الدراسات البحثيةالمتخصصة

انضمام مصر إلى تجمع البريكس (BRICS) : فرص متاحة وتحديات

إعداد : نورهان عبد الرحمن محمود – باحث دكتوراه، تخصص اقتصاد، كلية السياسة والاقتصاد – جامعة السويس

  • المركز الديمقراطي العربي

 

الملخص:

تبحث هذه الدراسة في موضوع انضمام مصر كعضو جديد في تجمع “البريكس” في ظل توالي الأزمات الصحية والاقتصادية والسياسية الأخيرة، وتزايد مكانة تلك التجمع في الاقتصاد والتحالف الدول بالمستقبل، وغيرها من الأسباب الدافعة إلى انضمام مصر لتلك التجمع، كما تبحث الفرص المتاحة جراء انضمامها لتلك التجمع، وانتهت الدراسة بوجود بعض تحديات أمام مصر أثر انضمامها كعضو جديد في تجمع “البريكس” تمنعها من تحقيق الفرص التي تأمل أن تُحققها.

 Abstract

This study examines the issue of Egypt’s joining as a new member in the “BRICS” group in light of the successive recent health, economic, and political crises, the increasing position of that group in the economy and the international alliance in the future, and other reasons driving Egypt to join that group. It also examines the opportunities available as a result of it joining that group. The study concluded that there are some challenges facing Egypt as a result of its joining as a new member of the BRICS group, which prevent it from achieving the opportunities it hopes to achieve.

المقدمة:

بارقة أمل ينتظرها المصريين؛ بعد إعلان رئيس جمهورية جنوب أفريقيا” سيربل راما فوزا ” بقمة “بريكس لعام 2023 في دورتها الخمسة عشر بمدينة جوهانسبرج في جنوب أفريقيا خلال الفترة من 22 إلى 24 أغسطس؛ بانضمام مصر كعضو جيد  إلى تجمع “بريكس” بدءاً من يناير 2024،  لتصبح  واحدة من الدول ضمن تجمع “البريكس”  مع مجموعة من الدول ذات الاقتصاد المرتفع مثل: دول الصين، روسيا، الهند، وجنوب أفريقيا؛ فتجمع “البريكس” هو اختصاراً للحروف الأولى للدول المكونة له، وجاءت فكرته من جانب الدول الكبرى المُشار إليها التي رغبت في تأسيس نظام عالمي ثُنائي القطبية عام 2000، صاغه العالم الاقتصادي” جيم أونيل” الذي يعمل ببنك جولد مان ساكس عام 2001، ليشمل الحروف الأولى لأكبر 4 أسواق ناشئة “بريك”، ومنذ انضمام جنوب أفريقيا أصبح بريكس ويُطلق على تحالف عالمي من 5 دول(1)، وعليه فإن انضمام مصر له يعكس مدى أهمية حدوث ذلك  في الفترة القادمة، وماتجنيه من ثمار يعود على المجتمع المصري.

فتلك التجمع تأسس في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، وأصبح حالياً من التجمعات الاقتصادية ذات النمو الاقتصادي المرتفع، نظراً للثقل الاقتصادي لدوله في ظل ما تتمتع به من إمكانات بشرية وصناعية وزراعية بما جعل قراراته محل اهتمام وتأثير عالميين إضافة إلى تصاعد دور دوله على المستوى الدولي ورغبتها في ممارسة تأثيرها في نطاق متعدد على مستوى العالم. ومن هذا المنطلق؛ تهدف تلك الدراسة إلى الإلمام بموضوع أهمية انضمام مصر إلى تجمع “البريكس” وذلك من خلال التطرق إلى الفرص المتاحة التي توفرها جراء ذلك الانضمام، في وجود بعض التحديات التي تواجهها جراء ذلك الانضمام.

أولاً: تجمع “البريكس”: مظاهر القوة والضعف  

مظاهر القوة لدول تجمع “البريكس”

توجد بعض المظاهر التي يتسم دول تجمع البريكس؛ يُمكن من خلال التعرف على مدى أهمية انضمام مصر إلى مثل ذلك التجمع على النحو التالي: 

دولها من الدول الاقتصادية الصاعدة: تتميز دول تجمع “البريكس” بأنها من الدول الاقتصادية الصاعدة؛ يتم النظر إليها على أنها خطوة لخلق كيان موازِ لـ “مجموعة السبع” الصناعية (G7) والتي تضم (أمريكا، كندا، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، واليابان) (2)، بل بديل لتلك المجموعة؛ خاصة أنها تمتلك 31% من اقتصاد العالم، ويبلغ حجم التجارة الخاصة بها نحو 18%، ووصل عدد سكانها إلى 3,2 مليار نسمة.

دولها صاحبة نمو اقتصادي سريع: تُعد دول تجمع “البريكس” صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، فبحسب إحصائيات البنك الدولي، بلغ حجم مساهمة دول تجمع “البريكس” في الناتج المحلي الإجمالي نحو 25,92 تريليون دولار بمعدل نحو 25,77%، مقابل مساهمة “تجمع السبع” في تلك الناتج قُدر بنحو 44,4 تريليون دولار وبما يعادل 45% حسب بيانات البنك الدولي 2022. وقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي لدولة الصين نحو 17,963 مليار دولار أمريكي عام 2022، والهند نحو 3,385 مليار دولار أمريكي، والبرازيل 1,920 مليار دولار أمريكي، أما روسيا فبلغ ناتجها المحلي نحو 2,240 مليار دولار أمريكي لنفس العام 2022، وتوفر كلٍ من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا نحو 31,5% من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة المكانة الهامة التي تحتلها دول “البريكس” قائمة على مجموعة من المقومات الاقتصادية وهي: رأس المال البشري، الثروات المعدنية والطبيعية، الأمر الذي يُشكل تحدياً أمام السيطرة الاقتصادية الأمريكية. مقابل ما توفره ” مجموعة السبع الصناعية G7″الذي لم يُمثل سوى 30,7% من الناتج المحلي الإجمالي ، والذي يرجع إلى ارتفاع أسعار الفائدة التي حددتها البنوك المركزية للحد من التضخم المحلي والذي ساهم في ارتفاع أسعار بعض المواد لاسيما المنتجات الغذائية، وعليه توقع ، جانب صندوق النقد الدولي، أن اقتصاد أمريكا أفضل اقتصاد لتلك المجموعة الصناعية، بنمو نحو 2%، مقابل نمو  اقتصاد كل من الصين والهند في تجمع “البريكس” نحو 7% و5% على التوالي  خلال عام 2023، وبالرغم من الأزمة الروسية – الأوكرانية ؛ إلا أن صندوق النقد الدولي يتنبأ بانتعاش الاقتصاد الروسي بنمو نحو 3% خلال عام 2023 الجاري.(3)

ارتفاع حصيلة الصادرات السلعية لدول التجمع:   يُظهر أداء تجمع “البريكس” في حصيلة الصادرات السلعية للتجمع في نهاية عام 2022 وصلت إلى 4,6 تريليون دولار- بما يُمثل 20,7% من إجمالي الصادرات السلعية للعالم، في حين وصلت الواردات السلعية لنفس العام للتجمع نحو 3,9 تريليون دولار بما يُعادل 17% من إجمالي الواردات السلعية للعالم.(4)كما تصاعدت حجم التجارة الثنائية بين دول تجمع ” البريكس”، إذ زاد حجم التجارة ما بين البلدين نحو 27 مرة في أقل من عشرة أعوام؛ حيث قفز من 3,2 مليار دولار في عام 2001 إلى 150 مليار دولار في عام 2022، وإذا نظرنا إلى العلاقة ما بين البرازيل والهند فنجد هناك ارتفاع في معدل التجاري بينهما بمعدل 63%  خلال الفترة (2020-2021)، أما العلاقة التجارية ما بين الصين وروسيا فنجد أنها قفزت من 147 مليار دولار أمريكي في عام 2021 إلى 190 مليار دولار أمريكي عام 2022 بزيادة قدرها 30%،  فمن الوضاح مدى عُمق العلاقات الثنائية بين دول تجمع ” البريكس”، فضلاً عن نسبة الناتج الإجمالي لتلك لتجمع؛ مما يعكس أهمية انضمام مصر لتلك الجمع  وغيرها من الدول التي انضمت معها على غرار كلٍ من المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة.(5)

إنشاء منظمات مالية جديدة: اهتم التجمع بإنشاء منظمتين ماليتين هما:” بنك التنمية الجديد (NDB)” لتمويل مشروعات البنية التحتية برأسمال قدره 50 مليار دولار في عام 2014، كبديل للبنك وصندوق النقد الدوليين، ليُقدم أكثر من 30 مليار دولار قروضاً للمشروعات التنموية، و” الصندوق الاحتياطي للطوارئ” (CRA) بقيمة 100 مليار دولار لمواجهة الصعوبات المالية التي تواجه الدول الأعضاء. (6)

 رغبة دول العالم في الانضمام إليه: نتيجة عدم هيمنة دول تجمع “البريكس” رغم قوة اقتصاد دولها؛ أعرب الكثير من الدول العربية إلى الانضمام إليه مثل دول الجزائر، تركيا، والمملكة العربية السعودية.  كذلك اهتمت بعض الدول الأجنبية إلى الانضمام بـ “البريكس؛ وذلك يرجع إلى ثلاثة عوامل.  أولهما: الهجوم على الأطراف المتعددة خاصةً في عهد الرئيس السابق أمريكا “دونالد ترامب” مما ساهم في تهديد شرعية المؤسسات الدولية، وثانيهما: ما يطلق عليه بـ ” الفصل العنصري” لأي لقاح الذي استهدف كوريا الشمالية أثناء جائحة كورونا، أما ثالثهما فيتمثل في تداعيات التدخل العسكري الروسي بدولة أوكرانيا خلال  شهر فبراير 2022؛ مما أدى إلى استخدام دول الغرب كل أدوات الضغط المتاحة لديها ليس فقط لفرض عقوبات على روسيا، بل لمحاصرة الدول الرافضة للانضمام إليها وفي نفس الوقت ترغب  في الانضمام إلى تجمع ” البريكس”، مثل: دول  إيران والأرجنتين الذين تقدموا رسمياً إلى الانضمام للتجمع.(7)

مظاهر ضعف تجمع “البريكس”

بالرغم ما تتمتع به دول البريكس من نقاط قوة اقتصادية؛ إلا أنها اتخذت بعض المواقف حيال دول جعلها في موضع ضعف بالنسبة لدول أخرى، أبرزها ما يلي. (8)

موقفها الإيجابي نحو إيران: أيدت حق إيران في ملكية الاستخدام الآمن للطاقة النووية، ودعم القرارات ذات العلاقة بالوسائل السياسية والدبلوماسية بين الأطراف المعنية بذلك؛ مع الأخذ في الاعتبار احتمالية إنهاء إسرائيل بأي عمل عسكري لإنهاء النزاع حول البرنامج النووي الإيراني.

موقفها السلبي نحو القضية السورية: عدم وقوف دول التجمع ضد روسيا نحو قضية سوريا، بل أيدته من خلال اتخاذ بعض المواقف السلمية.

موقفها الإيجابي نحو العقوبات على روسيا: اعتبرت دول التجمع العقوبات المفروضة على دولة روسيا غير شرعية، وأنها سبب في معاناة الاقتصاد.

 موقفها الإيجابي نحو بناء المستوطنات الإسرائيلية: عارضت بناء المستوطنات الإسرائيلية، بل وجهت انتقاد لسياستها؛ على أساس أنها مخالفة للقانون الدولي، كما اتخذت مواقف محايدة ظهرت فيها حريصة على احترام القانون الدولي وحماية حقوق الأفراد والجماعات واحترام الأعضاء في الأمم المتحدة.

موقفها الإيجابي نحو التجسس الإلكتروني: رفضت التجسس الإلكتروني الذي ترأسه الولايات المتحدة الأمريكية واعتباره نوعاً من الإرهاب؛ لذلك قامت بإنشاء وصلات جديدة للإنترنت لا تمر بأراضي الولايات المتحدة، كنوع من مواجهة التجسس الأمريكي على حكومات ومواطني تلك الدول.

وإجمالاً: تتمتع دول تجمع ” البريكس” بمميزات اقتصادية تُمثل لها نقاط القوة أمام أي دولة؛ بل يجعل أي دولة ترغب في الانضمام إليها، ومن ناحية أخرى وقوفها السلبي أو الإيجابي تجاه بعض الدول لصالح دولها أو دول أخرى جعلها تكمُّن نقاط ضعف يشوب سياساتها.

ثانياً: انضمام مصر إلى تجمع “البريكس”: متطلبات انضمامها

لابد من توافر مجموعة من المعايير هيكلية للحكم على مدى قوة أو ضعف انضمام أي دولة إلى تجمع “البريكس” أبرزها هي:

عدد السكان: لابد أن يكون التعداد السكاني لا يقل عن 100 مليون فرد حتى يُمثل سوق محلي مهم، كمنفذ لصناعة الصادرات والواردات اللازمة معاً لتحقيق التوازن التجاري، فكلما كان سكان الدولة أكبر حجماً، أصغر سناً وأفضل تعليماً، مع ارتفاع محو معدل الأمية لدى الإناث؛ يُصاحبه ارتفاع معدل النمو الاقتصادي. وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وصل تعداد السكان في مصر نحو (104) مليون نسمة في عام 2022، مقابل (100) مليون نسمة في عام 2021.

ارتفاع معدل التبادل التجاري: لابد من ارتفاع معدل صادرات وواردات الدولة، وبالتالي ارتفاع معدل التبادل التجاري. وقد رصدت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء؛ ارتفعت صادرات مصر لدول تجمع “البريكس” بمعدل 5,3% ليصل إلى 4,9 مليار دولار مقابل 4,6 مليار دولار في 2021 – بمعدل زيادة 5,3%،  وبلغت قيمة الواردات المصرية من دول مجموعة بريكس نحو 26,4 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 23,6 مليار دولار خلال عام 2021 بمعدل زيادة بلغت نحو 11,5%، لتأتي دولة الهند على رأس قائمة دول تجمع البريكس من مصر خلال عام 2022؛ إذ بلغت قيمة صادرات مصر لها نحو 1,9 مليار دولار، ثم دولة الصين بقيمة 1,8 مليار دولار، ثم روسيا في المرتبة الثالثة بقيمة 595,1 مليون دولار، لتأتي دولة جنوب أفريقيا قي المرتبة الأخيرة حيث تبلغ صادرات مصر لها بقيمة 118,1 مليون دولار. أما دولة الصين فتأتي في المرتبة الأولى تصديراً لها خلال عام 2022، إذ بلغت واردات مصر منها نحو 14,4 مليار دولار، وتأتي روسيا في المرتبة الثانية بقيمة 4,1 مليار دولار، ثم الهند بقيمة 4,1 مليار دولار، وأخيراً دولة جنوب أفريقيا في المرتبة الأخيرة بقيمة 133 مليون دولار.

ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي: بحسب بيانات البنك الدولي؛ نلاحظ ارتفاع معدل الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 470 مليار دولار عام2022، مقابل 424,67 مليار دولار في عام 2021، 383,82 مليار دولار في عام 2020؛ نتيجة المشروعات القومية التي نفذتها الدولة المصرية منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي التي استهدفت زيادة حجم الاقتصاد ومعدلا الناتج المحلي الإجمالي بهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين وخلق فرص عمل. (9)

موافقة الدول الخمسة: من أهم شروط انضمام أي دولة إلى تجمع “البريكس”؛ موافقة دول التجمع الخمسة، وإن كانت كلٍ من روسيا والصين قد رحبا بانضمام مصر إلى التجمع، وقد دعت وزارة الخارجية الروسية – وزارة الخارجية المصرية لحضور اجتماع وزراء خارجية “بريكس”، بصفتهما “أصدقاء بريكس” في 2 يونيو 2023 في مدينة “كيب تاون” وأكدت الأولى أن مصر ستساهم في بنك التنمية الجديدة؛ مؤكدة أن التجمع سيستفيد من تعزيز التفاعل مع الدول النامية عموما، وفي مصر بصفة خاصة (10). ويُمكن الإشارة إلى العلاقات الصينية – المصرية قوية منذ زمن بعيد؛ إذ تُعد أكبر شريك تُجاري لها منذ 9 سنوات. أما دولة الهند؛ فتربطها علاقة قوية بمصر خاصة في الآونة الأخيرة بعد زيارة رئيس الوزراء الهندي ” ناريندا مودي” في يونيو 2023، التي هدفت إلى تعزيز التعاون المشترك بين الدولتين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما يُساهم في عملية النمو والنهوض بالدولتين، وإن كانت تلك العلاقة ترجع جذورها إلى خمسينات القرن الماضي؛ عندما تعاونت كلٍ من الدولتين في تأسيس حركة عدم الانحياز أثناء الحرب الباردة والتي شكلت السياسة لخارجية لكل من الدولتين إلى وقتنا الحالي. (11) أما البرازيل؛ فتتسم علاقتها بمصر بالإيجابية والتعاون بين الدولتين في ضوء التنسيق المستمر على مستوى الدولتين فيما يتعلق بالقضايا الهامة دولياً. (12)

ثالثاً: انضمام مصر إلى تجمع “البريكس: فرص وتحديات

الفرص المتاحة أمام انضمام مصر إلى تجمع “البريكس”

يُعد تجمع “البريكس” مزيج من اقتصادات الدول الصاعدة في النظام الدولي، وتلك الدول التي تمارس تأثيرها في نطاق متعدد عالمياً، لكن قدراتها لا ترتقي إلى مستوى الدول العظمي مثل: دول الصين وروسيا والهند، وتُعرف بالدول الصاعدة كونها من الدول الأسرع نمواً في الاقتصاد وخاصة دولة الصين والتي أصبحت أكبر اقتصاد بعد أمريكا، وكذلك دولة الهند التي تحتل المرتبة الرابعة في الاقتصاد العالمي (13) اقتصادات الدول متوسطة القدرات الصاعدة في النظام الدولي: تلك الدول لا تستطيع أن تُقدم دوراً فاعلاً لكنها تمتلك القومات التي يجعل لها تأثير ملحوظ في أغلب أنماط التفاعلات مثل:  البرازيل وجنوب أفريقيا،  وتأخذ سمات الدول الصاعدة بسبب ما وصلت إليه  بفعل تطور قدراتها وتحسين مكانتها الدولية ؛ إذ احتلت دولة البرازيل المرتبة  السادسة في الاقتصاد العالمي،  بسبب ظهور دورها بجانب (الصين والهند وروسيا ) في إدارة الاقتصاد العالمي من خلال مجموعة العشرين (G20) بعد الأزمة المالية العالمية عام2008م.(14)

وفي هذا الصدد؛ في ضوء ما تتميز به دول التجمع وتطور العلاقات فيما بينهما؛ يجعل مصر تستفيد من انضمامها لتجمع ” بريكس” بدءاً من يناير 2024، لعل أبرزها:

 بوابة دخول إلى أفريقيا: يُعد تجمع “بريكس” لمصر بمثابة بوابة للدخول إلى أفريقيا، وتنمية العلاقات بين البلاد؛ مما تسمح بزيادة معدل الاستثمارات في مصر بالمستقبل من دول التجمع سواء القديمة أو الجديدة.

 تحقيق الهدف التاسع من  رؤية التنمية المستدامة لمصر في 2030: في ضوء تطبيق أهداف التنمية المستدامة العالمية خلال الفترة (2016-2030)، ورؤية التنمية المستدامة لمصر – 2030 يتضح أهمية الاهتمام بتحقيق الهدف التاسع منها الذي ينص على:” إقامة بنية تحتية قادرة على الصمود ، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع، وتشجيع الابتكار”(15)؛ مما يعني أن مصر في حاجة إلى التصنيع المستدام والتحول نحو المنتجات القائمة على المعرفة، ودعم الصناعات  القائمة على التكنولوجيا المرتفعة، ومعروف أن  دولة الصين دولة رائدة في مجال التكنولوجيا، حيث اهتمت بتطوير تلك المجال  في خطتها التمويلية التمويل والإصلاح ضمن التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، كذلك دولة الهند التي تُعد من أوائل الدول التي اهتمت بتعزيز التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا، لذلك تحتاج مصر في حاجة إلى الاستفادة من تجارب الدولتين في تلك المجال.

المساعدة في عقود البناء والاستغلال: تلك العقود التي تعتمد على مصادر مالية كبيرة مثل إنشاء موانئ وسكك حديديه، يتم تمويلها من خلال الصندوق الاحتياطي التابع للتجمع.

الاستعانة بالخبرة الروسية في مجال الزراعة: من المعروف أن روسيا قطعت أشواطاً هائلة في مجال الزراعة بعد أن كانت مستوردة للحبوب في تسعينات القرن العشرين، خاصةً بعد الاتفاقيات التي وقعت بين مصر وروسيا في20/3/2023 على هامش زيارة وزير التجارة والصناعة الروسي “دينيس مانت وروف” لمصر.(16) وقد أجرت محادثات ما بين  مصر وروسيا والهند من قبل فيما يتعلق بتداول القمح والأرز، إلى جانب سلع استراتيجية أخرى، بالجنيه المصري والروبل والروبية ، وبالتالي من خلال انضمام مصر  إلى تجمع “بريكس”  ستؤتي تلك  المحادثات ثمارها(17).

الاستفادة من القروض المقدمة من بنوك تجمع “بريكس”: قد تقدم دول التجمع قروضاً من الصناديق التمويلية المتمثلة في “الصندوق الاحتياطي” الذي يحتوي على مبالغ من النقد الأجنبي، و”بنك التنمية الجديد” على النحو التالي:

تمويل مشروعات التنمية التحتية: تشمل مشروعات البنية التحتية، والتي تتضمن الطاقة، والنقل والمياه؛ مما يُساهم في تحقيق النمو الاقتصادي الأخضر والمستدام. (18)

 تخفيف الطلب على الدولار الأمريكي: وذلك من خلال الاعتماد على عملات الدول المحلية في تعاملاتها، واستخدام اليوان الصيني أو الروبل الروسي، أو باقي العملات الأخرى بعيداً عن الدولار؛ مما يُساهم في عودة قيمة الجنيه المصري تدريجيا.

زيادة معدل التبادل التجارية بين مصر وباقي دول التجمع: وذلك من خلال أسواق دول التجمع وخاصة الصادرات الزراعية، وبعض الصادرات ذات العلاقة بالكيماويات والصناعات الهندسية، إضافة إلى الاستفادة من أسواق تلك الدول في استيراد بعض المواد اللازمة لصناعات أخرى، خاصة ستكون المنتجات محل منافسة في الأسواق العالمية وفي أسواق دول البريكس بصورة خاصة.

فتج مجالات استثمارية أخرى: تُشير التوقعات إلى فتح المزيد والتوسع في الاستثمارات بين الدول وبعضها البعض، فتحتل استثمارات الصين في مصر المركز الأول بـ 369.4 مليون دولار، تليها الهند بـ 266.1 مليون دولار، وجنوب أفريقيا بـ 220.3 مليون دولار.

حل مشكلة سد النهضة: قد يوفر انضمام مصر إلى تجمع “البريكس” بصُحبة أثيوبيا مكسباً محتملاً، وهو وجود فرص للتفاوض بين الدولتين فيما يتعلق بسد النهضة؛ خاصةً يهدف التجمع إلى تحقيق التعاون بين دول الأعضاء، وبالتالي قد يجد المفاوض المصري فرصة لتغيير صورة التفاوض الحالي مع أثيوبيا وسياستها القائمة على سياسة فرض الأمر الوقاع.

إجمالاً؛ فإن المكاسب المحتملة جراء انضمام مصر إلى تجمع “البريكس”؛ هو توفير للاستثمار والتعاون مع دول كبرى ودعم المشروعات التنموية، والتخلص من هيمنة الدولار الأمريكي، واستعادة قيمة الجنيه المصري تدريجياً.

التحديات التي تواجه مصر جراء انضمام لتجمع “البريكس:

بالرغم من الثمار التي تؤتي لمصر جراء انضمامها إلى تجمع دول “البريكس”، إلا أن هناك بعض التحديات لابد من الإشارة إليها عند الحديث عن عضوية مصر في تجمع البريكس؛ أبرزها ما يلي: (19)

ضعف تجمع ” البريكس” من الناحية المؤسسية: يُعد تجمع “البريكس” ليس منظمة دولية أو إقليمية، ولاإتفاقية دفاع مشترك، فهي ضعيفة من الناحية المؤسسية تحاول تقديم بدائل للنظام الاقتصاد العالمي وكسر هيمنة المؤسسات التمويلية الغربية على تلك الاقتصاد.

انخفاض مخرجات مؤسسات التمويل: يُعاني تجمع “البريكس” من انخفاض المخرجات، بالرغم من إنشاء “بنك التنمية الجديد” وإنشاء نظام بديل للتحويلات المالية والمعروف بـ ” Swift” ووجود نظام احتياطي للطوارئ المالية إلا أن نتائج أعمال تلك التجمع؛ مما يُشير إلى تواضع إنجاز التجمع بالمقارنة مع أهدافها المعلنة، مما يجعل مصر لا ترفع سقف توقعاتها في تحقيق أهدافها من خلال ذلك التجمع.

تنافر بعض أعضاء التجمع من بعضهم: قد تُعاني بعض دول أعضاء التجمع بالتنافر من بعضها مثل الهند والصين على مدار الزمان، وأيضا ًالسعودية وإيران، بالرغم من انخفاض حدتها، إلا أن مازال آرائهم دائماً مختلفة، وأن انضمام المزيد من الأعضاء خلال تلك الفترة قد يُزيد من عوامل الخلاف؛ مما يؤثر على تحقيق أهداف التجمع.

 تعرض اقتصاد بعض دولها إلى هزات عنيفة: تعرض اقتصادات بعض دول التجمع في الآونة الأخيرة للكثير من الهزات أثر في تحقيق أهدافها، مثل دولة الصين، وتأثير جائحة كورونا عليها وبل على العالم أجمع، وروسيا- مما لاشك فيه إضافة إلى تأثير جائحة كورونا؛ جاءت الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها السلبية عليها، وبالتالي فإنها في حاجه إلى دعم من الدول الأعضاء، وهذا منتظر من الدول الغنية بالتجمع مثل: الإمارات العربية  المتحدة ، والمملكة العربية السعودية.

عدم قدرة مصر على الانخراط في الاستقطابات الدولية: إذ يضم التجمع دولاُ في حالة خلاف باستمرار، وبل أحيانا يدخلوا في عداء صريح مع حُلفائهم الغرب وعلى رأسهم أمريكا، وبالتالي مما لا شك فيه أن عضوية كلٍ من الصين وروسيا وإيران قد تضع السياسة المصرية في حرج مع نظيراتها الغربية خاصة أمريكا، وبالتالي تنتظر الأخيرة العضوية المصرية ومدى تأثيرها على التزاماتها نحو إسرائيل وعملية السلام في الشرق الأوسط.

وختاماً:

مما لا شك فيه أن انضمام مصر لتجمع “البريكس” يُمثل خطوة مهمة من خلال مساندة أعضائه للدولة في تحقيق أهدافها من خلال، وفتح قنوات تمويلية أخرى خلاف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وبالتالي التخلص من هيمنة الدولار وتحسن قيمة الجنيه المصري تدريجياً، وكذلك إمكانية فتج أسواق جديدة للحاصلات الزراعية، في وجود روسيا والصين، وبالتالي لابد على مصر من استغلالها لتعزيز التجارة العالمية، يُصاحب ذلك تحقيق التوازن الداخلي، بل وإمكانية خلق فرص عمل سواء في مصر أو في دول التجمع.  فانضمامها لتلك التجمع بمثابة نافدة لها على أفريقيا على أساس أنها أكبر الأسواق ولديها اتفاقيات تجارة حرة مع العديد من الدول، وبالتالي تُصبح مصر مركزاً متميزاً بين أسياً وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، بل يُساهم انضمامها في دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام2030.

قائمة المراجع:

  1. آيات عبد الباقي، ” انضمام مصر للبريكس.. طوق النجاة من هيمنة الولاء وإنعاش الاقتصاد بهذه المزايا” 24/8/2023، متاح على الرابط التالي: https://www.cairo24.com/1853844، تاريخ الزيارة في 26/8/2023.
  2. شريفة كلاع، “نحو انضمام الجزائر إلى مجموعة البريكس (BRICS): أي متطلبات وأي مكاسب؟ “(الجزائر: مجلة مدارات سياسية ،2023)، 95-116.
  3. Chirs Devonshire – Ellis, The BRICS Has Overtaken the G7 In Global GDP, 27/3/2023, available at:https://www.silkroadbriefing.com/news/2023/03/27/the-brics-has-overtaken-the-g7-in-global-gdp/, see:27/8/2023.
  4. أسامة السعيد، “بريكس”…وجهة الحالمين بـ ” تغيير العالم“، 1/9/2023، متاح على الرابط التالي: https://aawsat.comk، تاريخ الزيارة في 2/9/2023.
  5. الهيئة العامة للاستعلامات – بوابتك إلى مصر، مصر والبرازيل،10/1/2023، متاح على الرابط التالي: https://beta.sis.gov.eg/a تاريخ الزيارة في: 1/9/2023
  6. Liu Caiya, BRICS becomes appealing to more countries as Algeria signals interest in joining group: experts,1/8/2022, available at: https://www.globaltimes.cn/page/202208/1271945.shtml?id=11See: 28/8/2023.
  7. مقالة خاصة: شي يستضيف قمة بريكس الـ 14 ويؤكد أهمية تعزيز الشراكة العالية الجودة،24/6/2022، متاح على الرابط التالي: http://arabic.news.cn/2022-06/24/c_1310631148.htm، تاريخ الزيارة في 27/8/2023.
  8. ليلي جاسم وسالي موفق، تكتل القوى الاقتصادية الصاعدة: مجموعة البريكس (BRICS) أنموذجاً، ص41، متاح على الرابط التالي: https://www.iasj.net/iasj/download/00ce580fe6b7859f، تاريخ الزيارة في: 1/9/2023.
  9. مصر تعلن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى 7.9 تريليون جنيه، 3-9-2022، متاح على الرابط التالي: http://arabic.news.cn/20220903/c72a544af4c64904a01409bad9549558/c.html، تاريخ الزيارة في :1/9/2023.
  10. روسيا والصين ترحبان بانضمام أعضاء جُدد إلى مجموعة “بريكس”، 22 /6/2023، متاح على الرابط التالي: https://www.almayadeen.net/news/politics/، تاريخ الزيارة في 1/9/2023.
  11. إيمان على،” العلاقات المصرية الهندية في نمو مستمر. دراسة تكشف محطات التطور“، 25/6/2023، متاح على الرابط التالي: https://www.youm7.com/، تاريخ الزيارة في: 1/9/2023.
  12. حمدي رضوان، ” الاقتصاد الدولي: الأصالة الفكرية والديناميكية الواقعية“، جامعة عين شمس، مصر، القاهرة، 2002، ط1، ص414.
  13. أحمد علو، “هل تعيد دول البريكس رسم ملامح النظام العالمي“، مجلة الجيش، وزارة الدفاع اللبنانية، لبنان، 2013م، ع (333)، متاح على الرابط التالي: https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content، تاريخ الزيارة في: 30/8/2023
  14. مدحت عادل ، ” خطوة نحو تعزيز التواجد الإقليمي والدولي.. مصر بين الكبار فى”بريكس”..الصادرات المصرية لدول المجموعة ترتفع لـ4.9 مليار دولار.. الهند أكبر دول التجمع استيرادا من مصر.. و891 مليون دولار استثمارات بريكس في أم الدنيا“، 24/8/2023، متاح على الرابط التالي: https://www.youm7.com/story/2023/8/24، تاريخ الزيارة في: 30/8/2023.
  15. الهدف “9” الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، أهدف التنمية المستدامة، متاح على الرابط التالي: https://arabsdg.unescwa.org/ar/sdg، تاريخ الزيارة في: 30/8/2023.
  16. القمح الروسي زاد قوة مصر”. خبيرة تكشف لـ RT تفاصيل هامة حول التعاون بين مصر وروسيا، 21/3/2023، متاح على الرابط التالي: https://arabic.rt.com/business/1444932-، تاريخ الزيارة في: 29/8/2023.
  17. الهيئة العامة للاستعلامات – بوابتك إلى مصر، مصر وتجمع بريكس، 24/11/2019، متاح على الرابط التالي: https://www.sis.gov.eg/Story/196659/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D8%AC%D9%85%D8%B9-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3?lang=ar، تاريخ الزيارة في 1/9/2023.
  18. Rania Tolba,” An Analytical Study of the Impact of Egypts A ccession to the Brics Bloc,New Vallety Journal of Agricultural Science ,2022,Vol.2,No:4,p:209
  19. أحمد عبد ربه، ” مصر في البريكس مكاسب محتملة وتحديات كثيرة”، 26/8/2023، متاح على الرابط التالي: https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=26082023&id=b8c8c664-9bcf-4a38-bf00-e2c24d07fad9 ، تاريخ الزيارة في: 2/9/2023.
5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى