الاقتصاديةالدراسات البحثية

تأثير سياسة دعم القمح على الاقتصاد المصرى

اعداد الباحثة  : دينا شيرين محمدشفيق ابراهيم
– المركز الديمقراطي العربي

المقدمة:

يعتبر القمح من اهم السلع الغذائية التى يعتمد عليها غالبية السكان فى مصر يوميا فى الحصول على الطاقة الحرارية والبروتين وهو المحصول الغذائى الاستيراتيجى الاول فى الامن الغذائى المصرى وقد بلغ استهلاك مصر من القمح حوالى 14 مليون طن ويقدر حجم الانتاج المحلى بنحو 7,3 مليون طن وبذلك يغطى الانتاج نحو 52% فقط من حجم الاستهلاك لمتوسط فترة الدراسة (2010:2000 )
وبالتالى تعد الفجوة الغذائية من القمح هى التحدى الاكبر الذى يواجه المجتمع المصرى خلال السنوات القادمة نظرا للعبء الواقع على ميزانية الدولة نتيجة لعملية استيراد القمح حيث تتحمل الدولة معظم القيمة المدفوعة من عملية الاستيراد خاصة وان القمح يستحوذ على النصيب الاكبر من قيمة مخصصات الدعم حيث يقدر الدعم المقدم لرغيف الخبز بنحو 7,8 مليار جنيه سنويا فى المتوسط وذلك لضمان وصول رغيف الخبز بسعر مناسب الى المستهلكين .

وهذا العبء سوف يزداد نتيجة لزيادة فاتورة الواردات المصرية خاصة فى ظل الاتجاه التصاعدى لارتفاع اسعار القمح العالمية من ناحية وانخفاض سعر صرف الجنيه المصرى من ناحية اخرى وما سيترتب على ذلك من انخفاض متوسط نصيب الفرد من القمح او ارتفاع قيمة فاتورة استيراد القمح ومن ثم يصبح ارتفاع اسعار الدقيق والخبز فى مصر احتمالا مؤكدا وهو ما ينبىء بحدوث ازمات اجتماعية وسياسية خطيرة ومتعاقبة داخل المجتمع المصرى .

وتتبع اهمية دراسة سياسة دعم القمح واثرها على الاقتصاد المصرى من كون مصر دولة من الدول الرئيسية المستوردة من القمح حيث تعتبر اول دول العالم فى استيراد القمح وبالرغم من تزايد انتاجها المحلى من القمح بمعدل نمو يقدر بحوالى 2,26% سنويا الا ان هذه الزيادة واكبتها زيادة سكانية بمعدل 2,04% وبالتالى لم تساهم الا فى تحقيق اكتفاء ذاتى يقدر بنحو 52,9% كمتوسط لفترة الدراسة (2010:2000 ) وهو مايعنى اعتماد مصر على الاسواق الخارجية لتوفير احتياجاتها الغذائية ومع التغيرات التى تعانى منها هذه الاسواق العالمية سواء من انخفاض الانتاج العالمى للحبوب او تزايد الواردات العالمية منها او استخدام بعض الدول للحبوب فى انتاج الوقود الحيوى بما ساهم فى خفض المعروض منها بالاضافة للتغيرات المناخية وبالتالى كل هذه العوامل قد يشكل خطورة فى تامين احتياجاتنا الغذائية من القمح الامر الذى يستدعى ضرورة التعرف على المخاطر التى يحتمل ان تواجه مصر كدولة رئيسية مستوردة للقمح ومن ثم تحديد السبل اللازمة لمواجهة مثل هذه المخاطر .

المشكلة البحثية:-
ما هو تاثير سياسة دعم القمح على الاقتصاد المصرى؟

ويتفرح من هذا السؤال الرئيسى عدد من الاسئله الفرعية وهى:
الاسئله الفرعية:-
1-ما هو المقصود بسياسات الدعم، وما هي اهم برامج دعم القمح؟
2-ما المقصود بالفجوة الغذائية للقمح في مصر؟
3-ماهى التهديدات والمخاطر التي تواجه الورادات المصرية من القمح، وما هي سياسات الحكومة لمواجتهها؟
4-ما المقصود بمشكلة انتاج الخبز في مصر، وما هي اهم أسبابها؟
5-ما هي إيجابيات وسلبيات سياسة الدعم على الاقتصاد المصرى؟

اهداف الدراسة :-
تهدف تلك الدراسة الى ما يلى :
1. دراسة سياسة وبدائل الحد من الواردات المصرية من القمح ورفع نسب الاكتفاء الذاتى منه .
2. وضع تصور مستقبلى لمصادر الواردات المصرية من القمح خلال الفترة (2016:2011 )
ويتطلب تحقيق هذه الاهداف :
– القاء الضوء على وضع القمح فى السوق العالمى واهم الدول المستهلكة والمنتجة والمستوردة والمصدرة لهذا المحصول وكذلك المخزون العالمى منه
– دراسة وضع القمح فى السوق المصرى من خلال القاء الضوء على حجم الاستهلاك والانتاج على المستوى المحلى والفجوة بينهما
– دراسة هيكل الواردات المصرية من القمح وتحليل اهم الاسواق العالمية للواردات المصرية فى هذا المحصول
– دراسة المخاطر التى تواجه الواردات المصرية من القمح وما يترتب على ذلك من اثار تواجه الاقتصاد المصرى .
3- القاء الضوء على مشكلة انتاج الخبز البلدى المدعم كاحد اهم منتجات القمح .
4- دراسة اهم اسباب مشكلة انتاج الخبز البلدى المدعم فى مصر
5- دراسة الاليات التى يمكن للدولة تفعيلها لتطوير الانتاج وزيادة فاعلية نظام دعم رغيف الخبز البلدى .
6- القاء الضوء على منظومة دعم الخبزالبلدى الجديدة التى طبقتها الحكومة ودراسة العقبات التى تعتريها
7- دراسة اثر سياسة دعم القمح على الموازنة العامة للدولة والتى تتمثل فى زيادة نفقاتها
7- معرفة ايجابيات وسلبيات سياسة دعم القمح على الاقتصاد المصرى

تقسيم الدراسة:-
*الفصل الأول:مفاهيم وسياسات الدعم في النظرية الاقتصادية.
المبحث الأول:مفاهيم وتعارف الدعم وانواعه
*الفصل الثانى:مشكلة الفجوة الغذائية للقمح وإنتاج الخبز في مصر.
المبحث الأول:مشكلة الفجوة الغذائية للقمح في مصر
المبحث الثانى:مشكلة انتاج الخبز في مصر واهم أسبابها
*الفصل الثالث:تاثير سياسة دعم القمح على الاقتصاد المصرى.
المبحث الأول:نمو الدعم وتوجهات النفقات العامة في الموازنة العامة للدولة
المبحث الثانى:إيجابيات وسلبيات سياسة دعم القمح على الاقتصاد المصرى

الفصل الأول :
مفاهيم وسياسات الدعم فى النظرية الإقتصادية
تعتبر قضية الدعم أحد أهم القضايا المؤثرة فى إقتصاديات الدول بإختلاف أنظمتها السياسية والاقتصادية والإجتماعية غير أن الدول النامية ولأسباب عدة تعد أكثر الدول إحتياجا لنظم دعم دقيقه ،والتوسع فى التمويل المادى لمكافحة الفقر ، وتوفير سبل الحماية الاجتماعية لشعوبها .
أصبحت سياسة الدعم ضرورية للتصدى للمشكلات الناجمة عن التطورات السريعة فى الظروف الإقتصادية المحلية والدولية ، ويبرز ذلك بصفة خاصة نظرا لتزايد اعتماد تلك الدول على العالم الخارجى فى الحصول على احتياجاتها من الغذاء ، وتفاقم الانعكاسات السلبية لهذا الوضع بع أن واجه العالم ازمة الغذاء ،وما واكبها من إرتفاع حاد فى أسعاره فى الأسواق العالمية خلال عامى 1973 و 1974 ، ولم تتوقف تلك الأزمة عند عامى 1973 و 1974 بل تفاقمت حدتها فى القرن الحادى والعشرين وخاصة فى عام 2007 مع توجه الدول إلى إستخدام الوقود الحيوى كبديل للوقود الحفرى (النفط والفحم والغاز ) وذلك من خلال إستخدام الحبوب الغذائية لإستخراج مادة الايثانول أهم المواد للوقود الحيوى لإستخدامها كمصدر بديل للطاقة .
ثم سرعان ما تضاءلت حدة أزمة الغذاء فى منتصف سبتمبر 2008 مع تفاقم الأزمة المالية العالمية ، وإعلان بنك ليمان براذرز إفلاسه وهو رابع أكبر بنك إستثمارى فى الولايات المتحده الامريكية حيث نجم عن تلك الأزمة تراجع فى حجم الطلب العالمى ، فإنخفضت أسعار السلع الغذائية وأسعار الطاقة.

* و ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين :
المبحث الأول : تعريف ومفاهيم الدعم الإقتصادى وأنواعه
لا يوجد تعريف وحيد للدعم يعد مقبولا عالميا ، وبالرغم من أن الإختلاف حول تعريف الدعم ترجع جذوره لعقود طويلة فإنه لم يحسم حتى الآن فمنذ أوائل السبعينيات تم توضيح أن مفهوم الدعم يعد أكثر غموضا وفى بداية عقد التسعينيات تم الإشاره إلى أن هناك صعوبة كبيرة فى إيجاد تعريف محدد للدعم . وفيما يلى أهم معايير تعريف الدعم وتقييمها :
1- الدعم كأداة توزيعية للدخل القومى :
عرف Fredric Reuss العم بأنه أموال مدفوعة أو إيراد متنازل عنه بدون أى مقابل أو بدون مقابل يعادل ما تم تحويله وذلك بغرض نقل مزايا محددة تعتبر ذات صفة تمييزية.
ويؤخذ على هذا التعريف أنه يقصر دور الدعم على كونه إداة من أدوات السياسة المالية تلجأ إليها الدولة لإعادة توزيع الدخل ، فهو يغفل دور الدعم فى تحقيق أهداف أخرى مثل إستقرار الأسعار وتوفير حد أدنى من مستويات التغذية للمواطنين وتشجيع الصناعات الوطنية وتشجيع الإستثمار والتصدير.
2- الدعم كضريبة سالبة غير مباشرة :
أهم التعريفات فى هذا السياق تعريف Kenneth E.Boulding والذى يبين أن الدعم ضريبة سالبة وأن هذا يعنى أنه بدلا من أخذ نسبة معينة أو مقدار معين من السعر المدفوع بواسطة المستهلك فإن الحكومة تضيف نسبة أو مقدار لهذا السعر وفى هذه الحالة فإن المنتج سوف يتسلم سعر السلعة يفوق السعر الذى يدفعه المستهلك هو ما يساوى الدعم ، ويعد هذا الاتجاه فى تعريف الدعم هو المسيطر فى الادبيات الاقتصادية .
3- الدعم كتحويل من جانب واحد :
تعرف الموسوعه الامريكية الدعم على أنه منحة فى شكل نقدى أو عينى أو أى نوع أخر من المساعدات لا يتوقع فيه المانح أى عائد مباشر أو مقابل لهذه المنحة .
4- الدعم كأداة لتحقيق الأهداف :
تعرف الموسوعة البريطانية الدعم بأنه عباره عن نفقة حكومية مباشرة أو غير مباشرة أو حق إقتصادى ممنوح أو إمتياز خاص ممنوح إلى المشروعات الخاصة أو الأفراد أو الوحدات الحكومية بغرض تحقيق هدف عام .
تستند فلسفة هذا الإتجاه فى تعريف الدعم إلى أن هناك الكثير مت الأهداف التى ينتظر تحقيقها من خلال سياسات الدعم. ومن هذه الأهداف تحسين مستوى معيشة المواطنين محدودى الدخل وحماية المشروعات الانتاجية والوطنية وإعادة توزيع الدخل .
5- الدعم كفرق سعرى :
يعرف الدعم بإنه عبء مالى على الحكومه بغرض تمكين الأفراد والمنشآت من شراء السلع والخدمات بسعر أقل من السعر الذى تباع به بدون دعم فى السوق الحره .
ووفقا للتعريفات السابقه للدعم يتضح أن الدعم الحكومى لا يوجد له تصنيف وحيد وتعريف وحيد يعد مقبولا عالما فتعريف الدعم وتصنيفاته يختلف وفقا للسياق المستخدم . ‘¹’

أنواع الدعم :-
ويتم تقسيم الدعم إلى نوعين رئيسين وهما :
1- نظام الدعم الرسمى :
ويعرف أيضا بالدعم الحكومى ، والذى يشمل الإنفاق الحكومى على شبكان الضمان الاجتماعى ، ويمكن أن ينقسم هذا النوع من الدعم إلى دعم مباشر وغير مباشر ، إذ يشمل الدعم المباشر كل أنواع الدعم بإستثناء الطاقة والمياه والصرف وغيرها من المنتجات ، التى تقدمها الهيئات الإقتصادية والتى تمثل دعما غير مباشرا ومنها أيضا الدعم الصريح ويشمل كل أنواع الدعم السابقة ، ويقصد بالدعم الضمنى الفرق بين السعر المحلى للسلعه المدعومة القابلة للتصدير وسعرها العالمى .
2- نظام الدعم غير الرسمى :
يتم تقديم ذلك النوع من الدعم وإدارته بواسطة الأفراد متمثلا فى الهيئات والجمعيات الأهلية.

‘¹’ اسماء محمد محمد عطيه ،”مشكله الخبز البلدى المدعم فى مصر وسبل علاجها ” ،رساله ماجستير،(القاهره : جامعة القاهرة،2010 ) .

ويتم تقديم الدعم العينى بواسطة الأفراد والجمعيات الأهلية من خلال شراء السلع بسعر السوق دون خلق سعر آخر موازى لسعر السوق على العكس من الدعم العينى الرسمى .
3- تقسيمات الدعم وفقا لآثاره :
ويمكن تقسيم أنواع الدعم المختلفة
( أ ) وفقا لأثره على الموازنة العامة للدولة ، ونمط تقديمها للمستهلكين ، ووفقا للهف من تقديمها ، وهناك تقسيمات نوعية أخرى للدعم وآثاره ، كما يلى :
* الدعم المباشر :
يطلق عليه الدعم المعلن أو الصريح وهو ” المبالغ التى يتم تسجيلها للدعم فى الموازنه العامه للدولة سواء تم إعطاء تلك المبالغ نقدا أو عينا ، وتلك المبالغ تمثل أحد بنود النفقات العامة “.
ويمكن قياسه بسهوله وتحليل أسباب زيادته ووسائل ترشيده ، ويمكن إحلال سلع أو أنواع أخرى من السلعه نفسها محل السلع التى تتضمنها القائمة .
وعلى سبيل المثال توفير السلع التموينية الأساسية كالخبز والسكر والزيت ودعم القروض المسيرة للإسكان ودعم المزارعين وألبان الأطفال والأدوية وهكذا .
* الدعم غير المباشر :
وهو الفرق بين تكلفة إنتاج السلعة وسعر بيعها بالإسواق المحلية ولا يظهر هذا النوع بصورة مباشرة فى الموازنة ولا يسهل قياسه .
والأمثلة على دعم المنتجات البترولية مثل البوتاجاز والسولار والبنزين وكذلك دعم الشرائح الأولى من الكهرباء والمياه .
(ب) الدعم وفقا لنمط تقديمه للمستفيدين :
* الدعم النقدى :
يعرف على أنه ” إعطاء دخول نقدية للمستفيدين من أجل جعلهم أكثر قدرة على شراء السلع والخدمات المختلفة أو أكثر رغبة فى القيام ببض الأعمال المطلوية “.
* الدعم العينى :
هو ” تدخل الدولة لتخفيش أسعار سلع وخدمات معينة وغالبا ما تكون السلع والخدمات الأساسية ، مما يؤدى فى النهاية إلى زيادة الدخل الحقيقى للمستهلكين “.
(ج) الدعم وفقا للهدف من تقديمه ينقسم إلى
* إعانات إستغلال
* إعانات إنشاء
* إعانات تحقيق التوازن

الفصل الثانى :
مشكله الفجوة الغذائية للقمح وإنتاج الخبز في مصر
يعتبر القمح من أهم محاصيل الحبوب الغذائية في مصر ورغم الزيادة الكبيرة في إنتاجه إلا أنه لا يكفي لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية مما أدي إلى زيادة الاعتماد على استيراده من الأسواق الخارجية لسد الفجوة الغذائية وبالتالي أدي إلى تشكيل عبء كبير على ميزان المدفوعات وتعرض الأمن الغذائي المصري لمخاطر كثيرة وخاصة في ظل التغيرات العالمية الحالية، وهذا يدعو إلى ضرورة السعي وراء إيجاد الحلول والسبل الممكنة والمتاحة لزيادة إنتاج القمح في مصر وذلك لتضيق الفجوة الغذائية بين الانتاج والاستهلاك وتخفيف العبء عن ميزان المدفوعات.
ولذلك ينقسم هذا الفصل لمبحثين، فيركز المبحث الأول على مشكله الفجوة الغذائية للقمح في مصر، ويركز المبحث الثانى على مشكله الخبز كاحد اهم منتجات القمح واليات مواجهة هذه المشكلة.
المبحث الأول
مشكله الفجوة الغذائية للقمح في مصر
تفرض التغيرات الاقتصادية العالمية المصاحبة للعولمة العديد من التحديات التي تمس قضايا أمنية وسياسية واقتصادية للدول، ومن هذه التحديات قضية الأمن الغذائي والفجوة الغذائية التي يمكن تعريفها بأنها الفرق بين الإنتاج المحلي وصافي الواردات لمختلف السلع الغذائية، كما يمكن تعريف تطورات الفجوة بأنها محصلة تفوق معدلات نمو الطلب على معدلات الإنتاج (1).
وتقاس الفجوه الغذائيه بمقدار الفرق بين ما تنتجه الدوله من الغذاء وما يستهلكه افرادها،ووقفا لهذا المقياس فهناك عاملان يوثران على نمو هذه الفجوة بطريقه عكسيه هما الإنتاج والاستهلاك فزياده الأول تؤدى الى انكماش هذه الفجوه،اما زياده الثانى فتؤدى لاتساعها.وكلما زاد الفرق واتسع حجم الفجوة الغذائيه دل ذلك على حجز الاقتصاد القومى على تغطيه الاحتياجات الغذائيه وتلجا الدوله الى الاستيراد لسد هذه الفجوه (2).

(1) د/احمد العثيم،الفجوه الغذائيه العربيه والسعى نحو تحقيق الامن الغذائى، ويوجد على اللينك ادناه:
http://www.al-jazirah.com/2007/20070319/rj4.htm
(2) حنان محمود سيد عجبوه،السياسه القمحيه فى الزراعه المصريه واليات مواجهه مخاطر ازمات الغذاء،رساله دكتوراه،ص11.
مشكله الفجوه الغذائيه فى مصر:
المشكلة الغذائية في مصر أصبحت من أهم المشاكل التي كثر حولها الحديث وقل العمل،حيث اخذت هذه المشكله تتفاقم فى الفتره الاخيره بشكل مضطرد،حيث تحولت مصر الى دوله مستورده لاغلب الحبوب الغذائيه ،مما تسبب فى تزايد وتعميق الفجوه الغذائيه فى مصر،ويرجع اسباب هذا التزايد الى:
1- تدنى نصيب الفرد من الرقعة الزراعية لتصل إلى أقل من 12 % من الفدان .
2- الزيادة الكبيرة والمتوقعة خلال السنوات القادمة للسكان، مما يزيد من العبء الملقى على إنتاج الغذاء وتباين الفرق بين الإنتاج والاستهلاك .
3- تسارع معدلات التحضر وتغير أنماط الاستهلاك الغذائي .
4- أثر المحاكاة الذي يعنى أن أنماط الاستهلاك عادة ما تتأثر بالأذواق في البلاد الغربية.
5-انخفاض متوسط دخل الفرد وتباين توزيع الدخول فى مصر.
6-سوء استغلال الموارد الزراعيه المتاحه فى مصر،حيث يبلغ حجم الاراضى المستغله بالفعل فى الانتاج الزراعى حوالى ثلث مساحه الاراضى القابله للزراعه.
7-سياده اسلوب الانتاج العائلى فى البلدان الناميه كثيفه السكان ومنها مصر،حيث يتبع هذا الاسلوب الاعتماد على زراعه الكفاف الموجهة للاكتفاء الذاتى.
8-الفقر المائى فى مصر والذى يعكس القدره الانتاجيه.
9-ضعف الاستثمار فى مجال البحوث الزراعيه وعدم استقرار السياسات الزراعيه،وهو الامر الذى يؤدى الى ضعف الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعى.
مشكله الفجوه الغذائيه القمحيه فى مصر:
يعانى الاقتصاد المصرى من تزايد حجم الفجوه القمحيه، حيث لايفى انتاج محصول القمح الا قليلا من متطلبات الاستهلاك المحلى وقدرت الزياده السنويه للفجوة الغذائيه من القمح بحوالى 306 الف طن والتى تمثل نحو 4,6% من متوسط الفجوه الغذائيه.ويرجع اتساع الفجوه سنويا الى كل من الانخفاض الكبير فى المساحه المنزرعه بالقمح سنويا وانخفاض الانتاجيه الفدانيه من القمح،بالاضافى الى زياده الاستهلاك.
وبالرغم من الجهود المبذوله لزياده انتاج القمح لتقليل حجم الفجوه القمحيه،الا ان المزارعين كثير ما تتعارض اهدافهم فى هذا الشان حيث ان القمح لايعتب رمحصول يدر عائدا مرتفعا،فيهدف المزارع من وراء زراعته للقمح الى؛تامين حاجه حيوانته من التبن،وتامين الجزء الاساسى من حاجه الاسره من الغذاء.وقد خلقت اهداف المزارعين من زراعه القمح وضعا سيئا فى انتاج القمح فى مصر،حيث اصبح المزارع لايهتم كثيرا بزياده انتاجيه القمح واصبح يعتبر ان ما يفقد من الحبوب فى التبن يعتبر مكسبا له،وبذلك زاد الفاقد من حبوب القمح بشكل عام،فانخفضت انتاجيته.
وترجع مشكله عزوف المزارعين عن التوسع فى زراعه القمح الى كل من التالى:
1-انخفاض العائد من القمح:يعتبر القمح من المحاصيل منخفضه العائد،وذلك بسبب انخفاض اسعاره وعدم زياده اسعاره بنفس معدل زياده اسعار المحاصيل الاخرى.ويرجع ذلك الى سياسه الدعم الاستهلاكى للدقيق والخبز واختلال السياسه السعريه بشكل عام.
2-ارتفاع التكاليف الانتاجيه للقمح:يدخل القمح ضمن مجموعه المحاصيل المرتفعه التكاليف،وذلك بسبب ارتفاع الاجور الزراعيه بمعدلات تفوق معدلات زياده بنود التكاليف الاخرى وكذلك بمعدلات اعلى من معدلات زياده الاسعار ومازال انتاج القمح يعتمد على العماله الزراعيه بشكل كبير.
3-عدم توافر العماله الزراعيه اللازمه:حيث ان احتياج القمح من العماله الزراعيه يتركز فى عمليات الحصاد والدراس والتذريه والنقل،وهذه العمليات تحتاج لعدد كبير من العمال الذكور وتتركز فى وقت قصير،وبذلك يعتبر تواجد العمال بالقدر الكافى وفى الوقت المناسب مشكله يعانى منها معظم المزارعين،خاصه ان القمح من المحاصيل القليله التى يتم زراعتها فى فتره قصيره محدوده بالنسبه لكل مزارع،وبالتالى يجب حصادها فى نفس الوقت والا تعرض القمح للفقد الشديد سواء بالحشرات والطيور او بالعوامل الجويه.
4-حاجه المزارع لزراعه محصول اخر احيانا فى دوره القمح: مثل زراعه الشعير لكى يحوله بعد ذلك الى شتل للارز حيث بنضج الشعير مبكرا عن القمح او الحاجه لزراعه البرسيم كغذاء للحيوانات،او الحاجه لزراعه محصول لغذاء المزارع واسرته كالخضروات والفاكهه او العدس او الفول(1).
المخرون الاستراتيجى للقمح واهم العوامل المحدده لحجمه:
يعتبر تكوين المخزون الاستراتيجى من اهم مبادئ الامن الغذائى وله اهميه كبرى لجميع الدول والشعوب فى حاله السلم وفى حاله الطوارئ،اذ يمكن استخدام المخزون لاعاده التوازن السوقى ومنع الاحتكار الذى يسبب ارتفاع الاسعار وكذلك عند نقص المعروض من السلع الاستراتيجيه واهمها القمح والدقيق والزيوت النباتيه واللحوم البيضاء واللحوم لحمراء.
ويعتمد تحديد مستوى المخزون الاستراتيجى الواجب الاحتفاظ به الى حد بعيد على مستوى الخبره فى اداره تخزين القمح،وهذا المخزون يتصف بالسكون طالما لم تتحقق التوقعات طويله الاجل بحالات الطوارئ والازمات

(1)اسماء محمد محمد عطيه،مشكله الخبز البلدى المدعم فى مصر وسبل علاجها،رساله ماجستير،2010،ص58-59.

ويقسم تخزين القمح فى مصر الى ثلاثه اقسام:
1-القمح المحلى:يتم تخزينه فى مراحل تجميعه الاولى فى شون بنوك القرى وشون الجمعيات الزراعيه لحين نقله الى المطاحن والصوامع.
2-القمح المستورد:تقوم الصوامع باستقبال القمح المستورد ،ولا تقتصر مهمه الصوامع على استلام القمع بقصد التخزين فقط،ولكنها تقوم غالبا بصفه منتظمه باجراء المعاملات الفنيه اللازمه للقمح من تهويه وتبخير بالغازات لوقايتها من الاصابات الحشريه والقطريه.
3-الدقيق المستورد:يتم استقباله بالصوامع ويتم تخزينه لحين نقله الى المحافظات.
ويعد الانتاج المحلى المصدر الرئيسى لتكووين المخزون الاستراتيجى بينما تمثل الواردت والمعونات المصدر الثانى لتكوين هذا المخزون نظرا لخطوره الاعتماد على المصادر الخارجيه،حيث من الممكن ان تستخدم الدول المنتجه والمصدره للسلعه انتاجها كسلاح ضغط سياسى على الدول المحتاجه للغذاء.
ومن اهم العوامل المحدده لحجم المخزون الاستراتيجى من القمح:-
1-فترتى كفايه الانتاج المحلى وتغطيه الورادات للاستهلاك المحلى من القمح: ويتم حساب فتره كفايه الانتاج المحلى بقسمه حجم الانتاج المحلى على متوسط الاستهلاك المحلى اليومى من القمح وتؤدى طول فتره كفايه الانتاج للاستهلاك الى زياده حجم المخزون الاسترتيجى من القمح المنتج محليا وتراجع الاعتماد على الاستيراد لتوفير المخزون الاستراتيجى من القمح،ومع ارتفاع الاسعار العالميه خاصه اسعار الحبوب تتضح اهميه الاعتماد على الانتاج المحلى،ويتطلب تحقيق هذه السياسه توسيع السعات التخزينيه الحكوميه مع تشجيع القطاع الخاص لتوفير جزء من الطاقه التخزينيه فضلا عن توزيعها الجغرافى لتستعوب اكبر كميه من الناتج المحلى،بينما يتم حساب فتره تغطيه الورادات للاستهلاك المحلى بقسمه حجم الورادات على متوسط الاستهلاك المحلى اليومى من القمح.
2-الحد الادنى للمخزون الاستراتيجى:يتراوح الحد الادنى للمخزون الاستراتيجى وفقا لدراسات منظمه الاغذيه والزراعه ما بين 17-18% من حجم الاستهلاك السنوى فى الدول الناميه،ويتاثر حجم المخزون بعمليات السحب والاضافه خلال تلك الفتره،اى انه يتاثر بعومل العرض التى تؤدى الى الاضافه وعوامل الطلب التى تؤدى الى السحب من المخزون ويجب العمل على ان يكون المخزون باقل تكلفه ممكنه.
3-الاختلافات الاستهلاكيه المكانيه والزمنيه:تتباين الكميه المستهلكه من محافظه لاخرى تبعا لاختلاف اعداد السكان ومتوسط استهلاك الفرد بها يتاثر بالعادات الغذائيه.
4-تكلفه المخزون لاستراتيجى من القمح:وتشمل التكاليف المتغيره مثل ثمن شراء القمح الذى سيتم تخزينه وتكاليف النقل الى المخازن وتكلفه اداره المخزون،والتكليف الثابته مثل بناء المخازن والاهلاك السنوى،وكلما زادت التكاليف يقل حجم المخزون السنوى.
5-ظروف العرض العالمى:السعر العالمى للسلعه يتحدد على اساس العرض العالمى ويتاثرب بتقلب حجم الانتاج العالمى من عام لاخر،وحجم المخزون العالمى،وتختلف الاسعار خلال السنه الواحده بين المواسم والمناطق المختلفه.
6-السياسه السعريه الداخليه:حيث تؤثر الاسعار التى يتسلمها المزارعون مباشره فى تكوين المخزون الاستراتيجى من خلال تاثيرها على المساحه المنزرعه وبالتالى على المعروض من الانتاج المحلى من القمح.
التهديدات والمخاطر التى تواجه الورادات المصريه من القمح وسياسات الحكومه لمواجههتها:
تعتمد مصر على الاسواق الخارجيه لتوفير ما يقرب من نصف احتياجاتها الغذائيه من القمح،الامر الذى يستدعى ضرورة التعرف على المخاطر التى تواجه الواردات المصريه من القمح ومن ثم تحديد السبل والاليات اللازمه لمواجهة مثل هذه المخاطر.
اولا:المخاطر التى تواجه الواردات المصريه من القمح هناك العديد من المخاطر التى تواجه الواردات المصريه من القمح تتمثل فى:
1-الطبيعه الاحتكاريه للسوق الدوليه من القمح:على الرغم من بلوغ عدد الدول المتعامله فى سوق القمح 119 دوله مصدره و174 دوله مستورده الا ان تسع دول فقط تعتبر المؤثر الحقيقى فى السوق الدوليه التصديريه للقمح،حيث يلاحظ ان هذه الاسواق قد اتاحت ما يقرب من 91% من كميه الصادرات العالميه للقمح،فى حين استحوذت العشر دول المستورده على حوالى 43,5% من كميه واردات القمح المتاجر فيها،ومن ثم يوصف هذا السوق بكونه سوق احتكار متعدد او قله.
2-التركز الجغرافى للواردات المصريه من القمح: تعتمد مصر على 89% من وارداتها على التسع دول الرئيسيه المصدره للقمح السابق الاشاره اليهم،كما ان مصادر الواردات المصريه من القمح قد تركزت بنسبه كبيره فى دولتين فقط تمثلان 53% من اجمالى الواردات وهما روسيا الاتحاديه وامريكا،ولذلك نجد ان هناك تركز جغرافى لواردات القمح المصريه مما يعنى الاعتماد على الاستيراد من عدد قليل من الدول وبالتالى يعكس التبعيه الاقتصاديه لمحصول القمح لهذه الدول،مما يشكل خطرا على السياسه الاستيراديه المصريه من محصول القمح،من حيث استخدام القمح كاداه ضغط سياسى لتنفيذ بعض السياسات او فى حاله نشوب خلافات و تضارب فى المصالح بين مصر واى من هذه الدول.بالاضافه الى كون موقع مصر الجغرافى يتسم بطول المسافه بينه وبين اهم الاسواق التى تستورد منها مصر معظم احتياجاتها القمحيه ،مما يعنى وجود مصر ضمن اكثر الدول تضررا من احتمالات ارتفاع الاسعار العالميه وارتفاع تكاليف النقل البحرى.
3-تراجع صافى الاحتياطيات الدوليه من النقد الاجنبى لدى البنك المركزى المصرى: على الرغم من ان معدلات النمو السنوى لانتاج القمح كانت ملموسه،الا ان متوسط نمو الطلب كان اكثر ارتفاعا مما ادى الى تزايد الاعتماد على الخارج فى توفير احتياجاتنا الغذائيه من القمح،وفى ضوء ارتفاع الاسعار العالميه زادت قيمه الواردات المصريه من القمح،وهذا يتطلب توفير المزيد من النقد الاجنبى لتمويل عمليه الاستيراد،ولكن تواجه مصر صعوبات فى توفير النقد الاجنبى،حيث تتصف مصادر تمويل هذه الواردات من النقد الاجنبى بانها محدوده كما انها لاتتصف بالاستقرار والاستمراريه خاصه السياحه وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج.
4-التغيرات الماخيه:تؤثر الزراعه فى تغير المناخ وتتاثر به على حد سواء،وليس هناك قطاع اكثر حساسيه للمناخ من القطاع الزراعى،وسوف يتاثر الانتاج الزراعى وانتاج الاغذيه فى الدول الناميه سلبا بتغير المناخ،ولا سيما فى الدول المعرضه بالفعل للتقلبات المناخيه،والتى تاعنى من الدخول المنخفضه وارتفاع نسبه الجوع والفقر،وعلى الرغم من ان تكيف القطاع الزراعى مع تغير المناخ سيكون مكلفا ،فانه ضرورى لتحقيق الامن الغذائى.
ومصر ليست بعيده ومنعزله عن العالم،فمثل تلك التغيرات المناخيه سوف تؤثر على الموارد الطبيعيه المتاحه فى مصر.الامر الذى يؤدى الى التاثير المباشر وبعيد المدى على قطاع الزراعه،ومن ثم على الامن الغذائى المصرى،ومن ناحيه اخرى تعتبر مصر مستوردا صافيا للغذاء مما يجعلها عرضه لاثر التغيرات المناخيه الكونيه وذلك لتاثيرها سلبا على عرض الغذاء العالمى مما يقود الى تصاعد اسعار الغذاء العالميه ومن ثم زياده فاتوره الغذاء المصرى،وما ينطوى عليه ذلك من زياده الضغوط على الموازنه العامه للدوله،وانكشاف مصر غذائيا للمخاطر الخارجيه(1).
5-الوقود الحيوى:يساهم ظهور الوقود الحيوى،كمصدر جديد ومهم للطلب على بعض السلع الاساسيه للزراعه – ومن بينها الذره والسكر والبذور النباتيه- فى ارتفاع اسعار السلع الاساسيه الزراعيه بوجه عام.مما يرفع من فاتوره واردات الدول المستورده للغذاء ويزيد العجز فى ميزان مدفوعاتها وهذا يوثر على خطط ومشروعات التنيه فيها. وترجع اسباب اللجوء الى الوقود الحيوى الى،ازداد انتاج الوقود الحيوى من السلع الزراعيه الاساسيه بسرعه فى السنوات الاخيره،ومن المتوقع ان تستمرهذه الزياده فى المستقبل، ويرجع هذا لارتفاع اسعار النفط،والحرص على التخفيف من اثار تغير المناخ عن طريق الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى،

(1)حنان محمود سيد عجبوه،مرجع سابق،ص 125.

بالاضافه الى رغبه الدول المتقدمه فى دعم المزارعين عن طريق زياده الطلب على المحاصيل التى ينتجونها.
ثانيا:السياسات والاليات التى تتخذها الحكومه للحد من الواردات المصريه من القمح:نتيجه لتعرض الاقتصاد المصرى للعديد من المخاطر الناتجه عن اعتماده على السوق الدوليه للقمح لتلبيه ما يقرب من نصف احتياجات المواطنين من القمح،بدات الحكومه فى اتخاذ عدد من السياسيات والوسائل لمواجهه هذه المخاطر ومنها:
1-زياده الانتاج المحلى من القمح:هناك عده محاور لزياده الانتاج المحلى من القمح فى مصر تتمثل فى؛التوسع الراسى “زياده الانتاجيه” وذلك من خلال اعاده التوزيع الصنفى على مستوى المحافظات وذلك فى المدى القصير أو من خلال تشجيع المزارعين على استبدال بعض الاصناف المزروعه حاليا بالاخرى المستنبطه حديثا والاعلى انتاجيه والاجود فى المواصفات والاكثر مؤائمه للتغيرات المناخيه وهو امر يعتبر ضمن اولويات السياسيه الزراعيه وذلك فى المدى الطويل،كما قد توسع الحكومه فى مساحه الاراضى المزروعه بالقمح فى الاراضى القديمه من خلال زياده مساحه القمح على حساب المحاصيل الاخرى،وقد تتوسع الحكومه فى مساحه القمح فى الاراضى الجديده وذلك عن طريق مياه الرى الناتجه من زياده مساحه القمح فى الاراضى القديمه على حساب البرسيم المستديم يحقق وفرا فى مياه الرى يحول الى مساحه من الاراضى الجديده تزرع بالقمح.
2-ترشيد الاستهلاك: يعتبر ترشيد الاستهلاك من الاليات الهامه فى معالجه الفجوه الغذائيه القمحيه وذلك بهدف الوصول الى معدىت مناسبه للاستهلاك والتى تتراوح بين120-150 كجم للفرد فى السنه بدلا من المعدل الحالى والذى بلغ نحو 198كجم للفرد فى المتوسط فى عام 2010 وهو معدل مرتفع مقارنه بالدول الاخرى اذ ان متوسط الاستهلاك العالمى لا يتجاوز 75كجم للفرد فى السنه،وهذا سيوفر على الاقتصاد القومى المصرى ما يقرب من 2,6 مليون طن قمح فى السنه.
3-تقليل الفاقد من القمح:يعانى محصول القمح من زياده حجم الفاقد سواء على مستوى المزرعه او فى مراحل ما بعد الحصاد،او اثناء النقل والتخزين،وكذلك فى مراحل التصنيع وحتى مراحل الاستهلاك النهائى،وقد تبين ان اكبر نسبه للفاقد من القمح المحلى كانت فى مرحلتى الحصاد والنقل بنحو 11%من انتاجيه الفدان.وقدرت نسبه الفاقد من القمح المستورد فى مرحلتى النقل والتخزين بحوالى 2,6% من الكميات المستورده فى الميناء،اى يصل نسبه الفاقد من القمح المحلى والمستورد الى حوالى 17% فى المتوسط سنويا، الامر الذى استلزم اتخاذ اجراءات واساليب فعاله من اجل تخفيضه او انعدام تاثيره من خلال تنظيم واتقان عمليات استقبال وتخزين وتعبئه ونقل القمح والدقيق ابتداء من وصول السلعه الى الموانى وكذلك منذ باديه عمليات الحصاد وحتى وصول الدقيق الى المطاحن،وتشديد الرقابه على المخازن لمنع تسرب الدقيق الى الاسواق وبيعه لاغراض غير مخصصه للاستهلاك الادمى،بالاضافه لنشر الوعى الاستهلاكى وتعريف الناس بافضل الطرق لحفظ الخبز فى المنازل،فاذا امكن تخفيض حجم الفاقد بنسبه 5% باتباع هذه الاساليب لامكن توفير ما يقرب من نحو 740 الف طن.
4-التعاون الزراعى الاقليمى:يجب تعزيز علاقات التعاون والتنسيق الزراعى خاصه فى مجالات الاستغلال الامثل للموارد الزراعيه المتاحه،وتعزيز فرص الاستثمار الزراعى المشترك وبخاصه فى الاطار العربى والافريقى،وتنسيق السياسات والمواقف فى المحافل والهيئات الدوليه.فعلى سبيل المثال؛هناك اتجاه لاقامه مشروعات مشتركه بين مصر والسودان فى سياق ازمه الغذاء تتمثل فى تنفيذ مشروع مشترك لزراعه ملايين الافدنه على الحدود بين مصر والسودان باستثمارات مشتركه لتامين الغذاء بين البلدين(1).
5-تنوع مصادر استيراد القمح:يجب تنويع مصادر الحصول على واردات القمح،حيث يساهم هذا التنويع فى تخفيض تكلفه الاستيراد،وتقليل الضغوط التى قد تمارسها الدول المحتكره لواردات مصر من القمح.ويقترح زياده استيراد القمح من كازاخستان حيث يعتبر القمح بها ذو جوده عاليه وتكلفه منخفضه بما يعود بالايجاب على تكلفه الاستيراد،ويعتبر ايضا القمح المستورد من كازاخستان ثانى اجود الاقماح فى العالم بعد القمح الكندى.
ويمكن القول بان التنفيذ الدقيق لهذه السياسات والاليات للحد من مخاطر استيراد القمح وتقليل الفجوة الغذائيه القمحيه فى مصر سوف يعمل على توفير حوالى 6,5 مليون طن من القمح سنويا.

(1)المنظمه العربيه للتنميه الزراعيه،ديسمبر2009،ص116.

المبحث الثانى :
مشكلة انتاج الخبز فى مصر واهم اسبابها

يعد رغيف الخبز المكون الغذائي الرئيسي علي مائدة الأسرة المصرية أيا كان مستوي معيشتهم ويطلقون عليه العيش وهو مشتق من كلمة حياة أو المعيشة.
فالمعيشة والعيش كلمتان مترادفتان من هنا نقول لا معيشة بلا عيش تؤكد أن الخبز أساس الغذاء في مصر ويتميز الخبز البلدي أنه يحتوي علي مواد نشوية وبروتينية ومعدنية مهمة في الغذاء اليومي للمواطن .
حيث شهد “رغيف الخبز” مؤخراً أزمة حادة، زادت معها كثافة الطوابير الناس سعياً للحصول عليه
وأصبح حديث الساعة هو “رغيف الخبز” ومعه استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية وتعد مشكلة رغيف الخبز المدعم هي قضية هامة وعويصة في آن واحد فهي هامة لأنها متعلقة بالمكون الأساسي لوجبة الطعام لما لا يقل عن ثلثي أفراد الشعب بما فيهم الـ 40 % الذين هم تحت خط الفقر، وهى عويصة لان دعم الموازنة العامة للدولة لرغيف الخبز قد زاد بصورة رهيبة منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي حتى وصل مبلغ دعم رغيف الخبز إلى حوالي 20 مليار جنيه في الموازنة العامة الجديدة.
وبالرغم من ذلك فلا المواطن توفر له رغيف خبز بمواصفات آدميه بدون طوابير كبيرة وعلى مدار اليوم ولا توقفت عملية سرقة الدقيق المدعم.
فقد يرى البعض أن سبب أزمة الخبز يرجع لنقص الدقيق، ومنهم من يرى أن السبب هو النقص فى عدد المخابز التى تقوم بانتاج رغيف الخبز المُدعم، ومنهم من يلقى اللوم فى نقص رغيف الخبز على ارتفاع الأسعار العالمية للقمح، وفريق من الناس يرى أن السبب هو التقصير فى الرقابة على تلك المخابز وآلية انتاج الخبز .

ومع تفاقم مشكلة الخبز أصبح لزاماً البحث عن أسبابها والمراحل التى مرت بها، وبالتالى الحلول المطروحة لفك لغز هذه الأزمة، فهناك العديد من الأسباب التى تسببت فى اشتعال أزمة الخبز وعودة الطوابير مرة أخرى، حتى أصبح الحصول على رغيف للخبز يمثل مُعاناة بالنسبة للمواطن المصرى نذكر منها :

1- ارتفاع أسعار القمح عالمياً، وما تبعه من نقص المعروض من القمح
2- ارتفاع أعداد المخابز المُغلقة بسبب المخالفات التى ارتكبتها.
3-نقص المعروض من رغيف الخبز “الطباقى” بكل مواصفاته وأنواعه بالرغم من قلة وزنه إلى درجة كبيرة عما كان عليه من قبل.
4-التلاعب بشكل عام فى ملف الخبز
5-فارق سعر توريد الدولة للدقيق المدعم للمخابز عن سعر مثيله في السوق الحر هو فارق ضخم ويحقق لمعدومي الضمير من أصحاب المخابز مبالغ هائلة من الربح الحرام من خلال بيع الدقيق المدعم في السوق السوداء وذلك لأن الدولة تدعم رغيف الخبز بحوالي 80 % من تكلفته حتى تتمكن المخابز من بيعه للجمهور بسعر 5 قروش.

6-الريف المصري وحتى منتصف تسعينيات القرن العشرين كان يعتمد على نفسه ذاتياً في توفير القمح وكذلك في صناعة رغيف الخبز منزلياً .. وكان موضوع شراء الخبز من المخابز حتى وقت قريب هو أمر يلحق العار بصاحبه لأنه يعنى أنه لا يملك غلال في منزله … ولكن تغير الأمر خلال العشرين الماضية فأصبحت الغالبية العظمى من سكان الريف يشترون الخبز من المخابز مما نتج عنه طوابير الخبز الرهيبة التي شاهدناها خلال السنوات العشر الأخيرة.

7-قيام العديد من الأفراد في الريف والأماكن الشعبية باستخدام الخبز المدعم كغذاء للطيور والحيوانات وذلك لرخص ثمنه حيث أن كيلو العلف أو الدشيش يوازى 5 أضعاف تكلفة كيلو الخبز.

– أزمةالخبزوموجةالغلاء:
جاء تزامن أزمة الخبز مع ارتفاع الأسعار فأصبح هناك ربط تلقائى بينهما، وأن مشكلة رغيف الخبز فى مصر تمثل إحدى نتائج موجة الغلاء التى تجتاح الأسواق بالنسبة لمُعظم السلع الغذائية، خاصة مع تزايد حجم الاستهلاك الناجم عن الزيادة السكانية والنقص فى كم المعروض من القمح، الذى أدى لمُضاعفة أسعاره بالإضافة لأوجه متعددة للتلاعب فى ملف الخبز المُدعم، والتى تمثل محصلة لتراكمات كثيرة، فشلت الحكومات المصرية المتعاقبة فى التصدى لها

– ومع تفاقم حجم أزمة الخبز كان لابد من التنسيق بين الوزارات المختصة ووزارة التضامن الاجتماعى للعمل على حل المشكلة وتوفير رغيف الخبز على مستوى المحافظات، خاصة المناطق المحرومة والتى تكون ذات كثافة سُكانية عالية، وإعداد منظومة رقابية على إنتاج الخبز، والعمل على إعادة فتح المخابز المُغلقة، وزيادة حصص الدقيق فى ظل آلية رقابية صارمة، مع ضرورة إعادة النظر فى التركيب المحصولى للقمح، بالإضافة إلى العمل على توعية المواطن خاصة فيما يتعلق بترشيد الاستهلاك للخبز.

– الاليات التى تتخذها الدولة لمواجهة مشكلة الخبز البلدى المدعم فى مصر:-
هناك العديد من الاليات التى يمكن للدولة تفعيلها لتطوير انتاج الخبز البلدى المدعم بهدف زيادة فاعلية نظام دعم رغيف الخبز البلدى وتتمثل اهمها فيما يلى :
1. التوسع فى زراعة القمح .
2. تطبيق سياسة فعالة لخلط دقيق القمح بالذرة الشامية واضافة الحديد الى رغيف الخبز .
3. تحرير صناعة الدقيق المدعم لانتاج الخبز البلدى .
4. التوسع فى انشاء مجمعات الخبز بالقوات المسلحة وتشغيل الخطوط العاطلة بها .
5. احكام الرقابة الكمية والنوعية على الخبز
3- الاهتمام بالبحث العلمى لتطوير الانتاج

1- التوسع فى زراعة القمح :
ينبغى تحقيق الاكتفاء الذاتى فى زراعة القمح حتى تنخفض تكلفة فاتورة الواردات القمحية للحد من مشكلات انتاج الخبز البلدى وذلك من خلال التوسع فى زراعة القمح فى الاراضى الجديدة وخارج حدود الدولة وخاصة فى السودان حيث تشير التقديرات الى ان دولة السودان لديها فائض فى الاراضى الزراعية يقدر باكثر من عشرين مليون فدان من اخصب الاراضى الزراعية التى تتوافر المياه المطلوبة لزراعتها وان الاستثمار فى هذه الاراضى فى الانتاج الزراعى يحتاج الى الخبرة الفنية والعلمية الموجودة فى مصر وهذه المساحات الكبيرة من التربة الزراعية الخصبة كفيلة بان تحقق للدول العربية الاكتفاء الذاتى من الغذاء وان لم تاخذ مصر هذه المبادرة فان العديد من الدول العربية والاجنبية ستقوم بالمنافسة على الاستثمار فى زراعة القمح بالسودان مثل الصين وكوريا الجنوبية اللذان يتنافسان على انتاج الوقود الحيوى باستخدام الحبوب الخاصة بالقمح وذلك باستثمارهما فى زراعة القمح فى السودان ويجب ان يؤخذ فى الاعتبار مايلى :
– الشراء من الاسواق العالمية كذلك الزراعة خارج الحدود لابد من ان تكون فى مرتبة تالية بعد استنفاز طاقتنا فى الزراعة داخل مصر
– الشركات او المستثمرين المصريين لن يوردوا القمح لمصر باقل من الاسعار العالمية وقد يكون الدفع بالعملات الحرة اسوة بالسوق العالمية حيث لايتصور ان يعطى المستثمر ميزة نسبية لمصر ايا كان جنسيته
– يمكن ان تكون الزراعة تعاقدية مع الشركات المستثمرة خارج حدود مصر بمعنى ان تتعاقد وزارة التضامن على زراعة مساحة معينة ويكون التوريد بالاسعار العالمية وبشروط خاصة حتى تضمن توريد القمح عند ظهور عوامل مؤثرة اخرى
ينبغى ان نضع فى الاعتبار تكلفة الفرصة البديلة خاصة اذاتوسعنا فى زراعة القمح كسلعة استيراتيجية على حساب زراعة الخضروات والفواكه وتصديرها

2- تطبيق سياسة فعالة لخلط دقيق القمح بالذرة الشامية واضافة الحديد الى رغيف الخبز :
يعد الاستمرار فى تطبيق سياسة خلط دقيق القمح بالذرة الشامية بنسب متفاوتة من اكثر الاليات التى تقلل من نسب التسرب حيث اتخذت وزارة التموين سابقا قرارا فى عام 1995 بخلط دقيق القمح بالذرة بنسب لاتتجاوز 20% للذرة لانتاج الخبز البلدى وذلك لتوفير 20% من القمح المستور بما يعادل مليون طن قمح يتم استيراده وما يتبعه من توفير عملات اجنبية بينما اتخذت وزارة التضامن الاجتماعى فى عام 2006 قرارا بوقف خلط دقيق الذرة بالقمح لما تصورته انه فى صالح تحسين مواصفات الرغيف المنتج حيث ان دقيق الذرة يجعل الرغيف البلدى اقل انتفاخا وقد اشارت دراسات الوزارة ان دقيق الذرة يقلل من زمن تخزين الخبز البلدى وكانها تشجع على تخزين الخبز رغم ان النمط الاستهلاكى فى مصر هو استخدام الرغيف طازجا ويوميا وهذا فى صالح الدولة الا يقوم المستهلك بتخزين الرغيف ومايتبعه من حدوث فاقد نتيجة للتخزين هذا الى جانب ان لتطبيق سياسة خلط دقيق القمح بالذرة الشامية فى انتاج الخبز العديد من المزايا ومنها :
– الحد من تهريب الدقيق المخلوط فى السوق السوداء حيث ان وجود دقيق الذرة مخلوط فى المطاحن مع دقيق القمح يجعل هذا الدقيق غير صالح لانتاج المخبوزات الافرانجية وبالتالى فان وجود دقيق الذرة كان يمنع تماما تهرب الدقيق المدعم الى المخابز الافرانجية لانتاج الخبز الافرنجى بعد اعادة نخله لتحويله الى دقيق استخلاص 72% اى انه شهادة ضمان المثالى لاستخدام هذا الدقيق فى انتاج الرغيف المدعم فقط
– خفض تكلفة فاتورة الواردات من القمح وهذا يخفض من العبء على ميزانية الدولة
ففى ظل ارتفاع اسعار القمح فى الاسواق العالمية ووصوله مثلا الى اكثر من 2500 جنيه مصرى للطن فان توفير 20% من القمح المستورد يعنى توفير اكثر من مليون طن قمح يتجاوز ثمنها 400 مليون دولار عام 2005 وهو مبلغ كبير ينبغى توفيره للاقتصاد المصرى خاصة ان طن الذرة المورد للدولة لا يتجاوز الف جنيه للطن
– كما يؤدى الخلط الى تشجيع الفلاح المصرى على التوسع فى زراعات كل اصناف الذرة التى تستخدم فى الخلط مع الدقيق او الذرة الاعلاف وهذا يؤدى لتخفيض التوسع فى زراعة الارز وتوفير كميات كبيرة من المياه اضافة الى الرواج المالى للمزارعين وعدم استغلال التجار لهم
– الحد من ازمة طوابير الخبز حيث ان وجود الذرة فى الخبز المدعم يجعل المستهلك يشترى فقط ما يلزمه يوميا دون اسراف او حاجة للتخزين او التجميد مما يقلل من الطوابير امام المخابز نتيجة لشراء كل فرد لكميات كبيرة من الخبز قد تؤدى به الى عدم الاستفادة من جزء كبير منه وفقده فى النهاية
ويعد مشروع اضافة نسبة الحديد الى دقيق الخبز البلدى مشروع قومى يغطى محافظات مصر خلال 3 سنوات بدا فى الربع الاخير من عام 2007 كمشروع مشترك بين وزارة الصحة والسكان ووزارة التضامن الاجتماعى وبرنامج الغذاء العالمى التابع للامم المتحدة ومنظمة اليونيسيف وقطاع الاعمال للمطاحن ويكمن دور وزارة الصحة من خلال المعهد القومى للتغذية فى المشاركة فى وضع الشروط الصحية والمواصفات واختيار الافضل من حيث المطابقة واجراء ابحاث تقييم المشروع على الصحة قبل وبعد المشروع لرفع وعى الاسرة المصرية للتغذية السليمة المتوازنة والاشتراك مع جهات اخرى فى تنفيذ نظام ضبط الجودة فى المطاحن وتدريب العاملين بها وشراء وتركيب المغذى الذى يوضع على كل خط انتاج لدقيق استخراج 82% للخبز البلدى والاشتراك فى الاشراف والمتابعة لخطوات المشروع وتقديم التقارير للمسؤلين
3- تحرير صناعة الدقيق المدعم لانتاج الخبز البلدى :
قامت اللجنة الوزارية لتطوير القمح بتطبيق سياسة تحرير صناعة الدقيق المدعم لانتاج الخبز البلدى فى يوليو 2009 وقد يؤدى تاخر تطبيق تلك السياسة الى زيادة تسرب القمح المخصص لانتاج دقيقي الخبز البلدى الى السوق السوداء لصالح الشركات الفائزة بمناقصات الدقيق الطباقى استخراج 82% الذى يعتمد على تسلم المطحن القمح من الشون لطحنه مقابل اجرة طحن ثم يسلمه الى التموين ويعتمد النظام الجديد على دخول شركات المطاحن العامة والخاصة فى مناقصة لتوريد الدقيق المدعم مباشرة الى المخابز
وجاءت فكرة التحرير للدقيق وسط استمرار معارضة مطاحن قطاع الاعمال للسياسة الجديدة التى تلغى اسلوب الربط وتسمح للقطاع الخاص بالدخول فى المناقصات ومنافسة المطاحن العامة لتوريد الدقيق المدعم .
وقد بدات مطاحن شرق الدلتا عملية التطوير لقطاع الطحن فى محافظات الدقهلية ودمياط للتوسع فى دخول مناقصات توريد الدقيق استخراج 76% لانتاج الخبز البلدى الطباقى استعدادا لتطبيق الحكومة لسياسة تحرير صناعة الدقيق المدعم 82%
وتجدر الاشارة الى ان عملية التطوير هدفها زيادة القدرة الانتاجية للمطاحن وتزويدها بمعدات حديثة مستوردة من الخارج
4- التوسع فى انشاء مجمعات الخبز بالقوات المسلحة وتشغيل الخطوط العاطلة بها :
تقوم القوات المسلحة بجانب دورها فى الحفاظ على امن الوطن والمواطنين بمعاونة القطاع المدنى فى حل مشكلات المواطنين لرفع المعاناة عنهم وتوفير الامن الغذائى لهم ومن هذا المنطلق تم التعاقد عام 1983 بين القوات المسلحة متمثلة فى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ادارة التعيينات والشركة القابضة للمضارب والمطاحن متمثلة فى الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى وشركة مطاحن الاسكندرية بهدف ادارة وتشغل القوات المسلحة لسبعة مجمعات انتاج الخبز الية وقابلة للزيادة بعد موافقة الطرفين وهى مملوكة لشركتى مخابز القاهرة الكبرى ومطاحن شمال الاسكندرية .
وقد نجحت مجتمعات الخبز الكبيرة للقوات المسلحة فى الاستفادة من اقتصاديات الحجم حيث
يتحقق المجمعات العسكرية بالقوات المسلحة فائضا فى انتاجها يصل الى 47% من اجمالى حجم الانتاج المستهدف يتطلب تحديد اكثر المناطق احتياجا قبل التوسع فى انشاء تلك المجمعات وهذا يتطلب بدوره تطوير منظومة ادارة وتشغيل تلك المجمعات وذلك قبل الشروع فى زيادة خطوط الانتاج او انشاء مجمعات بالمحافظات الاكثر احتياجا وتاخذ عملية التطوير فى الاعتبار ما يلى :

– توفير الايدى العاملة الماهرة حتى يتم الارتقاء بمستوى انتاج المجمعات ويقترح فى هذا الشان ضرورة توافر صناع خبز ماهرين فى هذه المجمعات مع التدريب الافراد الذين يتم التحاقهم بهذه المجمعات اثناء فترة تادية الخدمة العسكرية وذلك بهدف توفير خبز ذى مواصفات فنية جيدة
– تفعيل الرقابة على انتاج القوات المسلحة وذلك لضمان جودة الرغيف المنتج من خلال وجود جهة رقابية من وزارة التضامن الاجتماعى وتقوم الوزارة بالرقابة على تلك المجمعات بجانب قيامها بالرقابة على المخابز البلدية المدعمة

– تقوم الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى بانتاج الخبز البلدى والافرنجى والشامى المدعم والمسعر جبريا وذلك من خلال 104 وحدة انتاج بها مجهزة بخطوط انتاج والافران والمعدات والادوات والعمالة الفنية المتخصصة لدفع انتاجها من اصناف الخبز المدعم بمنافذ التوزيع التابعة لها لتغطى احتياجات المواطن بمحافظات القاهرة والجيزة و6 اكتوبر بكمية اجمالية قدرها 5,5 مليون رغيف بلدى مدعم وتعتبر الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى هى الاولى فى انتاج الخبز المدعم بالمقارنة بباقى شركات قطاع الاعمال هذا وتلتزم الشركة باستيراتيجيات انتاج الخبز بالكم والجودة المطلوبة كما يتم العمل على تطوير وتحديث صناعة الخبز وادواتها ووضع معدلات صحيحة لمدخلاتها واساليب انتاجها وتوزيعها والسير بخطوات مدروسة لتنمية الموارد البشرية لمهن الخبز المختلفة والعمل على رفع مستواها وكفاءتها .

5- احكام الرقابة الكمية والنوعية على الخبز البلدى :
تعد عملية الرقابة احد اهم الاليات لتطوير الانتاج وتشمل كلا من الرقابة الكمية والنوعية وتتمثل اوجه الرقابة الكمية فيما يلى

– مطابقة كمية انتاج الخبز المدعم للحصص اليومية المقررة للمخبز وذلك من خلال التاكد من حصول منافذ التوزيع على الحصص اليومية من المخابز ووفقا لحصص الدقيق المدعم المربوط لكل مخبز ومن ثم يضمن ذلك انتاج المخابز لحصص الدقيق المدعم دونبيعها فى السوق السوداء .
اما الرقابة النوعية فهى تلك الرقابة التى تشمل الاليات التالية

– احكام الرقابة على المطاحن فى مختلف مراحل طحن القمح بدء من تخزينه وغربلته وغسله وتجفيفه ونخله وطحنه وخلطه بالذرة وتعبئته بضمان انتاج دقيق مطابق للمواصفات الفنية للخبز البلدى المدعم حيث تعانى المطاحن من غياب الية الرقابة خاصة فى مطاحن القطاع العام

– احكام الرقابة الحالية للمخابز والمجمعات العسكرية وذلك للتاكد من مطابقة الخبز للمواصفات الفنية التى حددتها وزارة التموين سابقا
– اعادة تاهيل القائمين على عملية الرقابة ويتضمن هذا المقترح اعادة التاهيل المهنى للافراد المخول لهم تنفيذ اجراءات الرقابة بحيث يضمن ذلك القضاء على الفساد المرتبط بهذه العملية ويصاحب ذلك تغليظ الجزاءات والعقوبات على من يثبت تورطهم فى التساهل فى عمليات الرقابة

– انشاء صندوق شكاوى مستقل يقوم مباشرة دوره من خلال ادارة داخلية للبت فى الشكاوى المقدمة والتحقيق فيها والتنسيق مع مباحث التمويل الجمعيات الاهلية وجمعية حماية المستهلك ويرتبط بذلك توعية المواطنين لهذا الصندوق من خلال حملة اعلامية بدور هذا الصندوق والسبل المختلفة للاتصال بهم وتقديم الشكاوى

– اشراك الجمعيات الاهلية والتعاونية حيث يتم السماح لجمعيات المجتمع المدنى وجمعيات حماية المستهلك بمشاركة جهات الرقابة الرسمية للقيام باعمال الرقابة الدورية على منافذ توزيع الخبز خاصة فى المناطق الريفية حيث تنتشر هذه الجمعيات بالقرى المختلفة على مستوى الجمهورية .

6- الاهتمام بالبحث العلمى لتطوير الانتاج
يتلخص الدور المباشر وغير المباشر للبحث العلمى فى النقاط التالية :

– رفع انتاجية الاصناف المنزرعة والوصول الى سلالات تحدث طفرة فى الانتاج كالتى حدثت بداية من ادخالالاصناف المكسيكية مع تركيز على السلالات التى تعطى محصول عالى الجودة فى مناطق جنوب الوادى حيث مشروعات الاستصلاح الزراعى الكبرى كما تمكن علماء البحوث الزراعية والتكنولوجية الحيوية بوزارة الزراعة المصرية من تحقيق انجاز علمى جديد فى بحوث القمح وذلك باكتشاف صنف جديد من القمح المقاوم للامراض باستخدام التكنولوجية الحيوية واهمها امراض الصدا التى تدمر 50% من محصول القمح سنويا فى مصر ويحقق هذا النوع الجديد زيادة فى الانتاجية تقدر بنحو 5 اردب للفدان الواحد الى جانب عدم استخدان اى مبيدات نهائيا لمقاومة الامراض كما انه يعتبر امن على صحة الانسان لانه يدخل جينات من نفس محصول القمح والشعير والذى يعطى ضمان 100% على سلامة صحة الانسان من ناحية اخرى تمكن العلماء من استنباط صنفين جديدين من القمح بالطرق التقليدية .
وتجدر الاشارة الى انه استعانة سبع دول بالتجربة المصرية الجديدة بالاستفادة منها وزراعة هذه الاصناف فى بلادهم وهى افغانستان وباكستان والسودان واوغندا وتونس وتركيا وغينيا

– استخدام الميكنة فى كافة العمليات الزراعية لتضييق الفارق بين طاقة المزارع الانتاجية للاصناف القمحية والكمية الفعلية المنتجة منها والتى تقل حاليا بنسبة 25% عن الطاقة الانتاجية للاصناف المستنبطة وذلك يدخل فى مجال نقل التكنولوجية والارشاد الزراعى

– رفع كفاءة استخدام وحدة المياه حيث ان الدراسات تشير الى ان تطوير نظم الرى وتحديد مواعيد الاضافة المؤثرة للمياه يمكن ان يخفض الاستهلاك المائى بنسبة 15% كما يمكن ان يقلل الفاقد من المياه خارج الحقل بنسبة 20% نتيجدة لفقد المياه من المجارى المائية وكذلك مناوبات الرى الحالية

– رفع كفاءة استخام وحدة الارض عن طريق المحافظة على خصوبتها من خلال برنامج متوازن للتسميد والصرف حيث ان تدهور بدا على مساحات ليست قليلة فى شمال ووسط الدلتا
– اجراء الدراسات العلمية التى تحدد بشكل واضح الفقد فى كل مرحلة من مراحل التداول وكيفية التغلب عليها وكذلك يجب اجراء المزيد من الابحاث على نوعية رغيف الخبز المنتج حاليا حيث انه غير قابل للتخزين مع وجود نسبة رطوبة اعلى من المقررة التى لاتزيد الرطوبة عن 26% رغيف الخبز المنتج .

ومن احدث الاليات التى اتبعتها الدولة لزيادة فاعلية نظام دعم الخبز البلدى وتطوير انتاجه وتوزيعه لضمان وصول دعم العيش لمستحقيه من افراد الشعب هى منظومة دعم العيش البلدى .
تفاصيل المنظومة
وتعتمد المنظومة على قيام أصحاب المخابز التموينية بشراء الدقيق من المطحن بالسعر الحر 3280 جنيهًا، على أن يقوم بإنتاج 630 رغيفًا من كل جوال وزن 50 كجم، وتم الاتفاق بين وزارة التموين وأصحاب المخابز على أنّ تكون تكلفة إنتاج الرغيف 34 قرشًا ويقوم المخبز ببيعه للمستهلك بسعر 5 قروش للرغيف من خلال البطاقات الذكية.
ويتم تزويد كل مخبز بماكينة لقراءة الكروت مزودة بشريحة إنترنت، ويقوم البائع بوضع البطاقة في الماكينة التي تحدد كمية كل أسرة في اليوم بواقع 5 أرغفة للفرد، وفي نهاية عمل المخبز تقوم مديرية التموين باحتساب الأموال المستحقة لكل مخبزٍ، وتوضع مستحقات المخبز في الحساب البنكي الذي قام صاحب المخبز بفتحه.
وبالنسبة للمواطن يتم حساب نقاط لكل بطاقة عن كمية الخبز التي لم يشترها إجمالي المخصص له، وتحسب النقاط بواقع 10 قروش عن كل رغيف، من حق صاحبها صرف سلع بالمجان من مجمعات حددتها مديرية التموين.
وتبلغ تكلفة دعم الخبز فى الموازنة المصرية، نحو 21 مليار جنيه سنوياً.
وتعد مصر أكبر بلدٍ مستوردٍ للقمح في العالم، وتشتري الحكومة والقطاع الخاص نحو 10 ملايين طن من القمح سنوياً من الأسواق الخارجية .
وتواجه منظومة الخبز الجديدة التي أقرّتها الحكومة المصرية عدّة عقبات تهدد بفشلها في العديد من المحافظات، ومنها عدم حصول نسبة كبيرة من المواطنين على البطاقات الذكية بسبب تقاعس الشركة المكلفة بإعدادها، وضعف استعدادات المخابز لتطبيقها.
وتتمثل ايضا هذه العقبات فى زيادة عدد العشوائيات وعدم الانتهاء من إصدار البطاقات الذكية للمواطنين.
ازمة البطاقات :
ان شركة تكنولوجيا المعلومات التابعة لوزارة المالية تقاعست في المهمة الموكلة إليها بإصدار البطاقات الذكية، رغم حصولها على 18 مليوناً و200 ألف جنيه من عائد البطاقات التي يوردها البقالون التموينيون .
وتتضمن المنظومة الجديدة، حسب تصريحاتٍ سابقة لوزير التموين خالد حنفي، تحرير أسعار الدقيق وحصول المواطن على 5 أرغفة يومية، بعد استصدار كروت ذكية لجميع المواطنين من دون تمييز، فضلاً عن إصدار الكروت الذكية للمستشفيات والملاجئ وغيرها للحصول على الحصص المجمعة من الخبز بالسعر الرسمي.
وأوضح أنّه سيتم تخفيض وزن الرغيف من 120 جراماً إلى 90 جراماً.
وأضاف: “المنظومة ستوفر1.1 مليار دولار سنوياً مهدرة في تهريب الدقيق المدعم، واستخدام الخبز في أعلاف الماشية”.
ورغم هذه المخاوف، قررت وزارة التموين، تطبيق المنظومة في جنوب القاهرة ، وتشمل مناطق حلوان والمعادي والتبين و15 مايو والقاهرة الجديدة، ويتوقع تطبيقه بمركزي أطفيح والصف بمحافظة الجيزة لقربهما من حلوان.
وبدأت التجربة في محافظة بورسعيد ثم السويس والإسماعيلية.
وحسب محللين فإنّه يبدو أنّ وزارة التموين اختارت التطبيق في محافظات القناة حتى تتمكن من انجاح التجربة، فالخبز في هذه المحافظات في الأصل جيد، كما أنّ الوجبة الأساسية للبورسعيدية والسوايسة تعتمد على الأرز مع السمك، أما الخبز البلدي فيقتصر تقريباً على وجبة العشاء، وربما وجبة غداء واحدة في الأسبوع.
ورغم ذلك يواجه تطبيق المنظومة في بورسعيد عدداً من المشاكل حسب هؤلاء المحللين، أهمها عودة الطوابير أمام المخابز، وهي التي كانت قد انتهت بتطبيق نظام توزيع الخبز على المنازل، بجانب وجود مشاكل لدى أصحابها في تشغيل الماكينات المخصصة لاستخدام الكرت الذكي، كضعف الشبكة، أو عدم قدرتهم على تشغيلها بالرغم من تلقيهم التدريب الكافي قبل تطبيقها، وهو ما أدى لعدم حصول عددٍ منهم على الخبز.
ويقول هندي سالم، موظف: “الوزارة اختارت بورسعيد لاختبار التجربة والكل يعلم أنّ المحافظة لم يحدث بها من قريب أو بعيد أيّ مشكلةٍ في الخبز المدعم، والمؤكد أنّ الوزارة اختارت بورسعيد لإنجاح التجربة”.
وأكد حمدي عبد الستار، عامل، وجود فاسدين لا يسعون لتطبيق المنظومة حتى يستمر المواطن ذليلاً للحاجة، وتستمر إهانة المواطن العادي بالوقوف في الطوابير لفترات طويلة.
وتقول أم سعيد، ربة منزل: “المشكلة ليست في محافظة بورسعيد؛ لأنّنا نعتمد في الوجبة الأساسية على الأرز أما المحافظات الأخرى ممكن يبقى عندها مشكلة”.

ومن السويس يتساءل محمدين مغربي، عامل صعيدي مغترب: ” ماذا نفعل نحن العمالة المغتربة التي تحتاجها المدن التي تتعامل مع منظومة الخبز، حيث لا تتيح المنظومة للمغتربين الحصول على الخبز المدعوم”.
الفصل الثالث :
تاثيرسياسة دعم القمح على الاقتصاد المصرى
تعتبر قضية الدعم احد اهم القضايا المؤثرة ومحل الجدل في الاقتصاد المصرى في الوقت الراهن فغالبية الدول النامية تحتاج لنظم دعم دقيقة وتمويل مادى واسع لمكافحة الفقر ،وتوفير سبل الحماية الاجتماعية لمحدودى الدخل. وفى هذا الاطار يعد الانفاق الذى تقوم به الدولة ،بكافة اشكالة،الذى يستهدف الفقراء ومحدودى الدخل بالأساس احد الأدوار الأساسية لها وبخاصة في الدول النامية لما يتضح فيها من انخفاض للدخول ومستويات الافراد ويستتبع هذا الأخير وبخاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة ان توفر الدولة انفاقا متزايدا الى نود الدعم السلعى المختلفة ورفع كفاءة الانفاق فيها ،اى ان وجهة النظر الى سياسة الدعم السلعى المتبعه لا تخلو من كونها سياسة اقتصادية –اجتماعية، ولها انعكاسات اضحة على الموازنه العامة للدولةحيث ان تقديم الدعم السلعى في كثير من الأحيان يساعد على حماة الفقراء وتخفيف العب على محدودى الدخل الا انه في الوقت نفسه يؤدى مع تزاد اعتماداته في الموازنه العامة للدولة الى زيادة العب عليها،وتربح البعض في ظل جوده من ازداوجية الأسواق،وتسرب الدعم الى غير مستحقيه في كثير من الأحيان.
ولذلك ينقسم على الفصل الى مبحثين،فيركز الأول على نمو الدعم وتوجهات النفقات العامة في الموازنة العامة للدولة،ويركز الثانى على إيجابيات وسلبيات سياسة الدعم على الاقتصاد المصرى.

المبحث الاول :-
نمو الدعم وتوجهات النفقات العامة فى الموازنة العامة للدولة:

تعكس الموازنة العامة للدولة البرنامج الاقتصادي للحكومة وهي أداة لتنفيذ السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، وقد أدى تطبيقها بعد ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011 إلى نمو حجم الإنفاق العام مع قصور نمو الموارد المالية لمقابلة الزيادة في الإنفاق العام، وإنعكس ذلك بالتالي في إستمرار عجز الموازنة العامة الذي صاحبه العديد من الآثار السلبية على الاقتصاد، كلما إرتفعت نسبة العجز إلى الناتج المحلي، وينبغي ألا تزيد تلك النسبة عن 9٪ وتسعى الدولة إلى تخفيض العجز الكلي للموازنة إلى الحد الأدنى. وينقسم العجز الكلي إلى العجز الجاري وعجز الموازنة الاستثمارية , ويترتب على عجز الموازنة الجارية آثار تضخمية حادة تؤدي
الى إرتفاع الأسعار وتراكم الدين المحلي الداخلي وزيادة أعباء خدمة الدين الذي يمثل ربع حجم الإنفاق العام، كما يؤثر ذلك على قدرة الحكومة على زيادة حجم الاستثمارات العامة وعلى تلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمع في حين لا يمثل عجز الموازنة الاستثمارية خطورة على الاقتصاد المصري، ويرجع ذلك إلى أن الإستثمارات العامة تولد إنتاج ودخول تمكن الحكومة من سداد تكلفة تمويل عجز الموازنة الإستثمارية .
إضافة إلى ذلك، تواجه الحكومة تصاعدا فى عجز الموازنة والذى وصل إلى ٢٤٠ مليار جنيه فى العام المالى الماضى أى ما يعادل ١٣٫٨٪ من الناتج المحلى ومن المتوقع أن ينخفض إلى حوالى ٢٠٠ مليار جنيه (١٠-١١٪ من الناتج المحلى) فى العام المالى الحالى بفضل المساعدات الخليجية. وقد أدى تصاعد العجز إلى تفاقم الدين العام الذى وصل لقرابة ١٠٠٪ من الناتج المحلى ورفع تكلفة خدمة الدين لقرابة ربع الموازنة .
وقد استطاع الاقتصاد المصرى أن يصمد منذ ٣٠ يونيو وحتى الآن بفضل المساعدات الخليجية السخية، لكن من الواضح أن هذه المساعدات لن تستمر على نفس المستوى وسيكون علينا اللجوء للمؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولى والتى لن تقوم بالتمويل إلا بعد تبنى برنامج إصلاح اقتصادى يبدأ فى علاج المشكلات والتشوهات الاقتصادية المزمنة,ولذلك فالبدء بالإصلاحات الاقتصادية فى هذه الموازنة لم يعد رفاهية , فهذه المسكنات الى تلجا اليها الحكومة المصرية من التباهى بخفض عجز الموازنة العامة من خلال المساعدات الخليجية او اتخاذ اجراءات لا تراعى تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية لن تكون ناجحة فى علاج معضلات الموازنة العامة .
وايضا من اهم الاسباب التى ادت الى الوضع السلبى للموازنة العامة بمصر هو التوظيف السياسى للانفاق العام فكلما كانت الحكومة فى حالة لاسترضاء الراى العام اتخذت قرارات غير مدروسة من حيث الاعباء المالية وبالتالى اخذ الدين العام فى التصاعد دون وجود برنامج لسداده او ادارته بالطريقة التى تلجمه فى اطار المعدلات المسموح بها .

ونتيجة لذلك قامت مصر بمجموعة من الاصلاحات والاجراءات فى محاولة لاصلاح الموازنة العامة وتخفيض العجز والتى تمثلت فى تخفيض سعر الفائدة على الاقتراض بنحو 2%، والذي اتبع منذ يوليو/تموز 2013، والإعلان عن تطبيق الحد الأقصى للأجور، وتخفيض قيمة الدعم بموازنة العام المالي 2014/2015، بنحو خمسين مليار جنيه، وزيادة الإيرادات بنحو 35 مليار جنيه من خلال فرض حزمة من قوانين الضرائب الجديدة .
كما اقترح بعض الخبراء الاقتصاديين أن يعاد النظر في سياسات الدعم وأن يستبدل به إنفاق اجتماعي موجه، بحيث تستفيد منه الفئات المستحقة والأكثر حاجة للدعم. وللحيلولة دون تدهور الأوضاع السياسية والاضطرابات التي قد تنتج عن سياسة النظام في ترشيد الدعم، على الحكومة أن تجري حملة قومية تقوم فيها بتوعية المواطنين بالآثار السلبية المرتبة على سياسات الدعم الحالية، وضرورة إصلاحها، وما سيترتب على هذه الإصلاحات من منفعة مباشرة للمواطنين، وحل للأزمة الاقتصادية بشكل عام .
ويتوقع أن يتجاوز عجز الموازنة العامة بمصر حاجز 11% الذي أعلن عنه الوزير في ضوء الأداء الاقتصادي الحالي، وفي ضوء التصرفات المالية التي تتخذها الحكومة، وبالتالي لن يكون نصيب الشعب من الإجراءات التي اتخذت لخفض الدعم، سوى رفع الأسعار، وزيادة التضخم وكذلك زيادة معدلات الفقر والبطالة, وأن ما اتخذ من إجراءات كان بمثابة مسكنات استعصت على علاج مشكلات الموازنة العامة المزمنة
بعد إجراء تخفيض الدعم، في بداية يوليو/تموز 2014، كان من الطبيعي أن تزداد معدلات التضخم، ولم يجد البنك المركزي مفر من رفع سعر الفائدة بمعدل 1%، في منتصف يوليو/تموز، لتصبح الفائدة على الإيداع 9.25%، وعلى الإقراض 10.25
ومن شأن هذه الخطوة أن تحمل الموازنة العامة عشرة مليارات جنيه كزيادة في تكلفة الاقتراض لتمويل الموازنة العامة، وبخاصة أن القرار اتخذ في بداية العام المالي، ولا تزال الحكومة المصرية تمارس الاقتراض بشكل أسبوعي بما قيمته خمسة إلى سبعة مليارات جنيه مصري

المبحث الثانى:
إيجابيات وسلبيات سياسة دعم القمح في الاقتصاد المصرى
أولا: إيجابيات دعم القمح على الاقتصاد المصرى:-
نظرا لاعتبار القمح من أهم محاصيل الحبوب الغذائية في مصر سواء في الانتاج أو الاستهلاك أو التجارة الخارجية ولأنه المحصول الاستراتيجي الأول في الأمن الغذائى .
يقول الدكتور محمد سالم مشعل رئيس قسم الاقتصاد بكلية زراعة جامعة القاهرة أن القمح يعتبر أهم سلع الواردات الزراعية والغذائية المصرية في ظل زيادة الطلب العالمي عليه، وذلك بعد تحول بعض الدول المصدرة للقمح إلي دول مستوردة مثل الصين والهند نظرا للتغيرات المناخية والزيادة السكانية مما يمثل خطورة كبيرة علي الأمن الغذائي، خاصة بعد تطبيق اتفاقية الجات، وإلغاء الدعم المقدم إلي منتجي ومستهلكي الغذاء، وأيضا في ظل الظروف العالمية غير المواتية والمتلاحقة بالمنطقة التي نعيش فيها .
ولمواجهة مشكلة القمح اتجهت مصر إلي تنمية مواردها الزراعية بصورة تحقق الكفاءة في إستخدام الموارد المتاحة ومواجهة احتياجات السكان من خلال اتباع وتطبيق أحدث التكنولوجيا التي تتوصل إليها أجهزة البحث العلمي الزراعي، وكذلك تقوية وزيادة فاعلية وكفاءة أجهزة الارشاد الزراعي لضمان تبني المزارع للتكنولوجيا الجديدة مع العمل علي تحسين المناخ الاقتصادي من خلال سياسات التحرير وزيادة دور القطاع الخاص لضمان كفاءة تطبيق التكنولوجيا الملائمة لتحسين الانتاج، ومن الناحية النظرية، فهناك مجموعة من التوليفات لهذه المدخلات، والتي يمكن استخدامها بنسب مختلفة في العملية الانتاجية إلا أنه عمليا يتم تبني توليفة واحدة منها، وهي تلك التي تتسم بكفاءتها الاقتصادية، حيث تتوقف تلك الكفاءة علي هيكل أسعار العناصر الانتاجية في الزمان والمكان الذي تم التوصل فيه إلي الابتكار العلمي .
بالاضافة الى انه لا يمكن مواصلة دعم المزارع الاجنبي باستيراد القمح مشددا على أن مصر ستصل الى الاكتفاء الذاتي خلال بضع سنوات .

مصر لن تستمر في دعم الفلاح الاجنبي على حساب الفلاح المصري باستيراد القمح من الخارج حيث تسعى في السنوات القليلة القادمة للاكتفاء الذاتي من القمح لان هذه المسألة مسألة أمن قومي .
ان استهلاك مصر من القمح العام الماضي بلغ 12 مليون طن استوردت مصر منها نحو 6 ملايين طن أى أن الرغيف الذي يتناوله المواطن المصري مستورد.ويقدر خبراء أن مصر احدى أكبر دول العالم استيرادا نصف للقمح أنتجت في عام 2004 ما بين ستة ملايين و5,6 مليون طن من القمح لم يصل منها الى السوق سوى مليوني طن أما الباقي فتم استهلاكه من جانب المزارعين. وكانت وزارة التموين قد ذكرت أن الحكومة جنبت مخصصات مالية لشراء نحو 5,3 مليون طن من القمح من المزارعين هذا العام.
ويقول الخبراء ان الاجراءات التي تطبقها الحكومة في هذا الصدد والتي تشمل زيادة سعر شراء القمح من المزارع وتقديم خدمات زراعية مجانية لا بد ستسفر عن زيادة الانتاج المحلي لتعويض الفجوة. حيث أن مساحة الاراضي المزروعة بالقمح زادت الى أكثر من ثلاثة ملايين فدان بارتفاع 15 في المئة حين كانت 4.2 مليون فدان.
وأضاف ان الحكومة تقدم أيضا خدمات مجانية مثل تسوية الارض ومقاومة الحشائش لتشجيع الفلاح على زراعة القمح وتابع ان جهود الحكومة تشمل أيضا استنباط أصناف من القمح عالية الانتاجية ساعدت على زيادتها من نحو خمسة أرادب الى 16 أردبا حاليا كما توجد خطة لترشيد الفاقد من القمح والذي تراوح بين 25 في المئة و30 في المئة خلال عمليات النقل والتوريد والتخزين وقال هناك حتمية للوصول للاكتفاء الذاتي .
وجدير بالذكر أن مصر حتى عام 2010 كانت تستورد 8.5 ملايين طن من القمح، وكانت هذه سياسة النظام البائد لدرجة ارتباط القمح بالأزمات الاقتصادية العالمية حيث ارتفع سعره بنسبة 46 % حتى خشي الخبراء من دخول مصر في أجواء أزمة غذاء عالمية.
كما كانت الدولة تخصص دعما كبيرا للقمح ومشتقاته، وصل في رغيف الخبز إلى 10.5 مليارات جنيه موزعة على دعم القمح المستورد والمحلي والذرة الشامية، وفقا لبيانات الموازنة العامة للدولة لعام 2010/2011 , وهو ما كان يثقل الموازنة العامة للدولة، وكان يتسبب في زيادة نسبة العجز في الموازنة لتبلغ نحو 120 مليار جنيه، ويزيد من حجم الدين العام البالغ 173 مليار جنيه، وبما يعادل نحو 63 % من الإيرادات العامة في الموازنة .
وأرجع الخبراء هذا العجز لانتهاج النظام البائد سياسات التبعية المطلقة لأمريكا.
ان مشكلة القمح في مصر لم تكن مشكلة زراعية تتعلق بالمياه والأراضي الصالحة للزراعة، بل كانت مشكلة سياسية تتعلق بالنظام الحاكم الذي يسترشد بتعاليم أمريكا ووصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدوليين.
ثانيا : سلبيات دعم القمح على الاقتصاد المصرى :-
مجدي عيسي خبير اقتصاديات القمح ورئيس غرفة صناعة الحبوب سابقا يقول : ان هناك عوامل استراتيجية خطيرة في موضوع القمح يجب علي الحكومة ان تسارع بما لديها من امكانات للوقوف امامها للدراسة والمعالجة ، اساسها ان الدعم الذي يتجاوز 13مليار جنيه سنويا يوجه الي الفلاح الاجنبي سواء كان امريكيا او روسيا او اوكرانيا و اي جهة اخري نستورد منها. هذا الدعم لو تم توجيهه الي الفلاح المصري والاراضي المصرية وتم اعداد بنية اساسية لتنمية هذا المحصول الاستراتيجي لما تعرضنا لمثل هذه الهزات فالقمح يتعلق وجوده بالأمن الغذائي في مصر فهي الاعلي استيرادا علي مستوي العالم وهي الدولة الوحيدة التي يستهلك مواطنوها 243 مليون رغيف يوميا وهذا يدل علي خطورة المساس بهذه السلعة الاستراتيجية
يقول: نحن نستورد حوالي60% من احتياجاتنا من القمح وهذا معناه ان هذه الـ 60% تتحكم فيها الدولة الاجنبية التي نستورد منها ويمكن ان تشكل ضغطا استراتيجيا وسياسيا علي مصر.. بمعني انني اضع نفسي بين فكيها هذه واحدة .. ام الاخري فانني اربط مصيري الغذائي بظروفها الاقتصادية او المناخية اوالسياسية فهاهي الازمة الحاصلة وهي ازمة الجفاف التي تمر بها روسيا حاليا ، وكذا ما يحدث في اوكرانيا ايضا من جفاف والارتباط الاستراتيجي بين روسيا واوكرانيا من حيث التكامل الغذائي في محصول القمح مما يضع الدول الاخري في المرتبة الادني ، ونحن لا نلومهم اذا منعوا تنفيذ الاتفاقيات فكل حكومة لابد ان تعمل علي انقاذ شعبها اولا من المجاعة .
ولكن اللوم علي الحكومات النائمة التي لاتعرف ان خط الامان يتمثل في امرين اثنين لابد ويجب ان يكونا موجودين معا الاول هو ان يكون هناك انتاج محلي يغطي ما لا يقل عن 57% من احتياجات الشعب حتي لا تمثل سلعة القمح وسيلة للضغط السياسي او ان نكون تحت تصرف لظروف دول اخري قد لا تستطيع تصديره لنا كما هو الحادث ، الامر الثاني ان يكون لدينا مخزون استراتيجي من 4 ـ 6 شهور وليس من 3 ـ 5 شهور كما هو حادث حاليا فالفترة الثانية وان كانت مطمئنة الا انها لاتحقق عنصر الامان كاملا الذي تحققه الفترة الاولي .

استراتيجية الحل:
ويضيف: أطالب بوضع استراتيجية كاملة تتحرك الحكومة من خلالها دون تأخير او تمهل
اولها : وضع حد للخسائر والنزيف المستمر الذي تتسبب فيه شون الحكومة حيث يحدث هالك في مخزون القمح بها ، قد يصل الي 22% من الحجم الاجمالي نتيجة خلط القمح بها بالطوب الرملي والتلاعب من قبل مسئولي هذه الشون والذين يعتبرون وظائفهم منجم ذهب ويفرضون شروطهم واملاءاتهم علي اصحاب المطاحن الذين يرضخون لعدم وجود بديل امامهم وهم أي أصحاب المطاحن يبحثون عن وسائل أخري لتعويض خسائرهم من الشون بطرق كثيرة من تهريب للدقيق المدعم أو زيادة نسبة الرطوبة والكثير من الطرق .. وهذا هو عنصر الفساد البشري.
والحل ان تتحول هذه الشون الي صوامع حديثة ولا مانع من دخول القطاع الخاص في انشائها وتأجيرها للحكومة لانه الاسرع تنفيذا والاكثر بعدا عن تعقيدات وروتين الحكومة فالعمل الذي قد يستغرق سنتين في الحكومة لبناء صومعة يستطيع القطاع الخاص ان ينجزه في 10 اشهر فقط ، هذا علاوة علي ان الصوامع يجب ان تكون نشاطا استثماريا مستقلا بعيدا عن ارتباطها بالمطاحن .. وذلك كله يأتي بتشجيع الحكومة واعداد حزمة من التيسيرات او الاسعار العادلة في التأجير .
ثانيا: وضع قيود علي ما يفقد من القمح اثناء عملية النقل من ميناء الوصول الي شون الحكومة عن طريق سيارات الحكومة فالعرف المعمول به ان نسبة الهالك تدور بين 3 ـ 5 في الالف اما الذي يحدث فهو اكثر من ذلك بكثير نتيجة الاهمال من جهة ومن جهة اخري نتيجة تلاعبات بعض سائقي تريلات الشحن الحكومية وتعويض ما يفقد بالتراب والحجارة.. هذا غير ما يفقد أثناء عمليات النقل من دولة الي اخري ومن حكومة الي حكومة .
ثالثا: لابد من تشجيع دخول القطاع الخاص لاستيراد الاقماح أكثر من هذا لأن كبار المستوردين هربوا من الاستيراد لعدم استقرار المواصفات وتغييرها بصورة مستمرة مما يوجد حالة من ارتعاش أيدي المستثمرين وتخوفهم .. المطلوب وضع استراتيجية كاملة للمواصفات القياسية لا تتغير ولامانع من كونها صارمة وتعلن في وسائل الاعلام المختلفة.. فهذا يعني مناخا استثماريا مستقرا يشجع المستوردين ليحقق الوفرة والاحتياطي الاستراتيجي الكبير.
رابعا : توحيد جهات الفحص في جهة واحدة لا اكثر فالدولة تجبر المستورد علي ان يصطحب معه لجنة فحص مكونة من ممثلين لجهات الفحص المختلفة تكلف المستورد سفر وإقامة لتكشف عن الشحنة في الدولة التي نستورد منها ثم عندما تصل الشحنة داخل الموانيء المصرية تقوم لجنة فحص اخري لتكشف علي نفس الشحنة واحيانا تخرج العينة غير مطابقة ويعاد تصديرها مرة اخري ، كل ذلك يشكل عبئا كبيرا حاليا علي المستورد, المطلوب ان تكون هناك جهة واحدة موثوق في نتائجها سواء داخل البلاد او خارجها لتكون مرجعا نهائيا وفي هذا توفير في المال والوقت وحتي لا تزعزع الاستثمار.
نحن نعتمد علي روسيا في استيراد القمح بما نسبته حوالي 37% وكنا قد تعاقدنا علي شراء 540 ألف طن علي أن يصل هذا الشهر حوالي 160 ألف طن .. فهل قرار المنع في التصدير سيسري علي الصفقات التي تم الاتفاق عليها وتم فتح الاعتماد لها ام لا؟.. نتائج هذا ستتوقف علي المفاوضات .. الخطورة ان هذا قرار سيادي وعلي الدولة ان تسرع بايجاد بديل .
والسؤال لماذا نعتمد علي القمح الروسي؟ والاجابة لانه اقل صلابة لذا فهو اقل سعرا من القمح الامريكي الاكثر صلابة وللعلم فان نسبة البروتين عند النوعين واحدة.. وكذا الحال في القمح الاوكراني الذي يشبه القمح الروسي.. وكما قلت بين الدولتين تحالف وأولوية في سد احتياجات الآخر في حالة الجفاف .
واضاف: يأتي في المرتبة الثانية في الاعتماد الاستيرادي للقمح امريكا ثم المصادر الاخري الاقل نسبيا مثل فرنسا وكندا والمجر بكميات بسيطة لاتشكل نسبة يعتد بها .

لماذا لا نزرع خارج الحدود؟
هكذا ينهي مجدي عيسي.. اذا ضاقت ارضنا ومياهنا بزراعة القمح لماذا لا نتجه الي الدول المجاورة التي تتوافر بها الاراضي الشاسعة الصالحة للزراعة والمياه مثل السودان يجب أن تكون هناك دراسات تعد في هذا الشأن تدرس هذا الأمر من حيث الجدوي الاقتصادية لذلكوكذا يمكن توجيه الدعم للفلاح المصري حتي لو كلفني اكثر من الدعم المقدم حاليا لان القمح المصري وضرورة الاكتفاء به يشكل امنا غذائيا، أمنا استراتيجيا ، أمنا اقتصاديا .. ولعل ماحدث من روسيا يشكل جرس انذار لتنتبه الحكومة .
عندنا في الساحل الشمالي الارض شاسعة والمياه الجوفية متوافرة نستطيع ان نستغلها في زراعة القمح .. يمكن ان نستنبط سلالات جديدة للقمح تعطي انتاجية اعلي .. عندنا آلاف الباحثين في هذا الشأن في مراكز البحوث المختلفة ما فائدتهم؟
وكذا نادينا منذ سنوات بانشاء المجلس الاعلي للقمح تكون مهمته الاساسية التخطيط السليم لسنوات فيما يتعلق بالانتاج المحلي والاستيراد ووضع مقاييس ثابتة لدخول القمح طبقا للمواصفات المصرية القياسية والقياسات العالمية.. طالبنا به رئيس الوزراء والوزير المختص علي ان يضم ممثلين من وزارة الزراعة ومن غرفة الحبوب باتحاد الصناعات والاجهزة الرقابية المختلفة .. ولكن لم يستجب احد.
وفي النهاية نحن ندفع الفاتورة.. فاتورة قد تكلفنا الكثير سياسيا واقتصاديا وامني
إن ما حدث من الموقف الروسي لابد أن يجعلنا نقر ونعترف أننا في دائرة الخطر التي تستوجب ضرورة الاعتماد علي النفس في إنتاج القمح نعم نحن ندرك أننا لا نملك الامكانات لا من حيث الاراضي ولا المياه لتحقيق انتاج من القمح يحقق الاكتفاد الذاتي الكامل ولكن لابد من تحقيق المعدل الذي يحقق حد الأمان وهو إنتاج 70% علي الأقل من الاستهلاك المحلي .
وإذا كانت هذه الأزمة قد مرت علي خير فإنها جاءت بمثابة إنذار شديد لنستفيق فان هناك بوادر وضحت من خلال تصريحات وزير الزراعة بأننا سوف نصل إلي تحقيق 75% من حجم الاستهلاك من خلال الانتاج المحلي عام 2017وهذا جيد ولكنه لضمان الجدية لابد من المتابعة والتقييم السنوي لما قد تحقق وفق الجدول الزمني الموضوع .
إن موضوع القمح يمثل أمنا غذائيا للـ 80 مليون مواطن مصري خاصة لأنه يعتمد عليه في الملأة الغذائية لقلة حصته الغذائية من اللحوم والفواكه فهو يستهلك 130 كيلو من الخبز سنويا في حين أن المواطن في أي مكان في العالم لا يتعدي 35 كيلو أي ان المصري يستهلك 4 أضعاف ما يستهلكه المواطن في الخارج وهذا إنما يدل علي خطورة أي هزة قد تحدث في هذا المحصول وهو ما يجب إن تدرك خطورته الحكومة المصرى.

المقترحات والتوصيات:

هناك مجموعة من المقترحات الى يجب ان تتخذ فى الاعتبار حتى تحقق سياسة تطبيق دعم القمح فى مصر نتائج ايجابية دون تلك التاثير السلبى على الموازنة العامة للدولة فالحل ان تمتلك مصر قاعدة انتاجية حقيقية تعتمد على التمويل الذاتى بشكل كبير , وتساهم فى اعادة التوازن للناتج المحلى الاجمالى ليكون عماده الانتاج وليس الاستهلاك وتؤدى الى زيادة الضرائب وفرص العمل وفى هذه الحالة سيكون بمقدور مصر تجاوز معضلات موازنتها .
إن بعض التجارب الناجحة التي يمكن لمصر الاستفادة منها، مثل بنجلاديش التي استطاعت أن تقلل الهدر والتسرب في الدعم لديها إلى 8% فقط، وهى نسبة تقل كثيرا عما هو سائد في دول آسيا الجنوبية ، وذلك بفضل نظام محكم للرقابة والتقييم بالإضافة لتمكين النساء في المجتمعات المحلية هناك، بحيث يحاسبن المسئولين عن برامج الدعم ، وقالت أن توزيع الدعم بناء على احتياجات المحافظات المختلفة يساعد في تقليل الفاقد، بحيث تحظى المحافظات الأكثر فقرا بنصيب أكبر من السلع المدعمة، على عكس ما هو سائد من سيطرة العاصمة والمناطق الحضرية على نسبة كبيرة من الدعم ،ويتطلب النطاق الواسع الذي يغطيه نظام الدعم المصري واستمراره لمدة زمنية طويلة أن يتم إصلاحه بشكل تدريجي، على مراحل، لأن أي إلغاء أو تخفيض أو تعديل جذري في الدعم عادة ما يرتبط بحالة من عدم الرضا العام، والاحتجاجات، وهو ما يفسر تردد الحكومات عادة في القيام بأي إصلاحات في هذا الخصوص،ويتطلب تطوير النظام قرارات على عدة مستويات.إن نظام تطوير الدعم يعتمد على نقطتين أساسيتين، تقليل الفاقد وتضييق المساحة التي يغطيها النظام، فهناك شواهد تشير إلى أن طول العملية التي يصل من خلالها الخبز البلدي المدعم إلى المواطن يساهم في تسرب الدعم، كما أن الحوافز أمام الوكلاء لتسريب السلع المدعمة ستستمر طالما استمرت هناك فروق بين سعر السوق والسعر المدعم .

2.2/5 - (4 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى