الدراسات البحثيةالشرق الأوسطالمتخصصةتقارير استراتيجيةعاجل

تقييم التحرك الأمريكي المتزامن لتحقيق مساري النقل الدوليين IMEC و Lobito Corridor – إقــتـراح بتحــرك مــصــري , تـــركي , صـــيني مـــواز

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

مــــــقـــــدمــــة :

– عندما تحدث أمور مُتشابهة في وقت واحد وفي أماكن مختلفة occur simultaneously يُطلق البعض عليها لفظ : مُصادفــة أو  Coincidence ليتخلص من فرصة لايريدها أُتيحت له للتأمل والتفكير مـلـيـاً ولكن هناك البعض الآخر يعتبر الحدوث لأمر من الأمور المُتشابهة في وقت واحد وفي أماكن مختلفة علي أنه : أمــر مــــُخــطـط  Planned وقد يتفق معي بعض / أو كل القراء عندما أعرض لهذا الأمر الذي قد يرتبط بصفة وثيقة بما يحدث في غـــزة فغزة تلك البقعة التي يعاني شرفاؤها من الجوع والعطش ويرتدون الرث من الثياب فيما يرفل هؤلاء البدو الأذلاء بشبه الجزيرة العربية التي ماتت أرواحهم في نعم إبتلاهم الله سبحانه وتعالي بها فلم يصونوها بل تبطروا عليها لدرجة أنهم أغدقوها علي قتلة أخوانهم في غـــزة هؤلاء الذين يضعون الخطط لتحقيق المزيد من الرفاهية لشعوبهم ومن هذه الخطط التي تــزامن تحرك الولايات المتحدة شـــرقـــاً وغـــربـــاً وجنوباً في وقت واحد لتطوير هيمنتهم الإقتصادية مــايـــلي بيـانـه :

(1) التـحــرك الـهــنـدي لتحقيق خــــطـــة ما يُسمي بـ IMEC )الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا :     

– من المعروف أن هذه الخطة جري الإعلان عنها في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي في سبتمبر 2023 وفي حضور الرئيس الأمريكي جو بايدن وفي هذه القمة تعهد الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والهند وإيطاليا والسعودية والإمارات والولايات المتحدة بالعمل معا لتحديث ومواءمة البنية التحتية للتجارة بين الهند وشبه الجزيرة العربية وأوروبا ويتضمن مسار عام هو الـ IMEC وممران فرعيان للعبور ممر بحري من الهند لشبه الجزيرة العربي ثم ممر بري / حديدي من شبه الجزيرة العربية حتي حيفا في الكيان الصهيوني وسيعبر الممران الفرعيان مسافة 4800 كم خطوط سكك حديدية كيلومتر من الإمارات فالمملكة العربية السعودية فالأردن وصولاً للكيان الصهيوني  (هذه المسافة الطويلة تستخدم حالياً كممر بري لتوصيل الإمداد والتموين لشذاذ الآفاق في الكيان الصهيوني بعد أن أعلق الحوثيين ميناء إيلات بصواريخهم) وذلك كعربون محبة وود من الإماراتيين وبني سعود للصهاينة ويمنح ممر الـــ IMEC (الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا) المستهلكين والمنتجين في هذه الدول وصولا أسهل إلى الأسواق الأوروبية والهندية ويقدر مؤيدو مبادرة  IMEC أنها يمكن أن تقلل من وقت إرسال البضائع من الهند إلى أوروبا بنسبة 40٪ وخفض تكاليف العبور بنسبة 30٪ كما ستعمل IMEC على توسيع الاتصال الرقمي في شبه الجزيرة العربية وتمنح أوروبا والهند مصادر جديدة للغاز النظيف ويعتقد صانعي السياسة الأمريكيون والأوروبيون أن زيادة التجارة من شأنها أن تعزز السلام بين الكيان الصهيوني وجيرانه ومن المعلوم أن السعودية والإمارات من المؤيدين الرئيسيين للمبادرة الدولية للتخطيط الاقتصادي وفي مبادرة IMEC تعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة جسرا إقليميا طبيعيا بين الهند وأوروبا وتعهد ولي عهد الذل السعودي محمد بن سلمان باستثمار 20 مليار دولار في مبادرة IMEC ومن الجدير بالإشارة إلي أن هناك ثمة تنافسية بين IMEC أو الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا وبين مبادرة الحزام والطريق الصينية  كما أن كلا المبادرتين ستؤثر بالسلب علي قـــنـــاة الـــســويس بصفة مؤكدة .

– لا تلوي الولايات المتحدة علي شــيــئ  يرافقها الممولين العرب القاطنين في شبه الجزيرة العربية فهي ماضـيــة في تحقيق مخطط الممر الإقتصادي بين الهند وشبه الجزيرة العربية فالأردن فالكيان الصهيوني فقبرص اليونانية(طورت جنوب قبرص علاقاتها متعددة المجالات مع الكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة) فأوروبا وذلك بالرغم من الـحربين المــتزامنتين حالياً بين إيــران والكيان الصهيوني(في يونيو2025) وحرب غـــزة المُستمرة من 8 أكتوبر2023 حتي الآن 22 يونيو2025 فهاتين الحربين أحد العوامل غير المباشرة المُحرضة لها حرب أخري ناشبة قبل هاتين الحربين بين الولايات المتحدة والـصــيــن الشــعبية فهي حرب رئيسية بالنسبة للولايات المتحدة وتظل موازية لحربي غــزة وإيــران وهي حرب صــامتة لا يتكلم فيها السلاح لكنها لاتخلو من سماع جــلــبة الحركة الديبلوماسية المتنافسة بين الصين الشعبية والولايات المتحدة ولكن لما كانت الولايات المتحدة منهمكة في مُساندة عــســكرية وأمنية لشذاذ الآفــاق من صهاينة الكيان لذا فقد أسندت عملية الترويج ومتابعة تنفيذ مبادرة IMEC بين الهند وأوروبا مروراً بالكيان الصهيوني لأحد الوكلاء الرئيسيين للولايات المتحدة أي إلي رئيس وزراء الـــهـــنــد ففي 15 يونيو 2025 وصل  رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي  إلي قبرص اليونانيةبدعوة من رئيسها نيكوس كريستودوليدس(تزامن وصول مودي إلى قبرص مع تصاعد التوترات في غرب آسيا نظرا لأن المجال الجوي للكيان الصهيوني وإيران ولبنان كان مغلقاً لفترة وجيزة واستلزم ذلك مسارا مُعدلا لطائراته الرسمية -وهو نفس الأمر الذي قد يواجه ممر IMEC– لتعبر بحر العرب والصومال وإثيوبيا وإريتريا ومصر قبل الهبوط في قبرص اليونانية) وقد رافق رئيس الوزراء الهندي وفد كبيرمن حوالي 100 مسؤول في طريقه إلى كندا حيث سيشارك في قمة مجموعة السبع (15-17 يونيو) وسيزور كرواتيا عند عودته (كرواتيا وقبرص اليونانية “مشاركان محتملان” ومستثمران في المشاريع المتعلقة بـممر الهند / أوروبا IMEC) وهي أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لقبرص اليونانية منذ 23 عاما ( سبقها زيارتين من هذا القبيل إلى قبرص في السنوات الأربعين الماضية واحدة من قبل أنديرا غاندي في عام 1982 والثانية لأتال بيهاري فاجبايي في عام 2002) ويري الإعلام القبرصي اليوناني أن هذه الزيارة إشارة استراتيجية في ظل الترابط بين تركيا وباكستان كما أشار الإعلام القبرصي فمن من المتوقع أن يعرب مودي في إجتماعه بالرئيس القبرصي اليوناني نيكوس كريستودوليدس عن دعمه الكامل لإدراج جمهورية قبرص في خطة IMEC الطموحة(قبرص همزة الوصل لهذه المبادرة/ المشروع لأوروبا) وتصطف قبرص اليونانية بثبات خلف الهند فقد دعمت قبرص اليونانية الهند في قضية الإرهاب بعد الهجوم الإرهابي في 22 أبريل2025 في باهالجام فأدانت هذا العمل وقالت إنه سيثير فيها قضية الإرهاب عبر الحدود من قبل باكستان وزيارة رئيس وزراء الهند تلك لقبرص اليونانية زيارة إقتصادية إستراتيجية الأهمية للهند فقبرص حاليا ومستقبلاً  وقبرص اليونانية تدعم الهند بقوة في قضية كشمير والإرهاب عبر الحدود من باكستان ولذلك تحظي قبرص اليونانية يُضاف لذلك أهميتها كهمزة وصل في مخطط مشروع ممر الهند / أوروبا IMEC خاصة لدي وستوليها الهند لذلك أهمية خاصة فقبرص اليونانية ستصلها بالبحر الأبيض المتوسط عبر الممر الإقتصادي المُخطط بين الهند وأوروبا وكأحــد مؤشرات نمو العلاقات المستقبلية بين الهند وقبرص اليونانية أعلن أحد أكبر البنوك في قبرص “يوروبنك” مؤخرا أنه سيفتتح مكتبا تمثيليا في مومباي للمساعدة في جعل قبرص بوابة للشركات الهندية التي تدخل الاتحاد الأوروبي وتعزيز الترابط بين رأس المال والشركات بين أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا فقطاع الخدمات المالية المتقدم في الجزيرة والنظام الضريبي المواتي وصناعة الشحن الراسخة تجعلها مركزا مهماً للشركات الهندية التي تسعى للوصول إلى الأسواق الأوروبية وفوق كل هذاهناك الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا الذي قبرص تشكل فيه جزءا  هاماً لممر الطاقة الذي سيربط الهند بأوروبا ويعزز الاتصال بين الشرق والغرب من خلال ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) وبصفة عامة فإن زيارة رئيس الوزراء مودي إلى  قبرص اليونانية تهدف إلي توطين علاقة مستقبلية متينة بسبب موقع قبرص اليونانية كهمزة وصل بين أفريقيا وأوروبا في هذا الممر الاقتصادي الاستراتيجي ولذلك وخلال زيارته ألقي رئيس الوزراء مودي كلمة في مائدة مستديرة للأعمال في ليماسول (الميناء الرئيسي لقبرص اليونانية) مؤكدا فيها علي التزام الهند بتعميق العلاقات الاقتصادية وسلط الضوء على المسار الاقتصادي للهند IMEC متوقعا أن الهند ستصبح قريبا ثالث أكبر اقتصاد في العالم  وفي لقاءهما في نيقوسيا في 15 يونيو2025 أكد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على الأهمية الاستراتيجية للعلاقات الهندية القبرصية مؤكدا على الصداقة طويلة الأمد وإمكانيات التعاون الجديدة القائمة وقال مودي “لقد تم اختبار علاقات بلدينا بمرور الوقت” بعد محادثات مكثفة مع الرئيس القبرصي بحضور وزير الخارجية القبرصي اليوناني السيد كونستانتينوس كومبوس ونائبة وزير الشؤون الأوروبية السيدة ماريلينا راونا والمفوض السامي للجمهورية في نيودلهي السيد إيفاجوراس فريونيديس ناقشا  فيها تعزيز التعاون في مجالات رئيسية مثل الدفاع والأمن والتجارة والتكنولوجيا والرعاية الصحية والطاقة المتجددة والعدالة والتقدير العام لزيارة رئيس وزراء الهند لقبرص اليونانية أن هذه الزيارةالتي إستغرقت يومين في 15 و16يونيو2025 كانت بمثابة خطوة مهمة أخرى إلى الأمام اليوم اللمشروع المُخطط للممر الاقتصادي الهندي والشرق الأوسط وأوروبا IMEC ومن المعلوم أن هذه الزيارة سبقها ما يشبه الإعداد لها ففي مايو2025 قام وفدين مشتركين من بين  الأحزاب بالبرلمان الهندي بزيارة اليونان وعقد الوفد سلسلة من الاجتماعات مع ممثلي البرلمان اليوناني  .

– في نهاية زيارة رئيس الوزراء الهندي في 16 يونيو 2025 لنيقوسيا تم التوقيع على إعلان الشراكة المشترك “التاريخي” وهو إعلان حدد العلاقة الاستراتيجية الشاملة بين جمهورية قبرص والهند وورد في نصه : ” …. وأكد الزعيمان على دور الممر الاقتصادي الهندي والشرق الأوسط وأوروبا في تعزيز السلام والازدهار الإقليميين ” , ويُذكر أن الهند تتخذ موقفاً مواتياً مُساندا للقبارصة اليونانيين في القضية القبرصية ولذلك أعلن الرئيس القبرصي اليوناني كريستودوليدس: “ما أود أن أشكركم علنا على موقفكم الطويل الأمد من المشكلة القبرصية وجهودنا لإنهاء الاحتلال التركي وإعادة توحيد وطننا وفي الوقت نفسه أود أن أعرب علنا عن دعم جمهورية قبرص في جهودكم الرامية إلى مكافحة الإرهاب الدولي والإرهاب العابر للحدود على حد سواء” كما أشــار البيان الصادر عن خارجية قبرص اليونانية إلي العلاقات الهندية القبرصية  وقال :”أنها (أي قبرص اليونانية) لا تزال واحدة من أصدقاء الهند الموثوق بهم فهي تدعم ترشيح الهند كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الموسع كما قدمت دعمها الكامل للاتفاق النووي المدني بين الهند والولايات المتحدة في إطار مجموعة موردي المواد النووية (NSG) والوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) مما يساعد الهند على تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة وإفادة نموها الاقتصادي ” وخلال وجوده في نيقوسيا أشار رئيس وزراء الهند إلى ممر IMEC عدة مرات معربا عن اعتقاده بأنه سيتم تنفيذه بمشاركة قبرص وكمؤشر دال علي تقدم درامتيكي منتظر للعلاقات الهندية مع قبرص اليونانية أن موقع T24 التركي أشار في 17 يونيو 2025 إلي أن : “الإدارة القبرصية اليونانية لجنوب قبرص ستفتح موانئها أمام السفن الحربية الهندية وسيجري الجانبان مناورات بحرية عسكرية مشتركة” ومن ناحية أخري أكد  المتحدث باسم حزب بهاراتيا جاناتا في جامو وكشمير جوراف جوبتا على الدور الاستراتيجي لقبرص في الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) معتبرا الدولة الجزيرة كمركز لوجستي ومالي مستقبلي في الممر وقال أنه”بينما تعمل الهند من أجل إبرام اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2025 فإن رئاسة قبرص للمجلس الأوروبي في عام 2026 يمكن أن تغير قواعد اللعبة فسيكون دعم قبرص لنا لا يقدر بثمن” فالرئاسة القبرصية لمجلس الاتحاد الأوروبي ستبدأ في 1 يناير 2026وقد وعد الرئيس القبرصي اليوناني رئيس الوزراء الهندي ب زيادة تعزيز علاقات الهند الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي .

– الإعتقاد السائد علي مستويا الحكومة والإعلام القبرصي اليوناني أن  زيارة رئيس الوزراء الهندي لنيقوسيا أن مُخطط  الممر الاقتصادي الهندي والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) تقدم خطوة مهمة أخرى إلى الأمام لأن قبرص واحدة من الركائز الأساسية في التطوير الاستراتيجي للممر الاقتصادي الهندي والشرق الأوسط وأوروبا IMEC

– في وضعها (مع الهند) مخطط ممر الهند / الشرق الأوسط / أوروبا IMEC وضعت الولايات المتحدة أمور كثيرة في إعتبارها منها غـــزة ما بعد الحرب واليونان وقبرص اليونانية , أما بالنسبة لــغزة فالحرب بها لم تنته بعد ومن غير اليقيني أن نتوقع سياناريو ما أو عدة سيناريوهات للنهاية فهاهي حرب إيران والكيان الصهيوني إنتهت بمسرحية من فصلين , لكن غـــزة مُختلفة فهي أمنياً محمية بعقيدة حقيقية ثم أن طبيعة نظم المقاومة أنها نظم بناءها أو هيكلها التنظيمي حـــركي ومــُقــفــل أما إيران فالسبب الرئيسي لهزيمتها أنها مُخترقة أمنياً وهذا دليل ضعف النظام فنسيجه الإجتماعي مهترئ لأسباب عدة لا مجال لسردها وكان حرياً بالنظام في إيران طالما سيشرع في بناء برنامج نووي أن يسبقه ببناء منظومة أمنية راسخة تؤمن الشعب والنظام والبرنامج النووي .

– بالنسبة لليونان وقبرص اليونانية فموقعهما في مسار النقل IMECحـــرج فهما في نقطة وسط تــركــيا العدو التاريخي لليونان وقبرص اليونانية (توترت علاقات الهند مع تركيا بسبب دعم أنقرة الصريح لباكستان لا سيما فيما يتعلق بقضية كشمير، ومساعدتها خلال عملية السندور) وهما سيرتبطان معاً بميناء صهيوني ما قد يكون حيفا أو عسقلان ثم بعد ذلك يتحول موقعهما ليكونا بوابة هذا المسار لأوروبا وقد أشارموقع Greek City Times في12 مارس 2025 إلي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلط مؤخرا الضوء على أهمية الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) من خلال مشاركة مقال في Breitbart News على Truth Social مؤكدا على الأدوار الحاسمة لليونان وقبرص وأكد مقال Breitbart News على الأهمية الاستراتيجية لممر IMEC الذي يهدف إلى ربط الهند بأوروبا مع وضع اليونان وقبرص على أنها “روابط” حيوية من خلال ممر بحري مقترح وتنبع الرؤى المستمدة من المقال من المقابلات التي أجراها رئيس مكتب بريتبارت /واشنطن ماثيو بويل مع وزيري خارجية اليونان وقبرص والتي عقدت خلال حدث منتدى دلفي بالتعاون مع مجلس القيادة اليوناني الأمريكي (HALC) في واشنطن العاصمة وشدد الوزراء على أن إطار هذا الممر موجود بالفعل وأشاروا إلى شراكة “3+1” التي تضم قبرص وإسرائيل واليونان والولايات المتحدة(مـــصــــر خارج الموضوع) مدعومة بعلاقات ثنائية قوية بين اليونان وإسرائيل واليونان والهند وعلاقات ممتازة مع السعودية ومصر وقالوا إن “جميع أجزاء اللغز متوافقة” مشيرين إلى أن اليونان وقبرص يمكن أن تعملا كرابطين يربطان هذه المنطقة بالاتحاد الأوروبي وقالوا أن هذا الممر يعد بالاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي والاستفادة من السوق الحرة للاتحاد الأوروبي والتتحالف القوي مع الولايات المتحدة كما أن هذا الموضوع حظي  بالاهتمام في أعقاب مناقشة أجريت مؤخرا بين وزير الخارجية اليوناني جورج جيرابيتيتيس ونظيره الأميركي السناتور ماركو روبيو خلال اجتماع في وزارة الخارجية .

التـــحـــرك الصــهيوني إستعداداً لبدء العمل في تنفيذ مسار الهند / الشرق الأوسط / أوروبا IMEC :

أشار موقع  www.ice.co.i الصهيوني في 22 يونيو2025 وموقع bizzness.net في نفس التاريخ  إلي أن شركة صناعات بناء السفن الإسرائيلية تقدمت في يونيو2025 بعرض في مناقصة للاستحواذ على السيطرة (51٪) على ميناء ليبرون في اليونان وأن هذه الخطوة مهمة في تطوير أعمال الشركة في الخارج بالتوازي مع محركات النمو الإضافية التي هي في مراحل متقدمة من النضج  وتواصل شركة صناعات بناء السفن الإسرائيلية (TAMI) تنفيذ استراتيجيتها للتوسع العالمي وميناء ليبريون اليوناني الذي يقع بالقرب من مدينة ليبريون جنوب أثينا مساحة حوالي 314 هكتارا يضم أرصفة عاملة يبلغ طولها الإجمالي حوالي 1000 متر يقوم الميناء بأنشطة تحميل وتفريغ البضائع العامة والحاويات ويقدم خدمات استقبال سفن الركاب ورسو اليخوت وسفن الصيد وتخزين وتخصيص أماكن لوقوف السيارات التجارية والخاصة  وأشار موقع www.ice.co.i الصهيوني أن زفيكا شيشترمان الرئيس التنفيذي لشركة صناعات بناء السفن الإسرائيلية أكدت أن “الاقتراح الذي قدم في مناقصة الاستحواذ على السيطرة (51٪) على ميناء ليبرون جزء من عملية خصخصة الميناء في اليونان وهو كذلك جزء من استراتيجية التوسع وتطوير الأعمال للشركة في الخارج أيضا” وأضافت أن الشركة تعتزم “الاستفادة من معارف المجموعة وخبرتها لتعميق وتوسيع أنشطتنا في مجال الموانئ الدولية من بين أمور أخرى كجزء من استراتيجية تنويع وتنويع مصادر الدخل خارج إسرائيل أيضا مع التركيز على مزايا المجموعة ومعرفتها بمجال الموانئ”  , كما أشار موقع موقع www.ice.co.i أنه تم اختيار عرض TAMI كفائز فستحتفظ الشركة ب 51٪ من رأس المال المصدر والمدفوع للشركة المالكة للميناء بينما ستحتفظ الحكومة اليونانية بنسبة 49٪ المتبقية بالإضافة إلى ذلك سيتم منح تـامي الحق في تعيين أعضاء مجلس إدارة شركة الميناء مما سيمنحها السيطرة عند تقديم الاقتراح قدمت الشركة ضمانا للمناقصة المصرفية بمبلغ إجمالي قدره 5 ملايين يورو وأوضح موقع موقع www.ice.co.i أن مشاركة TAMI  تتماشي مع عملية خصخصة الميناء في اليونان مع استراتيجية أعمال الشركة لتطوير أعمالها وتشمل هذه الاستراتيجية تحديد فرص الاستحواذ والاستثمار في الموانئ البحرية في حوض البحر الأبيض المتوسط وأوروبا،مع الاستفادة من مزايا الشركة لأنشطة إضافية في الموانئ البحرية الأجنبية وأنه في إسرائيل تعمل شركة صناعات بناء السفن الإسرائيلية في عدد من قطاعات النشاط بما في ذلك تشغيل ميناء أحواض بناء السفن الإسرائيلي وتقديم خدمات الموانئ بما في ذلك تفريغ وتحميل البضائع من سفن الشحن ونقل البضائع وتخزينها والخدمات اللوجستية ذات الصلة تشمل البنية التحتية للموانئ التابعة للشركة في إسرائيل أرصفة يبلغ طولها الإجمالي حوالي 1,000 متر ومرافق تفريغ مكيفة للبضائع  كما أشار موقع  www.ice.co.iأن الشركة ذكرت  أنه خلال الربع الأول من عام 2025 تم الانتهاء من ربط السكك الحديدية بالميناء وهي خطوة تشكل “أخبارا حقيقية للعملاء وتزيد من سلسلة القيمة” كما أنه في الوقت نفسه  تعمل تامي على استكمال بناء الصوامع في منطقة ميناء أحواض بناء السفن الإسرائيلية أكبر مشروع بنية تحتية تقوم بها الشركة والذي من المتوقع أن يكون أحد أهم محركات النمو في السنوات القادممن المعروف أن شركة صناعات بناء السفن الإسرائيلية تأسست في سبتمبر 2019 كجزء من إعادة الهيكلة التي نفذتها شركتها الفرعية أحواض بناء السفن الإسرائيلية المحدودة والتي تأسست في عام 1959 وتم خصخصتها في عام 1995 يتم التحكم في الشركة من قبل شلومي فوجل وسامي كاتزاف وعائلة شميلتزر ومجموعة السندات الذهبية المتداولة علنا تعمل طامي في تصميم وبناء السفن العسكرية والمدنية  وتشغيل الموانئ والنشاط في قطاع مواد البناء والدعم اللوجستي في صناعة إنتاج النفط والغاز والنقل البحري من خلال 11 سفينة تجارية  .

أما بالنسبة لميناء ليبريون اليوناني موضوع مناقصة للاستحواذ المُشار إليها فيقع في منطقة أتيكا على بعد حوالي 60 كيلومترا من أثينا بالقرب من مدينة ليبريون التاريخية والتي كانت في اليونان القديمة بمثابة مركز لتعدين الفضة مكان من الناحية الاستراتيجية بالقرب من ميناء بيرايوس المركزي وبحر إيجة يجعلها نقطة اتصال أساسية للسياحة البحرية والخدمات اللوجستية الثانوية ويعمل الميناء كبوابة بحرية إلى سيكلاديز الشهيرة مثل خيا وسيريفوس وسيفنوس ويوفر وصولا مباشرا إلى سوق السياحة وسلسلة التوريد البحرية في المنطقة. قربها من العاصمة تمنحها أثينا والمطار الرئيسي ميزة تشغيلية لكنهما يلمحان أيضا إلى الإمكانات التجارية التي لم تتحقق بالكامل بعد   .

أكد موقع themarker.com الصهيوني في 22 يونيو2025ما تقدم وأضاف أن أحواض بناء السفن الإسرائيلية التي تأسست بعد استحواذ الحكومة على الشركة الحكومية الفاشلة إسرائيل لبناء السفن تحاول الاستفادة من نشاطها في مجال تفريغ ونقل وتحميل البضائع العامة والسائبة إلى موانئ في أوروبا وهذه هي المحاولة الثانية لأحواض بناء السفن الإسرائيلية للحصول على ميناء في اليونان وتحاول أحواض بناء السفن الإسرائيلية مرة أخرى تكرار نجاحها في الحصول على ميناء من سلطة حكومية وتوسيع عملياتها من بين أمور أخرى من خلال دخول أسواق غير تنافسية في نهاية الأسبوع الماضية  قدمت أحواض بناء السفن الإسرائيلية عرضا ملزما للحصول على السيطرة (51٪) على ميناء لافريون من الحكومة اليونانية وحتى بعد الخصخصة ستستمر الحكومة اليونانية في الاحتفاظ ب 49٪ من أسهم الميناء وأضاف موقع bhol.co.il الصهيوني في 22 يونيو2025 بشأن نفس الموضوع أنه بالإضافة إلى تقديم المستندات ، أودعت الشركة ضمانا بقيمة 5 ملايين يورو. لم تقدم أحواض بناء السفن الإسرائيلية التقييم المتوقع للاستحواذ وأنه تم تجهيز الميناء ب 1,000 حوض بناء سفن على غرار منطقة الأرصفة في ميناء حيفا ويغطي مساحة 314 دونم والميزة الكبيرة لميناء ليبريون هي أن هناك بالفعل طوابير من سفن الشحن تغادر منه إلى إسرائيل هناك أيضا ميزة في الاستحواذ من منظور وطني – أن دولة إسرائيل ستكون قادرة على الاستفادة من ميناء إضافي في منطقة البحر الأبيض المتوسط يتم تصريف البضائع إليه في أوقات الطوارئ ونقلها منه إلى إسرائيل وإذا فازت أحواض بناء السفن الإسرائيلية بالمناقصة ، فستكون هذه هي المرة الأولى التي تمتلك فيها ميناء في الخارج وسيكون النشاط الوحيد للميناء اليوناني الذي لم تشارك فيه أحواض بناء السفن الإسرائيلية حتى الآن في مجال سفن الركاب وتشغيل عبارات الركاب وقالت تسفيكا شيخترمان الرئيس التنفيذي لشركة صناعات بناء السفن الإسرائيلية : “تتضمن الخطة الاستراتيجية لأحواض بناء السفن الإسرائيلية إقامة أنشطة خارج دولة إسرائيل في تلك المناطق التي نعرف كيف نخلق فيها قيمة مضافة ويحتوي ميناءنا في حيفا حاليا على 1000 متر من الأرصفة على غرار الميناء في اليونان والمنطقة النائية هي نفسها أيضا الاقتراح الذي قدمناه كجزء من عملية خصخصة الميناء في اليونان هو جزء من استراتيجية التوسع وتطوير الأعمال بالتوازي مع عدد من محركات النمو التي هي في مراحل متقدمة من النضج. نعتزم الاستفادة من معرفة المجموعة وخبرتها لتعميق وتوسيع أنشطتنا في قطاع الموانئ الدولية من بين أمور أخرى كجزء من استراتيجية تنويع وتنويع مصادر الدخل خارج إسرائيل أيضا مع التركيز على مزايا المجموعة وإلمامها بقطاع الموانئ ” .

التحرك اليــونـاني إستعداداً لبدء العمل في تنفيذ مسار الهند / الشرق الأوسط / أوروبا IMEC :

– أشا موقع   greekcitytimes.com  اليوناني في 3 يونيو2025 إلي حديث أدلي به  السفير كريسانتوبولوس قال فيه أن اليونان والهند يمكنهما أن تعملا كحصن ضد أردوجان فاليونان تطمح إلى لعب دور رئيسي في الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) والذي تعتبره فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية القوية مع الهند ودول الخليج العربي الأكثر ثراء و الـ IMEC هو مشروع فخم له هدف جيوستراتيجي مركزي يتمثل في تعزيز التعاون الاقتصادي على طوله إنه دليل الهند على ظهورها كأكبر اقتصاد في آسيا وتحديا للصين الممر الاقتصادي هو في الأساس منافس لـ “مبادرة الحزام والطريق” الصينية والمعروفة أيضا باسم طريق الحرير الجديد.

من جهة أخري وفي سياق المنافسة بين الصين والولايات المتحدة احتضنت الحكومة الأمريكية IMEC حيث وصف الرئيس دونالد ترامب خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى واشنطن المشروع بأنه “أحد أعظم طرق التجارة في التاريخ”  ومن ناحيتها تطمح اليونان إلى لعب دور رئيسي في IMEC والتي تعتبرها فرصة لبناء علاقات اقتصادية قوية مع الهند ودول الخليج العربي الغنية (خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) وفي هذا الإطار يتم تضمين مبادرات مثل إطلاق مجلس الأعمال والاستثمار الهندي اليوناني القبرصي مؤخرا حيث يلعب يوروبنك دورا مركزيا يهدف إلى تمويل الاستثمارات الهندية في اليونان وقبرص فضلا عن الاستثمارات اليونانية في الهند وسيفتتح يوروبنك مكتبه التمثيلي الدائم في مومباي خلال الأشهر المقبلة ويرغب من خلاله في تسهيل التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الثلاثة وعلاوة على ذلك ومنذ أوائل عام 2024  وقع البنك اتفاقية لاستخدام نظام الدفع UPI للمدفوعات عبر الحدود مع الهند والعديد من الشركات اليونانية لها بالفعل وجود في الهند فعلى سبيل المثال بدأت سلاسل القهوة اليونانية Coffee Island و Mikel في تشغيل متاجر في الهند مما يوفر آفاق نمو كبيرة لسوق القهوة وخاصة إسبريسو فريدو وفي الوقت نفسه يتم النظر في استثمارات أكبر من قبل الشركات اليونانية في الهند خاصة في مجالات المنتجات الطبية والدفاع وعلاوة على ذلك  فبحلول أوائل عام 2027 ستوفر بحر إيجة رحلة طيران يومية مباشرة بين اليونان والهند وينظرون في اليونان إلي أنه من أجل تأمين مشاركة اليونان النشطة في IMEC فقد يكون من الضروري التنازل عن ميناء للهند أو على الأقل مصالح صديقة للهند فميناء بيرايوس يخضع للسيطرة الصينية من خلال كوسكو مما يجعل المشروع أكثر صعوبة كما أن هناك حركة في ثيسالونيكي حيث يحاول رابط المحطة الفرنسية السيطرة الكاملة على الميناء مما تسبب في رحيل إيفان سافيديس نظرا لأن فرنسا تدعم IMEC  فإن احتمال مرور الممر عبر ثيسالونيكي غير مستبعد لكن الفرنسيين يدعون أنهم يصبحون بوابة الهند الرئيسية إلى أوروبا مع مرسيليا  .

– مع تجدد الدعم الأمريكي لمشروع IMEC تراهن اليونان على بروزها كشريك مهم في الممر الاقتصادي يمتلك القدرة على جذب رؤوس أموال استثمارية كبيرة في وقت تُعتبر فيه زيادة الاستثمار أمرًا بالغ الأهمية لا سيما مع انتهاء أجل صندوق الإنعاش والمرونة بنهاية عام 2026  .

بـــديل مــصـــري مــُقترح لمــســـار النـــقــل الهند/ الشرق الأوسط / أوروبــا IMEC

المنافس لقناة الـســويــس:

– قد يكون من االــمـــلائــم الإشارة إلي إعتقادي المؤسس علي قاعدة أن مسار الـ IMEC ماهو إلا تطوير لنفس المخطط الذي عرضه وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katz أمام الحضور خلال مشاركته في إجتماع الإتحاد الدولي لطرق النقل IRU والذي يحضر أعضاءه المؤتمر العالمي لطرق النقل الذي عُقد بمسقط في الفترة من 6 إلي 8 نوفمبر 2018  والذي وجه الدعوة للوزير الصهيوني وزير النقل العُماني أحمد محمد الفُطاسي للمشاركة في أعمال هذا الإجتماع  وفيه أعلن الوزير الصهيوني عن مشروع ربط ميناء حيفا الواقع بشرق البحر المُتوسط بالدول العربية الواقعة علي الخليج العربي والذي يُروج له الكيان الصهيوني بالتوازي مع تحركاته العلنية والسرية لتطبيع العلاقات بشكل كامل مع دول الخليج العربية ولوحظ في إعلانه أنه قال للحضور من الوزراء وكبار المسئولين “أنه رغم الغياب الكامل للعلاقات الدبلوماسية بين الكيان الصهيوني والدول العربية إلا أن ربطاً بالسكك الحديدية يجب أن يكون  لربط المنطقة ”وكأنه بعبارته تلك يُظهر للحضور بأن مسألة العلاقات الدبلوماسية المُفتقدة مع دول الخليج رسمياً حتي الآن ليست مسألة ذات أهمية وكأنه كذلك يريد أن يُظهر أن “الكيان الصهيوني” دولة مُفعمة بمشاعر الخير والرغبة في النفع العام وبالتالي فهي ليست دولة إحتلال أوأنها تنتهك حقوق الفلسطينيين أصحاب هذه الأرض التي سيربط جزء منها بموانئ دول الخليج العربي التي سمحت إحداها (عُمان) أن يُعلن مخلوق كهذا منها عن مشروع كهذا لتتجاوز به عُمان عن جريمة إحتلال وما يرتبط بها من جرائم ليس بينها وبين الإرهاب من فروق إلا حروف اللغة فقط , وكأن دماء الشهداء والمصابين التي أُريقت علي الأرض العربية لم تكن ولا يعتد بها “المُعظم ” في مسقط  وهوالذي سمح بأن يكون السيرك الصهيوني علي أرضه وكان من المتوقع مثلاً أن تصدر الحكومة العُمانية بياناً رسمياً علي الأقل ترد به علي Yisrael Katz يتضمن رفضها لأي مشاريع كتلك التي إقترحها وزير النقل والمخابرات الصهيوني  Yisrael Katzوإلتزام حكومة عُمان بما صدر عن القمم العربية من قرارات ذات الصلة بذلك والتي أُعيد التأكيد عليها في البند رقم 17 بالبيان الختامي الصادر في نهاية قمة بيروت العربية عام 2002 والذي نصه” يُؤكد القادة في ضوء إنتكاسة عملية السلام إلتزامهم بالتوقف عن إقامة أية علاقات مع إسرائيل وتفعيل نشاط مكاتب المقاطعة العربية لإسرائيل حتي تستجيب لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد للسلام والإنسحاب من كافة الأراضي العربية المُحتلة حتي خطوط الرابع من يونيو1967″ وهذا ما لم يحدث للأسف فزيارة Benjamin Netanyahu رئيس الوزراء الصهيوني الرسمية لمسقط في 25 أكتوبر 2018 كانت في حد ذاتها الرد العُماني / الصهيوني علي ما ورد بالبند 17 المُشار إليه المهم أن مشروع الوزير الصهيوني ذاته والذي أعلنه  Yisrael Katz والمعلومات الفنية ورسمه البياني Diagram والتفاصيل اللوجيستيكية الرئيسية المنشورة عنه شحيحة فكل ما أُتيح من معلومات نُشرت عن مصدرها الصهيوني هي :-

– أن المشروع يأتي في إطار مبادرة “مسارات للسلام الإقليمي  Tracks for Regional Peace” التي أعلنها الكيان الصهيوني   .

– إن من بين أهداف المشروع الصهيوني المُشار إليه وفقاً للإعلام الصهيوني : (1) تقوية الروابط مع العالم العربي و(2) مواجهة التوسع الواضح للنفوذ الإيراني عبر المنطقة و(3) ربط منطقتي المتوسط بدول منطقة الخليج العربي بمسار سكك حديدية تبدأ من امتداد خط السكك الحديدية Haifa-Beit She’an شرقي حيفا ليصل الخط للحدود مع الأردن ويتوقف أيضاً بمدينة جنين بالضفة الغربية ويُذكر في هذا الصدد أن  Yisrael Katz وزير النقل والمخابرات السابق كان قد قدم عام2018 اقتراحا إلى مجلس الوزراء الأمني الصهيوني لإقامة جزيرة اصطناعية قبالة ساحل غزة من شأنه أن يوفر منفذاً للقطاع على العالم لكنه سيتيح للكيان الصهيوني في الوقت نفسه مزيداً من الإحكام والسيطرة الامنية على البضائع والمواد الداخلة والخارجة من وإلي غزة بواسطة هذه الجزيرة  .

– أوضح وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katz في أبريل 2018 ( وهو من المُعارضين لقيام دولة فلسطينية) أن هناك عنصران أساسيان في هذه المبادرة ، هما أن الكيان الصهيوني سيصبح جسراً برياً بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط والأردن وأن الأردن سيصير مركز نقل إقليمي سيتم ربطه بنظام سكك حديد الكيان الصهيوني والمتوسط في الغرب وبالمملكة السعودية وبدول الخليج وبالعراق في الشرق والجنوب الشرقي وبالبحر الأحمر عبر العقبة وإيلات  في الجنوب  وأن البنية التحتية القائمة للنقل بالكيان الصهيوني وبالمملكة السعودية وبدول الخليج وحتي بالعراق (الجزء الذي يربط الخط السعودي بعُمان في الخريطة الصهيونية المُبسطة والتي نُشرت عن المشروع أُشير إليه علي أنه (جزء مُحتمل) ستسمح بتطبيق المبادرة في وقت قصير نسبياً(ً . *(THE TIMES OF ISRAEL بتاريخ 19 فبراير 2019  .

– في اجتماع عقد في الأسبوع الثاني من فبراير 2019 توصل رئيس الوزراء الصهيوني  Benjamin Netanyahuووزير النقل Yisrael Katz إلى اتفاق بشأن تفاصيل هذه المبادرة حيث وجه Netanyahu مكتبه بالبدء في تطوير خطة المشروع بالتشاور مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا وبالفعل فقد عُرض مُخططه علي المستشارة الألمانية Angela Merkel وتتوقع المصادر الإعلامية الصهيونية أن تلعب الولايات المتحدة دوراً مهماً في تقديم الدعم السياسي للمشروع ورداً على سؤال من صحيفة THE TIMES OF ISRAEL في 7 أبريل2019 قال مسؤول في البيت الأبيض إن الاقتراح “مثير للاهتمام” لكنه قال إن الولايات المتحدة لم تكون مُوقفاً من المشروع بعد  . * (المصدر السابق)

– أشار وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katz أن فكرة هذا المشروع ستجعل من الكيان الصهيوني جسر بري وتستفيد من موقعها بين قارات ثلاث وأن هناك ثمة جوانب تاريخية وأمنية وإقتصادية ونقلية في خطة هذا المشروع أما بالنسبة للجانب الأمني فالمشروع يتضمن إجابة علي التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز (ومن هنا يُفهم الدور الحيوي لعُمان في هذا المشروع) فمن بين مهام المشروع تحويل نقل السلع عبر البحر الأحمر لشحنها إلي الجهات النهائية بالخليج من الكيان الصهيوني وأشار كذلك إلي أن تركيا تستخدم بالفعل الكيان الصهيوني كجسر لنقل بضائع تركية محمولة علي 5,000 شاحنة سنوياً يتم تفريغ حمولاتها بميناء حيفا لتُنقل من حيفا إلي الأردن والسعودية ودول الخليج العربي *( Jerusalem Post . بتاريخ 5 أبريل 2017)

– أن وزير النقل والمخابرات الصهيوني شرع في التشاور مع مسئولي مصر والدول المعنية التي سيتم ربط شبكاتها الحديدية القائمة بمسار المشروع الذي يوفر منفذاً لهذه الدول علي أوروبا من خلال ميناء حيفاً (؟) لكنه لم يتلق بعد موافقة من أي منهم حتي الآن * (المصدر السابق)

أعتقد أن هذه المبادرة نفسها تم تطويرها بتشاور مع الولايات المتحدة فيما بعد بفعل تداعي أحداث حرب غـــزة وتطوير الصين الشعبية لمبادرة الحزام والطريق وبناء علي ذلك روجع موقف مصر من هذه الحرب وموقف تركيا وتم حذفهما من مخطط مشروع مسار الهند / أوروبا أو مسار IMEC  .

– بإعتبار أن مــســـار النـــقــل الهند/ الشرق الأوسط / أوروبــا IMEC تجنب مــــصــر الدولة المتوسطية التي تطل بساحل طويل يتعدي 1000كم علي البحر الأحمر واللصيقة بمسار IMEC وبإعتبار أن حذف مـــصـــر من مـــســار IMEC مــحـــســوب ومــقــصــود وبإعتبار حذف تركيا لأسباب أخري معظمها متعلق بالعلاقة الصهيونية التركية وعلاقة الكيان الصهيوني بالتحالف الهيليني  .

– كذلك ومن ناحية أخري تظل تجربة حـــصـــار الكيان الصهيوني من نقطة مضيق باب المندب والتي من آثارها العرضية إنخفاض المرور في قناة السويس وتأكيد تناقص مرونتها كمسار نقل تقليدي لأساب تدني القرارات السياسية المصرية من أدي إلي إنخفاض القدرة الإيرادية للقناة والتجربة الحالية المتمثلة في تحقيق مسار الهند  / الشرق الأوسط /أوروبا IMEC كل ذلك يدعو مــــصــــر للتوقف عن ردات الفعل والتحرك علي غير هدي والتفكير مــلـيـاً في بديل مـــصــري مواز لــقــناة السويس تكون إدارة قناة السويس نفسها بما لديها من خبرات متراكمة قادرة علي إدارة وتطوير مـــســار نـقـل آخـــر مـــواز لقناة السويس وآمن إقتصادياً وهذا المسار يبدأ من قـــطــر فـعــُمان فالــيــمــن فالسودان (بورسودان) فمصر (ميناء بورسعيد مثلاً) فتركيا / إيطاليا فأوروبا  وقد يُري حال التيقن من الجدوي الفنية و/ أو الإقتصادية من هذا المسار التباحث والتشاور مع الصين الشعبية سواء لإقامة هذا المسار مُستقلاً أو إدماجه في مبادرة الحزام والطريق الصينية .

– إن تكوين تحالف مصري / تركــي  لغرض إقامة مسار النقل:عـــُمان /  مصر / تركيا / أوروبا سيكون أمراً منطقياً خاصة لو أعقبه إتفاق علي التفاصيل الفنية للمسار وكذا تمويل إقامته  وأعـــتــقـــد أن مصر وبنفس الدرجة تركيا في حالة مواجهة أو “حرب مسارات نقل دولية” مما يجب أن يدعوهما للتفكير في إنشاء بديل منافس لهذا المسار علي الأقل – لحث الولايات المتحدة المسؤلة الأولي عن هذا المسار لضمهما للمسار-إن كان ذلك مناسباً -وعلي مصر التوقف لبيع / تأجير أو الإستثمار في موانئها لأن تلك سياسة تؤدي في النهاية لحالة من العجز والشلل الإقتصادي.

– إن هذا المسار : عـــُمان /  مصر / تركيا / أوروبا مسار بحري وسكك حديدية كمسار الهند / الشرق الأوسط /أوروبا IMEC وهو ضرورة حتي تقلل مصر من الآثار السلبية علي القدرة الإيرادية لقناة السويس إبتداء وتغيير شكل وجوهر العلاقة المصرية / التركية فكفي من إستمرار مصر من المضي مع الثنائي المفلس : اليونان وقبرص اليونانية فكلاهما بالإضافة إلي ضعفه الإقتصادي قد بني تحالف  متعدد الزوايا مع الكيان الصهيوني وهو تحالف معلن وفعال .

– يُذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوجان كان أحد المتشككين في هذا مشروع مسار النقل الهند / الشرق الأوسط /أوروبا IMEC منذ البداية فقد أوضح أنه لا يمكن أن يكون هناك مثل هذا الممر بدون تركيا لكنه بزيارة رئيس وزراء الهند لقبرص اليونانية قارب أن يكون حقيقة وقد أدى دعم تركيا لموقف باكستان بشأن كشمير وإمداد باكستان بالمعدات العسكرية إلى توتر العلاقات الهندية التركية ومن المؤكد أن خصومة الهند وتركيا ستمد وخلال وجوده في نيقوسيا أشار رئيس وزراء الهند إلى ممرالــ IMECعدة مرات معربا عن اعتقاده بأنه سيتم تنفيذه بمشاركة قبرص والذي أحد مثالبه علي تركيا موازنة حزامها الإقليمي مع دول العالم التركي المنضوية في منظمة الدول التركية (آذربيجان وغيرها) .

– إن كل من مسار النقل IMEC و Lobito Corridor حيويان لأوروبا والولايات المتحدة فمسار نقل IMEC تقع علي جانبيه دول الشرق الأوسط وبعض من هذه الدول به الثروة النفطية ففي الشرق الأوسط يقدر الخبراء أن 30٪ من نفط العالم و 20٪ من الغاز المستهلك كما أن بالشرق الأوسط الأسواق الإستهلاكية أما مسار نقل Lobito Corridor فهو يخترق دول بها مكامن المعادن الحرجة النادرة كما أن مسار Lobito Corridor سيجعل الوصول لأسواق دول هذا المسار ميسراً جداً للاأسواق الإستهلاكية الأفريقية  علي إتساعها فسوفر هذا المسار حركة إنسيابية وحـــرة للمنتجات النهائية الأمريكية والأوربية أكثر من ذي قبل لأنه دورة الإنتاج والبيع سريعة لأن هذا المسار سيجعل الأسواق الأفريقية أقرب من ذي قبل وفي المتناول Attaiable  كذلك وهذا هو الأخطر والأهم  فبإقامة  الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيين الولايات المتحدة سيـنهلوا الموارد التعدينية النادرة في أنجولا وشرقي الكونجو وزامبيا خاصة لمصلحة المجمعات الصناعية الأمريكية والأوربية تماماً كما كانوا يفعلون خلال سني العهد الإستعماري ويساعدهم علي ذلك قــادة أفارقة مختلفون عن الآباء المؤسسين الذين ناضلوا من أجل التحرر من ربقة إستعمار أعاده بوجه مختلف قادة حاليون في أنجولا وتنزانيا وزامبيا وغيرهم فالمنفعة العائدة علي إقامة مسار النقل الدوليين MEC و Lobito Corridor في حدها الأدني السلبي ليست مُــتــبادلة بالطبع بالإضافة إلي أن التفاصيل الفنية والإقتصادية مازالت غامضة أو علي الأقل غير واضحة كما أن الجدوي النهائية مالياً وإقتصادياً لم تُحدد بعد لكن اللهفة الأمريكية والأوربية لإقامة مساري النقل الدوليين MEC و Lobito Corridor تُظهر أن العائد الإقتصادي للولايات المتحدة وأوروبا يستحق عناء التعامل مع نظم أفريقية إما ضعيفة سيئة الإدارة أو فـــاســـدة  .

– إن  مسار النقل الدولي الهند  / الشرق الأوسط /أوروبا IMEC ليس خالياً من العقبات فهناك تناقضات كامنة ستظهر تباعاً عند التحقيق الفعلي وليس النظري لهذا المسار منها مثلاً أنه في عام 2019  شرعت جمهورية قبرص في تقديم إحداثيات لتعريف المنطقة الاقتصادية الخالصة (EEZ) للبحر المقابل لساحل تركيا المحتلة واقترحت على أنقرة بدء مناقشات حول هذه القضية وبعد تقديم الإحداثيات التي جرت خلال فترة رئاسة نيكوس كريستودوليدس أرسلت مذكرة شفوية إلى تركيا تتضمن اقتراحا ببدء مفاوضات ترسيم الحدود بالاتفاق أو بقرار من محكمة العدل الدولية في لاهاي ورفضت السلطة القائمة بالاحتلال(إحتلال تركيا للجزء الشمالي من الجزيرة القبرصية منذ يوليو1974 وهو حالياً جمهورية شمال قبرص التركية) على الفور المذكرة الشفوية حيث من المعروف أن أنقرة تصف جمهورية قبرص بأنها متوفاة ومع ذلك لم تكن هذه خطوة تكتيكية من جانب نيقوسيا مع العلم أن تركيا رفضت الاقتراح كما أن المنطقة الاقتصادية الخالصة اليتيمة بين قبرص اليونانية واليونان(الحليف الطبيعي لقبرص اليونانية) تعتبرها اليونان محظور الحديث الثنائي بشأنه أيضاً فقبرص اليونانية تأمل في تعريف المنطقة الاقتصادية الخالصة لليونان وقبرص إلكن أثينا مازالت تعتبره موضوعاً محظوراً رغم أن قبرص اليونانية منذ فترة رئاسة تاسوس بابادوبولوس وهي تثير هذه المسألة في أثينا لكن دون جدوي .

(2) الــتــحـــرك الأمـريكي لـتـحـقـيـق خــطــة مــشــروع مــمــر Lobito  (Lobito Corridor) :

– في إطار عدد من الأفعال المنتهية بفعل رئيسي إستراتيجي ألا وهو القبض بإحكام علي الثروات التعدينية التي تضم عدة معادن حرجة لازمة للصناعات التكنولوجية في الولايات المتحدة وقعت في 27 يونيو2025 كل من رواندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية اتفاق سلام في واشنطن لإنهاء القتال الذي أودى بحياة الآلاف وتضمن هذا الإتفاق تعهد البلدان بسحب دعمهما للمقاتلين وتفاخر الرئيس دونالد ترامب كعادته بتأمين الثروة المعدنية ويأتي هذا الاتفاق بعد أن توغلت حركة 23 مارس في وقت سابق من هذا العام واستولت على أراض شاسعة في شرقي الكونجو بما في ذلك مدينة جــوما الرئيسية و حركة 23 مارس هي قوة متمردة من عرقية التوتسي مرتبطة برواندا تنتشر عناصرها عبر شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية الغني بالمعادن ونفت رواندا بالطبع دعمها المباشر لحركة 23 مارس لكنها طالبت بوضع حد لجماعة مسلحة أخرى هي القوات الديمقراطية لتحرير رواندا التي أسسها الهوتو العرقيون وهم على صلة بمذابح التوتسي في الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 وهذه الإتفاقية في إعتقادي تعبر من حيث المبدأ عن مصلحة عُليا أمريكية أي أنها إتفاقية أمن قومي أمريكي محض ولذلك فهي إتفاقية عــابـــرة للإدارات الأمريكية بدأت في عهد الرئيس الديموقراطي بايدن وأتمها الرئيس الجمهوري ترامــب فهي علي غـــرار إتفاق المعادن مع أوكرانيا التي طالبت بها الولايات المتحدة كشرط لإستمرار الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا وأهمية إتفاق سلام رواندا والكونجو الديموقراطية ليس من كونها ستوقف نزيف الأرواح في شرق الكونجو الديموقراطية بل لتحقيق إنسياب آمن لإستغلال المعادن القيمة المخزونة في باطن أراضي شرق الكونجو حيث رواسب التنتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم  وبمقتضي هذا الإتفاق الذي أنكبت علي صياغته وإنهاءه الأطراف الرئيسية المُستفيدة وهي أولاً الولايات المتحدة وتحديداً الشركات الضخمة المعنية كما سيلي بيانه والكونجو الديموقراطية ورواندا ولذلك فهذا الإتفاق بصورة أو بأخري يمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى المعادن الحيوية في شرق الكونجو الديموقراطيةوهذا الإتفاق الذي بدأ العمل لصياغته منذ ما قبل تولي ترامب منصبه وصـــيغ بــعـــقـــل سياسي إقتصادي أمريكي ولذلك فهو في التقييم النهائي لمواده لا يتطرق صراحة إلى مكاسب حركة 23 مارس في المنطقة التي مزقتها عقود من الحرب المتواصلة لكنه تضمن دعوة لرواندا لإنهاء “الإجراءات الدفاعية” التي اتخذتها ويدعو الاتفاق كذلك إلى “تحييد” القوات الديمقراطية لتحرير رواندا حيث قال وزير الخارجية الرواندي أوليفييه ندوهونجيريه إن “نهاية دعم الدولة التي لا رجعة فيها والتي يمكن التحقق منها” لمتشددي الهوتو يجب أن تكون “الترتيب الأول” وأشارت وكالة رويترز للأنباء في 27 يونيو2027 بالإحالة علي أربعة مصادر قولها أن مفاوضين كونجوليين تخلوا عن مطالبتهم بأن تغادر القوات الرواندية على الفور شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية مما يتيح تمهـيـد الطريق لتوقيع اتفاق السلام بوساطة أمريكية المُشار إليه بين الخصمين القدامى في 27 يونيو2027 وكانت رواندا وفقا لمحللين ودبلوماسيين قد أرسلت ما لا يقل عن 7000 جندي عبر الحدود في تقدم خاطف في وقت سابق من هذا العام دعما لمتمردي حركة 23 مارس الذين سيطروا على أكبر مدينتين في شرق الكونجو ومناطق التعدين المربحة وكعادتها نفت رواندا منذ فترة طويلة تقديم أسلحة وقوات لحركة 23 مارس وأدعت أنها تتصرف دفاعا عن النفس وقالت مصادر لرويترز في وقت سابق من هذا الشهر إن واشنطن تضغط على رواندا لسحب قواتها قبل توقيع الاتفاق وهو شرط مسبق تم تضمينه أيضا في مسودة أعدتها الولايات المتحدة ودعمتها آراء دبلوماسيون معنيون .* (reuters.com في 27 يونيو2025) .

– تدرك الدبلوماسية الأمريكية أن الطرفين المعنيين بتوقيع إتفاق السلام المُشار إليه زئبقيين وهناك ضرورة لتثبيت مواقفهما المتحركة ومن ثم فقد سبق التوقيع علي إتفاق السلام في 27 يونيو 2025 إتفاق مــبـــدئي آخر فقد أشار  Radio Okapiفي 21 يونيو2025 علي موقعه إلي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رحب على حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي في 20 يونيو 2025 بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين جمهورية الكونجو الديمقراطية ورواندا إذ وقعت الدولتان  بالأحرف الأولى على نص اتفاق السلام يوم 18 يونيو2025 في واشنطن بحضور وكيلة الوزارة الأمريكية للشؤون السياسية أليسون هوكر استعدادا للتوقيع الوزاري على اتفاقية السلام المقرر إجراؤها في 27 يونيو 2025 وكتب الرئيس ترامـــب: “…يسرني جدا أن أعلن أنني أبرمت مع وزير الخارجية ماركو روبيو معاهدة رائعة بين جمهورية الكونجو الديمقراطية وجمهورية رواندا في حربهما المستمرة منذ عقود والتي استمرت عقودا ” وأعلن الرئيس تــرامـــب عن وصول الوفدين الكونجولي والرواندي إلى واشنطن في 23 يونيو2025 للتوقيع النهائي على هذا الاتفاق في 27 يونيو2025  .

(3)رؤية الـــولايــات الــمــتــحدة الأمــريــكــيـة لإتفاق سلام رواندا والكونجو الديموقراطية :

– لم يخف الرئيس الأمريكي ترامب هدف الولايات المتحدة من بذل كل هذا الجهد الدبلوماسي من أجل إنهاء إتفاق ســلام في 27 يونيو 2025 بين الكونجو الديموقراطية ورواندا إذ أشار موقع actualite.cd في 27 يونيو2025 إلي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال في نفس يوم التوقيع : “إن الولايات المتحدة ستحصل على “الكثير من الحقوق في معادن الكونجو” كجزء من عملية السلام التي تقودها بلاده بين جمهورية الكونجو الديمقراطية ورواندا وقدم هذا النص باعتباره “أحد أهم إنجازات” دبلوماسيته الأفريقية وفي خطاب ألقاه في البيت الأبيض قبل ساعات من حفل التوقيع الرسمي بين وزيري خارجية رواندا والكونجو أوضح الرئيس ترامب فقال : “تحصل الولايات المتحدة علي حصة كبيرة من حقوق الكونجو المعدنية” كذلك ووفقا للسفارة الأميركية في كينشاسا تتلقى جمهورية الكونجو الديمقراطية حوالي مليار دولار من المساعدات الإنسانية والثنائية سنويا ووفقا للمصدر نفسه وصلت المساعدات الإنسانية والتنموية الأميركية إلى جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى ما يقرب من 6 مليارات دولار على مدى السنوات العشر الماضية وتعمل واشنطن في 25 مقاطعة من أصل 26 مقاطعة في البلاد لدعم الصحة والتعليم وحماية البيئة والنمو من بين مجالات أخرى فقد ازداد اهتمام الولايات المتحدة بالاستثمار في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وخاصة في جمهورية الكونجو الديمقراطية بشكل كبير في الأيام الأخيرة كما قالت السفيرة الأمريكية لدى جمهورية الكونجو الديمقراطية لوسي تاملين في 11يونيو2025 خلال كلمتها في أسبوع التعدين في جمهورية الكونجو الديمقراطية 2025 ووفقا للسفارة الأميركية في كينشاسا فإن جمهورية الكونجو الديمقراطية تتلقي حوالي مليار دولار من المساعدات الإنسانية والثنائية سنويا ووفقا للمصدر نفسه وصلت المساعدات الإنسانية والتنموية الأميركية إلى جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى ما يقرب من 6 مليارات دولار على مدى السنوات العشر الماضية وتعمل  مؤسسات تابعة للولايات المتحدة في 25 مقاطعة من أصل 26 مقاطعة في البلاد لدعم الصحة والتعليم وحماية البيئة والنمو من بين مجالات أخرى وقد ازداد اهتمام الولايات المتحدة بالاستثمار في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خاصة في جمهورية الكونجو الديمقراطية بشكل كبير في الأيام الأخيرة كما قالت السفيرة الأميركية لدى جمهورية الكونجو الديمقراطية لوسي تاملين في 11 يونيو2025 خلال كلمتها في أسبوع التعدين في جمهورية الكونجو الديمقراطية 2025 بالإضافة إلى ذلك مولت الولايات المتحدة العديد من المشاريع الأخرى في مجالات التعليم والصحة والبيئة والأمن والمساعدات الإنسانية فعلى سبيل المثال وعلى مدى السنوات الـ 25 الماضية استثمرت الحكومة الأميركية من خلال مكتبها لحماية البيئة في وسط أفريقيا أكثر من 650 مليون دولار للحفاظ على حوض الكونـجـو، وفقا للسفارة الأميركية في كينشاسا  .

– من الأهمية بمكان تحديد البيئة السياسية التي تم في مداها إتفاق سلام رواند والكونجو الديموقراطية , ذلك أن هذا الإتفاق لم يتم فقط من واقع العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وكل من الكونجو الديموقراطية ورواندا بل إن مداه أكثر إتساعاً من ذلك فمداه الواقعي هي الفضاء التنافسي بين الولايات المتحدة وكل من الصين الشعبية بصفة رئيسية ) للصين موقف ناقد لرواندا فالصين تولي ثروة جمهورية الكونجو الديمقراطية من المعادن الحرجة أهمية كبيرة إذ يُستخرج التنتالوم الداخل في صناعة السيارات والإلكترونيات اليومية من أجهزة التلفزيون إلى الهواتف المحمولة من هذا الخام من هناك فجمهورية الكونجو الديمقراطية تنتج 40٪ من إمدادات العالم منه) والصين تحاول الحفاظ علي توازن في علاقاتها مع الكونجو الديموقراطية ورواندا وضعاً في الإعتبار لمصلحتها العليا تماماً كالولايات المتحدو ولذا فالصين تعتبر أن الأمن في شرق الكونجو له أهمية حاسمة وهي تري الوجود المسلح للميلشيات المسلحة خطر علي أعمالها بشرق الكونجو في مقاطعتي كيفو الشمالية وكيفو الجنوبية اللتين تضم العديد من مناجم الذهب التي تديرها الصين) وروسيا ففي الوقت الحالي أي قبل وأثناء توقيع هذا الغير عابئة بسفك دماء الشعب في شرق الكونجو ولهذا لديها علاقات عسكرية معهما فالصين تزود كل من رواندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية بالأسلحة في العقدين الماضيين فوفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (Sipri) اشترى الجيش الرواندي مركبات مدرعة صينية ومدفعية وصواريخ مضادة للدبابات وللصين ملحق عسكري اُلحق عام  2024 بسفارتها في رواندا  لأول مرة وبينما يقول خبراء الأمم المتحدة إن الجيش الرواندي قام بتسليح حركة 23 مارس  فمن غير الواضح ما إذا كانت الجماعة المتمردة تستخدم أي أسلحة صينية وعلي الجانب المقابل اشترت القوات المسلحة الكونجولية ناقلات جند مدرعة وطائرات بدون طيار صينية كما أن لدي الكونجو دبابات صينية تم شراؤها عام 1976 ولكنها وكانت قيد الاستخدام حتى عام 2022 كما أن الطائرات الصينية  بدون طياراستخدمت في القتال ضد M23

– إنخرطت الدبلوماسية الأمريكية وحلفاءها ومعهم الشركات الأمريكية والأوروبية متعددة الجنسيات التي تعمل معاً في كونسورتيوم أو تلك الشغوفة للعمل مستقبلاً فكل هؤلاء كانوا وراء الرئيس ترامب لإبرام إتفاق سلام بين الكونجو الديموقراطية لإزاحة الصين أو علي الأقل لشق طريق آمن في شرق الكونجو يتيح لهم إستخراج وإستغلال المعادن الحرجة هناك فالصين الشعبية تهيمن شركاتها إلى حد كبير على قطاع التعدين في جمهورية الكونجو الديمقراطية لا سيما في إنتاج الكوبالت فالشركات والبنوك  الصينية المملوكة للدولة تسيطرعلى ما يقرب من 80٪ من إجمالي الإنتاج من مناجم الكوبالت وتعكس الملكية المتزايدة للصين استراتيجيات استثمارية أوسع نطاقا في جميع أنحاء القارة حيث أصبحت العديد من المشاريع المشتركة وصفقات البنية التحتية من قبل الشركات الصينية أمرا شائعا حتى قبل عودة ظهور M23 كتهديد أمني وفي تقديري أن الصين ربما كانت هي الأخري وراء ظهر ترمب ودعمه في إبرام إتفاق سلام بين الخصمين الكونجو الديموقراطية ورواندا فوفقاً لتقرير نُشر علي موقع BBC في 26 مارس2025 أشار إلي أن السفارة الرواندية في بكين ذكرت أن العلاقات مع الصين لا تزال “ممتازة ومثمرة” ولم يكن من اختصاص رواندا التعليق على بيان الصين بشأن القتال في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية كما السفير الصيني لدى جمهورية الكونجو الديمقراطية أجري مناقشات مع رئيس مجلس الشيوخ الكونجولي ساما لوكوندي في أوائل فبراير 2025 لكن لم يتم الإعلان عن تفاصيل الاجتماع والأنشطة الاقتصادية للصين في البلدين عميقة للغاية فكلاهما جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية المصممة لتقريب الصين من العالم من خلال الاستثمارات ومشاريع البنية التحتية ففي رواندا مولت الصين إنشاء الملاعب والمدارس والطرق السريعة كما تمول القروض الصينية مشاريع البنية التحتية – تم تأكيد قرض لتمويل سد ونظام ري تقدر قيمته ب 40 مليون دولار (31 مليون جنيه إسترليني) في يناير2025 ولسنوات جاءت معظم البضائع المستوردة إلى رواندا من الصين وعندما يتعلق الأمر بالعلاقات الاقتصادية للصين مع جمهورية الكونجو الديمقراطية تظهر قاعدة بيانات الأمم المتحدة Comtrade أن الصين كانت لسنوات أكبر شريك تجاري لجمهورية الكونجو الديمقراطية أيضاً فلقد بذلت الصين جهودا كبيرة لتأمين الوصول إلى الثروة المعدنية لجمهورية الكونجو الديمقراطية وفي هذا السبيل قدمت 3.2 مليار دولار (2.5 مليار جنيه إسترليني) من القروض للبلاد بين عامي 2005 و 2022  وذلك وفقا لقاعدة بيانات القروض الصينية لأفريقيا التي تديرها جامعة بوسطن ومعظمها لتمويل بناء الطرق والجسور وشبكة الكهرباء في البلاد كذلك مولت الصين وبنيت مشاريع بنية تحتية أخرى واسعة النطاق في جمهورية الكونجو الديمقراطية بما في ذلك محطات الطاقة الكهرومائية والميناء الجاف ولهذا كله يمكن القول بأن من مصلحة الصين على المدى الطويل إيجاد حل للصراع بين الكونجو الديموقراطية ورواندا لإعادة الأمن في شرق الكونجو وبسرعة .

– في رد فـعـل إيجابي وسريع ومباشرعلي توقيع إتفاق السلام مع رواندا في واشنطن صرح الرئيس الكونجولي في 29 يونيو2025 بأنه من المرتقب التوقيع مع الولايات المتحدة على “اتفاقية استراتيجية غير مسبوقة  في قطاع [التعدين]” تهدف إلى تعزيز مكانة جمهورية الكونجو الديمقراطية في التحول العالمي للطاقة الاتفاقية وتهدف هذه الإتفاقية إلى “تطوير معادننا الاستراتيجية بشكل سيادي ولا سيما النحاس والكوبالت والليثيوم” مع “ضمان توزيع أكثر إنصافا للفوائد الاقتصادية لصالح السكان الكونجوليين وشدد تشيسكيدي على أن هذا الالتزام سيمهد الطريق “للتحول المحلي وإيجاد آلاف فرص العمل ونموذج اقتصادي جديد قائم على السيادة والقيمة المضافة الوطنية وأضاف في رسالة إلى الشركاء الدوليين: “لقد عادت جمهورية الكونجو الديمقراطية وهي مستعدة لإقامة شراكات استراتيجية وموثوقة وشفافة وقبل كل شيء مربحة للجانبين ” لكنه حذر أيضا من أنه : “لن يتم بيع موارد جمهورية الكونجو الديمقراطية أو تسليمها أبدا إلى مصالح غامضة  إنها ستعود بالنفع على الشعب الكونجولي قبل كل شيء ولن يتم التسامح مع أي حل وسط فيما يتعلق بالسيادة الاقتصادية. وجمهورية الكونجو الديمقراطية لن تبيع مستقبلها أو كرامتها” .   *( actualite.cd في30يونيو2025)

– مع ذلك فقد فلم تكن الصين وحدها هي العقبة أمام تواجد حــر للشركات الأمريكية في شــرق الكونجو الديموقراطية فذهنية الشركات الأمريكية العاملة في شرق الكونجو تتحمل جزءاً من وزر الحركة الحرة للصين في إستغلال معادن شرق لكونجو فقد أدت التحديات المالية وقصر نظر الإدارة الـعُــليا لهذه الشركات الأمريكية إلى قيام العديد من شركات التعدين الأمريكية الرائدة بتقليل بصمتها في الكونجو الديموقراطية فعلى سبيل المثال وبعد قرارات الاستثمار السيئة في صناعة النفط باعت Freeport-McMoRan ومقرها أريزونا وهي واحدة من أكبر شركات التعدين الأمريكية حصتها في منجم Tenke الكونجولي في عام 2016 إلى Molybdenum وهي شركة تعدين صينية وهو نفس مافعلته شركة Chevron في ثمانيات القرن الماضي عندما باعت وتنازلت لرجل أعمال سوداني إمتيازها في البترول السوداني وأعاد جار النبي بيعها لحكومة عمر البشير الذي باعها للصينيين فالصين صحيح تنافس  الولايات المتحدة في أفريقيا لكن الولايات المتحدة رجال أعمالها قصيرو النفس أما الصين فنفسها طويل يصبر ويعالج بكل الوسائل المشروعة وغير المشروع فساد مجتمع الأعمال الأفريقي والآن ومما زاد من تعقيد هذا المشهد أنه بالإضافة إلي الصين إكتسبت رواندا بحكم دعمها لمجموعة M23 المتمردة التي تقاتل جيش جمهورية الكونجو الديمقراطية نفوذا وقدرة ملحوظة على استخراج المعادن في شرق الكونجو M23 وفي النهاية – وربما كان هذا مما زاد من الدافع الأمريكي لصياغة إتفاق 27 يونيو2025 – إذ إحتكرت مجموعة M23 المتمردة تصدير الكولتان إلى رواندا والذي يباع بعد ذلك في السوق الدولية وتشير التقديرات إلى أن المتمردين في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية قاموا بتصدير ما لا يقل عن 150 طنا متريا من الكولتان إلى رواندا العام الماضي وهو ما وصفه خبراء الأمم المتحدة بأنه أكبر تلوث في سلسلة التوريد المعدني في المنطقة لذلك ظلت رواندا من خلال ذراعها العسكري لاعبا رئيسيا في دورة العنف في شرق الكونجو الديموقراطية في كيفو وبوكافو وأستفادت رواندا من ســفك الدماء في شرق الكونجو فمجموعة M23 التي تُساندها كانت تُحصل مبالغ شهرية كبيرة من خلال فرض الضرائب غير المشروعة والسيطرة على مناطق التعدين مثل ربايا ومازالت هذه المجموعة تضغط علي سوق عرض المعادن حاليا ويتزامن ذلك مع ارتفاع الطلب العالمي على هذه المعادن الاستراتيجية وهذا ما دفع الولايات المتحدة بإيلاء إنهاء عملية سلام توفر لها غطاء آمـنـاً لإستغلال معادن شرق الكونجو الديموقراطية ومن الواضح أن هناك تدخلاً أمريكياً مع السلطات الكونجولية بدءاً من المستوي الرئاسي وقبل توقيع إتفاق السلام في 27 يونيو 2025 لضبط سوقي العرض والطلب وفقاً للإحتياج الأمريكي ولذلك وفي 21 يونيو2019 أعلنت هيئة التنظيم والرقابة على أسواق المواد المعدنية الاستراتيجية في الكونجو الديموقراطية(ARECOMS) وهي الهيئة الوطنية المسؤولة عن تنظيم تجارة المواد المعدنية الحرجة أعلنت عن تمديد تعليقها المؤقت لصادرات الكوبالت لمدة ثلاثة أشهر إضافية مشيرة إلى استمرار ارتفاع مستويات المخزون في الأسواق المحلية والدولية وقد كانت هذه الخطوة بعد توقف التصدير لمدة أربعة أشهر الذي تم الإعلان عنه في فبراير2019 ومعلوم أن  ARECOMS تأسست 2019  وتشرف على تنظيم المعادن الاستراتيجية مثل الكولتان والكوبالت والجرمانيوم كما تشمل ولايتها تحقيق الاستقرار في الأسواق وإضفاء الطابع الرسمي على القطاع الحرفي وضمان الامتثال للأنظمة الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ووفقا لبيان رسمي كونجولي فإن الحظر الممتد يغطي جميع الكوبالت المستخرج من عمليات التعدين الصناعية وشبه الصناعية والصغيرة والحرفية ودخل حيز التنفيذ فور تاريخ التوقيع  21 يونيو2019 وأضافت ARECOMS إنه سيتم إصدار قرار جديد قبل نهاية فترة التعليق والذي قد يعدل أو يمدد أو يرفع حظر التصدير الحالي اعتمادا على تطورات السوق ووفقا لشركة تحليلات البيانات والاستشارات GlobalData ومقرها لندن فمن المتوقع آنئذ أن يصل إنتاج الكوبالت في جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى 244 كيلو طن في عام 2024 وتعد البلاد أكبر منتج للكوبالت في العالم حيث توفر أكثر من 80 % من الإنتاج العالمي  ولكن منذ أن توطدت أركان مجموعة  M23 في شرق الكونجو الديموقراطية وأستطاعت التحكم في إستخراج تلك المعادن النادرة الحرجة ومنها الكوبالت لم يعد بإستطاعة  ARECOMS الحديث أو أعلان الــحــظــر أو تمديد الــحـــظــر حـــالياً فمجموعة M23 أصبح بمكنتها فعل نفس الأمر فقد تعادلت القوي أو كادت أن تتعادل فقد أصبح شـــرق الكونجو الديموقراطية إمتدا بحكم الأمر الواقع لــروندا ومن وراءها قوي أخري فــاســدة مثل الكيان الصهيوني الذي تربطه صداقة ومودة خاصة مع الرئيس الرواندي كاجامي(تولى السلطة  في يولي و1994 ثم اعيد إنتخابه في يوليو 2024 وفاز بنسبة 99.18٪ من الأصوات) ولهذا كانت عملية إنهاء إتفاق سلام محفوفة بمخاطر الإنتهاك من جانب M23 وغيرها من الميليشيات العسكرية الخارجة عن طــوع الحكومات في كيجالي وكينشاسا بل وحتي لواندا(أنجولا) وضبط إيقاع هذه الميليشيات أمر تعتوره صعوبات جمة ومختلفة ويحتاج تمويل غير مؤسسي في الغالب لوقف مداه .

– كنتيجة طبيعية لاتفاق السلام فإن الولايات المتحدة بصدد التفاوض أيضا على صفقة معادن مع جمهورية الكونـــجـو الديمقراطية وصفقة منفصلة مع رواندا والتي من المتوقع أن تجلب مليارات الدولارات من الاستثمارات الأمريكية إلى المنطقة ولهذا فبالنسبة للحكومة الأميركية  كان الوصول إلى المعادن الثمينة في المنطقة حافزا للمساعدة في إنهاء الحرب فالعديد من المعادن الأساسية للتكنولوجيا الحديثة تتدفق من خلال المنافسيين الرئيسيين للولايات المتحدة تتدفق من المنطقة المضطربة في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية إلي المستورديين الدوليين الرئيسيين ولهذا إضطرم الصراع بين الشركات الدولبية المستوردة (وهي في الغالب أمريكية وأوروربية كما سأوضح تالياً) وأصبحت الرواسب الهائلة من الكولتان والكوبالت والذهب التي تشغل الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية من بين تقنيات أخرى محركا للصراع المستمر منذ عقود والذي تعتقد وتأمل الولايات المتحدة وضع نهاية له بإتفاق سلام رواندا والكونجو الديموقراطية في 27 يونيو 2025 فلقد حول هذا الصراع المدفوع بالموارد الثروة المعدنية غير العادية في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى مصدر للعنف وعدم الاستقرار المستمرين ليس بين رواندا والكونجو الديموقراطية في الحقيقة بل بين والصين الشعبية والولايات المتحدة التي تروج لمزيد من الإحكام والقبض علي ثروات المعادن في الكونجو الديموقراطية وزامبيا وأنجولا من خلال إقامة ما يُسمي بـ Lobito Corridor فجمهورية الكونجو الديمقراطية تمتلك( 60٪)من احتياطيات الكولتان العالمية كما أنها أكبر منتج للكوبالت في العالم حيث تحوز حوالي 70 % من الإنتاج العالمي في عام 202 و يشكل الكولتان والكوبالت العمود الفقري للاقتصاد الرقمي العالمي والبنية التحتية للطاقة النظيفة فعلى سبيل المثال يعمل الكوبالت المستخرج من المناجم الكونجولية على تشغيل البطاريات القابلة لإعادة الشحن في الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والسيارات الكهربائية وفي الوقت نفسه فإن النحاس الكونجولي أمر بالغ الأهمية لكهربة الطاقة والنقل ويمكن العثور على هذه المعادن في كل شيء من بطاريات السيارات الكهربائية إلى الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وبالإضافة إلى الكوبالت والنحاس توفر رواسب الكولتان في البلاد التنتالوم وهو معدن حاسم لتصنيع المكثفات المستخدمة في كل جهاز إلكتروني تقريبا وتمتلك جمهورية الكونجو الديمقراطية أيضا احتياطيات كبيرة من العناصر الأرضية النادرة الأخرى التي تدعم تصنيع التكنولوجيا وتحظى باهتمام كبير للولايات المتحدة ولهذا وضعت الولايات المتحدة ذلك في إعتباراتها الإقتصادية والتنافسية مع الصين فأولت أهمية قصوي لعملية سلام مُعقدة عملت عليها الدبلوماسية الأمريكية في خفوت بدأت بتوقيع رواندا والكونجو الديموقراطية إعلان مبادئ وُقع في 25 أبريل 2025  وتم تطوير الاتفاقية خلال ثلاثة أيام من الحوار البناء حول المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية وتضمن اتفاق 27 يونيو2025 أحكاما بشأن احترام السلامة الإقليمية وحظر الأعمال القتالية واحترام السلامة الإقليمية وحظر الأعمال العدائية وفك الارتباط ونزع السلاح والاندماج المشروط للجماعات المسلحة من غير الدول وإنشاء آلية تنسيق أمني مشتركة تدمج CONPOSS في 31 أكتوبر 2024 وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين داخليا ووصول المساعدات الإنسانية وإطار للتكامل الاقتصادي الإقليمي  وهذا الجهد الدبلواسي الأمريكي ما كان ليكون إلا لــيـحـقـق للإقتصاد الأمريكي استراتيجيته العملياتية والتنافسية في آن واحد ولهذا كانت موارد شـــرق الكونجو الديموقراطية في قلب الحسابات الجيوسياسية الأمريكية في إفريقيا ووعلي التوازي أولت الولايات المتحدة أهمية قصوي أيضاً أدركت لتأمين سلاسل توريد موثوقة لهذه المواد ولهذا كان من الطبيعي توصيف إتفاق السلام بين الكونجو الديموقراطية الموقع في واشنطن في 27 يونيو2025 بأنه صمام الأمان لـــمــمــر لوبيتو  Lobito Corridor الذي تعهدت الولايات المتحدة بحوالي 4 مليارات دولار لتحقيق مشروعه وهو مبادرة أمريكية للبنية التحتية تربط ساحل المحيط الأطلسي لأنجـولا بجمهورية الكونـجـو الديمقراطية عبر زامبيا فكلا الأمرين – إتفاق السلام وإستغلال الولايات المتحدة لمعادن شرق الكونجو وإيصالها الآمن للولايات المتحدة –  مثل للرئاستين الأمريكتين المُتعاقبتين ضرورة أمنية قومية أمريكية ينبغي تحقيقها مهما كان الجهد والمال اللازم سواء في جذب الطرفين المعنيين بموارد شرق الكونجو وهما كــيــجــالي وكـــنـــشـــاســا و في إقامة ممر لوبيتو Lobito Corridorعلماً بأن الولايات المتحدة نادراً ما تقدم علي إستثمار ضخم كهذا سواء في إنهاء ملف إتفاق سلام رواندا والكونجو كنشاسا بتوفير تمويل مُعتبر لطرفيه كــاجــامي رئيس رواندا و الرئيس الكونجولي فيليكس تشيسكيدي .

(4) واقـــع ومـوقع الدور القطري في عملية سلام رواندا والكونجو الديموقراطية :

– أسست قــطــر علاقاتهما الدبلوماسية في كيجالي عام 2017  ومنذ ذلك الحين يجتمع قادة البلدين بانتظام وأعطت زياراتهما المتبادلة رفيعة المستوى على مستوى الوزراء والوفود المختلفة زخما للتعاون في العديد من المجالات الحيوية التي عززت الشراكة الثنائية كذلك يرتبط البلدان بعدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تغطي قطاعات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وتجارية وزراعية وثقافية ورياضية واستثمارية والتعاون في مجال الطيران وتجنب الازدواج الضريبي بالإضافة إلى ذلك وقع البلدان اتفاقية للاستحواذ على 60٪ من حصة مطار بوجيسيرا الرواندي الدولي حيث وقعت الخطوط الجوية القطرية اتفاقيتين مع شركة النقل الجوي الرواندية السياحي(رواندا دولة حبيسة مساحتها حوالي 26,000 كيلومتر مربع ويقدر عدد سكانها ب 12 مليون نسمة وتتصل بالعالم الخارجي عبر البلدان عبر موانئ دار السلام في تنزانيا ومومباسا في كينيا) واتفاقية واحدة مع شركة الطيران والسفر والخدمات اللوجستية القابضة المحدودة في جمهورية رواندا وتتضمن الاتفاقيات الموقعة بين البلدين اتفاقية تمكن المسافرين على متن الخطوط الجوية القطرية والرواندية من الوصول إلى أكثر من 160 وجهة في الشبكتين المشتركة من كيجالي والدوحة ومذكرة تفاهم أخري تسمح لكلا الناقلين بالدخول في اتفاقيات تعاون تجاري وهناك أيضاً مذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي بين البلدين كما وقع حصاد المستثمر القطري الأول في قطاع الأغذية مذكرة تفاهم مع حكومة رواندا بهدف توسيع فرص التعاون بين الجانبين ودراسة الفرص الاستثمارية في المجالات الغذائية والزراعية كما وقعت مركز قطر للمال مذكرة تفاهم مع شركة رواندا للتمويل المحدودة لتسهيل المبادرات التي من شأنها تعزيز التنمية الدولية لكل من مركز قطر للمال ومركز كيجالي المالي الدولي وبموجب ذلك يعتزم الطرفان تشجيع السلطات التنظيمية لكل منهما لأإبرام اتفاقيات اعتراف متبادل لفتح فرص عمل جديدة في كلا السوقين  .

– رغم إن العلاقات القطرية / الرواندية ثرية نسبياً إذا ما قيست بالعلاقات القطرية مع الكونجو الديموقراطية إلا أنه من المُثير للتساؤل مع ذلك إسناد الدبلوماسية الأمريكية وعلي رأسها الرئيس ترامب دور لقطر في إحدي درجات عملية السلام التي كانت أشبه بسلم صاعد بين رواندا والكونجو الديموقراطية وهي عملية سلام مرحلية إذ أن إتفاق السلام الموقع في واشنطن هوالآخر عملية محدودة لوقف إطلاق النار فقط لكنها أُحيطت بهالة إعلامية كثيفة وكان الدور القطري جزءاً من هذه الهالة فقد استضافت قطر جولة ثانية في أبريل 2025من المحادثات بين جمهورية الكونجو الديمقراطية ورواندا والتقى وسطاء قطريون بشكل منفصل مع ممثلين عن جماعة M23 المتمردة المدعومة من رواندا التي ما فتأت تنفي هذا الدعم كما التقى الرئيس الكونجولي فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاجامي في منتصف يونيو في الدوحة في أول محادثات بينهما منذ أن كثفت حركة 23 مارس هجومها في شرق جمهورية الكونجـو الديمقراطية .

– فحص دخول قــطـــر في دورة حياة عــمــلــية السلام بين الكونجو الديموقراطية ورواندا ليس الهدف منه إنتقاد قطر بقدر إنتقاد النهج الأمريكي في عهد الرئيس ترامب فهذا النهج خالي من الحرفية التقليدية الأمريكية الراسخة فلم يعهد في أي إدارة أن إستدعت دبلوماسية دولة أخري أياً كانت لتعينها علي إنهاء وساطة تُفضي لإتفاق بين دولتين أحد أهم نتائجه تحقيق مصلحة قومية عليا للدولة الداعية خاصة وأنها عملية سلام مُعقدة جداً وتعتمد علي خـبرات دبلوماسية تراكمية لا تتوفرلدي قطر التي لديها مركز أبحاث لكن ليس لديها مركز للخبرات المتراكمة ومثل هذا النهج بلا شك سيحقق نتائج متواضعة هذا إن حقق , ولكل ذلك أقول أنه من المهم فحص مسألة دخول قطر أو غيرها علي خط عملية السلام لكي نخلص إلي القول بأنها لم تكن دبلوماسية أمريكية هي من يفعل بل عملية مقاولات ممزوجة بمسحة علاقات عــامة .

– صدر بيان مُشترك عن حكومات الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الكونجو الديمقراطية والجمهورية الفرنسية ودولة قطر وجمهورية رواندا وجمهورية توجو في 30 أبريل 2025 نصه :” في أعقاب الاجتماع الثلاثي الذي عقد في الدوحة بتاريخ 18 مارس 2025 بين رؤساء دول جمهورية الكونجو الديمقراطية وجمهورية رواندا ودولة قطر واستمرارا للجهود الجارية لتسوية الوضع في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية قام ممثلون عن جمهورية توجـو اجتمعت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ودولة قطر وجمهورية الكونجـو الديمقراطية وجمهورية رواندا في الدوحة لتأكيد التزامها المشترك بالسلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية في منطقة البحيرات الكبرى وركزت المناقشات على الجهود المبذولة لمعالجة الوضع في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية والحوار الجاري بين حكومة جمهورية الكونجو الديمقراطية وحركة تحالف الكونجو الجنوبية و جماعة M23 والوضع الإنساني في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية الذي لا يزال يتطلب استجابة عاجلة ومنسقة ورحب الممثلون بالإعلان المشترك بين جمهورية الكونجو الديمقراطية ومؤسسة التمويل الآسيوية لحركة 23 مارس بشأن التزاماتهما بوقف إطلاق النار وهو أولوية ملحة لتسهيل المساعدات الإنسانية واتفق الممثلون أيضا على أهمية أن يعالج مستقبل المنطقة من خلال الحوار الأسباب الجذرية للأزمات المستمرة والتحديات التي تواجه السلام المستدام وأكد الممثلون من جديد موقفهم المشترك بشأن الحاجة الملحة إلى قيام الأطراف المتنازعة بحل هذا الصراع دون تأخير مع مراعاة القرارات ذات الصلة الصادرة عن الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وتمشيا مع الالتزامات باحترام سيادة البلدين وسلامتهما الإقليمية وأشاد الممثلون بالتقدم المحرز في أعقاب القمة المشتركة بين مجموعة شرق أفريقيا والجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي في دار السلام تنزانيا في 8 فبراير 2025 ورحبوا بالتقدم الكبير الذي حققه التوقيع على إعلان المبادئ في واشنطن العاصمة في 25 أبريل 2025 وأعربوا عن استعدادهم للمساهمة في الجهود الجارية التي تعزز الثقة المتبادلة ووقف إطلاق النار المستدام والحل السلمي للنزاع بما في ذلك الجهود التي تبذلها مجموعة شرق أفريقيا والجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بقيادة سعادة فور إيسوزيمنا جناسينجبي رئيس جمهورية توجو الوسيط المعين من قبل الاتحاد الأفريقي في هذا الصراع وأخيرا أعرب الممثلون عن تقديرهم لدولة قطر لاستضافتها للمناقشات وأكدوا من جديد التزامهم المشترك بمواصلة الحوار والعمل الجماعي لمستقبل سلمي ومستقر لجمهورية الكونجو الديمقراطية والمنطقة” .

– علي غرارالمفاوضات التي تجريها الحكومة الأمريكية في قطر أحد أهم حلفاءها المخلصين في الخليج  كمفاوضات طالبان الأفغانية ومفاوضات حــمــاس الفلسطينية وغيرهما فإنه من المُفترض لإتمام عملية السلام الكونجولية الرواندية بصفة نهائية كلفت الولايات المتحدة المتحدة قــطـــر بحكم علاقاتها القوية ببول كاجامي بإستضافة إحدي مراحل المفاوضات السابقة علي توقيع إتفاق السلام بين رواندا والكونجو الديموقراطية في واشنطن وكان ذلك في 18 يونيو2025 بالدوحة وعلم مصادر مقربة من القضية وفقا لمسؤول في إدارة كاجامي أنه سيتم بحث قضية تمرد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم / حركة 23 مارس على مستوى عملية الدوحة بوساطة قطر إذ كانت هذه القضية هي الأساس لعدم توقيع اتفاقية لواندا في 15 ديسمبر2024  وفيما يتعلق باتفاقية واشنطن في 27 يونيو2025 فقد طلب من كينشاسا وكيجالي مرافقة عملية الدوحة في أذهانهما وفي 18 يونيو2025 اجتمع أمير قطر بالرئيسين تشيسيكيدي وكاجامي – ومن الصحيح أنه قد قيل أثناء هذه العملية وفقاً لبيان صحفي أمريكي صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية – مكتب المتحدث الرسمي – في 18 يونيو 2025 : ” أنه في إطار التنسيق المستمر بين جهود التيسير التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية ودولة قطر التي شاركت في هذه المناقشات لضمان تكامل ومواءمة مبادرات البلدين لتعزيز أي نــجــاح للحوار والسلام في المنطقة وأعربت كل من جمهورية الكونجو الديمقراطية ورواندا عن امتنانهما للمساهمات القيمة والجهود المشتركة للولايات المتحدة وقطر كشريكين في تعزيز الحل السلمي .

– مع أن بيان الخارجية الأمريكية يشير إلي تنسيق مستمر بين قطر والولايات المتحدة في شأن عملية سـلام الكونجو الديموقراطية ورواندا إلا أنه ليس من المؤكد ولا الواضح أن هذا التنسيق مرأي أو مسموع في دول جوار الخصمين أي في رواندا والكونجو الديموقراطية فأنجولا مثلاً أعربت حكومتها في 13 مارس 2025 عن دهشتها لإجتماع الرئيس تشيسيكيدي وكاجامي في الدوحة وقالت لواندا أنه علي جدول أعمال وسيط السلام في الكونجو الديموقراطية .*(موقع The East Africanفي 18 مارس2025)

– من غير المعقول ولا المنطقي أن تشارك قـــطـــر في مناقشات بين طرفين إستطالت مواجهتهما لبعضهما البعض منذ أمد طويل فيماهي قد أسست علاقاتها مع رواندا عام 2017أي منذ8 سنوات فقط وكان يمكن للولايات المتحدة إحالة هذا الأمر لوسيط السلام في الكونجو الديموقراطية أو للكيان الصهيوني المتورط في عدة حروب لأن للكيان الصهيوني علاقات قديمة جداً بكونجو برازافيل منذ عهد أول رئيس للكونجو كازافوبو وكذلك الأمر مع رواندا أو إحالة الأمر لإثيوبيا أو لمصر  فالتساؤل الذي يثور هو: ما هو مدي وعمق الخبرات السياسية القطرية المُتراكمة للمشاركة في مناقشات أعيت الأمريكيين أنفسهم الذين إستأثروا بفضل توقيع الإتفاق النهائي للسلام في واشنطن وليس في الدوحــة ؟ بل إن الرئيس الأنجولي جواو لورنسو ما ظل لما يقرب من ثلاث سنوات يقود عملية السلام بين الكونجو ورواندا وأعيته الحيل وأستنفذ جل طاقته ثم تنحى عن تلك الوساطة يوم 24 مارس 2025 متعللاً بضرورة التركيز على عمله في رئاسة الاتحاد الإفريقي وقد أعرب الرئيس الأنجولي جواو لورنسو عن أسفه لإخفاق سلسلة من المفاوضات وانتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار والسنوات التي أُهدرت في إقناع السيد فيليكس تشيسكيدي رئيس الكونجو للموافقة على إجراء محادثات مباشرة مع حركة M23 إذ يصفها بأنها جماعة إرهابية ووكيلة لرواندا فكيف يمكن تصور نجاح قطر والحالة هذه ؟ فهاهو رئيس أفريقي لدولة إقليمية وغنية كأنحولا خاضت حرب أهلية طويلة من 1975 حتي 2004 فشلت في التقريب من بين رواندا والكونجو الديموقراطية , بل أكثر من ذلك فرغم توقيع إتفاق السلام بين رواندا والكونجو الديموقراطية في واشنطن في 27 يونيو2025 لكن على الأرض، كما أشارت الصحافة اليومية الكونجولية فلا يزال الوضع الأمني محفوفا بالمخاطر ولا يزال التحالف المسلح التابع للقوات المسلحة – حركة 23 مارس –   تحتل عدة مناطق في مقاطعات كيفو الشمالية فولا يزال عدم الاستقرار المزمن سائداً رغم تضاعف المبادرات الدبلوماسية ….. وإزاء كل ذلك فماهو السبيل لتصور عن إحراز قـــطـــر لأي درجة من النجاح مالم يكن ما تم في قطر لوفدي رواندا والكونجو الديموقراطية إستراحة محارب ولفتة مـُجاملة من ترامب لأمير قطر علي هديته القيمة أي أن الموضوع برمته لكل الأطراف وقطر محض علاقات عــامــة المهم أن  الاتحاد قررفي 11 أبريل 2025 تعيين السيد فور جناسينجبي رئيس تــوجـــو وسيطاً جديداً ينوب عنه ولم تسند إليه الولايات المتحدة أي دور في جهودها لإتمام إتفاق سلام واشنطن في 27 يونيو2025 بل أسندته لــقــطــر ….عـــبـــث .

– إن مــوضوع الأزمة بين الكونجو الديموقراطية ورواندا لم تكن قطر هي الوحيدة العاملة – بتفويض أمريكي – فقط عليه فقد نشر موقعRadio Okapi الكونجولي في 26 يونيو2025 أن رئيس الجمهورية فيليكس أنطوان تشيسكيدي إلتقي في 25 يونيو 2025 في كينشاسا بالرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو، أحد الميسرين المعينين من قبل مجموعة شرق إفريقيا (EAC) والجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (SADC) للمساعدة في إيجاد حلول للنزاع المسلح في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية وكانت الأزمة الأمنية في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية على جدول الأعمال وهذا الاجتماع الذي استمر قرابة ساعتين يُعد جزء من جولة دبلوماسية إقليمية هدفت إلى تقريب مواقف جمهورية الكونجو الديمقراطية ورواندا اللتين لا تزال علاقاتهما متوترة على خلفية العنف المستمر في شمال وكيفو الجنوبية وقال أوباسانجو للصحافة الكونجولية:”نحن نستكشف كل الاحتمالات بشأن الوضع بين رواندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية حتى لا يكون هناك المزيد من المواجهة العسكرية والعنف” وأضاف الرئيس النيجيري السابق إنه يقدر جميع مبادرات السلام الجارية سواء من الولايات المتحدة أو قــطـــرأو من  الميثاق الاجتماعي من أجل السلام وهي مبادرة من الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية .

– لم تكن الــدوحة سوي موضع فقط لإعــداد ولتــاهــيل ولتحفيز مـــالي  من أجل تأمين توقيع رواندا والكونجو الديموقراطية لإتفاق السلام في واشنطن في 27 يونيو2025 فالأمريكيون كانت وما زالت الفكرة والـهـاجس الرئيسي لهم هو الإستئثار بمعادن أنجولا وشرق الكونجو الديموقراطية وزامبيا ودفع الصين وربما غيرها خارج حـــلـــبــة التنافس وكلا الدولتين الأفريقيتين الخصمين فاسدتين حتي النخاع ولا حـــل لجمعهما معاً لتوقيع إتفاق سلام سوي بتحفيزهما مالياً والمحفــز المــالي هو بالتأكيد قـــطــر والــحـــافز المالي كان شــخصي ومؤسسي (إستثمارات قطرية في رواندا والكونجو الديموقراطية) في نفس الوقت أي أن المالية القطرية سددت عن الولايات المتحدة حوافز كانت تقوم بها وكالة المُخابرات المركزية الأمريكية CIA , ولماذا نبتعد والدليل علي مقربة زمنية منا فقطر في زيارة الرئيس الأمريكي للإمارات والسعودية والدوحة أهدت للرئيس الأمريكي طــائرة بنصف مليار دولار ولم يوضح أحدهم سبب هذه الهدية الثمينة فقد ترك الأمر إما للــفطــنة أو للنوايا الحسنة والسيئة ومنتهي الأمــر أن السبب هو أن الأمير وبطانته لديهم إستثناء  فيتصرفون وفقاً لمشيئتهم ولابد وأن مــزيجاً من الـــخــوف والحاجة إلي توفير أعلي معدل أمـــان للسلطة الحاكمة في قطر بجانب التنافس مع زوجات ترامب الأخريات في أبو ظبي والرياض هو السبب الرئيس لهدية ترامب من أمير قــطـــر , فقد كانت عملية الإهــداء نـــابـــعـــة من توفـــر ســـلوك مـــُتــكــرر لدي حـــاكــم قـــطــر وهو ســـلوك الإســتـثــنــاء فهو متيقن من أنه غير خـــاضـع لمحــاســـبــة ما ففي قطر وكل مشيخيات شبه الجزيرة العربية من كـــيـــانــات الـخـلـيـة الـواحـدة وعلي رأسها السعودية تلك المملكة الهلامية لا وجود أو ضــرورة الــبــتـة لتوفر أجهزة محاسبة ورقــابـة مــالــية أو قضاء مُستقل  وإن كانت هذه الأجهزة موجودة فوجودها مثل الخط البياني Diagram لا أكثر ولا أقل  , ولهذا ولأسباب أخري دعونا من إستخدام مصطلح”الدور”عندما يكون هناك فعل سياسي صــادر عن مشيخة من مشيخيات شبه الجزيرة العربية , فهذه الـمـشيـحيات عندما تـفعل أو لا تفعل فبأوامر أمريكية .

–  لتكبير الصورة أكثر أشير إلي ما ذكره موقع adf-magazine.com في22 ابريل 2025 إذ كتب ما يلي : “جري اجتماع مفاجئ في الدوحةعاصمة قطر في 18 مارس 2025 بين تشيسكيدي رئيس الكونجو وبول كاجـامي رئيس رواندا وصدر بيان مشترك يدعو إلى وقف إطلاق نار ”فوري وغير مشروط “ وكان من المقرر أن يُعقد اجتماع متابعة بين مسؤولي الكونجـو والحركة يوم 9 أبريل2025 لكنه لم يُعقد وذكر السيد أونسفور سيماتومبا كبير محللي شؤون الكونجو في مجموعة الأزمات الدولية أن المحادثات المباشرة بين الكونجو والحركة ستكون أعظم أثراً من الاجتماع الذي عُقد في قطر وقال لوكالة أنباء «بلومبرج نيوز”دعونا نتريث ونترقب ما سيحدث بعد ذلك فلم تفعل رواندا والكونجو شيئاً سوى أن خطتا خطوة على طريق طويل ولا ينبغي للمرء أن يكون ساذجاً ويظن أن تشيسكيدي وكاجـامي سيحلان كل مشكلاتهما دفعة واحدة فلا تزال حركة M23 تتقدم وتسيطر على مناطق جديدة في كل صوب وحدب ويمكن لرواندا دائماً القول إنها كانت تؤيد وقف إطلاق النار لكنها ليست من يقاتل ” وبالرغم من البوادر الدالة على الاستعداد لتهدئة الوضع من كلا الجانبين إلا أن عملية السلام التي يقودها الاتحاد الإفريقي لا تزال جامدة حتى يخطو جناسينجبي الخطوة الأولى وسوف يخطوها بصحبة فريق من الوسطاء من مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي ومجموعة شرق إفريقيا ” .

الصراع في شرق الكونجو مختلف كلية عن صراعي طالبان مع الولايات المتحدة وعن صــراع الصـــهــايــنـــة مع حماس والفصائل الجهادية الأخري في فلسطين المحتلة فهذه صراعات أفكار وأيدولوجي في المقام الأول أما صراع رواندا والكونجو الديموقراطية في شرق الكونجو فصراع مادي موضوعه الرئيسي المعادن الحرجة في شرق الكونجو وما تدره من أموال ضخمة أي أنه صراع مصالح لذلك أقول أن لا قطر ولا غيرها بمستطيع أن يفعل شيئاً في حل بدون الميل أو الإندفاع لإستخدام قوة مسلحة كالتي تستخدمها بكل خــسة الــعــسكــرية الأمريكية في حـــرب غـــزة والسبب يمكن إستنتاجه وهو أنه حتي العسكرية الأمريكية لا قبل لها باالتدخل في المستنقع المُسلح في شــرق الكونجو هي فقط تستخدم قوتها الناعمة لذلك أخفقت قـــطــر في مسعاها للنهوض بدور مساعد فقد أُعلن في 21 مارس 2025 عن توغل متمردي M23 المدعومون من رواندا بشكل أعمق في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية ودخلوا بلدة أخرى وسط هجوم مستمر وجاء ذلك على الرغم من الاجتماع المفاجئ في قطر بين الرئيس الرواندي بول كاجامي ونظيره في جمهورية الكونجو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي وخلاله التزم الزعيمان بوقف فوري لإطلاق النارلكن القتال مالبث وأن أستعرعلى الأرض وأكدت التقارير أن متمردي حركة 23 مارس قد وصلوا إلى ضواحي واليكالي وهي بلدة غنية بالمعادن في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية وتدور معارك عنيفة بالقرب من حي نيابانجي في المدينة يمثل هذا أقصى غرب تقدمت فيه حركة 23 مارس في هجومها غير المسبوق هذا العام ووجه التصعيد ضربة قوية للآمال في وقف إطلاق النار الذي اشتعل بعد محادثات الدوحة وبينما وافق القادة على خفض التصعيد  إلا أن الشروط لتحقيق ذلك ظلت غير واضحة , وفي الواقع فلست وحدي من يصف الجهد القطري بالعبثي والفاشــل فموقع afrikarabia.com هو الآخر أشــار في 29 يونيو 2025 إلي أنه :” على الورق فواشنطن والدوحة ليستا سوى نسختين طبق الأصل من عمليتي لواندا ونيروبي وكلها فشلت وعلاوة على ذلك يبدو أن الاتحاد الأفريقي الذي كان على رأس مبادرات السلام الفاشلة هذه غائبا عن حل الصراع الكونجولي على الطراز الأمريكي ولم يكن ميسراً لعمليتي نيروبي ولواندا المدمجتين …….  لكن هل لا يزال بإمكاننا تصديق كل ما يقوله الرئيس الأمريكي؟ والضامن على أي مستوى وإلى متى؟ من الصعب تخيل أن ترسل الولايات المتحدة قوات إلى الكونجو”.

– كذلك بعد نحو يومين من إجتماع الدوحة في 18 يونيو2025 وتحديداً في 20 يونيو2025 أفاد موقع CNN أن شركة البيرة الهولندية   هاينكن أعلنت أنها فقدت السيطرة التشغيلية وسحبت موظفيها من منشآتها من المناطق المتضررة من الصراع في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية وأفادت شركة المشروبات العملاقة في مارس 2025 أن عملياتها في ثلاث مدن بشرق الكونجو ستظل معلقة حتى تصبح آمنة لإعادة فتحها بعد أن تعرضت بعض مصانع البيرة التابعة لها للقصف وداهمت مستودعاتها خلال القتال بين الجيش والمتمردين لكن شركة صناعة البيرة قالت يوم  20 يونيو2025 أن الوضع تدهور أكثر وإن أفرادا مسلحين سيطروا على منشآتها في بوكافو وجوما وهما أكبر مدينتين في شرق الكونجو وهما الآن تحت سيطرة المعارضة والمناطق المجاورة وأستطردت الشركة في بيانها فقالت : “لم تعد الظروف المطلوبة للعمل بمسؤولية وأمان موجودة واعتبارا من 12 يونيو 2025 فقدنا السيطرة التشغيلية وأن وحدة هاينكن في الكونجو وتدعي بريليما لا تزال تعمل في أجزاء أخرى من البلاد ولم تتأثربعد بالصراع مضيفة أنها ستواصل تقييم الوضع المتطور وتمتلك المجموعة أربعة مصانع  للبيرة في الكونجو تنتج بيرة Heineken بالإضافة إلى علامات تجارية شهيرة أخرى مثل Primus. وكانت عمليات هاينكن في مدن جوما وبوكافو وأوفيرا تمثل في السابق ما يقرب من ثلث أعمال هاينكن في الكونجو  .

– إن استضافة قطر الجولة الثانية من المحادثات بين جمهورية الكونجو الديمقراطية ورواندا في أبريل والجولة الثالثة في 18 يونيو 2025 في الحساب الختامي لم تسفر عن شيئ وهذا ليس لعيب أو تقصير من القطريين بل لأن الأزمة بين الدولتين رواندا والكونجو الديموقراطية مركبة ومغلفة بغلاف سياسي لكن جوهر الأزمة مصالح وإقتصاد بالإضافة كما سبق وأشرت إلي أي تسوية منطقية ستنزل برواندا إلي أسفل وذلك النزول سيقتضي أن تستعيد رواندا وزنها الجيو/سياسي الطبيعي الذي يتناسب مع ظروفها الجغرافية وحجمها الضئيل فهي دولة صغيرة المساحة يسكنها 12 مليون نسمة وحبيسة وهي قياساً علي الكونجو الديموقراطية تتحول إلي دولة قــزمــيــة وهذا مصير لن ترضخ رواندا حتي تقبله ولهذا من الغريب أن تنيط الولايات المتحدة لــقــطــر هذا الدور الذي يتجاوز قدرات قــطــر وغيرها حتي رئيس أنجولا بعد أن نهض بجهود الوساطة ولم تثمر تخلي عن وساطته ولذلك فإن قــطـــر إستمتعت بتفويض الولايات المتحدة إياها لإستضافة جولتين من المباحثات لكنها في الواقع لم تخرج عن معني واحد وهو أنها عــمــل من أعــمــال العلاقات الـعامة P R ولا علاقة له أبداً بعمليات التفاوض كما يعرفها خبراء التفاوض وهي بالتالي عمل عـــبــثــي في النهاية لم يؤد لشيئ بل حتي إن إتفاق السلام الذي وقعه وزيري خارجية الكونجو الديموقراطية ورواندا في واشنطن في 27 يونيو 2025 تعتوره شكوك جدية في قابليته للتنفيذ علي الأرض مُستقبلاً فطريق الرئيس ترامب ليس طريقة رجل دولة بل طريقة مــقــاول أو ســمســار عقاري يُضاف لذلك كله أن إدارة الرئيس ترامب هي من إستعان بـقــطــر وليست إدارة بايدن مــثــلاً ( غير معروف إن كان تدخل قطر الدبلوماسي في أزمة شرق الكونجو إبان عهد الرئيس بايدن كان تدخلاً مُستقلاً أم بالتشاور مع إدارة بايدن) وبالتالي فأن إنــاطــة دور لـقـطـر أو غيرها  في جولة مفاوضات / مباحثات رواندا والكونجو الديموقراطية لم يكن أمراً ضرورياً لأن المنطقي أن تتولي الدولة المعنية وهي الولايات المتحدة مســار المــفــاوضـات كله من بدايته لنهايته , أما تقسيم التفاوض ليكون بالقطعة فهو بــدعـــة أستنتها إدارة الرئيس ترامب فمثلاً مفاوضات السلام بين مصر والكيان الصهيوني وتفاوض الولايات المتحدة مع طــالــبــان والفيتناميين كان مهمة أمريكية حــصــراً لكن إدارة ترامب مزجت العلاقات العامة بأعمال التفاوض وهذا المزيج لو كان مُقدراً لكان من الممكن أن يمر لكن المزيج تحول إلي خـــلط لذا أتوقع صعوبة تنفيذ إتفاق السلام علي الأرض في شــرق الكونجو .

– إن رواندا حققت وزناً إقليمياً إستثنائياً عن طريق ميليشيا ولذلك فإن خطوط التقهقر الرواندي في إتفاق السلام الموقع في واشنطن في 27 يونيو 2025 خطوط مؤقتة يمكن التراجع عنها إذا ما وجدت رواندا أن إنسحاب ميليشيا M23 المدعومة منها سيخفض الوزن السياسي الإقليمي لرواندا ويعود بها إلي حجمها السياسي الأقل من الكونجو الديموقراطية وطبقاً لتلك الحقيقة يمكن رؤية خروج رواندا مؤخرا من المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (ECCAS) وهو الإنسحاب الذي عكس تصورا رواندا بأن الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا “استُــخـدمت سياسيا” من قبل جمهورية الكونجو الديمقراطية لإحباط طموحات كيجالي الإقليمية ومع أن هذا الإنسحاب سيكون له تأثير محدود على عمليات السلام الجارية بواسطة الولايات المتحدة وهذا الإنسحاب لم يُفقد رواندا الكثير فعلاقاتها على الرغم   الثنائية قوية مع العديد من أعضاء الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا بما في ذلك المشاركة النشطة في المسائل الأمنية في جمهورية أفريقيا الوسطى والعلاقات الطيبة مع الكونجو – برازافيل إلا أن هذا الإنسحاب يصلح ليكون مؤشـــر علي أن تــصـــفية الوجود المُسلح الرواندي (مُتمردي M23 المدعومون من رواندا) في شرق الكونجو وما يـغـل من أرباح للخزانة الرواندية عملية تغشاها صعوبات جمة ولهذا فإنني أتصور أن الدور القطري لابد أن يكون محدوداً إن لم يكن مراسميا في هذه المرحلة من مسار المفاوضات .

– فيما كانت قــطر تقوم بدور مرحلي في المفاوضات التمهيدية التي أدت لإتفاق سلام واشنطن الموقع هناك في 27 يونيو 2025 كانت هناك جهود سمها تفاوضية يقوم بها وسيط الإتحاد الأفريقي بقيادة رئيس مجلس توجـو فور جناسينجبي وهو نوع من الإزدواجية غير المسبوقة

(5)غـــيـاب أطـــراف رئيسيين عن مـــشـــهـد إتـفــاق السلام :

– فيما غابت فرنسا ذات التواجد الدبلوماسي والإقتصادي والعسكري النشط في أفريقيا الفرانكفونية وبلجيكا (لبلجيكا إطلاع دقيق عن أوضاع الكونجليتين بحكم كونها المستعمر السابق للكونجوليتين) إلا أنهما غابتا عن المشهد المؤدي لإتفاق سلام واشنطن فلم تعرهما الدبلوماسية الإمريكية إهتماً مناسباً لوزنهما التاريخي بل والحالي في الكونجو الديموقراطية إضافة لــغياب أهم فاعل في أزمة شرق الكونجو بين رواندا والكونجو الديموقراطية نتيجة سيطرة عدد من الميليشيات المسلحة أهمهم M23 التي لم تدع في أي من مراحل التفاوض المؤدي لتوقيع إتفاق واشنطن .

الـمــُتغيبين وهم :

(1( فــــرنـــســـا

– فإتفاق ســلام واشنطن لإنهاء الصراع في شرق الكونجو بين رواندا والكونجو الديموقراطية رغم أنه تم طــهـــيـه علي نار هــادئة في مطابخ عدة عواصم أهمهم واشنطن وإستغرق مدة طويلة وأستعان بــطهاة ثــانويين إلا أنه صـــغ بعقل أمريكي وكُتب بمداد أمـــريكي فبدلاً من الإستعانة برئيس نيجيري ســابق وقـــطـــر الغارقة بين براميل البترول وأنابيب غأألزها ورمال الخليج ولا تملك سوي أجولة المال والهدايا المجانية التي تمنحها لكل من هب ودب بدلاً من هؤلاء كان الأفيد للدبلوماسية الأمريكية الإستعانة بالخبرة الفرنسية العميقة بدول إستعمرتها سابقاً وتعلم أن يبيت نملها الليلة … صحيح أن هناك تنافس مكتوم بين فرنسا والولايات المتحدة في أفريقيا لكن زمـــالة حـــلف الأطلنطي تؤمن قدراً من التشاور علي كل حال فكان الأولي بواشنطن دعوة دبلوماسيين فرنسيين بأسلوب لائق والتفاكر معهم لكن هذا لم يحدث ويبدو أنه لن يحدث وعلي كل حال فالدبلوماسية إقتضت أن تعلن فرنسا دعمها لهذا الإتفاق فبالنسبة لرئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون فإن هذا الاتفاق هو خطوة إلى الأمام بعد عقود من المعاناة

دعا الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة جيروم بونافونت مجلس الأمن الدولي في جلسة في 30 يونيو2025إلى المشاركة في إنجاح اتفاق السلام الموقع بين جمهورية الكونجو الديمقراطية ورواندا بوساطة الولايات المتحدة وفي كلمته أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أكد السفير جيروم بونافونت مجددا التزام بلاده الدائم بسيادة جمهورية الكونجو الديمقراطية وسلامتها الإقليمية والاستقرار في جميع أنحاء منطقة البحيرات الكبرى .

(2) بلجيكا

– بلجيكا هي القوة الإستعمارية السابقة للكونجوليتين وكان إستعمارها شاذا فالمالمللك ليبولد الثاني كان يملك الأرض والناس في الكونجوليتين الكونجو ليبولد فيل والكونجو برازافيل ولديها إطلاع واسع عميق بمستعمرتها السابقة وهي بحكم كل ذلك تتابع تطورات الأوضاع هناك وكان من الضروري إشراكها علي الأقل بدلاً من قطر لكن الولايات المتحدة تسخر كل إمكانياتها للشركات متعددة الجنسيات أولاً وتدير العلاقات الخارجية بإعتبارها موضوع علاقات عـــامة فأمير قطر من هذه الوجهة أفيد للإدارة الجمهورية الحالية من الثقل السياسي ووالتاريخي والثقافي لبلجيكا في الكونجو وعلي أي الأحوال فكما فعلت فرنسا فقد رحب مكسيم بريفو نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية البلجيكي بالتوقيع على هذا الاتفاق وقال إن التنفيذ الفعال للالتزامات التي تم التعهد بها أمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام الدائم في المنطقة في نهاية المطاف  .

(3) ميليشيا M23

– غابت ميليشيا M23عن المرحلة النهائية للمفاوضات في واشنطن ولكنها حضرت في إطار الوساطة القطرية بسبب الإصرار على إدراج حركة 23 مارس في مفاوضات الدوحة فرواندا تريد الحفاظ على دورها كقوة رئيسية في منطقة البحيرات الكبرى لكن هذه الاستراتيجية يمكن أن تأتي بنتائج عكسية فهناك دول أفريقية كثيرة تتهم كيجالي بلعب لعبة مزدوجة : وسيط في المحافل الدولية ولكنها لكونها لاعبا مباشرا في الصراع على الأرض فهي تقدم صورة تضر بشرعية رواندا الإقليمية وتضعف تحالفاتها وقد شاركت وفود من الحكومة الكونجولية وحركة M23 المتمردة في قطر لمواصلة المحادثات رغم أن جمهورية الكونجو الديمقراطية تتهم رواندا بالدعم النشط لحركة 23 مارس وهو ما تنفيه كيجالي بقوة وعلى الرغم من الجهود الإقليمية والدولية كان ولايزال انعدام الثقة بين العاصمتين عميقا , غياب ميليشيا 23 مارس في واشنطن  إنكار أمريكي لوزنها الحقيقي علي الأرض فوفقا للسلطات الأمريكية نفسها نشرت رواندا ما بين 000 7 و 000 12 جندي على الأراضي الكونجولية دون تفويض رسمي أو تنسيق مع السلطات في كينشاسا وتبرر كيجالي هذا الوجود العسكري بضرورة تحييد الجماعات المسلحة المعادية لنظامها ولا سيما القوات الديمقراطية لتحرير رواندا التي لا تزال تنشط في مقاطعتي كيفو الشمالية وكيفو الجنوبية ولكن إستمرارالثقل الرواندي عبرسيطرة حركة 23 مارس علي مناطق شاسعة في شرق الكونجو وهو بالطبع ثقل يفوف ثقل الكونجو الديموقراطية في مفاوضات واشنطن من شأنه أن يجعل المواجهة الرواندية مع واشنطن يمكن أن تكلف رواندا غاليا فرواند ترفض الشروط التي اقترحتها الولايات المتحدة  وبهذا تخاطر كيجالي بعزل نفسها على الساحة الدبلوماسية وبالتالي فقدان الدعم الحاسم في المحافل الدولية كما يمكن للحلفاء التقليديين للولايات المتحدة مثل الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة أن يتبعوا المبادرة الأمريكية من خلال ربط تعاونهم بفك الارتباط الفعال لرواندا من خلال تواجد حركة 23 مارس وسيطرتها المسلحة في شرق الكونجو ويُلاحظ أنه من المطالب التي قُدمت في المفاوضات من قبل مجموعة 23 مارس ومجموعات مُسلحة أخري تدعمها رواندا : الإدارة الممشتركة  للأراضي التي يسيطر عليها  والعفو والاندماج في الجيش والمؤسسات السياسية.وهذه المطالب غير مقبولة حاليا بالنسبة لكينشاسا .

– الرفض الأمريكي لمشاركة ميليشيا M23 في المفاوضات في واشنطن له ما يبرره أولاً لأن هناك سوابق مشابهة في رفض التفاوض مع متمردين أو ميلشيا دخيلة فالخكومة السودانية رفضت التفاوض مع متمردي الدعم السريع الذي أشهروا السلاح في وجه الدولة ورفض الكيان الصهيوني التفاوض المباشر مع حــمــاس ثانياً الولايات المتحدة ليست طرف مباشر في صراع شرقي الكونجو وبالتالي فإن الرفض يجب أن يكون من الكونجو الديموقراطية التي إعتدت ميليشيا ميليشيا M23 الأجنبية علي أراضيه ولها الحق المُطلق في إعلان رفضها التفاوض مع هؤلاء ثم أنهم أي ميليشيا ميليشيا M23 شاركت في مفاوضات قــطــر وتم التعرف علي وجهات نظرها المرفوضة في الصراع ثم أن المفاوضات في الولايات المتحدة سيكون من المناسب جعلها بين دولتين خاصة وأن الكل يعلم أن رواندا هي ميليشيا M23 و ميليشيا M23 هي رواندا .

إتفاق السلام بين رواندا والكونجو الديموقراطية الأخير ومدي فعاليته وديمومته ؟

– أشار موقع .courrierinternational.com في30 يونيو2025 إلي تحليله لإتفاق السلام بين رواندا والكونجو الديموقراطية فقال: “يقول جان دي لافونتين: “لا يجب أن تبيع جلد الدب قبل أن تقتله”هذا هو بالضبط الحذر الذي يوصي به البعض بشأن الاتفاقية الموقعة في 27 يونيو بين الروانديين والكونجوليين تحت رعاية الولايات المتحدة , إن الصراع الذي كان يمزق شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية على مدى الثلاثين عاما الماضية معقد للغاية لدرجة أنه سيكون من الوهم الاعتقاد بأن وثيقة بسيطة حتى تلك التي يحملها دونالد ترامب  ستكون كافية لوضع حد لها ومع ذلك يجب الاعتراف بأن العلاقات بين البلدين كانت ضارة للغاية في السنوات الأخيرة لدرجة أن هذا الاتفاق حتى وإن كان هشا يمثل إنجازا دبلوماسيا وقادما من إدارة أمريكية قيل حتى الآن إنها لا تهتم كثيرا بإفريقيا وقد يبدو هذا متناقضاً ولكن عند النظر عن كثب فإن المعادن الاستراتيجية في المنطقة والرغبة في احتواء نفوذ الصين المتنامي هي التي تفسرهذا التدخل الأمريكي المفاجئ ” .

– في الواقع أنه ومنذ توليه السلطة في زائــــير (الكونجو ليبولدفيل سابقاً والكونجو الديموقراطية حالياً) في 24  نوفمبر 1965 بعد الإنقلاب الأبيض الذي قاده مُطيحاً بالرئيس يوسف كازافوبو أول رئيس للبلاد وزائير او الكونجو الديموقراطية علي قدر مساحتها الجغرافية العظيمة البالغة 2,344,858 كم مربع وقد وصل تأثيرها السياسي في عهد موبوتو حتي البحيرات العظمي كما أن زائير في عهده كان لديها شبكة من العلاقات العسكرية المتنوعة مع مختلف القوي الإقليمية في أفريقيا وآسيا ومنهم مصر يُضاف لذلك قدرته علي التحكم في الحفاظ علي ثروات بلاده من المعادن الحرجة في شرق زائير والمعادن الأخري كالألماس والنحاس في كاتنجا والتي تولت شركة جيكامين الزائيرية  أمر الصفقات الدولية لهذا المعدن وكانت أية محاولة تمرد مُسلح قابلة للفشل لحيازة زائير في عهده علي جيش قوي وقد عملت في سفارة مصر في عهد موبوتو ولمست وتابعت قوة تأثير زائير السياسي والعسكري ووضوح بصمة موبوتو في الوسط والجنوب الأفريقي بحلول عام 1996وكانت قوة تأثير موبوتو رغم ميله للغرب سبباً في الضيق ذرعاً إذ جرت في عهده عدة محاولات فاشلة للتمرد المسلح  بتحريض غربي حتي  الكنيسة الكاثوليكية(الكونجو أكبر عدد سكان كاثوليك في أفريقيا وبها كنيسة وطنية تدعي كامبانجيست كانت نداً للكنيسة الكاثوليكية) وبعد الحرب الأهلية الرواندية والإبادة الجماعية بها وصعود الحكومة ذات الأغلبية التوتسية في روانداهربت ميليشيات الهوتو الرواندية (إنتراهاموي) إلى شرق زائير  الذين إتخذوا مخيمات اللاجئين قاعدةً للإغارةعلى رواندا وقد تحالفت هذه القوات مع القوات المسلحة الزائيرية وشنّوا حملة مشتركة ضد التوتسيين الكونجوليين في شرق زائير ثم غزا تحالف الجيشين الرواندي والأوغندي زائير وأسقط حكومة موبوتو وبدأت السيطرة الرواندية على الموارد المعدنية في شرق زائير وأندلعت حرب الكونجو الأولى وبتحريض خارجي تحالف الحلف الرواندي / الأوغندي مع بعض شخصيات المعارضة وأصبح هناك حلف يُدعي القوات الديمقراطية لتحرير الكونجو بقيادة لوران ديزيري كابيلا وزحف نحو العاصمة كينشاسا في عام 1997 مما إضطر موبوتو للتوجه إلي خارج بلاده موبوتو ونصب كابيلا نفسه رئيساً للكونجو الديموقراطية فقد ألغي أسم زائير وألغي العملة التي كانت تدعي زاير أيضاً وبدأ إنحدار الكونجو الديموقراطية وتقزمها فكابيلا كان مجرد واجهة للتدخلات الخارجية ليس إلا وتبعه تشيسيكيدي(أبوه كان معارضاً لموبوتو) وقد دب الضعف والوهن في جسد الدولة فكلامن كابيلا وتشيسيكيدي إمتلكا فقط مواهب المُعارض لكنهما لم يتوفر لديهما ماكان لدي موبوتو من حــزم وإستقلالية ودموية وشدة بأس مع معارضيه وفي النهاية تحكمت دولة لا وزن لها كرواندا في مقدرات الكونجو الديموقراطية لدرجة السيطرة شبه الكاملة بدعم من الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات القائمة علي إستغلال هذه الموارد مقابل مبالغ تدفع لمن يدعم ميليشيا M23 المسيطرين علي موارد شرق الكونجو من المعادن الحرجة لكن الأمور تطورت إلي حد قيام ميليشيا M23 نفسها بإستغلال وتصدير المعادن الحرجة من شرق الكونجو الديموقراطية ولهذا إقتضي الأمر تدخل أمريكي لدعم إحتكار الشركات الأمريكية والأوروبية القائمة علي إستخراج وإستغلال هذه المعادن الحرجة فبدأت إدارة الرئيس جو بايدن وبعدها إدارة الرئيس ترامب معركة للتخلص من المنافسة الصينية أو خفض وتيرتها وكذلك الحد من ثم إنهاء التدخل العسكري الرواندي في شرق الكونجو فكانت عملية السلام المتدرجة التي إنتهت بإتفاق سلام أو وقف إطلاق النار في شرق الكونجو تم توقيعه في واشنطن في 27 يونيو 2025 ليبدء فصل جديد لإختبار صلابة وتماسك السياسات الأفريقية للرئيس ترامب وفريقه المعني بالشؤن الأفريقية سواء في وزارة الخارجية أو في مجلس الأمن القومي الأمريكي إذ لم يزل الوقت مُبكراً للحكم علي صمود هذا الإتفاق الذي قال الرئيس الأمريكي في 21 يونيو2025قبل  توقيعه في 27 يونيو 2025  : “يسعدني جدا أن أبلغكم بأنني رتبت مع وزير الخارجية ماركو روبيو معاهدة رائعة بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا في حربهما لتي كانت معروفة بإراقة الدماء والموت العنيف حتى أكثر من معظم الحروب الأخرى  , هذا يوم عظيم لإفريقيا وبصراحة تامة  يوم عظيم للعالم!” والسؤال الضروري أين كانت الولايات المتحدة منذ أن إشتعلت هذه الحرب  من نهاية التسعينات حتي منتصف 2024 ؟ والجواب في منتهي البساطة وهو أن الصراع الكونجوليي / الرواندي كانت المخابرات المركزية الأمريكية تتولاه بصفة رئيسية فقد كان المطلوب الحفاظ علي وتيرة الصراع عالية لإضعاف الكونجو الديموقراطية وقد نجحت الـCIA في ذلك بالإتيان برؤساء حسب المقاس الأمريكي ضعفاء بالغريزة إلي أن إقتضت الضراورات إيقاف وتيرة الصراع . فـهـل هذا بإمكان الولايات المتحدة ؟ في الواقع أن الأمر لن يكون ســـهــلاً ؟ ذلك أن رواندا وميليشياتها في شرق الكونجو الديموقراطية خاصة M23 أدمنت المكاسب عن طريق حمل السلاح في دولة ظل إدارتها وجيشها غير قادر علي تغطيتها كلها وبالتالي فالولايات المتحدة في سبيل الدفاع عن ديمومة إستغلال شركاتها متعددة الجنسيات وإزاحة خطر التنافس الصيني وخطر هجمات M23 المحتملة علي العاملين في الشركات الأمريكية في شرق الكونجو حتي بعد إتفاق سلام 27 يونيو 2025 لابد لها من البحث عن أدوات مُساعدة فالإتفاق الذي وُقع في واشنطن في 27 يونيو2025 لن يصمد وحده فأحد طرفيه ضعيف لا يملك أمر نفسه وهو الكونجو ورئيسها تشيسيكيدي فلكي يصمد هذا الإتفاق في تقديري فيجب أن تكون الأطراف الثلاث الوسيط الأمريكي ورواندا والكونجو الديموقراطي عند منسوب عال من القوة والتأثير ويجب أن تكون نواياهم طــيــبــة أو علي الأقل في نفس الإتجاه وهذا لا يتوفر أبداً لا الآن ولا سابقاً .

