التوقـيــت الــحـــرج لقــــــمة ” MED9 ” في قــــــبـــرص الــيــونـــانـــيــة
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
إستضافت جمهورية قبرص اليونانية لأول مرة في منتجع مينثيس بمدينة بافوس القبرصية اليونانية في 11 أكتوبر2024قمة MED9 الحادية عشرالتي شارك فيها رؤساء حكومات جميع الدول الأوروبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط ورئيس المفوضية الأوروبية وكذلك ملك الأردن وولي عهده تلبية لدعوة وُجهت إليه من رئيس قبرص اليونانية (حضر هذه القمة رؤساء فرنسا واليونان وإسبانيا وإيطاليا وكرواتيا ومالطا وسلوفينيا ومثل البرتغال وزير خارجيتها ومثل إسبانيا وزير الشؤون الأوروبية) ووفقاً للمعلن فإن هذه القمة عنيت بطرح الأولويات المتوسطية للفترة المقبلة على الطاولة ومن بينها قضية الهجرة وهي القضية التي تهم العديد من البلدان المشاركة والتي مثل قبرص تعمل كنقاط استقبال أولى لتدفقات موجات الهجرة وفي هذا الشأن حرص الرئيس القبرصي اليوناني على ضرورة تطبيق ميثاق الهجرة بشكل متوازن مع البعد الخارجي للقضية وقد سبق قمة زعماء الجنوب الأوروبي اجتماعات ثنائية أعقبها غداء عمل تم من خلاله مناقشة التطورات في الشرق الأوسط في غزة ولبنان والضفة الغربية واجتماعي عمل متتاليين الأول ركزا على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والأردن وفي الجزء الثاني جري مناقشة أولويات البحر الأبيض المتوسط فيما يتعلق بالدورة المؤسسية الجديدة للاتحاد ووفقاً لممثل الحكومة القبرصية فقد أُثيرت أيضاً قضية تغير المناخ وإعادة تفعيل المبادرة القبرصية لشرق البحر الأبيض المتوسط ومن المتوقع أيضًا أن يكون التركيز على القدرة التنافسية والتي تعد أيضًا على جدول أعمال المجلس الأوروبي الذي سيجتمع الأسبوع المقبل وهي قضية مهيمنة في الاتحاد الأوروبي خلال هذه الفترة وفي هذا السياق سلط الرئيس القبرصي اليوناني الضوء على أهمية الاستثمارات الكبيرة وتقليل التبعيات بهدف جعل الاتحاد الأوروبي أكثر قدرة على المنافسة وكذلك الحاجة إلى تعزيز صناعة الدفاع الأوروبية لتحقيق المزيد من الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي” حسبما أفاد المتحدث باسم الحكومة القبرصية اليونانية كونستانتينوس ليتيمبيوتيس .
فيما يتعلق بمشاركة الأردن فقد تخللت قمة MED9 جلسة عمل حول الشرق الأوسط وفي سياقها عرض ملك الأردن آخر التطورات في المنطقة كما تم صياغتها ومن المتوقع أن يُناقش في هذه الجلسة البحث على ضرورة تهدئة الأزمة خاصة بعد انتشارها في لبنان وضرورة اتخاذ مزيد من المبادرات لحماية المدنيين ودعم الشعب اللبناني فضلا عن تنفيذ قرار مجلس الأمن 2735 والعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والأردن كذلك وحسب المعلومات التي أُتيحت فإن الملك عبد الله يعتزم تقديم عرض مفصل لقادة دول البحر الأبيض المتوسط سيشير فيه إلى الأحداث المزعجة للغاية التي تتكشف في جوار جنوبي المتوسط والتي يلعب فيها الأردن دوراً دبلوماسياً رائداً (!!!!!!) كما سيحلل أفكاره ومخاوفه واقتراحاته بشأن ما يجب القيام به لتحقيق التهدئة وإنهاء الأزمة التي تمتد إلى لبنان أيضًا (!!!!!؟) وعلق المتحدث بأسم الحكومة القبرصية اليونانية المُستضيفة لقمة MED9 أنه : “بصرف النظر عن القضايا الناشئة عن الأعمال العدائية في المنطقة فإن وجود العائلة المالكة الأردنية في قمة تسع دول أوروبية يوفر فرصة لمناقشة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والأردن بشكل متعمق ومواصلة تعزيز التعاون ومن بين أمور أخرى من المتوقع أن تتم مناقشة المبادرة القبرصية الأردنية لإنشاء مركز إقليمي لمكافحة حرائق الغابات يكون مقره في قبرص بحيث يكون هناك تواجد دائم للمركبات الجوية التي يمكنها التدخل بشكل مباشر في المنطقة” .
