الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

ليبيا في ظل الفوضى السياسية والصراع على السلطة تواجه مصير ؟

من غير الواضح ما إذا كان رئيس الحكومة الليبية المعترف بها دوليا عبدالله الثني سيؤكد الاستقالة التي قدمها على الهواء بانفعال، خلال مقابلة تلفزيونية حيث واجه وابلا من الأسئلة المحرجة والغاضبة من مواطنين.

في خطوة تدل على الفوضى التي تعم البلاد حيث يصعب الحصول على معلومات دقيقة لأن المسؤولين عادة ما يناقض بعضهم البعض قال حاتم العريبي المتحدث باسم الثني في وقت مبكر يوم الأربعاء إن رئيس الوزراء لم يقدم استقالته.

كان الثني قال في وقت سابق لقناة ليبيا التلفزيونية وهي قناة خاصة في مقابلة بثت في وقت متأخر يوم الثلاثاء “لماذا… لا غضب الناس ولا يحزنون… إذا كان خروجنا هو الحل أن احنا نعلنها على الهوا أنا بقدم استقالتي… أقدم استقالتي لمجلس النواب أو نعلنها على الهوا… يوم الأحد استقالتي مقدمة لمجلس النواب.”

تواجه الحكومة الليبية المعترف بها دوليا ومعها البلاد مستقبلا غير واضح بعد إعلان رئيسها عبدالله الثني أنه سيستقيل، في وقت بدأت محادثات السلام في أجواء مشحونة لليوم الثاني على التوالي. المقالة التحليلية التالية تسلط الضوء على بعض جوانب الوضع في هذا البلد الغارق في العنف.

ومن شأن هذه الخطوة أن تضيف مزيدا من الفوضى السياسية في ليبيا، حيث تلتقي الفصائل المتناحرة لليوم الثاني في محادثات سلام ترعاها الأمم المتحدة في جنيف.

وخلال المقابلة التلفزيونية ثار غضب الثني عندما قدم له المذيع أسئلة قال إنه جمعها من المشاهدين الذين انتقدوا الثني على نقص الأمن ونقص مساعدة الأشخاص الذين شردتهم الفوضى في ليبيا,  وعندما سأل المذيع الثني ماذا سيفعل إذا حدثت احتجاجات فقال الثني “لا يخرج الشارع يريح روحه الشارع إذا كان أنا هو المعرقل للدولة فانا يوم الأحد استقالتي قدام مجلس النواب.”

وأضاف الثني “الآن احنا قدمنا استقالتنا ومبروك عليهم يجيبو من يستطيعوا أن يحل لهم مشاكلهم بعصا سحرية ويوفق ليبيا ويحقق الأمن والأمان لشعبها ونتمنى الخير لبلادي ولشعبي.”

لكن وحسب , رويترز عن المتحدث باسم الحكومة العريبي نفى أن الثني سيقدم استقالته. وقال العريبي “رئيس وزراء ليبيا لم يستقل رسميا وإنما قال خلال المقابلة التلفزيونية: في حال طلب الشارع ذلك ساستقيل.” وأضاف العريبي “الاستقالة تقدم إلى مجلس النواب مكتوبة وهو يقرر يقبلها مجلس النواب أم لا.”

وانتقل الثني إلى مدينة نائية بشرق البلاد منذ أن فرت حكومته من طرابلس قبل عام عندما استولى فصيل مسلح على العاصمة وشكل حكومة منافسة في إطار الفوضى التي اجتاحت البلاد بعد الإطاحة بمعمر القذافي.

وتولى الثني منصبه في مارس آذار 2014. وذكر في أبريل نيسان 2014 إنه سيستقيل قائلا إن اسرته تعرضت لهجوم لكنه تراجع عن الاستقالة بعد ذلك وظل في منصبه.

وسعت حكومة الثني التي تعمل من فنادق جاهدة لإحداث تأثير من مدينة البيضاء الواقعة بشرق البلاد في حين يشتكي المواطنون من الفوضى ونقص الوقود والأدوية في المستشفيات فضلا عن تدهور الوضع الأمني. وتخضع الوزارات والمباني الحكومية الرئيسية في طرابلس لسيطرة الحكومة المنافسة التي لم تعترف بها القوى العالمية.

وواجه رئيس الوزراء الذي نجا من محاولة اغتيال في أيار/مايو عندما أطلق مسلحون النار على سيارته بعد اجتماع للبرلمان، اتهامات لحكومته بالفساد خلال المقابلة التلفزيونية.

وبعد أكثر من ثلاثة أعوام على سقوط نظام معمر القذافي، تحكم ليبيا، التي تسودها الفوضى، سلطتان هما حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي ويعملان من شرق البلاد، وحكومة ومؤتمر وطني عام انتهت ولايته يديران العاصمة ومعظم مناطق غرب ليبيا وهناك أيضا العديد من الميليشيات التي تقاتل من أجل السيطرة على الثروة النفطية في البلاد.

وتتعرض ليبيا أيضا لأزمة مالية بعدما أدت الفوضى إلى تراجع إنتاج النفط إلى ربع ما كانت تضخه البلاد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) قبل الاطاحة بالقذافي. ويقول منتقدو حكومة الثني إنها تصدر بيانات عديمة الأهمية. وقالت حكومة الثني يوم الاثنين إن مطار طرابلس الدولي سيطلق عليه اسم الملك الراحل إدريس الذي أطاح به القذافي في عام 1969.

والمطار خارج الخدمة منذ تعرض لاضرار عندما استولى فصيل منافس على طرابلس قبل عام. ولا تسيطر حكومة الثني على المطار. وكتبت النائبة آمال بعيو على صفحتها على موقع فيسبوك تعليقا على نبأ الاستقالة “حكومة فاشلة وغير منسجمة ورئيس حكومة غير قادر.”

وتسود الاضطرابات البلاد وخصوصا بنغازي، المدينة الرئيسية في الشرق، حيث تدور معارك يومية بين القوات الموالية للحكومة وتلك المعارضة لها.

دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا برنادينو ليون أطراف الصراع في هذا البلد للاتفاق على حكومة وحدة وطنية بحلول نهاية أغسطس آب الجاري على أن تليها انتخابات في سبتمبر أيلول.

لكن في تطور يشهد على خطر عدم التوصل لاتفاق بعد عام تقريبا من المفاوضات مع تأزم الموقف الأمني شنت كل من الحكومتين المتصارعتين في ليبيا غارات جوية على مواقع تابعة للدولة الإسلامية في مدينتين مختلفتين.

وليبيا منقسمة بين حكومتين تتمتع كل منهما بدعم فصائل مسلحة تتصارع على السيطرة. وأقصت جماعة فجر ليبيا وهي تحالف لمجموعات محلية مسلحة الحكومة المعترف بها دوليا من العاصمة طرابلس وأعادت البرلمان السابق المعروف باسم المؤتمر الوطني العام.

وقال ليون الذي افتتح يوم الثلاثاء مفاوضات من المقرر أن تستمر ليومين بجنيف في إفادة صحفية “ليبيا تواجه فوضى عارمة وانقساما في البلاد. لذا آمل أن يتحلى جميع اللاعبين الليبيين بالحكمة.. لتجنب هذا السيناريو.. والتعجيل بالمحادثات والوصول لاتفاق قريبا جدا.”

وأضاف “ستكون مخاطرة كبيرة لو وصلنا إلى أكتوبر دون اتفاق لأننا سنكون في موقف أكثر فوضوية. “لهذا السبب من المهم أن يكون لدينا هذا الجدول الزمني.”

وقال ليون أيضا إن دمج المجموعات المسلحة في ترتيبات أمنية أمر مهم لكن الأولوية الآن للعملية السياسية. وقال ليون في إفادة صحفية “سنعمل خلال الأيام المقبلة على أساس جدول زمني لا بد أن يكون قصيرا. ليبيا تواجه تحديات هائلة.

“نقترح على الأطراف العمل خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة ومحاولة الوصول لاتفاق على النقطتين المهمتين بنهاية أغسطس.”

ووقعت بعض الفصائل الليبية على اتفاق أولي برعاية الأمم المتحدة في المغرب في 12 يوليو تموز الماضي يقضي بتشكيل حكومة وحدة وإنهاء القتال. ولم يشارك المؤتمر الوطني العام- وهو طرف أساسي في طرابلس- في مفاوضات المغرب لكنه يشارك في مفاوضات جنيف التي يتوقع أن تستمر حتى يوم الأربعاء وربما للخميس.

وقال ليون إن مقترح الأمم المتحدة يدعو لتشكيل حكومة تستمر لعام واحد باتفاق وطني يقودها رئيس وزراء له نائبان على أن يكون للمجلس سلطة مطلقة. وقال ليون إن مفاوضات جنيف تركز على خمسة محاور للاتفاق ولحكومة الوحدة.

وتابع “نريد من المؤتمر الوطني العام وجميع الليبيين الذين يشاركون في العملية افتراض حسن النوايا في هذه العملية. “لم نكمل هذه العملية بعد وهناك بالفعل أشخاص كثيرون يتساءلون عن المستقبل.”

وقال ليون أيضا إن دعم دول جوار ليبيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مهم “لأن المراحل الأخيرة في عملية معقدة من هذا النوع تكون دائما الأصعب.”

وتتواصل المفاوضات دون إنجاز حقيقي بينما يتعرض طرفا العملية لضغوط من متشددين.

وقال جمال الزوبية وهو مسؤول كبير في طرابلس في رسالة على مواقع التواصل الاجتماعي إن طائرات تابعة لحكومة طرابلس قصفت مواقع للدولة الإسلامية في سرت التي سيطر عليها التنظيم المتشدد في الربيع.

وقال متحدث عسكري إن هليكوبتر تتبع الحكومة المعترف بها هاجمت الدولة الإسلامية على مشارف درنة في شرق ليبيا. ويسعى المتشددون لاستعادة درنة بعدما طردتهم منها جماعة مناوئة في يونيو حزيران.

ومع ذلك، لن يوقع البرلمان المنتهية ولايته أي اتفاق يبقي على اللواء حفتر في منصب عسكري رفيع، وفقا لمحمد علي عبد الله الضراط من برلمان طرابلس. وأضاف “لن يكون هناك اتفاق إذا كان من المتوقع أن يبقى حفتر قائدا للجيش في ليبيا فأولئك الذين تورطوا في تصعيد الأزمة السياسية والعسكرية في ليبيا لا يمكن أن يتولوا التوصل إلى الحل”.

وكان حفتر (72 عاما) ضابطا في الجيش إبان عهد القذافي قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة حيث كان يعمل في بعض الأحيان مع وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي ايه” وفقا لتقارير وسائل إعلام أمريكية.

وعاد إلى ليبيا العام الماضي وتولى الجيش، متعهدا سحق الميليشيات الإسلامية في حين حض الغرب على دعم قواته.

وقال ليون إن هناك حوارا منفصلا مستمرا مع قادة الجيش والميليشيات ولكن التقدم على هذا المسار بطيء. وأضاف “يجب أن يكون هناك مزيد من التقارب”، مؤكدا أنه من دون مشاركة هؤلاء الذين يقاتلون على الأرض، فإن أي صفقة سياسية لن تصمد.

وأقر الضراط بأن الميليشيات المرتبطة بالقاعدة أو بتنظيم “الدولة الإسلامية” ترفض أي حكومة وحدة وطنية، لكنه قال أن أفضل أمل لمحاربة التطرف سيكون من خلال سلطة مركزية واحدة معترف بها.

وتابع “هناك دائما متطرفون وغيرهم ممن لا يريدون حلا سياسيا”، مشيرا إلى أن “الحل هو تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على مواجهتهم”.

وأسس تنظيم الدولة الإسلامية وجودا كبيرا له في ليبيا مستغلا الفراغ الأمني بينما تتصارع حكومتان من أجل السلطة بعد مضي أربعة أعوام على الإطاحة بمعمر القذافي.وكالات

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى