الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

السياسات العامة في مجال البيئة : تحديد مفاهيمي

اعداد : عبد الواحد بلقصري  – باحث في علم الاجتماع السياسي

  • المركز الديمقراطي العربي

 

السياسة العامة أو السياسات العامة هي الدليل الذي يحدد المبادئ للإجراءات التي تتخذها السلطات التنفيذية الإدارية لـلدولة[1]، وذلك فيما يتعلق بالقضايا التي تتماشى مع القانون والأعراف المؤسساتية، وبشكل عام، يتمثل أساس السياسات العامة في مدى الالتزام بالقانون الوطني الدستوري الأساسي ذي الصلة وكذلك لتنفيذ التشريعات، كذلك تشمل الأسس الأخرى كلاً من التفسيرات والأنظمة القضائية والتي يتم اعتمادها بشكل عام من خلال التشريعات. وفي هذا السياق تبرز لنا المفاهيم التالية :*1*

1-البيئة مفهوم يعرف تطورا في تعريفاته:

التعريف اللغوي ان لفظ البيئة في اللغة العربية اسم متشق ياء-يوء-بواء و مباءة ونظرة سيعة في معاجم اللغة يبين ان هذا الفعل قد استخدم في اكثر من معنى ومن هذه المعاني:   الاعتراف بالذنب و الاقرار به فيقال باء له بدنبه اي اعترف له بذنبه وباء ندم فلان اي اقربه. وفي معجم روبير البيئة هي مجموع الظروف الطبيعية و الثقافية و الاجتماعية القابلة للتأثير في الكائنات الحية و الانشطة الإنسانية؛ وفي اللغة الانجليزية جاء بمعجم تحت كلمتين؛ انها مجموعة الظروف الطبيعية التي يعيش بها الانسان ،أما التعريف الاصطلاحي فلقد عرفها مؤتمر الامم المتحدة للبيئة الذي عقد في ستوكهلم عام 1972 البيئة بانها رصيد الموارد المادية و الاجتماعية المتاحة في وقت ما لاشباع حاجيات الانسان وتطلعاته اما البيئة بمعناها الشامل فتعرف بانها مجموعة الظروف الخارجية الطبيعية و المؤترات التي تؤتر في كيفية حياة و تطور ما يعيشه في ظل هذه الظروف .[2]تستمد كلمة استراتيجية من الكلمة اليونانية والتي تعني الدهاء في المناورة العسكرية لتحليل العدو المبالغة او المفاجأة للعدو للتحقيق النصر. وظهر مصطلح الاستراتيجية في القرن التاسع عشر على يد هناريس في العلوم و الفنون العسكرية وانتقل المصطلح في القرن العشرين من دهن القائد العسكريين الى الدراسات الاكاديمية وبدء مرحلة جديدة في التنظير والتوثيق لهذه الوسائل او الاسلوب و المقصود بالاستراتيجية هي الخطة التي يقوم بوضعها للتكيف مع العالم المحيط بنا حتى تتمكن من المحافظة على سير العمل او تعرض على انها مجموعة القرارات والنشاطات المتعلقة باختيار الوسائل و الاعتماد على الموارد من اجل تحقيق الهدف . وجدير بالذكر أن “البيئة لا تحدد الطبيعة لوحدها، كما أنها لا ترادف الجغرافيا المادية أو علم البيئة، بل تشمل جميع العلاقات المتبادلة بين الإنسان والمجتمع والعناصر المادية للطبيعة”*2*

إن النظرة الأولية لتركيبة مصطلح السياسة البيئية تكشف عن المزاوجة التي يختزله المصطلح والمكونة من كلمتين بدلالتين وعمليتين يرتبط جزؤها الأول بالسياسات العامة والثاني بمفهوم البيئة حيث يحيل جزؤها المرتبط بمصطلح البيئة للبعد البيئي ” الأنظمة البيئية ” إلى جانب البعد الاجتماعي ” جودة الحياة ” البعد الاقتصادي ” إدارة الموارد “.

فيما يصل جزؤها المرتبط بالسياسات على مسار الإجراءات أو المبادئ المتبناة أو المقترحة المتداول بخصوصها من لدن الدولة ” الحكومة ” بهدف إيجاد حل للمشاكل الناتجة عن التأثير البشري على البيئة والذي ينعكس بالضرورة على المجتمع وعلى الطبيعة من خلال تأثيره على الصحة الجيدة والبيئة النظيفة والخضراء وتشتمل على القضايا البيئية التي تتناولها السياسة البيئية بشكل عام.*3*

2-البيئة بين اللغة والإصلاح:

شاع استعمال لفظ البيئة في مجالات وميادين عدة فأصبحنا نسمع عن ” البيئة الحضرية ” و ” البيئة الاجتماعية ” و ” البيئة الطبيعية ” إلى غير ذلك حتى خلنا أن هذه الكلمة مرتبطة بجميع مجالات الحياة ولقد شاع استخدام لفظ البيئة حيث أصبحت مرتبطة بجميع مجالات الحياة وبالرغم من ذلك فإن المفهوم الدقيق للكلمة ما يزال غامضا للكثير لاسيما انه ليس هناك تعريف واحد محدد يبين ماهية البيئة ويحدد مجالاتها المتعددة .

البيئة في اللغة مشتقة بوأ وهي في اللغة تأتي بعدة معاني نذكر منها ما لي المنزل أو الموضوع يقال تبوأت منزلة أي نزلته وبوأ له منزلا و بوأوه منزلا هيأه ومكن له فيه كما تعني في معنى ثاني الرجوع والاعتراف ويقال باء بحقه أي اعترف به وتعني أيضا التساوي والتكافؤ يقال باء دمه بدمه بواءا أي عدله وفلان بوأ فلان أن كافأه أن قتل به ولفظ البيئة من الألفاظ الجديدة في اللغة الفرنسية حيث أدخله معجم لاروس ضمن مفرداته عام 1972م ليعبر عنه مجموعة العناصر الطبيعية والصناعية التي تلزم حياة الإنسان[3]. ويعرف معجم اللغة الفرنسية  le petit robert البيئة بأنها مجموعة الظروف الطبيعية عضوية وكيميائية إحيائية والثقافية والاجتماعية، القادرة على التأثير على الكائنات الحياة و الأنشطة الإنسانية أما المجلس الدولي للغة الفرنسة فيعرف البيئة بأنها مجموعة العوامل الطبيعية والكيمائية و الحيوية والعوامل الاجتماعية التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر حالا أو مقبل على الكائنات الحية والأنشطة الإنسانية ويكأد الباحثون أن المعنى اللغوي لكلمة للبيئة يكاد يكون واحدا في مختلف اللغات فهو ينصرف إلى الوسط الذي يعيش فيه الكائن الحي بوجه عام كما ينصرف على الظروف التي تحيط بذلك الوسط أيا كانت طبيعته ظروف طبيعة أو اجتماعية أو بيولوجية والتي تأثر على حياة ذلك الكائن ونموه وتكاثره .

3-النظم البيئية وأنواعها :

ولا تشمل البيئة فقط ما هو طبيعي كالماء والهواء والتربة وأشعة الشمس بل تضم أيضا ما هو ثقافي أو حضاري وسياسي واقتصادي ويمكن تقسيم البيئة وفق توصيات مؤتمر ستوك هولم إلى ثلاث عناصر البيئة الطبيعية:*4*

وتتكون من أربعة نظم مترابطة ارتباطا وثيقا وهي الغلاف الجوي والغلاف المائي اليابسة والمحيط الجوي بما تشمله هذه الأنظمة من ماء وهواء وتربة ومعادن ومصدر للطاقة بالإضافة للنباتات والحيوانات.

  • البيئة البيولوجية: وتشمل الإنسان الفرد وأسرته ومجتمعه وكذلك الكائنات الحية في المحيط الحيوي وتعد البيئة البيولوجية جزءا من البيئة الطبيعية .
  • البيئة الاجتماعية: ويقصد بها ذلك الإطار من العلاقات الذي يحدد ماهية علاقة حياة الإنسان مع غيره والذي هو الأساس في تنظيم أي جماعة من الجماعات سواء مع أفرادها بعضهم ببعض في بيئة ما أم بين جماعات متباينة أو متشابهة معا و حضارة في بيئات متباعدة وتألف أنماط تلك العلاقات ما يعرف بالنظم الاجتماعية، واستحدث الإنسان خلال رحلة حياته الطويلة بيئة حضارية لكي تساعده في حياته فعمر الأرض واخترق الأجواء لغزو الفضاء كما أن هناك مجموعة من القوانين عملت على إعطاء تعريف للبيئة منها القانون المغربي 12.03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة بحيث عرف البيئة بأنها:” مجموعة من العناصر الطبيعية و المنشآت البشرية و العوامل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي تساعد على وجود و تغيير و تنمية الوسط الطبيعي و الكائنات الحية والأنشطة البشرية “

أما مصطلح البيئة فقد تعددت واتسع مفهومه حيث أنه يستخدم كثيرا على كافة المستويات العلمية مما أدى اكتسابه لمفاهيم متعددة بتعدد العلوم الإنسانية مما جعل البيئة من أكثر المفاهيم العلمية تعقيدا وأقلها فهما على الرغم من أنه أكثرها تداولا وأهمية وتأثيرا في مستقبل حياتنا*5*

وتعد كلمة البيئة بمعناها الاصطلاحي من الألفاظ الدخيلة في اللغة الفرنسية فلم تعرفها المعاجم الفرنسية إلا بعد عام 1972 إثر عقد مؤتمر ستوكهولم الذي نبه فيه لأول مرة لخطر التلوث المحدق بالبيئة بعدما كان مصطلح الوسط البشري milieu humain  هو المتداول ليدخل مصطلح البيئة ضمن مفردات معجم اللغة الفرنسية  grand larousse  la عام 1972م ليراد به مجموع العناصر الطبيعية و الصناعة الازمة لحياة الإنسان وقد وردت العديد من التعريفات الاصطلاحية للبيئة ضمن المعاجم الأجنبية حيث نجد مصطلح البيئة في الإنجليزية environnement  يدل على الظروف و الأشياء المحيطة بالإنسان والمؤثرة في نمو و تطور الحياة كما يستخدم للتعبير عن حالة الهواء و الماء و الأرض و النبت و الحيوان و الظروف المحيطة بالإنسان كافة كما يراد به مجموع العوامل التي تؤثر على نمو و تطور الكائن الحي .

3- الاصطلاح العلمي للبيئة :

تعرف البيئة في الاصطلاح العلمي بأنها : ” ذلك الحيز الذي يمارس فيه البشر مختلف أنشطة حياتهم وتشمل ضمن هذا الإطار كافة الكائنات الحية من حيوان و نبات والتي يتعايش معها الإنسان ” كما يعرف علم البيئة الحديثة الإيكولوجية البيئة بأنها الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان بما يضع من ظاهرة طبيعية و بشرية بها ويؤثر فيها ولقد أوجز إعلان مؤثر البيئة البشرية الذي عقد في ستوك هولم عام 1972م مفهوم البيئة بأنها كل شيء يحيط بالإنسان فيما يعرفها المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة البيئة على أنها مجموعة الموارد الطبيعية و الاجتماعية المتاحة في وقت معين من أجل إتباع الحاجات الإنسانية .*6*

كما تصطف مصطلحات أخرى تعبر بشكل أو بآخر عن معنى البيئة كمصطلح السكن الذي يطلق على الاستيطان أو المكان الطبيعي للكائن الحي و المصطلح إيكولوجيا التي تطلق على فرع من فروع علم الحياة والذي يعبر عن العلاقة بين الكائنات الحية و بيئتها و عموما فإن تلك المصطلحات تختلف استنادا للاستخدام، فعلى سبيل المثال يطلق مصطلح بيئة الكائنات الحية الدقيقة.

اذن؛ إن البيئة هي مستودع الموارد والخزان الشامل لعناصر الثروة الطبيعية المتجددة وغير المتجددة، وتتجلى في الأنظمة المائية والهوائية والتربة والمراعي والغابات والكائنات الحية والأنظمة الإيكولوجية الداعمة للحياة في هذا الكوكب، آما تمثل البيئة المحيط الطبيعي الذي تعيش فيه الكائنات الحية المختلفة في حالة توازن يضمن استمرارية عيشها وإنتاجها بما يخدم الإنسان وحاجياته الأساسية، ويتبع ذلك بالضرورة المحيط البيئي الناتج عن أنشطة الإنسان الاقتصادية والاجتماعية. والحال أن البيئة تتعامل مع مزيج من العناصر الطبيعية (مجال القوى الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية) والعناصر الاجتماعية والاقتصادية التي تشكل الإطار والظروف المعيشية للفرد والسكان والمجتمع المحلي على مستويات مجالية مختلفة.

على سبيل الختم :

بما أن عناصر البيئة هي المورد الأساسي لأنشطة الإنسان وحضارته، فينبغي التبصر في استغلالها وترشيدها ومراعاة محدودية قدراتها الإنتاجية والاستيعابية بما يضمن رفاهية الأجيال القادمة واستمرارية الحضارة الإنسانية، ولذلك فهناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المؤسسات الحكومية في رسم السياسات ووضع القوانين والتشريعات اللازمة للمحافظة على سلامة وفاعلية الأنظمة البيئية وحمايتها من التلوث والتدهور.

يشمل مفهوم البيئة العديد من البيانات؛ كالمواد الكيميائية والعوامل الفيزيائية وأسلوب الحياة والسلوكات بالإضافة إلى التأثيرات الاجتماعية والثقافية كالأسرة والمجتمع والعوامل النفسية والاجتماعية.

لائحة المراجع والهوامش :

  • الفهداوي فهمي خليفة، السياسة العامة منظور كلي في البيئة والتحليل، دار المسيرة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2001: ص 33.
  • كمال الدين حكيم وآخرون، البيئة في الدول النامية، مكتبة عين شمس، القاهرة، 1975، ص 6.
  • Yvette Veyret, Richard Laganier, Helga-Jane Scarwell, L’environnement: Concepts, enjeux et territoires, Armand Colin, Paris, 2017.
  • كمال الدين حكيم وآخرون، مرجع سابق ص 6.
  • Webstar’s third new internationally dictionary, voll, 1986,p 760.
  • القانون المغربي رقم 12.03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة.
5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى