قبضة دكتاتورية مغلفة فى رونق ديمقراطية ورق
. . الحديث عن إنقلاب بشكل عام له تداعيات من إيجابيات وسلبيات ملحوظة على المجتمعات المتحضرة أو المتخلفة سواء كان الحكم دكتاتورى أو ديمقراطى . . ولو أن العرف عادةً عن الإنقلابات منسوب إلى التدخل العسكرى . . فليس بالضرورة أن كل إنقلابات على الجمهوريات والإمبراطوريات أو المملكات التى نجحت أو فشلت فى العالم عبر التاريخ غلفت بالطابع العسكرى . . فكثيراً ما شهد العالم عدة إنقلابات من مجموعة أو أفراد مدنية من المجتمع . . وأحياناً أمراء من أفراد العائلات المالكة ذاتها فى الصراع الدائم على السلطة سواء كان مع مبرر منطقى أو بدون هدف على الإطلاق . .
. . ما وصف عن ما جرى فى تركيا مؤخراً على أنه “إنقلاب عسكرى” . . (لا) يتجاوب أو يتناسق مع قواعد الحروف الأبجدية المتعارف عليها كأساس قاعدى لتعريف حتى إنقلاب فردى (مدنى) . . و(ليس) عسكرى من العيار الثقيل الواضح المعالم لمحدثين السياسة . . لأن أى إنقلاب مدنى أو عسكرى (قبل) إعلانه على العامة من المنقلبين على السلطة فى أى بلد –– (لا) بد وأن يبدأ بديهياً وتكتيكياً بالقبض على كل رموز الدولة وتحيدهم من حريتهم (قبل) مناصبهم وعلى رأسهم (الحاكم) نفسه . . ثم حجزهم فيما بعد فى مكان (سرى) غير معلوم لعامة الشعب أو (حتى) أقرب الأقربين لهم . . هذا المبدأ الجوهرى الرئيسى الحاسم لأى إنقلاب مدنى أو عسكرى (لم) يتوفر عنصر إنجازه أو يتم تفعيل تحقيقه فى هذا الإنقلاب (القيصرى) ليستحق صفة التعريف من أصله . . الإنقلاب الذى يبدأ بلا إزاحة الحاكم (ليس) إنقلاب . . أو يطلق عليه “إنقلاب مراهق” إذا صح التعبير الإنقلابى . .
. . بغض النظر عن إخراجه الردئ فى التمثيل أمام العالم سواء كان مسرحية هزلية من أجل التنكيل بالخصوم والمعارضين لسياسة السلطة الحاكمة فى الداخل والخارج لإحكام وفرض السيطرة مع الهيمنة على الرأى العام التركى الذى تزعزع وفقد توازنه بعد حوادث الإرهاب الدامية الأخيرة . . أم مجرد حيلة وخدعة أخرى من أمثال هؤلاء المتسترون خلف رداء (الدين) وقناع (النفاق) كما عهدنا فى قتل وخطف أبطال أكتوبر فى سيناء لتبرير عزل القيادات العسكرية . . أو مثل مرواغة تضليل (المنافقين) الذين يرفضون تهنئة (الأقباط) فى أعيادهم و(لا) يجدون حرج أو حياء فى رمى أنفسهم فى أحضان وزيرة إسرائيل الحسناء . . ولذلك قلناها علانية صريحة لمن يريد أن يعتبر ويتعظ فى مقال [إرهاب هالك – فكر كافر] –– “من يظن بالوهم أن مصر سوف تقع ثانية تحت حكم منافق أفاق متستر وراء رداء الدين مهما إشتدت (عصبية) مع عصبة “الإرهاب” –– فهو واهم (جاهل) بالفطرة وبحاجة ماسة ملحة إلى علاج نفسانى (قبل) الإنهيار الحتمى” –– (لا) يصح له وصف “إنقلاب” [.]
. . سواء كان “إنقلاب” مسرحى فكاهى أو درامى . . (لا) يوجد وجه مقارنة من أى نوع بينه وبين ثورة يونيو المصرية التى (أرغمت) “الجيش” (مطاع) كى يستجيب إلى (أمر) “الشعب” . . وهذا ما يجهله الحمقى دعاة “الإنقلاب” . . والذى يختلف كلياً عما حدث فى تركيا أو أى مكان أخر . . ألاف مناهضين فى شارع مدينة (ليس) مثل ملايين فى ميادين كل المدن والقرى كافة لتستوجب المقارنة . . لكن من الجهل أن تجد أصوات تتحدث من داخل وخارج تركيا عن “التمسك فى حكم الديمقراطية” ولا معرفة عن أى قالب ديمقراطى يتقمسون أو ينقلبون . . غالباً . . الجيش فى الأنظمة الديمقراطية (لا) يدخل حلبة الصراع السياسى سعياً وراء السلطة . . متناقضاً . . تحرك الجيش التركى . . إن (لم) يكن (تمثيلية) –– يثبت عكس ذلك لعدم إقتناعه أن الحكومة حقيقى سائرة على طريق ديمقراطى كما تعنى ديمقراطية الكلمة والفعل من ممارسة وتنفيذ . . فى أى الحالتين . . مساوئ سيناريو الفشل الإنقلابى أسوأ ضرر من نتائج النجاح . . فإذا كانت هذه هى عقلية قيادات جيش حليف الناتو –– مؤكد سيصبح صيد سهل لدعاة “الخلافة” حين يقررون العبور (عبر) تركية أوروبا . .
. . يقيناً أن “الديمقراطية” هى ممارسة تفعيل حكم الشعب تحت سيطرة (قوة) “سيادة القانون” . . فتونة الإطاحة بما يقرب من ثلاثة ألاف (قاضى) فى أقل من أربع وعشرين ساعة من “الإنقلاب الفاشل” –– (لا) يقرب من أى حكم ديمقراطى –– (إلا) –– (إذا) قام على الكذب والخداع . . الحكم الديمقراطى (لا) يبيح التدخل فى شئون القضاء من قريب أو بعيد . . فما دخل (القضاة) فى “إنقلاب عسكرى فاشل” ! . . عزل القضاة عملية عشوائية إنتقامية عنت بالفصيح الصريح تصفية حسابات قديمة مع بث إرهاب معنوى يقلل من قيمة وشأن هيبة القضاء مما يتناقض مع أى حكم دستورى ديمقراطى . . عملية عزل القضاة بهذه الصورة القبيحة عمل “دكتاتورى” بحت خارج عن سيطرة وفرض حكم سيادة القانون الذى يعتبر لب عقل ومخ الديمقراطية المفكر . . عزل القضاة بهذا العدد الهائل الذى (لم) يسبق له مثيل فى التاريخ يعكس إنطباع “أمر سلطان” (جائر) –– و(ليس) قرار “دولة ديمقراطية” تنعم فى حكم سيادة القانون كما تريد وهم شعبها مع العالم بالكذب والنفاق –– (إلا) –– (إذا) كانت “ديمقراطية” (حبر على ورق) . . بناء على ذلك . . التجرؤ على هدم هذا الركن المركزى الذى يعد مثابة العمود الفقرى القوى الساند لكل أركان إستقلالية الدولة والمعتبر رمز العدل كأصل مصدر حماية الصرح العظيم فى بنيان دولة المؤسسات والحياة النيابية . . مؤشر عواقبة الوخيمة (هى) فشل الدولة مهما بلغت عظمتها . . فإذا هوى . . هوت هى . .
. . ثم حانت وتلت مبادرة الإسراع الفورى فى تعديل الدستور لإقرار شرعية “حكم الإعدام” التى كانت تهاجم وتنتقد بالأمس القريب من قبل (السلطان) “العثمانى” ضد قانون الأخرين لتبرهن عمل أخر دكتاتورى بحت مناقض لكل ديمقراطية متحضرة ومنشق عن دستورية سيادة القانون . . مما يبرر قمع القضاة الجذرى لتعيين قضاة مسيسين على هوى طرب السلطان (بلا) خبرة عن القانون أو الدستور لتنفيذ إنتقام غريزته فى (حب) الإعدام . .
. . فى الوقت الذى تدعى تركيا الكبرياء والعزة أمام الطيبين . . تراها تلهث ذليلة تبتغى عضوية من المحال أن تسمح أوروبا أن تمنح لها لأسباب واضحة تنحاد عنها وتغض بصرها خجلاً . . فالحكومة التركية سائرة بقدم وساق على نفس نهج جماعة النفاق متسترة فى رداء الإسلام . . متناسية أنها أول دولة إسلامية إعترفت وفتحت سفارة تحتضن الكيان الصهيونى مع تطبيع سياسى وإقتصادى تام (نكاية) فى (العرب) الطامعين فى ودها المزيف لتزيين صورهم أمام شعوبهم . . ربما تمحكاً فى رحاب (السلطان) عكس الموقع أدناه –– (ليس) من عشاق أساطير السلاطين الطغاة . .
. . تركيا . . بلا شك . . الدولة التى جلبت أكثر مهانة وإساءة وعداء إلى محاسن سمعة الدين الإسلامى السمحة . . وقد عرقلت مسيرة التقدم والحضارة فى بلاد العرب لقرون قبيحة من الجور والجهل العثمانى العدوانى الإستعمارى الطاغى . . ومن يختلف فى هذه النظرة أو المضمون الغير جدلى . . فله كل الحرية والحق فى زيارة قصيرة إلى التاريخ العثمانى الدموى الأسود الممقوت فى الشكل والمضمون من مجازر إبادية فى حق الأرمن إلى جرائم شنيعة فى حق الأكراد الذين يعتزون بثراء “اللغة العربية” . . ويحتضنون عادات وتقاليد (العرب) بالمودة الطيبة فى عروقهم الأصيلة بعقدة رباط (الأرض) والمصير . .
. . بصرف النظر عن أنها الدولة (الوحيدة) التى صامت (۲۹) يوم فى رمضان هذا العام . . هى الدولة (الإسلامية) الفريدة التى (لا) تعترف بشهادات (الأزهر) . . و(لا) أحد يعرف السر من وراء إستمرار قبول طلبات لطلاب هذه الدولة للدراسة فى الأزهر . . أو السماح لأى مسؤل من تلك الدولة لزيارة الأزهر . . فإذا هناك وفرة مادية . . يجب أن تعطى لفقراء مصر أو منحها لفقراء أفريقيا الذين فى أمس الحاجة إلى قوت يومهم بداية من جنوب السودان ونهاية فى جنوب أفريقيا . . أو على الأقل توهب إلى الأسر الأسيرة المظلومة التى تعانى من تعسف بطش وطغيان الإحتلال الغاشم فى غزة فلسطين المحتلة . . وفى سياقه . . (لا) يسمح لأى طالب (غير) مصرى من (أبوين) وجدين مصريين الإلتحاق بأى كلية حربية فى مصر وضمنهم كلية الشرطة (حتى) ولو كان ابن ملك الملوك عما يحتوى فيهما من تقنية فنية وتكتيك أكاديمى عن أسرار وإستراتيجيات خططية وبحثية تمس الأمن القومى للبلاد . .
. . (لا) أعظم و(لا) أرقى من تناوب وتداول نقل السلطة سلمياً وديمقراطياً فى عرف كل الأنظمة الحاكمة سواء جمهورية أو إمبراطورية أو ملكية . . ولكن أحياناً إذا فشلت أى حكومة فى مقاومة الفساد والنهوض برقى العيش فى المجتمع السالم مع تأمين وضمان العدالة الإجتماعية والمساواة العامة بين كل الطبقات خاصة الفقيرة . . فلا محال من تفادى قلب نظام الحكم عن طريق “إنقلاب” أو خلافه بشرط توضيح الأسباب الدافعة والرامية من وراء العملية العفوية لضمان النجاح . . لكى (لا) يكون على نمط هذه الهرولة الطائشة التى شهدها العالم مؤخراً فى تركيا . . و(ليس) بحاجة إلى قيادات جيش لإنجاز نجاحه . . (لم) يكن هناك ضابط واحد من “الضباط الأحرار” داخل دائرة قيادات الجيش المصرى عندما قامت ثورة يوليو حينذاك لتطيح بملك (فاسد) تحت “حماية” (جيش) “بريطانيا العظمى” . . ولو إتخذ أصحاب “الإنقلاب الفاشل” نموذج مدروس منها . . أو أتيحت لهم فرصة قراءة مقال [وقف لنوقفك – إرجع لنرجعك] لمعرفة نبذة عن العقل المفكر والمدبر لأعظم إنقلاب (قلب) موازيين القوى فى العالم وميزه التاريخ . . ما فشل إنقلابهم ضد “سلطان زمانى” . .
. . التعدى التعسفى الخارق فى إنتهاك حرمة سيادة القانون فى أى بلد متحضر تدعى الحكم الديمقراطى . . يتنافى تماماً مع ممارسة تفعيل وتطبيق الديمقراطية عملياً فى دنيا الواقع . . بل يعنى على النقيض –– [قبضة دكتاتورية مغلفة فى رونق ديمقراطية ورق] [.]