اعداد : النعمة بوشامة، أستاذ جامعي في تخصص علم الإجتماع.
- المركز الديمقراطي العربي
ملخص:
تقدم هذه الورقة مقاربة علمية -قدر المستطاع- حول أبرز مظاهر النخبة الصحراوية ومدى حضورها لدى البدو المستقرين حديثا في مجال جنوب المملكة المغربية، وبالضبط بمنطقتي الساقية الحمراء ووادي الذهب في الفترة المعاصرة، حيث عرفت هذه النخب راهنا ظهورا صار ملحوظا، نظرا لما فرضته حياة التمدين وارتفاع معدلات التعليم، التي عكستها مختلف الشواهد العلمية والمهنية المحصل عليها وطنيا ودوليا، فصرنا -بالمحصلة- أمام شباب متعلم يحمل رأسمالا فكريا وثقافيا ولا نبالغ إن قلنا بأنه يمثل اقتصاد المعرفة، لكن كفته مختلة أمام كفة نخب الاكتساب المصكوكة التي تملك اقتصاد الثروة المحلية المرصودة من التقرب من دواليب الدولة عبر امتهان السياسة وتحريك مؤسسة القبيلة والسيطرة على سلطة النفوذ والاستثمار.. الأمر الذي حفزنا إلى البحث العلمي الدقيق حول بعض مظاهر النخب في المجتمع الصحراوي، مسلطين الضوء على واقعها وآثارها بمجال الدراسة، وذلك سعيا منا لمواصلة خدمة البحث العلمي والأكاديمي حول هذا المجال، معتمدين في ذلك على تقنية المقابلة المباشرة التي استهدفت مبحوثين من فئات عمرية مختلفة.
Abstract
This paper presents a scientific approach – as much as possible – on the most prominent aspects of the desert elite and the extent of its presence among the Bedouins who have recently settled in the southern region of the Kingdom of Morocco, specifically in the regions of Saguia el-Hamra and Wadi al-Dhahab in the contemporary period, where these elites have currently witnessed a noticeable appearance, due to what was imposed by the life of urbanization and the rise in education rates, which were reflected in various scientific and professional certificates obtained nationally and internationally, so we are – in the end – in front of educated youth who carry intellectual and cultural capital and we do not exaggerate if we say that it represents the knowledge economy, but its scale is unbalanced in front of the scale of the minted acquisition elites who own the local wealth economy allocated from getting close to the state’s wheels through practicing politics and moving the institution of the tribe and controlling the authority of influence and investment.. which motivated us to conduct accurate scientific research on some aspects of the elites in the desert society, shedding light on their reality and effects in the field of study, in an effort from us to continue serving scientific and academic research in this field, relying on the direct interview technique that targeted Researchers from different age groups.
في البدء: تحديدات مفاهيمية:
النخب: وهي مجموعة صغيرة من الأشخاص المسيطرين على موارد مالية ضخمة وقوة سياسية تأثيرية كبيرة بشكل عام، إنها ترمز إلى مجموعة من الأشخاص الأكثر قدرة من غيرهم.تدل كلمة نخبة أو صفوة في اللغة العربية معنى الخلاصة، فيقال “صفوة الشيء خلاصته وخياره، ويقال اصطفاه أي اختاره ، والصفوة من الماء ونحوه، تعني القليل، وانتخب الشيء اختاره، والنخبة ما اختار منه، ونخبة القوم خيارهم، والانتخاب هو الاختيار والانتقاء، ومنه النخبة وهم جماعة تختار من الرجال” (هشام صاغور ، دور النخب السياسية في تفعيل مسار التكامل المغاربي :في ظل المعوقات الداخلية الواقع والرهانات (ط. 1). دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر. 2014، ص. 13). ثمة إذن عدد من النخب بقدر ما يكون لدينا من فروع للنشاطات، وتسمى النخبة التي تعتمد نفوذا في أي مجموعة بنخبة المجموعة (النخبة الاجتماعية، النخبة الدينية، النخبة السياسية…
الساقية الحمراء ووادي الذهب: تقع في أقصى شمال غرب إفريقيا يحدها شمال إقليم الطنطان، وجنوبا رأس بوجدور، وشرقا لحمادة، وغربا المحيط الأطلس ي، وتعتبر العيون عاصمتها. تنتمي المنطقة للصحراء الأطلنتية، والتي تمتد من وادي درعة شمالا إلى لكويرة جنوبا، والحدود الجزائرية شرقا، والمحيط الأطلس ي غربا. وكانت منطقتي الساقية الحمراء ووادي الذهب تحت الإحتلال الإسباني من سنة 1884 حتى خروج أخر جندي إسباني منها سنة 1976 أي أنها خضعت للاستعمار قرابة قرن من الزمن، وسميت آنذاك بالصحراء الإسبانية، كانت تقطنها مجموعة من القبائل وهي قبائل الرقيبات والعروسين وإ زركين وأولاد تيدرارين وأولاد دليم ( حيدارة بشر أحمد، 1998 ، تاريخ الصحراء الغربية وقبائلها العربية، بدون دار ومكان النشر، ط. 1، 2015.ص 23).
الشباب: اصطلاح يطلق على تلك المرحلة العمرية التي تمثل قمة القوة والحيوية والنشاط والطموح بين جميع مراحل العمر لدى البشر، حيث تبدأ شخصية الإنسان بالتشكل من خلال النضوج الجسماني والعقلاني وبناء العلاقات الاجتماعية في اطار من الاختيار الحر، ويطلق على الأنثى والذكر الذين يمرون » شباب « أو » الشباب « بمرحلة الشباب بصيغة المفرد }شابة{ للأنثى و }شاب{ للذكر، وأما في صيغة الجمع لكلا الجنسين.
مقدمة:
“يشير التراث النظري إلى النخبة بإعتبارها الجماعة التي تقود المجتمع، وتعكس طبيعتها عليه، لأن النخبة هي عقل المجتمع، وهي التي تتولى تشكيلة وفق مشروعها الإجتماعي. فإن لم يكن لديها هذا المشروع الإجتماعي فإن المجتمع يفقد بوصلة تحديد الحركة بإتجاه الهدف”[1] (علي ليلة، النظرية الإجتماعية وقضايا المجتمع “قضايا التحديث والتنمية المستدامة”، مكتبة الأنجلو المصرية، مطبعة محمد عبد الكريم حسان، ط.1، القاهرة- مصر، 2015م، ص. 110)، ولطالما نجد أن نخبة المجتمعات المتقدمة تنتمي للطبقات الوسطى، نظرا لكونها تشكل الغالبية المثقفة أو المسيطرة من أفراد المجتمع، ويتركز الدور المنوط بالنخبة في تحديد الإشكالات والقضايا الهامة التي من خلالها يتم تعبئة وتحريض المجتمع، وذلك من خلال تفاعلها مع أحداث المجتمع ومتغيراته سعيا وراء الوصول لمصاف المجتمعات المتماسكة، الفاعلة، المنتجة والقوية. فما هي أبرز مظاهر النخبة الصحراوية بجنوب المملكة المغربية ؟
- النخب الصحراوية: قراءة أولية في المسار التاريخي.
يعبر “مفهوم النخبة إلى فئة من البشر المتفوقين في مختلف فروع النشاط الإنساني، وفي العادة تشكل النخبة أقلية صغيرة نسبيا، وفي بنيتها الأساسية تنقسم النخبة من الداخل إلى نخبة حاكمة ونخبة غير حاكمة”[2] (علي ليلة، النظرية الإجتماعية وقضايا المجتمع “قضايا التحديث والتنمية المستدامة”، مرجع سابق، ص. 119)، حيث تشمل النخبة الحاكمة من يسيطرون على دواليب السلطة والحكم مؤثرين بشكل مباشر أو غير مباشر على مسارات تسيير الحكومات، بينما يقصد بالنخب غير الحاكمة هي تلك الفئة التي تمتلك إمكانية الإدارة لكنها لا تشارك في السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أن القول بحضور نخبة ما يفترض وجود لا نخبة أو جماهير، التي تعد القاعدة التي تفرز منها عناصر النخبة، مما يجعل النخبة مرتبطة في بعض الأحيان بالجماهير وفي بعضها الآخر منفصلة عنها، إلا أن الجماهير تبقى هي الإطار الاجتماعي المشكل للنخبة، دون أن نغفل التأثير المتبادل بين النخبة والجماهير، كما أن النخبة لا تشكل وحدة متجانسة من داخلها، مما يؤثر على بنيتها الإيديولوجية وهو ما يعني أن التباين الحاصل في بنية النخبة ينعكس عادة على تباين الجماهير، أي أن هنالك تباينا حاصلا في طبيعة العلاقات المتبلورة داخل جماعات النخبة بعضها ببعض أو في علاقتها بالجماهير.
كما أن هناك تدرجا للنخبة ينطلق من النخبة الحاكمة إلى النخبة غير الحاكمة ولو كانت مؤيدة لها، ثم الجماهير، وفي هذه الحالة تعمل النخبة الحاكمة باتجاه صياغة التوجهات الإيديولوجية للجماهير من خلال النخبة المعاونة غير الحاكمة، والتي تتجانس معها في توجهاتها الإيديولوجية وسياساتها، إلا أنها نخب غالبا ما تقف موقفا سلبيا أمام أي احتجاجات مضادة للنظام السياسي، وفي عكس هذا نجد النخبة المعارضة والتي تختلف توجهاتها مع النخبة الحاكمة ومع النخبة المتحالفة مع السلطة، حيث تعمل هي الأخرى على استمالة الجماهير وفق توجهاتها الفكرية التي لا تتوافق غالبا وأفكار النخبة الحاكمة والنظام السياسي، وبذلك تحشد لها فئاتها الإجتماعية المتعاطفة معها، والتي غالبا ما تقف بصورة مؤيدة للاحتجاجات الجماهيرية المناوئة للنظام السياسي، والتي قد نجد من ضمنها “النخبة الأكاديمية التي تخضع الإحتجاج الاجتماعي والسياسي للدراسة العلمية الموضوعية والدقيقة”[3] (نفس المرجع السابق، الصفحة. 123)، الأمر الذي يولد لنا في نهاية الأمر اختلافا وتباينا في طبيعة النخب الدائرة داخل المجتمع الواحد.
ويدرك المتأمل لحال النخبة الصحراوية التقليدية أثناء زمن البداوة أنها كانت شبه غائبة، حيث اقتصر الأمر في تكوين القادة آنذاك على”التربية الحازمة التي هي بلا شك أكثر ضرورة بالنسبة للبدوي من غيرها، ففي ظل غياب الحكومة تحديدا وكذلك المؤسسات الاجتماعية السلطوية، كان لابد له من إيجاد قوانينه في ضميره الخاص. الترحال هو في حد ذاته مدرسة للتحكم، للإقدام، للتحمل، للتضامن، للتجرد، والتربية التي يتلقاها البيظاني الصغير منذ طفولته المبكرة، تتمحور حول هذه الفضائل الضرورية للرحل. هكذا، وعلى الرغم من الانقسامات الفظيعة الظاهرة، جرى الاحتفاظ برباط عميق وما يمكن أن نسميه بالروح الوطنية”[4]( أوديت دي بويغودو، فنون وعادات البيضان، تعريب: أحمد البشير ضماني، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، مركز الدراسات الصحراوية، ط.1، الرباط، 2017م، الصفحة 341)، وبهذا كان يتم تربية النشء زمن الترحال حتى يكونوا قادة المستقبل، وهي تربية كانت تتماشى وطبيعة المجال الصحراوي الرحال، والذي كان يتطلب فضائل انسانية راقية كالجلد والصبر والتضامن نظرا لشح الموارد وقساوة الطبيعة، “ذلك أن المورو ميالون الى العدل، فهم يدركون جيدا قواعد القانون الطبيعي”[5] (محمد دحمان، الساقية الحمراء ووادي الذهب في الكتابات الاسبانية (1885م-1933م)، طوب بريس للطباعة والنشر- الرباط، ط.1، 2014م، الصفحة. 147)، إلا أن هؤلاء القادة التقليديين سيصبح لهم تعريف آخر بعد انتقال المجتمع لحالة التحضر والإستقرار، حيث أضحت معطيات العلم-المعرفة والرأي والحكمة والمكانة المادية هي التي تحدد هذه الفئة من المجتمع، والتي أصبح يطلق عليها ب”الصفوة التي تقوم بدور قيادي وتؤثر في الناس والحياة الاجتماعية، وتفعل ذلك بسبب ما تتمتع به من قدرات ومواهب أو رصيد أو تراث، وبحسب درجة تحضر المجتمعات تختلف النخب، وبحسب الظروف والإمكانيات والرهانات تحتل هذه الصفوة مواقع الريادة والتأثير في مجريات الأمور”[6] (شغالي حريش، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام بعنوان: النخب السياسية في الصحراء: المسارات والخطاب، مساهمة في كتابة التاريخ السياسي، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية- مراكش، اشراف: ذ. رشيد العلمي الادريسي، 2013م-2014م، ص. 31).
- راهن النخبة الصحراوية:
إن راهن الصفوة أو الفئات الجديدة بالصحراء يعبر بأنها أخذت لها مكانا جديدا ضمن البناء الاجتماعي لساكنة المنطقة، حيث توزعت هذه الفئات ما بين من تمتهن عالم السياسة وأخرى تشتغل في قطاع الأعمال والمقاولات وثالثة تتدرج في سلالم وظائف إدارة الدولة ومؤسساتها، وتظهر مكانة هذه الفئات من خلال طبيعة عيشها ونمط سكناها بالمنطقة، وأثناء المناسبات الاجتماعية والعائلية حيث “تمارس تلك الفئات الأرستقراطية عنفا رمزيا على باقي الفئات الاجتماعية في شكل السيارات ومقادير الأموال المصروفة، ولا يبقى للنسب أو الرأسمال الثقافي أي اعتبار عند المجموعة ما عدى إذا كانت من وراءه النقود”[7] (محمد دحمان، الترحال والاستقرار بمنطقتي الساقية الحمراء ووادي الذهب، مطبعة كوثر برنت، ط.1، الرباط، 2006م، ص. 238-239)، ويطلعنا أحد مبحوثينا عن هذه الوضعية ضمن هذا السياق بالقول: “غياب هذه الفئات المثقفة مسألة خاصة ومهمة، هو تغييبها من الأصل من الأسر ومن الدولة، لا من عوائلها (شيوخ القبائل لأنهم لا يعتدون بهم) وحتى الدولة ما هي محضرتهم، فبالتالي أي شاب مثقف لا يعتد به في مجتمعنا هذا، لأن الدولة تعتمد على الأعيان وحتى شيوخ القبائل ماتلاو ذوك الشيوخ اللي نعرفوا، عادوا ألا شيوخ السلطات أو سلطان الدولة، ماتلاو ذوك الشيوخ اللي يخبطوا بأيادي من حديد، وعادوا أيديهم شبه مبرومة، وحضورهم باهت”[8] (مقابلة أجريت مع أحد موظفي قطاع الداخلية بالعيون جنوب المملكة المغربية أبريل 2018م).
لقد أفضت تداعيات التحضر والدور الكبير الذي تشغله مؤسسات الدولة بالمنطقة إلى تغيير الوضعيات الاجتماعية التقليدية (شيوخ القبائل، شيوخ الزوايا..)، مما فسح المجال لظهور نخب جديدة، دعمتها الدولة بالامتيازات المادية والمناصب السياسية والمراتب الإدارية، الأمر الذي وفر لها سلطة محلية أفرزها استغلالها للموارد العمومية وسيطرتها على المناشط الاقتصادية، مما بوأها لتلعب “أدوارا هامة داخل الجهاز الاداري والسياسي من تأطير للمجموعات الأخرى وتمثيل للأحزاب السياسية بالمنطقة وتملك لوسائل الانتاج من مصانع ومقاولات وقطعان ومراكب الصيد البحري”[9] (محمد دحمان، الترحال والاستقرار بمنطقتي الساقية الحمراء ووادي الذهب، مطبعة كوثر برنت، ط.1، الرباط، 2006م، ص. 246)، وهو ما ذهب معه أحد مبحوثينا معتبرا أن نخب اليوم بمجال الدراسة لا تعدو أن تكون مجرد “فئات براغماتية وانتهازية ومحكومة بهاجس المصالح الشخصية والربح السريع والاسترزاق بالقضايا المجتمعية والانسانية، واستغلال أي ورقة حقوقية أو مجتمعية للركوب عليها لتحقيق المآرب الشخصية، ويبقى خطاب المبدئية والتضحية ونكران الذات والمصلحة العامة مجرد شماعة يعلق عليها هؤلاء النخب وعودهم البراقة، حتى يتمكنون من الفرص المتاحة لصالحهم ومن يدور في فلكهم ممن يضع نفس القناع”[10] (مقابلة أجريت مع شاب جامعي شهر أبريل 2018م بمدينة العيون جنوب المملكة المغربية).
هكذا أضحينا أمام مجتمع في قائمته تتربع نخب مصنوعة غنية وفاحشة الثراء وفي قاعدته تعاني فئات عريضة فقيرة وبئيسة، ذلك أن بروز التجمعات السكنية الجديدة وتوطيد مؤسسة الدولة الحديثة وتداعيات اقتصاد السوق والعمل المأجور وسلطة المال.. كلها عوامل أفضت إلى نهاية الوضعيات الاجتماعية التقليدية التي انتهت مع نهاية الاقتصاد الرعوي والترحالي، وعلى الرغم من كل هذا إلا أننا نعاين تعاطي حذر للدولة في تعاملها مع هذه الفئات الجديدة، حيث لم تبوئها مراكز القرار بعد داخل مؤسسات الدولة، ويرجع الأسباب في ذلك حسب ما صرح لنا به أحد مبحوثينا :”أنا نشوف عن المواطن الصحراوي بالنسبة لي عاد خالك كم من مثقف هون ومراكز القرار كليلين فيها كبالة، أعينوا ولات وعمال وبرلمانيين ومنين تكعد معاه كوالي أو كعامل تجبرو خايف وتحت مراقبة معينة، ماهو كيف واحد من (الداخليين) هون تجبروا أمتن منو عين وأكثر جرأة فالتصرف، لهذا أنا نشوف عن أهل الصحرا مزالو مهمشون بصفة عامة بالرغم من انخراطهم فالأحزاب والجمعيات والمجتمع المدني، وبالرغم من الكم الهائل من المثقفين اللي حصلوا عليه وعندهم ذريك، وبالرغم من العمل الياسر اللي عدلوا الصحراويين وبالرغم من الاستفادة الهامة اللي استفادت الدولة من خيرات الصحرا، واللي كط كلت عنو لولا خيرات الصحرا ما كان للدولة المغربية أن تصل الى ما وصلت اليه اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، ولكن أهل الصحرا بالنسبة لي إلى حد الساعة مزالو مغيبون ومهمشون على الصعيد العام”[11]، وهذا معناه حرفيا أنه بالرغم من وصول مجموعة من أبناء المنطقة لمراتب سياسية واقتصادية هامة فإنهم بقوا فاقدين لأي قرار مستقل –حسب المبحوث- في التعاطي مع ملفات الساكنة، وبذلك فسلطتهم الراهنة لا تزال غائبة أو مغيبة وهامشية في المشهد العام بالمنطقة”. (مقتطف من مقابلة أجريت مع شيخ أحد القبائل الصحراوية وعضو بالمجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية بمدينة العيون جنوب المملكة المغربية بتاريخ: 09 ماي 2019م).
وهو نفس ما قدمه لنا أحد المخبرين معتبرا أن حضور هذه النخب الجديدة بمجال الدراسة يقتصر على “الجمعيات والمراكز والمنظمات الكرطونية التي يتنافى خطابها الرسمي مع سلوكها الواقعي، يعني التناقض بين الفعل والخطاب أي بين التنظير والممارسة، ولعل حضور هذه الفئات الموسمي في بعض الأنشطة الارتجالية جعل شباب المنطقة يفقد الأمل في شيء اسمه النخب بالصحراء، ولعل المنتخبين والأعيان وممثلي الأمة بالجهات الثلاث لا يتعدى مستواهم الدراسي الباكالوريا بشكل عام أو دون ذلك، بمعنى السؤال الذي نطرحه نحن اليوم أين الفئات المثقفة من المسار التنموي وخطاب التغيير بالمنطقة ؟ هل هناك مثقفون حاملين لشواهد كرتونية فقط ؟ بمعنى آخر نحن أمام أزمة نخب حقيقية بالصحراء، وهي أزمة أكبر بكثير من أزمة البطالة أو التنمية، لأن الاستثمار في العنصر البشري أهم تنمية حقيقية للنهوض بمجال الصحراء ككل”[12] (مقابلة أجريت مع شاب جامعي شهر أبريل 2018م باقليم العيون جنوب المملكة المغربية).
وهذا الغياب أرجعه مبحوث آخر إلى أن “الإنسان منين إغيب ألا مغيبو شي، معنى ذاك علاش هي ماهي حاضرة ؟ لأن ذاك اللي متباركة معاه ما هو فصالح هاذي الفئة ذاك هو دليل غيابها، عندها شي ثاني متباركة أمعاه ما هو فصالح المجتمع”[13] (مقابلة أجريت مع أحد المتقاعدين من صفوف القوات المسلحة الملكية بالعيون شهر ماي 2019م)، ويقصد هنا المبحوث الفئات التي تمتهن عالم السياسة، والتي ما إن وصلت للسلطة حتى تنكرت لناخبيها، ومرد ذلك بحسبه أنها منغمسة في تأمين مصالحها الشخصية، وليس في صالحها أصلا أن يطلع المجتمع على هذه المصالح مما جعلها تكتفي لوحدها بالاستفادة منها، وهو نفس الطرح الذي ذهب معه مبحوث آخر معتبرا على أنهم “ما حاضر منهم أركاج، ألا كلها إلود للرزق، كلها إعدل فليسات فجيبو ويوغد واكول فرغوا، ألا الى عاد شي ينعطى يحضروا، والى عاد ما معطي شي ما يحضر منهم أركاج”[14] (مقتطف من مقابلة أجريت مع مقاول قيد حياته رحمه الله بمنطقة دكمار، بالداخلة جنوب المملكة المغربية صيف سنة 2019م)، ومعنى هذا أن أي حضور للنخب المحلية صار مقرونا بما تستفيده ماديا من سياسة الريع التي باتت مستفحلة بجنوب أقاليم المملكة المغربية.
بينما اعتبر مبحوث آخر أن نخب مجال الدراسة “مغيبة عن الساحة السياسية، لأن الكلمة الوحيدة للأقطاب السياسية، الفئات المثقفة تبقى فقط منظرة في المقاهي، وبالتالي فهي غائبة عن أي لمسة ميدانية لها داخل المحيط المحلي، وأضيف هي فئات منها من حصل على مناصب ادارية، لكنها ترى فقط عند أرجلها من تكوين أسرة وبيت وسيارة، وليس المساهمة في مشاريع مستقبلية اجتماعية وثقافية تكون هذه النخب هي الحامل لمشعلها”[15] (مقابلة أجريت مع شاب مقاول شهر ماي 2019م بالعيون).
ونجد مبحوثا آخر بلغ حد تقريع هذه الفئات التي عول عليها المجتمع لتسيير أموره بعدما وصلت لسدة السلطة الإدارية والانتخابية المحلية “هذا النوع اشوف ألا مصلحتو الخاصة، عييت ما أتشوف منهم ذو السياسيين ألا من الانتخابات للانتخابات، الحقيقة ذي هي، ذا النوع ما تشوفوا ألا فوقت الانتخابات بوتاتو ويفتح ديارو وفاتح المكاتب، وخالك نوع تشوفوا يغير ما مزي شوفتو شي، أنا هذا اللي شفت صراحة، الله اجيب لنا حد أفضل من ذا”[16] (مقابلة أجريت مع أحد المتقاعدين من الديار الفرنسية بالعيون شهر ماي 2019م)، معتبرا النخبة الصحراوية الراهنة مجرد أناس مصلحيين لا يهمهم إلا تحقيق مصالحهم الخاصة، حيث لا يجدهم المواطن بالمنطقة إلا خلال فترة الحملات الانتخابية، وحتى إن وجدهم بعد ذلك فإنهم لا يجدون نفعا، مما بات يفرض على الساكنة المحلية حسن اختيار فئات أكثر مسؤولية من هؤلاء مستقبلا.
واعتبر أحد مستجوبينا أنه “فالجانب السياسي توفرت قناعة كبيرة وهو أن قيمة التنظيم السياسي مستمدة من قيمة المنتسبين له من أبناء الصحراء، مثال على ذلك مجموعة من التنظيمات السياسية هي حكر على قبائل معينة، الحمامة عند أيت الحسن والسنبلة عند أهل الجماني والإستقلال عند أهل الرشيد..
فالعمل المدني أو الجمعوي نكدو نكسموه ما قبل 2004م وما بعدها، من سابكها كانت حكرا على بعض النخب اللي مآمنة ومتابعة ببرامج عملها، ومن بعد ذلك أسندت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خلال التسويق الرسمي لها من داخل الصحراء واعتبارها آلية من آليات ذر الرماد على مجموعة من الإختلالات التنموية وحتى الاجتماعية بالمنطقة، واعتبارها أداة مساومة لكسب ود واستقطاب مجموعة من الفئات الشعبية بالصحراء، للترويج للخطابات الرسمية وهي عكس ما جاءت به فلسفة المبادرة، كآلية حقيقية للتنمية، لكن تمت معالجة الاختلالات السياسية، مما جعلها بمثابة ريع تستفيد منه فئات دون أخرى.
بالنسبة للفئات الإعلامية أولا الإعلام ما تنشد أخبارو ألا من جهة الراديو بالعيون اللي قادتها تجربة الإعلامي السلامي بالعيون، وتجربة راديو الداخلة وهذي كامل كانت منابر اعلامية لتسويق الخطابات الرسمية، وفظل غياب معاهد اعلامية لتأطير أبناء المنطقة، تمكن النزر القليل من أبناء الصحراء المؤطرين بدبلومات اعلامية (الشجعي، محضار، زعواطي..)، ومن بعد ذلك جاءت قناة العيون الجهوية التي اعتبرها العديد فالبداية صوت مستقل ناقل لحقيقة الوضع بالمنطقة وهو ما تبث عكسه، وجعل الكثير من أبناء المنطقة المهتمين بهذا الجانب يعولون على ما وفرته أجهزتهم الالكترونية، فخلقت طفرات نوعية من خلال مجموعة المواقع الالكترونية والقنوات الخاصة بشبكة اليوتيوب وحتى عبر الأثير، وفئة ثالثة ارتأت ان تشد الرحال للخارج باحثة عن هوى لحرية التعبير بنسب أعلى”[17] (مقابلة أجريت مع شاب أربعيني بمدينة العيون جنوب المملكة المغربية شهر ماي 2019م)، ومعنى هذا أن التنظيمات السياسية بالمنطقة تقاس بمدى تمثيلية القبائل الصحراوية بها، أما الجانب الجمعوي فجعل المبحوث سنة 2004م حدا فاصلا بين العمل الجمعوي المؤطر ببرامج وقناعات تهدف لخدمة وتأطير المجتمع، وبين محاولة الاستفادة من اقتصاد الريع، الذي حدده في دفع مشاريع باسم الجمعيات للاستفادة من ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأما القطاع الاعلامي المحلي فلم يسلم حتى هو من حالة الضعف والتقهقر نتيجة لغياب معاهد متخصصة في الاعلام بالمنطقة، مما جعل تجربة قناة العيون الجهوية تكلل بالفشل – بحسبه- فاتجه المهتمون بهذا المجال الى خلق مواقع الكترونية وقنوات خاصة على شبكة اليوتيوب، بينما اختارت فئة ثالثة الهجرة للخارج بحثا عن قنوات عالمية تتيح لها هامشا اعلاميا وماديا أكبر.
وهناك رؤية مغايرة متفائلة حول هذه الفئات المتعلمة بالمنطقة متوسلة أن تكون داخل النسيج الاجتماعي بمثابة نخب الغد “هاذي النخب بحكم احتكاكي ببعض الشباب ماشية بخطى نيرة، وعاد دورها يقتدى به، مجموعة شباب دكاترة وتقنيين ومهندسين.. ماشيين بمسار يرقى بالمنطقة وأهل المنطقة. لأنه الداخلة عادت تكرا خصوصا العنصر النسوي وكذلك بوجدور، فئات متعلمة وحاصلة على شهادات عليا وصلت للدكتوراه وقدوة وفاعلين، وعادوا إكونوا جمعيات ونقابات وعادوا فإطارات للإحتجاج (مجموعة شباب الفوسفاط بالعيون الاحتجاجية)”[18] (مقابلة أجريت مع أحد الموظفين (من ساكنة العيون جنوب المملكة المغربية شهر أبريل 2019م.)، أي أن هناك فئة متعلمة تسير بخطى تابثة وتشق طريقها بصمت، وهي الفئة المتعلمة الحاصلة على شهادات عليا (دكاترة وتقنيين ومهندسين..)، والتي باتت قدوة للمجتمع ومسارها يرقى بالمنطقة وأهلها، وأضحوا يؤسسون اطارات احتجاجية ونقابية وجمعويةجديدة..حيث “تطورت الأشكال التنظيمية للإحتجاج (مظاهرات سلمية، وقفات، مسيرات، اعتصامات..) وتطور الفعل الإحتجاجي كذلك من خلال طبيعة الشعارات والمطالب..”[19] (سلامة بوشامة، حاضرة الطنطان وباديتها: المجال، التاريخ والمجتمع، (جذور وتطور فعل الاحتجاج بمدينة الطنطان)، تقديم: محمد دحمان، تنسيق: محمد سبى، مطابع الرباط نت، ط.1، 2019م. ص. 173)، كما إستطاع البعض منها اقتحام مربعات القرار السياسي “إقليم الداخلة فيها فئة متعلمة وهي اللي تدير الشأن المحلي بالمنطقة، وهي ذات تكوين عالي حقيقة، فمثلا رئاسة الجهة وأعضاء المجلس الجهوي نلاحظ وجود أعضاء لهم مستوى تعليمي عالي (دكتوراه، لغات متعددة..)، لقد تم القطع مع ظاهرة صناعة النخب التقليدية، وهذا الأمر ظهر بشكل جلي في الإنتخابات الماضية، حيث تم القطع مع ما يسمى بسياسة النخب الموروثة منذ جلاء الإستعمار الإسباني”[20] (مقابلة أجريت مع شاب موظف متصرف بمدينة الداخلة جنوب المملكة المغربية صيف سنة 2019م).
إلا أن هذه الرؤية المتفائلة سرعان ما ستتوارى أمام تغييب تام لحضور وازن لهذه الفئة داخل المجتمع بحكم انتفاء السلطة المالية لديها، والتي من شأنها أن تنافس فئة البورجوازية الإقتصادية المحلية، مما جعل “حضورها حضور باهت، لأنه عدنا حنا ساكنة العيون تساير العصر، هذا الشباب ما إكد يتكلم، وخالك مثال إيكول:
- بويا الى عدل همي
- أنكد أنكول أنو بويا
- وإلى ما عدل همي
- ما بويا حد ولا عمي
أهلهم إيكولوا بعنا حيوانا وترابنا واليوم ماهم مشتغلين فشي وهذا عاد إحباط لهم ولأسرهم”[21] (مقابلة أجريت مع أحد الموظفين (من ساكنة العيون جنوب المملكة المغربية) شهر أبريل 2019م)، وبذلك أضحت المكانة الاجتماعية بالمنطقة اليوم تحدد من خلال ما يمثله الفرد داخل السلطة السياسية والاقتصادية والمالية، وليس مجرد مكانته العلمية والأكاديمية وشهاداته الجامعية والمهنية، التي قد تصبح عالة عليه وعلى أسرته ضمن مجتمع بات يتجه لحالة المجتمعات المادية التي “لا ترحم أفرادها”، كما أن غياب هذه الأطر المتعلمة يرجعه البعض الى انغماس غالبيتها في تحسين وضعها الاجتماعي، ف”غيابها لأنو كثرت المتطلبات المادية للشخص نفسو، لأنه مالاهي يكبض مسلة ألين يخسر آعليها أكثر، مثلا الجمعية لابد لتأسيسها من تحرك مادي ومانك لاهي تكبض مادة لاهي أتفيد بيها الضعيف ألين تخسر أكثر، وما يمكن الرئيس الى ما دار سيارة فخمة ب 70 مليون ما يمكن إسوك سيارة 7 مليون، وبالتالي المتطلبات كثرت”[22] (مقابلة أجريت بجنوب المملكة المغربية بإقليم العيون مع مسير محضرة أهل أبا حازم شهر أبريل 2019م).
على سبيل الختم:
بالرغم من أن “النخبة الفكرية هي التي بنت النهضة، وهي التي تسير البلاد في كل المجالات القانونية، الهندسية، السياسية، الفكرية.. في إطار صراعات اقتصادية لا مناص منها”[23] (عبد الوهاب بوحديبة، مفكر وباحث تونسي، مداخلة له في قناة “الغد” التلفزيونية ضمن برنامج “القنديل” بتاريخ: 05-02-2017م.)، إلا أن واقع الصراعات الاجتماعية والطبقية يؤكد اليوم في مجال الدراسة أن الدولة هي المحدث للمجتمع وليس المثقف، وفي كلمة واحدة ومختصرة، ما يمكن أن نخلص إليه في هذه الورقة حول موضوع النخبة الصحراوية المثقفة ضمن مجال الدراسة بحسب ما جمعناه من معطيات ميدانية، أن مواقف المبحوثين تجمع على أنها نخبة مغيبة عن مشروع النهوض والمرافعة بقضايا المجتمع المحلي، نظرا لتغييبها ولضعف مواردها المالية، وهو الوضع الذي غير من العدالة الإجتماعية أو المساواة الاجتماعية وغياب التفاوتات الطبقية، إلى واقع “نخب ثرية والبقية تعيسة، ذلك أن التقدم التقني والتغير الإجتماعي بصفة عامة يغني الأغنياء ويفقر الفقراء ويضعف الضعفاء”[24] . (ابراهيم حمداوي، مقال بعنوان: التحولات الاجتماعية والثقافية بالمجتمع الصحراوي، كتاب جماعي: ثقافة الصحراء: مدارات الهوية والمعنى، منشورات وزارة الثقافة، ط.1، مطبعة دار المناهل، المغرب، 2013م، ص. 65).
لائحة بعض المراجع المعتمدة:
- أوديت دي بويغودو، فنون وعادات البيضان، تعريب: أحمد البشير ضماني، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، مركز الدراسات الصحراوية، ط.1، الرباط، 2017م.
- ابراهيم حمداوي، مقال بعنوان: التحولات الاجتماعية والثقافية بالمجتمع الصحراوي، كتاب جماعي: ثقافة الصحراء: مدارات الهوية والمعنى، منشورات وزارة الثقافة، ط.1، مطبعة دار المناهل، المغرب، 2013م.
- حيدارة بشر أحمد، 1998 ، تاريخ الصحراء الغربية وقبائلها العربية، بدون دار ومكان النشر، ط. 1، 2015.
- عبد الوهاب بوحديبة، مفكر وباحث تونسي، مداخلة له في قناة “الغد” التلفزيونية ضمن برنامج “القنديل” بتاريخ: 05-02-2017م.
- سلامة بوشامة، حاضرة الطنطان وباديتها: المجال، التاريخ والمجتمع، (جذور وتطور فعل الاحتجاج بمدينة الطنطان)، تقديم: محمد دحمان، تنسيق: محمد سبى، مطابع الرباط نت، ط.1، 2019م.
- شغالي حريش، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام بعنوان: النخب السياسية في الصحراء: المسارات والخطاب، مساهمة في كتابة التاريخ السياسي، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية- مراكش، اشراف: ذ. رشيد العلمي الادريسي، 2013م-2014م.
- علي ليلة، النظرية الإجتماعية وقضايا المجتمع “قضايا التحديث والتنمية المستدامة”، مكتبة الأنجلو المصرية، مطبعة محمد عبد الكريم حسان، ط.1، القاهرة- مصر، 2015م.
- هشام صاغور ، دور النخب السياسية في تفعيل مسار التكامل المغاربي :في ظل المعوقات الداخلية الواقع والرهانات (ط. 1). دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر. 2014.
- محمد دحمان، الساقية الحمراء ووادي الذهب في الكتابات الاسبانية (1885م-1933م)، طوب بريس للطباعة والنشر- الرباط، ط.1، 2014م.
- محمد دحمان، الترحال والاستقرار بمنطقتي الساقية الحمراء ووادي الذهب، مطبعة كوثر برنت، ط.1، الرباط، 2006م.