الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

السعودية تطلب حماية الولايــات المتحدة وتعتقد أن لها دوراً ريادياً بالمنطقة

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

تردد مصادر إعلامية أمريكية وصهيونية في الفترة الأخيرة أن المملكة السعودية تسعي للتوصل إلي إتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة الأمريكية لابد أنه يختلف ومنقح حيث أن هناك بالفعل معاهدة دفاع مشترك أبرمت في عام 1951 بين الولايات المتحدة إبان عهد الرئيس روزفلت وبين السعودية وكانت الفكرة من وراء إبرامها توفير الحماية للمملكة السعودية مقابل الوصول الأمريكي إلى موارد البلاد , وتقول المصادر المطلعة على التفكير السعودي إنه مع حرص بايدن على التوصل إلى اتفاق فقد تكون الظروف الآن أفضل فرصة للتوصل إلى اتفاق من خلال الكونجرس , كما تريد السعودية كذلك ضمانات لبيع الأسلحة والمساعدة في تحقيق برنامج نووي سعودي ، وعلي التوازي وبالإرتباط بهذا الإتفاق تتوج السعودية الجهود التي بذلها الكيان الصهيوني ومعه المملكة السعودية من أجل تطبيع مُكتمل للعلاقات الثنائية فالإتفاق الدفاعي المُشار اليه وتوابعه لا يتم إلا بضوء أخضر صهيوني في تل أبيب وواشنطن(أيباك) وهذا التطبيع قد تحقق منه نذر يسير بالفعل حتي الآن ، وفيما تبذل السعودية مساعيها من أجل توقيع الولايات المتحدة إتفاق دفاعي معها يكفل لها تغطية المخاطر الآتية من إيران تتظاهر السعودية بأنها تربط هذا الإتفاق والتطبيع مع الكيان الصهيوني بالحصول علي صيغة تسوية مقبولة بشأن إقامة الدولة الفلسطينية التي يتحدث الأمريكيون والأوربيين عنها الآن تحت وطأة الضغوط الهائلة للمقاومة الإسلامية في غـــزة وليس من أجل عيون السعوديين الذين يرون في فعل المقاومة المقدس كفعل حرام شرعــــاً كما جاهر دعاة السلطان السعوديين المصابين بمس من الشيطان ومع ذلك فقد ينتهز ولي العهد السعودي الذي يسكن في عالم ألف ليلة وليلة  فرصة عنف ضغوط المقاومة – التي لا يدمها ولايؤيدها ويحظر علي شعبه مجرد تأييدها لفظياً – علي جيش الكيان الصهيوني المُتداعي لكي ينتهزها فرصة يغلفها بإدعاء وإشتراط إتمام التطبيع مع الصهاينة في مقابل تسوية معهم نهايتها إقامة دولة فلسطينية مُعتقداً أن مغريات وحوافز التطبيع مع جبل المال السعودي والقيادة الوهمية للسعودية ستجلب تطبيعاً تلقائياً من باقي دول العالم الإسلامي غافلاً – وهو ما يدركه الكيان الصهيوني – عن حقيقة أن السعودية حتي ماقبل ولي العهد ذاك فقدت ألق وجاذبية قطاعات عدة بالعالم الإسلامي إليها نتيجة السلوك الشخصي لقيادات هذه المملكة المُترهلة والتي يري ولي عهدها أن تجديدها ممكن تماماً بمجرد ولوج باب الدعارة والمجون والتخلص من التراث النقي الثري لدين الإسلام وفتح نافذة السلام مع الذين قال الله تعالي فيهم  : “لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا  …. ” , فالرابط الوحيد الآن للمسلمين بهذه المملكة المنحرفة عن جادة الدين الحنيف هو أن بها  الأماكن المقدسة التي تهوي إليها أنفس المُوحدين المسلمين  , ولا يروم الصهاينة ولا يعتقدون بالمرة أن تطبيع السعودية معهم سيجلب لهم تطبيع تلقائياً من باقي الدول الإسلامية فيكفيهم فقط الوصول للبلد التي بها الأماكن المقدسة عند المسلمين ليُعملوا فيه تخريباً وإنقضاضاً علي العقيدة الإسلامية في موطنها الأول , وبناء علي ذلك فالتطبيع مع السعودية هو تطبيع مع مــمــول لا أكثر ولا أقل فكل ما تفعله السعودية إغراء النخبة السياسية الأمكريكية وجلها من الصهاينة اليهود أو المتصهينيين من اليمين المسيحي الــمـجـيئي الخاضع لسلطة الأيباك أي جماعة الضغط اليهودية الأقوي في الولايات المتحدة والتي تتحكم في النهاية في إتخاذ القرارات المختلفة بالولايات المتحدة .

عمـومـاً فقد أدي طوفان الأقصي في 7 أكتوبر2024 وما تبعه من إعلان الكيان الصهيوني الحرب علي غزة وحماس معا إلى تعقد وعـــرقــلة عملية التطبيع السعودي مع أراذل الصهاينة وأخرته إلي حين , ومما يثبت أن الهدف والهم الأول والوحيد للسعودية هو إستخلاص إتفاق دفاع مع الأمريكيين هو أن جولة وزير الخارجية الأمريكي بيلينكن لدول عربية شرق أوسطية في 4 فبراير2024 والتي بدات بالسعودية سيناقش في زيارته للرياض موضوع الإتفاق الدفاعي وربطه بالتطبيع مع الكيان الصهويني ربطاً شرطياً وسببياً , لكن ربما يتعسر هذا الإتفاق حيث ستتظل الصعوبة الأساسية والثمن الباهظ الذي علي واشنطن مواجهته ودفعه هو أنهم أي الأمريكان سيكونون في حالة مواجهة صريحة مع إيران وهدفاً دائماً ومُتاحاً لهم ولما يُسمي بأذرع إيران في المنطقة ( للولايات المتحدة أيضاً دول تُعد أذرع لها في المنطقة)  فمايزال السعوديين يريدون تحقيق إتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة يضمن لهم حماية أمريكية من خطر إيران وبرنامجها النووي حماية للعرش أولاً وأخيراً ولذلك لا يجدوا أي غضاضة في الرضي وهم ملوك موسرين علي التدثر بثوب صهيوني مهترئ كشفته حماس لمجرد إرضاء الأمريكيين .

هنا ينبغي أن نسأل : كيف يتحدث البعض بتلك الجــرأة عن أن السعودية دولة تستطيع النهوض بدور قيادي للعالمين العربي والإسلامي وغيرها يوفر لها الحماية ويضمن لها الإستقرار ويعينها علي مواجهة الأخطار إنه زعم لا شك في ذلك , فدولة لاتستطيع حماية نفسها مصيرها ليس في يدها مطلقاً بل في يد من يحميها أي في يد الولايات المتحدة , لذلك فإن الكلام عن أن للسعودية دوراً قيادياً في منطقتها أو بالإقليم لايمكن إلا أن يكون إفكاً وأفتراءً علي مفاهيم مُستقرة بشأن الأمن القومي , فوفقاً لهذه المفاهيم تعتبر غــــزة صاحبة دور قيادي فالمقاومة في غــزة وشعب غـــزة غيرا مفاهييم كثيرة في الشؤون العسكرية والأمن القومي بل وفي الإقتصاد فصمود غزة التي لا تعيش في مجتمع الوفرة الذي تعيشه السعودية إستطاعت الصمود بإباء وشمم أكثر من 4 شهور وتحمل حصار بري وجوي وبحري وقطع لإمدادات المياه والكهرباء والغذاء ولا تستطيع السعودية وغيرها من دول المنطقة كسر حصار الصهاينة لـــغزة وإلا …. , بل إن حتي السعودية عندما أرادت ممارسة لعبة الحصار الحقيرة نفسها علي قطر في 5 يونيو 2017 التي إستهدفت ليّ ذراع قطر عن طريق تدمير اقتصادها وتجويع شعبها لإجبارها في النهاية على إخضاع إرادتها وسياستها الخارجية وفقا لأولويات سعودية إماراتية فشلت ومعها حلفاءها في تحقيق كل نتائج هذا الحصار غير المسبوق وأضطرت في النهاية إلي إنهاء وكسر هذا الحصار  في قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الخامس من يناير 2021 في مدينة العُلا شمال المملكة العربية السعودية حيث وقع زعماء دول الخليج اتفاق “تضامنٍ واستقرار” يهدف إلى تسوية الخلاف تحت عنوان إعلان العُلا , وفشل السعودية مع إضافة جهود حلفاءها في فرض الحصار علي قطر تلك الدولة الصغيرة يعني أن ما يُشاع عن أن السعودية ذات دور ريادي حتي علي المستوي الإقليمي إن هي إلا تخرصات لا أساس لصحتها ولا تتفق مع الواقع .

حتي أن إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وهي اللافتة التي يرفعها السعوديين لتبرير تطبيعهم المخزي مع الكيان الصهيوني الذي يمارس إثم الإبادة الجماعية لإخواننا في غــزة أخبر المسؤولون السعوديون نظراءهم الأمريكيين عبر الإتصالات والزيارات المكوكية الثنائية عنها أن الرياض لن تصر على أن تتخذ إسرائيل خطوات ملموسة لإنشاء دولة فلسطينية وستقبل بدلاً من ذلك التزامًا سياسيًا بإقامة دولة فلسطينية بمعني أن السعوديين يريدون أي شيئ ما من أجل الدعاية السياسية فقط , ونظرة إلي البيان الصادر عن خارجية السعودية في 6 فبراير2024 أشارت الخارجية إلي أنه فيما يتعلق بالمناقشات الجارية بين المملكة والولايات المتحدة بخصوص مسار الاسلام العربي/ الصهيوني وفي ضوء ما وردعلي لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي بهذا الشأن فإن وزارة الخارجية تؤكد أن موقف المملكة كان ولا يزال ثابتاً تجاه القضية الفلسطينية وضرورة حصول الشعب الفلسطيني علي حقوقه الثابتة كما أن المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأمريكية وهو انه لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني مالم يتم الإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة علي حدود1967وعاصمتها القدس الشرقية وإيقاف العدوان الصهيوني علي قطاع غـزة .(لم يُشر البيان إلي عدوان الصهاينة وإنتهاكتهم لحقوق سكانها الفلسطينيين)   فكما أشرت فإنه من غير المنطقي أن دولة كالسعودية لا تستطيع توفير الحماية لنفسها يمكنها أن تفرض أو تشترط علي الكيان الصهيوني أن يقبل إقامة هذه الدولة التي يرفضها في كل مراحل التفاوض بشأن القضية الفلسطينية منذ توقيع معاهدة السلام المزعوم مع مصر في 26 مارس 1979 وللآن وكل ما يمكن أن يقبل به حكم ذاتي محدود , بل حتي أن الولايات المتحدة التي تروج هي والأوربيين الآن حل الدولتين لا تستطيع فرضه علي هؤلاء الأراذل , وتأكيداً علي حقيقة قدرات السعودية المحدودة كدولة أن ندرك أن حماس هي التي يمكنها أن تفرض حل الدولتين بعد أن أثبتت بصمودها وإمكانتها القتالية العالية في حرب غزة قدرتها علي تعرية زعم الجيش الصهيوني المدجج بأنواع الأسلحة المختلفة   وبيان ضعفه في القتال الميداني الحقيقي وهو ما لا يتوفر مُطلقاً لدي الجيش السعودي الذي لم يثبت أي قدرات قتالية في حرب الـــيمن الذي يقف بشموخ وعزة أمام الولايات المتحدة أكبر نصير للصهاينة في عدوانهم علي شعب غـزة والتي تدعي أنها مع حل الدولتين فكيف يمكن أن نأمن لمن يدعم الصهاينة أنهم داعمين في نفس الوقت لحل الدولتين ما لم يكن ذلك الأمر خدعة لصرف الأنظار عن خسة العدو وحليفه معاً والتمهيد لإستراتيجية اليوم التالي بعد إنتهاء حرب غـزة التي يمكن إيجازها بأنها إستراتيجية تصفية حماس وتيارات المقاومة الإسلامية في غـزة توطئة لتصفية القضية الفلسطينية برمتها وهو ما تعيه حماس وأضرابها في غزة تماماً ويعدون العدة لمواجهة هذه الإستراتيجية الخبيثة التي تخلو من الشرف والتي يعاون الأمريكان والصهاينة فيها “ملوك الطوائف” من القادة المستعربين لبالغ الأسف والأسي , ويظل الهدف الرئيسي للرياض هو إبرام اتفاق الدفاع مع الولايات المتحدة وكل شيء آخرسواء كان ذلك تطبيعاً مع الكيان الصهيوني بتسوية سياسية مـــزعـــومـة للمسالة الفلسطينية أو بدونها هاماً لبقاء الأسرة السعودية السليمانية حاكمة تتنفس أكسجين السلطة آمــنة وعازمة على تجنب تكرار هجمات 14 سبتمبر 2019 على منشآتها النفطية التي اتهمت ومعها واشنطن طهران بالمسؤولية عنها التي على الرغم من إنهاء السعودية الخلاف الدبلوماسي معها بعد التقارب الذي رعته الصين عام2023إلا أنها مازالت مكمن الخطرة علي حكام الرياض  , ولذلك فقد اتفقت واشنطن والرياض على بدء مناقشات حول اتفاق دفاعي والتطبيع مع الصهاينة خلال زيارة بايدن للمملكة في عام 2022 لإصلاح العلاقات المتوترة بشأن جريمة أغتيال خاشقجي وقرار الولايات المتحدة إنهاء المساعدة العسكرية للرياض في حربها ضد الحوثيين في اليمن .

لأسباب إنتخابية أمريكية محضة تعمل إدارة بايدن بنشاط على تعزيز العلاقات بين الصهاينة والمملكة العربية السعودية وتتصل مع الصهاينة والسعوديين علي حد سواء لإنجاز هذا التطبيع قبل الإنتخابات الأمريكية القادمة في نهاية 2024 وتتم عملية التطبيع تلك بالإنفصال التام مع تدعيات حرب غــزة وهدف الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الصهيوني من عملية التطبيع السعودي / الصهيوني إنتخابي وإستراتيجي أما الهدف السعودي فهو هدف حمائي وغير مرتبط بأي إستراتيجية لأخري غير تأمين سلطة الأسرة الحاكمة السليمانية / السعودية , ففشل السعوديين في حصار قــطــر عام2017وإخفاقهم في حرب اليمن بعملية عاصفة الحزم وخروجهم بل إبتعادهم الطوعي من دعم شعب غــزة وحماس ومقاومي التيار الإسلامي أخرج السعودية كلها بقضها وقضيضها من الفلك و مدارات الإسلام كدين ودنيا لنحو 2 مليار شخص يشكلون حوالي 25% من سكان العالم منهم 1.5 مليار نسمة تقريباً من السنة , فلا يمكن أن يعتقد مسلم بسيط أن السعودية يمكن أن تمثل قيادة العالم الإسلامي وهي تسعي للتطبيع مع الصهاينة وإيديهم مــلــطــخة بدماء أهلنا في غــزة بل وتوفر لهم بديل لوجيستي يؤمن تموين الأغذية لجيش الإحتلال الصهيوني عبر أراضيها …. لا يمكن , إن مكانة السعودية السابقة والتي محاها محمد بن سلمان تضاعف سلبية الصورة الذهنية الآن للسعودية والتي تعتبر من الكبائر التي لن تُغتفـــر لأولياء أمر هذه المملكة الآثمة التي لن يكون التطبيع كمع الصهاينة من مكاسبها بل من آثامها لكنه سيكون بلا مراء مكسباً للديموقراطيين في الولايات المتحدة وربما أعانهم في تقوية وضعهم الإنتخابي بمعونة الآيباك علي دي الولايات المتحدة لكن من غير المضمون أن تنجح أيباك فصورة الكيان الصهيوني في ربوع الولايات المتحدة تآكلت من أطرافها نتيجة موقف معظم الشباب الأمريكي الإيجابي الذي نصر غـزة بل وبعضهم أضاف لهذه النصرة نصرة المقاومة الفلسطينية في غـزة وبالتالي فقد الديموقراطيين جزءاً مهما من قاعدتهم الإنتخابية علي حين ناصر السعوديين وحلفاءهم في الإقليم الكيان الصهيوني وظاهرهم فبانت سوءاتهم أمام العالمين , ومن سخريات الدنيا أن يعتقد ناشئ في السياسة مثل جيك سوليفان مستشار الأمن القومي أنه قابل للتصديق أو أن له مصداقية ليقول ونصدق مقالته تلك : ” هناك ترابط في السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب مع حل الدولتين” , ويروج السعوديين والصهاينة معاً علي أن السعودية أوقفت في أعقاب الصراع في غزة مشاركتها في محادثات التطبيع مع الصهاينة وهو حق يراد به إثبات الباطل فالمحادثات لم تقف بسبب غـــزة أو حباً للسعوديين في غزة وإلا لكان السعوديين دعموا ووقفوا بجانب غـزة والمقاومة , فالسعوديين أوقفوا مع الصهاينة هذه المحادثة للتفرغ لإعمال القتل والإبادة في غــزة بحرية أي بتحرير السعوديين من عقدة الإرتباط الشرطي التي ستلازم الفلسطينيين من الآن فصاعداً بحيث ستكون متلازمة التطبيع مع الإبادة الجماعية في العقل الجمعي الفلسطيني بل والعربي والإسلامي , لذلك فإن إيقاف محادثات التطبيع بين الصهاينة وآل سعود أمر مؤقت وتم بصفة عفوية آلية تطلبها الموقف ولم يتطلبها السعوديين بالطبع فطبيعة الموقف في غزة تطلبت ذلك بدليل أن السعودية عقدت النية والعزم معاً علي إقتراف السعوديين خطيئة التطبيع إضافة لقائمة خطايا هذه الأسرة , فوجود هذه الأسرة حاكمة كان  من الأساس خطيئة ولقد أفاد وزير الخارجية أنتوني بلينكن أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لا يزال منفتحًا على التطبيع بشروط ومصطلح الشروط هذا هو في حقيقته مُوحي به من الصهاينة لإسباغ بطولة زائفة للسعودية توفر لهم مصداقية لدي قسم من الرأيين العربي والإسلامي كذلك من بين العبارات المُضللة التي يروجونها لصالح السعوديين العبارة التالية : ” إن المملكة العربية السعودية في وضع يمكنها من لعب دور مهم في الشؤون الفلسطينية وعملية السلام الأوسع”) , ومما يؤكد ذلك أن مسؤولاً صهيونياً كبيراً تحدث لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويته وقال إن “فرصة”أن يتحدث نتنياهو عن دولة فلسطينية “صفر , لكن هذا لا يعني أن السعوديين لا يستطيعون التحدث عن ذلك ” وأزيد أنا فأقول … : فليتحدثوا (أي ليقف جهدهم عند حد الكلام مجرد الكلام) , والدولة الفلسطينية المُستقلة هذه لن تكون دولة بالمعني المُتعارف عليه , فهذا المسؤول الصهيوني أوضح وقال :  “كما أوضح الكيان الصهيوني فلن يكون للفلسطينيين سيادة من حيث القدرة على امتلاك جيش أو الدخول في معاهدات مع إيران أو تهديد إسرائيل بأي شكل من الأشكال” , وقال نتنياهو في بيان في يناير2024 “أنه يجب أن يكون للكيان الصهيوني سيطرة أمنية على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن بموجب أي ترتيب في المستقبل المنظور” , وفي علامة محتملة على حساسية مسألة إقامة الدولة داخل الحكومة  الصهيونية قال مسؤول صهيوني :” إن محادثات التطبيع يتم التعامل معها حصريا من قبل نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر” , وقال مصدر أمريكي إن إدارة بايدن تعتقد أن نتنياهو مستعد لإبقاء احتمالات التطبيع الإسرائيلية السعودية حية ( ليستخدمها في التفاوض كحوافز يمكن التنكر لها وقت الحاجة) لكنه لم يظهر أي علامة على تخفيف مقاومته للتنازلات الصهيونية ويرجع ذلك جزئيا إلى احتمال زعزعة استقرار ائتلافه اليميني المتطرف الهش , وفي رحلته إلى الشرق الأوسط في يناير2024 استخدم بلينكن مطلب إيجاد طريق إلى إقامة الدولة الفلسطينية – والذي تم نقله خلال اجتماعات في تركيا والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية – لبلورة موقف إقليمي موحد للصهاينة ,  وقال للصحفيين إنه سيتعين على الكيان الصهيوني اتخاذ قرارات صعبة لضمان أمنه وتكامله على المدى الطويل في المنطقة  .

وفقًا لمقال نشره موقع أكسيوس في 31يناير2024 وكذا عمود في صحيفة نيويورك تايمز كتبه توماس فريدمان في 1فبراير2024 فإن إدارة الرئيس بايدن الديموقراطية تدرس مبادرة سلام جديدة كبرى في الشرق الأوسط لإنهاء الحرب بين  الكيان الصهيوني وحماس من خلال الاعتراف بسرعة بدولة فلسطينية مستقلة تمامًا ويطلق فريدمان على ذلك اسم “مبدأ بايدن”، الذي يصفه بأنه “كبير وجريء” وربما “أكبر عملية إعادة اصطفاف استراتيجي في المنطقة منذ معاهدة كامب ديفيد عام 1979″, والغرض الحقيقي من هذه الخطة هو مواجهة تراجع أرقام استطلاعات الرأي لبايدن والانتقادات المتزايدة لسياسته في الشرق الأوسط على الرغم من أن مبدأ بايدن المعلن عنه ليس لديه أي فرصة للتنفيذ على الإطلاق إلا أنه قد ينجح في زيادة عزلة الكيان الصهيوني (كيف يمكنه أن ينفذ إستراتيجيته تلك ووزير خارجيته بلينكن جاهر بهيوديته أمام العالم وهو يؤدي مهمته الدبلوماسية باسم الولايات المتحدة؟ ) فوفقًا لفريدمان، فإن مبدأ بايدن هو خطة سلام في الشرق الأوسط مكونة من ثلاثة أجزاء: (1) موقف أمريكي صارم تجاه إيران بما في ذلك الانتقام العسكري القوي ضد وكلاء إيران (2) ستسعى الولايات المتحدة إلى الاعتراف الآن أو قريبًا جدًا بدولة فلسطينية منزوعة السلاح تقودها سلطة فلسطينية بعد إصلاحها (كان السلطة شيئ تحول إلي Scrap  ويمكن إصلاحه) و(3) تحالف أمني أمريكي موسع إلى حد كبير مع المملكة العربية السعودية بهدف التطبيع السعودي الصهيوني إذا وافق الكيان الصهيوني على الجزء الثاني لهذا النهج الأمريكي الذي يعارضه الكيان الصهيوني الذي يشعر الآن لأكثر من أي مضي بخطورة دولة أنتج شعبها منذ 2005 مقاتلين إنضموا لكتلة إسلامية كحماس قادرة علي مواجهة دولة عقائدية كالكيان الصهيوني فلا يفي الحديد إلا الحديد فكل دول جوار الكيان الصهيوني جيوشها مفرغة من المكون العقائدي الذي تنتهجة بقوة حماس ولذلك سجلت وستسجل الهزيمة تلو الهزيمة مع جيش عقائدي كجيش التلال الصهيوني وهزيمة 1967 أوضح مثال لانها كانت بجيوش مفرغة من العقيدة الإسلامية مُلئت نفوس جنودها إما بالأفكار الليبرالية اوبخرافات النعرة القومية فهزمت شر هزيمة لانها كانت في مواجهة جيش عقائدي مؤمن بفكرة باطلة لكنه علي أي حال بها حق الإيمان , أما الجزء الثالث من خطة مبدأ بايدن فبعيد المنال أيضًا .

يقول توماس فريدمان في مقالته المُشار إليها أنه ” قد طال انتظار الجزء الأول وهو الرد الأمريكي الصارم على إيران ووكلائها ولكن هذا مجرد خطاب فارغ وبالنظر إلى مدى ضعف ردود الفعل الأمريكية على هجمات الوكلاء المدعومين من إيران فإن الرد العسكري الأمريكي الضخم وحده هو الذي لديه أي فرصة لوقف هجماتهم ومن الصعب تصديق أن الرئيس بايدن سيوافق على مثل هذا الرد علاوة على ذلك فإن حقيقة أن بايدن لم يأمر بعد بشن ضربات جوية انتقامية ردًا على هجوم 28 يناير2024 على قاعدة أمريكية في الأردن الذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين قد أدى إلى تآكل مصداقيته بشكل أكبر اما الجزء الثاني فهو الترويج لقيام دولة فلسطينية مستقلة منزوعة السلاح تحت سيطرة السلطة الفلسطينية المتحولة وهو محض خيال فالغرض الحقيقي من هذه الفكرة هو إنقاذ سياسة بايدن السيئة في الشرق الأوسط وجعله يبدو وكأنه صانع سلام في الداخل ولن يوافق الفلسطينيون ولا الصهاينة أبداً على هذا الاقتراح كذلك فإن القادة الإسرائيليون أوضحوا مراراً أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة بموجب حل الدولتين غير مطروح على الطاولة بسبب التهديدات الأمنية في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023 , ويري توماس فريدمان أن عقيدة أو Doctrine بايدن يُعد تسييساً منحرفاً للسياسة الخارجية الأمريكية يمكن أن يضر بشكل كبير .

بصرف النظر عن حقيقة أن الصهاينة لن يقبلوا خطة لتطبيع العلاقات مع المملكة السعودية بشرط إقامة دولة فلسطينية مستقلة فالمملكة  السعودية لن تقبل خطة عقيدة بايدن لأنها ستضع على الأرجح حماس مسؤولة عن إدارة هذه الدولة الجديدة والسعوديين يرفضون حماس كالصهاينة وربما أكثر فالسعوديين صهاينةعـــر كالإماراتيين وغيرهم , علاوة على ذلك ونظراً لكون عقيدة بايدن تبدو في المقام الأول محاولة يائسة لإنقاذ حظوظ الرئيس بايدن السياسية في الداخل فإن المسؤولين السعوديين سيكونون رافضين أيضاً كالصهاينة تأسيس دولة للفلسطينيين تجري في دمائهم عقيدة الإسلام الحق والميل للمقاومة مقاومة الظلم فهم يريدون شباب كمعظم الاشباب عندهم لديه ميل للتفاهة والإستمتاع المادي ومستكين قابل للظلم الذي يقدمه حكام العــرب علي أنه إستقرار فالظلم والإستبداد العربي إستقرار , وهناك مفكرين سياسيين أمريكيين كثر يعتقدون أن المسؤولين الفاسدين في السلطة الفلسطينية غير راغبين في الإصلاح أو التخلي عن السلطة وأن حماس وشعب غزة والضفة الغربية معاً يؤمنون بأن حماس مصرة على أنها لن تتخلى أبدا عن السيطرة على غزة  .

على الرغم من هذه العقبات الضخمة تصر إدارة بايدن رغم الاعتراضات الصهيونية على أن الدولة الفلسطينية المستقلة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية هي الطريق الوحيد للسلام ووفقًا لموقع Axios يفكر بعض مسؤولي إدارة بايدن في اعتراف الولايات المتحدة بفلسطين كدولة مستقلة كخطوة أولى لإنهاء الحرب بين الصهاينة وحماس وقد يشمل ذلك السماح للأمم المتحدة بالاعتراف بفلسطين كدولة عضو كاملة العضوية في الأمم المتحدة (تتمتع فلسطين حاليًا بوضع مراقب في الأمم المتحدة دون تصويت)  ويري الإعلام الأمريكي الموالي للصهاينة أن ما يسمى بعقيدة بايدن مخصص للاستهلاك المحلي فهي في نظرهم خطة عظيمة يستخدمها الحلفاء الإعلاميون لإدارة بايدن مثل توماس فريدمان وسي إن إن وإم إس إن بي سي للإشادة بالرئيس بايدن باعتباره زعيمًا عالميًا فعالاً وحاسمًا وإلقاء اللوم على رئيس الوزراء نتنياهو لعرقلة جهود السلام (إنه لا يعرقل جهود السلام ولكن ببقاءه فهو قادر علي قتلها)التي يبذلها بايدن إذا تم تنفيذها وإن هذه الخطة الساخرة ستكون بمثابة خطوة إلى الوراء بالنسبة للسلام في الشرق الأوسط وستشجع إيران ووكلائها الإرهابيين على توسيع هجماتهم .

أعتقد موقناً أن أهالي غـزة والضفة الغربية بعد 7 أكتوبر2023توحدوا علي فكرة المقاومة ولن تجدي عـقيدة بايدن ولا غيره نفعاً فهم مع دولة مستقلة عاصمتها القدس يحكمها من ذاد عنها بروحه وماله وأولاده ولا شأن لهم بسلطة أوسلوا الفاسدة القابعة في رام الله حيث مصانع إنتاج الفساد والفسدة , إن مكمن الضعف في الفكر السيتاسي الأمريكي أنه مازال قابع في زمن الحرب الباردة ومؤمن بصلاحية أفكارها في زمن ما بعد 7 أكتوبر2023ولذلك فإن عقيدة الرئيس بايدن تلك لن تكون مُثمرة .

يعتقد البعض علي سبيل المبالغة أن للبترول السعودي صلة مباشرة وقوية بالقرارات السياسية التي تصدر أو يمكن أن تصدر عن الإدارات الأمريكية علي إختلافها , إن هذا الإعقد يكون صحيحاً لكن ليس علي إطلاقه فله حدود دنيا وقصوي وفقاً للموضوع السياسي أو الإقتصادي أو العسكري ذا الصلة , فبالإضافة إلي التضليل المتعمد للأرقام المتعلقة بإنتاج البترول وخطط التوسع الرأسمالي في قطاع البترول لتقاطعهما مع الإستراتيجات الخاصة بالعمل الدبلوماسي السعودي والأمريكي في حالتنا تلك , كذلك فإن هناك قدراً مقصوداً من المُبالغة في قدرات السعودية علي المناورة مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بإستغلالها لعامل إنتاجها من البترول في علاقتها الثنائية بالولايات المتحدة عــموماً و بتحقيق الإتفاق الدفاعي وصفقات السلاح والبرنامج النووي المدني السعودي الذي تريد المملكة أن تساعدها الولايات المتحدة في تحقيقه خصوصاً,فللبترول حيز محدود في المناورات السياسية عموماً لأنه المعين الأول وربما الوحيد فلا بديل يكافئهفالسعودية تعتمد عليه في التنفس سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً , وقد أعلنت أرامكو السعودية في أول فبراير2024أنها ستقوم بتحديث توجيهات النفقات الرأسمالية في مارس 2024ويُعتقد أن الشركة يمكنها خفض النفقات الرأسمالية المخطط لها وهذا من شأنه أن يدعم مدفوعات الأرباح التي تتدفق في الغالب إلى الحكومة والتي يمكن إعادة استثمارها في القطاعات غير النفطية ولن يؤثر حجم هذه التغييرات المحتملة في النفقات الرأسمالية وأرباح أسهم أرامكو بشكل جوهري على الوضع الائتماني والمركز المالي للمملكة العربية السعودية أو أرامكو السعودية ولن يكون لها أي تصنيف , ومع ذلك فإن التغيير في استراتيجية الاستثمار النفطي يرسل إشارة إلى السوق بأنه لا ينبغي الاعتماد بشكل مفرط على المملكة العربية السعودية لاستيعاب أي زيادات مستقبلية في الاستهلاك أو انقطاع الإمدادات ويمكن أن يساهم القرار في تشديد سوق النفط إذا نما الاستهلاك العالمي للنفط بقوة بحلول نهاية عام 2030 واستمر تحول الطاقة ببطء , ويُتوقع أن يتم تزويد السوق بشكل جيد في عام 2024 على افتراض عدم حدوث اضطرابات كبيرة وسيعتدل نمو الطلب العالمي إلى 1.2 مليون برميل يوميا في عام 2024 من 2.3 مليون برميل يوميا في عام 2023 وفقا لوكالة الطاقة الدولية وسيتم تلبيته على نطاق واسع من خلال زيادات العرض من الدول غير الأعضاء في أوبك بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وجيانا ولا نتوقع ارتفاعًا قويًا في افتراضنا لسعر خام برنت عند 80 دولارًا أمريكيًا للبرميل لعام 2024 بسبب إعادة توجيه الشحن من البحر الأحمر نظرًا لوجود طاقة فائضة مادية لأوبك+ تزيد عن 5 ملايين برميل يوميًا , تنتج المملكة   السعودية أقل بكثير من طاقتها القصوى المستدامة البالغة 12 مليون برميل يوميًا حيث يبلغ متوسط الإنتاج 9 مليون برميل يوميًا في النصف الثاني من العام 2023 والمملكة العربية السعودية هي المورد الرئيسي الموازن حيث تمثل معظم الطاقة الفائضة لأوبك+ والمتوفرة لاستيعاب صدمات العرض المحتملة ومع ذلك فإن احتياطي العرض هذا يمكن أن يتضاءل تدريجياً إذا زاد العرض العالمي من خارج أوبك بشكل أبطأ من الطلب في السنوات القليلة المقبلة  .

إن أرامكو السعودية مملوكة بحصة الأغلبية من قبل حكومة المملكة العربية السعودية التي تسيطر على 90.18٪ من رأس مالها بشكل مباشر مع 8٪ أخرى مملوكة لصندوق الثروة السيادية في البلاد وشركته التابعة والباقي لمستثمرين خارجيين وكانت قد وجهت سابقًا أنها ستنفق ما بين 48 مليار إلى 52 مليار دولار أمريكي كنفقات رأسمالية في عام 2023 وربما أكثر في عام 2024 وما بعده والتي تضمنت مشاريع النمو التي من شأنها زيادة الطاقة القصوى المستدامة إلى 13 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2027 من 12 مليون برميل يوميًا حاليًا .

ربما يكون أحد الأسباب وراء رغبة المملكة العربية السعودية في الحد من إنتاج النفط هو أن الاستهلاك المحلي كان يرتفع بشكل واضح منذ بداية الألفية وفي حين تعتمد المملكة بشكل شبه حصري على المنتجات النفطية لتحقيق عائدات التصدير فإن لديها أيضًا عددًا متزايدًا من السكان الذين قد يشعرون بالاضطراب إذا انخفضت إمدادات النفط المستقبلية بسبب الحقول المرهقة واستنفدت .

في الواقع فقد أمرت وزارة الطاقة السعودية شركة النفط المملوكة للحكومة أرامكو السعودية بعدم تجاوز ما يسمى بالقدرة القصوى المستدامة الحالية البالغة 12 مليون برميل يوميًا من إنتاج النفط وبمعنى آخر أوقف أي خطط توسعية , وحتى مع زيادة الإنتاج المحلي الأمريكي على مدى العقد الماضي فإن ما يحدث لإنتاج النفط السعودي وصادراته يهم بشدة الولايات المتحدة والعالم بسبب حصة المملكة السعودية الساحقة من كليهما – 11.3 % من إنتاج النفط العالمي اعتبارًا من أكتوبر 2023 (بالنسبة للنفط الخام بما في ذلك المكثفات المستأجرة وهو تعريف النفط) و15.7% من الصادرات اعتبارًا من عام 2020 ولذلك فيمكن أن يكون للتغيرات في الإنتاج السعودي آثار غير متناسبة على أسعار النفط العالمية وإمداداته لكن جيولوجي البترول والمستشار آرت بيرمان قطع كل التكهنات حول السبب وراء هذه الخطوة بالإشارة إلى أن وزارة الطاقة السعودية كانت توجه فقط أرامكو للامتثال للقانون  .

إن إرتباط مسألة الإتفاق الدفاعي ذات إرتباط وحيد وواضح بما يعتقده السعوديين من خـطـر إيراني ممتد ومحيط جغرافياً بالـــســعــودية والحيز المــُتـــاح لعامـل البترول في هذا الأمر مـحـدود , فالطريقة التي تمكنت بها إيران من حشد ما يُسمى بمحور المقاومة بما في ذلك حماس والحوثيين بطريقة منسقة بعد 7 أكتوبر2023 كانت بمثابة تذكير صارخ للقيادة السعودية بالتهديدات الخطيرة التي يشكلها هذا المحور وداعمه الرئيسي أي إيران وذلك على الرغم من التقارب الذي توسطت فيه الصين بين إيران والمملكة العربية السعودية العام الماضي وجهود الرياض لبناء علاقات دبلوماسية واقتصادية أوثق مع منافستها القديمة , قال الأشخاص المطلعون على تفكيره إن محمد بن سلمان نفسه يركز أولاً وقبل كل شيء على إصلاح وتعزيز العلاقة الدفاعية مع واشنطن أصبح إثبات أن المملكة العربية السعودية مكانًا آمنًا على الرغم من الصراعات المحيطة بها أكثر إلحاحًا حيث تحاول البلاد جلب بعض أكبر الشركات والمستثمرين والسياح في العالم إلى البلاد وكل ذلك جزء من خطة طموحة لتحويل الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على النفط  .

قال مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وهي مؤسسة بحثية إنه على الرغم من علاقات السعودية المتنامية مع الصين فإنها تعتقد بقوة أنه لا توجد بدائل قابلة للتطبيق لعلاقاتها الدفاعية والأمنية مع واشنطن وقال دوبويتز المقرب من المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين والأمريكيين المشاركين في محادثات التطبيع إنه بالنظر إلى الحاجة إلى حكومة في الكيان الصهيوني ترغب في التفكير في حل الدولتين مع الفلسطينيين فإن تعزيز العلاقة الدفاعية الأمريكية السعودية قد يكون الحل الوحيد قطعة قابلة للتنفيذ على المدى القصير وقال إن الرسالة السعودية الآن إلى جميع المسؤولين الأمريكيين هي أننا “نحتاج إلى أمريكا وأمريكا تحتاج إلينا”.

تـــــقـــديـــر :

في التقدير أن الإتفاق الدفاعي بين المملكة السعـودية والولايات المتحدة الأمــريــكيــة هو الهدف الأولي للسعوديين فلا إرتباط جدي وملموس يُعقد بين هذا الإتفاق الدفاعي مـــســـألـة إقامة أو الإعتراف الأمريكي أو الصهيوني بالدولة الفـسـطينية أو حتي بالبرنامج النووي المدني السلمي الذي تريد السعودية مسادة أمـريكيـة لإقامته والدليل علي ذلك أن الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية الراحل كان قد أطلق وطرح مبادرة عام 2002 إستهدفت إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب الصهاينة من هضبة الجولان المحتلة مقابل  الإعتراف بــ وتطبيع العلاقات بين الدول العربية والكيان الصهيوني , منذ 20 عام وتحديدا منذ 2002 وحتي يومنا هذا بدأ تدريجياً تــطبــيــع سعودي / صهيوني شمل عبور الطائرات الصهيونية للمجال الجوي السعودي وتشغيل الممر البري اللوجستي لنقل البضائع والسلع من الإمارات مروراً بالسعودية فالأردن وصولاً للكيان الصهيوني مع الإحجام العلني عن دعم غــزة أو إستخدام التطبيع مع الصهيانة إستخداماً محدودا لإيصال إغاثات سعودية لـــغزة ولو عبر الأردن كما تصل البضائع عبر السعودية فالأردن للكيان الصهيوني والتي يُستخدم جزء منها لدعم المجهود الحربي الصهيوني ضد غــزة بالإضافة إلي حضور سعوديين ومشاركتهم في ندوات ومؤتمرات يُشارك فيها صهاينة بالإضافة إلي إستئناف محادثات من أجل التطبيع مع تغليفها بغلاف جهود مراسمية بشأن الإعتراف الصهيوني بدولة فلسطينية فالحديث عن أن السعوديين سيعقدون إرتباطاً بين تطبيعهم مع الصهاينة والإعتراف بالدولة الفلسطينية أمــر غير حقيقي وينفيه الواقع المُعاش, فالتطبيع بين الصهاينة والسعوديين بدأ بالفعل وكل ما تبقي رتوش منها الإعلان الرسمي العلني بإعتراف السعودية بالكيان الصهيوني وتبادل التمثيل الدبلوماسي معه , كل ذلك حدث علي مدي 24 عاماً ولم عترف فيهم الكيان الصهيوني وحكوماته المتعاقبة ومعظم إن لم يكن كل الأحزاب والتيارات السياسية في داخل هذا الكيان الصهيوني  بمحتوي مبادرة الملك عبد الله  , ويعلم الصهاينة تماماً أن السعوديين أدركهم الإحساس بعظم خطر إيران وبرنامجها النووي وتعلم السعودية بقدر مساو أن كل أذرع إيران في المنطقة تعتبر السعودية لديهم جميعاً هــدفـــاً مـــفـضــلاً وسهل المنال بحالته تلك وبقيادته الــمـــفــتـقدة إلي الإلتفاف الشعبي الكافي وإلي النخبة المحترمة فهي نخبة عابثة لا تجيد إلا المديح والإطراء علي عبقرية القيادة وإستبدادها وطغيانها أي نخبة فاقدة المصداقية هي الأخري , كما أن الصهاينة يعلمون أن السعوديين لن يحصلوا علي طلباتهم الثلاث وهي : الإتفاق الدفاعي وصفقات أنواع معينة من السلاح والبرنامج النووي بعون ومساعدة أمريكية إلا بموافقة صهيونية أي لن تتأتي الإستجابة لهذه الطلبات إلا بموافقة ورضاء من أيباك وتل أبيب  ولهذا فتلويح السعوديين بمسألة ربط التطبيع مع الصهاينة بمسألة الإعتراف بالدولة الفلسطينية ربط شكلي صوري ليس إلا , فالإرتباط الفعلي هو الذي بين التطبيع مع الصهاينة وبين التوصل للإتفاق الدفاعي وصفقات الأسلحة والبرنامج النووي بعون وموافقة أمريكية مع  تلك الإدارة الأمريكية أو التي تليها فالسعوديين يعنيهم في المقام الأول حماية أنفسهم من الخطر الإيراني الماثل فكان أولي بالسعوديين وأضرابهم  – إن كانوا صادقين – أن ينصروا غــزة قبل أن يتحدثوا عن الخطوة التالية لحرب غــزة التي يعلم القاصي والداني أنهم مع غيرهم من القادة الــعــرب العـــرايــا خارج سلطة ونفوذ الـتأثير العملي فيها , وعموماً فإنه أما وقد كشفت حرب غــزة سترهم وسريرتهم وحجمهم وأتضح جلياً أنه لا السعوديين ولا غيرهم أهل لهذه النــصــرة , “ولينصرن الله من ينصره إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ , فالنـصــرة حــكــر علي من ينصر الله سبحانه وتعالي فهل هـم فـاعـلـون  .

الـــــــــســـــــفــــيــــر : بــــــــلال الــــمـــــصـــــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – الـــــقــــاهــــرة / تـــحـــريـــراً في 7 فـــبــرايــــر 2024

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى