نذر تغير ما في الإعتراف بجمهورية قبرص التركية
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – مصر – القاهرة
قام بيت سيشنز Pete Sessions عضو الكونجرس عن الحزب الجمهوري بولاية تكساس الأمريكية والرئيس السابق للجنة المؤتمر الجمهوري الوطني بزيارة لجمهورية شمال قبرص التركية بدعوة من غرفة التجارة القبرصية التركية (KTTO) في أول زيارة يقوم بها سياسي أمريكي يأتي مباشرة إلى جمهورية شمال قبرص التركية , ووفقًا للمعلومات التي قدمتها الغرفة فإن بيت سيشنز(من المعروف أن سيشنز أحد أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورجاله المهمين) قام بزيارة الإدارة القبرصية اليونانية من قبل , ولكن هذه المرة قام بزيار جمهورية شمال قبرص التركية للتشاور مع الجانب القبرصي التركي والحصول على فكرة عن كلا الجانبين في الجزيرة , وبحسب البيان الصادر عن غرفة التجارة القبرصية التركية فقد أجرى عضو الكونجرس بعض الاتصالات خاصة مع الرئيس إرسين تتار بحضور الممثل الخاص الرئاسي إرجون أولجون ومستشار الشؤون القانونية الرئاسية سولين كاراباكاك حيث تمت مناقشة مشكلة قبرص و دعا الرئيس تتار المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية إلى “الاعتراف بالسياسة الجديدة للجانب القبرصي التركي القائمة على دولتين والمساواة في السيادة والوضع الدولي المتساوي” وأوضح تتارأن”الشعب” التركي في قبرص “شعب” مختلف له ثقافته ولغته ودينه وتاريخه وتوقعاته للمستقبل وأكد أن جزيرة قبرص تقع في منطقة إستراتيجية على بعد 70 كيلومترًا فقط من “الوطن الأم تركيا”وأشار إلي أن هذه السياسة الجديدة ليست فقط للأطراف في قبرص ولكن أيضًا من أجل حل المشاكل في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وذكر أيضًا أنه سيخلق أساسًا قابلًا للتطبيق وعادلاً ومستدامًا وقال رئيس جمهورية قبرص التركية أن المفاوضات التي أجريت على أساس اتحادي لأكثر من نصف قرن قد استنفدت بسبب عقلية القبارصة اليونانيين التي تعتبر قبرص جزيرة يونانية وأضاف الرئيس أرسين تتار أن الوقت قد حان لفتح صفحة جديدة في قبرص وخلق مستقبل يستطيع فيه “الشعبان” – القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيون – العيش جنبًا إلى جنب في سياق التعاون وعلاقات حسن الجوار .
في إشارة إلى أن المفاوضات التي أجريت على أساس فيدرالي منذ أكثر من نصف قرن قد استنفدت بسبب العقلية اليونانية التي تعتبر قبرص جزيرة يونانية قال رئيس القبارصة الأتراك إرسين تتارلعضو الكونجرس الزائر :”إنه من الممكن فتح صفحة جديدة في قبرص و لتمكين الشعبين سواء القبارصة الأتراك أوالقبارصة اليونانيون ، من العيش جنبًا إلى جنب في إطار علاقات حسن الجوار والتعاون ، وإن الوقت قد حان لبناء المستقبل ” وأوضح قوله : “نحن مستعدون لتحقيق حل في الجزيرة ، لكن هذا الحل يجب أن يكون عمليًا وعادلاً ومستدامًا لتحقيق هذا الهدف ويجب أن يقوم الاتفاق الذي تم التوصل إليه على أساس دولتين فنحن نريد هذا للقبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين وتركيا واليونان وكذلك لجميع الأطراف المعنية التي ترغب في الاستقرار في المنطقة ، من أجل الحفاظ على السلام من أجل قبرص أفضل ” وأشار الرئيس إرسين : ” أنه مع حل مشكلة قبرص بدلاً من الإصرار على المفاوضات القائمة على الاتحاد – كما في حالة خطة الحل الشامل للأمم المتحدة لعام 2004 (خطة عنان) وخطة كرانس مونتانا لعام 2017– ذلك أن هناك حاجة إلى نهج جديد الآن , وأشار الرئيس إرسين تتار أخيراً إلى أنه بسبب العزلة غير العادلة المفروضة على الشعب القبرصي التركي فلا يمكن القيام برحلات جوية مباشرة إلى بلدنا ولا يمكن إجراء تجارة مباشرة مع دول أخرى غير موطن تركيا , ولكن مع كل ذلك فالشعب القبرصي التركي يتمتع بالمرونة والعمل الدؤوب وعلى الرغم من كل هذه المعوقات إلا أنهم يستخدمون الاقتصاد وخاصة السياحة والاقتصاد المرتفع من أجل توفير مستقبل أفضل للشباب وأضاف أنهم نجحوا في تطوير قطاعات التعليم والزراعة والبناء .
التقى عضو الكونجرس بيت سيشنز كذلك مع رئيس البرلمان Zorlou Torre وبحسب بيان صادر عن البرلمان تضمن ترحيب رئيس برلمان شمال قبرص التركية بعضو الكونجرس الأمريكي وقوله لعضو الكونجرس : “أود أن أشكرك على شجاعتك في القدوم إلى الجمهورية التركية لشمال قبرص والاستماع إلينا بينما نحن تحت الحظر الذي نقوم به وهو الأمر الذي لا نستحقه” .
كما ألتقي بيت سيشنز كذلك برئيس الغرفة التجارية زورلو توريه خلال فترة وجوده في جمهورية شمال قبرص التركية وزار الأماكن التاريخية وحصل على معلومات مفصلة عن البلاد , كما تبادل عضو الكونجرس خلال كل ذلك وجهات النظر لدعم التنمية الاقتصادية للجانب القبرصي التركي وخاصة فيما يتعلق بقطاع السياحة وأعرب عن تقديره للشعب القبرصي التركي على نجاحه حتى الآن وأشار سيشنز إلى أنه مسرور بمشاهدة التقدم الذي أحرزته الجامعات في البلاد ونوعية خريجي الجامعات وذلك بناءً على تجربته الخاصة في التكنولوجيا وأكد سيشنز أن جمهورية شمال قبرص التركية صديقة وهي مستعدة للمساهمة بأفضل ما لديها في الجهود المبذولة لجعل صوت الشعب القبرصي التركي مسموعا وصرح سيشنز في خطابه قائلاً : “لا أخشى أبدًا أن أقول إنني دائمًا من أجل الإنصاف والتوازن والنزاهة فإنه يوجد في الواقع الكثير من الأشياء التي يمكن قولها عن الظلم لقد زرت الجنوب في الماضي وأعتقد الآن أنه من الصواب بشكل كبير زيارة الشمال في هذا السياق لذا فأنا سعيد للغاية لسماع آرائكم ” , وقدم رئيس الغرفة التجارية لشمال قبرص التركية زورلو توريه في خطابه معلومات عن مشكلة قبرص “وعملية إنشاء الجمهورية التركية لشمال قبرص”وذكر أن القبارصة الأتراك تصرفوا على الدوام بروح من حسن النية والتعاون من أجل حل مشكلة قبرص وأنهم أظهروا هذا الاستعداد بقولهم “نعم” لخطط الحل التي ظهرت خلال المفاوضات القبرصية وأضاف توريه : ” إن الجانب القبرصي اليوناني أظهر بوضوح أنه ليس لديه إرادة للعيش تحت سقف دولة تعاونية ولا يريد مشاركة الرخاء والحكم مع القبارصة الأتراك” كما قال : ” أن “الوقت قد حان لكي يتم الاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية التي أعلنها الشعب القبرصي التركي ضمن حقوقه الأصيلة لإبداء رغبتهم في الحكم الذاتي والاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي وأنها (أي قبرص التركية) تتوقع المزيد من العدالة من الولايات المتحدة الأمريكية واختتم توريه ملاحظاته متمنيا أن “شجاعة النائب بيت سيشنز لزيارة جمهورية شمال قبرص التركية ستكون مثالا وإلهاما لأعضاء الكونجرس الآخرين”.
لفت بيت سيشنز Pete Sessionsالانتباه بزيارته إلى جمهورية شمال قبرص التركية (TRNC) فهو أول سياسي أمريكي يأتي مباشرة إلى جمهورية شمال قبرص التركية وبحسب تصريحات رئيس الجمهورية التركية لشمال قبرص فإن الجلسات مع المسؤلين في قبرص التركية جاءت بناءً على دعوة من غرفة التجارة القبرصية التركية .
سرعان ما أصدرت خارجية قبرص اليونانية بياناً غاضبا ًفي 4 أغسطس 2023بشأن زيارة عضو الكونجرس الأمريكي نصه ” إن هذا الإجراء كان اختيارًا متعمدًا اتخذه عضو الكونجرس نفسه يتعارض مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة ويسعى بشكل واضح إلى تحقيق دوافع بديلة ” وأن جمهورية قبرص على اتصال مباشر ووثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الشأن”. وتطرقت الوزارة إلى “الزيارة غير القانونية” التي نُددت بأنها ووصفتها بأنها : “انتهاك للقانون الدولي وخروج عن الموقف الراسخ للولايات المتحدة” , وشددت القول على أنه “من الواضح أن الزيارة غير المشروعة المذكورة أعلاه تعكس قرارًا واعًا اتخذه عضو الكونغرس نفسه. يقوض هذا القرار قرارات مجلس الأمن المعمول بها ويبدو أنه مدفوعة بدوافع خفية ، بما في ذلك النية للتلاعب بالتصورات. على عكس الآخرين ، شكلت العلاقات التاريخية للسيد سيشنز مع تركيا عقبة أمام المنع ” .
