الايرانيةالدراسات البحثيةالعلاقات الدولية

المذهبية فى السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الشرق الأوسط (2003-2015)

اعداد الباحثة : مرنا وليد محمد نصار

  • المركز الديمقراطي العربي

 

اشراف : د. أميرة أبو سمرة

 

الفهرس

المقدمة ص4 – ص5
فصل تمهيدى ص6 – ص21
الفصل الأول: بيئة النظام السياسى الإيرانى”المدخلات”:

المبحث الأول: أيدولوجية الثورة الإيرانية.

 

 

ص22 – ص25

المبحث الثانى : التغيرات فى النظام الإقليمى منذ إحتلال العراق 2003. ص26 – ص30
المبحث الثالث : القيادة السياسية وأثرها على إنعكاس المذهبية على السياسة الخارجية الإيرانية. ص13 – ص35
الفصل الثانى: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق ولبنان واليمن:

المبحث الأول: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق.

 

 

ص 36- ص41

المبحث الثانى: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان. ص 42- ص46

 

المبحث الثالث: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه اليمن. ص 47 – ص 53
الخاتمة. ص54 – ص55

 

 

المقدمة:

إيران تلك الدولة المثيرة للجدل فى الشرق الأوسط أو كما يطلق عليها بعد الثورة “الجمهورية الإسلامية الإيرانية ” والتى عُرفت “ببلاد فارس” حتى عام 1935. وقد أصبحت إيران جمهورية إسلامية فى عام 1979 بعد الإطاحة بالنظام الملكى الحاكم و بالشاه “محمد رضا بهلوى”, ثم قامت قوات رجال الدين المحافظين بقيادة آية الله “روح الله الخمينى ” المرشد الأعلى للثورة الاسلامية بتأسيس نظام ثيوقراطى تطبيقاً لنظرية ولاية الفقيه فى المذهب الشيعى.

وإيران تقع فى غرب آسيا يحدها من الشمال أرمينيا وأذربيجان و تركمانستان و يحدها من الشرق أفغانستان وباكستان ومن الجنوب الخليج العربى و خليج عمان ومن الغرب العراق ومن الشمال الغربى تركيا[1].

وقد لعبت إيران دوراً هاما فى المنطقة و كان لها أثراً هاماً فى معظم, إن لم يكن كل دول الجوار فهى تتميز بسياسة خارجية نشطة وفعالة, خاصة منذ قيام الثورة الإسلامية فى 1979 وإعتلاء الفقهاء قمة السلطة وسدة الحكم حيث حدثت تحولات كثيرة ليس فى السياسة الخارجية فقط بل فى كافة المجالات. حيث برز العامل الدينى بشكل كبير فى السياسة, فعلى سبيل المثال: خطبة الجمعة أصبحت أشبة بخطاب سياسى دينى حتى أن الألفاظ الدينية والدلالات الدينية القوية اصبحت جلية فى الخطاب السياسى وهى ألفاظ مستمدة من القرآن الكريم و كثيراً منها مُستمدة من اللغة العربية.

وقد استخدمت تلك الالفاظ فى كافة المجالات السياسية, على سبيل المثال: وصف الولايات المتحدة الامريكية بالشيطان الأكبر وإسرائيل بالشيطان الأصغر, وحتى وسائل الإعلام الإيرانية أيضا قد استخدت تلك الألفاظ الدينية المُسيسة. ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقد تم أيضاً استغلال دلالات و معانى مذهبية خاصة بالمذهب الشيعى حتى وصل الأمر إلى المصطلحات العسكرية, فعلى سبيل المثال, إختار النظام الحاكم أسماءً لها دلالات مذهبية لمناورات عسكرية كإحدى العمليات العسكرية خلال الحرب العراقية- الإيرانية التى اطلقوا عليها اسم “يا أمير المؤمنين” والتى بدأت فى 20 فبراير 1982, وتحت شعار “يا على أدركنى” . والمقصود بأمير المؤمنين هو الإمام على كرم الله وجهه كنوع من الاستغاثة وطلب النجدة وهو أمر شائع عند الإيرانيين الذين دائما ما يرددون “يا على ” طلبا للعون والمدد.

كما أطلقوا على عملية أخرى اسم “فاطمة الزهراء”[2] ابنة الرسول رضى الله عنها و المعروف إلى جانب مكانتها فى الإسلام مكانتها فى المذهب الشيعى فهى زوجة الإمام “على بن ابى طالب”, كما أنه يوجد بعض الروايات المختلف عليها بين المذهبين السنى والشيعى فيما يخصها “رضى الله عنها”.

وهكذا يظهر بوضوح تأثير العنصر الدينى بل والمذهبى على الساحة السياسية الإيرانية, ومن ضمن تلك الأفرع التى امتزج فيها الدين بالسياسة كانت السياسة الخارجية الإيرانية, فمنذ قيام الثورة الإسلامية فى ايران وكما رُسم الإطار الخارجى لكثير من مجالات الحياة السياسية والثقافيه تم إرساء بعض المبادئ الهامة فى مجال السياسة الخارجية, فالسياسة الخارجية تحظى بمكانة هامة لدى النخبة الايرانية الحاكمة وهناك تعددية فى عملية صنع القرار الخارجى وإن كان الأكثر تأثيراً فى صنع القرار هو المرشد الأعلى وفقا لنظرية ولاية الفقيه , فالقيادة بصفة عامة كان لها أثر كبير فى صنع القرار الإيرانى خاصةً الخارجى على إمتداد تاريخها حتى ما قبل الثورة الإسلامية.

كما أنه فى ظل التغيرات الإقليمية فى منطقة الشرق الأوسط خاصة منذ الإحتلال الأمريكى للعراق عام 2003 نشط الدور الإيرانى أكثر من أى وقت مضى وبدأت تتضح غايات تتعدى تلك الغايات التى جاءت بها الثورة الاسلامية من مساندة المُستضعفين ونصرة المُسلمين, فقد أصبحت لإيران خطة استراتيجية واضحة فى منطقة الشرق الأوسط و هو ما سنتتبعه من خلال الدراسة و كيف تأثرت تلك الخطة بالعامل المذهبى و كيف أثرت فى المنطقة بناء على ذلك .

 

المشكلة البحثية :

 هناك العديد من المحددات الداخلية والخارجية التى تساعد فى رسم السياسة الخارجية للوحدة الدولية من تلك المحددات “الداخلية ” على سبيل المثال “السكان ”  فعدد السكان و درجة تجانسهم يؤثر على السياسة الخارجية للدولة , وكذلك القدرة الإقتصادية والعسكرية للدولة و أحياناً يصبح الدين أحد تلك المحددات , فلكل وحدة دولية بيئتها المحلية والإقليمية والدولية التى تؤثر علي سياساتها الداخلية والخارجية , لذلك فلكل دولة قدر من الخصوصية يميزها عن نظيراتها.

و فى ضوء ذلك  نتناول دولة إيران بما لها من خصوصية والمذهب كمحدد لسياستها الخارجية, ونجيب عن السؤال البحثى, وهو :  ما أثر المذهبية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة الشرق الأوسط منذ الإحتلال الأمريكى للعراق ؟

الاسئلة الفرعية :

المجموعة الأولى: أثر بيئة النظام السياسى الإيرانى على ظهور المذهبية فى السياسة الخارجية الإيرانية :

  • هل صاحب التحول السياسى فى الداخل الإيرانى تحويل النظام السياسى الإيرانى إلى نظام مذهبى؟
  • كيف عززت التحولات الإقليمية منذ الإحتلال الأمريكى للعراق عام 2003من ظهور أثر المذهبية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول المنطقة؟

المجموعة الثانية: أثر المذهبية على التعامل الإيرانى مع قضايا المنطقة وفاعليها الأساسيين:

  • كيف تجلت المذهبية فى السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق ؟
  • ما دور حزب الله اللبنانى فى منظومة السياسة الخارجية الإيرانية ؟
  • هل ظهر العامل المذهبى فى التعامل الإيرانى مع أزمة الحوثيين باليمن ؟

 

نطاق الدراسة:

أولا : فيما يخص النطاق الموضوعى فإنه يتحدد بدراسة المذهبية فى إيران و كيف أثرت على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الشرق الأوسط “عن طريق التركيز على بعض الدول ” و ذلك من خلال دراسة المذهبية وما يعظم تأثيرها وكيف ظهر أثرها فى السياسة الخارجية الإيرانية.

ثانيا : أما فيما يخص النطاق الزمنى لهذه الدراسة فهى تهتم بالفترة من 2003 و حتى 2015. وتم اختيار بداية تلك الفترة حيث كان العام 2003 بداية تزايد النفوذ الإيرانى الشيعى بالمنطقة على إثر العديد من التحولات الإقليمية التى سنتناولها بالبحث,  بينما تمتد فترة البحث إلى عام 2015 حيث يغطى بعضاً من أهم التطورات الحادثة فى اليمن والتى برز فيها الدور المذهبى لإيران.

ثالثا: النطاق المكانى فهو يختص بمنطقة الشرق الأوسط , كون إيران بالأساس دولة شرق أوسطية وقوة إقليمية هامة بالمنطقة.

أهمية الدراسة :

الأهمية العلمية: تتمثل الأهمية العلمية لهذا الموضوع فى كونه يركز على محدد مميز من محددات السياسة الخارجية وهو المذهبية, فهناك العديد من المحددات التقليدية كما أن هناك دراسات تتحدث عن الدين كأحد محددات السياسة الخارجية أما محدد المذهبية الذى يتمثل فى المذهب الشيعى بإيران مقابل المذهب السنى لغالبية الأنظمة بالدول العربية و الشرق أوسطية فلم يسلط عليه الضوء بالقدر الكافى بعد .

الأهمية العملية : أما فيما يخص الأهمية العملية تتمثل فى كون إيران دولة هامة فى منطقة الشرق الأوسط والتى ينتمى اليها الباحث بالأساس, وتتميز بسياسة خارجية نشطة أهدافاً و ادواتً وتأثيراً و تمتلك قوة لا بأس بها خاصة فى حدود نظامها الإقليمى. كما أن توجهاتها الخارجية تؤثر على دول المنطقة بشكل كبير , خاصة على الدول التى يوجد بها مواطنون ينتمون للمذهب الشيعى كلبنان و العراق نظرا لكونه المذهب الرئيسى بإيران و تعد ايران الممثل الأول له بالعالم , فكانت تلك بعض العوامل التى أمدت الدراسة بأهميتها العملية .

الإطار المفاهيمى:

مفهوم السياسة الخارجية :

للسياسة الخارجية تعريفات عديدة, نظراً لتعقدها كظاهرة وصعوبة التوصل إلى مجموعة الأبعاد التى تندرج فى إطارها والعلاقة بينها. ومن هذه التعريفات, تعريف “ويلكنفيد ” وآخرون للسياسة الخارجية على انها ” تلك الأفعال (ردود الأفعال) التى تبادر بها (أو تتلقاها وترد عليها لاحقا) الدول ذات السيادة بهدف تغيير أو خلق ظروف (أو مشكلة) جديدة فى خارج حدودها السيادية “. ولكن هذا التعريف يوجه له النقد كونه يقصر السياسة الخارجية على الدول, بينما العلاقات الدولية منذ الربع الأخير من القرن العشرين قد تطورت بشكل جذرى بحيث لم تعد الدول هى الوحدات الوحيدة القادرة على صياغة سياسات خارجية.

كما أن هناك أتجاهاً آخر يركز فى تعريفه للسياسة الخارجية على عنصرى التخطيط والمصلحة الوطنية, حيث يعرف بلانو وأولتون السياسة الخارجية بقولهما: “السياسة الخارجية هى منهاج مخطط للعمل, يطوره صانع القرار فى الدولة تجاه الدول أو الوحدات الدولية الأخرى بهدف تحقيق أهداف محددة فى إطار المصلحة الوطنية”.

كما يعرف أيضاً “فاضل ذكى” السياسة الخارجية على أنها “الخطة التى ترسم العلاقات الخارجية لدولة معينة مع غيرها من الدول”.

ولكننا لن نتبنى هذا الإتجاه فى تعريف السياسة الخارجية لما يوجه له من نقد كونه يعرف السياسة الخارجية على أنها سياسة مخططة وتسعى لتحقيق المصلحة الوطنية بينما يغفل أن العناصر الذاتية والنفسية تلعب دوراً فى صياغة السياسة الخارجية, كما أن المصلحة الوطنية ليس لها وجود مستقل عن إدراكات صانع السياسة الخارجية لتلك المصلحة.

وهناك أيضاً تعريف “روزناو” الذى يعرف السياسة الخارجية على أنها ” منهج للعمل يتبعه الممثلون الرسميون للمجتمع القومى بوعى من أجل إقرار أو تغيير موقف معين فى النسق الدولى بشكل يتفق والأهداف المحددة سلفاً”, كما يعرفها فى مقام آخر على أنها: ” التصرفات السلطوية التى تتخذها أو تلتزم بإتخاذها الحكومات, إما للمحافظة على الجوانب المرغوبة فى البيئة الدولية أو لتغيير الجوانب غير المرغوبة”. ويُعد هذا التعريف مقارنة بالعديد من التعريفات الأخرى للسياسة الخارجية, أكثرهم إلماماً بكافة الأبعاد المتصورة لعملية السياسة الخارجية.

ولكننا سنعتمد فى الدراسة على تعريف الدكتور “محمد السيد سليم للسياسة الخارجية كونه أكثر وضوحاً وسهولة وتفصيلاً من التعريف السابق وفى نفس الوقت يحقق قدر الإمكان صفتى الجامعية والمانعية وهو ” السياسة الخارجية هى برنامج العمل العلنى الذى يختاره الممثلون الرسميون للوحدة الدولية, من بين مجموعة البدائل المتاحة من أجل تحقيق أهداف محددة فى المحيط الخارجى” .[3]

الشرق الأوسط :

يُستعمل هذا المصطلح للإشارة إلى الدول الموجودة فى هذه المنطقة, وإن مفهوم الشرق الأوسط وحسب “لاروس” الفرنسية يشمل (تركيا, سوريا, مصر, لبنان, السعودية، العراق, ليبيا, السودان, ايران” وأحياناً أخرى “أفغانستان, باكستان والهند “. وهناك من يرى أن الشرق الأوسط يشمل كل البلاد العربية وإيران وتركيا وإسرائيل و قبرص وأثيوبيا, وهناك من يرى ان المصطلح تعبير سياسى يضم قوميات مختلفة وأنه خليط من السلالات والأديان والشعوب واللغات.

كما عرفه آخرون بأنه يشمل العالم العربى وإيران وتركيا وإسرائيل وجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية الستة, الهند وباكستان ويتناغم هذا التفكير مع الإستراتيجية الأمريكية لإيجاد توازنات اقليمية.

كذلك إن مفهوم الشرق الأوسط الكبير, قد ظهر منذ 1955 ومنذ ذلك الحين هناك مساعى أمريكية كى تجعل هذا المفهوم حقيقة واقعية, الا أن كل المحاولات باءت بالفشل [4] .

وعلى الرغم من أن مفهوم الشرق الأوسط ظهر فى بداية الأمر مرتبطاً بمحاولات تسكين إيران ضمن العالم العربى, إلا أن المفهوم فى سياق الحديث عن إيران يكتسب مكانة النظام الفرعى الإقليمى من النظام الدولى.

المذهبية :

إن المذهبية تشير لإختلاف المذهب ضمن الدين الواحد (وهو في حالة الدراسة الدين الإسلامي). فيمكن تعريف المذهبية والتى يقصد بها التنوع المذهبى أو الإختلاف المذهبى فى إطار الدين الواحد بأنها التنوع إستناداً إلى إختلاف الانتماء للمذهب الديني إلى سنة وشيعة. والمقصود فى الحالة الإيرانية هو انتمائهم للمذهب الشيعى فى حين تنتمى أغلب دول المنطقة “منطقة الشرق الأوسط ” للمذهب السنى.

ويعود الخلاف بين السنة والشيعة إلى فترة الصراع على السلطة الذي نشب بين علي ومعاوية بعد مقتل عثمان بن عفان، بحيث إنقسم المسلمون إلى فرق عدة لكل منها رؤيتها الخاصة لطبيعة ذلك الصراع. وتدريجياً بدأت معظم تلك الفرق تسبغ تفسيراً دينياً عقائدياً على إختياراتها في السياسة باإنتماء لأحد المعسكرين، ثم أخذت تلك الفرق تتمايز عن بعضها في الفقه وأنماط السلوك والتفكير، وكل ذلك انتهى بصراعات هدامة لا تزال قائمة إلى اليوم.

وأهم مؤشرات وجود مذهبية فى المجتمع: هو وجود مجموعات تتبع مذاهب مختلفة فى إطار المجتمع نفسه سواء داخل الدولة الواحدة أو الإقليم الواحد( كما تتناوله الدراسة ).

وقد تبنت الدراسة مفهوم المذهبية كونه مفهوماً أكثر حيادية من مفهوم الطائفية الدينية, حيث أن الطائفية الدينية تكاد تكون ظاهرة مَرضية, فهى تتجاوز فكرة التعددية – والتى فى إطار الدين الواحد تسمى مذهبية – إلى مرحلة التعصب الأعمى الذى ينتج عنه نزاعات تصل إالى مرحلة النزاع المسلح  (كالحرب الأهلية اللبنانية على سبيل المثال[5]) وغيرها من النزاعات بين الطوائف.

إقترابات الدراسة :

 إقتراب تحليل النظم :

لكى ندرس أثر المذهبية المتمثلة فى الثقافة الشيعية لإيران على السياسة الخارجية تجاه منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2003, فإننا نستطيع أن نستخدم إقتراب تحليل النظم “لدايفيد إيستون”. والذى وضح من خلاله أن الحياة السياسية هى مجموعة من التفاعلات المستمرة التى تحيط بها نظم إجتماعية أخرى تتعرض الحياة السياسية لتأثيراتها, فهى نظام “نسق” سلوك موجود فى البيئة يتفاعل معها أخذاً وعطاءاً من خلال جانبى المدخلات والمخرجات.

وقد تم إدخال تعديلات على هذا المنهج لتطويره فنموذج “إيستون” لا يوضح الكيفية التى تتم بها عملية صنع قرار السياسة الخارجية والكيفية التى تؤثر بها المدخلات على تلك العملية لتنتج المخرجات النهائية أو القرارات. لذلك فإن “مايكل بريتشر” طرح نموذجه الذى أشار فيه الى أن عملية صنع قرار السياسة الخارجية تم صياغتها بواسطة نوعيين من العوامل: الداخلية والخارجية, وهذه العوامل مترابطة فى تأثيرها على صنع القرار فى السياسة الخارجية من خلال عملية التغذية العكسية التى تنتج عن قرارات النظام و تدخل مرة اخرى كمدخل جديد وعلى هذا الاساس يمكن ان ندرس مكانة المذهبية و”المذهب الشيعى بإيران ” وأثره على توجهات السياسة الخارجية الايرانية منذ عام 2003 على النحو التالى :

أولا المدخلات : هى المؤثرات التى تتحكم فى قدرة المذهبية على التأثير على السياسة الخارجية الايرانية تجاه دول الشرق الاوسط , سواء كانت مؤثرات داخلية مثل الرأى العام الايرانى والثورة الإسلامية والدستور ونظام ولاية الفقيه وخلفية الرئيس او المؤثرات الإقليمية أو الدولية , مع ملاحظة إمكانية تفوق أحد هذه المؤثرات فى الأهمية عن الأخرى فى تأثيرها على قدرة المذهبية على التأثير فى السياسة الخارجية الايرانية.

ثانيا المخرجات : وهى مضمون السياسات الايرانية تجاه دول المنطقة عن طريق دراسة وتحليل أثر العامل المذهبى على توجهات السياسة الخارجية تجاه دول الشرق الاوسط .

ثالثا :التغذية العكسية وهى أثر التغير فى العلاقات الايرانية مع تلك الدول- نتيجة لمدى تأثير المذهبية فى توجهات السياسة الخارجية الايرانية.

المدخل الايدولوجى
حيث ارتبطت دراسة وتحليل البعد الديني في السياسة الخارجية، في جانب منها، بمفهوم “الأيديولوجيا”، حيث نظر بعض منظري السياسة الخارجية للأيديولوجيا علي أنها الإطار العام لتحليل الأبعاد الدينية، والقيمية، والعقيدية، والثقافية، والحضارية في تأثيراتها في السياسة الخارجية, وأن لها تأثيرا قويا في مسار السياسة الخارجية.

كان أوضح أمثلته الشعور القومي الذي يؤثر في تحديد مصالح الدولة، واختيار وسائل الدفاع عنها، والشعور بالانتماء إلي دين ما، أو إلي تصور ما عن العالم.

ويتوقف دور الأيديولوجيا علي مجموعة من الحسابات المتداخلة، منها مدي قدرة التيارات الداخلية وقادة الفكر علي التأثير والضغط علي صانعي قرار السياسة الخارجية من ناحية، ومدي قدرة الأفكار والقيم الأيديولوجية علي التلاحم مع الأحوال السياسية العامة، من ناحية أخري . وهذا المدخل يفترض أن السياسات التي تصنعها الدول تجاه العالم الخارجي هي تعبيرات عن المعتقدات السياسية، والاجتماعية، والدينية السائدة.

تطبيق الإقتراب :

كما نعلم فالثورة الإسلامية الإيرانية ثورة أيدولوجية قائمة على نظرية ولاية الفقيه وهى نظرية شيعية بالأساس, وبالتالى فأثر أيدولوجية تلك الثورة على السياسة الخارجية الإيرانية خاصة على دول الشرق الأوسط “التى تمثل النطاق المكانى للدراسة “, يعنى ظهور لأثر المذهبية على السياسة الخارجية الإيرانية.

لهذا يمكن ان نستخدم المدخل الايدولوجى فى دراسة السياسة الخارجية الايرانية فى الفترة المذكورة ,حيث نرى اثر المذهب الشيعى على المنظور الايرانى فى تحديد المصالح الايرانية والأهداف ونظرتها تجاه العالم الخارجى وتعريفها للصديق والعدو.

الإطار النظرى

هناك ما يسمى” بالمنظور الجزئى” فى العلاقات الدولية وهو الذى يسمح بدراسة الإختلافات بين الدول فيما يتعلق بسلوك سياستها الخارجية، ومراعاة البيئة الداخلية للدولة كمحدد لذلك السلوك .

وكما نعلم أن البعد الدينى يؤثر على العلاقات الدولية بصفة عامة وقد بدأ ذلك الإعتقاد منذ نهاية الخمسينيات وبداية السيتينيات من القرن العشرين, حيث ساد الإعتقاد أن المحددات الداخلية للدولة تؤثر على السياسة الخارجية التى تؤثر بدورها على السياسة الدولية ” العلاقات الدولية”.

فأصبحت السياسة الخارجية إمتداد للسياسة الداخلية للدولة والعلاقات الدولية امتداداً للأولى , فاستنادا للمنطق الأرسطي، القائم علي أن” ما ينطبق علي الكل ينطبق علي الجزئيات والمستويات المكونة له” وليس العكس بالضرورة, فإنه يمكن القول إن ما يثيره البعد الديني في العلاقات الدولية من قضايا ومتغيرات ينطبق علي السياسة الخارجية، بإعتبارها أحد مستويات هذه العلاقات.

ونتيجة للتداخل فى مسألة العلاقة بين الداخل والخارج,  فالدراسة تقع فى مساحة بينية لتوضح تأثير أهم المتغيرات فى البيئة الداخلية والخارجية على ظهور أثر المحدد المذهبى (وهو جزء من البعد الدينى) على السياسة الخارجية الإيرانية.

وهناك العديد من النظريات حول أثر الدين على السياسة الخارجية, ونحن سنتناوله من خلال نظرية الدكتور عصام عبد الشافى, الباحث فى العلوم السياسية, حول تأثير البعد الدينى على السياسة الخارجية, وقد قام بتقسيمها لعدة مكونات .

نظرية حول تأثير البعد الدينى على مكونات السياسة الخارجية:

وفى هذا الإطار نتحدث عن

أولا: البعد الديني ومحددات السياسة الخارجية حيث تتمثل محددات السياسة الخارجية بدرجة رئيسية في: الخصائص القومية، وطبيعة النظام السياسي ومكوناته، والنسق الدولي، والمسافة الدولية والتفاعلات الدولية، والموقف الدولي، والقائد السياسي، حيث يبرز البعد الديني كأحد العوامل الأساسية في: تشكيل الخصائص القومية، وتحديد طبيعة النظام السياسي، وإكساب الدولة مكانة معينة في النسق الدولي، وفي صوغ وتوجيه التفاعلات الخارجية للدولة، وفي صياغة وتشكيل البيئة النفسية للقائد السياسي.

ثانيا: البعد الديني وقضايا السياسة الخارجية: تتنوع قضايا السياسة الخارجية، وفق المنظور التقليدي لهذه السياسة، حيث تتضمن هذه القضايا: قضايا أمنية – عسكرية، وقضايا سياسية – دبلوماسية، وقضايا اقتصادية – تنموية، وقضايا ثقافية وعلمية ورمزية . وفي إطار هذه القضايا، يؤثر البعد الديني في تشكيل توجهات وسياسات الدولة نحو هذه القضايا، من حيث كونه إطاراً مرجعيا عند صياغة هذه التوجهات وتلك السياسات، من ناحية، وكونه أداة لتنفيذ هذه السياسات وتحقيق أهدافها من ناحية ثانية، وكونه مصدراً للعديد من القضايا الجديدة التي يفرضها علي أجندة هذه السياسة من ناحية ثالثة.

ثالثا: تأثير البعد الديني على أهداف السياسة الخارجية: تتمثل أهداف السياسة الخارجية في الظواهر والعلاقات التي ترغب الدولة في التأثير فيها، وفي أوضاعها المستقبلية. ومن بين أهم الأهداف، التي يظهر فيها التأثير المباشر للبعد الديني، السعي نحو الدعوة أو التبشير بدين معين، أو نشر أيديولوجيا، أو قيم معينة، وتحقيق المكانة والهيبة الدولية. وفي حالات معينة يوجد ارتباط وثيق بين مقدرة الدولة علي دعم أمنها القومي وإبقائها علي بعض الدول ملتزمة بأيديولوجيتها ,إذا ما كان لهذه الدول تأثيرات استراتيجية معينة في احتياجاتها ومتطلباتها الأمنية. وقد يتخذ الهدف المتعلق بترويج بعض الدول لأيديولوجيتها في الخارج عدة وسائل لتحقيقه، ومنها الدعايات الموجهة لدول معينة، أو تشجيع الثورات التي تتبع نهجا أيديولوجيا مماثلا، أو مساندة تلك التنظيمات أو الأحزاب أو الحركات التي تأخذ بأيديولوجية هذه الدولة.

رابعا :البعد الديني وأدوار السياسة الخارجية حيث تتبني الدول في سياساتها الخارجية العديد من الأدوار، وفقا لرؤيتها لمكانتها وقدراتها، وإمكاناتها التأثيرية. ومن بين هذه الأدوار دور المعادي للإستعمار والمؤيد لحركات التحرير، والمستقل النشط، والمعادي للشيوعية، ورجل الشرطة العالمي، والموازن الدولي، والوسيط الدولي، وصانع السلام العالمي، والقائد التنموي، والجسر الدولي، والحليف المخلص، والنموذج، وصانع التنمية الداخلية، والمدافع الإقليمي، وقائد التكامل الإقليمي وفي إطار هذه الأدوار، يبرز تأثير البعد الديني بصورة مباشرة في دور ” المدافع عن العقيدة ” والدولة صاحبة هذا الدور اذا قبلت إقصاء تلك العقيدة من أولوياتها لصالح أهداف اخرى تم التشكيك فى عقيدتها . وعلى هذا فالبعد الديني وما يرتبط به من مفاهيم  يشكل إطاراً مرجعياً للسياسات الخارجية للعديد من الدول، ويتم استدعاؤه إلي صدارة الأحداث، وفقاً لطبيعة المواقف والقضايا التي تتصدي لها هذه السياسات. ولكن يجب التأكيد على أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تفسير السياسة الخارجية، لأية دولة من الدول، ببعد ديني فقط، أو مصلحي فقط. فهناك تداخل بين البعد الديني، والبعد المصلحي في السياسة الخارجية .[6]

تقسيم الدراسة :

  • مقدمة
  • فصل تمهيدى.
  • الفصل الأول: بيئة النظام السياسى الإيرانى” المدخلات”:
  • المبحث الأول: أيدولوجية الثورة الإيرانية.
  • المبحث الثانى : التغيرات فى النظام الإقليمى منذ إحتلال العراق 2003 .
  • المبحث الثالث : القيادة السياسية وأثرها على إنعكاس المذهبية على السياسة الخارجية الإيرانية .
  • الفصل الثانى: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق ولبنان واليمن:
  • المبحث الأول: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق.
  • المبحث الثانى: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان.
  • المبحث الثالث: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه اليمن.
  • الخاتمة.

 

الدراسات السابقة :

المحور الأول : دراسة السياسة الخارجية الإيرانية بصفة عامة

الدراسة الأولى :

للباحثة “سماح عبد الصبور عبد الحى ” وهى رسالة لنيل رسالة الماجستير من كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة, بعنوان: “القوة الذكية فى السياسة الخارجية “دراسة فى ادوات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان منذ 2005”,  وتتحدث تلك الدراسة عن مفهوم حديث نسبياً و هو مفهوم “القوة الذكية ” الذى طبقته على السياسة الخارجية الايرانية تجاه لبنان منذ 2005 و القوة الذكية هى تلك القوة التى تقوم على الجمع بين القوة الناعمة وادواتها من ناحية والقوة العسكرية او الصلبة واستمرار حالة التسلح من ناحية اخرى .

فإيران كقوة اقليمية بارزة فى الشرق الاوسط , ساعية للعب دور ريادى هام بالمنطقة إستطاعت تطبيق وإستغلال تلك القوة الذكية, فهى من ناحية تعطى اهتماما كبيراً للناحية العسكرية الى جانب تعزيزه عن طريق استمرارها فى برنامجها النووى و زيادة قدراتها العسكرية بالرغم من كافة الضغوط الدوليه إلا أنها بالمقابل اكدت على اهمية القوة الناعمة فى السياسة الخارجية فقد عملت على نشر النموذج الايرانى بإعتباره نموذج قدوة للدول الاسلامية, إلى جانب اهتمامها بالقضية الفلسطينية لتروج أنها حاملة لواء الدفاع عن المسلمين والمستضعفين , كما دعت لشرق أوسط إسلامى كبديل للشرق الاوسط الأمريكى و ذلك إنطلاقا من أن الثورة الإيرانية هى بالأساس ثورة ثقافية. ثم تنتقل الدراسة للجزء التطبيقى و هو فى الحالة اللبنانية فإيران تطبق مفهوم القوة الذكية منذ العام 2005 فمن ناحية القوة الصلبة فيتمثل فى الضغط العسكرى على لبنان من خلال دعم حزب الله وهو الحزب اللبنانى الوحيد الذى توجد له ميليشيات فى لبنان وهو يتلقى الدعم من ايران , أما فيما يخص القوة الناعمة فهى من خلال التحركات الثقافية والاعلامية تجاه لبنان على مستويات مختلفة خاصة فى ظل وجود العامل المُساعد وهو المشترك الثقافى الشيعى بين إيران و جزء لا بأس به من المواطنين من اللبنانيين.[7]

  • وسوف يستفيد الباحث من هذه الدراسة فى معرفة معنى مفهوم القوة الذكية و أهمية ان توازن الدولة بين القوة الصلبة والناعمة و كيف طبقت ايران ذلك تجاه لبنان منذ عام 2005 وهى بداية تولى الرئيس المحافظ “أحمدى نجاد ” وتوضح جزءاً من سياسته الخارجية وسياسة إيران فى عهده.

الدراسة الثانية:

دراسة للباحث ” مرسى عبد الوالى ابو قاعود ” بعنوان: “الدور الإقليمى لإيران فى الشرق الأوسط خلال الفترة من 1991 وحتى 2010”.

وتلك الدراسة تعمل على تحليل دور السياسة الإيرانية فى منطقة الشرق الأوسط, حيث تتحدث كبداية عن مشروع الشرق الأوسط من المنظور الإيرانى حيث انه منذ ان طُرحت قضية العولمة فى منطقة الشرق الأوسط وبدأت الولايات المتحدة الامريكية تسعى لتطبيقه تنبهت ايران واضعةً نصب عينيها إفشال المحاولات الامريكية ووضع خطة بديلة فى مواجهة الخطة الامريكية, مستعينة فى ذلك بما لديها من مرتكزات عقائدية وفكرية وسياسية و إقتصادية إضافة الى ركائزها الشيعية والدول الصديقة التى إستقطبتها فى المنطقة.

فإيران وضعت مشروعات للوحدة والتعاون سعياً  لرسم خريطة جديدة فى المنطقة تضم العالم العربى وإيران و تركيا ودول آسيا الوسطى الاسلامية والمنطقة الاسلامية فى افريقيا. ويبقى الهدف الاكبر لإيران هو حماية أمنها القومى بضمان صداقة تلك الدوائر المحيطة الى جانب تحقيق وجود “شرق اوسط اسلامى ” لإيمانها بحتمية قيام حكومة اسلامية عالمية عاجلا أم آجلا.

كما تتحدث الدراسة عن آليات إيران لتطبيق هذا المشروع وردود الفعل الإقليمية والدولية على المشروع فهناك الكثير من التحديات التى تواجه هذا المشروع منها الوجود الأمريكى المُحاصر لإيران فهى تتواجد فى شرق إيران من خلال افغانستان وفى الشمال فى أذربيجان و أوزباكستان وغيرها وفى الغرب العراق الى جانب الخليج من الجنوب وعدد من دول مجلس التعاون الخليجى.

إلى جانب الإشتباك الايرانى مع الصراع العربى-الاسرائيلى, بالإضافة إلى التحديات الدولية التى تضعها فى موقف المُهاجم بسبب ملفها النووى ففى ردود الفعل الإقليمية تتحدث الدراسة عن الموقف العربى الرافض خوفاً من إختلال ميزان القوى اكثر مما هو عليه, لصالح ايران مما زاد من توترات الوضع. كما تحدثت عن الموقف التركى بإعتبارها المنافس الاول لإيران فى المنطقة فمن ناحية تسعى كلاً منهما لتقديم نفسها على اساس أنها النموذج الاسلامى الأمثل, ومن الناحية الاخرى تتنافسان حول دعم القضية الفلسطينية الذى يعد من مرتكزات السياسة الخارجية لكلاهما, والتنافس على الهيمنة الاقليمية. وأخيراً, الى جانب الموقف الاسرائيلى الواضح من التحركات الايرانية .

هذا بالإضافة إلى تطرقها للموقف الدولى لمشروع الشرق الأوسط الإسلامى الإيرانى . و أخيراً تطرقت الدراسة للدور الايرانى فى القضايا الاقليمية مثل القضية العراقية ودورها الكبير فى العراق خاصة بعد الاحتلال الامريكى للعراق منذ 2003, ودورها فى القضية الفلسطينية و دورها تجاه لبنان و دعمها لحزب الله اللبنانى وما لهذا من أثر على الأوساط اللبنانية[8].

  • وتلك الدراسة كانت ذات فائدة كبيرة لموضوع البحث حيث سلطت الضوء على أهم القضايا فى منطقة الشرق الأوسط وكيف أثرت فيها ايران و الدور الذى لعبته فيه فى الفترة من 1991 و حتى 2010 و كيف تطور هذا الدور كما ان تسليط الضوء على مفهوم الشرق الأوسط من المنظور الإيرانى والتنافس الإيرانى-الأمريكى من ناحية و الإيرانى-التركى من الناحية الأخرى يفسر كثيراً من السياسات الإيرانية الخارجية.

الدراسة الثالثة:

 للكاتب الصحفى عياد البطنيجى, الذى تحدث فى دراسة بعنوان:أنماط السياسة الخارجية الإيرانية, بدأ الكاتب بتوصيف السياسة الخارجية الإيرانية حيث تحدث عن اهمية السياسة الخارجية بالنسبة لإيران ومكانة هذا الملف المميزة فى السياسة الإيرانية كما تحدث عن أهم الأطراف المؤثرة فى عملية صنع القرار السياسى الخارجى وابرزهم المرشد العام. أما فيما يخص اهداف السياسة الخارجية الإيرانية فكثير من تلك الأهداف تتسم بالإستمرارية حتى أنها أهداف قديمة بالنسبة لإيران وليس فقط منذ الثورة الاسلامية وأمثلة لتلك الأهداف سعى إيران لامتلاك قوة نووية فقد كان هذا السعى منذ عصر الشاه وهدف آخر وهو جعل ايران ذات شأن فى السياسة العالمية و يرتبط ذلك الهدف بالحقيقة المذهبية “وهى المتغير الأول فى دراستنا ” فمنذ فُرض المذهب الشيعى عليها فى مطلع القرن السادس عشر وهى تسعى الى جعل البلد ذا مكانة مرموقة فى النظام الإقليمى والدولى . وتحدثت الدراسة أيضا عن كون السياسة الخارجية الإيرانية تبالغ فى تقدير قوة ايران الحقيقية مما يجرها لكثير من الازمات الدولية خاصة فيما يخص مجاهرتها بالعداء للولايات المتحدة الامريكية. كما تتحدث عن البعد العالمى للسياسة الخارجية الإيرانية والبعد الإقليمى ودورها المهم فى نطاق نظامه الاقليمى موجهة اهتمامها للنظام الإقليمى الخليجى و منطقة بحر القزوين ولبنان وفلسطين[9] .

  • وتلك الدراسة قدمت نظرة شاملة عن السياسة الخارجية الايرانية واهدافها وابعادها مما يجعلها فى غاية الأهمية .

المحور الثانى: يتحدث عن متغيرات تؤثر على بروز المذهبية فى السياسة الخارجية الإيرانية.

هذا المحور يحاول الإجابة على سؤال وهو كيف تتحول المذهبية من شأن داخلى لشأن خارجى؟ فإذا كانت القيادة السياسية تعزز من تلك المذهبية وتوافق بل وتشجع تسييسها فمن الطبيعى أن تؤثر على كافة المجالات السياسية منها مجال السياسة الخارجية ولهذا درسنا القيادة فى الفترة المحددة, كما ان الإطار القانونى له كبير الأثر فى تعزيزها أو تطويقها و هذا يظهر فى الدستور الإيرانى الذى صدر بعد الثورة الإيرانية عام 1979 والذى تم تعديله فيما بعد لكنة كان ولازال يحمل ايدولوجية الثورة الإيرانية .

الدراسة الأولى:

دراسة للباحث “خالد حمود خميس العجمى ” نُشرت فى مجلة “آراء حول الخليج” التى يصدرها مركز الخليج للأبحاث بالمملكة العربية السعودية.

وتلك الدراسة  تتناول أحد المتغيرات الهامة التى تؤثر فى السياسة الخارجية بصفة عامة وبصفة خاصة فى المجتمعات غير الديموقراطية ففى تلك المجتمعات يبرز دور القائد بشكل كبير حيث لا توجد مؤسسات لها سلطة حقيقية تُعادل ذلك الأثر, والدراسة تتناول ذلك المُحدد وأثره على السياسة الخارجية الإيرانية فتبدأ بالحديث عن مفهوم القيادة ودورها فى السياسة الخارجية ثم تنتقل للقيادة السياسية الايرانية على وجه الخصوص.

ففى البداية تحدثت الدراسة عن مفهوم القيادة فى الفكر السياسى الشيعى لما له من تأثير كبير على الحياة السياسية فى إيران, فمفهوم القيادة عند الشيعة الإثنى عشرية مر بثلاث مراحل, فبدأ هذا المفهوم سياسيا بعد مأساة كربلاء التى قُتل بها الحسين رضى الله عنه على يد القوات الأموية ثم ميراث الصادق الفقهى وهو الإمام السادس الذى حاول البعد بالشيعة عن قمع السلطات و تشريدهم ثم أصبح سياسياً تماما مع ظهور نظرية ولاية الفقيه و قيامها فى إيران بعد ثورة 1979 ضد الشاه .

ثم تتحدث عن مؤسسات الحكم ومنصب رئيس الجمهورية حيث بدأ كمنصبا شرفى مع أول دستور وضع للجمهورية عام 1979, وكانت أغلب السلطات بيد رئيس الوزراء خوفاً من تقويضه لمنصب المرشد ولكن حدثت مصادمات بين منصب الرئيس ورئيس الوزراء خاصة فى حالة إنتمائهم لنخب مختلفة, فتم تعديل الدستور ليصبح رئيس الجمهورية هو المسئول عن تتفيذ الدستور ورئيس السلطة التنفيذية ” فيما عدا المجالات التى ترتبط مباشرة بالقائد “, وله سلطة تعيين الوزراء بعد موافقة مجلس الشورى وعزلهمو تم وضع خمسة شروط يجب توافرها فى الرئيس أبرزها انه يجب ان يكون ” مؤمنا معتقداً بمبادئ الثورة الاسلامية والمذهب الرسمى للبلاد.

ثم انتقلت الدراسة للحديث عن الفترات الرئاسية المختلفة منذ عام 1979 و حتى 2009 وتأثيرها على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجى [10].

  • وأهم تلك الفترات بالنسبة لدراستنا هى فترة الرئيس احمدى نجاد والتى تبدأ من 2005 حتى نهاية فترة الدراسة عام 2009, والذى كان عمدة طهران و محسوب على التيارالمحافظ المتشدد, وهذا التيار يعطى المذهب الشيعى أهمية خاصة تؤثر على سياساته بصفة عامة وهو الأمر الذى تستقصى عنه الدراسة ما اذا كانت تلك الحقيقة المذهبية قد أثرت على السياسة الخارجية الايرانية فى الفترة المذكورة وإن كانت قد أثرت فما أسباب ذلك ؟

الدراسة الثانية:

مقال بقلم “سامح راشد” بعنوان “السياسة الخارجية الإيرانية فى عهد نجاد (حدود التغير)”,  يتحدث فيه عن السياسة الخارجية الايرانية فى عهد نجاد وحدود التغيير فيها حيث ترى ان السياسة الخارجية الايرانية تتسم بقدر من الثبات والمؤسسية وان دور رئيس الجمهورية فيها محدود مقارنة بالدول الجمهورية الاخرى بسبب خصوصية النظام الإيرانى, فمنذ الثورة الاسلامية وهناك إطار حاكم للسياسة الخارجية الإيرانية, رغم كون هذا الإطار ليس جامداً وكثيرا ما حدث فيها تغييرات ولكن تلك التغييرات كانت نتاجا للتفاعل مع التطورات المحيطة فى البيئتين الداخلية والخارجية اكثر من شخص الرئيس نفسه.

فإذا كانت البيئة الداخلية والخارجية مواتيه لتوجهات الرئيس كانت لديه قدرة جيدة على التغيير و يجب ايضا ان يكون هناك اتفاق بينه و بين بقية عناصر المجموعة صاحبة القرار فى الجمهورية الاسلامية .[11]

الدراسة الثالثة :

دراسة للباحث “علاء محمد العبد مطر” بعنوان: ” أيدولوجية الثورة الإيرانية وأثرها على التوجهات السياسية الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج العربية(1979-2003)”, وقد تحدثت تلك الدراسة عن أيدولوجية الثورة الإيرانية وأثرها على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج.

فالثورة الاسلامية الإيرانية إحدى أهم ثورات القرن العشرين كما أنها مازالت حتى الأن محتفظة بقدرتها على التأثير داخلياً وخارجياً, حيث يرجع هذا لقدرتها على تطوير نفسها وجعل مواقفها مواكبة للواقع دون المساس بقيمها وأهدافها الاستراتيجية التى وضعت اساساً استناداً الى الأصول الدينية الشيعية, فأيدولوجية ولاية الفقيه التى قامت على اساسها الثورة الايرانية قد قامت على اسس من المذهب الشيعى الإثنى عشرى .

كما تتحدث تلك الدراسة عن الأمور التى كان لها أثر على تأثير الأيدولوجية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج العربية فى الفترة من 1979 وحتى 2003,  فتناول المدخلات مقسمة ًاياها لأكثر من مُدخل “عنصر” مثل :البيئة الداخلية أو الداخل الإيرانى  فتتناول فترتين رئاسيتين وهى فترة رفسنجانى الرئاسية من 1979إلى 1997 وفترة تولى خاتمى الرئاسة من 1997الى2003.

كما تتحدث عن البيئة الاقليمية التى تتكون من الدول العربية وجمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز وتركيا, وكذلك البيئة الدولية. ثم بدأت بالحديث عن السياسة الخارجية الايرانية تجاه دول الخليج فى الفصل الثانى من الدراسة وتحدثت فى اطارها عن مبدأ تصدير الثورة وأثرها على العلاقات الايرانية الخليجية وكذلك حرب الخليج الاولى و قضية الجزر الثلاثة وتداعيتها على تلك العلاقات  ثم تحدثت عن تحولات السياسة العالمية  بسبب حرب الخليج الثانية وأحداث الحادى عشر من سبتمبر .[12]

  • وتتمثل أهمية تلك الدراسة للبحث فى تناولها لأيدولوجية الثورة الإيرانية ودور المذهب الشيعى وبصمته الواضحة على تلك الأيدولوجية, وكيف أثرت على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج فبالرغم من أن الفترة الزمنية تنتهى ببداية الفترة الزمنية للبحث, إلا أن هذه الدراسة توضح الى اى مدى يمكن للأيدولوجية أن تؤثر على السياسة الخارجية لإيران .

الفصل الأول: بيئة النظام السياسى الإيرانى

يتحدث هذا الفصل عن العوامل التى كانت لها الأثر الأكبر على تأثير محدد المذهبية فى السياسة الخارجية الإيرانية وجوداً وعدماً زيادةً و نقصاناً , و سوف نقسم هذا الفصل الى عدة مباحث .

المبحث الأول : أيدولوجية الثورة الإيرانية

قامت الثورة الإيرانية عام 1979 , ولم تكن تلك الثورة حكراً على الإسلاميين او أصحاب التوجه الدينى كما قد يظن البعض قياساً على نتيجة تلك الثورة , بل اشتركت فى التحضير لها كافة الإتجاهات السياسية الإيرانية من ليبرالية وعلمانية واشتراكية وشيوعية ودينية , واجتمعوا جميعاً حول هدفا واحد وهو الإطاحة بالشاه و نظامه الحاكم وانهاء ملكية استمرت بطول التاريخ الإيرانى قبل ذلك اليوم .

بعد ذلك اتخذت الثورة إتجاها دينيا بقيادة آية الله “روح الله الخمينى ” قائد الثورة والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية وبموافقة الشعب فى إستفتاء عام صدر بعده دستور “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” الذى أرسى مبادئ الثورة ووضح أيديولوجية الثورة الإيرانية بل ووثقها , فرسخ حقيقة ان الثورة الإيرانية ثورة ايديولوجية مما يضع عليها عبئاً كبيراً , حيث أن أى سياسة خارجية تعتمد على الأيديولوجية تهدف إلى إحداث تأثير على محيطها ونقل هذه الأيديولوجية إلى من يحيط بها وتغيير هذا المحيط بما يتطابق مع أهدافها وغاياتها.

ولقد بين دستور الجمهورية الاسلامية بوضوح أولويات السياسة الخارجية الايرانية بالترتيب التالى:

– دول الجوار الايرانى.

– الدول الاسلامية .

– دول العالم الثالث .

– الدول التى تتعامل بحيادية مع احتياجات ايران السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعسكرية.

ولكى نفهم أهداف السياسة الخارجية الإيرانية, اولاً يجب ان نرجع للمصدر الأهم وهو الدستور الإيرانى فبناء على ماورد في مقدمة هذا الدستور ومبادئه يمكننا ان نتعرف على أهداف النظام والمؤسسات التى تم وضعها على أساس المبادئ والأصول والضوابط الاسلامية, وأهمها :

– سعادة الانسان فى المجتمع البشرى ككل .

– استقلال الدولة .

– مكافحة الظلم و نشر العدالة والغاء النظام السلطوى فى العالم و حماية النضال والكفاح المشروع للمستضعفين والفقراء .

– الإلتزام الأخوى تجاه جميع المسلمين والائتلاف والاتحاد بين الشعوب الإسلامية ووحدة العالم الإسلامى وأيضا الدفاع عن حقوق المسلمين فى العالم .[13]

ويتأكد ذلك الهدف الأخير فى مبدأ الأممية الإسلامية وهو أحد مبادئ أيدولوجية الثورة الإيرانية حيث تهدف لتطبيق الإسلام فى جميع البلدان العربية وتم رفض القوميات , حيث يقول الخمينى إن القوميات تراث جاهلى ولا يوجد فى الإسلام قوميات فهو يتجاوزها جميعها ويلغيها ” وعد هذه النعرات القومية هى لتشرذم العالم الإسلامى وتقسمه الى كرد وفرس وترك .

فقد كانت من اهم المفردات التى سيطرت على التفكير الخمينى هى مبدأ وحدة الأمة الإسلامية حيث أعلن الخمينى أنه يمد يد الأخوة إلى كل الشعوب الإسلامية ويطلب منهم أن ينظروا للشيعة على أساس انهم إخوة أعزاء لهم وذلك إحباطا للمساعى الإستعمارية لتشتيتهم .

كما يرى أن قيام الدولة الإسلامية فى إيران هو وسيلة توحيدهم لما تتوافر لديها من الإمكانيات لتحقيق هذا الهدف وقد وصل الأمر أن أكد الحزب الجمهورى الإسلامى, والذى تم تأسيسه بعد نجاح الثورة كأول تطبيق عملى للشعارات التى رفعها للخمينى, بأن أعلن الحزب أن أى مسلم يمكن أن يكون عضواً فى الحزب وذلك فى المادتين الثانية والرابعة ولا يوجد مادة تشترط ان يكون مواطنا إيرانيا بالأساس الذى يعنى أنه حزب للمسلمين فى كافة أنحاء العالم وأن اهدافه ذات طابع أممى.

بينما يوجد مبدأ آخر قد سبب العديد من المشكلات وحتى أنه كان أحد أسباب الحرب العراقية, و أحد أهم مسببات التوتر بين إيران والمنطقة العربية وهو مبدأ تصدير الثورة وهو يعنى: وجود دور فعال للنظام الثورى فى مساندة قوى تتميز بنفس أفكاره , وإحدى حجج هذا الإتجاه هى أن أفضل وسائل الدفاع هى الهجوم , حيث يعد التدخل فى شئون دول أخرى إجراء وقائياً يحمى الثورة من اى هجوم عليها سواء من القوى الإقليمية أو الدولية التى تعدها الثورة معادية لها .

وتهدف إلى تصدير الحكم الإسلامى لكافة الدول, وقد قال الخمينى فى عيد الثورة الأول أن الشعوب المسلمة يجب ان تنهض ضد حكوماتها الجائرة كما أعتبر أن التاريخ الإسلامى لم يعرف إلا حكومتين إسلاميتين :هما خلافة على بن أبى طالب, وحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية التى بدأت فى فبراير 1979. وهذا التصريح فيه إتجاه مذهبى شيعى واضح يتضح بأختيار خلافة الإمام على دون التاريخ الإسلامى برمته مما يوضح غلبة النوايا والإتجاهات الشيعية . كما يوجد خلاف حول كيفية تصدير الثورة حيث يتعارض هذا المبدأ مع ما نص عليه الدستور الإيرانى من الإحجام عن التدخل فى الشئون الداخلية للأمم الأخرى .

بينما كان المبدأ الأخير هو مبدأ الإستقلالية فقد دعت لإستقلالية إقتصادية من خلال الإستقلالية المالية عن المؤسسات المالية, واستقلالية ثقافية حيث تحتفظ إيران بثقافتها الإسلامية وسياسية . وكانت تلك أهم مبادئ الأيدولوجية الإيرانية[14] .

ولكن كما أن هناك مواداً بالدستور الإيرانى – الذى تم الموافقة عليه فى استفتاء رسمى بنسبة 99.5% – تؤكد على اهمية الوحدة فى مبدأ الأممية الاسلامية وضرورة احترام كافة المذاهب الإسلامية, يوجد ما يثير الشكوك حول صحة تلك النواي. فالمادة الثانية عشر على سبيل المثال تصرح بأن الإسلام هو دين الدولة الرسمي، وأن المذهب الجعفري الإثني عشري هو مذهب الدولة، وأن هذه المادة غير قابلة للتغيير إلى الأبد. إلى جانب نظرية ولاية الفقية الشيعية المقننة فى الدستور والتى سنتحدث عنها تفصيلاً فيما بعض فى خضم تناولنا لمتغير القيادة.

وتلك المادة ” المقصود المادة 12″ تتعرض للإنتقاد حيث يرى المعارضون ان تلك المادة تُخل بالإتساق الموضوعى لتلك المبادئ الدستورية فهى لا تنسجم مع المثل الأعلى للأمة الإسلامية ومبدأ الوحدة الإسلامية، بحيث تجعل الدستور الإسلامى الإيرانى دستور لمنطقة معينة، ولم يكتب هذا الدستور للعالم الإسلامى كله بحيث يمكن تطبيقه على كل منطقة فى العالم الإسلامى بحذافيره ,[15]لأنه أخذ يؤكد على مذهب بعينه وهو المذهب الشيعى مما يدل على تفضيله عن باقى المذاهب الإسلامية, كما تدل بعض ممارسات النظم الإيرانية ان ايران تسعى لإعلاء المذهب الشيعى وهو الأمر الطبيعى كونها دولة شيعية ينص دستورها على ذلك الأمر .

وكون الثورة الإيرانية ثورة أيدولوجية يحملها ذلك ضرورة حمايتها لتلك الأيدولوجية والدفاع عنها خاصة وأن المذهب الشيعى توجد به قيمة هامة وهى “التجديد” الأمر الذى ساعد الثورة فى الإستمرار فى الحكم ومواكبة التغيرات الدولية وهو ما دعم الإعتماد على هذا المذهب .

إذاً فالملخص, أن هناك بعض التضارب فيما يخص المذهبية فى الدستور الإيرانى الذى كان ترجمةً لأيدولوجية الثورة الإيرانية , فتارة يتحدث عن أممية اسلامية وإذابة الفروق ونبذ القوميات, وتارة يتحدث عن أهمية المذهب الشيعى الإثنى عشرى وأنه المذهب الرسمى للبلاد وتنبثق منه كثير من القواعد وأن هذا أمرا غير قابل للتغيير فيضع فرقاً جديدا بل ويقننه بالدستور مما يعادل التفرقة على أساس القوميات . أما ما سيساعد فى فك الغموض هذا التضارب هو التطبيق الفعلى على أرض الواقع وهو ما ستوضحه لنا الدراسة فيما بعد فى الجزء التطبيقى.

 

 

المبحث الثانى : التغيرات فى النظام الإقليمى منذ إحتلال العراق 2003 :

إن النظام الإقليمى كأى نظام آخر يتكون من وحدات بينها علاقة تواقف”Interdependence” أى أن الأوضاع فى تلك الوحدات تتأثر بالأوضاع فى بعضها البعض, وهذا التواقف قد يكون تعاونى أو صراعى, المهم أنه توجد تفاعلات منتظمة كنتيجة لتلك العلاقة التواقفية, كما أن هذا االإنتظام فى العلاقات ليس إنتظاماً آلياً جامداً.

أما الوحدات المُكونة للنظام الإقليمى فهى وحدات دولية مثل الدول أو التنظيمات الدولية القادرة على التأثير فى الساحة الدولية.

ترى إيران النظام الإقليمى يضم فقط الدول العربية وتركيا بالإضافة لإيران و يكون متصلاً مع محيطه الاسلامى فى آسيا وأفريقيا أى أن النظام الاقليمى نظام اسلامي ليس لإسرائيل وجود فيه و يكون لإيران دورا محوريا فى هذا النظام[16] ولكن حتى وإن كان هذا هو تعريف إيران لنظامه الإقليمى.

إلا أنه ليس هناك بُداً لإيران من الإعتراف بإسرائيل كفاعل مؤثر فى الشرق الأوسط, يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على سياستها الخارجية, وبالتالى أحد أقطاب هذا النظام الإقليمى وأحد منافسيها بالمنطقة, حتى وان كان اتجاهها المعلن ناحيتها اتجاهاً عدائياً.

أما فيما يخص الوضع الإقليمى فى الفترة المحددة منذ عام 2003 وحتى منتصف 2015 تقريباً, فالوضع الإقليمى بعد إحتلال العراق كان بمثابة إضافة فى خانة الفرص الإيرانية وبالرغم من أن الإحتلال الأمريكى لأفغانستان كان جزءاً من تلك التوطئة وتمهيد الطريق لإيران لتلعب دورا كبيرا فى المنطقة ,إلا ان الإحتلال الأمريكى للعراق هو أهم تحول فى ذلك الدور والأثر و ماله من أثر على انعكاس النظام المذهبى على السياسة الخارجية الإيرانية وفيما يلى توضيح لهذا الوضع.

فقد أحدث الإحتلال الأمريكى للعراق تداعيات كبيرة على النظام الإقليمى العربى بأكمله بل وعلى منطقة الشرق الأوسط ككل , فقد خرجت إيران والولايات المتحدة الأمريكية بإعتبارهم القوى الأساسية فى المنطقة وقد استغلت إيران فى تحركاتها فى المنطقة وفى حسابها لخطواتها الإقليمية على فكرة ضعف وتناقض الإستجابات العربية تجاهها .[17]

فالإحتلال الأمريكى للعراق تجاوز مرحلة إسقاط نظام عربى إلى مرحلة تدمير مقومات الدولة العراقية حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عملية السياسية تقوم على أسس طائفية , بحيث ينقسم العراق إلى طوائف من سنة وشيعة وعرب وأكراد كل منهم يبحث عن دور فى العملية السياسية ويريد تحقيق مكاسبه الخاصة . وهو ما أرادته الولايات المتحدة الأمريكية بل وأرادته إيران, حيث خرجت العراق من ميزان القوى العربى ومن المعادلة الإستراتيجية خارج منطقة الخليج, فقد انخرطت فى مشكلاتها الداخلية ومحاولات إعادة الإعمار مُخلفةً إطاره العربى وراءها بعد أن كان من أهم الفواعل العربية فى المنطقة.

بل وساعد هذا الوضع إيران نتاجاً لذلك التقسيم الطائفى الذى كان الغلبة فيه للشيعة , من إكتساب نفوذ متنامى داخل العراق مما حسن وضع العراق فى المنطقة وزاد من نفوذها الطائفى فقد قام الحاكم الأمريكى المدنى للعراق بتشكيل مجلس الحكم العراقى فى 12 يوليو 2003 والذى أعتبر أعلى هيئة فى البلاد وحظيت فيه الطائفة الشيعية بثلاثة عشر مقعدا من مقاعده الخمسة والعشرين بينما حصلت الطائفة السنية العربية على خمسة مقاعد فقط , فبالرغم من ما تحدثنا عنه فى تناولنا لأيدولوجية الثورة الإيرانية والتى انعكست “أو بمعنى أصح الجزء الذى انتصر منها بوصول الإتجاه الإسلامى للحكم و الإستفتاء على كونها دولة إسلامية وعلى الدستور ” على مواد الدستور الإيرانى التى تنص على ضرورة الدفاع عن المسلمين وعن المستضعفين فى كافة بقاع الأرض , فإيران لم تحرك ساكنا دفاعا عن العراق و من قبلها أفغانستان ونظرت لسقوطهما نظرة برجماتية بحتة بل ويقال أنه صدرت فتوى من أحد الشيوخ الشيعة الإيرانيين بعدم التعرض للجنود الأمريكيين بالعراق وكانت لها أثر كبير جدا على هذا الأمر.

فقد كان من المصلحة الإيرانية سقوط نظام صدام حسين السُنى المعادى لهم وليس هو فقط بل إن العلاقة العراقية-الإيرانية لفترات طويلة كانت علاقة صراع وتتافس وصلت إلى حد الصراع المسلح , وقبله سقوط حكم طالبان المعادى لإيران فى أفغانستان, هذا بينما استمرت الدول العربية مختلفة فيما بينها حول كيفية التعاطى المشترك مع الأزمة العراقية مُسلمين بالأمر الواقع تاركين العراق لمصيره المحتوم .

وكما ذكرنا من قبل الوضع فى العراق فى ظل تلك الظروف الإقليمية مَثَل فرصة لإيران لدرجة أن هناك من يقول أن ايران استفادت من الغزو الأمريكى للعراق أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها .

وبعد إسقاط نظام صدام وبعدما مهدت الولايات المتحدة الأمريكية الطريق لها عن طريق غرس بذور الطائفية ورعايتها لفترة كافية , بدأت إيران تنادى بضرورة إنهاء الاحتلال الأمريكى للعراق وأن يتولى الشعب العراقى حكم نفسه , واضعةً نصب عيناها ضرورة أن تسيطر القوى الشيعية على الحكومة المركزية فى بغداد وعلى كافة مؤسسات الحكم خاصة العسكرية , لتأمن التهديد العراقى فى المستقبل وبعد إنهاء الإحتلال وضمان أن تكون تلك الحكومة المركزية ضعيفة فتتبع إيران وضمان عدم وجود إحتمال لاستقلال أكراد العراق حتى لا يغرى ذلك أكراد إيران للإستقلال.

إذا فإستمرار الإحتلال الأمريكى للعراق كان مرفوضاً من جهة إيران لكن الحرب نفسها أفادتها كثيرا و صبت فى صالحها , واستمر بعدها الدعم الإيرانى بل والسيطرة الإيرانية على النظام الشيعى فى العراق[18] .

كما وقع أيضا حدثا ثالثا – والأول كما وضحنا هو الحرب الأمريكية على أفغانستان وإسقاط حكومة طالبان, بينما الثانى هو الإحتلال الأمريكى للعراق- زاد من النفوذ الإيرانى فى المنطقة و الذى تمثل فى الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006. فإيران لها علاقات تاريخية بشيعة لبنان وقد لعبت دورا محوريا فى بداية الثمانينات فى تأسيس حزب الله , ومن حينها وقد قدمت لحزب الله الدعم بكافة صورة كما يعتبر حزب الله امتداد لإيران فى لبنان وفى المنطقة العربية . وقد قام حزب الله بتنفيذ عملية “الوعد الصادق ” التى اقتضت خطف جنديين إسرائيليين, فانتهزت إسرائيل الفرصة لشن حرب واسعة النطاق على لبنان تجاوزت استهداف عناصر حزب الله وآلياته ومعداته إلى تدمير البنية التحتية اللبنانية وتعمد إحداث تدمير هائل فى الداخل اللبنانى .

والجدير بالذكر أنه كان هناك إنقسام فى المنطقة حول دعم حزب الله وعملياته فالجانب الداعم له كان يتمثل فى إيران وحلفائها سوريا و حركة حماس, وعلى الجانب الآخر دولا كانت ضد ممارسات” حزب الله ” حيث رأت انه يجر لبنان إلى مغامرات ليست فى صالحه بل ويجر المنطقة كلها لقلاقل هى فى غنى عنها, وهذا المحور يتمثل فى مصر والأردن والسعودية و حتى البحرين, ولكن ما حدث بعد ذلك من إنتصار حزب الله فى تلك الحرب ارتقى بمكانة التحالف الأول خاصة وأن الرأى العام العربى كان داعما لحزب الله حتى فى مصر و الدول التى عارضته وحملته مسؤلية الحرب على لبنان .

ففى مصر مثلا وضعت الجماهير صورة الأمين العام لحزب الله “حسن نصر الله “إلى جانب صورة الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر “, حيث أنه على المستوى الشعبى العربى ينجذب الجماهير لمقاومة إسرائيل بشكل كبير , ونظرا لكون إيران هى الداعم الأكبر لحزب الله عزز هذا الإنتصار الرمزى من موقفها الإقليمى. فأصبحت تهديداً وقوة لا يستهان بها بل ولها شرعية شعبية وزادت من نفوذها فى المنطقة فإلى جانب المكون الشيعى الذى كانت تعتمد عليه أصبحت لديها مكونات أخرى جيواستراتيجية متعلقة بنفوذها وتدخلها الذى طال كافة قضايا المنطقة .

وعلى إثر ذلك زاد توجس دول مثل مصر والأردن من الصعود الشيعى بالمنطقة خاصة مع محاولاتها لتطوير قدراتها النووية الأمر الذى أدى لتوتر العلاقات , ولكن المكسب الحقيقى الذى خرجت به إيران من تلك الحرب هو أنها كسبت تأييدا شعبيا واسعا على حساب قوى إقليمية هامة مثل مصر والأردن والسعودية التى أدانها كونها اتخذت موقفا قريبا للموقف الأمريكى والإسرائيلى اللذان إعتبرا ان تلك الحرب هى حرب دفاع كرد فعل على ممارسات حزب الله اللبنانى .

وظل ذلك التحالف قائما فدعمت إيران حركة حماس فى غزة التى التى اتخذت نفس الموقف من إسرائيل وهو الرافض لأى عملية سلام حتى فى ظل العدوان الإسرائيلى على غزة فى 2008, ظل الإنقسام قائما , “فجبهة الإعتدال” ألقت باللوم على ممارسات حماس بالقطاع أيضا , بينما “جبهة المواجهة” أتهمت الأخرى بالتواطؤ والخنوع , وقد إنعكس كل ذلك على علاقات الدول بالمعسكرين خاصة العلاقات المصرية الإيرانية حتى العام 2010, بدأت فى نهايته الثورات العربية التى باركتها إيران لكونها فرصة صعود التيارات الإسلامية التى طالما كانت فى صفوف المعارضة فى غالبية النظم العربية . ويرى البعض من مؤيدي الموقف المصرى وحلفائه فى هذه القضية أن إيران تريد أن تحتفظ ببؤر التوتر مشتعلة لكى تضمن تدخلها فى الشأن العربى .

أما فيما يخص الشأن الفلسطينى بالأخص يرى الباحث أن إيران تستخدم تلك القضية كأحد ركائز قوتها الناعمة فى المنطقة العربية فهى إلى جانب المذهب الشيعى الذى نعتبره غاية و وسيلة فى السياسة الخارجية الإيرانية فإن تلك القضية و دعمها للمقاومة ضد إسرائيل خاصة فى فترة حكم أحمدى نجاد التى بدأت منذ عام 2005 تُعطى إيران ثِقل إقليمى خاصة على المستوى الشعبى و تزيد من قبولها بقدر جيد , وإن كان دعمها لحركات الإسلام السياسى فى بعض الدول مثل مصر على سبيل المثال يؤثر على تلك الشعبية فى الوقت الحالى[19] .

خلاصة القول إذن أن الظروف الإقليمية فى الفترة المذكورة خاصة بدايتها , من سقوط بعض الأنظمة المعادية لإيران والسيطرة الشيعية فى العراق التى أصبحت أمتداداً لإيران و أنتصار حزب الله الشيعى المدعوم من إيران , كل هذا أعلى من الطموح المذهبى الإيرانى فيما يخص تصاعد النفوذ الشيعى فى الشرق الأوسط وبالأخص المنطقة العربية بل وأثبتت لها أن دعم الشيعة فى المنطقة هى خطوة أولى جيدة للهيمنة وللعب دور أكبر فى النظام الإقليمى حيث ترفض إيران أى نظام إقليمى عربى لأنها سوف تكون خارجه, مجرد دولة جوار بينما النظام الإقليمى الإسلامى ترى أنها سوف تكون فى قلبه .

المبحث الثالث : القيادة السياسية وأثرها على انعكاس المذهبية على السياسة الخارجية الإيرانية .

عندما نتحدث عن القيادة السياسية فى النظام الإيرانى الحالى القائم منذ الثورة الإيرانية التى نتج عنها تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979 والتى كما ذكرنا من قبل تم إجراء استفتاء على كونها دولة إسلامية تتبع المذهب الشيعى وتم التأكيد على ذلك فى الدستور الإيرانى , يجب أن نتحدث أولا عن ولاية الفقيه والتى تم إقرارها وإضافتها كأحد مكونات النظام السياسى الإيرانى عندما قدمها الخمينى فى كتابه “الحكومة الإسلامية “, والتى تتلخص فى “ضرورة أن يكون للأمة الإسلامية من إمام , وهذا الإمام هو رجل الدين الأكثر علما وعدلا من أقرانه بين رجال الدين”, لكن هذا لا يعنى أن الخمينى هو صاحب تلك النظرية, فهى كانت قد ظهرت قبل حوالى مائتى عام ولكن الخمينى هو أول من وضعها فى حيز التطبيق فى إيران . [20]

وخلاصة القول فى ولاية الفقيه عند الخمينى أنه لابد ان يأتى الفقهاء على رأس الحكومة الإسلامية , حتى إذا كان لها حكام من غير العلماء فهم يجب عليهم – إذا كانوا على قدرٍ كافٍ من التدين – أن يدركوا ضرورة رجوعهم فى أعمالهم وأحكامهم للفقهاء , وعلى هذا فالحكام الحقيقيون هم الفقهاء ويكون السلاطين مجرد عمال لهم [21]. وتتشابه تلك النظرية مع ” نظرية الحاكمية لله ” فى فكر الإسلام السياسى السنى مثل فكر الإخوان المسلمين. أما الولى الفقيه فى إيران فهو المرشد الأعلى للثورة الإسلامية[22].

لكن هل يعنى هذا سلطة الرئيس ليست حقيقية أو أن توجهاته ليس لها أثر حقيقى على السياسة الداخلية والخارجية ؟ هذا التساؤل سوف نجيب عليه من خلال استعراض صلاحيات المرشد المذكورة فى الدستور. فقد حددت المادة “110 ” من الدستور الإيراني صلاحيات المرشد؛ بحيث تشير هذه النصوص صراحة إلى أن منصب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، هو المنصب الأول والأعلى والأكثر تأثيرًا ونفوذًا في الجمهورية الإسلامية، وتمتد صلاحياته، التي يضمنها الدستور، لكل السلطات، ولكل مفاصل الدولة. فالولى الفقيه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمسؤول عن إعلان الحرب والسلام، وهو من يعين ويعزل رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، وقائد الحرس الثوري، وقادة الأمن وأصحاب المناصب العليا في المؤسسات الأمنية. وتمتد صلاحياته لتشمل تعيين وعزل رئيس مجلس صيانة الدستور، ورئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في الجمهورية. ولا يقف الرئيس الإيراني المنتخَب من قِبل الشعب بعيدًا عن سلطة المرشد، حيث يصادق المرشد على انتخابه، ويملك صلاحية عزله والحد من سلطته. وتتولى مؤسسة القائد التحضير والمتابعة لأنشطة الولي الفقيه، من لقاءات وخطب ومحاضرات وبيانات. وله آلاف الممثلين ينتشرون في جميع مؤسسات الدولة الاقتصادية والثقافية والسياسية والعسكرية والأمنية، مع حضور قوي في الجامعات، فضلاً عن ممثلين له في عدد من الدول. ويقدِّم مجمع “تشخيص مصلحة النظام” المشورة له في كثير من القضايا.[23] كما ينتخب من يشغل هذا المنصب “مجلس الخبراء”. ومنذ قيام الثورة الإيرانية شغل إثنان فقط منصب المرشد الأعلى أو الزعيم الأعلى فالأول هو مؤسس الجمهوية الإسلامية الراحل  آية الله “روح الله الخمينى” ثم خلفه آيه الله “على خامنئى” عام 1989 .

وهناك أيضا “الحرس الثورى ” وهو أعلى قوة فى الجيش ويشارك فى  إدارة الإقتصاد ويتدخل فى السياسة حيث يقال أنه سوف يشارك فى إختيار المرشد القادم , كما أن “حسن روحانى” الرئيس الحالى لإيران كان يحاول الحد من أثر “الحرس الثورى” على الإقتصاد والسياسة الخارجية وقد واجه مقاومة شديدة منهم . وهذا يدل على كثرة الفاعلين الذين يحاولون التأثير خاصة فى مجال السياسة الخارجية لكونه ملف شائك فى الحالة الإيرانية, وسنحاول الإتيان بمثال تطبيقى لتوضيح دور وحدود هؤلاء الفواعل فى التأثير على السياسة الخارجية وبالتالى تأثير إتجاهاتهم سواءاً كانت مذهبية أو برجماتية أو خليطاً من هذا وذاك. لكن أولا سنتحدث عن المنصب الثانى فى النظام السياسى الإيرانى, وهو منصب رئيس الجمهورية , حيث يقوم الرئيس في إيران بوظائف كثيرة من التي يقوم بها رأس الدولة في الجمهوريات الأخرى  مثل: قبول اعتماد السفراء, كما يرشح الرئيس أعضاء حكومته ويقدمهم إلى البرلمان الذي يستطيع حجب الثقة عن المرشحين بينما الرئيس له صلاحية إعفاء أي وزير من منصبه, ويعين الرئيس أيضاً سكرتير مجلس الأمن القومي الإيراني, وهذا الأخير له دور هام جدا حيث يتولى التنسيق بين صياغة السياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي بتوجيهات مرشد الجمهورية ورئاسة الجمهورية التي تنفذ السياسة الخارجية التي صنعت في مجلس الأمن القومي بموافقة المرشد.

ينتخب رئيس الجمهورية بالغالبية البسيطة للأصوات, بينما ينص الدستور الإيراني على طريقتين لإقالته الأولى إذا صدر حكم قضائي بحقه في دعوى جنائية حيث يستطيع المرشد في هذه الحالة إقالته من منصبه استناداً إلى هذا الحكم القضائي(وهي حالة لم تحدث في تاريخ جمهورية إيران الإسلامية حتى الآن), والطريقة الثانية تحدث إذا ما قرر البرلمان عدم صلاحية الرئيس وطلب من المرشد إقالته (وهذه الطريقة حدثت في حالة واحدة فقط أعفي فيها الرئيس من منصبه٬ وكانت بقرار من البرلمان الإيراني حيث تم سحب الثقة من أول رئيس لجمهورية إيران الإسلامية “أبو الحسن بني صدر” من منصبه وطلب من الإمام الخميني٬ أن يعفيه من منصبه وهو ما فعله الإمام بالفعل).

كما ينص الدستور الإيراني على ضرورة توافر مجموعة من الشروط  في المُرشحين لرئاسة الجمهورية في إيران أهمها: أن يكون المرشح من الشخصيات السياسية أو الدينية البارزة في إيران٬ وأن يكون من أصول إيرانية٬ ويحمل الجنسية الإيرانية٬ ويمتلك القدرات الإدارية٬ وحسن السير والسلوك٬ وهي شروط مشتركة مع غالبية دساتير العالم. وهناك شروط إيديولوجية تميز المرشح لرئاسة الجمهورية في إيران مثل إيمانه اللازم بمبادئ جمهورية إيران الإسلامية٬ ومجلس صيانة الدستور يتأكد من هذا الشرط عند فحصه لأوراق المرشحين٬ فضلاً عن وجود شروط مذهبية تتطلب أن يكون مسلماً شيعياً اثني عشرياً.[24]

أما الفترة من عام 2003 وحتى عام 2015 فقد تولى فيها ثلاث رؤساء, وهم: محمد خاتمى الذى أمتدت مدته الرئاسية الثانية من2001 وحتى 2005 ويقال أنه كان يتمتع بقدر جيد من الإستقلالية فى مواجهة سلطة المُرشد , بينما كانت السياسة الخارجية فى عهده قد أخذت منحى الإعتدال خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر و قد وافقت إيران لأول مرة على حل قيام دولتين إحداهما فلسطينية والأخرى إسرائيلية فى عهده, وهو مايفهم من التصريحات الرسمية الإيرانية التى أعلنت أن “إيران ترضى بما ترضى به فلسطين”. لكن يرى الباحثون أن هذا لم يكن تغييرا جذريا فى السياسة الخارجية الإيرانية بل هو نوع من التأقلم والتعامل الحكيم مع الوضع الإقليمى و الدولى فى ذلك الوقت ولتجنب أى تصعيد من الولايات المتحدة الأمريكية تجاهها خاصة فى ظل الموقف الإيرانى فى العراق والبرنامج النووى الإيرانى وهو ما يدل على مهارة الدبلوماسية الإيرانية .

 

بينما تولى محمود أحمدى نجاد لمدتين رئاسيتين أيضا بدأت منذ 2005 وأنتهت عام 2013 بتولى حسن روحانى الرئاسة .

وفى هذا النطاق سوف نشير إلى أمرين :

أولا: أنه بالرغم من  تعدد الرؤساء فى تلك الفترة “2003-2015″ وإختلاف خلفياتهم السياسية ” فعلى سبيل المثال أحمدى نجاد محافظ ,بينما روحانى إصلاحى ” أثبت ان هناك قدراً كبيراً من الإستمرارية فى السياسة الخارجية الإيرانية فيما يخص العامل المذهبى الشيعى , فموقف خاتمى من دعم  الشيعة فى العراق عن طريق عدم الإعتراض على الحرب الأمريكية ضد العراق ثم الإعتراض على استمرار الإحتلال والعمل على استغلال النظام السياسى الجديد فى العراق , مشابه لموقف أحمدى نجاد فى الدعم المطلق لحزب الله الشيعى أمام إسرائيل فى العدوان على لبنان و هكذا فى موقف حسن روحانى على سبيل المثال من دعم الحوثيين فى اليمن , هذا إلى جانب استمرار تلك القضايا بالأساس ”

ثانياً : إذا تحدثنا بشكل خاص عن أحمدى نجاد لكونه فى السلطة لأغلبية الفترة المذكورة  فسنجد أنه بالرغم من كونه محافظ -والمحافظون ينادون ببقاء مؤسسة ولاية الفقيه والإلتزام بالخط الخمينى فى السياسة الخارجية والداخلية على حد سواء خاصة بكون الدين هو الاطار الرئيس لمحور الحياة والالتزام بتعاليم المرشد لكونه هو ممثل المعصوم[25]– الإ أنه كان على علاقة متوترة بالمرشد الأعلى وكان معارضوه بل والمرشد نفسه يروا أنه يحاول التقليل من نفوذه وأنه لا يقوم بواجبه وهو طاعة المُرشد , بل وبالرغم من كونه ابن الثورة الإيرانية وأحد المخلصين لها، إلاّ أن التصور الإيراني لنفوذ إيران الإقليمي ودورها في المنطقة فى عهد نجاد إختلف نوعياً عن الصورة التي رسمها الإمام الخميني لدور الثورة الإيرانية وعلاقتها بالعالم العربي، وحتى لطبيعة التأثيراإيرانى في المنطقة فى عهده مقارنة في الأثر السابق بعد قيام الثورة نفسها.

ففى المرحلة الأولى من الثورة كان الخميني حريصاً على نقل مشروع الثورة الإسلامية وتصديره إلى الدول العربية والإسلامية الأخرى, وتمثًّل الإلهام الذي قدمه للحركات الإسلامية الأخرى، بخاصة السُنية، في نجاح فكرة الإسلام الثوري لدى الشيعة بإقامة النموذج الموعود للدولة الإسلامية، فيما فتح شهية  تلك الحركات السنية إلى استنساخ الفكرة والقيام بتغيير أنظمة الحكم كما حدث فى إيران . أما اليوم، فإن الظروف تبدو مغايرة تماماً، والأهداف الإقليمية الإيرانية مختلفة كذلك عن السابق، وتستند بدرجة رئيسة على ما يسمى “بالعامل الشيعي” في السياسة الخارجية الإيرانية”أي اعتماد مبدأ تعزيز قوة الشيعة وحضورهم في العالم العربي والإسلامي، وبصورة أساسية العراق وتمتين علاقتهم بإيران، من دون الحرص على استنساخ نموذج ولاية الفقيه في تلك الدول، بقدر ما هو الحرص على حصولهم على حقوقهم السياسية سواء في الحكم إن كانوا أغلبية أو تعزيز نفوذهم السياسية، إن كانوا أقلية، من خلال العملية الديمقراطية ” فنجد أن العامل الشيعى يظهر الأن أقوى حتى من وقت قيام الثورة , وفى الواقع من الممكن أن نعتبر ذلك أيضا أحد نقاط الذكاء والقوة فى السياسة الخارجية الإيرانية حيث أنها تعدل إستراتيجيتها تبعاً للتغيرات فى خريطة الأوضاع الإقليمية والدولية , وان كانت سياسات نجاد قد واجهت انتقادات من الداخل الإيرانى خوفاً من أن يرى العالم خاصة الإسلامى ان إيران ليس لديها مبادئ ثابتة .

ثالثا: كون الرئيس ليس الفاعل الوحيد فيما يخص صنع السياسة الخارجية, أدى الى رسم إطار لحدود التغيير فى السياسة الخارجية الإيرانية – ذلك الإطار الجامد يحدده الدستور الإيرانى وأيديواوجية الثورة والمؤسسات التقليدية وهو به قدر كبير من الثبات واإستمرارية-  بينما داخل ذلك الإطار وفى حدود تلك المساحة المتاحة يحدث التغيير فى السياسة الخارجية وآليه تنفيذ تلك السياسة على حسب مُعطيات الموقف محلياً وإقليمياً ودولياً على يد الرئيس والمؤسسات الحديثة فى الدولة.

الخلاصة:

تحدثنا عن العوامل التى من الممكن أن تؤثر على إنعكاس المذهبية على السياسة الخارجية الإيرانية , ففيما يخص أيدولوجية الثورة الإيرانية وجدنا فيها ما قد يدعم ظهور المذهبية وما يدحضه, أما العامل الإقليمى فوجدنا أنه فرصة هائلة لظهور المذهبية فى الفترة المذكورة مما أثر على القيادة السياسية أيضا التى دعمت هذا الإتجاه.

الفصل الثانى : السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق ولبنان واليمن.

لقد تحدثنا من قبل خلال الدراسة عن التحولات الإقليمية التى أدت لتنامى الطموح الإيرانى فى تنامى نفوذها فى منطقة الشرق الأوسط إعتماداً على العنصر المذهبى وهو المذهب الشيعى الذى أعتبرته حجر الأساس فى إستراتيجيتها لتعيين نفسها قوة إقليمية كبرى, أو كما يملى عليها طموحها القوة الإقليمية الكبرى. أما خلال هذا الفصل فسوف نسلط الضوء على أمثلة تطبيقية للسياسة الخارجية الإيرانية, مع تسليط الضوء على القضايا المعاصرة . لتدعيم الإجابة عن التساؤل الرئيسى للدراسة الخاص بظهور العامل المذهبى فى السياسة الخارجية الإيرانية وذلك بعد وضع المدخلات -كما أستوضحناها فى الفصل السابق- فى عين الإعتبار.

المبحث الأول : السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق

بالرغم من أننا قد تحدثنا عن العراق من قبل فى الفصل الأول فى المبحث الخاص بالوضع الإقليمى وكيف أن إحتلال العراق كان فى صالح التأثير الإيرانى على المنطقة وشجعها على نهج طريق المذهبية فى سياستها الخارجية فأصبحت غاية ووسيلة, إلا أن دور العراق لم ينتهى عند هذا الحد حتى الآن ولن ينتهى, فالعراق هى الحليف الأهم وكانت دائماً مُعدة لتكون الحليف الأهم. فالولايات المتحدة الأمريكية لم تصنع تلك العلاقة بين إيران والعراق عُنوة هى فقط مهدت الطريق أمامها وقننت تلك العلاقة, فالعراق بالأساس به أغلبية شيعية تنتمى أيدولوجياً لإيران, وهو الأمر الذى ساعدها على التدخل في العراق بعد الحرب الأمريكية على العراق فى 2003 .

ففى بادئ الأمر كان هناك تأييد للحرب على العراق بدعوى وجود اسلحة دمار شامل والتى يحظر على العراق إمتلاكها بموجب الإتفاقيات الدولية, إلا ان العراق وافقت على عودة مفتشى الأسلحة الدوليين لتجنب تلك الحرب والذين قد عادوا بالفعل بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 1441 و كنتيجة لترحيب العراق بهذا القرار انحسر التأييد الدولى للحرب على العراق و لكن الولايات المتحدة الأمريكية استمرت فى إكمال مشروعها بالرغم من ذلك و بعد أن قامت بإحتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين فى 20مارس 2003 واجهت كثيراً من الضغط من المقاومة الشعبية, ذلك الضغط أفضى إلى موافقة الإدارة الامريكية على تأسيس مجلس الحكم الإنتقالى فى العراق والذى تم الإعلان عنه فى مطلع يوليو 2003 والذى تم توزيع مقاعده على النحو التالى : 13 مقعدا للشيعة 5 للسنة و5 للأكراد ومقعد واحد لكل من المسيحيين والتركمان.

وبذلك أصبح هنالك تمكين شيعى وتفعيل لدور الشيعة فى العراق, الأمر الذى صب فى مصلحة إيران رُغم وجود الإختلافات مع بعض الأحزاب الشيعية التى ظهرت بعد سقوط النظام العراقى .

وبداية من تلك اللحظة ظهر التدخل الإيرانى فى المنطقة العربية والذى اعتمد على المُحدد الطائفى بشكل اساسى حيث بدأت تظهر مشاكل طائفية نراها لأول مرة حيث لم نرى فى أى فترة سابقة صراع مذهبى بين السنة والشيعة كما حدث منذ سقوط صدام حسين , ليس فقط فى العراق بل وصلت تلك التأثيرات إلى اليمن والسودان وشمال أفريقيا . كما أن كان هنالك العديد من العراقيين الشيعة  و الذين يقدر عددهم بمئات الآلاف حوالى 200 ألف حسب الإحصائيات الصادرة عن اللجنة العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة  قد تم تهجيرهم و طردهم من قبل النظام العراقى فى عهد صدام الذى اتهمهم بأنهم إيرانيين أو فارسيين وألقى بهم على الحدود دون اوراق ثبوتيه مما أدى الى اعتبارهم لاجئين فى إيران .وبعد سقوط صدام عاد للعراق حوالى 1,8 ألفا منهم الأمر الذى أدى بالتبعية لزيادة النفوذ الإيرانى حيث اصبح هؤلاء العراقيون يشعرون انهم ينتمون بالأساس لإيران قائدة المذهب الشيعى فى العالم, والذين كانوا يُعاملون على أساسه ليس على أساس المواطنة العراقية .

كما أن العراق ذات اهمية كبيرة للمذهب الشيعى- و بالتالى بالنسبة لإيران- لما بها من مزارات دينية حيث تعتبر العراق مهد العالم الشيعى فهى تحتوى على مدن الأضرحة وهى : النجف و كربلاء وهى التى تعتبر على مدى قرون مراكز للتعليم الدينى و الثقافة الشيعية و هنالك آلاف الحجاج الإيرانيين الذين يسافرون لتلك الأضرحة و بالتالى تحتل العراق مكانة هامة فى السياسة الخارجية الإيرانية .[26]

واستمر الوضع على هذا الشكل وأستمرت الصلة حتى أصبح من الصعب الحديث عن التطورات داخل النظام العراقى دون العودة للبحث عن الدور الإيرانى. فقد كانت إيران تستخدم الأموال أيضاً لتضمن علاقتها بالعراق, حيث تم تقدير المساعدات المالية الإيرانية إلى حلفائها فى العراق ,عن طريق السفير الامريكي في العراق “كريستوفر هيل” في نوفمبر 2009, بأنها تتراوح ما بين 100 مليون دولار و200 مليون دولار سنوياً.

كما أنه فى 2009 أيضاً  صرح مسئول أمنى عراقى لجريدة الشرق الأوسط أن “خيوط العملية السياسية العراقية بيد إيران، بل هي بيد قائد فيلق القدس، سليماني، وهو مسؤول عن الملف العراقي أيضا” (وقاسم سليمانى هو جنرال عسكرى إيرانى كان يقال انه مسؤول العلاقات الخارجية السرية لإيران ), كما يؤكد أيضاً هذا المسئول “ليس هناك جهة أو حزب أو كتلة سياسية شيعية في العراق لا تدعمها إيران، بل إنها تدعم حتى تكتلات سنية لتتأكد بأنها (إيران) تمسك كل أوراق اللعبة”.[27]

كما استخدمت إيران إستراتيجية غاية فى الذكاء فى دعم الشيعة والإستقواء بهم فقد عملت على إزالة الخلافات العالقة بين التيارات الشيعية لكى تحقق مكسبين فى وقت واحد ، الأول يتمثل في الحفاظ على أغلبية شيعية تأتي بحكومات حليفة لإيران، والثاني في كسب ولاء مختلف التيارات الشيعية على إعتبار أن إيران هي الوسيط المتوقع في أي خلاف شيعي- شيعي قادم.

واستكملت إيران تنفيذ استراتيجيتها في العراق من خلال محاولة التحكم في العملية الإنتخابية العراقية عن طريق حلفائها العراقيين الذين تحدثنا عنهم من قبل. وتواصل الدور الإيراني بعد انتهاء الإنتخابات, لتتدخل إيران في مرحلة تشكيل الحكومة، واتضح ذلك بعد توافد قادة سياسيين عراقيين إلى طهران في احتفالات ” عيد النيروز”، وهي الزيارات التي تزامن معها إعراب نائب رئيس الجمهورية السُني “طارق الهاشمي” عن قلقه بشأن المحادثات التي تجريها قيادات سياسية عراقية بطهران من أجل تشكيل الحكومة وهو ما يدل على مدى النفوذ القوى والواضح الذي تمكنت إيران من الحصول عليه في العراق, حتى أنها أدت إلى خروج تصريحات قوية من وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك حول محاولة إيران للتأثير على الإنتخابات العراقية- وهذه لم تكن المرة  الأولى التى تلتفت فيها الولايات المتحدة الأمريكية للنفوذ الإيرانى فى العراق, ففى أثناء الإحتلال الأمريكى للعراق تباحثت الولايات المتحدة الأمريكية مع إيران حول مستقبل العراق فى إعتراف منها أن إيران هى النِد الوحيد لها فى العراق. حتى أن إيران كانت تتدخل فى السياسة الخارجية العراقية كذلك.[28]

كما أن الدور الإيرانى الآن فى العراق قد شهد تحولاً جديداً لصالح إيران, فكما تحدثنا عن الوضع الإقليمى من قبل وكيف مهد الطريق أمام إيران للسيطرة على العراق باستخدام العامل المذهبى, فللمرة الثانية يبدو أن الظروف الإقليمية سوف تخدم إيران خاصةً داخل العراق. وقد جاءت تلك الظروف على يد “داعش” هذه المرة أو تنظيم “الدولة الإسلامية فى العراق والشام “, حيث سيطرت ” داعش” على عدة مدن في محافظات وسط وشمال العراق، ومنها في مناطق محاذية للحدود العراقية – الإيرانية. فكانت هذه الأزمة بمنزلة فرصة وتحد لإيران ودورها في العراق.

فمن ناحية هى تحد, حيث أنها بعدما حصلت إيران على كل تلك المكاسب فى العراق بعد الإحتلال الأمريكى وأستتبت لها الأمور ظهرت لها ” داعش ” التى تعتبر الشيعة مرتدين, والتى إذا استمرت فى التوسع بالعراق سوف تهدد مصالح جميع الفصائل الشيعية التى تعتمد إيران عليها بالأساس. فلن تسمح إيران بأن يسقط نظام الحكم الشيعى فى العراق مرة أخرى بصعود “داعش” للحكم فى حال سيطرتها تماماً على العراق, حيث تقدم العراق عمقا استراتيجيا ومنطقة عازلة مع المملكة العربية السعودية والدول العربية االسنية الأخرى التي تتنافس مع إيران للهيمنة على الخليج “العربى” أو “الفارسى” -حسب الرواية الإيرانية. كما أنها تريد التأكد من أن العراق لن يشكل تهديداً للمصالح الإيرانية مرة أخرى كما فعل صدام عندما غزا ايران في عام 1980 فى الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات  دُمر خلالها كلا البلدين, وقد حصل صدام فى هذه الحرب على تأييد الدول العربية السنية و معظم القوى الغربية, وبالتالى فإن إيران يجب أن تقوم  بكل ما هو ضروري للحفاظ على حكومة صديقة يقودها الشيعة في السلطة في بغداد[29], والذى يعد التحدى الأكبر أمامها خاصة فى ظل قوة خصمها.

لكن تظل الفرصة قائمة حيث أنه بالرغم من أن الأزمة فى بدايتها أربكت إيران إلا أنها تداركت الأمر سريعا وذلك على إثر خبراتها فى إدارة الأزمات وترتيبها لأولوياتها والتى على رأسها استقرار العراق والحفاظ على أمنه وعدم سقوط نظامه السياسى الشيعى, حيث بادرت قبل أياً من الفاعلين الدوليين بإعادة بناء القوات النظامية الرسمية والشعبية في العراق وتعزيز قدراتها للوقوف بوجه داعش من دون أي تأخير وتعطيل واتخذت تدابير مهمة من شأنها حسر خطر داعش وتضعيفها، والمحور الاساس في هذه التدابير كان تثبيت المناطق الحيوية الشيعية والكردية ومن ثم اعادة ترتيب الصفوف لاسترجاع المناطق المحتلة من قبل داعش[30], وقد أعطى ذلك ميزة أخرى لإيران حيث زادت ثقة الشيعة العراقيين بأيران أكثر كالمنقذ والحليف.

كما يظهر العامل المذهبى  أيضاً هنا بصورة أخرى حيث استند الدور الإيراني في العراق إلى البعد العقائدي المذهبي في تدخله إلى جانب الحكومة العراقية في حربها ضد “تنظيم الدولة الإسلامية”، بحجة حماية الأماكن والمزارات الدينية الشيعية في العراق، والزوار الإيرانيين الوافدين إليها، وهو ما أوجبته الفتاوى التي أطلقتها المرجعية الدينية الشيعية فيما يسمى بـــــ “الجهاد الكفائي”. وكما كانت إيران فى فترة الإحتلال الأمريكى للعراق تدرب الميليشيات الشيعية العراقية, كذلك فإنها بعد تنامى قوة داعش قد زادت من تلك الجهود حيث كثفت من جهودها فى تدريب المليشيات الشيعية داخل العاصمة العراقية، بغداد وفي مناطق جنوب البلاد.[31]

إذاً فمنذ احتلال العراق وإيران تدرك أهمية العراق كعمق إستراتيجى لها وشقيق وشريك نادر فى المذهب, وبالتالى أعتمدت سياستها الخارجية على الجمع بين التمويل والتدريب للميليشيات والدعم السياسي لبسط نفوذها على الجماعات الشيعية الرئيسية فى العراق وبالتالى الدولة العراقية ككل. وقد أثبتت تلك السياسة بروز العامل المذهبى الشيعى فى السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق . وقد يثار تساؤل هام وهو: لِمَ لم يظهر ذلك العامل الشيعى فى السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق ما قبل الإحتلال بل وتجاه الدول العربية بصفة عامة ؟

فهذا الأمر يعود لسببين:

الأول: طبيعة النظام السياسى العراقى -المشابهة لغالبية النظم فى الدول العربية فى ذلك الوقت- الذى اتسم بالقمعية الشديدة تجاه الجماعات الشيعية الذين لم يكن حرية الحركة وبالتالى لا يمكن إستخدامهم كأداة وفرصة بالنسبة للسياسة الخارجية الإيرانية.

ثانيا: إذا رجعنا بالزمن إلى ما قبل الثورة الإسلامية فى إيران ,فإن نظام الشاه كان علمانياً لذلك نجد أن هذا العامل لم يوضع بالحسبان إلا منذ الثورة الإيرانية, وبسبب تلك الطبيعة العلمانية وعدم وضع العامل المذهبى أو حتى الدينى كمحدد للسياسة الخارجية الإيرانية لم تكن إيران تهتم فى ذلك الوقت بكثيرا ًمن قضايا العالم العربى طالما لا تمط للمصلحة القومية للإيران بما فى ذلك حروبها مع إسرائيل, وهذه هى الفترة ما قبل الغزو الأمريكى للعراق.[32] أما الآن وبعد إنتفاء هذه الأسباب, فإن العراق تمثل حجر الزاوية فى الإستراتيجية الإيرانية أو الهلال الشيعى كما يطلق عليه العرب .

وآخر هذه القضايا, إلى جانب قضية داعش التى تتدخل إيران بالعراق بشكل مباشر للدفاع عن مكاسبها فى العراق ضدها, والتى حصلت على إثرها على المباركة الأمريكية, حيث وبالرغم من الملف النووى الإيرانى نجد توافقاً أمريكى-إيرانى بخصوص هذا الملف, وإن كانت الولايات المتحدة تصر أنها والجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تتعاونان في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق. وكذلك يصر المسئولون الإيرانيون. ولكن بالرغم من ذلك كشف مسؤول في وزارة الخارجية الامريكية، الثلاثاء، ان مسؤولون أمريكيون وايرانيون ناقشوا مرة أخرى مواجهة الدولة الاسلامية خلال اجتماع رفيع المستوى، وفقا لما نشرته صحيفة “لوس انجلوس تايمز”.  وقد ردت “ماري هارف” المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ان نائب وزير الخارجية “وليام بيرنز” ناقش القضية مع مسؤولين ايرانيين لفترة وجيزة على هامش اجتماع عقد الخميس والجمعة في جنيف ضمن المفاوضات الدولية حول البرنامج النووي الايراني, كما قالت أن “مناقشة هذه الأنواع من التهديدات تنشأ من وقت لآخر على هامش هذه الاجتماعات”.

ولكن بصفة عامة فهذا يدل على وفاق وتلاقى مصالح بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية فى هذه القضية[33].

ثم تأتى قضية الحوثيين والتى سوف نفرد لها مبحثاً خاصاً إلا أن موقف العراق المولى للموقف الإيرانى والرافض لحملة “عاصفة الحزم” العسكرية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن[34] , يدل على مدى قدرة السياسة الخارجية الإيرانية تجاه العراق وإعلاء المبدأ المذهبى لدى حليفتها العراقية أيضاً, وهو ما سنتطرق إليه بالتفصيل.

المبحث الثانى: السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان :

أما عن السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان فيتجلى فيها بوضوح -أكثر من الأمثلة السابقة- مفهوم “القوة الذكية”. فهنالك أكثر من أداة تستخدمها إيران فى سياستها الخارجية تجاه لبنان من قوة ناعمة وصلبة والجمع بين هاتين القوتين هو ما يقصد بمفهوم “القوة الذكية”.

فإيران كما أشرنا من قبل تعرف كيف تستخدم القوة الناعمة, فداخل المنطقة توظف القضية الفلسطينية لتظهر بصورة المقاومة فتجذب مؤيدى تلك القضية, كما توظف “خاصة فى المنطقة العربية” المُرتكز المذهبى الشيعى -كأحد أهم مكونات ثقافتها- لتحقيق المزيد من المكاسب ,وهو الأمر الذى تهتم به الدراسة.

ولم تتوقف مقومات قوة إيران الناعمة عند هذا الحد, فهى لديها قدرات إعلامية كبيرة تروج للقضايا التى تحظى بإهتمامها, وأحدث تلك القدرات الترويجية ومن أكثرها فعالية, بحيث توجه للعالم أجمع صناعة السينما الإيرانية, فإيران تولى إهتماماً كبيراً للسينما على عكس ما قد يتوقعه البعض, كونها دولة محافظة أو نستطيع أن نقول دولة دينية( وهى دولة تستند الى حكم رجال الدين بموجب التعاليم الدينية [35] ونستطيع أن نقول أن هذا يحققه نظام حكم ولاية الفقيه الذى تحدثنا عنه من قبل), إلا أن إيران تهتم بشكل كبير بصناعة السينما المُعبرة عن الواقع الإيرانى والتى تعكس بصورة كبيرة شكل المجتمع الإيرانى, وحتى تعاليم المذهب الشيعى. حيث يؤكد وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي” السيد محمد حسين” ضرورة الاهتمام بصندوق دعم الفنانين ، والإسهام في تشغيلهم لنشر الأعمال الثقافية والفنية الإيرانية في الخارج، وإشراك المؤسسات غير الرسمية في ذلك. مما يدل على الإهتمام الحكومى بهذا المجال الذى أدى لكوننا الآن نرى العديد من الأفلام الإيرانية فى المهرجانات الدولية حتى حصل أحدها على جائزة الأوسكار العام الماضى فى 2014 .

ونعود للتركيز على الحالة اللبنانية وقد حاولت إيران أن لا تقتصر قوتها الناعمة فى سياستها الخارجية تجاه لبنان على المحدد الشيعى, بالرغم من اعتمادها الأول عليه, محاولةً استغلال وجود المشترك الحضارى التاريخى السياسى مع باقى الطوائف اللبنانية غير الشيعية, فأخذت تعمل على إيجاد قاعدة شعبية فى الداخل اللبنانى من خلال محاولة إيجاد أرضية مشتركة فى المجالات السياسية والإعلامية والثقافية عن طريق معارض وفنون ومكتبات وندوات ومساعدات وتبادلات طلابية وغيره للتعرف على الحضارة والثقافة الإيرانية.[36]

إلا أنه يظل من الصعب -فى ظل الظروف الداخلية اللبنانية التى تتميز بالطائفية الشديدة وعدم ثبات العلاقة بين تلك الطوائف- أن تحافظ إيران على علاقتها بكافة الطوائف المتنافسة – وهذا التنافس هو أساس النظام السياسى اللبنانى- لذلك كان عليها أن تركز جهودها على ورقتها الرابحة, وهى النسبة الكبيرة- إن لم تكن الأغلبية – الشيعية فى لبنان. ومن خلالهم تستخدم كافة أدوات سياستها الخارجية خاصة أن حزب الله الذى ينتسب إليه السواد الأعظم من الشيعة بلبنان, يُعد أهم القوى الموجودة على الساحة اللبنانية ويسيطر على الحياة السياسية بدرجة كبيرة.

وأكبر دليل على ذلك أن لبنان منذ نهاية مايو 2014 لم تنجح فى انتخاب رئيساً للجمهورية, فالنظام السياسى اللبنانى ليس نظاماً ديمقراطياً بالصورة التقليدية فهو يقوم على تقسيم المناصب العليا على أساس طائفى, فعلى سبيل المثال: يجب أن يكون رئيس الجمهورية مسيحى موارنى ورئيس الوزراء مسلم سنى ورئيس البرلمان مسلم شيعى, كما يقوم مجلس النواب الذى يُقسم مقاعده أيضاً بين الطوائف اللبنانية بإنتخاب رئيس الجمهورية بنسبة مُعينة, وهو الأمر الذى يلعب عليه حزب الله كونه أيضاً حزباً سياسياً وله نسبة فى البرلمان, إلى أن رئيس البرلمان يجب أن يكون  شيعياً. فمنذ نهاية مايو 2014 عُقدت حوالى 22 جلسة إنتخابية لإنتخاب رئيس الجمهورية ولكن هذه المُهمة لم تتم حتى الآن أول مايو 2015 بسبب تغيب الشيعة[37], ومحاولتهم الحيولة دون إنتخاب رئيس جمهورية, لكونه مسيحى سوف يعترض على تدخل ميليشيات حزب الله بسوريا وكذلك فى اليمن .

تطور علاقة إيران بحزب الله اللبنانى:

 وقد كان لإيران دور كبير فى تأسيس “حزب الله “حيث تم البناء العسكرى لحزب الله على يد عناصر من الحرس الثورى الإيرانى أُرسلوا خصيصاً الى لبنان بناء على تعليمات الزعيم الإيراني الراحل آية الله الخميني[38], ناهيك عن الدعم المادى المستمر لحزب الله من إيران منذ ذلك الحين, وكل هذا قد حول حزب الله من مجرد فكرة إلى حقيقة على أرض الواقع, فقد كان حزب الله قبل عام 1982, جزءاً من حركة أمل التى نشأت نظراً لتردى أوضاع الشيعة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية فى لبنان. إلا أن حزب الله أنفصل عن حركة أمل بسبب الخلاف بينهما فى المرجعية السياسية, فقد كانت المرجعية السياسية لحركة أمل عربية بالأساس وكانت تدين بالولاء لسوريا بينما كان حزب الله له علاقة أقوى بإيران التى أستطاعت بسياستها تجاهه أن تستقطبه ناحيتها حتى وصل الأمر بينه وبين حركة أمل لمواجهات عسكرية مسلحة أثناء الحرب الأهلية اللبنانية, ولكنها أنتهت بتغليب المصلحة والتوصل لنوع من التعاون بينهما. وقد ظل الوضع على هذا الحال حتى عام 1992, حزب الله جماعة مسلحة تتفق فى الغايات مع إيران, ركيزتها الأساسية فكرة المقاومة المسلحة للأعتداءات الإسرائيلية وتدعمها إيران ماديا وعسكرياً.

أما فى عام 1992 دخل حزب الله اللبنانى الحياة السياسية حيث شارك فى الإنتخابات وأصبح طرفاً فى اللعبة السياسية وبذلك عززت إيران نفوذها أكثر فى لبنان من خلال حزب الله.

السياسة الخارجية الإيرانية منذ عام 2005 تجاه لبنان وتنفيذها عن طريق حزب الله :

 إن أهم أدوات السياسة الخارجية تجاه لبنان وأكثرها فاعلية, وحتى أنها تتجلى فيها مفهوم كلا القوتين الناعمة والصلبة للسياسة الخارجية اللبنانية هو حزب الله اللبنانى( ونحن نأكد على وصفة بحزب الله اللبنانى بسبب ظهور حزب الله العراقى فى العراق) وهو الوكيل الأقوى لأيران ليس فى لبنان فحسب بل فى منطقة الشرق الأوسط ككل, كما يساعد إيران فى تنفيذ تحركاتها الخارجية تحقيقاً لأهدافها, مثال على ذلك: تدخله فى سوريا لحماية نظام بشار الأسد.

وفى عام 2005 حدث تحول كبير على الساحة الداخلية اللبنانية وهو خروج القوات السورية من لبنان, والتى كانت تعمل كمُوازن بين الأطراف المختلفة, وذلك على إثر إتهامها بإغتيال رفيق الحريرى, بالرغم من أن هذا لم يثبت إلى الأن, وأنقسمت الساحة السياسية اللبنانية إلى تيارين تيار 14 آذار وتيار 8 آذار, أما التيار الأول فأهم الأحزاب المؤسسة له هو حزب المستقبل بينما التيار الثانى, تيار 8 آذار يتكون من حزب الله وحركة أمل ومجموعة أخرى من الأحزاب يغلب عليه الطابع الشيعى, كما أننا نجد أن كلاً من حزب الله وحركة أمل أصبحوا فى كفة واحدة. وبالطبع  فإن إيران تدعم تيار 8 آذار, وقد ظهرت منافستها المعهودة على الساحة أيضاً وهى المملكة العربية السعودية التى كانت تدعم الطرف الآخر فأصبح لدى أيران أكثر من دافع للتدخل.

ولم يتوقف دعم إيران لحزب الله على الدعم العسكرى فقط, بل أيضاً كانت تموله لأجل إنشاء مؤسسات إجتماعية ضخمة لكى تزيد شعبيته فى لبنان فأنشأ المستشفيات والمؤسسات بأموال إيرانية حتى أنها حملت أسماء مؤسسات مماثلة فى إيران, هذا إلى جانب مكانة الحزب التى زادت بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان فى عام 2006 بإعتباره حامل لواء المقاومة, بالطبع بدعم عسكرى إيرانى . إلا أن الدعم لم يتوقف عند هذا الحد, فكل من تعرض منزله للتدمير فى الضاحية الجنوبية أُعطى مبلغ مالى قدره “12 ألف دولار ” كتعويض ووُعد بمنزل جديد من قِبل حزب الله الذى حصل على هذه الأموال من إيران, للإعلاء من شأنه ونفوذه الذى يعود عليها بالخير بإعتباره أهم وكلائها فى المنطقة.

أما فيما يخص التدخل الإيرانى فى الحياة السياسية اللبنانية فهو ليس بجديد وفى الوقت ذاته محاولاته ليست خفية, فعلى سبيل المثال أدى التدخل الإيرانى فى إنتخاب رئيس الجمهورية اللبنانى عام 2007 إلى إنتقاد مجلس الشيوخ الإمريكى لذلك التدخل الواضح فى 18أكتوبر2007.

ولكن إيران بالرغم من وضوح صحة هذا التدخل فى الشئون السياسية فى الداخل اللبنانى, إلا أنها على المستوى الرسمى “كعادتها” عملت على إنكار ذلك, ففى5 نوفمبر2009, نفى وزير الخارجية الايراني “منوشهر متكي” إتهامات بأن إيران تتدخل في محاولات لبنان لتشكيل حكومة وحدة وطنية.حيث أنه خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري “وليد المعلم”، قال متكي إن “شعب وقادة لبنان هم من الحكمة ما يكفي للتوصل الى توافق في القرارات الهامة في بلادهم من خلال مفاوضات بناءة, ويستمر تعاوننا الإقليمي بغرض خلق الاستقرار والسلام في المنطقة وتعزيز التقارب الإقليمي “.

وكذلك فى 18يناير2010, صرح نائب الرئيس أحمدى نجاد “محمد رضا- مير تاجيدينى” فى إجتماعه مع الرئيس اللبنانى “ميشال سليمان” أن إيران تؤكد على وحدة وإستقلال وسيادة لبنان . وفى مقام آخر بنفس العام أكد أن مبادئ السياسة الخارجية الإيرانية لن تتغير فستظل تهدف إلى دعم أى مقاومة ضد أعداء “العرب” والأمة الإسلامية خاصة الكيان الصهيونى.

أما فى 30 يوليو2010: تحدث مسئول إيرانى عن حزب الله ودعم إيران له بشكل مباشر حيث أعلن رئيس البرلمان الإيراني “علي لاريجاني” أن بلاده “تفخر” بدعمها لحزب الله. حيث قال لاريجاني أن “حزب الله تغذي الأفكار الأصلية لحركة الجهاد الإسلامي”. ورفض محاولات  التصوير للمنظمة على أنها جماعة إرهابية، قائلا ان “الإرهابيين الحقيقيين هم أولئك الذين يقدمون للنظام الصهيوني المعدات العسكرية لقصف الشعوب”.وكان قد أشاد من قبل بالدولة اللبنانية قائلاٌ “أنها دولة مشرفة فى محاربة التوسعية”. وذلك على خلفية مقاومة بعض الهجمات الإسرائيلية. [39]

وقد أستمر هذا الدعم لحزب الله كما ذكرنا حتى يومنا هذا, كأحد أقوى أدوات إيران فى الشرق الأوسط حتى أننا نستطيع أن نقول أن محاولات إيران الحفاظ على علاقات جيدة مع لبنان وإستخدام قوتها الناعمة التى ذكرنا أشكالها من قبل, هى فى حد ذاتها شكل من أشكال الدعم لحزب الله.

ويتضح من هذه التصريحات الدبلوماسية, كيف عملت إيران على الإشادة بلبنان وإظهار الدعم لها كلما سنحت لها الفرصة, مادحةً كونها دولة مقاومة للإعتداءات الإسرائيلية, وليس هذا فحسب بل أنها كانت تستخدم الجانب الإقتصادى أيضا فى سياستها الخارجية تجاهها, حيث تعرض عليها مساعدات عن طريق دعم التعاون الإقتصادى بينهما فى كافة المجالات فى سبيل توطيد العلاقات وتنميتها. مثال على ذلك, تصريح السفير الإيراني “غضنفر ركن أبادى” فى3 أغسطس 2011 بأن إيران مستعدة للتعاون مع لبنان في التنقيب عن الغاز و عرضت تزويد لبنان بمساعدة خبراء الغاز. كل تلك المحاولات وهذه السياسة الخارجية بأكملها نستطيع أن نقول أنها تنضوى تحت هدف دعم حزب الله الشيعى فى لبنان وتسهيل مهمته فى دعم دور إيران فى لبنان وفى المنطقة بأكملها.

المبحث الثالث : السياسة الخارجية الإيرانية تجاه اليمن

إن السياسة الخارجية الإيرانية تجاه اليمن تعد من أهم العوامل المؤثرة على مستقبل تلك الدولة “اليمن” فى الوقت الحالى. والوضع فى اليمن هو من أهم القضايا المطروحة الآن على الساحة العربية والشرق أوسطية والدولية ككل, لما تمر به من أزمة تجاوزت حدودها وتعددت أطرافها, التى لم تقتصر على الأطراف العربية بل أصبحت على رأس قائمة أولويات النظام الإقليمى الشرق أوسطى. وهى قضية معاصرة حتى أنها لم تكتب لها النهاية بعد, وقد أصبحنا تقريباً فى منتصف عام 2015. كما أن توجه السياسة الخارجية الإيرانيه تجاه اليمن فى خضم تلك الأزمة يخدم الدراسة بشكل كبير.

أزمة الحوثييين فى اليمن :

فقد ظهر الحوثيون فى اليمن كحركة سياسية دينية إجتماعية مسلحة تأسست عام 1992 وباتت تتخذ رسميا اسم “أنصار الله”، ثم تمت تسميتهم بالحوثيين نسبة إلى مؤسسهم حسين الحوثي الذي قتل في 2004 ووالده المرشد الروحي للحركة بدر الدين الحوثي.

كما ينتمي الحوثيون إلى الطائفة الزيدية الشيعية, والتي يشكل أتباعها أغلبية في شمال اليمن وأكثر من ثلث سكان البلاد، إلا أنهم أنهم بالرغم من أنهم ليسوا على نفس الطائفة فهم متقاربون عقائديا مع المذهب الشيعي الاثني عشري المذهب الرسمى فى إيران وكذلك السائد فى العراق والموجود بلبنان.

وقد بدأ الحوثيون في 2014 الظهور بشكل كبير ومؤثر على الساحة الدولية وشنوا حملة توسعية وضعوا يدهم خلالها على معظم معاقل النفوذ للقوى التقليدية في شمال اليمن. كما استطاعوا السيطرة على صنعاء في “21 سبتمبر 2014 “, ثم سيطروا على دار الرئاسة في يناير 2015, وحلوا البرلمان ومؤسسات الدولة في فبراير2015 وفرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس “عبدربه منصور هادي” الذي تمكن من الفرار إلى مدينة عدن الجنوبية وأعلنها عاصمة مؤقتة. [40]

والجدير بالذكر أن الحليف الأول للحوثيين فى الداخل اليمنى فى الوقت الحالى هو الرئيس السابق على عبد الله صالح “وهو زيدى علمانى معروف بنزعته المكيافيلية ” وقد أعطاهم ذلك التحالف أمتياز كبير على أرض المعركة, حتى أنه يقال أنهم نجحوا فى السيطرة على صنعاء على إثر ضعف مقاومة الجيش الذى مازال لديه ولاء للرئيس السابق على عبد الله صالح. هذا بالرغم من أن هذه الصداقة حديثة نشأت نتاجاً لتلاقى المصالح بين الطرفين, حيث أنه من قبل كانت العلاقة على النقيض من الأن فقد  خاض الحوثيون ستة حروب مع نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بين عامى 2004 و2010 , كما أن “على عبد الله صالح” كان يهاجم الحوثيين فى معقلهم الشمالى بصعدة فى تلك الفترة, وكان يتلقى دعماً وتشجيعاً من المملكة العربية السعودية “وهى دولة جوار بالنسبة لليمن” كونه يحميها من خطر الحوثيين الشيعة, حتى أنها قامت بتحويل تحويلات نقدية مباشرة لتحقيق الاستقرار منذ بداية التحول السياسي في اليمن بقيمة أكثر من 4 مليارات دولار.

كما دعمت السعودية اليمن بالطائرات لضرب الحوثيين منذ عام 2008، لتخوفها من أن تنامي الجماعة يلهم الزيديين والأقليات الشيعية على أراضيها. إذاً فالخلفية المذهبية موجودة من البداية حتى وإن كان العامل السياسى لعب دوره فى إنقلاب الموازيين والتحالف بين الحوثيين والعدو القديم على عبد الله صالح.

وبصرف النظر على ما إذا كانت خلفية الأزمة اليمنية التى أدت للحرب الأهلية خلفية مذهبية أو سياسية, فما يهمنا هنا هو رؤية إيران للأزمة حيث نتحدث من منظور السياسة الخارجية الإيرانية.

موقف إيران من الحوثيين باليمن:

إن الموقف الإيرانى من الحوثيين باليمن هو موقف دعم وتأييد, وهذا الموقف كان هو المحدد الرئيسى فى السياسة الخارجية الإيرانية تجاه اليمن, فهى سياسة تصادمية مع الحكومة اليمنية نظراً لتأييدها للمتمردين على تلك الحكومة (من وجهة النظر اليمنية). ولكن ما الدوافع التى أدت لإنتهاج إيران هذا النهج فى سياستها الخارجية تجاه أزمة الحوثيين باليمن؟

الدافع الأول أنه من الطبيعى أن تطمع إيران فى حليف آخر كالعراق يعلى من مكانة المذهب الشيعى ويزيد بإنتصاره من الحكومات الموالية لإيران والحاملة للواء المذهب الشيعى وسط نظام إقليمى “المقصود الشرق الأوسط أغلب حكوماته وفواعله سُنية, وتعتبره إيضاً انتصار لأيدولوجية ثورتها وإعمالاً لمبدأ تصدير الثورة وهناك العديد من الأدلة على هذا الدافع, فعلى سبيل المثال:

  • قال عضو البرلمان الإيرانى “على رضا زاكانى” واصفاً الأحداث في اليمن بأنها “امتداد طبيعي للثورة الإيرانية وأن 14 محافظة من محافظات اليمن الـ20 ستخضع قريبا تحت سيطرة الحوثيين, وأضاف بأن الثورة اليمنية لن تقتصر على اليمنيين وحدهم، بل ستمتد بعد نجاحها إلى الأراضي السعودية حيث سيقود الإحتجاجات سكان المنطقة الشرقية السعوديين”.[41]. (أما فيما يخص المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية فهى أهم مناطق تركز الشيعى بالمملكة ), كما قال أيضاً أن” استيلاء الحوثيين على صنعاء يُعتبر نصراً للنظام الإيراني”، مُعبراً عن سيطرة إيران على أربع عواصم حاليًّا، هي: بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء.
  • كما تدعم إيران الحوثيين عسكرياً وإن كانت على المستوى الرسمى ترفض الإعتراف بهذا الأمر, فقد ضبطت السلطات اليمنية في يناير عام 2013 شُحنة من الأسلحة قبالة السواحل الجنوبية للبلاد، وكان مصدرها إيران. وذكر بعض المسئولين اليمنيين أن الأسلحة كانت مهربة إلى المتمردين داخل اليمن.
  • كما ذكر الصحفى البريطانى “بيتر سالزبورى” فى ورقته البحثية التى نشرها المعهد الملكي للشئون الدولية “تشاتام هاوس” بعنوان “اليمن والحرب الباردة السعودية-الإيرانية”, أن هناك عددًا من نشطاء المجتمع المدني الذين شاركوا في الانتفاضة اليمنية عام 2011, بما في ذلك أنصار الحوثيين، ذكروا أنهم نُقلوا جواً إلى بيروت عن طريق ممثلين إيرانيين لتلقي التدريب أثناء وبعد عام 2011.[42] مما يعنى أن إيران قد أستخدمت أحد وكلائها أيضاً وهو حزب الله فى هذه المهمة وهى المساعدة على إسقاط نظام على عبد الله صالح الذى أعتاد معاداة الحوثيين من عام 2004 وحتى 2010, قبل أن يتحول للحليف الأول لهم فى الداخل .
  • كما أكد تقرير لرويتيرزديسمبر 2014, تلقى الحوثيين مساعدات مالية وعسكرية فبل وبعد إستيلائهم على صنعاء يوم 21 سبتمبر 2014.
  • كما قال “على أكبر ولايتى” وزير الخارجية الإيراني السابق و حاليا مستشار الشؤون الدولية للزعيم الاعلى “آية الله سيد علي خامنئي” , في بيان أكتوبر 2014 :” نحن نأمل أن أنصار الله – وهم الحوثيون كما ذكرنا من قبل فهذا الإسم العربى لهم – له نفس الدور في اليمن كما فعل حزب الله في القضاء على الإرهابيين في لبنان “.[43]

ولكن بالرغم من كل ذلك لا تعترف إيران صراحة على الأوساط الرسمية, بدعمها العسكرى والمالى للحوثيين, بل تعتبره أنه دعم معنوى بل يقتصر على الدعاء كما وصفه قائد القوات المسلحة الإيرانى “سيد حسن فيروزابادى” فى سبتمبر 2014.

أما بالنسبة للدافع الثانى نستطيع أن نقول أن المسؤلية فى هذا الأمر مشتركة بين كلاً من إيران والمملكة العربية السعودية, حيث هنالك تنافس إيرانى- سعودى باليمن. الأمر الذى أنعكس على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه اليمن. وهنا تظهر نقطة خلافية فى تحديد من هو المسئول الأول, فعلى سبيل المثال نجد مقالاً فى مجلة “foreign affairs” بعنوان “Iran’s game in Yemen… Why Tehran Isn’t to Blame for the Civil War”  يلقى باللوم على المملكة العربية السعودية وتقول أن إيران ليست المُلامة فى تلك الحرب الأهلية  ففى الأربع سنوات الماضية كانت السعودية تتدخل فى كلاً من البحرين واليمن عسكرياً بحجة حماية تلك الدول من التخريب الفارسى, حتى أنها كانت تبالغ فى قوة إيران ونفوذها فى اليمن ودعمها لوكلائها الحوثيين, لكى تبرر تدخلها المستمر بها.فالدراسة ترى أنه طالما كانت السعودية جارة متطفلة بالنسبة لليمن حتى أنها وصفتها بأنها تعتبر اليمن “it’s backyard” كتعبير عن تدخلها الدائم بها, وعلى هذا الأساس لا يصح أن نلقى باللوم على إيران فقط ونقوم بتصوير المملكة العربية السعودية بأنها القوة الخَيّرة.[44]

بينما يرى البعض أن إيران بمبدأها الإستفزازى الخاص بتصدير الثورة ومحاولاتها إحداث القلاقل فى دول الخليج عن طريق استخدام الجماعات الشيعية التى تدين لها بالولاء, وتهديدها الدائم لهم أن التغيير سوف يطالهم فى كثير من التصريحات والمواقف منها على سبيل المثال: تلك التصريحات التى ذكرناها من قبل على لسان عضو البرلمان الإيرانى “على رضا زاكانى” بأن الثورة لن تقتصر على اليمن بل ستمتد إلى السعودية على يد السعوديين الشيعة القاطنين للمنطقة الشرقية.

وأياً كان البادئ بهذه التصريحات والمواقف الإستفزازية, فالأمر الوحيد المؤكد هو أن السياسة الخارجية الإيرانية تجاه اليمن تأثرت بتلك العلاقة التنافسية بين كلاً من إيران والسعودية, فالحوثيون إلى جانب كونهم شيعة ما سيجعل سيطرتهم على اليمن لصالح إيران كموطئ قدم جديد ومنطقة نفوذ لها, فإنها أيضاً جارة السعودية التى سيُقض مضجعها إذا ما سيطرت إيران عليها “نقصد اليمن”, لما بينهم من هو فى غالبه مذهبى بالأساس, بين كلاً من ممثل العالم الإسلامى السُنى فى منطقة الشرق الأوسط ونظيره الشيعى. وكون هذا التنافس مذهبى بلأساس يعيدنا إلى نفس النقطة وهى كون المذهبية ظهرت جلية كعامل مؤثر على السياسة الخارجية الإيرانية سواء لمكانتها كداعم جديد للطموح الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط وبسط نفوذها, أو لمكانها كدولة جوار لأكبر منافس لها فى المنطقة خاصة من الناحية العقائدية مما أدى لكثيراً من التوتر بينهما.

وقد تم تصعيد الأزمة وأنتقلت إلى مرحلة جديدة زادتها تعقيداً وتداخلاً وتشابكاً, عندما قررت عشر دول عربية, منها دول الخليج العربى- ما عدا عُمان- بقيادة المملكة العربية السعودية ” بالطبع “, مواجهة ذلك العدوان الحوثى على شرعية الرئيس اليمنى الشرعى وقيادة هذا الإنقلاب العسكرى الغاشم, موضحة أن هذا دفاع شرعى عن الحكومة اليمنية الشرعية المُستحقة ولا يمط للطائفية بصلة. [45]

ومن هنا ننتقل إلى موقف إيران من “عاصفة الحزم ” كجزء من السياسة الخارجية الإيرانية ضد دولة اليمن بدعمها للحوثيين عن طريق مهاجمة الهجوم عليها, فقد تحركت إيران كعادتها فى أكثر من إتجاه وقد كانت تلك النقطة دائماً ما تُحسب لها, حتى أنها لقنتها لوكلائها أمثال حزب الله, فأولاً, بدأ الإعلام الإيرانى على الفور, حيث أتخذت وكالة أنباء ” فارس” زمام المبادرة وصورت تلك العملية العسكرية كنتاج لتحريض المملكة العربية السعودية وأخذت تنتقد النظام السعودى و أنهالت التقارير والمقالات, ففى 26 مارس 2015 أصدرت مقال بعنوان, “صرخات الآلاف من اليمنيين في صنعاء : اليمن سوف يكون مقبرة وكلاء السعودية “, ثم فى 27 مارس صدرت أخرى بعنوان “اليمن ليست لقمة سائغة لكى يبتلعها ملوك السعودية العجائز”.

كما صدرت العديد من المقالات والإتهامات من نواب برلمان إيرانيين وغيرهم ضد المملكة العربية السعودية التى وصفت بأنها وكيلة الصهاينة والأمريكان وكذلك عاصفة الحزم.

أما فيما يخص الموقف الرسمى وهو المُعبر الحقيقى عن موقف الدولة, فقد صرح وزير خارجية إيران “محمد جواد ظريف أن ” الأحداث فى اليمن هى أحداث مريرة تحدث فى المنطقة اليوم” كما نادى بوضع حد فورى لهذا الصراع, كما أضاف أن إيران تذكر المجتمع الدولى أنها لن تدخر جهداً لمنع الأزمة فى اليمن.

ومن نفس المنظور التنافسى بين إيران والسعودية, نظر أعضاء لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيرانى للأزمة, حيث قال رئيس اللجنة “علاء الدين بروجردي ” أنه يأمل للتوصل إلى حل سياسي سريع للأزمة في اليمن، لكنه لم يقصر فى إلقاء اللوم على المملكة العربية السعودية قائلاً أن ” إشعال المملكة العربية السعودية فتيل أزمة جديدة فى المنطقة إن كان يدل فهو يدل على عدم إكتراثها ومسئوليتها تجاه مشكلات الأمة الإسلامية, وأن دخان نيران تلك الأزمة سوف يمتد ليغشى على أبصار المملكة العربية السعودية, لأن الحرب لا تقتصر على منطقة واحدة”[46]

إذاً فكرد فعل طبيعى لموقفها المؤيد لجماعة الحوثى أو الحوثيين, عارضت إيران بشده الهجمات التى شُنت ضدهم لصالح الحكومة اليمنية الشرعية, ولصالح الأطراف المشاركة فيها بالطبع, إلى جانب دعمهم العسكرى- الذى تعمل عاصفة الحزم على إيقافه وبدأت بذلك بالفعل-[47] والمالى لها, شنت حملة دبلوماسية واعلامية معتمدةً على مهاجمة المملكة العربية السعودية, بل وتوجيه أصابع الاتهام ناحية الأمم المتحدة ووصف المشاركين فى العملية العسكرية عاصفة الحزم “بالغزاه”.

وهكذا نكون قد وضحنا السياسة الخارجية الإيرانية تجاه اليمن والتطورات الجارية بها والتى مازالت فى طور التحديث والتطور الأن وعلاقة العامل المذهبى بتلك النقطة.

الخلاصة :

ناقشنا فى هذا الفصل أمثلة على السياسة الخارجية اإيرانية تجاه بعض الدول فى المنطقة وكيف كان العنصر المذهبى محدد رئيسى فى تلك العلاقات, فالمذهب الشيعى لدى إيران كمحدد للسياسة الخارجية رأيناه يتجلى فى صورتين:

  • الصورة الأولى: محاولاتها تمكين الجماعات الشيعية فى تلك الدول, وإيصالهم للحكم كنوع من إعلاء مكانة المذهب الشيعى, وهو أحد الأهداف الواضحة للجمهورية اإسلامية اإيرانية مُذ خلعت رداء العلمانية مع الثورة اإيرانية على الشاه.
  • الصورة الثانية: إستغلال المذهب الشيعى كقوة ناعمة للتأثير على تلك الجماعات الشيعية التى تحاول دعمها بكل ما أوتت من إمكانيات, للحصول على دعمهم بالمقابل وضمان ولائهم مما يخدم طموحها فى منطقة الشرق الأوسط. 

الخاتمة

كان الهدف من تلك الدراسة إيضاح كيف تأثرت تحركات السياسة الخارجية الإيرانية بالعنصر والعامل المذهبى, وما الذى جعل هذا العنصر يطفو على السطح بعد سنوات طويلة لم يكن له هذا الأثر.

فإيران ما قبل الثورة الإسلامية ليست إيران الثورة فى كثير من المجالات من أهمها مجال السياسة الخارجية, فقد صاغت أهدافاً ودوافع يُعد المذهب الشيعى جزءاً لا يستهان به من كلٍ منهما. كذلك كانت لتلك الثورة أثر كبير على مضمار سير القيادة السياسية ما أدى إلى قدرٍ من الثبات أو على الأقل حداً أدنى من قواعد التى سار عليها الرؤساء وصانعى القرار خاصة فى ظل وجود المُرشد الأعلى ومؤسسات الحكم.

وأخيراً جاءت الظروف الإقليمية لتجعل الطموح الإيرانى ممكناً, حيث جاء الإحتلال الأمريكى للعراق فرصةً توالت بعدها الفرص على إيران, التى دائماً ما تتهم أنها عززت المذهبية فى المنطقة والنزاعات الطائفية بهذا الطموح. وإن كان جزءاً كبيراً من هذا اإتهام صحيحاً إلا أننا يجب أن نراعى أيضا أن لولا الإضطهاد- وهو ما أثبتته الحالات الدراسية- الذى تعرضت له الجماعات الشيعية فى المنطقة تحت حُكم النظم التسلطية مثل النظام العراقى تحت قيادة صدام, وكذلك فى لبنان فحزب الله الذى أنشق عن حركة أمل جاء كلاهما نتاجاً “لحركة المحرومين” لما عاناه الشيعة من تمييز, فلولا تلك الظروف لما وجدت إيران تربة خصبة بهذا القدر لنشر بذور مخططاتها.

وقد تحدثنا عن ثلاث حالات تطبيقية للسياسة الخارجية الإيرانية ظهرت فيها غلبة العامل المذهبى هدفاً وأداة وهى العراق ولبنان وآخرها وأحدثها اليمن, ولكن الأمر لا يقتصر على هذه الدول, فعلى سبيل المثال للإيران وجود عسكرى بسوريا خاصةً فى ظل الإنتفاضة ضد “بشار الأسد” وهو شيعى علوى وتعتبره إيران أحد أكبر حلفائها, مستخدمةً فيها وكيلها الأول حزب الله اللبنانى وكتائب القدس وهى مليشيا إيرانية الصُنع والمنشأ تتولى حماية الأسد, بل والأدعى أنه يقودها الجنرال قاسم سليمانى بنفسه وأيضاً “لواء أبو الفضل العباس” وهى كتيبة إيرانية يقودها أبو هاجر العراقى, وأيضاً “لواء صعدة ” وهى ميليشيات يمنية تنتمى عناصرها للحوثيين, كما يوجد بعض المليشيات العراقية الأخرى.[48]

وهذا الوجود العسكرى يتعدى فكرة نفوذ إيران فى سوريا أو حتى المنطقة بأكملها, حيث أن التنوع فى قوام تلك المليشيات, فنجد قوات يمنية وإيرانية وعراقية ولبنانية بسوريا, يدل على نجاح إيران فى توحيد تلك القوميات المختلفة تحت لواء المذهب الشيعى ولخدمة غرضها وهذا يدل على قدرٍ كبير من النجاح فى تلك السياسة الخارجية الإيرانية. وكذلك دورها فى البحرين , فالشيعة تمثل غالبية السكان، ويبلغ عددهم نصف مليون من عدد السكان الذى أصبح يتجاوز المليون نسمة تقريباً، وبالرغم من كون وضع الشيعة فى البحرين أفضل من غالبية الدول العربية إلا أن إيران قد لعبت على فكرة كونهم أغلبية ومن حقهم أن يتولوا مقاليد الحُكم, ودعمتهم فى التظاهرات التى خرجت تطالب بإسقاط النظام على غرار دول الربيع العربى، وظهر الدعم فى تصريح المسؤولين وتناول الإعلام الإيرانى بشكل عام أزمة البحرين.[49] وتُظهر هذه الحالة أيضاً كيف أن إيران لا تسعى فقط لتحسين وضع الشيعة فى المنطقة كونها الأب الروحى للشيعة فى العالم والدولة الوحيدة التى يُعد المذهب الشيعى أولى هوياتها, بل أيضاً تهدف لتوليهم مقاليد الحكم.

وبناءاً على هذا تكون الدراسة قد حاولت أن تُلم بالححج الكافية لتدعيم الحُجة الرئيسية وهى أن العامل المذهبى كان من أهم محددات السياسة الخارجية الإيرانية وقد ظهر أثره بشكل كبير تجاه دول منطقة الشرق الأوسط .

قائمة المراجع :

مراجع عربية:

أولاً:الكتب

  • محمد السيد سليم, تحليل السياسة الخارجية, القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية. جامعة القاهرة, 1998.
  • نيفين مسعد وآخرون, معجم المصطلحات السياسية,مركز البحوث والدراسات السياسية ,كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة.

ثانياً: الرسائل العلمية

  • خالد حمود خميس العجمى,أثر القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجى(1997-2009), القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة,2012.
  • سالى نبيل شعراوى, أثر المتغيرات الإقليمية على العلاقات المصرية الإيرانية بعد الإحتلال الأمريكى للعراق, القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة2010.
  • سماح عبد الصبور عبد الحى, القوة الذكية فى السياسة الخارجية “دراسة فى ادوات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان منذ 2005”.القاهرة:كلية الإقتصاد والعلوم السياسية,جامعة القاهرة,2013.
  • عصام عبد الوهاب محمد أيوب, أثر تغير النظام الدولى وتطور قضايا الإقليم فى العلاقات المصرية الإيرانية (1989-2009) : دراسة فى أنماط التفاعل ما بين قوتين إقليميتين, القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة.2012.
  • علاء محمد العبد مطر, أيدولوجية الثورة الإيرانية وأثرها على التوجهات السياسية الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج العربية(1979-2003), القاهرة: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم,جامعة الدول العربية.أكتوبر 2004.
  • موسى عبد الوالى قاعود, الدور الإقليمى لإيران فى الشرق الأوسط خلال الفترة من: 1991 وحتى 2010, القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية,جامعة القاهرة,2012.

ثالثا: الدوريات العلمية

  • إسراء محمد, الشرق الأوسط بعد إحتلال العراق,مجلة السياسة الدولية. العدد:1.أكتوبر2010.
  • سامح راشد, السياسة الخارجية الإيرانية فى عهد نجاد (حدود التغير),السياسة الدولية.العدد: 1. أكتوبر 2005.
  • عباس ملكى, الخطة العشرينية الإيرانية وعلاقات إيران الخارجية, الدبلوماسية الإيرانية ,مختارات إيرانية.21مايو2008.
  • عبد الخالق حسين, نظرية حكم ولاية الفقيه, الحوار المتمدن. العدد:3238. 6يناير2011.
  • عصام عبد الشافى, جدالات الفكر والحركة: البعد الدينى فى السياسة الخارجية,السياسة الدولية .العدد:1. يناير 2013.
  • عياد البطنيجى, أنماط السياسة الخارجية الإيرانية, مجلة آراء حول الخليج, مركز الخليج للأبحاث .العدد:77.فبراير2011.
  • محمد نور الدين عبد المنعم, البعد الدينى و المذهبى للمصطلحات السياسية و العسكرية الايرانية, مختارات ايرانية. العدد:120. يوليو 2011.
  • معد فياض, لعبة الكراسي العراقية والروليت الإيراني (طهران حسمت زعامة عمار الحكيم للمجلس الأعلى قبل بغداد), جريدة الشرق الأوسط, العدد: 11238 .4سبتمبر 2009.
  • منال لطفى, أختري: حزب الله وحماس والجهاد أبناء شرعيون للثورة الإيرانية, الشرق الأوسط. العدد :10760. 14مايو2008.
  • يحيى داوود عباس, هوامش على الدستور الإيرانى, السياسة الدولية, مختارات إيرانية. العدد1.مايو2012.

رابعاً: مصادر إلكترونية

  • أسماء العتـيـبـي, برلماني إيراني: «ثورة اليمن» امتداد طبيعي لثورتنا الإسلامية وستمتد إلي داخل السعودية, الخليج الجديد\26مارس 2015 .

متاح من:http://www.thenewkhalij.com/ar/node/11907 ,تم تفقده: 9 مايو2015.

  • إسراء أحمد فؤاد, طهران تستغل «التنوع المذهبى» لفرض سيطرتها على الشرق الأوسط, اليوم السابع,30 مارس2015 .

متاح من:

http://www.youm7.com/story/2015/3/30/%D8%B7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%BA%D9%84-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B0%D9%87%D8%A8%D9%89%C2%BB-%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%B6-%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A5/2122640#.VVIoDo6qqko , تم تفقده10 مايو 2015.

  • بيتر سالزبورى, الحرب الباردة السعودية-الإيرانية حول اليمن, المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية, القاهرة \25 مارس2015 .

متاح من: http://www.rcssmideast.org/Article/3238/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86#.VVFM-Y6qqkp , تم تفقده:10 مايو2015.

  • صلاح عبد اللطيف, التدخل الإيراني في العراق : التاريخ والواقع والمستقبل,جريدة مصر العربية,30مارس 2015.

متاح من :

http://www.masralarabia.com/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/539495-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84 , تم تفقده:1مايو2015

 

  • عبد الله جاد فودة, التعددية المذهبية والاستقرار السياسي: دراسة حالة النظام الإيراني بعد الثورة الإسلامية,18 يناير 2010

متاح من : http://umranyat.blogspot.com/2010/01/blog-post.html, تم تفقده بتاريخ :26 فبراير 2015.

  • مثنى العبيدى, الدور الإيراني في العراق.. التأثيرات والكوابح, مجلة السياسة الدولية .العدد:1. 13مارس2015.

متاح من:

http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/2/105/5206/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%AD.aspx#desc , تم تفقده: 7 مايو2015.

  • مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية, بوصلة السياسة الإيرانية وتراتبية الحكم ,الجريدة .

متاح من : http://www.aljarida.com/news/print_news/2012691906, تم تفقده :14أبريل2015.

  • دعم إيران للعراق ضد داعش أعاد ﻟ “الشيعة” الثقة بالنفس, جريدة المسلة, بغداد: 27 فبراير2015.

متاح من: http://almasalah.com/ar/news/48332/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%B6%D8%AF-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D8%A3%D8%B9%D8%A7%D8%AF ,تم تفقده: 5مايو2015 .

  • نيك روبيرتسون, بغداد تقييم المستشارين الأمريكيين ببغداد: الجيش العراقي سيقاتل داعش إن اقتحمت المدينة وإيران تدرب ميليشيات شيعية, CNNبالعربية,3يوليو2014.

متاح من : http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/07/02/iraq-isis-us-assessment, تم تفقده: 6مايو2015.

  • العربية, من هم الحوثيون؟ وماهي علاقتهم بإيران؟, دبى / 27مارس2014.

متاح من: http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/yemen/2015/03/27/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D9%85%D9%86-%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%9F-%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%87%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D9%87%D9%85-%D8%A8%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%9F.html ,تم تفقده: 9مايو2015 .

  • الجزيرة.نت, “عاصفة الحزم”:الدول المشاركة والداعمة وحجم القوات/26مارس2015.

متاح من: http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2015/3/26/-%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%AD%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA ,تم تفقده: 10 مايو 2015.

  • سكاى نيوز عربية, اليمن: عاصفة الحزم أوقفت جسر إيران الجوى,أبو ظبى,29مارس2015.

متاح من: http://www.skynewsarabia.com/web/article/734159/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D9%85-%D8%A7%D9%94%D9%88%D9%82%D9%81%D8%AA-%D8%AC%D8%B3%D8%B1-%D8%A7%D9%95%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-   %D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%8A?gclid=CMy1mc6SuMUCFXKWtAodKToAQg[1]

الآن تى فى, تدخل إيراني عسكري مباشر في سوريا والعراق واليمن ولبنان, مارس2015.

متاح من:  https://www.youtube.com/watch?v=v2srPZcvx2s, تم تفقده 10 مايو 2015.

English References:

Internet sources:

Ariel Farrar Wellman, Lebanon-Iran Foreign Relations, Iran tracker, 5 August 2011.

Available at: http://www.irantracker.org/foreign-relations/lebanon-iran-foreign-relations , accessed on: 4 may 2015.

Behnam Ben taleblu, Iranian reaction to operation decisive storm, the long war journal\ 30march2015

Available at: http://www.longwarjournal.org/archives/2015/03/analysis-iranian-reactions-to-operation-decisive-storm.php ,accessed on: 5may 2015.

Kayhan Barzegar, The shia factor in Iran’s foreign policy, Middle East and Persian Gulf Studies Group, Foreign Policy Department, center for strategic research. 2008.

Available at: http://www.csr.ir/departments.aspx?lng=en&abtid=07&&depid=74&semid=1421 Accessed on: 7 may2015.

Mohsen Milani, Iran’s game in Yemen..Why Tehran Isn’t to blame for the civil war ?, Foreign affaires\19 april2015 .Available at : https://www.foreignaffairs.com/articles/iran/2015-04-19/irans-game-yemen, accessed on: 7 may 2015.

Mohamad Bazzi, Iran will do what it takes to fight ISIS, CNN, 4 January, 2015.

Available at : http://edition.cnn.com/2015/01/03/opinion/bazzi-iran-iraq ,accessed on: 5 may 2015.

[1]    موقع المخابرات العامة المركزية الأمريكية:

: https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/geos/ir.html

تم تفقده بتاريخ :24فبراير2015

[2] محمد نور الدين عبد المنعم, “البعد الدينى و المذهبى للمصطلحات السياسية و العسكرية الايرانية“, مختارات ايرانية. العدد120.يوليو 2011.

[3]محمد السيد سليم,تحليل السياسة الخارجية, (القاهرة:كلية الإقنصاد والعلوم السياسية , جامعة القاهرة, 1998), ص20-21.

[4] موسى عبد الوالى قاعود, الدور الإقليمى لإيران فى الشرق الأوسط خلال الفترة من 1991 وحتى 2010,(القاهرة:كلية الإقتصاد والعلوم السياسية,جامعة القاهرة,2012), ص69.

[5] عثمان عثمان, مفهوم الطائفية الدينية,الشريعة والحياة , الجزيرة.نت, متاح من: http://www.aljazeera.net/programs/religionandlife/2011/12/1/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9

تم تفقده بتاريخ:1يونيو2015.

[6] عصام عبد الشافى, جدالات الفكر والحركة: البعد الدينى فى السياسة الخارجية,السياسة الدولية .العدد1. يناير 2013.

[7] سماح عبد الصبور عبد الحى, القوة الذكية فى السياسة الخارجية “دراسة فى ادوات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان منذ 2005”,(القاهرة:كلية الإقتصاد والعلوم السياسية,جامعة القاهرة,2013).

[8] موسى عبد الوالى ابو قاعود، مرجع سبق ذكره.

[9] عياد البطنيجى, أنماط السياسة الخارجية الإيرانية, مجلة آراء حول الخليج,المملكة العربية السعودية, العدد77, (مركز الخليج للأبحاث ,فبراير 2011).

[10] خالد حمود خميس العجمى,أثر القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجى(1997-2009),القاهرة:كلية الاقتصاد والعلوم السياسية,جامعة القاهرة,2012.

[11] سامح راشد, السياسة الخارجية الإيرانية فى عهد نجاد (حدود التغير),السياسة الدولية , العدد 1, (القاهرة,. أكتوبر 2005) .

[12] علاء محمد العبد مطر, أيدولوجية الثورة الإيرانية وأثرها على التوجهات السياسية الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج العربية(1979-2003),القاهرة:المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم,جامعة الدول العربية.أكتوبر 2004 .

[13] عباس ملكى,الخطة العشرينية الإيرانية وعلاقات إيران الخارجية ,الدبلوماسية الإيرانية ,(مختارات إيرانية.21مايو2008).ص:75-76-77.

[14] علاء محمد العبد مطر, مرجع سبق ذكره .

[15] يحيى داوود عباس ,هوامش على الدستور الإيرانى, السياسة الدولية, العدد1,(مختارات إيرانية. مايو2012).

[16] موسى عبد الوالى أبو قاعود, مرجع سبق ذكره.

[17]إسراء محمد, الشرق الأوسط بعد إحتلال العراق,مجلة السياسة الدولية. العدد:1.أكتوبر 2010.

[18] سالى نبيل شعراوى, أثر المتغيرات الإقليمية على العلاقات المصرية الإيرانية بعد الإحتلال الأمريكى للعراق, القاهرة:كلية الإقتصاد والعلوم السياسية ,جامعة القاهرة. 2010 .

[19]عصام عبد الوهاب محمد أيوب ,أثر تغير النظام الدولى وتطور قضايا الإقليم فى العلاقات المصرية الإيرانية (1989-2009) : دراسة فى أنماط التفاعل ما بين قوتين إقليميتين, القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة.2012.

[20] عبد الخالق حسين, نظرية حكم ولاية الفقيه, الحوار المتمدن.العدد:3238. 6يناير2011

[21] علاء محمد العبد مطر, مرجع سبق ذكره.

[22] عبد الخالق حسين, مرجع سبق ذكره.

[23] فاطمة الصمادى ,من يخلف خامنئى؟ المرشحون والقوى الداعمة ,(مركز الجزيرة للدراسات ,15 مارس2015).

متاح من : http://studies.aljazeera.net/reports/2015/03/201531593957908246.htm ,تم تفقده بتاريخ: 29 مارس2015.

[24] مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية, بوصلة السياسة الإيرانية  وتراتبية الحكم ,الجريدة .

متاح من : http://www.aljarida.com/news/print_news/2012691906. تم تفقده :14أبريل2015.

[25] خالد حمود خميس العجمى,أثر القيادة السياسية على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجى(1997-2009),القاهرة:كلية الاقتصاد والعلوم السياسية,جامعة القاهرة,2012.

[26] موسى عبد الوالى قاعود, مرجع سبق ذكره.ص129-130-131.

[27]معد فياض,  لعبة الكراسي العراقية والروليت الإيراني (طهران حسمت زعامة عمار الحكيم للمجلس الأعلى قبل بغداد), جريدة الشرق الأوسط, العدد: 11238.4 سبتمبر 2009.

[28] صلاح عبد اللطيف, التدخل الإيراني في العراق : التاريخ والواقع والمستقبل,جريدة مصر العربية,30مارس 2015.

متاح من :

http://www.masralarabia.com/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/539495-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84 , تم تفقده:1مايو2015.

[29] Mohamad Bazzi, Iran will do what it takes to fight ISIS, CNN, January 4, 2015.

Available at : http://edition.cnn.com/2015/01/03/opinion/bazzi-iran-iraq ,accessed on: 5 may 2015.

[30] دعم إيران للعراق ضد داعش أعاد ﻟ “الشيعة” الثقة بالنفس, جريدة المسلة, بغداد,27 فبراير2015.

متاح من: http://almasalah.com/ar/news/48332/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%B6%D8%AF-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D8%A3%D8%B9%D8%A7%D8%AF ,تم تفقده: 5مايو2015 .

[31]نيك روبيرتسون, بغداد تقييم المستشارين الأمريكيين ببغداد: الجيش العراقي سيقاتل داعش إن اقتحمت المدينة  وإيران تدرب ميليشيات شيعية, CNNبالعربية,3يوليو2014.

متاح من : http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/07/02/iraq-isis-us-assessment, تم تفقده: 6مايو2015.

[32] Kayhan Barzegar, The shia factor in Iran’s foreign policy, Middle East and Persian Gulf Studies Group, Foreign Policy Department, center for strategic research. 2008.

Available at: http://www.csr.ir/departments.aspx?lng=en&abtid=07&&depid=74&semid=1421 Accessed on: 7 may2015.

[33] , i24news توافق أمريكي إيراني على مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية, بغداد ,10سبتمبر 2014. متاح من: http://www.i24news.tv/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A/%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7/43233-140910-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%82-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%88%D8%B7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4 ,تم تفقده: 7مايو2015.

[34] مثنى العبيدى, الدور الإيراني في العراق.. التأثيرات والكوابح, مجلة السياسة الدولية .العدد1.( 13مارس2015).

متاح من:

http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/2/105/5206/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%AD.aspx#desc , تم تفقده: 7 مايو2015.

[35] دنبفين مسعد وآخرون, معجم المصطلحات السياسية,مركز البحوث والدراسات السياسية ,(القاهرة:كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ,جامعة القاهرة).ص180-181.

[36] سماح عبد الصبور عبد الحى, مرجع سبق ذكره.ص99-100-111.

[37] د.نيفين مسعد, من واقع محاضرة  إلقيت فى كلية الإقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة.بتاريخ:5 أبريل 2015.

[38] منال لطفى, أختري: حزب الله وحماس والجهاد أبناء شرعيون للثورة الإيرانية, الشرق الأوسط. العدد :10760, 14مايو2008.

[39]  Ariel Farrar Wellman, Lebanon-Iran Foreign Relations, Iran tracker, 5 August 2011.

Available at: http://www.irantracker.org/foreign-relations/lebanon-iran-foreign-relations

[40]العربية, من هم الحوثيون؟ وماهي علاقتهم بإيران؟, دبى \27مارس2014.

متاح من: http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/yemen/2015/03/27/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D9%85%D9%86-%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%9F-%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%87%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D9%87%D9%85-%D8%A8%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%9F.html ,تم تفقده: 9مايو2015 .

[41] أسماء العتـيـبـي, برلماني إيراني: «ثورة اليمن» امتداد طبيعي لثورتنا الإسلامية وستمتد إلي داخل السعودية, الخليج الجديد\26مارس 2015 .

متاح من:http://www.thenewkhalij.com/ar/node/11907 ,تم تفقده: 9 مايو2015.

[42] بيتر سالزبورى, الحرب الباردة السعودية-الإيرانية حول اليمن, المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية,القاهرة\25مارس2015.

متاح من: http://www.rcssmideast.org/Article/3238/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86#.VVFM-Y6qqkp , تم تفقده:10 مايو2015.

[43]    Behnam Ben taleblu, Iranian reaction to operation decisive storm, the long war journal\ 30 march 2015.

Available at: http://www.longwarjournal.org/archives/2015/03/analysis-iranian-reactions-to-operation-decisive-storm.php

[44] Mohsen Milani, Iran’s game in Yemen ..Why Tehran Isn’t to blame for the civil war ?, Foreign affaires\19 april2015 .Available at : https://www.foreignaffairs.com/articles/iran/2015-04-19/irans-game-yemen

[45]الجزيرة.نت, “عاصفة الحزم”:الدول المشاركة والداعمة وحجم القوات,26مارس2015.

متاح من: http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2015/3/26/-%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%AD%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA ,تم تفقده: 10 مايو 2015.

[46] بيتر سالزبورى,مرجع سبق ذكره .

[47]سكاى نيوز عربية, اليمن: عاصفة الحزم أوقفت جسر إيران الجوى,أبو ظبى,29مارس2015.

متاح من: http://www.skynewsarabia.com/web/article/734159/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D9%85-%D8%A7%D9%94%D9%88%D9%82%D9%81%D8%AA-%D8%AC%D8%B3%D8%B1-%D8%A7%D9%95%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%8A?gclid=CMy1mc6SuMUCFXKWtAodKToAQg

AlAan TV[48], تدخل إيراني عسكري مباشر في سوريا والعراق واليمن ولبنان, 2مارس2015.

متاح من:  https://www.youtube.com/watch?v=v2srPZcvx2s, تم تفقده:10 مايو 2015.

[49]إسراء أحمد فؤاد, طهران تستغل «التنوع المذهبى» لفرض سيطرتها على الشرق الأوسط, اليوم السابع,30 مارس2015 .

متاح من:

http://www.youm7.com/story/2015/3/30/%D8%B7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%BA%D9%84-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B0%D9%87%D8%A8%D9%89%C2%BB-%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%B6-%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A5/2122640#.VVIoDo6qqko , تم تفقده10 مايو 2015.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى