العامة وأنشطة الدولة والمجتمع السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. ويجب ألا تصبح مجتمعات مغلقة وجزر منعزلة عن بقية أنشطة وطموحات المواطنين بشكل عام. بما يمكنها من المشاركة في التنمية والتقدم الاقتصاديين في دولتهم، وبرامج التعاون والمساعدة الدولية(م4/5 و م5/1 من إعلان الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية واثنية، وإلى أقليات دينية ولغوية لعام 1992).
3-الامتناع عن أي أعمال أو ممارسات تنتهك القوانين الوطنية، وتتعارض مع المعايير الدولية، وعن أي نشاط يتعارض مع مقاصد الأمم المتحدة وأهدافها(م 4/2 و م 8/4 من الإعلان سالف الذكر).
مطالب وأهداف الأقليات[83] :
تختلف مطالب وأهداف الأقليات وفقًا للسياق التاريخي والاجتماعي الذي نشأت فيه، ومستوى هويتها وحراكها، وذلك نتيجة لشعور الأقليات بالتمايز العرقي والديني عن بقية المجتمع، ويمكن تلخيص هذه المطالب والأهداف في ثلاث، علي النحو التالي:
1-الاندماج والانصهار: قد يكون هدف الأقليات هو الانصهار عن طريق التخلي عن الهوية الفرعية والانخراط في الهوية الكلية للمجتمع، ثم الاندماج في إطار هذه الهوية الكلية بمجرد اختفاء الاختلافات بين الأغلبية والأقلية، وهو ما تحاول بعض الأقليات تحقيقه مثل حركة الزنوج في أمريكا.
2-الحكم الذاتي: حيث يتمثل بتمتع الأقلية بحد أدني من الاستقلالية في إدارة شؤونها الداخلية بما لا يتعارض مع الوحدة والسيادة الداخلية والخارجية للدولة، وقد يتطور هذا الحكم الذاتي إلى الاستقلال الكامل، كما حدث في كوسوفو وجنوب السودان.
3-الإنفصال: هذا الهدف هو أحد أخطر أهداف الأقليات بالنسبة للدول والعلاقات الدولية، وبالتالي أصبح موضوع نزاعات وصراعات شديدة، حيث يهدد وحدة الدول والحدود المستقرة في العلاقات الدولية، ارتباطًا بحق تقرير المصير، الذي تلجأ إليه بعض الأقليات إذا وصلت إلى نقطة عدم التعايش، على سبيل المثال مثلما حدث بالنسبة لحركة نمور التأميل في سريلانكا.
الوسائل[84]:
اعتمدت الأقليات تحقيقاً لهذه الأهداف وسيلتين أساسيتين ووفقاً لحالة كل أقلية، على النحو التالي:
1-الوسائل السياسية أو السلمية: تتمثل بجميع الأنشطة السياسية والقانونية المشروعة لضمان حقوقها سالفة الذكر وتحقيق أهدافها التي تنشدها. حيث تتخذ شكل الأحزاب والجمعيات والندوات والمؤتمرات وغير ذلك من الوسائل، وهذا ما تقوم به بعض الأقليات في الوطن العربي لضمان الاعتراف بها وضمان حقوقها الدستورية والمدنية.
2-الوسائل غير السياسية أو العنيفة: وتتمثل بالعمل المسلح والعنف مع تطور حالة الأقليات ومطالبها والدعم الخارجي الذي تتلقاه، وقد يتخذ هذا العنف شكل أعمال العنف غير المنظم والعمليات العشوائية، أو يتخذ شكل العمل المنظم عن طريق التنظيمات المسلحة التي تمارس جميع صور العنف وحرب العصابات والاغتيال والعمل المسلح والخطف وغيرها.
الفصل الثاني
ضمانات حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي
لقد اهتم المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية بوضع القواعد والأحكام، التي توضح حقوق الإنسان وحرياته مع وضع الضمانات والأجهزة التي تراقب الالتزام بهذه القواعد واللوائح وتنفيذها.
ومن ثم فإن ضمان تمتع الأقليات بحقوقها يرتبط بهذه الضمانات، وهذه الضمانات الدولية متعددة ومتنوعة، بين ما هو متصل بعمل الأمم المتحدة عمومًا ومختلف أجهزتها، وتلك التي يتم إنشائها لضمان تطبيق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وفي الاخير تقييم لفعالية آليات وضمانات حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي.
المبحث الأول:
ضمانات حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي
أولًا- ضمانات حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي في مرحلة عصبة الأمم:
من أجل تنفيذ المعاهدات والاتفاقيات المذكورة في مرحلة عصبة الأمم، كانت هناك مجموعة من الضمانات لحماية حقوق الأقليات، أبرزها:
1-المعاهدات والوثائق الدولية والقانونية المتعلقة بحماية الأقليات لا يمكن تغييرها أو إلغاؤها إلا بموافقة مجلس العصبة.
2- ويجوز للأقليات أن تتقدم بشكاوى إلى مجلس العصبة، وللمجلس أن يوجه تعليقاته للدول التي هي مصدر شكاوي الأقليات.
3-وفي حالة وجود نزاع بشأن أي نص يتعلق بحقوق الأقليات، تختص محكمة العدل الدائمة بالبت في موضوع النزاع[85].
ثانيًا: ضمانات حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي في إطار منظمة الأمم المتحدة:
أولًا- ضمانات حماية حقوق الأقليات في إطار منظمة الأمم المتحدة(اللجان غير التعاقدية):
رغم اهتمام معظم أجهزة الأمم المتحدة بحماية حقوق الإنسان وحرياته، وقيامها في أوقات مختلفة بأدوار بارزة، فإن قهر واضطهاد الأقليات، الذي يمكن أن تتعرض له الأقليات يشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان من جانب، ومن جانب آخر يؤثر سلبًا على الاستقرار العالمي وعلى حفظ السلم والأمن الدوليين، لذلك وجب التعرض لدور أجهزة الأمم المتحدة واللجان المنشأة في إطارها في ضمان حماية حقوق الأقليات.
1- اللجنة الفرعية لتعزيز حماية وحقوق الإنسان:
إقرارًا من القائمين علي إنشاء لجنة حقوق الإنسان بحجم عمل هذه اللجنة وكثافة مهامها، مكنت هذه اللجنة حق إنشاء أجهزة فرعية تابعة لها إذا كان ذلك ضروريًا لأداء وظائفها، تطبيقًا لمبدأ تقسيم العمل، وأنشأت اللجنة تبعًا لذلك اللجنة الفرعية للقضاء علي التمييز العنصري، واللجنة الفرعية لحماية حقوق الأقليات، واختصرت هذه اللجان إلي لجنة واحدة هي اللجنة الفرعية لمقاومة التمييز العنصري وحماية الأقليات، وظلت بهذه التسمية حتي عام 1999، لتصبح بعد ذلك اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان[86].
وقد تم إنشاء فريق عامل لدراسة طرق ووسائل تعزيز وحماية الأشخاص المنتمين إلي أقليات علي النحو المبين في إعلان الأقليات. وللفريق ثلاث مهام رئيسية:
أ. استعراض تعزيز إعلان الأقليات، وتحقيقه عالميًا.
ب. دراسة الحلول الممكنة للمشاكل المتصلة بالأقليات، بما في ذلك تعزيز التفاهم المتبادل بين الأقليات وبين الأقليات والحكومات.
ج. التوصية بمزيد من التدابير لتعزيز وحماية حق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو إثنية، وأقليات دينية ولغوية[87].
2- مجلس حقوق الإنسان:
لتجاوز السلبيات التي رافقت عمل لجنة حقوق الإنسان بسبب الازدواجية في تقاريرها وطريقة اختيار أعضائها، ولتفعيل مبادئ احترام مبادئ حقوق الإنسان- مبدأ المساواة وعدم التمييز في الحقوق- أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15/3/2006 تأسيس مجلس حقوق الإنسان ليحل محل لجنة حقوق الإنسان.
وبالإضافة إلى الدور الذي يمكن أن يؤديه مجلس حقوق الإنسان في حماية الأفراد المنتمين إلى أقليات إثنية أو دينية أو لغوية بوصفهم مستفيدين من الحقوق والحريات التي يعترف بها لأي إنسان، من خلال الاستعراض الدوري الشامل لتقارير الدول، أو إجراء الشكاوى، أو الإجراءات الخاصة. فإنه لرصد مدي تمتع الأقليات بحقوقها كمجموعات، فقد تم إنشاء ضمن الإجراءات الخاصة المقرر الخاص المعني بالأقليات، والذي سبقه إنشاء الفريق العامل المعني بالأقليات عام 1995 بهدف دراسة طرق ووسائل تعزيز وحماية الأشخاص المنتمين إلي أقليات حسب ما يقتضيه الإعلان الخاص بالأقليات لعام 1992. وضمن إطار الأجهزة الفرعية، أنشأ مجلس حقوق الإنسان المنتدى المعني بقضايا الأقليات، وبالتالي نتناول هاتين الآليتين باعتبارهما معنيتين مباشرة بحماية حقوق الأقليات.
أ. المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات: أنشئت ولاية المقرر الخاص المعني بالأقليات في عام 2005 ،لمدة ثلاث سنوات، بموجب قرار لجنة حقوق الإنسان المرقم ب 79، 2005، ولكن مجلس حقوق الإنسان لا يزال يجدد ويمدد فيها، ولذلك تقوم بمجموعة من المهام أهمها:
– تعزيز تنفيذ الإعلان المتعلق بحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية وإثنية وإلي أقليات دينية ولغوية، بما في ذلك عن طريق المشاورات مع الحكومات، مع مراعاة المعايير الدولية والتشريعات الوطنية القائمة المتعلقة بالأقليات.
– تحديد أفضل الممارسات والإمكانيات للتعاون التقني مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بناء علي طلب الحكومات.
– تقديم تقارير سنوية إلى مجلس حقوق الإنسان عن الأنشطة القائمة، بما في ذلك توصيات بشأن وضع استراتيجية فعالة لتحسين إعمال حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات.
إن المقرر الخاص المعني بالأقليات، شأنه شأن غيره من الخبراء ينفذ المهام الموكلة إليه عن طريق مجموعة متنوعة من الأساليب والوسائل منها إعداد دراسات المواضيعية، والقيام بالزيارات القطرية، وتلقي شكاوى من الأفراد والمجموعات، وإعداد التقارير السنوية، فضلًا عن حضور المؤتمرات والندوات ذات الصلة بالولاية، وكذلك المشاورات مع المنظمات الحكومية الدولية والوكالات الخاصة والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية العاملة التي تعمل علي تعزيز تمتع الأشخاص المنتمين إلى أقليات بحقوقهم.
وقد أدت جهود المقررين الذين مروا علي الولاية المعنية بالأقليات إلى زيادة الوعي بحقوق الأقليات، وزيادة تسليط الضوء علي هذه الحقوق، فضلًا عن بذل الجهود الرامية إلى تعزيز وحماية حقوق الأقليات من أجل ضمان التنمية العادلة والأمن والاستقرار في المجتمعات. وإن كان الأمر نسبيًا، فما تزال العديد من الأقليات في العالم تعاني من انتهاكات لحقوقها بالإضافة إلي التهميش والإحساس بالغربة في بلادها.
ب- المنتدي المعني بقضايا لأقليات: أُنشئ المنتدى المعني بقضايا الأقليات في إطار الأجهزة الفرعية لمجلس حقوق الإنسان بموجب قراره 15/6 المؤرخ في 28 سبتمبر 2007، وُجدد في عام 2012، بموجب القرار 23/ 19المؤرخ في 23 مارس 2012، لتوفير منبرًا لتعزيز الحوار والتعاون بشأن القضايا المتعلقة بالأشخاص المنتمين إلى أقليات.
ويعد المنتدى هو الاجتماع السنوي الوحيد المكرس بقضايا الأقليات في إطار الأمم المتحدة، الذي يتيح فرصة فريدة للمشاركة والحوار مع مجموعة واسعة من الجهات المعنية، حيث يحدد المنتدي أفضل الممارسات والتحديات والفرص والمبادرات من أجل مواصلة تنفيذ إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية، ويجتمع المنتدى سنويًا بتوجيه وإعداد من المقرر الخاص المعني بشؤون الأقليات في جنيف لمدة يومين لمناقشة المواضيع ذات الصلة بالأقليات، ويسعى من خلالها إلى تقديم نتائج عملية وملموسة في شكل توصيات مواضيعية ذات قيمة عملية لجميع الجهات المعنية.
ويساهم المنتدي بصفة عامة في الجهود المبذولة، لتحسين التعاون بين آليات الأمم المتحدة وهيئاتها ووكلائها المتخصصة وبرامجها وصناديقها بشأن الأنشطة المتعلقة بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية وإثنية وإلي أقليات دينية ولغوية[88].
3- مجلس الأمن :
لا يخفي علي أحد أن مشكلات الأقليات يمكن أن تؤدي إلي تعريض الأمن والسلم الدوليين إلي الاختلال وزعزعة الاستقرار العالمي، نتيجة عدم احترام حقوقها وتفشي الانتهاكات الخطيرة ضدها، ولما كان مجلس الأمن هو المسؤول الرئيس عن حفظ السلم والأمن الدوليين، فقد منحه الميثاق عددًا من الاختصاصات لحل المنازعات الدولية، سواء بالوسائل السلمية أو القمعية حسب الحالة. ومن الأمثلة التي نذكرها لاهتمامه بمصير الأقليات بالوسائل السلمية ما بذله من جهد منذ عام 1964 لتسوية النزاع في جزيرة قبرص بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين، فأنشأ قوة الأمم المتحدة لحفظ السلم في قبرص، ودعا الجانبين إلى احترام حقوق وحريات الأقلية في كل من الجانبين، ورفض أي شكل من أشكال التقسيم أو الانفصال، نفس الاهتمام الذي بذله مع الأقلية الصربية في جمهورية كرواتيا في 1995[89].
غير أن مجلس الأمن منذ عام 1990 مع انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي وظهور نظام القطب الواحد بقيادة الولايات المتحدة، بدأ مجلس الأمن ينتهج نهجًا جديدًا فيما سُمي بالتدخل الإنساني، الذي يهدف إلى وضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لاسيما وأن مشكلة الأقليات اتخذت بعدًا جديدًا، حيث اقترنت بالعديد من النزاعات ذات الطابع العرقي والديني التي اندلعت بين القوميات المختلفة في العالم، وساعد علي بروزها نمو الاتجاهات العنصرية المدعومة بتطور وسائل الإعلام، والتي ساعدت علي نمو الرغبة علي الانفصال لدا أبناء الأقلية، وهو ما ظهر في يوغوسلافيا سابقًا واندونيسيا ورواندا، وهو ما استدعي تدخل مجلس الأمن بالإجراءات العسكرية، خاصة وأن الأزمات الإنسانية التي تنشأ عن هذه الصراعات الإثنية تهدد السلم والأمن الدوليين[90].
غير أن الانتقائية والازدواجية التي طبعت معظم التدخلات، التي حدثت من أجل حماية الأقليات بحكم مصالح الدول الكبرى، جعلت التدخل الإنساني يفشل في تحقيق أهدافه والمواءمة مع مبرراته. ويكفي أن نستشهد بمثال على هذا الفشل، وعلى الرغم من المأساة التي تعيش فيها أقلية الروهينغا في بورما منذ عام 2012، وتصاعدها بشكل لافت منذ عام 2017، وما خلفته عن أزمة إنسانية، ناجمة عن التطهير العرقي والتهجير الجماعي لهذه الفئة، فإن مجلس الأمن لم يتحرك لحماية هذه الأقلية الدينية لأن الدول الكبرى قد سيست مجلس الأمن وسيرته وفقًا لمصالحها حتي لو كان ذلك على حساب حقوق الإنسان[91].
ثانيًا- ضمانات حماية حقوق الأقليات المنبثقة عن اتفاقيات حقوق الإنسان( اللجان التعاقدية):
ويتطلب إنفاذ حقوق الأقليات المقررة من الدول التي توجد فيها أقليات أن تتخذ إجراءات تشريعية وتنفيذية تمكن الأقلية من ممارسة حقوقها، وأن تحترم إرادة الأقلية في الحفاظ على خصائصهم الاثنية واللغوية والدينية، وألا تتدخل بأية تدابير أو سياسات تنتهك ممارسة الأقليات لحقوقها أو تهدف إلى استيعابها بالقوة أو الإكراه، أو فرض قيود عليها تتجاوز تلك المنصوص عليها في هذه المواثيق[92].
وهذا الانفاذ هو التزام يقع علي عاتق الدول ، ومع ذلك، وبغية تشجيع الدول وحثها في الوفاء بالتزاماتها، أنشأت اتفاقيات الحقوق لجانًا تقوم هذه اللجان التعاقدية برصد امتثال واحترام الدول للحقوق الواردة في الاتفاقية من خلال تقديم التقارير الدورية. وتنظر اللجنة في تقارير الدول الأطراف بصورة دورية، وتقدم في ختام دراستها ومناقشتها لهذه التقارير توصيات واقتراحات بشأن مختلف التدابير التي ينبغي أن تتخذها الدولة المعنية لتعزيز الامتثال للمعاهدة المعنية[93].
ومن أجل تنفيذ حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات، أُنشأت لجان لرصد التقدم الذي تحرزه الدول الأطراف في الوفاء بالتزاماتها إضافة إلي إعطاء كل من الأفراد والدول الأطراف في الاتفاقيات المعنية بحقوق الأقليات حق تقديم الشكاوي. ويمكن في هذا الصدد التوجه إلي اللجنتين الآليتين:
1-اللجنة المعنية بالحقوق السياسية والمدنية:
أُنشئت اللجنة بموجب المادة 28 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966. وتعتبر هذه اللجنة إحدى آليات حقوق الإنسان، وقد حددت وظيفتها المواد 40 إلي 45 بالعهد الدولي.
وبمقتضي المادة 40 تتعهد الدول الأطراف بتقديم تقارير عن التدابير التي اتخذتها، والتي تمثل إعمالًا للحقوق المعترف بها، وعن التقدم المحرز لهذه الاقليات في التمتع بهذه الحقوق. وذلك خلال سنة من بدء نفاذ هذا العهد إزاء الدول الأطراف المعنية، ثم كلما طلبت اللجنة إليها ذلك، كما تتعهد الدول المتعاقدة بتقديم جميع التقارير إلي الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يحيلها إلي اللجنة للنظر فيها.
ثم تتولي اللجنة دراسة التقارير التي تقدمها الدول عند تنفيذها لبنود حقوق الإنسان بالعهد الدولي، وتناقش مندوبي الدول في مدي تنفيذها نصوص العهد الدولي. فهي جهة مراقبة ومتابعة علي الدول في ذلك، وتعد في هذا الشأن تقارير تتضمن ملاحظات وتوصيات وترسلها إلي الدول الأطراف في العهد.
كما أوضحت المادة 41 من العهد، أن لكل دولة طرف في هذا العهد أن تعلن في أي حين أنها تعترف باختصاص اللجنة في استلام ودراسة بلاغات، تنطوي علي ادعاء دولة طرف بأن دول طرفًا أخري لا تفي بالالتزامات التي يرتبها عليها هذا العهد. ولا يجوز استلام ودراسة البلاغات المقدمة بموجب هذه المادة إلا إذا صدرت عن دولة طرف إعلانًا تعترف فيه، في ما يخصها، باختصاص اللجنة. ولا يجوز أن تستلم اللجنة أي بلاغ يهم دول طرفًا لم تصدر الإعلان المذكور.
ومنذ إصدار البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسة، أصبح بإمكان اللجنة النظر في الشكاوي المقدمة من قبل الأفراد بصفة مباشرة أو عن طريق المنظمات غير الحكومية عندما يتعرضون إلي انتهاك حق من الحقوق التي أقرها العهد[94].
2- اللجنة الخاصة بإزالة التمييز العنصري:
تم تأسيس اللجنة بموجب المادة الثامنة من الاتفاقية الدولية الخاصة بإلغاء جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965. ترفع اللجنة في كل سنة للجمعية العامة تقريرًا عن نشاطاتها، ويمكنها أن تقدم اقتراحات وتوصيات ذات صبغة عامة ومبنية علي تدقيق التقارير والمعلومات التي وصلتها للدول الأطراف[95].
ويلخص الجدول التالي ضمانات حماية الأقليات علي المستوي الدولي:
نوع الصك | اسم الصك | الإجراءات الممكنة بشأن الانتهاكات |
ملزم قانونًا مع وجود آليات للشكاوي | -العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
-اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري |
-قرارات بشأن الشكاوي الرسمية، أو البلاغات المقدمة من لجنة تعاقدية.
-التعليق علي التقرير الدولي المقدم من الدولة |
ملزك قانونًا مع وجود آليات للشكاوي | العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية | التعليق علي التقرير الدوري المقدم من الدولة |
غير ملزم قانونًا | -الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
-الإعلان الخاص بحقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو إثنية وإلي أقليات دينية ولغوية |
-توجيه نقد عام من هيئات الأمم المتحدة لانتهاكات محددة
-مناقشة قضايا تثير قلق الأقليات -وضع مبادئ وخطوطًا إرشادية جديدة؛ للتأثير علي سلوك الدولة |
ورغم أن هذا النظام يقوم على التنفيذ الطوعي للدول لالتزاماتها بموجب هذه العهود والاتفاقيات، فإنه مع ذلك يحقق قدرًا من الفائدة لحقوق الإنسان بوجه عام وحقوق الأقليات بوجه خاص، لأن تركيز هذه اللجان ينصب على “الحوار البناء” مع الدولة المعنية، والذي يتركز علي التقدم المحرز والعوامل والصعوبات المصادفة في تنفيذ الاتفاقية، وبشأن أولويات التنفيذ والأهداف المقبلة، من أجل تشجيعها علي تنفيذ التزاماتها، وعلي الإعمال الكامل والفعال للحقوق المعترف بها في هذه العهود والاتفاقيات. كما أن الفحص الدوري للتقارير يشكل ضغطًا أدبيًا لا يستهان به، يدفعها دائمًا إلى تحسين تدابيرها الرامية إلى توفير حماية أفضل بين تقرير وتقرير تجنبًا لتلقي ردود فعل سلبية، الأمر الذي يؤثر حتمًا على سمعتها الدولية.
المبحث الثاني:
تقييم فعالية آليات وضمانات حماية الأقليات في القانون الدولي في ضمان حقوقها
أولًا- لم تمكن المعاهدات والاتفاقيات عصبة الأمم من ضمان نظام قانوني فعال لحماية حقوق الأقليات. وذلك لأسباب مختلفة أوجزها البعض على النحو التالي:
1- إن النظام الذي صمم لمنع التمييز بين الأغلبية والأقليات كان يهدف في نفس الوقت إلى التمييز بين الدول المنتصرة التي سعت إلى حماية الأقليات، والدول المهزومة التي فرضت عليها هذا النظام.
2- هذا النظام فتح المجال لبعض الدول للتدخل في دول أخري تحت زعم حماية الأقليات، فعلى سبيل المثال، تدخلت ألمانيا لحماية الأقليات ذات الأصل الألماني في بعض البلدان الأوروبية.
3- إن انهيار عصبة الأمم أدي في ذات الوقت لإلي انهيار هذا النظام؛ نظرًا لارتباط نظام حماية الأقليات بعصبة الأمم.
4- أدى عدم وجود نصوص التي تحدد التزامات وواجبات الأقليات نفسها إزاء الدول المطلوب منها حمايتها، إلى أن تتصرف هذه الأقليات سلوكًا غير مقبول، معتبرة نفسها دولًا داخل الدولة التي تنتمي إليها .
5- إن صعوبة وضع تعريف محدد لمصطلح الأقليات، دفعت العديد من الدول إلى النأي بنفسها عن نظام الحماية، علي أساس عدم وجود أقليات علي أراضيها[96].
ثانيًا- لابد من الإشارة إلى أنه على الرغم من وجود العديد من الآليات الدولية في مرحلة القانون الدولي المعاصر- مرحلة الأمم المتحدة، التي ترصد تمتع الأشخاص المنتمين إلى أقليات بحقوقهم، على النحو الوارد في مختلف الوثائق الدولية ذات الصلة، فإن الأقليات في الواقع لا تزال في كثير من الأحيان من بين أفقر الفئات وأكثرهم استبعاداً، وأكثرهم تعرضًا للإقصاء والتهميش الاجتماعي والاقتصادي علي الصعيد العالمي، وأن عشرات الملايين من الأشخاص المنتمين إلى أقليات يقعوا في حلقة من التمييز والإقصاء والفقر والتخلف، فضلًا عن تعرضها للقتل والتشريد والتهجير فور نشوب نزاعات داخلية. وهو ما يتطلب البحث عن آليات أكثر فاعلية.
ففي يوغسلافيا مثلًا لم تتمكن هيئة الأمم المتحدة أن تسيطر على التدخل الذي طالها والتصفية العرقية التي لحقت المسلمين فيها منذ سنة 1991، وقد كان تدخل الأمم المتحدة فيها محلًا للنقد خاصًة القرار 770 الذي أجاز لحلف الشمال الأطلسي التدخل في يوغسلافيا دون أن يفرض رقابة الأمم المتحدة على هذا التدخل، كما تم انتقاد القرار 713 من مجلس الامن والذي فرض حظر عام وكامل على مبيعات الأسلحة والمعدات الحربية في يوغسلافيا مع علم الأمم المتحدة أن مسلمي البوسنة غير مسلحين، الأمر الذي سهل عملية تطهيرهم؛ وبدل أن تُؤمّن الهيئة لهذه الفئة الحماية أمنت عن طريق قرارتها سبل الإبادة وطرق التطهير؛ وهذا ما أكده تقرير لجنة حقوق الإنسان الذي أشار إلى عدم التوازن الواضح في الأسلحة بين الصرب والمسلمين في البوسنة، وقد أدت قرارات الأمم المتحدة المتمثلة في القرار 135/47 سنة 1992، وقرار الجمعية العامة 51/55 سنة 1996 إلى تفكيك يوغسلافيا وتحويلها إلى مجموعة من الدول وهو ما يتناقض مع الوثائق الدولية خاصة اعلان حقوق الأقليات. وقد يقول البعض أن هيئة الأمم المتحدة قد نجحت رغم الخسائر والتثاقل في الحد من وتيرة أعمال الإبادة الجماعية في يوغسلافيا ورواندا وقد تمت معاقبة الفاعلين. مما سبق تتبين لنا حقيقة مفادها أن آليات القانون الدولي لحماية الأقليات لاتزال ضعيفة جدًا، ينبغي أن تُحاط بسياج الردع وسرعة الاجراء والرقابة وأن تهيئ لها كل الظروف التي تكفل حفظ السلم والأمن الدوليين[97].
الخاتمة
تناقش الدراسة موضوع حقوق الأقليات في القانون الدولي، من خلال التطرق إلي موضوع الأقليات، لبيان مفهومها، وجذورها التاريخية، ومعاييرها، وتصنيفاتها، وآليات القانون الدولي لحمايتها في مختلف المراحل التي سبقت وأعقبت الحربين العالميتين الأولي والثانية، وكذلك الحقوق الناشئة عن تلك الآليات إلي مجموعة من النتائج والتوصيات نلخصها كالآتي:
أولًا- النتائج:
1-عدم وجود تعريف محدد للأقليات، لكن يبقي دائمًا أن مفهوم الأقليات في المجتمع الدولي بكونها المجموعة البشرية- والتي مزقتها الصراعات السياسية والحملات العسكرية- التي تعيش في دولة أو أكثر، وتميزهم خصائص اجتماعية ولغوية ودينية وإثنية وعرقية، بحيث تقل عددًا عن أغلبية السكان الذين يشكلون الأغلبية، فتعاني من الظلم والقهر والاضطهاد، وهذا ما يجعلهم يناهضون من أجل الحفاظ علي وحدتهم وخصائهم.
2-تمتد الجذور التاريخية لموضوع الأقليات إلى بداية التشكيلات السياسية والاجتماعية والحضارات العريقة، حيث أدت الممارسات التمييزية والحروب والتطورات والحروب والنزاعات إلى بلورة موضوع الأقليات، موضوعًا وحماية، وقضية ضاغطة على الدول. وعلى وجه الخصوص، مع ظهور ظاهرة الدولة – الأمة التي تتسم بالتعددية وما يصاحبها من تعدد للأقليات نفسها التي لا تكاد تخلو منها دولة إلا ما ندر. وبالتالي بدأت قضية الأقليات تأخذ حيزًا واسعًا في القانون الدولي والمواثيق الدولية والإنسانية ومصالح الدول، ابتداءً من العصور الوسطى التي شهدت البداية الحقيقة لطرح موضوع الأقليات، وفي ضوء مرحلتي القانون الدولي التقليدي والمعاصر.
3- لقد اتخذت قضية الأقليات وحمايتها في البداية بعدًا دينيًا وسياسيًا وتدخلات أوروبية، وخاصة نتيجة للحروب المدمرة بين الكاثوليك والبروتستانت، ثم ما لبث باتخاذها بعدًا عرقيًا وقوميًا ولغويًا وإطارًا قانونيًا وسياسيُا، مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الأقليات وحمايتها في مرحلتي القانون الدولي والمعاصر بعد تشكل مرحلتي كل من عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة.
4-فشلت عصبة الأمم في حماية حقوق الأقليات، وذلك بفعل النظام الذي كان قائد آنذاك، حيث كان اكتساب الحقوق للدول المنفردة فقط، والذي أدي بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول باسم حماية حقوق الإنسان والأقليات، وهذا ما أدي لفشلها.
5- في مرحلة الأمم المتحدة، لم تشر الاتفاقيات الدولية والإقليمية صراحًة إلي حقوق الأقليات وحمايتها، ولكن جاءت عامة في إطار حماية حقوق الإنسان والحريات، كما تعاملت مع الأشخاص الذين ينتمون إلى الأقليات بصفتهم الفردية وليس بصفتهم الجماعية كأقليات. ويمثل إعلان الأمم المتحدة لعام 1992 بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو إثنية وإلي أقليات دينية ولغوية الصك الأساسي الذي يواجه أنشطة الأمم المتحدة في هذا المجال اليوم
6- وعلى الرغم من هذه الاتفاقيات، لم يتوصل القانون الدولي إلى تعريف جامع مانع بشأن الأقليات، ما انعكس علي المعايير الخاصة بتصنيف الأقليات التي اختلفت وفقًا للاتجاهات والرؤي التي تبناها الدول والفقه معًا، لكن فيما يبدو من اتفاقيات وقرارات الأمم المتحدة أنها استقرت علي الأقليات الدينية والعرقية واللغوية.
7-وقد وضعت الاتفاقيات مجموعة من الحقوق العامة والخاصة للأقليات، حيث تتمثل الحقوق العامة بشكل أساسي بالحق في: الحياة، والعقيدة، والمشاركة في شتي جوانب الحياة العامة، والخصوصية، والجنسية، وإبداء الرأي. فيما تتمثل الحقوق الخاصة بالحق في: الوجود، والمساواة وعدم التمييز، وتقرير المصير.
8- وبالإضافة إلى هذه الحقوق، فقد ألزمت الاتفاقيات الدولية القيام بعدد من الواجبات لصالح الأغلبية والدول التي تنتمي إليها. وقد أُهملت هذه الواجبات، حيث يجري الحديث دائمًا عن حقوق الأقليات وحمايتها دون الواجبات، وهو ما يتعدى على حقوق الأغلبية والدولة التي تنتمي إليها، لأغراض سياسية غالبًا ما تستخدم موضوع الأقليات للمصالح الخاصة، و في مقدمة هذه الواجبات: الامتناع عن أي أعمال تضر بالوحدة الوطنية للدول وسيادتها وسلامة أراضيها الإقليمية، وأية ممارسات تنتهك القوانين الوطنية وتتعارض مع المعايير الدولية، وعن أي نشاط يتعارض مع مقاصد الأمم المتحدة وأهدافها.
9- رغم ظهور العديد من المنظمات العالمية، وخاصة بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، إلا أن هذه المواثيق والمعاهدات الخاصة بحماية الأقليات أدت لازدواجية المعايير في التعامل مع العديد مع العديد من القضايا الدولية، وجعل هذه المواثيق ضعيفة وغير ملزمة، وعليه فالقانون الدولي لم يوفر الحماية للأقليات.
10- إن ما يضمن حقوق الأقليات في القانون الدولي هي بداية الالتزام الطوعي للدول باحترام هذه الحقوق، والرقابة التي تمارسها المنظمات والهيئات الدولية ليست لها سلطة الإجبار ، وحتي مجلس الأمن الذي يمكنه التدخل بوسائل قسرية نلاحظ عليه الانتقائية والازدواجية في معالجة الانتهاكات، لأن دولًا تملك حقوق الفيتو ويمكنها أن تعترض علي أي إجراء ضد أي دولة حتي ولو كانت تنتهك حقوق الإنسان ومنها حقوق الأقليات.
ثانيًا- التوصيات:
في ظل هذه النتائج فإن الباحث يوصي بالتالي:
1-يري الباحث أن معالجة مشكلة الأقليات تكمن في أن يتم إعادة صياغة ميثاق ضمان تفعيل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحقوق الخاصة والعامة للأقليات، وتغليب مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات وأمام القانون دون أي تمييز على أساس اللغة أو العرق أو الدين أو أي عنصر من العناصر المميزة الأخرى، وضمان ذلك وفق المعايير الدولية المشار إليها في سياق البحث، في الأنظمة والدستور والقوانين والتعليمات واللوائح، مع ضورة التأكيد علي تجريم أي فعل القصد منه التمييز ضد الأقليات سواء كان ذلك بشكل صريح أو ضمني.
2- تطبيق المدخل القانوني والإنساني لحل مشكلة الأقليات، وفق الاتفاقيات الدولية وقواعدها القانونية الآمرة بشأن بيان حقوق الأقليات العامة والخاصة، بما في ذلك حق تقرير المصير، وواجباتها في إطار الدول التي تنتمي إليها والأغلبية التي تشاركها حقوق وواجبات المواطنة.
3-ضرورة تركيز القانون الدولي عاجلًا علي البحث عن آليات جديدة ذات فعالية واقعية في حماية حقوق الأقليات، خاصًة بعدما كشفت جائحة كورونا من أن الأقليات هي الفئة الأكثر معاناة من التمييز والتهميش حتي في الدول المتقدمة.
4- آليات القانون الدولي لحماية حقوق الأقليات وحدها لا تكفي لتمكين الأشخاص المنتمين للأقليات من حقوقها وتجنبهم من الانتهاكات، وإنما يجب أن يدرك الأفراد خاصة والمجتمع عامة في كل دولة أهمية الأقليات كمكون هام من النسيج الاجتماعي، وهذا يعتمد علي التوعية والتنشئة، وهذا ما يجب أن تركز عليه اللجان التعاقدية ومجلس حقوق الإنسان في توصياتها للدول أثناء الاستعراض الدوري لتقاريرها.
5-دعوة كليات القانون والعلوم السياسية والإعلامية والاجتماعية إلي تخصيص محاضرات ودراسات مؤتمرات لتعميم المعرفة بموضوع الأقليات وحقوقها وواجباتها وآليات وضمانات حمياتها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وذلك من أجل بناء الحوار الفعال والفهم والمعرفة والثقة المتبادلة بين الأقليات والمواطنين بشكل عام.
قائمة المراجع:
أولًا- باللغة العربية:
1-القرآن الكريم:
1- سورة الحجرات
2-سورة المائدة
2-الوثائق:
1- الاتفاقية الخاصة بمكافحة جريمة الجنس البشري، نيويورك، 1951.
2- إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو إثنية وإلي أقليات دينية، نيويورك، 1992.
3- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، باريس، 1948.
4- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، 1966.
5- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المؤرخ، نيويورك،1969.
6- ميثاق الأمم المتحدة، نيويورك،1945.
3- الكتب:
1- أحمد أبو الوفا، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في إطار منظمة الأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة، القاهرة: دار النهضة العربية، 2000.
2- أحمد وهبان، الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر، الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة للنشر، 2001.
3- بدرية عقعاق، تحديد مفهوم الأقليات في القانون الدولي والوسائل الدولية لحمايتها، القاهرة: دار الفكر والقانون، 2013.
4- بودون وف بوريكوا، المعجم النقدي لعلم الاجتماع، ترجمة: سليم حداد، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1986.
5- حسام أحمد محمد هنداوي، القانون الدولي وحماية حقوق الأقليات” ، القاهرة: دار النهضة العربية، دون سنة نشر.
6-حسام هنداوي، التدخل الإنساني، دراسة فقهية وتطبيقية في ضوء القانون الدولي العام، القاهرة: دار النهضة العربية، 1996.
7- حسان بن نوي، تأثير الأقليات في الشرق الأوسط، الإسكندرية: مكتبة الوفاء القانونية، 2015.
8- حسن حنفي عمر، حق الشعوب في تقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية، القاهرة: دار النهضة العربية، 2005.
8- حسين جميل، حقوق الإنسان في الوطن العربي، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1986، ص 47 وما بعدها.
9- سعد الدين إبراهيم، الملل والنحل والأعراف( هموم الأقليات في الوطن العربي)، القاهرة: مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، 1994.
10- سعد الدين ابراهيم، “تأملات في مسألة الأقليات”، القاهرة: مركز ابن خلدون، 1996.
11- سميرة بحر، المدخل لدراسة الأقليات، القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية، 1983.
12- السيد محمد جبر، المركز الدولي للأقليات في القانون الدولي للأقليات مع المقارنة بالشريعة الإسلامية، الإسكندرية: منشأة المعارف، 1990.
13- الشافعي البشير، القانون الدلي العام في السلم والحرب، المنصورة: دار الجلاء الجديد، 1997.
14- شعبان الطاهر الاسود، قضايا الأقليات بين العزل والاندماج، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2003.
15- صلاح سعيد إبراهيم، حماية الأقليات في القانون الدولي المعاصر، القاهرة: دار الفكر العربي، 1996.
16- طالب عبدالله فهد العلواني، حقوق الأقليات في القانون الدولي، الإسكندرية: دار الفكر الجامعي، 2014.
17- عبدالحميد البطريق وعبدالعزيز نوار، التاريخ الأوروبي الحديث من عصر النهضة الأوروبية إلي مؤتمر فينا، بيروت: دار النهضة للطباعة والنشر، 1974.
18- عبدالعزيز محمد سرحان، القانون الدولي العام، القاهرة: دار النهضة العربية، 1973.
19- عبدالهادي عباس، حقوق الإنسان، دمشق: دار الفكر للتأليف والترجمة والنشر، 1995.
20- عبدالوهاب الكيالي وآخرون ، الموسوعة السياسية، بيروت: دار النعم، 1990.
21- عروبة جبار الخزرجي، القانون الدولي لحقوق الانسان، الأردن: دار الثقافة، 2012.
22- عزت سعيد، حماية حقوق الإنسان في ظل التنظيم الدولي الإقليمي، القاهرة: مطبعة العاصمة، 1988.
23- قسمة الجداوي، المنظمات الدولية المتخصصة، القاهرة: دار الفكر العربي، 1997.
24- مجدي الداغر، أوضاع الأقليات والجاليات الإسلامية في العالم قبل وبعد 11/9/ 2001، المنصورة: دار الوفاء للنشر والتوزيع، 2006.
25- محمد الشقنقيري، تاريخ النظم القانونية والاجتماعية، القاهرة: دار الفكر العربي، 1977.
26- محمد الطاهر، الحماية الدولية للحقوق والأقليات في القانون الدولي العام المعاصر، القاهرة: دار النهضة العربية، 2009.
27- محمد المجذوب، الوسيط في القانون الدولي العام، بيروت: الدار الجامعية، 1990.
28- محمد بيومي مهران، دراسات في تاريخ الشرق الأدنى، الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1984.
29- محمد خالد برع، حقوق الأقليات وحمايتها في ظل أحكام القانون الدولي العام، بيروت : المنشورات الحلبية الحقوقية، 2012.
30- محمد شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان، القاهرة: دار الشروق، 2003.
31- محمد طه بدوي وليلي أمين مرسي، النظرية للعلاقات الدولية، الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع، 1992، ص 207 وما بعدها.
32- محمد غازي ناصر الجنابي، التدخل الإنساني في ضوء القانون الدولي العام، بيروت: منشورات الحليين الحقوقية، 2010.
33- مني يوخنا ياقو، حقوق الأقليات في القانون الدولي العام، دراسة سياسية قانونية، القاهرة: دار الكتب القانونية، 2017.
34- نيفين مسعد، الأقليات والاستقرار السياسي في الوطن العربي، القاهرة: دار النهضة العربية، 1988.
35- وائل أحمد علام، حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي العام، القاهرة: دار النهضة العربية، 2001.
4-الدوريات العلمية:
1- أحمد عبد العباس عبد البديع، “الأقليات القومية وأزمة السلام العالمي”، مجلة السياسة الدولية، العدد 144، أكتوبر 1993.
2- بطرس غالي، “الأقليات وحقوق الإنسان في الفقه الدولي”، مجلة السياسة الدولية، العدد 39، 1975.
3- بطرس غالي، “الأمم المتحدة ومناهضة العنصرية في جنوب إفريقيا”، مجلة السياسية الدولية، العدد 121، 1995.
4- جورج قرم، “الطائفية ومشكلة الاندماج القومي”، مجلة دراسات عربية، العدد1، 1987.
5- هاجر ختال وقاسمي جمال،” ضمانات حماية حقوق الأقليات بين القانون الدولي والفكر الاسلامي”، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، العدد الرابع، 2014.
6- سعد الدين ابراهيم، “نحو دراسة سوسيولوجية لوحدة الأقليات في الوطن العربي”، مجلة قضايا عربية، العدد الأول، 1976.
7- سعد سلطان سالم الشبكي ومحمد فوزي زيدان الحبوري، “التدخل الإنساني الدولي لحماية حقوق الأقليات في ضوء القانون الدولي العام”، مجلة تكريت للحقوق، العدد 30، 2016.
8- عبدالمنعم بن أحمد،” اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في ظل مهام اللجنة الدولية لحقوق الإنسان وصلاحيات مجلس حقوق الإنسان”، مجلة دفاتر السياسة والقانون، العدد الرابع، 2011.
9- عزت سعد السيد، “حماية الأقليات في ظل التنظيم الدولي المعاصر”، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد 42، 1986.
10- قاسمي جمال، “الحقوق الجديد للأقليات في القانون الدولي لحقوق الإنسان( منع التمييز كنموذج لذلك)”، مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية، العدد التاسع، 2016.
11- محمد فائق، “حقوق الانسان بين الخصوصية والعالمية”، مجلة المستقبل العربي، العدد 243، مايو 1999.
5-أطروحات الماجستير والدكتوراه:
1- أحلام خنيش، الحماية الدولية لحقوق الأقليات، “رسالة ماجستير”، جامعة الجزائر: كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2015.
2- الطاهر بن أحمد، حماية الأقليات في ظل النزاعات المسلحة بين الفقه الجنائي الإسلامي والقانون الدولي الإنساني، “رسالة ماجستير”، جامعة الجزائر: كلية العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية، 2009.
3- حسان بن النوي، تأثير الأقليات علي استقرار النظم السياسية في الشرق الأوسط، “رسالة ماجستير”، جامعة بسكرة: كلية حقوق وعلوم سياسية، 2010.
4- حسوني أبو بكر، فقه الأقليات المسلمة بين النظرية والتطبيق، “رسالة دكتوراه”، جامعة وهران : كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية، 2011.
5- شهاب طالب الزوبعي، الحماية الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان في ضوء المتغيرات الدولية، “رسالة ماجستير”، الأكاديمية العربية: كلية القانون والسياسة، 2008.
6- عبدالعزيز حسن صالح، المركز القانوني للأقليات: دراسة مقارنة بين القانون الروماني والشريعة الإسلامية، “رسالة دكتوراه”، جامعة القاهرة: كلية الحقوق، 2015.
7- قليل نصر الدين، الحماية الدولية للأقليات، “رسالة ماجستير”، جامعة الجزائر: معهد الحقوق والعلوم الإدارية،2001.
8- نذير بو معالي، حماية الأقليات بين الإسلام والقانون الدولي العام، “رسالة ماجستير”، جامعة الجزائر: كلية العلوم الإسلامية، 2007.
9- ويفي خيرة، تأثير المسألة الكردية علي الاستقرار الاقليمي، “رسالة ماجستير”، جامعة منتوري قسنطينة: كلية الحقوق ، 2004.
6-الأبحاث والتقارير:
1-فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأقليات،” الأقليات والأمم المتحدة”، من دليل الأمم المتحدة بشأن الأقليات، الكتيب رقم 2.
8-أخرى:
1- “مكافحة العنصرية”، الأمم المتحدة، الرابط:
https://www.un.org/ar/fight-racism/vulnerable-groups/migrants
2- “الأقليات”، الموسوعة العربية العالمية، الرابط التالي:
http://arab-ency.com.sy/ency/details/3119
3- “اللاجئون”، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الرابط:
https://www.unhcr.org/ar/4be7cc274c9.html
4- “الأجانب”، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الرابط:
5- خلواتي مصعب،” الحماية القانونية للأقليات”، مجلة جيل حقوق الإنسان، العدد 30، 2018، الرابط:
http://jilrc.com/archives/8863
6- موقع الأمم المتحدة، الرابط:
7- ميرفت رشماوي، “حقوق الأقليات في القانون الدولي: بعض الاضاءات”، ترجمة فابيولا دينا”، المجلة الالكترونية لمنظمة العفو الدولية، العدد 19، 2012، الرابط: https://bit.ly/3LxPprM
ثانيًا: المراجع باللغة الأجنبية:
1-Douments:
1-Charter of the United Nations, New York,1945.
2-Nations Unites, Dos, E\ CN.4\ Sub2\ 85.
2-Books:
1- Bas de Gaay Fortman, Human Rights quarterly, Press: The Jhons Hopkins University, 2011.
Claude, National Minorities, Press: Harvest University,1995.
2-Conor. Walker, A nation is nation, is a state, is an ethnic group, Press: Oxford university, 1994.
3-Dinstein y. and Tabory m , The protection of minorities and human rights, Netherlands: Martinus Nijhoff publishers, 1992.
4-Patrick, international law and the rights of minorities, Press: Oxford, Clarend, 2014.
5-Yacoub J.Genes , evolution d ‘un concept. Confluences ,America: Automne, 1992.
3-Reports:
1-Geldwnhuys D.and Rossoue J,” The international protection of minority rights”, A special report complied for the F.W de KLERK Foundation, Cape Town ,Republic of South Africa, August 2001.
2-United Nations,” Guidance note of the secretary- General on racial discrimination and protection of minorities”, November 2014.
4-Articles and news:
1-Nimer M.,” The status of muslim civil rights in the Unites states”,UN: Council of American Islamic Relations. Research center- Washington DC,2001.
2-Timothy Laurie,” The concept of minority for the study of culture”, Continuum Journal of media and cultural study,Dol:10, 2017.
7- Wesites:
” International Islamic Agency”, IINA, 29-5-2001, site web:
https://www.abu.org.my/portfolio-item/international-islamic-news-agency/
[1]– أحلام خنيش، الحماية الدولية لحقوق الأقليات، “رسالة ماجستير”، جامعة الجزائر: كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2015، ص5.
[2] – قليل نصر الدين، ” الحماية الدولية للأقليات”، “رسالة ماجستير”، جامعة الجزائر: معهد الحقوق والعلوم الإدارية، 2001، ص 3،4.
[3] قاسمي جمال، “الحقوق الجديد للأقليات في القانون الدولي لحقوق الإنسان( منع التمييز كنموذج لذلك)”، مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية، العدد التاسع، 2016، ص171.
[4]– إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو إثنية وإلي أقليات دينية، 1992.
[5]– هاجر ختال وقاسمي جمال،” ضمانات حماية حقوق الأقليات بين القانون الدولي والفكر الاسلامي”، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، العدد الرابع، 2014، ص282،283.
[6] – Yacoub J.Genes , evolution d ‘un concept. Confluences ,America: Automne, 1992, P 20, 21.
[7] – محمد الطاهر، الحماية الدولية للحقوق والأقليات في القانون الدولي العام المعاصر، القاهرة: دار النهضة العربية، 2009، ص22.
[8] – حسان بن النوي، تأثير الأقليات علي استقرار النظم السياسية في الشرق الأوسط، “رسالة ماجستير”، جامعة بسكرة: كلية حقوق وعلوم سياسية ، 2010، ص 11،12.
[9] – محمد الطاهر، مرجع سبق ذكره، ص 22؛ Timothy Laurie,” The concept of minority for the study of culture”, Continuum Journal of media and cultural study,Dol:10, 2017, pp2-6.
[10] – عروبة جبار الخزرجي، القانون الدولي لحقوق الانسان، الأردن: دار الثقافة، 2012، ص 483.
[11] – مني يوخنا ياقو، حقوق الأقليات في القانون الدولي العام، دراسة سياسية قانونية، القاهرة: دار الكتب القانونية، 2017، ص 234.
[12] – محمد فائق، “حقوق الانسان بين الخصوصية والعالمية”، المستقبل العربي، العدد 243، مايو 1999، ص9، 10.
[13] -Claude, National Minorities, Press: Harvest University,1995,p 32.
[14] – محمد شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان، القاهرة: دار الشروق، 2003، ص 25.
[15] -ميرفت رشماوي، “حقوق الأقليات في القانون الدولي: بعض الاضاءات”، ترجمة فابيولا دينا”، المجلة الالكترونية لمنظمة العفو الدولية، العدد 19، 2012، الرابط : https://bit.ly/3LxPprM
[16] – حسوني أبو بكر، فقه الأقليات المسلمة بين النظرية والتطبيق، “رسالة دكتوراه”، جامعة وهران : كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية، 2011، ص 24.
[17] – سورة المائدة، الآية 13.
[18] -ويفي خيرة، تأثير المسألة الكردية علي الاستقرار الاقليمي،” رسالة ماجستير”، جامعة منتوري قسنطينة: كلية الحقوق ، 2004، ص 8.
[19] – محمد الطاهر، مرجع سبق ذكره، ص 12.
[20] -حسان بن النوي، مرجع سبق ذكره، ص 12.
[21] – المرجع السابق، ص 11، 12.
[22] – حسن حنفي عمر، حق الشعوب في تقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية، القاهرة: دار النهضة العربية، 2005، ص 55؛ Geldwnhuys D.and Rossoue J,” The international protection of minority rights”, A special report complied for the F.W de KLERK Foundation, Cape Town ,Republic of South Africa, August 2001,P3..
[23] – الشافعي البشير، القانون الدلي العام في السلم والحرب، المنصورة: دار الجلاء الجديد، 1997، ص 142.
[24] – سميرة بحر، المدخل لدراسة الأقليات، القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية، 1983، ص 10.
[25] – وائل أحمد علام، حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي العام، القاهرة: دار النهضة العربية، 2001، ص 20.
[26] – سعد الدين ابراهيم، “نحو دراسة سوسيولوجية لوحدة الأقليات في الوطن العربي”، مجلة قضايا عربية، العدد الأول، 1976، ص 16.
[27] – نيفين مسعد، الأقليات والاستقرار السياسي في الوطن العربي، القاهرة: دار النهضة العربية، 1988، ص 5.
[28] – محمد غازي ناصر الجنابي، التدخل الإنساني في ضوء القانون الدولي العام، بيروت: منشورات الحليين الحقوقية، 2010، ص 183، 184.
[29] – بدرية عقعاق، تحديد مفهوم الأقليات في القانون الدولي والوسائل الدولية لحمايتها، القاهرة: دار الفكر والقانون، 2013، ص 61،62؛ وائل أحمد علام، مرجع سبق ذكره، ص 11، 12.
[30] – Nations Unites, Dos, E\ CN.4\ Sub2\ 85,PP 9 et 10.
[31] – وائل أحمد علام، مصدر سبق ذكره، ص 15؛ السيد محمد جبر، المركز الدولي للأقليات في القانون الدولي للأقليات مع المقارنة بالشريعة الإسلامية، الإسكندرية: منشأة المعارف، 1990، ص 82.
[32] – بودون وف بوريكوا، المعجم النقدي لعلم الاجتماع، ترجمة: سليم حداد، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1986، ص 51.
[33] – عبدالوهاب الكيالي وآخرون ، الموسوعة السياسية، بيروت: دار النعمة، 1990، ص 244.
[34] – “الأقليات”، الموسوعة العربية العالمية، الرابط: http://arab-ency.com.sy/ency/details/3119
[35] – مجدي الداغر، أوضاع الأقليات والجاليات الإسلامية في العالم قبل وبعد 11/9/ 2001، المنصورة: دار الوفاء للنشر والتوزيع، 2006، ص 34؛ Dinstein y. and Tabory m., The protection of minorities and human rights, Netherlands: Martinus Nijhoff publishers, 1992, p156.
Nimer M., The status of muslim civil rights in the Unites states, UN: Council of American Islamic Relations. Research center- Washington DC, 2001, p7.
[36] – حسان بن نوي، تأثير الأقليات في الشرق الأوسط، الإسكندرية: مكتبة الوفاء القانونية، 2015، ص 54.
[37] – وائل أحمد علام، مرجع سبق ذكره، ص28؛ بطرس غالي، “الأمم المتحدة ومناهضة العنصرية في جنوب إفريقيا”، مجلة السياسية الدولية، العدد 121، 1995، ص ص10- 125.
[38] -سعد الدين ابراهيم، تأملات في مسألة الأقليات، القاهرة: مركز ابن خلدون، 1996، ص ص 43- 94؛ بدرية عقعقاق، مصدر سبق ذكره، ص 75؛ أحمد وهبان، الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر، الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة للنشر، 2001، ص 193، 194.
[39]– محمد طه بدوي وليلي أمين مرسي، النظرية للعلاقات الدولية، الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع، 1992، ص 207 وما بعدها؛ أحمد وهبان، مرجع سبق ذكره، ص 50.
[40] – عبدالسلام إبراهيم البغدادي، الوحدة الوطنية ومشكلة الأقليات في إفريقيا، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2000، ص 113؛ أحمد وهبان، مصدر سبق ذكره، ص 192، 193.
[41] -Conor. Walker, A nation is nation, is a state, is an ethnic group, Press: Oxford university, 1994, p 65
؛سميرة بحر، مصدر سبق ذكره، ص 10.
[42] -حسان بن نوي، مرجع سبق ذكره، ص ص 57- 63؛ شعبان الطاهر الاسود، قضايا الأقليات بين العزل والاندماج، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2003، ص 50.
[43] – سعد الدين إبراهيم، مرجع سبق ذكره، ص16؛السيد محمد جبر، مرجع سبق ذكره، ص 87 وما بعدها؛” International Islamic Agency”, IINA, 29-5-2001, site web:
https://www.abu.org.my/portfolio-item/international-islamic-news-agency/
[44] – حسان بن نوي، مرجع سبق ذكره، ص 58، 59؛ السيد محمد جبر، مرجع سبق ذكره، ص 96؛ جورج قرم، “الطائفية ومشكلة الاندماج القومي”، مجلة دراسات عربية، العدد1، 1987، ص 6.
[45] -“مكافحة العنصرية”، الأمم المتحدة، الرابط:
https://www.un.org/ar/fight-racism/vulnerable-groups/migrants
[46] – حسام أحمد محمد هنداوي، مرجع سبق ذكره، ص 104،105.
[47]– اللاجئون، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الرابط:
https://www.unhcr.org/ar/4be7cc274c9.html
[48] – حسام أحمد محمد هنداوي، مرجع سبق ذكره، ص 98.
[49] -” الأجانب”، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الرابط:
[50]– محمد خالد برع، حقوق الأقليات وحمايتها في ظل أحكام القانون الدولي العام، بيروت: المنشورات الحلبية الحقوقية، 2012، ص 52.
[51] – محمد بيومي مهران، دراسات في تاريخ الشرق الأدنى، الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1984، ص 27؛ صلاح سعيد إبراهيم، حماية الأقليات في القانون الدولي المعاصر، القاهرة: دار الفكر العربي، 1996، ص 65.
[52] بدرية عقعاق، مرجع سبق ذكره، ص 51
[53] – عبدالعزيز محمد سرحان، القانون الدولي العام، القاهرة: دار النهضة العربية، 1973، ص 128؛ قسمة الجداوي، المنظمات الدولية المتخصصة، القاهرة: دار الفكر العربي، 1997، ص 211،213.
[54] – محمد الشقنقيري، تاريخ النظم القانونية والاجتماعية، القاهرة: دار الفكر العربي، 1977، ص 67.
[55] – عبدالهادي عباس، حقوق الإنسان، دمشق: دار الفكر للتأليف والترجمة والنشر، 1995، ص 123.
[56] – سورة الحجرات، الآية 13.
[57] – جمال الدين محمد محمود، الإسلام والمشكلات السياسية المعاصرة، القاهرة: دار الكاتب المصري، 1992، ص 389 وما بعدها؛ الطاهر بن أحمد، حماية الأقليات في ظل النزاعات المسلحة بين الفقه الجنائي الإسلامي والقانون الدولي الإنساني، “رسالة ماجستير”، جامعة الجزائر: كلية العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية، 2009، ص 103.
[58] “Guidance note of the secretary- General on racial discrimination and protection of minorities”-United Nations, November 2014, PP12-23.
[59] – السيد محمد جبر، مرجع سبق ذكره، ص 260.
[60] -عزت سعد السيد، “حماية الأقليات في ظل التنظيم الدولي المعاصر”، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد 42، 1986، ص 20؛ وائل أحمد علام، مصدر سبق ذكره، ص 36، 37.
[61] – حسام هنداوي، التدخل الإنساني، دراسة فقهية وتطبيقية في ضوء القانون الدولي العام، القاهرة: دار النهضة العربية، 1996، ص 16.
[62] – محمد يعقوب عبدالرحمن ، التدخل الإنساني في العلاقات الدولية، أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2004، ص 29.
[63] – بدرية عقعاق، مصدر سبق ذكره، ص 10،12.
[64] – أحمد وهبان، مرجع سبق ذكره، ص 31، 34؛ حسام هنداوي، مرجع سبق ذكره، ص 27، 28.
[65] – سعد الدين إبراهيم، الملل والنحل والأعراف( هموم الأقليات في الوطن العربي) ، القاهرة: مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، 1994، ص67؛ عبدالحميد البطريق وعبدالعزيز نوار، التاريخ الأوروبي الحديث من عصر النهضة الأوروبية إلي مؤتمر فينا، بيروت: دار النهضة للطباعة والنشر، 1974، ص 94.
[66] -عبدالعزيز حسن صالح، المركز القانوني للأقليات: دراسة مقارنة بين القانون الروماني والشريعة الإسلامية، “رسالة دكتوراه”، جامعة القاهرة: كلية الحقوق، 2015، ص 12، 15؛ بدرية عقعاق، مصدر سبق ذكره، ص 9،13؛ طالب عبدالله فهد العلواني، حقوق الأقليات في القانون الدولي، الإسكندرية: دار الفكر الجامعي، 2014، ص ص 23- 27.
[67] – بطرس غالي، “الأقليات وحقوق الإنسان في الفقه الدولي”، مجلة السياسة الدولية، العدد 39، 1975، ص 11.
[68] – حسام هنداوي، مرجع سبق ذكره، ص 27، 28.
[69] -أحمد أبو الوفا، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في إطار منظمة الأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة، القاهرة: دار النهضة العربية، 2000، ص 40.
[70] -محمد حافظ غانم، دراسة لأحكام القانون الدولي وتطبيقاتها في العالم العربي، القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية، 1961، ص 18؛ وائل أحمد علام، مرجع سبق ذكره، ص 52؛ محمد غازي الجنابي، مصدر سبق ذكره، ص 42.
[71] – محمد المجذوب، الوسيط في القانون الدولي العام، بيروت: الدار الجامعية، 1990، ص 288.
[72] – ميرفت رشماوي، مرجع سبق ذكره.
[73] – ميرفت رشماوي، مرجع سبق ذكره؛ أحمد أبو الوفا، ص ص 45-80؛ موقع الأمم المتحدة، الرابط:
[74] -ميثاق الأمم المتحدة ، نيويورك، 1945.
[75] -الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، باريس، 1948.
[76] -الاتفاقية الخاصة بمكافحة جريمة الجنس البشري، نيويورك، 1951.
[77] -العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، نيويورك، 1969.
[78] -العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، نيويورك، 1966.
[79] – إعلان الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية و إثنية وإلى أقليات دينية أو لغوية، نيويورك، 1992.
[80] -حسين جميل، حقوق الإنسان في الوطن العربي، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1986، ص 47 وما بعدها.
[81] – السيد محمد جبر، مصدر سبق ذكره، ص 271؛ طالب عبدالله العلواني، مصدر سبق ذكره، ص 72 وما بعدها؛ أحمد علام، مصدر سبق ذكره، ص 84- 87، نذير بو معالي، حماية الأقليات بين الإسلام والقانون الدولي العام، “رسالة ماجستير”، جامعة الجزائر: كلية العلوم الإسلامية، 2007، ص. 249 وما بعدها؛
Patrick, international law and the rights of minorities, Press: Oxford, Clarendon, 2014, P: 06
[82] بطرس غالي، الأمم المتحدة ومناهضة العنصرية في جنوب إفريقيا، مرجع سبق ذكره، ص 11؛ عزت سعيد، حماية حقوق الإنسان في ظل التنظيم الدولي الإقليمي، القاهرة: مطبعة العاصمة، 1988، ص 15، 16، الطاهر بن أحمد، مرجع سبق ذكره، ص 154 وما بعدها؛ Bas de Gaay Fortman, Human Rights quarterly, Press: The Jhons Hopkins University, 2011, PP 266-302.
[83]– حسان بن نوي، مصدر سبق ذكره، ص 66 وما بعدها؛ أحمد عبد العباس عبد البديع، “الأقليات القومية وأزمة السلام العالمي”، مجلة السياسة الدولية، العدد 144، أكتوبر 1993،ص 167؛ أحمد وهبان، مصدر سبق ذكره، ص ص 234- 413.
[84] حسان بن نوي، مصدر سبق ذكره، ص 71، 72؛ أحمد وهبان، مصدر سبق ذكره، ص 863-.
[85] -محمد أحمد عبدالغفار،”مؤتمر المائدة المستديرة لحل مشكلة جنوب السودان والقانون الدولي العام”، الجزائر، دار هومة، 2001،ص 74؛ سميرة بحر، المصدر السابق، ص 85.
[86] -عبدالمنعم بن أحمد،” اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في ظل مهام اللجنة الدولية لحقوق الإنسان وصلاحيات مجلس حقوق الإنسان”، مجلة دفاتر السياسة والقانون، العدد الرابع، 2011، ص 297.
[87] -فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأقليات، “الأقليات والأمم المتحدة”، من دليل الأمم المتحدة بشأن الأقليات، الكتيب رقم 2، ص 40.
[88] – هاجرختال وقاسمي أمين، مرجع سبق ذكره، ص 270، 290.
[89] – حسام أحمد محمد هنداوي، القانون الدولي وحماية حقوق الأقليات، القاهرة: دار النهضة العربية، دون سنة نشر، ص 313، 314.
[90] -سعد سلطان سالم الشبكي ومحمد فوزي زيدان الحبوري، “التدخل الإنساني الدولي لحماية حقوق الأقليات في ضوء القانون الدولي العام”، مجلة تكريت للحقوق، العدد 30، 2016، ص 582.
[91]– مرجع سابق، ص 484.
[92] – وائل أحمد علام، مرجع سبق ذكره، ص 160.
[93] – سعيد سلوم، “تطور الحماية الدولية لحقوق الأقليات في إطار الأمم المتحدة”، المجلة السياسية والدولية، العدد 26، 2015، ص 250.
[94] -شهاب طالب الزوبعي، الحماية الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان في ضوء المتغيرات الدولية، “رسالة ماجستير”، الأكاديمية العربية: كلية القانون والسياسة، 2008، ص 170، 171.
[95] – هاجر ختال وقاسمي أمين، مرجع سبق ذكره، ص 300.
[96] – السيد محمد جبر، مرجع سبق ذكره، ص 280- 282؛ محمد عزيز شكري، التنظيم الدولي العالمي بين النظرية والواقع، القاهرة: دار الفكر العربي،1973، ص 535؛ سميرة بحر، مصدر سبق ذكره، ص 870 88؛ عزت سعد السيد، ص 26 وما بعدها.
[97] -خلواتي مصعب،” الحماية القانونية للأقليات”، مجلة جيل حقوق الإنسان، العدد 30، 2018، الرابط: