دور الاقتصاد الاخضر فى تحقيق النمو الاقتصادى واهداف التنمية المستدامة فى الاقتصاد المصرى 1990 – 2024
The Role of Green Economy in Achieving Economic Growth and Sustainable Development Goals in the Egyptian Economy during 1990-2024

اعداد : أحمد إسلام أحمد إبراهيم , إلهامي محمد جلال عرفة , عبدالرحمن محمد فتحى , جنة سعد خالد الطباخ , روان شعبان السيد محمد – اشراف : د. نهلة عزام – كلية الدراسات الاقتصادية و العلوم السياسية – جامعة الأسكندرية – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
المستخلص :
يسعى هذا البحث إلى دراسة دور الاقتصاد الأخضر في تحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في مصر خلال الفترة من 1990 إلى 2024، في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة عالميًا ومحليًا. يتناول البحث الإطار النظري لمفهوم الاقتصاد الأخضر وعلاقته بأهداف التنمية المستدامة، كما يستعرض السياسات الوطنية والمشروعات الكبرى التي تبنتها الدولة، مثل مجمع بنبان للطاقة الشمسية ومحطات الرياح في خليج السويس، ودور الاستثمار الأجنبي المباشر في تمويل مشروعات الطاقة المتجددة. اعتمدت الدراسة على منهج وصفي تحليلي مدعوم بأدلة كمية من التقارير والدراسات السابقة. وتوصلت إلى أن مصر قطعت خطوات مهمة نحو التحول الأخضر، لكن نجاح هذا المسار يتطلب تعزيز البنية المؤسسية، وتحسين بيئة الاستثمار، وتوسيع نطاق التمويل الأخضر، بما يحقق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.
Abstract
This study examines green economy’s role in promoting economic growth and sustainable development in Egypt from 1990 to 2024, amid rising global and local environmental challenges. It explores the theoretical foundations of the green economy and its alignment with the Sustainable Development Goals (SDGs), highlighting key national policies and projects such as the Benban Solar Park and Gulf of Suez wind farms. The research also assesses the role of foreign direct investment in financing renewable energy initiatives. Using a descriptive-analytical method supported by quantitative data, the study finds that Egypt has made notable progress, Towards the green economy yet, further institutional reform, a better investment climate, and increased green financing remain crucial for balancing economic and environmental objectives.
شهد الاقتصاد العالمي خلال العقود الأخيرة تحولات متسارعة نتيجة تصاعد الأزمات البيئية والضغوط الاجتماعية المرتبطة بنماذج النمو التقليدي، التي تسببت في استنزاف الموارد، وتفاقم التلوث، وتعميق الفجوات الاقتصادية. في ظل هذه التحديات، برز مفهوم الاقتصاد الأخضر كأحد التوجهات الحديثة الرامية إلى تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، وذلك عبر تبني سياسات إنتاج واستهلاك مستدامة، وتحفيز الابتكار في مجالات الطاقة النظيفة، والنقل المستدام، والزراعة البيئية، وإدارة النفايات.
ويقوم الاقتصاد الأخضر على إعادة توجيه الاستثمارات نحو أنشطة صديقة للبيئة، تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز كفاءة استخدام الموارد، وتحقيق نمو اقتصادي منخفض الكربون وشامل اجتماعيًا. وقد حظي هذا التوجه بدعم قوي من المؤسسات الدولية كبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، والبنك الدولي، حيث أصبح ركيزة أساسية في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030.
في هذا السياق، تسعى مصر، باعتبارها من الدول النامية ذات الإمكانات المتنوعة، إلى دمج مبادئ الاقتصاد الأخضر ضمن استراتيجياتها التنموية، من خلال رؤية مصر 2030، والاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، وتبني مشروعات كبرى في مجال الطاقة المتجددة، مثل مجمع بنبان للطاقة الشمسية، ومحطات الرياح في خليج السويس، بالإضافة إلى التوجه نحو الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، وتعزيز دور الاستثمار الأجنبي في تمويل هذه التحولات.
ومع ذلك، لا يزال التحول نحو الاقتصاد الأخضر في مصر يواجه تحديات متعددة، من بينها محدودية التمويل، وتفاوت الوعي المؤسسي والمجتمعي، فضلاً عن الحاجة إلى تحديث الأطر القانونية، وضمان التوزيع العادل لعوائد التنمية الخضراء. وبينما تُظهر البيانات تحسنًا نسبيًا في مؤشرات الطاقة النظيفة وكفاءة الموارد، فإن قياس الأثر المباشر للاقتصاد الأخضر على النمو الاقتصادي لا يزال يتطلب تحليلًا معمقًا يجمع بين الأدلة النظرية والتجريبية.
تتمثل مشكلة الدراسة في تزايد الضغوط البيئية والاقتصادية على مصر خلال العقود الأخيرة، مما يفرض الحاجة إلى تبني سياسات جديدة تحقق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة. ويأتي الاقتصاد الأخضر كخيار استراتيجي لتحقيق هذا التوازن، إلا أن تطبيقه يواجه تحديات مؤسسية وتمويلية. من هنا، تسعى الدراسة إلى تحليل مدى مساهمة الاقتصاد الأخضر في تحقيق التنمية المستدامة في مصر، وتقييم فعالية السياسات والمشروعات القائمة ضمن هذا الإطار.
تتمثل المشكلة البحثية في السؤال الرئيسى التالي:
“ما مدى فاعلية السياسات والمشروعات المرتبطة بالاقتصاد الأخضر في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر خلال الفترة 1990-2024؟”
ويتفرع من هذا التساؤل مجموعة من الأسئلة الفرعية، منها:
- ما هي أبرز ملامح التحول نحو الاقتصاد الأخضر في مصر؟
- كيف أسهمت المشروعات الكبرى مثل مجمع بنبان وطاقة الرياح في دعم النمو الاقتصادي؟
- ما مدى ارتباط السياسات البيئية المصرية مع أهداف التنمية المستدامة؟
- ما دور الاستثمار الأجنبي المباشر في دعم الاقتصاد الأخضر؟
- ما أبرز التحديات المؤسسية والمالية التي تواجه تطبيق الاقتصاد الأخضر في مصر؟
- ما الآليات المقترحة لتعزيز التمويل الأخضر وتحقيق نتائج مستدامة؟
تكمن أهمية هذه الدراسة في تحليل فاعلية السياسات والمشروعات المرتبطة بالاقتصاد الأخضر في مصر، وتسليط الضوء على مدى مساهمتها في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتبرز أهميتها فيما يلي:
- تقديم تحليل عملي لتجربة مصر في تطبيق الاقتصاد الأخضر من خلال المشروعات الكبرى والسياسات البيئية المتبعة.
- تقييم مدى تكامل السياسات الحكومية مع أهداف التنمية المستدامة في السياق المصري.
بناءً على ما تقدم، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل دور الاقتصاد الأخضر في دعم النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في مصر خلال الفترة 1990–2024، من خلال دراسة السياسات الحكومية، والمبادرات المؤسسية، والمشروعات الميدانية، وتقييم مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في تسريع التحول الأخضر.
كما تسعى الدراسة إلى رصد التحديات القائمة واقتراح توصيات عملية تدعم صُنّاع القرار في تبني نماذج أكثر كفاءة وعدالة في إدارة الموارد وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية في آنٍ واحد.
ويمكن اشتقاق من الهدف الأساسي مجموعة من الأهداف الفرعية وهي:
- تحليل تجربة مصر في التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال السياسات والمشروعات المنفذة.
- تقييم دور هذه السياسات في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- دراسة دور الاستثمار الأجنبي والتمويل الأخضر في دعم مشروعات الطاقة المتجددة.
- تقديم توصيات عملية لتعزيز مساهمة الاقتصاد الأخضر في تحقيق نمو اقتصادي مستدام في مصر.
تفترض الدراسة وجود علاقة إيجابية بين تبنّي السياسات المرتبطة بالاقتصاد الأخضر وتحقيق نمو اقتصادي مستدام في مصر خلال الفترة 1990–2024، حيث تسهم المشروعات الخضراء والاستثمارات البيئية في تحسين كفاءة الموارد، وزيادة الإنتاجية، وتقليل الآثار البيئية السلبية.
تعتمد الدراسة على المنهج الاستقرائي، من خلال تحليل البيانات الكمية المتعلقة بالاقتصاد المصري خلال الفترة 1990–2024، مع التركيز على السياسات البيئية والمشروعات الكبرى مثل مجمع بنبان ومحطات الرياح. وتشمل أدوات التحليل:
- التحليل الوصفي لتقدير أثر الاقتصاد الأخضر على مؤشرات النمو.
- تحليل السياسات الحكومية والمبادرات الوطنية في ضوء أهداف التنمية المستدامة.
الحدود الزمنية: تغطي الدراسة الفترة من 1990 إلى 2024، والتي شهدت تحولات ملحوظة في السياسات الاقتصادية والبيئية في مصر.
الحدود المكانية: تركز الدراسة على الحالة المصرية كنموذج تطبيقي.
الحدود الموضوعية: تقتصر على تحليل العلاقة بين الاقتصاد الأخضر والنمو الاقتصادي، ودور المشروعات والسياسات في تحقيق التنمية المستدامة.
تتوزع هذه الدراسة إلى مقدمة وستة مباحث رئيسة، كما يلي:
- المقدمة
تتناول عرضًا تمهيديًا لموضوع الدراسة، وتشمل تحديد مشكلة الدراسة، وأهميتها، وأهدافها، وحدودها، وفرضياتها، والمنهجية المعتمدة في تحليل الموضوع.
- المبحث الأول: الإطار النظري للدراسة
يتناول هذا المبحث المفاهيم الأساسية المتعلقة بالاقتصاد الأخضر، وأبعاده، وأهدافه، مع توضيح العلاقة بينه وبين مفاهيم التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
- المبحث الثاني: الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة
يُسلط الضوء في هذا المبحث على العلاقة التكاملية بين الاقتصاد الأخضر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع الإشارة إلى المبادئ الاساسية والمعايير المتفق علية الدولياً في تحقيق التنمية المستدامة.
- المبحث الثالث: سياسات مصر نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر
يُستعرض في هذا المبحث أهم السياسات والمبادرات التي اتخذتها الدولة المصرية لدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، بما في ذلك المشروعات الوطنية، والتشريعات، والاستراتيجيات الحكومية.
- المبحث الرابع: أثر الاقتصاد الأخضر على القطاعات الاقتصادية في مصر
يحلل هذا المبحث تأثير تطبيق سياسات الاقتصاد الأخضر على مختلف القطاعات الاقتصادية في مصر، مثل قطاع الطاقة، والنقل، والصناعة، والزراعة، وغيرها.
- المبحث الخامس: الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد الأخضر في مصر
يناقش هذا المبحث دور الاستثمار الأجنبي المباشر في دعم الاقتصاد الأخضر، مع تحليل آليات التمويل الأخضر، ومساهمة الشراكات الدولية في تمويل مشروعات مستدامة.
- المبحث السادس: التحديات والفرص أمام الاقتصاد الأخضر في مصر
يستعرض هذا المبحث أبرز المعوقات التي تواجه تطبيق الاقتصاد الأخضر في مصر، سواء كانت تشريعية أو تمويلية أو مؤسسية، كما يسلط الضوء على الفرص المتاحة لتطوير هذا القطاع الحيوي.
- النتائج والتوصيات
تتضمن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، مع تقديم مجموعة من التوصيات الهادفة لتعزيز دور الاقتصاد الأخضر في دعم مسار التنمية المستدامة في مصر.
الدراسات السابقة
تعددت الدراسات التي تناولت موضوع الاقتصاد الأخضر ودوره في تحقيق التنمية المستدامة، سواء على مستوى السياسات العامة أو على مستوى تحليل القطاعات الإنتاجية المختلفة. وفيما يلي عرض موجز لأهم الدراسات التي تم الاستفادة منها في هذا البحث:
- دراسة عبد العزيز و عياد((2024 بعنوان “أثر سياسات الاقتصاد الأخضر علي النمو الاقتصادي : دراسة تطبيقية علي الاقتصاد المصري”
و تهدف هذه الدراسة الي التحقق من أثر سياسات الاقتصاد الأخضر علي النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة 1990 – 2019 من خلال نموذج الانحدار الذاتي للفجوات الموزعة ((ARDL Autoregressive Distributed Lag Model , و اعتمدت هذه الدراسة علي المنهج القياسي و الوصفي, وقد توصلت نتائج الدراسة الي وجود علاقة عكسية بين حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومعدل النمو الاقتصادي وعلاقة طردية بين نصيب الطاقة المتجددة من اجمالي استهلاك الطاقة ومعدل النمو الاقتصادي , كما أن تأثير سياسات الاقتصاد الأخضر علي النمو الاقتصادي غير واضح في الأجل القصير في حين في الأجل الطويل.
وقد أوصت هذه الدراسة بإطلاق المشاريع الخضراء التي تكون صديقة للبيئة والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة والنظيفة , والتوجه نحو التكنولوجيا الخضراء في مجال صناعة السيارات الكهربائية وتعزيز البنية التحتية والتوسع في وسائل النقل الجماعي الأخضر المستدام وذلك لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في مختلف القطاعات.
- دراسة عبد الحميد2022) ) بعنوان “الاقتصاد الأخضر ودوره في تحقيق التنمية المستدامة”
وتهدف هذه الدراسة الي تناول دور الاقتصاد الأخضر في تحقيق التنمية المستدامة من خلال تحليل العلاقة بين الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة, الي جانب قياس أثر الاقتصاد الأخضر علي النمو الاقتصادي باستخدام بيانات مقطعية لعدد 110 دولة لعام 2018. وقد توصلت نتائج الدراسة الي وجود علاقة تكاملية بين الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة, حيث يعتبر الاقتصاد الأخضر أحد الأليات لتنشيط الاقتصاد العالمي بعد الأزمات العالمية , كما توصلت الدراسة الي الأثر الإيجابي للاقتصاد الأخضر علي النمو الاقتصادي .
وقد أوصت الدراسة بزيادة الاستثمارات العامة والخاصة التي تهدف الي خفض انبعاثات الكربون وزيادة كفاءة الطاقة وتقلل من التدهور والبيئي و أطلاق المشاريع الخضراء من خلال أقامه مشاريع جديدة للتنمية الاقتصادية تركز علي البعد البيئي وهو ما يسهم في تشجيع الأنشطة شبه الخالية من الكربون والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة في القطاع الصناعي.
- دراسة عبد الوهاب2024) ) بعنوان “دور الاقتصاد الأخضر في التنمية الاقتصادية في مصر”
وتهدف هذه الدراسة الي تناول أهمية الاقتصاد الأخضر كمحرك للتنمية الاقتصادية في مصر , حيث ركزت علي كيفية استفادة البلاد من الممارسات المستدامة لتعزيز الابتكار وتحقيق نمو اقتصادي مستدام , واعتمدت الدراسة علي المنهج الوصفي التحليلي, وقد توصلت نتائج الدراسة الي أن الاقتصاد الأخضر يمثل أهمية كبيرة للبلدان النامية , ومنها مصر , التي تواجه تحديات بيئية واقتصادية متعددة.
ومن خلال تبني نهج الاقتصاد الأخضر, يمكن لمصر أن تستفيد من الفرص الواعدة, منها تعزيز الاستثمارات في الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح مما يؤدي الي تحسين كفاءه استخدام الموارد وتقليل الانبعاثات الضارة ويقلل من التلوث.وقد أوصت الدراسة بتشجيع الاستثمارات الخضراء من خلال توفير مزيد من الحوافز و التسهيلات للمستثمرين في القطاعات الخضراء و تشجيع الابتكار والتكنولوجيا النظيفة وتعزيز السياسات البيئية لتحسين كفاءة انتاج واستهلاك الطاقة.
- دراسة زيدان2022) ) بعنوان “انعكاسات الاقتصاد الأخضر علي النمو الاقتصادي في مصر (دراسة مقارنه – نموذج قياسي) “
وهدفت هذه الدراسة الي دراسة الواقع الحالي للاقتصاد الأخضر في مصر و المقارنة مع بعض الدول و ألقاء الضوء علي الأثار المترتبة من التحول للاقتصاد الأخضر علي النمو الاقتصادي, واعتمدت الدراسة علي المنهج الاستقرائي فقد تم استخدام الأسلوب الوصفي و التحليلي. وقد توصلت نتائج الدراسة الي أن من أهم اهداف الاقتصاد الأخضر هو مواجهة التحديات البيئية حيث خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن انتاج واستهلاك الطاقة , كما أن زيادة الأنفاق علي مجالات الاقتصاد الأخضر تسببت في انخفاض معدلات الفقر في أفريقيا وهي أعلي معدلات فقر علي مستوي العالم وبالتالي فأن الاهتمام بمجالات الاقتصاد الأخضر له أثرا ايجابيا علي معدلات نمو الناتج القومي وبالتالي التخلص من الفقر وزيادة نصيب الفرد من اجمال الدل القومي.
وقد أوصت الدراسة بالاعتماد علي استراتيجية شاملة للاقتصاد الأخضر ذات أهداف ومؤشرات واضحة وقابلة للقياس, ومواصلة الجهود لتطوير نظام الضرائب البيئية , و العمل علي تنفيذ مشروعات وبرامج وتبني مبادرات خضراء بيئية مثل مبادرة ” اتحضر للأخضر” , والتي توفر فرص عمل وتحسن مستوي المعيشة وبالتالي خفض معدلات الفقر وتدعم الاقتصاد الوطني.
- دراسة المخزنجي و محمد2024) ) بعنوان ” الاقتصاد الأخضر كألية لجذب الاستثمار الأجنبي وتحقيق متطلبات التنمية المستدامة في مصر”
وهدفت هذه الدراسة الي تناول دور الاقتصاد الأخضر ومصادر الطاقة النظيفة كألية لجذب واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة المتجددة , مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة في مصر بأبعادها الأربعة البعد الاقتصادي , البيئي , السياسي و الاجتماعي , وقد اعتمدت هذه الدراسة علي المنهج الوصفي و التحليلي واعتمدت علي المنهج العلمي الحديث حيث استخدمت نموذج الانحدار الذاتي للفجوات الموزعة ((ARDL Autoregressive Distributed Lag Model لبناء وصياغة نموذج قياسي وذلك لتقدير وقياس وتحليل أثر الاقتصاد الأخضر علي جذب الاستثمار الأجنبي وتحقيق التنمية المستدامة.
وقد توصلت نتائج الدراسة الي وجود علاقة معنوية ذات دلالة احصائية بين زيادة تدفق صافي الاستثمار الأجنبي المباشر و التنمية الاقتصادية.
و قد أوصت الدراسة بتحسين حوافز الاستثمار في الطاقة المتجددة من خلال التشريعات الداعمة و الاستقطاعات الضريبية لاستقطاب مزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة وتحقيق التنمية والمستدامة , كما أوصت بتبني استراتيجيات تصنيعية تراعي المتطلبات البيئية وتعزز الاقتصاد الأخضر و الابتكار.
- دراسة Al-Taie (2021 ) بعنوان “Green economy and sustainable development”
هدفت هذه الدراسة الي تعريف وتوضيح ماهية الاقتصاد الأخضر و التنمية المستدامة وما العلاقة التي تربطهما, حيث أن الاقتصاد الأخضر هو النموذج المثالي و الواضح لتحقيق نمو اقتصادي مستدام او ما يعرف بالتنمية المستدامة, وقد توصلت نتائج الدراسة الي أن مفهوم الاقتصاد الأخضر مفهوم بدء في الظهور حديثا وأكتسب اهمية كبيره واهتمام بين الباحثين في مختلف المجالات , كما أن الاقتصاد الأخضر يشجع علي تقليل التلوث واستخدام الطاقة بطرق حديثة والتي تحافظ علي الموارد البشرية و المادية وتقلل من الانبعاثات الكربونية الخطيرة كما أنه يشجع علي التنمية الاجتماعية , ومن نتائج الدراسة أيضا ان للاقتصاد الأخضر مرحلتين , المرحلة الأولي مرحلة جزئية ومن أهم ما فيها هو دراسة الاستثمارات البيئية لتقليل أخطار التلوث و المرحلة الثانية هي مرحلة كلية والتي تهتم بدراسة وتقليل كافة الأخطار و المشاكل البيئية التي قد تواجه المجتمعات .
وقد أوصت الدراسة بالاهتمام بتنفيذ تطبيقات ومشاريع تكنولوجيا النانو وذلك لأن تكنولوجيا النانو الحديثة تساعد علي زيادة كفاءه الطاقة وكفاءه استخدامها كما أنها تساعد في علاج كثير من المشكلات الصحية ولقد تم استخدامها لتطوير طرق حديثه لتوفير ومعالجة مياه الشرب والكشف عن تلوث الهواء و علاج المشاكل البيئية الأخرى.
- دراسة Henderson (2007) بعنوان Growing the green economy – globally” “
وتهدف هذه الدراسة الي تحليل استراتيجيات الاستدامة العالمية و دراسة نمو الاقتصاد الأخضر لما له من أهمية كبيرة في أنقاذ العالم من الأخطار البيئية و النمو غير المستدام , وقد توصلت نتائج الدراسة الي أن النماذج الاقتصادية الحالية تقود العالم نحو العولمة غير المستدامة ولذلك تري الدراسة أن النماذج الاقتصادية التقليدية تعتبر عائقا أمام التحول نحو الاستدامة.
وقد أوصت الدراسة الي الاهتمام بالابتكار التكنولوجي والتحول من الوقود الأحفوري الي الطاقة المتجددة , وأشارت الي أهمية السياسات متعددة التخصصات التي تتجاوز المعايير النقدية في تقييم التقدم المجتمعي.
- دراسة Houssam and others (2023) بعنوان ” Assessing the role of green economy on sustainable development in developing countries “
وهدفت هذه الدراسة الي فهم وتحليل دور الاقتصاد الأخضر في تحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية وذلك من خلال فحص تجريبي للعلاقة بين الاقتصاد الأخضر وثلاث متغيرات تابعة مختلفة وهم نصيب الفرد من الناتج المحلي الأجمالى, ومعدل البطالة الأجمالى ومستوي الفقر, وذلك باستخدام بيانات مقطعية ل60 دولة نامية في عام 2018, وقد اعتمدت الدراسة علي تطبيق نهج المربعات الصغرى المعممة (GLS), وتعد الأبعاد الأربعة لمؤشر الاقتصاد الأخضر العالمي (GGEI) هي المتغيرات المستقلة الرئيسة التي تقيس انجازات الدول في جوانب الاقتصاد الأخضر العالمي, وقد توصلت نتائج الدراسة الي أن مفهوم الاقتصاد الأخضر برز ليس كبديل للتنمية المستدامة , بل كنهج محدد ومباشر وأداة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة , وفي ضوء ذلك أظهرت نتائج الدراسة أن الاقتصاد الأخضر يؤثر ايجابيا علي متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الأجمالي ومستوي البطالة الإجمالية , بينما يؤثر سلبا علي معدل الفقر في الدول النامية .
وقد أوصت الدراسة بأن ينبغي علي أدارات الدول النامية توضيح أهمية الاقتصاد الأخضر من خلال توحيد تعريفه وأدوات قياسه ومجموعة البيانات المستخدمة في حسابه , وتحسين المؤسسات والسياسات لتشجيع القطاعين العام و الخاص علي الاستثمار في القطاعات الخضراء وتشجيع مبادرات البحث و التطوير العلمي والابتكار التكنولوجي.
- دراسة Hassanein, H. M (2022) بعنوان ” Impact of the Green Economy on Sustainable Development in Egypt – Challenges and Opportunities“
وهدفت هذه الدراسة الي توضيح كيف يتيح التحول الي الاقتصاد الأخضر في مصر فرصا كبيرة لتحقيق التنمية المستدامة من خلال معالجة التحديات البيئية وتعزيز النمو الاقتصادي وتستكشف هذه الدراسة التأثير والتحديات والفرص المرتبطة بالاقتصاد الأخضر في مصر. وقد توصلت نتائج الدراسة الي أن للاقتصاد الأخضر تأثيرا ايجابيا وهاما علي التنمية المستدامة في مصر. ويتمثل هذا التأثير في تحسين جودة البيئة , خلق فرص العمل , تنويع مصادر الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة.
ومع ذلك, هناك تحديات وعقبات أمام ذلك التأثير منها ضعف البنية التحتية , نقص التمويل اللازم ونقص الوعي والتثقيف حول الاقتصاد الأخضر. وقد أوصت الدراسة بضرورة تبني سياسات واستراتيجيات واضحة تدعم الاستثمار في القطاعات الخضراء, وتشجع الابتكار و التكنولوجيا البيئية , وتوفر التمويل والدعم المالي وتعزز الوعي والثقافة.
- دراسة Sarhan (2023) بعنوان “TOWARDS GREEN ECONOMY IN EGYPT : DECOUPLING ECONOMIC GROWTH AND CARBON EMISSIONS “
وهدفت هذه الدراسة الي استكشاف جهود مصر للتحول نحو اقتصاد أخضر, لا سيما من خلال فصل نمو الناتج المحلي الاجمالي عن انبعاثات الكربون, مع تسليط الضوء علي التقدم المحرز حتي الان والتحديات المستقبلية التي قد تواجهها مصر, وقد توصلت نتائج الدراسة أن أجندة مصر للاقتصاد الأخضر تنطوي علي امكانات كبيرة لتعزيز قدرتها التنافسية الاقتصادية, وتقليل اعتمادها علي الوقود الأحفوري وتحسين نتائجها البيئية.
وقد أوصت الدراسة بأن تتبني مصر استراتيجية متكاملة تدمج العمل المناخي في أهدافها الانمائية الأوسع , ويتطلب هذا النهج جهودا متضافرة من مختلف الجهات المعنية بما في ذلك الحكومة و القطاع الخاص والمجتمع المدني.
- دراسة Ozili (2022) بعنوان “Sustainability and sustainable development research around the world “
وهدفت هذه الدراسة الي استعراض أبحاث الاستدامة والتنمية المستدامة حول العالم , حيث تبدأ الدراسة بتعريف مفهومي الاستدامة و التنمية المستدامة. بعد ذلك, تسلط الضوء علي أبعادهما بالاستناد الي الأدبيات وتوضيح العلاقة بينهما , وقد توصلت نتائج الدراسة الي أن الاستدامة و التنمية المستدامة تؤديان الي زيادة توافر الموارد, وتتأثران بسياسات الدولة , التحديات الهيكلية, الاختناقات المؤسسية, و الارادة السياسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقد أوصت الدراسة أن علي صانعي السياسات الراغبين في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ضمان قدرتهم علي تلبية الاحتياجات المحلية الأكثر الحاحا , وخاصة تلك التي يمكن تلبيتها باستخدام موارد تعتبر ضارة بالتنمية المستدامة.
- دراسة Bina (2013) بعنوان ” The green economy and sustainable development: an uneasy balance ? “
وهدفت هذه الدراسة الي تناول العلاقة و التأثير بين الأزمة المزدوجة وظهور “التخضير” كجزء من الحل وفهم ما يحدد ويميز المقترحات الواردة في أربعة وعشرين مصدرا حول الاقتصاد الأخضر وما هو معني واثار أجندة التخضير المتزايدة للتنمية المستدامة مع دخولها القرن الحادي والعشرين, وقد توصلت نتائج الدراسة الي الاعتراف بوجود ترابط بين الأزمتين , البيئية و الاقتصادية , وأننا لا نحتاج الي اقل من مفهوم مختلف للتقدم الاجتماعي و الاقتصادي وذلك لتفسير معني و اثار التخضير علي التنمية المستدامة والكشف عن الاقتصاد و فهم طبيعة العلاقة بين نموه ونمو الاقتصاد الأخضر.
وقد أوصت الدراسة بالاعتماد علي تصنيف دريزيك للخطاب البيئي و القائم علي ثلاثة أنماط مترابطة وهم : الندرة والحدود , الوسائل و الغايات و الاختزالية و الوحدة , وذلك التصنيف يعمق الفهم لتفسير معني وأثار التخضير و الاقتصاد الأخضر علي التنمية المستدامة.
شهد العالم خلال العقود الأربعة الماضية مجموعة من الأزمات العالمية المتلاحقة التي أثرت سلبًا على قدرة الدول على الإنتاج المستدام، وأسهمت في تراجع خدمات النظم الإيكولوجية التي تُعد من الركائز الأساسية لحياة الفقراء، الأمر الذي أدى إلى تفاقم مشكلتي الفقر والتفاوتات الاقتصادية. كما تسببت هذه الأزمات في بروز العديد من الآثار الخارجية السلبية، من أبرزها التلوث البيئي، وتغير المناخ، واستنزاف الموارد الطبيعية، مما أضعف من قدرة النظم البيئية على تجديد مواردها وضمان رفاه الإنسان على المدى الطويل.
وفي ضوء هذه التحديات المتزايدة، برز مفهوم الاقتصاد الأخضر كاستجابة استراتيجية تهدف إلى توجيه عجلة النمو الاقتصادي نحو القطاعات الخضراء الناشئة، بالإضافة إلى “خضرنة” القطاعات الاقتصادية القائمة، وذلك من خلال تعزيز كفاءة الموارد، وتغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة. ويُعد هذا التحول الاقتصادي أداة فعالة لتوفير فرص العمل، والحد من الفقر، وتقليل استهلاك الموارد البيئية، بما يحقق الاستدامة على المدى الطويل. (Sarhan et al., 2023)
1.1 مفهوم الاقتصاد الأخضر
تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم الاقتصاد الأخضر تبعًا للجهات والمؤسسات الدولية، ومن أبرزها:
- برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) يعرف الاقتصاد الأخضر بأنه: “لاقتصاد الذي يسهم في تحسين رفاه الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية، مع الحد في الوقت ذاته من المخاطر البيئية وحالات الشح الإيكولوجي.” (خالد هاشم ،2022 )
- أما البنك الدولي فقد عرّفه على أنه: “الاقتصاد الذي يتميز بالكفاءة في استخدام الموارد الطبيعية، ويحد من تلوث الهواء، ويقلل من الأثر البيئي السلبي، مع مراعاة إدارة المخاطر البيئية، وضرورة تحقيق نمو اقتصادي شامل وعادل.” (حسين مغاوري واخرون ،2021 )
- وتُعرفه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بأنه: “نمو اقتصادي يراعي الحفاظ على الثروات الطبيعية الضرورية لتأمين الموارد الحيوية ومواجهة الأزمات البيئية، بما يحقق رفاهية الإنسان.”
- كما يقدّم كارل بركرت تعريفًا إجرائيًا للاقتصاد الأخضر، حيث يرى أنه يقوم على ستة قطاعات رئيسة: الطاقة المتجددة، البناء الأخضر، وسائل النقل النظيفة، إدارة المياه وإعادة تدويرها، وإدارة الأراضي. (خالد هاشم ،2022 )
- ويُعرّف معهد الاقتصاد الأخضر العالمي (GGGI) الاقتصاد الأخضر بأنه: “نموذج تنموي يهدف إلى دعم النمو الاقتصادي بالتوازي مع ضمان الاستدامة البيئية للموارد الطبيعية والمناخ.” (حسين مغاوري ،2021 )
- ويمكن اختصار المفهوم في تعريف شمولي بأنه: “اقتصاد مرن يسعى إلى تحسين جودة الحياة لجميع أفراد المجتمع، ضمن الحدود الإيكولوجية للكوكب.” ويتمثل جوهر الاقتصاد الأخضر في التركيز على زيادة الاستثمارات في القطاعات التي تعزز من رأس المال الطبيعي، وتحد من الاختلالات البيئية والتهديدات الإيكولوجية المستقبلية.
1.2 نشأة وتطور مفهوم الاقتصاد الأخضر
ظهر مفهوم الاقتصاد الأخضر لأول مرة عام 1989 من خلال مركز لندن للاتصال البيئي المستدام، حيث طُرح كأداة لتحقيق التنمية المستدامة عبر تبني سياسات اقتصادية ومالية تراعي الأبعاد البيئية. إلا أن المفهوم لم يحظَ بالاهتمام الدولي الكافي آنذاك، ليعود إلى الواجهة بقوة في عام 2008، في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وما خلفته من آثار اقتصادية واجتماعية سلبية، مثل فقدان العديد من الأفراد لوظائفهم، وتزامن ذلك مع أزمة الغذاء العالمية (2008-2009).
وعلى المستوى النظري، يُعتبر الاقتصادي سيمون كوزنتس من أوائل من أشاروا إلى العلاقة بين النمو الاقتصادي والبيئة، من خلال ما عُرف بـ”منحنى كوزنتس البيئي”، حيث أوضح أن زيادة النمو الاقتصادي تؤدي في مراحلها الأولى إلى ارتفاع في معدلات التلوث البيئي، إلى أن تصل إلى نقطة تحول حرجة، يبدأ بعدها التلوث في التراجع مع تحسن مستوى الدخل، وزيادة الوعي البيئي، وتطور التكنولوجيا، ما يدل على وجود علاقة غير خطية بين النمو الاقتصادي والتدهور البيئي، يأخذ شكل حرف U مقلوب (عزام.ن ، المسلمي.ه، 2024) ؛ كما يوضح الشكل التالي:
شكل (1)
منحنى كوزنتس البيئي
المصدر : (عزام.ن ، المسلمي.ه، 2024)
1.3 الفرق بين الاقتصاد الأخضر والاقتصاد التقليدي
ويتم تحديد اوجه المقارنة بين الاقتصاد الاخضر والتقليدي من خلال الجدول التالي:
جدول (1)
مقارنة بين الاقتصاد التقليدي والاقتصاد الاخضر
المعيار | الاقتصاد التقليدي | الاقتصاد الأخضر |
مصدر الطاقة | يعتمد على الوقود الأحفوري | يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة |
استغلال الموارد | يتصف بسوء استغلال الموارد الطبيعية دون مراعاة قدرتها على التجدد | يركز على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية مع مراعاة استدامتها |
البعد البيئي | لا يهتم بالبعد البيئي، مما يؤدي إلى مستويات عالية من التلوث | يحقق التوازن بين الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية |
النمو الاقتصادي | يحقق مستويات عالية من النمو الاقتصادي، لكنه نمو مشوه وغير مستدام. | يهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة مع مراعاة المخاطر البيئية |
التكنولوجيا | يستخدم تكنولوجيا مكلفة تنتج مستويات عالية من التلوث. | يستخدم تكنولوجيا نظيفة تحافظ على الموارد الطبيعية وتعزز إعادة التدوير |
العدالة الاجتماعية | يعاني من عدم عدالة في توزيع الدخل وارتفاع مستويات الفقر. | يهدف إلى تحقيق العدالة في توزيع الدخل من خلال خلق فرص عمل خضراء ومعالجة الفقر. |
المصدر : خالد هاشم عبدالحميد في بحثه بعنوان “الاقتصاد الأخضر ودوره في تحقيق التنمية المستدامة”
1.4أهداف ومبادئ الاقتصاد الأخضر
يمثل الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ويُسهم هذا التحول في تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تتقاطع مع أولويات الدول والمجتمعات في العصر الحديث.
أولًا: أهداف الاقتصاد الأخضر
- توفير فرص العمل
يُعد خلق الوظائف الخضراء هدفًا جوهريًا للاقتصاد الأخضر، إذ تسهم السياسات البيئية المستدامة في توفير فرص عمل لائقة في قطاعات متعددة مثل الطاقة المتجددة، والنقل النظيف، وإدارة النفايات، مما يحقق النمو الاقتصادي مع حماية البيئة. - القضاء على الفقر
يرتبط القضاء على الفقر بالاستدامة البيئية، إذ إن حسن إدارة الموارد الطبيعية ينعكس إيجابًا على تحسين معيشة الفئات الهشة، ويقلل من الفقر بمفهومه الواسع الذي يتجاوز الدخل ليشمل الرعاية الصحية، والتعليم، وجودة الحياة. - الحفاظ على الموارد الطبيعية
يسعى الاقتصاد الأخضر إلى تبني أنماط جديدة في العيش، بالإضافة إلى تطوير أساليب إنتاج واستهلاك تراعي الحدود البيئية، وتُقلل من استنزاف الموارد، مما يضمن استدامتها للأجيال القادمة. - خفض انبعاثات الكربون والتلوث
من أبرز أهداف الاقتصاد الأخضر هو الحد من التلوث الناتج عن الأنشطة البشرية، وذلك من خلال التقليل من انبعاثات الكربون، والنفايات الصناعية، وبالتالي تقليل الآثار السلبية للتغير المناخي. - الحد من النمو السكاني غير المنضبط
يُسهم الاقتصاد الأخضر في ضبط النمو السكاني عبر خطط حضرية مستدامة، حيث إن تزايد عدد السكان يؤدي إلى ضغط كبير على الخدمات العامة والبنى التحتية، مما يُفاقم من التلوث ويستنزف الموارد، خاصة في المناطق الحضرية المكتظةSarhan et al., 2023) ) .
تنبع أهمية الاقتصاد الأخضر من التوقعات المستقبلية بتفاقم الأزمات العالمية بحلول عام 2030، مثل: ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض، وزيادة انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 45%، وارتفاع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة، ومعاناة أكثر من مليار شخص من الفقر المدقع (بدخل أقل من دولار واحد يوميًا)، وأكثر من ثلاثة مليارات بدخل أقل من دولارين يوميًا. (حسين مغاوري ،2021 )
نلاحظ أن نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد بالطن سنوياً في تزايد مستمركما يوضح الشكل التالي:
الشكل (2)
متوسط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد بالطن سنوياً
المصدر: إعداد الباحثين بناء على بيانات البنك الدولي
وبناءً على هذه التحديات، يُعتبر الاقتصاد الأخضر مسارًا ضروريًا لتحقيق التنمية المستدامة، ومواجهة الفقر، والحد من النفايات والتلوث والانبعاثات ، عبر تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك باتجاه أكثر كفاءة واستدامة.
ثالثًا: مبادئ الاقتصاد الأخضر
يقوم الاقتصاد الأخضر على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تُميّزه عن النماذج التقليدية، ومن أبرزها:
- وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة
لا يُنظر إلى الاقتصاد الأخضر كغاية، بل كأداة لتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة. - توفير العمل اللائق والوظائف الخضراء
يركز على خلق وظائف تحترم المعايير البيئية وتُسهم في تحسين نوعية الحياة. - احترام الحدود البيئية للكوكب
يعترف الاقتصاد الأخضر بوجود حدود إيكولوجية يجب عدم تجاوزها، وذلك لتجنّب التدهور البيئي واسع النطاق. - اعتماد اتخاذ القرار المتكامل
يتم اتخاذ القرارات الاقتصادية بناءً على منظور شامل يدمج الأبعاد الاجتماعية والبيئية. - قياس التقدم بمؤشرات غير تقليدية
لا يقتصر التقييم على الناتج المحلي الإجمالي، بل يُستخدم مزيج من المؤشرات التي تعكس الاستدامة والرفاه. - تحقيق العدالة بين الأجيال وبين الدول
يهدف إلى توزيع الموارد والفرص بشكل عادل، بما يضمن حقوق الأجيال القادمة، ويُقلل الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية. - حماية التنوع الإيكولوجي
يحافظ على الأنواع البيولوجية والأنظمة البيئية الحيوية من التدهور والانقراض. - تعزيز الحوكمة الرشيدة
يسهم في تحسين نظم الحكم، وسيادة القانون، وبناء نظم ديمقراطية مستقرة وقادرة على إدارة التحولات المستدامة.
Sarhan et al., 2023))
المبحث الثاني : الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، برز مفهوم التنمية المستدامة كإطار متكامل تسعى الدول من خلاله لتحقيق النمو دون الإضرار بالبيئة، وهو ما مهد الطريق لظهور الاقتصاد الأخضر كأداة تنفيذية لهذا التوجه.
2.1 تعريف ومبادئ التنمية المستدامة
أولًا: تعريف التنمية المستدامة
تُعرف التنمية المستدامة بأنها:
“التنمية التي تلبّي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها، وذلك من خلال حماية النظام الإيكولوجي لكوكب الأرض وتعزيزه.” (حسين مغاوري ،2021 )
كما تُعتبر إطارًا شاملًا يدمج بين الجوانب البيئية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتقنية، والقانونية، وفق منظور أخلاقي يعكس مسؤولية الإنسان تجاه الطبيعة والموارد.
ثانيًا: تطور مفهوم التنمية المستدامة
- من الستينيات إلى السبعينيات:
ارتبطت التنمية بزيادة النمو الاقتصادي، وتقليل معدلات الفقر والبطالة، وظهرت مفاهيم جديدة تُركز على تلبية الاحتياجات الأساسية وتعزيز مشاركة الشعوب في العملية التنموية. - بداء من منتصف الثمانينيات:
ظهر ما يُعرف بالتنمية الشاملة، والتي هدفت إلى تحسين مستوى المعيشة، وزيادة النمو، وتحقيق التوزيع العادل للموارد، باستخدام استراتيجيات تعالج جذور المشكلات وتضع حلولًا طويلة الأمد (عبدالغفار .2023 ).
ثالثاً: مبادئ التنمية المستدامة
من المبادئ الجوهرية التي تُشكّل إطار التنمية المستدامة:
- ضمان الحق في الحياة الكريمة.
- تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة.
- التركيز على العدالة الاجتماعية.
- كفاءة استخدام الموارد.
- اعتبار الإنسان محورًا للتنمية(عبدالغفار .2023 ).
2.2 العلاقة بين الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة:
يمثل الاقتصاد الأخضر إطارًا تكامليًا يسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع الحفاظ على البيئة وحماية الموارد الطبيعية للأجيال الحالية والمستقبلية، من خلال تحسين كفاءة استخدام الموارد وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتطوير التكنولوجيا النظيفة والاستثمار في البنية التحتية الخضراء(عبدالغفار .2023 )..
ويتجسّد هذا التكامل في ثلاثة أبعاد رئيسة: البعد البيئي الذي يهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية وحماية التنوع البيولوجي، والبعد الاقتصادي الذي يعزز النمو من خلال استثمارات في القطاعات الخضراء وخلق فرص عمل جديدة، والبعد الاجتماعي الذي يسهم في الحدّ من الفقر وتحسين عدالة توزيع الدخل (عبدالغفار .2023 )..
وقد أظهرت دراسة تطبيقية لخالد هاشم أن تبني السياسات الخضراء ينعكس إيجابيًا على مؤشرات التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي؛ وذلك من خلال تحليل بيانات مقطعية لعدد 110 دولة، ارتبطت مؤشرات الأداء البيئي ومؤشر الاقتصاد الأخضر العالمي بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي. (خالد هاشم، 2022)
بينما خلُص البحث التطبيقي للمخزنجي وهبة الله سمير على الاقتصاد المصري إلى أن زيادة حصة الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات الكربونية يساهمان في نمو اقتصادي طويل الأجل ودعم التنمية المستدامة ، وتؤكد تجربة مصر أيضًا على دور أدوات التمويل الأخضر مثل إصدار السندات الخضراء واستضافة مؤتمر المناخ COP27 في جذب الاستثمارات الخضراء وتعزيز البنية التحتية المتجددة.
علاوةً على ذلك، تُبرز جهود مؤسسات المجتمع المدني مثل “مؤسسة غيث” دور القطاع غير الحكومي في تحقيق التنمية المجتمعية المستدامة عبر مشاريع توفير المياه النظيفة “ارتواء”، ودعم ذوي الهمم، وإعادة إعمار المساجد والمدارس، والتي تسهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز العدالة الاجتماعية ضمن رؤية الاقتصاد الأخضر. بذلك يتضح أن الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة ليسا مجرد مفاهيم نظرية، بل أدوات عملية قادرة على خلق نموذج تنموي مستدام يوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي وحماية البيئة والرفاه الاجتماعي. (المخزنجي واخرون ،2024 )
2.3 الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية للاستدامة
أولًا: البُعد البيئي
يشكل البعد البيئي أحد المحاور الجوهرية في تحقيق التنمية المستدامة. إذ يساهم الاقتصاد الأخضر في حماية البيئة من خلال تقليل انبعاثات الكربون، وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، وتبني تكنولوجيا نظيفة تحافظ على الموارد الطبيعية وتعيد تدويرها. وتؤكد الدراسة أن السياسات الإنتاجية التقليدية قد أدت إلى استنزاف الموارد الطبيعية وزيادة التلوث البيئي، ما استدعى التحول نحو الاقتصاد الأخضر كمسار لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة في الموارد البيئية
(عبدالغفار ،2023 ).
ثانيًا: البُعد الاجتماعي
يركز الاقتصاد الأخضر على تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع مستوى المعيشة من خلال خلق فرص عمل خضراء، وتحسين الظروف الصحية للمجتمعات، وتوفير خدمات أساسية مثل المياه والطاقة بأساليب مستدامة. وقد ورد في الدراسة خالد هاشم عبد الحميد أن الاقتصاد الأخضر يهدف إلى تحسين رفاهية الإنسان، وتقليل الفقر، وتحقيق المساواة الاجتماعية من خلال استثمارات صديقة للبيئة(عبدالغفار ،2023 )..
ثالثًا: البُعد الاقتصادي
اقتصاديًا، يسهم الاقتصاد الأخضر في تحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال رفع كفاءة استخدام الموارد وتقليل الهدر في الموارد ، وتعزيز الاستثمارات الخضراء، وإنشاء أسواق جديدة للمنتجات البيئية. وقد أشارت الدراسات كدراسة خالد هاشم إلى وجود علاقة طردية بين مؤشرات الاقتصاد الأخضر (مثل كفاءة القطاعات والاستثمارات الخضراء) والنمو الاقتصادي، بما في ذلك زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي(عبدالغفار ،2023 )..
المبحث الثالث: سياسات مصر نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم، بات التحول نحو الاقتصاد الأخضر خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة. وتواجه مصر، كغيرها من الدول النامية، تحديات مزدوجة تتمثل في تحقيق النمو الاقتصادي من جهة، وحماية الموارد الطبيعية ومواجهة آثار تغير المناخ من جهة أخرى. لذا، تبنت الدولة المصرية مجموعة من السياسات والمبادرات الوطنية الطموحة، التي تهدف إلى دمج البُعد البيئي في الخطط التنموية، وتعزيز كفاءة استخدام الموارد، وتشجيع الاستثمارات في القطاعات الصديقة للبيئة. يستعرض هذا المبحث أبرز السياسات والمبادرات التي تنتهجها مصر في سبيل التحول نحو الاقتصاد الأخضر، من خلال تحليل الرؤية الاستراتيجية للدولة، وأهم المشروعات القومية ذات الصلة، والتحديات التي تواجه تنفيذ تلك السياسات على أرض الواقع(UNEP, 2011, p. 45).
3.1 رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي 2050
تُعد “رؤية مصر 2030” الإطار الاستراتيجي الشامل للتنمية المستدامة، إذ تستند إلى مجموعة من المؤشرات التي تعزز توجه الدولة نحو اقتصاد متنوع ومستدام يرفع من مكانتها إقليميًا ودوليًا، ويوفر مستويات معيشية أفضل للمواطنين. وفي هذا الإطار، تعتمد مصر على سياسات واضحة للتحول نحو الطاقة النظيفة، خفض انبعاثات الكربون، وتعزيز مبادئ الاستدامة البيئية. (مجلس الوزراء ، رؤية مصر 2030)
يشكل محور “التنمية الاقتصادية” أحد الأعمدة الأساسية للرؤية، ويشمل سبعة أهداف رئيسة، من بينها: تعزيز التنافسية، تنويع مصادر النمو الاقتصادي، والاعتماد على المعرفة، بما يعزز قدرة الاقتصاد المصري على المنافسة عالميًا، ويرفع مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي.
وقد وُضعت “رؤية مصر 2030” كخارطة طريق متكاملة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز المكانة الدولية لمصر. وتم تطوير مجموعة من المؤشرات الاستراتيجية لرصد التقدم نحو أهداف الرؤية بحلول عام 2030، وقد تم تصنيف هذه المؤشرات إلى ثلاث مجموعات رئيسة:
أولًا: مؤشرات النتائج الاستراتيجية
تشمل الأهداف الكمية طويلة الأجل التي تعكس الطموحات الاقتصادية، وتتمثل في:
- معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي: تستهدف الرؤية تحقيق 12% بحلول 2030.
- نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي: الوصول إلى 10,000 دولار أمريكي.
- حصة مصر من الناتج العالمي: تهدف للوصول إلى 1%.
- خفض معدل الفقر: تقليل نسبة السكان تحت خط الفقر إلى 15%، وتحت الفقر المدقع إلى 4%.
- خفض الدين العام والعجز الكلي: خفض الدين العام إلى 75% والعجز الكلي إلى 28%.
- الاحتياطي الأجنبي: تغطية 10 أشهر من الواردات.
- معدلات التضخم والبطالة: ضبط التضخم بين 3-5% وخفض البطالة إلى5%.(UNEP, 2011, p. 45)
ثانيًا: مؤشرات المخرجات
تعكس تطور البنية الاقتصادية، ومن أبرزها:
- القيمة المضافة الصناعية: رفع نسبتها إلى 18% من الناتج المحلي الإجمالي.
- نسبة التجارة وصافي الميزان التجاري: وصول التجارة السلعية والخدمية إلى 65%، وصافي الميزان إلى 1%.
- مساهمة القطاع الخاص: زيادتها إلى 75%.
- الصادرات ذات المحتوى التكنولوجي: رفع نسبتها إلى6%.
- الاستثمارات الأجنبية المباشرة: تحقيق 30 مليار دولار.
- إيرادات خدمات التعهد: تحقيق 5 مليارات دولار. (UNEP, 2011, p. 45)
ثالثًا: مؤشرات المدخلات
وتركز على الإمكانيات والموارد اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية، وتتضمن:
- نسب الضرائب: ضرائب الدخل إلى 22%، والقيمة المضافة إلى 10%.
- نسبة الاستثمار العام من المحليات: رفعها إلى30%.
- قيمة دعم الصادرات: تخصيص 8 مليارات جنيه. (UNEP, 2011, p. 45)
رابعاً: تطورات الأداء الاقتصادي في مصر ضمن إطار الاقتصاد الأخضر
حقق الاقتصاد المصري معدلات نمو ملحوظة في السنوات الأخيرة، رغم التحديات الإقليمية والدولية التي أثرت على أداء معظم الاقتصادات النامية. وقد جاء هذا التحسن نتيجة لتبني الحكومة مجموعة من السياسات والإصلاحات الهيكلية في إطار رؤية مصر 2030، حيث استهدفت تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، الحفاظ على البيئة، وضمان العدالة الاجتماعية.
وقد أظهرت البيانات الرسمية تحقيق معدلات نمو بلغت نحو 5.6% في السنوات السابقة لجائحة كوفيد-19، في حين استمرت مؤشرات النمو الإيجابية خلال عامي 2021 و2022. كما تميزت المرحلة الأخيرة بزيادة في حجم الاستثمارات، خاصة في قطاعات البنية التحتية والطاقة، والتي تُعد من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة والانتقال نحو الاقتصاد الأخضر. ( البنك الدولي ، 2022)
وشهدت معدلات البطالة تحسنًا ملحوظًا، حيث انخفضت من 13% في 2014 إلى أقل من 7.4% في عام 2022، مدعومة بزيادة فرص العمل في مشروعات قومية كبرى، خاصة في مجالات الطاقة النظيفة والنقل المستدام. كما انخفضت معدلات التضخم تدريجيًا حتى عام 2021، قبل أن ترتفع مجددًا نتيجة للأزمات العالمية. وبالرغم من ذلك، حافظت الدولة على استقرار نسبي في سوق الصرف، ونجحت في جذب استثمارات أجنبية مباشرة في القطاعات الحيوية. (Raihan et al., 2025)
خامساً: الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050
تُمثل الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر حتى عام 2050 أحد أبرز الأطر الوطنية التي تعكس التزام الدولة بالتكيف مع تداعيات التغيرات المناخية، والعمل على تخفيف آثارها. وقد تم إعداد هذه الاستراتيجية بالتعاون مع عدد من الوزارات والجهات الدولية، وتهدف إلى تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.
تركز الاستراتيجية على خمسة أهداف رئيسة، وهي:
- تحقيق نمو اقتصادي مستدام منخفض الانبعاثات في مختلف القطاعات، من خلال زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة.
- تعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ وتخفيف آثاره السلبية، خاصة على الموارد الطبيعية مثل المياه والزراعة.
- تحسين حوكمة وإدارة العمل المناخي، من خلال تعزيز التنسيق المؤسسي بين الجهات الفاعلة.
- رفع الوعي المجتمعي بأهمية التغير المناخي، وتفعيل مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني.
- تطوير البنية التحتية لتمويل المناخ، من خلال تنويع مصادر التمويل ودعم الاستثمارات الخضراء. (Raihan et al., 2025)
3.2 المبادرات الوطنية في مجال الطاقة المتجددة (مثل مشروع بنبان، الهيدروجين الأخضر)
أولًا: مشروع بنبان للطاقة الشمسية 2014 ( موقع الهيئة العامة للإستعلامات)
يقع في شمال محافظة أسوان، ويُعد أحد أكبر مجمعات الطاقة الشمسية على مستوى العالم، بقدرة إنتاجية تصل إلى 1.8 جيجاوات، ويستهدف إنتاج 2000 ميجاوات عند اكتماله.
ويمثل مشروع بنبان للطاقة الشمسية في محافظة أسوان خطوة استراتيجية كبرى نحو تعزيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر في مصر، ودعم الشبكة القومية الموحدة للكهرباء من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. يضم المشروع أربع محطات محولات (بنبان 1، 2، 3، 4) تعمل على تفريغ الطاقة المنتجة من المحطات الشمسية بجهد 22 كيلوفولت، ثم رفعها إلى 220 كيلوفولت تمهيدًا لنقلها إلى الشبكة القومية. وبلغ عدد الألواح الشمسية المستخدمة حوالي 200 ألف لوحة، بقدرة إنتاجية تبلغ 50 ميجاوات، تكفي لتوفير الكهرباء لنحو 70 ألف منزل.
يتم تمويل المشروع من قبل البنك الدولي، والبنك الأوروبي، وعدد من المؤسسات التمويلية الأخرى، مما يعكس الثقة العالمية في البيئة الاستثمارية المصرية. ويهدف المشروع إلى أن يكون نواة رئيسة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، ودعم الشبكة الكهربائية الوطنية، والحد من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية. كما يجري حاليًا تنفيذ 40 محطة شمسية ضمن المشروع، تبلغ قدرة كل منها نحو 50 ميجاوات، ليصل إجمالي الطاقة المنتجة إلى ما يعادل 90% من إنتاج السد العالي للطاقة الكهربائية، وهو ما يعكس حجم المشروع وأهميته.
ويُعد هذا المشروع الرائد أول تطبيق على مستوى مصر لتقنية العزل الكامل بالغاز (GIS)، وهو ما يعكس التقدم التكنولوجي الكبير الذي تحقق في مجال الطاقة المتجددة. كما يُصنّف مشروع بنبان كأكبر تجمع لمحطات الطاقة الشمسية بنظام الخلايا الفولت ضوئية دون تخزين على مستوى العالم، مما يضع مصر في مقدمة الدول المستفيدة من الطاقة الشمسية كمصدر نظيف ومستدام للكهرباء.
ولا يقتصر دور المشروع على الإنتاج المحلي، بل يُعد محطة انطلاق لتصدير الطاقة إلى الخارج، من خلال الربط الكهربائي الجاري تنفيذه بين مصر وقبرص واليونان، وكذلك تصدير الطاقة إلى القارة الإفريقية وعدد من الدول العربية. ويُعد الأثر الاقتصادي للمشروع ملموسًا، حيث يساهم في توليد الكهرباء النظيفة لمئات الآلاف من الأسر، ويساعد مصر على تحقيق هدفها المعلن بتوليد 20% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2022، وفقًا لتقرير صادر عن بنك التنمية الإفريقي.
كذلك، يحقق المشروع مردودًا استراتيجيًا بيئيًا، حيث يساهم في تجنب نحو مليوني طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، في دلالة على التزام مصر بالحد من تغير المناخ. كما جذب المشروع استثمارات أجنبية كبرى من خلال إصدار قوانين مشجعة للاستثمار، مما عزز من موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة المتجددة في المنطقة.
وعلى الصعيد المجتمعي، أثّر المشروع بشكل مباشر على التنمية المحلية، حيث تم تحويل المدرسة الثانوية الصناعية في قرية بنبان إلى مدرسة متخصصة في مجال الطاقة الشمسية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، تنفيذًا لمقترح من محافظ أسوان. وتهدف هذه المبادرة إلى تأهيل الشباب في مجالات تصميم وصيانة محطات الطاقة الشمسية، بدءًا من تصنيع الألواح وحتى تشغيل المحطات، ما يسهم في خلق فرص عمل محلية وتحسين جودة التعليم الفني في المنطقة.
ويأتي مشروع بنبان ضمن جهود أوسع تبذلها مصر لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة، وتخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري، بما يعزز من أمن الطاقة الوطني، ويواكب الزيادة المتنامية في الطلب على الكهرباء. وتسعى مصر إلى تنويع مزيج الطاقة من خلال تطوير محطات الطاقة الكهرومائية، واستخدام الطاقة النووية كما في مشروع الضبعة بالتعاون مع روسيا، بالإضافة إلى رفع مساهمة الطاقة الشمسية إلى 25%، وطاقة الرياح إلى 14%، والطاقة الكهرومائية إلى 2% من إجمالي الطاقة الكهربائية بحلول السنوات القادمة(IRENA, 2023).
ثانيًا: مشروع الهيدروجين الأخضر (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء)
يُعرف الهيدروجين الأخضر، أو ما يُطلق عليه “الهيدروجين المتجدد”، بأنه ناتج عن عملية التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الكهرباء المُولدة من مصادر الطاقة المتجددة، ما يجعله أكثر أشكال الهيدروجين نظافة واستدامة. ويُعد الهيدروجين الناتج متجدداً بالكامل وخالياً من الانبعاثات الملوثة للغلاف الجوي، مما يجعله خياراً مثالياً في سياق التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
وفي هذا الإطار، أعلنت مصر مؤخرًا عن تبني استراتيجية طموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بهدف أن تصبح من أكبر الدول المصدرة له عالمياً، تماشياً مع التوجهات الدولية للحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. وتتمتع مصر بوفرة من الموارد الطبيعية اللازمة لإنتاج الطاقة النظيفة، خاصةً الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتسعى إلى توليد نحو 42% من احتياجاتها الكهربائية من هذه المصادر بحلول عام 2035. ومن المتوقع أن يشكل الهيدروجين الأخضر ركيزة أساسية لتحقيق هذا الهدف، خاصةً في خفض الانبعاثات الناتجة عن قطاعات النقل والصناعة وتوليد الطاقة. ( وزارة الكهرباء، 2023)
وفي فبراير 2023، أُقرت “الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون”، بعد عامين من التحضيرات والدراسات، والتي ترتكز على أربعة محاور رئيسة:
- تطوير البنية التحتية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، من خلال إنشاء 12 محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.
- تعزيز القدرات البحثية عبر تأسيس مركزين للبحوث التطبيقية في القاهرة والإسكندرية.
- صياغة تشريعات استثمارية جديدة وتقديم حوافز جذابة للمستثمرين.
- توسيع الشراكات الدولية مع دول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي.
وبحلول منتصف عام 2023، وقّعت مصر 8 اتفاقيات إطارية و29 مذكرة تفاهم في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتُعد محطة “العين السخنة”، المُقامة بالتعاون مع شركة “سكاتك” النرويجية، من أبرز تلك المشروعات، باستثمارات مبدئية تُقدَّر بنحو 5 مليارات دولار. كما تشمل المشروعات الأخرى محطة لإنتاج الأمونيا الخضراء في منطقة السويس باستثمارات تبلغ 3.5 مليار دولار، بالتعاون مع تحالف شركات من الإمارات وألمانيا. ومن المُرتقب أن تصل القدرة الإنتاجية الإجمالية لهذه المشروعات إلى نحو 4 ملايين طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.
ويُعد المشروع القائم بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس أول منشأة متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر وأفريقيا، ويستهدف إنتاج الأمونيا الخضراء لأغراض التصدير، كما يُسهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 130,000 طن سنويًا. ويُشرف على المشروع تحالف يضم: شركة “فيرتي غلوب”، إحدى كبرى شركات تصدير الأمونيا واليوريا؛ شركة “سكاتك ASA” النرويجية؛ شركة “أوراسكوم للإنشاءات”؛ وصندوق مصر السيادي TSFE، وهو الذراع الاستثماري الحكومي المُدار من القطاع الخاص، ما يجعله شريكًا موثوقًا لجذب الاستثمارات الأجنبية. (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، 2024 (
ويُعد هذا المشروع من أكبر الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة في المنطقة، حيث من المتوقع أن يستقطب ما يُعادل 7 مليارات يورو من الاستثمارات الممولة بالكامل من القطاع الخاص. ويتكون المشروع من ثلاث مراحل تنفيذية، تبدأ المرحلة الأولى منها في عام 2029، بقيادة شراكة بين شركة “EDF Renewables” الفرنسية، والشركة المصرية الإماراتية “Zero Waste”، باستثمار مباشر يُقدَّر بنحو 2 مليار يورو لإنتاج 300,000 طن من الأمونيا الخضراء سنويًا، على أن تصل الطاقة الإنتاجية النهائية إلى مليون طن سنويًا، مما يعزز مكانة مصر كمحور عالمي للطاقة النظيفة.
ولتفعيل هذا المشروع الطموح، خُصصت مساحة تبلغ 368 كيلومترًا مربعًا لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى جانب تخصيص 1.2 مليون متر مربع لإنشاء منشآت الإنتاج. ويُتوقع أن يسهم المشروع في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يقارب 130,000 طن سنويًا، تأكيدًا لالتزام مصر بالمساهمة في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي وتعزيز الاقتصاد الأخضر.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يُنتظر أن يُحقق المشروع مردودًا اقتصاديًا كبيرًا، يتمثل في الإيرادات الناتجة عن رسوم الترخيص واستخدام الأراضي والضرائب، ما يُعزز من تدفق العملة الأجنبية للبلاد. كما سيوفر المشروع آلاف فرص العمل خلال مراحل الإنشاء والتشغيل، مع التركيز على توظيف العمالة المحلية بنسبة تصل إلى 95%، إلى جانب تدريبهم على أحدث تقنيات تشغيل وصيانة منشآت الطاقة الخضراء. وتُخطط الشركات المنفذة للمشروع لتوطين صناعة تكنولوجيا الطاقة المتجددة في مصر، بما يشمل تصنيع الأنظمة الإلكتروليتية، الألواح الشمسية، والتوربينات الهوائية. كما سيدعم المشروع تقديم خدمات الوقود الأخضر للسفن العابرة لقناة السويس، ما يُرسخ من مكانة مصر كمركز لوجستي عالمي للطاقة المستدامة.
تجسد هذه المشروعات التزام الدولة بتعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتقليل البصمة الكربونية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ما يسهم في بناء اقتصاد وطني مرن، قادر على مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية في آنٍ واحد(منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، 2024 (.
ثالثًا: مشروعات النقل المستدام
قامت الحكومة بتنفيذ عدد من المشروعات الكبرى في قطاع النقل تهدف إلى تقليل الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة، مثل: القطار الكهربائي الخفيف (LRT)،و المونوريل، وتوسعة خطوط مترو الأنفاق، والمركبات الكهربائية والحافلات النظيفة. وتهدف هذه المشروعات إلى تحسين جودة الهواء، خفض استهلاك الوقود الأحفوري، وتقليل الاختناقات المرورية في المناطق الحضرية. (IRENA, 2023)
رابعًا: مشروعات المياه والزراعة الذكية
تمضي مصر قدمًا في تنفيذ مشروعات إعادة استخدام المياه المعالجة، وتحلية مياه البحر، لتحسين الأمن المائي في ظل ندرة الموارد. كما تعزز الدولة ممارسات الزراعة الذكية مناخيًا، وتطوير أنظمة الري الحديثة، بما يحقق الأمن الغذائي ويحد من التأثيرات البيئية السلبية(IRENA, 2023).
3.3 الإطار التشريعي والمؤسسي الداعم للاقتصاد الأخضر
سعت مصر منذو فترة طويلة الي تحسين وتطوير التشريعي والمؤسسي لدعم الاقتصاد الاخضر والتنمية المستدامة في مصر وابرز هذه التشريعات: (أيمن عبدالغفار ، 2023)
القوانين والتشريعات البيئية
- : 1982 إصدار القانون رقم 48 لحماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث وإنشاء جهاز شؤون البيئة.
- 1983: إصدار القانون رقم 102 بشأن المحميات الطبيعية، يتيح مشاركة جمعيات حماية البيئة في تنفيذ القوانين البيئية.
- 1994: إصدار قانون حماية البيئة رقم 4، وتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي في مصر.
- : 1992 توقيع مصر على اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي.
- 1995: تقرير دولي يصنف مصر ضمن أكثر الدول تأثرًا بالتغيرات المناخية.
- 1999: تقديم أول تقرير إبلاغ وطني لاتفاقية التغير المناخي، يوضح تأثيرات المناخ على مصر.
- 1996: إنشاء وحدة التغيرات المناخية بجهاز شؤون البيئة.
- 2003: إطلاق مشروع تنمية القدرات لآلية التنمية النظيفة بالتعاون مع جهات دولية، مع إنشاء موقع إلكتروني للمشروع.
- 2005: مصر تصادق على بروتوكول كيوتو، وتشكيل المجلس والمكتب المصري لآلية التنمية النظيفة.
- 2007: تشكيل اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية.
- 2002: الانتهاء من مشروع مراجعة الطاقة البيئية بالتعاون مع البنك الدولي.
- 2005: تنفيذ مشروعات استرشادية للترويج لآلية التنمية النظيفة، وبدء تطبيق بروتوكول كيوتو.
- 2006–2009: إصدار أدلة لكفاءة الطاقة في المباني السكنية والتجارية والحكومية.
- 2007: الانتهاء من المرحلة الأولى من تقرير الإبلاغ الوطني الثاني وتقييم وضع غازات الاحتباس الحراري.
مؤتمرات دولية واستحقاقات بيئية
- 2022: استضافة مصر مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 بمدينة شرم الشيخ، في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر(عبد الغفار ،2023).
المبحث الرابع: أثر الاقتصاد الأخضر على القطاعات الاقتصادية في مصر
يمثل الاقتصاد الأخضر مساراً واعداً لتحقيق التنمية المستدامة، حيث يُعزز التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. وفي السياق المصري، تبرز وفرة الموارد الطبيعية كأحد أهم المقومات التي تؤهلها لتكون من الدول الرائدة في مجال الطاقة المتجددة. وعلى الرغم من إمكانية تطبيق مبادئ الاقتصاد الأخضر في مختلف القطاعات، إلا أن بعض الصناعات التقليدية لا تزال تُبدي مقاومة تجاه هذا التحول، ما يتطلب جهودًا تنظيمية وتشريعية لدفع عجلة التحول البيئي.
تشمل المجالات الرئيسة التي تشهد تحولًا نحو الاقتصاد الأخضر قطاعات مثل: الزراعة، المياه ومصايد الأسماك، النقل، والصناعة. في المقابل، تُعد قطاعات الطاقة والمباني من أبرز الصناعات التقليدية التي تبدي مقاومة نسبية لهذا التحول، نظرًا لاعتمادها التاريخي على الوقود الأحفوري وأنماط البناء غير المستدامة (عبدالغفار ،2023).
4.1 قطاع الزراعة والغذاء
اولاً: القطاع الزراعي
يُعد القطاع الزراعي من أهم ركائز الاقتصاد الأخضر، نظراً لدوره المحوري في تحقيق الأمن الغذائي وإعالة شريحة كبيرة من السكان، لا سيما في المجتمعات الريفية.
فعلى الرغم من التطورات التي شهدها هذا القطاع، إلا أنه ما زال يعاني من ضعف الإنتاجية وتحديات في استغلال الأراضي على نحو مستدام، مما يتطلب وضع آليات فعالة لتنظيم استغلال الأراضي المستصلحة، خاصة تلك الواقعة في نطاق القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي. وتتطلب التنمية الزراعية المستدامة تخصيص الأراضي لمحاصيل ذات قيمة اقتصادية مرتفعة، بالإضافة إلى تعزيز التكنولوجيا الزراعية لرفع كفاءة الإنتاج، وتوفير مستلزمات الإنتاج من خلال الجمعيات التعاونية الزراعية بأسعار مناسبة، إلى جانب إتاحة قروض ميسّرة لتخفيف الأعباء المالية على المزارعين، بما يسهل عملية اعتماد الممارسات الزراعية المستدامة.
يلعب القطاع الزراعي دورًا جوهريًا في توفير فرص العمل وتقليل نسب الفقر، كما يسهم في الحد من الهجرة من الريف إلى الحضر. وتعمل الحكومة المصرية على تعزيز الاستثمارات في الزراعة المستدامة بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية ومواجهة التحديات البيئية مثل التصحر وتغير المناخ، بما في ذلك ظاهرة الاحتباس الحراري. وفي هذا السياق، أطلقت الدولة خطة طموحة لاستصلاح ما يقرب من أربعة ملايين فدان بين عامي 1997 و2017، موزعة على محافظات الجمهورية كافة. (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، 2024)
وفي سبيل مواكبة متطلبات الاقتصاد الأخضر، اعتمدت الحكومة المصرية استراتيجية للتنمية الزراعية المستدامة حتى عام 2030 بموجب القرار الجمهوري رقم 29 لسنة 2017، والتي تستند إلى الإدارة المتكاملة للموارد الطبيعية، وتطوير نظم التأمين الزراعي، وتحسين الوضع الصحي للفلاحين، بالإضافة إلى تطبيق برامج للزراعة الذكية مناخيًاوتُظهر البيانات الرسمية تحسنًا في نسبة الأراضي الزراعية من إجمالي مساحة مصر، حيث ارتفعت من حوالي 3% في أوائل التسعينيات إلى أكثر من 4% في عام 2022، ما يعكس جهود الدولة في التوسع الأفقي من خلال استصلاح الأراضي الصحراوية كما يوضح التالي:
الشكل (3)
نسبة الاراضي الزراعية في مصر من اجمالي المساحة
المصدر: إعداد الباحثين بناء على بيانات البنك الدولي
في حين ظلت نسبة الأراضي الصالحة للزراعة تتراوح بين 3% و3.5% خلال نفس الفترة، مما يشير إلى أهمية التوسع الرأسي عبر زيادة الإنتاجية باستخدام الأساليب الحديثة، رغم ما تواجهه هذه الأراضي من تحديات تتعلق بالتربة والموارد المائية. تشير هذه المؤشرات إلى أن مصر تمضي قدمًا في تبني مفاهيم الاقتصاد الأخضر ضمن سياساتها الزراعية، بهدف تحقيق الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز الاكتفاء الذاتي. كما أن استصلاح الصحراء، التي تمثل نحو 90% من مساحة البلاد، يُعد من الأولويات الاستراتيجية، خاصة أن منها نحو 150 مليون فدان قابلة للاستصلاح، وقد تم بالفعل استصلاح نحو 3.5 مليون فدان حتى الآن.
ومع ذلك، تفرض التقنيات الزراعية الحديثة تحديات بيئية مثل تآكل التربة وإزالة الغابات، ما يستوجب ممارسات زراعية متوازنة ومستدامة. كذلك، تتسبب الأمطار الحمضية، الناتجة عن التلوث الصناعي، في زيادة حموضة التربة وتدمير الغطاء النباتي. ولذا، فإن تحقيق أهداف الاقتصاد الأخضر يتطلب خططًا متكاملة توازن بين الإنتاجية وحماية البيئة. (عبدالغفار ،2023).
4.2 قطاع النقل والمواصلات
في إطار السعي لتحقيق التنمية المستدامة والحد من التلوث البيئي، شرعت وزارة البيئة المصرية، بالتعاون مع وزارة المالية، في تنفيذ مشروع إحلال السيارات المتهالكة بمنطقة القاهرة الكبرى، وذلك بهدف تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يقارب 244 ألف طن سنويًا، ما يسهم بفاعلية في الحد من الأثر البيئي السلبي. ( وزارة البيئة)
ولا يقتصر المشروع على البعد البيئي فحسب، بل يتعداه ليحقق أبعادًا اقتصادية واجتماعية من خلال تحويل السيارات الحكومية للعمل بالغاز الطبيعي عوضًا عن البنزين والسولار، مما يقلل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية مرتفعة التكلفة.
وفي سياق موازٍ، اتخذت الدولة المصرية منذ عام 2014 خطوات ملموسة نحو تعزيز كفاءة شبكة الطرق عبر إنشاء ورفع كفاءة العديد من المحاور والطرق الجديدة، مما أدى إلى تقليص زمن التنقل وتيسير حركة النقل البري، فضلاً عن خفض استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية. وقد انعكست هذه الجهود إيجابيًا على تحسين كفاءة سلاسل الإمداد، وتعزيز بيئة الاستثمار، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية في مجالات الاقتصاد الأخضر.
يُضاف إلى ذلك أن الازدحام المروري وما ينجم عنه من زيادة في مستويات التلوث وانخفاض كفاءة وسائل النقل يؤثران سلبًا على الإنتاجية وجودة الحياة، الأمر الذي دفع الحكومات إلى تطوير أنظمة النقل والبنية التحتية المصاحبة، من خلال تعزيز وسائل النقل الجماعي واستخدام المركبات منخفضة الانبعاثات أو العاملة بالطاقة النظيفة، مع التحول التدريجي إلى وسائل نقل أكثر كفاءة واستدامة. يشمل هذا التوجه تبني المركبات الكهربائية، والتقنيات الهجينة، وتطوير محركات عالية الكفاءة، مما يسهم في خفض استهلاك الطاقة والانبعاثات الحرارية وتوفير نظم نقل آمنة وبتكلفة منخفضة.
ويُعد التحول نحو النقل الأخضر ضرورة حتمية لمعالجة التحديات البيئية المرتبطة بالقطاع، ويتطلب ذلك دعمًا حكوميًا على صعيد التخطيط، والتمويل، وتوفير البنية التحتية المناسبة، إلى جانب تحفيز الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا المستدامة.
وفي هذا الإطار، تم تنفيذ مشروع “إحلال التاكسي في القاهرة الكبرى” بالتعاون بين وزارة البيئة، ووزارة المالية، وبنك ناصر الاجتماعي، والذي يستهدف تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ، ويُعد هذا المشروع نموذجًا لتكامل الأبعاد البيئية مع الاقتصادية والاجتماعية، حيث تم تحويل سيارات الأجرة الحكومية للعمل بالغاز الطبيعي بدلًا من الوقود التقليدي.
كما نفذت الدولة عددًا من المشروعات ذات الصلة، مثل مشروع “حياة كريمة”، إلى جانب إنشاء محاور مرورية جديدة وتطوير شبكات الطرق، مما أدى إلى تسهيل الحركة وتقليل المسافات الطويلة، وبالتالي تحسين كفاءة النقل، وخفض استهلاك الوقود، وجذب المزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية. (عبدالغفار ،2023).
4.3 أثر الاقتصاد الأخضر على قطاع الصناعة
يُعد القطاع الصناعي أحد أبرز القطاعات التي تسهم في تلوث الهواء، حيث تنتج الأنشطة الصناعية كميات كبيرة من الانبعاثات الضارة بشكل مباشر وغير مباشر، مما يؤدي إلى آثار بيئية سلبية تمس جودة الحياة وسلامة الأنظمة البيئية. ومن ثم، تبرز الحاجة إلى تبني استراتيجية شاملة تهدف إلى تقليل هذه الآثار البيئية والحفاظ على التوازن البيئي داخل القطاع الصناعي.
وتتطلب هذه الاستراتيجية مشاركة فعالة من جميع الجهات، سواء من القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى التعاون مع المنظمات الدولية بهدف رفع كفاءة الاستثمار وضمان التوزيع العادل للفرص الصناعية، لا سيما في الصناعات التحويلية. يُشار إلى أن قطاع التصنيع يوظف ما يقرب من 24% من القوى العاملة عالميًا، ويستهلك حوالي 35% من إجمالي الكهرباء المنتجة عالميًا، في حين أسهم بنسبة 25% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عام 2019. (الوكالة الأمريكية لحماية البيئة، 2022)
وترتكز الجهود الحالية على دعم التكامل الصناعي وتطوير آليات الإنتاج بما يتماشى مع المعايير البيئية المستدامة، لضمان التوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. وتسعى الحكومة المصرية إلى تعميم مفهوم الاقتصاد الأخضر عبر مختلف القطاعات، وذلك من خلال سياسات واستراتيجيات تنموية داعمة لهذا التوجه. وقد أظهرت التجربة المصرية تطورًا واضحًا في هذا المجال، من خلال أدوار فاعلة للوزارات والمؤسسات المعنية، وعلى رأسها وزارة البيئة، التي أطلقت سياسات متكاملة تشمل إصدار تراخيص بيئية للأنشطة الصناعية، ومراقبة وحماية البيئة الصناعية، فضلًا عن دعم القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر تطبيق تقنيات إنتاج نظيفة وآليات للحد من التلوث.
وبحسب تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لسنة 2024 ، فإن تبني سياسات الاقتصاد الأخضر يُسهم في تقليل نسب التلوث والانبعاثات الكربونية، من خلال دعم الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري. كما أن دمج مفاهيم إعادة التدوير والتحكم في الانبعاثات الصناعية يُعد من المرتكزات الأساسية في هذا النهج، بما يعزز كفاءة استخدام الموارد ويقلل من الهدر.
فضلًا عن ذلك، يسهم الاقتصاد الأخضر في تعزيز التنمية البشرية عبر خلق فرص عمل جديدة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، وإعادة التدوير، والزراعة المستدامة، ما ينعكس على رفع مستوى المعيشة وتحسين جودة الحياة، وزيادة الوعي البيئي المجتمعي. كما يشجع على الابتكار في التقنيات البيئية وتحسين كفاءة الإنتاج الصناعي، من خلال تحويل الصناعات التقليدية إلى أخرى أكثر توافقًا مع المعايير البيئية، مما يسهم في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني من خلال تصدير سلع ذات جودة عالية وبصمة كربونية منخفضة.
وتعمل السياسات البيئية كذلك على تحفيز التحول إلى تقنيات الإنتاج المستدام، وتقليل الاعتماد على الموارد غير المتجددة، وتفادي التدهور البيئي، وتخفيف المخاطر الاقتصادية الناجمة عن التلوث أو الاستنزاف البيئي. وبهذا، يُعد الاقتصاد الأخضر ضرورة لا غنى عنها لتحقيق التنمية المتوازنة، وضمان استدامة الموارد، وتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التحديات البيئية العالمية.
وفي هذا السياق، نفذت الحكومة المصرية بالتعاون مع وزارة البيئة برامج متقدمة لدعم التحول الصناعي المستدام، من خلال التحكم في التلوث الصناعي، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتقديم حوافز لتبني ممارسات بيئية رشيدة. وقد ساهمت هذه السياسات في تقليل الانبعاثات وتحسين العمليات الصناعية، مما أدى إلى خفض نسب التلوث بنحو 20%، وتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 25%. (وزارة البيئة)
كما ساعدت هذه السياسات في تعزيز تنافسية الصناعات المحلية، وخلق فرص استثمارية جديدة في قطاعات الاقتصاد الأخضر، وتوفير فرص عمل، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة وإعادة التدوير، مما أسهم في تقليل معدلات البطالة وتحقيق تنمية اقتصادية شاملة وعادلة. وعلى المستوى البيئي، ساعدت هذه الجهود في تقليل استهلاك الموارد غير المتجددة، ومكافحة التدهور البيئي، ودعم التوسع في استخدام الطاقة المتجددة، بما يسهم في الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وفي هذا الإطار، نفذت وزارة البيئة المصرية برنامجي “التحكم في التلوث الصناعي” و”حماية البيئة”، في قطاعات الأعمال العامة والخاصة، بهدف تحقيق هيكلة اقتصادية وزيادة فرص التوظيف، حيث يشمل البرنامجان تنفيذ نحو 120 مشروعًا بيئيًا في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ما أدى إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي من 2.2% عام 2016 إلى 5.6% عام 2019، وانخفاض معدل البطالة من 10.1% عام 2017 إلى 7.2% عام 2021، مما ساهم في رفع مؤشرات الأداء الاقتصادي نحو التحول الأخضر. (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، 2024)
وتُعد هذه التحولات جزءًا من استراتيجية الدولة لتحقيق أهداف “رؤية مصر 2030″، التي تركز على تحقيق تنمية مستدامة متوازنة تشمل الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية. (عبدالغفار ،2023).
4.4 أثر الاقتصاد الأخضر على قطاع الطاقة
في ظل التحديات العالمية الناتجة عن انبعاثات الغازات الدفيئة وتفاقم آثار التغيرات المناخية، تزايدت الحاجة إلى تبني استراتيجيات أكثر كفاءة واستدامة في قطاع الطاقة. وقد اضطلعت الحكومات بدور محوري في تشجيع التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، لما تمثله من بديل آمن ومستدام للوقود الأحفوري الذي لم يعد ملائمًا لتلبية احتياجات التنمية المستقبلية في ظل نضوب الموارد وتقلبات الأسعار.
وتتجه معظم الدول إلى تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، مع الالتزام بالمعايير البيئية الهادفة إلى خفض الانبعاثات والحفاظ على الموارد الطبيعية. ويعكس هذا التحول الإدراك المتزايد بالآثار البيئية والاقتصادية السلبية الناجمة عن الاعتماد المفرط على الوقود الأحفوري، خاصة في ضوء الأزمات المناخية الراهنة وتذبذب أسواق الطاقة.
وقد ساهمت عدة عوامل في تحفيز التوسع في الطاقة المتجددة، من بينها التوقعات بانخفاض الطلب العالمي على النفط، خصوصًا بعد جائحة كوفيد-19، وسعي الدول إلى تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ بحلول عام 2030، من خلال تقليل الانبعاثات وتعزيز الاستثمارات في مشروعات الطاقة المستدامة عبر حوافز مالية وتشريعية، منها تخفيض الرسوم الجمركية وتحسين سياسات تسعير الكهرباء.
وفي هذا السياق، برزت مصر كأحد النماذج البارزة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، حيث استضافت مؤتمر المناخ (COP27) في نوفمبر 2022، والذي أسفر عن توصيات متعددة لتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية. كما قامت الحكومة بتحسين الحوافز الاستثمارية لمشروعات الطاقة المتجددة، شاملة التعريفات التفضيلية، والدعم المباشر، والإعفاءات الضريبية لمن ينتقلون من استخدام الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة النظيفة، وذلك ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة لعام 2030.
وقد شهدت مصر تحولًا من دولة مُصدّرة للنفط والغاز إلى دولة مستوردة لهما، نتيجة زيادة الطلب المحلي وتراجع الإنتاج. وقد أدى ذلك إلى تحديات متزايدة تمثلت في انقطاعات الكهرباء وعبء مالي بسبب دعم أسعار الطاقة، مما دفع الدولة إلى تقليص هذا الدعم تدريجيًا. (عبدالغفار ،2023).
وتستهدف الاستراتيجية الوطنية للطاقة رفع مساهمة الطاقة المتجددة لتشكل نحو 42% من إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول عام 2035، بما يساهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخفض التلوث، وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة. (International Renewable Energy Agency ، 2023)
وبحسب تقارير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، جذبت مصر استثمارات أجنبية مباشرة بلغت نحو 40.3 مليار دولار في قطاع الطاقة المتجددة خلال الفترة من 2015 إلى 2022، وهو ما ساهم في تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى، أبرزها:
مشروعات طاقة الرياح: تم إنشاء عدة محطات في خليج السويس وجبل الزيت بقدرة إجمالية تصل إلى 1.2 جيجاوات، ضمن جهود الدولة لتنوع مصادر الطاقة وتحقيق الاستدامة. ( الهيئة العامة للاستعلامات)
مشروع زراعة الوقود الحيوي: يُنفذ على مساحة 1.5 مليون فدان في منطقة الواحات بالصحراء الغربية، ويهدف إلى إنتاج وقود سائل بديل للوقود الأحفوري، إلى جانب إنشاء مصانع مخصصة لهذا الغرض. ( مركز الدعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء ، 2023)
وعلى الرغم من ذلك نجد ان نسبة الاستهلاك الطاقة المتجددة من اجمالي استهلاك الطاقة في مصر كان في تناقص في الفترة من 1990 ال 2018 ويرجع ذلك الي التكلفة المرتفعة للطاقة النظيفة مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية ،الإ انه قد عاد للارتفاع في الفترة الاخيرة من 2018 الي 2021 وذلك يرجع التقدم التكنولوجي الذي عمل على تخفيض تكلفة انتاج الطاقة المتجددة بأضافة الي اهتمام الدولة بمشاريع الطاقة النظيمة بما يتوافق مع رؤية مصر 2030، كما يوضح الشكل التالي:
الشكل (4)
استهلاك الطاقة المتجددة كنسبة من إجمالي استهلاك الطاقة في مصر
المصدر: إعداد الباحثين بناء على بيانات البنك الدولي
5.4 أثر الاقتصاد الأخضر على قطاع السياحة
يُعد قطاع السياحة أحد المحركات الأساسية للاقتصاد الأخضر على الصعيد العالمي، حيث بلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2018 نحو 8.8 تريليون دولار، أي ما يعادل 10.4٪، كما وفر حوالي 319 مليون فرصة عمل، ما يمثل 10٪ من إجمالي الوظائف العالمية. وبلغت عائدات السياحة الدولية في عام 2019 ما يقارب 1.7 تريليون دولار، وهو ما يعادل 29٪ من صادرات الخدمات و6٪ من إجمالي صادرات العالم. وقد تبنّت مصر مبادرات لتعزيز السياحة المستدامة، حيث أطلقت “الخريطة الخضراء للمقاصد السياحية” في إطار خطتها الوطنية للإصلاح البيئي. (The World Travel & Tourism Council’s ، 2023)
وأشار تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) إلى أن السياحة الخضراء تسهم في توفير أكثر من 132 مليون وظيفة سنويًا، وتحدّ من الانبعاثات الكربونية، فضلًا عن كونها مصدرًا رئيسًا للعملات الأجنبية، لا سيما في الدول النامية والجزر الصغيرة مثل كوستاريكا، كينيا، وفيتنام، التي اعتمدت على المحميات الطبيعية والسياحة البيئية كوسيلة لجذب الزوار. ويعكس هذا التوجه أهمية القطاع في دعم الاقتصاد والتنمية المستدامة، وتعزيز صمود المجتمعات بيئيًا واقتصاديًا، إلى جانب توسيع بناء المنتجعات البيئية وحماية المناطق الساحلية والريفية.
وتتجلى الفوائد الاقتصادية للسياحة المستدامة في توفير فرص العمل، والحدّ من نسب الفقر، وزيادة تدفقات العملات الأجنبية. ويمكن تفعيل السياحة الخضراء من خلال التركيز على السياحة البيئية والثقافية المرتكزة على المجتمعات المحلية، إلى جانب تقديم الدعم المالي والتقني من قبل الحكومات للمشروعات السياحية، وتحفيز الاستثمارات الأجنبية في المحميات الطبيعية. كما يشمل ذلك تحسين الإدارة البيئية للمواقع السياحية، وإنشاء مرافق تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، واستخدام وسائل نقل صديقة للبيئة، بالإضافة إلى إدارة المياه والنفايات بكفاءة. وتُسهم هذه الإجراءات مجتمعة في تنمية المجتمعات المحلية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي ظل التنافس المتزايد بين الوجهات السياحية العالمية، أصبح التحول نحو الاقتصاد الأخضر في قطاع السياحة ضرورة ملحة. وتمتلك مصر العديد من المقومات السياحية التي تؤهلها لهذا التحول، من أبرزها نهر النيل الممتد لمسافة 1520 كيلومترًا، والذي يُعد مصدرًا مائيًا حيويًا، إلى جانب ثرائها بالمواقع الأثرية والمزارات السياحية على ضفافه.
كما تتميز البلاد بوجود معابد، مقابر، وكنائس قديمة، مما يجعلها وجهة مفضلة لعشاق السياحة البيئية، خاصة القادمين من أوروبا، الباحثين عن المناخ المعتدل والطبيعة الساحرة.ورغم هذه المقومات، تأثر نهر النيل سلبًا بفعل الزيادة السكانية والأنشطة البشرية، مما أدى إلى تفاقم أزمة المياه. وللتعامل مع هذه التحديات، أطلقت وزارة السياحة المصرية برنامج “النجمة الخضراء” بالتعاون مع هيئات دولية، بهدف تشجيع الفنادق على تبني معايير السياحة المستدامة.
وقد بدأ البرنامج في مدينة الغردقة وحقق نجاحًا ملموسًا، وتسعى الدولة إلى توسيعه ليشمل مدنًا سياحية أخرى مثل شرم الشيخ، كما تم إنشاء وحدة متخصصة بوزارة السياحة لدعم هذا التوجه. وقد أكد تقرير مشترك لمنظمة السياحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن السياحة تُعد من القطاعات المسببة لتغير المناخ وزيادة الانبعاثات، بسبب اعتمادها الكبير على وسائل النقل والفنادق كثيفة الاستهلاك للطاقة. وعلى الرغم من الأهمية الاقتصادية الكبرى للسياحة، فإن آثارها البيئية والاجتماعية السلبية قد تُقلل من فوائدها في حال غياب التنظيم الكفيل بتحقيق الاستدامة البيئية. (عبدالغفار ،2023).
المبحث الخامس: الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد الأخضر
يُعدّ الاستثمار الأجنبي المباشر من أبرز أدوات التمويل التي تعوّل عليها الدول النامية لتحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر، ليس فقط لما يوفره من رؤوس أموال، بل لما ينقله من تقنيات حديثة، وخبرات إدارية، ونماذج إنتاج أكثر كفاءة واستدامة. وفي هذا السياق، أدركت مصر أهمية جذب الاستثمارات الأجنبية الخضراء كعنصر محوري في استراتيجيتها لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز قدرتها على مواجهة التغيرات المناخية. (IRENA, 2023)
ومع تطور السياسات الوطنية المرتبطة بالاقتصاد الأخضر، بدأت الدولة في توجيه حوافز واضحة ومباشرة للمستثمرين في قطاعات الطاقة المتجددة، والنقل النظيف، وإدارة الموارد. ويأتي هذا المبحث ليتناول بشكل مفصل دور الاستثمار الأجنبي في دعم الاقتصاد الأخضر بمصر، من خلال استعراض حجم وتوزيع تلك الاستثمارات، وأبرز المشروعات التي ساهمت فيها، بالإضافة إلى تحليل الحوافز والتشريعات التي وفرتها الحكومة لتشجيع تدفق رؤوس الأموال نحو القطاعات البيئية ذات الأولوية. (IRENA, 2023)
5.1 دور الاستثمار الأجنبي المباشر في دعم الاقتصاد الأخضر
يُعدُّ الاستثمار الأجنبي المباشر أحد الآليات الرئيسة لتعزيز الاقتصاد الأخضر في الدول النامية، نظرًا للتكلفة العالية والموارد التمويلية الضخمة التي يتطلبها هذا التحول. وقد سعت مصر إلى جذب استثمارات كبيرة لدعم مشاريعها الطموحة في مجالات الطاقة النظيفة والتحول الأخضر. تشير إحدى الدراسات إلى أن الاقتصاد الأخضر يُعد وسيلة فعّالة لجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الطاقة المتجددة، لكونه يوفر بيئة جاذبة لنقل التكنولوجيا النظيفة وخلق فرص صناعية جديدة تعزّز الاستدامة البيئية من خلال تخفيض استهلاك الموارد والحد من النفايات. عبدالوهاب، أحمد عبد الحافظ. (2024).
أظهرت دراسة حديثة وجود علاقة إيجابية ذات دلالة إحصائية بين مؤشرات الاقتصاد الأخضر وصافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، حيث تفسر مؤشرات الاقتصاد الأخضر 85.5% من التغيرات في الاستثمار الأجنبي المباشر، و99% من التغيرات في مؤشرات التنمية المستدامة بأبعادها الأربعة: الاقتصادية، الاجتماعية، البيئية، والتكنولوجية. (المخزنجي و اخرون ، 2024)
وفقًا لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) لعام 2023، تصدرت مصر قائمة الدول الإفريقية من حيث تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2022، حيث تضاعفت التدفقات إلى 11 مليار دولار نتيجة لزيادة صفقات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود. عبدالوهاب، أحمد عبد الحافظ. (2024).
شهدت مصر في عام 2022 تنفيذ 19 مشروعًا ضخمًا في مجال الهيدروجين الأخضر، معظمها في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مما يمثل 97% من إجمالي الاستثمارات الرأسمالية الوافدة. وتسعى مصر إلى زيادة نسبة الاستثمارات الخضراء في إجمالي الاستثمارات العامة من 15% في 2020-2021 إلى 40% في 2022-2023، مع هدف الوصول إلى 50% بحلول 2024-2025. (الهيئة العامة للاستعلام)
5.2 حصة مصر من الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة المتجددة
تُعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة أحد المحركات الرئيسة لتعزيز قطاع الطاقة المتجددة في مصر، حيث شهد هذا القطاع تطورًا ملحوظًا خلال العقد الأخير، ما أسهم في تعزيز التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة، ودعم أهداف التنمية المستدامة على المستويين الوطني والدولي. عبدالوهاب، أحمد عبد الحافظ. (2024).
وفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ، احتلت مصر المرتبة الأولى عربيًا من حيث القدرات المركبة لتوليد الكهرباء من مصادر متجددة، بقدرة إجمالية بلغت 6,709 ميجاوات، وهو ما يمثل نحو 12.1% من إجمالي القدرة المركبة في البلاد. ويعكس هذا الإنجاز مدى التقدم الذي أحرزته مصر في تبني الطاقة النظيفة ضمن استراتيجياتها التنموية. عبدالوهاب، أحمد عبد الحافظ. (2024).
أما على صعيد الاستثمارات، فقد استقطب قطاع الطاقة المتجددة في مصر خلال الفترة من 2015 إلى 2022 استثمارات أجنبية مباشرة تُقدّر بنحو 40.3 مليار دولار أمريكي، بحسب تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD). وفي عام 2021 تحديدًا، سجلت هذه الاستثمارات نموًا لافتًا، إذ بلغت 3.5 مليار دولار مقارنة بعام 2020، مع قدرة إنتاجية إجمالية وصلت إلى نحو 3,570 ميجاوات. عبدالوهاب، أحمد عبد الحافظ. (2024).
وقد استحوذت مشروعات طاقة الرياح، خصوصًا في منطقة خليج السويس، على النسبة الأكبر من هذه الاستثمارات (78%)، تلتها مشروعات الطاقة الشمسية بنسبة 22%. (موقع وزارة الكهرباء)
الشكل (5)
نسبة مشروعات الطاقة الشمسية إلى طاقة الرياح في مصر لسنة 2021
المصدر: أعدد الباحثين بناء على بيانات الهئية العامة للاستعلام
علاوة على ذلك، تُصنّف مصر ضمن الدول الأفريقية الأكثر استقطابًا للاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة، إلى جانب جنوب إفريقيا والمغرب، حيث تستحوذ هذه الدول الثلاث مجتمعة على نحو 75% من إجمالي استثمارات القارة في هذا المجال، وفقًا لتقارير دولية متخصصة. (الزيدان، هيام. (2022)).
وبالتالي، فإن هذه المؤشرات تؤكد الأهمية المتزايدة للاستثمار الأجنبي المباشر في دعم التحول نحو اقتصاد أخضر في مصر، من خلال تمويل مشاريع استراتيجية في مجالات الطاقة النظيفة، بما يعزز الأمن الطاقي، ويحد من الانبعاثات الضارة، ويدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة. (الزيدان، هيام. (2022)).
5.3 الحوافز الضريبية والتشريعات المشجعة:
لتعزيز جاذبية مصر للمستثمرين الأجانب في قطاع الطاقة النظيفة، اعتمدت الحكومة حزمة من الحوافز المالية والتشريعات التنظيمية، أهمها: (د.محمد نفادي، 2017)
- تخفيض ضريبة القيمة المضافة
تفرض ضريبة بنسبة 5% على مستلزمات مشروعات الطاقة المتجددة، بدلاً من 14 % المطبقة على القطاع العام، مما يخفض تكلفة البدء ويحفز دخول المستثمرين. (Raihan et al., 2025) - الإعفاءات الجمركية
إعفاء جزئي 2% على واردات معدات وأنظمة الطاقة الشمسية والرياح ومحطات تموين المركبات الكهربائية والغازية، وفقًا لقرار رئيس الجمهورية رقم 549 لسنة 2020. (Raihan et al., 2025) - قروض ميسّرة من بنك الاستثمار القومي
تقديم قروض بالعملة المحلية بسعر فائدة لا يتجاوز معدل السياسة النقدية زائد هامش ضئيل 16% ثابت مع جدولة مرنة طويلة الأجل، لدعم الشركات العاملة في مشروعات الطاقة المتجددة. (Raihan et al., 2025) - تعديلات قانون الاستثمار الجديد (2017)
- تبني مبدأ “صفر رصد بيروقراطي” لإصدار التراخيص.
- منح ضمانات ضد القرارات التعسفية وسرعة معالجة المنازعات.
- إمكانية منح حوافز إضافية غير ضريبية لزيادة نسبة المكون المحلي في مشروعات الطاقة النظيفة. (IRENA, 2023)
- إطار تمويل الطاقة المتجددة (REFF)
أطلقته الحكومة والصندوق الأخضر للمناخ عام 2017، ويشمل:
- آلية التمويل المختلط: قروض بفوائد 2–4% للمراحل الأولى.
- صندوق ضمان المخاطر: تغطية تصل إلى 50% من الخسائر المحتملة.
- منصة لتسهيل تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة: تمويل يصل إلى 5ملايين دولار لكل مشروع . (IRENA, 2023)
المبحث السادس: التحديات والفرص أمام الاقتصاد الأخضر في مصر
على الرغم من التقدّم الملحوظ الذي أحرزته مصر في تبنّي سياسات الاقتصاد الأخضر، سواء من خلال تعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة أو إصدار تشريعات بيئية محفّزة، إلا أن الواقع العملي لا يزال يواجه جملة من التحديات البنيوية التي تعيق تحقيق التحول الكامل نحو النمو المستدام. فعملية الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر لا تتطلب فقط توفر الإرادة السياسية والتمويل، بل تستلزم كذلك بنية مؤسسية مرنة، وقدرات تكنولوجية متطورة، ووعيًا مجتمعيًا واسعًا. (الزيدان، هيام. (2022)).
يهدف هذا المبحث إلى تقديم قراءة تحليلية لأهم التحديات التي تعترض طريق التحول الأخضر في مصر، سواء على الصعيد البيئي، أو الاقتصادي، أو التكنولوجي، أو الاجتماعي والمؤسسي. كما يناقش الفرص الواعدة التي يمكن استثمارها لتعزيز هذا التحول، من خلال استعراض المشاريع المستقبلية، والتوجهات التمويلية، ودور الابتكار والتشريعات الحديثة في دعم هذا المسار. وفي ضوء ذلك، يُختتم المبحث بجملة من المقترحات التطبيقية التي من شأنها تسريع الانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة وعدالة ومرونة في مواجهة التغيرات المناخية. (الزيدان، هيام. (2022)).
6.1 التحديات البيئية والاقتصادية
على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة المصرية لتعزيز الاقتصاد الأخضر، إلا أن مسيرة التحول تواجه عدة تحديات هيكلية تتوزع بين الجوانب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والتكنولوجية والدولية. (الزيدان، هيام. (2022)).
أولًا: التحديات الاقتصادية والتمويلية
تُعد الكلفة العالية لتنفيذ المشروعات الخضراء من أبرز العوائق أمام التحول نحو الاقتصاد الأخضر في مصر. إذ تتطلب هذه المشروعات – مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة – استثمارات ضخمة تثقل كاهل الموازنة العامة. وقد بلغت تكلفة المشروعات الخضراء المدرجة ضمن الخطة الاستثمارية لعام 2022/2023 نحو 336 مليار جنيه. كما أن اعتماد مصر بنسبة تفوق 96% على مصادر الوقود الأحفوري، مقابل حصة لا تتجاوز 4% لمصادر الطاقة المتجددة، يعمّق من صعوبة التحول ويستلزم ضخ استثمارات كبيرة في البنية التحتية للطاقة النظيفة. ( موقع البنك المركزي)
إلى جانب ذلك، يواجه القطاع المالي تحديات تتعلق بمحدودية التمويل الأخضر، رغم مبادرات مثل إصدار السندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار عام 2020، إلا أن الإطار التشريعي لا يزال يفتقر إلى الحوافز الكافية التي تشجع الاستثمار في هذا المجال . (الدرسي، عبدالله بوعجيله. (2023).
ثانيًا: التحديات البيئية
تعاني مصر من ندرة الموارد المائية، ما ينعكس سلبًا على الزراعة المستدامة وإدارة الموارد، ويجعل مشروعات مثل تحلية المياه خيارًا مكلفًا يتطلب تمويلًا طويل الأجل. كذلك، يُعد التلوث البيئي، لا سيما تلوث الهواء في المناطق الحضرية مثل القاهرة، من التحديات البيئية الكبرى، إذ تُقدّر تكلفة آثاره الصحية والاقتصادية بحوالي 47 مليار جنيه سنويًا. ويُضاف إلى ذلك فقدان التنوع البيولوجي نتيجة التوسع العمراني والصناعي، ما يستدعي تعزيز السياسات الخاصة بحماية النظم الإيكولوجية والمحميات الطبيعية. (موقع وزارة البيئة)
ثالثًا: التحديات التكنولوجية
تمثل محدودية البنية التحتية التكنولوجية أحد العوائق الرئيسة، إذ يتطلب التحول نحو الاقتصاد الأخضر تطوير أنظمة حديثة في مجالات مثل النقل الذكي، والطاقة النظيفة، وإعادة تدوير النفايات. فضلًا عن ذلك، تعتمد مصر في العديد من مشروعات الطاقة المتجددة على التكنولوجيا المستوردة، ما يزيد من التكلفة ويُضعف فرص نقل المعرفة وبناء القدرات المحلية. (الدرسي، عبدالله بوعجيله. (2023).
الجهود الحكومية للتغلب على التحديات
تبذل الحكومة المصرية جهودًا ملحوظة لمواجهة هذه التحديات، أبرزها رفع نسبة الاستثمارات الخضراء لتصل إلى 50% من إجمالي الاستثمارات العامة بحلول عام 2024/2025 . كما تم توقيع 16 مذكرة تفاهم مع شركات دولية للاستثمار في مشروعات مثل الهيدروجين الأخضر، ما يعكس توجّهًا نحو تعزيز التعاون الدولي .وعلى الصعيد التشريعي، تم اعتماد معايير الاستدامة البيئية، بالإضافة إلى تفعيل حوافز ضريبية وتوفير قروض ميسرة للقطاع الخاص، بهدف تشجيع الانخراط في الاقتصاد الأخضر . ( موقع البنك المركزي)
6.2 الفرص المستقبلية للتحول الأخضر في مصر
تسعى مصر إلى ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للاقتصاد الأخضر، مستندةً إلى رؤية استراتيجية واضحة تشمل الطاقة، النقل، المياه، والحوكمة البيئية. وتُشير تقارير ومبادرات حديثة إلى فرص مستقبلية واعدة يمكن البناء عليها لتعزيز هذا التحول. (الدرسي، عبدالله بوعجيله. (2023).
أولًا: التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة
بحسب خطة المساهمات المحددة وطنيًا (NDCs)، تهدف مصر إلى رفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 42% بحلول عام 2030. ويُعد مشروع مجمع بنبان للطاقة الشمسية نموذجًا ناجحًا قابلاً للتكرار، إضافة إلى مشروعات الهيدروجين الأخضر التي ترتكز على اتفاقيات مع 16 شركة عالمية لإنشاء مراكز إنتاج وتصدير. (الدرسي، عبدالله بوعجيله. (2023).
ثانيًا: التمويل الأخضر والاستثمارات الدولية
مصر كانت أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُصدر سندات خضراء عام 2020 بقيمة 750 مليون دولار، لدعم المشاريع البيئية. كما حصلت على تمويل بقيمة 1.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي للإصلاحات البيئية، ونجحت مبادرة “نُوفِّي” الوطنية في جذب 3.9 مليار دولار لتمويل مشروعات بقدرة 4.2 جيجاوات . ( موقع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي)
ثالثًا: النقل المستدام والمدن الخضراء
أطلقت الحكومة مشاريع مثل القطار الكهربائي والمونوريل، بقيمة 3.9 مليار دولار، لتقليل انبعاثات قطاع النقل بنسبة 34%. كما تعمل على تحويل مدينة 6 أكتوبر والعاصمة الإدارية الجديدة إلى مدن خضراء ذكية بالتعاون مع شركاء دوليين مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية . ( موقع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي)
رابعًا: إدارة الموارد المائية والتكيف المناخي
تتجه مصر لاستخدام الطاقة المتجددة في مشاريع تحلية المياه، كمحطة العلمين (150 ألف م³/يوم)، إلى جانب مشروع محطة بحر البقر، التي تُعد من أضخم مشاريع المعالجة في العالم (بكلفة مليار دولار). كما تُعزز الدولة استخدام الري بالطاقة الشمسية بدعم من الصناديق العربية للتمويل التنموي . (الزيدان، هيام. (2022)).
خامسًا: الابتكار والتشريعات الداعمة
- إطلاق المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية لدعم الابتكار، والتي اختارت 36 مشروعًا في مجالات مثل النفايات والزراعة المستدامة.
- تحديث قانون الاستثمار ليشمل إعفاءات ضريبية للمشروعات الخضراء.
- إنشاء سوق الكربون الطوعي تحت إشراف هيئة الرقابة المالية لتشجيع تقليل الانبعاثات الكربونية.( السليمان، أحمد. (2024)
6.3 مقترحات لتعزيز الاقتصاد الأخضر في مصر:
- تعزيز الإطار المؤسسي والتشريعي
- تحديث القوانين البيئية: مراجعة وتحديث القوانين والتشريعات البيئية لتشجيع الاستثمار في المشاريع الخضراء.
- تعزيز التنسيق بين الجهات الحكومية: إنشاء آليات تنسيق فعالة بين الوزارات والهيئات المعنية لضمان تنفيذ السياسات البيئية بشكل متكامل. (السليمان، أحمد. (2024)
- دعم التمويل الأخضر
- إصدار سندات خضراء: تشجيع إصدار سندات خضراء لتمويل المشاريع البيئية، كما تم في عام 2020 بإصدار سندات بقيمة 750 مليون دولار.
- تحفيز الاستثمارات الخاصة: تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات للمستثمرين في القطاعات الخضراء.
- تطوير البنية التحتية المستدامة
- مشاريع الطاقة المتجددة: التوسع في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح، مثل مجمع بنبان للطاقة الشمسية.
- النقل المستدام: تطوير وسائل النقل العام المستدامة، بما في ذلك القطارات الكهربائية والمونوريل.
- تعزيز التعليم والتدريب البيئي
- إدماج مفاهيم الاستدامة في المناهج التعليمية: تضمين مفاهيم الاقتصاد الأخضر في المناهج الدراسية لتعزيز الوعي البيئي.
- برامج تدريبية متخصصة: توفير برامج تدريبية للمهنيين في مجالات الطاقة المتجددة والإدارة البيئية.
- تشجيع الابتكار والبحث العلمي
- دعم البحوث البيئية: تمويل البحوث والدراسات المتعلقة بالتقنيات البيئية والطاقة النظيفة.
- حاضنات الأعمال الخضراء: إنشاء حاضنات لدعم الشركات الناشئة في المجالات البيئية.
- تعزيز الشفافية والمساءلة
- نشر التقارير البيئية: إصدار تقارير دورية عن الأداء البيئي للمؤسسات والمشاريع.
- مشاركة المجتمع المدني: تمكين منظمات المجتمع المدني من المشاركة في مراقبة وتنفيذ السياسات البيئية. (السليمان، أحمد. (2024)
اولاً: النتائج
- أثبتت الدراسة أن الاقتصاد الأخضر يشكل إطارًا فعّالًا لتحقيق التنمية المستدامة في مصر، عبر استهداف الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية معًا.
- وجدت الدراسة أن رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي 2050 وفرتا أساسًا تشريعيًا ومؤسسيًا داعمًا للتحول الأخضر، لا سيما في قطاعَي الطاقة والزراعة.
- برزت أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في نقل التكنولوجيا النظيفة، وتدريب الكوادر، ورفع القدرة التنافسية، خاصة في مشروعات بنبان للطاقة الشمسية ومحطات الرياح في خليج السويس.
- ساهمت الحوافز الضريبية وآليات التمويل (REFF) في خفض مخاطر المستثمرين وتعزيز تدفقات رؤوس الأموال إلى قطاع الطاقة المتجددة.
- على الجانب الآخر، كشفت الدراسة عن تحديات بيئية وتنظيمية تطلبت تحسين البنية التحتية، وتطوير الإطار القانوني، وتوسيع مشاركة المجتمعات المحلية.
- اذاً وبناء على النتائج السابقة يمكن قبول فرض الدراسة القائل بوجود علاقة إيجابية بين تبنّي السياسات المرتبطة بالاقتصاد الأخضر وتحقيق نمو اقتصادي مستدام في مصر خلال الفترة 1990–2024، حيث تساهم المشروعات الخضراء والاستثمارات البيئية في تحسين كفاءة الموارد، وزيادة الإنتاجية، وتقليل الآثار البيئية السلبية. (السليمان، أحمد. (2024)
ثانياً: التوصيات
- تعزيز الإطار التشريعي من خلال تحديث القوانين البيئية وترسيخ معايير دولية لحماية الموارد والمساهمة في جذب استثمارات مستدامة.
- تقوية القدرات المؤسسية عن طريق تدريب الجهات الحكومية على إدارة المشاريع الخضراء ومتابعة تنفيذها بالتعاون مع القطاع الخاص.
- توسيع أدوات التمويل الأخضرب استحداث أدوات تمويلية جديدة عبر سوق الأوراق المالية وصناديق الاستثمار الإقليمية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
- رفع الوعي المجتمعي من خلال تنفيذ حملات توعوية حول فوائد الاقتصاد الأخضر وتشجيع المشاركة المحلية في المشروعات البيئية. (السليمان، أحمد. (2024)
ختامًا، يمثل التحول نحو الاقتصاد الأخضر فرصة حقيقية لمصر لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة، شرط أن يتم تعزيز الجهود الحالية عبر سياسات متماسكة واستثمارات ذكية، مع التركيز على التكامل بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
المراجع
أولًا: المراجع العربية :
- الدرسي، عبدالله بوعجيله. (2023). النمو الأخضر مدخلًا لتحقيق التنمية المستدامة. المعهد العربي للتخطيط بالكويت، العدد (162).
- الزيدان، هيام. (2022). انعكاسات الاقتصاد الأخضر على النمو الاقتصادي في مصر. عدد رقم 548.
- المخزنجي، أماني، ومحمد، هبة. (2024). الاقتصاد الأخضر كآلية لجذب الاستثمار الأجنبي وتحقيق متطلبات التنمية المستدامة في مصر. جامعة دمياط، المجلد (5)، العدد (1).
- الشريعة، أيمن أحمد علي عبد الغفار. (2023). تأثير الاقتصاد الأخضر في الاقتصاد القومي. المجلة العلمية لجامعة الأزهر، كلية الشريعة والقانون بأسيوط، العدد (35)، الجزء الثاني.
- السليمان، أحمد. (2024). الطاقة المتجددة. سلسلة كتيبات تعريفية، صندوق النقد العربي، العدد (55).
- عبد الحميد، خالد. (2022). الاقتصاد الأخضر ودوره في تحقيق التنمية المستدامة. المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، كلية التجارة وإدارة الأعمال – جامعة حلوان، المجلد (36)، العدد الثاني.
- عبد الوهاب، أحمد. (2024). دور الاقتصاد الأخضر في التنمية الاقتصادية. مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد (23).
- عبدالوهاب، أحمد عبد الحافظ. (2024). دور الاقتصاد الأخضر في التنمية الاقتصادية في مصر. مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد (23).
- عياد، مارينا، وتوني، محمود. (2024). أثر سياسات الاقتصاد الأخضر على النمو الاقتصادي. المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، المجلد (38)، العدد الأول.
- مغاوري، حسين، أبو سكين، محمود، ومدحت، منى كمال. (2021). التنمية المستدامة ونشأتها ومبادئها وأهدافها. مجلة الدراسات والبحوث البيئية، جامعة مدينة السادات، المجلد (11)، العدد (4).
- عزام،نهلة والمسلمي، هند. (2024). كتاب قضايا اقتصادية معاصرة. مركز الابتكارات التربوية والتعليم عن بعد، جامعة الإسكندرية.
- نفادي، محمد صبحي. (2017). الاقتصاد الأخضر كأحد آليات التنمية المستدامة لجذب الاستثمار الأجنبي. المجلة العلمية لقطاع كليات التجارة – جامعة الأزهر، العدد (17).
13 . عبد الحميد، خالد هاشم. (2022). الاقتصاد الأخضر ودوره في تحقيق التنمية المستدامة. المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، كلية التجارة وإدارة الأعمال، جامعة حلوان، العدد الثاني .
ثانيًا: المراجع الأجنبية
- Al-Taai, S. (2021). Green economy and sustainable development.
- Bina, O. (2013). The green economy and sustainable development: An uneasy balance?
- Hassanein, H. M. (2022). Impact of the Green Economy on Sustainable Development in Egypt: Challenges and Opportunities.
- Henderson, H. (2007). Growing the green economy – globally.
- Houssam, N., et al. (2023). Assessing the role of green economy on sustainable development in developing countries.
- International Renewable Energy Agency (IRENA). (2023). Socio-economic footprint of the energy transition: Egypt. Abu Dhabi: IRENA.
- Ozili, P. K. (2022). Sustainability and sustainable development research around the world.
- Raihan, A., Ibrahim, S., Ridwan, M., Rahman, M. S., Bari, A. B. M. M., & Atasoy, F. G. (2025). Role of renewable energy and foreign direct investment toward economic growth in Egypt. Innovation and Green Development, 4, 100185. https://doi.org/10.1016/j.igd.2024.100185
- Sarhan, A. A., et al. (2023). Towards green economy in Egypt: Decoupling economic growth and carbon emissions. Journal of Environmental Sciences (JES), 52(4), Article No. 3. Faculty of Graduate Studies and Environmental Research, Ain Shams University
ثالثاً:المواقع الإلكترونية
- الهيئة العامة للاستعلامات المصرية. “تقرير محطة «بنبان» لتوليد الطاقة الشمسية“، 2021م. تاريخ الاطلاع: 27 إبريل 2025م.
- State Information Service of Egypt. “Egypt and France Launch €7 Billion Fully Private Green Hydrogen Megaproject in Ras Shukeir”, 2025م. تاريخ الاطلاع: 26 إبريل 2025م.
- UNEP Environment Program. “Circularity – accelerating sustainable consumption and production”. 2025.
- وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية. “وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تُعلن جهود تعزيز التحول الأخضر وتنفيذ المنصة الوطنية لبرنامج نُوَفِّي“. تاريخ الاطلاع: 20 إبريل 2025م.
- موقع هيئة الاستعلامات – تقرير عن الاستثمارات الخضراء في مصر.
- الوكالة الأمريكية لحماية البيئة (EPA). (ب.ت.). نظرة عامة على انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية. تم الاسترجاع في 4 مايو 2025
- رئاسة الجمهورية المصرية. (ب.ت.). بنبان: أكبر محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في أسوان. تم الاطلاع في 4 مايو 2025
- الهيئة العامة للاستعلامات. (2024). حصاد وزارة البيئة خلال عام 2024. تم الاطلاع في 4 مايو 2025
- الهيئة العامة للاستعلامات. (2022). الاقتصاد المصري في 8 سنوات. تم الاطلاع في 4 مايو 2025
- رئاسة مجلس الوزراء المصري. (2024). الدكتور مصطفى مدبولي يشهد توقيع مذكرة تفاهم لإقامة مشروع لإنتاج الوقود المستدام للطيران. تم الاطلاع في 4 مايو 2025
- المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC). (2023). قطاع السفر والسياحة العالمي يحقق قفزة في 2023. تم الاطلاع في 4 مايو 2025
- الهيئة العامة للاستعلامات (SIS)
https://www.sis.gov.eg/?lang=ar - جهاز شؤون البيئة المصري (EEAA)
https://www.eeaa.gov.eg/ - برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)
https://www.unep.org/ - رئاسة مجلس الوزراء المصري
https://www.cabinet.gov.eg/ - المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC)
https://wttc.org/ - وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة – مصر
http://www.moee.gov.eg/test_new/home.aspx
رقم الشكل | دلالة الشكل | الصفحة |
1 | منحني كوزنتس البيئي | 11 |
2 |
متوسط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد بالطن سنوياً |
14 |
3 |
نسبة الاراضي الزراعية في مصر من إجمالي المساحة |
26 |
4 |
استهلاك الطاقة المتجددة كنسبة من إجمالي استهلاك الطاقة في مصر |
31 |
5 |
نسبة مشروعات الطاقة الشمسية إلى طاقة الرياح في مصر لسنة 2021 |
35 |
فهرس الاشكال
فهرس الجداول
رقم الجدول | دلالة الجدول | الصفحة |
1 | مقارنة بين الاقتصاد التقليدي والاقتصاد الأخضر | 12 |