الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

التقارب السّعودي – الإيراني وأبعاده الاستراتيجية

اعداد : د. علي جمعة العبيدي  – رئيس مؤسسة شمال إفريقيا للدراسات السياسية والإستراتيجية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة:

عادت علاقات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمملكة العربية السعودية، بعد سبع سنوات من القطيعة إثر الهجوم على البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران، وبالمقابل، أعدمت سلطات المملكة العربية السعودية رجل الدين الشيعي “نمر النمر”، وهو ما أدى بدوره لاندلاع احتجاجات أمام سفارات وقنصليات المملكة في مشهد وطهران عام 2016. وقد تمت المصالحة بين الدولتين في بكين مطلع عام 2023، وقد مهدوا لها بوساطات حثيثة من جانب العراق وقطر وسلطنة عُمان للتقريب بين وجهات نظر الدولتين، وإذابة الجليد المتراكم في طرق التفاهم والتقارب بينهما.

تعود أسباب كلًا من الطرفين لتطبيع العلاقات لعدة أسباب أهمها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، فمثلًا تُدرك طهران حجم الضغوط عليها نتيجة الغضب الشعبي من المعاناة الاقتصادية نتيجة الخسائر الاقتصادية التي لحقت باقتصادها جراء العقوبات، وهبوط حجم صادرات النفط على إثر إلغاء الاتفاق النووي من جانب إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” عام 2018 إلى معدل 1.7 مليون برميل يوميًا، بعد شهر واحد من استئناف العقوبات، وقاد هذا الغضب إلى تفجّر احتجاجات بدت ذات طابع اجتماعي وحقوقي، وإن خفت في المجمل غضب الشارع الإيراني من تدهور مستوى معيشة الفرد بعد انهيار الريال إلى أكثر من 90% من قيمته خلال العشر سنوات الأخيرة، بالتالي يبدو التقارب مع السعودية منطقيًا لتخفيف تلك الضغوط فيما يتعلق بتنمية العلاقات التجارية، وكذلك مساهمة الرياض المحتملة مستقبلًا في إطار اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني يَسمح لطهران بالتخلص، ولو جزئيًا من ضغط العقوبات الغربية، لا سيما تلك التي تتعلق بعودة التصدير والاستثمار في قطاع الطاقة.

على الجانب المقابل، تعمل السعودية على تنويع اقتصادها عبر جذب مزيدٍ من الاستثمارات، وبالتالي فإن تحقيق الاستقرار الإقليمي يبدو هدفًا للمملكة. بناءً عليه يبدو تخفيف التوتر في الحدود الجنوبية مع اليمن عبر استخدام النفوذ الإيراني لجعل الحوثيين يتعاطون بإيجابية أكثر مع مبادرات خفض التصعيد التي تقترحها المملكة، وكان من أهمها مبادرة تبادل أكثر من 900 سجين بين طرفي الحكومة المدعومة من الرياض، وجماعة أنصار الله الحوثية التي تدعمها طهران.

كان الهجوم على المنشآت النفطية السعودية عام 2022م، والذي نفذه الحوثيون، ويعتقد أنه بتقنيَّات عسكرية إيرانية، خاصة فيما يتصل بالطائرات المسيرة التي كانت ضالعة فيه سببًا في تغيير موقف الأخيرة فيما يتعلق بالخصومة مع إيران، وحينها تضررت أكثر من نصف البنية التحتية لعملاق النفط السعودي (أرامكو) دون رد فعل أو مبادرة بتقديم المساعدة في منع الهجمات مستقبلًا من الجانب الأمريكي، وهو ما دفع السعودية للعمل على التقارب مع طهران لا سيَّما أن اقتصادها يعتمد بشكلٍ كبير على قطاع النفط إلى جانب الحاجة للتنسيق في ملفات أخرى على رأسها التهديد الذي يمثله التحول العالمي للاقتصاد الأخضر على صادرات الطرفين النفطية وكذلك ملف الإرهاب والاستقرار في المنطقة.

وبالتالي تَلوحُ في الأفق عدد من التساؤلات الهامة بشأن مستقبل العلاقات بين الطرفين، وأبعادها الاستراتيجية في الصعيد الخارجي على ملفات الصراع في اليمن وسورية ولبنان، والتدخلات في البحرين، وكذلك تأثير هذا التقارب على علاقات السعودية مع الكتلة الغربية و”إسرائيل” مقابل التقارب أكثر مع الصين وروسيا القريبين من طهران.

اِنطلاقًا مما سبق، نستعرض في البداية الفرص الاقتصادية التي تلوح في الأفق من المصالحة، كما نستعرض ملفات الصراع الإقليمية وأخيرًا تأثير المصالحة على احتمالات التصعيد بين إيران وإسرائيل.

أولًا: الانعكاسات الاقتصادية للمصالحة السعودية – الإيرانية

توفر المصالحة بين الجانبين فرصًا اقتصادية جاذبة لكلا الطرفين، نعمل على تفصيلها فيما يلي:

1.    الجانب السعودي:

توفر المصالحة عدد من المكاسب الاقتصادية للسعودية، في عدة مجالات منها ما يبدو ذو طبيعة اقتصادي-سياسية مشتركة مثل توفير بيئة استقرار ملائمة لتوفير النجاح لرؤية السعودية 2030 والتي تعتبر المشروع السياسي الذي يوفر غطاء شرعي يثبت من دعائم حكم ولي العهد “محمد بن سلمان” بشكل شخصي. هذا بالإضافة إلى فتح قنوات مباشرة مع الداعم الرئيسي لجماعة أنصار الله الحوثية يضمن عدم تضرر منشآت الطاقة السعودية مرة أخرى بعد الهجوم الكبير على أرامكو عام 2022، ومحاولة بناء جسور تواصل مع الصين التي يهمها تحقيق الاستقرار في المنطقة ضمن مشروعها الطموح مبادرة الحزام والطريق وحيث تستفيد السعودية من تعاونها التقني الكبير مع الصين. ونبرز فيما يلي أبرز العوائد الاقتصادية التي تعود على الرياض من التقارب مع إيران:

  • تحقيق الاستقرار لإنجاح رؤية 2030: تمثل المصالحة بالنسبة للجانب السعودي فرصة أكبر للاستقرار لمتابعة خطوات المملكة الحثيثة لمتابعة برنامج التطور الاجتماعي الاقتصادي طبقًا لرؤية 2030، والذي ضخت فيه مليارات الدولارات والذي يحتاج لبيئة استقرار لجذب الشركاء الأجانب، والحصول على مساعداتهم في تحويل السعودية إلى مركز عالمي من مراكز التكنولوجيا واللوجستيَّات والتجارة والصناعة. ويُمثل ارتباط تلك الرؤية بولي العهد “محمد بن سلمان” يجعل نجاحها أولوية بالنسبة لصانع القرار في السعودية. تلك الرؤية التي تشير إلى اهتمام الإدارة السعودية ببناء جسور تواصل مع مجتمعها الذي يبلغ فيه نسبة الشباب أكثر من 60% حيث يبدو الانفتاح الوسيلة التي اعتمدها صانع القرار السعودي لإدماج مجتمعه الشاب أكثر، لذا فإن تطوير قطاعات اقتصادية غير تقليدية بالنسبة للسعودية مثل: السياحة والتعليم والصحة، تمثل أولوية لإيجاد فرص عمل بشكل أكبر[1].

يصب ذلك في صالح التأييد الكبير الذي يمكن أن يحظى به نظام الحكم في البلاد خاصة أن الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى تأييد كبير لولي العهد شخصيًا، حيث تشير الاستطلاعات أن 97% من السعوديين يعتقدون أن ولي العهد يمثل الشخص الأنسب لقيادة البلاد و90% يرون أن البلاد تسير في الطريق الصحيح للإصلاح[2].

  • تسريع وتيرة التعاون التقني مع الصين: تهدف الصين من وساطتها بين الرياض وطهران إلى مزاحمة واشنطن في مناطق نفوذها في منطقة الخليج بالإضافة إلى دعم الاستقرار في المنطقة، وتأكيد تواجدها في الإقليم، وهو ما يدعم سياسة التوجه شرقًا التي تعتمدها، ويُعد تجاح الصين في التقارب بين الرياض وطهران فرصة لظهور الصين على مسرح منطقة الشرق الأوسط كداعم للاستقرار والتعاون بدلًا من سياسة العقوبات والتفريق التي تتبناها واشنطن. وتُعد الصين التي تولت ملف المصالحة أحد أهم الشركاء في الجانبين الاقتصادي والتقني بالنسبة للسعودية، حيث تبدو الصين مهمة لرؤية 2030 بناءً على التعاون الذي بدأ ضمن سياسة السعودية في زيادة وتيرة التعاون مع الشركاء الآسيويين في منتصف عام 2000 والتي عرفت بسياسة التوجه شرقًا أو (East Policy)، وتحتل الصين المرتبة الأولى في قائمة الدول التي تتعاون معهم السعودية تقنيًا بنسبة 28.3% تليها الولايات المتحدة وألمانيا بنسب أقل.
  • توفير الحماية لقطاع النفط: يُعتبر قطاع النفط من أهم القطاعات في الاقتصاد السعودي، ولذلك فإن السعودية تسعى جاهدة لتوفير الحماية والدعم لهذا القطاع المهم. يعد النفط مصدرًا رئيسيًا للإيرادات في المملكة العربية السعودية، ويسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف، ويعتبر استقراره واستمرارية إنتاجه من أولويات الحكومة السعودية. وتصدر السعودية حوالي 10 ملايين برميل نفط خام يوميًا، وتمثل 5% من الإنتاج العالمي، وتعد صادرات النفط بالتحديد مسؤولة عن 57% من الإيرادات بالميزانية العامة للسعودية تليها الضرائب بمعظم النسبة المتبقية[3]. لكن في العام 2022 تعرضت مواقع شركة أرامكو لهجمات واسعة النطاق باستخدام أكثر من 25 مسيرة هاجمت موقعي العبقيق والخريص. وقد أدت تلك الهجمات إلى خروج أكثر من نصف قدرة البلاد الإنتاجية اليومية من النفط الخام بالتحديد 5.7 مليون برميل. وقد اتهمت السعودية طهران بدعم الحوثيين لوجستيًا واستخباراتيًا لتنفيذ الهجمات بدقة على الموقعين حيث استهدفا بشكل متعدد لإنهاك قدرات الموقعين الدفاعية وتوزعت الهجمات على نقاط هشة، فعلى سبيل المثال تم استهداف 4 مواقع بالخريص بشكل دقيق.

يُعد موقع العبقيق أحد أكبر مراكز إنتاج الخام ويقع في شرق السعودية، وبه يتم فرز الخام المعد للتصدير بقدرة قصوى تصل إلى 7 مليون برميل يوميًا، أما الخريص فيبعد 110 ميل عن العبقيق ويضخ 1.5 مليون برميل[4].

2.    الجانب الإيراني:

تعد المصالح الاقتصادية أحد أهم الدوافع الاستراتيجية بالنسبة لصانع القرار الإيراني من التقارب مع السعودية. وتأتي قضية استعادة الاتفاق النووي بوساطة الأخيرة مرة أخرى أو حتى إيجاد متنفس يخفف من العقوبات على اقتصادها على قمة الأولويات الإيرانية. بجانب هذا يبدو التطبيع التجاري وتوسيع العلاقات التجارية مع السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي أحد تلك الدوافع خاصة بعد العقوبات الدولية والثنائية. وتضمنت العقوبات قيودًا على قطاعات متعددة بما في ذلك النفط والغاز والتعدين والصناعات التحويلية. كانت هذه العقوبات تستهدف أساسًا تقليل إيرادات إيران من العملة الصعبة  لتقييد قدرتها على تطوير برنامجها النووي. ونُفصل في ذلك فيما يلي:

  • التوافق حول البرنامج النووي مع الرياض: رغم أن الموقف الرسمي للإدارة الأمريكية واضح فيما يتعلق بعدم وجود الاتفاق النووي على أجندة أعمال الإدارة الأمريكية الحالية، إلا أن إدارة الرئيس جو بايدن قامت بالعديد من محاولات جث النبض للعودة للاتفاق النووي عبر عدد من الجهود لدبلوماسيين أمريكيين. يُبرز ذلك نية إدارة بايدن الواضحة فيما يتعلق بضرورة الوصول إلى على الأقل إلى اتفاق غير رسمي مع طهران بشأن الملف النووي بجانب ملفات أخرى كان آخرها الموافقة على الإفراج عن 6 مليار دولار من الأموال المجمدة الإيرانية مقابل إطلاق سراح 5 سجناء أمريكيين في عام 2023 بوساطة قطرية[5]. ويبدو أن هدف الإدارة الأمريكية هذه المرة هو التوصل إلى اتفاق شفهي وغير رسمي لوقف التصعيد السياسي (political cease-fire) بين الجانبين.

ويُمكن أن يساعد تطبيع العلاقات مع السعودية في صياغة تفاهم غير رسمي بين الطرفين بشأن تعهد إيران بعدم تخصيب اليورانيوم أكثر من مستوى 60% الحالي وهو مستوى يمثل 90% من نسبة التخصيب التي تسمح بإنتاج السلاح النووي، وتمتنع إيران كذلك عن التصعيد فيما يتعلق بالهجمات التي يشنها حلفائها في سوريا والعراق على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة وحتى بعض التفاهمات بالحد من التعاون مع الجانب الروسي فيما يتعلق بإمداد روسيا بالمسيرات والصواريخ الباليستية التي يعتمد عليها الجيش الروسي في أوكرانيا. في المقابل تحصل إيران على تخفيف تدريجي للعقوبات التي بالفعل خنقت الاقتصاد الإيراني، حيث يمكن أن تكون السعودية ضامنًا لتنفيذ تعهدات الطرفين.

  • التخفيف من حدة العقوبات الدولية: قامت الإدارة الأمريكية في عهد ترامب عام 2018 بإلغاء الاتفاق النووي الذي بموجبه خففت إدارة أوباما عام 2015 من حدة العقوبات المفروضة على إيران، وبعد عودة تلك العقوبات عانى الاقتصاد الإيراني في قطاعات عدة شملت[6]:
  • القطاع المالي والبنكي: فُرضت عدة جولات من العقوبات على النظام المصرفي الإيراني على مر السنوات من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأخرى. بموجب هذه العقوبات، تُمنع إيران من الشراء أو الاستحواذ على الدولار الأمريكي، ومن التجارة في الذهب والمعادن الثمينة. كذلك تحظر التعاملات في بيع أو شراء العملة الإيرانية أو حتى فتح حسابات خارجية، وعقوبات أخرى تحظر معاملات الدين وحظر التأمين أو خطابات الضمان، ومعاقبة أي كيان أجنبي يتعامل مع البنك المركزي الإيراني أو أي مؤسسة مالية إيرانية أخرى. ومع ذلك، اتخذت طهران بعض الإجراءات للتكيف مع هذه العقوبات، بما في ذلك تعزيز النظام المالي الداخلي وتعزيز التعاون المصرفي والمالي مع الدول التي لم تلتزم بالعقوبات، كما استخدمت أيضًا وسائل بديلة لتنفيذ المعاملات التجارية، مثل التجارة غير النقدية واستخدام العملات البديلة.
  • قطاع الصناعة: بموجبها تمنع إيران من بيع أو توريد أو التجارة في المعادن الفولاذ والألمونيوم، والجرافيت والفحم وكل برامج السوفت وير اللازمة لقطاع الصناعة. وكذلك توريد الآلات وقطع الغيار. بالتالي يُمكن القول أن تأثير العقوبات على مجال الصناعة الإيرانية كان شاملاً.

وقد تضررت الشركات والمصانع بسبب صعوبة الوصول إلى التكنولوجيا والمعدات الحديثة، بالإضافة إلى صعوبات في تمويل المشاريع والتجارة الدولية. كما تضررت قطاعات الصناعة العامة والخاصة وتوقفت بعض المصانع عن العمل بسبب القيود المفروضة. وقد وجدت إيران حلاً لبعض التحديات من خلال تعزيز الإنتاج المحلي وتنويع مصادر التمويل وتطوير علاقات تجارية مع الدول التي لم تشارك في العقوبات، وهو ما عزز من الصادرات غير النفطية وتحفيز الاستثمارات المحلية في بعض القطاعات. بشكل عام، يمكن القول إن العقوبات التي فُرضت على إيران أثرت سلبًا على قطاع الصناعة، لكنها أيضًا أدت إلى تحفيز الابتكار والاعتماد على القدرات المحلية في مواجهة التحديات.

  • قطاع التجارة: حٌرمت إيران من تصدير السجاد ومنتجات الأغذية، وحظر الشحن من كل الموانئ الإيرانية، وحظر شراء أو بيع النفط والمواد البتروكيماوية من بعض الشركات الإيرانية، وحظر عام على قطاع الطاقة يشمل التصدير والاستثمار إلى الشركات الأجنبية، حيث كانت طهران تصدر قبل عودة العقوبات حوالي 3.8 مليون برميل و650 ألف متر مكعب من الغاز يوميًا[7]. وبعد إلغاء الاتفاق وسعت إدارة ترامب العقوبات لتشمل منع كل الشركات الأمريكية والتي كان بعضها مصرح لها بالتعامل مع إيران، وإعادة العمل بالعقوبات المفروضة على بعض الأفراد.
  • عودة العلاقات التجارية مع السعودية: قامت إيران مباشرة بعد الاتفاق مع السعودية بتصدير شحنة من الفولاذ بقيمة 14 مليون دولار، وعادت قطاعات بعض القطاعات العاملة في المنتجات الزراعية والغذائية للعمل مرة أخرى، وبجانب رغبة إيران في جذب شركات الشحن السعودية لاستخدام موانئها كنقطة عبور للتجارة في غرب آسيا، تأتي أهمية السوق السعودية كونها سوق كبيرة وقطع العلاقات معها في السابق كلف الشركات الإيرانية الكثير من التكاليف المتعلقة بإعادة التغليف وتغيير العلامات التجارية في الإمارات، لجعل المنتجات قابلة للتسويق في الدول التي تدور في فلك المعسكر السعودي مثل الكويت.

وتستهدف طهران من تطبيع العلاقات السياسية السماح للعلاقات التجارية بالنمو أكثر إلى معدل حجم تجارة يبدأ من مليار دولار ويصل إلى 2 مليار دولار على المدى المتوسط. ومن أبرز المنتجات التي كانت تعاني من الدخول بشكل مباشر إلى السوق السعودية وتمثل عصب التجارة الإيرانية هي الفولاذ والإسمنت ومنتجات الفواكه المجففة والزعفران والسجاد.

وتمثل الواردات السعودية كذلك فرصة لتعزيز قطاع الصناعة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الطرفين في مجال المركبات والأسمدة الكيماوية والبولي إيثيلين والمنسوجات. هذا بجانب قدرات الاستثمار السعودية الكبيرة، والتي يمكن أن تكون بمثابة فرصة خاصة مع توسع السعودية ضمن رؤية التنمية لعام 2030م[8].

ثانيًا: الأبعاد الاستراتيجية للمصالحة على ملفات الصراع في الشرق الأوسط والعالم  

يعتبر التقارب بين القطبين الإقليميين نقطة فاصلة في تاريخ العلاقات بينهما، وله تأثيرات كبيرة على عدد من الدول التي تعارضت فيها وجهات نظر كلا الدولتين لفترة طويلة؛ بدءًا من العراق مرورًا بلبنان وصولًا إلى اليمن. تسعى طهران بالتأكيد للتخلص من عزلتها الإقليمية، والسعودية تسعى لتسكين مناطق الصراع على حدودها الجنوبية والشمالية، أما الصين فقد أثبتت بتلك الوساطة أن الولايات المتحدة لم تعد دون منافس في منطقة الخليج.

ورغم أن بنود هذا التقارب ما تزال غير معلنة، إلا أن العودة إلى العمل باتفاق التعاون الأمني بين الطرفين عام 2001 يبدو محتملًا، ويتوقع كذلك أن تشهد العلاقات بين الطرفين في حدها الأدنى عدم تدخل كل طرف في الشؤون الداخلية للطرف الآخر باعتبارها عمل من أعمال السيادة.

  ولذا من المتوقع أن يترتب على هذا التقارب التأثيرات والآثار الآتية في جبهات الصراع الإقليمية:

1.    مطالب الدولتان في تجاوز الخلافات البينية

أدركت الرياض أن الجانب الأمريكي يبدو أنه لا يُفضل صراع في المنطقة بين طهران والرياض، كما أنه غير جاد في التدخل في حال نشوب صراع واسع المجال مع إيران أو أي من حلفائها في المنطقة، إذ شكل رد الفعل السلبي الذي تلقته السعودية عندما طلبت التدخل الأمريكي بعد الاعتداء الحوثي على منشآتها النفطية، والتي تمثل عصب الاقتصاد السعودي، عاملًا حاسمًا لحدوث هذا التقارب بوتيرة سريعة قبل مارس 2023م، والذي صاغه مسؤولو المخابرات والخارجية في كلا البلدين.

في السياق ذاته، تعهد مسؤولو الحرس الثوري بكبح جماح الاعتداءات المتقطعة على الأراضي السعودية من جانب بعض المجموعات المسلحة في العراق وبالتحديد كتائب حزب الله العراقية، وبجانب هذا وعود بالكف مستقبلًا عن تمويل الحوثيين بالسلاح، أو على الأقل الضغط بعدم توجيه هذا السلاح إلى المصالح السعودية[9].

وعلى الجانب الآخر، فإن مطالب إيران واضحة، وتتلخص في توقف السعودية عن تمويل وسائل إعلام المعارضة الإيرانية في الخارج، والتي كانت ذات تأثير واضح في زعزعة استقرار البلاد في الاحتجاجات الأخيرة التي بدأت في عام 2022. بالإضافة لذلك، تكف السعودية عن دعم حركة “مجاهدي خلق”، وباقي المجموعات الكردية في العراق، والتي تصنفها إيران كجماعات إرهابية[10].

2.    تسكين الصراع بدلًا من الحل الشامل في اليمن

يُمثل التقارب السعودي الإيراني عاملًا حاسمًا (Game Changer) في تغيير وضع العديد من الملفات في الشرق الأوسط والعالم، وعلى رأس تلك الملفات الحرب في اليمن، فلأول مرة منذ ثماني سنوات يبدو هناك أفق للتهدئة  للصراع بين الرياض، وحركة أنصار الله الحوثية، وتعتبر مشاركة السعودية في مفاوضات مباشرة مع الحوثيين لأول مرة منذ خريف 2022 مؤشرًا واضحًا لذلك، وقد أبدت السعودية مؤشرات إيجابية تتعلق بتقديم تنازلات فيما يخص بتسهيل تمرير مدفوعات رواتب الموظفين ومقاتلي الجيش بالمناطق الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون، بجانب فك الحصار ولو جزئيًا عن ميناء الحٌديدة ومطار صنعاء؛ حيث اتهمت السعودية في السابق حزب الله اللبناني باستخدامهما لدعم الحوثيين لوجستيا بالسلاح والمستشارين.

في السابق كانت الرياض تستبعد أي دور لإيران في حل الصراع مع الحوثيين، باعتبار أن اليمن منطقة نفوذ سعودية خالصة، إلا أن النفوذ الإيراني المتصاعد في صنعاء بات حقيقة تدركها الرياض خاصة بعد المشكلات التي تواجهها الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية في الجنوب من جانب المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والذي بات يمثل إشكالية للسعودية في ظل إعلان رفضه لأي تفاهمات تعقدها الحكومة اليمنية مع الحوثيين خاصة في الجوانب الأمنية وفيما يتعلق بتقاسم الموارد وميزانية البلاد[11].

ويشير هذا الأمر إلى احتمالات تتعلق إما بتسكين الصراع دون الوصول إلى حل خوفًا من حدوث صراع يهدد جبهة الجنوب الهشة، أو اتفاق إيراني-سعودي يقود إلى تحالف مبدئي بين الحكومة اليمنية والحوثيون لتنحية الخلافات مؤقتًا من أجل مواجهة تطلعات المجلس الانتقالي الجنوبي الحليف للإمارات.

الوضع الحالي في اليمن هو انقسام جغرافي غير رسمي يشبه بشكل أو بآخر وضع اليمن قبل الوحدة عام 1990، ومن المؤكد أن أي تفاهمات ستأخذ في الاعتبار هذا الأمر وقد تجعله رسميًا. المواقف بهذا الشأن متباينة؛ فمن جانب، يبدو الحوثيون مصرون على وحدة اليمن تحت رايتهم ويرفضون أي قبول بالتقسيم ولو في شكل كونفدرالية[12]. الأمر الذي يعني أن القبول بالحوثيين كطرف في العملية السياسية اليمنية من جانب السعودية والإمارات، قد يقود إلى العودة إلى الحرب مرة أخرى، وبأثمان مرتفعة أكثر من الهدنة الباردة على الجبهات الآن.

تبدو فكرة السلام البارد أكثر قبولًا بتوسط إيران لكبح جماح الهجمات الحوثية على الأراضي السعودية وحصرها في الداخل اليمني فقط إلى حين التوصل لتسوية شاملة. هذا الأمر مدفوع باستحالة توقف الحوثيين عن قتال منافسيهم في الجبهة اليمنية، ولكن يُمكن استخدام تلك التفاهمات لضرب نفوذ قوات المجلس الانتقالي بتحالف وقتي بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي على اعتبار تشابه وجهات نظر الطرفين فيما يتعلق برفض تقسيم اليمن.

3.     تأمين استقرار دائم في البحرين

عند الأخذ في الاعتبار التكوين الديموغرافي للبحرين، لا تشير الحكومة البحرينية إلى إحصائيات موثوقة لتحديد نسبة المواطنين الشيعة إلى السنة، ولكن تشير معظم التقديرات الصادرة عن المنظمات غير الحكومية والخبراء إلى أن السكان الشيعة يمثلون نسبة 55 إلى 65 بالمائة من إجمالي السكان[13]، لذا يبدو أن العداء بين الأسرة الحاكمة في البحرين والتي تعتبر النشاط الإيراني في المنطقة تهديدًا وجوديًا لاستمرارها، لن ينقلب إلى صداقة بين عشية وضحاها ولكن قد يتم الاتفاق على التعاون والتنسيق وفق مبدأ المصالح المشتركة، ويبدو هذا التقارب وسيلة هامة لتجنب التصعيد بين الطرفين وخاصة فيما يتعلق بالأنشطة التي تهدد الاستقرار الداخلي للبحرين.

ويبدو ترحيب المتحدث باسم البرلمان البحريني بوفد إيراني في أعقاب الاتفاق السعودي وما تلاه من خطوات أخرى مثل تعيين 9 وزراء ذوي انتماءات للمذهب الشيعي في يونيو 2022 وهو أمر لم يحدث منذ أحداث المنامة 2011، دليل على رغبة البحرين في تطبيع العلاقات مع الجانب الإيراني في الصعيد الرسمي على الأقل. قد تستخدم  المنامة كذلك الموقف العربي شبه الموحد بتحجيم التطبيع غير الضروري مع إسرائيل في أعقاب الهجوم الواسع على غزة بعد أحداث 7 أكتوبر وعدم استجابة الأخيرة لنداءات وقف إطلاق النار، كفرصة أكبر لتقليل العداء ودفع التعاون أكبر مع الجانب الإيراني الذي تبدو مواقفه متسقة أكثر من أي وقت مضى مع جيرانه العرب في الخليج فيما يتعلق بضرورة وقف التصعيد غير الضروري، والتنسيق أكثر في القضايا الحساسة بالمنطقة وعلى رأسها الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. رغم ذلك يبدو الحديث عن أي تطبيع للعلاقات بين الطرفين مرهونًا باستعادة العلاقات الدبلوماسية التي قطعتها المنامة من قبل متماهية مع الموقف السعودي في عام 2016م[14]، حيث كانت الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي تقطع علاقتها مع إيران دون أن تقوم بتخفيضها كما فعلت الدول الأخرى[15]

4.    تطبيع العلاقات السعودية مع النظام السوري

كان توقيت المصالحة بين إيران والسعودية متزامنًا مع حدوث تطبيع فعلي مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي ودمشق، ومع حديث متزايد عن تطبيع محتمل بين السعودية ودمشق. دعم السعودية لمجموعات المعارضة التي تم إضعافها بشكل كبير بدعم جاء لدمشق من روسيا وإيران أحد أهم الأسباب الرئيسية للخلاف بين الجانبين السوري والسعودي.

بعد تجميد الصراع وحصره في الشمال بين المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا والنظام السوري والأكراد، بدا منطقيًا عودة العلاقات بين الطرفين خاصة أن السعودية كانت قد أرسلت العديد من طائرات التي حطت في مطار حلب لجلب المساعدات لمساعدة ضحايا الزلزال في الشمال السوري كإشارة على تغير موقف السعودية تجاه دمشق[16].

استضافة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية بالرياض وترحيب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان به، ليس دليلًا مع ذلك على أن تحسن العلاقات السياسية سيقود إلى تعاون في مجالات اخرى وعلى رأسها ملف إعادة الإعمار في سوريا وتقديم المساعدات لتجاوز وضع الاقتصاد السوري الكارثي ومعدلات الفقر الكبيرة التي وصلت إلى أن 90 % من الشعب السوري يرزح تحت خط الفقر بحسب تصريح رئيس مفوضية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في يونيو 2023، كما أن ملايين من السوريين يحتاجون لمساعدات غذائية عاجلة[17].

5.    تدخل الدولتان لإنهاء حالة الجمود السياسي في لبنان

يبدو ملف اختيار رئيس للبنان هو مجال التأثير المحتمل للمصالحة بين الطرفين باعتبار أن كتلة حزب الله تدعم اختيار “سليمان فرنجية” كممثل للطائفة المارونية المسيحية رئيسًا للبلاد التي يحكم العملية السياسية فيها نظام محاصصة طائفي منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1989باتفاق الطائف الذي رعته السعودية في ذلك الوقت.

ترفض الرياض المرشح القريب لكتلة حزب الله وقد ظهر ذلك من زيارة السفير السعودي في لبنان لبطريرك الكنيسة المارونية بشارة الراعي في مارس 2023، ليخفق بعدها البرلمان اللبناني مرة أخرى في اختيار رئيس للبلاد في يونيو من نفس العام، حتى أنه حاز على عدد أصوات أقل من منافسة جهاد أزعور[18].

تبدو المصالحة بين الطرفين السعودي والإيراني قادرة على إيجاد صيغة تفاهم مستقبلية، بشأن شخصية مستقلة تتولى المنصب، خاصة أن حالة الغضب في الداخل اللبناني من تأثيرات كتلة حزب الله اللبناني على اقتصاد البلاد المنهار، تصب في صالح التدخلات السعودية باعتبار استثماراتها في قطاعات السياحة، مع ذلك لا يبدو أن هناك رغبة سعودية في التدخل أكبر فيما يتعلق بتقديم مساعدات اقتصادية تخفف من حدة الأزمة في لبنان دون وجود توافق حول رئيس يأخذ في الاعتبار مصالح السعودية السياسية والاقتصادية[19].

مع كل هذا، يبدو أن التوافق حول شخصية مستقلة بين الطرفين تأخذ بالاعتبار مصالح حلفاء كلًا من السعودية وإيران رغم صعوبته أقرب للتحقق من انفراجة في حدوث توافق سياسي لتشكيل الحكومة أو حدوث مصالحة شاملة بين السعودية وحزب الله، وإن كان المتوقع أن يحدث تخفيض للتصعيد خاصة الإعلامي بين السعودية وانصار حزب الله كجزء من اتفاقات التهدئة المبدئية التي يقترحها إطار المصالحة بين الطرفين السعودي والإيراني في الملفات الإقليمية المعقدة وعلى رأسها الوضع في لبنان كبديل لاستحالة الوصول في المستقبل القريب لمصالحات شاملة.

ثالثًا: اِحتمالات التصعيد ضد إسرائيل بعد المصالحة السعودية – الإيرانية

تصاعدت الأصوات في تل أبيب محذرة من عواقب التقارب الإيراني-السعودي لاعتبارين[20]، وهما: أولًا، أن الاتفاق يقضي على آمال تل أبيب من استخدام المجال الجوي السعودي لتنفيذ أي هجوم جوي مباغت لتحييد القدرات النووية الإيرانية عند الضرورة. وثانيًا: أن المصالحة بين الطرفين السعودي الإيراني، تلغي الاعتمادية السعودية، وربما باقي دول مجلس التعاون الخليجي على علاقات التحالف المباشر في الجانب العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبشكل غير مباشر مع إسرائيل، حيث لن يعد هناك حاجة لتطوير تلك العلاقات في ظل خفوت التهديدات الإيرانية السابقة في الجانب العسكري والاقتصادي لدول الخليج[21].

في المقابل يبدو أن التخوف الإسرائيلي من التنسيق الإيراني – السعودي مبالغ فيه إلى حد كبير، فقد كان احتمال استخدام المجال الجوي السعودي لشن ضربات ضد الأراضي الإيرانية مستبعدًا منذ البداية حتى قبل المصالحة. ولم تكن السعودية لتسمح باستخدام مجالها الجوي ضد إيران كون أن الضربات الانتقامية التي كانت ستستهدف السعودية ومنشآتها النفطية ستكون مكلفة ليس فقط للسعودية بل عالميًا عبر ارتفاع كبير في أسعار النفط. وهذا بالإضافة إلى أن إسرائيل بإمكانها استخدام المجال الجوي السوري والعراقي، لتنفيذ ضرباتها إن حدثت في كل الأحوال.

والأمر الآخر، هو أن اتفاق المصالحة السعودي-الإيراني لم يؤثر على مستوى العلاقات مع تل أبيب حتى أن أخبار التطبيع المحتملة بين الطرفين كانت قوية قبل أحداث الحرب في غزة 7 أكتوبر2023م[22]. ويبدو كذلك أن هذا الاتفاق يؤمن الحليف السعودي للولايات المتحدة من أي هجمات انتقامية في حالة حدوث تصعيد بين إيران وإسرائيل، كون أن إيران قد تبدو غير ملتزمة باتفاقاتها مع الدول الإسلامية، مما قد يقود إلى حالة من العداء الإقليمي ضدها من جانب دول إقليمية مثل باكستان ومصر.

هذا الأمر يعني أنه في حالة حدوث مواجهة بين إسرائيل وإيران لن تكون مباشرة وستكون عبر حلفاء إيران في المنطقة بالتحديد حزب الله وحركات المقاومة التي تعمل تحت إشراف النظام السوري مما يعني أن مدى الحرب سيظل إقليميًا ولن يتوسع دوليًا، ولن يشمل استخدام واسع للقدرات الصاروخية الإيرانية المتطورة مقابل استخدام ما يملكه حزب الله من أدوات حرب غير تقليدية أقل تأثيرًا. كما أن أسعار النفط لن تتأثر بشكل درامي كما في حالة استخدام المجال الجوي السعودي لتنفيذ تلك الهجمات كما أوضحنا.

خلاصة

في النهاية، يمكن القول إن التوجه الاستراتيجي نحو التقارب السعودي-الإيراني يحمل أبعادًا استراتيجية، فمن المتوقع أن تُسهم هذه الخطوة في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتخفيف حدة التوترات في المنطقة، وفتح الباب أمام التعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك الاقتصاد والتجارة والأمن. وقد يتيح التعاون الاقتصادي بين الجانبين فرصًا لتبادل التجارة والاستثمارات المشتركة، وهو ما يُمكن أن يعزز النمو الاقتصادي في البلدين ويعود بالفائدة على الشعبين. وأمنيًا، سينعكس التقارب بين الطرفين على التعاون في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار، وتبادل المعلومات الأمنية والتعاون في مكافحة التهديدات المشتركة، مما يساهم في تعزيز الأمن والسلم في المنطقة بشكل عام. ومع هذا التفاؤل، يجب أن نلاحظ أن هذه الخطوة قد تتطلب مجهودًا مضاعفًا لفتح قنوات الحوار المستمر، وبناء الثقة بين البلدين.

وفيما يتصل بملفات المنطقة المعلقة، من المستبعد أن تقود المصالحة بين الطرفين إلى تغير كبير في وضع الملف اليمني الذي دخل فعليًا في حالة من الجمود والسلام البارد، ومن الموقف السعودي في سوريا او لبنان؛ إذ يميل الموقف السعودي لحسابات عدم التورط في تقديم مساعدات اقتصادية سخية مقابل تطوير العلاقات الاقتصادية مع إيران بشكل مباشر. العلاقات الاقتصادية ستقود الجانب السياسي بين الدولتين كون أن إيران لها نفوذ كبير على حلفائها في المنطقة والجانب السعودي يدرك أن التعاون الاقتصادي المباشر مع إيران سيكون أقل تكلفة من التورط في أزمات المنطقة لدعم أي أطراف في مناطق الصراع بسوريا أو لبنان وحتى اليمن.

وتبدو احتمالات التصعيد بين إيران وإسرائيل محصورة في خانة الحرب الإقليمية حيث من المستبعد أن تمتد الضربات الإيرانية إلى دول مجلس التعاون الخليجي بعد المصالحة، كما أن ملف التطبيع لم يتأثر من المصالحة بقدر ما تأثر في الوقت الحالي من التصعيد الحالي للحرب في غزة. 

مراجع:

LUJAIN ALOTAIBI, Saudi Arabia and Iran: Beyond Geopolitics, Carnigie Endowment For International Peace, June 06, 2023, accessed on 14/12/2023,  https://rb.gy/47o8pj

Arab News, Saudi Arabia’s non-oil revenues jump by 53% in Q3,  02 November 2023, accessed on 14/12/2023, https://rb.gy/zah9bo

David Reid, Saudi Aramco reveals attack damage at oil production plants, CNBC, SEP 21 2019, accessed on 14/12/2023, https://rebrand.ly/aaw3hwo

Jennifer Hansler, Five Americans released from Iranian detention are en route to the US, CNN, September 18, 2023, accessed on 16/12/2023, https://rebrand.ly/8eff430 

Kevin Breuninger, Here are the sanctions that will snap back into place now that Trump has pulled the US out of the Iran nuclear deal, CNBC, MAY 9 2018, accessed on 14/12/2023, https://www.cnbc.com/2018/05/08/here-are-iran-sanctions-returning-after-trump-leaves-nuclear-deal.html

[1] JEFFREY SONNENFELD & STEVEN TIAN, Why Middle East Peace Requires Turning Off Iran’s Oil and Increasing Saudi’s, Time Magazine, OCTOBER 23, 2023, accessed on 14/12/2023, https://time.com/6327378/israel-iran-oil-sanctions/

Ali Alfoneh, Great Expectations, Greater Trepidation: Iran-Saudi Arabia Trade Relations, The Arab Gulf States Institute in Washington, Apr 25, 2023, accesses on 14/12/2023

https://agsiw.org/great-expectations-greater-trepidation-iran-saudi-arabia-trade-relations/

أثر المصالحة السعودية – الإيرانية على صراعات الشرق الأوسط، مجموعة الأزمات الدولية، 19/04/2023، تاريخ الدخول: 16/12/2023، الرابط: https://rb.gy/gwslps

رواد بدوي، المصالحة السعودية الإيرانية فرص المسار الجديد وأبعاده، مركز الفكر الاستراتيجي، تاريخ الدخول: 16/12/2023، الرابط:  https://rb.gy/sam8fv

سفير السعودية في اليمن: المملكة تدرك أبعاد القضية الجنوبية وتأثير الأحداث الأخيرة، CNN عربية، تاريخ الدخول: 16/12/2023، الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2019/09/06/saudi-yemen-southern-case-tweet

Nadeen Ebrahim& Mostafa Salem, A Saudi-Iran reconciliation may not end the war in Yemen just yet, CNN, March 22, 2023, accessed on 14/12/203, https://edition.cnn.com/2023/03/22/middleeast/yemen-war-saudi-iran-mime-intl/index.html

2021 Report on International Religious Freedom: Bahrain, U.S Departement of state, accessed on 16/12/2023, https://rb.gy/4e9h6y

Martin Chulov, Saudi Arabia cuts diplomatic ties with Iran after execution of cleric, The Guardian, 4 Jan 2016, accessed on 1412/2023, https://rebrand.ly/et8upx1

Kristian Coates Ulrichsen, The GCC Is On Board with the Saudi-Iran Agreement, Arab Center Washington DC, Mar 27, 2023, Accessed on 14/12/2023, https://arabcenterdc.org/resource/the-gcc-is-on-board-with-the-saudi-iran-agreement/

The Syrian Observer, How Will Saudi-Iranian Rapprochement Affect the Syrian Issue?, March 15th, 2023, 14/12/2023, https://syrianobserver.com/news/82139/how-will-saudi-iranian-rapprochement-affect-the-syrian-issue.html

EDITH M. LEDERER, UN warns that 90% of Syrians are below the poverty line, while millions face cuts in food aid, Associated Press,  June 29, 2023, accessed on 14/12/2023, https://apnews.com/article/syria-humanitarian-aid-funding-crossborder-russia-5d28da9aa4d55b8c0f24563f69d8b5a0

بي بي سي عربي، انتخابات الرئاسة في لبنان: من هما المرشحان الرئيسيان جهاد أزعور وسليمان فرنجية؟، 14 يونيو/ حزيران 2023، شوهد في 14/12/2023، https://www.bbc.com/arabic/middleeast-65843039

Mohamed Al-Qazzaz, Lebanese impacts of Saudi-Iranian agreement, ahram Online, 9 Apr 2023, accessed on 14/12/2023, https://english.ahram.org.eg/NewsContent/50/1203/494149/AlAhram-Weekly/World/Lebanese-impacts-of-SaudiIranian-agreement.aspx

Rafael Castro, How a Saudi-Iranian Reconciliation Aids Israel, BESA Center Perspectives,  April 23, 2023, accessed on 14/12/2023, https://besacenter.org/how-a-saudi-iranian-reconciliation-aids-israel/

Humeyra Pamuk, US State Dept nominee says Saudi-Israel normalization players eager to resume process, Reuters, December 7, 2023, accessed on 14/12/2023, https://www.reuters.com/world/middle-east/us-state-dept-nominee-says-saudi-israel-normalization-players-eager-resume-2023-12-07/

[1]  رؤية السعودية 2030، تاريخ الدخول 15/12/2023، الرابط: https://www.my.gov.sa/wps/portal/snp/content/saudivision

[2] LUJAIN ALOTAIBI, Saudi Arabia and Iran: Beyond Geopolitics, Carnigie Endowment For International Peace, June 06, 2023, accessed on 14/12/2023,  https://rb.gy/47o8pj

[3] Arab News, Saudi Arabia’s non-oil revenues jump by 53% in Q3,  02 November 2023, accessed on 14/12/2023, https://rb.gy/zah9bo

[4] David Reid, Saudi Aramco reveals attack damage at oil production plants, CNBC, SEP 21 2019, accessed on 14/12/2023, https://rebrand.ly/aaw3hwo

[5] Jennifer Hansler, Five Americans released from Iranian detention are en route to the US, CNN, September 18, 2023, accessed on 16/12/2023, https://rebrand.ly/8eff430  

[6] Kevin Breuninger, Here are the sanctions that will snap back into place now that Trump has pulled the US out of the Iran nuclear deal, CNBC, MAY 9 2018, accessed on 14/12/2023, https://www.cnbc.com/2018/05/08/here-are-iran-sanctions-returning-after-trump-leaves-nuclear-deal.html

[7] JEFFREY SONNENFELD & STEVEN TIAN, Why Middle East Peace Requires Turning Off Iran’s Oil and Increasing Saudi’s, Time Magazine, OCTOBER 23, 2023, accessed on 14/12/2023, https://time.com/6327378/israel-iran-oil-sanctions/

[8] Ali Alfoneh, Great Expectations, Greater Trepidation: Iran-Saudi Arabia Trade Relations, The Arab Gulf States Institute in Washington, Apr 25, 2023, accesses on 14/12/2023

https://agsiw.org/great-expectations-greater-trepidation-iran-saudi-arabia-trade-relations/

[9]  أثر المصالحة السعودية – الإيرانية على صراعات الشرق الأوسط، مجموعة الأزمات الدولية، 19/04/2023، الرابط: https://rb.gy/gwslps

[10]  رواد بدوي، المصالحة السعودية الإيرانية فرص المسار الجديد وأبعاده، مركز الفكر الاستراتيجي، الرابط:  https://rb.gy/sam8fv

[11]  أنظر: سفير السعودية في اليمن: المملكة تدرك أبعاد القضية الجنوبية وتأثير الأحداث الأخيرة، CNN عربية، الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2019/09/06/saudi-yemen-southern-case-tweet

[12] Nadeen Ebrahim& Mostafa Salem, A Saudi-Iran reconciliation may not end the war in Yemen just yet, CNN, March 22, 2023, accessed on 14/12/203, https://edition.cnn.com/2023/03/22/middleeast/yemen-war-saudi-iran-mime-intl/index.html

[13] 2021 Report on International Religious Freedom: Bahrain, U.S Departement of state, https://rb.gy/4e9h6y

[14] Martin Chulov, Saudi Arabia cuts diplomatic ties with Iran after execution of cleric, The Guardian, 4 Jan 2016, accessed on 1412/2023, https://rebrand.ly/et8upx1

[15] Kristian Coates Ulrichsen, The GCC Is On Board with the Saudi-Iran Agreement, Arab Center Washington DC, Mar 27, 2023, Accessed on 14/12/2023, https://arabcenterdc.org/resource/the-gcc-is-on-board-with-the-saudi-iran-agreement/

[16] The Syrian Observer, How Will Saudi-Iranian Rapprochement Affect the Syrian Issue?, March 15th, 2023, 14/12/2023, https://syrianobserver.com/news/82139/how-will-saudi-iranian-rapprochement-affect-the-syrian-issue.html

[17] EDITH M. LEDERER, UN warns that 90% of Syrians are below the poverty line, while millions face cuts in food aid, Associated Press,  June 29, 2023, accessed on 14/12/2023, https://apnews.com/article/syria-humanitarian-aid-funding-crossborder-russia-5d28da9aa4d55b8c0f24563f69d8b5a0

[18] بي بي سي عربي، انتخابات الرئاسة في لبنان: من هما المرشحان الرئيسيان جهاد أزعور وسليمان فرنجية؟، 14 يونيو/ حزيران 2023، شوهد في 14/12/2023، https://www.bbc.com/arabic/middleeast-65843039

[19] Mohamed Al-Qazzaz, Lebanese impacts of Saudi-Iranian agreement, ahram Online, 9 Apr 2023, accessed on 14/12/2023, https://english.ahram.org.eg/NewsContent/50/1203/494149/AlAhram-Weekly/World/Lebanese-impacts-of-SaudiIranian-agreement.aspx

[20] Rafael Castro, How a Saudi-Iranian Reconciliation Aids Israel, BESA Center Perspectives,  April 23, 2023, accessed on 14/12/2023, https://besacenter.org/how-a-saudi-iranian-reconciliation-aids-israel/

[21] Ibid.

[22] Humeyra Pamuk, US State Dept nominee says Saudi-Israel normalization players eager to resume process, Reuters, December 7, 2023, accessed on 14/12/2023, https://www.reuters.com/world/middle-east/us-state-dept-nominee-says-saudi-israel-normalization-players-eager-resume-2023-12-07/

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى