الدراسات البحثيةالعلاقات الدولية

أثر إنتهاء الحرب الباردة في نظرية العلاقات الدولية

اعداد الباحثة : فاطمة عصام عبدالمجيد أحمد – المركز الديمقراطي العربي

إشراف عميدة الكلية كلية الإقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة : د. هالة السعيد   

  • د. محمد سالمان

 

الفصل التمهيدي :

أولاً المقدمة :

لم يكن النظام السياسي الدولي الحالي وليد الصدفة ، و إنما جاء بفعل تراكمات تاريخية علي كافة الأصعدة السياسية ، الاقتصادية ، العلمية ؛ و ذلك ساهم في زعزعة النظام الدولي السابق و الذي كان يقوم علي الثنائية القطبية ، و لكن بعد وصول غورباتشوف للحكم في الاتحاد السوفيتي و تطبيق المنطق البروسترويكي أدي ذلك إلي انهيار المعسكر الاشتراكي و انتهاء حلف وارسو ، و بالتالي نهاية الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي و الغربي ، و كذلك الخروج الي نظام دولي جديد يحمل خصائص وملامح جديدة حتي تتريع الولايات المتحدة علي عرش النظام الدولي بما يسمي نظام أحادي القطبية .

آثارت حرب الخليج الثانية العديد من الإشكاليات حول طبيعة النظام الدولي الجديد ؛ حيث يعتقد البعض أن النظام الدولي الحالي هو نظام أحادي القطبية نظراً للقوة العسكرية الهائلة التي تملكها الولايات المتحدة ، كما يعتقد آخرون أن النظام الحالي هو نظام متعدد الأقطاب ، كما يري البعض الآخر ان النظام الدولي الحالي يتسم بمرحلة انتقالية لم تتحدد ملامحها ؛ و لكن يرجع هذا الاختلاف في الرأي إلي سببين رئيسين هما :

  • عدم وضوح مفهوم النظام ، حيث يفسر علي انه نمط لتوزيع القوة بين الدول ، و أحيانا أخري يفسر علي أنه نمط للعلاقات القائمة بين الدول الرئيسية في النظام .
  • عدم وضوح الأسس التي يتم من خلالها قياس القوة و توزيعها بين الدول ، حيث تركز أحيانا علي المفهوم العسكري للقوة ، وأحيانا آخري تركز علي القاعدة الأقتصادية لتحديد قوة الدولة .

و لذلك استناداً إلي البعد العسكري للقوة فإن النظام الحالي يوصف بأنه نظام أحادي القطبية تتزعمه الولايات المتحدة ، أما استناداً إلي البعد الاقتصادي فإن النظام الحالي هو نظام متعدد الأقطاب .[1]

تميز هذا النظام بعدد من الملامح و السمات ، كما يتضح من الآتي :

  • تغير مفهوم القوة : تعتبر القوة أسلوب للتعامل بين الدول ؛ و ذلك نظراً لغياب المؤسسات الدولية التي تتخذ الإجراءات اللازمة لحل الصراعات الدولية .
  • الثورة الهائلة في وسائل الاتصال و نقل المعلومات و سرعة تداولها عبر الدول ، حيث أصبح المحرك الاقتصادي للاقتصاد العالمي الجديد مكوناً من صناعات الأنفوميديا ؛ وهي الاتصالات و الالكترونيات ، و هي تمثل أكبر الصناعات العالمية بلغ راس مالها أكثر من 3 تريليونات دولار .
  • بروز ظاهرة الاعتماد الدولي المتبادل ، و التزايد في أعداد و أنواع الشركات المتعددة الجنسية .
  • عولمة المشاكل و القضايا التي يواجهها المجتمع البشري : مثل الفقر ، التخلف ، التلوث البيئي ، الانفجارات السكانية ، حيث لا تقتصر نتائجها علي دولة معينة و لكن تتعدي الحدود الجغرافية .
  • بروز فاعلين أقوياء في شبكة التفاعلات الدولية : مثل الشركات النتعددة الجنسية ، المنظمات الإقليمية و الدولية ، المنظمات غير الحكومية ، الأسواق التجارية ، كذلك التحول في سلوك المنظمات الدولية ، حيث أصبح وجودها متميز و مستقل عن إرادات الدول المنشئة لها ، بالإضافة إلي ذلك التحول الكبير الذي طرأ علي مفهوم السيادة للدولة القومية و انتهاء الاختراقات الثقافية و الإعلامية ، و لذلك شكل غياب التضامن القومي أحد المحددات الرئيسية في حركة الدولة علي الصعيد الخارجي ، و بالتالي تراجع مكانة الدولة في العلاقات الدولية .
  • يشكل النظام السياسي الدولي نظاما غير متجانس ، و ذلك من خلال التباين الشديد بين وحدات النظام الدولي ، و كذلك العلاقة غير المتوازنة بين دول الشمال و دول الجنوب ، حيث تحتل الدول الصناعية النصيب الأعظم من النشاط التجاري العالمي ، و أيضاً الفجوة التكنولوجية بين الشمال و الجنوب ، و ذلك خلق حالة من التبيعة التكنولوجية نتيجة سيطرة الشمال علي أدوات الثورة العلمية و التكنولوجية .

مما سبق نستنتج أن العلاقات الدولية هي علاقات تفاعل بين الدول و بعضها البعض في كافة المستويات سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية ، و كذلك هي تفاعل عسكرياقتصادي سياسي ، و قد تشمل السياسات الخارجية أيضاً كما حدث خلال الحربين العالميتين الأولي و الثانية ، ولذلك أصبحنا أمام نظام عالمي جديد يحمل خصائص و ملامح جديدة ، حيث تشكل هذه الخصائص الميكانزمات التي تتحكم في سلوك الدولة الحالي و المستقبلي .[2]

ثانياً المشكلة البحثية :

إن إعادة توجية الساسية الخارجية السوفيتية و التقارب الشرقي – الغربي أحدثا تحديا كبيرا لنظريات العلاقات الدولية للحرب الباردة ، و لذلك يجب الأخذ في الأعتبار كل قوي التغيير وقوي التكيف و الاستقرار فيما بعد الحرب الباردة حتي تواكب هذه النظريات طبيعة التحولات والتغيرات الحاصلة في النظام الدولي فيما بعد الحرب الباردة .

يتسم النظام الدولي بفوضي تنظيرية في العلاقات الدولية لزوال بعض أدوات التحليل منها ركود القوة الأقتصادية – و ليس متغير القوة العسكرية – التي أدت الي انهيار الأتحاد السوفيتي مما أدي إلي اختلال توازن القوي في النظام الدولي ، و هذا التي افتقرته نظرية والتز الواقعية التي تحدثت عن أصول توازن القوي ، و لذلك من الصعب استيعاب كيفية حدوث التغيير الجذري للنظام الدولي ، ولكن ذلك يتعارض مع نظرية والتز حول توازن القوي وهي نظرية لاستمرارية النظام ثنائي القطبية و ليس لتغييره، فهي نظرية تحافظ علي الوضع القائم .[3]

أصبحت التحديات التي تواجه عالم ما بعد الحرب الباردة لا يمكن إدراكها أو إدارتها أو معالجتها بالمناهج و المقاربات النظرية التقليدية ، و لذلك فرضت العولمة و الثورة التكنولوجية و تزايد ضعف و عدم فعاليةالدول كوحدات تحليل في العلاقات الدولية أنساقا فكرية و مفاهيمية و مناهج و أدوات تحليل جديدة للتنظير في العلاقات الدولية حتي تتماشي مع طبيعة تلك التغييرات والتحولات .

مما سبق نجد أن تحولات عالم ما بعد الحرب الباردة فرضت تحديات كبيرة للنظريات التفسيرية للعلاقات الدولية و إعادة ترتيب و توزيع أنماط القوي ، حيث أحدثت ثورة منهجية و فكرية علي كل نظريات العلاقات الدولية .

من خلال استعراض الأدبيات السابقة تهدف الدراسة إلي دراسة ما أحدثته الحرب الباردة بعد نهايتها من تحولات دولية و أثارت الجدل حول إذا كانت هذه التحولات أدت إلي زوال النظريات التفسيرية للعلاقات الدولية أو إلي تغيير أنساقها الفكرية و المنهجية أم أكدت علي أهميتها وتكيفها واستمرارها ، و أثارت جدا آخر حول فشل هذه النظريات في التنبؤ لنهاية الحرب الباردة وضعفها في استيعاب و تفسير الشئون الدولية القائمة .

و من هنا تثور إشكالية تكيف هذه النظريات مع تحولات ما بعد الحرب الباردة و يندرج السؤال البحثي الرئيسي حول ما أثر نهاية الحرب الباردة في تنظير العلاقات الدولية ؟

ويتفرع من هذا السؤال عدة اسئلة فرعية تحاول الإجابه عليه وهى:

  • ما أثر الخلفية التاريخية على تطور نظرية العلاقات الدولية ؟
  • ما هي أبعاد تطور نظرية العلاقات الدولية في فترة ما بعد الحرب الباردة ؟
  • كيفية تغير الخريطة الجيواستراتيجية بعد الحرب الباردة ؟
  • كيف آثر انهيار التوازنات الكبري في تنظير العلاقات الدولية ؟
  • كيفية تأثير المتغير الأمني علي النظام الدولي بعد الحرب الباردة ؟
  • ما هي النماذج النظرية لفهم النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة ؟
  • ما هو واقع العلاقات الدولية فيما بعد الحرب الباردة ؟
  • ما مدي تأثير التحولات الدولية علي النظرية الواقعية في العلاقات الدولية ؟
  • كيفية تفوق الليبرالية في معالجة المتغيرات الأمنية الحديثة علي غيرها من الايديولوجيات المنافسة ؟

ثالثاً الأهمية البحثية :

الأهمية العلمية :

تتمثل الأهمية النظرية لهذه الدراسة في دراسة دور النظريات العقلانية في تحليل العلاقات الدولية المعاصرة ؛ و ذلك لاعتماد الكثير من صناع القرار في الدول الكبري و الصغري علي تحليل هذه النظريات ، و بالتالي الطابع الفلسفي التي تتسم به غيرهم من النظريات بما يسمي بالنظريات التأملية ، حيث أكدت بعض الدراسات السابقة علي حدوث تراجع المنهج الوضعي للنظرية الواقعية والليبرالية و فشلها في تحليل الظواهر الجديدة في النظام الدولي ، مثل : التطهير الأثني ، الأرهاب الدولي ، خصخصة الأمن ، مشاركة مراكز قوي جديدة في عملية صنع القرار، و النظر الي هذه النظريات علي أنها عجزت عن تفسير هذه الظواهر ، و منا هنا تتضح الأهمية العلمية لهذه الدراسة في تفسير مستويات الغموض المعرفية الجديدة لفهم التفاعل بين النظريات العقلانية نفسها و مع غيرها من النظريات التأملية .

الأهمية العملية :

تنبع من أهمية الجدل الدائر بين النظرية الواقعية و النظرية الليبرالية ، و تناول التغيرات الفعلية في النظام الدولي ، و مفهوم توازن القوي ، و آلية صنع القرار ، و الأمن الجماعي  ، و التكامل الدولي ، و كيفية تكيف النظريتين الواقعية و الليبرالية مع هذه التغيرات ، و التي كان لها اثر كبير في تحليل العلاقات الدولية لكلتا النظريتين ، و دورها في انطلاق الحوار بين كل من منظري الواقعية و الليبرالية ، مما أدي إلي ظهور الحركة التجديدية و التي نقلتهما من إطار الجدل إلي إطار النقاش ثم إلي إطار التعاون ؛ و ذلك لمواجهة التطورات العملية للعلاقات الدولية المعاصرة ، و أيضا مواجهة تحديات النظريات التأملية لتناول هذه التطورات ، و منا هنا تتضح الأهمية العملية لهذه الدراسة في بناء نظرية جديدة في العلاقات الدولية ،حيث تواكب المرحلة الجديدة للنقاش النظري ما بعد المنهج الوضعي ، و في دراسة أثر تحولها المعرفي الإيجابي علي باقي الاتجاهات النظرية للعلاقات الدولية ، و بالتالي تعزيز بقاء هذه النظريتين في حقل العلاقات الدولية ، و ذلك يوفر للباحثين الواقعيين و الليبراليين أرضية علمية و عملية تدعم موقفهم وتبريراتهم .

رابعاً النطاق الزمني :

تمتحديدالدراسةعلي3 فتراتكالآتي،تبدأالفترةالاوليمنعام 1992 ، حيث شهد هذا العام انتهاء الحرب الباردة و بالتالي انهيار الاتحاد السوفيتي ، حيث تميز هذا العام بوجود درجة عالية من القطبية الأحادية ، حيث أصبحت القوة الدولية تتركز في محيط  دولة واحدة مهيمنة علي النظام الدولي ، فقد كان انهيار الاتحاد السوفيتي علامة لانهيار المعسكر الشرقي والايديولوجية الشيوعية ، و انتهاء تاثيرها علي العالم الثالث .

كما ان انتهاء الحرب الباردة يمثل علامة فارقة في تطور النظام الدولي و العلاقات الدولية ،و خاصة مع تزايد العامل الأقتصادي ، و الثورة العلمية ، و تراجع أهمية الأداة العسكرية في إدارة العلاقات الدولية ، و لذلك أطلق السياسيون و المفكرون علي هذا العام بأنه عام ” صدام الحضارات ، و نهاية التاريخ ، و نظام عالمي جديد ” .

اماالفترةالثانيةفتبدامنعام 1993 حتي عام 2004 ، حيث شهدت تلك الفترة تطور الأفكار النظرية البنيوية للواقعية ، و التي اعتمدت علي فكرة التفاعل بين العناصر ، و لذلك سميت ” بالنظرية الواقعية البنيوية ” ، حيث تم تجديد منهج الواقعية  و ذلك من خلال إدخال مفهوم القوة إلي منهج التركيب الفوضوي للنظام الدولي المعتمد علي التفاعل بين أطرافه ، مما أصبحت أكثر تكيفا مع المتغيرات الدولية .

و بالإضافة إلي ذلك أقرت الواقعية الجديدة أيديولوجية المحافظة علي الوضع القائم ، ووجود فاعلين آخرين غير مركزيين ، و بالتالي وجود نظام دولي بنيوي متفاعل كوحدة تحليل أساسية .

ولكن الفترة الثالثة تمتد من عام 1999حتي عام 2010 ، حيث شهدت تلك الفترة تطور النظرية الليبرالية ، و ظهور النظرية ” الليبرالية الجديدة ” ، حيث انطلقت التعديلات الجديدة للقواعد المنهجية لليبرالية ، و ذلك معتمدة علي التفاعل بين الفاعلين الجدد في النظام الدولي ، و ذلك من خلال عقد معاهدة الاتحاد الأوروبي ، و انهيار الكتلة الشيوعية في أوروبا الشرقية ، و ظهور الصين كدولة صاعدة تعمل علي الاستثمارات الرأسمالية بشكل كبير جدا ، و غياب الاستقطاب الدولي و الانتقال من مستوي التفاعل العمودي إلي التفاعل الأفقي .

خامساً مراجعة الأدبيات السابقة :

في مراجعة الأدبيات السابقة ؛ سوف نتطرق إلي تقسيم مجال الدراسة إلي أربع اتجاهات ، كما سيتم تناولها كالآتي :

  • الاتجاه الأول : يشير هذا الاتجاه إلي تغير مفهوم القوة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة ، و ينبثق عنه عدد من الدراسات علي النحو التالي :

تسعيالدراسةالأوليلفهمطبيعةتغير مفهوم القوة ، حيث تعتبر القوة أسلوب للتعامل بين الدول و ذلك نظراً لغياب المؤسسات الدولية التي تتخذ الإجراءات اللازمة لحل الصراعات الدولية ، حيث يرجع مفهوم القوة في حقل السياسة الدولية إلي عهد أرسطو ، ولكن في العصر الحالي تعتبر السياسة الدولية صراع من أجل القوة و ذلك من خلال السيطرة علي عقول و تصرفات الآخرين .[4]

كانت القوة العسكرية تتمتع بمزايا لا مثيل لها في تحقيق الفوائد السياسية و الاقتصادية للدولة ، و لكن مع تطورات العصر الحالي أصبحت الأداة الاقتصادية من أهم أدوات السياسة الخارجية ، حيث لم تعد نتائج الأداة العسكرية مضمونة ، و أصبحت غير مجدية لتحقيق الأهداف السياسية للدولة و ذلك لارتفاع تكاليف تلك الأداة ، كما أنها تقف كحجر في وجه تحقيق التنمية الشاملة في المجتمع ، و أصبح الحسم للقوة الاقتصادية التي تميز الولايات المتحدة و المعسكر الغربي ، حيث ركزوا علي القوة الاقتصادية و التكنولوجية و لذلك انهار الاتحاد السوفيتي رغم امتلاكه لقوة عسكرية هائلة علي الصعيدين التقليدي و النووي ، و لكن لا يعني هذا أن القوة العسكرية دون فائدة ، حيث شكلت القوة العسكرية رادعاً مؤثراً للاستراتيجية الأميركية في الناحية العسكرية فقط.

فقد تغير مفهوم القوة في النظام الدولي الحالي ، فلم تعد القوة العسكرية هي مقياس قوة الدولة ، حيث اصبحت القوة الاقتصادية المقياس الفعلي لقوة لدولة ، حيث :

  • أ‌- أصبحت هناك دول تمتلك قدرات عسكرية فائقة ، و لكن أمنها مهدد مثل روسيا .
  • ب‌- أصبحت هناك دول لا تمتلك قدرات عسكرية ، و لكن أمنها غير مهدد مثل اليابان .
  • ت‌- تغيرت طبيعة التحالفات من تحالفات عسكرية إلي تحالفات اقتصادية ، مثل الاتحاد الأوروبي ، آسيان .

وفي السياق ذاته يمكن الإشارة إلي دراسة ثانية ، و التي تناولت تعزيز مفهوم استخدام القوة الناعمة في مرحلة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية ، حيث قام الاتحاد السوفيت بنشر الايديولوجية الشيوعية ، و كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحارب انتشار الشيوعية ، و من هنا بدأ التوجه إلي استخدام القوة الناعمة التي تعمل علي هيمنة العقول بدلاً من القوة الصلبة التي تعتمد علي الهيمنة العسكرية ، حيث ظهرت دعوات دولية لاستخدام الوسائل السلمية في حل الصراعات الدولية ، حيث تولد شعور بضرورة الهيمنة و الغزو الثقافي دون اللجوء للصدام المسلح .[5]

بالإضافة لتلك الدراسات يمكننا الإشارة إلي دراسة ثالثة ، حيث تناولت مفهوم القوة الذكية ، حيث أنها نتاج الجمع بين القوة الصلبة و القوة الناعمة معاً و لكن وفقاً لاستراتيجية معينة تجمع بينهما ، حيث أنها قدرة الفاعل الدولي علي دمج عناصر القوة الصلبة و القوة الناعمة ، و ذلك لتحقيق الأهداف بكفاءة و فعالية ، حيث أن القوة الذذكية ليس فقط امتلاك المصادر الناعمة    و الصلبة و المزج بينهما ؛ بل أيضاً القدرة علي تحديد وقت استخدامها ، و متي يتم الدمج بينهما أي التعامل معهم ككل و التداخل القائم بينهما .[6]

وفي ذلك السياق يمكن الإشارة إلي دراسة أخري ، حيث تناولت التحولات و الارتكاسات في مفهوم القوة ، حيث أن القوة وفقا للتصور الإستراتيجي هي القوة المستترة و الكامنة ، و لذلك فإن المتغير الأساسي في فلسفة القوة في النظام العالمي الجديد هو الاكتفاء بالتهديد بالقوة بدلا من استخدامها ، حيث أصبح النظام الدولي الجديد يمثل انفصالاً تدريجياً بين القوة العسكرية و القوة الاقتصادية أي ان النظم الدولية القديمة تستند إلي قوة عسكرية اقتصادية .[7]

و من الدراسات السابقة في هذا الاتجاه يمكن القول أن توازن القوي او تكافؤ القدرات أفضل ضامن لعملية الاستقرار ، و رأي البعض الأخر أن عدم التكافؤ في القدرات هو الذي يحقق الاستقرار من خلال الطرف الذي لا يمتلك القدرات و بالتالي لا يتمرد علي القواعد التي يضعها الطرف الاقوي ، ورأي أخرون أن الدول القوية و غير الراضية هي التي تتسبب في حالات عدم الاستقرار ؛ و ذلك لانها تسعي علي الهيمنة علي النظام الدولي ، و استناداً إلي ما سبق نجد أن هناك تغييرات طارئة حدثت في مفهوم القوة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة .

  • الاتجاه الثاني : يشير هذا الاتجاه إلي مدي تأثير التحولات الدولية علي الاتجاه المعياري في العلاقات الدولية ، و ينبثق عنه عدد من الدراسات علي النحو التالي :

تسعي الدراسة الأولي لتكريس التحولات الهيكلية للنظرة الأخلاقية في النظام الدولي القائم ، و ذلك من خلال احترام حقوق الإنسان و إرساء الديمقراطية من أجل الحفاظ علي النظام الدولي الجديد ، و هي المبادئ التي ينص عليها القانون الدولي العام و كذلك القانون الدولي الإنساني.[8]

و من ناحية أخري تسعي الدراسة الثانية إلي معرفة كيفية تأثير العولمة علي الاتجاه المعياري في العلاقات الدولية ، و ذلك من خلال تنامي درجات التماثل بين المجتمعات و المؤسسات في كافة المجالات ، حيث تعمل علي تحفيز هذه المجتمعات و المؤسسات و إقامة حكومة عالمية موحدة تكون خاضعة لنظام حكم واحد ، حيث تدعو بالعناية بالمنظور المعياري في العلاقات الدولية ، و لذلك فإن مصدر العولمة ليس القوة فقط بل تشتمل الأخلاق أيضاً ، و بالتالي تعتبر العولمة مزيج من القوة و الأخلاق ، أي لها مزايا و مساوئ .[9]

وفي السياق ذاته يمكن الإشارة إلي دراسة ثالثة ، تسعي إلي إشراك المجتمع المدني العالمي في عملية صنع و اتخاذ القرار ، و توفير السبل و الآليات التي تمكن المجتمع المدني العالمي من تشكيل هيكلته التنظيمية ، حيث أن الهدف الأسمي للاتجاه المعياري هو تكريس ما يسمي بالحكومة العالمية ، و ذلك من خلال دعم المجتمع المدني العالمي للقانون الدولي الإنساني     و تطويره لحقوق الإنسان في العلاقات الدولية ، و ذلك يصب في قالب الأخلاق العالمية المرتبطة بخصائص الاتجاه المعياري للعلاقات الدولية .[10]

بالإضافة إلي تلك الدراسات تشير الدراسة الرابعة إلي أن المتحكم الرئيسي في العلاقات الدولية هو المصلحة الوطنية للدول القوية تحت غطاء ما يسمي بالشرعية الدولية ، و من هنا يفقد القانون الدولي فاعليته ، و ذلك يمثل تجاوز صارخ للشرعية الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة .[11]

وبناءاً علي ما سبق ذكره ، فإن الاتجاه المعياري يظل اتجاها صوريا مثاليا رهينا للخطابات الرسمية غير مطبق في العلاقات الدولية لعالم ما بعد الحرب الباردة ، و ذلك يعني أن التحولات الدولية هي تحولات معيارية نظرياً ، و لكنها تحولات تحمل في مضمونها متغير القوة عمليا .

  • الاتجاه الثالث : يشير هذا الاتجاه إلي مدي تأثير التحولات الدولية علي الاتجاه الواقعي في العلاقات الدولية ، و ينبثق عنه عدد من الدراسات علي النحو الآتي :

أوضحت الدراسة الأولي أن النهاية السلمية للحرب الباردة عملت علي تحول النظام الدولي الثنائي القطبية إلي نظام دولي أحادي القطبية ، حيث اعتبر الاتجاه الواقعي الحرب الباردة تحديا كبيرا له ، حيث وضعت القيادة السوفيتية المفاهيم الأساسية الواقعية في مأزق ، و ذلك من خلال أن الإصلاحات الداخلية في الاتحاد السوفيتي تسببت في تغييرات في المناخ الدولي ، و لذلك فإن استمرارية الإطار النظري للواقعية بعد نهاية الحرب الباردة أدي إلي ظهور آراء غربية بكيفية تفكير صناع القرار في السياسة الخارجية .[12]

بالإضافة إلي ذلك سعت الدراسة الثانية إلي أن العولمة أصبحت تثير إشكالية للقوة السياسية بالنسبة للاتجاه الواقعي ، حيث يعيش المجتمع في عالم معولم ، و بالتالي تراجع دور الدولة في عالم ما بعد الحرب الباردة في إطار تنامي ظاهرتي الاندماج و الاعتماد الاقتصاديين ، و ذلك يمثل تحدي العولمة للفكرة الواقعية التي تنص علي أن الدول وحدات اقتصادية مستقلة بمواردها الخاصة ، و هذه الفكرة لم تعد قائمة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة .[13]

و في السياق ذاته يمكن الإشارة إلي الدراسة الثالثة ، حيث نصت علي أن نظرية والتز الواقعية لتوازن القوي تقر بأفضلية نظام الثنائية القطبية علي غيره من الأنظمة الدولية ، و ذلك من خلال حفاظها علي استقرار النظام الدولي و استمراريته و عدم تغييره ، و تري أن هذا النظام هو النظام الأنسب لتحقيق استقرار النظام الدولي ،و لذلك هذا التحول في مرحلة ما بعد الحرب الباردة و تحول النظام الدولي من ثنائي القطبية إلي أحادي القطبية وضع هذه النظرية في مأزق ؛ لأن نظام توازن القوي لا يعمل إلا في نظام ثنائي القطبية .[14]

أما الدراسة الرابعة تشير إلي أن المنظور الواقعي يركز علي عنصر القوة العسكرية من أجل تحقيق الدول لمصالحها أو الدفاع عنها ، و لكن بعد تراجع مكانة القوة العسكرية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة ، حدث هجوم علي الفكر الواقعي و اتهامه بعدم القدرة علي مواكبة مشاكل السياسة الدولية في عالم الاعتماد المتبادل و ذلك من خلال تنامي دور القوتين الاقتصادية و التكنولوجية .[15]

و استناداً لما سبق نستنتج أن يجب إعادة النظر في مقتربات النظرية الواقعية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة ، و العمل علي إزاحة المبادئ الأساسية للنظرية الواقعية حتي تبقي صالحة للتكيف مع تحولات النظام الدولي لما بعد الحرب الباردة .

  • الاتجاه الرابع : يشير هذا الاتجاه إلي مدي التقارب المعرفي للواقعية و الليبرالية في واقع العلاقات الدولية ، و ينبثق عنه عدد من الدراسات علي النحو التالي :

تنص الدراسة الأولي علي أن فكرة السلام الديمقراطي التي نصت عليه الليبرالية الجديدة تسبب في جمود العلاقة مع الواقعية ، كما أدت إلي اتقسامات تفسيرية بينهما ، حيث أوضحت هذه الدراسة أن هذه الفكرة لم تتبلور لدي النظريتين إلا نتيجة حدوث التغيرات البنيوية لهما .[16]

تشير الدراسة الثانية إلي الاتجاهات الكبري للنظام الدولي بعد الحرب الباردة ، حيث تغيرت الجوانب التحليلية للنظريتين مع تغيرات النظام الدولي ، و أيضاً الاتجاهات التفسيرية و النظريات التكوينية ، و لكن أغفلت هذه الدراسة تطور النظرية الواقعية و تقاربها مع النظرية الليبرالية .[17]

و في السياق ذاته تنفرد الدراسة الثالثة بأن فكرة الليبرالية الجديدة عن مفهوم الاعتمادية المتبادلة انتقلت إلي مرحلة الاهتمام بالمعلومات و الوسائل التي تحقق المقدار الأكبر من تعظيم القوة ،  و كذلك نصت علي قدرة النظريات العقلانية علي الاهتمام بالمواضيع الجديدة في العلاقات الدولية ، و لكنها عمقت الأزمة مع الأفكار الواقعية الجديدة حول توازن القوي .[18]

تشير الدراسة الرابعة إلي أن الليبرالية المؤسساتية تقاربت مع أطروحات الواقعية الجديدة حول تحليل واقع السياسة الدولية المعاصرة ، و لكن اغفلت هذه الدراسة عن تفسير تركيز الواقعية الجديدة علي المصلحة الوطنية في ظل الفوضي .[19]

و في السياق ذاته تشير الدراسة الخامسة إلي أهمية السعي لتطوير نظرية تجديدية للعلاقات الدولية ، و ذلك بعد التداخل بين النظريتين الواقعية و الليبرالية ، و لكنها لم تحدد الجوانب العملية للتقارب بين النظريتين .[20]

و مما سبق نستنتج أن هناك تقارب معرفي بين الليبرالية و الواقعية بشأن السلام الديمقراطي ، حيث اعتبرت التعايش السلمي ميكانزم التفاعل الرئيسي بين الفاعلين .

سادساً : الإطار النظري المفاهيمي :

أولاً : نظريات السياسة الدولية المستخدمة في التحليل :

  1. نظرية العلاقات الدولية :

دراسة العلاقات الدولية و التفاعل بين الدول من منظور نظري حيث توفر إطار مفاهيمي للعلاقات الدولية يمكن تحليلها ، حيث يعتبر علم العلاقات الدولية علما مستقلا يهتم بدراسة الظواهر المعاصرة التي ظهرت قبل الميلاد، وخصوصا خلال القرن 20 بالولايات المتحدة الأمريكية وبعد الحرب العالمية الثانية بأوروبا.

كما تهتم العلاقات الدولية بما هو كائن وترتبط مع العلوم الاجتماعية وعلم السياسة في علاقة تأثر متبادل ،و تختلف باختلاف نظرة المحللين السياسيين لظاهرة ما داخل المجتمع الدولي ، ويتميز علم العلاقات الدولية بحداثة نشأته واتساع مجالات دراسته وبعلاقاته مع باقي العلوم ، وقد ساهم مجموعة من العلماء في تعميمه على مختلف التخصصات.

تعرف النظرية علي أنها مجموعة افتراضات حول ظاهرة معينة ، وتهتم من داخل العلاقات الدولية بدراسة الظواهر السياسية الدولية كالحروب والأزمات ، وتمدنا النظرية بطرق ووسائل مختلفة لترتيب الحقائق وتحويلها لمعلومات وبيانات، وتعود عملية التنظير إلى عشرات القرون قبل الميلاد مع اليونان مثل أرسطو ، أفلاطون ، ووصولا لإيطاليا مع ميكيافيلي ، وكتابات الفرنسي بيير ديبوي في القرنين 14-15، من خلال مجموعة أفكار من نشأة الدولة القومية 1648 وإلى الحرب العالمية الأولى 1914.

  1. نظرية توازن القوي :

تقوم على أن وجود الدول والتحالفات في حالة امتلاك قوة عسكرية أمر مهم دون نشوب النزاع المسلح ، ولذلك فإن بعض الدول تسعى إلى الحفاظ على التوازن العسكري ، ويعتبر سعي إحدى الدول لزيادة قدرتهاالعسكرية بالصورة التي تخل بتوازن القوى أمراً يدعو للاضطراب ويولّد سعياً من قبل الدول الأخرى لتعزيز توازن القوى بمعاهدات تلتزم فيها الدول الأطراف بالحفاظ على قوتها العسكرية ضمن حدود مقبولة من الدول الأخرى. وفي معاهدات السلام التي تبرم بين الدول بعد إنقضاء الحروب يتم في العادة التطرق لتوازن القوى والإشارة إلى الترتيبات التي من شأنها أن تحافظ عليه وتحول دون الإخلال به ، و يعود هذا المصطلح إلي أقدم العصور ، و لكن تم استعماله في القرن السادس عشر .

ثانياً : المفاهيم المستخدمة في الدراسة :

سنقوم فى هذه السطور القادمة بتناول اهم المفاهيم المستخدمه فى الدراسة بشرح مبسط يخدم القارئ ويساعده على استيعاب الموضوع بشكل اكبر ومنها:

  • مفهوم السياسة الخارجية:

تتعدد المفاهيم و التعريفات المفسرة لمفهوم السياسة الخارجية حيث اصبح فى الأونة الأخيرة من اهم المفاهيم فى العلاقات الدولية اذ يتجه معظم الباحثون لتقسيم دور الدولة وسلطاتها الى قسمين: (سلوك داخلى) وهو السياسة الداخلية او المحلية وهى ما تقوم به الدولة من قرارات وسياسات داخل اقليمها، اما دور الدولة وسلكوها تجاه الدول الأخري هو مايطلق عليه السياسة الخارجية. ومن خلال هذه السلوكيات والتصرفات تدخل الدولة فى شبكة من العلاقات والمعاهدات الدولية مع اطراف متعدده بغرض تحقيق مصالح معينه.

ويقدم الاستاذ حسين بوقارة تعريف للسياسة الخارجية يحاول من خلاله إضافة لبنة جديدة وتجاوزالغموض و التناقض الذي يميز معظم تعاريف السياسة الخارجية، فهي تلك الافعال وردود الأفعال والمواقف العلنية و الضمنية التي تصف و تصيغ مجموعة من الأهداف والأولويات و الإجراءات التي توجه سلوك الدول في علاقاتها ببعضها البعض أو في علاقاتها بالفواعل الدولية الأخرى انطلاقا من التنسيق الفكري و العقائدي الذي تؤمن به، فهو الذي يساعد في تحديد طبيعة ومحتوي وتوجه السياسات الخارجية للدول.[21]

كما يعرفها بعض الباحثين بأنها “جميع صور النشاط الخارجي حتى و ان لم تصدر عن الدولة كحقيقة نظامية، إن نشاط الجماعة كوجود حضاري أو التغييرات الذاتية كصور فردية للحركة الخارجية تنطوي و تندرج تحت هذا الباب الواسع الذي نطلق عليه اسم السياسة الخارجية.أما تشارلز هيرمان فقد عرف السياسة الخارجية على أنها تتألف من تلك السلوكيات الرسمية المتميزة التي يتبعها صانعوا القرار الرسميون في الحكومة أو من يمثلونهم والتييقصدون بها التأثير في سلوك الوحدات الدولية الخارجية[22].

  • مفهوم التحول الديمقراطي :

يعرفه ” شميتر ” بانه : عمليات و اجراءات للتحول من نظام غير ديمقراطي الي نظام ديمقراطي مستقر ، و يعرفه ” روستو ” بانه : عملية اتخاذ قرار يساهم فيها ثلاث قوي وهي النظام والمعارضة الداخلية والقوي الخارجية .هو عملية تاريخية معقدة تكتمل بتحقيق التماسك الديمقراطي ، و تتضمن ارساء مجموعة من القواعد و الاجراءات التي تنظم العلاقة بين الحكام و المحكومين ، بحيث يتمتع الحاكم بطاعة المحكومين و يلتزم المحكومون بقواعد اللعبة السياسية ، كما يكون تغيير الحكومة بالوسائل السلمية وعلي فترات منتظمة من خلال انتخابات تنافسية ، و ادخال تعديلات و تغييرات في الدستور لتقنين الحياة الحزبية و ضمان الحريات السياسية و المدنية .

حيث ان التحول الديمقراطي تاتي بمبادرة مشتركة من جانب النظام الحاكم و المعارضة معا حيث يجلس النظام السلطوي علي مائدة التفاوض مع قادة المعارض، قد تسفر المفاوضات بين النظام الحاكم و المعارضة عن اتفاق ياخذ في الاعتبار المصالح الحيوية للقوي المشاركة فيه ، ولا يتم التوصل اليه الا بعد دخول في مساومات ، و تقديم تنازلات من قبل الحاكم او المعارضة .

  • مفهوم الجيوستراتيجية :

هي توجه السياسة الخارجية لدولة ما ، حيث تحدد أين تكثف الدولة جهودها سواء من خلال تخطيط القوة العسكرية أو توجيه النشاطات الدبلوماسية او كليهما ؛ نتيجة لتطور معتبر في العوامل الجغرافية أو العوامل الجيوسياسية أو لأسباب أيدولوجية أو لمصالح مجموعات معينة، أو ببساطة لرغبات قادتها، فإن التغييرات في المكونات الجغرافية بطيئة إلى حد كبير بينما التغيرات الجيوسياسية أسرع منها، في حين ان التغيرات في القضايا الجيوستراتيجية هي الأشد سرعة، وقد تحدث في أسابيع أو أشهر. توجد علاقة تبادلية قوية بين التغيرات الجيوسياسية والجيوستراتيجية، فالتغيرات الجيوسياسية لها تأثير مباشر وغير مباشر على المجال الجيوستراتيجي، وقد تدفع إلي إحداث تغيرات جيوستراتيجية ، و كذلك التغيرات الجيوستراتيجية لها تأثير مباشر على القضايا الجيوسياسية، وقد تمهد الطريق لتغيرات داخلية جوهرية في مكونات الدول ، وبالتالي فإن عدم الإدراك الجيد للتغيرات الجيوستراتيجية أو التقليل من شأنها أو الاستهانة بها قد يؤدي إلى عواقب مفاجئة وغير متوقعة ، ولذلك تراقب القوى العالمية الأحداث والتغيرات الجيوسياسية في دول المنطقة وذلك لتتكيف مع هذه التغيرات ولتتعامل معها بطريقة مناسبة قبل أن تؤثر على مصالحها في المنطقة.

سابعاً : الإطار المنهجي :

يتمثل المنهج الذى تقوم عليه الدراسة في ” المنهج المقارن ” .

أولاً : ما هية منطلقات هذا المنهج ؟

مر النظام الدولي بتفاعلات سياسية و مراحل تاريخية مختلفة زمانا ومكانا ، و ذلك تطلب العودة للتأصيل الفكري و التاريخي لمراحل تطور النظام الدولي و تطور نظريات العلاقات الدولية المتعلقة به ، حيث كانت تواجه الأفكار الليبرالية الأفكار الواقعية حتي مرحلة الحرب الباردة ، و بعد انتهاء الحرب الباردة و بداية مرحلة جديدة من التعاون و التكامل الدولي . حيث حدث تغير بنيوي نظري في النظرية الواقعية و الليبرالية ، و تطورهما من الجانب التقليدي إلي الجانب البنيوي و التجديدي ، و لذلك تم اعتبار النظام الدولي وحدة التحليل المركزية للبحث، و لذلك يجب إبراز نقاط التشابه و الاختلاف بين النظريتين .

ثانياً : لماذا تم اختيار هذا المنهج ؟

إن المنهج المقارن هو الأكثر ملائمة فى هذه الدراسة لانه يساعد على تفسير جوانب التشابه و الاختلاف عند تناول الأحداث في النظام الدولي المعاصر ، و تحليل التحولات و التغيرات في النظام الدولي ، و التغيرات التي تؤثر في التنظير في العلاقات الدولية . ثالثاً : كيف يمكن تطبيق المنهج على الدراسة ؟ المقارنات المنهجية أمراً ضرورياً داخل كل نظرية و النظريات المتطورة مثل :

الواقعية و الواقعية الجديدة و الذي سيتم تناولها في المبحث الأول و المبحث الثاني من الفصل الثاني ، و ايضاً المقارنة بين المقاربات المنهجية التجديدية و هذا ما تناوله المبحث الأول من الفصل الأول ، و ذلك لتحليل العناصر المعرفية النظرية و العملية المتغيرة و المتطورة تاريخياً ، و ذلك من خلال وصف الظاهرة السياسية ، و اكتشاف أوجه الشبه و الاختلاف بينهما زمانياً و مكانياً ، و هذا ما تم تناوله في المبحث الثالث من الفصل الثاني .

أولاً : ما هية منطلقات هذا المنهج ؟

مر النظام الدولي بتفاعلات سياسية و مراحل تاريخية مختلفة زمانا ومكانا ، و ذلك تطلب العودة للتأصيل

الفكري و التاريخي لمراحل تطور النظام الدولي و تطور نظريات العلاقات الدولية المتعلقة به ، حيث كانت تواجه الأفكار الليبرالية الأفكار الواقعية حتي مرحلة الحرب الباردة ،   و بعد انتهاء الحرب الباردة و بداية مرحلة جديدة من التعاون و التكامل الدولي .

حيث حدث تغير بنيوي نظري في النظرية الواقعية و الليبرالية ، و تطورهما من الجانب التقليدي إلي الجانب البنيوي و التجديدي ، و لذلك تم اعتبار النظام الدولي وحدة التحليل المركزية للبحث، و لذلك يجب إبراز نقاط التشابه و الاختلاف بين النظريتين .

ثانياً : لماذاتم اختيار هذا المنهج؟

إنالمنهج المقارنهوالأكثرملائمةفىهذهالدراسةلانهيساعدعلىتفسير جوانب التشابه و الاختلاف عند تناول الأحداث في النظام الدولي المعاصر ، و تحليل التحولات و التغيرات في النظام الدولي ، و التغيرات التي تؤثر في التنظير في العلاقات الدولية .

ثالثاً : كيف يمكن تطبيق المنهج على الدراسة؟

المقارنات المنهجية أمراً ضرورياً داخل كل نظرية و النظريات المتطورة مثل : الواقعية و الواقعية الجديدة و الذي سيتم تناولها في المبحث الأول و المبحث الثاني من الفصل الثاني ، و ايضاً المقارنة بين المقاربات المنهجية التجديدية و هذا ما تناوله المبحث الأول من الفصل الأول ، و ذلك لتحليل العناصر المعرفية النظرية و العملية المتغيرة و المتطورة تاريخياً ، و ذلك من خلال وصف الظاهرة السياسية ، و اكتشاف أوجه الشبه و الاختلاف بينهما زمانياً و مكانياً ، و هذا ما تم تناوله في المبحث الثالث من الفصل الثاني .

ثامناً : تقسيم الدراسة :

الفصلالأول : تغير الخريطة الجيوستراتيجية بعد الحرب الباردة  .

المبحثالأول: النماذج النظرية لفهم النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة .

المبحثالثاني: المتغير الأمني في فترة مابعد الحرب الباردة  .

الفصلالثاني : نظريات العلاقات الدولية بين التكيف و التغيير في ظل تحولات الحرب الباردة.

المبحثالأول: تطور النظرية الواقعية بعد تحولات الحرب الباردة.

المبحث الثاني: تطور النظرية الليبرالية بعد تحولات الحرب الباردة .

المبحث الثالث : أوجه التشابه و الاختلاف بين النظرية الواقعية و النظرية الليبرالية فيما بعد الحرب الباردة .

الفصل الأول :

تغير الخريطة الجيوستراتيجية بعد الحرب الباردة

الجيوستراتيجية :

هي توجه السياسة الخارجية لدولة ما ، حيث تحدد أين تكثف الدولة جهودها سواء من خلال تخطيط القوة العسكرية أو توجيه النشاطات الدبلوماسية او كليهما ؛ نتيجة لتطور معتبر في العوامل الجغرافية أو العوامل الجيوسياسية أو لأسباب أيدولوجية أو لمصالح مجموعات معينة، أو ببساطة لرغبات قادتها، فإن التغييرات في المكونات الجغرافية بطيئة إلى حد كبير بينما التغيرات الجيوسياسية أسرع منها، في حين ان التغيرات في القضايا الجيوستراتيجية هي الأشد سرعة، وقد تحدث في أسابيع أو أشهر.

توجد علاقة تبادلية قوية بين التغيرات الجيوسياسية والجيوستراتيجية، فالتغيرات الجيوسياسية لها تأثير مباشر وغير مباشر على المجال الجيوستراتيجي، وقد تدفع إلي إحداث تغيرات جيوستراتيجية ، و كذلك التغيرات الجيوستراتيجية لها تأثير مباشر على القضايا الجيوسياسية، وقد تمهد الطريق لتغيرات داخلية جوهرية في مكونات الدول ، وبالتالي فإن عدم الإدراك الجيد للتغيرات الجيوستراتيجية أو التقليل من شأنها أو الاستهانة بها قد يؤدي إلى عواقب مفاجئة وغير متوقعة ، ولذلك تراقب القوى العالمية الأحداث والتغيرات الجيوسياسية في دول المنطقة وذلك لتتكيف مع هذه التغيرات ولتتعامل معها بطريقة مناسبة قبل أن تؤثر على مصالحها في المنطقة.

لم تهدئ العولمة من المخاوف الجيوستراتيجية بل على العكس زادت منها ، حيث تتم الصفقات التجارية عبر طرق الملاحة البحرية والممرات الجوية والطرق البرية ، وبالتالي تدفع العولمة لحماية المكاسب والاتفاقيات التجارية والممرات والطرق ، وذلك يعني تأثرها المباشر بالتغيرات الجيوسياسية والجيوستراتيجية التي تؤثر على المصالح والطرق والممرات ،  فعلى سبيل المثال يتم تأمين 90% من إمدادات الطاقة لليابان عبر بحر الصين الغربي، و40% من تجارة الولايات المتحدة يتم نقلها عبر طرق الملاحة البحرية ، و لذلك فإن استقرار هذه الطرق البحرية مسألة حيوية لاقتصاد الولايات المتحدة ودول آسيا وأوروبا .

المبحث الأول:

النماذج النظرية لفهم النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة

ظهرت محاولات تنظيرية كثيرة منذ ظهور العلاقات الدولية كحقل مستقل عن علم السياسة، حيث حاولت فهم و تفسير الواقع الدولي و إعطاء صور واضحة عما يحدث داخله من تفاعلات و تأثيرات من خلال نظريات و اتجاهات مختلفة .

سوف يتم تناول النظريات الآتية كمثال علي النماذج النظرية التي حاولت فهم و تفسير العلاقات الدولية  ، و ينبثق عدد من النظريات علي النحو التالي :

  • النظرية النسوية .
  • النقدية الاجتماعية و النبائية .
  • نظرية ما بعد الحداثة .
  • النظرية النسوية :

حاولت النظرية النسوية إعطاء تفسير لمايحدث في السياسة العالمية وفي العلاقات الدولية،لم تبرز إسهامات النظرية النسوية في حقل التنظير في العلاقات الدولية ، حيث كانت إسهاماتها ضيقة جداً

و هناك عدة اتجاهات فكرية للنظرية النسوية ، كما يتضح كالآتي :

  • أ‌- الاتجاه النسوي الليبرالي الفردي.
  • ب‌- الاتجاه النسوي الماركسي.
  • ت‌- الاتجاه النسوي الراديكالي.
  • الاتجاه النسوي الليبرالي الفردي :

 يقوم هذا الاتجاه علي أن جميع الناس قد خلقوا متساويين ، ولا ينبغي حرمانهم من المساواة بسبب نوع الجنس، حيث يرتكز المذهب النسائى الليبرالى على المعتقدات التى جاء بها عصر التنوير والتى تنادى بالإيمان بالعقلانية والإيمان بأن المرأة والرجل يتمتعان بنفس الملكات العقلية الرشيدة ، والإيمان بأن التعليم كوسيلة لتغيير وتحويل المجتمع ، والإيمان بمبدأ الحقوق الطبيعية. تسعي النسوية الليبرالية إلي تحقيق مجتمع يقوم على المساواة ، ويحترم حق كل فرد في توظيف إمكانياته وطاقاته ، حيث يعتبر الاتجاه النسوي الفردي أو الليبرالي أقدم الاتجاهات النسوية تاريخياً ، و يعطي المرأة مساحة كبيرة للمناقشة سواء في ارتباطها بالأسرة أو تحررها من الأسرة تماماً .

طالب الاتجاه النسوي الفردي بالحقوق المدنية و السياسية في إطار مجتمع الحرية و الديمقراطية ، حيث حقق هذا الاتجاه تقدماً ملموساً خلال القرن التاسع عشر في المسائل المتعلقة بحق التعليم ، و قوانين الطلاق ، و حق رعاية الأطفال في أوروبا و أمريكا ، حيث تمتد الجذور الليبرالية إلي الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر ، و لذلك أصبحت المبادئ الليبرالية سلاحاً هاماً للمطالبة بحق الإناث في الانتخاب . و مما سبق نستنتج أن الهدف الأساسي في الاتجاه النسوي الليبرالي هو المناداة بالحقوق المدنية والسياسية للمرأة في إطار مجتمعات تقوم على منح الذكور جميع الحقوق وحرمان الإناث من كثير من تلك الحقوق..

  • الاتجاه النسوي الماركسي :

لم ترفض النسوية الاشتراكية قضايا الاتجاه الفردي الليبرالي الخاصة بالحرية والمساواة ، ولكنها اعترضت على تطبيق مفاهيم القيمة والمكانة على أفراد منفصلين اجتماعياً عن حياتهم ككائنات اجتماعية ، ويدركون فقط أنهم أفراداً مستقلين أكثر من إدراكهم في إطار الحياة الجمعية والأفعال الاجتماعية .

تتمثل فكرة النسوية الاشتراكية في الافتراض بأن الزواج البرجوازي يُعاد إنتاجه في شكل صراعات وتناقضات للمجتمع البرجوازي الأكبر، فالزوجات و العبيد يمثلن الطبقة المضطهدة بينما تمثل السلطة الأبوية في هذه الطبقة دور أصحاب الأعمال أو الملاك ، ويشير هذا التحليل إلى الرجال كأعداء للمرأة وأن صراعهم يعد انعكاساً لصراع أكبر ، حيث تشتغل النساء في سياق الرأسمالية ، ولكن الرجال مضطهدون في النظام الاستغلالي ، فالمساواة بالرجال التي يطالب بها الليبراليون ليس لها معنى بالنسبة للاشتراكية حيث أنها تعني مساواة مع جماعة مضطهدة بالفعل في إطار نظام اجتماعي فاسد .

نجاح الثورات الاشتراكية و حل التناقضات الطبقية هو أمر حتمي في إلغاء أشكال التميز بالمجتمع ، و تبني فكرة تنمية الوعي ، و لذلك ينص هذا الاتجاه علي ضرورة وجود نظرية للمرأة تسير مع الثورة الاشتراكية ، حيث انعكس ذلك في صورة قيم و مفاهيم و أفكار طبعت العلاقة بين المرأة و الرجل بطابع تقليدي يصعب تغييره ، إلا بوجود وعي نسوي يحرر طرفي العلاقة من كثير من القيم والمفاهيم والتقاليد الموروثة .

  • الاتجاه النسوي الراديكالي :

ظهرت هذه النظرية خلال الفترة من نهاية الستينيات وبداية السبعينيات ، و ذلك حين أدركت الحركة النسائية مدى القهر الذى تتعرض له النساء بسبب المعاملة السيئة من للرجال ، حيث جاء الاتجاه النسوى الراديكالى كرد فعل تاريخى تجاه نظريات التنظيم والاتجاه نحو حركة اليسار الجديد ، حيث يطالب الاتجاه الراديكالي للمرأة ليس فقط بمكانة متساوية مع الرجل ، بل ينظر للمرأة باعتبارها تمثل إحدى الأولويات السامية ، وبالتالي المطالبة باستبعاد الرجال جميعاً من عالم النساء ، لذلك ظهرت الحركة النسائية الأمريكية من جديد كحركة مضادة لمناهضة السلطة الأبوية للرجال وعزلهن عن سوق العمل ، كما قام صحاب الاتجاهات الراديكالية المعاصرة بالنظر إلى التمييز الجنسى باعتباره أمراً موجوداً فى المجتمع الأبوى . تجاهلت الحركة النسائية الراديكالية خصوصيات الجنس والطبقة والثقافة ، حيث نشأت فكرة “العالمية الزائفة” من الحاجة إلى وضع النوع كعنصر فكري شرعي ضروري إلى حد معين ، حيث اهتم دعاة الاتجاه النسوي الراديكالي والثوري بنظريات وقضايا النوع والطبقة وفي إطار مناقشة العمل المنزلي ، نظر هؤلاء إلى النسوة بالمفهوم الاقتصادي والسياسي باعتبارهن يشكلن طبقة أو نوعاً محكوماً بالعنف الواقع عليهن بالفعل أو مهددات بالعنف ، وقد التمس عدد قليل من الراديكاليين موضع قهر المرأة في عدم التكافؤ البيولوجي كالاشتراكيين، ومن هذا المنطلق انتقد الراديكاليون دعاة الاتجاه النسوي الماركسي بقولهم إن سلطة الرجل وهيمنته ترجع إلى النظام الرأسمالي . مما سبق نستنتج أن على الرغم من تباين الاتجاهات النسوية إلا أن تلك الاتجاهات تشترك جميعها في الاهتمام بقضايا عدم المساواة في القوة ، وأن هذا التميز يرجع إلى البناء الاجتماعي والمؤسسي والثقافي الأكبر الذي يمنح الرجال السلطة والقوة والمكانة، في حين تحرم المرأة كثير من الحقوق في المجتمع. و من هنا يتضح أثر نهاية الحرب الباردة علي النظرية النسوية ، حيث فتحت مساحة للعلاقات الدولية النوعية ، و ذلك لأن العلاقات الدولية النسوية مرتبطة بمشروع النقد في العلاقات الدولية, بواسطة معظم النسويات لإشكالية السياسة في بناء المعرفة ضمن الانضباط من خلال تبني المنهجيات الإستدلالية المرتبطة بنظرية ما بعد الحداثة أو ما بعد البنيوية ، ومع ذلك، فإن تنامي نفوذ النسوية والمناهج التي تركز على النساء داخل المجتمعات السياسة الدولية هو أكثر تعبيراً عن تأكيد النسوية الليبرالية على تكافؤ الفرص للنساء.

  • النقدية الاجتماعية و البنائية :

تفترض وجود علاقة جدلية صراعية مستمرة تحكم السياسة الدولية ، حيث تمحورت دور الفلسفة الماركسية حول دور متغيري الثقافة و الايديولوجيا في توجيه العلاقات الاجتماعية و أنماط صراع القوي ، لذلك تعتبر النظرية النقدية الاجتماعية ماركسية متقدمة أو ماركسية جديدة ، حيث تقدم أطرها النظرية في شكل انتقادات اجتماعية و ثقافية ذات توجه ماركسي .[33]

تسعي النظرية النقدية الاجتماعية إلي تشكيل بناء نظري متماسك يعتمد علي الأسس الأبستمولوجية و المنهجية المفهوماتية للعلاقات الدولية ، منتقدة الأطر المنهجية للنظريات التقليدية ، حيث بني مفهوم النظرية علي النقد العميق الموجه للنظريات التقليدية ، حيث نقد التصور الواقعي الجديد للعلاقات الدولية و سمي بنظرية حل المشاكل .

انتقدت النظرية النقدية حل النظريات التقليدية ، حيث تري أن هذه النظريات هي مجرد غطاء لإيديولوجيات متخفية ، و لذلك تعمل النقدية علي إسقاط هذا الغطاء من خلال بناء تصور بديل ، كما تهدف إلي تحرير البشرية من البني الجائرة للسياسة الدولية التي تهيمن عليها القوي الكبري، و بالتالي تسعي لكشف القناع عن أنماط الهيمنة مستندة علي المنظور النيو-كلاسيكي للعلاقات الدولية .

و مما سبق نستنتج أن هدف النظرية النقدية هو الوصول إلي الإنعتاق ، فهي نظرية معيارية تستهدف تحقيق قواعد و قيم سياسية معينة ، حيث تعتبر مقاربة مسيسة هدفها دمقرطة الممارسات الدولية .

  • نظرية ما بعد الحداثة :

توصف نظرية ما بعد الحداثة بأنها موقفا و ليس اتجاها نظريا ، فهي تعتبر موقف نقدي للتحديث العربي ، و لذلك يطلق عليها صفة ” التحول الجميل ” .

تتميز نظرية ما بعد الحداثة بمجموعة من الأفكار المحددة في مجالات الحقيقة و المعرفة ، حيث تبحث عن تفسيرات متعددة للعلاقات الدولية ، فالقيمة الأساسية للمقاربة النظرية هي خلق بيئة أمنية و مسالمة .

تزامن ظهور نظرية ما بعد الحداثة مع نهاية الحرب الباردة و انهيار الاتحاد السوفيتي ، حيث لعبت الحرب الباردة دورا هاما في التنظير في العلاقات الدولية بعد هيمنة نظام أحادي القطبية ، و ذلك من خلال التحول في وحدات العلاقات الدولية ؛ حيث لم تعد الدولة الفاعل الوحيد في النظام الدولي ، و أيضاً التحول في موضوع العلاقات الدولية ؛ حيث غلب العامل الاقتصادي علي العوامل الاخري كالسياسية ، مما أدي إلي ظهور اقترابات و نظريات جديدة ، عملت علي تفادي القصور المنهجي و الفكري الذي وقعت فيه النظريات التقليدية .[34]

المبحث الثاني :

المتغير الأمني في فترة ما بعد الحرب الباردة

لقد خلّفت نهاية الحرب الباردة ردود أفعال كبيرة لدى صناع القرار الدوليين ، فقد شكل الصراع الدائر بين الشرق والغرب العامل المركزي في الشؤون الدولية طيلة الفترة الممتدة بين سنتي 1945 -1990، و ما نتج عنه من استراتيجيات التسابق نحو التسلح، و نظريات همها الوحيد تحقيق السلوك أو القرار العقلاني في ظل الانتشار النووي .

أدت هذه الرؤية إلى انحسار مجال البحث في العلاقات الدولية في تلك الفترة على الدراسات الاستراتيجية، و إهمال باقي المتغيرات خاصة منها الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية ، و هو ما تم تداركه في نهاية الحرب الباردة بعد النجاح المعتبر الذي حققته بعض التكاملات الاقتصادية خاصة التجربة الأوروبية .

نهاية الحرب الباردة تسببت في حدوث تحولات هامة تتمثل فيمايلي :

تزايد الفواعل الدولية :

و يقصد بالفاعل أي كيان يقوم بدور محدد في العلاقات الدولية، كما أن استعماله يتضمن الإشارة إلى الشخصيات والمنظمات والمؤسسات التي تقوم بدور في الوقت الراهن ، فالبابا والأمين العام للأمم المتحدة وشركة بريتيش بتروليوم وصندوق النقد الدولي كل هؤلاء فاعلون ، تؤكد أغلب الدراسات تراجع مكانة الدولة من خلال مزاحمتها من قبل عدد جديد و متزايد من الوحدات، فالدولة في العالم المعاصر تواجه حالة ضغط من الأعلى ممثلة في المنظمات الدولية، أما من الأسفل فان الضغط يتمثل بالثقافات الفرعية و الجماعات الهوياتية الضيقة.

تعدد الفواعل في عالم ما بعد الحرب الباردة ساهم في تفعيل النقاش النظري حول مركزية الدولة كفاعل وحيد في العلاقات الدولية ، كما اعتبرته الواقعية طيلة عقود من التنظير، و مدى إمكانية إشراك فواعل أخرى من غير الدول، كالمؤسسات و المنظمات الدولية التي صارت تؤدي أدوارا فاعلة على المستوى الدولي خاصة في قضايا حفظ السلم و إدارة المفاوضات، و كذلك قضايا حقوق الإنسان و الديمقراطية و الحكم الراشد، و هذا ما دفع بمنظري العلاقات الدولية لإعادة النظر في وحدوية الدولة ، و التأكيد على الدور المتصاعد لبعض المنظمات و الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة ، و كذلك التأكيد على ضرورة دراسة العلاقات القائمة بين مختلف المنظمات ، و هذا ما تجسد من خلال الأطر النظرية لكل من نظرية الاعتماد المتبادل و نظرية الليبرالية المؤسساتية.

لذلك يجب التفرقة بين نوعين من العلاقات الدولية ، بحيث يشمل النوع الأول السياسة العليا المقتصرة على الدول فقط و تتناول قضايا السلم و الحرب ، في حين يضم النوع الثاني السياسة الكلية، التي تشمل كل المجالات ما عدا قضايا السلم و الحرب، و يشرك فيها كل الفواعل من دون الدولة ، و في هذا إهمال لدور المنظمات الدولية في قضايا تصنيف ضمن السياسة العليا، خاصة تلك المتعلقة بقضايا النزاع و السيادة الحدودية .

• موضوعات العلاقات الدولية :

التحول الذي حدث في طبيعة الفواعل على المستوى العالمي، أثر بشكل كبير في طبيعة موضوعات العلاقات الدولية بعد الحرب الباردة، فلم تعد الدراسات مقترنة فقط بالجوانب الأمنية العسكرية، و إنما امتدت لتشمل المتغيرات الاقتصادية و كذلك الاجتماعية ، و هو ما تبلور بصورة واضحة مع مسلمات المنظور البنائي .

كما أنه في إطار العولمة أصبح من الصعب الفصل بين القضايا الداخلية و الخارجية ، فالقضايا المتعلقة بارتفاع درجة حرارة الجو ، و ثقب الأوزون ، تلوث البيئة ،الأمراض، التدفقات الخاصة بالهجرة و الجريمة المنظمة و المخدرات، و الفقر أصبحت كلها قضايا لا يمكن معالجتها إلا في إطار عالمي و ليس في إطار محلي .

• بنية النظام الدولي :

بعد الحرب الباردة حدث تحول في بنية النظام الدولي، إذ تحول من نظام ثنائي القطبية إلى نظام القطبية الأحادية ،و هو ما تم التعبير عنه بمصطلح النظام الدولي الجديد كما جاء في خطاب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب في نهاية سنة 1989، أثناء دعوته لإقامة نظام عالمي جديد يحل محل نظام الاستقطاب الثنائي السوفيتي-الأمريكي، إلا أن مفهوم النظام الدولي الجديد عرف نوع من التضارب حول معناه الحقيقي، و لذلك فأن النظام الدولي الجديد يقوم على أساس سيطرة ثلاث قوى على الاقتصاد العالمي، و سيطرة قوة أحادية في المجال العسكري على العالم .

احتفظ النظام الدولي في فترة ما بعد الحرب الباردة بخاصية الفوضى ، و التي تشير إلى عدم وجود سلطة مركزية ، و يرى البعض أن الفوضى تعني ضمنياً غياب أية مؤسسات ذات سلطة أو قواعد أو معايير فوق الدولة ذات السيادة، وهذا الرأي يقود إلى الافتراض بأن العلاقات الدولية هي بشكل دائم في “الحالة الطبيعية” وهي بحد ذاتها “حالة حرب الجميع ضد الجميع”، و هو ما يعكس الرؤية الواقعية لتوماس هوبز ، و هو ما يجعل مخاطر المعضلة الأمنية مستمرة ، حيث أن طبيعة العلاقات الدولية هي التي تعطي للدول الحق الشرعي في استعمال القوة، فقديما كانت أعظم الحضارات تعتبر علاقات القوة و العنف هي العلاقات الطبيعية الوحيدة ضمن العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة ، و في هذا الإطار فإن الأمن في حالة الفوضى هو الهدف الأسمى ، فالدول لا يمكن أن تفكر في التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية، و هي تشعر أنها مهددة و أمنها غير مستقر، خاصة في ظل نظام فوضوي، و لذا نجد الدول في بحث دائم عن القوة و طرق زيادتها و هو ما يجعل حالة اللامن قائمة بصورة دائمة .

إلا أن التنامي الوظيفي و العددي للمؤسسات و المنظمات الدولية ساهم في التقليص من حدة هذه المعضلة، من خلال خلق أطر التشاور و الحوار و بناء الثقة، و صار البحث يدور حول إيجاد القواعد و الأطر التي من خلالها يمكن تحقيق التعاون الدولي بدلا من الصراع.

المقاربات النظرية الجديدة لمفهوم الأمن :
تعتبر الدراسات الأمنية مجالا أساسيا للبحث في حقل العلاقات الدولية، و خلال الحرب الباردة سيطرة النظرة الواقعية، حيث كان هدفها الأساسي هو المحافظة علي القوة و لكن هذا امراً صعباً في نظام دولي يتميز بالفوضي ، و هو ما يعكس مفهوم المعضلة الأمنية .

مع نهاية الحرب الباردة، وقع نوع من الثورة في مجال الدراسات الأمنية، حينما اخذ الباحثون و صناع القرار يبتعدون عن المقاربة التقليدية و محورها الدولة إلى فهم أكثر اتساعا لمفهوم الأمن، حيث تم تبني وجهة نظر أكثر جذرية، تشير إلى أن الأمن يجب أن ينظر إليه بطريقة تضم مختلف مستويات العلاقات الدولية انطلاقا من الفرد وصولا إلى النظام الدولي، و يجب التركيز على جميع مصادر الخطر و عدم الاقتصار على التهديدات العسكرية الموجهة ضد الدول .

و يرجع ذلك لسببين رئيسيين هما :

1- الحرب بين الدول مازالت ممكنة، إلا أن الحروب في داخل الدول هي الأكثر عنفا اليوم، و ليس المصلحة القومية هي الهم في العديد من هذه النزاعات بل هوية الجماعة و ثقافتها .

2- إن قدرة دولة ما على توفير الأمن لمواطنيها قد أصابتها عوامل التعرية من جانب عدد من التهديدات غير العسكرية كالمشكلات البيئية و النمو السكاني و الأمراض و مشكلات اللاجئين و شح الموارد الطبيعية خاصة الموارد المائية .

هناك ارتباط بين التصاعد المتزايد لعدد و دور المنظمات الدولية و مفهوم الأمن، فقد صاغ باري بوزان مفهوم المركب الأمني، و هو مصطلح استخدمه سنة 1991 لتسهيل التحليل الأمني و يشير مفهوم المركب الأمني إلى “مجموعة من الدول ترتبط اهتماماتها الأمنية الأساسية بشكل وثيق لدرجة أن أمنها الوطني لا يمكن بحثه بشكل واقعي في معزل عن بعضها البعض”.

هذا الارتباط الوثيق بين أمن الدول راجع إلى طبيعة التهديدات بعد الحرب الباردة، حيث أن الحرب الباردة لم تعد تقتصر على المجال العسكري من دول الجوار، و إنما اتسعت دائرتها لتشمل التهديدات الغير عسكرية و العابرة للقارات، مما صعب من مهمة الدولة في الحفاظ على أمنها ، فظواهر مثل الإرهاب و تجارة المخدرات و الهجرة الغير شرعية و الجريمة المنظمة و التلوث البيئي…الخ، كلها قضايا يصعب على الدولة مواجهتها بمفردها، حتى و لو صنفت ضمن سلم القوى العظمى .

مثل هذه القضايا و الظواهر أدت إلى بلورة مفاهيم و مقاربات جديدة في الأمن من بينها مفهوم الأمن الإنساني و الأمن الشامل و الأمن المجتمعي، هذا إلى جانب استمرار مفهوم الأمن القومي و الأمن الجماعي المجسد في منظمة الأمم المتحدة .

• الأمن الإنساني:

ظهر مفهوم الأمن الإنساني كجزء من مصطلحات النموذج الكلي للتنمية الذي تبلور في إطار UN من قبل وزير المالية الباكستاني الأسبق، و بدعم من الاقتصادي أماريتا صون، يركز مفهوم الأمن الإنساني بالأساس على الفرد كوحدة للتحليل وليس الدولة كما كان سائدا في المفهوم التقليدي للأمن ، حيث اقتصر على أمن حدود الوطن من العدوان الخارجي، وحماية المصالح القومية في السياسة الخارجية ،أما الآن فالتهديد صار داخل حدود الدولة القومية في حد ذاتها ولم يقتصر على مصادر التهديد العسكري الخارجي فقط.

برز المعنى الحقيقي للمفهوم من خلال تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة في 1994 و جوهره هو الفرد، إذ يعني التخلص من كافة ما يهدد أمن الأفراد السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي من خلال التركيز على الإصلاح المؤسسي و ذلك بإصلاح المؤسسات الأمنية القائمة، و إنشاء مؤسسات تأمينية جديدة على المستويات المحلية و الإقليمية و العالمية، مع البحث عن سبل تنفيذها، فالأمن الإنساني قائم من تعهدات دولية تهدف لتحقيق أمن الأفراد و بالتالي لا يمكن تحقيقه بمعزل عن أمن الدولة .

يأخذ مفهوم الأمن الإنساني بعدين أساسيين :

1- التحرر من الخوف.
2- التحرر من الحاجة .
و مفهوم الخوف يختلف من دولة لأخرى، كما أن مستوياته تتباين من إقليم لآخر.

صدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سنة 1999 تقرير بعنوان “عولمة ذات وجه أنساني “حدد فيه 7 تحديات تهدد الأمن الإنساني :

1- عدم الاستقرار المالي و مثال على ذلك الأزمة المالية الآسيوية سنة 1997.
2- غياب الأمان الوظيفي و عدم استقرار الدخل .
3- غياب الأمان الصحي خاصة مع انتشار الأمراض .
4- غياب الأمان الثقافي.
5- غياب الأمان الشخصي.
6- غياب الأمان البيئي.
7- غياب الأمان السياسي و المجتمعي .

تكمن خصائص الأمن الإنساني فيمايلي:
أ‌- الأمن الإنساني له بعد عالمي نتيجة لعالمية تهديداته .
ب‌- تحقيقه عن طريق الوقاية بدلا من التدخل اللاحق.
ت‌- الفرد هو محور تركيز أي سياسة تنموية أو أمنية .
ث‌- لا يحل محل الأمن القومي فهو مكمل له.
ج‌- يحتوي علي التمكين و وسيلته هي التعليم ، لخلق أجيال قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية .
ح‌- يرتكز على التنمية لتحقيقه ،إلا أنه يختلف عن مفهوم التنمية البشرية و حقوق الإنسان و لا يعني بالضرورة التدخل الإنساني .

الأمن الشامل :

مع تصاعد حدة التهديدات بعد الحرب الباردة ، تطلب إيجاد مفهوم آخر يعبر عنها بصورة جماعية فكان مفهوم الأمن الشامل الذي يشير إلى كل الأبعاد الأمنية ،إذ لابد من التصدي لكل التهديدات التي من شأنها أن تؤثر على تحرر الإنسان و إنعتاقه، فهو ذو طبيعة تعاضدية وقد برز مفهوم الأمن الشامل بعد صدور العديد من الدراسات من بينها :

– تقرير لجنة Commission Palme سنة 1982، ركز مبدئيا على معايير نزع السلاح.
– لجنة Brandt La Commission حول التنمية الدولية بينت في سنة 1983، العلاقة الموجودة بين الأمن والتنمية، و اعتبرت أن الاختلافات بين الدول الفقيرة والدول الغنية المتنامي، من شأنه أن يؤدي إلى تهديدات كاللاعدالة و المجاعات الخطيرة .
– لجنة Brundtland La Commission حول البيئة والتنمية، سنة 1987 يدور هذا التقرير حول التنمية المستدامة، و التهديدات البيئية المؤثرة على الأمن البيئي ، الاقتصادي ، و الاجتماعي.
– تقرير PNUD لسنة 1994 أهم التقارير التي بلورت هذا المفهوم، من خلال التطرق لمجمل التحديات الاقتصادية ،الاجتماعية،البيئية،…الخ .
– لجنة Ramphal حول “الحكم العالمي” سنة 1995 بينت العلاقة بين الديمقراطية والأمن على مستوى الُسلم العالمي.
يكون الأمن عرضة للتهديد عندما يؤدي حادث ما إلى خلق الأخطار خلال مدة زمنية قصيرة، بمعنى حدوث انخفاض في مستوى نوعية معيشة سكان دولة ما، ويكون هذا الانخفاض بشكل يعكس مجمل الخيارات المطروحة وهامش القيادة لدى الحكومات والهيئات غير الحكومية، من الأفراد، الجماعات والمؤسسات داخل الدولة ذاتها” ، من خلال هذا المفهوم تتضح النظرة التوسعية لمضمون الأمن، فهي تأخذ بعين الاعتبار المخاطر الأخرى غير العسكرية التي تواجه الأمن الوطني، كما أنها تدرج فواعل أخرى بخلاف الدول .

  • الأمن الشامل 

الفصل الثاني :

نظريات العلاقات الدولية بين التكيف و التغيير في ظل تحولات الحرب الباردة

سيتم تناول عدد من النظريات التي تأثرت بالحررب الباردة ، و أصبحت غير قادرة علي مواكبة التغييرات التي طرأت علي النظام الدولي الجديد ، و هي كالآتي :

  • النظرية الواقعية
  • النظرية الليبرالية
  • أوجه التشابه و الاختلاف بينهما

المبحث الأول :

تطور النظرية الواقعية بعد تحولات الحرب الباردة

مقدمة عن النظرية الواقعية التقليدية

النظرية الواقعية تقوم فى الاصل على أن العلاقات الدولية هى علاقات صراعية و بالتالى فالنظرية الواقعية  ترى أن الانسان أنانى بطبعه , و بالتالى ترجع جذور الفكر الواقعى الذى تأسس على يد كلا من ميكافيللى و هوبز و غيرهم الذين يختلفون كل الاختلاف عن مفكرين التيار المثالى [38].

الاصل التاريخى للنظرية الواقعية ( النظرية الواقعية قبل الحرب الباردة ) :

ظهرت النظرية الواقعية فى القرن الخامس قبل الميلاد و كان ذلك على يد الفيلسوف اليونانى سوثيديديس فهو الذى وضع الاسس العامة لها , ثم ظهرت النظرية الواقعية بشكل واضح فى عصر النهضة و كانت واضحة للغاية فى أفكار ميكافيللى و الذى أكد بشدة على أفكار سوثيديديس و بعض من هذه الافكار أن الحاكم لكى يتمسك بالحكم يجب ألا يتمسك بالفضيلة , و بعد ذلك تعددت الكتابات المؤيدة التى تدعم فكرة الواقعية و من بين تلك الكتاب الفيلسوف توماس هوبز , و هذا يظهر من خلال أفكاره حيث أن هوبز يركز على الطبيعة الانانية و العداونية للانسان و هذا ظهر بوضوح من خلال مقولاته مثل ” حرب الجميع ضد الجميع ” , الى جانب أنه يرى أن القوة هى العنصر الاهم و و العنصر الاساسى فى السلوك الانسانى , و هذا أنعكس على رؤية هوبز للعلاقات الدولية حيث أن هوبز يؤكد على أهمية القوة فى العلاقات الدولية و يؤكد على أن السلطة يجب أن تكون قوية[39] .

يركز توماس هوبز على الطبيعة الانانية والعدوانية للانسان من خلال مقوالتة” حرب الجميع ضد الجميع ” ،كما يرأى ان القوة عامل حاسم فى السلوك الانسانى , ومن ثم فلانسان دائما يسعى لامتلاك مزيد من القوة وبالتالى يؤكد توماس هوبز على أهمية القوة فى العلاقات الدولية كما انة يؤكد على فكرة السلطة القوية , كما انة يختلف عن الواقعية المعاصرة فى التأكيد على دور المؤسسات السياسية فى تنظيم القوة وفى ومنع الصراع , كما كان هيغل يمثل واحد من الروائد الاوائل فى تناول النظرية الواقعية حيث أكد هيغل على فكرة المصلحة كهدف رئيس يحكم العلاقات بين الدول والدولة كما ان الدولة موجودة بمعزل عن مواطنيها كما انة يراى ان الدول تخلق اخلاقيتها ومن ثم هى قادرة على ان تتصرف بما يضمن بقائها وفى القرن الثامن عشر ظهرت النظرية الواقعية بوضوح فى كتابات كل من بيسمارك وكارل فون كلوززفيتر مؤلف كتاب “فى الحرب”.

على الرغم من الجذور الفلسفية التى ورثتها النظرية الواقعية من التاريخ الاوروبى فى مختلف عصورهإلا ان الواقعية انطلقت فى الولايات المتحدة الامريكية كرؤية جديدة ومن ثم كنظرية منافسة للمثالية وصولا الى هيمنتها على العلاقات الدولية ، حيث انة فى عام 1620 وصلت مجموعة من المهاجرين الانجليز البيوريتانيين الهاربين من الاضطهاد الى ماساشوسيتش ووجدوا ان مهمتهم الجديدة تتمثل فى بناء ارض جديدة وتشكلت بذلك اول اسطورة فى السياسة الخارجية الامريكية حيث ان هؤلاء وجدوا ارضية تعتمد على السيطرة على مسار الحياة السياسية والفكر السياسى الامريكى .

ومن ناحية اخرى نشأت البراجماتية من تربة رأسمالية ناهضة على اخلاقيات مبنية على اساس التنافس والصراع ، وتعددتالمبررات التى اتاحتها نظرية التطور فى صياغة الفلسفة المسماة بالدورانية الاجتماعية لتكوين فكر وفلسفة امريكية متميزة ، تقوم الدورانية الاجتماعية بصورة رئيسية على تسخير مبادئ الانتخاب الطبيعى والصراع من اجل البقاء لتبرير الصراعات الاجتماعية وعدم المساواة فى ظل النظام الرأسمالى واضفاء صبغة اخلاقية وهو ما يعرف بقانون الغاب على المجتمع ليصبح النجاح المادى موضوع تمجيد اخلاقى بصرف النظر عن ظروف هذا النجاح واسبابه .

النظرية الواقعية بعد الحرب الباردة

ظهرت المدرسة الواقعية بوضوح عندما أخفقت المدرسة المثالية فى فرض قيمها و عدم قدرتها على التحكم فى سير الاحداث الامر الذى أدى فى النهاية الى نشوب الحرب العالمية حيث أن المدرسة المثالية كانت تهمل دور “القوة ” و أهميته فى سير الاحداث و من هنا جاءت المدرسة الواقعية لكى تحل محل المدرسة المثالية و من هنا كان فكر المدرسة الواقعية الذى كان على النقيض بالنسبة لفكر المدرسة المثالية أن النظام الدولى هو نظام فوضوى و بالتالى فى هذا النظام الفوضوى لا يوجد سلطه أساسية تحكم هذا النظام و من هنا جاءت المدرسة الواقعية تشجع على التنافس و بالتالى تبلورت فكرة الصراع ما بين الدول و بالتالى أصبح تحقيق الامان هو الهدف الاسمى للدولة فى ظل النظام الفوضوى , كما ترى المدرسة الواقعية أن التهديد ينشأ عندما تظهر قوة جديدة تحاول أن تحدث تغيير فى قواعد و أسس النظام الدولى أى تحاول تغيير الواقع القائم [40].

الأسس التى قام عليها الفكر الواقعى

  • أن الاخلاق لا يمكن أن تتدخل فى السياسة , بمعنى أن المبادئ الاخلاقية لا يمكن أن تحدد اطار العمل السياسى و تكون هى المرشد له , و بالتالى فالسياسة لا يمكن أن تحددها المبادئ الاخلاقية كما يرى المثاليون .
  • كما أن النظريات السياسية تأتى من الواقع أى انها تأتى من الممارسة السياسة و كذلك من الممكن أن يتم استنباطها من التجارب التاريخية و من دراسة التاريخ .
  • كما أن المدرسة الواقعية تناقض المدرسة المثالية فهى أنها تتعارض مع كون أن المعرفة و الثقافة من الممكن أن تغير بسهولة فى الطبيعة البشرية و فى الرأى العام و هذا أمر غير منطقى من وجهه نظر المدرسة الواقعية .
  • النظر الى الدولة كوحدة واحدة و ذلك على الرغم من أن الذين يديرون الدولة هم أشخاص متعددة و لكن الدولة تظهر للعالم الخارجى على أنه كيان واحد .
  • النظرية الواقعية تعتبر أن النظام الدولى هو عبارة عن غابة و ذلك نتيجة غياب سلطة مركزية معينه تحتكر القوة و تستطيع فرض سيطرتها على جميع الدول الاخرى و ذلك كما يحدث داخل الدولة الواحدة و الذى يساعدها على تحقيق الامان و السلام فيها .
  • اعتبار العامل الامنى هو العامل الاهم و أن الدول يجب أن تبذل قصارى جهدها لكى تحافظ على الامن بشتى السُبل حتى و ان تطلب الامر أن تستعين بدول أخرى لكى تحقق ذلك .
  • الدولة فى أفكار النظرية الواقعيه انها كيان عقلانى , و بالتالى فى علاقاتها الدوليه تقوم بحساب البدائل المتاحة و تتخذ القرارات التى تزيد من قدراتها و من قوتها بشكل أساسى[41] .

النقد الموجهه للواقعية  الكلاسيكية :

تعرضت المدرسه الواقعية للعديد من الانتقادات , و كان من أهم هذه الانتقادات :

  • لقد أخفقت هذه النظرية فى تحديد المفاهيم المختلفة للقوة بمعنى انها قد حصرت مفاهيم القوة فى مفهوم واحد فقط على الرغم من أنه هناك قوة تأتى كنتاج سياسى , حيث أن تضييق مفهوم القوة يحجم من قدرة النظرية الواقعية على التحليل .
  • كما أن المصلحه الوطنية تتحدد وفقا للمدرسة الواقعية على اساس مفهوم القوة على الرغم أن الانتقاد الذى كان موجهه للمدرسة الواقعية يرى أن المصلحه القومية تتحدد وفقا لأمور عدة , حيث انها تتحدد فى اطار الاهداف التى هى موضع اتفاق واسع داخل النظام القائم . كما أن المصلحة القومية قد تتحدد وفقا لما يبدو من قبل قطاعات الرأى .
  • كما أن المأخذ الاخرى على النظرية الواقعية هى أن القوة لا يمكن أن تخدم وحدها كأداة لتحليل كافه الظواهر المعقدة فى السياسة الخارجية و بالتالى الى جانب القوة يجب أن توجد عوامل أخرى من الممكن بشكل كبير أن تؤثر فى السلوك الخارجى للدول مثل الرغبة فى التعاون الدولى .
  • كما أن تعميمات المدرسة الواقعيه الكلاسيكية لم تكن صحيحة دائما كما أن التصور الواقعى هو تصور جامد و بالتالى يعجز فى التعامل مع الظواهر الجديدة التى تظهر على الساحة الدولية و تكون الدول جميعها مجبرة لكى تتعامل معها .
  • كما أن الواقعية الكلاسيكيه قد نفت الاخلاق عن السلوك السياسى للدول و هذا غير منطقى على الاطلاق [42].

المدرسة الواقعية الجديدة :

حاولت الواقعية الجديدة أن تصحح خطأ الواقعية الكلاسيكية , حيث أن الواقعية الجديدة أكد أن الدول فى النظام الدولى تشبه الشركات فى الاقتصاد المحلى أى لها نفس المصلحه الرئيسية و هى البقاء فى حين أن الواقعيه الكلاسيكية ربط الصراع من أجل السلطة بالطبيعة البشرية [43].

و من هنا تندرج تحت هذه النظرية ، نظريتين أساسيتين هما :

  • النظرية الواقعية البنيوية الجديدة .
  • النظرية الواقعية التقليدية الجديدة .
  • النظرية الواقعية البنيوية الجديدة Neo-Realism :

انتقدت أطروحات الواقعية التقليدية في السبعينيات ، بسبب منهجيتها السلوكية ، التي تمحورت حول سلوك الدولة في السياسة الدولية، و أخفقت في استيعاب الواقع الحقيقي على أنه “نظام” له بنيته أو كيانه المميز، و بالغت في تفسيرها للمصلحة ، و مفـــهوم القوة، و أغفلت سلوك المؤسسات الدولية، و أطر علاقاتها الاعتمادية في جوانبها الاقتصادية.

عند عجز الواقعية التقليدية التكيف مع التطورات في السياسة الدولية ، ظهرت الواقعية الجديدة و هي اتجاه داخل الواقعية أطلق عليه اسم الواقعية البنيوية ، و لكن لم تختلف الواقعية في شكلها الجديد عن الواقعية التقليدية في خصوص اعتبار العوامل النابعة من البيئة الخارجية كمحدد رئيسي للسلوك الخارجي للدول، و ذلك انطلاقا من الأساس الذي يؤكد ندرة الأمن و فوضوية النظام الدولي .

و على هذا الأساس يمكن تلخيص أهم مبادئ و مرتكزات الواقعية الجديدة في تفسيرها النسقي للسلوك الخارجي للدول، من خلال النقاط التالية:

أ- الدولة كفاعل أساسي، وحدوي و عقلاني: فالدولة هي الفاعل الأساسي في السياسة الدولية بسبب امتلاكها لوسائل العنف المنظم ، خاصة و أن الدول تتجه إلى فهم بيئتها الدوليـة و ليس الداخلية .

شهد العالم مع بداية الثمانينيات تزايدا كبيرا لفواعل جديدة في النظام الدولي، من الشركات المتعددة الجنسية، و المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، مما جعل الواقعية الكلاسيكية أمام وضع يستحيل فيه تجاهل هذا التواجد الأنطولوجي لهذه الفواعل الجديدة، لذلك نجد الواقعية الجديدة حاولت التعامل مع هذا النقص في عملية تعديلية ضمت فيه هذه الفواعل واعتبارها جزء في التحليل دون أن تكون ذات فعالة أو استقلالية عن سياسات الدول و أهدافها .

أن تفاعل هذه الفواعل من دول ومنظمات وشركات …الخ فيما بينها يشكل لنا فاعل جديد مستقل عن الأطراف المشكلة له، وهو البنية النظام الدولي ، وما يثبت هذا التواجد الأنطولوجي هو الاستدلال على طبيعة هذا النظام الفوضوية التي تؤثر في سلوكيات الدول.
ب- الطبيعة الفوضوية للنظام الدولي هي التي تحدد سلوك الفواعل:

تنطلق الواقعية الجديدة من القول بأن بنية النظام الفوضوية تفرض على الدول داخل النظام الدول نمط السلوك المتبع في بيئة المساعدة الذاتية و اللامن، و الدول في هذه الوضعية تكون مبرمجة للعب دور محدد تمليه إملاءات ترتيبها في سلم القوى الدولي .
تعرف الفوضوية بأنها تعبر عن حالة “غياب الحكومة” على المستوى الدولي ، و بالمعنى الرسمي فإنها تشير إلى عدم وجود سلطة مركزية ، و بهذا المعنى فإنها بالتأكيد سمة من سمات النظام الدولي وتحدد الإطار الاجتماعي و السياسي الذي تحدث فيه العلاقات الدولية ، و من حيث الظاهر نجد أن منطق الفوضوية حاسم، فالدول هي العناصر الفاعلة الرئيسية الموجودة في بيئة المساعدة الذاتية والتي تكون فيها المعضلة الأمنية ملحة ، لذلك نجد أن الواقعية الجديدة تسعى للعمل ضمن حدود الفوضوية البنيوية .

ج- العوامل الداخلية ليست عاملا مهما في السياسة الدولية:

يتمسك الواقعيون الجدد بطرح صلب جدا بخصوص فصل السياسة الداخلية عن الخارجية و نفي أية علاقة بينهما، لذلك ينفون أية أهمية أو قيمة للعوامل الداخلية في تفسير و فهم السلوك الخارجي للدول، بحيث تختصر السياسة الخارجية ضمن الطروحات النسقية الدولية، باعتبار أن النسق الدولي هو الذي يحدد طبيعة السلوك الخارجي للفواعل الدولية.
لم تلقي هذه الطروحات الصلبة داخل الواقعية قبولا من كل الواقعيين، وخاصة أنصار الواقعية النيوكلاسيكية في شقها المتعلق

بتصورات الواقعية الدفاعية حول مدى صحة و انحصار تفسير السلوكات الخارجية للدولة في حدود معطيات البيئة الدولية و بنيتها الفوضوية ، و هذا ما أدى بالنتيجة إلى انقسام أنصار هذا النموذج التفسيري إلى موقفين وفق معيار تأثير أو عدم تأثير السياسة الداخلية على السياسة الخارجية .

2- نظرية الواقعية التقليدية الجديدة Neo-Classical Realism :

– أهمية العوامل الداخلية عند الواقعية التقليدية الجديدة في تفسير السياسة الخارجية:
بعد النفي التام لتدخل العوامل الداخلية في تفسير السلوك الخارجي، حاولت “الواقعية التقليدية الجديدة” تخفيف حدة الفصل بين البيئتين الداخلية و الخارجية، بحيث قدمت مواقف وصفت بالمعتدلة ، لتشكل بذلك مبادرة إيجابية لإعادة النظر في مستويات التحليل المعتمدة في تفسير السلوك الخارجي و إعطاء أهمية للمحددات الداخلية إلى جانب المحددات النسقية.

و تنقسم الواقعية النيوكلاسيكية بدورها إلى ما يعرف بالواقعية الدفاعية و الواقعية الهجومية ، فكلاهما يعترف و يقر بدور وتأثير البنية الداخلية و إدراكات صانع القرار على توجهات و أهداف السياسة الخارجية ، غير أن هذا لا يمنع من وجود فوارق بينهما، سنحاول تبيينها فيما يلي:

أ- الواقعية الدفاعية: :The Defensive Theory
تفترض الواقعية الدفاعية أن فوضوية النسق الدولي أقل خطورة ، و بأن الأمن متوفر أكثر من كونه مفقودا، و هي بهذا تقدم تنازلا نظريا بتقليصها للحوافز النسقية الدولية ، و جعلها لا تتحكم في سلوكات جميع الدول، إنها بدأت تقر بوجود سياسات خارجية متميزة ، و بالتالي الاعتراف بالآثار الضئيلة للبنيات الداخلية على السلوك الخارجية .

فعندما تكون القدرات الدفاعية أكثر تيسرا من القدرات الهجومية فإنه يسود الأمن وتزول حوافز النزعة التوسعية ، و عندما تسود النزعة الدفاعية ، ستتمكن الدول من التمييز بين الأسلحة الدفاعية والأسلحة ذات الطابع الهجومي ، يمكن للدول امتلاك الوسائل الكفيلة بالدفاع عن نفسها دون تهديد الآخرين، وهي بذلك تقلص من آثار الطابع الفوضوي للساحة الدولية ، و بالتالي تخفف من حدة تأثير هذه البنية الفوضوية على سلوكات الفواعل ، فالقادة السياسيون لا يحاولون وضع دبلوماسية عنيفة و إستراتيجية هجومية إلا في حالة الإحساس بالخطر، و بالتالي في غياب الأخطار الخارجية ، الدول ليس لها دوافع آلية إلى إتباع هذه السياسات العنيفة .

و عليه فقد طورت الواقعية الدفاعية فرضياتها لتبين مـن خلالها أثر البنيات الداخلية للدولة في تحديد طبيعة التوجه الخارجي للدول، ففي حالة وجود خطر خارجي، الدولة تجند مجموع القدرات العسكرية، الاقتصادية و البشرية، و إدراك هذا الخطر مرتبط بذاتية القادة السياسيين، الذين يحدون من الوسائل المستعملة إلى الدفاع عن المصالح الحيوية فقط، و أكبر مصلحة حيوية هي الأمن.

ولذلك مع تراجع حالة الفوضى في النظام الدولي، سيتراجع بذلك أهم محدد لتفسير السلوك الخارجي بالنسبة لواقعية والتز و نتجه أكثر فأكثر لإثبات دور المحددات الداخلية في تفسير السلوك الخارجي هو إدراك صانع القرار للبيئة الخارجية .

ب- الواقعية الهجومية: The Offensive Theory
ظهرت الواقعية الهجومية كرد فعل للواقعية الدفاعية، حيث انتقدتها حول المرتكز الأساسي لها في أن الدولة و في إطار الفوضى الدولية تبحث فقط عن أمنها، حيث ترى عكس ذلك بأن الفوضى تفرض باستمرار على الدول تعظيم و زيادة القوة ، لذلك يعتقدون بتزايد احتمالات الحرب بين الدول كلما كانت لدى بعضها القدرة على غزو دولة أخرى بسهولة ، و بالتالي استمرار حالة الفوضى المطلقة غير أن ما يميز هذا الطرح عن واقعية والتز هو عدم الإقرار بأن تفسير السياسات الخارجية و المخرجات الدولية لمختلف الدول يكون مبنيا على فكرة الفوضى، و هذا ما ترفضه الواقعية الهجومية كعامل واحد، أن التركيز على السياسة الخارجية للدول يجب أن يضم المتغيرات الداخلــية و النسقية و التأثيرات الأخرى مخصصة و محددة مظاهر السياسة الدولية التي يمكن تفسيرها بهذه المتغيرات .

شكلت هذه المواقف الجديدة بالنسبة للواقعية النيوكلاسيكية، تحولا عميقا لدى المدرسة الواقعية فيما يتعلق بالحدود الفاصلة بين ما هو داخلي و ما هو خارجي. لتفتح المجال أمام ضرورة إعادة النظر حول تأثير المحددات الداخلية في توجيه السياسة الخارجية، و إزالة ذلك الفصل الصلب بينهما.

و مما سبق نستنتج أن كل هذا طرح إشكالية القدرة التفسيرية للمقاربات التي حاولت تفسير السلوك الخارجي بالعودة إلى البنية النسقية للنظام الدولي، حيث أن الموروث الواقعي يمكن أن يكون له قدرة تفسيرية في وقت ما، و لكن مع ذلك فإن بعض التوجهات الجديدة يمكن تفسيرها بنظريات السياسة الداخلية، مثل الاختلافات الإيديولوجية، الضغوطات السياسية الداخلية، أو حتى الجانب السيكولوجي للقيادات المختلفة” .

و أدى هذا إلى بروز نماذج نظرية تأخــذ بعين الاعتبار مختلف المتغيرات الداخلية في فهم و تفسير السلوك الخارجي .

المبحث الثاني :
تطور النظرية الليبرالية بعد تحولات الحرب الباردة
يعتبر التحدي الأساس للواقعية النظريات الليبرالية، فإن إحدى اتجاهاتها أن الاعتماد المتبادل في الجانب الاقتصادي سوف يثني الدول عن استخدام القوة ضد بعضها البعض، لأن الحرب تهدد حالة الرفاه لكلا الطرفين ، حيث تري الليبرالية الدول فاعلين مركزيين في الشؤون الدولية ، وفي كل الحالات فإن جميع النظريات الليبرالية تطغى عليها النزعة التعاونية بشكل يتجاوز بكثير الاتجاه الدفاعي في النيوواقعية ، على أن كلا منهما يقدم لنا توليفة مختلفة عن كيفية تعزيز هذا التعاون.

قامت النظرية الواقعية على أنقاض النظرية المثالية التي دعت إلى تجاوز الخلافات بين الدول عبر سيادة القانون الدولي و رفض طغيان مصالح الكيانات الدولية على نسق التحالفات الدولية، ويعتبر أبرز ممثلي هذا التيار أمثال “كينان” و “مورغنتاو”أن النظام الدولي ذو طبيعة فوضوية يسيره قانون وحيد وأوحد هو فانون النزاع و الاستئثار بالمصالح الوطنية اعتمادا على منطق القوة و إشباع أنانية الإنسان، فالواقعية حسب ما يبدو فهي حصيلة تجربة و فهم امبريقي للسياسة.

و على خلاف المدرسة الواقعية، فقد أضافت تجربة الواقعية الجديدة و طورت نظرية العلاقات الدولية، فقد قدم “كينيت وويلز” في كتابه “نظرية السياسات الدولية ” سنة 1979، مفهوما جديدا للسياسة الخارجية يقوم على فهم النظام و ليس الأشخاص أو الدول ، و كذلك التركيز على دراسة المظاهر الاقتصادية الدولية ، مع تطوير نظرية الاستقرار الهيمني، بمعنى الحفاظ على الوضع القائم، حينما تحاول قوة عظمى فرض مفهومها و تصورها على الجميع، كما هو الشأن بالنسبة لمبادرة تأسيس مؤسسات مالية دولية ذات طبيعة ليبرالية لدعم تصورها و نظرتها الإيديولوجية.

أما بالنسبة لحالة الفوضى حسب هذا الاتجاه، فإنها تدفع الدول إلى تبني مواقف واقعية، و تبقى دراسة النسق العام أو النظام المتحكم في التفاعلات الدولية، هو من أولويات هذا المقترب، في حين يحتل الدين،علم النفس، السياسة الداخلية و الاقتصاد مرتبة ثانوية .

تعتبر الليبرالية هي الفكر المهيمن القادر على إنتاج الأبعاد التفسيرية الضرورية للعلاقات الدولية، فالتطور العلمي و التكنولوجيا المتقدمة و التحولات الاقتصادية، حيث ساهمت في إرساء قواعد متينة لليبرالية كنموذج فكري ازدهر ، لذلك عملوا على تمجيد الحرية الشخصية و تضخيم مكانة الفرد داخل الدولة و المجتمع و سيادة القانون على أطماع و أنانية الدول.

أما الليبرالية الجديدة، فقد تجاوزت الإطار الضيق للسيادة الوطنية ، لتصل إلى وضع التعاون الدولي على غرار دعم المنظمات و المؤسسات الإقليمية و الدولية التي ما فتئ دورها يتنامى بشكل كبير، ومن أبرز تياراتها الوظيفية و الوظيفية الجديدة ، و يعتقد “ديفيد ميتيراني” أن ظهور هذه المنظمات هو تلبية حقيقية لرغبات وظيفية للرأي العام و التكنوقراط على وجه الخصوص الذين يحبذون السير في اتجاه المسار العبر الوطني، و يرجع الفضل في ذلك إلى ازدهار وسائط الاتصال و سهولة تبادل المعلومات، مما

أدى إلى خلق بنية مشتركة تتمثل في المنظمات الدولية التي تتعهد بانجاز مهام الاتصال و التقارب بين الدول و الشعوب.
و ضمن تيار الليبرالية الجديدة، أشار” كارل دوتش” إلى دور التواصل و الإعلام بين الأفراد و الجماعات ، و سجل كل من” كيوهان” و” واي” أن العلاقات الدولية يجب أن تتجاوز إطار العلاقات بين الكيانات الدولية، لتدخل غمار العلاقات العبر وطنية.
من ناحية أخرى، لا يمكن إغفال نظريات أخرى دعت إلى تبني رؤى مغايرة حول الواقع الدولي، كنظرية التبعية التي طورها بعض

مفكري دول العالم الثالث، و بموازاة مع ذلك برزت نظريات سياسية و أكاديمية حاولت تفسير المتغيرات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة، وتتنبأ بنوع و طبيعة الصراعات العالمية .

لذلك لا يمكن لمقاربة منفردة أن تدعي الإطلاق و الصرامة في استيعاب و إدراك أبعاد التعقيد المميز للسياسة العالمية، فنحن إزاء مجموعة كبيرة من الأفكار المتنافسة، وليس إزاء تقليد نظري واحد، وهذا التنافس بين النظريات يساعد على معرفة مواطن القوة و الضعف فيها، و يثير بالتالي التحويرات اللازم إجرائها عليها.

المبحث الثالث :

أوجه التشابه و الاختلاف بين النظرية الواقعية و النظرية الليبرالية فيما بعد الحرب الباردة

شعر أنصار الليبرالية بالنشوة بعد نهاية الحرب الباردة ، و تعميم القيم الليبرالية ، حدث هجوم علي القواعد المنهجية التحليلية للواقعية و الليبرالية ، حيث ان مجالات النقاش بين النظريتين في العلاقات الدولية المعاصرة لا يشير إلي خلافات متضادة في رؤيتهما في نظرية العلاقات الدولية ، حيث تجاوزت الواقعية المفاهيم التقليدية في الأفكار المعرفية المركزية انسجاماً مع التغيرات في البيئة الدولية .

تعرضت كلتا النظريتين لانتقادات منهجية كبيرة ، و بالقدر الذي نجد فيه اختلافاً بين النظريتين سنجد التقارب  و التداخل في بعض افتراضاتهما و سيتضح من خلال ما يأتي :

  • النظام الدولي كوحدة تحليل رئيسية :

اتفق كل من الواقعيين و الليبراليين علي اعتبار النظام الدولي موضوعا مركزا في دراسة العلاقات الدولية ، و أنها وحدات فاعلة تعتبر الدولة واحدة منها ، ولكن هذا النظام يعيش في فوضي تغيب عنه السلطة المركزية ، و لكنها فوضي لا تؤدي إلي صراع ، و أقر كل من الواقعية و الليبراليه بذلك ، علي الرغم من أن الدولة عند الواقعيين الجدد ترتبط بالمسائل الأمنية ، و عند الليبراليين الجدد ترتبط بالاقتصاد السياسي الدولي .[51]

ركز الواقعيين الجدد علي أن استمرار الفوضي يقود إلي احتمالية الصراع ، في حين يري الليبراليين الجدد بأنها لا تدفع الدول إلي ذلك ، بل تدفعها إلي التعاون لحل مشاكلها .

ركز الواقعيين الجدد علي أولوية السياسة في النظام الدولي و أهمية التحليل البنيوي ، أما الليبرالية الجديدة تنظر إلي النظام علي أنه تفاعلات و عمليات تتكرر و لا تتوقف ، و بذلك فإن النظام الثنائي القطبية هو الأفضل للنظام الدولي .

  • مفهوم توازن القوي :

يعتبر الواقعيون و الليبراليون أن مفهوم توازن القوي من الموضوعات المركزية في التحليل ، حيث أنه يمثل إقراراً بان تحليل العلاقات الدولية ينطلق من تأثير البيئة الخارجية علي البيئة الداخلية للدولة .

يجد الليبراليون الجدد أن ميزان القوي لا يعبر إلا عن حالة من سوء النوايا بين الدول ، و لكن تري الواقعية أن التركيز علي موضوع القوي متعلقاً بقدرات الدول ، و التركيز علي التعاون الدولي ، حيث بدأ الواقعيون الجدد القلق من تضخيم أهمية ميزان القوي لصالح فكرة الأمن الجماعي .[52]

  • الأمن الجماعي و الاعتماد المتبادل :

انقسم الواقعيون الجدد إلي قسمين : الأول يري صعوبة توفير الأمن علي النطاق الدولي ، الثاني يري إمكانية تحقيقه رغم الفوضي الدولية ، حيث يعتقدون أن استمرار الدول بتحقيق المكاسب في ظل التفاعل و التعاون الدولي سيحد بشكل إيجابي من الفوضي .

رأي الليبراليين الجدد أن العالم سوف يشهد ازدياد في درجة الاعتمادية المتبادلة بين الدول ، حتي يصبح هناك علاقات متشابكة و متداخلة و متفاعلة بين الدول .

الخاتمة :

تميزت الحروب على مر السنين بنتائجها الجذرية ، و الحرب الباردة رغم نعتها بالبرودة إلا أن نتائجها كانت ساخنة، إذ فرضت نهاية الحرب الباردة واقعا مغايرا تماما لما كان عليه الحال في فترة الحرب الباردة ، و الدليل على ذلك التحول الذي حدث في النظام الدولي، و كذلك بروز فواعل كثيرة ذات فاعلية كبيرة ، تباينت بين أفراد، شركات، جماعات، شبكات، هيئات، منظمات دولية حكومية و أخرى غير حكومية …الخ، إضافة إلى ذلك التحول الذي عرفته موضوعات العلاقات الدولية ، خاصة فيما تعلق بموضوع الأمن، فالتحول كان من الدراسات الأمنية الاستراتيجية المتعلقة بالجانب العسكري، إلى الدراسات الأمنية المتعددة الأبعاد . لم يعد الجانب النظري كافيا لتفسير طبيعة القضايا الأمنية و مصادر التهديد في فترة ما بعد الحرب الباردة، ما أدى بالعديد من المفكرين إلى الدعوة لتوسيع الدراسات الأمنية، بحيث تحوي كل التهديدات الأمنية العسكرية و الغير عسكرية، و هو ما تجسد مع بلورت مفاهيم أمنية جديدة، كالأمن الإنساني و الأمن الشامل و الأمن المجتمعي .

بينت الدراسة أن هناك توليفة جديدة للنظريتين العقلانيتين ( الواقعية _ الليبرالية ) تبلورت في القرن الحادي و العشرين مما أبرز التقارب المعرفي بينهما و ذلك بعد انتهاء الحرب الباردة .

نقد :

إن ما قدمته النظريتين علي صعيد التنظير للعلاقات الدولية المعاصرة ليس إلا محاولة لتكريس هيمنة الغرب علي علم العلاقات الدولية ، حيث تعد القيم الشيوعية و النزعة العدائية تجاه الإسلام الصدام الوحيد مع الغرب ، و لذلك يجب تعظيم القوي لإعادة توازن النظام الدولي مرة أخري بدلاً من حالة الفوضي التي يتسم بها .

قائمة المراجع :

أولا : قائمة المراجع باللغة العربية :

الكتب :

  1. محمد ضياء الدين محمد ، اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث 11 سبتمبر ، دار الثقافة العربية ، دمشق ، 2008
  2. جوزيف ناي ، القوة الناعمة ، 1990
  3. ياسر أبو شبانة ، النظام الدولي الجديد : بين الواقع الحالي و التصور الإسلامي ، القاهرة ، دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع ، 1998 .
  4. محمد نصر ، مدخل إلي علم العلاقات الدولية في عالم متغير ، الإسكندرية ، المكتبة الجامعية ، 1998
  5. جون بيليس ، ” الأمن الدولي في حقبة ما بعد الحرب الباردة ” ، في : عولمة السياسة العالمية ، دبي ، ترجمة و نشر مركز الخليج ، 2004 ، ص 409 – 449 .
  6. عبدالناصر جندلي ، أثر الحرب الباردة علي الاتجاهات الكبري و النظام الدولي ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، 2011
  7. حسين بوقارة، دراسة في عناصر التشخيص واالتجاهات النظرية للتحليل ، دار هومه ، 2012
  8. د.محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية ، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1990 ص9.
  9. السيد حنفى عوض ، ” الحركات النسائية العمالية وتحديات سوق العمل “ ، 2003 .
  10. سارة جامبل ، “النسوية وما بعد النسوية” ، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، 2002
  11. فاتن أحمد ، ” عرض تحليلي للاتجاهات الحديثة في دراسة المرأة ” ، في: علم إجتماع المرأة ، مكتب زهراء الشرق ، القاهرة ، 2001 ، ص 5 .
  12. سامية قدري ونيس، ” التيار النسوي والعمل الأكاديمي في مصر “، 2002 .
  13. إيمان ضياء الدين بيبرس ، المرأة والسياسات الاجتماعية والدولة في مصر ، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2002
  14. قاسم حجاج ، العالمية و العولمة : نحو عالمية تعددية و عولمة إنسانية ، الجزائر ، 2003
  15. وليد عبد الحي ، آفاق التحولات الدولية المعاصرة ، دار الشروق ، عمان ، 2002 .
  16. جهاد عودة ، النظام الدولي : نظريات و إشكاليات ، مصر، 2005
  17. جون بيليس ، عولمة السياسة العالمية ، الإمارات العربية المتحدة ، 2002
  18. ناصيف يوسف ، النظرية في العلاقات الدولية ، بيروت، 1985
  19. مارتن غريفيش ، المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية ، دبي، 2008

الرسائل :

  1. سماح عبد الصبور ، القوة الذكية في السياسة الخارجية ، ماجستير ، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2013

الصحف :

  1. د.محمد العايد ، ” النظام الدولي بعد الحرب الباردة: تحولات مفهوم القوة وصعود اللاعبين الجدد ” ، جريدة الغد ، 28 أبريل 2010
  2. د.عبدالناصر جندلي ، ” النظريات التفسيرية للعلاقات الدولية بين التكيف و التغير في ظل تحولات عالم ما بعد الحرب الباردة ” ، مجلة المفكر ، العدد الخامس .
  3. عمار جفال ، ” قوي و مؤسسات العولمة : التجليات و الاستجابة العربية ” ، مجلة شئون الأوسط ، العدد 107 ، 2002 ، ص 36 -37 .
  4. صلاح الدين عامر ، ” القانون الدولي في عالم مضطرب ” ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 153 ، 2003 ، ص 82
  5. ليلى عبد الوهاب ، ” موقف علم الاجتماع من قضايا المرأة ” ، مجلة الوحدة ، السنة الأولى ، العدد 9 ، يوليو 1985، ص 59- ص 60.
  6. مصطفى بخوش ، ” مستقبل الدبلوماسية في ظل التحولات الدولية الراهنة “، مجلة المفكر، الجزائر، العدد الثالث، 2008، ص88
  7. هناء عبيد ، “الدور الخارجي في التحول الديمقراطي قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر” ، جريدة الأهرام

مواقع الانترنت :

  1. عماد فوزي ، ” التحولات و الارتكاسات في مفهوم القوة “ ، في : http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2006/6/21 ، تاريخ الدخول : 25/4/2016
  2. هشام القروي ، النظرية النقدية الأجتماعية ، في : http:// www. Rezgrar.com//debate/show.art.asp ، تاريخ الدخول : 20/4/2016 .
  3. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=355333 ، تاريخ الدخول : 15/5/2016 .
  4. http://tahaaly80.blogspot.com.eg/2009/12/blog-post_4025.html، تاريخ الدخول 16/5/2016 .
  5. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=338933 ، تاريخ الدخول : 18/5/2016 .
  6. ستيفن وولت ، ” العلاقات الدولية : عالم واحد ، نظريات متعددة “ ، في : http://www.geocities.com/adelzeggagh/IR ، تاريخ الدخول : 20/5/2016 .

ثانيا : قائمة المراجع باللغة الانجليزية :

Books :

  1. Fred Halliday, the Third World and the End of the Cold War, 1997.
  2. James Mayell, “Democracy and International Society”, January 2000, P.75
  3. Andrew Linklater, .Neo-Realism in Theory and Practice , 2004
  4. Martin Gabriel, Theories of international Relations, 1994
  5. Andrew Linklater, “Neo-Realism in Theory and Practice”, 2002.
  6. Nye Jussive, The Future of Power, 2010.
  7. Viotti Paul , International Relations Theory , 2010
  8. Steans Jill ,” Introduction to International Relations “ , 2008 .
  9. Alfred Kimberly, Problems of Democratic Transition and Consolidation, 2002.
  10. Doyle , ” On the Democratic Peace in the International Security “ , 1999.
  11. Mark kauppl , “International Relations theory: Realism,PluralismGolbalism” , New York ,1987

[1]د.محمدالعايد ، ” النظامالدوليبعدالحربالباردة: تحولاتمفهومالقوةوصعوداللاعبينالجدد ” ، جريدة الغد ، 28 أبريل 2010.

[2]محمد ضياء الدين محمد ، اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث 11 سبتمبر ، دار الثقافة العربية ، دمشق ، 2008 .

[3]د/ عبدالناصر جندلي ، ” النظريات التفسيرية للعلاقات الدولية بين التكيف و التغير في ظل تحولات عالم ما بعد الحرب الباردة ” ، مجلة المفكر ، العدد الخامس .

[4]Fred Halliday, the Third World and the End of the Cold War, 1997.

[5]جوزيف ناي ، القوة الناعمة ، 1990

[6]سماح عبد الصبور ، القوة الذكية في السياسة الخارجية ، ماجستير ، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2013 .

[7]عماد فوزي ، ” التحولات و الارتكاسات في مفهوم القوة “ ، في : http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2006/6/21 ، تاريخ الدخول : 25/4/2016 .

[8]James Mayell, “Democracy and International Society”, January 2000, P.75.

[9]ياسر أبو شبانة ، النظام الدولي الجديد : بين الواقع الحالي و التصور الإسلامي ، القاهرة ، دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع ، 1998 .

[10]عمار جفال ، ” قوي و مؤسسات العولمة : التجليات و الاستجابة العربية ” ، مجلة شئون الأوسط ، العدد 107 ، 2002 ، ص 36 -37 .

[11]صلاح الدين عامر ، ” القانون الدولي في عالم مضطرب ” ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 153 ، 2003 ، ص 82 .

[12]محمد نصر ، مدخل إلي علم العلاقات الدولية في عالم متغير ، الإسكندرية ، المكتبة الجامعية ، 1998 .

[13]Andrew Linklater, .Neo-Realism in Theory and Practice , 2004

[14] Martin Gabriel, Theories of international Relations, 1994.

[15]Andrew Linklater, “Neo-Realism in Theory and Practice”, 2002.

[16]جون بيليس ، ” الأمن الدولي في حقبة ما بعد الحرب الباردة ” ، في : عولمة السياسة العالمية ، دبي ، ترجمة و نشر مركز الخليج ، 2004 ، ص 409 – 449 .

[17]عبدالناصر جندلي ، أثر الحرب الباردة علي الاتجاهات الكبري و النظام الدولي ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، 2011 .

[18] Nye Jussive, The Future of Power, 2010.

[19] Viotti Paul , International Relations Theory , 2010

[20]Steans Jill ,” Introduction to International Relations “ , 2008 .

[21]حسين بوقارة، دراسة في عناصر التشخيص واالتجاهات النظرية للتحليل ، دار هومه ، 2012.

[22]د.محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية ، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1990 ص9.

[23] Alfred Kimberly, Problems of Democratic Transition and Consolidation, 2002.

[24]السيد حنفى عوض ، ” الحركات النسائية العمالية وتحديات سوق العمل “ ، 2003 .

[25]سارة جامبل ، “النسوية وما بعد النسوية” ، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، 2002.

[26]فاتن أحمد ، ” عرض تحليلي للاتجاهات الحديثة في دراسة المرأة ” ، في: علم إجتماع المرأة ، مكتب زهراء الشرق ، القاهرة ، 2001 ، ص 5 .

[27]سامية قدري ونيس، ” التيار النسوي والعمل الأكاديمي في مصر “، 2002 .

[28]ليلى عبد الوهاب ، ” موقف علم الاجتماع من قضايا المرأة ” ، مجلة الوحدة ، السنة الأولى ، العدد 9 ، يوليو 1985، ص 59- ص 60.

[29]مرجع سابق ، ص 6 .

[30]مرجع سابق ، ص 76 .

[31]مرجع سابق ، ص 8 .

[32]إيمان ضياء الدين بيبرس ، المرأة والسياسات الاجتماعية والدولة في مصر ، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2002.

[33]هشام القروي ، النظرية النقدية الأجتماعية ، في : http:// www. Rezgrar.com//debate/show.art.asp

[34]قاسم حجاج ، العالمية و العولمة : نحو عالمية تعددية و عولمة إنسانية ، الجزائر ، 2003 .

[35]وليد عبد الحي ، آفاق التحولات الدولية المعاصرة ،  دار الشروق ، عمان ، 2002 .

[36]مصطفى بخوش ، ” مستقبل الدبلوماسية في ظل التحولات الدولية الراهنة “، مجلة المفكر، الجزائر، العدد الثالث، 2008، ص88.

[37]مرجع سابق ، ص 125 .

[38]http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=355333

[39]مرجع سابق ، ص 65

[40]http://tahaaly80.blogspot.com.eg/2009/12/blog-post_4025.html

[41]مرجع سابق  ، ص 20.

[42]مرجع سابق ، ص 18 .

[43]http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=338933 .

[44]ستيفن وولت ، ” العلاقات الدولية : عالم واحد ، نظريات متعددة “ ، في : http://www.geocities.com/adelzeggagh/IR

[45]جهاد عودة ، النظام الدولي : نظريات و إشكاليات ، مصر، 2005 .

[46]مرجع سابق ، ص 22.

[47]جون بيليس ، عولمة السياسة العالمية ، الإمارات العربية المتحدة ، 2002.

[48]ناصيف يوسف ، النظرية في العلاقات الدولية ، بيروت، 1985 .

[49]مارتن غريفيش ، المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية ، دبي، 2008 .

[50]هناء عبيد ، “الدور الخارجي في التحول الديمقراطي قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر” ، جريدة الأهرام .

[51]Doyle , ” On the Democratic Peace in the International Security “ , 1999.

[52]Mark kauppl , “International Relations theory: Realism,PluralismGolbalism” , New York ,1987 .

4.1/5 - (7 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى