معادن الكونجو الديموقراطية وأنجولا هدف مُشترك لشركة Trafigura
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – مصر – القاهرة
شركة Trafigura هي شركة متعددة الجنسيات تأسست عام1993 للإتجار في السلع الأساسية كالمعادن والطاقة بصفة خاصة واللوجستيات ومقرها في سنغافورة ولها فروع إقليمية رئيسية في هيوستن وجنيف ومنتفيديوومومباي , وهي شركة ناشطة في القارة الأفريقية في المقام الأول وتحركاتها جديرة بالمتابعة والفحص الإستقصائي علي ما سأشير لاحقاً في بعض وليس كل أماكن تواجدها وتعاملاتها .
نشاط شــركــة Trafigura في الكـونـجو الديـمـوقراطـيـة وأنــجـولا :
نشرتAFRICA INTEELIGENCE في 6 سبتمبر 2022 أن هذه الشركة في إطار كونسورتيوم فازت بمناقصة إدارة الجزء الأنجولي من سكك حديد التعدين المعروفة بأسم ” سكك حديد بنجيلا”، وقد أجرت بشأن ذلك محادثات في كينشاسا مع المؤسسة الوطنية للسكك الحديدية الكونجولية وشركات التعدين المعنية بتعدين النحاس في Kolwezi عاصمة مقاطعةLualaba ( مقاطعة أجتُزأت عام 2015من مقاطعة Katanga الغنية بالمعادن ووفقاً للإتفاق – وهناك إمكانية لتمديده لمدة 20 عامًا – فإن الكونسورتيوم سيكون مسؤولاً عن تشغيل وإدارة وصيانة البنية التحتية للسكك الحديدية وعربات السكك الحديدية من ميناء لوبيتو الأنجولي إلى الحدود بين أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية تتضمن الاتفاقية التي تم الإعلان عنها في الربع الأخير من عام 2022 استثمارات إجمالية قدرها 450 مليون دولار بما في ذلك 166 مليون دولار في ترقية البنية التحتية و 70 مليون دولار في معدات السكك الحديدية , وسيوفر ممر لوبيتو طريقًا استراتيجيًا بديلاً لأسواق التصدير لكل من زامبيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية والتي تعتمد حتي اليوم بشكل كبير على النقل البري لتصدير المعادن .
في الإطار المُتقدم وافقت أنجولا وزامبيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية على إنشاء وكالة جديدة تشرف على التطوير والإدارة المشتركة لممر تجاري من وإلى ميناء لوبيتو في المحيط الأطلسي مما قد يعني خسارة الأعمال لموانئ جنوب إفريقيا , وقالت الدول الثلاث في مراسم أقيمت وأعلن عنها في 2 فبراير 2023 في مدينة لوبيتوالأنجولية الساحلية إن مؤسسة Lobito Corridor Management ستسهل التجارة من زامبيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية عبر خط سكة حديد بينجويلا البالغ طوله 1344 كيلومترًا في أنجولا وإذا نجح المشروع فقد يغير طريقة شحن موارد المنطقة حيث سيكون بمثابة طريق رئيسي لنقل المعادن المستخدمة في صناعة السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح من المناجم الداخلية إلى الموانئ وتقليص أوقات النقل من أسابيع إلى أيام وتعد جمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا من الموردين الرئيسيين للنحاس والكوبالت والتي يتم شحنها حاليًا عبر البر إلى موانئ في جنوب إفريقيا وشرق إفريقيا معروف أنه تم إغلاق سكة حديد بنجيلا التي كانت تنقل المعادن من المنطقة خلال الحرب الأهلية الأنولية التي استمرت من عام 1975 إلى عام 2002 ويغطي ممر لوبيتو مناطق التعدين في مقاطعة كاتانجا بجمهورية الكونجو الديمقراطية وكوبربيلت في زامبيا مما يمثل طريقًا استراتيجيًا بديلاً أسواق التصدير لجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا وتوفير أقصر طريق يربط مناطق التعدين الرئيسية في هذين البلدين بالبحر وبمناسبة ذلك قال وزير النقل الأنجولي ريكاردو فيجاس دابرو في خطاب له إن الوكالة “ستضمن توافر ممر لوبيتو للمستوردين والمصدرين من الولايات الداخلية لجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا كمكمل فعال واقتصادي لطرق التجارة الأخرى” .
بالتزامن مع تحرك هذا الكونسورتيوم ووفقًا للبيت الأبيض فإن مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية تُراجع حالياً مبلغ 250 مليون دولار لتمويل ممر لوبيتو الأطلسي المُشار إليه أو(Lobito Atlantic Railway Corridor) للسكك الحديدية بين أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية , ويأتي هذا التمويل كجزء من مبادرة الشراكة للبنية التحتية العالمية والاستثمار لمجموعة السبع للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل قال البيت الأبيض في 20 مايو 2023 إن مشروع لوبيتوهو”الخطوة الأولى لربط وتطوير التجارة والنشاط الاقتصادي من أنجولا إلى جمهورية الكونجو الديمقراطية والتي يمكن أن تساعد في تعزيز استثمارات أكبر في الزراعة والبنية التحتية الرقمية وتوسيع نطاق الوصول إلى الكهرباء وأن الولايات المتحدة تسعى بنشاط وراء فرص إضافية لربط استثمارات Lobito Corridor الأولية عبر القارة بتنزانيا وفي نهاية المطاف بالمحيط الهندي” , ومن الواضح أن التحرك المُتزامن للكونسورتيوم الذي يضم Trafigura والولايات المتحدة يحمل عدة دلالات من أهمها أنه يأتي في إطار التنافس الحاد مع الصين الشعبية وكذا أنه ناتج عن ضرورات الحرب الدائرة في أوكرانيا ضد روسيا وإحتياج الولايات المتحدة لمعدن النحاس الذي يدخل في إنتاج أنواع معينة من الأسلحة والذخيرة , وتأكيداً لذلك فقد أعلن كل من روبرت فريدلاند الرئيس التنفيذي لشركة Ivanhoe Mines والرئيسة مارنا كلويت في22 مايو2023 :”أن مؤسسة تمويل التنمية الدولية بالولايات المتحدة تقوم حاليًا بالعناية الواجبة لاستثمار محتمل بقيمة 250 مليون دولار لتمويل ممر Lobito Atlantic Railway Corridor المفتوح من ميناء Lobito في أنجولا حتي الحدود الأنجولية مع جمهورية الكونجو الديمقراطية وسيربط “الممر الاقتصادي التحويلي” ميناء لوبيتو الأنجولي بحوض كوبربيلت في جمهورية الكونجو الديمقراطية بمجرد تشغيله بالكامل ويمكن لممر Lobito Atlantic Railway Corridor أن يُحسن بشكل كبير التكاليف اللوجستية والبصمة الكربونية لتصدير المعادن من مجمع Kamoa-Kakula Copper ومنجم Kipushi للزنك والنحاس والجرمانيوم (والأخير تكاد وأن تحتكره الصين) والفضة بالإضافة إلى التطوير” ويأتي هذا الإعلان في أعقاب منح امتياز لمدة 30 عامًا على الجانب الأنجولي من ممر Lobito Atlantic Railway Corridor مع إمكانية تمديده لمدة 20 عامًا إلى كونسورتيوم يضم Trafigura في جنيف بسويسرا و Mota-Engil of Porto بالبرتغال , هذا وقدعلق روبرت فريدلاند الرئيس التنفيذي المشارك لشركة Ivanhoe Mines علي هذا الحدث المهم للصناعات الغربية بالقول بإن:” ممر لوبيتو سيصبح قريبًا أحد أهم طرق التجارة لمعدن النحاس الحيوي وغيره من المعادن المهمة اللازمة لانتقال الطاقة على كوكبنا ” وأن” الاستثمار المقترح من قبل حكومة الولايات المتحدة يؤكدعلى ضرورة بذل جهد عالمي منسق لتحديث البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء لإطلاق الإمكانات الهائلة لهذه المنطقة وفي هذه العملية تتولد فوائد اقتصادية غير مسبوقة لجمهورية الكونجو الديمقراطية وجيرانها أنجولا وزامبيا” .
أشارت نشرة في 2مارس 2022 أن شركة Trafigura قام مسؤليها بالتوجه إلي مدينة لوبومباشي بجمهورية الكونجو الديموقراطية لمحاولة إنقاذ شراكة Gécamines لتعدين النحاس و الكوبالت وهناك جرت محادثات مع الإدارة الجديدة لشركة Gécamines وتوقعت شركة Trafigura إقناع شركة التعدين المملوكة للدولة الكونجولية بمواصلة شراكتها في مجال تعدين الكوبالت , كما نشرت AFRICA INTEELIGENCE في 12 مايو 2022 أن شركة Trafigura تلعب دورًا في اللحاق بالركب على الكوبالت والنحاس بصفقتين تبلغ قيمتهما مليار دولار فقد وقعت سرًا على صفقة تمويل بقيمة 400 مليون دولار مع شركة Chengtun الصينية التي استحوذت على مناجم Nzuri Copper ومن المقرر أن تضع شركة Trafigura اللمسات الأخيرة على صفقة مع Chemaf تم الإعلان عنها لأول مرة في أواخر يناير2022 , وكانت نشرة AFRICA INTEELIGENCE قد أشارت في 3 نوفمبر 2021أن شركاء Sceplum Gécamines و Trafigura و Pact بشأن تعدين الكوبالت على نطاق صغير وأن خبراء التعدين في جمهورية الكونجو الديمقراطية في Sceplum يقومون علي ذلك بتمويل من رجل الأعمال جاد كوهين الشريك الرابع في المشروع الذي تديره الدولة الكونجولية لإضفاء الطابع الرسمي على تعدين الكوبالت الحرفي في البلاد .
دعت مجموعة المجتمع المدني The Collectif في يوليو 2023حكومة جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى تجريد Trafigura من صفقة الكوبالت وإلغاء اتفاقية الكوبالت المثير للجدل مع شركة Trafigura عملاق السلع العالمية , وأشارت The Collectif في بيانها بهذا الصدد : إن “مجموعة مواطنو الحركات وقادة منظمات الشباب والنساء الشباب” وهي جمعية تعاونية تضم 33 مجموعة مجتمع مدني مقرها جمهورية الكونجو الديمقراطية تدين هذا الإتفاق , وكتبت جماعة Collectif إلى رئيس الوزراء جان ميشيل سما لوكوندي بشأن مزاعم بأن صفقة Trafigura انتهكت قوانين صارمة تهدف إلى منع الفساد والرشوة , وأن منظمة Collectif تدعوحكومة جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى اتخاذ إجراءات بشأن ما وصفه النشطاء بأنه “انتهاك لقواعد المنافسة المصممة لمنع الفساد والرشوة في جمهورية الكونجو الديمقراطية” , هذا الإتفاق وقعته Trafigura في نوفمبر 2020 ، وقعته مع (Entreprise Generale du Cobalt (EGC) ، وهي شركة تابعة لشركة التعدين التي تسيطر عليها الدولة Gecamines ، لتسويق الكوبالت المنتج من مناطق التعدين الحرفي ووفقًا لشروط الصفقة ستكون شركة Trafigura قادرة على شراء 50٪ من إنتاج الكوبالت الحرفي في البلاد على مدى خمس سنوات وستوفر شركة Trafigura التمويل لتمويل إنشاء مناطق التعدين الحرفي ، وتركيب محطات شراء الخامات والتكاليف المتعلقة بتسليم الكوبالت الذي تحصل عليه وتعتقد منظمة Collectif أن منح هذا العقد لشركة Trafigura خالف قوانين المنافسة الكونغولية الصارمة ففيفي رسالة مفتوحة قالت هذه المنظمة : “تمت الصفقة سراً ونتيجة لذلك تم تجاوز المادة 17 من القانون رقم 10/010 du 27 avril 2010 الذي ينص على أن” العقود العامة تُمنح بدعوة كما لم يكن هناك أي عطاء وبالتالي مُنحت شركة Trafigura العقد بشكل غير قانوني , و”نخشى أن تضر شراكة EGC مع Trafigura بالمكانة الدولية لبلدنا والأهم من ذلك أن تلحق الضرر بـ 200000 من عمال المناجم الحرفيين الكونجوليين الذين يمثل عملهم شريان الحياة لاقتصاد هذا البلد” , وقالت المنظمة أيضًا إن التفاصيل الكاملة لاتفاقية EGC-Trafigura لم يتم نشرها على النحو المطلوب بموجب قوانين جمهورية الكونجو الديمقراطية والاتفاقيات الدولية بشأن الشفافية التي وقعت عليها جمهورية الكونجو الديمقراطية , وأوضحت المنظمة في رسالتها إلى رئيس الوزراء: “إن الافتقار إلى الشفافية مقلق بالنسبة لمشروع رفيع المستوى كهذا” , كما أثارت جماعة “Collectif” مخاوف بشأن تشويه سمعة Trafigura في جميع أنحاء العالم والتي قالت إنه ينبغي استبعادها من العقود الحكومية , وأضافت منظمة Collectif: “إن لدينا أيضًا مخاوف أخلاقية جدية فيما يتعلق بشركة Trafigura وتخضع الشركة حاليًا لتحقيق رسمي بشأن الفساد في البرازيل وقد تم ربطها بالفساد في العديد من البلدان بما في ذلك فنزويلا وجامايكا وأنجولا وزيمبابوي وجمهورية الكونجو وجنوب السودان , وتساءلت المنظمة فقالت : “لماذا قفزت حكومة جمهورية الكونجو الديمقراطية مع شركة Trafiguraالتي تلطخت سمعتها بشدة؟ من الضروري أن تختار شركة EGC شريكًا مناسبًا ويجب أن يؤدي سجل Trafigura المؤسف والمعايير المحزنة إلى استبعادها من أن تكون هذا الشريك ” , وتأتي رسالة التحذير تلك بعد أن كشفت هيئة الرقابة الحكومية لمكافحة الفساد أن شركة Gecamines قد أشرفت على سلسلة من المخالفات التي أدت إلى خسارة 400 مليون دولار , كما انتقدت المفتشية العامة للشؤون المالية في جمهورية الكونجو الديمقراطية أو IGF ، شروط صفقة Gecamines مع أكبر عمال المناجم في العالم ونصحت الحكومة بوقف أي صفقات جديدة لأصول الشركة , وتأتي مطالبات منظمات المجتمع المدني للحكومة بإلغاء العقد أيضًا بعد اتخاذ قرار مماثل بشأن محطة نزيلو 2 لتوليد الطاقة الكهرومائية ففي هذه الحالة ألغت وكالة تنظيم المسيرات العمومية (ARMP) قرارًا وزاريًا بمنح العقد لشركة Lualaba Power في حكمها وجدت الهيئة التنظيمية أن وزارة الموارد المائية والكهرباء لم تمتثل لشرط إحالة عملية المناقصة إلى ARMP .
علي أية حال وفي سياق المنافسة الإقتصادية والسياسية والعسكرية الصينية الأمريكية علي وجه التعيين يُعد منح عقد بنية تحتية كبير – ممر لوبيتو – إلى كونسورتيوم أوروبي بدلاً من كونسورتيوم صيني دليل على خسارة معينة لنفوذ بكين في أنجولا, وقد كان من المتوقع القرار النهائي في مايو2021 أخيرًا مع تأخير بسيط ربما بعد الضغط الدبلوماسي تم منح الامتياز لسكة حديد بنجويلا (CFB) التي تربط ميناء لوبيتو في أنجولا بلواو وهي بلدة حدودية مع جمهورية الكونجو الديمقراطية , لكن المفاجأة أنه تم منح الصفقة لمجموعة من الشركات الأوروبية الخاصة على حساب كارتل الشركات الصينية , إنه إختيار رمزي لفقدان نفوذ الصين في هذا البلد الواقع في الجنوب الإفريقي , قالت وزارة النقل الأنجولية في بيان صدر في 4 يوليو2023 إن كونسورتيوم بقيادة مجموعة تجارة السلع Trafigura سيستثمر 555 مليون دولار في ممر للسكك الحديدية الذيسيربط ميناء لوبيتو الأنجولي بجمهورية الكونجو الديمقراطية , وقال المصدر نفسه إن الكونسورتيوم الذي يطلق عليه Lobito Atlantic Railways سيجمع 455 مليون دولار لبناء خط سكة حديد بطول 1344 كيلومترًا في أنجولا وحوالي 100 مليون دولار لخط سكة حديد طوله 400 كيلومتر في جمهورية الكونجو الديمقراطية , ويُذكر أنه في يوليو 2022 منحت الحكومة الأنجولية شركة Lobito Atlantic Railways عقد امتياز لمدة 30 عامًا لتشغيل Lobito Corridor مع خيار تمديد المدة إلى 50 عامًا إذا تم تمديد السكك الحديدية إلى زامبيا المجاورة , وبصرف النظر عن نقل موارد التعدين وفئات أخرى من السلع ولا سيما المواد الخام الزراعية سيضمن ممر لوبيتو أيضًا تنقل الأشخاص حيث يُعهد بعنصر نقل الركاب إلى شركة بنجيلا للسكك الحديدية الأنجولية العامة .
قدمت لجنة تقييم العطاءات تقريرها في أبريل 2023 لتتصدر الكونسورتيوم الأوروبي ،متقدما على الشركات الصينية بقيادة المجموعة السويسرية Trafigura الرائدة عالميا في تجارة المواد الخام وتم الانتهاء من الكونسورتيوم الأوروبي من قبل عملاق صناعة البناء البرتغالية Mota-Engil والشركة البلجيكية Vecturis التي لم تعد خبرتها في مجال السكك الحديدية في العرض في المنطقة منذ أن أبرمت عقد إدارة مع شركة السكك الحديدية الوطنية في الكونجو (SNCC) , وقد واجه الثلاثي الأوروبي كونسورتيوم مكون من ثلاثة عمالقة صينيين فازوا بعدد من العقود في أنجولا على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية: سيتيك (مؤسسة الثقة والاستثمار الدولية الصينية) مجموعة السكك الحديدية الصينية عملاق البناء الصيني و Sinotrans وهي مجموعة لوجستية رائدة و بدا الأمر صعباً فهه نفس الصينيين الذين أعادوا بناء خط السكك الحديدية الذي دمرته الحرب الأهلية وحصلوا على الامتياز (لم يُوقع بعد) لإدارة ميناء لوبيتو التجاري , ووفقا للمادة 63 من قانون المشتريات العامة فقد تم إطلاق الدعوة لتقديم العطاءات في 8 سبتمبر 2021 وهي دعوة تتعلق بالامتياز لمدة ثلاثين عاما ويعكس هذا العقد طموحًا اقتصاديًا ذا أهمية أساسية لأنجولا فهي تهدف أولاً وقبل كل شيء إلى تعظيم الإمكانات التي يمثلها تصدير المعادن من كاتانجا الكونجولية وزامبيا وتتمثل الخطوة التالية في تعزيز تنمية المجتمعات المحلية (حوالي 6 ملايين شخص) المنتشرة على طول 1344 كيلومترًا من الممر والذي يعبر 35٪ من الأراضي الزراعية في اأنجولا , وربما لن تستفيد السكك الحديدية الأنجولية من الامتدادات إلى جمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا بسبب نقص الاستثمار في هذين البلدين , لكن ذلك الوضع سيكون على المدى القصير جدًا إذ يمكن تصدير 25.000 إلى 30.000 طن من النحاس والكوبالت والليثيوم والمنجنيز شهريًا عن طريق الشاحنات ثم تحميلها على القطارات المتجهة إلى ميناء لوبيتو المفتوح على المحيط الأطلسي وبالتالي يمكن إكمال الرحلة إلي كولويزي بالكونجو – لوبيتو ، التي يبلغ طولها حوالي 1800 كيلومتر في 7 أيام بينما هناك حاجة إلى 16 رحلة عبر دار السلام في تنزانيا (2587 كيلومترًا) و 13 عبر بيرا في موزمبيق (2945 كيلومترًا) و 10 عبر جنوب إفريقيا ميناء ديربان (3549 كم) .
جدير بالذكر أن جمهورية الكونجو الديمقراطية هي المصدر الرائد في العالم للكوبالت المستخرج حيث تنتج 120 ألف طن متري – حوالي ثلثي الإمدادات العالمية – كل عام ويستخرج عمال مناجم الكوبالت الحرفيين حوالي 15٪ من إجمالي الكوبالت في جمهورية الكونجو الديمقراطية , لا يزال الكوبالت الذي انخفض سعره بشكل حاد على عكس النيكل ضروريًا لبطاريات السيارات الكهربائية تمامًا مثل النيكل ويتم أيضًا إنتاج هذين المكونين في جودة البطاريات بواسطة مصنع الجنوب في كاليدونيا الجديدة والذي توقف إنتاجه لمدة شهر على الأقل بعد إصابته بأضرار ويوجد الكوبالت أيضًا في أشياء إلكترونية أخرى مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وتحاول الدولة الكونجولية السيطرة على هذا الإنتاج الحرفي لتلبية متطلبات الاتحاد الأوروبي وبورصة لندن للمعادن بشأن تتبع المعدن وطبيعته المسؤولة لذلك دخل في شراكة مع Trofigura .
سيكون عمل شركة مواتـــياً في الكونجو الديموقراطية وأنجولا خاصة بعد أن وقعت الحكومتان في كنشاسا في13 يوليو 2023علي مذكرة تفاهم (MOU) للتنقيب عن المواد الهيدروكربونية واستخراجها في ما يسمى بالمنطقة ذات الاهتمام المشترك , فقد أُعلن مؤخراً في أنجولا أن BP و Trafigura ستقومان بتزويد Sonangol بالبنزين والديزل وقد أعلنت شركة النفط الحكومية الأنجولية Sonangol فعلاً أنه تم اختيار شركتي BP و Trafigura متعددة الجنسيات لتوريد البنزين والديزل خلال الأشهر الـ 12 المقبلة , وبحسب بيان صادر عن سون أنجول فقد تمت دعوة 21 شركة للمشاركة في المناقصة التي تم إطلاقها بين 6 يناير و 14 فبراير 2023 لتوريد الوقود مع استلام ثمانية عروض وبعد مرحلة التوضيح والمفاوضات وتم تقييم فعالية تكلفة العروض ، مما أدى إلى منح العقود لشركة BP Oil International (البنزين) و Trafigura (الديزل)” , وجاء في البيان: “إن توريد المنتجات المذكورة مضمون للأشهر الـ 12 المقبلة مما يتيح للسوق رؤية احتياجاته تلبي احتياجاتها دون تقلبات”.
من جهة أخري وبعد مفاوضات شاملة بدأت في عام 2020 لتحديد حوكمة وإدارة المجال البحري ذي الاهتمام المشترك من حيث أنشطة القطاع وكجزء من المحادثات , اتفقت أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية على نموذج العقد للإنتاج المشترك والذي يتضمن الشروط الرئيسية للتفاوض مع المشغلين في القطاع 14 البحري الذي تُشغله شركة Chevron الأمريكية وصرح وزير الموارد المعدنية والنفط والغاز بهذه المناسبة نقلاً عن أنه بعد توقيع مذكرة التفاهم الأولى قبل 20 عامًا يجب على البلدين التحرك بسرعة لتنفيذ الاتفاقيات حيث بدأ التحول العالمي للطاقة يفرض بعض التحديات على صناعة النفط , وبالتالي فمن المتوقع خاصة مع نشاط شركة Trafigura في قطاع التعدين والنقل بالسكك الحديدية في أنجولا والكونجو الديموقراطية أن تتحرك Trafiguraصوب المنطقة المنطقة ذات الاهتمام المشترك بين الكونجو الديموقراطية وأنجولا .
إن شركة Trafigura للإتجار في السلع الأساسية شركة نافذة في عدة دول أفريقية منها :
في جنوب السودان :
قامت شركة Trafigura باتصالات مع وسيط إسرائيلي عُوقب من قبل الولايات المتحدة لمساعدته حكومة سيلفا كير بجنوب السودان في صراعها مع خصومها المُسلحين حسبما زعمت منظمة غير حكومية سويسرية في تقرير جديد , ونفت ترافيجورا ارتكاب أي مخالفات لكن منظمة Public Eye غير الحكومية أصدرت رسالتين يربطان تاجر النفط إسرائيل زيف الذي فرض عليه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للحكومة الأمريكية (OFAC) عقوبات في ديسمبر 2018والسبب وراء العقوبات هو أن زيف مع رجال آخرين “قوض السلام والاستقرار والأمن في جنوب السودان” وكان الخطاب الأول مؤرخًا في يناير 2016 أشار إلى دفع 45 مليون دولار إلى حساب مصرفي باسم ZIVHG Ltd بينما ذهب مبلغ35 مليون دولار أخرى إلى وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وقالت الرسالة وهي من وكيل وزارة المالية إن هذا يستند إلى اتفاقية قرض بين حكومة جنوب السودان وترافيجورا عينت Public Eye المستفيد من ZIVHG باسم Zivويبدو أن هذه الأموال النقدية مرتبطة بالدفع المسبق من ترافيجورا حسبما قالت Public Eye , ويتناقض الدفع لشركة ZIVHG مع اتفاق السلام لعام 2015 بين الحكومة في جوبا وخصومها بقيادة ريك مشار ، نائب الرئيس السابق وكان الدفع لشركة ZIVHG لدعم مشروع زراعي يعرف باسم Green Horizon .
وقدأشار تقرير للأمم المتحدة في أبريل من هذا العام إلى دور شركة ترافيجورا في صناعة النفط في جنوب السودان هذا يشير إلى أن الحكومة تلقت أقل بقليل من 400 مليون دولار من تجار السلع في 2017-2018وتعليقًا على قضية Green Horizons نقل تقرير الأمم المتحدة عن شركة Trafigura قولها إنها قامت بالدفع المسبق مباشرة لحساب الإيرادات الخاص بحكومة جنوب السودان , بينما كانت الشركة تعلم أن بعض الأموال ستذهب إلى Green Horizon ، “لم تكن شركة Trafigura شريكًا في المشروع” وكشفت Public Eye عن رسالة ثانية على ما يبدو من مسؤول من جنوب السودان إلى رئيس قسم النفط بشركة Trafigura خوسيه لاروكا في أغسطس 2017وطلبت الرسالة من المدير التنفيذي لشركة Trafigura القدوم إلى جنوب السودان قائلة إن هذا جاء بعد مناقشات مع Ziv الذي كان “مرتبطًا حاليًا” في المناقشات مع التاجر حول “مجالات الاستثمار والفوائد المختلفة” في الدولة , ووفقًا لتقرير الأمم المتحدة فقد احتفظ التاجر بـ L.I.O زيف المحدودة للمساعدة في إدارة تجارة النفط الخام التي نفذتها مع حكومة جوبا انتهى هذا في مايو 2017 واستطردت نقلاً عن شركة Trafigura قائلة إنها “ترتيب تجاري منفصل تمامًا وغير مرتبط بأي أنشطة أخرى لشركة Israel Ziv والشركات ذات الصلة في جنوب السودان” , ويقال إن زيف زودت بالأسلحة والذخيرة لكل من حكومة جنوب السودان والمعارضة ، ووفقًا لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية فقد استخدم شركة زراعية كواجهة لبيع أسلحة تبلغ قيمتها حوالي 150 مليون دولار “وتم الدفع له من خلال صناعة النفط وكان له تعاون وثيق مع شركة نفط كبرى متعددة الجنسيات” ولم تذكر الحكومة الأمريكية اسم الشركة المعنية , وقدأشار تقرير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أيضًا إلى الحديث عن أن زيف استأجر مرتزقة لمهاجمة حقول النفط والبنية التحتية في جنوب السودان في محاولة لإيجاد مشكلة لا يمكن إلا لشركته والشركات التابعة لها حلها” , وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ربط الشركة بإسرائيل زيف نقل تقرير صادر عن مجموعة مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) عن الرئيس السابق لمديرية عمليات قوات الدفاع الإسرائيلية التشاور مع شركة Trafigura بشأن إدارة تجارة النفط الخام مع حكومة جنوب السودان , قالت OCCRP إنه تم تحويل ما لا يقل عن 140 مليون دولار إلى Global CST وهي شركة أخرى مرتبطة بـ Ziv والتي نشأت في شكل مدفوعات مسبقة من Trafigura إلى البنك المركزي وهذا “يطابق ما قيمته 150 مليون دولار من الأسلحة التي قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن مالك شركة Global CST باعها للحكومة” ذهبت OCCRP إلى ملاحظة أنه لا يوجد دليل على أن شركة Trafigura كانت تعلم أن الأموال قد تذهب لدفع ثمن صفقات الأسلحة المزعومة وقد نفى زيف أي تورط له في شراء أسلحة قائلا إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قد ضلل وأنه تقدم بطلب لإلغاء العقوبات .
في الـــجـــابـــون :
أجرت الجابون محادثات مع Trafigura لزيادة عائدات التعدين الجابوني , ودارت المناقشات حول تنمية موارد التعدين الوطنية مع إلفيس أوسينجي وزير المناجم الجابوني وبرتراند روز الرئيس التنفيذي لشركة Trafigura Gabon وهي شركة تابعة لشركة متعددة الجنسيات متخصصة في تجارة المواد الخام , وقال عضو الحكومة: “دارت المباحثات حول اهتمام الجابون القوي بالعمل مع هذا العملاق التجاري في استراتيجية تعزيز مواردنا وزيادة عائداتنا” , و في الجابون يمكن لشركة Trafigura العمل مع شركات التعدين والمصاهر وموزعي المعادن المكررة والشركات العامة والشركات الصناعية لإجراء مفاوضات استراتيجية يمكن أن تجلب المزيد من الإيرادات إلى البلاد , ولا تقتصر خبرة شركة Trafigura متعددة الجنسيات على التعدين فقط فهي تحتوي على أقسام أخرى خاصة بقطاعات النفط والطاقة والطاقة المتجددة ومن خلال هذه الشبكة تقول الشركة إنها تستطيع نشر البنية التحتية والمهارات والشبكة العالمية لنقل المواد الخام من حيث تتواجد بكثرة إلى حيث تشتد الحاجة إليها وبناء علاقات “قوية” تجعل سلاسل التوريد أكثر كفاءة وأمانًا واستدامة , وتأتي المناقشات مع الشركة السويسرية متعددة الجنسيات في سياق تراجعت فيه صادرات التعدين من الجابون في عام 2021 على المستوى التجاري بنسبة 18.6٪ على أساس سنوي لتستقر عند 37831 طنًا وفقًا للوزارة المكلفة بالاقتصاد , ومع ذلك تحسن معدل دوران قطاع التعدين بنسبة 10.3٪ إلى 29.5 مليار فرنك أفريقي ، مدفوعًا بارتفاع سعر المنجنيز السليكي (+ 43.3٪) خلال الفترة قيد المراجعة .
في ساحل العاج :
أُعلن في 4 نوفمبر 2021 أن شركة Trafigura السويسرية للتجارة بدأت في إجراءات الانسحاب من ساحل العاج حيث أن شركتها الفرعية Puma Energy على وشك الإغلاق هناك .
في شرقي أفريقيا :
بالاعتماد على علاقاتهم في جنيف ودبي وسنغافورة أنشأ العديد من تجار شل و Trafiguraالسابقين هيكلًا تجاريًا جديدًا يتجه إلى شرق إفريقيا مع شركة Montfort جروب التجارية .
يخوض التنفيذيون السابقون في شل و Trafiguraهجومًا في شرق إفريقيا مع شركة تجارية جديدة في مونتفورت , فقد دخلت مجموعة Montfort التي يديرها مسؤولون تنفيذيون سابقون في شل و Trafiguraسوق شرق إفريقيا بشراء أصول في كينيا وموزمبيق .
في Somaliland (وهي غير مُعترف بها دولياً) تحركت صوبها شركة بغض النظر عن كونها كيان إنفصالي عن الصومال ويُعتبر استثمار Trafigura في أرض الصومال مكسبًا لإثيوبيا فعلى خلفية الزيادة المتوالية للطلب على الهيدروكربونات وقعت Trafigura عقدًا مع أرض الصومال لتوريد واستثمار البنية التحتية للموانئ , فالسباق لتزويد إثيوبيا بالهيدروكربونات مستمر . وبينما وضعت السلطات الجيبوتية حجر الأساس لرصيف مرفأ النفط المستقبلي في مجمع داميرجوج للبتروكيماويات عبر الحدود مع الكثير من الأبهة والظروف في 3 سبتمبر 2020 أعلنت شركة Trafigura في 7 سبتمبر2020 أنها ستُقيم منشأتها لهذا الغرض في ميناء بربرة في دولة أرض الصومال غير المعترف بها وميناء بربرة حيث تخطط شركة موانئ دبي العالمية (لا تزال في صراع مفتوح مع جيبوتي) لاستثمار 442 مليون دولار في رصيف جديد في وضع جيد لتزويد جنوب إثيوبيا فهذا هو السوق الإقليمي الذي يستهدفه Trafigura أيضًا , ومع ذلك فإن استثمار Trafiguraيظل أمراً مثير للدهشة نظرًا لوضع دولة أرض الصومال وعدم وجود البنية التحتية للطرق تقريبًا بين بربرة وإثيوبيا وذلك على الرغم من أن شركة ممولة من أبوظبي بدأت العمل في ممر , وفي نوفمبر 2020 قال جيمس جوسلينج رئيس تجارة الطاقة في أفريقيا بشركة Trafigura: “لقد أثبتت أرض الصومال نفسها على مدى سنوات عديدة أنها مستقرة وديمقراطية مع اقتصاد متنام” وأضافقوله : “تكرس Trafiguraموارد كبيرة لتنمية مصادر الطاقة المتجددة وبصمة الطاقة لدينا على المستويين الكلي والجزئي [و] تعد شرق إفريقيا سوقًا مثيرة للاهتمام للغاية ” , وسيشمل استثمارTrafigura غير المعروف قيمته تحديث البنية التحتية لزيادة سعة التخزين والسماح بسفن أكبر في محطة بربرة للنفط وسيُسمح لشركة Trafigura باستيراد غاز البترول المسال ووقود الطائرات لتلبية الطلب المحلي والإقليمي بالإضافة إلى دمج الخدمات اللوجستية وتنسيق مواصفات الوقود في القرن الأفريقي وبالتالي تعزيز التجارة الإقليمية , من جانبه قال وزير التجارة والصناعة والسياحة في أرض الصومال محمود حسن سعد: “يسعدنا العمل مع شركة دولية رائدة ومستقلة مثل Trafigura لتحسين جودة وموثوقية توريد المنتجات البترولية المكررة إلى البلاد , ومن خلال العمل مع شركة Trafigura ستزداد الشفافية والمعايير العالية والقدرة التنافسية المتزايدة عبر سلسلة التوريد ” .
في إثيوبيا وفي20نوفمبر 2017 أُعلن أن شركة Trafigura لتجارة النفط قدمت أقل عرض ومن المرجح أن تفوز بمناقصة استيراد من قبل مؤسسة توريد البترول الإثيوبية لما يصل إلى 1.85 مليون طن من البنزين والبنزين للتسليم في 2018 فقد قدمت Trafigura أقل عرض قدره 3.69 دولارًا للبرميل على الشرق الأوسط بعروض أسعار زيت الكبريت 500 جزء في المليون لزيت الغاز و 3.97 دولارًا للبرميل مقارنة بأسعار البنزين القياسية في سنغافورة لشحنات البنزين (كانت هناك شركتين أخريين قد شاركتا في العطاء هما بتروتشاينا وفيتول) .
في الجابون والكونجو :
أُعلن في 13 يناير 2021 أن شركة Trafigura عززت مكانتها في أفريقيا حيث سجلت ربحًا إجماليًا قدره 6.8 مليار دولار في عام 2020 وفي الجابون وخاصة في الكونجو أصبحت المجموعة التجارية العملاقة الآن لاعبًا رئيسيًا في كل من رفع النفط الخام واستيراد المنتجات البترولية وتقوم بكلا النشاطين في شراكة وثيقة مع المتداولين المعروفين في جميع أنحاء العالم .
كردستان / العراق :
أنهت Trafigura صفقة النفط مع كردستان العراق بعد أن ألغى مسرور بارزاني الاجتماع وحاولت شركة Trafigura إعادة التفاوض بشأن الصفقة لكن مسرور بارزاني ألغى الاجتماع في ضربة جديدة لقدرة المنطقة على بيع نفطها بشكل مستقل , ويأتي الانفصال بعد أن فشلت شركة Trafigura في إعادة التفاوض بشأن شروط عقدها مع حكومة إقليم كردستان بعد انخفاض أسعار النفط الكردي – وبحسب مصدر مطلع – فبعد أن رفضت حكومة كردستان إعادة التفاوض علقت Trafigura آمالها على المحادثات مع رئيس الوزراء مسرور بارزاني في دافوس لكن الاجتماع الذي كان مقررا ألغاه الزعيم الكردي في اللحظة الأخيرة دون تفسير , وكانت Trafigura واحدة من عدة بيوت تجارية أقرضت ابتداءً من 2014-2015 ، مليارات الدولارات لحكومة كردستان التي تعاني من ضائقة مالية مقابل مبيعات النفط المستقبلية مما ساعد في تمويل مساعيها للاستقلال , فالنفط هو شريان الحياة لاقتصاد كردستان ويمثل أكثر من نصف عائدات الحكومة والصادرات عبر تركيا عززت استقلاليتها عن بغداد وبالنسبة للتجار تمثل الصفقات مع كردستان التي تعاني من ضائقة مالية فرصة مربحة محتملة لتأمين تدفقات جديدة من النفط , لكن بيع النفط الكردي أصبح أكثر صعوبة العام الماضي حيث كثفت بغداد – التي تنازع حق منطقة الحكم الذاتي في بيع نفطها بشكل مستقل – التهديدات القانونية ضد المشترين في نفس الوقت الذي أثر فيه تدفق النفط الروسي المخفض على الأسعار , وقال الجانبان في بيان مشترك أرسله المتحدث باسم شركة Trafigura عبر البريد الإلكتروني : “بعد العمل معًا بنجاح على مدار عدد من السنوات ، تفترق حكومة إقليم كردستان و Trafigura بشكل ودي مما يؤدي إلى إنهاء ترتيباتهما التعاقدية طويلة الأجل” , بعد الغاء إجتماع دافوس كانت شركة Trafiguraتستعد لإرسال إشعار تسريع إلى حكومة كردستان للمطالبة بالسداد الفوري للأموال المستحقة عليها , وكان الشريك التجاري الكردستاني مدينًا بحوالي 273 مليون دولار من المدفوعات المسبقة التي سددها لتدفقات النفط المستقبلية , وقد واحتجت بغداد منذ فترة طويلة على مبيعات النفط في كردستان لكنها صعدت حملتها ضدهم في العام الماضي2022 في أعقاب حكم محكمة عراقية في فبراير2023 قضى بأن وزارة النفط الفيدرالية يجب أن تشرف على الإنتاج الكردي في أغسطس 2022 أرسلت شركة تسويق النفط العراقية “سومو” التي تديرها الدولة رسالة إلى التجار تحذرهم من اتخاذ إجراء قانوني إذا اشتروا النفط الكردي دون موافقة بغداد , وتشكل صادرات النفط الكردستانية التي تبلغ نحو 400 ألف برميل يوميا جزءا ضئيلا من مبيعات بغداد التي تزيد عن 3 ملايين برميل , وهناك ثمة دليل على أن تهديدات بغداد كان لها تأثير وتظهر بيانات تتبع الناقلات التي رصدتها بلومبرج أن شحنات الخام الكردي إلى موانئ إسبانيا واليونان وإيطاليا انخفضت بشكل حاد منذ منتصف عام 2022 مع زيادة التدفقات إلى إسرائيل وكرواتيا والصين في النصف الثاني من العام وحتى بداية عام 2023 , وكانت حكومة كردستان مدينة بإجمالي 3.5 مليار دولار لمشتري النفط في نهاية يونيو2022 ووفقًا لأحدث حسابات النفط المدققة ففي غضون ذلك توقفت عائدات النفط 620 مليون دولار في حسابات مصرفية في لبنان نتيجة الأزمة المالية في البلاد بحسب الحسابات وأصبحت أهمية الحسابات اللبنانية لثروة كردستان النفطية علنية بفضل معركة قانونية بين شركة يسيطر عليها التاجر المخضرم مرتضى لاخاني وشركة BankMed SAL اللبنانية .
الشركات متعددة الجنسيات أداة ماضية في خدمة المصالح الأمريكية فقط :
إن نظرة مقارنة بين الموقف الأمريكي المواتي مع أداته شركة Trafigura في تمويل مشروع سكك حديد بينجيلا أو ما يُعرف بممر لوبيتو علي المحيط الأطلسي حتي الكونجو الديموقراطية بنحو 250 مليون دولار والإستثمار والموقف الأمريكي من مشروع أنجولي للبنية الأساسية الأنجولية طُرح عام 2007 فقد نشرت وكالة الأنباء الأنجولية Agencia Angola Press في 24 مايو 2007 أن بنك Export-Import Bank الصيني سيُقدم قرضاً مقابل البترول الأنجولي بمبلغ 3 بليون و579 مليون دولار عام 2007 لأنجولا لتمويل عدة مشروعات للبنية الأساسية بأنجولا لكن لم يُعرف علي وجه الدقة إن كانت هذه الأموال سيُرصد جزء منها لمشروع ربط كابيندا بأنجولا أو Soyo Highway Project أو أنها مرتبطة بقرض آخر بمبلغ 2 مليار دولار قدمته الصين أيضاً ,(يبدأ الربط من مدينة Soyoبمحافظة Zaire الأنجولية عبوراً لجمهورية الكونجو الديموقراطية وصولاً لمقاطعة كابيندا) وأشار إلي المشروع سيبدأ العمل فيه في 25 سبتمبر 2008, وفي عام 2010 توجهت الحكومة الأنجولية لليابان طلباً لتمويل إضافي للمشروع وبالتحديد لتمويل الجسر الذي سيعبر فوق نهر الكونجو , وكنت قد إلتقيت سفير الكونجو الديموقراطية في أنجولا أثناء عملي كسفير لمصر لدي أنجولا في في 14 أغسطس 2007 وتناولت في لقائي به هذا الموضوع في سياق حديث عن موضوعات مختلفة , فأشار إلي أن هناك جدية من الجانبين بشأن هذا المشروع الإستراتيجي وأنه كان علي قائمة عدة موضوعات في مباحثات الرئيسين الأنجولي والكونجولي بمناسبة زيارة الأخير للواندا في 30 يوليو 2007 * ( أعقبها زيارة لرئيس هيئة أركان جيش الكونجو الديموقراطية علي رأس وفد من 7 من كبار العسكريين للواندا في 23 أغسطس 2007 إستمرت لأسبوع وبحث الجانبانت فيها الموقف الأمني علي الحدود المشتركة وتأمين النظام الكونجولي) , لكن السفير الكونجولي كشف لي عن أن شركتي Chevron الأمريكية وTotal الفرنسية عارضتا هذا المشروع بدعوي تعارضه مع مشروع مد خطوط أنابيب بترول عبر نهر الكونجو الفاصل بين أنجولا والكونجو الديموقراطية , وأن هذه الذريعة التي طرحتها الشركتان قُوبلت بالرفض من جانب الرئاستين الأنجولية والكونجولية وأقترحت الرئاستان مد خطوط البترول علي جانب الجسر الذي ستنفذه شركة صينية بتكلفة تُقدر بثلاثة بلايين دولار أمريكي , والواقع أن شركتي Chevron الأمريكية وTotal الفرنسية كانتا غير مُتحمستان أو عارضتا هذا المشروع لأنه لا يحقق للولايات المتحدة مصالح مُباشرة وأنه سيربط بلدان متجاورين بفوة , وأعتقد أن المشروع في مرحلة طرحه للبحث كان مجرد نية لدي الحكومة الأنجولية وكان عليها أن تدرك أنه سيكون لزاماً عليها تجاوز عقبات مُحتملة أهمها موقف شركات البترول الكبري العاملة في كابيندا خاصة شركة Chevron , وكان تقديري أن حكومة كينشاسا ستوافق علي المشروع نظراً لإعتماد نظام كابيلا علي الحماية العسكرية والأمنية الأنجولية , بالرغم من أنه ووفقاً لماضي التنافسية السياسية بين كينشاسا ولواندا لم يكن من بين أهداف كينشاسا في سياستها الإقليمية إبان عهد Mobutu تقوية لواندا بمدها بأسباب القوة في كابيندا التي تعتبر نقطة ضعف في الأمن القومي الأنجولي لأن الجسر سيتيح فرصة لأيدي العسكرية الأنجولية للوصول السهل المنتظم لداخل الإقليم بالتغلب علي العقبة اللوجيستيكية الكبري وهي عزلة الإقليم الكابيندي عن جغرافية أنجولا , ومن ثم فسيعني ذلك تمدد القوة الأنجولية إلي داخل الكونجو الديموقراطية نفسها فكابيندا جيب يقع داخل أراضي الكونجوليتين .
لكن بينما كان مشروع الربط يسير قدماً حدث تطور ذا علاقة بهذا الموضوع مؤخراً إذ نشرت وكالة الأنباء الأنجولية في 4 مارس 2016 أن ما لا يقل عن 54 من سائقي الشاحنات الأنجوليين الذين ينقلون علي متنها بضائع متنوعة لمقاطعة كابيندا عبوراً من أراضي الكونجو الديموقراطية تقطعت بهم السبل في الأيام العشر الماضية بنقطة حدود Nóqui الواقعة بمحافظة Zaire بشمال أنجولا والمتاخمة لمحلية ميناء Matadi بالكونجو كينشاسا , نظراً لرفع السلطات الكونجولية رسوم الوارد علي هذه البضاعة over-invoice حيث تطالب السلطات السائقين دفع مبلغ يتراوح ما بين 8000 دولار إلي 12,000 دولار حتي يُصرح لهم بالعبور إلي كابيندا, وأفاد João Bartolomeu قنصل أنجولا بالكونجو أنه إتصل بالسلطات الكونجولية في João Bartolomeu لعرض المسألة وأنه ينتظر الرد ويعتبر هذا المنفذ البري الكونجولي هو السبيل الوحيد لنقل إحتياجات كابيندا التي لا ميناء عميق بها .
في 20 أبريل 2022 نُشر أنه أعيد افتتاح محطة الركاب والحمولات النهرية ببلدية سويو شمال مقاطعة زائير نظراً للأمان والراحة في الربط البحري لمقاطعة كابيندا الشمالية وكشف وزير النقل ريكاردو دي أبرو النقاب عن البنية التحتية التي تبلغ مساحتها 30 ألف متر مربع والتي تم بناؤها في خليج وسط مدينة سويو تغمرها إحدى قنوات نهر زائير وتحتوي المحطةعلى رصيف بطول 200 متر وثلاثة منحدرات اثنان منها لرسو سفن الركاب والأخرى لسفن الشحن , وسيبدأ الخط التجاري الثلاثاء المقبل (27 أبريل 2022) بتذكرة بقيمة 15 ألف كوانزا ووفقًا لمصدر بشركة Cecil Marítima المسؤولة عن إدارة المحطة وشبكة Cabotage ، فإن تعزيز السفن لربط Soyo و Cabinda بالعكس سيعتمد على الطلب على الخدمات .
وطيلة خدمتي كسفير لمصر لدي أنجولا من ديسمبر 2003 حتي سبتمبر 2007 ظل مشروع إعادة تأهيل سكك حديد أنجولا يتجدد بشأنه أماني الحكومة الأنجولية بتحقيقه في الواقع لكن بلا جدوي إلي نشبت حرب أوكرانيا وأصبح هناك إحتياج ماس لمعادن الكوبالت والنحاس وغيرهما من المعادن في الكونجو وأنجولا وزامبيا فنشأت الحاجة الأمريكية والغربية في إستخراج هذه المعادن بإستثمارات وتمويلات حاضرة ونقلها بأقصر الطرق فنشأت الحاجة لتأهيل سكك حديد بينجيلا , وهذا هو سر الحماس والحركة الأمريكية وذراعها النشط شركة Trafigura .
نـــتــــيــــجـــة :
إن شركة Trafigura وغيرها من الشركات مُتعددة الجنسية لا تستهدف مُطلقاً المصالح الحيوية أو التي تُعزز الأمن القومي لهذا البلد أو ذاك وإنما مصالح التحالفات الإقتصادية الغربية وعلي وجه التعيين تلك المُحققة للمصالح الأمريكية وتأكيداً لذلك أن الولايات المتحدة وشركة Trafiguraالمُتعددة الجنسيات متفقتان وداعمتان لممر لوبيتو علي المحيط الأطلسي الذي سيربط أنجولا بمواطن المعادن في جنوب شرقي الكونجو الديموقراطية , فهذه الشركة في إطار كونسورتيوم فازت بمناقصة إدارة الجزء الأنجولي من سكك حديد التعدين المعروفة بأسم ” سكك حديد بنجيلا” ، وهذا الكونسورتيوم دعمته فوراً الولايات المتحدة حين أعلنت مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية أنها تُراجع حالياً مبلغ 250 مليون دولار لتمويل ممر لوبيتو الأطلسي المُشار إليه أو(Lobito Atlantic Railway Corridor) للسكك الحديدية بين أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية , وهذا التضافر في التعاون علي تحقيق ممر لوبيتو الأطلسي يُظهر أن تحركات الشركات مُتعددة الجنسات في العالم وخصوصاً العالم الثالث غايته تحقيق المصالح العُليا للولايات المتحدة أولاً ثم حلفاءها في منظمة حلف شمال الأطلسي NATO وكما أشرنا فإن شركة Trafigura في سبيل ذلك تتضمن إتجاهات تحركاتها نقاط التوتر وعدم الإستقرار والفساد الإداري في العالم مثل جنوب السودان وكردستان /العراق وأفريقيا الوسطي وليبيا مع أن عدم الإستقرار وتفشي الفساد في موضع أو دولة ما يُعد من موانع الدخول في موضع ما أو دولة ما لكن شركة Trafigura وغيرها من الشركات العملاقة مُتعددة الجنسيات لا تكترث بذلك بل إن التوتر وعدم الإستقرار السياسي والإقتصادي والفساد يشجعها علي المضي قدماً في إستثماراتها في هذا الموضع أو هذا البلد أو ذاك وكأنه حافز من الحوافز التي تُذكي الدافعية لدي Trafigura وغيرها من الشركات مُتعددة الجنسيات والصحافة الإستقصائية في العالم مُتخمة بتفاصيل فساد Trafigura وغيرها من الشركات مُتعددة الجنسيات في أركان العالم الأربعة , فإتفاق Trafigura في الكونجو الديموقراطية هُوجم من مجموعة المجتمع المدنيThe Collectif لفساده لكن Trafigura لم تأبه بذلك .
إن الولايات المتحدة وفرنسا عبر شركتي Chevron وTotal عارضتا مشروع ربط كابيندا الواقعة خارج أراضي أنجولا الوطن الأم بين الكونجوليتين بأنجولا أو ما عُرف بـ Soyo Highway Project فيما كان موقفها مواتيا تماماً من مشروع ممر لوبيتو علي الأطلسي لنقل المعادن المُنتجة في زامبيا والكونجو الديموقراطية وأنجولا عبر تأهيل سكك حديد بينجيلا , هذا المعيار الزدوج ليس غريباً فالولايات المتحدة وشركة Trafigura وغيرها من الشركات مُتعددة الجنسيات لا تعني بأمن دول وبلدان العالم الثالث ولا إستقرارها وإزدهارها الإقتصادي والإجتماعي بل عي معنية فقط وعلي سبيل الحصر بتحقيق وتنمية المصال العُليا الأمريكية ولدول NATO ولا يشذ عن هذه القاعدة تلك الشركات المماثلة التابعة أو التي لها روابط ما بروسيا والصين فالإختلاف كمي وليس نوعي أو قيمي , فكلهم سواء بسواء لدرجة أن في عالمنا اليوم يتم الإشارة لشركات توريد المرتزقة سواء الروسية أو الأمريكية أو الصينية أو غيرهم علي إنها عمل مشروع أو شبه مشروع ذلك أن قادة العالم الثالث الذين يستعينون بمثل هذه الشركانة بلا وازع من ضمير أو أن لديم إتصال ما بالقيم .
إن الشركات مُتعددة أو مُتعدية الجنسيات تحقق في النهاية الأمن القومي للقوي الدولية المُتافسة و أحياناً المُتنازعة وهي علي إستعداد دائم لممارسة أي نوع من التجارة بدءاً من مساحيق التجميل النسائية حتي تجارة السلاح والمرتزقة , يحدث ذلك وتدخل الأمم المتحدة يكاد أن يكون مظهراً أو قل بلا فاعلية لسبب وجيه وهو أن نفس هذه القوي التي تُحرك الشركات مُتعددة الجنسيات هي نفسها التي تقبض علي المقاعد الخمسة الدائمة بمجلس الأمن الدولي .
الــــســــفــــيـــر : بــــلال الـــمـــصـــري –
حصريا المركز الديمقراطي العربي – الـقاهـرة / تـحـريــراً في 19 يوليو 2023