معالم المرحلة المقبلة في ظل الحكومة الراديكالية الصهيونية الدينية
بقلم : د.عقل صلاح – باحث وكاتب فلسطيني مختص بالحركات الأيديولوجية.
- المركز الديمقراطي العربي
بعد الصعود البرلماني والشعبي الكبير لليمين الراديكالي الصهيوني الديني بقيادة حزبي بتسلئيل سموترتيش وإيتمار بن غفير في الانتخابات الإسرائيلية (الخامسة والعشرون) التي عقدت في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر2022، وهي الجولة الانتخابية الخامسة في غضون أقل من 4 سنوات، حيث تم عقد الجولة الأولى في 9 نيسان/أبريل2019، أما الثانية فتم عقدها في 17 أيلول/سبتمبر2019، ومن ثم تم إجراء الانتخابات للجولة الثالثة في 2 آذار/مارس 2020، وعاد الإسرائيليون للانتخابات من جديد للمرة الرابعة في 23 آذار/مارس 2021، ومن ثم تم إتمام الجولة الانتخابية الخامسة التي حصل بها معسكر بنيامين نتنياهو على 64 مقعدًا، حيث حصل الليكود على 32 مقعدًا، وقائمة حزب الصهيونية الدينية الفاشي حصل على 14 مقعدًا، وهي تحالف مكون من ثلاثة أحزاب (حزب تكوما أو الاتحاد القومي برئاسة سموتريتش وتمثل في 7 مقاعد، وحزب قوة يهودية أو عوتسما يهوديت، برئاسة بن غفير حصل على 6 مقاعد، وحزب نوعم برئاسة آفي معوز حصل على مقعد واحد)، أما حزب شاس بقيادة أرييه درعي فقد حصل على 11 مقعدًا، وحزب يهدوت هتوراه الذي حصل على 7 مقاعد بقيادة يعقوب ليتسمان وموشيه غفني.
هذا التحالف الفاشي سيؤدي إلى تنفيذ سياسات وخطط الحكومة الصهيونية الدينية المتطرفة برئاسة رئيس حزب الليكود نتنياهو على الضفة الغربية بشكل خاص وقطاع غزة بشكل عام، وستمضي الفاشية الصهيونية في سياساتها وستولي مخططها أهمية قصوى من خلال التركيز على مزيدٍ من العنصرية والفاشية التي سوف تتمثل في العديد من الخطوات والسياسات التي تشمل زيادة حدة التوسع الاستيطاني وتهويد الضفة والقدس وصولًا للضم الحقيقي للضفة، واستهداف الشعب الفلسطيني بالقتل والهدم والاعتقال وإطلاق يد الجيش والمستوطنين في ممارسة الإرهاب في الضفة، وسحب ماتبقى من صلاحيات للسلطة الفلسطينية وصولًا لتحويلها إلى وكيل خدماتي يقدم الخدمات المدنية للشعب الفلسطيني، وربط استمرارية السلطة ودفع أموال الضرائب في استمرار التنسيق الأمني وتقليص مهام السلطة الفلسطينية من خلال تحديدها في الوظيفة الأمنية والمدنية المحدودة، وزيادة حدة الاقتحامات والتواجد العسكري والأمني في الضفة والمسجد الأقصى، وإعادة الدور المناط في الحكم العسكري كما كان عليه قبل توقيع اتفاق أوسلو في الضفة الغربية، وزيادة موازنة الدعم الحكومي للمستوطنين والمستوطنات وإطلاق يد المستوطنين في الاستيلاء على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لتقطيع ماتبقى من أوصال للضفة، وزيادة الهدم في مناطقc للبيوت والمنشآت الفلسطينية، ومواصلة سياسة الاغتيالات في الضفة بشكل عام وللقيادات في غزة والخارج بشكل خاص، وزيادة الضغط والإرهاب وممارسة كل أساليب العقاب الجماعي على المواطنيين في الضفة للهجرة الطوعية، بالإضافة إلى التركيز على منطقة الأغوار لتهويدها لمنع أي ركيزة من ركائز إقامة الدولة الفلسطينية من خلال إلغاء الحدود للدولة الفلسطينية. كما ستعمل الحكومة المتطرفة على ضم المستوطنات في كتل استيطانية موحدة لتشكيل مدن استيطانية في الضفة شبيهة من حيث الشكل المعماري للمدن الفلسطينية مثل بناء العمارات والأبراج في المستوطنات لكي يصبح الشكل متشابه وموحد؛ لتكون الضفة في المستقبل شبيهة في مناطق الـ48، وصولًا للتعامل معها كما يتعاملون مع فلسطينيي الداخل.
أما الشعب الفلسطيني في الداخل سيتعرضون لهجمة شرسة من قبل الحكومة الصهيونية تتمثل في زيادة الضغط من خلال تشريع القوانين والسياسات العنصرية ضدهم، وسوف تقوم الحكومة الصهيونية الدينية المتطرفة بتقليص موازنة المدن الفلسطينية في الـ48، كما ستعمل الحكومة المتطرفة على زيادة الضغوط على المقدسيين لإجبارهم على الرحيل من القدس.
وفي ظل هذه السياسات العنصرية، مطلوب من الفلسطينيين والقيادة الفلسطينية والتنظيمات الفلسطينية؛ إتمام المصالحة الفلسطينية الفلسطينية والإعلان عن قيادة وطنية إسلامية تقود المرحلة القادمة، والعمل الجاد على إعادة بناء وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية على الأسس والقواعد الوطنية والشراكة الفلسطينية وإدخال حركة حماس والجهاد الإسلامي للمنظمة، والاتفاق على آلية من أجل عقد انتخابات المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية، ومطلوب من السلطة الفلسطينية مغادرة مظلة أوسلو بلا عودة؛ والعودة إلى ماقبل أوسلو لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية وإعادتها من جديد إلى الساحة الدولية وترسيم المفاهيم الأساسية الخاصة في الاحتلال، وتحميل الاحتلال مسؤولية احتلاله لفلسطين ونتائج رفضه وتنصله من كل الاتفاقيات ومن تطبيق القرارات والشرعية الدولية، وهذا يتمثل في حل السلطة الفلسطينية لأنها فقدت مبرر وهدف وجودها في إقامة الدولة المستقلة، غير ذلك يصب في إطالة عمر الاحتلال والقضاء على ماتبقى من الضفة الغربية، والعمل على إعادة إحياء لجان دعم صمود الشعب الفلسطيني على أسس وقواعد خالية من المحسوبية والفساد.
ومما لا شك فيه أنّ نتائج الانتخابات الصهيونية وما أفرزته من صعود وسيطرة اليمين المتطرف ستؤدي إلى استمرار المواجهات بين الفلسطينيين والصهاينة في الضفة الغربية المحتلة، وسينتج عن ذلك الإجرام والإرهاب الموجه ضد الفلسطينيين تصاعد وتيرة العمليات البطولية في أرجاء الضفة الغربية.
وفي النهاية وبالعودة إلى توجهات الحكومة الصهيونية الدينية المتطرفة، كل السياسات والخطط والبرامج الهادفة للانقضاض على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية لن تحقق أهدافها في القضاء على المقاومة ووقفها، فالمقاومة مستمرة منذ أكثر من سبعة عقود ولم تستطع إسرائيل إنهاء حالة الخوف وانعدام الأمن والقلق والرعب المسيطر على المجتمع الصهيوني، وكل ذلك بفضل دور الشباب الفلسطيني الرافض للاحتلال، وهذا الرفض قد تمثل في العمليات البطولية في الضفة الغربية المحتلة سواء بشكل فردي أو منظم، وكل ذلك كان حاضرًا في التقارير الأمنية الإسرائيلية التي اعتبرت عام 2022 العام الذي حدث فيه أكثر عدد من القتلى، حيث سجل كما رود في التقارير عن مقتل 32 صهيونيًا جراء تنفيذ عمليات فدائية متنوعة، قادتها كتيبة جنين وعرين الأسود في نابلس وغيرها من المجموعات الفلسطينية والعمليات الشبابية الفردية، وهذه العمليات مرشحة للزيادة في عددها وحدتها بظل استمرار الاحتلال والقتل والتهويد وانعدام الأمل من المفاوضات والسلام المزعوم، فإسرائيل لن تنال الأمن والاستقرار، والحل الوحيد أمام إسرائيل إنهاء احتلالها لفلسطين.