أدوات الولايات المتحدة للوصول الآمن للموارد المعدنية بشرق الكونجو :

بداية أؤكد أن نجاح اتفاق السلام الموقع في واشنطن بين رواندا والكونجو الديموقراطية في واشنطن في 27 يونيو2025 هذا في إحلال السلام في مقاطعتي كيفو الشمالية وكيفو الشمالية الاتفاقية التي تم توقيعها في 27 يونيو في واشنطن هو نسخة للعديد من الاتفاقيات السابقة والتي لم يتم احترامها أبدامع أن العنصر الجديد الوحيد وهو العنصر الثقيل هو التدخل الدبلوماسي الأمريكي فالوسيط الأمريكي لديه وسائل للضغط على كيجالي وكينشاسا معاً ولذلك ولكي يتحقق الاتفاق على الأرض يجب أن يكون الضغط الأمريكي قوياً ومُستمراً فلا يزال الموضوع المهم وهو انسحاب القوات الرواندية من الأراضي الكونجولية أو ما يُطلق عليه في إتفاق واشنطن “التدابير الدفاعية” غير مُنفذ بعد كذلك هناك حاجة رواندية لتحييد القوات الديمقراطية لتحرير روانداوهي الجماعة المسلحة الوريثة لمرتكبي الإبادة الجماعية من الهوتو التي تعتبرها كيجالي “تهديدا وجوديا” لذلك فإن صياغة إتفاق واشنطن كان محفوفاً بمتطلبات متناقضة أو علي الأقل تؤثر في بعضها البعض .

– علي كل فيما يلي بعض الأدوات المعلنة من قبل الولايات المتحدة للوصول الآمن المثستقر للمعادن الحرجة والتقليدية في شرق الكونجو وزامبيا وأنجولا بتنفيذ مشروعها الطموح : ممر لوبيتو Lobito Corridor الذي سينقل خيرات هذه الدول الثلاث للساحل الشرقي للولايات المتحدة :

1- إنهاء إتفاق ســـلام بين رواندا والكونجو الديموقراطية :

هناك أزمات متعددة في أفريقيا وبعض من هذه الأزمات والمشاكل تقع في جوار مباشر مع الكونجو لكنها لم تحظ بأولوية أولي كحالة الأزمة التي بين رواندا والكونجو الديموقراطية التي ظلت تشتعل منذ نهاية تسعينات القرن الماضي لكن الولايات المتحدة لم تعرها إهاماماً …فلماذا؟ الأمر برمته أن هناك تنافس بين الصين الشعبية والولايات المتحدة للقبض علي ثروات المعادن الحرجة في شرق الكونجو بالإضافة إلي ضغوط المجمع الصناعي الأمريكي وتمثله الشركات المتعددة الجنسيات التي تلح علي إدارة ترامب لتسوية أزمة الحرب والوجود الرواندي المسلح في شرق الكونجو الذي أصبح يتقاسم مع هذه الشركات إستخراج وتصدير هذه المعادن الحرجة, وفي 27 يونيو 2025 وقعت رواندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية اتفاق سلام في واشنطن لإنهاء القتال في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية ولتوثيق الجهود السابقة علي الإتفاق النهائي للسلام الذي وُقع في واشنطن في 27 يونيو2027 وقعت فرق فنية من جمهورية الكونــجـو الديمقراطية ورواندا بالأحرف الأولى على نص أولي في 18 يونيو2025 في العاصمة الأمريكية وأشرف على العملية مسؤولون أمريكيون بمن فيهم المستشار الخاص لشؤون أفريقيا مسعد بولس ووكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية أليسون هوكر وعلى الرغم من أن الأسئلة لا تزال قائمة حول ما يعنيه الاتفاق ومن سيستفيد – فقد استغل دونالد ترامب المناسبة للتباهي بأن الولايات المتحدة حصلت على حقوق معدنية مربحة – وهذا لم أمر لم يتحقق بعد فثمار الإتفاق مازالت عالقة في الشجرة ولا أحد يعلم بالضبط إن كان هذا الإتفاق قابل للحياة أم أنه وُلد ميتاً – وعلق الرئيس ترامب علي الإتفاق بصلفه وغروره فقال : “نحن نحصل    على الكثير من الحقوق المعدنية من الكونجو كجزء منها ويشرفهم (أي الكونجوليين) أن يكونوا هنا فهم لم يعتقدوا أبدا أنهم سيأتون ” وفي بيان مشترك قبل التوقيع قالت الدول الثلاث إن الاتفاق سيشمل “احترام السلامة الإقليمية وحظر الأعمال العدائية” ونزع سلاح جميع “الجماعات المسلحة غير الحكومية “كذلك أشار البيان إلي “إطار تكامل اقتصادي إقليمي” وإلي قمة مستقبلية في واشنطن تجمع بين ترامب والرئيس الرواندي بول كاجامي ورئيس جمهورية الكونجو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي لكن بإستعراض ومراجعة محتوي الاتفاق يمكن القول أنه بصفة عـــامة غامض بشكل متعمد نتيجة صعوبة مواقف الطرفين المُتفقين ويظهر هذا الغموض فيما يتعلق بالمكون الاقتصادي فإدارة ترامب تتوق إلى الاستفادة من الثروة المعدنية الوفيرة في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية ذلك أن الغرض الرئيسي والوحيد من بذل الولايات المتحدة هذا الجهد الدبلوماسي الكثيف علي فترة زمنية طويلة لم يكن أبداً معاناة شــعب الكونجو الديموقراطية في شرق البلاد التي يسكنها 100 مليون نسمة فليذهبوا للجحيم فهذا هو ديدن الأمريكيين والروس والصينيين  فالاتفاقية تم هــنـــدســتهـا لغرض وحيد هو جذب الاستثمارات الغربية إلى قطاعات التعدين في البلدين وليهما في باطن أراضيهما رواسب من التنتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم فالإتفاقية بوضوح تمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى المعادن الحيوية.

كان هناك حديث عن ذهاب تشيسكيدي والرئيس الرواندي بول كاجامي إلى واشنطن للقاء ترامب معا لكن هذا لم يحدث لكن ذلك أمر لا يخلو من مغزي (أشار موقع .journaldekinshasa.com في 22 يونيو2025إلي أن رواندا تقع حالياً وسط منطقة رمادية لأكثر من عشرة أيام فلم يظهر الرئيس بول كاجامي الموجود عادة في كل مكان) وإن كان أحد التفسيرات لهذا الموقف أي عدم ذهاب الرئيسين للقاء ترامب قبل توقيع الإتفاق هو أن الإتفاق لم يكن حـاجة رواندية بل إحتياج كونجولي فبعد خسارة الأراضي لجأت الحكومة في كينشاسا إلى الولايات المتحدة للحصول على المساعدة  وعرضت الوصول الأمريكي إلى المعادن الحيوية في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية غنية بالكولتان والموارد الأخرى الحيوية لصناعات الإلكترونيات العالمية مقابل ضمانات أمنية وكان المفاوضون الكونجوليون قد ضغطوا من أجل الانسحاب الفوري للجنود الروانديين( الدعوة إلى الانسحاب الكامل للقوات الرواندية من جمهورية الكونجو الديمقراطية تمثل  نقطة خلاف رئيسية) لكن رواندا – التي لديها ما لا يقل عن 7000 جندي على الأراضي الكونجولية – رفضت وقال وزير خارجية رواندا ندوهونجيريه في هذا: إن “كلمات” قوة دفاع رواندا “أو “القوات الرواندية” أو “الانسحاب” لا يمكن رؤيتها في أي مكان في الوثيقة وقبل ساعات فقط من حفل التوقيع قال مكتب تشيسكيدي إن الاتفاق “ينص بالفعل على انسحاب القوات الرواندية لكن الرئيس فضل مصطلح فك الارتباط على الانسحاب لمجرد أن “فك الارتباط” أكثر شمولا”  وفقاً لرؤيته بل أكثر من ذلك  ففي بيان غاضب قبل يوم من توقيع الاتفاق في واشنطن أدان وزير الخارجية الرواندي أوليفييه ندوهونجيريه ما وصفه بأنه”تسريب لمسودة اتفاق سلام” وقال مندداً إن رواندا “طالبت الأطراف الأخرى باحترام سرية المناقشات” وقبل التوقيع  في 27 يونيو2025 قالت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية يولاند ماكولو لوكالة رويترز للأنباء إن “رفع الإجراءات الدفاعية في منطقتنا الحدودية” سيتوقف على “تحييد” القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وقبل ساعات فقط من حفل التوقيع، قال مكتب تشيسكيدي إن الاتفاق “ينص بالفعل على انسحاب القوات الرواندية لكنه أي الرئيس تشيسيكيدي فضل مصطلح فك الارتباط على الانسحاب لمجرد أن “فك الارتباط” أكثر شمولا” فهكذا يري .

– لذلك أكــرر أن الإتفاق لأنه تمت هندسته وصياغته بوازع من إحتياج كونجولي وليس كونجولي/رواندي إضافة لإنه نابع من السعي لتحقيق مصلحة أمريكية علي غلاف خارجي عنوانه “إتفاق ســلام” فهو لذلك إتفاق أعــرج زد علي ذلك أنه وفقا لتقرير وكالة رويترز للأنباء فإن دعوات الانسحاب الكامل للقوات الرواندية من جمهورية الكونجو الديمقراطية مازالت تشكل نقطة خلاف رئيسية وما لم يتم الإعلان عن التفاصيل الكاملة للصفقة الموقعة  ستظل العديد من الأسئلة المهمة دون إجابة ومنها :

  • هل ستنسحب حركة 23 مارس المتمردة من المناطق التي احتلتها ؟
  • هل يعني “احترام السلامة الإقليمية” أن رواندا تعترف بوجود قوات في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية وستسحبها؟
  • هل ستسمح “عودة اللاجئين” المتفق عليها بعودة آلاف الكونجوليين من رواندا؟
  • هل يعني “نزع السلاح” أن حركة 23 مارس ستضع أسلحتها الآن؟
  • من سينزع سلاح القوات الديمقراطية لتحرير رواندا بعد فشل عدة محاولات سابقة؟
  • هل سيسمح وصول المساعدات الإنسانية المتفق عليه بإعادة فتح المطارات التي يسيطر عليها المتمردون لإمدادات المساعدات؟

مع العلم أنه وفي العام الماضي2024 توصل خبراء روانديون وكونجوليون إلى اتفاق مرتين بوساطة أنجولية بشأن انسحاب القوات الرواندية والعمليات المشتركة ضد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا لكن وزراء من البلدين فشلوا في تأييد الاتفاق فاستقال الرئيس الأنجولي كوسيط في نهاية المطاف في مارس2025

– علي أية حال ففي حفل أقيم مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في واشنطن وقع وزيرا خارجية البلدين الأفريقيين في 27 يونيو2025 الاتفاق الذي تعهدا فيه بتنفيذ اتفاق عام 2024 الذي سيشهد انسحاب القوات الرواندية من شرق الكونجو في غضون 90 يوما فالاتفاق  بعد أن أشار إلي “فك الارتباط ونزع السلاح والاندماج المشروط” للجماعات المسلحة التي تقاتل في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية أشار إلي أن كيجالي وكينشاسا ستطلقان أيضا إطارا إقليميا للتكامل الاقتصادي في غضون 90 يوما وأقر روبيو -لانه يعلم أن أمام الإتفاق تحديات واقعية – بأن هناك “المزيد من العمل الذي يتعين القيام به” لكنه قال إن الصفقة ستتيح للناس “الآن أن يحلموا وآمالا في حياة أفضل ” وربما نسي الوزير روبيو أن أول الحالمين هم حكومته !!!  المهم أن هذا الإتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة يهدف إلى إنهاء صراع مستمر منذ عقود ومتجذر في الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 هكذا يروج الأمريكيين وهذا سيحدث عـــرضـــاً لكن الحقيقة أن الإتفاق وُضع في الولايات المتحدة من أجل تحقيق مصالح أمريكية عليا وصـرفة وكعادة إدارة الرئيس ترامب الحالم بنوال جائزة نوبل للسلام (فنحن نعيش زمن مقلوب رأساً علي عقب) تروج إدارة ترامب ومعها جـوقـة من الصحف الأمريكية تماماً كما يفعل الإعلام السلطوي في شــرقــنـاالأوســط بأن إتفاق سلام رواندا والكونجو الديموقراطية – الذي لم يُخــتــبــر بعد – يمثل انتصارا دبلوماسيا مرحبا به، في سياق التحديات على المسارح العالمية الأخرى (أوكرانيا أو غزة أو إيران مؤخرا) وأن المصالح الاقتصادية هي قبل كل شيء التي تحفزنا جميعاً كما أشا موقع مجلة  Le Point الفرنسية في 25 يونيو2025 عن مراسلها في كيجالي قوله أن إتفاق سلام واشنطن الموقع من رواندا والكونجو الديموقراطية في 27 يونيو2025 يرتبط بعرض “أمن المعادن” الذي اقترحته كينشاسا ويهدف إلى ضمان وصول الولايات المتحدة إلى الموارد الهائلة للمعادن الاستراتيجية في المنطقة (الكوبالت والتنتالوم والليثيوم) حتى أن وزير الخارجية روبيو تحدث علنا عن خلق سيناريو “مربح للجانبين” حيث يمكن للسلام أن يفتح “استثمارا أكبر للمواطنين الأمريكيين والغربيين” وتعزيز “سلاسل التوريد المسؤولة والموثوقة”. فهناك إفتراض يراود تشيكيدي والإدارة الأمريكية مفاده أن لو نجحت الولايات المتحدة بواسطة هذه الإتفاقية في عـزل رواندا عن حركة 23 مارس المسلحة في شرق الكونجو فيمكن بالتبعية وأد هذه الحركة لكن الواقع أن حركةM23 نسخة 2024-2025 تُعد الآن قوة أكثر استقرارا وتنظيما ويمكنها أن تستغني عن دعم رواندا – إن تطلب الأمر – فهي تسيطر على منطقة نفوذها في شرق الكونجو في روتشورو وماسيسي وتهدد عاصمتي المقاطعتين جــوما وبــوكــافــو وتدير أراضي شاسعة وأصبحت أكثر مهنية في كل من إدارتها العسكرية واتصالاتها السياسية وبالرغم من أن هذا الإتفاق تم التوصل إليه في واشنطن لكن في خلفية المشهد وفي شرق الكونجو كان هناك تصعيد كبير هذا العام حققت حركة 23 مارس تقدما سريعا على الأرض ضد الجيش الكونجولي وحلفائه في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية في القتال الذي أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف ومن المعلوم أن حركة 23 مارس واحدة من بين أكثر من 100 جماعة مسلحة تقاتل ضد القوات الكونجولية في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية الغني بالمعادن وهذه الجماعة التي يقودها التوتسي تدعي إنها موجودة لحماية مصالح الأقليات مثل التوتسي بما في ذلك حمايتهم من جماعات الهوتو المتمردة التي هربت إلى جمهورية الكونجو الديمقراطية بعد مشاركتها في الإبادة الجماعية عام 1994 التي استهدفت التوتسي , ولذلك  فعندما يسأل المرء من أين يأتي متمردي حركة 23 مارس فسيعرف وهو مصدوم أنهم يشترون السلاح من وكلاء أمريكيون وصهاينة وروس وصينيون وغيرهم فحرب شرق الكونجو مجلس حرب أو كرنفال لكل هواة جــمـع المال الفاسد .

– أما بالنسبة لردود الأفعال الأولية لرواندا والكونجو الديموقراطية فكان مصدرها وزير الخارجية الرواندي ندوهونجيريه الذي قال في حفل التوقيع بوزارة الخارجية الأمريكية :” إن العملية ستكون “مصحوبة برفع الإجراءات الدفاعية لرواندا” لكنه أضاف: “يجب أن نعترف بأن هناك قدرا كبيرا من عدم اليقين في منطقتنا وخارجها لأن العديد من الاتفاقيات السابقة لم تنفذ” فيما سلطت نظيرته الكونجولية تيريز كايكوامبا فاجنر الضوء على دعوة الاتفاق إلى احترام سيادة الدولة. وقالت إنه يوفر فرصة نادرة لطي الصفحة ليس فقط بالكلمات ولكن مع تغيير حقيقي على الأرض فبعض الجروح ستلتئم  لكنها لن تختفي تماما أبدا” , وإتصالاً بذلك نشر موقع actualite.cd في الأول من يوليو2025 أنه على الرغم من توقيع اتفاقية السلام في 27 يونيو 2025 بين جمهورية الكونجو الديمقراطية ورواندا في واشنطن فلا تزال قضية القوات الديمقراطية لتحرير رواندا تؤجج الفتنة بين البلدين ففي مقابلة مع مجلة جون أفريك قال وزير الخارجية الرواندي أوليفييه ندوهونجيريه إن الاتفاق الموقع لا يشمل انسحاب القوات الرواندية بل يستهدف فقط الجماعات المسلحة غير الحكومية وقال أوليفييه ندوهونجيريه : “يشير مصطلح ‘فك الارتباط’ حصريا إلى الجماعات المسلحة غير الحكومية وردا على سؤال عن شروط رفع “التدابير الدفاعية الرواندية “التي جعلت هذا الانسحاب مشروطا بتحييد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا قال إن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا هي قوة تدعمها الحكومة الكونجولية التي تم دمجها حتى في القوات المسلحة لجمهورية الكونجو الديمقراطية. وتقارير الأمم المتحدة تقول بذلك لذلك فليست رواندا وحدها هي التي تقول ذلك”  وتابع: “تعترف الحكومة الكونجولية بأن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وهي مشكلة يجب تحييدها مما سيمهد الطريق لرفع إجراءاتنا الدفاعية” مضيفا: “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا ليست على أراضي حركة 23 مارس لأن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا مدمجة في الجيش الكونجولي وتتعاون مع الجيش الكونجولي” وردا على فكرة أن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا تعمل في المناطق التي تسيطر عليها حركة 23 مارس وأن تحييدها يعني بالتالي انسحابا مسبقا لهذه الحركة أجاب: “ماذا تقصد بالقول إن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا تقع في منطقة M23؟ وتتعاون القوات الديمقراطية لتحرير رواندا مع القوات المسلحة لجمهورية الكونجو الديمقراطية ؟هل القوات المسلحة لجمهورية الكونجو الديمقراطية في منطقة M23؟ […] أنا أقول إن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا تقع في منطقة M23 فأنا لا أفهم بالضبط ما تقوله “وأخيرا وفيما يتعلق باتهامات الكونجوليين بالتلاعب بمسألة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا أحال كينشاسا إلى التزاماتها الأخيرة وقال “هذه هي نفس الحكومة في كينشاسا التي وقعت على اتفاقية كونوبس والتي وقعت في 27 يونيو2025 في واشنطن اتفاقية السلام التي تتضمن تنفيذ CONOPS  والتي تتحدث عن تحييد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا.”

– علي الجانب الكونجولي رد الوزير الكونجولي جوليان بالوكو الحاكم السابق لشمال كيفو بحدة في سلسلة من الرسائل على منصة X  التي كتب فيها : “إن خطاب 30 عاما هو الذي أعمى العالم وأنه خلال الثلاثين عاما احتلوا [الروانديون] شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية لمدة 8 سنوات وبشكل أساسي المكان الذي كان من المفترض أن تكون فيه حركة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا: من عام 1998 إلى عام 2003 (5 سنوات)، ومن 2022 إلى 2025 (3 سنوات) فقط الروانديون كانوا هناك أو موجودون هناك” وأضاف: “يتضح ذلك من جميع تقارير خبراء الأمم المتحدة التي تشير إلى أنه لم يتبق سوى ألف [مقاتل] معظمهم من القوات الديمقراطية لتحرير رواندا التي أعاد تدويرها نظام كيجالي” وأتهم كيجالي بالحفاظ على استراتيجية تضليل فالآن وبعد أن شرحنا كل شيء للعالم بأسره كجهات فاعلة على الأرض لم يعد خطاب القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وكراهيتها القبلية ووصمها يعمل وأن تفكيك كذبة تم تلقيحها مثل السم لمدة 30 عاما عمل طويل الأجل وقال :” قد تكون لدينا خلافات ككونجوليين لكن هذا ليس سببا لاستخدام عكازات لنظام كيجالي الذي يدمر ببطء أمل الأجيال”.

– يتضح مما تقدم أن السجال المتلاطم الغاضب بين رواندا والكونجو الديموقراطية بعد يومين من توقيع الإتفاقية في واشنطن لازال مُحتدماً رغم إتفاقية واشنطن في 27 يونيو2025 وبالتالي فمازالت أهم دعامة لتحقيق خطة أو مشروع ممر Lobito وهي تحقيق سلام وأمن في شــرق الكونجو غـيـر متوفرة بعد رغم الجهد الدبلوماسي الأمريكي الكثيف ومازال هذا الجهد بحاجة إلي مُتابعة حثيثة بل ونضال وإصرار ومشاركة أكثر فاعلية من الحلفاء الأوروبيين المُستفيدين من تحقيق مشروع ممر Lobito أكثر من حاجتهم ربما من ممر الهند/الشرق الأوسط /أوروبا IMEC وأعتقد أنه بسبب الموقف الغامض لأتفاق السلام الأخير بين رواندا والكونجو الديموقراطية فقد تـنـزع الولايات المتحدة للدعوة في غضون شهور لـعـقـد مؤتمر دولي لجــمــع وإدمــاج الإرادات الأمريكية / الأوروبية لتسوية الوضع الـمُتأزم في شــرق الـكونجو الديموقراطية بحضور بعض الرؤساء الأفارقة المعنيين بممر Lobitoوعلي رأسهم الرئيس الأنجولي والرواندي والكونجولي والزامبي , وستعمل الولايات المتحدة علي جذب الصين رغم تنافسية ممر  Lobito مع مبادرة الحزام والطريق الصينية للبحث في شكل ولو محدود من التعاون – رغم صعوبته – لتطويع الموقف الرواندي خاصة وأن الولايات المتحدة لا يمكنها إستخدام وسائل عسكرية هناك رغم وجود قيادة عسكرية لها في أفريقيا AFRICOM فهذه الوسائل تستخدم حصرياً في الشرق الأوسط ولخدمة الكيان الصهيوني .

2- عقد قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية السابعة عشرة في لواندا بأنجولا :

– كان إنعقاد قمة الأعمال الأميركية الأفريقية لعام 2025 في لواندا عاصمة أنجولا أداة وفرصة إنتهزتها الولايات المتحدة للتخديم علي إستراتيجية الإقتحام المُنافسة للصين التي تحاول تحقيق ممر نقل دولي إستراتيجي منافس بواسطة مبادرة الحزام والطريق , وكانت قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية السابعة عشرة وسيلة لترويج الولايات المتحدة خطتها لإنشاء ممر نقل دولي آخرعابر لأفريقيا أعني ممر Lobito الذي يبدأ من أنجولا  بخط سكة حديد جديد ليصل لمنطقة كوبربيلت في زامبيا ثم يُمد لشرق الكونجو ويتم تطويره تباعاً لصالح الشركات الأمريكية والأوروبية وربما الأسترالية المتخصصة لإستخراج وإستغلال المعادن الحرجة وغير الحرجة فالإدارات الأمريكية المُتعاقبة تضع أفريقيا جنوب الصحراء نصب عينيها من أجل إستغلال مواردها الأولية سواء معدنية أو زراعية وفي هذا الإطار أُعلن في 7 مايو2024 أن عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي  Jim Risch( جمهوري عن ولاية أيداهو ) و Chris Coons(ديمقراطية عن ولاية ديلاوير) وكلاهما من أصول أفريقية قدما قانون التجديد والتحسين لقانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA) لعام 2024 في واشنطن ويهدف مشروع هذا القانون المقدم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى تجديد وتعزيز برنامج الأفضليات التجارية بموجب قانون AGOA  مع دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والذي من المقرر أن ينتهي في العام المقبل ويعمل قانون النمو والفرص في أفريقيا على تسهيل الاستثمار بشكل أعمق وإقامة علاقات تجارية أقوى بين الولايات المتحدة ودول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى

– جاء إنعقاد قمة الأعمال الأميركية الأفريقية لعام 2025 في لواندا في الفترة من 22 إلى 25 يونيو 2025 وقد نظمها حكومة جمهورية أنجولا ومجلس الشركات لأفريقيا (CCA) الذي تأسس في عام 1993 وهو أول منظمة أعمال “أمريكية” تركز حصريا على تعزيز التجارة والاستثمار والشراكات التجارية بين الولايات المتحدة وإفريقيا وعلى مدار تاريخه الممتد لـ 30  عاما زود الـ CCA أعضائه وأصحاب المصلحة بـ “الوصول والاتصالات والمعرفة” اللازمة لممارسة الأعمال التجارية في القارة الأفريقية ولذلك فتنظيم الـ CCA لهذه القمة  جهد دعمته الحكومة الأمريكية   للتأكيد علي إهتمامها بتطويرعلاقات الولايات المتحدة بأفريقيا جنوب الصحراء خاصة مع تصاعد هذا الإهتمام بخطة ممر Lobitoولذلك كان عنوان القمة الأمريكية /الأفريقية في لواندا هو : “مسارات الازدهار: رؤية مشتركة للشراكة الأميركية الأفريقية” فـمجلس الشركات لأفريقيا في النهاية منظمة أمريكية معنية بتحقيق الإستراتيجية الإقتصادية في أفريقيا  لذا كانت قمة لواندا منصة مهمة لتعميق العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأفريقيا في القطاعات الرئيسية مثل الأعمال التجارية الزراعية والطاقة والصحة والبنية التحتية وتسهيل التجارة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتمويل وقد وفرت فرصا لا مثيل لها للتواصل عبر الأطلسي مما سهل الاجتماعات بين قادة القطاع الخاص الأميركي والأفارقة والمسؤولين الحكوميين والمستثمرين ورجال الأعمال وقد جمعت قمة لواندا أكثر من 1500 مندوب بما في ذلك رؤساء أفارقة ورؤساء حكومات ووزراء (من بين المشاركين  رؤساء دول ورؤساء وزراء أفارقة وهم رؤساء إثيوبيا وبوتسوانا وبوروندي والرأس الأخضر وجابون وموريتانيا وناميبيا وسان تومي وبرينسيبي وإسواتيني وجمهورية أفريقيا الوسطى)وكبار مسؤولين حكوميين أمريكيين وقادة أعمال أمريكيين وأفارقة وهدفت قمة لواندا إلى تعزيز فرص الاستثمار والابتكار والشراكات بين القطاعين العام والخاص مع التركيز على المجالات الرئيسية العزيزة على الولايات المتحدة وأفريقيا مثل البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا والزراعة والصناعة وينظر إلى اجتماع لواندا على أنه خطوة حاسمة في تنشيط العلاقات الأمريكية الأفريقية المتوترة بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب وتهديده بإنهاء قانون الفرصة والنمو الأفريقي AGOA (حتي يناير2024هناك 32 دولة مؤهلة للحصول على مزايا قانون النمو والفرص في أفريقيا وفي عام 2024 يلغي قانون  AGOA رسوم الاستيراد على أكثر من 6000 منتج  وقد سُن هذا التشريع في البداية ليغطي الفترة 2000-2008 ومُد   عدة مرات منذ ذلك الحين وفي الوقت الحالي تم تحديد تاريخ انتهاء قانون AGOA ليكون في 2025) وقد تنجح أنجولا التي ترأس الاتحاد الأفريقي حاليا بالإستفادة من وضعها كميسر رئيسي لإعادة إطلاق الحوار مع واشنطن بشأن قضايا الطاقة والممرات التجارية والبنية التحتية فقد أكدت فلوري ليزر الرئيس والمدير التنفيذي للمؤتمر القطري المشترك على الأهمية الاستراتيجية للقمة وقالت : “لقد نفذت أنجولا إصلاحات مهمة لفتح اقتصادها وأن هذه القمة توفر فرصة فريدة للقادة الأفارقة للانخراط مباشرة مع كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية بشأن قضايا التجارة والاستثمار كما أنها فرصة لتسليط الضوء على النماذج الإقليمية مثل “ممر لوبيتو” (وهو الهدف الرئيسي لهذه القمة) التي يمكن أن تجتذب استثمارات البنية التحتية عبر الحدود لكن بقدر ما كان إنعقاد قمة الأعمال الأميركية الأفريقية لعام 2025 في لواندا فرصة متاحة للولايات المتحدة للترويج لطموحاتها الإقتصادية في أفريقيا إلا أن السياسات المُتخبطة لإدارة ترامب وفي مقدمتها سياسة التعريفات الجمركية قد لا تصمد أمامها الدول الأفريقية ذات الإقتصاديات الـهشـة فهذا السيـاسات أحادية الجانب لدونالد ترامب أوجدت سياق دولي متوتر بسببها تعطلت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وبقية العالم جزئيا  ولذا أقول أن عقد قمة الأعمال السابعة عشرة مثلت فرصة أتيحت للولايات المتحدة وفرتها أنجولا والـ CCA  لإعادة الحوار بين المجموعات الأمريكية والأوساط الاقتصادية الأفريقية لمـــســـار أفضل (موقعwww.afrik.com في 28 يونيو2025) .