بدأت زيارة عضو الكونجرس الأمريكي بدعوة من غرفة التجارة القبرصية التركية وذلك في أعقاب الزيارة الرسمية التي قام بها سيشنز في وقت سابق إلى تركيا وزيارة عضو الكونجرس الأمريكي لقبرص التركية التي يصفها القبارصة اليونانيين بأنها محتلة تتعارض مع السياسة الأمريكية حيث لا تعترف الولايات المتحدة بـ “الجمهورية التركية لشمال قبرص” , فالولايات المتحدة تعتبر الوضع الراهن في قبرص غير مقبول وتدعم رسمياً الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية شاملة لإعادة توحيد الجزيرة كاتحاد ثنائي المنطقتين وطائفتين ويعتبر القارصة اليونانيين ان هذه الزيارة تأتي في فترة تُعد فيها العلاقات بين نيقوسيا وواشنطن في أفضل حالاتها ففي في سبتمبر2022رفعت الولايات المتحدة حظر الأسلحة المفروض على قبرص بعد أن قضت وزارة الخارجية بأن قبرص قد استوفت الشروط اللازمة بموجب التشريعات ذات الصلة للسماح بالموافقة على الصادرات وإعادة التصدير ونقل المواد الدفاعية وفي ديسمبر 2019تم التوقيع على قانون شراكة الأمن والطاقة لشرق المتوسط لعام 2019 كجزء من قانون مخصصات السنة المالية 2020 وقانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) للسنة المالية 2020وهذا يُلقي الضوء على المصالح الأمنية للولايات المتحدة في الشرق في منطقة البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك مواجهة النفوذ الروسي .
قالت السفيرة الأمريكية جولي فيشر بعد اجتماعها في الأول من أغسطس 2023 مع رئيسة البرلمان القبرصي أنيتا ديميتريو إن الولايات المتحدة ستواصل دعم إطار مجلس الأمن المتفق عليه لاتحاد بين منطقتين وطائفتين في قبرص مع المساواة السياسية وستواصل حث الأطراف على استئناف المفاوضات على أية حال يري الجانب القبرصي اليوناني أن للولايات المتحدة الأمريكية دور حاسم في استئناف المحادثات , كما قالت رئيسة مجلس النواب حيث أشارت إلى أن زيارتها المرتقبة للولايات المتحدة وشيكة لكن لم يتم تحديد موعدها بعد لكنها قالت عن إجتماعها مع السفيرة الأمريكية لدي قبرص :”لقد أتيحت لنا حقًا فرصة رائعة للتحدث عن قضايا ذات أهمية كبيرة بين الولايات المتحدة وقبرص وهي قضايا ذات أهمية عالمية واستراتيجية وقضايا أخري مهمة للقبارصة .
إتصالاً بما تقدم بشأن القضية القبرصية وجمهورية شمال قبرص التركية ذكر وزير الدفاع التركي ياسر جولن في حديثه في الأول من أغسطس 2023بمناسبة الذكرى 452 لغزو قبرص والذكرى الخامسة والستين لتأسيس منظمة المقاومة التركية (TMT) والذكرى السابعة والأربعين لتأسيس الجمهورية التركية قال Yaşar Gülerوزير الدفاع التركي في كلمة ألقاها بهذه المناسبة : ” إن قبرص قضية وطنية ومن أهم أولويات بلادنا حل القضية القبرصية في أسرع وقت ممكن بما يضمن المصالح المشروعة للأتراك وأمنهم” وأضاف : : “إن سياسات القمع والقمع والمجازر التي تعرض لها القبارصة الأتراك في الجزيرة لم توقف النضال العادل لأشقائنا بل على العكس من ذلك فقد تمكنوا من النضال من أجل استقلالهم ومستقبلهم وأصبح المجاهدون الأبطال في منظمة المقاومة التركية التي نحتفل بعيد تأسيسها اليوم نجماً ساطعاً للشعب القبرصي التركي في نضالاته الملحمية”وأكد جولر أن تركيا وقفت دائمًا إلى جانب أشقائها القبارصة في هذا الكفاح وبذلت قصارى جهدها لضمان السلام والاستقرار في الجزيرة كما نقول دائمًا قبرص هي قضيتنا الوطنية لذلك فإن القضية القبرصية هي مسألة الاهتمام بالمصالح المشروعة للشعب القبرصي التركي وأمنه ومن أهم أولويات بلادنا إيجاد حل في أسرع وقت ممكن ثم أوضح قوله : “ينبغي أن يكون مفهوما أن الخطابات الجارية والبالية من الماضي لا تسهم في جهود الحل ونأمل أن نتجنب الخطوات الأحادية الجانب التي تتجاهل حقوق الشعب القبرصي التركي في الجزيرة لتحديد الحقائق التاريخية والحالية بشكل صحيح في في هذا الصدد والابتعاد عن الإجراءات والخطابات الهادفة إلى زيادة التوتر في المنطقة المحكوم عليها بالإفلاس لسنوات وإنه لدليل على الإرادة القوية الوصول لحل سلمي وعادل وعادل لمشكلة قبرص ثم أكد في كلمته قوله : “ينبغي أن يكون معروفا أن تأكيد المساواة في السيادة والوضع الدولي المتساوي لأشقائنا القبارصة وهي حقوق مكتسبة لهم وهوأمر لا غنى عنه بالنسبة لنا ونحن نتوقع من محاورينا (القبارصة اليونانيين) التصرف باحترام لحقوق القبارصة الأتراك وتركيا إنطلاقاً من القانون الدولي , كما ندعو المجتمع الدولي إلى دعم حل عادل ودائم والتوقف عن دعم مزاعم جانب واحد والتعامل مع القضية بطريقة معقولة ومنطقية واود ان اكرر دعوتنا لحل عادل ودائم واننا سنواصل جهودنا من اجل اقامة قبرص والبحر المتوسط ليسود السلام والاستقرار والتعاون في منطقة شرق المتوسط ” وختم كلمته بقوله :” “بصفتنا القوات المسلحة التركية نواصل تقديم جميع أنواع الدعم لجيشنا الشقيق في مجالات الدفاع والأمن وصناعة الحرب ونجري التدريبات المشتركة التي نقوم بها ونقدم الدعم التدريبي للعسكريين القبارصة الأتراك والخطوات المتخذة في قطاع الدفاع هي أفضل الأمثلة على تعاوننا في المجال العسكري وسيستمر هذا التعاون في المستقبل وإن قيادة قوات السلام التركية القبرصية هي ضمان السلام والأمن في الجزيرة وإن قيادة قوات الأمن في الجمهورية التركية لشمال قبرص وهي التي تعمل جنبًا إلى جنب إلى جانب القوات المسلحة التركية وهما يحملان معا بفخرأيضًا راية القبارصة الأتراك المجيدة بروح المجاهدين ضمانًا للسلام والاستقرار في الجزيرة وبصفتنا تركيا سنواصل بذل قصارى جهدنا من أجل السلام وأمن ورفاهية إخواننا القبارصة والوقوف إلى جانبهم في إطار معاهدة الضمان والتحالف “.
في تزامن مُلفت للنظر صرح النائب البريطاني سامي ويلسون المتحدث باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي في ايرلندا الشمالية (أكبر حزب في أيرلندا الشمالية ويضم ثمانية نواب في مجلس العموم البريطاني) في 3 أغسطس 2023 : بــ”أن هناك أوجه تشابه بين قبرص وأيرلندا” فقد أيد ويلسون اعتراف العالم بجمهورية شمال قبرص التركية ونشرالنائب عن آيرلنده الشمالية في مجلس النواب بالمملكة المتحدة رسالة في مجلة بوليتيكسهوم Politicshome بتاريخ 31 يوليو 2023 مقالً دعم فيه مسألة اعتراف العالم بجمهورية شمال قبرص التركية وقال :”أن هناك أنظمة ديمقراطية تعمل على جانبي جزيرة قبرص وانه لا يوجد سبب لعدم اعتراف الأمم المتحدة بجمهورية شمال قبرص التركية وأشار إلي أن الانقسام في قبرص كان بسبب القرارات التي اتخذها الرئيس مكاريوس في عام 1963 فمكاريوس كان البادئ باقتراح وتنفيذ تعديلات أحادية الجانب على الدستور متجاهلاً المحكمة الدستورية العليا في قبرص وأدى ذلك في النهاية إلى سلسلة طويلة من الأحداث التي قسمت الجزيرة وأستطرد ويلسن وقال :”من جهة توجد الحكومة القبرصية المدعومة من اليونان والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة ومن جهة أخرى هناك جمهورية شمال قبرص التركية (TRNC) التي تدعمها تركيا وجري تقسيم الجزيرة على طول خط وقف إطلاق النار الذي تحميه الأمم المتحدة كنتيجة للتدخل العسكري التركي عام 1974 وأشار ويلسون إلى أن “الخطة الواعدة أوحل الأمم المتحدة لعام 2004 قد قبلها القبارصة الأتراك فيما رفضها القبارصة اليونانيون مشيرًا إلى أن “اتفاق الجمعة العظيمة” فقد تم التوقيع على اتفاقية بلفاست في 10 يناير 1998 ووضعت هذه الإتفاقية حداً للصراعات البروتستانتية الكاثوليكية الدموية في جزيرة أيرلندا ووفقًا لبنود الاتفاقية تم تقسيم الجزيرة إلى قسمين حيث تم تضمين جزء من أيرلندا الشمالية في المملكة المتحدة بينما أصبحت جمهورية أيرلندا في الجنوب دولة مستقلة وكان ذلك هو الحل لإنهاء النزاعات في جزيرة أيرلندا , وقال ويلسون”إن قرار محكمة العدل الدولية بشأن استقلال كوسوفو في عام 2010 سيعطي مزيدًا من الشرعية لطلب جمهورية شمال قبرص التركية” , وقال أن المملكة المتحدة يجب أن تعمل كوسيط بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين في هذه العملية .
تحدث إرسين تتاررئيس جمهورية شمال قبرص التركية إلي وكالة الأنباء القبرصية فنوه إلي أهمية تعاون “المجتمعات”وعلى الرغم من المحادثات “الودية”حول الحوار بين الجانبين القبرص التركي واليوناني والتواصل الجيد بينهما إلا أنه ظل ثابتًا في القضايا الأساسية وحسب قوله يوجد في قبرص شعبان ودولتان يعترفان بأن هذا الموقف غير معترف به دوليًا حتى أنه رفض المشاركة النشطة للاتحاد الأوروبي في الصراع القبرصي وقد تركت تصريحات إرسين تتارانطباعًا بأنه يعتقد أن هناك جزءًا من القبارصة اليونانيين يفهم أقواله حول التعاون أخيرًا تحدث عن الخطوات التالية في فاروسي بينما قال أنه يتصرف بشكل مستقل عن تركيا .
هناك تطوريمكن أن ينعكس بشكل ما علي القضية القبرصية ألا وهو إستعادة الرئيس أردوجان سبيله إلي الإتحاد الأوروبي بعد فوزه في الإنتخابات الرئاسية التركية الأخيرة , فقد فُسرت كلمات أردوجان التي قال فيها :”افتح الطريق أمام تركيا في الاتحاد الأوروبي ، ودعونا نمهد الطريق أمام السويد” على أنها إشارة إلى استعادة للعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي , ففي اليونان والإدارة القبرصية اليونانية تزعم بعض الدوائر أن خطابات أردوجان ستنعكس أيضًا بشكل إيجابي على مشكلة قبرص وبناءً على ذلك ستعود أنقرة إلى المفاوضات في نطاق أطروحة اتحاد فيدرالي ثنائي المناطق وثنائي الطائفتين على أساس المساواة السياسية ، وتقبله الأمم المتحدة وتدعمه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فهل هذا ممكن لتركيا ؟ من الواضح أن تصريحات الرئيس أردوجان الإيجابية بشأن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا خلال قمة فيلنيوس أدت إلى انتظار مثير في قبرص وقبل الانتقال إلى فيلنيوس عاصمة ليتوانيا لحضور قمة الناتو ألقى أردوجان خطابًا قال فيه: “نريد الوفاء بالوعود التي قطعت لنا أولاً افتح الطريق أمام تركيا في الاتحاد الأوروبي ودعنا نمهد الطريق للسويد ” وقد تم تفسير تصريحات أردوجان من قبل العديد من الخبراء والسياسيين على أنها علامة على استعادة العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي وفي اليونان والإدارة القبرصية اليونانية تجادل بعض الدوائربأن خطابات أردوجان ستنعكس بشكل إيجابي على مشكلة قبرص التي تبنتها الأمم المتحدة ووفقاً لأماني اليونان وقبرص الرومية فستعود تركيا إلى المفاوضات في نطاق أطروحة اتحاد ثنائي المناطق وثنائي الطائفتين على أساس المساواة السياسية وهي أطروحة تدعمها أيضًا الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وكما هو معلوم في مفاوضات قبرص الجارية منذ عام 1968بدون نتائج اجتمع الطرفان في مدينة كرانس مونتانا بسويسرا في صيف عام 2017وانتهت المفاوضات دون التوصل إلى اتفاق وبعد أربع سنوات من المفاوضات غير الناجحة عقد الطرفان مؤتمر عن قبرص غير رسمي في سويسرا في أبريل 2021تحت قيادة الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى تسوية شاملة في قبرص وكان هناك أول زعم من الجانب التركي أن منظور الحل الفيدرالي قد انهار تمامًا في كرانس مونتانا وأن المفاوضات التالية لا يمكن أن تستمر إلا على أساس حل الدولتين على أساس المساواة في السيادة وبحسب الجانب التركي فإن مناقشة الاتحاد كانت مجرد مضيعة للوقت لذلك يجب أن يستند اقتراح الحل الجديد إلى الواقع على الأرض IPSO FACTO كان أيضًا حل الدولتين المستقلتين وكما هو متوقع لم يقبل الجانب اليوناني هذا الاقتراح المقدم من الجانب التركي ومع ذلك لم تتراجع جمهورية شمال قبرص التركية وتركيا عن اقتراح حل الدولتين لسنوات عديدة نص الجانب القبرصي اليوناني واليونان على حل قضية قبرص على أساس أطروحة الاتحاد كشرط مسبق لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي وتظهر التطورات والخطابات أن احتمالية التخلي عن هذا منخفضة للغاية لأن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الذي زار جنوب قبرص مؤخراً أكد مجددًا أنهم لن يتفاوضوا على أي اقتراح بخلاف الاتحاد في قبرص وهو المثال الأقرب والأكثر واقعية على أن هذا الوضع لم يتغير , إذن هل نموذج الاتحاد المقدم كاقتراح سياسي مناسب لقبرص لحل دائم ومستدام ؟ تظهر التطورات والخطابات أن احتمالية التخلي عن هذا منخفضة للغاية .
لكن في التحليل الختامي ليس هناك من إتجاه حقيقي في تركيا لربط القضية القبرصية بعضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي فقضية قبرص قضية أمن قومي بحت وهي مُتغير مُستقل تماماً .
لقد مضى أكثر من نصف قرن على المحادثات الهادفة إلى تحقيق سلام دائم بين الطائفتين في قبرص وتسوية القضية القبرصية وكان نموذج الحل الفيدرالي ثنائي المناطق والطائفتين القائم على المساواة السياسية هو الهدف من المفاوضات التي استمرت تحت رعاية الأمم المتحدة ووفقًا لذلك فإن الدولتين المكونتين لتركيا ولليونان ذات مكانة متساوية ستقامان تحت مظلة دولة اتحادية ذات هوية دولية ومع ذلك لم تتم مناقشة ما إذا كان هذا الاقتراح السياسي يوفر الظروف السياسية والتاريخية والجغرافية والثقافية والاجتماعية الضرورية في الجزيرة ؟ بمعنى آخر هل يكفي لتحقيق سلام دائم في الجزيرة أن تكون مسؤوليات وسلطات الحكومة الفيدرالية والدول المكونة مكتوبة بطريقة منهجية في الدستور؟ لدرجة أن التجربة في الجزيرة بين 1960-1963 أظهرت مدى عدم ملاءمة الدستور والقوانين وحتى المعاهدات الدولية في الحفاظ على السلام , من الناحية الفنية يبدو من غير المرجح أن تخلق الفيدرالية أي توازن سياسي يتجاوز بناء الثقة الاجتماعية بين الدولتين المكونتين والشعبين في قبرص , ولكي تنجح الأنظمة الفيدرالية فمن المهم أن يكون لديك خلفية سياسية تعددية لا تقبل النظام الوحدوي في حين أن هذا ليس إلزاميًا إلا أنه ضروري للغاية , بعبارة أكثر وضوحًا لكي تحقق الفيدرالية الوحدة والانسجام المرغوب فيهما هناك حاجة إلى نموذج مجتمعي مقسم إلى أجزاء كثيرة وفي هذا السياق ، لا يوجد تنوع عرقي يمكن أن يشكل أساس الفيدرالية في قبرص ولا يكاد يوجد هيكل اجتماعي إقليمي تمامًا على العكس من ذلك هناك هيكلين سياسيين في الجزيرة يتم تثبيتهما في أكثر أشكال الدولة القومية صرامة ومن الواضح جدًا أن هاتين الآليتين السياسيتين ستفتحان الباب أمام دعم التقسيم الإداري باعتباره تهديدًا للهيكل الفيدرالي وستعززان في نهاية المطاف الضغوط التفكيكية نحو الانفصال بدلاً من التوحيد , إذا كان هناك عدد كبير من السكان الأرمن والموارنة مثل السكان اليونانيين والأتراك في الجزيرة فستجد صيغة الاتحاد معناها الحقيقي فقط في مثل هذه الحالة تصبح الحاجة إلى قوة مركزية فعالة لحماية الهياكل المستقلة أكثر وضوحًا , ومع ذلك في وضعها الحالي فإن وضع الحفاظ على الحكم الذاتي في قبرص في مرحلة اجتازت فيها بالفعل حدود الحل الفيدرالي واستكملت تنظيمها الوطني إن إعادة الدول من هذه المرحلة ليست مهمة صعبة فحسب بل مهمة خطيرة أيضًا كما يمكن اتباعه فإن الممارسات الفيدرالية هي مظهر من مظاهر الحاجة إلى التعاون والمصالحة في مناطق جغرافية كبيرة حيث توجد تقاليد إقليمية قوية وتشعر بالاختلافات الثقافية والعرقية ولا يمكن حلها من خلال نظام موحد قائم على تفوق الإدارة المركزية القائمة على حكم أمة واحدة وسيادة واحدة في العملية التاريخية , وفي واقع الأمر في مثل هذه الهياكل الاجتماعية التي تختلف جغرافيًا وثقافيًا وسياسيًا من المهم جدًا مشاركة الحكومة المحلية والسلطة السياسية على أساس الإجماع وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشروط ، التي لم تكن موجودة في قبرص من قبل تشكلت جزئيًا بعد عام 1974 .
تعليقاً علي زيارة رئيس وزراء اليونان لقبرص التي تمت في مستهل أغسطس 2023 المُشار إليها , تحدث كوستاس لافداس أستاذ السياسة الأوروبية في جامعة بانتيون إلى ERT حول الرسائل المتعددة لزيارة رئيس الوزراء اليوناني إلى قبرص وقال ردا على طلب التعليق على الاجتماع الذي عقده كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان مع نيكوس كريستودوليديس رئيس قبرص في نيقوسيا وكيف يرتبط ذلك بتركيا فقال : إنه “من الصعب الحديث عن تحسن العلاقات اليونانية التركية دون أن يظهر شيء ما أن الموقف التركي تجاه قبرص له تأثير كبير وقال :”أعتقد أن أجندة تركيا في قضية قبرص لم تتغير على الإطلاق وهذا هو أحد الأسباب التي تجعلك تدرك أن نهج تركيا تجاه الاتحاد الأوروبي صعب للغاية لأنها لا تعترف بإحدى الدول الأعضاء يعني جمهورية قبرص “, وأضاف قوله :”بالنسبة لقضية قبرص فكما قال رئيس الوزراء اليوناني إنها بالفعل لنا ولقبرص وأعتقد أنه من الصعب للغاية بالنسبة لعالم الشرعية الدولية الدخول في نقاش ما دامت تركيا تصر على التقسيم الكامل كلا الدولتين ” وأضاف السيد لافداس لافداس في معرض إشارته إلى قضية الدولتين في قبرص فقال أنها “مرتبطة بالاستراتيجية التركية الأوسع للوطن الأزرق والتي يمكن أن تنتمي فيها دولة قبرصية شمالية زائفة بشكل رائع وأن تعززها أكثرفي حين أنه حل كونفدرالي ناهيك عن الفيدرالية في سياق الاتحاد الأوروبي لن تكون مناسبة لذلك وما دام هناك سرد وإيديولوجية للوطن الأزرق ، فمن الصعب للغاية إيجاد حلول حقيقية ” , وبشأن القضية القبرصية قال لافداس القضية القبرصية :” أن هذه قضية دولية وليست قضية يونانية تركية كما هي قضية إمبرو وتينيدو وكثيرا ما تذكر تركيا في لوزان دعونا لا ننسى لوزان وإيمبرو وتينيدو اللتين افترضتا مسبقا نظام حكم ذاتي لم تحترمه تركيا أبدا ” , وفيما يتعلق بالعلاقات اليونانية التركية أنه يلاحظ تقلبات في الخطاب السياسي من جانب المسؤولين الأتراك لكن الأجندة تبقى كما هي وكل من يتابع الأحداث الجارية بشكل صحيح يلاحظ تقلبات تتعلق بمستوى الخطاب السياسي ويبقى جدول الأعمال كما هو وهو صعب للغاية لأن الأجندة اليونانية التركية ضخمة بالنسبة للجانب التركي علماً بأن الجانب اليوناني يركز على الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة وبالطبع على القضايا الثانوية التي لا يمكننا مناقشتها مع تركيا لأنها تمس التزامات تركيا الدولية وأشار السيد لافداس إلى أنها ليست قضايا ثنائية “, وفي إشارة إلى علاقات تركيا مع الغرب ، قال إنها تمر بمرحلة حرجة بسبب السويد واصفًا التحول الذي أظهره الرئس أردوجان مؤخرًا بأنه طنان واضاف “ان الامر يتعلق بالاحتياجات التكتيكية والمعدات والاحتياجات المالية” كما قال :”تحاول تركيا بينما من المفترض أن تقوم بهذا التحول نحو الغرب لسد الفجوات الاقتصادية والسعي إلى إبرام اتفاقات مع الدول العربية” .
جدير بالذكر أنه في نوفمبر 2022 إلتقي وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي بوزير الخارجية القبرصي يوانيس كاسوليدس في لندن للتوقيع على اتفاقية جديدة لتوثيق العلاقات الثنائية بين البلدين وستعمل “مذكرة التفاهم” على تعزيز السياسة الخارجية والعلاقات الأمنية والاقتصادية والتعليمية بين المملكة المتحدة وقبرص وستدعم التعاون المشترك بشأن التحديات العالمية الملحة مثل تغير المناخ والعدوان الروسي في أوكرانيا وقال كليفرلي في بيان : “العلاقة الحالية بين المملكة المتحدة وقبرص يتم تحديدها من خلال تاريخنا المشترك وقيمنا المشتركة وطموحنا المشترك للمستقبل مدعومة بروابطنا الوثيقة بين الشعبين وستعزز هذه الاتفاقية التعاون البحثي بين جامعاتنا وتزيد من فرص التجارة في الخدمات المهنية والشحن والنمو الأخضر ولضمان تنفيذ الاتفاقية ستعقد المملكة المتحدة وقبرص مشاورات منتظمة لتقييم التقدم المحرز وتبادل المعلومات واقتراح مجالات جديدة للتعاون المشترك وقد احتفلت المملكة المتحدة وقبرص بمرور 62 عامًا على العلاقات الثنائية وتبادلهما روابط قوية بين الشعبين مع وجود 300000 قبرصي يقيمون في المملكة المتحدة وحوالي مليون بريطاني يزورون قبرص كل عام .
في تطور متزامن ولافت أيضاً التقى الرئيس أردوجان في 4 أغسطس 2023برئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم عبر الفيديو كونفرنس وخلال الاجتماع جرت مناقشة قضيايا : قبرص والصناعة الدفاعية والهجوم على القرآن ومكافحة تنظيم جولن الإرهابي وأعرب الرئيس أردوجان عن ترحيبه بموافقة الجمهورية التركية لشمال قبرص على افتتاح مكتب تجاري في ماليزيا , كما أعرب أردوجان عن رضاه لإبراهيم بالسماح لجمهورية شمال قبرص التركية بفتح مكتب لها .
القضية القبرصية بالنسبة لتركيا قضية أمن قومي كمضيقي البسفور والدردنيل تماماً وتركيا فصلتها وتفصلها تماماً عن أي متغيرات أخري .
تـــقـــديــــر مــــــوقــــــف :
وصلت القضية القبرصية إلي طرح حلول وخطط مختلفة من أهمها حل الدولتين الذي تدعمه بقوة تركيا , كذلك قدمت قبرص اليونانية توصيات مكونة من 6 بنود وهي تقوم علي عدم الإعتراف بجمهورية قبرص التركية (أُعلنت جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983) أي أنها أقرب إلي الحل الكونفدرالي وهي التي قُدمت إلى الأمم المتحدة والتي قدمها الجانب القبرصي اليوناني في المؤتمر غير الرسمي 5 + 1 الذي عقد في جنيف في 27-29 أبريل 2021عزز الرئيس أردوجان هذه السياسة الوطنية ووجه النداء التاريخي التالي إلى العالم بأسره: “اعرف جمهورية شمال قبرص التركية قم بإزالة المواد العازلة باستخدام الأغطية التي لا تستند إلى أي قرار من قرارات الأمم المتحدة ” وفي أول زيارة خارجية له إلى جمهورية شمال قبرص التركية في 12 يونيو 2023 بعد الانتخابات ، أعاد أردوجان تقديم هذه السياسة الوطنية بوضوح قائلاً : “يجب الاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية لبدء المفاوضات” وفي الخطاب الذي ألقاه في جمهورية شمال قبرص التركية في الذكرى التاسعة والأربعين لعملية السلام في 20 يوليوقال بتأكيد أقوى: “يجب على الجميع الآن أن يفهم أنه في حين أن الحقائق في الجزيرة واضحة فإن الحل الفيدرالي ليس ممكنًا إذ لن يتم الدخول في عملية تفاوض جديدة ما لم يتم تسجيل المساواة السيادية والوضع الدولي المتساوي للقبارصة الأتراك وسيستمر عملنا بحزم بهدف رفع العزلة غير القانونية واللاإنسانية والحظر الذي تعرضت له جمهورية قبرص التركية … أكرر ندائي التاريخي للعالم بأسره من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة تعالوا ولا تديروا ظهركم للحقائق بعد الآن وتعرفوا على الجمهورية التركية لشمال قبرص في أسرع وقت ممكن ” وبهذه العبارات أكد الرئيس التركي علي حل الدولتين ومن يدعمون هذا الحل الآن هم في الصف الأول ويدافعون عنه بقوة , أما الجانب القبرصي اليوناني فقد قدم رسميًا مقترحاته المكونة من 6 نقاط إلى الأمم المتحدة وتبتعد تماماً عن النظرة التركية للحل ولذا يدعو الجانب القبرصي التركي إلي عدم عقد اجتماعات مع الزعيم اليوناني أو الممثلين له حتى يتم ضمان الوضع الدولي لقبرص التركية بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فهم يرون أن التراجع خطوة إلى الوراء سيعني أن المقابلات والإجتماعات تبدأ دون اعترافوهي بذلك خطوة إلى الوراء .
لكن علي أي الأحوال من الواضح أن ثمة تطورات حدثت مؤخراً تشير إلي أمور إيجابية بالنسبة لوجهة النظر التركية فيما يتعلق بالوضعية الدولية لجمهورية قبرص التركية التي لا يعترف بها سوي تركيا فقط حتي الآن , لكن : (1) كانت زيارة بيت سيشنز Pete Sessions عضو الكونجرس عن الحزب الجمهوري بولاية تكساس الأمريكية و(2) فتح مكتب تجاري لجمهورية قبرص التركية في ماليزيا و(3) التصريح المواتي الذي أدلي به عضو مجلس العموم البريطاني عن آيرلندا وقال فيه :” إن قرار محكمة العدل الدولية بشأن استقلال كوسوفو في عام 2010 سيعطي مزيدًا من الشرعية لطلب جمهورية شمال قبرص التركية قبرص وانه لا يوجد سبب لعدم اعتراف الأمم المتحدة بجمهورية شمال قبرص التركية , هذه التطورات الثلاث حدثت في تزامن عجيب وربما أشارت إلي مستقبل مختلف بشأن الوضعية الدولية لجمهورية شمال قبرص التركية , فليست مصادفة أن يزور عضو الكونجرس Pete Sessions جمهورية شمال قبرص فهو يعلم مُسبقاً أنه كعضو كونجرس لابد وأن زيارته تلك ترمز إلي مايشبه الإعتراف الأمريكي بجمهورية شمال قبرص التركية فزيارته تلك تُشبه إلي حد التطابق تلك الزيارة التي قامت بها في 3 أغسطس 2022 السيدة / نانسي بيلوسي إلي تايوان والتي تعتبرها جمهورية الصين الشعبية بمثابة جزء من الوطن الأم وهو الصين الشعبية وهي الزيارة التاريخية التي أعقبها في 15 أغسطس 2022 زيارة أخري لتايوان أيضاً لوفد من خمسة أعضاء الكونجرس الأمريكي بما يمكن أن يُسبغ ما يُمكن أن يُعتبر شبه إعتراف أمريكي بوضعية دولية لتايوان بعيدة عن مفهوم الوطن الأم الذي تُنادي به جمهورية الصين الشعبية وبدا الأمر كله كتحد أمريكي للصين الشعبية , وهو نفس ما هدفت إليه زيارة بيت سيشنز Pete Sessions عضو الكونجرس إلي جمهورية شمال قبرص التركية , فهل نحن مُقبلون علي سلسلة من الإعترافات بالوضع الراهن Ipso Facto المُستقل لجمهورية شمال قبرص التركية ؟ .
إقــــتـــراح :
في ضوء هذه التطرات الثلاث المُشار إليها أقترح تغيير نمط العلاقات التركية / المصرية ككل وإعادة النظر فيها فتركيا لاعب رئيسي في موضوعات إستراتيجية مثل أوكرانيا وفي ليبيا ومنطقتي الخليج العربي والقرن الأفريقي وأفريقيا ككل ومناطق أخري كجمهوريات الإتحاد السوفيتي السابقة التي تتحدث التركية , لذا أقترح :
(1) إستئناف طاولة حوار إستراتيجي نصف سنوي للتشاور والتنسيق السياسي والإقتصادي .
(2) صيانة للأمن الإقتصادي لمصر أقترح أن تبادر مصر بفتح مكتب تجاري و / أو ثقافي لها في جمهورية شمال قبرص التركية بمقابل تركي إقتصادي/ سياسي مناسب , فالأمور من الواضح في ضوء العرض السابق الإشارة إليه تتغير في جمهورية شمال قبرص التركية وهذه هو أنسب الأوقات للحصول من تركيا علي أنسب مقابل إقتصادي/ سياسي ممكن .
الــــــســــــفــــــيـــــر: بـــــــــــلال الــــــمـــــصــــــري –
حصريا المركز الديمقراطي العربي – الـــــقــــاهـــــرة تــحـــريــــراً في 6 أغسطس 2023