ما له أهمية خاصة حضور العاهل الأردني الملك عبد الله في القمة ، فهو وليس غــيـره من سيناقش مع قادة مجموعة MED9 آخر التطورات في الشرق الأوسط بإعتباره أحد الأمناء علي قضايا العروبة ؟؟؟؟!!!!بالإضافة إلى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والأردن.
وفقاً لمصدر صحفي قبرصي يوناني فمن المتوقع عند انتهاء الاجتماع أن تصدر الدول التسع إعلانا مشتركا فيما سيعقد مؤتمر صحفي بشأن الأحداث وكجزء من العمل تم التخطيط لسلسلة من الاجتماعات الثنائية لإجراء مناقشات أكثر تخصصًا بين المشاركين وسيعقد الرئيس القبرصي اليوناني نيكوس خريستودوليديس اجتماعاً خاصاً مع رئيسي سلوفينيا وكرواتيا بالإضافة إلى ملك الأردن ونظرا لازدحام عدد كبير من رؤساء الدول فمن المتوقع أن تكون الإجراءات الأمنية ملحوظة بشكل خاص في أماكن الاجتماع .
ألقت رئيسة المفوضية الأوروبية السيدة أورسولا فون دير لاين كلمة في هذه قمة كان أهم ما فيها ويُلقي ضوءاً علي علي رؤيتها ورؤية المُشاركين بشأن هذه القمة :
“…. أولاً سنناقش بعد ظهر اليوم الشرق الأوسط وهذا أمر بالغ الأهمية في هذا الوضع . إن الهجوم الصاروخي الباليستي الضخم الذي شنته إيران مؤخراً ضد إسرائيل يشكل تصعيداً خطيراً وتهديداً للاستقرار الإقليمي وأود أن أجدد دعوتنا إلى وقف الأعمال العدائية في أقرب وقت ممكن من أجل إيجاد مساحة للتوصل إلى حل دبلوماسي على طول الخط الأزرق ويجب أن يكون هذا متسقاً مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 وأود أن أشكر قبرص على استعدادها العملي للمساعدة في عمليات الإجلاء المحتملة من لبنان والسيد الرئيس كما وصفتم منذ شهور عملكم الناجح في توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة .
ثانياً سنلتقي بالملك الأردني فالأردن بالنسبة لنا شريك استراتيجي ففي هذه الأزمة يلعب الأردن دوراً محورياً في استقرار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المتقلبة والمعقدة ولكن بعد هذه الأزمة أيضاً فإن الأردن صديق مهم، وكما قلت شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي لذا سنستغل الفرصة لمناقشة شراكتنا الثنائية . لقد التقيت بالملك عبد الله قبل أسبوعين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وأكدت له دعم الاتحاد الأوروبي طويل الأمد للازدهار والإصلاحات في الأردن .
ثالثاً سوف نناقش الأولويات الأوروبية للسنوات الخمس المقبلة ولدينا جدول أعمال واسع النطاق كما يمكنكم أن تتخيلوا وأولويتنا الأولى هي القدرة التنافسية ونحن لا نريد لأوروبا أن تلحق بالركب فحسب بل نريد لأوروبا أن تقود العالم ولتحقيق هذه الغاية علينا بالطبع أن نؤدي واجباتنا المنزلية سواء كان ذلك من خلال تقليص البيروقراطية حتى تتمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم وصناعاتنا من العمل بشكل أفضل أو خفض أسعار الطاقة لقد نجحنا في خفض أسعار الطاقة ولكنها لا تزال مرتفعة للغاية من الناحية البنيوية .
وبالطبع نريد أن نتحدث عن أولوية أخرى وهي الهجرة فالهجرة تحدٍ أوروبي وتتطلب حلولاً أوروبية بدأت جهودنا المشتركة بشأن الهجرة تؤتي ثمارها و إذا نظرت إلى أرقام الوافدين غير النظاميين في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام فقد شهد طريق وسط البحر الأبيض المتوسط وهو أحد أكثر الطرق ازدحامًا تاريخيًا انخفاضًا بنسبة 64٪. كما شهدنا انخفاضًا بنسبة 75٪ على طريق البلقان لكن طرق الهجرة تتطور باستمرار فنحن نشهد الآن زيادة في الوافدين إلى اليونان وجزر الكناري الإسبانية وهذا يتطلب جهدًا مستمرًا واهتمامًا مستمرًا . إن ميثاق الهجرة واللجوء الخاص بنا هو خريطة الطريق المشتركة لذلك يجب أن نركز الآن على جعل الميثاق حقيقة على أرض الواقع والمفوضية مستعدة لتقديم الدعم اللازم لدولنا الأعضاء وبالتوازي مع ذلك سنواصل عملنا العملياتي بعبارة أخرى سنواصل دعم الدول الأعضاء في تعزيز مراقبة الحدود ومكافحة التهريب والاتجار والعمل على العودة وأنا أعلم أن قبرص أحرزت تقدماً جيداً في إدارة إجراءات اللجوء والعودة وسنواصل بناء علاقات استراتيجية مع دول المنشأ والعبور الثالثة مع التركيز بشكل أساسي على البحر الأبيض المتوسط عزيزي نيكوس لقد رأينا مع لبنان مدى أهمية التعامل مع الدول الشريكة وأن هذا النوع من المشاركة يجلب نتائج بالتأكيد .
بشأن الوضع في الشرق الأوسط قال الرئيس القبرصي اليوناني نيكوس خريستودوليديس في المؤتمر الصحفي بعد اختتام أعمال قمة الدول المتوسطية التسع الأعضاء في الاتحاد الأوروبي(MED9) في بافوس في 12 أكتوبر2024: “إننا جميعًا متفقون على أن المشكلة القبرصية هي مشكلة أوروبية” وأوضـــح قوله : إنهم ناقشوا أيضًا التطورات في المنطقة مشيرًا إلى أن “هدفنا المشترك يظل إنهاء أي أعمال عدائية ” وأن الأردن يشكل ركيزة الاستقرار والأمن في المنطقة ويلعب دورا رئيسيا في التطورات وجهود تعزيز السلام وقال الرئيس القبرصي اليوناني إن وجهة نظر العاهل الأردني كزعيم لدولة مهمة للغاية في المنطقة كانت قيمة ومفيدة بشكل خاص وأنه لوحظ في الإعلان الذي تم تبنيه أن الوضع في الشرق الأوسط يثير قلقا شديدا وكذلك انتشار الأزمة في لبنان و”يظل هدفنا وسعينا المشترك هو إنهاء أي أعمال عدائية وتهيئة الظروف لاستئناف العملية السياسية فيما يتعلق بالشرق الأوسط، من أجل التوصل إلى حل يستند إلى قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق ذلك وأكد الرئيس أن “السلام المستدام والدائم في المنطقة”وقال: إننا ندعم الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وفرنسا إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة لتحقيق وقف إطلاق النار ونعتبر أنه من الضروري التنفيذ الكامل والفوري لقرار مجلس الأمن رقم 2735 وأضاف أنه في الوقت نفسه فإن وقف إطلاق النار الفوري في كل من غزة ولبنان والإفراج عن جميع الرهائن وتوفير المساعدات الإنسانية دون عوائق أمر بالغ الأهمية وقال في الوقت نفسه إننا نعتبر أيضا أنه من الضروري ضمان سيادة كل من إسرائيل ولبنان ونحن على استعداد لدعم السلطة الفلسطينية ولبنان على مستوى المؤسسات والأشخاص وأضاف أنهم في هذا السياق ناقشوا أيضًا مع الملك والقادة الآخرين الطرق المحددة التي يمكن من خلالها وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة” وعن غزة أشار إلي أنه : “تجدر الإشارة إلى أن ممرنا الخاص الممر البحري لقبرص “أمالثيا” الذي قمنا بتنفيذه بدعم نشط من شركائنا وكذلك المفوضية الأوروبية يظل خيارا موثوقا به ويعزز أيضا الطرق الأخرى في المقام الأول البرية ولكن أيضا الجوية ”
أشار موقعVIJESTI في 10 أكتوبر2024إلي ما قاله أحد مستشاري الرئيس إيمانويل ماكرون الذي لم يكشف عن اسمه : أن هناك رغبة في أن تشمل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه البحر الأبيض المتوسط القضايا التقليدية للأمن المدني مثل حرائق الغابات وكذلك النقل والطاقة والقدرة التنافسية وأضاف : “أن نفوذنا في الشرق الأوسط محدود لكن الأمر يتعلق ببناء التقارب مع أوروبا وأضاف أن “مؤتمر ميد 9” سيناقش أيضا تعزيز المساعدات الإنسانية لغزة “وستكون هذه فرصة أيضًا لمناقشة كيفية تمكين الاتحاد الأوروبي من المشاركة بشكل أكبر في الضفة الغربية والحاجة إلى تعزيز السلطة الفلسطينية” ويناقش الاتحاد الأوروبي أيضًا فرض عقوبات جديدة وموسّعة في هذا المجال .
تـــــــــقـــــديــــــر مـــــــوقــــــــــف :
قـــــمـــة MED9 الحادية عشر تــعد في حد ذاتها حدثاً عادياً ومتوقعاً لكن هناك أمران يسترعيان النظر مـــلــيـاً وهما :
الأول : أنه يتعرض لمناقشة تداعيات طوفان الأقصي وتداعياتها علي الأقليم كله أو الحرب في غزة ولبنان وجبهات الأسناد المختلفة وإيران بهدف وقف الأعمال العدائية لكن هذه القمة لم تشر إلي كيفية تحقيق ذلك كما لم تشر إلي الجهود الأمريكية المزعومة والتي توقفت لتحقيق وقف إطلاق نار ولم تشر إلي جولات التفاوض الفاشلة في الدوحة والقاهرة لتحقيق وقف إطلاق نار وإطلاق سراح الأسري الصهاينة الذين في قبضة حــــــمـــاس , ولذلك يمكن القول بيقين أن قمة MED9 تعي وتدرك أن الأمريكيين يحتكرون العمليات التفاوضية في الشرق الأوسط منذ أول إتفاقية سلام أُبرمت بين مـــصـــر والكيان الصهيوني في 26 مارس1979 وأنهم بكل تراثهم التفاوضي في الشرق الأوسط فشلوا في تحقيق وقف إطلاق نــار أو ســلام مــا لأسباب مختلفة أهمها الدور المزدوج بل والتآمري للدبلوماسية الأمريكية في هذه المفاوضات التي تجري وآلة الحرب الأمريكية تنسق بل تدير الحرب والدمار علي جبهتي غـــزة ولبنان معاً فكيف يتأتي للأوروبيين في قمة MED9 الحادية عشر تحقيق هذا الهدف العزيز؟ لابد أن إذن تكون قـــمـــة MED9 الحادية عشر تم عقدها لــهدف آخـــر ذا صلة بالحرب وتداعياتها المحتملة .
الـــثــاني : دعوة الملك عـــبد الله ملك الأردن وولي عهده لللمشاركة في قمة MED9 الحادية عشر تؤكد الــهدف الآخر المطلوب من الأوروبيين تحقيقه وهو كما أشرت ذا صـــلة وثـــــيـــقـة بالحرب الجارية في لبنان وغزة وتداعياتها بل ونتائجها المحتملة هذا إن لم يكن هذا الهدف ذا صلة بجهد تمويلي ولوجيستي مطلوب من الأوربيين تحقيقة والتنسيق بشأنه مع الملك عبد الله وولي عهده خاصـــة وأن حلف شمال الأطلسي NATO قد أعلن في 12 يوليو 2024عن قراره بشأن أخــتـياره للأردن لاستضافة أول مكتب اتصال له في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا علي أن يتولى رئيس مكتب الاتصال التابع لحلف شمال الأطلسي المُقيم في في الأردن التواصل مع السلطات في المملكة الأردنية الهاشمية ويتحرك بصفة متكررة ما بين عمان وبروكسل حيث مقر الحلف , ورغم أن الأردن ليس عضوًا في حلف شمال الأطلسي NATO)) إلا أنه كان الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي ساعدت الولايات المتحدة وحلفائها في مواجهة وابل الصواريخ والطائرات بدون طيار الذي بلغ 300 صاروخ أطلقتها طهران في هجوم مواجهة مباشرة غير مسبوقة بين إيران وإسرائيل ووفقاً لبيان صادر عن حلف شمال الأطلسي في 10 يوليو2024 : فإن هذا القرار الذي اتخذه الحلفاء خلال قمة حلف شمال الأطلسي عام 2024 بعد مناقشته عام 2023 يُشكل “علامة بارزة مهمة في الشراكة الاستراتيجية العميقة بين الأردن والحلف” وتقدير لمكانة الأردن (كداعم موثوق للكيان الصهيوني) – كما يراها الحــلــف – كرمز للاستقرار في السياقين الإقليمي والعالمي وفقاً لما جاء في بيان قمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس في يوليو 2023وسيعمل هذا المكتب التمثيلي، على تسهيل التفاعل المنتظم بين حلف شمال الأطلسي والسلطات الأردنية لتعزيز الفهم الأكثر شمولاً للظروف الوطنية والإقليمية (لصيانة ودعم أمن الكيان الصهيوني) .
الأمـــر الذي يثير علامات إستفهـام ويدعو للإستغراب والدهشة مـعـاً أن الإعلام القبرصي وبكل جرأة وصف قبرص اليونانية الضعيفة المُقُسمة والتي كل أهميتها الجيوستراتيجية أنها مجرد مـــحطـــةStation وصول أو مُغادرة ووصف الأردن الضعيفة التي كل وظيفتها في جيوستراتيجة الشرق الأوسط أنه منطقة عازلةBuffer Zone لحماية الكيان الصهيوني ليس أنهما قوتي استقرار في المنطقة , وبالتاكيد فإن عملية الإحماء هذه والتضخيم في دور هذين الكيانين السياسيين الضعيفين مـــقدمة ليس إلا لأداء أدوار مطلوب منهما أداءها وبكل إنضباط ولهذا جري إعدادهما في الفترة التي أعقبت طوفان الأقصي في 7 أكتوبر2023 فأختيرت الأردن لفتح مكتب إتصال لحلف الأطلنطي بها في يوليو2024 وفي 29 أكتوبر 2023 مدير الإعلام العسكري في القوات المسلحة الأردنية العميد الركن مصطفى الحياري: نحن طلبنا من الجانب الأميركي تعزيز منظومتنا الدفاعية – الدفاع الجوي الأردني – بصواريخ باتريوت صرح لتعزيز منظومته الدفاعية(خدمة لأمن الكيان الصهيوني للوقاية من إستهداف إيران واليمن للكيان الصهيوني , أما قبرص اليونانية فقد صرح المدير التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية تيد دويتش بما يلي حول قرار متوقع من الإدارة الأمريكية بشأن قـرار أمريكي محتمل لرفع قيود حظر السلاح الأمريكي على قبرص: “إن رفع حظر الأسلحة الذي فرضته الولايات المتحدة على قبرص وفقًا لقانون شراكة الأمن والطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط في عام 2020 كان بمثابة نقطة تحول في العلاقات بين البلدين”وأوضح دويتش والنواب كريس باباس وجوس بيليراكيس أن “قبرص تثبت باستمرار أنها شريك قيم للولايات المتحدة وإسرائيل في الجهود الرامية إلى تطوير السلام والاستقرار (لمصلحة الكيان الصهيوني بالطبع) والتعاون في شرق البحر الأبيض المتوسط فسيضمن قانون إنهاء الحظر على قبرص استمرار الحياة” وفي بيان صدر في هذه المناسبة عن المعنيين بإصدار مشروع هذا القانون أنه : “بالنظر إلى هذه الشراكة القيمة وتاريخ السلوك المسؤول يجب أن تكون قبرص قادرة على شراء الأسلحة والذخيرة من أجل أمنها الخاص وسيوفر مشروع القانون هذا الأموال لحماية سيادة قبرص وزيادة إمكانية التشغيل البيني مع الجيش الأمريكي الذي تم التأكيد على أنه قوي حاليًا وفعال وسيؤدي ذلك إلى تعميق الشراكة.”
إذا تم إقرار مشروع هذا القانون لن يتمكن أي وزير خارجية أمريكي من بعد الآن من رفض بيع الأسلحة والمعدات الدفاعية إلي قبرص اليونانية لكن ورد في نص القانون أنه لن يقيد الحكومة الأمريكية إذا كان هذا الرفض يستند لدوافع سياسية أو إنتهاكات لحقوق الإنسان .
سبق أن أصدرت الولايات المتحدة في سبتمبر 2020 قرار سنوي برفع الحظر عن السلاح الأمريكي من علي الحكومة القبرصية اليونانية ووقتذاك نشر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو رسالة على حسابه على تويتر قال فيها: “إن جمهورية قبرص هي شريكنا الرئيسي في شرق البحر الأبيض المتوسط ويسعدني أن أعلن أننا سنعمق تعاوننا الأمني في السنة المالية المقبلة في العام المقبل سنرفع القيود المفروضة على بيع المواد والخدمات الدفاعية غير الفتاكة المفروضة على جمهورية قبرص للعام المالي 2021 مؤقتا” , وإتصالاً بذلك وقعت قبرص والولايات المتحدة في 9 سبتمبر2024 في حفل خاص بوزارة الدفاع القبرصية بحضور رئيس أركان قوات الدفاع القبرصية الفريق جورج تسيتسيكوستاس والسفيرة الأمريكية لدى قبرص جولي فيشر علي اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي تحدد الطرق التي يمكن للبلدين من خلالها تعزيز استجابتهما للأزمات الإنسانية الإقليمية والمخاوف الأمنية بما في ذلك تلك الناشئة عن تغير المناخ وعقب التوقيع علي هذه الإتفاقية الإطارية ولإدراك أهمية هذا التطور في علاقات أو رؤية الولايات المتحدة لعلاقاتها مع جنوب قبرص اليونانية فيكفي أن نعرف أن هذه الإتفاقية الإطارية تنهي سياسة أمريكية استمرت 50 عامًا لفرض حظر على الأسلحة فرضته الولايات المتحدةعلي جمهورية قبرص اليونانية بناء علي وضع ورؤية سياسية كانت مستقرة حتي إندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير2022 وبعدها الحرب في غزة في 7 أكتوبر2023والتي هـدمت وحطمت نظرية الأمن الصهيوني تماما .
بالتالي ووفقاً لإعداد الولايات المتحدة للأردن وقبرص اليونانية لأداء أدوار فسُيطلب منهما أداءها في المستقبل القريب والبعيد ذلك أنهما يجري دمجمهما في الإستراتيجية العسكرية الأطلسية علي الصعيدين اللوجيستي والجيوسياسي وبالتالي فلا يمكن أن يُعقل منطقياً أن قمة MED9 الحادية عشر تبحث عن حل للحرب الدائرة في لبنان وغزة بمعزل عن الولايات المتحدة التي أعلنت أنها مع تدخل صهيوني عسكري محدود في جنوب لبنان وكانت ومازالت مع وتدعم التدخل العسكري الصهيوني في غزة وجنوب لبنان طبعا بتموين منتظم من الذخائر والمعدات العسكرية المتنوعة والإمداد المنظم والمضطرد بالمعلومات الإستخبارتية من مجمع المخابرات الأمريكي الذي يعمل بكل أمانة وإجرام مع آلة الحرب الصهيونية الضعيفة لولا هذا الدعم الأمريكي والعربي (الرسمي) المنتظم والمضطرد .
الأمر المهم أنه لا يصح الإعتقاد بأن أن النظم الأوروبية الحاكمة بآلة ديموقراطية ليست حرة وفي قبضة الشعوب الأوربية – كما نتخيل خطأ – تعمل بمعزل عن السياستين الأمريكية والصهيونية ومن ثم فقمة MED9 الحادية عشر ليست عملاً منفصلاً عن الخطة الأمريكية / الصهيونية التي مازالت لم تستوعب دروس إنتفاضة الأقصي لكنها تحاول الإنحراف المدروس عن طريق الحقيقة العارية الآن وهي أن الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر2024 يوم إنطلاق إنتفاضة الأقصي غير ذلك الزمن السابق لهذا اليوم وعليه فقمة MED9 الحادية عشر ليست عملاً في إعتقادي بريئــــاً أو نـــزيـــهـــاً والدلائل عديدة فمثلاً :
1- لم تشر تماما ولم تستخدم رئيسة المفوضية الأوروبية السيدة أورسولا فون دير لاين في كلمتها أمام قمة MED9 الحادية عشر في قبرص اليونانية كلمة : “إبادة جماعية” لما تحدثه آلة الحرب الصهيونية في غـــزة .
2- دعوة الملك عبد الله وولي عهده لهذه القمة مدعاة للشك خاصة أن دوره بلا شك داعم للكيان الصهيوني عسكرياً ولوجيستياً وسياسياً كغيره من الأدوات العربية الذين لا يصح وصفهم بالحكام .
3- إن مجموعة الدول المشاركة في قمة MED9 معروفة أيضًا باسم EU Med وهي مجموعة تضم تسع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي مهتمة بالبحر الأبيض المتوسط وقد تأسست هذه المجموعة MED9 في عام 2013 وتدور مداولاتها حول الأمن والهجرة لكنها إجتمعت هذه المرة في في قبرص اليونانية يوم 11 أكتوبر2024 لتركز بشكل خاص على تداعيات الضربات الجوية العسكرية الإسرائيلية على لبنان وسوريا وعلى تدفق المهاجرين كما أنها لم تدع تركيا لقمة MED9 الحادية عشر رغم أن هذه القمة ناقشت القضية القبرصية وقضية المهاجرين وتركيا معنية بها لأنها إحدي ثلاث دول ضامنة لإستقلال قبرص كما أن لها علاقة تلاحم ودعم لجمهورية شمال قبرص التركية كما أن تركيا دولة عبور رئيسية للمهاجرين واللاجئين وخاصة الفارين من الصراعات في الشرق الأوسط ومعروف للكافة أن تركيا لعبت دورًا رئيسيًا في وقف المهاجرين غير الشرعيين ومنع الاتجار بالبشر وبالتالي فعدم دعوة لهذه القمة يعني أن أي سياسة للهجرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط سوف تفتقر إلى المدخلات الحاسمة من البلد الأكثر تأثراً بهذه الحركات، مما يجعل مثل هذه السياسات غير فعالة , وهذا كله يؤكد أن موضوع غزة ودعوة الملك عبد الله وولي عهده هو المُستهدف من هذه القمة التي وفقاً لهذا الإستنتاج قمة أرادها الأمريكيين والصهاينة لترتيب أمور تقع في نطاق التداعيات المُحتملة لحربي غــــزة وجنوب لـــبـــنان .
4- إخـتــيـــار قـــبرص اليونانية لإستضافة هذه القمة أمر لا يدعو للإطمئنان خاصة وأن الأمريكيين يقومون علي قدم وساق بإعداد قبرص اليونانية وتهئتها منذ تركيبهم للميناء المؤقت الفاشل أمام ساحل غزة بإعدادها للإضطلاع بدورما يرتبط بتداعيات حربي غزة وجنوب لبنان – كما أوضحت ذلك – فالعلاقات الأمريكية / القبرصية اليونانية شهدت قفزة غير مسبوقة بعد طوفان الأقصي في 7 أكتوبر2023 .
5- لم نسمع في البيان الختامي أو أي من تصريحات المشاركين في هذه القمة عن إجراء أو فعل عملي أو جدي أو حتي دعائي يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة أو جنوب لبنان أو حتي تنظيم مفاوضات مع أطراف الحربين أو تعيين مبعوث أوروبي عن قمة MED9 لفعل أي شيئ .
كل ما أرجوه ومن باب الحيطة والــحذر أن يجري المزيد من التحري والتقصي عن قمة MED9 الحادية عشر سواء مدخلاتها أو مخرجاتها فوجود الملك عبد الله وولي عهدة ودعوته لهذه القمة كفيل بإثارة كل الشكوك فتاريخه الشخصي والعائلي غير مــــُشرف وخالي من العروبة والوطنية وبناء علي ذلك أضيف أنه من الحصافة خاصة ونحن نري التآمــــر الـــعـــربي الفاجـــر والأمريكي أن نضيف إليه التــــآمـــر الأوروبي فتاريخ أوروبا مع العرب لا يدعو أبداً لا للثقة ولا الإحترام وفريق من شعوبهم يقول بهذا في مظاهراتهم نصرة لفلسلطين وغزة .
الـــــــــــــــــســـــــــــــــــفـــيــر : بــــــــــلال الـــــــمــــــصـــــري –
حصريا المركز الدسمقراطي العربي – الــــقـــاهــــرة / تـحـــريــــراً في 15 أكتوبر2024