– مما يدل علي قوة العزم الأمريكي علي تنفيذ خطة ممر Lobito أنها لم تفوت أي فرصة متاحة للمضي قدماً بالعلاقات الأمريكية الأنجولية لتلتقي عند نقطة مركزية وهي ممر Lobito ذلك أن ميناء Lobito علي المحيط الأطلسي يواجه الساحل الشرقي للولايات المتحدة الذي تتوطن فيه الصناعة الأمريكية ومصافي البترول الأمريكي (تنتج أنجولا مالا يقل عن مليون ونصف مليون برميل بترول/يوم ومن الفرص التي أتيحت العام الماضي2024 إنعقاد سابق لقمة الأعمال الأمريكية الأفريقية في دالاس بالولايات المتحدة في 9 مايو2024 وحضرها 5 رؤساء أفارقة إضافة إلي  حوالي 1500 عضو من الحكومات والمديرين التنفيذيين ورجال الأعمال وممثلي المنظمات متعددة الأطراف وفي هذه القمة وثقت الولايات المتحدة علاقاتها بانجولا التي يبدأ منها ممر Lobito فعلي هامش هذه القمة التي حضرها الرئيس الأنجولي جواولورنسو وقعت حكومتا الولايات المتحدة الأمريكية وأنجولا في 7 مايو2024في دالاس عدة اتفاقيات تمويل بقيمة إجمالية قدرها 1.3 مليار دولار أمريكي للاستثمارات في ممر لوبيتو وجاء في مذكرة من الرئاسة الأنجولية أن الاتفاقيات الموقعة تهدف إلى تمويل ثلاثة مشاريع بنية تحتية مهمة مرتبطة بممر لوبيتو وتهدف أيضا إلى استثمارات في الطاقة النظيفة والاتصال وتوسيع الإشارة الراديوية والبنية التحتية للنقل , ونتيجة توق الولايات المتحدة لتنفيذ كفء لـمـمـر لـوبـيـتـو فقد نمت التجارة بين أنـجـولا والولايات المتحدة في عام 2024 لكنها أظـهـرت انخفاضا في الأشهر الأولى من عام 2025 ففي 2024 اشترت أنجولا سلعا بقيمة 682 مليون دولار أمريكي من الولايات المتحدة أو أكثر بنسبة 14% ليصل حجم التجارة إلى ما يقرب من 2.592 مليار دولار أمريكي ووفقاً لبيانات البوابة الاقتصادية Trading Economics ومكتب الممثل التجاري الأمريكي ففي 2023 استوردت الولايات المتحدة سلعا بقيمة حوالي 1.160 مليار دولار أمريكي من أنجولا بينما بلغ إجمالي الصادرات الأمريكية إلى السوق الأنجولية ما يقرب من 599 مليون دولار أمريكي وفي المجموع بلغت التجارة حوالي 1,759 مليون دولار أمريكي في ذلك العام وفي عام 2024 تسارعت التجارة بين البلدين مرة أخرى حيث استوردت الولايات المتحدة 1.91 مليار دولار أمريكي من أنجولا معظمها نفط  وهو ما يمثل زيادة بنسبة 65٪ تقريبا  .(كانت العلاقات الأمريكية / الأنجولية محدودة إبان عهد الرئيس جوزيه إدواردو دوس سانتوس الذي وثق لأسباب عدة علاقاته الإقتصادية بالصين وياتي الرئيس الحالي جواو لورنسو علي نقيضه إلي حد ما إذ وثق علاقاته الإقتصادية والسياسية بالولايات المتحدة ومع ذلك فلا زالت أنجولا تعتبرالصين وروسيا شريكتين لهما مصالح كبيرة في الموارد والبنية التحتية والدعم العسكري لأنجولا .

كانت أهم الكلمات التي أُلقيت أمام المشاركين في قمة الأعمال الـ17 :

(1) الرئيس الأنجولي جواو مانويل جونسالفيس لورنسو  :

أهم ما قاله : ” إن الديناميكية الجديدة تجعلنا ندرك أن الوقت قد حان لاستبدال منطق المساعدات بمنطق الطموح والاستثمار الخاص فلقد حان الوقت لرؤية أفريقيا كشريك موثوق به غني بالموارد ولكنه يفتقر إلى رأس المال والتمويل   لرؤية مختلفة وبسيطة للقارة وبالتالي نعتبر أن تنمية إفريقيا بفضل مساهمة الولايات المتحدة ستكون مفيدة لأمريكا وللعالم من خلال توحيد القوى  نحمل معا مفتاح حل الأزمتين الرئيسيتين اللتين تؤثران على الاقتصاد العالمي: أزمة الغذاء وأزمة الطاقة” وقال في موضع آخر:”من الشمال إلى الجنوب ومن المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي تتضاعف الاستثمارات الهيكلية وتشكل مشهدا اقتصاديا أفريقيا جديدا بدءا من ممر لوبيتو الذي سيربط ميناء لوبيتو على المحيط الأطلسي بميناء دار السلام في تنزانيا على المحيط الهندي بالسكك الحديدية ويتعهد بتحويل التجارة البينية بين أفريقيا والتجارة العابرة للقارات إلى المناطق الاقتصادية الخاصة الآخذة في التوسع في القارة والمبادرات الجارية لتطوير سلاسل القيمة الإقليمية في قطاعات مثل المعادن الحيوية والزراعة والطاقة على سبيل المثال لا الحصر” وقال أيضاً “نريد أن يتجاوز الاستثمار الخاص الأميركي المباشر في قارتنا الموارد المعدنية التقليدية واستخراج الأراضي النادرة وكذلك قطاع النفط والغاز للتركيز أيضا على قطاعات التصنيع الأخرى مثل الصلب والألمنيوم والأسمنت والزراعة وبناء السفن والسيارات والسياحة بهذا تستفيد الشركات الأميركية العاملة في أفريقيا اليوم وكذلك أنجولاوغيرها من بيئة الأعمال المفتوحة بشكل متزايد تلك التي تحمي المستثمرين الأجانب من القطاع الخاص ومن جهتها تلتزم الحكومات بتيسير البيروقراطية والحد منها وتهيئة الظروف للقطاع الخاص للعب دور قيادي في الاقتصاد وبالنسبة لرواد الأعمال الأمريكيين فإن أفريقيا مستعدة وحكوماتنا مستعدة للعب دور تيسيري وقطاعنا الخاص مستعد لإقامة تحالفات تدر أرباحا ولكن أيضا الرخاء المشترك”.

(2) مــدير مكتب الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية الأميركية :

أهـم ما قاله تروي فيتريل: ” جئت لأول مرة قبل 25 عاما وقد تغيرت أنجولا كثيرا لكني فكر في ما كان عليه الحال قبل 25 عاما الآن وانظر إلى أننا تسير على مسار مذهل وفي بعض الأحيان نركز على السلبية لكن علينا أن ننظر إلى الإيجابية عندما ننظر إلى ما فعلته أنجولا في السنوات الـ 25 الماضية فهذا أمر مذهل ويعكس كل ما حدث في القارة والولايات المتحدة قدمت مؤخرا في أبيدجان استراتيجية تجارية جديدة للقارة تتكيف مع السياق الحالي ولقد فعلنا ذلك لأن العالم تغير والولايات المتحدة تغيرت وتغيرت الأسواق والاقتصادات مختلفة تماما عما كانت عليه قبل 25 عاما والسفارات الأميركية يجب أن تتصرف على أساس النتائج مع القطاع الخاص فسفاراتنا تعمل لصالحكم أنتم القطاع الخاص فهذه هي الطريقة التي نحكم بها على سفرائنا  أي وفقاً للطريقة التي يدعمونكم بها فإذا لم يجلب لنا سفراؤنا اتفاقيات عمل وفرص عمل جديدة ونمو اقتصادي مستدام  فناسألهم عن السبب لأنه يجب أن يقدموا لنا فرصا كل يوم  كما أن الولايات المتحدة تعمل عن كثب مع غرف التجارة ورجال الأعمال في “شراكة حقيقية وهناك استثمارات أمريكية في البنية التحتية التي تشمل أيضا التحديث الرقمي فنحن بحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية وعادة ما نفكر في الطرق والشبكات الكهربائية  لكن لا يمكننا أن ننسى الرقمية لا يمكننا المشاركة في الاقتصاد الحديث دون امتلاك بنية رقمية حديثة وآمنة وبالنسبة للقمة 17 للأعمال فقد جلبت الولايات المتحدة في هذه القمة ما يقرب من ألف رائد أعمال والتركيز الآن على البعثات التجارية وسنستمر في جلب المزيد من الشركات الأمريكية للقيام بأعمال تجارية في إفريقيا وبالنسبة لدور الوكالات الحكومية والمؤسسات الأخرى مثل مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية (DFC) ومؤسسة تمويل التنمية الأمريكية وبنك التصدير والتصدير ووزارة التجارة  أري أنه يجب أن تكون أسرع أيضا كما أن نموذج الأعمال “على النمط الأمريكي” مفيد لأفريقيا وسنركز على التكنولوجيا والابتكار والقوى العاملة فالاستثمار في رأس المال البشري هو الطريقة الأمريكية لممارسة الأعمال التجارية نحن جميعاً لدينا هدف مشترك ونحن معا فهذه فرصة رائعة وسنقوم بأعمال تجارية هذا الأسبوع وفي السنوات القادمة ” .

– إنتهت قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية الـ17 في أنجولا التي عقدت في الفترة من 22 إلى 25 يونيو 2025 نهاية إيجابية بأكثر من 2.5 مليار دولار من الاتفاقيات والالتزامات الجديدة بين الشركاء الأميركيين والأفارقة فـتم الإعلان عن العديد من المشاريع المهمة خلال القمة فقد أبرمت شركة  Amer-Con Corporation  ووكالة تنظيم الشحن الأنجولية اتفاقية استراتيجية لبناء 22 مصعدا للحبوب على طول ممر لوبيتو الحيوي بدعم من بنك التصدير والاستيراد الأمريكي وبالإضافة إلى ذلك وقعت شركة التكنولوجيا Cybastion صفقة استثمار بقيمة 170 مليون دولار مع أنجولا تليكوم لتحديث البنية التحتية الرقمية للبلاد وتعزيز الأمن السيبراني كما وقعت شركة هيدرو لينك وهي مستثمر أمريكي في مجال الطاقة اتفاقا بقيمة 1.5 مليار دولار مع الحكومة الأنجولية لتطوير خط نقل طاقة خاص بطول 1150 كيلومترا يربط محطات الطاقة الكهرومائية في أنجولا بمناجم معدنية استراتيجية في جنوب جمهورية الكونجو الديمقراطية وتوصلت CEC Africa و AG & P إلى اتفاق لتطوير أول محطة للغاز الطبيعي المسال في غرب إفريقيا وهو مشروع يتلقى دعما من DFC ودخلت شركة روزيزي الثالثة القابضة للطاقة في شراكة مع مجموعة أنزانا إلكتريك في مشروع للطاقة الكهرومائية بقيمة 760 مليون دولار بين رواندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية ومن المتوقع أن يوفر الكهرباء لحوالي 30 مليون شخص كما وقعت شركة إثيوبيا للاستثمار القابضة وشركاء التمويل الدولي الأمريكيون مذكرة تفاهم لاستثمار يتجاوز 200 مليون دولار في قطاع السياحة الراقية بحضور الرئيس تاي أتسكي سيلاسي .

– أشادت وزارة الخارجية الأميركية بقمة الأعمال الأمريكية / الأفريقية السابعة عشرة في لواندا بأنجولا  باعتبارها تعبئة قياسية لأصحاب المصلحة الأفارقة والأميركيين مؤكدة الالتزامات الاستراتيجية لتعزيز التجارة والاستثمار في جميع أنحاء القارة الأفريقية  .

3-زيارات رئاسية الرئيس بايدن ومسؤلين امريكيين اخرين لانجولا:

– نتج عن الإهتمام الأمريكي الذي في إعتقادي بلغ درجة الــولــع لدرجة أن تقاطرت علي العاصمة الأنجولي زيارات مختلفة المستويات للمسؤليين الأمريكيين (أنتوني بلينكن وزير الخارجية ووزير الدفاع لويد أوستن وخمسة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي وسامانثا باورومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الإدارة ريتشارد فيرما وزيارة السفراء بقيادة جيمس ستوري الأمريكي في أبريل2025 ومسؤليين أخر ثانويين)والأوربيين وهذا الإهتمام في إعتقادي بدأ بعد نهاية عهد الرئيس جوزيه إدواردو دوس سانتوس( 21 سبتمبر 1979 – 25 سبتمبر 2017) فالدور الأمريكي في الحرب الأهلية الأنجولية 1975- 2004 بين حزبي MPR و UNITA عــطل مسيرة العلاقات لدرجة أن أنجولا التي إستقلت عن البرتغال عام1975 لم تعترف بها الولايات المتحدة إلا عام 1993 صحيح أن العلاقات تعافت بعد نهاية الحرب الأهلية إلا أن كانت تتحرك زحــفـــاً لكن بتولي الرئس جواو لورنسوتحرك الأمريكيين نحو أنجولي التي أقدر أنها من أغني الدول الأفريقية بعد الكونجو الديموقراطية بثراواتها الطبيعية وبدأ الأمريكيين في الإستفادة من علاقاتهم الجديدة بأنجولا (تسيطر الشركات الأمريكية خاصة Chevron علي بترول أنجولا خاصة في مقاطعة كابيندا شمال أنجولا ويُذكر أنه في 25 أكتوبر2005 أفاد مدير إدارةأفريقيا بوزارة الطاقة الأمريكية George Person اللجنة الفرعية أن البترول الأنجولي للولايات المتحدة يمثل 4% من مجمل واردات الولايات المتحدة البترولية فيما مثلت صادرات البترول الأنجولي للصين عن الشهرين الأولين من عام2006 نحو 15% من مجمل واردات الصين البترولية عن نفس هذه الفترة وفقاً لوزارة التجارة الصينية) وبشأنLobito يُذكر أن مؤسسة SONANGOL المملوكة للدولة الأنجولية وقعت في 16 مارس 2006 إتفاقاً مع شركةSONOPEC الصينية لتطوير مشروع بتكلفة قدرها الأنجوليين بــ3,5 مليار دولارلإقامة مصفاة بترول في ميناءLobito الأنجولي بمقاطعة BENGUELA التي يبدأ منها خط سكك حديد BENGUELAعـــماد المشروع الأمريكي المُسمي Lobito Corridor وكان هذا الإتفاق شراكة حدد منهجية العمل في إقامة مشروع المصفاة وبموجبه تكون كونسورتيوم بينSONOPEC و SONANGOL الدولية .

– في عام 2023 كان توجه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلي عدة دول من بينها أنجولا وكذلك وزير الدفاع لويد أوستن وقد ترددت أنباء في الفصل الرابع من 2024  عن أن الرئيس الأمريكي يأمل في زيارة أنجولا نهاية 2023 إلا أن الزيارة تأجلت بعد بدء الحرب بين الصهاينة وحماس في 7 أكتوبر 2023 لكن مع تعذر إتمامها أعرب بايدن عن أمله بشراكة أوثق بين الولايات المتحدة والديمقراطيات في القارة الأفريقية حيث تستثمر بكين بكثافة في المنطقة (أنجولا لا يعتبرها الكثير من الخبراء ديموقراطية لكن الأمريكيون أعتبروها ديموقراطية لمصالحهم وأهمها ممر LOBITO) وعلي أية حال  قبل انتهاء مدة ولايته الرئاسية بأسابيع قليلة قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة تاريخية إلي أنجولا في الفترة من 2 إلى 4 ديسمبر 2024 وتعد أول زيارة رسمية لرئيس أمريكي أثناء فترة ولايته إلى قارة إفريقيا منذ زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق  باراك أوباما لكلا من كينيا  أرض أجداده وإثيوبيا في أواخر شهور حكمة , حيث غابت الزيارات الأمريكية الرئاسية لدول القارة الإفريقية طوال مدة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في ولايتة الرئاسية الأولي  20 يناير 2017 – 20 يناير 2021 وعلي مدي حوالي 4 سنوات لم يقم الرئيس الأمريكي بايدن بزيارة للقارة الإفريقية وقد اعتبرت هذه الزيارة انتصارا لا جدال فيه للرئيس الأنجولي جواو لورينسو ويضع بلاده في قلب الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين علي نحو ما سيُشار إليه لاحقاً وبهذه الزيارة يكون جو بايدن أول رئيس أمريكي يزور أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منذ باراك أوباما في عام 2015 وعلاوة على ذلك فإنه لم يسبق لأي رئيس أمريكي أن زار أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى , ويعزو محللون سياسيون أنجوليون زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أنجولا إلى أنها زيارة تقع في القلب من التنافس المحتدم  بين القوى العظمى حول الموارد التعدينية في باطن أرض القارة الأفريقية كما أن زيارة الرئيس الأمريكي في حالة أنجولا تعد مكسبا لصورة أنجولا وانتصارا لرئيسها لجواو لورينسو (وزير الدفاع السابق إبان عهد سابقه الراحل الرئيس إدواردو دوس سانتوس) لكن بعض هؤلاء المحللون يحذرون من أن الزيارة قد تفقد بعض وزنها لأنها لرئيس في نهاية ولايته أي الرئيس الأمريكي بايدن وأعتقد أن هذا الرأي مؤسس علي إفتراض بأنها زيارة سياسية , لكني  ممن يعتقدون أن زيارة الرئيس بابدن تمليها بصفة أولية أساسية دواعي المنافسة الإقتصادية بين الولايات المتحدة والصين في منطقة الجنوب الأفريقي وتحديداً في أنجولا وبالتالي فهي محسوبة لصالح الـجــســـم الإقتصادي الأمريكي القائم علي الأسس الرسمالية الضخمة فهي أي الزيارة تأتي بضغط من مراكز ضغط الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات وتلك العملاقة لكن من رصدي لمواقف الإدارة الديموقراطية للرئيس بايدن والتي تلتها أي الإدارة الجمهورية للرئيس ترامب تتأكد حقيقة موقف قلما يتحقق وهو أن مشروع ممر“لوبيتو” ينال دعماً كبيراً من جانب الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة ومن غير المرجح أن تعطل إدارة ترامب القادمة الالتزامات المالية الأمريكية تجاهه ويري الخبير الاقتصادي بيدرو جودينيو الزيارة الرسمية الأولى المعلنة لبايدن لأنجولا علي أنها تعكس اعتراف الحكومة الأمريكية ورئيسها بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه أنجولا في المنطقة الأفريقية “كحليف أكيد للقوى الغربية الكبرى” ويُوضح فيقول “إنها نتيجة طبيعية لعلاقة تتطور تدريجياً وبشكل مستدام وهذا يعني أن أنجولا لديها مستقبل واعد إذا تمكنت قيادتنا من الاستفادة من الفرص التي ستتاح لها ” كما أبرز رئيس غرفة التجارة الأنجولية / الأمريكية “أن مشاريع مثل ممر لوبيتو يمكن أن تنشأ لمختلف قطاعات الاقتصاد مع إمكانية أن تصبح أنجولا أيضا “مركزا للطاقة في المنطقة مع القدرة على إنتاج ما يكفي من الطاقة لتكون قادرة على إمداد البلدان الأخرى”.

– كان الرئيس بايدن قد قال إنه يعتزم القيام بزيارة رسمية لبعض الدول الإفريقية في فبراير2025 منها أنجولا في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر2024 وقال أحد المصادر إنه تم تقديم موعد الزيارة بعد ذلك مع انسحاب بايدن من السباق الرئاسي الأمريكي  .

– في العهد الأنجولي الجديد برئاسة الرئيس جواو لورنسو وقعت الولايات المتحدة في أكتوبر 2023 مذكرة تفاهم لتطوير ممر لوبيتو Lobito الذي يهدف إلى بناء خط سكة حديد جديد بطول 800 كيلومتر (الخط القديم طوله1333كم يربط ميناء Lobito علي الاطلنطي بـ LULU [مقاطعة MOXiCO المُتاخمة لحدود أنجولا الشرقية وممر Lobito Corridor يستهدف توصيل خط سكك حديد بنجيلا  BENGUELA (العصب الرئيسي لممر لوبيتو) من داخل أنجولا إلي جمهوريتي الكونجو الديمقراطية وزامبيا بهدف دعم الاستثمارات المتعلقة بإستخراج معادن شرق الكونجو وزامبيا وما يرتبط بذلك من بنية تحتية بالإضافة إلي الموارد الزراعية والطاقة النظيفة والوصول الرقمي والصحة من بين أمور أخرى وفي أواخر عام 2024  أعلنت واشنطن عن تمويل إضافي بأكثر من 560 مليون دولار لمشاريع البنية التحتية على طول الممر ، مما رفع إجمالي الاستثمارات الأمريكية إلى أكثر من 4 مليارات دولار  .

– قام الرئيس الأنجولي جواو لورينسو بزيارة الولايات المتحدة في نوفمبر 2023 وفي هذه لزيارة أثار الرئيس الأمريكي إمكانية زيارته القادمة لأنجولا خلال لقاءه بنظيره الأنجولي في المكتب البيضاوي وفي مايو2023 وخلال زيارة الرئيس الأنجولي تلك لواشنطن في نوفمبر 2023 نوقع كثير من المراقبين لعلاقات الولايات المتحدة الأفريقية أن  يناقش رئيسا الدولتين أي أنجولا والولايات المتحدة فيها الخطوات التالية لتعميق التعاون الثنائي في مجالات التجارة والاستثمار والمناخ والطاقة بالإضافة إلى تطوير شراكة الرئاسة الأمريكية للبنية التحتية العالمية والاستثمار (PGI) لممر لوبيتو الذي سيربط البنية التحتية للسكك الحديدية الأنجولية بجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا بالأسواق العالمية عبر ميناء لوبيتو وبمناسبة تلك الزيارة الهامة في مسير العلاقات الأنجولية/ الأمريكية أصدرت السفارة الأمريكية في لواندا في 4 ديسمبر 2023 بياناً عن لقاء الرئس بايدن مع نظيره الانجولي في البيت الأبض بواشنطن أشار إلي ” أن الرئيس جوزيف آر بايدن الابن إلتقي بالرئيس الأنجولي جواو مانويل جونسالفيس لورينسو في 30 نوفمبر 2023في البيت الأبيض لتناول الفرص المتاحة لتعميق علاقتنا وتحديد مجالات التعاون المستقبلي ومناقشة التحديات الإقليمية والعالمية وناقشا معًا الاستثمار الاقتصادي الأمريكي الكبير في أنجولا وتحديدًا من خلال الشراكة الرائدة للرئيس الأمريكي للبنية التحتية والاستثمار العالمي (PGI) في ممر لوبيتو حيث تم الالتزام بتمويل أمريكي يزيد عن مليار دولار هذا العام وحده وتشمل هذه الاستثمارات دعم أكثر من 180 جسرًا ريفيًا وتحديث الاتصال الرقمي 4G و5G في جميع أنحاء البلاد وإدخال أول تطبيق للأموال عبر الهاتف المحمول وتوصيل 500 ميجاوات من الطاقة الشمسية إلى الشبكة الوطنية وتعبئة مليار دولار إضافية لأكبر استثمار في السكك الحديدية في أفريقيا في تاريخنا وستساهم هذه الاستثمارات أيضًا في تحقيق هدف أنجولا المتمثل في أن تصبح مصدرًا صافيًا للأغذية بحلول عام 2027 وتعزيز الأمن الغذائي الإقليمي  , لقد التزم الرئيس بايدن والرئيس لورنسو بزيادة الشراكة بشأن القضايا التي تحدد مستقبلنا المشترك بما في ذلك تعزيز الديمقراطية وإنتاج الطاقة وتصديرها والتعاون في مجال الفضاء ولتحقيق هذه الغاية رحب القادة بإطلاق حوار أمن الطاقة بين الولايات المتحدة وأنجولا في عام 2024 والذي يركز على إمدادات الطاقة الآمنة والمستقرة وتعميق العلاقات التجارية مع تعزيز أهدافنا المناخية المشتركة كما هنأ الرئيس بايدن الرئيس لورينسو على توقيع أنجولا على اتفاقيات أرتميس التي تعزز رؤية مشتركة لاستكشاف الفضاء لصالح البشرية جمعاء وعلى الانضمام إلى الشراكة من أجل التعاون الأطلسي وأخيرا قرر الزعيمان التصدي بشكل مشترك للتحديات العالمية بما في ذلك الحرب الروسية في أوكرانيا والصراع في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية وأكدا الاجتماع من جديد التقدم الكبير الذي تم إحرازه في علاقتنا الدبلوماسية التي استمرت 30 عامًا وجسد التزام الرئيس تجاه أفريقيا على النحو المبين في قمة القادة الأمريكيين الأفريقيين العام الماضي”  .

– نشرت وكالة الأنباء الأنجولية ANGOP في فبراير 2024 أن ممر لوبيتو طريق تجاري بديل للاستيراد والتصدير بين حزام النحاس الأفريقي وساحل أنجولا الأطلسي سرعان ما أصبح أحد أهم الممرات في تدفق الخامات والمنتجات الأفريقية وسيتم تشغيل الممرمن قبل اتحاد سكك حديد لوبيتو أتلانتيك المكون من شركات ترافيجورا وموتا- إنجيل وفيكتوريس  والذي حصل في عام 2022 على امتياز لمدة 30 عامًا لتشغيل وإدارة وصيانة ممر لوبيتو ومحطة التعدين في ميناء لوبيتو , إن الاهتمام بالمشروع هو في الأساس إهتمام أمريكي/غربي لمواجهة مصالح بكين أو على الأقل السيطرة عليها , وقد أُعــــلـن فعلاً عن ممر لوبيتو من خلال بيان مشترك بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على هامش فعالية الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII) في مجموعة العشرين في الهند في سبتمبر 2023وهو يمثل أولوية رئيسية في إطار الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII) ويتولى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قيادة الدعم المقدم لتنمية الممر بما في ذلك الاستثمارات في البنية التحتية والتدابير الناعمة لتسهيل التجارة والعبور والاستثمارات في القطاعات ذات الصلة لتعزيز النمو المستدام والشامل والاستثمارات الرأسمالية (سلاسل القيمة الزراعية والطاقة والنقل/الخدمات اللوجستية والتعليم والتدريب التقني والمهني) على طول الممر في أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا وفي أكتوبر 2023 وافقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إعلان مشترك لدعم الجهود الرامية إلى تنشيط وتعزيز ممر لوبيتو مما يساعد على سبيل المثال في العثور على مستثمرين للمشروع – الذي تقدر قيمته آنذاك بأكثر من ألف مليون دولار(حوالي مليار يورو) من قبل الحكومة الأمريكية كذلك وخلال منتدى البوابة العالمية في أكتوبر 2023 وقع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة – مع أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا والبنك الأفريقي للتنمية ومؤسسة التمويل الأفريقية – مذكرة تفاهم لتحديد الأدوار والأهداف لتوسيع الممر وسيوفر الخط عند تحديثه بالكامل طريقًا أكثر كفاءة ومنخفض الكربون إلى سوق النحاس والكوبالت والمعادن الأخرى ذات الأهمية الحاسمة لتحول الطاقة وسيعمل بطريقة مفتوحة تجاريًا مع السوق بأكملها  وفي الوقت الحالي يتم نقل الخامات بالشاحنات إلى ميناء ديربان بجنوب إفريقيا في رحلات يمكن أن تستغرق عدة أيام بسبب ازدحام الطرق ومن ديربان يسافرون بالسفن إلى وجهات أخرى وخاصة الموانئ الصينية  .

– أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في 19 أبريل2024 أن مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية  USAID سامانثا باور ومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الإدارة ريتشارد فيرما، سيزوران أنجولا الأسبوع المقبل وأوضح مكتب USAID في أنجولا أن هذه الزيارةالتي ستقوم بها سامانثا باور وريتشارد فيرما في الفترة ما بين 23 و25 أبريل 2024 ركزت على استثمارات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الوقاية من الملاريا (التي كانت وفقًا لـحزب MPLA الحاكم على وشك الانقراض لأكثر من عشر سنوات) وعلى مشروع Lobito Corridor وأن الهدف من الزيارة هو “إعادة تأكيد التزام حكومة الولايات المتحدة بدعم (…) الأمن والحكم الرشيد في أنجولا كما أشارت  مذكرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية  إلي أنه “خلال هذه الزيارة سيجتمع المسؤول مع قادة الحكومة وأعضاءها والمجتمع المدني والمديرين التنفيذيين للشركات في لواندا” , وبالفعل ففي لقاءهما بالرئيس الأنجولي جواو لورنسو قضايا ناقش الوفد الأمريكي موضوعات : تغير المناخ والأمن الغذائي وكذلك مشروع لوبيتو كوريدور على وجه التحديد وفي فترة  هذه الزيارة أيضاً تم تسليط الضوء على استثمارات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الوقاية من الملاريا خلال زيارة إلى المعهد الوطني للبحوث الصحية في أنجولا الشريك الرئيسي في المبادرة الرئاسية لمكافحة الملاريا”وسيسافر مدير USAID أيضًا إلى مقاطعة بنجويلا في أنجولا لتعزيز الدعم الأمريكي لممر لوبيتو وهو مشروع ذو أولوية للشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (المشروع يحقق بصفة أولية المصالح الأمريكية أما ما سيتحقق من منافع لأنجولا فسيتحقق بصفة عرضية أو كما يُقتال ( By- Productالذي سيربط جمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا بالشبكات الإقليمية والعالمية والأسواق التجارية عبر ميناء لوبيتو”وقالت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في البيان : إن سامانثا باور ستغتنم الفرصة للقاء المزارعين الأنجوليين والشركاء الحكوميين ربما خلافًا للتعليمات التي فرضتها الحركة الشعبية لتحرير أنجولا فإنه ينصح المزارعين بزراعة الكرنب مع جذوره وهي الإستراتيجية التي أعطت نتائج جيدة في الولايات المتحدة .

– جاءت زيارة هذين المسؤولين من أمريكا الشمالية بعد ثلاثة أشهر من حضور رئيس الدبلوماسية الأمريكية في لواندا الذي صرح خلالها أن العلاقة بين البلدين أصبحت الآن “أقوى وأكثر أهمية”في أي مستوى آخر من العلاقات خلال الثلاثين سنة الماضية”( منذ عام 2002 حتي 2005 بلغت قيمة أنشطة USAID في أنجولا أكثر من 400 مليون دولار) وخلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي لأنجولا سلم العديد من زعماء المعارضة الأنجولية رسالة إلى سفارة الولايات المتحدة في لواندا موجهة إلى وزير الخارجية الأمريكي يطلبون منه الضغط على الرئيس الأنجولي الجنرال جواو لورنسو لإجراء الانتخابات المحلية قبل عام 2027 والتي كان قد وعد بالفعل بإجرائها في عام 2020وطلب الموقعون على الرسالة من أنتوني بلينكن دعم دولة ديمقراطية تقوم على سيادة القانون في أنجولا والضغط على  الرئيس الأنجولي لإجراء أول انتخابات محلية في البلاد “الدولة الكبيرة الوحيدة في المنطقة التي لا يوجد فيها قادة منتخبون” على المستوى المحلي”وتفكيك المؤسسات الحزبية والسماح لجميع الفاعلين السياسيين بالوصول إلى وسائل الإعلام العامة  .

– لفرط الإهتمام الأمريكي بممر Lobito Corridorأُعلن في يونيو2024أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ستطلق برنامجاً إقليمياً يشمل أنجولا تبلغ قيمته حوالي 10 ملايين دولار (9.3 مليون يورو) لتعزيز الأنظمة التمثيلية المتعددة الأحزاب وذكرت سفارة الولايات المتحدة في أنجولا وساو تومي وبرينسيبي في بيان لها أن برنامج دعم الأحزاب السياسية من أجل ديمقراطية مرنة وشاملة (POPRID) بتمويل من وكالة التنمية الدولية (USAID) سيتم إطلاقه يوم الأربعاء في لواندا وفي أنجولا وسيتم تنفيذه بالشراكة مع الحكومة والأحزاب السياسية ذات المقاعد البرلمانية وسيتم تنفيذ البرنامج ذو الطبيعة الإقليمية مع منظمة Democracy Works Foundation (DWF) ويهدف إلى “دعم تطوير الأحزاب السياسية الديمقراطية التي تستجيب لاحتياجات المواطنين وتكون قادرة على تطوير سياسات فعالة في أنجولا وبوتسوانا إيسواتيني وليسوتو وملاوي وناميبيا وجنوب أفريقيا”وسيتم تنفيذ عملية الإطلاق من قبل الوزير المستشار في سفارة الولايات المتحدة في أنجولا وساو تومي وبرينسيبي ميا أرنولد وقادة السلطة التنفيذية الأنجولية وممثلي الأحزاب السياسية الأنجولية   .

–  لأن مسالة ممر لوبيتو تمثل قضية إستراتيجية أمريكية/ أوروبية ترتبط بجلب المعادن الحرجة من موطنها بحزام النحاس الكونجولي وكذا المعادن الحرجة مثل الكوبالت من شرق الكونجو والحديد من أنجولا ومعادن زامبيا عبر ممر لوبيتو الذي سيوفروقت كاف لتسريع دورتي إنتاج وتسويق السلع الصناعية النهائيةUltimate Products  وبالتالي فهي قضية صدرت بشأنها تعليمات من الخارجية الأمريكية والخارجيات الأوربية مفادها إيلاء مسألة ممر لوبيتو الإهتمام المركزي للسفارات الأمريكية والأوروبية في أنجولا لهذ إختتم دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في 3أبريل2025 زيارة إستغرقت 3 أيام إلى “ممر لوبيتو” في مقاطعة بنجيلا الأنجولية وفي شرحه للصحفيين لهذه الزيارة قال ممثل الاتحاد الأوروبي في أنجولا روزاريو بينتو بايس أن زيارة السفراء للمشروع كانت لتحديد إمكانات الاستثمارات على طول ممر لوبيتو وأشار الدبلوماسي الأوروبي إلى أن “الاتحاد الأوروبي وقع في 18 أكتوبر 2023 مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة وزامبيا وأنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وبنك البنك الأفريقي للتنمية لتطوير هذا الممر كممر استراتيجي مستدام وليس فقط كممر للنقل وبنية تحتية ولكن كممر اقتصادي” وأضاف قوله :”إنه مع الأخذ في الاعتبار إمكانات المشروع فإن الاتحاد الأوروبي يوجه حوالي 600 مليون يورو لتطوير المشروع لذلك يمكننا أن نرى اليوم بالضبط إمكانات جميع المشاريع التي سنحاول تطويرها في ممر لوبيتو ويرصد الاتحاد الأوروبي 600 مليون يورو مقسمة بين الدول الثلاثة (أنجولا/ زامبيا/ الكونجو الديموقراطية) وفي الوقت الحالي يوجد لدي أنجولا 173 مليون يورو للممر ” .

(4) الإهـتــمـــام الأمـــريكي/ الأوربي بالشركات الــعــاملة في الدول الواقع فيها ممر LOBITO :

– نشرتAFRICA INTEELIGENCE  في 6 سبتمبر 2022 أن شركة Trafigura وهي شركة متعددة الجنسيات تأسست عام1993 للإتجار في السلع الأساسية كالمعادن والطاقة بصفة خاصة واللوجستيات ومقرها في سنغافورة ولها فروع إقليمية رئيسية في هيوستن وجنيف ومنتفيديوومومباي إستطاعت من خلال كونسورتيوم الفوز بمناقصة إدارة الجزء الأنجولي من سكك حديد التعدين المعروفة بأسم ” سكك حديد بنجيلا”، وقد أجرت بشأن ذلك محادثات في كينشاسا مع المؤسسة الوطنية للسكك الحديدية الكونجولية وشركات التعدين المعنية بتعدين النحاس في Kolwezi عاصمة مقاطعة  Lualaba( وهي مقاطعة أجتُزأت عام 2015من مقاطعة Katanga الغنية بالمعادن خاصة النحاس) ووفقاً للإتفاق -القابل للتمديد لمدة 20 عامًا –  فإن الكونسورتيوم سيكون مسؤولاً عن تشغيل وإدارة وصيانة البنية التحتية للسكك الحديدية وعربات السكك الحديدية من ميناء لوبيتو الأنجولي إلى الحدود بين أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية تتضمن الاتفاقية التي تم الإعلان عنها في الربع الأخير من عام 2022 استثمارات إجمالية قدرها 450 مليون دولار بما في ذلك 166 مليون دولار في ترقية البنية التحتية و 70 مليون دولار في معدات السكك الحديدية , وسيوفر ممر لوبيتو طريقًا استراتيجيًا بديلاً لأسواق التصدير لكل من زامبيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية والتي تعتمد حتي اليوم بشكل كبير على النقل البري لتصدير المعادن

– أشارت نشرة AFRICA INTEELIGENCE في 2مارس 2022 أن شركة Trafigura قام مسؤليها بالتوجه إلي مدينة لوبومباشي بجمهورية الكونجو الديموقراطية لمحاولة إنقاذ شراكة Gécamines لتعدين النحاس و الكوبالت وهناك جرت محادثات مع الإدارة الجديدة لشركة Gécamines وتوقعت شركة Trafigura إقناع شركة التعدين المملوكة للدولة الكونجولية بمواصلة شراكتها في مجال تعدين  الكوبالت , كما نشرت AFRICA INTEELIGENCE في 12 مايو 2022 أن شركة Trafigura تلعب دورًا في اللحاق بالركب على الكوبالت والنحاس بصفقتين تبلغ قيمتهما مليار دولار  فقد وقعت سرًا على صفقة تمويل بقيمة 400 مليون دولار مع شركة Chengtun الصينية التي استحوذت على مناجم Nzuri Copper  ومن المقرر أن تضع شركة Trafigura اللمسات الأخيرة على صفقة مع Chemaf تم الإعلان عنها لأول مرة في أواخر يناير2022 , وكانت نشرة AFRICA INTEELIGENCE قد أشارت في 3 نوفمبر 2021أن شركاء Sceplum Gécamines و Trafigura و Pact بشأن تعدين الكوبالت على نطاق صغير وأن خبراء التعدين في جمهورية الكونجو الديمقراطية في Sceplum  يقومون علي ذلك بتمويل من رجل الأعمال جاد كوهين الشريك الرابع في المشروع الذي تديره الدولة الكونجولية لإضفاء الطابع الرسمي على تعدين الكوبالت الحرفي في البلاد .

– دعت مجموعة المجتمع المدني  The Collectif في يوليو 2023حكومة جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى تجريد Trafigura من صفقة الكوبالت وإلغاء اتفاقية الكوبالت المثير للجدل مع شركة Trafigura عملاق السلع العالمية , وأشارت  The Collectif  في بيانها بهذا الصدد : إن “مجموعة مواطنو الحركات وقادة منظمات الشباب والنساء الشباب” وهي جمعية تعاونية تضم 33 مجموعة مجتمع مدني مقرها جمهورية الكونجو الديمقراطية تدين هذا الإتفاق , وكتبت جماعة Collectif إلى رئيس الوزراء جان ميشيل سما لوكوندي بشأن مزاعم بأن صفقة Trafigura انتهكت قوانين صارمة تهدف إلى منع الفساد والرشوة , وأن منظمة  Collectif  تدعوحكومة جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى اتخاذ إجراءات بشأن ما وصفه النشطاء بأنه “انتهاك لقواعد المنافسة المصممة لمنع الفساد والرشوة في جمهورية الكونجو الديمقراطية” , هذا الإتفاق وقعته Trafigura في نوفمبر 2020 ، وقعته مع (Entreprise Generale du Cobalt (EGC) ، وهي شركة تابعة لشركة التعدين التي تسيطر عليها الدولة Gecamines ، لتسويق الكوبالت المنتج من مناطق التعدين الحرفي ووفقًا لشروط الصفقة  ستكون شركة Trafigura قادرة على شراء 50٪ من إنتاج الكوبالت الحرفي في البلاد على مدى خمس سنوات وستوفر شركة Trafigura التمويل لتمويل إنشاء مناطق التعدين الحرفي ، وتركيب محطات شراء الخامات والتكاليف المتعلقة بتسليم الكوبالت الذي تحصل عليه وتعتقد منظمة Collectif أن منح هذا العقد لشركة Trafigura خالف قوانين المنافسة الكونغولية الصارمة ففيفي رسالة مفتوحة قالت هذه المنظمة : “تمت الصفقة سراً  ونتيجة لذلك تم تجاوز المادة 17 من القانون رقم 10/010 du 27 avril 2010 الذي ينص على أن” العقود العامة تُمنح بدعوة  كما لم يكن هناك أي عطاء وبالتالي مُنحت شركة Trafigura العقد بشكل غير قانوني  , و”نخشى أن تضر شراكة EGC مع Trafigura بالمكانة الدولية لبلدنا والأهم من ذلك أن تلحق الضرر بـ 200000 من عمال المناجم الحرفيين الكونجوليين الذين يمثل عملهم شريان الحياة لاقتصاد هذا البلد” , وقالت المنظمة أيضًا إن التفاصيل الكاملة لاتفاقية EGC-Trafigura لم يتم نشرها على النحو المطلوب بموجب قوانين جمهورية الكونجو الديمقراطية والاتفاقيات الدولية بشأن الشفافية التي وقعت عليها جمهورية الكونجو الديمقراطية , وأوضحت المنظمة في رسالتها إلى رئيس الوزراء: “إن الافتقار إلى الشفافية مقلق بالنسبة لمشروع رفيع المستوى كهذا” , كما أثارت جماعة “Collectif” مخاوف بشأن تشويه سمعة Trafigura في جميع أنحاء العالم والتي قالت إنه ينبغي استبعادها من العقود الحكومية وأضافت منظمة Collectif: “إن لدينا أيضًا مخاوف أخلاقية جدية فيما يتعلق بشركة Trafigura وتخضع الشركة حاليًا لتحقيق رسمي بشأن الفساد في البرازيل وقد تم ربطها بالفساد في العديد من البلدان بما في ذلك فنزويلا وجامايكا وأنجولا وزيمبابوي وجمهورية الكونجو وجنوب السودان وتساءلت المنظمة فقالت : “لماذا قفزت حكومة جمهورية الكونجو الديمقراطية مع شركة Trafiguraالتي تلطخت سمعتها بشدة؟ من الضروري أن تختار شركة EGC شريكًا مناسبًا ويجب أن يؤدي سجل Trafigura المؤسف والمعايير المحزنة إلى استبعادها من أن تكون هذا الشريك ” وتأتي رسالة التحذير تلك بعد أن كشفت هيئة الرقابة الحكومية لمكافحة الفساد أن شركة Gecamines قد أشرفت على سلسلة من المخالفات التي أدت إلى خسارة 400 مليون دولار كما انتقدت المفتشية العامة للشؤون المالية في جمهورية الكونجو الديمقراطية أو IGF شروط صفقة Gecamines مع أكبر عمال المناجم في العالم ونصحت الحكومة بوقف أي صفقات جديدة لأصول الشركة وتأتي مطالبات منظمات المجتمع المدني للحكومة بإلغاء العقد أيضًا بعد اتخاذ قرار مماثل بشأن محطة نزيلو2لتوليد الطاقة الكهرومائية ففي هذه الحالة ألغت وكالة تنظيم المسيرات العمومية (ARMP) قرارًا وزاريًا بمنح العقد لشركة Lualaba Power وفي حكمها وجدت الهيئة التنظيمية أن وزارة الموارد المائية والكهرباء لم تمتثل لشرط إحالة عملية المناقصة إلى ARMP .

– قدمت لجنة تقييم العطاءات تقريرها في أبريل 2023 يتصدره الكونسورتيوم الأوروبي بقيادة المجموعة السويسرية Trafigura الرائدة عالميا في تجارة المواد الخام متقدما على الشركات الصينية وتم الانتهاء من الكونسورتيوم الأوروبي من قبل عملاق صناعة البناء البرتغالية Mota-Engil والشركة البلجيكية Vecturis , وقد واجه الثلاثي الأوروبي كونسورتيوم مكون من ثلاثة عمالقة صينيين فازوا بعدد من العقود في أنجولا على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية: سيتيك (مؤسسة الثقة والاستثمار الدولية الصينية) مجموعة السكك الحديدية الصينية عملاق البناء الصيني و Sinotrans وهي مجموعة لوجستية رائدة و بدا الأمر صعباً فهه نفس الصينيين الذين أعادوا بناء خط السكك الحديدية الذي دمرته الحرب الأهلية وحصلوا على الامتياز (لم يُوقع بعد) لإدارة ميناء لوبيتو التجاري , ووفقا للمادة 63 من قانون المشتريات العامة  فقد تم إطلاق الدعوة لتقديم العطاءات في 8 سبتمبر 2021 وهي دعوة تتعلق بالامتياز لمدة ثلاثين عاما ويعكس هذا العقد طموحًا اقتصاديًا ذا أهمية أساسية لأنجولا فهي تهدف أولاً وقبل كل شيء إلى تعظيم الإمكانات التي يمثلها تصدير المعادن من كاتانجا الكونجولية وزامبيا وتتمثل الخطوة التالية في تعزيز تنمية المجتمعات المحلية (حوالي 6 ملايين شخص) المنتشرة على طول 1344 كيلومترًا من الممر والذي يعبر 35٪ من الأراضي الزراعية في اأنجولا , وربما لن تستفيد السكك الحديدية الأنجولية من الامتدادات إلى جمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا  بسبب نقص الاستثمار في هذين البلدين , لكن ذلك الوضع سيكون على المدى القصير جدًا  إذ يمكن تصدير 25.000 إلى 30.000 طن من النحاس والكوبالت والليثيوم والمنجنيز شهريًا عن طريق الشاحنات ثم تحميلها على القطارات المتجهة إلى ميناء لوبيتو المفتوح على المحيط الأطلسي وبالتالي يمكن إكمال الرحلة إلي  كولويزي بالكونجو – لوبيتو ، التي يبلغ طولها حوالي 1800 كيلومتر في 7 أيام  بينما هناك حاجة إلى 16 رحلة عبر دار السلام في تنزانيا (2587 كيلومترًا) و 13 عبر بيرا في موزمبيق (2945 كيلومترًا) و 10 عبر جنوب إفريقيا ميناء ديربان (3549 كم)  .

– شركة Trafigura متعددة الجنسيات وغيرها من الشركات مُتعددة الجنسية لا تستهدف مُطلقاً المصالح الحيوية أو التي تُعزز الأمن القومي لهذا البلد أو ذاك وإنما مصالح التحالفات الإقتصادية الغربية وعلي وجه التعيين تلك المُحققة للمصالح الأمريكية وتأكيداً لذلك أن الولايات المتحدة وشركة  Trafiguraالمُتعددة الجنسيات متفقتان وداعمتان لممر لوبيتو علي المحيط الأطلسي الذي سيربط أنجولا بمواطن المعادن في جنوب شرقي الكونجو الديموقراطية فهذه الشركة في إطار كونسورتيوم فازت بمناقصة إدارة الجزء الأنجولي من سكك حديد التعدين المعروفة بأسم ” سكك حديد بنجيلا” وهذا الكونسورتيوم دعمته فوراً الولايات المتحدة حين أعلنت مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية أنها تُراجع مبلغ 250 مليون دولار لتمويل ممر لوبيتو الأطلسي المُشار إليه أو(Lobito Atlantic Railway Corridor)  للسكك الحديدية بين أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية (حتي يونيو2025 لم يتم بعد صرف تمويل DFCحوالي 250 مليون دولار المُعادل لحوالي 230 مليون يورو) تم الإعلان عنه في فبراير 2024، بالإضافة إلى 553 مليون دولار (حوالي 509 ملايين يورو) المخطط لتحديث السكك الحديدية والميناء )وهذا التضافر في التعاون علي تحقيق ممر لوبيتو الأطلسي يُظهر أن تحركات الشركات مُتعددة الجنسات في العالم وخصوصاً العالم الثالث غايته تحقيق المصالح العُليا للولايات المتحدة أولاً ثم حلفاءها في منظمة حلف شمال الأطلسي NATO  .

إلي أن تؤدي أو لا تؤدي الجهود الأمريكية المختلفة إلي التحقيق الفعلي لممر لوبيتو فلا يزال النفط هو الذي يهيمن على الوجود الأمريكي في أنجولا فشركة شيفرون الامريكية تتواجد في كابيندا منذ عام 1954 من خلال شركتها الفرعية CABGOC (شركة كابيندا الخليج للنفط ) التي تعمل في مجال التنقيب عن النفط الخام وإنتاجه كذلك تحتفظ إكسون موبيل (Esso) أيضا بحضور قوي في القطاع البترولي   Block 15 وقد أعلنت عن استثمارات جديدة يمكن أن تصل إلى 15 مليار دولار (حوالي 13.8 مليار يورو) بحلول عام 2030 وفي عام 2013 بدأت شركة أنجولا للغاز الطبيعي المسال –   وهي كونسورتيوم تقوده شركة شيفرون عملياتها في Soya لإنتاج الغاز الطبيعي المسال بطاقة 5.2 مليون طن سنويا وفي قطاع الطاقة أيضا تحتفظ شركة هاليبرتون وغيرها من مقدمي خدمات النفط والغاز بحضور نشط في السوق الأنجولية  .

(5) مـــمـــر Lobito Corridor

– ممر لوبيتو عبارة عن مشروعات بنية تحتية مُترابطة ومُتكاملة للسكك الحديدية التي تعبر أنجولا لأكثر من 1300 كيلومتر وتربط ميناء لوبيتو (علي لساحل المحيط الأطلنطي في مواجهة الساحل الشرقي للولايات المتحدة) بالحدود مع جمهورية الكونجو الديمقراطية لنقل إنتاج المعادن الحيوية من منطقة الحزام النحاسي بجمهورية الكونجو الديمقراطية بكولويزي إلي المجمعات الصناعية في الولايات المتحدة وأوروبا وممر Lobito Corridor  ممر من السكك الحديدية وهو يُعتبرحتي الآن منافس لمبادرة الحزام والطريق الصينية التي طرحها  الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 وتمتد عبر ثلاث قارات: آسيا وأوروبا وأفريقيا وكلا المسارين المُتنافسين هدفهما الرئيسي نــقــل نقل المعادن الحيوية والمنتجات الزراعية من الداخل الأفريقي لمواطن التصنيع والإنتاج في الصين أو الولايات المُتحدة وأوروبا  .

مبادرة الحزام والطريق أعلي طوحاً وأكثر شمولاً من ممر الهند / الشرق الأوسط/أوروبا IMEC وممر لوبيتو Lobito Corridor معاً فمبادرة الحزام والطريق الصينية تتضمن : (1) طريق بري وحزام بحري الطريق البري يشمل 6 ممرات هي الجسر البري الأورو آسيوي الجديد /ممر الصين  منغوليا – روسيا / ممر الصين- آسيا الوسطى – آسيا الغربية / ممر الصين- شبه جزيرة الهند الصينية / ممر الصين- باكستان، ممر بنجلادش- الصين – الهند – ماينمار (2) الطريق البحري يشمل ممرين: الأول يبدأ من موانئ الصين الجنوبية نحو المحيط الهندي مروراً بمضيق ملقا والهند ماراً ببحر العرب وصولاً إلى البحر الأحمر ثم البحر المتوسط عبر قناة السويس الثاني يربط موانئ الصين الجنوبية بجنوب المحيط الهادي وبالإضافة إلى الطريق البري والطريق البحري هناك الطريق الرقمي وذلك لتتوسع المبادرة لتشمل كابلات ضوئية وشبكات اتصالات ولتعزيز التجارة الالكترونية بين الصين والدول الأعضاء في المبادرة .

– في 4 يوليو 2023 حصلت شركة Lobito Atlantic Railway على امتياز لمدة 30 عاما لتقديم خدمات السكك الحديدية بشرط أن تستثمر 455 مليون دولار في أن أنجولا و 100 مليون دولار في جمهورية الكونجو الديمقراطية وشركة Lobito Atlantic Railway هي مشروع مشترك يضم Trafigura التي سبقت الإشارة إليها و Moto-Engil و Vecturis SA البلجيكية , قرب نهاية  2023 اتخذت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي تدابير مهمة لدعم تقدم ممر لوبيتو في و 9 سبتمبر 2023 أصدرت الحكومات (الولايات المتحدة وأوروبا) بيانا مشتركا أعلنت فيه عن دعمها للممر وأنه سيتم تكليف دراسة جدوى لخط السكك الحديدية الجديد لاستكشاف إنشاء خط سكة حديد جديد من أنجولا عبر منطقة كوبربيلت في زامبيا وكان من المتوقع أن تبدأ دراسة الجدوى بحلول نهاية عام 2023 لتستغرق ستة أشهر حتى تكتمل ومن المقرر أن ينتهي مشروع تمديد السكك الحديدية عبر زامبيا في غضون خمس سنوات بحلول عام 2029 , وفي 26 أكتوبر 2023 وقع مندوبون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبنك التنمية الأفريقي ومؤسسة التمويل الأفريقية مذكرة تفاهم لتمديد ممر لوبيتو حيث اتفق الطرفان على التعاون في إطار الرؤية المشتركة ويأتي ذلك على خلفية توقيع حكومات أنجولا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وزامبيا مذكرة تفاهم فيما بينهم في يناير2023 للتعاون ومواءمة اللوائح ذات الصلة وذكر مصرف التنمية الأفريقي أن هناك حاجة إلى 1.6 بليون دولار لجميع الأعمال المتوخاة وأنه مستعد للمساهمة بمبلغ 500 دولار بنفسه وقيادة عملية جمع الباقي , ومن الواضح بتتبع تواريخ الإجتماعات ومذكرات التفاهم والإتفاقات المتعلقة بممر لوبيتو مدي الحماس الكبير لدي الأمريكيين وسرعة تدبير التمويل من البنوك الدولية وسرعة إستجابة الحكومات الأفريقية الثلاث المعنية بممر لوبيتو وهي أنجولا والكونجو الديموقراطية وزامبيا ذلك أن هذه الدول الثلاث لديها المخزون الأكبر من المعادن التقليدية والحرجة الضرورية للصناعات الُمدرة فالثروة المعدنية على طول ممر لوبيتو هائلة وتمر عبر أكثر الرواسب المعدنية كثافة في منطقة كاتانجا في جمهورية الكونجو الديمقراطية والحزام النحاسي في زامبيا كما أن أنجولا كما أشرت غنية باحتياطياتها النفطية الهائلة كما أنها تمتلك أيضا 26 من أصل 51 معدنا مهما في العالم بما في ذلك الكروم والكوبالت والجرافيت والرصاص والليثيوم والنيكل ونظرا لأن ميناء ممر لوبيتو يقع على المحيط الأطلسي وفي مواجهة الساحل الشرقي للولايات المتحدة فإنه يوفر وصولا مباشراً لمجمع الصناعة الأمريكي وكذلك للمشترين في أوروبا والأمريكتين  .

– أعلنت الولايات المتحدة أواخر شهر أغسطس 2024 استعدادها توسيع مشروع السكة الحديدية الخاص بممر لوبيتو الذي ينطلق من أنجولا إلى زامبيا مرورا بالكونجو الديمقراطية انتهاء بتنزانيا ليتجدد النقاش حول حرب الممرات التجارية في القارة الإفريقية بين القوى الكبرى ويرمي مشروع التوسعة الذي يعد أكبر استثمار أمريكي في البنية التحية في إفريقيا بدعم يقدر بـ250 مليون دولار وتمويل إضافي من حلفائها الأوروبيين ويرتقب الانتهاء منه بحلول 2029 تحويل ممر لوبيتو إلى حزام يربط طرفي القارة من أنجولا غربا في المحيط الأطلسي حتى تنزانيا شرقا في المحيط الهندي تاريخيا شيد الممر الممتد لمسافة تبلغ 1800 كلم في عمق إفريقيا عام 1902 على يد البريطانيين بإقامتهم خط سكة حديد يمتد لأكثر من 1300 كلم في أنجولا من مقاطعة بنجويلا إلى مقاطعة موكسيج وداخل الأراضي الكونجولية بطول 400 كلم نحو مدينة التعدين كولويزي ثم بنحو 100 كلم أخرى وصولا إلى حزام النحاس في زامبيا عزم واشنطن إحياء ممر لوبيتو الذي كان ولعقود من الزمن الشريان الحيوي للنقل بالمنطقة حتى توقفه عن العمل في سبعينيات القرن الماضي بسبب الحرب الأهلية في أنجولا عائد إلى الأهمية الإستراتيجية للممر الذي يبقى أقصر الطرق، بالنسبة لواشنطن وحلفائها لبلوغ المعادن النادرة والحرجة في إفريقيا وفضلا عن كونه أداة من أدوات القوة الناعمة الأمريكية في القارة التي تعمل على محاكاة النهج الصيني في إفريقيا كما تعد كذلك الرد الأمريكي المتأخر نسبيا على إستراتيجية الحزام والطريق الصيني لعام 2013 الذي يطمح إلى تطويق النفوذ الصيني بالقارة السمراء ولا يمكن فصل التحرك الأمريكي بأعماق إفريقيا عن سعي الصناعات الأمريكية إلى الحصول على المعادن الإستراتيجية والحيوية في القارة مثل: الكوبالت والنيكل والليثيوم والنحاس والألمنيوم والمنجنيز التي تبقى ضرورية في الصناعات التي تعتمد على التكنولوجيا المكثفة ولا يمكن فصلها كذلك عن توقعات وكالة الطاقة الدولية بخصوص زيادة الطلب على النيكل والكوبالت بمقدار 20 مرة بين 2020 و 2040 (ينتج شرق الكونجو الديموقراطية 120ألف طن متري – أي حوالي ثلثي الإمدادات العالمية كل عام – ويستخرج عمال مناجم الكوبالت الحرفيين حوالي 15٪ من إجمالي الكوبالت) وعلى الليثيوم بأكثر من 40 مرة خلال نفس الفترة ما سلط الأضواء بقوة على ممر لوبيتو باعتباره طريقا عابرا لأحزمة المعادن الإستراتيجية في القارة كما لا يمكن فصلها عن تراجع قدرات الصين التنافسية في إفريقيا بسبب التباطؤ الاقتصادي وتزايد أخطار الديون بعدد من الدول ناهيك عن التحديات الاقتصادية الداخلية ما قلص الاستثمار المرتبط بمبادرة الحزام والطريق إلى 70 مليار دولار في 2022 كل ذلك دفع واشنطن للتحرك للعمل على توسعة ممر لوبيتو نحو تنزانيا بشرق القارة تفاديا لأخطار الاقتصار على منفذ أو معبر واحد لا سميا أن الأمر يتعلق بنقل موارد إستراتيجية بالنسبة للدول الكبرى حيث ستصبح موانئ تنزانيا بالمحيط الهندي بوابة جديدة إلى جانب ميناء لوبيتو الأنجولي بالمحيط الأطلسي.

يروج الأمريكيين أنه يُتوقع أن يسهم تمدد هذا الممر في تحسين فرص التصدير بالنسبة لعدد من دول وسط إفريقيا خصوصا منها الحبيسة “غير الساحلية”بضمان الربط السريع لحزام الكوبالت في الكونجو وحزام النحاس في زامبيا وبقية المعادن والموارد الطبيعية بالأسواق العالمية بسرعة ويسر في اتساق مع أجندة الاتحاد الإفريقي الرامية إلى تسهيل التجارة داخل القارة ومع بقية دول العالم  .

– ممر لوبيتو كما أشرت يقع في قلب حرب جيو سياسية / إقتصادية بين الولايات المتحدة والصين ومن الواضح أن الولايات المتحدة قضت علي أمـتل الصين الشعبية في ربط مبادرة الحزام والطريق ببمثلث لوبيتو / كابوي / كاتنجا ويؤكد  ذلك إضافة لماسبقت الإشارة إليه في موضعه من هذه الدراسة تلك المقابلة التي أجرتها وكالة أنباء البرتغال “لــوســا” مع وزيرة المالية الأنجولية فيرا ديفيزعلى هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العاصمة الأمريكية في 25 أبريل 2025 والتي أهم ما قالته الوزيرة الأنجولية فيها : أنها شاهدت تصريحات ومنشورات عامة على شبكات التواصل الاجتماعي من قبل الإدارة الأمريكية تؤكد التزامها ورؤيتها التجارية فيما يتعلق بممر لوبيتو وهذا كان واضحا في الاجتماعات التي عقدتها هذا الأسبوع في واشنطن ورفضت الوزيرة الشعور ببعد الرئيس ترامب عن القارة الأفريقية قائلة على الأقل فيما يتعلق بهذه المبادرة (ممر لوبيتو) تلقينا علامات على ذلك خلال الاجتماعات التي عقدناها وأنا لا أتحدث فقط عن المنشورات بل أتحدث عن كلمات والأشخاص الذين التقيت بهم والذين كانوا حاضرين في بعض اجتماعات المائدة المستديرة التي شاركت فيها لذلك أعتقد أن الالتزام السياسي مستمر وقالت الوزيرة إنها شاركت في العديد من اجتماعات المائدة المستديرة حول ممر لوبيتو وإمكانياته وشعرت أيضا أن “الاهتمام الأوروبي لا يزال حيا” حول هذا المشروع سواء من الاتحاد الأوروبي أو من الدول على الصعيد الثنائي فإيطاليا واحدة من الدول التي ذكرت صراحة التزامها السياسي بالممروأكدت الوزيرة انها “نشعر أيضا بإشارات إيجابية من الولايات المتحدة مما يعني أنه لا يزال هناك اهتمام بالممر وأوأضحت “نحن ندعو إلى نهج عدم التركيز بشكل طبيعي فقط على خط السكك الحديدية ونقل المعادن ولكن قبل كل شيء تحويل تلك المنطقة بأكملها إلى مركز اقتصادي والاستفادة من الإمكانات المتعلقة بالزراعة والسياحة والصناعة ” .

– في مايو 2023 وقعت المفوضية الأوروبية اتفاقية تعاون مع الدول الثلاثة (أنجولا وزامبيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية) للمساعدة في الاستثمار وتطوير ممر لوبيتوالذي يربط كابوي في زامبيا بلوبيتو أنجولا باكاتنجا في لكونجو الديموقراطية  .

– لا يقل الأوروبيين حماساً عن الأمريكيين في التطلع لتنفيذ مشروع ممر لوبيتو ففي 25 يونيو2025 سلطت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الضوء على أهمية الشراكة القائمة بين أوروبا وأفريقيا، مشيرة إلى ممر لوبيتو باعتباره “أفضل مثال” للاستثمار في البنية التحتية مؤكدة فوائده لتنمية الاقتصاد الأنجولي ونقلت المسؤولة عن لوسا قولها إن “هناك ديناميكية جديدة في الطريقة التي تعمل بها إفريقيا وأوروبا معا لأن مصالحهما أكثر انسجاما من أي وقت مضى”وبهذا المعنى اعتبر أنه من المهم “تعزيز إنتاج الطاقة النظيفة في كلتا القارتين وربط الأسواق الرقمية وبناء ممرات اقتصادية حديثة ونحن بحاجة إلى الاستثمار نرى أن دولا أخرى في جميع أنحاء العالم تخفض تمويلها ونعتقد أن هذا خطأ إن جذب استثمارات جديدة إلى إفريقيا يصب في مصلحة الجميع”.

الحماس الأمريكي / الأوروبي لـتحقيق ممر لوبيتو يقابله إعراضهما عن التعاون في تنفيذ مشروعات وطنية خـالصة:

– يظهر التناقض الأمريكي / الأوربي في المواقف من عدم إهتمهما بالمشروعات الوطنية في البلد الثلاث التي يمر فيها ممر لوبيتو Lobito Corridor وسأخذ الحالة الأنجولية لابين قدر التناقض الأمريكي الأوروبي فلأنجولا إستراتيجية هدفت إلي ربط إقليم كابيندا بأنجولا وفي هذا الإطار كان  وزير الأشغال العامة الأنجولي ورجل النظام القوي Higino Carneiro آنئذ قد إجتمع في مايو 2007 بوزير تخطيط الكونجو الديموقراطية بمدينة Soyoالأنجولية بحضور حاكم مقاطعة Zaire الأنجولية وناقشا معاً نية الحكومة الأنجولية إقامة جسر يربط مقاطعة كابيندا الأنجولية الواقعة بين الكونجوليتين بمدينة Soyo وتكهنت بعض الأوساط الدبلوماسية في لواندا بأن الصين الشعبية وراء فكرة هذا المشروع الذي من المُرجح والحالة هذه أن تنفذه أحدي المؤسسات الصينية المُتخصصة خاصة علي ضوء نهوض مؤسسات البناء الصينية الضخمة بمشروعات بناء وتشييد متعددة بأنجولا منذ نهاية الحرب الأهلية بأنجولا 1975- 2002 .

– أوردت وكالة أنباء أنجولا ANGOP من مدينة كابيندا في 23 يونيو 2007 تصريحاً بهذا المعني أدلي به Joanes Andre مدير البنية الأساسية بوزارة الأشغال العامة الأنجولية بمقره بمدينة Soyo بمقاطعة Zaire الأنجولية والذي يشغل في نفس الوقت منصب رئيس الفريق الفني الموكول إليه مشروع الربط الإستراتيجي لوصل مقاطعة كابيندا الأنجولية بأنجولا عبر الكونجو الديموقراطية وقد عُقد الإجتماع الفني الأول للجانبين الأنجولي والكونجولي في مدينة  Soyo في 23 يونيو 2007ومثل الكونجو الديموقراطية فيه Kimbemba Mazungo مستشار الرئيس الكونجولي كابيلا  فيما مثل أنجولا Joanes Andre  وتركزت أعمال الإجتماع علي مناقشة فنية للمشروع الذي أخذ مُسمي Cabinda Link والذي يتلخص في تنفيذ الربط البري بين مدينة Soyo الأنجولا القريبة من الحدود الكونجولية وبين كابيندا الواقعة بين الكونجوليتين بواسطة جسر يعبر نهر الكونجو وصولاً لكابيندا وأشار مدير البنية الأساسية الأنجولي أن المشروع تبلغ تكلفته تحت العجز والزيادة 2 مليار دولار و229 مليون و18 ألف دولار أمريكي  مُوضحاً أن الموافقة علي هذا المشروع مُتبادلة حيث إختار الجانبين البديل B للمشروع بإعتبار أنه يوفر أفضل التسهيلات وأسرع في التنفيذ كما أنه يحقق ربطاً بكابيندا مروراً ببلدة Muanda بالكونجو من نقطة إنطلاقة بمدية Soyo الأنجولية من خلال المحور النهري Banana- Soyo كما أن البديل  B يعد الأكثر أهمية وتميزاً لأنجولا بالإضافة إلي عنصر التكلفة الأقل نسبياً وأضاف أن الجانب الأنجولي إقترح أن يأخذ علي عاتقه علي هامش إنشاء المشروع أعمال تحسين الطريق الذي يربط ميناء Boma الكونجولي مُنوهاً بأن ما يزيد عن 85 كم من الطريق ما بين Muanda – Boma سيجري إعادة تأهيله في إطار ذلك المشروع وأن الوثيقة النهائية للمشروع وُقعت منذ يومان وسيتم عرضها علي المستوي الأعلي لإقرارها  أما بخصوص البدائل الثلاث الأخريA   وD  و C فخلاصة ما تتضمنته أن البديل A يتضمن إمتداداً بطول 71 كم منهم 38 كم بالكونجو الديموقراطية ويبلغ طول الجسر 17 كم أما البديل  D فالإمتداد فيه يبلغ حوالي 240 كم منهم 115 كم في الكونجو الديموقراطية أما البديل C فإمتداده يقع في 260 كم منهم 119 كم في الأراضي الكونجولية وأشار أخيراً إلي أن المشروع سيُناط تنفيذه إلي المؤسسة الصينية للطرق والكباري لتنفذه في مدي 4 سنوات.

– عقدت الحكومة الأنجولية مؤتمراً فنياً دوليا في يونيو 2007 بشأن مشروع الربط ما بين كابيندا وأنجولا مروراً بالكونجو الديموقراطية Soyo-Congo-Cabinda Transportation Link , ونتيجة لذلك تقدمت عدة شركات لتنفيذ الربط منها دار الهندسة (مملوكة لأردني ولها فرع قوي في لواندا) كذلك فقد نشرت وكالة الأنباء الأنجولية Agencia Angola Press  في 24 مايو 2007 أن  بنك Export-Import Bank الصيني يقدم قرضاً مقابل البترول الأنجولي بمبلغ 3 بليون و579 مليون دولار عام 2007 لأنجولا لتمويل عدة مشروعات للبنية الأساسية بأنجولا لكن لم يُعرف علي وجه الدقة إن كانت هذه الأموال سيُرصد جزء منها لمشروع ربط كابيندا بأنجولا أو Soyo Highway Project أو أنها مرتبطة بقرض آخر بمبلغ 2 مليار دولار قدمته الصين أيضاً ,(يبدأ الربط من مدينة  Soyoبمحافظة Zaire الأنجولية عبوراً لجمهورية الكونجو الديموقراطية وصولاً لمقاطعة كابيندا) وأشار إلي المشروع سيبدأ العمل فيه  في 25 سبتمبر 2008, وفي عام 2010 توجهت الحكومة الأنجولية لليابان طلباً لتمويل إضافي للمشروع وبالتحديد لتمويل الجسر الذي سيعبر فوق نهر الكونجو   .

متابعة لهذا التطور المُؤثر في إستراتيجية أنجولا إزاء كابيندا إلتقيت بسفير الكونجو الديموقراطية في لواندا في 14 أغسطس 2007 وتناولت هذا الموضوع في سياق حديث عن موضوعات مختلفة فأشار إلي أن هناك جدية من الجانبين بشأن هذا المشروع الإستراتيجي وأنه كان علي قائمة عدة موضوعات في مباحثات الرئيسين الأنجولي والكونجولي بمناسبة زيارة الأخير للواندا في 30 يوليو 2007 * ( أعقبها زيارة لرئيس هيئة أركان جيش الكونجو الديموقراطية علي رأس وفد من 7 من كبار العسكريين للواندا في 23 أغسطس 2007 إستمرت لأسبوع وبحث الجانبان فيها الموقف الأمني علي الحدود المشتركة وتأمين النظام الكونجولي) , لكن السفير الكونجولي كشف لي عن أن شركتي Chevron الأمريكية وTotal  الفرنسية عارضتا هذا المشروع بدعوي تعارضه مع مشروع مد خطوط أنابيب بترول عبر نهر الكونجو الفاصل بين أنجولا والكونجو الديموقراطية , وأن هذه الذريعة التي طرحتها الشركتان قُوبلت بالرفض من جانب الرئاستين الأنجولية والكونجولية وأقترحت الرئاستان مد خطوط البترول علي جانب الجسر الذي ستنفذه شركة صينية بتكلفة تُقدر بثلاثة بلايين دولار أمريكي .

– كان تقديري (عندما كنت سفيرا لمصر في أنجولا) بالنسبة لهذا المشروع عندما كان مجرد نية لدي الحكومة الأنجولية أنه سيكون لزاماً عليها تجاوز عقبات مُحتملة أهمها موقف شركات البترول الكبري العاملة في كابيندا خاصة شركة Chevron , كما كان تقديري أن حكومة كينشاسا ستوافق علي المشروع نظراً لإعتماد نظام كابيلا علي الحماية العسكرية والأمنية الأنجولية , بالرغم من أنه ووفقاً لماضي التنافسية السياسية بين كينشاسا ولواندا لم يكن من بين أهداف كينشاسا في سياستها الإقليمية إبان عهد  Mobutu تقوية لواندا بمدها بأسباب القوة في كابيندا التي تعتبر نقطة ضعف في الأمن القومي الأنجولي لأن الجسر سيتيح فرصة لأيدي العسكرية الأنجولية للوصول السهل المنتظم لداخل الإقليم بالتغلب علي العقبة اللوجيستيكية الكبري وهي عزلة الإقليم الكابيندي عن جغرافية أنجولا ومن ثم فسيعني ذلك تمدد القوة الأنجولية إلي داخل الكونجو الديموقراطية نفسها فكابيندا جيب يقع داخل أراضي الكونجوليتين .

– تحاول أنجولا دائماً التغلب علي العزلة الجغرافية لإقليم كابيندا عنها خاصة وأن لهذه العزلة تكاليف باهظة علي الخزانة العامة لأنجولا وعلي مستوي إحكام الأداء العسكري للقوات المسلحة الأنجولية وأخيراً علي القدرة علي ربط هذا الإقليم عضوياً بكل أنشطة وخطط الدولة الأنجولية مما سيؤدي – حال التغلب عليها – إلي خفض مخاطر إستمرار التوتر في الإقليم وربما علي المدي البعيد تخلي جبهة تحرير جيب كابيندا عن خيارات تقرير المصير أو الإستقلال أو الحكم الذاتي الموسع والرضي بالوضعية الخاصة للإقليم والتي تعتبر مفهوماً غائماً غير مُحدد بمعيار منضبط خاصة لأن الإقليم بالفعل وضمناً له وضعية خاصة لكن ليس لسكانه بل لشركات البترول وللقوات المسلحة الأنجولية , وعلي وجه العموم فقد بذلت حكومة أنجولا محاولات عدة منها مثلاً ما أعلنهAndre Luis Brandao وزير النقل الأنجولي في جابرون (بتسوانا) في 16 أغسطس 2005 عن مشروع إقامة خط سكك حيدية بطول 480 كم يربط لواندا بمقاطعة كابيندا , وأوضح الوزير الأنجولي أن إجتماع SADC (تجمع تنمية الجنوب الأفريقي) أقر في إجتماعه الحالي في جابرون (والذي كان الوزير يشارك فيه) هذا المشروع الذي طرحته الحكومة الأنجولية في نهاية عام 2004 بوصفه مشروعاً إقليمياً , مُوضحاً أن تكلفته تبلغ 4,1 مليار دولار وأنه سيُقام بالتكامل مع شبكة السكك الحديدية الأنجولية  (بأنجولا ثلاث خطوط سكك حديدية أهمهم خط سكك حديد بنجيلا وطوله 1,333 كم ويربط ميناء Lobito الأنجولي علي المحيط الأطلسي حتي بلدة Lulu بمقاطعة Moxico المُتاخمة للحدود الشرقية لأنجولا) وسيمتد حتي حدود كل من زامبيا والكونجو الديموقراطية ونامبيا , وبالطبع كان تقديري آنئذ أن إقرار دول SADC وعلي رأسها جنوب أفريقيا للمشروع يعني إقرار من كل هذه الدول بمبدأ وحدة الأراضي الأنجولية كما أن المشروع يتسق مع المبدأ الذي تعتنقه الحكومة الأنجولية وهو مبدأ الوطن الواحد ( أنجولا وكابيندا) وهو نفس المبدأ الذي تتبناه الصين الشعبية مع تايوان , وقد يمكن إستنباط مآل هذا المشروع مما سيلي بيانه

– أشار موقع www.express.co.uk في 28 يونيو2025 إلي مشروع لربط الكونجوليتين بواسطة جسر إفريقيا الجديد المذهل الذي تبلغ تكلفته 520 مليون جنيه إسترليني يربط بين عواصمتين ضخمتين فسيربط  هذا الجسر بينهما وتكلفة تنفيذه 520 مليون جنيه إسترليني قريبا بين أقرب عاصمتين في إفريقيا  وأوضح الموقع أن هذا الجسر سيكون إنجاز غير عادي للهندسة والدبلوماسية ومن المقرر أن تشهد إفريقيا بناء مشروع بنية تحتية تاريخي مع جسر بقيمة 520 مليون جنيه إسترليني سيربط مباشرة برازافيل وكينشاسا وبينهما يجري نهر الكونجو وهما أقرب عاصمتين على وجه الأرض بعد روما ومدينة الفاتيكان ويعرف هذا المشروع بالطرق والسكك الحديدية الذي يبلغ طوله 1,575 مترا باسم جسر برازافيل – كينشاسا ، وقد استغرق إعداده عقودا وكان قد اُقترح هذا المشروع لأول مرة في أوائل التسعينيات وتمت الموافقة عليه مرة أخرى في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وقد واجه تأخيرات متكررة بسبب التوترات السياسية والمخاوف الاقتصادية والعقبات اللوجستية لكن الزخم اكتسب وتيرة عالية في السنوات الأخيرة فقد وقعت الدولتان اتفاقية رسمية في عام 2018 والدعم المالي موجود الآن مدعوما بشكل أساسي بتعهد بقيمة 250 مليون يورو من بنك التنمية الأفريقي ويقع الجسر في موقع استراتيجي في اتجاه مجرى النهر من المدن ، وسيمتد على جزء أضيق وأكثر استقرارا من نهر الكونجو ، مما يجعل البناء أكثر جدوى وتشمل الخطة طريقا برسوم مرورية وخط سكة حديد يهدف إلى تسهيل تدفق الأشخاص والبضائع والنشاط الاقتصادي بين البلدين وفي حين ظهرت بعض المقاومة في الماضي لا سيما من جمهورية الكونجو الديمقراطية بشأن المخاوف من أن الجسر سيحول التجارة البحرية عن موانئها الرئيسية فقد عالجت المفاوضات هذه القضايا منذ ذلك الحين مع اقتراح مشاريع تنموية إضافية لدعم كلا الجانبين والجسر هو أكثر من مجرد رابط لوجستي لأنه يمثل بادرة تاريخية للتعاون الإقليمي والتكامل الاقتصادي فعند اكتماله سيقلل بشكل كبير من أوقات السفر ويعزز التجارة داخل وسط إفريقيا كما سييرمز إلى قوة الوحدة الأفريقية ومن المتوقع أن يبدأ وضع حجر الأساس في المستقبل القريب ومن المقرر الانتهاء منه في عام 2028  .

تــــقـــديـــــر مــــــوقـــــــف:

– التحرك الأمريكي فيما يتعلق بمساري النقل الدوليين IMEC و Lobito Corridor لا أقصد أنه تحرك أمريكي صـرف بشأن تنفيذ وتحقيق المسارين إنما أقصد أنه تحرك مباشر تماماً فيما يتعلق بمسار ممر Lobito Corrido وغير مباشر فيما يتعلق  بمسار IMEC فالولايات المتحدة ضالعة في ممر Lobito Corrido أما مسار IMEC فهي متحمسة له وتشجعه لأنها مهتمة بتحقيق أمرين إشعال تنافس هــنــدي / صـــيني والمحافظة علي وتيرة الصراع بينهما وتحقيق أقصي إدماج ممكن للهند في الكتلة الأطلنطية بما فيها أوروبا والأهم أن مسار IMEC يحقق ثقل لوجيستي  وسياسي للكيان الصهيوني بجعل ميناء حــيــفــا مـيـنـاء دولي وضم الكيان الصهيوني أكــثــر للـفــضاء الأوروبي المتوسطي بعدما شرخت تداعيات حــرب غـــزة جدران التعاطف الأوروبي مع الصهاينة المبني علي صورة توراتية من العهد القديم الذي شُرخ بشن الصهاينة حرب إبادة أثرت إيما تأثير علي نفوس الشعوب الأوروبية خاصة الشباب الذين مزقوا الأرث التوراتي ليعتنقوا الأرث الإنساني بكل بساطة كما أن أن ممر IMEC– لو تحقق – فسيقلل من الإعتمادية العالية علي مــيـنــاء إيلات علي البحر الأحمر الذي ثبت بتداعيات طــوفــان الأقصي أنه مُعرض. Vulnerable  .

– هــنـــاك ثــمة أمـــور وإشــارات يــُمــكــن إســتـــخـــراجــهـا من إتفاق السلام الذي وُقـع في واشنطن في 27 يونيو 2025 والذي كــان مــدعـــاة لـفـرحـــة وســـرور طــفــولي من السمسار السابق والمقاول الحالي الرئيس دونالد ترامب فالإتفاق المُشار إليه كان عملاً من أعمال المقاولات وليس عملاً دبلوماسياً رصيناً وهذا ربما ما سيكشف عنه الله تعالي وحده في المستقبل , ومن أهــم الأمور والإشارات المتعلقة بالإتفاق وما أرتبط به خاصة خـــطــة / مــشــروع مـمـر LOBITO مــا يــلــي :

– إتفاق السلام بين رواندا والكونجو الديموقراطية الموقع في 27 يونيو2025 يكرر تقرير حقيقة أصبحت راسخة بحكم السوابق المُشابهة فقد تم حل أو علي الأقل التعرض لأزمات وصراعات أفريقية عديدة بدون الحاجة للإتحاد الأفريقي أحياناً أو بعد عحز الإتحاد الأفريقي عن التدخل و/ أو الحل  غالباً أو لرفض أي من الطرفين أو هما معاً تدخل من الإتحاد الأفريقي وفي كل الحالات أصبحت هناك حقيقة سياسية كادت أن تتحول لقاعدة ثابتة وهي أن الإتحاد الأفريقي منظمة ضــعــيــفـة أو أنها منظمة مُــدارة من الخارج بفعل قوي دولية مانحة أو إقليمية(إثيوبيا دولة المقر) ومواقف الإتحاد الأفريقي نفسه فيأزمات عُرضت عليه كانت غير محيادة أو مزدوجة المعايير كأزمة تولي أبن إدريس ديبي الحكم بعد مصرع أبيه في إنقلاب دستوري واضح وعلي غير مقتضي نص الدستور الذي نص علي تولي رئيس البرلمان التشادي الحكم .

– إشراك قــطــر وإبعاد / تجاهل / أو الإستغناء عن المشورة الفرنسية و البلجيكية في ملف الكونجو برمته يثبت أن الإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب إدارة غير رشيدة تميل إلي خـلـط أسلوب العلاقات العامة(ضم قطر في مرحلة تمهيدية من مفاوضات أفضت إلي إتفاقية السلام) بأسلوب الدبلوماسية الإحترافية التي كان يجب أن تشرك دبلوماسيتين أوروبيتين علي علم وافر ولديهما ذخيرة ديبلوماسية قيمة (رغم التحفظ علي سلوك فرنسا الإستعماري حتي اليوم) إلا أنه من الموضوعية إشراكهما ولو بالمشورة لكن شــبق الولايات المتحدة لتمهيد الطريق بأي طريقة لحيازة المعادن الحرجة والتقليدية من خلال تنفيذ ممر لوبيتو صــرف الرآسة الأمريكية التي تدير الدولة الأمريكية – وكأنها مشروع الرجل الواحد – عن الرشد والموضوعية في صياغة إتفاق قفز من فوق حقائق كثيرة واقعة في شرقي الكونجو لم يستطع الإتفاق التعرض لها مباشرة من أجل حلها فجاء الإتفاق عمومي الصياغة وغير مباشر فعلي سبيل المثال فمتمردي M23 المدعومين من كيجالي وفقا لعدة تقارير لم يتم ذكرهم حتى في الاتفاقية المتعلقة برواندا والأسوأ من ذلك ففي المناقشات الموازية التي أجريت في الدوحة يبدو أن حركة 23 مارس تصنف الآن على أنها قضية “كونجولية / كونجولية” ومثل هذا الفهم المشوش يعفي بول كاجامي من أي مسؤولية مباشرة (وفقا للأمم المتحدة فإن M23 مدعومة عسكريا من رواندا رغم نفي كيجالي)  بعبارة أخرى،   فجاذبية الموارد الكونجولية وليس قيم الحق والعدل والموضوعية هي التي تحفز دونالد ترامب فقط في عملية سلام شرقي الكونجو تماما كما يفعل ترامب وديبلوماسيته المشوهة في غـــزة نفس الفجاجة وتدني منسوب القيم الأخلاقية المُتواضع عليها في المجتمعات الإنسانية الطبيعية .

– يحاول الجانب الكونجولي تعظيم الدور الأمريكي في إستجلاب السلام لشرق الكونجو الديموقراطية من خلال إتفاق 27 يونيو2025 فعلي سبيل المثال  قال الحاكم السابق لشمال كيفو (12 عاما) جوليان بالوكو “… وسوف يفهمون أن الولايات المتحدة قوة عندما تصطف أمام ملف للبحث عن السلام ويأتي السلام بشكل جيد”وفي الواقع وهذا ما أكده الرئيس ترامب علناً وهو أن الولايات المتحدة إصطفت خلف مصالحها العليا في جلب المعادن الحرجة والتقليدية من الدول الثلاث زامبيا والكونجو وأنجولا وأنها لكي تفعل ذلك بشكل آمن عليها أن تجذب كل من رواندا والكونجو الديموقراطية لتأمين إستجلاب هذه المعادن للولايات المتحدة بصفة مستقرة ومستديمة بدليل أنها لم تفعل ذلك في أزمة أفريقيا الوسطي ولا الصومال المبعثر في ثلاث كيانات وفقد وحدته بل تحافظ علي بقاء الصومال مُفككاً من خلال الإشراف العسكري لقيادتها العسكرية الأفريقيةAFRICOM  وبسبب هذا الدور الخبيث تمت تصفية الوجود العسكري الأمريكي في النيجر وتفكيك القواعد العسكرية الأمريكية هناك في سبتمبر2023  بعد  أن تمت تصفية الوجود العسكري الفرنسي وتفكيك القاعدة العسكرية الفرنسية مثلما فعلت كل من مالي وبوركينافاسو فالعسكرية الأمريكية والفرنسية إستباحتا النيجر ومالي وبوركينافاسو بما فيه الكفاية فكان حتماً إخراجهما .

– في حين أن مشاركة الرئيس ترامب أدت إلى توقيع اتفاق سلام إلا أنها لا تخلو من دوافع خفية: فقد تم توقيع شراكة اقتصادية في وقت واحد بين واشنطن وكينشاسا مما يسهل وصول الولايات المتحدة إلى موارد البلاد ولذلك فإن السلام الذي يمكن أن يخدم مصالح الشركات الأمريكية المتعددة الجنسيات أكثر من مصالح الشعب الكونجولي ويبقى أن نرى ما إذا كانت كينشاسا ستتمكن من الدفاع عن مصالحها وإعادة بناء دولة قوية وتحويل هذا السلام الهش إلى فرصة حقيقية لسكانها , في الحقيقة لا أعتقد ذلك …. لماذا ؟ لأم الرئيس ترامب رجل مندفع لا يعرف الصبر والأناة إلي نفسه سبيلاً وسأتكلم قليلاً بمنطق اللصوص … لصوص الدول … فمجرد التوقيع علي إتفاق مع الرئيس تشيسيكيدي رئيس الكونجو علي إتفاق لتسهيل الوصول إلي المعادن الحرجة في شرقي الكونجو لابد وأنه سيستفز اللصوص الآخرين أعني ميليشيا M23 مما سيزيد من العنف بوتيرة أعلي وأعنف في شرقي الكونجو بل ربما تجاوز الأمر شرقي الكونجو فالرئيس السابق كابيلا يتحركالآن بنشاط في ربوع الكونجو ومن يعلم فربما تساعد هذه الإتفاقية التي وقعها اللص الأمريكي الشره ترامب علي حياكة تحالفات أكثر عدوانية في الكونجو ربما تصل بصداها إلي العاصمة كينشاسا فالكونجو بعد موبوتو أصبح دولة ضعيفة يقرضها فأر خبيث يدعي كاجامي , نفس السلوك الذي يتبعه الرئيس ترامب في صـــراع غــزة هو الذي يمارسه في شرقي الكونجو ومع أنجولا لص لا يرغب في التوبة بل مقبل علي  مزيد من الإجرام ومنبين أهم أسباب ذلك رؤساء الدول الأفارقة الذين تحولي إلي حذاء في قدم هذا العتل الزنيم ومستشاره في الكونجو مسعد بولس الآتي من كهوف الأعمال الأمريكية فترامب مستواه العقلي ككثير من رؤساء دفعة الرؤساء الجهلة محدودي الإرادة والفهم الذين ينتشرون في دول العالم صغيرها وكبيرها ففي العهد الماضي كنا نسمع ونري مستشارين ديبلوماسيين محترفي ديبلوماسية وسياسة مثل كيسينجر إلي أن جاء الزمن الغابر لنري مسوخ متخلفين يستعين بهم ترامب كصور لا كأشخاص حقيقيين كمسعد بولس وأنطوني بلينكن وماركو أنطونيو روبيو وغيرهم .

– التحرك الأمريكي فيما يتعلق بمساري النقل الدوليين IMEC و Lobito Corridor لا أقصد أنه تحرك أمريكي صـرف بشأن تنفيذ وتحقيق المسارين إنما أقصد أنه تحرك مباشر تماماً فيما يتعلق بمسار ممر Lobito Corrido وغير مباشر فيما يتعلق  بمسار IMEC فالولايات المتحدة ضالعة في ممر Lobito Corrido أما مسار IMEC فهي متحمسة له وتشجعه لأنها مهتمة بتحقيق أمرين إشعال تنافس هــنــدي / صـــيني والمحافظة علي وتيرة الصراع بينهما وتحقيق أقصي إدماج ممكن للهند مع الكتلة الأطلنطية بما فيها أوروبا والأهم أن مسار IMEC يحقق ثقل لوجيستي  وسياسي للكيان الصهيوني بجعل ميناء حــيــفــا مـيـنـاء دولي وضم الكيان الصهيوني أكــثــر للـفــضاء الأوروبي المتوسطي بعدما شرخت تداعيات حــرب غـــزة جدران التعاطف الأوروبي مع الصهاينة المبني علي صورة توراتية من العهد القديم الذي شُرخ بشن الصهاينة حرب إبادة أثرت إيما تأثير علي نفوس الشعوب الأوروبية خاصة الشباب الذين مزقوا الأرث التوراتي ليعتنقوا الأرث الإنساني بكل بساطة كما أن أن ممر IMEC- لو تحقق – فسيقلل من الإعتمادية العالية علي مــيـنــاء إيلات علي البحر الأحمر الذي ثبت بتداعيات طــوفــان الأقصي أنه مُعرض. Vulnerable  .

أتوقع بعد تحقيق الولايات المتحدة وحلفاءها لمسار Lobito Corridor أن يترتب علي ذلك بالإتفاق مع دول المسار تكوين جــهــاز عــسكري مشترك لتوفيرحماية عسكرية /أمنية لمساري Lobito Corridor و  IMECالهندي  وفيما يتعلق بمسار Lobito Corridor ستتولي القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا التنسيق مع دول المسار لإنشاء هذا الجهاز العسكري الذي يوفر سبب لمزيد من التموضع والتدخل العسكري الأمريكي في القارة الأفريقية تماما كما تفعل الولايات المتحدة في خليج غــيــنــيـا لحماية دوله الأفريقية الثماني  من خــطــر الـقــرصــنة .

– مسار IMEC يتضمن في طياته حرباً لوجيستية معلنة ضمنيا ضد قــنـــاةالسويس فهذا المسار أي IMEC  تم حذف مـــصـــر وتركيا وشمال قبرص التركية (ليكون رد مناسب علي قبرص اليونانية واليونان معاً) من خريطة الـ IMEC عــمــداً ولاسباب سياسية مــحــضة وفي الواقع فإن بدائل مواجهة واضعي إستراتيجة مسار IMEC مـحـدودة لكن مع ذلك هناك بديل يُفضل النظر في جدواه الإقتصادي بمقياس إقتصاديات المشروع وأعتقد أنه سيكون ذا مردوديةً في مواجهة من شنوا هذه الحرب اللوجستية علي مصر وتركيا والصينوهذا البديل متاح وهو إنشاء مسار مستقل عن مسار IMEC  تدعمه الصين ليكون بين مصر وتركيا فالإستسلام في هذه الحرب أقل ضرراً منه البحث في بديل للمواجهة وخفض الخسائر المُحتملة علي قناة السويس والمواني التركية  , لكن يبقي الأهم لــمــصــر العناية بقناة السويس وتبدأ هذه العناية بحسن إختيار رئيس هيئة قناة السويس والتخلص من فكرة حتمية أن يكون عسكرياً فالأفضل أختيار من درسوا علوم الإدارة واللوجستيات أو ممن كانوا قباطنة في البحرية التجارية كذلك لابد من تغيير شامل في الإدارتين العليا والوسطي لأن المرحلة القادمة خاصة بعد تنفيذ المسارين الدوليين IMEC و Lobito Corridor تقتضي عقلية إدارية وتجارية صــرفة , كما أن الفترة القادمة وحتي قبل تشغيل مساري  IMEC و Lobito Corridor الدوليين تستلزم رأب الــصــع في علاقاتنا التجارية وتعاوننا الإقتصادي مع تركيا فالخلافات معها ليست خطيرة كما نتوهم ويمكن وضــعــهــا تحت الــســجــادة كما نضع خلافات مع دول أخري لا قيمة لها فتركيا قوة شبه كبري ولها وزنها الثقيل وهي الأفضل لو كان القياس يشمل علاقاتنا باليونان وقبرص اليونانية فهما فيما أعتقد جــازمــاً ثــنــائي مُـــفـــلــس ولا يعتمد عليهما فهما قد كونا مع الكيان الصهيوني تحالف ثلاثي في شــرق المتوسط وأثبتت حـــرب غـــزة ضــلوعــهــمــا في دعم الكيان الصهيوني عسكريا وأمنياً وإضافة لذلك فهما ضمن مسار الـ IMEC المنافس ضمنيا لقناة السويس وبوجه عام فإن إقامة مـــســار الـ IMEC يستلزم من مـــصــر مــراجعة لعلاقاتها في شرق المتوسط بنفس القدرة أعادة تقييم إدارة قـــنــاة السويس فالتحدي القادم من الهند من خلال مــســار الـ IMEC غير عـــأادي ويجب مواجهته بأساليب مبتكرة وغير تقليدية .

– مـن الواضح طبقاً لحذف مــصــر وتــركــيــا من خريطة مـــســار الـ IMEC بدون مبرر فــنــي أن الولايات المتحدة في جعبتها أســـلــحـــة أخــري ومن غير المناسب أن تُــفــاجئ مـــصــر لأن المفاجأة تفقدنا القدرة علي التصرف والموقف الأمريكي أصبح شديد الوضوح في  عداءه والأسباب القريبة معروفة لذا علي مصر إعادة تقييم جذري لسياستها في المنطقة وفي العالم علي قاعدة الإعتماد علي النفس لكن الأمر يقتضي البحث أولاً عن هذه الــنــفـــس  .

الــــــــســـــــفــــيــــــر : بـــــلال الـــمـــصــــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي –  الــقـــاهـــرة / تــحــــريـــراً في 3 يوليو 2025

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى